بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

فلما أسكن الله عزوجل آدم وزوجته الجنة قال لهما : « كلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة » يعني شجرة الحنطة « فتكونا من الظالمين » (١) فنظر إلى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة من بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا : يا ربنا لمن هذه المنزلة؟

فقال الله جل جلاله : ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي ، فرفعا رؤوسهما فوجدا(٢) اسم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة بعدهم صلوات الله عليهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله.

فقالا : : يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك وما أحبهم إليك وما أشرفهم لديك؟! فقال الله جل جلاله : لولاهم ما خلقتكما ، هؤلاء خزنة علمي وامنائي على سري ، إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد وتتمنيا منزلتهم عندي ومحلهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين.

قالا ربنا ومن الظالمون؟ قال : المدعون لمنزلتهم بغير حق ، قالا : ربنا فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك ، فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب ، وقال الله عزوجل : مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها ، كلما أرادوا أن يخرجوا منها اعيدوا فيها ، وكلما نضجت جلودهم بدلوا سواها ليذوقوا العذاب.

يا آدم ويا حوا لا تنظرا إلى أنواري(٣) وحججي بعين الحسد فاهبطكما عن جواري ، وأحل بكما هواني.

فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكون ملكين أو تكونا من الخالدين ، وقاسمهما

__________________

(١) البقرة : ٢٣.

(٢) في نسخة : فوجدا أسماء.

(٣) في نسخة : إلى ابرارى.

٣٢١

إني لكما من الناصحين ، فدلاهما بغرور ، (١) وحملهما على تمني منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد(٢) فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد بمكان ما أكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه ، وأصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه.

فلما أكلا من الشجرة طار الحلي والحلل عن أجسادهما وبقيا عريانين وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ، فقالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.

قال : اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني ، فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش.

فلما أراد الله عزوجل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما : انكما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عزوجل إلى أرضه ، فاسألا ربكما بحق الاسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما.

فقالا : اللهم إنا نسألك بحق الاكرمين عليك محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة إلا تبت علينا ورحمتنا ، فتاب الله عليهما إنه هو التواب الرحيم.

فلم تزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الامانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من اممهم فيأبون حملها ويشفقون من ادعائها وحملها الانسان الذي قد

__________________

(١) قوله : فوسوس. إلى ههنا مأخوذ من القرآن راجع سورة الاعراف : ١٩ ـ ٢١.

(٢) في الحديث غرابة شديدة بعد ما ورد من الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين من عصمة الانبياء عليهم‌السلام وصيانتهم عن فعل المعصية ، والحديث صريح في معصية آدم وانه بعد ما علم حرمة الحسد ورأى مكان الظالمين في جهنم حسد وتمنى ما يتمنى الظالمون فعليه فالحديث مطروح أو مؤول بما لا ينافى ذلك ، هذا مضاف إلى ان اسناده لا يخلو عن ضعف وغلو.

٣٢٢

عرف ، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة ، وذلك قول الله(١) عزوجل : « إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا ».(٢)

بيان : الانسان الذي عرف هو أبوبكر.

٣ ـ مع : الدقاق عن العلوي عن جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن الحسين بن زيد عن محمد بن زياد عن المفضل عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : سألته عن قول الله عز وجل : « وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات » ما هذه الكلمات؟ قال : هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه ، وهو أنه قال : يارب أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي ، فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم.

فقلت له : يا بن رسول الله فما يعني عزوجل بقوله : « أتمهن » (٣) قال : يعني أتمهن إلى القائم عليه‌السلام اثنى عشر إماما تسعة من ولد الحسين عليه‌السلام ، قال المفضل : فقلت له : يا ابن رسول الله (ص) فأخبرني عن قول الله عزوجل : « وجعلها كلمة باقية في عقبه » (٤) قال : يعني بذلك الامامة جعلها الله في عقب الحسين عليه‌السلام إلى يوم القيامة.

قال : فقلت له : يابن رسول الله فكيف صارت الامامة في ولد الحسين دون الحسن وهما جميعا ولدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال عليه‌السلام : إن موسى وهارون كانا نبيين مرسلين أخوين فجعل الله النبوة في صلب هارون من دون صلب موسى ، ولم يكن لاحدأن يقول : لم فعل الله ذلك؟ فان الامامة خلافة الله عزوجل ليس لاحد أن يقول : لم جعلها الله في صلب الحسين دو

__________________

(١) الاحزاب : ٧٢.

(٢) معانى الاخبار : ٣٧ و ٣٨.

(٣) البقرة : ١١٨.

(٤) الزخرف : ٢٧.

٣٢٣

صلب الحسن؟ لان الله هو الحكيم في أفعاله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.(١)

ل : ابن موسى عن العلوي مثله.(٢)

٤ ـ ل ، ن ، مع : (٣) علي بن الفضل عن أحمد بن محمد بن سليمان عن محمد بن علي بن خلف عن حسين الاشقر عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن ابن جبير عن ابن عباس قال : سألت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي ، فتاب الله عليه.(٤)

فض : عن أحمد بن عبدالوهاب يرفعه باسناده مثله.(٥)

٥ ـ مع : ابن المتوكل عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن العباس بن معروف عن بكر بن محمد قال : حدثني أبوسعيد المدائني يرفعه في قول الله عزوجل : « فتلقى آدم من ربه كلمات » قال : سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام.(٦)

٦ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمد عن الحسن بن علي الخزاز عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : قال آدم عليه‌السلام : يا رب بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي ، فأوحى الله إليه : يا آدم وما علمك(٧) بمحمد؟ فقال : حين خلقتني رفعت رأسي فرأيت في العرش مكتوبا : محمد رسول الله علي أمير المؤمنين.(٨)

__________________

(١) معانى الاخبار : ٤٢.

(٢) الخصال ١ : ١٤٦.

(٣) هكذا في النسخ والظاهر انه مصحف « لى » راجع الامالى : ٤٦.

(٤) الخصال ١ : ١٣٠. معانى الاخبار : ٤٢.

(٥) الروضة : ١٢٩.

(٦) معانى الاخبار : ٤٢ والاية في البقرة : ٣٥.

(٧) هذا ينافى ما تقدم في الحديث الثانى من ان الله تبارك وتعالى عرفه مكانه ومكان ذريته.

(٨) قصص الانبياء : مخطوط.

٣٢٤

شف : من كتاب علي بن محمد القزويني عن التلعكبري عن محمد بن سهل عن الحميري رفعه قال : قال آدم عليه‌السلام : وذكر مثله.(١)

٧ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق عن النقاش عن ابن عقدة عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن الرضا عليه‌السلام قال : لما أشرف نوح (ع) على الغرق دعا الله بحقنا فدفع الله عنه الغرق ، ولما رمي إبراهيم في النار دعا الله بحقنا فجعل الله النار عليه بردا وسلاما.

وإن موسى عليه‌السلام لما ضرب طريقا في البحر ، دعا الله بحقنا فجعله يبسا(٢) وإن عيسى عليه‌السلام لما أراد اليهود قتله ، دعا الله بحقنا فنجي من القتل فرفعه(٣) إليه.(٤)

٨ ـ شف : محمد بن علي الكاتب الاصفهاني عن علي بن إبراهيم القاضي عن أبيه عن جده عن أبي أحمد الجرجاني عن عبدالله بن محمد الدهقان عن إسحاق بن إسرائيل عن حجاج عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه قال : لما خلق الله تعالى آدم ونفخ فيه من روحه عطس فألهمه الله : الحمد لله رب العالمين فقال له ربه : يرحمك ربك ، فلما أسجد له الملائكة تداخله العجب فقال : يارب خلقت خلقا أحب إليك مني؟ فلم يجب ، ثم قال الثانية فلم يجب ، ثم قال الثالثة فلم يجب(٥).

ثم قال الله عزوجل له : نعم ، ولولاهم ما خلقتك ، فقال : يا رب فأرنيهم فأوحى الله عزوجل إلى ملائكة الحجب أن ارفعوا الحجب ، فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدام العرش فقال : يارب من هؤلاء؟

__________________

(١) اليقين : ٣٧.

(٢) في نسخة : سببا.

(٣) في نسخة : ورفعه اليه.

(٤) قصص الانبياء : مخطوط.

(٥) في المصدر : ثم قال الثالثة فقال.

٣٢٥

قال : يا آدم هذا محمد نبيي ، وهذا علي أمير المؤمنين ابن عم نبيي ووصيه وهذه فاطمة ابنة نبيي ، وهذان الحسن والحسين ابنا علي وولدا نبيي ، ثم قال : يا آدم هم ولدك ، ففرح بذلك.

فلما اقترف الخطيئة قال : يا رب أسألك بمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين لما غفرت لي ، فغفر الله له بهذا ، فهذا الذي قال الله عزوجل : « فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه » فلما هبط إلى الارض صاغ خاتما فنقش عليه : محمد رسول الله ، وعلي أمير المؤمنين ، ويكنى آدم بأبي محمد عليه‌السلام.(١)

٩ ـ شى : عن عبدالرحمان بن كثير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى عرض على آدم في الميثاق ذريته فمر به النبي (ص) وهو متكئ على علي عليه‌السلام وفاطمة صلوات الله عليها تتلوهما ، والحسن والحسين عليهما‌السلام يتلوان فاطمة فقال الله : يا آدم إياك أن تنظر إليهم بحسد اهبطك من جواري.

فلما أسكنه الله الجنة مثل له النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم فنظر إليهم بحسد ، ثم عرضت عليه الولاية فأنكرها فرمته الجنة بأوراقها فلما تاب إلى الله من حسده وأقر بالولاية ودعا بحق الخمسة : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم غفر الله له ، وذلك قوله : « فتلقى آدم من ربه كلمات » الآية(٢).

١٠ ـ م : قال الحسين بن علي عليهما‌السلام : إن الله تعالى لما خلق آدم وسواه(٣) وعلمه أسمآء كل شئ وعرضهم على الملائكة جعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين أشباحا خمسة في ظهر آدم ، وكان أنوارهم تضيئ في الافاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي والعرش ، فأمر الله الملائكة بالسجدة(٤) لآدم تعظيما له

__________________

(١) اليقين : ٣٠ و ٣١. والاية في البقرة : ٣٥.

(٢) تفسير العياشى ١ : ٤١ والاية في البقرة : ٣٥.

(٣) في المصدر : واستواه.

(٤) في المصدر : بالسجود.

٣٢٦

أنه قد فضله بأن جعله وعاء لتلك الاشباح التي قدعم أنوارها الآفاق(١).

فسجدوا إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله وأن يتواضع لانوارنا أهل البيت ، وقد تواضعت لها الملائكة كلها فاستكبر وترفع فكان(٢) بابآئه ذلك وتكبره من الكافرين.

قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما : حدثني أبي عن أبيه عن رسول الله (ص) قال : قال : يا عباد الله إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ كان الله قد نقل أشباحنا من ذروة العرش إلى ظهره رأى النور ولم يتبين الاشباح ، فقال : يارب ما هذه الانوار؟ قال الله عزوجل : أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعآء لتلك الاشباح.

فقال آدم : يا رب لو بينتها لي ، فقال الله تعالى : انظر يا آدم إلى ذروة العرش فنظر آدم عليه‌السلام ووقع(٣) نور أشباحنا من ظهر آدم على ذروة العرش فانطبع فيه صور أشباحنا كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا.

فقال : ماهذه الاشباح يا رب؟ فقال : يا آدم هذه الاشباح أفضل خلائقي وبرياتي ، هذا محمد وأنا الحميد المحمود في أفعالي(٤) ، شققت له اسما من اسمي ، وهذا علي ، وأنا العلي العظيم ، شققت له اسما من اسمي ، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والارضين ، فاطم أعدائي عن رحمتي(٥) يوم فصل قضائي ، وفاطم أوليآئي عما يعتريهم(٦)

__________________

(١) في نسخة : في الافاق.

(٢) في المصدر : واستكبر وترفع وكان.

(٣) في المصدر : ورفع.

(٤) في المصدر : وأنا المحمود الحميد في افعاله.

(٥) في المصدر : [ افاطم اعدائى من رحمتى ] أقول : فطم الحبل : قطعه. الولد فصله عن رضاع. فطمه عن العادة : قطعه عنها.

(٦) أى عما يصيبهم.

٣٢٧

ويشينهم ، فشققت لها اسما من اسمي ، وهذا الحسن وهذا الحسين(١) وأنا المحسن المجمل ، شققت لهما اسما من اسمي(٢).

هؤلآء خيار خليقتي وكرام بريتي ، بهم آخذ وبهم اعطي وبهم اعاقب وبهم اثيب ، فتوسل إلي بهم يا آدم ، وإذا دهتك(٣) داهية فاجعلهم إلي شفعآءك ، فإني آليت(٤) على نفسي قسما حقا لا اخيب بهم آملا ولا أرد بهم سائلا ، فلذلك حين زلت(٥) منه الخطيئة دعا(٦) الله عزوجل بهم فتاب عليه(٧) وغفر له(٨).

١١ ـ م : إن موسى عليه‌السلام لما أراد أن يأخذ عليهم عهد الفرقان(٩) وفرق ما بين المحقين والمبطلين لمحمد (ص) بنبوته ولعلي عليه‌السلام بامامته وللائمة الطاهرين بامامتهم ، قالوا : لن نؤمن لك أن هذا أمر ربك حتى نرى الله جهرة عيانا يخبرنا بذلك ، فأخذتهم الصاعقة معاينة وهم ينظرون إلى الصاعقة تنزل عليهم ، وقال الله عزوجل : يا موسى إني أنا المكرم أوليآئي والمصدقين بأصفيآئي ولا ابالي أنا (١٠) المعذب لاعدائي الدافعين حقوق أصفيآئي ولا أبالي.

فقال موسى للباقين الذين لم يصعقوا : ماذا تقولون؟ أتقبلون وتعترفون؟ وإلا فأنتم بهؤلآء لاحقون ، قالوا : يا موسى لا ندري ما حل بهم لماذا أصابهم ، كانت الصاعقة

__________________

(١) في المصدر : وهذان الحسن والحسين.

(٢) في المصدر : شققت اسميهما من اسمى.

(٣) أى اذا اصابتك داهية.

(٤) أى حلفت.

(٥) في نسخة : نزلت.

(٦) في نسخة : ودعا الله.

(٧) في نسخة : فتيب عليه.

(٨) التفسير المنسوب إلى الامام العسكرى عليه‌السلام : ٨٨.

(٩) في المصدر : عهدا بالفرقان.

(١٠) في المصدر : وكذلك انا.

٣٢٨

ما أصابتهم لاجلك إلا أنها(١) كانت نكبة من نكبات الدهر تصيب البر والفاجر فان كانت إنما أصابتهم لردهم عليك في أمر محمد وعلي وآلهما فسأل الله ربك بمحمد وآله هؤلاء الذين تدعونا إليهم أن يحيي هؤلآء المصعوقين لنسألهم لماذا أصابهم ما أصابهم.

فدعا الله عزوجل لهم موسى فأحياهم الله عزوجل ، فقال لهم موسى : سلوهم لماذا أصابهم ، فسألوهم فقالوا : يا بني إسرائيل أصابنا ما أصابنا لابائنآ اعتقاد نبوة محمد مع اعتقاد إمامة علي ، (٢) لقد رأينا بعد موتنا هذا ممالك ربنا من سماواته وحجبه وكرسيه وعرشه وجنانه ونيرانه ، فما رأينا أنفذ أمرا في جميع تلك الممالك وأعظم سلطانا من محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين.

وإنا لما متنا بهذه الصاعقة ذهب بنا إلى النيران فناداهم محمد وعلي عليهما‌السلام : كفوا عن هؤلآء عذابكم ، فهؤلآء يحيون بمسألة سائل ربنا(٣) عزوجل بنا وبآلنا الطيبين وذلك حين لم يقذفوا في الهاوية فأخرونا(٤) إلى أن بعثنا بدعائك ياموسى بن عمران بمحمد وآله الطيبين.

فقال الله عزوجل لاهل عصر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله : فاذا كان بالدعآء بمحمد وآله الطيبين نشر(٥) ظلمة أسلافكم المصعوقين بظلمهم ، أفما يجب عليكم(٦) أن لا تتعرضوا لمثل ما هلكوا به إلى أن أحياهم الله عزوجل(٧)؟

__________________

(١) لعل الصحيح : او انها كانت.

(٢) في نسخة : لابآئنا اعتقاد امامة على بعد اعتقادنا بنبوة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

(٣) في المصدر : سائل يسأل ربنا.

(٤) في المصدر : واخرونا.

(٥) في المصدر : بشر.

(٦) في نسخة : معاشر اليهود أفما يجب عليكم.

(٧) التفسير المنسوب إلى الامام العسكرى عليه‌السلام : ١٠٢.

٣٢٩

١٢ ـ م : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لليهود : معاشر اليهود تعاندون رسول الله(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله وتأبون الاعتراف بأنكم كنتم تكذبون ، ولستم من الجاهلين بأن الله لا يعذب بها أحدا ولا يزيل عن فاعل هذه عذابه أبدا ، إن آدم عليه‌السلام لم يقترح على ربه المغفرة لذنبه إلا بالتوبة ، فكيف تقترحونها أنتم مع عنادكم؟

قيل : وكيف كان ذلك يا رسول الله؟ فقال رسول الله (ص) : لما وقعت(٢) الخطيئة من آدم واخرج من الجنة وعوتب ووبخ قال : يارب إن تبت وأصلحت أتردني إلى الجنة؟

قال : بلى ، قال آدم : فكيف أصنع يارب حتى أكون تائبا تقبل توبتي؟ فقال الله تعالى : تسبحني بما أنا أهله ، وتعترف بخطيئتك كما أنت أهله ، وتتوسل إلي بالفاضلين الذين علمتك أسمآءهم وفضلتك بهم على ملائكتي وهم محمد وآله الطيبون وأصحابه الخيرون.

فوفقه الله تعالى فقال : يارب لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني وأنت أرحم الراحمين(٣) بحق محمد وآله الطيبين وخيار أصحابه المنتجبين ، سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم ، بحق محمد وآله الطيبين وخيار أصحابه المنتجبين.

فقال الله لقد قبلت توبتك ، وآية ذلك أن انقي بشرتك فقد تغيرت وكان ذلك لثلاث عشر من شهر رمضان ، فصم هذه الثلاثة الايام التي تستقبلك ، فهي أيام البيض ينقي الله في كل يوم بعض بشرتك ، فصامها فنقى في كل يوم منها ثلث بشرته.

فعند ذلك قال آدم : يارب ما أعظم شأن محمد وآله وخيار أصحابه؟ فأوحى الله إليه : يا آدم إنك لو عرفت كنه جلال محمد عندي وآله وخيار أصحابه لاحببته حبا

__________________

(١) في نسخة : رسول الله رب العالمين.

(٢) في نسخة : لما زلت.

(٣) في نسخة : انك أنت أرحم الراحمين.

٣٣٠

يكون أفضل أعمالك ، قال : يارب عرفني لاعرف.

قال الله تعالى : يا آدم إن محمدا لو وزن به جميع الخلق من النبيين والمرسلين والملائكة المقربين وسائر عبادي الصالحين من أول الدهر إلى آخره ومن الثرى إلى العرش لرجح بهم ، وإن رجلا من خيار آل محمد لو وزن به جميع آل النبيين لرجح به ، وإن رجلا من خيار أصحاب محمد لو وزن به جميع أصحاب المرسلين لرجح بهم.

يا آدم لو أحب رجل من الكفار أو جميعهم رجلا من آل محمد وأصحابه الخيرين لكافأه الله عن ذلك بأن يختم له بالتوبة والايمان ثم يدخله الله الجنة ، إن الله ليفيض على كل واحد من محبي محمد وآل محمد وأصحابه من الرحمة ما لو قسمت على عدد كعدد كل ما خلق الله من أول الدهر إلى آخره وكانوا كفارا لكفاهم ولاداهم إلى عاقبة محمودة الايمان بالله حتى يستحقوا به الجنة.

ولو أن رجلا ممن يبغض آل محمد وأصحابه الخيرين أو واحدا منهم لعذبه الله عذابا لو قسم على مثل عدد ما خلق الله لاهلكهم الله أجمعين.(١)

بيان : قوله : لا يعذب بها ، أي بالتوبة والاعتراف ، قوله : عن فاعل هذه أي المعاندة.

١٣ ـ فض ، يل : بالاسناد يرفعه إلى ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لما خلق آدم فسأل ربه أن يريه ذريته من الانبياء والاوصياء المقربين إلى الله عزوجل ، فأنزل الله عليه صحيفة فقرأها كما علمه الله تعالى إلى أن انتهى إلى محمد النبي العربي عليه أفضل الصلاة والسلام فوجد عند اسمه اسم علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال آدم : هذا نبي بعد محمد.

فهتف به هاتف يسمع صوته ولا يرى شخصه يقول : هذا وارث علمه وزوج ابنته ووصيه وأبوذريته عليه‌السلام ، فلما وقع آدم في الخطيئة جعل يتوسل إلى الله

__________________

(١) التفسير المنسوب إلى الامام العسكرى عليه‌السلام : ١٥٧.

٣٣١

تعالى بهم عليهم‌السلام فتاب الله عليه.

١٤ ـ طا : رويت عن شيخي محمد بن النجار من ثقات العامة من كتابه الذي جعله تذييلا على تاريخ الخطيب عن محمد بن أحمد بن بختيار عن محمد بن الحسن بن محمد الهمداني عن الحسين بن الحسن بن زيد عن الحسن بن أحمد العلوي عن الحسن بن عبدالرحمان بن خلاد وبكر بن أحمد بن مخلد وأبي عبدالله الغالبي عن محمد بن هارون المنصوري عن أحمد بن شاكر عن يحيى بن أكثم القاضي عن المأمون عن عطية العوفي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال :

ما أراد الله عزوجل أن يهلك قوم نوح عليه‌السلام أوحى الله إليه : أن شق ألواح الساج ، فلما شقها لم يدر ما يصنع بها فهبط جبرئيل فأراه هيئة السفينة ومعه تابوت فيه مائة ألف مسمار وتسعة وعشرون ألف مسمار ، فسمر بالمسامير كلها السفينة إلى أن بقيت خمسة مسامير.

فضرب بيده إلى مسمار منها فأشرق في يده وأضاء كمايضئ الكوكب الدري في أفق السماء ، فتحير من ذلك نوح فأنطق الله ذلك المسمار بلسان طلق ذلق(١) فقال له : يا جبرئيل ما هذا المسمار الذي ما رأيت مثله؟ قال : هذا باسم خير الاولين والآخرين : محمد بن عبدالله ، أسمره في أولها على جانب السفينة اليمين.

ثم ضرب بيده على مسمار ثانى فأشرق وأنار ، فقال نوح : وما هذا المسمار؟

فقال : مسمار أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب فأسمره على جانب السفينة اليسار في أولها.

ثم ضرب بيده إلى مسمار ثالث فزهر وأشرق وأنار فقال : هذا مسمار فاطمة فأسمره إلى جانب مسمار أبيها.

ثم ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر وأنار فقال : هذا مسمار الحسن فأسمره إلى جانب مسمار أبيه.

ثم ضرب بيده إلى مسمار خامس فأشرق وأنار وبكى فقال : يا جبرئيل ما هذه

__________________

(١) في المصدر بعد ذلك زيادات.

٣٣٢

النداوة؟ فقال : هذا مسمار الحسين بن علي سيد الشهداء فأسمره إلى جانب مسمار أخيه, ثم قال النبي (ص) : « وحملناه على ذات ألواح ودسر » (١) قال النبي (ص) : الالواح خشب السفينة ، ونحن الدسر(٢) لولانا ما سارت السفينة بأهلها.(٣)

١٥ ـ فر : محمد بن القاسم بن عبيد عن الحسن بن جعفر عن الحسين بن سوار عن محمد بن عبدالله عن شجاع بن الوليد ، وأبوبدر السكوني(٤) عن الاعمش عن أبي صالح عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : لما نزلت الخطيئة بآدم وأخرج من الجنة أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا آدم ادع ربك ، قال : يا حبيبي جبرئيل ما أدعو؟ قال قل : رب أسألك بحق الخمسة الذين تخرجهم من صلبي آخر الزمان إلا تبت علي ورحمتني فقال له آدم : يا جبرئيل سمهم لي ، قال : قل « اللهم بحق محمد نبيك وبحق علي وصي نبيك وبحق فاطمة بنت نبيك وبحق الحسن والحسين سبطي نبيك إلا تبت علي فارحمني » (٥).

فدعا بهن آدم فتاب الله عليه ، وذلك قول الله تعالى : « فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه » وما من عبد مكروب يخلص النية ويدعو بهن إلا استجاب الله له.(٦)

١٦ ـ فر : محمد بن أحمد معنعنا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه(٧) قال : قال رسول الله (ص) : إن الله تعالى عرض ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام على أهل السماوات وأهل الارض فقبلوها ما خلا يونس بن متى فعاقبه الله وحبسه في بطن الحوت

__________________

(١) القمر : ١٣.

(٢) الدسر : المسمار.

(٣) امان الاخطار : ١٠٧ و ١٠٨.

(٤) هكذا في النسخ وفى المصدر : ابوبدر بلا عاطف ورفعه بحدثنى او اخبرنى.

(٥) في المصدر : ورحمتنى.

(٦) تفسير فرات : ١٣ والاية في البقرة : ٣٥.

(٧) في المصدر : عن جده.

٣٣٣

لانكاره ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام حتى قبلها.

قال أبويعقوب : (١) فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لانكاري ولاية علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال أبوعبدالله : فأنكرت الحديث فعرضته على عبدالله بن سليمان المدني فقال لي : لا تجزع منه فإن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام خطب بنا بالكوفة فحمد الله تعالى وأثنى عليه فقال في خطبته : فلولا إنه كان من المقرين(٢) للبث في بطنه إلى يوم يبعثون.

فقال إليه فلان بن فلان وقال : يا أمير المؤمنين إنا سمعنا الله(٣) فلولا انه كان من المسبحين ، (٤) فقال : اقعد يابكار فلولا إنه كان من المقرين(٥) للبث إلى آخر الآية.(٦)

أقول : قد مضى في أبواب أحوال الانبياء عليهم‌السلام أخبار كثيرة في ذلك لاسيما أحوال آدم وموسى وإبراهيم عليهم‌السلام ، وكذا في أبواب معجزات النبي (ص) ، وسيأتي في رواية سعد بن عبدالله عن القائم صلوات الله عليه أن زكريا عليه‌السلام سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة فأهبط عليه جبرئيل فعلمه إياها.

__________________

(١) ابويعقوب هذا وأبوعبدالله الاتى بعد ذلك كانا في الاسناد فحذفا ووقع اجمال في المتن والاسناد.

(٢) في نسخة من المقربين.

(٣) في المصدر : انا سمعنا الله يقول.

(٤) الصافات : ١٤٣.

(٥) لعله كان في قراءته عليه‌السلام هكذا ، او كان تسبيحه الاقرار بولايته عليه‌السلام ، ففسره عليه‌السلام وبين معناه.

(٦) تفسير فرات : ٩٤.

٣٣٤

٨

باب

*(فضل النبي وأهل بيته صلوات الله عليهم على)*

*(الملائكة وشهادتهم بولايتهم)*

١ ـ ك ، ن ، ع : الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي عن فرات بن إبراهيم عن محمد بن أحمد الهمداني عن العباس بن عبدالله البخاري عن محمد بن القاسم بن إبراهيم عن الهروي عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : ما خلق الله عزوجل خلقا أفضل مني ولا أكرم عليه مني.

قال علي عليه‌السلام : فقلت : يا رسول الله فأنت أفضل أو جبرئيل؟ فقال عليه‌السلام : يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبيآءه المرسلين على ملائكته المقربين ، وفضلني على جميع النبيين والمرسلين ، والفضل بعدي لك يا علي وللائمة من بعدك ، وإن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا ، يا علي الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا.

يا علي لولا نحن ما خلق(١) آدم ولا حوا ولا الجنة ولا النار ولا السمآء ولا الارض ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سبقناهم إلى معرفة(٢) ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه؟ لان أول ما خلق الله عزوجل خلق أرواحنا فأنطقنا بتوحيده وتحميده(٣).

ثم خلق الملائكة فلما شاهدوا أرواحنا نورا واحدا استعظموا أمرنا فسبحنا لتعلم الملائكة أنا خلق مخلوقون ، وأنه منزه عن صفاتنا ، فسبحت الملائكة بتسبيحنا

__________________

(١) في الاكمال والعيون : ما خلق الله.

(٢) في الاكمال : إلى التوحيد ومعرفة ربنا.

(٣) في الاكمال والعيون : وتمجيده.

٣٣٥

ونزهته عن صفاتنا ، فلماشاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم الملائكة أن لا إلا الله ، وأنا عبيد ولسنابآلهة يجب أن نعبد معه أو دونه ، فقالوا : لا إله إلا الله.

فلما شاهدوا كبر محلنا كبرنا لتعلم الملائكة أن الله أكبر من أن ينال عظم المحل إلا به(١) ، فلما شاهدوا ما جعله(٢) لنا من العز والقوة قلنا : لا حول ولا قوة إلا بالله(٣) لتعلم الملائكة أن لا حول لنا ولا قوة إلا بالله.

فلما شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : الحمد لله لتعلم الملائكة ما يحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه(٤) فقالت الملائكة : الحمدلله ، فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده.

ثم إن الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه ، وأمر الملائكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما ، وكان سجودهم لله عزوجل عبودية ولآدم إكراما وطاعة ، لكوننا في صلبه فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون.

وإنه لما عرج بي إلى السمآء أذن جبرئيل مثنى مثنى وأقام مثنى مثنى ، ثم قال لي : تقدم يا محمد ، فقلت له : يا جبرئيل أتقدم عليك؟ فقال : نعم ، لان الله تبارك وتعالى فضل أنبيآءه على ملائكته أجمعين وفضلك خاصة ، فتقدمت فصليت بهم ولا فخر.

فلما انتهيت إلى حجب النور قال لي جبرئيل : تقدم يا محمد وتخلف عني فقلت : يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال : يا محمد إن(٥) انتهاء حدي الذي

__________________

(١) في الاكمال : من ان ينال ، وانه عظيم فلما.

(٢) في الاكمال والعيون : [ ما جعله الله لنا ] وفى الاكمال : والقدرة مكان : والقوة.

(٣) في الاكمال : الا بالله العلى العظيم.

(٤) في نسخة : على نعمته.

(٥) في الاكمال : ان هذا.

٣٣٦

وضعني الله عزوجل فيه(١) إلى هذا المكان فإن تجاوزته احترقت أجنحتي بتعدي حدود ربي جل جلاله.

فزخ بي في النور(٢) زخة حتى انتهيت إلى حيث ما شاء الله من علو ملكه(٣) فنوديت : يا محمد ، فقلت : لبيك ربي وسعديك تباركت وتعاليت ، فنوديت : يامحمد أنت عبدي وأنا ربك فاياي فاعبد وعلي فتوكل ، فإنك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي وحجتي في بريتي(٤) ، لك ولمن اتبعك خلقت جنتي ، ولمن خالفك(٥) خلقت ناري ، ولاوصيائك أوجبت كرامتي ، ولشيعتهم أوجبت ثوابي.

فقلت : يارب ومن أوصيآئي؟ فنوديت : يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي ، فنظرت وأنا بين يدي ربي جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصي من أوصيآئي ، أولهم علي بن أبي طالب ، و آخرهم مهدي امتي.

فقلت : يارب هؤلآء أوصيآئي من بعدي؟ فنوديت : يا محمد هؤلاء أوليآئي و أوصيآئي(٦) وأصفيائي وحججي بعدك على بريتي ، وهم أوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك.

وعزتي وجلالي لاظهرن بهم ديني ولاعلين بهم كلمتي ولاطهرن الارض بآخرهم من أعدائي ، ولامكننه(٧) مشارق الارض ومغاربها ، ولاسخرن له

__________________

(١) في الاكمال : وضعه الله في.

(٢) في الاكمال : [ فزج بى ربى زجة في النور ] وفى نسخة من العيون : [ فزج بى في النور زجة ] اقول : زج اى رمى.

(٣) في الاكمال : من ملكوته.

(٤) في العيون : وحجتى على بريتى.

(٥) في الاكمال : ولمن عصاك وخالفك.

(٦) في المصادر كلها : وأحبائى.

(٧) في نسخة : [ ولاملكنهه ] أقول : كذا في العيون والاكمال.

٣٣٧

الرياح ولاذللن له السحاب الصعاب ، ولارقينه في الاسباب ولانصرنه بجندي و لامدنه بملائكتي حتى تعلو دعوتي وتجمع(١) الخلق على توحيدي ، ثم لاديمن ملكه ولاداولن الايام بين أوليآئي إلى يوم القيامة.(٢)

بيان : زخ به على المجهول أي دفع ورمي.

٢ ـ ع : ابن البرقي عن أبيه عن جده عن ابن عمير عن عمرو بن جميع عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان جبرئيل إذا أتى النبي (ص) قعد بين يديه قعدة العبد وكان لا يدخل حتى يستأذنه.(٣)

٣ ـ ع : ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن ابن شاذان عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما اسري برسول الله (ص) وحضرت الصلاة أذن جبرئيل وأقام الصلاة فقال : يا محمد تقدم ، فقال له رسول الله (ص) : تقدم يا جبرئيل فقال له : إنا لا نتقدم على الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم(٤).

٤ ـ ج ، م : عن أبي محمد العسكري عليه‌السلام أنه قال : سأل المنافقون النبي (ص) فقالوا : يارسول الله أخبرنا عن علي عليه‌السلام هو أفضل أم ملائكة الله المقربون؟ فقال رسول الله : وهل شرفت الملائكة إلا بحبها لمحمد وعلي وقبولها لولايتهما ، إنه لا أحد من محبي علي عليه‌السلام نظف قلبه من قذر الغش والدغل والغل ونجاسة(٥) الذنوب إلا كان أطهر وأفضل من الملائكة.

وهل أمر الله الملائكة بالسجود لآدم إلا لما كانوا قد وضعوه في نفوسهم أنه لا يصير في الدنيا خلق بعدهم إذا رفعوا هم(٦) عنها إلا وهم ـ يعنون أنفسهم ـ أفضل

__________________

(١) في العلل : ويجتمع.

(٢) اكمال الدين : ١٤٧ ـ ١٤٩ عيون الاخبار : ١٤٤ ـ ١٤٦ علل الشرائع : ١٣ و ١٤.

(٣ و ٤) علل الشرائع : ١٤.

(٥) في الاحتجاج والتفسير : والنجاسات.

(٦) في الاحتجاج والتفسير : [ اذا رفعوا عنها ] اقول : اى عن الدنيا.

٣٣٨

منهم(١) في الدين فضلا وأعلم بالله وبدينه علما.

فأراد الله أن يعرفهم أنهم قد أخطأوا في ظنونهم واعتقاداتهم فخلق آدم وعلمه الاسماء كلها ثم عرضها عليهم فعجزوا عن معرفتها ، فأمر آدم أن ينبئهم بها وعرفهم فضله في العلم عليهم ، ثم أخرج من صلب آدم ذرية(٢) منهم الانبيآء والرسل والخيار من عباد الله أفضلهم محمد ثم آل محمد ، ومن الخيار الفاضلين منهم أصحاب محمد وخيار أمة محمد ، وعرف الملائكة بذلك أنهم أفضل من الملائكة(٣) إلى آخر ما نقلنا سابقا في باب غزوة تبوك في قصة العقبة.

٥ ـ فس : أبي عن الاصفهاني عن المنقري عن حماد عن أبى عبدالله عليه‌السلام أنه سئل هل الملائكة أكثر أم بنو آدم؟(٤) فقال : والذي نفسي بيده لملائكة الله في السماوات أكثر من عدد التراب في الارض ، وما في السماء موضع قدم إلا وفيها(٥) ملك يسبحه ويقدسه ، ولا في الارض شجر ولا مدر إلا وفيها ملك موكل بها يأتي(٦) الله كل يوم بعملها ، والله أعلم بها.

وما منهم أحد إلا ويتقرب كل يوم إلى الله بولايتنا أهل البيت ويستغفر لمحبينا ويلعن أعداءنا ويسأل الله أن يرسل عليهم العذاب إرسالا(٧).

ير : علي بن محمد عن الاصبهاني مثله.(٨)

٦ ـ ير : ابن عيسى عن ابن بزيع والحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن

__________________

(١) في المصدرين : افضل منه.

(٢) في المصدرين : ذريته.

(٣) احتجاج الطبرسى : ٣١ تفسير العسكرى : ١٥٣.

(٤) في البصائر : او بنو آدم.

(٥) في البصائر : الاوفيه.

(٦) في البصائر : شجرة ولا مثل غرزة الا وفيها ملك موكل يأتى.

(٧) تفسير القمى : ٥٨٣.

(٨) بصائر الدرجات : ٢١.

٣٣٩

أبى الصباح عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : والله إن في السماء لسبعين صنفا(١) من الملائكة لو اجتمع عليهم أهل الارض كلهم يحصون عدد صنف(٢) منهم ما أحصوهم ، وإنهم ليدينون بولايتنا(٣).

ير : علي بن إسماعيل عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح عنه عليه‌السلام مثله(٤).

ير : أحمد بن محمد عن ابن فضال عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح مثله(٥).

كا : محمد ابن يحيى عن ابن عيسى عن ابن بزيع عن محمد بن الفضيل مثله(٦).

٧ ـ ير : عبدالله بن عيسى عن أخيه عن عبدالرحمان بن محمد عن إبراهيم بن أبي البلاد عن سدير الصيرفي عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن أمركم هذا عرض على الملائكة فلم يقربه إلا المقربون(٧).

٨ ـ ير : محمد بن الحسين عن إبراهيم بن أبي البلاد عن سدير عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن أمركم هذا عرض على الملائكة فلم يقربه إلا المقربون ، وعرض على الانبياء فلم يقربه إلا المرسلون ، وعرض على المؤمنين فلم يقربه إلا الممتحنون(٨).

٩ ـ ير : محمد بن الحسين عن محمد بن الهيثم عن أبيه عن الثمالي عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال لي : يا أبا حمزة ألا ترى أنه اختار لامرنا من الملائكة المقربين ، ومن الانبياء المرسلين ، ومن المؤمنين الممتحنين(٩).

١٠ ـ ير : أحمد بن موسى عن محمد بن أحمد مولى حرب عن أبي جعفر(١٠) الحمامي الكوفي عن الازهر البطيخي عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله عرض ولاية

__________________

(١) في الكافى : صفا.

(٢) في الكافى : صف.

(٣ ـ ٦) بصائر الدرجات : ٢٠.

(٧) الكافى :

(٨ ـ ٩) بصائر الدرجات : ٢٠.

(١٠) في المصدر : عن محمد بن احمد المعروف بغزال مولى حرب بن زياد البجلى عن محمد ابى جعفر الحمامى.

٣٤٠