بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٩
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أوضح لنا مناهج الهدى بمفاتيح الكلم ، ومصابيح الظلم سيد الورى محمد الذي بشر به الانبياء جميع الامم ، وأهل بيته الاطهرين الذين هم معادن الكرم ، وسادة العرب والعجم ، وببقائهم تم نظام العالم ، صلوات الله عليه وعليهم ما نهار أضاء وليل أظلم.

اما بعد : فهذا هو المجلد السابع من كتاب بحار الانوار مما الفه الخاطئ القاصر العاثر محمد بن محمد تقي المدعو بباقر ، أوتيا كتابهما يمينا في اليوم الآخر وهو مشتمل على جمل أحوال الائمة الكرام عليهم الصلاة والسلام ودلائل إمامتهم وفضائلهم ومناقبهم وغرائب أحوالهم.

١

باب

*(الاضطرار إلى الحجة وان الارض لا تخلو من حجة)*

الايات : الرعد « ١٣ » : إنما أنت منذر ولكل قوم هاد « ٨ ».

القصص « ٢٨ » : ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون « ٥١ ».

تفسير : قال الطبرسي رحمة الله عليه في قوله تعالى : « إنما أنت منذر ولكل قوم هاد » فيه أقوال : أحدها أن معناه إنما أنت منذر ، أي مخوف ، وهاد لكل قوم ، وليس إليك إنزال الآيات ، فانت مبتدأ ، ومنذر خبره ، وهاد عطف على منذر ، وفصل بين الواو والمعطوف بالظرف.

والثاني : أن المنذر محمد ، والهادي هو الله.

١

والثالث : أن معناه إنما أنت منذر يا محمد ، ولكل قوم نبي يهديهم وداع يرشدهم.

والرابع : أن المراد بالهادي كل داع إلى الحق.

روي عن ابن عباس أنه قال : لما نزلت الآية قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي ، يا علي بك يهتدي المهتدون.

وروى أبوالقاسم الحسكاني في شواهد التنزيل بالاسناد عن إبراهيم بن الحكم ابن ظهير عن أبيه عن حكم بن جبير عن أبي بردة الاسلمي قال : دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالطهور وعنده علي بن أبي طالب عليه‌السلام فأخذ رسول الله (ص) بيد علي عليه‌السلام بعدما تطهر فألزقها بصدره ثم قال : « إنما أنت منذر » ثم ردها إلى صدر علي عليه‌السلام ثم قال : « ولكل قوم هاد » ثم قال : إنك منارة الانام ، وراية الهدى(١) ، وأمير القرى(٢) أشهد على ذلك(٣) أنك كذلك.

وعلى هذه الاقوال الثلاثة يكون هاد مبتدأ ، ولكل قوم خبره ، على قول سيبويه ، ويكون مرتفعا بالظرف على قول الاخفش انتهى(٤).

أقول : على هذا الوجه الاخير تدل أخبار هذا الباب وهي أظهر من الآية الكريمة بوجوه لا يخفى على أولي الالباب.

١ ـ ختص : عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن أبي الحسن(٥) قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام حي يعرف(٦).

ختص : عن الرضا عليه‌السلام قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام مثله(٧).

____________________

(١) غاية الهدى خ ل.

(٢) في نسخة : وامير القراء.

(٣) في نسخة : بذلك.

(٤) مجمع البيان ٦ : ٢٧٨.

(٥) لعل المراد من ابى الحسن هذا على بن موسى الرضا عليه‌السلام ، يؤيد ذلك ان

الكلينى روى الحديث باسنادين في الكافى عن الرضا عليه‌السلام راجع اصول الكافى ١ : ١٧٧.

(٦) الاختصاص : ٢٦٨.

(٧) الاختصاص : ٢٦٨.

٢

ختص : عن داود الرقي عن العبد الصالح مثله(١).

٢ ـ ير : أحمد ، عن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : دعا رسول الله (ص) بطهور فلما فرغ أخذ بيد علي عليه‌السلام فألزمها يده ثم قال : إنما أنت منذر ، ثم ضم يده إلى صدره وقال : ولكل قوم هاد ، ثم قال : يا علي أنت أصل الدين ومنار الايمان ، وغاية الهدى ، وقائد الغر المحجلين ، أشهد بذلك(٢).

٣ ـ ير : ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن بريد العجلي عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : « إنما أنت منذر ولكل قوم هاد » قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : المنذر في كل(٣) زمان منا هاد يهديهم(٤) إلى ما جاء به نبي الله ، ثم الهداة من بعده(٥) علي عليه‌السلام ، ثم الاوصياء واحدا بعد واحد(٦).

٤ ـ ير : أحمد بن محمد ، عن الحسين ، عن النضر وفضالة ، عن موسى بن بكر عن الفضيل قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى : « إنما أنت منذر ولكل قوم هاد » قال : كل إمام هاد للقرن الذي هو فيهم(٧).

٥ ـ ير : أحمد ، عن الحسين ، عن صفوان ، عن ابن حازم ، عن عبدالرحيم القصير(٨) عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : « إنما أنت منذر ولكل

____________________

(١) الاختصاص : ٢٦٩ ، رواه الكلينى في الاصول ١ : ١٧٧ باسناده عن محمد بن يحيى العطار عن احمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبى عمير عن الحسن بن محبوب عن داود الرقى.

(٢) بصائر الدرجات ، ١٠ فيه : اشهد لك بذلك.

(٣) في المصدر وفى نسخة : [ وفى كل زمان ] فلعل الصحيح على ذلك : انا المنذر وفى كل زمان منا هاد.

(٤) اى يهدى الامة.

(٥) في المصدر ، ثم الهداة من بعد على عليه‌السلام.

(٦) بصائر الدرجات : ٩ و ١٠.

(٧) بصائر الدرجات : ١٠. القرن : اهل زمان واحد ورواه النعمانى في كتاب الغيبة ص ٥٤ باسناده عن موسى بن بكير عن المفضل وفيه : للقرن الذى هو منهم.

(٨) في البصائر والغيبة ، عبدالرحمن القصير.

٣

قوم هاد » فقال عليه‌السلام : رسول الله (ص) المنذر ، وعلي الهادي ، والله ما ذهبت(١) منا وما زالت فينا إلى الساعة(٢).

نى : ابن عقدة عن محمد بن سالم عن علي بن الحسين بن زنباط عن ابن حازم مثله(٣).

٦ ـ ير : الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور عن محمد بن إسماعيل عن سعدان عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قلت له : « إنما أنت منذر و لكل قوم هاد » فقال عليه‌السلام : رسول الله المنذر ، وعلي عليه‌السلام الهادي ، يا با محمد فهل منا هاد اليوم؟ قلت : بلى جعلت فداك ، ما زال فيكم هاد من بعد هاد حتى رفعت إليك ، فقال : رحمك الله يا با محمد ، ولو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب ، ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى(٤).

بيان : قوله عليه‌السلام : [ لو كانت ] جملة شرطية ، والشرط فيها قوله : [ إذا نزلت ] مع جزائه(٥) أعني قوله : [ ماتت الآية ] وقوله : [ مات الكتاب ] جزاء له(٦) ، وهو على هيئة قياس استثنائي ، وقوله : [ ولكنه حي ] رفع للتالي ، و المراد بموت الآية عدم عالم بها ومفسر لها ، وبموت الكتاب ، رفع حكمه وعدم

____________________

(١) اى هذه الاية.

(٢) بصائر الدرجات : ١٠.

(٣) غيبة النعمانى : ٥٤ فيه ، [ احمد بن محمد بن سعيد بن عبدالرحمن بن عقدة قال حدثنا محمد بن سالم بن عبدالرحمن الازدى في شوال سنة احدى وثمانين ومائتين قال : حدثنى على بن الحسين بن زنباط عن منصور بن حازم عن عبدالرحمن بن البصير ] والظاهر ان البصير مصحف القصير وفيه : قال رسول الله : المنذر انا وعلى الهادى ، اما والله ما ذهبت وما زالت منا حتى الساعة جعلنا الله لما يرضيه عاملين.

(٤) بصائر الدرجات : ١٠.

(٥) اى جزاء إذا.

(٦) في نسخة : جزاء لو.

٤

التكليف بالعمل به ، والحاصل أنه لو لم يكن بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من يعلم الآيات ويفسرها كما هو المراد منها لزم بطلان حكمها ، ورفع التكليف بها ، لقبح تكليف الغافل والجاهل مع عدم القدرة على العلم ، وبطلان التالي ظاهر بالاجماع وضرورة الدين.

٧ ـ ير : أحمد بن محمد ، عن صفوان عن ابن مسكان عن الحجر(١) عن حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : « وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون » قال : هم الائمة عليهم‌السلام(٢).

٨ ـ ك : أبي وابن الوليد معا عن سعد عن ابن أبي الخطاب وابن يزيد معا عن حماد عن حريز عن محمد بن مسلم قال قلت لابي جعفر(٣) عليه‌السلام في قول الله عزوجل : « إنما أنت منذر ولكل قوم هاد » فقال : إمام هاد لكل قوم في زمانهم(٤).

٩ ـ ك : أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابيه(٥) عن ابن أبي عمير عن ابن اذينة وبريد العجلي(٦) قال : قلت لابي جعفر عليه‌السلام : « إنما أنت منذر ولكل قوم هاد » فقال : المنذر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلي الهادي وفي كل زمان امام منا يهديهم إلى ما جاء به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله(٧).

١٠ ـ ك ، لى : السناني عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن الفضل ابن الصقر عن أبي معاوية عن الاعمش عن الصادق عليه‌السلام عن أبيه عن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال : نحن أئمة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ، وسادة المؤمنين

____________________

(١) المعهود : حجر بلا الف ولام

(٢) بصائر الدرجات : ١١. والاية في الاعراف : ١٨١.

(٣) في المصدر ، لابى عبدالله عليه‌السلام ، وفى نسخة : ما معنى قول الله عزوجل.

(٤) اكمال الدين : ٣٧٥ فيه : كل امام هادى كل قوم في زمانه.

(٥) المصدر خال عن قول : عن ابيه.

(٦) في المصدر : عن بريد.

(٧) اكمال الدين : ٣٧٥.

٥

وقادة(١) الغر المحجلين ، وموالي المؤمنين ، ونحن أمان أهل(٢) الارض كما أن النجوم أمان لاهل السماء ، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الارض إلا باذنه ، وبنا يمسك الارض أن تميد بأهلها ، وبنا ينزل الغيث ، وبنا ينشر الرحمة ، ويخرج بركات الارض ، ولولا ما في الارض منا لساخت بأهلها(٣) ثم قال عليه‌السلام : ولم تخل الارض منذ خلق الله آدم من حجة الله فيها ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة الله فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله ، قال سليمان(٤) : فقلت للصادق عليه‌السلام : فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال عليه‌السلام : كما يتفعون بالشمس إذا سترها السحاب(٥).

ج : مرسلا إلى قوله عليه‌السلام : لم يعبد الله(٦).

بيان : ماد الشئ يميد ميدا : تحرك.

١١ ـ ك ، ع ، لى : أبي عن سعد عن ابن هاشم عن ابن مرار عن يونس(٧) عن يونس بن يعقوب قال : كان عند أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام جماعة من أصحابه فيهم هشام بن الحكم ، حمران بن أعين ، ومؤمن الطاق ، وهشام بن سالم ، والطيار وجماعة من أصحابه فيهم هشام بن الحكم ، وهو شاب ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : يا هشام ، قال : لبيك يا بن رسول الله ، قال : ألا تحدثني كيف صنعت بعمرو بن عبيد؟ وكيف سألته؟ قال هشام : جعلت فداك يا بن رسول الله إني اجلك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك ، فقال أبوعبدالله الصادق عليه‌السلام : يا هشام إذا أمرتكم بشئ فافعلوه ، قال هشام : بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، و

____________________

(١) في الامالى : وقائد الغر المحجلين.

(٢) في اكمال الدين والاحتجاج : لاهل الارض.

(٣) اى خسفت بهم.

(٤) اى سليمان بن مهران الاعمش.

(٥) اكمال الدين : ١١٩ و ١٢٠ ، أمالى الصدوق : ١١٢.

(٦) احتجاج الطبرسى ص ١٧٣.

(٧) اى يونس بن عبدالرحمن كما في المصدر.

٦

عظم ذلك علي ، فخرجت إليه ودخلت البصرة في يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة وإذا أنا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء متزر بها من صوف وشملة مرتد بها ، والناس يسألونه ، فاستفرجت الناس فافرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت : أيها العالم أنا رجل غريب تأذن لي فأسألك عن مسألة؟ قال : فقال : نعم ، قال : قلت له : ألك عين؟ قال(١) : يا بني أي شئ هذا من السؤال(٢)؟ فقلت : هكذا مسألتي ، فقال : يا بني سل وإن كانت مسألتك حمقا(٣) قال : فقلت : أجبني فيها ، قال : فقال لي : سل ، فقلت : ألك عين؟ قال : نعم ، قال : قلت : فما ترى بها؟ قال : الالوان والاشخاص ، قال : فقلت : ألك أنف؟ قال : نعم ، قال : قلت : فما تصنع بها؟ قال : أتشمم بها الرائحة ، قال : قلت : ألك فم؟ قال : نعم ، قلت : وما تصنع به؟ قال : أعرف به طعم الاشياء(٤) ، قال : قلت : ألك لسان؟ قال : نعم ، قلت : وما تصنع به؟ قال : أتكلم به ، قال : قلت : ألك اذن؟ قال : نعم ، قلت : وما تصنع بها؟ قال : أسمع بها الاصوات ، قال : قلت : ألك يد(٥)؟ قال : نعم ، قلت : وما تصنع بها؟ قال : أبطش بها ، وأعرف بها اللين من الخشن ، قال : قلت : ألك رجلان؟ قال : نعم ، قلت : ما تصنع بهما؟ قال : أنتقل بهما من مكان إلى مكان ، قال : قلت : ألك قلب؟ قال : نعم ، قلت : وما تصنع به؟ قال : اميز به كل ما ورد على هذه الجوارح ، قال : قلت : أفليس

____________________

(١) قال : إذا يرى شئ كيف يسأل عنه يا بنى خ ل.

(٢) هكذا في الامالى والعلل ، وفى الاكمال : [ يا بنى اى شئ هذا من السؤال إذا ترى شيئا كيف تسأل عنه؟ ] واما الاحتجاج ورجال الكشى ففيهما تصحيف. راجعهما.

(٣) في العلل والاحتجاج : [ وان كان مسائلتك حمقى ] ويحتمل ان تكون كلمة [حمقا ] في الكتاب وسائر المصادر بالمد.

(٤) في الملل والاكمال : [ اعرف به المطاعم على اختلافها ] وفى رجال الكشى [اذوق به الطعم ] وفى الاحتجاج : اعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها.

(٥) في العلل والاكمال والاحتجاج : [ الك يدان؟ ] وفيها الضمائر الاتية على صيغة التثنية.

٧

في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ قال : لا ، قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة قال : يا بني إن الجوارح إذا شكت في شئ شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته أو لمسته ردته إلى القلب فتقن(١) اليقين ويبطل الشك ، قال : فقلت : إنما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال : نعم ، قال : قلت : فلابد من القلب وإلا لم يستقم(٢) الجوارح؟ قال : نعم ، قال : فقلت : يا أبا مروان إن الله تعالى ذكره لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح ، ويتقن ما شك فيه(٣) ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم لا يقيم لهم اماما يردون إليهم شكهم وحيرتهم ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك؟ قال : فسكت ولم يقل شيئا قال : ثم التفت إلي فقال : أنت هشام؟ فقلت : لا ، فقال لي : أجالسته؟ فقلت : لا ، فقال : فمن أين أنت؟ قلت : من أهل الكوفة ، قال : فأنت إذا هو ، قال : ثم ضمني إليه وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتى قمت ، فضحك أبوعبدالله عليه‌السلام ثم قال : يا هشام من علمك هذا؟ قال : فقلت : يا بن رسول الله جرى على لساني ، قال : يا هشام هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى(٤).

كش : محمد بن مسعود عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي إسحاق عن محمد بن يزيد القمي عن محمد بن حماد عن الحسن بن إبراهيم عن يونس مثله(٥).

____________________

(١) فتقر به خ فتستيقن خ. اقول : في الاكمال : [ فيقربه اليقين ] وفى العل [فيستيقن اليقين] وفى الامالى : [ فييقن اليقين ] وفى الاحتجاج ورجال الكشى ونسخة من الكتاب : فتيقن اليقين.

(٢) لم تستيقن خ : اقول : في الاكمال والعلل والاحتجاج والكشى : [ لم يستيقن ] وفى الامالى : لم يستقم.

(٣) في الامالى : [ وييقن ما شك فيه ] وفى رجال الكشى : [وتيقن ما شكت في وفى الاكمال والاحتجاج : [ وينفى ما شكت فيه ] وفى العلل : وينفى ما شككت فيه.

(٤) اكمال الدين : ١٢٠ ، علل الشرايع ، ٧٥ و ٧٦ ، أمالى الصدوق : ٣٥١ و ٣٥٢ وفى المصادر اختلافات لفظية راجعها.

(٥) رجال الكشى ، ١٧٥ ـ ١٧٧ فيه : محمد بن مسعود قال : حدثنى على بن محمد بن.

٨

ج : عن يونس مثله(١).

١٢ ـ ج : عن يونس بن يعقوب قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فورد عليه رجل من الشام(٢) فقال : إني صاحب كلام وفقه وفرائض ، وقد جئت لمناظرة أصحابك ، فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام : كلامك هذا من كلام رسول الله (ص) ، أو من عندك؟ فقال : من كلام رسول الله بعضه ، ومن عندي بعضه ، فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام : فأنت إذا شريك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟ قال : لا ، قال : فسمعت الوحي عن الله(٣)؟ قال : لا ، قال : فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله (ص)؟ قال : لا قال : فالتفت الي أبوعبدالله عليه‌السلام فقال : يا يونس هذا خصم نفسه قبل أن يتكلم ثم قال : يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته ، قال يونس : فيالها من حسرة ، فقلت : جعلت فداك سمعتك تنهى عن الكلام وتقول : ويل لاصحاب الكلام يقولون : هذا ينقاد وهذا لا ينقاد ، وهذا ينساق ، وهذا لا ينساق(٤) وهذا نعقله وهذا لا نعقله فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : إنما قلت : ويل لقوم تركوا قولي بالكلام(٥) وذهبوا إلى ما يريدون به ، ثم قال : اخرج إلى الباب من ترى(٦) من المتكلمين فأدخله ، قال : فخرجت فوجدت حمران بن أعين(٧) وكان يحسن الكلام ، ومحمد بن النعمان

____________________

يزيد الفيروزانى القمى قال : حدثنى محمد بن احمد بن يحيى عن أبى اسحاق قال : حدثنى محمد ابن حماد عن الحسن بن ابراهيم قال : حدثنى يونس بن عبدالرحمن عن يونس بن يعقوب.

(١) احتجاج الطبرسى : ٢٠٠.

(٢) في المصدر والكافى : من اهل الشام.

(٣) في الكافى : عن الله عزوجل يخبرك.

(٤) في هامش النسخة المطبوع : اى هذا يؤدى إلى المطلوب وهذا لا يؤدى ، أو هذا

ينساق إلى نهج الاصطلاح وهذا لا ينساق

(٥) في هامش النسخة المطبوع : فيه دلالة على ان علم الكلام حق لكن لابد من سماعه من المعصوم.

(٦) في نسخة : فانظر من ترى وفى المصدر : فمن ترى.

(٧) هو حمران بن اعين الشيبانى كوفى تابعى اخو زرارة ، كان من اكبر مشايخ الشيعة.

٩

الاحول(١) فكان متكلما(٢) وهشام بن(٣) سالم وقيس(٤) الماصر وكانا متكلمين ، وكان قيس عندي أحسنهم كلاما ، وكان قد تعلم الكلام من علي بن الحسين عليهما‌السلام فأدخلتهم عليه ، فلما استقربنا المجلس وكنا في خيمة لابي عبدالله عليه‌السلام في طرف جبل في طريق الحرم وذلك قبل الحج بأيام أخرج أبوعبدالله عليه‌السلام رأسه من الخيمة فإذا هو ببعير يخب قال(٥) : هشام ورب الكعبة قال : وكنا ظننا(٦) أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديدا المحبة لابي عبدالله عليه‌السلام ، فإذا هشام بن الحكم(٧) قد

____________________

المفضلين الذين لا يشك فيهم ، احد حملة القرآن ، وكان عالما بالنحو واللغة ، يروى عن الامامين الباقر والصادق عليهما‌السلام.

(١) هو محمد بن على بن النعمان ابوجعفر الاحول كوفى صرفى يلقب عندنا مؤمن الطاق ، والعامة يلقبونه الشيطان الطاق ، كان متكلما حاذقا حاضر الجواب من اصحاب الامامين الصادق والكاظم عليهما‌السلام وصنف كتبا كثيرة وله حكايات مشهورة مع أبى حنيفة

(٢) في المصدر : وكان متكلما.

(٣) هو هشام بن سالم الجواليقى الجعفى. ولى بشر بن مروان من ثقات اصحاب الامامين الصادق والكاظم عليهما‌السلام ومتكلميهم.

(٤) ليس له ذكر في كتب التراجم ، ويظهر من الحديث انه كان من مهرة علم الكلام وحذاق المتكلمين ، وكان تعلم من الامام السجاد عليه‌السلام.

(٥) أى قال ابوعبدالله عليه‌السلام : هذا هشام

(٦) في نسخة : [ وكنا قلنا ان ] وفى الكافى ، قال : وظننا ان هشاما.

(٧) هو ابومحمد هشام البغدادى الكندى المتكلم المعروف الشيعى كان ينزل بنى شيبان بالكوفة وانتقل إلى بغداد سنة ١٩٩ ، ويقال : مات في هذه السنة ايضا ترجمه اصحاب التراجم في كتبهم ، قال ابن النديم في الفهرست : ٦ : هو من جلة اصحاب ابى عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام ، وهو من متكلمى الشيعة الامامية وبطائنهم وممن دعا له الصادق عليه‌السلام فقال : اقول لك ما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك وهو الذى فتق في الامامة ، وهذب المذهب ، وسهل طريق الحجاج فيه ، وكان حاذقا بصناعة الكلام ، حاضر الجواب ، وكان اولا من اصحاب الجهم بن صفوان ثم انتقل إلى القول بالامامة بالدلائل والنظر : وكان منقطعا إلى البرامكة ملازما ليحيى بن خالد ، والقيم بمجالس كلامه ونظره ثم تبع الصادق عليه‌السلام فانقطع اليه ، وتوفى بعد نكبة البرامكة بمدة يسيرة ، وقيل.

١٠

ورد وهو أول ما اختطت(١) لحيته ، وليس فينا إلا من هو أكبر سنا منه ، قال : فوسع له أبوعبدالله عليه‌السلام وقال له : ناصرنا بقلبه ويده ولسانه ، ثم قال لحمران : كلم الرجل يعني الشامي ، فكلمه حمران وظهر عليه ، ثم قال : يا طافي كلمه فكلمه فظهر عليه ، يعني بالطافي محمد بن النعمان(٢) ثم قال لهشام بن سالم : فكلمه فتعارفا ، ثم قال لقيس الماصر : كلمه ، فكلمه ، فأقبل أبوعبدالله عليه‌السلام تبسم(٣) من كلامهما وقد استخذل الشامي في يده ، ثم قال للشامي : كلم هذا الغلام ، يعني هشام بن الحكم فقال : نعم ، ثم قال الشامي لهشام : يا غلام سلني في إمامة هذا ، يعني أبا عبدالله عليه‌السلام ، فغضب هشام حتى ارتعد ، ثم قال له : أخبرني يا هذا أربك أنظر لخلقه أم خلقه لانفسهم؟ فقال الشامي : بل ربي أنظر لخلقه ، قال : ففعل بنظره لهم في دينهم ماذا؟ قال : كلفهم وأقام لهم حجة ودليلا على ما كلفهم(٤) وأزاح في ذلك عللهم ، فقال له هشام : فما هذا الدليل الذي نصبه لهم؟ قال الشامي : هو رسول الله ، قال هشام : فبعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من؟ قال : الكتاب والسنة ، فقال :

____________________

بل في خلافة المأمون ، وكان هشام ، يقول : ما رأيت مثل مخالفينا عمدوا إلى من ولاه الله من سمائه فعزلوه ، والى من عزله من سمائه فولوه ، ويذكر قصة مبلغ سورة براءة ومرد ابى بكر وايراد على عليه‌السلام بعد نزول جبرئيل عليه‌السلام قائلا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الله تعالى : انه لا يؤديها عنك الا انت او رجل منك فرد ابا بكر وانفذ عليا عليه‌السلام ، وترجمه في ص ٢٥٠ ، ايضا واطراه وذكر من كتبه عدة كثيرة ، وقد نسب مخالفونا اليه امورا شنيعة هو عنها برئ ، ولعلها كانت مما اعتقد بها قبل رجوعه إلى الصادق عليه‌السلام كما يشير اليه بعض الاحاديث ووثقوه علماؤنا الامامية وأطرأوه بمدائح جليلة.

(١) اختط الغلام : اذا نبت لحيته.

(٢) في الاحتجاج ، فكلمه فظهر عليه محمد بن نعمان ، وفى الكافى ، فظهر عليه الاحول.

(٣) في الاحتجاج ونسخة من الكتاب : [ يتبسم ] وفى الكافى : يضحك من كلامهما مما قد اصاب الشامى ، فقال للشامى.

(٤) في الاحتجاج : [ على ما كلفهم به ] وفى الكافى : [ قال : اقام لهم حجة ودليلا كيلا يتشتتوا او يختلفوا ، يتألفهم ، ويقيم أودهم ويخبرهم بفرض ربهم ، قال : فمن هو؟ ] قوله : ازاح عللهم أى ازالها.

١١

هشام : فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة فيما اختلفنا فيه حتى رفع عنا الاختلاف ومكننا من الاتفاق؟ فقال الشامي : نعم ، قال هشام : فلم اختلفنا نحن وأنت جئتنا من الشام فخالفتنا(١) وتزعم أن الرأي طريق الدين وأنت مقر بان الرأي لا يجمع على القول الواحد المختلفين ، فسكت الشامي كالمفكر ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : مالك لا تتكلم؟ قال : إن قلت : إنا ما اختلفنا كابرت ، وإن قلت : إن الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت ، لانهما يحتملان الوجوه ، وإن(٢) قلت : قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذا الكتاب والسنة ، ولكن لي عليه مثل ذلك(٣) ، فقال له أبوعبدالله عليه‌السلام : سله تجده مليا ، فقال الشامي لهشام : من أنظر للخلق. ربهم أم أنفسهم؟ فقال : بل ربهم أنظر لهم ، فقال الشام فهل أقام لهم من يجمع كلمتهم(٤) ويرفع اختلافهم ، ويبين لهم حقهم من باطلهم؟ فقال هشام : نعم ، قال الشامي : من هو؟ قال هشام أما في ابتداء الشريعة فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأما بعد النبي (ص) فغيره ، قال الشامي : من هو غير(٥) النبي القائم مقامه في حجته؟ قال هشام : في وقتنا هذا أم قبله؟ قال الشامي : بل في وقتنا هذا قال هشام : (٦) هذا الجالس يعني أبا عبدالله عليه‌السلام الذي نشد(٧) إليه الرحال ويخبرنا بأخبار السماء(٨) وراثة عن أب عن جد ، قال الشامي : وكيف لي بعلم

____________________

(١) في النسخة المخطوطة والاحتجاج : تخالفنا

(٢) النسخة المخطوطة والاحتجاج خاليان من قوله : وإن قلت إلى قوله : ولكن.

(٣) في الكافى : الان ان لى عليه هذه الحجة.

(٤) في الكافى : من يجمع لهم كلمتهم ويقيم أودهم ويخبرهم بحقهم من باطلهم؟ فقال هشام : في وقت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله او الساعة قال الشامى : وقت رسول الله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والساعة من؟ فقال هشام : هذا القاعد الذى تشد اليه الرحال.

(٥) في الاحتجاج : واما بعد النبى فعترته ، قال الشامى : من هو عترة النبى.

(٦) في النسخة المطبوعة : خبر هذا.

(٧) في الاحتجاج والكافى : [ تشد ] اقول : هذا كناية عن كثرة من يفد اليه من الافاق لتعلم الاحكام وكسب الحقائق والعلوم.

(٨) في الكافى : باخبار السماء والارض.

١٢

ذلك؟ فقال هشام : سله عما بدا لك ، قال : (١) قطعت عذري ، فعلي السؤال ، فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : أنا أكفيك المسألة يا شامي ، اخبرك عن(٢) مسيرك وسفرك خرجت يوم كذا ، وكان طريقك كذا ، ومررت على كذا ، ومر بك كذا ، فأقبل الشامي كلما وصف له شيئا من أمره يقول : صدقت والله ، ثم قال الشامي : أسلمت لله الساعة ، فقال له أبوعبدالله : بل آمنت بالله الساعة إن الاسلام قبل الايمان وعليه يتوارثون ويتناكحون ، والايمان عليه يثابون ، قال الشامي : صدقت فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأنك وصي الانبياء(٣) قال : فأقبل أبوعبدالله عليه‌السلام على حمران فقال : يا حمران تجري الكلام على الاثر فتصيب ، والتفت إلى هشام بن سالم فقال : تريد الاثر ولا تعرف ، ثم التفت إلى الاحول فقال : قياس رواغ(٤) تكسر باطلا بباطل إلا أن باطلك أظهر ، ثم التفت إلى قيس الماصر فقال : تتكلم وأقرب ما تكون من الخبر عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أبعد ما تكون منه ، تمزج الحق بالباطل ، وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل ، أنت والاحول قفازان حاذقان ، قال يونس بن يعقوب : فظننت والله أنه عليه‌السلام يقول لهشام : قريبا مما قال لهما ، فقال عليه‌السلام : يا هشام لا تكاد تقع ، تلوي رجليك إذا هممت بالارض طرت ، مثلك فليكلم الناس ، اتق الزلة والشفاعة من وراءك(٥).

بيان : قوله عليه‌السلام : « فأنت إذا شريك رسول الله (ص) » يدل على بطلان الكلام الذي لم يؤخذ من الكتاب والسنة ، وقيل : لما كانت مناظرته في الامامة والمناط فيها قول الشارع قال له ذلك ، لانه إذا بنى أمرا لابد فيه من الرجوع إلى الشارع على قول الرسول ، وقوله معا يلزمه الشركة معه صلى‌الله‌عليه‌وآله في الرسالة ، فلما نفى

____________________

(١) في الاحتجاج والكافى : قال الشامى.

(٢) في النسخة المطبوعة : عن سيرك.

(٣) في النسخة المطبوعة : الاوصياء.

(٤) اى كثير الخداع والمكر.

(٥) الاحتجاج : ١٩٨ ـ ٢٠٠.

١٣

الشركة قال عليه‌السلام : « فسمعت الوحي عن الله؟ » أي المبين لاصول الدين عموما أو خصوص الامامة ، إعلام الله بها ، إما بوساطة الرسول ، أو بالوحي ، بلا واسطة وما بواسطة الرسول فهو من كلامه صلى‌الله‌عليه‌وآله لا من عندك ، فتعين عليك في قولك : « من عندي » أحد الامرين : إما الوحي إليك بسماعك من الله بلا واسطة ، أو وجوب طاعتك كوجوب طاعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلما نفاهما بقوله : لا ، في كليهما لزمه نفي ما قاله : ومن عندي ، ولذا قال عليه‌السلام : هذا خاصم نفسه ، وقيل : مخاصمة نفسه من جهة أنه اعترف ببطلان ما يقوله من عنده ، لان شيئا لا يكون مستندا إلى الوحي ولا إلى الرسول (ص) ولا يكون قائله في نفسه واجب الاطاعة لا محالة يكون باطلا.

أقول : ويحتمل أن يكون المراد بالكلام الذي ردد عليه‌السلام الحال فيه بين الامرين الكلام في فروع الفقه ، ولا مدخل للعقل فيها ، ولابد من استنادها إلى الوحي ، فمن حكم فيها برأيه يكون شريكا للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله في تشريع الاحكام ، و التعميم أظهر ، حسن الكلام أي تعلمه ، قال يونس التفات ، أو قال ذلك عند الحكاية « فيا لها من حسرة » النداء للتعجب « من حسرة » تميز للضمير المبهم.

قوله : هذا ينقاد ، يعني أنهم يزنون ما ورد في الكتاب والسنة بميزان عقولهم الواهية ، وقواعدهم الكلامية فيؤمنون ببعض ، ويكفرون ببعض ، كما هو دأب الحكماء وأكثر المتكلمين ، أو الاول إشارة إلى ما يقوله أهل المناظرة في مجادلاتهم : سلمناه ، لكن لا نسلم ذلك.

والثانى : وهو قوله : « هذا ينساق » إشارة إلى قولهم للخصم : أن يقول : كذا ، وليس للخصم أن يقول : كذا.

وفي الكافي(١) بعد قوله : « ولما استقر بنا المجلس » قوله : وكان أبوعبدالله عليه‌السلام قبل الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة له مضروبة

____________________

(١) اصول الكافى ١ : ١٧٤.

١٤

قال : فأخرج أبوعبدالله عليه‌السلام رأسه من فازته فاذا هو ببعير يخب.

أقول : الفازة : مظلة بعمودين. والخب(١) ضرب من العدو ، تقول : خب الفرس يخب بالضم خبا وخببا : إذا راوح بين يديه ورجليه ، وأخبه صاحبه ذكرهما الجوهري(٢) قوله : فتعارفا ، أي تكلما بما حصل به التعارف بينهما ، و عرف كل منهما رتبة الآخر وكلامه ، بلا غلبة لاحدهما على الآخر ، وفي بعض النسخ : [ فتعارقا ] أي وقعا في الشدة والعرق ، وفي بعضها : [ فتعارقا ] أي لم يظهر أحدهما على الآخر. قوله : « وقد استخذل » في بعض النسخ بالذال ، أي صار مخذولا مغلوبا لا ينصره أحد ، وفي بعضها بالزاء من قولهم : انخزل في كلامه أي انقطع.

وفي الكافي : فأقبل أبوعبدالله عليه‌السلام يضحك من كلامهما مما قد أصاب الشامي. فيمكن أن يقرأ الشامي بالنصب ، أي من الذال(٣) الذي أصابه من المغلوبية والخجلة ، أو بالرفع بأن تكون كلمة « ما » مصدرية ، أي من إصابة الشامي وكون كلامه صوابا ، فالضحك لمغلوبية قبيس.

قوله : « فغضب » إنما غضب لسوء أدب الشامي في التعبير عن الامام عليه‌السلام والاشارة إليه بما يوهم التحقير. والملئ بالهمزة وقد يخفف فيشدد الياء : الثقة الغني قوله : « على الاثر » أي على حسب ما يقتضيه كلامك السابق فلا يختلف كلامك بل يتعاضد ، أو على أثر كلام السائل ووفقه ، أو على مقتضى ، ما روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من الاخبار المأثورة. وراغ من الشئ : مال وحاد. قوله : « إن باطلك أظهر » أي أغلب على الخصم ، أو أبين في رد كلامه. قوله : « وأقرب ما تكون » الظاهر أن « أقرب » مبتداء و « أبعد » خبره ، والجملة حال عن فاعل « تتكلم » أي والحال أن أقرب حال تكون أنت عليه من الخبر أبعد حال تكون

____________________

(١) في النسخة المخطوطة والقاموس : والخبب.

(٢) في النسخة المخطوطة : ذكرهما الفيروز آبادى.

(٣) هكذا في النسخة المطبوعة ، وسقطت الكلمة عن النسخة المخطوطة ، ولعل الصحيح : الذل.

١٥

عليه من الخبر ، والظرفان صلتان للقرب والبعد ، و « ما » مصدرية ، أي أقرب أوقات كونك من الخبر أبعدها ، ويحتمل أن يكون « أبعد » منصوبا على الحالية سادا مسد الخبر ، كما في قولهم : أخطب ما يكون الامير قائما ، على اختلافهم في تقدير مثله كما هو مذكور في محله ، قال الرضي رضي‌الله‌عنه في شرحه على الكافية بعد نقل الاقوال في ذلك : واعلم أنه يجوز رفع الحال الساد مسد الخبر عن أفعل المضاف إلى ما المصدرية الموصولة بكان أو يكون ، نحو أخطب ما يكون الامير قائم ، هذا عند الاخفش والمبرد ، ومنعه سيبويه ، والاولى جوازه لانك جعلت ذلك الكون أخطب مجازا ، فجاز جعله قائما أيضا ، ثم قال : ويجوز أن يقدر في أفعل المذكور زمان مضاف إلى ما يكون ، لكثرة وقوع ما المصدرية مقام الظرف ، نحو قولك : « ماذر شارق » فيكون التقدير أخطب أوقات ما يكون الامير قائم ، أي أوقات كون الامير ، فيكون قد جعلت الوقت أخطب وقائما ، كما يقال : « نهاره صائم : وليلة قائم » انتهى قوله.

« قفازان » بالقاف ثم الفاء ثم الزاء المعجمة من قفز بمعنى وثب ، وفي بعض النسخ بتقديم الفاء على القاف وإعجام(١) الراء من فقزت الخرز : ثقبته ، و الاول أظهر.

قوله عليه‌السلام : « تلوي رجليك » يقال : لويت الحبل : فتلته ، ولوى الرجل رأسه : أمال وأعرض ، ولوت الناقة ذنبها : حركته ، والمعنى أنك كلما قربت تقع من الطيران على الارض تلوي رجليك ، كما هو دأب الطيور ثم تطير ولا تقع والغرض أنك لا تغلب من خصمك قط ، وإذا قرب أن يغلب عليك تجد مفرا حسنا فتغلب عليه ، والزلة إشارة إلى ما وقع منه في زمن الكاظم عليه‌السلام من ترك(٢)

____________________

(١) الصحيح : واهمال الراء ، من فقرت الخرز : ثقبته.

(٢) وقد ذكر رحمه‌الله وجها لتركه التقية ، وهو انه كان مأمورا بالتقية إلى مدة معلوم وكان بعدها مأذونا في التبليغ والبحث مع المخالفين.

١٦

التقية كما سيأتي في أبواب تاريخه عليه‌السلام وفي الكافي : « والشفاعة من ورائها(١) » وهو أظهر.

١٣ ـ ع : أبي عن سعد عن ابن يزيد عن صفوان بن يحيى عن ابن حازم قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إني ناظرت قوما فقلت : ألستم تعلمون أن رسول الله هو الحجة من الله على الخلق؟ فحين ذهب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كان الحجة من بعده؟ فقالوا : القرآن ، فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم فيه المرجى والحروري و الزنذيق الذي لا يؤمن حتى يغلب الرجل خصمه ، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ، ما قال فيه من شئ كان حقا ، قلت : فمن قيم القرآن؟ قالوا : قد كان عبدالله بن مسعود وفلان وفلان وفلان(٢) يعلم ، قلت : كله؟ قالوا : لا فلم أجد أحدا يقال : إنه يعرف ذلك كله إلا علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وإذا كان الشئ بين القوم وقال هذا : لا أدري ، وقال هذا : لا أدري ، وقال هذا : لا أدري وقال هذا : لا أدري(٣) فأشهد أن علي بن أبي طالب عليه‌السلام كان قيم القرآن ، و كانت طاعته مفروضة ، وكان حجة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الناس كلهم ، وإنه عليه‌السلام قال في القرآن فهو حق ، فقال : رحمك الله ، فقبلت رأسه ، وقلت : إن علي بن أبي طالب عليه‌السلام لم يذهب حيت ترك حجة من بعده كما ترك رسول الله حجة من بعده ، وإن الحجة من بعد علي عليه‌السلام الحسن بن علي عليه‌السلام ، و أشهد على الحسن بن علي عليه‌السلام أنه كان الحجة وأن طاعته مفترضة ، فقال : رحمك الله فقبلت رأسه وقلت : أشهد(٤) على الحسن بن علي عليه‌السلام انه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأبوه ، وأن الحجة بعد الحسن الحسين ابن علي عليه‌السلام ، وكانت طاعته مفترضة ، فقال : رحمك الله ، فقبلت رأسه ، وقلت ،

____________________

(١) اصول الكافى ١ : ١٧٤.

(٢) في رجال الكشى : فقالوا : ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم.

(٣) ذكر في العلل قوله. [ هذا لا ادرى ] ثلاث مرات.

(٤) في النسخة المطبوعة : انى أشهد.

١٧

وأشهد على الحسين بن علي عليه‌السلام أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده(١) وأن الحجة من بعده علي بن الحسين عليه‌السلام ، وكانت طاعته مفترضة ، فقال : رحمك الله فقبلت رأسه وقلت : وأشهد على علي بن الحسين أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده ، وأن الحجة من بعده محمد بن علي أبوجعفر عليه‌السلام ، وكانت طاعته مفترضة فقال : رحمك الله ، قلت : أصلحك الله أعطني رأسك ، فقبلت رأسه ، فضحك ، فقلت : أصلحك الله قد علمت أن أباك عليه‌السلام لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه ، فأشهد بالله أنك أنت الحجة من بعده ، وأن طاعتك مقترضة ، فقال : كف رحمك الله ، قلت : أعطني رأسك أقبله ، فضحك قال : سلني عما شئت فلا انكرك بعد اليوم أبدا(٢).

كش : جعفر بن محمد بن أيوب عن صفوان عن منصور بن حازم قال : قلت لابي عبدالله عليه‌السلام : إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه ، بل الخلق يعرفون بالله ، قال : صدقت قلت : من عرف من أن له ربا فقد ينبغي أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا ، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا برسول ، فمن لم يأته الوحي فينبغى أن يطلب الرسل ، فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة ، وأن لهم الطاعة المفترضة فقلت للناس : أليس تعلمون أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان هو الحجة من الله على خلقه. وساق الحديث إلى آخره نحوا مما مر وفيه : وقال : هذا لا أدري ـ ثلثا ـ و قال : هذا أدري ، ولم ينكر عليه كان القول قوله(٣).

توضيح : المرجئة : فرقة من المخالفين يعتقدون أنه لا يضر مع الايمان معصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة ، سموا مرجئة لانهم قالوا : إن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي ، أي أخره ، وقد يطلق على جميع العامة لتأخيرهم أمير المؤمنين عليه‌السلام عن درجته إلى الرابع ، والحرورية : طائفة من الخوارج نسبوا إلى

____________________

(١) زاد في رجال الكشى : كما ترك ابوه.

(٢) علل الشرايع : ٧٥.

(٣) رجال الكشى : ٢٦٤ و ٢٦٥.

١٨

الحروراء موضع قرب الكوفة كان أول اجتماعهم فيه. وفي الكافي والكشي : والقدري(١).

وقد يطلق على الجبرية والمفوضة كما مر ، والزنديق هو النافي للصانع تعالى أوهم الثنوية. وقيم القوم : من يقوم بسياسة امورهم. وضحكه عليه‌السلام لتكرار التقبيل. والامر بالكف للتقية وقوله عليه‌السلام : فلا انكرك ، أي لا أتقيك ، عبر عنه بلازمه ، لانه إنما يتقى من لا يعرف غالبا ، أو لا انكر أنك من شيعتنا.

١٤ ـ ع : الطالقاني عن الجلودي عن المغيرة بن محمد عن رجاء بن سلمة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : لاي شئ يحتاج إلى النبي والامام؟ فقال : لبقآء العالم على صلاحه ، وذلك أن الله عزوجل يرفع العذاب عن أهل الارض إذا كان فيها نبي أو إمام ، قال الله عزوجل : « وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم(٢) » وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « النجوم أمان لاهل السماء ، و أهل بيتي أمان لاهل الارض ، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السمآء ما يكرهون وإذا ذهب أهل بيتى أتى أهل الارض ما يكرهون » يعني بأهل بيته الائمة الذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته فقال : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم(٣) » وهم المعصومون المطهرون الذين لا يذنبون ولا يعصون ، وهم المؤيدون الموفقون المسددون ، بهم يرزق الله عباده ، وبهم يعمر بلاده ، وبهم ينزل القطر من السماء ، وبهم تخرج بركات الارض ، وبهم يمهل أهل المعاصي ولا يعجل عليهم بالعقوبة والعذاب ، لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه ، ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم صلوات الله عليهم أجمعين(٤).

١٥ ـ ع : أبي عن سعد عن ابن عيسى عن محمد بن سنان عن نعمان الرازي

____________________

(١) اصول الكافى ١ : ١٦٨ و ١٦٩.

(٢) الانفال : ٣٣.

(٣) النساء : ٥٩.

(٤) علل الشرايع : ٥٢.

١٩

قال : كنت أنا وبشير الدهان عند أبي عبدالله عليه‌السلام فقال : لما انقضت نبوة آدم وانقطع أكله أوحى الله عزوجل إليه : أن يا آدم قد انقضت نبوتك ، وانقطع أكلك فانظر إلى ما عندك من العلم والايمان وميراث النبوة وأثرة العلم والاسم الاعظم فاجعله في العقب من ذريتك عند هبة الله ، فإني لم أدع(١) الارض بغير عالم يعرف به طاعتي وديني ، ويكون نجاة لمن أطاعه(٣).

سن : أبي عن محمد بن سفيان عن نعمان الرازي مثله ، وفيه : يكون نجاة من يولد ما بين قبض النبي إلى ظهور النبي الآخر(٣).

بيان : الاثرة بالضم : البقية من العلم يؤثر ، كالاثرة والاثارة ذكره الفيروز آبادي.

١٦ ـ فس : أبي عن حماد عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : المنذر رسول الله (ص) ، والهادي أمير المؤمنين عليه‌السلام بعده والائمة عليهم‌السلام وهو قوله : « ولكل قوم هاد(٤) » في كل زمان إمام هاد مبين ، وهو رد على من ينكر أن في كل عصر وزمان إماما ، وأنه لا يخلو الارض من حجة ، كما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لا يخلو الارض من قائم بحجة الله ، إما ظاهر مشهور ، وإما خائف مغمور ، لئلا تبطل حجج الله وبيناته(٥).

١٧ ـ ع : أبي عن سعد عن اليقطيني عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي إسحاق الهمداني قال : حدثني الثقة من أصحابنا أنه سمع أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : اللهم لا تخلو الارض من حجة لك على خلقك ظاهر أو خافي مغمور لئلا تبطل حججك وبيناتك(٦).

____________________

(١) في المحاسن : لن أدع.

(٢) علل الشرايع : ٧٦ فيه : لمن اطاعنى.

(٣) المحاسن : ٢٣٥ فيه : وآثار العلم ، ولعله مصحف : واثارة من العلم.

(٤) ذكرنا موضع الاية في صدر الباب.

(٥) تفسير القمى : ٣٣٦. والظاهر أن قوله : « وهو رد » إلى آخر الحديث من كلام القمى

(٦) علل الشرائع : ٧٦.

٢٠