والرعاية لربيعة الرأي حيث انه معتمد العامة في وقته تلافيا لما قاله في حق ابن مسعود وتضليله له مع انه عندهم بالمنزلة العليا سيما في القراءة وإلا فإنهم (عليهمالسلام) لا يتبعون أحدا وانما هو متبوعون لا تابعون.
ثم اعلم ان العامة قد رووا في أخبارهم ان القرآن قد نزل على سبعة أحرف كلها شاف واف (١) وادعوا تواتر ذلك عنه (صلىاللهعليهوآله) واختلفوا في معناه إلى ما يبلغ أربعين قولا أشهرها الحمل على القراءات السبع.
وقد روى الصدوق (قدسسره) في كتاب الخصال (٢) بإسناده إليهم (عليهمالسلام) قال : «قال رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أتاني آت من الله عزوجل يقول ان الله يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد فقلت يا رب وسع على أمتي فقال ان الله يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف».
وفي هذا الحديث ما يوافق خبر العامة المذكور مع انه (عليهالسلام) قد نفى ذلك في الأحاديث المتقدمة وكذبهم في ما زعموه من التعدد ، فهذا الخبر بظاهره مناف لما دلت عليه تلك الأخبار والحمل على التقية أقرب قريب فيه وان احتمل أيضا حمل السبعة الأحرف فيه على اللغات يعني سبع لغات كما قاله ابن الأثير في نهايته في تفسير حديثهم المتقدم ، قال أراد بالحرف اللغة أي سبع لغات من لغات العرب أي أنها مفرقة في القرآن فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة هوازن وبعضه بلغة اليمن وليس معناه ان يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه ، على انه قد جاء في القرآن ما قرئ بسبعة وعشرة. ومما يبين ذلك قول ابن مسعود اني قد سمعت القراء فوجدتهم متقاربين فاقرأوا كما علمتم انما هو مثل قول أحدكم هلم وتعال واقبل. وفيه أقوال غير ذلك هذا أحسنها. انتهى.
ثم ان الذي يظهر من الأخبار أيضا هو وجوب القراءة بهذه القراءات المشهورة لا من حيث ما ذكروه من ثبوتها وتواترها عنه (صلىاللهعليهوآله) بل من حيث
__________________
(١) تفسير الطبري ج ١ ص ٩.
(٢) ج ٢ ص ١١.