• الفهرس
  • عدد النتائج:

وقال ابن اللبانة : كنت مع المعتمد بأغمات ، فلمّا قاربت الصّدر ، وأزمعت السفر ، صرف حيله ، واستنفد ما قبله ، وبعث إليّ مع شرف الدولة ولده ـ وهذا من بنيه أحسن الناس سمتا ، وأكثر هم صمتا ، تخجله اللفظة ، وتجرحه اللحظة ، حريص على طلب الأدب ، مسارع في اقتناء الكتب ، مثابر على نسخ الدواوين ، مفتح فيها من خطّه زهر الرياحين ـ بعشرين مثقالا مرابطية وثوبين ، غير مخيطين ، وكتب معها أبياتا منها (١) : [الوافر]

إليك النّزر من كفّ الأسير

وإن تقنع تكن عين الشكور

تقبّل ما يذوب له حياء

وإن عذرته حالات الفقير

فامتنعت من ذلك عليه ، وأجبته بأبيات منها : [الوافر]

تركت هواك وهو شقيق ديني

لئن شقّت برودي عن غدور

ولا كنت الطليق من الرزايا

إذا أصبحت أجحف بالأسير

جذيمة أنت ، والزبّاء خانت

وما أنا من يقصّر عن قصير

تصرّف في الندى حيل المعالي

فتسمح من قليل بالكثير

وأعجب منك أنك في ظلام

وترفع للعفاة منار نور (٢)

رويدك سوف توسعني سرورا

إذا عاد ارتقاؤك للسرير

وسوف تحلّني رتب المعالي

غداة تحلّ في تلك القصور

تزيد على ابن مروان عطاء

بها وأزيد ثمّ على جرير (٣)

تأهّب أن تعود إلى طلوع

فليس الخسف ملتزم البدور

وأتبعتها أبياتا منها : [الخفيف]

حاش لله أن أجيح كريما

يتشكّى فقرا وقد سدّ فقرا

وكفاني كلامك الرطب نيلا

كيف ألغي درّا وأطلب تبرا

لم تمت إنما المكارم ماتت

لا سقى الله بعدك الأرض قطرا

ورأى ابن اللبانة أحد أبناء المعتمد ، وهو غلام وسيم ، وقد اتّخذ الصياغة صناعة ، وكان

__________________

(١) ديوان ابن اللبانة ص ١٠٢.

(٢) العفاة : جمع عاف ، وهو طالب المعروف.

(٣) جرير : هو جرير بن عطية الخطفي الشاعر ، وابن مروان : هو عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي ، ممدوح جرير.