بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤١٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أوضح لنا مسالك الدين بأعلامه ، ونور لنا بمصابيح اليقين لياليه كأيامه ، فمن اهتدى فقد اقتدى بحجته وإمامه ، ومن ضل فقد باء بأوزاره وآثامه ، وصلى الله على من بعثه بشرائعه وأحكامه ، محمد المخصوص من بين سائر الرسل بمزيد إكرامه ، وأهل بيته الاطهرين الذين بهم أفاض على الخلق سوابغ إنعامه وبهم ينجو من نجا يوم يدعى كل أناس بامامه.

اما بعد : هذا هو المجلد الثامن من كتاب بحار الانوار مما ألفه أحوج الخلق إلى رحمة الكريم الغفار ابن محمد التقى حشره الله تعالى مع الائمة الابرار محمد المدعو بباقر ، رزقه الله العثور على خفايا الاسرار ، وصانه عن الخطا والزلل في معارج الانظار ، ومناهج الافكار ، وهو مشتمل على ما وقع من الجور والظلم والبغي والعدوان ، على أئمة الدين وأهل بيت سيد المرسلين بعد وفاته صلوات الله عليه وعليهم أجمعين ، وتوضيح كفر المنافقين والمرتدين الغاصبين للخلاقة من أهلها والنازعين لها من مقرها وأعوانهم من الملحدين ، وبيان كفر الناكثين والقاسطين والمارقين ، الذين اقتدوا بمن كان قبلهم من الظالمين ، وحاربوا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى أولاده الطاهرين ، وأنكروا حقه مع وضوحه على العالمين ، وماجرى

١

في تلك الغزوات وما لحقها ، وبيان أحوال بعض الممدوحين والمذمومين من الصحابة والتابعين ، مقتصرا في جميع ذلك على نقل الاخبار وتوضحيها ، والايماء إلى بعض الحجج من غير تعرض لبسط القول فيها وتنقيحها ، وإيراد الشبه وتزييفها وتقبيحها فان ذلك مما يكبر به حجم الكتاب ، ويورث إعراض الناس عنه وتعريضهم بالاطناب والاسهاب ، والله الموفق للصواب.

١

*باب*

*(افتراق الامة بعد النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله)*

*(على ثلاث وسبعين فرقه)*

*(وأنه يجرى فيهم ما جرى في غيرهم من الامم ،)*

*(وارتدادهم عن الدين)*

الايات : الاحزاب : سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا(١).

فاطر : فهل ينظرون إلا سنة الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا(٢).

الانشقاق : فلا أقسم بالشفق * والليل وما وسق * والقمر إذا اتسق * لتركبن طبقا عن طبق(٣).

تفسير : سنة الله تعالى طريقته وعادته الجارية المستمرة ، وهي جارية

____________________

(١) الاحزاب : ٦٢.

(٢) فاطر : ٤٣.

(٣) الانشقاق : ١٦ ـ ١٩.

٢

في الاخرين كما جرت في الاولين في المصالح المشتركة التى لا تتبدل بتبدل الازمان وهو المراد هنا لا جميع السنن والاحكام ، ليدل على عدم النسخ ، قوله تعالى « وما وسق » أي ما جمعه وستره من الدواب وغيرها أو طردها إلى أماكنها ، قوله تعالى : « اتسق » أى اجتمع وتم بدرا. قوله « طبقا عن طبق » قال أكثر المفسرين أي حالا بعد حال مطابقة لاختها في الشدة أو مراتب من الشدة بعد المراتب ، وهي الموت ومواطن القيامة ، وأهوالها ، أوهي وما قبلها من الدواهي ، وسيظهر من أخبارهم عليهم‌السلام أنهم فسروها بما ارتكبت هذه الامة من الضلالة والارتداد والتفرق مطابقة لما صدر عن الامم السالفة.

١ ـ ل : ابن بندار ، عن مجاهد بن أعين ، عن محمد بن الفضل ، عن ابن لهيعة عن سعيد بن أبي هلال ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن بني إسرائيل تفرقت على عيسى على السلام إحدى وسبعين فرقة ، فهلك سبعون فرقة وتخلص فرقة ، وإن أمتي ستفرق على اثنتين وسبعين فرقة ، فتهلك إحدى وسبعون ، وتتخلص فرقة : قالوا : يا رسول الله من تلك الفرقة؟ قال : الجماعة الجماعة.

قال الصدوق ـ رحمه‌الله ـ : الجماعة أهل الحق وإن قلوا ، وقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : المؤمن وحده حجة ، والمؤمن وحده جماعة(١).

٢ ـ شى : عن زيد بن أسلم ، عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : تفرقت أمة موسى عليه‌السلام على إحدى وسبعين ملة سبعون منها في النار ، و واحدة في الجنة ، وتفرقت امة عيسى عليه‌السلام على اثنتين وسبعين فرقة إحدى وسبعون فرقة في النار ، وواحدة في الجنة ، وتعلوا متي على الفريقتين جميعا بملة واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار ، قالوا : من هم يارسول الله؟ قال : الجماعات الجماعات.

قال يعقوب بن زيد : كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام إذا حدث هذا الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تلا فيه قرآنا « ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم

____________________

(١) الخصال : ٥٨٤ ط مكتبة الصدوق تحقيق على اكبر الغفارى.

٣

سيئاتهم » إلى قوله « ساء ما يعلمون »(١) وتلا أيضا « وممن خلقنا أمه يهدون بالحق وبه يعدلون »(٢) يعنى امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله(٣).

٣ ـ ل : العجلي ، عن ابن زكريا القطان ، عن ابن حبيب ، عن ابن بهلول ، عن أبي معاوية ، عن سليمان بن مهران ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : إن أمة موسى عليه‌السلام افترقت بعده على إحدى وسبعين فرقة فرقة منها ناجية وسبعون في النار ، وافترقت امة عيسى عليه‌السلام بعده على اثنتين وسبعين فرقة فرقة منها ناجية وإحدى وسبعون في النار وإن أمتي ستفرق بعدي على ثلاث وسبعين فرقة فرقة منها ناجية واثنتان وسبعون في النار(٤).

٤ ـ مع : محمد بن أحمد التميمى ، عن محمد بن إدريس الشامي ، عن إسحاق بن إسرائيل ، عن عبدالرحمن بن محمد المحاربي ، عن الافريقى ، عن عبدالله بن يزيد عن عبدالله بن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيأتي على امتي ما أتى على بني إسرائيل مثل بمثل وإنهم تفرقوا على اثنتين وسبعين ملة ، وستفرق أمتي على ثلاث وسبعين ملة ، تزيد عليهم واحدة كلها في النار غير واحدة ، قال : قيل : يا رسول الله وما تلك الواحدة؟ قال : هو ما نحن عليه اليوم أنا وأهل بيتي(٥)

٥ ـ ج : روى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنه قال لرأس اليهود : على كم افترقتم؟ قال : على كذا وكذا فرقة ، فقال عليه‌السلام : كذبت ثم أقبل على الناس فقال : والله لو ثنيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الانجيل بانجيلهم وبين أهل القرآن بقرآنهم ، افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة سبعون منها في

____________________

(١) المائدة : ٦٥.

(٢) الاعراف : ١٨١.

(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ٣٣١.

(٤) الخصال : ٥٨٥.

(٥) معانى الاخبار : ٣٢٣ ، وفيه « أنا وأصحابى ».

٤

النار وواحدة ناجية في الجنة ، وهى التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى عليه‌السلام ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة إحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة ، وهي التي اتبعت شمعون وصي عيسى عليه‌السلام ، وتفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة ، وهي التى اتبعت وصي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وضرب بيده على صدره ، ثم قال : ثلاث عشرة فرقة من الثلاث و سبعين فرقة كلها تنتحل مودتي وحبى ، واحدة منها في الجنة وهم المنط الاوسط واثنتا عشرة في النار(١).

٦ ـ ما : باسناده المجاشعي عن الصادق عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام مثله(٢).

أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس عن أبان عنه عليه الصلاة والسلام مثله سواء(٣).

بيان : ثني الوسادة كناية عن التمكن في الامر ، لان الناس يثنون الوسايد للامراء والسلاطين ليجلسوا عليها ، وقد مر مرارا. والنمط بالتحريك ضرب من البسط معروف ، والطريقة والنوع من الشئ ، وجماعة أمرهم واحد ، وفي بعض المعاني لابد من استعارة أو تقدير ; وأوسط الانماط في المجالس معد لاشارف أهلها وأوسط كل شئ أعدله وأفضله.

٧ ـ شى : عن أبي الصهبان البكري قا ل : سمعت علي بن أبي طالب عليه‌السلام وقد دعا رأس الجالوت واسقف النصارى فقال : إني سائلكما عن أمر ، وأنا أعلم به منكما فلا تكتماني! يا رأس الجالوت بالذي أنزل التورية على موسى عليه‌السلام وأطعمكم المن والسلوى ، وضرب لكم في البحر طريقا يبسا ، وفجر لكم من الحجر الطورى اثنتى عشرة عينا لكل سبط من بنى إسرائيل عينا ، إلا ما أخبرتني على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى؟ فقال : ولا إلا فرقة واحدة ، فقال : كذبت والذي لا إله

____________________

(١) الاحتجاج : ١٤٠ ـ ١٤١.

(٢) امالى الطوسى ج ٢ ص ١٣٧.

(٣) كتاب سليم : ٩٦.

٥

غيره ، لقد أفترقت على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، فان الله يقول : « ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون »(١) فهذه التي تنجو (٢).

٨ ـ شى : أبوالصبهان البكري قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : والذي نفسي بيده لتفرقن هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة « وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون »(٣) فهذه التي تنجو من هذه الامة(٤).

٩ ـ شى : عن يعقوب بن يزيد قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون » قال : يعني أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥).

بيان : لعل المعنى أن هذه الاية في امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أو المراد بقوله تعالى : « يهدون » أي بعضهم ، قال الطبرسى رحمه‌الله تعالى : روى ابن جريج عن النبى (ص) أنه قال : هي لامتي بالحق يأخذون ، وبالحق يعطون ، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها « ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وبه يعدلون » وقال الربيع بن أنس قرأ النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الاية فقال : إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى بن مريم ، ثم نقل رواية العياشى ، ثم قال : وروى عن أبى جعفر وأبى عبد ـ الله عليهما‌السلام أنهما قالا : نحن هم(٦).

١٠ ـ ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى ، عن عبدالرحمن عن أبيه ، عن أبي معشر ، عن سعيد ، عن أبي هريرة ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : تأخذون

____________________

(١) الاعراف : ١٥٩.

(٢) تفسير العياشى ج ٢ ص ٣٢ ، وأبوالصهبان ضبطه في توضيح الاشتباه بضم الصاد.

(٣) الاعراف : ١٨١.

(٤ و ٥) تفسير العياشى ج ٢ ص ٤٣.

(٦) مجمع البيان ج ٤ ص ٥٠٣.

٦

كما أخذت الامم من قبلكم ذراعا بذراع ، وشبرا بشبر ، وباعا بباع ، حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه.

قال : (١) قال أبوهريرة : وإن شئتم فاقرؤا القرآن « كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم » قال أبوهريرة : والخلاق الدين « فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم »(٢) حتى فرغ من الاية.

قالوا : يا نبى الله فما صنعت اليهود والنصارى؟ قال : وما الناس إلا هم(٣).

بيان : تفسير الخلاق بالدين غريب ، والمشهور في اللغة والتفسير أنه بمعنى النصيب ، ولعل المعنى أنهم جعلوا ما أصابهم من الدين وسيلة لتحصيل اللذات الفانية الدنيوية.

قال الطبرسى رحمه‌الله تعالى : « فاستمتعوا بخلاقهم » أي بنصيبهم وحظهم من الدنيا أي صرفوها في شهواتهم المحرمة عليهم ، وفيمانها هم الله عنه ، ثم أهلكوا « وخضتم » أي دخلتم في الباطل(٤).

وقال : وردت الرواية عن ابن عباس أنه قال في هذه الاية : ما أشبه الليلة بالبارحة ، كالذين من قبلكم هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم ، لا أعلم إلا أنه قال : والذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه(٥).

____________________

(١) يعنى سعيدا الراوى عن أبى هريرة ، وقد أخرج ابن أبى حاتم وأبوالشيخ عن أبى هريرة أنه قال : الخلاق الدين ، راجع الدر المنثور ج ٣ ص ٢٥٥.

(٢) براءة : ٦٩.

(٣) أمالى الطوسى ج ١ ص ٢٧٢ ـ ٢٧٣.

(٤) مجمع البيان ج ٥ ص ٤٨.

(٥) وهكذا أخرج الحديث ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم وأبوالشيخ عن ابن عباس بلفظه ، راجع در السيوطى ج ٣ ص ٢٥٥.

٧

وروى مثل ذلك عن أبي هريرة ، عن أبي سعيد الخدري ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : لتأخذن كما أخذت الامم من قبلكم ذراعا بذراع وشبرا بشبر ، وباعا بباع حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر لدخلتموه ، قالوا : يا رسول الله كما صنعت فارس والروم وأهل الكتاب؟ قال : فهل الناس إلا هم(١).

وقال عبدالله بن مسعود : أنتم أشبه الامم ببني إسرائيل سمتا وهديا ، تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة ، غير أنى لا أدرى أتعبدون العجل أم لا؟ وقال حذيفة : المنافقون الذين فيكم اليوم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قلنا : وكيف؟ قال أولئك كانوا يخفون نفاقهم ، وهؤلاء أعلنوه ، أورد جميعها الثعلبي في تفسيره(٢).

١١ ـ فس : « لتركبن طبقا عن طبق »(٣) يقول : حالا بعد حال ، لتركبن سنة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل ، والقذة بالقذة لا تخطؤن طريقهم ، ولا يخطأ شبر بشبر ، وذراع بذراع ، وباع بباع ، حتى أن لو كان من قبلكم دخل جحر ضب لدخلتموه ، قالوا : اليهود والنصارى تعنى يا رسول الله؟ قال : فمن أعني؟ لثنقضن عرى الاسلام عروة عروة ، فيكون أول ما تنقضون من دينكم الامانة وآخره الصلاة(٤).

بيان : قال في النهاية : القذذ ريشه السهم ، ومنه الحديث « لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة » أي كما يقدر كل واحدة منها على قدر صاحبتها

____________________

(١) ترى الحديث بلفظه في صحيح البخارى الباب ٥٠ من كتاب الانبياء والباب ١٤ من كتاب الاعتصام ، صحيح مسلم الحديث ٦ من كتاب العلم ، سنن ابن ماجة الباب ١٧ من كتاب الفتن ، مسند الامام احمد بن حنبل. ج ٢ ص ٣٢٥ ، و ٣٢٧ و ٣٣٦ و ٣٦٧ و ٤٥٠ ، و ٥١١ و ٥٢٧ ح ٣ ص ٨٤ و ٨٩ و ٩٤

(٢) مجمع البيان ج ٥ ص ٤٩.

(٣) الانشقاق ، ١٩.

(٤) تفسير القمى : ٧١٨ ، ومثله في مسند ابن حنبل ج ٤ ص ١٢٥.

٨

وتقطع ، يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان.

١٢ ـ جا : محمد بن الحسين الجوانى ، عن المظفر العلوى ، عن ابن العياشي عن ابيه ، عن نصير بن أحمد ، عن علي بن حفص ، عن خالد القطواني ، عن يونس بن أرقم ، عن عبدالحميد بن أبى الخنسا ، عن زياد بن يزيد ، عن أبيه ، عن جده فروة الظفاري قال : سمعت سلمان رضى الله عنه يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تفترق امتي ثلاث فرق فرقة على الحق لاينقص الباطل منه شيئا يحبونني ويحبون أهل بيتي ، مثلهم كمثل الذهب الجيد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا جودة ، وفرقة على الباطل لا ينقص الحق منه شيئا يبغضونني ويبغضون أهل بيتي مثلهم مثل الحديد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا شرا ، وفرقة مدهدهة على ملة السامري لايقولون لامساس ، لكنهم يقولون لاقتال ، إمامهم عبدالله بن قيس الاشعري(١).

بيان : دهدهت الحجر أي دحرجته ، ولعله كناية عن اضطرابهم في الدين وتزلزلهم بشبهات المضلين.

١٣ ـ فس : علي بن الحسين ، عن البرقي ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله « لتركبن طبقا عن طبق » قال : يازرارة أو لم تركب هذه الامة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان(٢).

١٤ ـ مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سيف ، عن أخيه عن أبيه سيف بن عميرة ، عن محمد بن مارد ، عن عبدالاعلى بن أعين قال : قلت لابى عبدالله عليه‌السلام : جعلت فداك حديث يرويه الناس أن رسول الله (ص) قال : حدث عن بني إسرائيل ولا حرج؟ قال : نعم ، قلت : فنحدث عن بني إسرائيل بما سمعناه ولا حرج علينا؟ قال : أما سمعت ما قال : كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع؟

____________________

(١) امالى المقيد : ٢٦.

(٢) تفسير القمى : ٧١٨.

٩

فقلت : وكيف هذا؟ قال : ماكان في الكتاب إنه كان في بني إسرائيل يحدث أنه كائن في هذه الامة ولا حرج(١).

١٥ ـ ك : الدقاق ، عن الاسدى ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن غياث بن إبراهيم ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : كل ما كان في الامم السالفة فانه يكون في هذه الامة مثله ، حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة(٢).

١٦ ـ شف : من كتاب أحمد بن مردويه ، عن سليمان بن أحمد ، عن محمد بن عبدالله الحضرمي ، عن جندل بن والق ، عن محمد بن حبيب ، عن زياد بن المنذر ، عن عبدالرحمن بن مسعود ، عن عليم ، عن سلمان رضي‌الله‌عنه.

وأيضا من كتاب أخطب خوارزم ، عن محمد بن الحسين البغدادي ، عن الحسين ابن محمد الزينبي ، عن محمد بن أحمد بن شاذان ، عن محمد بن محمد بن مرة ، عن الحسن ابن علي العاصمي ، عن محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب ، عن جعفر بن سليمان ، عن سعد بن طريف ، عن الاصبغ بن نباته ، عن سلمان قال : قال رسول الله (ص) : تفترق أمتي بعدي ثلاث فرق فرقة أهل حق لا يشوبونه بباطل ، مثلهم كمال الذهب كلما فتنته بالنار ازداد جودة وطيبا ، وإمامهم هذا ـ لاحد الثلاثة ، وهو الذي أمر الله به في كتابه « إماما ورحمة » وفرقة أهل باطل لا يشوبونه بحق مثلهم كمثل خبث الحديد كلما فتنتهم بالنار ازداد خبثا ونتنا وإمامهم هذا ـ لاحد الثلاثة ، وفرقة أهل ضلالة مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، إمامهم هذا ـ لاحد الثلاثة ، قال : فسئلته عن أهل الحق وإمامهم ، فقال : هذا على بن أبى طالب إمام المتقين ، وأمسك عن الاثنين فجهدت أن يسميهما فلم يفعل(٣).

١٧ ـ جا : المراغي ، عن محمد بن أحمد بن بهلول ، عن أحمد بن الحسن

____________________

(١) معانى الاخبار : ١٥٨.

(٢) كمال الدين : ٥٧٦ ط مكتبة الصدوق.

(٣) اليقين في امرة أمير المؤمنين :

١٠

الضرير ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن يحيى ، عن إسماعيل بن أبان ، عن يونس ابن أرقم ، عن أبي هارون العبدي ، عن أبي عقيل قال : كما عند أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه‌السلام فقال : لتفرقن هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة ، والذي نفسي بيده إن الفرق كلها ضالة إلا من اتبعني وكان من شيعتي(١).

١٨ ـ ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى ، عن عبدالرحمن عن أبيه ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن إبراهيم قال : ارتد الاشعث بن قيس وناس من العرب لما مات نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا نصلي ولا نؤدي الزكاة ، فأبي عليهم أبوبكر ذلك ، وقال لا أحل عقدة عقدها رسول الله ، ولا أنقصكم شيئا مما أخذ منكم نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولاجاهدنكم ولو منعتموني عقالا مما أخذ منكم نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لجاهدتكم عليه ، ثم قرأ « وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل »(٢) حتى فرغ من الاية ، فتحصن الاشعث بن قيس هو وناس من قومه في حصن ، وقال الاشعث : اجعلوا لسبعين منا أمانا فجعل لهم ونزل فعد سبعين ولم يدخل نفسه فيهم ، فقال له أبوبكر : إنه لا أمان لك ، إنا قاتلوك قال : أفلا أدلك على خير من ذلك؟ تستعين بي على عدوك وتزوجني اختك ففعل(٣).

أقول : قال السيد ابن طاوس ـ ره ـ : ذكر العباس بن عبدالرحيم المروزي في تاريخه : لم يلبث الاسلام بعد فوت النبى (ص) في طوايف العرب إلا في أهل المدينة وأهل مكة وأهل الطايف ، وارتد سائر الناس ثم قال : ارتدت بنو تميم والرباب(٤)

____________________

(١) أمالى المفيد : ١٣٢.

(٢) آل عمران : ١٤٤.

(٣) امالى الطوسى ج ١ ص ٢٦٧ ـ ٢٦٩.

(٤) بنو تميم قبيلة عظيمة من العدنانية ، تنتسب إلى تميم بن مربن اد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، ولتميم بطون كثيرة ، تربو على عشرين بطنا ، وقد وفد عام التسع سبعون أو ثمانون من رؤسائهم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله وخبر وفودهم مذكور في التواريخ ، انظر سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٥٦٠ ، تاريخ الطبرى ج ٣ ص ١١٥ ، صحيح.

١١

واجتمعوا على مالك بن نويرة اليربوعي وارتدت ربيعة كلها وكانت لهم ثلاثة عساكر : عسكر باليمامة مع مسيلمة الكذاب ، وعسكر مع معرور الشيباني ، وفيه بنو شيبان وعامة بكر بن وايل وعسكر مع الحطيم العبدي ، وارتد أهل اليمن ارتد الاشعث بن قيس في كندة ، وارتد أهل مأرب مع الاسود العنسي وارتدت بنو عامر إلا علقمة ابن علاثه.

١٩ ـ وروى ابن بطريق رحمه‌الله تعالى من تفسير الثعلبى في قوله تعالى : « إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا »(١) باسناده عن ذاذان أبى عمر قال : قال لى على عليه‌السلام : أبا عمر أتدرى كم افترقت اليهود؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : افترقت على إحدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة هي ناجية ، أتدري على كم افترقت النصارى؟ قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : افترقت على اثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة هي الناجية ، أتدري على كم تفترق هذه الامة؟ قلت : الله أعلم ، قال : تفترق على ثلاث وسبعين فرفة كلها في الهاوية إلا واحدة هي الناجية و أنت منهم يا أبا عمر(٢).

____________________

البخارى ج ٣ ص ٥٢ ، الترمذى الباب ٧٣ من كتاب المناقب.

وفى مرقاة المفاتيح ج ٥ ص ٥١٠ ( على ما في معجم قبائل العرب ) قال أبوهريرة : مازلت احب بنى تميم منذ ثلاث سمعت رسول الله يقول فيهم : هم اشد امتى على الدجال ، قال : وجاءت صدقاتهم فقال ص : هذه صدقات قومنا ، وكانت سبية منهم عند عائشة فقال : أعتقيها فانها من ولد اسماعيل.

وأما خبر ردتهم وأنها كيف كانت فسيأتى البحث عن ذلك في أبواب المطاعن. واما الرباب ، فهم على ما ذكره ابن خلدون ( ج ٦ ص ٣١٨ ) بنو عبد مناة بن اد بن طابخة وانما سموا الرباب لانهم غمسوا في الرب أيديهم في حلف على بنى ضبة

(١) الانعام : ١٥٩.

(٢) عمدة ابن بطريق : ٢٤١.

١٢

٢٠ ـ يل ، فض : بالاسناد يرفعه إلى سليم بن قيس قال : دخلت على علي ابن أبي طالب عليه‌السلام في مسجد الكوفة ، والناس حوله إذ دخل عليه رأس اليهود ورأس النصارى ، فسلما وجلسا ، فقال الجماعة : بالله عليك يا مولانا اسألهم حتى ننظر ما يعملون ، قال عليه‌السلام لرأس اليهود : يا أخا اليهود قال : لبيك ، قال على كم انقسمت أمة نبيكم؟ قال هو عندى في كتاب مكنون ، قال عليه‌السلام : قاتل الله وقوما أنت زعيمهم ، يسأل عن أمر دينه فيقول هو عندي في كتاب مكنون.

ثم التفت إلى رأس النصارى وقال له : كم انقسمت امة نبيكم؟ قال على كذا وكذا ، فأخطأ ، فقال عليه‌السلام : لو قلت مثل قول صاحبك لكان خيرا لك من أن تقول وتخطئ ولا تعلم.

ثم أقبل عليه‌السلام عند ذلك وقال : أيها الناس أنا أعلم من أهل التوراة بتوراتهم وأعلم من أهل الانجيل بانجيلهم ، وأعلم من أهل القرآن بقرآنهم ، أنا أعرف كم انقسمت الامم أخبرني به أخي وحبيبي وقرة عيني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث قال : افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة سبعون فرقة في النار وفرقة واحدة في الجنة وهي التي اتبعت وصيه ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة فاحدى و سبعون فرقة في النار وفرقة واحدة في الجنة وهي التي اتبعت وصيه وستفرق امتي على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي التى اتبعت وصيي ، وضرب بيده على منكبي.

ثم قال اثنتان وسبعون فرقة حلت عقد الالة فيك ، وواحدة في الجنة وهى التي اتخذت محبتك وهم شيعتك(١).

٢١ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبى خالد الكابلي ، عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : « ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا »(٢) قال : أما

____________________

(١) كتاب سليم : المتقدمة ص ٢٥

(٢) الزمر : ٣٠.

١٣

الذي فيه شركاء متشاكسون ، فلان الاول يجمع المتفرقون ولايته ، وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضا ويبرء بعضهم من بعض ، فأما رجل سلم لرجل فانه الاول حقا وشيعته.

ثم قال : إن اليهود تفرقوا من بعد موسى على إحدى وسبعين فرقة منها فرقة في الجنة وسبعون فرقة في النار ، وتفرقت النصارى بعد عيسى عليه‌السلام على اثنتين وسبعين فرقة فرقة منها في الجنة وإحدى وسبعون في النار ، وتفرقت هذه الامة بعد نبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار وفرقة في الجنة ، ومن الثلاث وسبعين فرقة عشرة فرقة تنتحل ولايتنا ومودتنا اثنتا عشرة فرقة منها في النار وفرقة في الجنة ، وستون فرقة من ساير الناس في النار(١).

٢٢ ـ أقول : وجدت في كتاب سليم بن قيس ، عن سلمان أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : لتركبن أمتي سنة بنى إسرائيل حذو النعل بالنعل ، وحذو القذة بالقذة ، شبرا بشبر ، وذرعا بذراع ، وباعا بباع ، حتى لودخلوا جحرا لدخلوا فيه معهم إن التوراة والقرآن كتبته يد واحدة في رق واحد بقلم واحد ، وجرت الامثال والسنن سواء(٢).

ثم قال أبان : قال سليم : وسمعت علي بن أبى طالب عليه‌السلام يقول : إن الامة ستفرق على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار ، وفرقة في الجنة وثلاث عشرة فرقة من الثلاث وسبعين تنتحل محبتنا أهل البيت ، واحدة منها في الجنة واثنتا عشرة في النار ، وأما الفرقة الناجية المهدية المؤمنة المسلمة الموفقة المرشدة ، فهي المؤتمة بي ، المسلمة لامرى ، المطيعة لي ، المتبرئة من عدوي ، المحبة لى ، المبغضة لعدوي ، التي قد عرفت حقى وإمامتي ، وفرض طاعتي من كتاب الله وسنة نبيه ، فلم ترتد ولم تشك لما قد نور الله في قلبها من معرفة حقنا وعرفها من فضلنا ، وألهمها وأخذ بنواصيها فأدخلها في شيعتنا حتى اطمأنت

____________________

(١) الكافى ج ٨ ص ٢٢٤ (٢) كتاب سليم : ٩٣.

١٤

قلوبها ، واستيقنت يقينا لا يخالطه شك أني أنا وأوصيائي بعدي إلى يوم القيامة هداة مهتدون ، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه في آى من كتاب الله كثيرة ، وطهرنا وعصمنا ، وجعلنا شهداء على خلقه ، وحجته في أرضه ، وخزانه على علمه ، و معادن حكمه ، وتراجمة وحيه ، وجعلنا مع القرآن والقرآن معنا ، لا نفارقه ولايفارقنا ، حتى نرد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حوضه ، كما قال ـ

وتلك الفرقة الواحدة من الثلاث والسبعين فرقة هي الناجية من النار ، ومن جميع الفتن والضلالات والشبهات ، هم من أهل الجنة حقا هم يدخلون الجنة بغير حساب ، وجميع تلك الفرق الاثنتين والسبعين فرقة هم المتدينون بغير الحق ، الناصرون دين الشيطان ، الاخذون عن إبليس وأوليائه ، هم أعداء الله وأعداء رسوله ، وأعداء المؤمنين يدخلون النار بغير حساب ، برؤا من الله ومن رسوله وأشركوا بالله وكفروا به ، وعبدوا غيرالله من حيث لا يعلمون ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا يقولون يوم القيامة والله ربنا ما كنا مشركين يحلفون لله كما يحلفون لكم ، ويحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون.

قال : قيل يا أميرالمؤمنين أرأيت من قدوقف فلم يأتم بكم ولم يضادكم ولم ينصب لكم ، ولم يتولكم ، ولم بتبرء من عدوكم ، وقال : لا أدرى وهوصادق؟ قال : ليس اولئك من الثلاث والسبعين فرقة إنما عنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالثلاث والسبعين فرقة الباغين النصابين الذين قد شهروا أنفسهم ، ودعوا إلى دينهم ، ففرقة واحدة منها تدين بدين الرحمن ، واثنتان وسبعون تدين بدين الشيطان ، وتتولى على قبولها ، وتتبرء ممن خالفها ، فأنا من وحد الله وآمن برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يعرف ولايتنا ولا ضلالة عدونا ، ولم ينصب شيئا ولم يحرم ، وأخذ بجميع ما ليس بين المختلفين من الامة خلاف في أن الله أمر به أو نهى عنه [ وكف عما بين المختلفين من الامة خلاف في أن الله أمر به أو نهى عنه ] فلم ينصب شيئا ولم يحلل ولم يحرم ولا يعلم ، ورد علم ما أشكل عليه إلى الله ، فهذا ناج وهذه الطبقة بين المؤمنين وبين المشركين هم أعظم الناس وجلهم ، وهم أصحاب الحساب والموازين

١٥

والاعراف والجهنميون الذين يشفع لهم الانبياء والملائكة والمؤمنون ، ويخرجون من النار فيسمون الجهنميين فأما المؤمنون فينجون ويدخلون الجنة بغير حساب وأنما الحساب على أهل هذه الصفات بين المؤمنين والمشركين والمؤلفة قلوبهم والمقترفة والذين خلطوا عملا صالحا وآخرسيئا والمستضعفين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، لا يستطيعون حيلة الكفر والشرك ، ولا يحسنون أن ينصبوا ، ولا يهتدون سبيلا إلى أن يكونوا مؤمنين عارفين ، فهم أصحاب الاعراف وهؤلاء كلهم لله فيهم المشية إن أدخل أحدهم النار فبذنبه ، وإن تجاوز عنه فبرحمته.

قلت : أيدخل النار المؤمن العارف الداعي؟ قال : لا ، قلت : أيدخل الجنة من لا يعرف إمامه؟ قال : لا ، إلا أن يشاء الله ، قلت أيدخل النار إلا كافر أو مشرك قال : لا يدخل النار إلا كافر إلا أن يشاء الله ، قلت : فمن لقي الله مؤمنا عارفا بامامه مطيعا له أمن أهل الجنة هو؟ قال : نعم ، إذا لقى الله وهو مؤمن ، قال الله عزوجل : « الذين آمنوا وعملوا الصالحات » « الذين آمنواوكانوايتقون » « الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم » قلت فمن لقي الله منهم على الكباير قال : هو في مشيته إن عذبه فبذنبه ، وإن تجاوز عنه فبرحمته ، قلت فيدخله النار وهو مؤمن؟ قال : نعم ، بذنبه لانه ليس من المؤمنين الذين عنى أنه لهم ولي وأنه لاخوف عليهم ولاهم يحزنون ، هم المؤمنون الذين يتقون الله والذين يعلمون الصالحات و الذين لم يلبسوا إيمانهم بظلم(١).

وعن أبان ، عن سليم بن قيس قال : سمعت أباذر وسلمان والمقداد يفولون إنا لقعود عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مامعنا غيرنا إذارهط من المهاجرين كلهم بدريون فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : تفترق أمتي بعدى ثلاث فرق فرقة على الحق مثلهم كمثل الذهب كلما سبكته على النار ازداد طيبا وجودة ، إمامهم هذا أحد الثلاثة ، وفرقة أهل باطل مثلهم كمثل الحديد كلما أدخلنه النار ازداد خبثا ونتنا إمامهم هدا أحد

____________________

(١) كتاب سليم : ٩٦ ـ ٩٨.

١٦

الثلاثة ، وفرقة مذبذبين ضلالا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، إمامهم هذا أحد الثلاثة فسألتهم عن الثلاثة فقالوا : امام الحق والهدى على بن ابي طالب ، وسعد(١) إمام المذبذبين ، وحرصت أن يسموا لى الثالث فأبواعلي وعرضوا لي حتى عرفت من يعنون(٢).

٢٣ ـ ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن ابن العياشى ، عن أبيه ، عن محمد بن خالد ، عن محمد بن معاذ ، عن زكريا بن عدى ، عن عبيدالله بن عمر ، عن عبدالله بن محمد بن عقيل ، عن حمزة بن أبي سعيد الخدرى ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ـ على المنبر : مابال أقوام يقولون إن رحم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لايشفع(٣) يوم القيامة ، بلى والله إن رحمى لموصولة في الدنيا والاخرة ، وإنى أيها الناس فرطكم يوم القيامة على الحوض ، فاذا جئتم قال الرجل : يارسول الله أنا فلان بن فلان ، فأقول أما النسب فقد عرفته ، ولكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال وارتددتم على أعقابكم القهقرى(٤).

بيان : قال الجزرى : فيه « أنا فرطكم على الحوض » أي متقدمكم إليه ، يقال فرط يفرط فهو فارط ، وفرط إذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ، ويهيئ لهم الدلاء والارشية.

٢٤ ـ ما : أبوعمرو ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يحيى ، عن عبدالرحمن عن أبيه ، عن عبدالله بن محمد بن عقيل ، عن حمزة بن أبى سعيد الخدري ، عن أبيه ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أتزعمون أن رحم نبي الله لا يشفع قومه يوم

____________________

(١) يريد سعد بن ابى وقاص حيث تنحى واعتزل عن أن يكون مع على عليه‌السلام أو مع من خالفه من اصحاب الجمل وصفين ، ومن ذلك يظهر أن الرجل الثالث هو معاوية بن ابى سفيان.

(٢) كتاب سليم بن قيس : ٢٢٧.

(٣) لاينفع خ ل وهكذا فيما يأتى.

(٤) أمالى الطوسى ج ١ ص ٩٢.

١٧

القيامة ، بلى والله إن رحمى لموصولة في الدنيا والاخرة ، ثم قال : يا أيها الناس أنا فرطكم على الحوض ، فاذا جئت ، قام رجال يقولون : يا نبى الله أنا فلان بن فلان ، وقال آخر : يا نبي الله أنا فلان بن فلان ، وقال آخر يا نبي الله أنا فلان بن فلان ، فأقول : أما النسب فقد عرفت ، ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم القهقرى(١).

٢٥ ـ ما : جماعة ، عن أبى المفضل ، عن أحمد بن محمد بن بشار ، عن مجاهد بن موسى ، عن عباد بن عباد ، عن مجالد بن سعيد ، عن خير بن نوف أبي الوداك قال : قلت لابي سعيد الخدري : والله ما يأتي علينا عام إلا وهو شر من الماضي ، ولا أمير إلا وهو شر ممن كان قبله ، فقال أبوسعيد : سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول ما تقول ، ولكن سمعت رسول الله (ص) يقول : لا يزال بكم الامر حتى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف عددها حتى تملا الارض جورا فلا يقدر أحد يقول « الله » ثم يبعث الله عزوجل رجلا منى ومن عترتى فيملا الارض عدلا كما ملاها من كان قبله جورا ، ويخرج له الارض أفلا ذكبدها ويحثو المال حثوا ولا يعده عدا ، وذلك حين يضرب الاسلام بجرانه(٢).

بيان : قال في النهاية : في أشراط الساعة وتقئ الارض أفلا ذكبدها ، أي تخرج كنوزها المدفونة فيها ، وهواستعارة ، والافلاذ جمع فلذ ، والفلذ جمع فلذة ، وهي القطعة المقطوعة طولا ، والحثو رمى التراب ونحوه ، وهو كناية عن كثرة العطاء وقال في النهاية : ومنه حتى ضرب الحق بجرانه أي قر قراره واستقام كما أن البعيرإذا برك واستراح مد عنقه على الارض.

٢٦ ـ ن : الحسين بن أحمد البيهقي ، عن محمد بن يحيى الصولي ، عن محمد بن موسى بن نصر الرازى ، عن أبيه قال : سئل الرضا عليه‌السلام عن قول النبي (ص) :

____________________

(١) امالى الطوسى ج ١ ص ٢٧٥. امالى المفيد ص ٢٠٢ بهذا الاسناد.

(٢) أمالى الطوسى ج ٢ ص ١٢٦.

١٨

« أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم »(١) وعن قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « دعوا لي أصحابي » فقال : هذا صحيح يريد من لم يغير بعده ولم يبدل ، قيل : وكيف نعلم أنهم قد غيروا وبدلوا؟ قال : لما يرونه من أنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ليذادن رجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضى ، كما تذاد غرائب الابل عن الماء ، فأقول : يارب أصحابي أصحابي ، فيقال لي : إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك ، فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول بعدا لهم وسحقا ، أفترى هذا لمن لم يغير ولم يبدل(٢)؟

بيان : قال في النهاية : في الحديث : فليذادن رجال عن حوضى ، أي ليطردن.

____________________

(١) قال الشيخ في تلخيص الشافى ج ٢ ص ٢٤٨ : « وأما الكلام في قوله : أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ». لنا أن نقول : لو كان الخبر صحيحا لوجب بذلك عصمة كل واحد من الصحابة ، وليس ذلك بقول لاحد ، لان فيهم من ظهر فسقه وعناده وخروجه على الجماعة ، على أن هذا الخبر معارض بما روى عن النبى من قوله : « انكم تحشرون إلى الله يوم القيامة حفاة عراة ، وانه سيجاء برجال من أمتى ويؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب اصحابى؟ فيقال : انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك ، انهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارفنهم »

أقول : راجع صحيح البخارى تفسير سورة الانبياء ٢ و ٥ و ١٤ ، الباب ٤٥ و ٥٣ من كتاب الرقاق والباب الاول من كتاب الفتن ، صحيح مسلم الباب ٣٧ من كتاب الطهارة ، الباب ٥٣من كتاب الصلاة ، الباب ٢٩ و ٣٢ و ٤٠ من كتاب الفضائل ، الباب ٥٨ من كتاب الجنة ، سنن الترمذى ، الباب ٣ من كتاب القيامة وهكذا تفسير سورة الانبياء ٤ ، سنن النسائى الباب ٢١ من كتاب الافتتاح ، الباب ١١٩ من كتاب الجنائز والباب ٥٠ و ٥٢ من كتاب الحج ، سنن ابن ماجة الباب ٤٠ و ٧٦ من كتاب المناسك ، سنن الدارمى الباب ١٨ من كتاب المناسك. موطا مالك الباب ٣٢ من كتاب الجهاد ، مسند ابن حنبل ج ١ ص ٣٩ و ٥٠ ج ٣ ص ٢٨ و ١٠٢ ج ٤ ص ٣٩٦ ج ٥ ص ٤٨ و ٣٨٨ و ٤١٢.

(٢) عيون الاخبار ج ٢ ص ٨٧.

١٩

٢٧ ـ شى : عن عمرو بن أبي المقدام ، عن أبيه قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : إن العامة تزعم أن بيعة أبى بكر حيث اجتمع لها الناس كانت رضا لله وما كان الله ليفتن امة محمد من بعده ، فقال أبوجعفر عليه‌السلام : وما يقرؤن كتاب الله؟ أليس الله يقول : « وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم »(١) الاية قال : فقلت له : إنهم يفسرون هذا على وجه آخر ، قال : فقال : أو ليس قد أخبر الله عن الذين من قبلهم من الامم أنهم اختلفوا من بعد ماجاء تهم البينات ، حين قال : « وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس » إلى قوله : « فمنهم من آمن ومنهم من كفر »(٢) الاية ففي هذا ما يستدل به على أن أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام قداختلفوا من بعده ، فمنهم من آمن ومنهم من كفر(٣).

بيان : الاية هكذا « تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس و لو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جائتهم البينات ، ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد » والاستدلال بها من وجهين :

الاول : شمولها لامة نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله.

والثانى : بانضمام ما تواتر عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله أن كل ما وقع في الامم السالفة يقع في هذه الامة ، ويحتمل أيضا أن يكون الغرض دفع الاستبعاد عن وقعه في تلك الامة كما هو ظاهر الخبر.

٢٨ ـ شى : عبدالصمد بن بشير ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : تدرون مات النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله أو قتل؟ إن الله يقول : « أفان مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم » فسم

____________________

(١) ال عمران : ١٤٤.

(٢) البقرة : ٢٥٣.

(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٠٠.

٢٠