الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥
برسول الله من الحسن بن علي ، وعن علي عليهالسلام قال : كان الحسن بن علي أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله مابين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه فيما كان أسفل من ذلك.
وروى عن البخاري في صحيحه يرفعه إلى عقبة بن الحارث قال : صلى أبوبكر العصر ثم خرج يمشي ومعه علي عليهالسلام فرأى الحسن يلعب بين الصبيان فحمله أبوبكر على عاتقه وقال :
بأبي شبيه بالنبي |
|
ليس شبيها بعلي |
وعلي عليهالسلام يضحك ، وروى الجنابذي هذا الحديث فقال :
بأبي شبه النبي |
|
لا شبيها بعلي |
قال وعلي يتبسم.
وروى عن إسماعيل بن أبي خالد قال : قلت لابي جحيفة : هل رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ قال : نعم ، والحسن بن علي يشبهه.
وروى عن أبي هريرة قال : ما رأيت الحسن بن علي إلا فاضت عيناي دموعا وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوآله خرج يوما فوجدني في المسجد فأخذ بيدي فاتكأ علي ثم انطلقت حتى جئنا سوق بني قينقاع فما كلمني فطاف ونظر ثم رجع ورجعت معه ، فجلس في المسجد فاحتبي ثم قال لي : ادع لكع ، فأتى حسن يشتد حتى وقع في حجره فجعل يدخل يده في لحية رسول الله صلىاللهعليهوآله وجعل رسول الله (ص) يفتح فمه ، ويدخل فمه في فمه ، ويقول : اللهم إني احبه واحب من يحبه ثلاثا.
قب : الحلية عن أبي هريرة مثله.
٦٥ ـ كشف : وروى الجنابذي بسنده ، عن عبدالرحمان بن عوف قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا عبدالرحمان ألا علمك عوذة كان يعوذبها إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق وأنا اعوذ بهما ابني الحسن والحسين قل : كفى بسمع الله. واعيا لمن دعا ولا مر مى وراء أمر الله لرام رمى.
وروي مرفوعا إلى إسحاق بن سليمان الهاشمي عن أبيه قال : كنا عند أميرالمؤمنين هارون الرشيد فتذاكروا علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال أميرالمؤمنين
هارون : تزعم العوام أني ابغض عليا وولده حسناوحسينا ، ولا والله ما ذلك كما يظنون ، ولكن ولده هؤلاء ، طالبنا بدم الحسين معهم في السهل والجبل حتى قتلنا قتلته ثم أفضى إلينا هذا الامر ، فخالطناهم فحسدونا ، وخرجوا علينا ، فحلوا قطيعتهم.
والله لقد حدثني أميرالمؤمنين المهدي ، عن أميرالمؤمنين أبي جعفر المنصور عن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس قال : بينما نحن عند رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ أقبلت فاطمة عليهاالسلام تبكي فقال لها النبي صلىاللهعليهوآله مايبكيك؟ قالت : يارسول الله إن الحسن والحسين خرجا ، فوالله ما أدري أين سلكا ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : لا تبكين فداك أبوك فان الله عزوجل خلقهما وهو أرحم بهما اللهم إن كانا أخذا في بر فاحفظهما وإن كانا أخذا في بحر فسلمهما ، فهبط جبرئيل عليهالسلام فقال : يا أحمد لا تغتم ولا تحزن ، هما فاضلان في الدنيا فاضلان في الاخرة وأبوهما خير منهما وهما في حظيرة بني النجار نائمين ، وقد وكل الله بهما ملكا يحفظهما.
قال ابن عباس : فقام رسول الله صلىاللهعليهوآله وقمنا معه حتى أتينا حظيرة بني النجار فإذا الحسن معانق الحسين ، وإذا الملك قد غطاهما بأحد جناحيه فحمل النبي صلىاللهعليهوآله الحسن وأخذ الحسين الملك والناس يرون أنه حاملهما فقال له أبوبكر وأبو أيوب الانصاري : يارسول الله ألا نخفف عنك بأحد الصبيين فقال : دعاهما فانهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الاخرة وأبوهما خير منها.
ثم قال : والله لاشر فنهما اليوم بما شرفهما الله فخطب فقال : يا أيها الناس ألا اخبركم بخير الناس جدا وجدة؟ قالوا : بلى يارسول الله ، قال : الحسن والحسين جدهما رسول الله وجدتهما خديجة بنت خويلد ، ألا اخبركم أيها الناس بخير الناس أبا واما؟ قالوا : بلى يارسول الله قال : الحسن والحسين أبوهما علي ابن أبي طالب وامهما فاطمة بنت محمد. ألا اخبركم أيها الناس بخير الناس عما وعمه؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : الحسن والحسين عمهما جعفر بن أبيطالب وعمتهما ام هانئ بنت أبي طالب. ألا يا أيها الناس ألا اخبركم بخير الناس خالا
وخالة؟ قالوا : بلى يارسول الله قال : الحسن والحسين خالهما القاسم بن رسول الله وخالتهما زينب بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ألا يا إن أباهما في الجنة ، وامهما في الجنة ، و جدهما في الجنة ، وجدتهما في الجنة ، وخالهما في الجنة ، وخالتهما في الجنة وعمهما في الجنة ، وعمتهما في الجنة ، وهما في الجنة ، ومن أحبهما في الجنة ومن أحب من أحبهما في الجنة.
وروى مرفوعا إلى أحمد بن محمد بن أيوب المغيري قال : كان الحسن بن علي عليهالسلام أبيض مشربا حمرة أدعج العينين ، سهل الخدين دقيق المسربة كث اللحية ذاوفرة كأن عنقه إبريق فضة ، عظيم الكراديس ، بعيد ما بين المنكبين ربعة ليس بالطويل ولا القصير ، مليحا من أحسن الناس وجها ، وكان يخضب بالسواد وكان جعد الشعر ، حسن البدن.
الدعج : شدة د السواد مع سعتها ، يقال : عين دعجاء ، والمسربة بضم الراء الشعر المستدق الذي يأخذ من الصدر إلى السرة ، وكل عظمين التقيافي مفصل فهو كردوس ، مثل المنكبين والركبتين.
ومما جمعه صديقنا العز المحدث مرفوعا إلى ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليلة عرج بي إلى السماء رأيت إلى باب الجنة مكتوبا لا إله إلا الله ، محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، علي حبيب الله ، الحسن والحسين صفوة الله ، فاطمة أمة الله ، على باغضيهم لعنة الله.
وبإسناده قال عمر : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : إن فاطمة وعليا والحسن والحسين في حظيرة القدس ، في قبة بيضاء سقفها عرش الرحمان عزوجل.
وبإسناده عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : ابناي هذان سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.
وعن كتاب الال لابن خالويه اللغوي ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة من أحبهما أحبني ومن أبغضهما أبغضني.
وعن جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن الجنة تشتاق إلى أربعة من أهلي قد أحبهم الله وأمرني بحبهم : علي بن أبي طالب ، والحسن ، والحسين ، والمهدي صلوات الله عليهم الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم عليهالسلام.
ومن كتاب الال مرفوعا إلى عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قالت الجنة : يارب أليس قد وعدتني أن تسكنني ركنا من أركانك؟ قال : فأوحى الله إليها أما ترضين أني زينتك بالحسن والحسين ، فأقبلت تميس كما تميس العروس.
ومن كتاب الاربعين للفتواني ، عن جابر بن عبدالله قال : دخلت على النبي صلىاللهعليهوآله وهو يمشي على أربع والحسن والحسين على ظهره ويقول : نعم الجمل جملكما ، ونعم الحملان أنتما ، وروى اللفتواني أن النبي صلىاللهعليهوآله دعا الحسن فأقبل وفي عنقه سخاب فظننت أن امه حبسته لتلبسه فقال النبي صلىاللهعليهوآله : هكذا ، وقال الحسن عليهالسلام هكذا بيده (١) فالتزمه فقال النبي صلىاللهعليهوآله اللهم إني احبه فأحبه وأحب من أحبه ثلاث مرات قال : متفق على صحته من حديث عبدالله بن أبي بريد (٢) ورواه البخاري. في السير عن علي ، عن سفيان.
وروى الحافظ أبوبكر محمد الفتواني عن أبي هريرة أن الحسن بن علي عليهماالسلام قال : السلام عليكم فرد أبوهريرة فقال : بأبي ، رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يصلي فسجد فجاء الحسن عليهالسلام فركب ظهره وهو ساجد ، ثم جاء الحسين عليهالسلام فركب ظهره مع أخيه وهو ساجد فثقلا على ظهره ، فجئت فأخذتهما عن ظهره ـ وذكر كلاما سقط على أبي يعلى ـ ومسح على رؤوسهما وقال : من أحبني فليحبهما ثلاثا.
وعن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ، وروي أن العباس جاء يعود النبي صلىاللهعليهوآله في مرضه فرفعه وأجلسه في مجلسه على سريره فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : رفعك الله
____________________
(١) قال بيده : أى أهوى بيده ، والمراد أن النبى صلىاللهعليهوآله بسط باعه ليستقبل الحسن والحسين عليهالسلام بسط باعه ليلتزمه النبى صلىاللهعليهوآله.
(٢) في المصدر : ج ٢ ص ٩٧ : ابى يزيد.
ياعم فقال العباس : هذا علي يستأذن فقال : يدخل ، فدخل ومعه الحسن والحسين عليهماالسلام فقال العباس : هؤلاء ولدك يارسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : هم ولدك ياعم فقال : أتحبهما؟ قال : نعم قال : أحبك الله كما أحببتهما.
و عن أبي هريرة أن النبي اتي بتمر من تمر الصدقة ، فجعل يقسهمه ، فلما فرغ حمل الصبي وقام فإذا الحسن في فيه تمرة يلوكها فسال لعابه عليه ، فرفع رأسه ينظر إليه فضرب شدقه وقال : كخ أي بني أما شعرت أن آل محمد لا يأكلون الصدقة.
قلت : وقد أورده أحمد بن حنبل في مسنده بألفاظ غير هذه قال الحسن : فأدخل إصبعه في فمي وقال : كخ كخ ، وكأني أنظر لعابي على إصبعه.
وروى عن أبي عميرة رشيد بن مالك هذا الحديث بألفاظ اخرى وذكر أن رجلا أتاه بطبق من تمر فقال : أهذا هدية أم صدقة؟ قال الرجل : صدقة فقدمها إلى القوم ، قال : وحسن بين يديه يتعفر ، قال : فأخذ الصبي تمرة فجعلها في فمه قال : ففطن له رسول الله صلىاللهعليهوآله فأدخل إصبعه في الصبي فانتزع التمرة ثم قذف بها وقال : إناآل محمد لا نأكل الصدقة.
قال اللفتواني ت : لم يخرج الطبراني لابي عميرة السعدي في معجمه سوى هذا الحديث الواحد وفي حديث آخر : إنا آل محمد لا نأكل الصدقة ، وقال معروف فحدثني أنه يدخل إصبعه ليخرجها فيقول : هكذا. كأنه يلتوي عليه ويكره أن يؤذيه عليهالسلام.
وروى مرفوعا إلى اسامة بن زيد أن النبي صلىاللهعليهوآله كان يقعده على فخذه ويقعد الحسين على الفخذ الاخرى ويقول : اللهم ارحمهما فإني أرحمهما ، ورواه البخاري في الادب.
وروى مرفوعا إلى أبي بكر قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوآله على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة وقال : إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به ما بين فئتين من المسلمين.
وروى عن زيد بن أرقم أن النبي صلىاللهعليهوآله قال لعلي وفاطمة وحسن وحسين : أنا سلم لمن سالمتم ، وحرب لمن حاربتم. وقد روى أحمد بن حنبل أن النبي صلىاللهعليهوآله قال وقد نظر إلى الحسن والحسين عليهماالسلام : من أحب هذين وأباهما وامهما كان معي في درجتي يوم القيامة.
ومن كتاب الفردوس عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : سألت الفردوس ربها فقالت : أي رب زيني فان أصحابي وأهلي أتقياء أبرار ، فأوحى الله عزوجل إليها ألم ازينك بالحسن والحسين.
٦٦ ـ بشا : محمد بن علي بن عبدالصمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أحمد بن محمد الكرخي ، عن أحمد بن الخليل ، عن محمد بن إسماعيل البخاري ، عن عبدالله بن صالح ، عن معاوية بن صالح ، عن راشد بن سعد ، عن يعلى بن مرة أنه قال : خرجنا مع النبي صلىاللهعليهوآله دعينا إلى طعام فإذا الحسن يلعب في الطريق فأسرع النبي صلىاللهعليهوآله أمام القوم ثم بسط يده فجعل يمر مرة هيهنا ومرة ههنا يضاحكه حتى أخذه فجعل إحدى يديه في ذقنه والاخرى بين رأسه ثم اعتنقه فقبله ثم قال رسول الله : حسن مني وأنا منه أحب الله من أحبه الحسن والحسين سبطان من الاسباط.
٦٧ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن القداح ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال أميرالمؤمنين عليهالسلام : رقا النبي صلىاللهعليهوآله حسنا وحسينا فقال : اعيذكما بكلمات الله التامة وأسمائه الحسنى كلها عامة من شر السامة والهامة ، ومن شر كل عين لامة ، ومن شر كل حاسد إذا حسد.
ثم التفت النبي صلىاللهعليهوآله إلينا فقال : هكذا [ كان ] يعوذ إبراهيم إسماعيل وإسحاق عليهمالسلام.
٦٨ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الولد الصالح ريحانة من الله قسمها بين عباده وإن ريحانتي من الدنيا الحسن والحسين عليهماالسلام سميتهما باسم سبطين من بني إسرائيل شبرا وشبيرا.
٦٩ ـ يب : الحسين بن سعيد ، عن النضر وفضالة ، عن عبدالله بن سنان عن حفص ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان في الصلاة وإلى جانبه الحسين بن علي فكبر رسول الله صلىاللهعليهوآله فلم يحر الحسين التكبير ، ولم يزل رسول الله صلىاللهعليهوآله يكبر ويعالج الحسين التكبير ولم يحر حتى أكلم سبع تكبيرات فأحار الحسين التكبير في السابعة فقال أبوعبدالله عليهالسلام فصارت سنة.
٧٠ ـ فر : جعفر الفزاري معنعنا عن ابن عباس في قول الله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته » (١) قال : الحسن والحسين « ويجعل لكم نورا تمشون به » قال : أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام.
٧١ ـ فر : علي بن محمد الزهري معنعنا عن جابر الانصاري ، عن أبي جعفر عليهالسلام. في قوله تعالى : « يوتكم كفلين من رحمته » يعني حسنا وحسينا قال : ما ضر من أكرمه الله أن يكون من شيعتنا ما أصابه في الدنيا ولو لم يقدر على شئ يأكله إلا الحشيش.
أقول : قد مر بعض مناقبهما والنصوص عليهما في باب أخبار النبي صلىاللهعليهوآله بمظلوميتهم عليهمالسلام وسيأتي بعض النصوص في الابواب الاتية.
٧٢ ـ في بعض كتب المناقب القديمة عن محمد بن أحمد بن علي بن شاذان بإسناده عن ابن عباس قال : كنت جالسا بين يدي النبي صلىاللهعليهوآله ذات يوم ، وبين يديه علي وفاطمة والحسن والحسين ، إذ هبط جبرئيل عليهالسلام ومعه تفاحة فحيا بها النبي صلىاللهعليهوآله فتحيا بها النبي صلىاللهعليهوآله وحيا بها علي بن أبي طالب فتحيا بها علي وقبلهاوردهاإلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فتحيابهارسول الله صلىاللهعليهوآله وحيا بهاالحسن وتحيا بها الحسن وقبلها وردها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فتحيا بها رسول الله وحيا بها الحسين فتحيا بها الحسين ، وقبلها وردها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فتحيا بها وحيا بها فاطمة فتحيت بها وقبلتها ورد تها إلى النبي صلىاللهعليهوآله.
فتحيا بها الرابعة وحيا بها علي بن أبي طالب فتحيا بها علي بن أبيطالب
____________________
(١) الحديد : ٢٨.
فلما هم أن يردها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله سقطت التفاحة من بين أنامله فانفلقت بنصفين فسطع منها نور حتى بلغ إلى السماء الدنيا ، فاذا عليها سطران مكتوبان :
بسم الله الرحمن الرحيم تحية من الله [ تعالى ] إلى محمد المصطفيى ، وعلي المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن والحسين سبطي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأمان لمحبيها يوم القيامة من النار.
وعن ابن شاذان بإسناده عن زاذان ، عن سلمان قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوآله فسلمت عليه ثم دخلت على فاطمة عليهاالسلام فقالت : يا عبدالله هذان الحسن والحسين جائعان يبكيان ، فخذ بأيديهما فاخرج بهما إلى جدهما فأخذت بأيديهما وحملتهما حتى أتيت بهما إلى النبي صلىاللهعليهوآله.
فقال : مالكما يا حسناي قالا : نشتهي طعاما يارسول الله ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله اللهم أطعمهما ـ ثلاثا ـ قال : فنظرت فاذا سفرجلة في يد رسول الله صلىاللهعليهوآله شبيهة بقلة من قلال هجر أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من العسل وألين من الزبد ، ففركها صلىاللهعليهوآله بابهامه فصيرها نصفين ثم دفع إلى الحسن نصفها وإلى الحسين نصفها ، فجعلت أنظر إلى النصفين في أيديهما وأنا أشتهيها.
قال : ياسلمان هذا طعام من الجنة لا يأكله أحد حتى ينجو من الحساب.
وباسناده عن الطبراني بإسناده عن سلمان قال : كنا حول النبي صلىاللهعليهوآله فجاءت ام أيمن فقالت : يارسول الله لقد ضل الحسن والحسين ، وذلك عند ارتفاع النهار ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قوموا فاطلبوا ابني.
فأخذ كل رجل تجاه وجهه ، وأخذت نحو النبي صلىاللهعليهوآله فلم يزل حتى أتى سفح الجبل ، وإذا الحسن والحسين عليهماالسلام ملتزق كل واحد منهما بصاحبه ، وإذا شجاع (١) قائم على ذنبه ، يخرج من فيه شبه النار ، فأسرع إليه رسول فالتفت مخاطبا لرسول الله صلىاللهعليهوآله ثم انساب فدخل بعض الاجحرة (٢) ثم أتاهما فأفرق بينهما
____________________
(١) الشجاع ـ بالضم والكسر ـ الحية.
(٢) كأنه جمع جحر وهو مكان تحتفره الهوام والسباع لانفسها والقياس في جمعه : جحرة واجحار.
ومسح وجوههما ، وقال : بأبي وامي أنتما ما أكرمكما على الله.
ثم حمل أحدهما على عاتقه الايمن ، والاخر على عاتقه الايسر ، فقلت : طوبا كما نعم المطية مطيتكما فقال رسول الله : ونعم الراكبان هما وأبوهما خير منهما.
وروي في المراسيل أن الحسن والحسين كانا يكتبان فقال الحسن للحسين : خطي أحسن من خطك ، وقال الحسين : لا بل خطي أحسن من خطك ، فقالا لفاطمة : احكمي بيننا فكرهت فاطمة أن تؤذي أحدهما ، فقالت لهما : سلا أباكما فسألاه فكره أن يؤذي أحدهما فقال : سلاجد كما رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال (ص) : لا أحكم بينكما حتى أسأل جبرئيل فلما جاء جبرئيل قال : لا أحكم بينهما ولكن إسرافيل يحكم بينهما فقال إسرافيل : لا أحكم بينهما ولكن أسأل الله أن يحكم بينهما فسأل الله تعالى ذلك فقال تعالى : لا أحكم بينهما ولكن امهما فاطمة تحكم بينهما.
فقالت فاطمة : أحكم بينهما يارب وكانت لها قلادة فقالت لهما أنا أنثر بينكما جواهر هذه القلادة فمن أخذ منهما أكثر فخطه أحسن ، فنثرتها وكان جبرئيل وقتئذ عند قائمة العرش فأمره الله تعالى أن يهبط إلى الارض وينصف الجواهر بينهما كيلا يتأذى أحدهما ففعل ذلك جبرئيل إكراما لهما وتعظيما.
وروى ركن الائمة عبدالحميد بن ميكائيل ، عن يوسف بن منصور الساوي عن عبدالله بن محمد الازدي ، عن سهل بن عثمان ، عن منصور بن محمد النسفي ، عن عبدالله بن عمرو ، عن الحسن بن موسى ، عن سعدان ، عن مالك بن سليمان ، عن ابن جريح ، عن عطاء ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله جائعا لايقدر على ما يأكل فقال لي : هاتي رداي ، فقلت : أين تريد؟ قال : إلى فاطمة ابنتي فأنظر إلى الحسن والحسين ، فيذهب بعض مابي من الجوع.
فخرج حتى دخل على فاطمة عليهاالسلام فقال : يا فاطمة أين ابناي؟ فقالت : يا رسول الله خرجا من الجوع وهما يبكيان ، فخرج النبي صلىاللهعليهوآله في طلبهما فرأى أبا الدارداء فقال : ياعويمر هل رأيت ابني؟ قال : نعم يارسول الله هما نائمان في
ظل حائط بني جدعان ، فانطلق النبي فضمهما وهما يبكيان وهو يمسح الدموع عنهما ، فقال له أبوا لدرداء : دعني أحملهما فقال : يا أبا الدرداء دعني أمسح الدموع عنهما فوالذي بعثني بالحق نبيا لو قطر قطرة في الارض لبقيت المجاعة في امتي إلى يوم القيامة ثم حملهما وهما يبكيان وهو يبكي.
فجاء جبرئيل فقال : السلام عليك يا محمد رب العزة جل جلاله يقرئك السلام ويقول : ماهذا الجزع؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآله ياجبرئيل ما أبكي جزعا بل أبكي من ذل الدنيا ، فقال جبرئيل : إن الله تعالى يقول : أيسرك أن احول لك احدا ذهبا ولا ينقص لك مما عندي شئ؟ قال : لا ، قال لم؟ قال : لان الله تعالى لم يحب الدنيا ولو أحبها لما جعل للكافر أكملها ، فقال جبرئيل عليهالسلام : يا محمد ادع بالجفنة المنكوسة التي في ناحية البيت ، قال : فدعا بها فلما حملت فإذا فيها ثريد ولحم كثير ، فقال : كل يامحمد وأطعم ابنيك وأهل بيتك ، قال : فأكلوا فشبعوا قال : ثم أرسل بها إلي فأكلوا وشبعوا وهوعلى حالها ، قال : ما رأيت جفنة أعظم بركة منها ، فرفعت عنهم فقال النبي صلىاللهعليهوآله : والذي بعثني بالحق لو سكت لتداولها فقراء امتي إلى يوم القيامة.
٧٣ ـ أقول : وجدت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه روي مرسلا عن جماعة من الصحابة قالوا : دخل النبي صلىاللهعليهوآله دار فاطمة عليهاالسلام فقال : يافاطمة إن أباك اليوم ضيفك ، فقالت عليهاالسلام : يا أبت إن الحسن والحسين يطالباني بشئ من الزاد فلم أجدلهما شيئا يقتاتان به ، ثم إن النبي صلىاللهعليهوآله دخل وجلس مع علي والحسن والحسين وفاطمة عليهمالسلام ، وفاطمة متحيرة ما تدري كيف تصنع ، ثم إن النبي صلىاللهعليهوآله نظر إلى السماء ساعة وإذا بجبرئيل عليهالسلام قد نزل ، وقال : يا محمد العلي الاعلى يقرئك السلام ويخصك بالتحية والاكرام ، ويقول لك : قل لعلي وفاطمة والحسن والحسين : أي شئ يشتهون من فواكه الجنة؟
فقال النبي صلىاللهعليهوآله : يا علي! ويا فاطمة! وياحسن! وياحسين! إن رب العزة علم أنكم جياع فأي شئ تشتهون من فواكه الجنة؟ فأمسكوا عن الكلام
ولم يردوا جوابا حياء من النبي صلىاللهعليهوآله فقال الحسين عليهالسلام : عن إذنك يا أباه يا أميرالمؤمنين ، وعن إذنك يا اماه ياسيدة نساء العالمين ، وعن إذنك يا أخاه الحسن الزكي أختار لكم شيئا من فواكه الجنة فقالوا جميعا : قل يا حسين ماشئت فقد رضينا بما تختاره لنا فقال : يارسول الله قل لجبرئيل إنا نشتهي رطبا جنيا فقال النبي صلىاللهعليهوآله : قد علم الله ذلك ثم قال : يا فاطمة قومي وادخلي البيت و احضري إلينا مافيه ، فدخلت فرأت فيه طبقا من البلور ، مغطى بمنديل من السندس الاخضر ، وفيه رطب جني في غير أوانه فقال النبي : يافاطمة أنى لك هذا؟ قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب كما قالت مريم بنت عمران.
فقام النبي صلىاللهعليهوآله وتناوله وقدمه بين أيديهم ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم ثم أخذ رطبة واحدة فوضعها في فم الحسين عليهالسلام فقال : هنيئا مريئا لك يا حسين ، ثم أخذ رطبة فوضعها في فم الحسن وقال : هنيئا مريئا يا حسن ، ثم أخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة الزهراء عليهاالسلام وقال لها : هنيئا مريئا لك يا فاطمة الزهراء ، ثم أخذ رطبة رابعة فوضعها في فم علي عليهالسلام وقال : هنيئا مريئا لك يا علي.
ثم ناول عليا رطبة اخرى والنبي صلىاللهعليهوآله يقول له : هنيئا مريئا لك ياعلي ثم وثب النبي صلىاللهعليهوآله قائما ثم جلس ثم أكلوا جميعا عن ذلك الرطب فلما اكتفوا وشبعوا ، ارتفعت المائدة إلى السماء بإذن الله تعالى.
فقالت فاطمة : يا أبه! لقد رأيت اليوم منك عجبا فقال : يا فاطمة أما الرطبة الاولى التي وضعتها في فم الحسين ، وقلت له : هنيئا ياحسين ، فاني سمعت ميكائيل وإسرافيل يقولان : هنيئا لك يا حسين ، فقلت أيضا موافقا لهما في القول ثم أخذت الثانية فوضعتها في فم الحسن ، فسمعت جبرئيل وميكائيل يقولان : هنيئا لك يا حسن ، فقلت : أنا موافقا لهما في القول ، ثم أخذت الثالثة فوضعتها في فمك يا فاطمة فسمعت الحورالعين مسرورين مشرفين علينا من الجنان وهن يقلن : هنيئا لك يا فاطمة ، فقلت موافقا لهن بالقول.
ولما أخذت الرابعة فوضعتها في فم علي سمعت النداء من [ قبل ] الحق سبحانه وتعالى يقول : هنيئا مريئا لك يا علي ، فقلت موافقا لقول الله عزوجل ، ثم ناولت عليا رطبة اخرى ثم اخرى وأنا أسمع صوت الحق سبحانه وتعالى يقول : هنيئا مريئا لك يا علي ثم قمت إجلالا لرب العزة جل جلاله ، فسمعته يقول : يا محمد وعزتي وجلالي ، لو ناولت عليا من هذه الساعة إلى يوم القيامة رطبة لقلت له : هنئيا مريئا بغير انقطاع.
وروي في بعض الاخبارأن أعرابيا أتى الرسول صلىاللهعليهوآله فقال له : يارسول الله لقد صدت خشفة غزالة وأتيت بها إليك هدية لولديك الحسن والحسين ، فقبلها النبي صلىاللهعليهوآله ودعاله بالخير فاذا الحسن عليهالسلام واقف عند جده فرغب إليها فأعطاه إياها فما مضى ساعة إلا والحسين عليهالسلام قد أقبل فرأى الخشفة عند أخيه يلعب بها فقال : يا أخي من أين لك هذه الخشفة؟فقال الحسن عليهالسلام : أعطانيها جدي رسول الله صلىاللهعليهوآله فسار الحسين عليهالسلام مسرعا إلى جده فقال : ياجداه أعطيت أخي خشفة يلعب بها ولم تعطني مثلها ، وجعل يكرر القول على جده ، وهو ساكت لكنه يسلي خاطره ويلاطفه بشئ من الكلام حتى أفضى من أمر الحسين عليهالسلام إلى أن هم يبكي.
فبينما هو كذلك إذ نحن بصياح قد ارتفع عند باب المسجد فنظرنا فاذا ظبية ومعها خشفها ، ومن خلفها ذئبة تسوقها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وتضربها بأحد أطرافها حتى أتت بها إلى النبي صلىاللهعليهوآله ثم نطقت الغزالة بلسان فصيح وقالت : يارسول الله قد كانت لي خشفتان إحداهما صادها الصياد وأتى بها إليك وبقيت لي هذه الاخرى وأنا بها مسرورة وإني كنت الان ارضعها فسمعت قائلا يقول : أسرعي أسرعي يا غزالة ، بخشفك إلى النبي محمد وأوصليه سريعا لان الحسين واقف بين يدي جده وقدهم أن يبكي ، والملائكة بأجمعهم قدرفعوا رؤوسهم من صوامع العبادة ، ولوبكى الحسين عليهالسلام لبكت الملائكة المقربون لبكائه.
وسمعت أيضا قائلا يقول : أسرعي ياغزالة قبل جريان الدموع على خد الحسين عليهالسلام فان لم تفعلي سلطت عليك هذه الذئبة تأكلك مع خشفك فأتيت
بخشفي إليك يارسول الله وقطعت مسافة بعيدة ، ولكن طويت لي الارض حتى أتيتك سريعة ، وأنا أحمد الله ربي على أن جئتك قبل جريان دموع الحسين عليهالسلام على خده.
فارتفع التهليل والتكبير من الاصحاب ودعا النبي صلىاللهعليهوآله للغزالة بالخير و البركة ، وأخذ الحسين عليهالسلام الخشفة وأتى بها إلى امه الزهراء عليهاالسلام فسرت بذلك سرورا عظيما.
وروي عن سلمان الفارسي قال : اهدي إلى النبي صلىاللهعليهوآله قطف من العنب في غير أوانه فقال لي : ياسلمان ائتني بولدي الحسن والحسين ليأكلا معي من هذا العنب ، قال سلمان الفارسي : فذهبت أطرق عليهما منزل امهما فلم أرهما فأتيت منزل اختهما ام كلثوم فلم أرهما فجئت فخبرت النبي صلىاللهعليهوآله بذلك.
فاضطرب ووثب قائما وهو يقول : واولداه ، واقرة عيناه ، من يرشدني عليهما فله على الله الجنة فنزل جبرئيل من السماء وقال : يامحمد علام هذا الا نزعاج؟ فقال : على ولدي الحسن والحسين ، فاني خائف عليهما من كيد اليهود ، فقال جبرئيل : يامحمد بل خف عليهما من كيد المنافقين فان كيدهم أشد من كيد اليهود ، واعلم يا محمد أن ابنيك الحسن والحسين نائمان في حديقة أبي الدحداح فصار النبي صلىاللهعليهوآله من وقته وساعته إلى الحديقة وأنا معه حتى دخلنا الحديقة وإذاهما نائمان وقد اعتنق أحدهما الاخر ، وثعبان في فيه طاقة ريحان يروح بها وجهيهما.
فلما رأى الثعبان النبي صلىاللهعليهوآله ألقى ما كان في فيه فقال : السلام عليك يارسول الله لست أنا ثعبانا ، ولكني ملك من ملائكة [ الله ] الكروبيين ، غفلت عن ذكر ربي طرفة عين ، فغضب علي ربي ومسخني ثعبانا كما ترى وطردني من السماء إلى الارض وإني منذ سنين كثيرة أفصد كريما على الله فأسأله أن يشفع لي عند ربي عسى أن يرحمني ويعيدني ملكا كما كنت أولا إنه على كل شئ قدير.
قال : فجثاالنبي صلىاللهعليهوآله يقبلهما حتى استيقظا فجلسا على ركبتي النبي صلىاللهعليهوآله فقال لهما النبي صلىاللهعليهوآله : انظرا يا ولدي هذا ملك من ملائكة الله
الكروبيين ، قد غفل عن ذكر ربه طرفة عين ، فجعله الله هكذا وأنا مستشفع بكما إلى الله تعالى فاشفعاله ، فوثب الحسن والحسين عليهماالسلام فأسبغا الوضوء ، وصليا ركعتين وقالا : اللهم بحق جدنا الجليل الحبيب محمد المصطفى وبأبينا علي المرتضى وبامنا فاطمة الزهراء ، إلا ما رددته إلى حالته الاولى.
قال : فما استتم دعاء هما فإذا بجبرئيل قد نزل من السماء في رهط من الملائكة ، وبشر ذلك الملك برضى الله عنه ، وبرده إلى سيرته الاولى ثم ارتفعوا به إلى السماء وهم يسبحون الله تعالى.
ثم رجع جبرئيل إلى النبي صلىاللهعليهوآله وهو متبسم وقال : يارسول الله إن ذلك الملك يفتخر على ملائكة السبع السماوات ويقول لهم : من مثلي وأنا في شفاعة السيدين السبطين الحسن والحسين.
وقال : حكي عن عروة البارقي قال : حججت في بعض السنين فدخلت مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله فوجدت رسول الله جالسا وحوله غلامان يافعان ، وهو يقبل هذا مرة وهذا اخرى فاذا رآه الناس يفعل ذلك أمسكوا عن كلامه حتى يقضي وطره منهما ، وما يعرفون لاي سبب حبه إياهما.
فجئته وهو يفعل ذلك بهما فقلت : يارسول الله هذان ابناك؟ فقال : إنهما ابنا ابنتي وابنا أخي وابن عمي وأحب الرجال إلى ومن هو سمعي وبصري ، ومن نفسه نفسي ونفسي نفسه ، ومن أحزن لحزنه ويحزن لحزني ، فقلت له : قد عجبت يا رسول الله من فعلك بهما وحبك لهما فقال لي : احدثك أيها الرجل.
إني لماعرج بي إلى السماء ودخلت الجنة انتهيت إلى شجرة في رياض الجنة فعجبت من طيب رائحتها ، فقال لي جبرئيل : يامحمد لا تعجب من هذه الشجرة فثمرها أطيب من ريحها فجعل جبرئيل يتحفني من ثمرها ، ويطعمني من فاكهتها وأنا لا أمل منها ، ثم مررنا بشجرة اخرى فقال لي جبرئيل : يامحمد كل من هذه الشجرة فانها تشبه الشجرة التي أكلت منها الثمر ، فهي أطيب طعما وأذكى رائحة قال : فجعل جبرئيل يتحفني بثمرها ويشمني من رائحتها وأنا لا أمل منها.
فقلت : يا أخي جبرئيل ما رأيت في الاشجار أطيب ولا أحسن من هاتين الشجرتين فقال لي : يامحمد أتدري ما اسم هاتين الشجرتين؟ فقلت : لا أدري فقال : إحداها الحسن والاخرى الحسين فإذا هبطت يامحمد إلى الارض من فورك فأت زوجتك خديجة ، وواقعها من وقتك وساعتك ، فانه يخرج منك طيب رائحة الثمر الذي أكلته من هاتين الشجرتين فتلد لك فاطمة الزهراء ، ثم زوجها أخاك عليا فتلد له ابنين فسم أحدهما الحسن والاخر الحسين.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ففعلت ما أمرني أخي جبرئيل فكان الامر ماكان.
فنزل إلي جبرئيل بعد ما ولد الحسن والحسين ، فقلت له : ياجبرئيل ما أشوقني إلى تينك الشجرتين فقال لي : يامحمد إذا اشتقت إلى الاكل من ثمرة تينك الشجرتين فشم الحسن والحسين ، قال : فجعل النبي صلىاللهعليهوآله كلما اشتاق إلى الشجرتين يشم الحسن والحسين ويلثمهما وهو يقول : صدق أخي جبرئيل عليهالسلام ثم يقبل الحسن والحسين ويقول : يا أصحابي إني أود أني اقاسمهما حياتي لحبي لهما فهما ريحانتاي من الدنيا. فتعجب الرجل [ من ] وصف النبي صلىاللهعليهوآله للحسن والحسين ، فكيف لو شاهد النبي صلىاللهعليهوآله من سفك دماءهم ، وقتل رجالهم وذبح أطفالهم ، ونهب أموالهم ، و سبى حريمهم ، اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجميعن وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
أقول : قد مر أخبار كثيرة في باب فضائل أصحاب الكساء وباب النصوص على الاثني عشر عليهمالسلام في فضائلهما.
وروى الديلمي في فردوس الاخبار عن أميرالمؤمنين عليهالسلام أن موسى بن عمران سأل ربه عزوجل فقال : يارب إن أخي هارون مات فاغفرله فأوحى الله أن : ياموسى لو سألتني في الاولين والاخرين لاجبتك ماخلا قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب فاني أنتقم له منه.
وروى أيضا عنه عليهالسلام أن موسى بن عمران سأل ربه عزوجل زيارة قبر الحسين بن علي فزاره في سبعين ألفا من الملائكة.
وعن أبي هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوآله اللهم إني احبه فأحبه وأحب من يحبه
ـ ثلاثا ـ يعني الحسين بن علي عليهماالسلام.
وعن أبي سعيد عنه صلىاللهعليهوآله : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى ويحيى بن زكريا.
ابن عمر ، عنه صلىاللهعليهوآله. الحسن والحسين هما ريحاني من الدنيا.
يعلى بن مرة : الحسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا ، حسين سبط من الاسباط.
علي بن أبي طالب عليهالسلام : الحسن والحسين يوم القيامة ، عن جنبي عرش الرحمان بمنزلة الشنفين من الوجه.
حذيفة عنه صلىاللهعليهوآله : الحسين اعطي من الفضل مالم يعط أحد من ولد آدم ما خلا يوسف بن يعقوب.
وعن عائشة عنه صلىاللهعليهوآله قال : سألت الفردوس ربها عزوجل فقالت : أي رب زيني فان أصحابي وأهلي أتقياء أبرار ، فأوحى الله إليها أولم ازينك بالحسن والحسين؟
وروى ابن نما في مثير الاحزان من تاريخ البلاذري قال : حدث محمد بن يزيد المبرد النحوي في إسناد ذكره قال : انصرف النبي إلى منزل فاطمة فرآها قائمة خلف بابها فقال : مابال حبيبتي ههنا؟ فقالت : ابناك خرجا غدوة وقد غبي علي خبرهما ، فمضى رسول الله صلىاللهعليهوآله يقفو آثارهما حتى صار إلى كهف جبل فوجدهما نائمين وحية مطوقة عند رؤسهما فأخذ حجرا وأهوى إليها فقالت : السلام عليك يارسول الله! والله ما نمت عند رؤوسهما إلا حراسة لهما ، فدعا لها بخير ثم حمل الحسن على كتفه اليمني ، والحسين على كتفه اليسرى ، فنزل جبرئيل فأخذ الحسين وحمله فكانا بعد ذلك يفتخران فيقول الحسن : حملني خير أهل الارض ، و يقول الحسين : حملني خير أهل السماء.
٧٤ ـ د : من كتاب الدر : ذكر عبدالله بن أحمد بن حنبل حديثا عن أبي هريرة ، عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال للحسن : اللهم إني احبه فأحب من يحبه.
وحدث عبدالله ، عن أبيه ، عن رجاله ، عن عمير بن إسحاق قال : كنت مع الحسن بن علي عليهماالسلام فلقينا أبوهريرة فقال : أرني أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقبل قال : فقال لقميصه (١) كذا فكشفه عن سرته.
وعنه ، عن رجاله قال : كنا عند النبي صلىاللهعليهوآله فجاء الحسن بن علي يحبو حتى صعد على صدره فبال عليه ، فابتدرناه لنأخذه فقال النبي صلىاللهعليهوآله : ابني ابني ثم دعابماء فصبه عليه.
قال المسهر مولى الزبير : تذاكرنا من أشبه النبي صلىاللهعليهوآله من أهله ، فدخل علينا عبدالله بن الزبير ، فقال : أنا احدثكم بأشبه أهله إليه : الحسن بن علي رأيته يجئ وهو ساجد فيركب ظهره فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل ، ورأيته يجئ وهو راكع فيفرج له بين رجليه يخرج من الجانب الاخر وقال فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله : هوريحاني من الدنيا وإن ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين من المسلمين وقال : [ اللهم ] إني احبه واحب من يحبه.
٧٥ ـ نوادر الراوندي : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهمالسلام قال : قال علي عليهالسلام : إن النبي صلىاللهعليهوآله قبل زب الحسين بن علي كشف عن اربيته (٢) وقام فصلي من غير أن يتوضأ.
____________________
(١) قال لقميصه كذا : أى أفرجه.
(٢) الاربيه : أصل الفخذ ، وأصله اربوة فإنهم استثقلوا التشديد على الواو.
١٣
* ( باب ) *
* ( مكارم أخلاقهما صلوات الله عليهما واقرار المخالف ) *
* ( والمؤالف بفضلهما ) *
١ ـ قب : استفتى أعرابي عبدالله بن الزبير وعمرو بن عثمان فتوا كلا فقال : اتقيا الله فاني أتيتكما مسترشدا أمواكلة في الدين؟ فأشارا عليه بالحسن والحسين فأفتياه فأنشأ أبياتا منها :
جعل الله حروجهيكما نعلين |
|
سبتا يطأهما الحسنان |
بيان : قال الجزري فيه : ياصاحب السبتين اخلع نعليك : السبت بالكسر جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال سميت بذلك لان شعر ها قد سبت عنها أي حلق وازيل ، وقيل : لانها انسبتت بالدباغ أي لانت ، يريد : ياصاحب النعلين وفي تسميتهم للنعل المتخذة من السبت سبتا اتساع مثل قولهم : فلان يلبس الصوف والقطن والابريسم أي الثياب المتخذة منها.
٢ ـ قب : إسماعيل بن بريد (١) بإسناد عن محمد بن علي عليهماالسلام أنه قال : أذنب رجل ذنبا في حياة رسول الله صلىاللهعليهوآله فتغيب حتى وجد الحسن والحسين عليهماالسلام في طريق خال فأخذهما فاحتملهما على عاتقيه وأتى بهما النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله إني مستجير بالله وبهما ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى رد يده إلى فمه ثم قال للرجل : اذهب فأنت طليق ، وقال للحسن والحسين : قد شفعتكما فيه أي فتيان فأنزل الله تعالى « ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفرلهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما » (٢).
____________________
(١) في المصدر ج ٣ ص ٤٠٠ : اسماعيل بن يزيد.
(٢) النساء : ٦٣.
أخبار الليث بن سعد بإسناده أن رجلا نذر أن يدهن بقارورة رجلي أفضل قريش ، فسأل عن ذلك ، فقيل : إن مخرمة أعلم الناس اليوم بأنساب قريش فاسأله عن ذلك ، فأتاه وسأله وقد خرف وعنده ابنه المسور ، فمد الشيخ رجليه وقال : ادهنهما ، فقال المسور ابنه للرجل : لا تفعل أيها الرجل ، فان الشيخ قد خرف وإنما ذهب إلى ماكان في الجاهلية وأرسله إلى الحسن والحسين عليهماالسلام وقال : ادهن بها أرجلهما ، فهما أفضل الناس وأكرمهم اليوم.
وفي حديث مدرك بن أبي زياد ، قلت لابن عباس وقد أمسك للحسن ثم الحسين بالركاب ، وسوى عليهما : أنت أسن منهما تمسك لهما بالركاب؟ فقال : يالكع وماتدري من هذان؟ هذان ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أوليس مما أنعم الله علي به أن امسك لهما واسوي عليهما.
عيون المحاسن عن الروياني أن الحسن والحسين مرا على شيخ يتوضأ ولا يحسن ، فأخذا في التنازع يقول كل واحد منهما : أنت لا تحسن الوضوء فقالا : أيها الشيخ كن حكما بيننا يتوضأ كل واحد منا فتؤضئا ثم قالا : أينا يحسن؟ قال : كلا كما تحسنان الوضوء ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن وقد تعلم الان منكما وتاب على يديكما ببركتكما وشفقتكما على امة جدكما.
الباقر عليهالسلام قال : ما تكلم الحسين بين يدي الحسن إعظاما له ، ولا تكلم محمد ابن الحنفية بين يدي الحسين عليهالسلام إعظاما له.
وقالوا : قيل لايوب عليهالسلام « نعم العبد » (١) ، وللحسن والحسين : نعم المطية مطيتكما ، ونعم الراكبان أنتما ، وقال : « وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون » (٢) وقال الحسين عليهالسلام : إن لم تصدقوني فاعتزلوني ولا تقتلوني.
____________________
(١) ص : ٤٤.
(٢) الدخان ٢١.
٣ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري : عن محمد بن يحيى ابن زكريا ، وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه جميعا ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي سعيد عقيصا التميمي قال : مررت بالحسن والحسين صلى الله عليهما وهما في الفرات مستنقعان في إزارين فقلت لهما : يا ابني رسول الله أفسدتما الازارين ، فقالالي : ياباسعيد فساد الازارين أحب إلينا من فساد الدين إن للماء أهلا وسكانا كسكان الارض ثم قالا لي : أين تريد؟ فقلت إلى هذا الماء ، فقالا : وما هذا الماء؟ فقلت : اريد دواءه أشرب من هذا الماء المر لعلة بي أرجو أن يجفف له الجسد ، ويسهل البطن ، فقالا : ما نحسب أن الله عزوجل جعل في شئ قد لعنه شفاء ، قلت : ولم ذاك؟ فقالا : لان الله تبارك وتعالى لما آسفه قوم نوح فتح السماء بماء منهمر (١) وأوحى إلى الارض فاستعصت عليه عيون منها ، فلعنها وجعلها ملحا اجاجا.
وفي رواية حمدان بن سليمان أنهما قالا عليهماالسلام : يا ابا سعيد تأتي ماء ينكر ولايتنا في كل يوم ثلاث مرات إن الله عزوجل عرض ولايتنا على المياه ، فما قبل ولايتنا عذب وطاب ، ما جحد ولايتنا جعله الله عزوجل مرا وملحا اجاجا.
٤ ـ كا : العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عمن حدثه ، عن عبدالرحمن العرزمي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : جاء رجل إلى الحسن والحسين عليهماالسلام وهما جالسان على الصفا فسألهما فقالا : إن الصدقة لا تحل إلا في دين موجع ، أو غرم مفظع ، أو فقر مدقع ، ففيك شئ من هذا؟ قال : نعم فأعطياه ، وقد كان الرجل سأل عبدالله بن عمر ، وعبدالرحمن بن أبي بكر فأعطيناه ولم يسألاه عن شئ فرجع إليهما فقال لهما : مالكما لم تسألاني عما سألني عنه الحسن والحسين ، وأخبرهما بما قالا فقالا : إنهما غذيا بالعلم غذاء.
____________________
(١) يقال : آسفه عليه : أغضبه ، وهواقتباس من قوله تعالى في قصة فرعون « فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين ».