بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٢٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بسم الله الرحمن الرحيم

*( أبواب تأويل الايات )*

*( والاخبار الموهمة لخلاف ما سبق )*

*( باب ١ )*

*( تأويل قوله تعالى : خلقت بيدى ، وجنب الله ، ووجه الله ، )*

*(ويوم يكشف عن ساق ، وأمثالها)*

١ ـ فس : محمد بن أحمد بن ثابت ، عن القاسم بن إسماعيل الهاشمي ، عن محمد بن سيار ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لوأن الله خلق الخلق كلهم بيده لم يحتج في آدم أنه خلقه بيده فيقول : «ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي» أفترى الله يبعث الاشياء بيده؟.

بيان : لعل المرادأنه لوكان الله تعالى جسمايزاول الاشياءويعالجها بيده لم يكن ذلك مختصا بآدم عليه‌السلام ، بل هو تعالى منزه عن ذلك ، وهو كناية عن كمال العناية بشأنه كما سيأتي.

٢ ـ يد ، مع : ابن عصام ، عن الكليني ، عن العلان ، عن اليقطيني قال : سألت أبا الحسن علي بن محمد العسكري عليهما‌السلام عن قول الله عزوجل : «والارض جميعا قبضته يوم القيمة والسموات مطويات بيمينه» فقال : ذلك تعيير الله تبارك وتعالى لمن شبهه بخلقه ، ألاترى أنه قال : «وما قدروا الله حق قدره» ومعناه إذ قالوا : إن الارض جميعا قبضته يوم لقيامة والسماوات مطويات بيمينه ، كما قال عزوجل : «وما قدروا الله حق قدره» إذ قالوا : ما أنزل الله على بشر من شئ ، ثم نزه عزوجل نفسه عن القبضة واليمين فقال : «سبحانه وتعالى عما يشركون».

١

بيان : هذا وجه حسن لم يتعرض له المفسرون ، وقوله تعالى : «وما قدروا الله حق قدره» متصل بقوله «والارض جميعا» فيكون على تأويله عليه‌السلام القول مقدرا أي ما عظموا اله حق تعظيمه وقد قالوا : إن الارض جميعا ، ويؤيده أن العامة رووا أن يهوديا أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وذكر نحوا من ذلك فضحك صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ يد : أحمد بن الهيثم العجلي ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن ابن بهلول ، عن أبيه ، عن أبي الحسن العبدي ، عن سليمان بن مهران قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «والارض جميعا قبضته يوم القيمة» فقال : يعني ملكه لا يملكها معه أحد والقبض من الله تعالى في موضع آخر : المنع ، والبسط منه : الاعطاء والتوسيع كما قال عزوجل : «والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون» يعني يعطي ويوسع ويمنع و يضيق. والقبض منه عزوجل في وجه آخر : الاخذ في وجه القبول منه كما قال : «ويأخذ الصدقات» أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها. قلت : فقوله عزوجل : «والسموات مطويات بيمينه» قال : اليمين : اليد ، واليد : القدرة والقوة ، يقول عزوجل : والسموات مطويات بقدرته وقوته ، سبحانه وتعالى عما يشركون.

بيان : قال الشيخ الطبرسي رحمه‌الله : القبضة في اللغة : ما قبضت عليه بجميع كفك أخبر الله سبحانه عن كمال قدرته فذكر أن الارض كلها مع عظمها في مقدوره كالشئ الذي يقبض عليه القابض بكفه فيكون في قبضته ، وهذا تفهيم لنا على عادة التخاطب فيما بيننا لانا نقول : هذا في قبضة فلان وفي يد فلان إذا هان عليه التصرف فيه وإن لم يقبض عليه ، وكذا قوله : «والسموات مطويات بيمينه» أي يطويها بقدرته كما يطوي أحدمنا الشئ المقدور له طيه بيمينه ، وذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار والتحقيق للملك ، كما قال : «أو ما ملكت أيمانكم» أي ما كانت تحت قدرتكم إذ ليس الملك يختص باليمين دون الشمال وسائر الجسد ، وقيل : معناه انها محفوظات مصونات بقوته واليمين : القوة.(١)

___________________

(١) قال الرضى رضوان الله عليه في تلخيص البيان : وهاتان استعارتان ، ومعنى «قبضنا» ههنا أى ملك له خالص قد ارتفعت عنه أيدى المالكين من بريته والمتصرفين فيه من خليفته ، وقدورت تعالى عباده ما

٢

٤ ـ يد ، ن : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن الهروي قال : قلت لعلي بن موسى الرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث : إن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة؟ فقال عليه‌السلام : يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله على جميع خلقه من النبيين والملائكة ، وجعل طاعته طاعته ، و مبايعته مبايعته ، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته ، فقال عز وجل : «من يطع الرسول فقد أطاع الله» وقال : «إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يدالله فوق أيديهم» وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زارالله. ودرجة النبي «ص» في الجنة أرفع الدرجات ، فمن زاره إلي درجته في الجنة من منزلته فقد زارالله تبارك وتعالى.

قال : فقلت له : يا ابن رسول الله فما معنى الخبر الذي رووه أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله؟ فقال عليه‌السلام : يا أبا الصلت من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر ، ولكن وجه الله أنبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم ، هم الذين بهم يتوجه إلي الله عزوجل ، وإلى دينه ومعرفته ، وقال الله عزوجل : «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك» وقال عز وجل «كل شئ هالك إلا وجهه» فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه عليهم‌السلام في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة ، وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أبغض أهل بيتي وعترتي

___________________

* كان ملكهم في دار الدنيا من ذلك ، فلم يبق ملك إلا انتقل ، ولا مالك إلا بطل. وقيل أيضا : معنى ذلك أن الارض قى مقدوره كالذى يقبض عليه القابض ويستولى عليه كفه ، ويحوزه ملكه ، ولا يشاركه فيه غيره. ومعنى قوله : «والسموات مطويات بيمينه» أى مجموعات في ملكه ومضمونات بقدرته ، و اليمين ههنا بمعنى الملك ، يقول القائل : هذا ملك يمينى ، وليس يريد اليمين التى هى الجارحة ، وقد يعبرون عن القوة أيضا باليمين ، فيجوز على هذا التأويل أن يكون معنى قوله : «مطويات بيمينه» أى يجمع أقطارها ويطوى انتشارها بقوته ، كما قال سبحانه : «يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب» وقيل : لليمين ههنا وجه آخر وهو أن يكون بمعنى القسم ، لانه تعالى لما قال في سورة الانبياء : «يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين» كان التزامه تعالى فعل ما أوجبه على نفسه بهذا الوعد ، كأنه قسم أقسم به ليفعلن ذلك ، فأخبر سبحانه في هذا الموضع من السورة الاخرى «إن السماوات مطويات بيمينه» أى بذلك الوعد الذى ألزمه نفسه تعالى وجرى مجرى القسم الذى لابد أن يقع الوفاء به ، والخروج منه. والاعتماد على القولين المتقدمين أولى.

٣

لم يرني ولم أره يوم القيامة ، وقال (ص) : إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني ، يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولايدرك بالابصار والاوهام.

قال : فقلت له : يا ابن رسول الله فأخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان؟ فقال : نعم ، وإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد دخل الجنة ورأى النار لما عرج به إلى السماء. قال : فقلت له : إن قوما يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين. فقال عليه‌السلام : ما اولئك منا ولا نحن منهم ، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكذبنا ، وليس من ولايتنا على شئ ويخلد في نار جهنم ، قال الله عزوجل : «هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن» وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما عرج بي إلي السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي ، فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ، ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة. (١)

٥ ـ يد ، مع : الدقاق ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، عن بكر ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن عبد الله بن يحيى ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد ابن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام فقلت : قوله عزوجل : «يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي» فقال : اليد في كلام العرب : القوة والنعمة ، قال الله : «واذكر عبدنا داود ذا الايد» وقال : «والسماء بنيناها بأيد» أي بقوة ، وقال : «وأيدهم بروح منه» أي قواهم» ويقال : لفلان عندي أيادي كثيرة أي فواضل وإحسان ، وله عندي يد بيضاء أي نعمة. بيان : يظهر منه أن التأييد مشتق من اليد بمعنى القوة كما يظهر من كلام الجوهري أيضا.

٦ ـ يد ، مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن محمد بن عيسى ، عن المشرقي ، عن عبدالله بن قيس ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : بل يداه مبسوطتان. فقلت له : يدان هكذا؟ ـ وأشرت بيدي إلى يديه ـ فقال : لا لو كان هكذا لكان مخلوقا.

___________________

(١) أخرج الحديث مقطعا عن التوحيد والعيون والامالى والاحتجاج في باب نفى الرؤية تحت رقم ٦.

٤

بيان : غل اليد وبسطها كناية عن البخل والجود ، وثني اليد مبالغة في الرد ونفي البخل عنه ، وإثبات لغاية الجود ، فإن غاية ما يبذله السخي من ماله أن يعطيه بيديه ، أو للاشارة إلى منح الدنيا والآخرة ، أو ما يعطى للاستدراج وما يعطى للاكرام أو للاشارة إلى لطفة وقهره.

٧ ـ فس : «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك» قال : دين ربك. وقال علي بن الحسين عليهما‌السلام : نحن الوجه الذي يؤتى الله منه.

٨ ـ يد ، مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن بزيع ، عن منصور بن يونس ، عن جليس لابي حمزة ، عن أبي حمزة قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام قول الله عز و جل : «كل شئ هالك إلا وجهه» قال : فيهلك كل شئ ، ويبقي الوجه إن الله عزوجل أعظم من أن يوصف بالوجه ، ولكن معناه : كل شئ هالك إلادينه ، والوجه الذي يؤتى منه. ير : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور مثله.

ير : أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن منصور ، عن أبي حمزة مثله.

٩ ـ ير : أحمد ، عن الحسين ، عن بعض أصحابنا ، عن ابن عميرة ، عن ابن المغيرة قال : كنا عند أبي عبدالله عليه‌السلام فسأله رجل عن قول الله : «كل شئ هالك إلا وجهه» قال : ما يقولون فيه؟ قلت : يقولون : يهلك كل شئ إلا وجهه ، فقال : يهلك كل شئ إلا وجهه الذي يؤتى منه ، ونحن وجه الله الذي يؤتى منه.

١٠ ـ يد ، مع : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ربيع الوراق ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : «كل شئ هالك عن علي إلا وجهه» قال : نحن.

١١ ـ يد : ما جيلويه ، عن محمد العطار ، عن سهل ، عن البزنطي ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : «كل شئ هالك إلا وجهه» قال : من أتى الله بما أمر به من طاعة محمد والائمة من بعده صلوات الله عليهم فهو الوجه الذي لا يهلك ، ثم قرأ «من يطع الرسول فقد أطاع الله

٥

١٢ ـ وبهذا الاسناد قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : نحن وجه الله لا يهلك.

١٣ ـ يد : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي سعيد المكاري ، (١) عن أبي سعيد المكاريّ ، عن الحارث بن المغيرة النصري(٢)قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «كل شئ هالك إلا وجهه» قال : كل شيء هالك إلا من أخذ طريق الحق.

بيان : ذكر المفسرون فيه وجهين : أحدهما أن المراد به إلا ذاته كما يقال : وجه هذا الامر أي حقيقته. وثانيهما أن المعنى ما اريد به وجه الله من العمل. واختلف على الاول في الهلاك هل هو الانعدام حقيقة ، أو أنه لامكانه في معرض الفناء والعدم ، وعلى ماورد في تلك الاخبار يكون المراد بالوجه الجهة كما هو في أصل اللغة ، فيمكن أن يراد به دين الله إذبه يتوسل إلى الله ويتوجه إلى رضوانه ، أو أئمة الدين فإنهم جهة الله ، وبهم يتوجه إلى الله ورضوانه ومن أراد طاعة الله تعالى يتوجه إليهم. (٣)

___________________

(١) قد وقع الخلاف في اسمه فسماه النجاشى والعلامة هاشم بن حيان ، والشيخ هشام بن حيان ، والرجل كوفى مولى بنى عقيل ، روى عن أبى عبدالله عليه‌السلام ، وكان هو وابنه الحسين وجهين في الواقفة ، نص على ذلك النجاشى في ترجمة ابنه.

(٢) النصرى ـ بالنون المفتوحة والصاد المهملة ـ من بنى نصر بن معاوية ، يكنى أبا على ، بصرى ثقة ثقة ، روي عن الباقر والصادق وموسى بن جعفر عليهم‌السلام وزيد بن على. وروى الكشى وغيره روايات تدل على مدحه ووثاقته.

(٣) قال السيد الرضى ذيل قوله تعالى «كل شئ هالك إلا وجهه» : وهذه استعارة والوجه ههنا عبارة عن ذات الشئ ونفسه ، وعلى هذا قوله تعالى في السورة التى فيها الرحمن سبحانه : « ويبقى وجه ربك ذوالجلال والاكرام» أى ويبقى ذات ربك ، ومن الدليل على ذلك الرفع في قوله « ذو الجلال والاكرام» لانه صفة للوجه الذى هو الذات : ولو كان الوجه ههنا بمعنى العضو المخصوص على ما ظنه الجهال لكان «ويبقى وجه ربك ذى الجلال والاكرام» فيكون «ذى» صفة للجملة لاصفة للوجه الذى هو التخاطيط المخصوص ، كما يقول القائل : رأيت وجه الاميرذى الطول والانعام ، ولا يقول : ذا «لان الطول والانعام من صفات جملته ، لا من صفات وجهه ، ويوضع ذلك قوله في هذه السورة : تبارك اسم ربك ذى الجلال والاكرام» لما كان الاسم غير المسمى وصف سبحانه المضاف إليه ، ولما كان الوجه في الاية المتقدمة هو النفس والذات قال تعالى : «ذو الجلال» ولم يقل : «ذى الجلال والاكرام» ويقولون : عين الشئ ونفس الشئ على هذا النحو. وقد قيل في ذلك وجه آخر وهو أن يراد بالوجه ههنا ما قصدالله به من العمل الصالح والمتجر الرابح على طريق القربة وطلب الزلفة وعلى ذلك قول الشاعر : «استغفر الله ذنبالست محصيه* رب العباد اليه الوجه والعمل» أى اليه تعالى قصد الفعل الذى يستنزل به فضله ودرجات عفوه ، فأعلمنا سبحانه أن كل شئ هالك الاوجه دينه الذى يوصل إليه منه ، ويستزلف عنده به ويجعل وسيلة إلى رضوانه وسببا لغفرانه.

٦

١٤ ـ يد : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن علي بن سيف ، عن أخيه الحسين ، عن أبيه سيف بن عميرة النخعي ، عن خثيمة قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «كل شئ هالك إلا وجهه» قال : دينه وكان رسول الله «ص» وأمير المؤمنين عليه‌السلام دين الله ووجهه وعينه في عباده ، ولسانه الذي ينطق به ، ويده على خلقه ، ونحن وجه الله الذي يؤتى منه لن نزال في عباده ما دامت لله فيهم روية. قلت : وما الروية؟ قال : الحاجة ، فإذا لم يكن الله فيهم حاجة رفعنا إليه فصنع ما أحب.

بيان : قال الجوهري : لنا قبلك روية أي حاجة. انتهى. وحاجة الله مجاز عن علم الخير والصلاح فيهم.

١٥ ـ يد : أبي ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد بن علي الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله عزوجل : «يوم يكشف عن ساق» قال : تبارك الجبار ـ ثم أشار إلى ساقة فكشف عنها الازار ـ قال : «ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون» قال : أفحم القوم ودخلتهم الهيبة وشخصت الابصار وبلغت القلوب الحناجر شاخصة أبصارهم ترهقهم الذلة وقدكانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون. قال الصدوق رحمه‌الله : قوله عليه‌السلام : تبارك الجبار ـ وأشار إلى ساقه فكشف عنها الازار ـ يعني به تبارك الجبار أن يوصف بالساق الذي هذه صفته.

بيان : أفحمته : أسكتته في خصومة أو غيرها.

١٦ ـ يد : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن الحسين ابن موسى ، عن عبيدبن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : «يوم يكشف عن ساق» قال : ـ كشف إزاره عن ساقه ويده الاخرى على رأسه ـ فقال : سبحان ربي الاعلى.

قال الصدوق : معنى قوله : سبحان ربي الاعلى تنزيه لله عزوجل عن أن يكون له ساق.

١٧ ـ يد ، ن : المكتب والدقاق ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن سعيد ، (١) عن أبي الحسن عليه‌السلام في قوله عز

___________________

(١) وفى نسخة : عن الحسين بن سعيد.

٧

وجل : «يوم يكشف عن ساق» قال : حجاب من نور يكشف فيقع المؤمنون سجدا ، أو تدمج أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود.

ج : عن الرضا عليه‌السلام مثله.

بيان : دمج دموجا : دخل في الشئ واستحكم فيه ، والدامج : المجتمع. قوله : يكشف أي عن شئ من أنوار عظمته وآثار قدرته. واعلم أن المفسرين ذكروا في تأويل هذه الاية وجوها :

الاول : أن المراد : يوم يشتد الامر ويصعب الخطب ، وكشف الساق مثل في ذلك : وأصله تشمير المخدرات عن سوقهن في الهرب ، قال حاتم :

إن عضت به الحرب عضها

وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا

الثاني : أن المعنى يوم يكشف عن أصل الامر وحقيقته بحيث يصير عيانا ، مستعار من ساق الشجر وساق الانسان ، وتنكيره للتهويل أو للتعظيم.

الثالث : أن المعنى أنه يكشف عن ساق جهنم ، أوساق العرش ، أوساق ملك مهيب عظيم.قال الطبرسي رحمه‌الله : ويدعون إلى السجود أي يقال لهم على وجه التوبيخ : اسجدوا فلا يستطيعون. وقيل : معناه أن شدة الامر وصعوبة حال ذلك اليوم تدعوهم إلى السجودوإن كانوا لاينتفعون به ليس أنهم يؤمرون به ، وهذا كما يفزع الانسان إلى السجود إذا أصابه هول من أهوال الدنيا. خاشعة أبصارهم أي ذليلة أبصارهم لا يرفعون نظرهم عن الارض ذلة ومهانة. ترهقهم ذلة أي تغشاهم ذلة الندامة والحسرة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون أي أصحاء يمكنهم السجود فلا يسجدون يعني أنهم كانوا يؤمرون بالصلاة في الدنيا فلم يفعلوا. وروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام أنهما قالا في هذه الآية : أفحم القوم ودخلتهم الهيبة وشخصت الابصار وبلغت القلوب الحناجر لما رهقهم من الندامة والخزي والمذلة ، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون أي يستطيعون الاخذ بما امروا به والترك لمانهوا عنه ولذلك ابتلوا.

١٨ ـ يد : ابن الوليد ، عن ابن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر ، عن ابن

٨

سنان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة : أنا الهادي ، وأنا المهتدي ، وأنا أبواليتامى والمساكين وزوج الارامل ، وأنا ملجأ كل ضعيف ، ومأمن كل خائف ، وأنا قائد المؤمنين إلى الجنة ، وأنا حبل الله المتين ، وأنا عروة الله الوثقى وكلمة التقوى ، وأنا عين الله ولسانه الصادق ويده ، وأنا جنب الله الذي يقول : «أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله» وأنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة والمغفرة ، وأنا باب حطة ، من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربه لاني وصي نبيه في أرضه ، وحجته على خلقه ، لا ينكر هذا إلا راد على الله ورسوله.

قال الصدوق : الجنب : الطاعة في لغة العرب ، يقال : هذا صغير في جنب الله أي في طاعة الله عزوجل ، فمعنى قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : أنا جنب الله أي أنا الذي ولايتي طاعة الله ، قال الله عزوجل : «أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله» أي في طاعة الله عزوجل.

بيان : روي عن الباقر عليه‌السلام أنه قال : معنى جنب الله أنه ليس شئ أقرب إلى الله من رسوله ، ولا أقرب إلى رسوله من وصية ، فهو في القرب كالجنب ، وقد بين الله تعالى ذلك في كتابه بقوله : «أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله» يعني في ولاية أوليائه. وقال الطبرسي رحمه‌الله : الجنب : القرب أي يا حسرتى على ما فرطت في قرب الله وجواره ، وفلان في جنب فلان أي في قربه وجواره ، ومنه قوله تعالى : «والصاحب بالجنب» وهو الرفيق في السفر ، وهو الذي يصحب الانسان بأن يحصل بجنبه لكونه رفيقه قريبا منه ملا صقاله. انتهى. (١) والعين أيضا من المجازات الشائعة أي لما كان شاهدا على عباده مطلعا

___________________

(١) قال السيد الرضى رضي‌الله‌عنه : وهذه استعارة وقد اختلف في المراد بالجنب ههنا ، فقال قوم : معناه في ذات الله ، وقال قوم : معناه في طاعة الله وفى أمر الله ، إلا أنه ذكر الجنب على مجرى العادة في قولهم : هذا الامر صغير في جنب ذلك الامر أى في جهته ، لانه اذا عبر عنه بهذه العبارة دل على اختصاصه به من وجه قريب من معنى صفته ، وقال بعضهم : معنى «في جنب الله» أى في سبيل الله أو في الجانب الاقرب إلى مرضاته بالاوصل إلى طاعاته ، ولما كان الامر كله يتشعب إلى طريقين : احديهما هدى ورشاد ، والاخرى غى وضلال ، وكل واحد منهما مجانب لصاحبه ، أى هو في جانب والاخر في جانب ، وكان الجنب والجانب بمعنى واحد حسنت العبارة ههنا عن سبيل الله بجنب الله على النحو الذي ذكرناه.

٩

عليهم فكأنه عينه ، وكذا واللسان فإنه لما كان يخاطب الناس من قبل الله ويعبر عنه في بريته فكأنه لسانه.

١٩ ـ شى : عن أبي معمر السعدي(١) قال : قال علي بن أبي طالب عليه‌السلام في قوله : ولا ينظر إليهم» : يعني لا ينظر إليهم بخير لمن لا يرحمهم ، وقد يقول العرب للرجل السيد أو للملك : لا تنظر إلينا يعني أنك لا تصيبنا بخير وذلك النظر من الله إلى خلقه.

٢٠ ـ يد ، ن : ابن عصام ، عن الكليني ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن عيسى ، عن علي بن سيف ، عن محمد بن عبيدة قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل لا بليس : «ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي» قال : يعنى بقدرتي وقوتي.

قال الصدوق رحمه‌الله : سمعت بعض مشايخ الشيعة بنيسابور يذكر في هذه الآية أن الائمة عليهم‌السلام كانوا يقفون على قوله : «ما منعك أن تسجد لما خلقت» ثم يبتدؤون بقوله : «بيدي استكبرت أم كنت من العالمين» قال : وهذا مثل قول القائل : بسيفي تقاتلني و بر محي تطاعنني ، كأنه يقول : بنعمتي عليك وإحساني إليك قويت على الاستكبار و العصيان.

بيان : ما ورد في الخبر أظهر ما قيل في تفسير هذه الآية ، ويمكن أن يقال في توجيه التشبيه : إنها لبيان أن في خلقه كمال القدرة ، أو أن له روحا وبدنا أحدهما من عالم الخلق والآخر من عالم الامر ، أو لانه مصدر لافعال ملكية ، ومنشأ لافعال بهيمية ، والثانية كأنها أثر الشمال ، وكلتا يديه يمين ، وأما حمل اليد على القدرة فهو شائع في كلام العرب ، تقول : مالي لهذا الامر من يدأي قوة وطاقة ، وقال تعالى : «أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح».

وقد ذكر في الآية وجوه اخر : أحدها أن اليد عبارة عن النعمة ، يقال : أيادي فلان في حق فلان ظاهرة ، والمراد باليدين النعم الظاهرة والباطنة أو نعم الدين والدنيا.

___________________

(١) يحتمل قويا أن يكون هو عبدالله بن سنجر الازدى الذي عده الشيخ من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وحكى عن ابن حجر أنه قال : عبدالله بن سنجر ـ بفتح المهملة وسكون المعجمة وفتح الموحدة ـ الازدى ، أبومعمر الكوفي ثقة من الثانية.

١٠

وثانيها : أن المراد : خلقته بنفسي من غير توسط كأب وام ، وثالثها : أنه كناية عن غاية الاهتمام بخلقه ، فإن السلطان العظيم لا يعمل شيئا بيديه إلا إذا كانت غاية عنايته مصروفة إلى ذلك العمل.

أقول : سيأتي كثير من الاخبار المناسبة لهذا الباب في أبواب كتاب الامامة وباب اسؤلة الزنديق المدعي للتناقض في القرآن.

*( باب ٢ )*

*( تأويل قوله تعالى : ونفخت فيه من روحى ، وروح منه ، )*

*( وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : خلق الله آدم على صورته )*

١ ـ يد ، ن : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد قال : قلت للرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله إن الناس يروون أن رسول الله «ص» قال : إن الله خلق آدم على صورته ، فقال : قاتلهم الله لقد حذفوا أول الحديث ، إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مر برجلين يتسابان ، فسمع أحدهما يقول لصاحبه : قبح الله وجهك ووجه من يشبهك. فقال عليه‌السلام : يا عبدالله لاتقل هذا لاخيك فإن الله عزوجل خلق آدم على صورته.

ج : مرسلا عن الحسين مثله.

٢ ـ مع : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «ونفخت فيه من روحي» قال : روح اختاره الله واصطفاه وخلقه وأضافه إلى نفسه ، وفضله على جميع الارواح فأمر فنفخ منه في آدم عليه‌السلام.

يد : حمزة العلوي ، عن علي ، عن أبيه مثله.

٣ ـ يد ، مع : غير واحد من أصحابنا ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن الحسين ابن الحسن ، عن بكر ، عن القاسم بن عروة ، عن عبدالحميد الطائي ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «ونفخت فيه من روحي» كيف هذا النفخ؟

١١

فقال : إن الروح متحرك كالريح ، وإنما سمي روحا لانه اشتق اسمه من الريح ، و إنما أخرجه على لفظة الروح لان الروح مجانس للريح ، وإنما أضافه إلى نفسه لانه اصطفاه على سائر الارواح كما اصطفى بيتا من البيوت فقال : بيتي وقال لرسول من الرسل : خليلي وأشباه ذلك ، وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر.

ج : مرسلا عن محمد ، عنه عليه‌السلام.

٤ ـ ج : حمران بن أعين قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «وروح منه» قال : هي مخلوقة خلقها الله بحكمته في آدم وفي عيسى عليهما‌السلام.

٥ ـ مع : غير واحد ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن علي بن العباس ، عن عبيس ابن هشام ، عن عبدالكريم بن عمرو ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله عزوجل : «فإذا سويته ونفخت فيه من روحي» قال : من قدرتي.

يد : بالاسناد عن العباس ، عن ابن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام مثله.

٦ ـ يد : القطان ، عن السكري ، عن الحكم بن أسلم ، عن ابن عيينة ، عن الجريري ، عن أبي الورد بن ثمامة ، (١) عن علي عليه‌السلام قال : سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا يقول لرجل : قبح الله وجهك ووجه من يشبهك ، فقال عليه‌السلام : مه لاتقل هذا فإن الله خلق آدم على صورته.

قال الصدوق رحمه‌الله : تركت المشبهة من هذا الحديث أوله ، وقالوا : إن الله خلق آدم على صورته ، فضلوا في معناه وأضلوا.

٨ ـ يد : السناني والمكتب والدقاق جميعا ، عن الاسدي : عن البرمكي ، عن علي ابن العباس عن عبيس بن هشام ، عن عبدالكريم ابن عمرو ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله عزوجل : «فإذا سويته ونفخت فيه من روحي» قال : إن الله عزوجل خلق خلقا وخلق روحا ، ثم أمر ملكا فنفخ فيه وليست بالتي نقصت من قدرة الله شيئا هي من قدرته. شى : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام مثله.

___________________

(١) هو أبوالورد بن ثمامة بن حزن القشيرى البصرى ، قال ابن حجر في تقريب التهذيب ص ٦١٧ : مقبول من السادسة.

١٢

٩ ـ يد : ابن المتوكل ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن اذينة ، عن أبي جعفر الاصم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن الروح التي في آدم والتي في عيسى ماهما؟ قال روحان مخلوقان اختارهما واصطفا هما روح آدم وروح عيسى صلوات الله عليهما.

١٠ ـ يد : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن الحلبي وزرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى أحد صمد ليس له جوف ، وإنما الروح خلق من خلقه ، نصر تأييد وقوة يجعله الله في قلوب الرسل والمؤمنين.

١١ ـ شى : عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر ، وأبي عبدالله عليه‌السلام في قوله تعالى : يسألونك عن الروح قالا : إن الله تبارك وتعالى ، وذكر مثله.

١٢ ـ شى : عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : «ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين» قال : روح خلقها الله فنفح في آدم منها.

١٣ ـ شى : عن محمد بن اورمة ، عن أبي جعفر الاحوال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن الروح التي في آدم ، قوله : «فإذا سويته ونفخت فيه من روحي» قال : هذه روح مخلوقة لله ، والروح التي في عيسى بن مريم مخلوقة لله.

١٤ ـ شى : في رواية سماعة عنه عليه‌السلام خلق آدم فنفخ فيه ، وسألته عن الروح قال : هي من قدرته من الملكوت.

١٥ ـ يد : ابن البرقي ، عن أبيه ، عن جده أحمد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن بحر (١) عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عما يروون أن الله عزوجل خلق آدم على صورته ، فقال : هي صورة محدثة مخلوقة اصطفاها الله واختارها على سائر الصور المختلفة فأضافها إلى نفسه كما أضاف الكعبة إلى نفسه ، والروح إلى نفسه فقال : بيتي وقال : نفخت فيه من روحي.

ج : عن محمد مثله.

___________________

(١) كوفى صيرفى ، أورده العلامة في القسم الثانى من الخلاصة قال : عبدالله بن بحر كوفى روى عن أبى بصير والرجال ضعيف مرتفع القول.قلت : والحديث لا يخلو عن غرابة ، وقد تقدمت روايات اخرى بطرق متعددة في معنى الحديث تحت رقم ١ و ٧ تعرب عن تدليس وقع في نقل الحديث عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله فارجعها.

١٣

بيان : هذا الخبر لاينافي ما سبق ، لانه تأويل على تقدير عدم ذكر أو له ، كما يرويه من حذف منه ما حذف.

تذنيب : قال السيد المرتضى قدس الله روحه في كتاب تنزيه الانبياء : فإن قيل : ما معنى الخبر المروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : إن الله خلق آدم على صورته؟ أوليس ظاهر هذا الخبر يقتضي التشبيه وأن له تعالى عن ذلك صورة؟ قلنا : قد قيل في تأويل هذا الخبر إن الهاء في «صورته» إذا صح هذا الخبر راجعة إلى آدم عليه‌السلام ، دون الله تعالى فكان المعنى أنه تعالى خلقه على الصورة التي قبض عليها فإن حاله لم يتغير في الصورة بزيادة ولانقصان كما يتغير أحوال البشر. وذكر وجه ثان وهو على أن تكون الهاء راجعة إلى الله تعالى ، ويكون المعنى أنه خلقه على الصورة التي اختارها واجتباها لان الشئ قد يضاف على هذا الوجه إلى مختاره ومصطفاه. وذكر أيضا وجه ثالث وهو أن هذا الكلام خرج على سبب معروف لان الزهري روي عن الحسن أنه كان يقول : مر رسول الله «ص» برجل من الانصار وهو يضرب وجه غلام له ويقول : قبح الله وجهك ووجه من تشبهه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس ما قلت ، فإن الله خلق آدم عليه صورته ، يعني صورة المضروب. ويمكن في الخبر وجه رابع وهو أن يكون المراد أن الله تعالى خلق آدم وخلق صورته لينتفي بذلك الشك في أن تأليفه من فعل غيره لان التأليف من جنس مقدور البشر ، و الجواهر وما شاكلها من الاجناس المخصوصة من الاعراض هي التي يتفرد القديم تعالى بالقدرة عليها ، فيمكن قبل النظر أن يكون الجواهر من فعله وتأليفها من فعل غيره فكأنه عليه‌السلام أخبر بهذه الفائدة الجليلة وهو أن جوهر آدم وتأليفه من فعل الله تعالى. ويمكن وجه خامس وهو أن يكون المعنى أن الله أنشأه على هذه الصورة التي شوهد عليها على سبيل الابتداء ، وإنه لم ينتقل إليها ويتدرج كما جرت العادة في البشر. وكل هذه الوجوه جائز في معنى الخبر والله تعالى ورسوله «ص» أعلم بالمراد. انتهى كلامه رفع الله مقامه.

أقول : وفيه وجه سادس ذكره جماعة من شراح الحديث ، وهو أن المراد بالصورة

١٤

الصفة من كونه سميعا بصيرا متكلما ، وجعله قابلا للاتصاف بصفاته الكمالية و الجلالية على وجه لا يفضي إلى التشبيه ، والاولى الاقتصار على ما ورد في النصوص عن الصادقين عليهم‌السلام ، وقدروت العامة الوجه الاول المروي عن أمير المؤمنين وعن الرضا صلوات الله عليهما بطرق متعددة في كتبهم.

*( باب ٣ )*

*( تاويل آية النور )*

١ ـ يد ، مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن العباس بن هلال قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «الله نور السموات والارض» فقال : هاد لاهل السماء وهاد لاهل الارض.

٢ ـ وفي رواية البرقي : هدى من في السماوات وهدي من في الارض.

٣ ـ ج : عن العباس بن هلال : قال سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن قول الله عزوجل «الله نور السموات والارض» فقال عليه‌السلام : هادي من في السماوات وهادي من في الارض. (١) ٤ ـ يد ، مع : إبراهيم بن هارون الهيستي ، (٢) عن محمد بن أحمد بن أبي الثلج ، عن الحسين بن أيوب ، عن محمد بن غالب ، عن علي بن الحسين ، عن الحسن بن أيوب ، عن الحسين بن سليمان ، عن محمد بن مروان الذهلي ، عن الفضيل بن يسار (٣) قال : قلت لابي عبدالله الصادق عليه‌السلام : «الله نور السموات والارض» قال : كذلك الله عزوجل قال : قلت : «مثل نوره» قال لي : محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت : «كمشكوة» قال : صدر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قلت : «فيها مصباح» قال : فيه نور العلم يعني النبوة ، قلت : «فيها مصباح» قال : فيه نور العلم يعني النبوّة ، قلت : «المصباح في زجاجة» قال : علم رسول الله «ص» صدر إلى قلب علي عليه‌السلام ، (٣) قلت : «كأنها» قال : لاي شئ تقرأ كأنها؟ قلت :

___________________

(١) الظاهر اتحاده مع ما قبله.

(٢) لعل الصواب : الهيتى ، قال الفيروز آبادى هيت بالكسر : بلدة بالعراق.

(٣) في السند رجال لم نجد بيان أحوالهم في التراجم مدحا أو ذما.

(٤) في نسخة : صار إلى قلب على عليه‌السلام.

١٥

وكيف جعلت فداك؟ قال : كأنه كوكب دري ، قلت : «يوقد من شجرة مباركة زيتونة لاشرقية ولاغربية» قال : ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام لايهودي ولانصراني قلت : «يكاد زيتها يضيئ ولولم تمسسه نار» قال : يكاد العلم يخرج من فم العالم من آل محمد من قبل أن ينطق به ، قلت : «نور على نور» قال : الامام على أثر الامام.

قال الصدوق رحمه‌الله : إن المشبهة تفسر هذه الآية على أنه ضياء السماوات و الارض ، ولو كان كذلك لما جاز أن توجد الارض مظلمة في وقت من الاوقات ، لا بالليل ولا بالنهار ، لان الله هو نورها وضياؤها على تأويلهم ، وهو موجود غير معدوم ، فوجود الارض مظلمة بالليل ووجودنا داخلها أيضا مظلما بالنهار يدل على أن تأويل قوله» : الله نور السموات والارض» هو ما قاله الرضا عليه‌السلام دون تأويل المشبهة ، وأنه عز و جل هادي أهل السماوات والارض ، والمبين لاهل السماوات والارض امور دينهم (١) مصالحهم ، فلما كان بالله وبهداه يهتدي أهل السماوات والارض إلى صلاحهم وامور دينهم كما يهتدون بالنور الذي خلقه الله لهم في السماوات والارض إلى إصلاح دنياهم قال : إنه نور السماوات والارض على هذا المعنى ، وأجرى على نفسه هذا الاسم توسعا ومجازا لان العقول دالة على أن الله عزوجل لا يجوز أن يكون نورا ولاضياءا ، ولامن جنس الانوار والضياء لانه خالق الانوار وخالق جميع أجناس الاشياء ، وقد دل على ذلك أيضا قوله : مثل نوره وإنما أراد به صفة نوره ، وهذا النور هو غيره لانه شبهه بالمصباح وضوئه الذي ذكره ، ووصفه في هذه الآية ولايجوز أن يشبه نفسه بالمصباح لان الله لاشبه له ولانظير فصح أن نوره الذي شبهه بالمصباح إنما هو دلالته أهل السماوات والارض على مصالح دينهم وعلى توحيد ربهم وحكمته وعدله ثم بين وضوح دلالته هذه و سماها نورا من حيث يهتدي بها عباده إلى دينهم وصلاحهم فقال : مثله مثل كوة وهي المشكاة فيها المصباح والمصباح هو السراج في زجاجة صافية شبيهة بالكوكب الذي هو الكوكب المشبه بالدر في لونه وهذا المصباح الذي في هذه الزجاجة الصافية يتوقد (٢)

__________________

(١) في نسخة : امورهم. وكذا فيمأتى بعد ذلك.

(٢) في نسخة : توقد.

١٦

من زيت زيتونة مباركة ، وأراد به زيتون الشام لانه يقال : إنه بورك فيه لاهله ، و عنى عزوجل بقوله : «لا شرقية ولا غربية» أن هذه الزيتونه ليست بشرقية فلا تسقط الشمس عليها في وقت الغروب ، ولا غربية ولا تسقط الشمس عليها في وقت الطلوع بل هي في أعلى شجرها ، والشمس تسقط عليها في طول نهارها ، فهو أجود لها وأضوء لزيتها ، ثم أكد وصفه لصفاء زيتها فقال : «يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار» لما فيها من الصفاء فبين أن دلالات الله التي بهادل عباده في السماوات والارض على مصالحهم وعلى امور دينهم في الوضوح والبيان بمنزلة هذا المصباح الذي في هذه الزجاجة الصافية ، ويتوقد بها الزيت الصافي الذي وصفه ، فيجتمع فيه ضوء النار مع ضوء الزجاجة وضوء الزيت هو معنى قوله : «نور على نور» وعنى بقوله عزوجل : «يهدي الله لنوره من يشاء» يعني من عباده وهم المكلفون ليعرفوا بذلك ويهتدوا به ويستدلوا به على توحيد ربهم وسائر امور دينهم ، وقد دل الله عزوجل بهذه الآية وبما ذكره من وضوح دلالاته وآياته التي دل بها عباده على دينهم أن أحدا منهم لم يؤت فيما صار إليه من الجهل ومن تضييع الدين لشبهة ولبس دخلا عليه في ذلك من قبل الله عزوجل إذ كان الله عزوجل قد بين لهم دلالاته وآياته على سبيل ما وصف ، وأنهم إنما اوتوا في ذلك من قبل نفوسهم (١) بتركهم النظر في دلالات الله والاستدلال بها على الله عزوجل وعلى صلاحهم في دينهم ، وبين أنه بكل شئ من مصالح عباده ومن غير ذلك عليم. وقد روي عن الصادق عليه‌السلام أنه سئل عن قول الله عزوجل : «الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكوة فيها مصباح» فقال : هو مثل ضربه الله لنا فالنبي والائمة صلوات الله عليهم من دلالات الله وآياته التي يهتدى بها إلى التوحيد ومصالح الدين وشرائع الاسلام والسنن والفرائض ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

٥ ـ فس : حميد بن زياد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، (٢)

___________________

(١) وفى نسخة : من قبل أنفسهم.

(٢) هو طلحة بن زيد أبوالخزرج النهدى الشامى ، ويقال : الخزرجى العامى ، روي عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام له كتاب ، قاله النجاشى. ووصفه الشيخ في رجاله بالتبرى ، وفى فهرسه بأنه عامى المذهب.

١٧

عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام في هذه الآية «الله نور السموات والارض» قال : بدأ بنور نفسه تعالى «مثل نوره» مثل هداه في قلب المؤمن ، قوله : «كمشكوة فيها مصباح» المشكاة : جوف المؤمن ، والقنديل : قلبه ، والمصباح : النور الذي جعله الله فيه. «يوقد من شجرة مباركة» قال : الشجرة : المؤمن. «زيتونة لا شرقية ولا غربية» قال : على سواء الجبل لا غربية أي لا شرق لها ، ولاشرقية أي لا غرب لها ، إذا طلعت الشمس طلعت عليها وإذا غربت غربت عليها «يكاد زيتها» يعني يكاد النور الذي جعله الله في قلبه «يضيئ» وإن لم يتكلم «نور على نور» فريضة على فريضة ، وسنة على سنة «يهدي الله لنوره من يشاء» يهدي الله لفرائضه وسننه من يشاء «ويضرب الله الامثال للناس» وهذا مثل ضربه الله للمؤمن. ثم قال : فالمؤمن من يتقلب (١) في خمسة من النور : مدخله نور ، ومخرجه نور ، وعلمه نور ، وكلامه نور ، ومصيره يوم القيامة إلى الجنة نور. قلت : لجعفر عليه‌السلام : جعلت فداك يا سيدي إنهم يقولون : مثل نور الرب ، قال : سبحان الله ، ليس لله بمثل ما قال الله : فلا تضربوا لله الامثال؟.

بيان : قوله عليه‌السلام : الشجرة : المؤمن لعل المراد أن نور الايمان الذي جعله الله في قلب المؤمن يتقد من أعمال صالحة هي ثمرة شجرة مباركة هي المؤمن المهتدى ويحتمل أن يكون المراد بالمؤمن المؤمن الكامل وهو الامام عليه‌السلام ولايبعد أن يكون المؤمن تصحيف الايمان ، أو القرآن ، أو نحن ، أو الامام.

٦ ـ فس : محمد بن همام ، عن جعفر بن محمد ، عن محمد بن الحسن الصائغ ، (٢)

___________________

(١) وفى نسخة : فالمؤمن من ينقلب.

(٢) ضبط العلامة في القسم الثانى من الخلاصة اسم أبيه مكبرا حيث قال : محمد بن الحسن ـ بغير ياء بعد السين ـ ابن سعيد الصائغ ـ بالغين المعجمة ـ كوفي نزل في بنى ذهل ، أبوجعفر ضعيف جدا ، قيل إنه غال لا يلتفت إليه. انتهى. لكن النجاشى عنونه مصغرا ، قال : محمد بن الحسين بن سعيد الصائغ كوفى نزل في بنى ذهل ، أبوجعفر ضعيف جدا ، قيل : انه غال ، له كتاب التباشير وكتاب نوادر «إلى أن قال» : ومات محمد بن الحسين لاثنتى عشر بقين من رجب سنة تسع وستين ومأتين ، وصلى عليه جعفر المحدث المحمدى ودفن في جعفى. انتهى» وتبعه الشيخ في ذلك في كتابيه الرجال والفهرس.

١٨

عن الحسن ابن علي ، (١) عن صالح بن سهل الهمداني (٢) قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قول الله عزوجل : «الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكوة» فاطمة عليها‌السلام «فيها مصباح» الحسن ، و «المصباح» الحسين «في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري» كأن فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا ، «يوقد من شجرة مباركة» يوقد من إبراهيم عليه‌السلام « لا شرقية ولا غربية» لا يهودية ولا نصرانية ، «يكاد زيتها» يكاد العلم ينفجر منها(٣) «ولولم تمسسه نار نور على نور» إمام بعد إمام «يهدي الله لنوره من يشاء» يهدي الله بالائمة عليهم‌السلام من يشاء.

توضيح : قوله عليه‌السلام : والمصباح الحسين أي المصباح المذكور في الآية ثانيا ، وعلي هذا الخبر تكون المشكاة والزجاجة كنايتين عن فاطمة عليها‌السلام.

٧ ـ كا : علي بن محمد ، عن علي بن العباس ، عن علي بن حماد ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن الله وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي ، وهو قول الله : «الله نور السموات والارض» يقول : أنا هادي السماوات والارض مثل العلم الذي أعطيته وهو نوري الذي يهتدى به مثل المشكاة فيها المصباح ، فالمشكاة قلب محمد «ص» ، والصباح النور الذي فيه العلم ، وقوله : «المصباح في زجاجة» يقول : إني اريد أن أقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة ، «كأنها كوكب دري » فأعلمهم فضل الوصي ، يوقد من شجرة مباركة» فأصل الشجرة المباركة إبراهيم صلى الله عليه ، وهو قول الله عزوجل ، «رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد» وهو قول الله عزوجل : «إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية

___________________

(١) هو الصيرفى.

(٢) حكي عن ابن الغضائرى أنه قال : صالح بن سهل الهمدانى كوفى غال كذاب ، وضاع للحديث روى عن أبى عبدالله عليه‌السلام ، لاخير فيه ولا في سائر ما رواه انتهى وروى الكشى في ص ٢١٨ من رجاله عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن على الصيرفى ، عن صالح بن سهل قال : كنت أقول في أبى عبدالله عليه‌السلام بالربوبية فدخلت عليه ، فلما نظر إلى قال : يا صالح أنا والله عبد مخلوق ، لنا رب نعبده ، وإن لم نعبده عذبنا. انتهى أقول : رواه الكلينى في الكافى عن صالح بن سهل ، ورواه أيضا بسند صحيح عن على بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام.

(٣) وفى نسخة : يكاد العلم يتفجر منها.

١٩

بعضها من بعض والله سميع عليم» «لا شرقية ولا غربية» يقول : لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب ، ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق ، وأنتم على ملة إبراهيم صلوات الله عليه ، وقد قال الله عزوجل : «ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين» وقوله عزوجل : «يكاد زيتها يضيئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء» يقول : مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يعصر من الزيتون ، يكاد زيتها يضيئ ، يقول : يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك.(١)

أقول : سيأتي الاخبار الكثيرة في تأويل تلك الآية في كتاب الامامة في باب أنهم أنوار الله.

تنوير : قال البيضاوي : النور في الاصل كيفية تدركها الباصرة أولا ، وبواسطتها سائر المبصرات ، كالكيفية الفائضة من النيرين على الاجرام الكثيفة المحاذية لهما ، و هو بهذا المعني لا يصح إطلاقه على الله تعالي إلا بتقدير مضاف كقولك : زيد كرم بمعنى ذو كرم ، أو على تجوز بمعنى منور السماوات والارض ـ وقد قرئ به ـ فإنه تعالى نورها بالكواكب وما يفيض عنها من الانوار ، وبالملائكة والانبياء ، أو مدبرها من قولهم للرئيس الفائق في التدبير : نور القوم لانهم يهتدون به في الامور ، أو موجدها فإن النور ظاهر بذاته مظهر لغيره ، وأصل الظهور هو الوجود ، كما أن أصل الخفاء هو العدم ، والله سبحانه موجود بذاته ، موجد لماعداه ، أو الذي به يدرك ، أو يدرك أهلها من حيث إنه يطلق على الباصرة لتعلقها به ، أو لمشاركتها له في توقف الادراك عليه ثم على البصيرة لانها أقوى إدراكا فإنها تدرك نفسها وغيرها من الكليات والجزئيات ، الموجودات و المعدومات ، ويغوص في بواطنها ويتصرف فيها بالتركيب والتحليل.ثم إن هذه الادراكات ليست بذاتها ، وإلا لما فارقتها فهي إذن من سبب يفيضها عليها ، وهو الله تعالى ابتداءا أو بتوسط من الملائكة والانبياء ، ولذلك سموا أنوارا. ويقرب منه قول

___________________

(١) الحديث ضعيف بعلى بن عباس وغيره.

٢٠