• الفهرس
  • عدد النتائج:

وإنّي على رسمي مقيم فإن أمت

سأجعل للباكين رسمي موسما

بكاك الحيا والريح شقّت جيوبها

عليك وناح الرّعد باسمك معلما (١)

ومزّق ثوب البرق واكتست الضّحى

حدادا وقامت أنجم الجوّ أفحما (٢)

وحار ابنك الإصباح وجدا فما اهتدى

وغار أخوك البحر غيضا فما طمى

وما حلّ بدر التمّ بعدك دارة

ولا أظهرت شمس الظّهيرة مبسما

قضى الله أن حطّوك عن ظهر أشقر

بشمّ وأن أمطوك أشأم أدهما (٣)

وكان قد انفكت عنه القيود ، فأشار إلى ذلك بقوله فيها :

قيودك ذابت فانطلقت لقد غدت

قيودك منهم بالمكارم أرحما

عجبت لأن لان الحديد وأن قسوا

لقد كان منهم بالسّريرة أعلما

سينجيك من نجّى من السّجن يوسفا

ويؤويك من آوى المسيح بن مريما

ولأبي بكر الداني المذكور في البكاء على أيامهم ، وانتثار نظامهم ، عدة مقطعات (٤) وقصائد ، هي قرة عين الطالب ونجعة الرائد ، وقد اشتمل عليها جزء لطيف ، صدر عنه في هيئة تصنيف ، سماه «السلوك ، في وعظ الملوك» ووفد على المعتمد وهو بأغمات ، عدّة وفادات ، لم يخل في جميعها من إفادات ، وقال في إحداها : هذه وفادة وفاء ، لا وفادة اجتداء.

قال غير واحد : من النادر الغريب أنه نودي على جنازته (٥) «الصلاة على الغريب» بعد عظم سلطانه ، وسعة أوطانه ، وكثرة صقالبته وحبشانه ، وعظم أمره وشأنه ، فتبارك من له العزة والبقاء والدوام ، واجتمع عند قبره جماعة من الأقوام ، الذين لهم في الأدب حصة ، ولقضية المعتمد في صدورهم غصّة ، منهم البالغ في البلاغة الأمد ، شاعره أبو بحر عبد الصمد ، وكان به خصيصا ، وكم ألبسه من بره حلة وقميصا ، فقال من قصيدة طويلة أجاد فيها ماشا ، وجلب بها إلى أنفس الحاضرين بعد الأنس إيحاشا ، مطلعها : [الكامل]

ملك الملوك أسامع فأنادي

أم قد عدتك عن السّماع عوادي

__________________

(١) في ه «وباح الرعد».

(٢) في ه «واكتست الدجى» وفيها «وقامت أنجم الليل مأتما».

(٣) أمطوك : جعلوك تمتطي.

(٤) في ب ، ه «عدة مقطوعات».

(٥) في ب ، ه «نودي في جنازته».