• الفهرس
  • عدد النتائج:

قالوا لحنت وهذا الحرف منتصب

وذاك خفض وهذا ليس يرتفع (١)

وضرّبوا بين عبد الله واجتهدوا

وبين زيد فطال الضرب والوجع

وقال صاحب الزهر : أنشد أبو حاتم ولم يسمّ قائله (٢) : [الطويل]

ألا في سبيل الله ما ذا تضمّنت

بطون الثرى واستودع البلد القفر

هذا ما حضر بفضل الله من الاستشهاد على أنّ «ما ذا» تستعمل بمعنى الخبر والتكثير ، وو الله الذي لا إله غيره ما طالعت عليه كتابا ، ولا فتحت فيه بابا ، وإنما هو ثمالة (٣) من حوض التذكار ، وصبابة ممّا علق به شرك الأفكار ، وأثر ممّا سدك (٤) به السمع ، أيام خلوّ الذّرع ، وعقدت عليه الحبى ، في عصر الصّبا ، ورحم الله من تصفّح ، وتلمّح فتسمّح ، وصحّح ما وقع إليه من الاعتلال ، وأصلح ما وضع لديه من الاختلال ، فخير الناس ، من أخذ بالبر والإيناس ، فبصر من جهله ، وادّكر عن وهله ، وإنما المؤمنون إخوة ، وتحابهم في الله رفعة وحظوة ، ولهم في السلف الكريم ، ومحافظتهم على الودّ القديم ، أسوة كريمة وقدوة.

قال ابن الطراح : انظر إلى تحصيل هذا الإمام الرئيس ، والأسمى النفيس ، واستحضاره كلام الأدباء ، وسير النقّاد والبلغاء (٥) ، ومساجلته مع فرسان المعاني ، ووصفه تلك المغاني (٦) ، وقد كان حامل لواء الأدب ، وفائق أبناء جنسه في مراقب (٧) الطلب ، وهذه الكلمة ـ أعني «ما ذا» ـ جرت بسببها مناظرة بين الأستاذ أبي الحسين بن أبي الربيع النحوي المشهور وبين مالك بن المرحّل بسبتة ، حتى ألّف مالك كتاب «الرمي بالحصا ، والضرب بالعصا» وفيه هنات لا ينبغي لعاقل أن يذكرها ، ولا لذي طي في البيان أن ينشرها ، وفي ذلك قال الأستاذ أبو الحسين رحمه الله تعالى : [المديد]

كان ما ذا ليتها عدم

جنّبوها قربها ندم

ليتني يا مال لم أرها

إنها كالنار تضطرم

وقوله «يا مال» ترخيم مالك.

__________________

(١) لحنت : أي أخطأت في تصريف الكلام.

(٢) انظر زهرة الآداب ص ٧٩٦.

(٣) الثمالة ـ بضم المثلثة ـ البقية ، وكذا الصبابة.

(٤) في ج : «سلك به السمع». وفي نسخة عنده «سبك السمع» وسدك به : أولع به.

(٥) في ب : «وسير النقاد والبلغاء».

(٦) المغاني : المنازل ، جمع مغنى.

(٧) في ب ، ه : «في مرقب الطلب».