بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٣
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أمر عباده بالعدل وهو تعالى أولى به من المأمورين ، وزجرهم فبين أنه لا يظلم المزجورين ، وكلف الخلق بعد استطاعتهم ليكونوا بطاعته في جناته متنعمين ، وبمعصيته في نيرانه معذبين ، والصلاة على شافع المذنبين ، وفخر المرسلين ، محمد خاتم النبيين ، وعلى وصيه رافع لواء الحمد يوم الدين ، والساقي من حوض أخيه شيعته المرحومين ، وعلى أوصيائهما الاطهرين ، وذريتهما الاكرمين ما أظلت السماوات على الارضين.

أما بعد فهذا هو المجلد الثالث من كتاب بحار الانوار المشتمل على أخبار العدل والمعاد ، وعلل تكليف العباد ، مما ألفه الراجى لرحمة ربه وشفاعة نبيه يوم التناد محمد باقر بن محمد تقي رزقه الله سلوك سبيل الرشاد ، وغفر له ولوالديه يوم المعاد.

١

*« ابواب العدل»*

«باب١»

*«نفى الظلم والجور عنه تعالى ، وابطال الجبر والتفويض»*

*«واثبات الامر بين الامرين ، واثبات الاختيار والاستطاعة»*

الايات ، آل عمران «٣» ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد ١٨٢

النساء «٤» إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ٤٠ «وقال» : ولا يظلمون فتيلا ٤٩ «وقال» : ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ٧٩ «وقال» : ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ١٤٧.

الانعام «٦» ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون * ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون ١٣١ ـ ١٣٢.

الاعراف «٧» إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون * وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آبائنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء ٢٧ ـ ٢٨.

الانفال «٨» ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد ٥١.

التوبة «٩» فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ٧٠.

يونس «١٠» إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ٤٤ «وقال تعالى» : قل يا أيها الناس قد جائكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل ١٠٨.

النحل «١٦» وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون * فأصابهم سيئات ما عملوا ٣٣ ـ ٣٤.

الحج «٢٢» ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد ١٠.

٢

المؤمنون «٢٣» ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون ٦٢.

النور «٢٤» لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم ١١.

سبا «٣٤» قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون ٢٥.

فاطره «٣٥» ولا تزر وازرة وزر اخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شئ ولو كان ذا قربى ١٨.

ص «٣٨» أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض أم نجعل المتقين كالفجار ٢٨.

الزمر «٣٩» إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر اخرى ٧.

المؤمن «٤٠» وما الله يريد ظلما للعباد ٣١ «وقال تعالى» : من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ٤٠ «وقال تعالى» : اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب ١٧.

السجدة «٤١» من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ٤٦.

الزخرف «٤٣» وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ٧٦.

ق «٥٠» لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ٢٨ ـ ٢٩.

الطور «٥٢» إنما تجزون ما كنتم تعملون ١٦ «وقال تعالى» : كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ١٩ «وقال سبحانه» : كل امرئ بما كسب رهين ٢١.

النجم «٥٣» ولله ما في السموات وما في الارض ليجزي الذين أساؤا بما عملوا و يجزي الذين أحسنوا بالحسنى «إلى قوله تعالى» : أم لم ينبأ بما في صحف موسى* وإبراهيم الذي وفي * ألا تزر وازرة وزر أخرى * وأن ليس للانسان إلا ما سعى* وأن سعيه سوف يرى * ثم يجزيه الجزاء الاوفى ٣١ ـ ٤١.

٣

الواقعة «٥٦» جزاء بما كانوا يعملون ٢٤.

تفسير : المبالغة في قوله تعالى : «بظلام» إما غير مقصودة ، أو هي لكثرة العبيد أو لبيان أن ما ينسبون إليه تعالى من جبرهم على المعاصي وتعذيبهم عليها غاية الظلم ، أو لبيان أنه لو اتصف تعالى به لكان صفة كمال فيجب كماله فيه ; والفتيل : الخيط الذي في شق النواة ;(١) وفي تفسير علي بن إبراهيم : هي القشرة التي على النواة «ص ١٢٨» قوله تعالى : وإن تدع مثقلة إلى حملها أي إن تدع نفس أثقلتها الاوزار لحمل بعض أوزارها لم تجب لحمل شئ منه ولو كان المدعو ذا قرابتها.

١ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن صباح بن عبدالحميد ، وهشام وحفص وغير واحد قالوا : قال أبوعبدالله الصادق عليه‌السلام : إنا لا نقول جبرا ولا تفويضا(٢). «ص ١٦٨»

٢ ـ يد ، ن ، لى : السناني ، عن الاسدي ، عن سهل ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن الامام علي بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه الرضا علي بن موسى عليهما‌السلام قال : خرج أبوحنيفة ذات يوم من عند الصادق عليه‌السلام فاستقبله موسى بن جعفر عليه‌السلام فقال له : يا غلام ممن المعصية؟ فقال عليه‌السلام : لا تخلو من ثلاثة : إما أن تكون من الله عزوجل و ليست منه فلا ينبغي للكريم أن يعذب عبده بما لم يكتسبه ، (٣) وإما أن تكون من الله عزوجل ومن العبد فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف ، وإما أن تكون من العبد وهي منه فإن عاقبه الله فبذنبه وإن عفى عنه فبكرمه وجوده(٤) «ص ٨٣ ص ٧٩ ص ٢٤٦».

٣ ـ ب : ابن حكيم ، عن البزنطي قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام قال : فقال لي : اكتب قال الله تعالى : يابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء ، وبنعمتي أديت إلي

________________

(١) مأخوذ من الفتيل ، لكونه على هيئته ، يضرب به المثل في الشئ الحقير.

(٢) في المصدر : انا لا اقول جبرا ولا تفويضا. م

(٣) في اكثر المصادر : بما لا يكتسبه. م

(٤) سياتى الحديث مفصلا من الاحتجاج تحت رقم ٣٣.

٤

فرائضي ، وبقدرتي قويت على معصيتي ، خلقتك سميعا بصيرا ، أنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك مني لاني لا اسأل عما أفعل وهم يسألون ، قد نظمت جميع ما سألت عنه. (١) «ص ١٥١»

٤ ـ ب : أحمد بن محمد ، عن البزنطي ، عن الرضا عليه‌السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا ناجى ربه قال : يا رب قويت على معصيتك بنعمتك. قال : وسمعته يقول في قول الله تبارك وتعالى : «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له» فقال : إن القدرية يحتجون بأولها وليس كما يقولون ألا ترى أن الله تبارك وتعالى يقول : «وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له» وقال نوح على نبينا وآله وعليه السلام : ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم. قال : الامر إلى الله يهدي من يشاء. «ص ١٥٨»

بيان : اعلم أن لفط القدري يطلق في أخبارنا على الجبري وعلى التفويضي ، و

________________

(١) في قرب الاسناد المطبوع : قد نظمت جميع ما تسأل عنه. أقول : أخرجه ثقة الاسلام في كتابه الكافى في باب الجبر والقدر أتم من هذا ، واللفط هكذا : محمد بن أبى عبدالله وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبى نصر قال : قلت لابى الحسن الرضا عليه‌السلام : إن بعض أصحابنا يقول بالجبر ، وبعضهم يقول بالاستطاعة ، قال : فقال لى : اكتب : بسم الله الرحمن الرحيم قال علي بن الحسين : قال الله عزوجل : يابن آدم بمشيتى كنت أنت الذى تشاء ، وبقوتى أديت إلى فرائضى ، وبنعمتى قويت على معصيتى ، جعلتك سميعا بصيرا ، ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وذلك أنى أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك منى ، وذلك لا اسئل عما أفعل وهم يسئلون ، قد نظمت لك كل شئ تريد. انتهى. وأخرجه أيضا في باب المشية والارادة بصورة أخصر من هذا ويأتى بالاسناد تحت رقم ٩٣ ويأتى أيضا تحت رقم ٨٨ بسند آخر مع اختلاف. قوله : بقوتى أديت إلى فرائضى اى بقوتى التى أعطيتك وبتوفيقى الذى وفقتك أديت فرائضى ، ولو وكلتك إلى نفسك وخذلتك لاسقطتك نفسك إلى هوية الضلال ; وأدخلتك مداخل السوء والفحشاء ، وذلك أنى جعلتك سميعا لاستماع ما نطقت به أنبيائى وأدلة رشادى من شرائعى ومعالم دينى ، ووفقتك للاستماع ، وجعلتك بصيرا لتبصر آثار صنعى ، وآيات توحيدى والوهيتى ، فما أصابك من حسنة فمن ناحيتى ومن عندى ، ولتوفيقى وقوتى ، وما أصابك من سيئة فمن سوء اختيارك ، وغواية نفسك ، واغتيال سوء سريرتك.

٥

المراد في هذا الخبر هو الثاني ، وقد أحال كل من الفريقين ماورد في ذلك على الآخر قال شارح المقاصد : لا خلاف في ذم القدرية ، وقد ورد في صحاح الاحاديث : لعن الله القدرية على لسان سبعين نبيا ، والمراد بهم القائلون بنفي كون الخير والشر كله بتقدير الله ومشيته سموا بذلك لمبالغتهم في نفيه ، وقيل : لاثباتهم للعبد قدرة الايجاد وليس بشئ لان المناسب حينئذ القدري بضم القاف. وقالت المعتزلة : القدرية هم القائلون بأن الخير والشر كله من الله وبتقديره ومشيته لان الشايع نسبة الشخص إلى ما يثبته ويقول به كالجبرية والحنفية والشافعية ، لا إلى ما ينفيه ، ورد بأنه صح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قوله : «القدرية مجوس أمتي» وقوله : «إذا قامت القيامة نادى مناد : أهل الجمع أين خصماء الله؟ فتقوم القدرية» ولا خفاء في أن المجوس هم الذين ينسبون الخير إلى الله والشر إلى الشيطان ، ويسمونهما «يزدان وأهرمن» وأن من لا يفوض الامور كلها إلى الله تعالى ويفرز بعضها فينسبه إلى نفسه يكون المخاصم لله تعالى ، وأيضا من يضيف القدر إلى نفسه ويدعى كونه الفاعل والمقدر أولى باسم القدري ممن يضيفه إلى ربه. انتهى.

وقال العلامة رحمه الله في شرحه على التجريد : قال أبوالحسن البصري ومحمود الخوارزمي وجه تشبيهه عليه‌السلام المجبرة بالمجوس من وجوه :

أحدها أن المجوس اختصوا بمقالات سخيفة ، واعتقادات واهية معلومة البطلان وكذلك المجبرة.

وثانيها أن مذهب المجوس أن الله تعالى يخلق فعله ثم يتبرأ منه كما خلق إبليس ثم انتفى عنه ، وكذلك المجبرة قالوا : إنه تعالى يفعل القبايح ثم يتبرأ منه. (١)

وثالثها : أن المجوس قالوا : إن نكاح الاخوات والامهات بقضاء الله وقدره و إرادته ، ووافقهم المجبرة حيث قالوا : إن نكاح المجوس لاخواتهم وأمهاتهم بقضاء الله وقدره وإرادته.

ورابعها : أن المجوس قالوا : إن القادر على الخير لا يقدر على الشر وبالعكس

________________

(١) في شرح التجريد : ثم يتبرأ منها. م

٦

والمجبرة قالوا : إن القدرة موجبة للفعل غير متقدمة عليه فالانسان القادر على الخير لا يقدر على ضده وبالعكس انتهى.

اقول. سيتضح لك أن كلا منهما ضال ، صادق فيما نسب إلى الآخر ، وأن الحق غير ما ذهبا إليه ، وهو الامر بين الامرين.

٥ ـ ب : بالاسناد المذكور قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : كان علي بن الحسين عليهما‌السلام إذا ناجى ربه قال : اللهم يا رب إنما قويت على معاصيك بنعمك. (١) «ص ١٦٧» ٦ ـ فس : قوله : «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا إلى قوله : «يضل به كثيرا و يهدي به كثيرا» قال الصادق عليه‌السلام : إن هذا القول من الله رد على من زعم أن الله تبارك وتعالى يضل العباد ، ثم يعذبهم على ضلالتهم«ص ٣٠»

بيان : الظاهر أنه عليه‌السلام جعل قوله تعالى : يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا من جملة قول الذين كفروا على خلاف ما ذهب إليه المفسرون من أنه من كلامه تعالى جوابا لقولهم. (٢)

٧ ـ ل : الخليل بن أحمد ، عن ابن منيع ، عن الحسن بن عرفة ، عن علي بن ثابت عن إسماعيل بن أبي إسحاق ، عن ابن أبي ليلى ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : صنفان من أمتي ليس لهما في الاسلام نصيب : المرجئة ، والقدرية. ٨ ـ كنز الكراجكى : عن محمد بن علي بن محمد بن الصخر البصري ، عن عمر بن محمد ابن سيف ، (٣) عن علي بن محمد بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سليمان ، عن الرضا عن آبائه عليهم‌السلام مثله. «ص ٥١»

بيان : قال الكراجكي : ظنت المعتزلة أن الشيعة هم المرجئة لقولهم : إنا نرجو من الله تعالى العفو عن المؤمن إذا ارتكب معصية ومات قبل التوبة ، وهذا غلط

________________

(١) أقول : غير خفى أنه والخبر المتقدم تحت رقم ٤ قطعتان من الخبر الثالث.

(٢) ولعل الحديث مربوط بآخر الاية ، وهو قوله : وما يضل به إلا الفاسقين الاية. ط

(٣) في المصدر : يوسف. م

٧

منهم في التسمية ، لان المرجئة مشتق من الارجاء ، وهو التأخير(١) بل هم الذين أخروا الاعمال ولم يعتقدوا من فرائض الايمان. ثم قال : إن المعتزلة لها من الزلات الفظيعة ما يكثر تعداده وقد صنف ابن الراوندي كتاب فضائحهم فأورد فيه جملا من اعتقاداتهم و آراء شيوخهم مما ينافر العقول ويضاد شريعة الرسول وقد وردت الاخبار بذمهم عن أهل البيت عليهم‌السلام ولعنهم جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام فقال : لعن الله المعتزلة أرادت أن توحدت فألحدت ورامت أن ترفع التشبيه فأثبتت.

٩ ـ ل : محمد بن علي بن بشار القزويني ، عن المظفر بن أحمد ، وعلي بن محمد بن سليمان ، عن علي بن جعفر البغدادي ، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي ، عن الحسن ابن راشد ، عن علي بن سالم ، عن أبيه قال : قال أبوعبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام : أدنى ما يخرج به الرجل من الايمان أن يجلس إلى غال ويستمع إلى حديثه ويصدقه على قوله ، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عليهم‌السلام أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : صنفان منأمتي لا نصيب لهما في الاسلام : الغلاة والقدرية.

١٠ ـ عد : اعتقادنا في الاستطاعة ما قاله موسى بن جعفر عليه‌السلام حين قيل له : أيكون العبد مستطيعا؟ قال : نعم بعد أربع خصال : أن يكون مخلي السرب ، صحيح الجسم ، سليم الجوارح ، له سبب وارد من الله عزوجل ، فإذا تمت هذه فهو مستطيع فقيل له : مثل أي شئ ، فقال : يكون الرجل مخلى السرب ، صحيح الجسم ، سليم الجوارح لا يقدر أن يزني إلا أن يرى امرأة فإذا وجد المرأة فإما أن يعصم فيمتنع كما امتنع يوسف ، وإما أن يخلي بينه وبينها فيزني وهو زان ولم يطع الله بإكراه ، ولم يعص بغلبة. (٢)

________________

(١) قال في الكنز بعد ذلك ص ٥٠ : يقال لمن أخر أمرا : أرجأت الامر يا رجل ، فأنت مرجئ قال الله : «أرجه وأخاه» أى أخره ، وقال تعالى : «وآخرون مرجون لامر الله» أى مؤخرون إلى مشيته ، وأما الرجاء فانما يقال : منه رجوت فأنا راج ، فيجب أن تكون الشيعة راجية لا المرجئة والمرجئة هم الذين أخروا الاعمال ، ولم يعتقدوا من فرائض الايمان ، وقد لعنهم النبى فيما وردت به الاخبار. انتهى. ثم ذكر الحديث المتقدم.

(٢) سيوافيك الحديث مسندا عن الرضا عليه‌السلام تحت رقم ٥٤.

٨

١١ ـ وسئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون» قال : مستطيعون للاخذ بما امروا به ، والترك لما نهوا عنه ، وبذلك ابتلوا. (١)

١٢ ـ وقال أبوجعفر عليه‌السلام : في التوراة مكتوب مسطور : يا موسى إني خلقتك واصطفيتك وقويتك ، (٢) وأمرتك بطاعتي ، ونهيتك عن معصيتي ، فإن أطعتني أعنتك على طاعتي وإن عصيتني لم أعنك على معصيتي ، ولي المنة عليك في طاعتك ، ولي الحجة عليك في معصيتك. «ص ٧٢ ـ ٧٣»

١٣ ـ فس : في رواية أبي الجارود(٣) قوله : «كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة» قال : خلقهم حين خلقهم مؤمنا وكافرا وشقيا وسعيدا ، و كذلك يعودون يوم القيامة مهتد وضال ، يقول : إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ; وهم القدرية الذين يقولون : لا قدر ، ويزعمون أنهم قادرون على الهدى والضلالة ، وذلك إليهم إن شاؤوا اهتدوا ، وإن شاؤوا ضلوا ، وهم مجوس هذه الامة ، وكذب أعداء الله المشية والقدرة لله «كما بدأكم تعودون» من خلقه الله شقيا يوم خلقه كذلك يعود إليه ، (٤) ومن خلقه سعيدا يوم خلقه كذلك يعود إليه سعيدا ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الشقي من شقى في بطن امه ، والسعيد من سعد في بطن امه. «ص ٢١٤» ١٤ ـ ل : الفامي وابن مسرور ، عن ابن بطة ، عن الصفار ، ومحمد بن علي بن محبوب ، (٥) عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : الناس في القدر على ثلاثة أوجه : رجل زعم أن الله عز وجل أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم الله عزوجل في حكمه وهو كافر ، ورجل يزعم أن الامر

________________

(١) سيأتي الحديث مسندا عن الصادق عليه‌السلام تحت رقم ٤١ و ٥٦.

(٢) في الاصل : وهديتك وقويتك وفى آخر الحديث : في معصيتك لى.

(٣) في تفسير القمى بعد ذلك : عن أبي جعفر عليه‌السلام. م

(٤) وفيه ايضا : يعود اليه شقيا. م

(٥) في التوحيد بعد ذلك : ومحمد بن حسين بن عبدالعزيز ، عن ابن عيسى. م

٩

مفوض إليهم فهذا وهن الله في سلطانه فهو كافر ، ورجل يقول : إن الله عزوجل كلف العباد ما يطيقون ، ولم يكلفهم ما لا يطيقون ، فإذا أحسن حمد الله ، وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلم بالغ.

يد : الوراق ، عن ابن بطة مثله.

١٥ ـ ل : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن الحسن بن الحسن بن الفارسي ، عن سليمان بن جعفر البصري ، عن عبدالله بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله عز وجل لما خلق الجنة خلقها من لبنتين ، لبنة من ذهب ، ولبنة من فضة ، وجعل حيطانها الياقوت ، وسقفها الزبرجد ، وحصبائها اللؤلؤ ، (١) وترابها الزعفران والمسك الازفر ، فقال لها : تكلمي ، فقالت : لا إله إلا أنت الحي القيوم ، قد سعد من يدخلني. فقال عزوجل : بعزتي وعظمتي وجلالي وارتفاعي لا يدخلها مدمن خمر ، ولا سكير ، ولا قتات(٢) وهو النمام ، ولا ديوث وهو القلطبان ، ولا قلاع وهو الشرطي ، ولا زنوق وهو الخنثى ، ولا خيوف(٣) وهو النباش ، ولا عشار ، ولا قاطع رحم ، ولا قدري.

توضيح : السكير بالكسر وتشديد الكاف : الكثير السكر ، والفرق بينه وبين المدمن إما بكون المراد بالخمر ما يتخذ من العنب وبالسكير من يسكر من غيره ، أو بكون المراد بالمدمن أعم ممن يسكر. وشرط السلطان : نخبة أصحابه الذين يقدمهم على غيرهم من جنده ، والنسبة إليهم شرطي كتركي ، ولم أجد اللغويين فسروا الزنوق والخيوف بما فسرا به في الخبر.

١٦ ـ ل : أبي وابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ، ومحمد العطار ، عن الاشعري عن محمد بن الحسين بإسناد له يرفعه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يدخل الجنة مدمن

________________

(١) في نسخة : وحصاها اللؤلؤ.

(٢) من القت وهو الكذب ، وسمى النمام قتاتا لانه يزور الحديث ويحسنها ويبلغها على جهة الكذب والفساد.

(٣) في نسخة من الكتاب : ولا خنوف. وفى الخصال المطبوع : ولا خيوق في الموضعين.

١٠

خمر ، ولا سكير ، ولا عاق ، ولا شديد السواد ، ولا ديوث ، ولا قلاع وهو الشرطي ، ولا زنوق وهو الخنثى ، ولا خيوف وهو النباش ، ولا عشار ، ولا قاطع رحم ، ولا قدري.

قال الصدوق رحمه الله : يعني بشديد السواد الذي لا يبيض شئ من شعر رأسه ، ولا من شعر لحيته مع كبر السن ، ويسمى الغربيب. (١)

١٧ ـ ن : السناني ، عن الاسدي ، عن سهل ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن إبراهيم ابن أبي محمود قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : «وتركهم في ظلمات لا يبصرون» فقال : إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه ، ولكنه متى علم أنهم لا يرجعون عن الكفر والضلال منعهم المعاونة واللطف ، وخلا بينهم وبين اختيارهم. قال : وسألته عن قول الله عزوجل «ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم» قال : الختم هو الطبع على قلوب الكفار عقوبة على كفرهم كما قال تعالى : «بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا» قال : وسألته عن الله عزوجل هل يجبر عباده على المعاصي؟ فقال : بل يخيرهم(٢) ويمهلهم حتى يتوبوا ، قلت : فهل يكلف عباده ما لا يطيقون؟ فقال : كيف يفعل ذلك وهو يقول : «وما ربك بظلام للعبيد»؟ ثم قال عليه‌السلام : حدثني أبي موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد عليهم‌السلام أنه قال : من زعم أن الله يجبر عباده على المعاصي أو يكلفهم ما لا يطيقون فلا تأكلوا ذبيحته ، ولا تقبلوا شهادته ، ولا تصلوا وراءه ، ولا تعطوه من الزكاة شيئا. «ص ٧٠»

ج : مرسلا عن الحسني مثله. «ص ٢٢٥»

١٨ ـ ن : تميم القرشي ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي الانصاري ، عن يزيد بن عمير ابن معاوية الشامي(٣) قال : دخلت على علي بن موسى الرضا عليه‌السلام بمرو فقلت له : يابن

________________

(١) وزان عفريت.

(٢) في الاحتجاج : لا بل يخيرهم. م

(٣) الموجود في العيون : «زيدين بن عمير بن معاوية الشامي» وحكى فيه عن نسخة اخرى «يزيد بن عمير ، عن معاوية الشامي».

١١

رسول الله روي لنا عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام أنه قال : لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين فما معناه؟ فقال : من زعم أن الله يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ومن زعم أن الله عزوجل فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه عليهم‌السلام فقد قال بالتفويض فالقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك. فقلت له : يابن رسول الله فما أمر بين أمرين؟ فقال : وجود السبيل إلى إتيان ما امروا به وترك ما نهوا عنه. فقلت له : فهل لله عزوجل مشية وإرادة في ذلك؟ فقال : أما الطاعات فإرادة الله ومشيته فيها الامر بها ، والرضا لها ، والمعاونة عليها ; وإرادته ومشيته في المعاصي النهي عنها ، والسخط لها ، والخذلان عليها. قلت : فلله عزوجل فيها القضاء؟(١) قال : نعم ما من فعل يفعله العباد من خير وشر إلا ولله فيه قضاء قلت : فما معنى هذا القضاء؟ قال : الحكم عليهم بما يستحقونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة. «ص ٧٨»

ج : رواه مرسلا مثله.

١٩ ـ ن : الدقاق ، عن محمد بن الحسن الطائي ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن جعفر الكوفي قال : سمعت سيدي علي بن محمد عليهما‌السلام يقول : حدثني أبي محمد بن علي ، عن أبيه الرضا علي بن موسى ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه عليهم‌السلام.

وحدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي ، عن إسحاق بن جعفر العلوي ، عن أبيه ، عن سليمان بن محمد القرشي ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام.

وحدثنا أبوالحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي الغرائمي ، عن أحمد بن محمد ابن رميح النسوي ، عن عبدالعزيز بن إسحاق بن جعفر ، عن عبد الوهاب بن عيسى

________________

(١) في العيون المطبوع : فهل عزوجل فيها القضاء؟.

«*» أورده الامام على بن محمد العسكري عليه‌السلام ملخصا في رسالته إلى أهل الاهواز في معنى الجبر والتفويض ، وسيوردها المصنف قدس‌سره في الباب الاتى. ويأتى عن كتاب الاحتجاج أيضا في الباب الثالث تحت رقم ١٩ وعن الارشاد تحت رقم ٧٥ وعن النهج تحت رقم ٧٩.

١٢

المروزي ، عن الحسن بن علي بن محمد البلوي ، عن محمد بن عبدالله بن نجيح ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبيه عليهم‌السلام.

وحدثنا أحمد بن الحسن القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن العباس بن بكار الضبي ، عن أبي بكر الهذلي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قالوا : لما انصرف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام من صفين قام إليه شيخ ممن شهد الوقعة معه فقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا هذا أبقضاء من الله وقدر؟ وقال الرضا في روايته عن أبائه ، عن الحسين بن علي عليهم‌السلام : دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : أجل ياشيخ فوالله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر ; فقال الشيخ عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين ، (١) فقال : مهلا يا شيخ لعلك تظن قضاءا حتما وقدرا لازما ، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، والامر والنهي والزجر ، ولسقط معنى الوعد والوعيد ، ولم تكن على مسئ لائمة ، ولا لمحسن محمدة ، ولكان المحسن أولى باللائمة من المذنب ، والمذنب أولى بالاحسان من المحسن ، تلك مقالة عبدة الاوثان و خصماء الرحمن ، وقدرية هذه الامة ومجوسها ، ياشيخ إن الله عزوجل كلف تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يخلق السماوات والارض وما بينهما باطلا(٢) ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ، قال : فنهض الشيخ وهو يقول :

________________

(١) الظاهر كما يستفاد من الكافى سقوط جملة من هنا إما من الصدوق أو من النساخ ومن روى الحديث عنه ، وهى في الكافى هكذا ; فقال له : مه يا شيخ فوالله لقد عظم الله الاجر في مسيركم وأنتم سائرون ، وفى مقامكم وأنتم مقيمون ، وفى منصرفكم وأنتم منصرفون ، ولم تكونوا في شئ من حالاتكم مكرهين ، ولا إليه مضطرين. فقال له الشيح : وكيف لم نكن في شئ من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟ فقال له : وتظن أنه كان قضاءا حتما إه وأورد مثله العلامة في شرح التجريد في باب القضاء والقدر باسناده عن الاصبغ مع اختلاف نشير إليه بعد ذلك. وفيه أيضا بعد قوله ياأمير المؤمنين قوله : ما أرى لى من الاجر شيئا. وياتى نحوه أيضا في خبر ١٩ من الباب الثالث مع زيادة.

(٢) يوجد في الكافى هنا أيضا زيادة وهى : ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا.

١٣

أنت الامام الذى نرجو بطاعته

يوم النجاة من الرحمن غفرانا

أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا

جزاك ربك عنا فيه إحسانا

فليس معذرة في فعل فاحشة

قد كنت راكبها فسقا وعصيانا

لا لا ولا قابلا ناهيه أوقعه

فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا

ولا أحب ولا شاء الفسوق ولا

قتل الولي له ظلما وعدوانا

أنى يحب وقد صحت عزيمته؟

ذو العرش أعلن ذاك الله إعلانا

لم يذكر محمد بن عمر الحافظ في آخر هذا الحديث من الشعر إلا بيتين من أوله. (١) «ص ٧٩»

يد : زاد ابن عباس في حديثه : فقال الشيخ : يا أميرالمؤمنين القضاء والقدر اللذان ساقانا؟ وما هبطنا واديا وما علونا تلعة إلا بهما؟ فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : الامر من الله والحكم ، ثم تلا هذه الآية : «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا». «ص ٣٩٠» بيان : التلعة : ما ارتفع من الارض.

قوله : عند الله أحتسب عنائي أي لما لم نكن مستحقين للاجر لكوننا مجبورين فأحتسب أجر مشقتي عندالله لعله يثيبني بلطفه ، ويحتمل أن يكون استفهاما على سبيل الانكار ، وقال الجزري : الاحتسبا من الحسب كالاعتداد من العد ، وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله : احتسبه لان له حينئذ أن يعتد عمله ، والاحتساب في الاعمال الصالحات ، وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الاجر ، وتحصيله بالتسليم والصبر ، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها. انتهى.

قوله عليه‌السلام : ولكان المذنب أولى بالاحسان أقول : لانه حمله على ما هو قبيح عقلا وشرعا ، وصيره بذلك محلا للائمة الناس ، فهو أولى بالاحسان لتدارك ذلك وأيضا لما حمل المحسن على ما هو حسن عقلا وشرعا وصار بذلك موردا لمدح الناس

________________

كالكلينى في الكافى إلا أنه قال :

أوضحت من أمرنا ما كان ملتبسا

جزاك ربك بالاحسان إحسانا.

١٤

فإن عاقبه وأضر به تداركا لما أحسن إليه كان أولى من جمع الاضرارين على المسئ ، وقيل : إنما كان المذنب أولى بالاحسان لانه لا يرضى بالذنب كما يدل عليه جبره عليه ، والمحسن أولى بالعقوبة لانه لا يرضى بالاحسان لدلالة الجبر عليه ، ومن يرضى بالاحسان أولى بالعقوبة من الذي يرضى به.

ويحتمل أن يكون هذا متفرعا على ما مر أي إذا بطل الثواب والعقاب والامر والنهي والوعد والوعيد لكان المذنب أولى الخ ; ووجهه أنه لم يبق حينئذ إلا الاحسان والعقوبة الدنيوية ، والمذنب في الدنيا متنعم بأنواع اللذات ، وليست له مشقة التكاليف الشرعية ، والمحسن في التعب والنصب بارتكاب أفعال لا يشتهيها ، وترك ما يلتذ بها مقتر عليه لاجتناب المحرمات من الاموال ، فحينئذ الاحسان الواقع للمذنب أكثر مما وقع للمحسن ، فهو أولى بالاحسان من المحسن ، والعقوبة الواقعة على المحسن أكثر مما وقع على المذنب فهو أولى بالعقوبة من المذنب. (١) والقدرية في هذا الخبر اطلقت على الجبرية وقوله : لم يعص على بناء المفعول ، وكذا قوله : ولم يطع مكرها ـ بكسر الراء ـ وفي الفتح تكلف.

وفي الكافي بعد ذلك : ولم يملك مفوضا. إشارة إلى نفي التفويض التام ، بحيث لا يقدر على صرفهم عنه ، أو بحيث لا يكون لتوفيقه وهدايته مدخل فيه.

٢٠ ـ يد ، ن : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن معلى بن محمد البصري ، عن

________________

(١) وذكر وجهين آخرين في كتابه المرآة أيضا ، أحدهما أنه لما اقتضى ذات المذنب أن يحسن إليه في الدنيا باحداث اللذات فيه فينبغى أن يكون في الاخرة أيضا كذلك ، لعدم تغير الذوات في النشأتين ، وإذا اقتضى ذات المحسن المشقة في الدنيا وإيلامه بالتكاليف الشاقة ففى الاخرة أيضا ينبغى أن يكون كذلك. الثانى ما قيل : لعل وجه ذلك أن المذنب بصدور القبائح والسيئات منه متألم منكسر البال ، لظنه أنها وقعت منه باختياره وقد كانت بجبر جابر وقهر قاهر فيستحق الاحسان ، وأن المحسن لفرحاته بصدور الحسنات عنه وزعمه أنه قد فعلها بالاختيار أولى بالعقوبة من المذنب أقول : لعل قوله : ولكان المحسن أولى إه فيه تصحيف ، وصحيحه كما في شرح التجريد في رواية الاصبغ : ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسئ ، ولا المسئ أولى بالذم من المحسن. أو كما ياتى في حديث ١٩ من الباب الثالث : ولا كان المحسن أولى إه ومعناه ظاهر لا يحتاج إلى شئ من التوجيهات المذكورة ، لان العبد اذا كان مجبورا على الفعل مسلوبا عنه الاختيار كان المحسن والمسئ كلاهما متساويين في عدم صحة استناد الاحسان والاساءة إليهما فلا يكون أحدهما أولى بالمدح أو الذم من الاخر.

١٥

الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته فقلت : الله فوض الامر إلى العباد؟ قال : الله أعز من ذلك ; قلت : فأجبرهم على المعاصي؟ قال : الله أعدل وأحكم من ذلك ، ثم قال : قال الله عزوجل : يابن آدم أنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك مني ، عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك. «ص ٣٧١ ص ٨٢»

٢١ ـ يد ، ن : الطالقاني ، عن أحمد بن علي الانصاري ، عن الهروي قال : سمعت أبا الحسن علي بن موسى بن جعفر عليهم‌السلام يقول : من قال بالجبر فلا تعطوه من الزكاة ، ولا تقبلوا لهم شهادة ، (١) إن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا يحملها فوق طاقتها ، ولا تكسب كل نفس إلا عليها ، ولا تزر وازرة وزر أخرى. «ص ٣٧١ ص ٨٢»

٢٢ ـ يد ، ن : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن الجعفري ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : ذكر عنده الجبر والتفويض فقال : ألا أعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه ولا يخاصمكم عليه أحد إلا كسرتموه؟(٢) قلنا : إن رأيت ذلك ; فقال : إن الله عزوجل لم يطع بإكراه ، ولم يعص بغلبة ، ولم يهمل العباد في ملكه ، هو المالك لما ملكهم ، والقادر على ما أقدرهم عليه ، فإن ائتمر العباد بطاعته(٣) لم يكن الله عنها صادا ، ولا منها مانعا ، وإن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل ، وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه ، ثم قال عليه‌السلام : من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه. «ص ٣٧٠ ص ٨٢»

ج : مرسلا مثله(٤) «٢٢٥ ـ ٢٢٦»

بيان : لعل ذكر الائتمار ثانيا للمشاكلة ، أو هو بمعنى الهم ، أو الفعل من غير مشاورة ، كما ذكر في النهاية والقاموس.

٢٣ ـ يد ، مع : حدثنا أبوالحسن محتمل بن سعيد السمرقندي(٥) الفقيه بأرض بلخ

________________

(١) في المصدرين : ولا تقبلوا له شهادة. م

(٢) في التوحيد المطبوع : ولا تخاصمون عليه أحدا إلا كسرتموه.

(٣) ائتمر الامر وبه : امتثله. أقول : أورد الحديث الكلينى في باب القضاء والقدر.

(٤) الا ان صدر الرواية من قوله : «فقال الا أعطيكم» إلى قوله : «قلنا ان رايت ذلك» غير مذكور في المصدر. م

(٥) كذا في النسخ ولعله تصحيف «محمد».

١٦

قال : حدثنا أبوأحمد محمد بن أحمد بن الزاهد السمرقندي بإسناد رفعه إلى الصادق عليه‌السلام أنه سأله رجل فقال له : إن أساس الدين التوحيد والعدل ، وعلمه كثير لابد لعاقل منه ، فاذكر ما يسهل الوقوف عليه ، ويتهيأ حفظه. فقال : أما التوحيد فأن لا تجوز على ربك ما جاز عليك ، وأما العدل فأن لا تنسب إلى خالقك ما لامك عليه «ص ٨٣»

٢٤ ـ فس : قوله : «وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم» إلى قوله : «سابقين» (١) فهذا رد على المجبرة الذين زعموا أن الافعال لله عزوجل ، ولا صنع لهم فيها ولا اكتساب ، فرد الله عليهم فقال : فكلا أخذنا بذنبه ، ولم يقل : بفعلنا لانه عزوجل أعدل من أن يعذب العبد على فعله الذي يجبره عليه. «ص ٤٩٦»

٢٥ ـ فس : محمد بن أبي عبدالله ، عن موسى بن عمران ، عن النوفلي ، عن السكوني قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : وجدت لاهل القدر أسماءا في كتاب الله : «إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شئ خلقناه بقدر» فهم المجرمون. «ص ٦٥٧».

٢٦ ـ ج : عن أبي حمزة الثمالي أنه قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام للحسن البصري : إياك أن تقول بالتفويض(٢) فإن الله عزوجل لم يفوض الامر إلى خلقه وهنا منه وضعفا ، ولا أجبرهم على معاصيه(٣) ظلما. الخبر «ص ١٧٨»

٢٧ ـ يد : الدقاق ، عن الاسدي ، عن خنيس بن محمد ، عن محمد بن يحيى الخزاز ، عن المفضل ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين ، قال : قلت : ما أمر بين أمرين؟ قال : مثل ذلك مثل رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصيته. «ص ٣٧»

٢٨ ـ عد : اعتقادنا في الجبر والتفويض قول الصادق عليه‌السلام : لا جبر ولا تفويض «ص ٦٩»

________________

(١) العنكبوت : ٣٩.

(٢) ليست هذه العبارة مروية على استقلالها في المصدر : بل مذكورة في ضمن حديث مفصل. م

(٣) في نسخة : المعاصى.

١٧

اقول : وساق الخبر إلى آخر ما رواه المفضل ، وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرحه : الجبر هو الحمل على الفعل ، والاضطرار إليه بالقسر والغلبة ، وحقيقة ذلك إيجاد الفعل في الخلق من غير أن يكون له قدرة على دفعه والامتناع من وجوده فيه ، وقد يعبر عما يفعله الانسان بالقدرة التي معه على وجه الاكراه له على التخويف و الالجاء أنه جبر ، والاصل فيه ما فعل من غير قدرة على امتناعه منه حسب ما قدمناه ، وإذا تحقق القول في الجبر على ما وصفناه كان مذهب الجبر هو قول من يزعم أن الله تعالى خلق في العبد الطاعة من غير أن يكون للعبد قدرة على ضدها والامتناع منها ، وخلق فيهم المعصية كذلك ، فهم المجبرة حقا ، والجبر مذهبهم على التحقيق ، والتفويض هو القول برفع الحظر(١) عن الخلق فالافعال والاباحة لهم ، مع ما شاؤوا من الاعمال ، وهذا قول الزنادقة وأصحاب الاباحات ، والواسطة بين هذين القولين أن الله أقدر الخلق على أفعالهم ، ومكنهم من أعمالهم ، وحد لهم الحدود في ذلك ، ورسم لهم الرسوم ، و نهاهم عن القبائح بالزجر والتخويف والوعد والوعيد ، فلم يكن بتمكينهم من الاعمال مجبرا لهم عليها ، ولم يفوض إليهم الاعمال لمنعهم من أكثرها ، ووضع الحدود لهم فيها ، وأمرهم بحسنها ونهاهم عن قبيحها ، فهذا هو الفصل بى الجبر والتفويض على ما بيناه.

٢٩ ـ ج : عن هشام بن الحكم قال : سأل الزنديق أبا عبدالله عليه‌السلام فقال : أخبرني عن الله عزوجل كيف لم يخلق الخلق كلهم مطيعين موحدين وكان على ذلك قادرا؟ قال عليه‌السلام : لو خلقهم مطيعين لم يكن لهم ثواب لان الطاعة إذا ما كانت فعلهم لم تكن جنة ولا نار ، ولكن خلق خلقه فأمرهم بطاعته ، ونهاهم عن معصيته ، واحتج عليهم برسله ، وقطع عذرهم بكتبه ليكونوا هم الذين يطيعون ويعصون ، ويستوجبون بطاعتهم له الثواب ، وبمعصيتهم إياه العقاب. قال : فالعمل الصالح من العبد هو فعله ،

________________

(١) الحظر : المنع ، وظاهره انه رحمه الله يفسر التفويض بالالحاد مع أن الظاهر ان المراد بالتفويض في الاخبار هو ما قالت به المعتزلة في مقابل الاشاعرة ، وهو أن الافعال مخلوقة للانسان ، وإن كانت القوى والادوات مخلوقة لله خلافا لما ينسب إلى الاشاعرة أن الجميع مخلوقة لله. ط

١٨

والعمل الشر من العبد هو فعله؟ قال : العمل الصالح العبد يفعله والله به أمره ، و العمل الشر العبد يفعله والله عنه نهاه ; قال : أليس فعله بالآلة التي ركبها فيه؟(١) قال : نعم ، ولكن بالآلة التي عمل بها الخير قدر بها على الشر الذي نهاه عنه. (٢) قال : فإلى العبد من الامر شئ؟ قال : ما نهاه الله عن شئ إلا وقد علم أنه يطيق تركه ، ولا أمره بشئ إلا وقد علم أنه يسطيع فعله لانه ليس من صفته الجور والعبث والظلم وتكليف العباد ما لا يطيقون.

قال : فمن خلقه الله كافرا يستطيع الايمان وله عليه بتركه الايمان حجة؟ قال عليه‌السلام : إن الله خلق خلقه جميعا مسلمين ، أمرهم ونهاهم ، والكفر اسم يلحق الفعل حين يفعله العبد ، ولم يخلق الله العبد حين خلقه كافرا إنه إنما كفر من بعد أن بلغ وقتا لزمته الحجة من الله فعرض عليه الحق فجحده فبإنكاره الحق صار كافرا ، قال : فيجوز أن يقدر على العبد الشر ويأمره بالخير وهو لا يستطيع الخير أن يعمله ويعذبه عليه؟ قال : إنه لا يليق بعدل الله ورأفته أن يقدر على العبد الشر ويريده منه ، ثم يأمره بما يعلم أنه لا يستطيع أخذه ، والانزاع عما لا يقدر على تركه ، ثم يعذبه على تركه أمره الذي علم أنه لا يستطيع أخذه الخبر «ص ١٨٦»

عد : اعتقادنا في أفعال العباد أنها مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين ، ومعنى ذلك أنه لم يزل الله عالما بمقاديرها.

اقول : قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح العقائد عند شرح هذا الكلام الذي ذكره أبوجعفر رحمه الله : قد جاء به حديث غير معمول به ، ولا مرضي الاسناد ، (٣)

________________

(١) وهى قدرته وإرادته ومشيته

(٢) أى الالة التى جعلها الله في العبد لا يقتضى طرفا من الفعل دون طرفه الاخر حتى يكون العبد مقهورا لها ومجبورا على الفعل بسببها فيستند الفعل إلى الله وينفى عن العبد ، بل الالة وهى قدرة العبد وإرادته يقتضى طرفى الفعل من الوجود والعدم ، ويمكن أن يستعملها في الخير والشر ، فتخصيص طرفى الفعل أو الخير والشر بالوجود من العبد.

(٣) وهو الحديث الاتى تحت رقم ٣٧ و ٣٨ ، وفيهما عبدالواحد بن محمد بن عبدوس ولم يرو توثيقه من قدماء أهل الرجال.

١٩

والاخبار الصحيحة بخلافه وليس نعرف في لغة العرب أن العلم بالشئ هو خلق له ، ولو كان ذلك كما قال المخالفون للحق لوجب أن يكون من علم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد خلقه ، ومن علم السماء والارض فهو خالق لهما ، ومن عرف بنفسه شيئا من صنع الله تعالى وقرره في نفسه أن يكون خالقا له ; وهذا محال لا يذهب وجه الخطأ فيه على بعض رعية الائمة عليهم‌السلام فضلا عنهم.

فأما التقدير فهو الخلق في اللغة لان التقدير لا يكون إلا بالفعل ، فأما بالعلم فلا يكون تقديرا ، ولا يكون أيضا بالفكر ، والله متعال عن خلق الفواحش والقبائح على كل حال. وقد روي عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام أنه سئل عن أفعال العباد أهي مخلوقة لله تعالى؟ فقال عليه‌السلام لو كان خالقا لها لما تبرأ منها وقد قال سبحانه : «إن الله برئ من المشركين» ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم ، وإنما تبرأ من شركهم وقبائحهم ، و كتاب الله تعالى المقدم على الاحاديث والروايات ، وإليه يتقاضى في صحيح الاخبار و سقيمها ، فما قضى به فهو الحق دون ما سواه ، قال الله تعالى : «الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الانسان من طين» فخبر بأن كل شئ خلقه فهو حسن غير قبيح ، فلو كانت القبائح من خلقه لما حكم بحسن جميع ما خلق ، وقال تعالى : «ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت» فنفى التفاوت عن خلقه ، وقد ثبت أن الكفر والكذب متفاوت في نفسه ، والمتضاد من الكلام متفاوت فكيف يجوز أن يطلقوا على الله تعالى أنه خالق لافعال العباد وفي أفعال العباد من التفاوت ما ذكرناه؟

٣٠ ـ ج : مما أجاب به أبوالحسن علي بن محمد العسكري عليه‌السلام في رسالته إلى أهل الاهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض أن قال : اجتمعت الامة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها ، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون ، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تجتمع أمتي على ضلالة ، فأخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن ما اجتمعت عليه الامة ولم يخالف بعضها بعضا هو الحق ، فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون ، ولا ما قاله المعاندون من إبطال

________________

«*» سيأتى الحديث مفصلا في الباب الاتى بصورة اخرى عن تحف العقول.

٢٠