• الفهرس
  • عدد النتائج:

غرناطة ، ثم عاد الكافر لبلاده ، وتعاهد مع السلطان الذي في أسره بأن من دخل في حكمه وتحت أمره فهو في الأمان التام ، وأشاعوا أن ذلك بسبب فتنة وقعت بينه وبين صاحب إفرنسية ، فخرج لبلش وأطاعته ، ثم بعث لمن والاه من البلاد أنه أتى بصلح صحيح وعقد وثيق ، وأن من دخل تحت أمره أمن من حركة النصارى عليه ، وأن معه وثائق بخطوط السلاطين ، فلم يقبل الناس ذلك ، إلا القليل منهم مثل أهل البيازين ، فلهجوا بهذا الصلح ، وأقاموا على صحته الدلائل ، وتكلموا في أهل غرناطة بالكلام القبيح ، مع تمكن الفتنة والعداوة في القلوب ، فبعث له أهل البيازين أنه إذا قدم بهذه الحجج لتلك الجهات اتبعه الناس ، وقاموا بدعوته من غير التباس ، فأتى على حين غفلة ، ولم يكن يظن إتيانه بنفسه ، فأتى البيازين ودخلها ونادى في أسواقها بالصلح التام الصحيح ، فلم يقبل ذلك منه أهل غرناطة ، وقالوا : ما بعهد لوشة من قدم ، ودخل ربض البيازين بالرجال (١) سادس شوال سنة إحدى وتسعين وثمانمائة ، وعمه بالحمراء ، وانتقل للقلعة ، واشتد أمر الفتنة ، ثم إن صاحب قشتالة أمدّ صاحب البيازين بالرجال والعدة والمال والقمح والبارود وغيرها ، واشتد أمره بذلك ، وعظمت أسباب الفتنة ، وفشا في الناس القتل والنهب ، ولم يزل الأمر كذلك إلى السابع والعشرين من محرم سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة ، فعزم أهل غرناطة مع سلطانهم على الدخول على البيازين عنوة ، وتكلم أهل العلم (٢) فيمن انتصر بالنصارى ووجوب مدافعته ، ومن أطاعه عصى الله ورسوله ، ودخلوا على أهل البيازين دخول فشل ، ثم إن صاحب غرناطة بعث إلى الأجناد والقواد من أهل بسطة ووادي آش والمرية والمنكب وبلش ومالقة وجميع الأقطار (٣) ، وتجمعوا بغرناطة ، وتعاهدوا ، وتحالفوا على أن يدهم واحدة على أعداء الدين ، ونصرة من قصده العدوّ من المسلمين ، وخاف صاحب البيازين فبعث لصاحب قشتالة في ذلك فخرج بمحلته (٤) قاصدا نواحي بلش ، وكان صاحب البيازين بعث وزيره إلى ناحية مالقة وإلى حصن المنشأة يذكر ويخوف ، ومعه النسخة من عقود الصلح ، فقامت مالقة وحصن المنشأة بدعوته ، ودخلوا في إيالته خوفا من صاحب قشتالة وصولته ، وطمعا في الصلح وصحته ، ثم اجتمع كبار مالقة مع أهل بلش وذكروا لهم سبب دخولهم في هذه الدعوة ، والسبب الحامل لهم على ذلك ، فلم

__________________

(١) كلمة «بالرجال» ساقطة من ب.

(٢) يريد أنهم استفتوا العلماء فأفتوهم بتحريم معاونة النصارى والكون معهم ووجوب مدافعتهم كما هو حكم الشرع.

(٣) في أصل ه «وجميع الأنظار». تحريف.

(٤) في أصل ه «بمحلمته» تحريف.