• الفهرس
  • عدد النتائج:

كان عنواه ، فنزل من القصر بالقسر ، إلى قبضة الأسر ، فقيد للحين ، وحان له يوم شرّ ما ظنّ أنه يحين ، ولمّا قيّدت قدماه ، وذهبت عنه رقّة الكبل ورحماه ، قال يخاطبه : [الطويل]

إليك فلو كانت قيودك أسعرت

تضرّم منها كلّ كفّ ومعصم (١)

مخافة من كان الرجال بسيبه

ومن سيفه في جنّة أو جهنم (٢)

ولما آلمه عضّه ، ولازمه كسره ورضّه ، وأوهاه ثقله ، وأعياه نقله ، قال : [المتقارب]

تبدلت من عزّ ظلّ البنود

بذلّ الحديد وثقل القيود

وكان حديدي سنانا ذليقا

وعضبا رقيقا صقيل الحديد

فقد صار ذاك وذا أدهما

يعضّ بساقيّ عضّ الأسود

ثم جمع هو وأهله وحملتهم الجواري المنشآت (٣) ، وضمّتهم جوانحها كأنهم أموات ، بعد ما ضاق عنهم القصر ، وراق منهم العصر ، والناس قد حشروا بضفتي الوادي ، وبكوا بدموع كالغوادي ، فساروا والنّوح يحدوهم ، والبوح باللوعة لا يعدوهم ، وفي ذلك يقول ابن اللّبّانة : [البسيط]

تبكي السماء بمزن رائح غاد

على البهاليل من أبناء عبّاد (٤)

على الجبال التي هدّت قواعدها

وكانت الأرض منها ذات أوتاد

عرّيسة دخلتها النائبات على

أساود لهم فيها وآساد (٥)

وكعبة كانت الآمال تخدمها

فاليوم لا عاكف فيها ولا باد

يا ضيف ، أقفر بيت المكرمات فخذ

في ضمّ رحلك واجمع فضلة الزاد

ويا مؤمّل واديهم ليسكنه

خفّ القطين وجفّ الزرع بالوادي (٦)

وأنت يا فارس الخيل التي جعلت

تختال في عدد منهم وأعداد

ألق السلاح وخلّ المشرفيّ فقد

أصبحت في لهوات الضيغم العادي

__________________

(١) تضرّم : التهب واشتعل.

(٢) السيب : العطاء.

(٣) الجواري المنشآت : السفن.

(٤) البهاليل : جمع بهلول ، وهو السيد الجامع لصفات الخير.

(٥) العريسة : مأوى الأسد. والأساود : جمع أسود ، وهو الحية العظيمة. والآساد : الأسود.

(٦) خف القطين : ارتحل القاطن مسرعا.