الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٧
يطلع عليه أحدا من خلقه فلا يعلم وقت قيام الساعة سواه « وينزل الغيث » فيما يشاء من زمان ومكان ، والصحيح أن معناه ويعلم نزول الغيث في زمانه ومكانه كما جاء في الحديث « أن مفاتيح الغيب خمس لايعلمهن إلا الله » وقرأ هذه الآية و « يعلم ما في الاحام » أذكر أم انثى ، أصحيح أم سقيم ، واحد أم أكثر؟ « وما تدري نفس ماذا تكسب غدا » أي ماذا تعلم في المستقبل ، وقيل : ما تعلم بقآءه غدا فكيف تعلم تصرفه « وما تدري نفس بأي أرض تموت » أي في أي أرض يكون موته.
وقد روي عن أئمة الهدى : أن هذه الاشيآء الخمسة لا يعلمها على التفصيل والتحقيق غيره تعالى.(١)
وقال في قوله « فلا يظهر على غيبه أحدا » ثم استثنى فقال : « إلا من ارتضى من رسول » يعني الرسل فانه يستدل على نبوتهم بأن يخبروا بالغيب ليكون آية ومعجزة لهم ومعناه أن من ارتضاه واختاره للنبوة والرسالة فانه يطلعه على ما شاء من غيبه على حسب ما يراه المصلحة ، وهو قوله : « فانه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا » والرصد : الطريق أي يجعل له إلى علم ما كان قبله من الانبيآء والسلف وعلم ما يكون بعده طريقا.
وقيل : معناه أنه يحفظ الذي يطلع عليه الرسول فيجعل بين يديه وخلفه رصدا من الملائكة يحفظون الوحي من أن تسترقه الشياطين فتلقيه إلى الكهنة ، وقيل : رصدا من بين يديه ومن خلفه وهم الحفظة من الملائكة يحرسونه عن شر الاعداء وكيدهم ، وقيل : المراد به جبرئيل أي يجعل من بين يديه ومن خلفه رصدا كالحجاب تعظيما لما يتحمله من الرسالة كما جرت عادة الملوك بأن يضموا إلى الرسول جماعة من خواصه تشريفا له.(٢)
١ ـ فس : « إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير ».
__________________
(١) مجمع البيان ٤ : ٣٢٤.
(٢) مجمع البيان ٥ : ٣٧٤.
قال الصادق عليهالسلام : هذه الخمسة أشياء لم يطلع عليها ملك مقرب ولا نبي مرسل وهي من صفات الله عزوجل.(١)
٢ ـ ل : ابن الوليد عن الصفار عن ابن هاشم عن عبدالرحمان بن حماد عن إبراهيم بن عبدالحميد عن أبي اسامة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال لي أبي : ألا اخبرك بخمسة لم يطلع الله عليها أحدا من خلقه؟ قلت : بلى ، قال : إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير.(٢)
٣ ـ ير : أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن الاصبغ بن نباتة قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : إن لله علمين : علم استأثر به في غيبه فلم يطلع عليه نبيا من أنبيائه ولا ملكا من ملائكته وذلك قول الله « إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت » وله علم قد أطلع عليه ملائكته فما أطلع عليه ملائكته فقد أطلع عليه محمدا وآله ، وما أطلع عليه محمدا وآله فقد أطلعني عليه يعلمه الكبير منا والصغير إلى أن تقوم الساعة.(٣)
٤ ـ شى : عن خلف بن حماد عن رجل عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن الله يقول في كتابه : « ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء » يعني الفقر.(٤)
٥ ـ جا : الحسين بن أحمد بن المغيرة عن حيدر بن محمد السمرقندي عن محمد بن عمر الكشي عن حمدويه بن نصير عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن أبي المغيرة قال : كنت أنا ويحيى بن عبدالله بن الحسن عند أبي الحسن عليهالسلام فقال له يحيى : جعلت
__________________
(١) تفسير القمى : ٥١٠.
(٢) الخصال ١ : ١٣٩.
(٣) بصائر الدرجات : ٣١.
(٤) تفسير العياشى ٢ : ٤٣.
فداك إنهم يزعمون أنك تعلم الغيب ، فقال : سبحان الله ضع يدك على رأسي ، فوالله ما بقيت شعرة فيه ولا في جسدي إلا قامت ، ثم قال : لا والله ما هي إلا وراثة عن رسول لله صلىاللهعليهوآله.(١)
٦ ـ نهج : لما أخبر عليهالسلام بأخبار الترك وبعض الاخبار الآتية قال له بعض أصحابه : لقد اعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب ، فضحك وقال للرجل وكان كلبيا : يا أخا كلب ليس هو بعلم غيب ، وإنما هو تعلم من ذي علم ، وإنما علم الغيب علم الساعة وما عدده الله سبحانه بقوله : « إن الله عنده علم الساعة » الآية : فيعلم سبحانه ما في الارحام من ذكر أو أنثى أو قبيح أو جميل أو سخي أو بخيل أو شقي أو سعيد ، ومن يكون في النار حطبا أو في الجنان للنبيين مرافقا ، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحدا إلا الله ، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه ، ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطم عليه جوانحي.(٢)
تحقيق : قد عرفت مرارا أن نفي علم الغيب عنهم معناه أنهم لا يعلمون ذلك من أنفسهم بغير تعليمه تعالى بوحي أو إلهام. وإلا فظاهر أن عمدة معجزات الانبيآء والاوصيآء عليهمالسلام من هذا القبيل ، وأحد وجوه إعجاز القرآن أيضا اشتماله على الاخبار بالمغيبات ، ونحن أيضا نعلم كثيرا من المغيبات بإخبار الله تعالى ورسوله والائمة عليهمالسلام كالقيامة وأحوالها والجنة والنار والرجعة وقيام القائم عليهالسلام ونزول عيسى عليهالسلام وغير ذلك من أشراط الساعة ، والعرش والكرسي والملائكة.
وأما الخمسة التي وردت في الآية فتحتمل وجوها :
الاول أن يكون المراد أن تلك الامور لا يعلمها على التعيين والخصوص إلا الله تعالى ، فإنهم إذا اخبروا بموت شخص في اليوم الفلاني فيمكن أن لا يعلموا خصوص الدقيقة التي تفارق الروح الجسد فيها مثلا ، ويحتمل أن يكون ملك الموت أيضا لا يعلم ذلك.
__________________
(١) امالى المفيد : ١٣ و ١٤.
(٢ البلاغة ١ : ٢٤٥ و ٢٤٦.
الثاني : أن يكون العلم الحتمي بها مختصا به تعالى ، وكل ما أخبر الله به من ذلك كان محتملا للبداء.
الثالث : أن يكون المراد عدم علم غيره تعالى بها إلا من قبله ، فيكون كسائر الغيوب ، ويكون التخصيص بها لظهور الامر فيها أو لغيره.
الرابع : ما أومأنا إليه سابقا وهو أن الله تعالى لم يطلع على تلك الامور كلية أحد من الخلق على وجه لا بداء فيه ، بل يرسل علمها على وجه الحتم في زمان قريب من حصولها كليلة القدر أو أقرب من ذلك وهذا وجه قريب تدل عليه الاخبار الكثيرة إذ لا بد من علم ملك الموت بخصوص الوقت كما ورد في الاخبار ، وكذا ملائكة السحاب والمطر بوقت نزول المطر ، وكذا المدبرات من الملائكة بأوقات وقوع الحوادث.
تذييل
قال الشيخ المفيد رحمهالله في كتاب المسائل : أقول إن الائمة من آل محمد عليهمالسلام قد كانوا يعرفون ضمائر بعض العباد ويعرفون ما يكون قبل كونه ، وليس ذلك بواجب في صفاتهم ولا شرطا في إمامتهم ، وإنما أكرمهم الله تعالى به وأعلمهم إياه للطف في طاعتهم والتسجيل بامامتهم ، وليس ذلك بواجب عقلا ، ولكنه وجب لهم من جهة السماع ، فأما إطلاق القول عليهم بأنهم يعلمون الغيب فهو منكر بين الفساد ، لان الوصف بذلك إنما يستحقه من علم الاشيآء بنفسه لا بعلم مستفاد ، وهذا لا يكون إلا الله عزوجل وعلى قولي هذا جماعة أهل الامامة إلا من شذ عنهم من المفوضة ومن انتمى إليهم من الغلاة.
٥
باب
*(انهم عليهمالسلام خزان الله على علمه وحملة عرشه )*
١ ـ ير : أحمد عن الاهوازي عن ابن أسباط عن أبيه عن سورة بن كليب قال : قال لي أبوجعفر عليهالسلام : والله إنا لخزان الله في سمائه وأرضه لا على ذهب ولا على فضة إلا على علمه(١).
بيان : أي خزان علم السماء وعلم الارض.
٢ ـ ير : إبراهيم بن هاشم عن أبي عبدالله البرقي عن خلف بن حماد عن ذريح المحاربي عن الثمالي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن منا لخزنة الله في الارض وخزنته في السماء لسنا بخزان على ذهب ولا فضة(٢).
٣ ـ ير : محمد بن الحسين عن النضر بن شعيب عن خالد بن ماد عن الثمالي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعته يقول : والله إنا لخزان الله في سمائه وخزانه في أرضه لسنا بخزان على ذهب ولا فضة ، (٣) وإن منا لحملة العرش يوم القيامة(٤).
ير عبدالله بن محمد عن إبراهيم بن محمد عن عبدالله بن جبلة عن ذريح عن أبي عبدالله عليهالسلام مثله(٥).
٤ ـ ير : أحمد بن محمد عن الاهوازي وأبي عبدالله البرقي عن أبي طالب عن سدير عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت له : جعلت فداك ما أنتم؟ قال : نحن خزان الله على علم الله ، نحن تراجمة وحي الله ، نحن الحجة البالغة على ما دون السماء وفوق الارض(٦).
__________________
(١ و ٢) بصائر الدرجات : ٢٩.
(٢) في المصدر : وخزانة في أرضه لا على ذهب ولا على فضة.
(٤ و ٥) بصائر الدرجات : ٢٩ ـ ٣٠.
(٦) بصائر الدرجات : ٣٠.
٥ ـ ير : علي بن محمد عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن سفيان عن سدير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعته يقول : نحن خزان الله في الدنيا والآخرة وشيعتنا خزاننا(١).
ير : علي بن محمد عن القاسم بن محمد عن المنقري عن موسى عن سدير عن أبي جعفر عليهالسلام وزاد في آخره : ولولانا ماعرف الله(٢).
٦ ـ ير : محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن المنخل بن جميل عن جابر الجعفي قال : قال أبوجعفر عليهالسلام : والله إنا لخزان الله في السمآء وخزانه في الارض(٣).
٧ ـ ير : أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن ذريح المحاربي عن الثمالي عن علي بن الحسين عليهماالسلام قال : سمعته يقول : إن منا لخزان الله في سمائه وخزانه في أرضه ، ولسنا بخزان على ذهب ولا فضة.(٤)
٨ ـ ير : محمد بن عبدالجبار عن أبي عبدالله البرقي عن فضالة بن أيوب عن ابن أبي يعفور قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : يا ابن أبي يعفور إن الله واحد متوحد بالوحدانية ، متفرد بأمره ، فخلق خلقا فقدرهم بذلك الامر(٥) ، فنحن هم يا ابن أبي يعفور ، فنحن حجج الله في عباده وخزانه على علمه والقائمون بذلك.(٦)
بيان : بذلك : أي بذلك الامر وهو الامامة ، أو بذلك العلم ، فالباء للسببية.
٩ ـ ير : أحمد بن موسى عن الخشاب عن علي بن حسان عن عبدالرحمان بن كثير قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : نحن ولاة أمر الله وخزنة علم الله وعيبة(٧)
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٣٠ زاد في آخره : ولولانا ماعرف الله.
(٢) لم نجده بهذا الاسناد والظاهر انه وما قبله متحدان وان موسى مصحف سفيان بن موسى كما في المصدر.
(٣ ـ ٥) بصائر الدرجات : ٣٠.
(٦) في المصدر : لذلك الامر.
(٧) العيبة : الصندوق.
وحي الله.(١)
١٠ ـ ير : أحمد عن الحسين(٢) عن الحسين بن راشد عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : إن الله خلقنا فأحسن خلقنا ، وصورنا فأحسن صورتنا ، فجعلنا خزانه في سماواته وأرضه ، ولولانا ما عرف الله(٣)
ير : محمد بن هارون عن علي بن جعفر مثله إلى قوله : وأرضه.(٤)
١١ ـ ير : عبدالله بن عامر عن ابن معروف عن أبي عبدالرحمان البصرى عن أبي المغرا عن أبي بصير عن خيثمة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعته يقول : نحن خزان الله.(٥)
١٢ ـ ير : محمد بن الحسين عن النضر بن شعيب عن محمد بن الفضيل عن الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : قال رسول الله (ص) : قال الله تبارك وتعالى : استكمال(٦) حجتي على الاشقياء من امتك من ترك ولاية علي والاوصياء من بعدك فان فيهم سنتك وسنة الانبيآء من قبلك وهم خزاني على علمى من بعدك ، ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لقد أنبأني جبرئيل بأسمائهم وأسماء آبائهم.(٧)
توضيح : استكمال مبتدء ، وعلى الاشقياء خبره ، أو هو متعلق باستكمال أو بحجتي ، ومن ترك خبره إذا قرئ « من » بكسر الميم ، وعلى الاول يمكن أن يقرأ بالفتح بدلا أو عطف بيان للاشقياء.
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٣٠.
(٢) في نسخة : احمد بن الحسين عن الحسين بن اسد. وفى المصدر : احمد عن الحسين بن راشد.
(٣ و ٤) بصائر الدرجات : ٣٠ فيه : فاحسن صورنا.
(٥ و ٧) بصائر الدرجات : ٣٠.
(٦) في نسخة : استكمل.
١٣ ـ ير : أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن داود العجلي عن زرارة عن حمران عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن الله تبارك وتعالى أخذ الميثاق على اولي العزم أني ربكم ومحمد رسولي وعلي أمير المؤمنين وأوصياؤه من بعده ولاة أمري وخزان علمي ، وأن المهدي أنتصر به لديني.(١)
١٤ ـ ير : عبدالله بن عامر عن أبي عبدالله البرقي عن الحسن بن عثمان(٢) عن محمد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي جعفر عليهالسلام في قول الله تبارك وتعالى : « صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الارض(٣) ألا إلى الله تصير الامور » يعني عليا ، إنه جعل عليا عليهالسلام خازنه على ما في السماوات وما في الارض من شئ وائمتنه عليه « ألا إلى الله تصير الامور ».(٤)
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٣٠.
(٢) في المصدر : الحسين بن عثمان.
(٣) إلى هنا توجد في المصدر ولم تذكر فيه بقية الاية.
(٤) بصائرالدرجات : ٣٠ والاية في الشورى : ٥٣.
٦
باب
*(انهم عليهمالسلام لا يحجب عنهم علم السماء والارض والجنة والنار)*
*(وأنه عرض عليهم ملكوت السماوات والارض ويعلمون علم ما كان)*
*(وما يكون إلى يوم القيامة)*
١ ـ ير : محمد بن الحسين عن البزنطي عن عبدالكريم عن سماعة بن سعد الخثعمي أنه كان مع المفضل عند أبي عبدالله عليهالسلام فقال له المفضل : جعلت فداك يفرض الله طاعة عبد على العباد ثم يحجب عنه خبر السمآء؟ قال : الله أكرم وأرأف بعباده من أن يفرض عليهم طاعة عبد يحجب عنه خبر السمآء صباحا أو مساء.(١)
٢ ـ ير : أحمد بن محمد عن عمر بن عبدالعزيز عن محمد بن الفضيل عن الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : لا والله(٢) لا يكون عالم جاهلا أبدا ، عالم بشئ جاهل بشئ ، ثم قال : الله أجل وأعز وأعظم وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه ، ثم قال : لا يحجب(٣) ذلك عنه.(٤)
بيان : قوله عليهالسلام : لا يكون عالم جاهلا ، أي لا يكون العالم الذي فرض الله طاعته جاهلا(٥) بشئ مما يحتاج إليه الخلق ويصلحهم ، أو المعنى أنه لا يكون العالم عالما على الحقيقة حتى يكون عالما بكل شئ يقدرعلى علمه البشر ، وإلا
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٣٤ فيه : وأرأف بالعباد.
(٢) في المصدر : يقول : والله.
(٣) في نسخة : لا ، لا يحجب.
(٤) بصائر الدرجات : ٣٤.
(٥) في نسخة : [ لا يكون العالم الذى فرض الله طاعته عبد يحجب عنه علم سمائه جاهلا ] أقول : الصحيح : عبدا بالنصب.
فليس أحد إلا وهو عالم بشئ فلا يكون في الارض جاهل ، عالم بشئ ، أي فهو عالم بشئ.
وفي الكافي : « عالما بشئ جاهلا بشئ » (١) بدل تفصيل لقوله : جاهلا ، وهو أظهر ، والمراد بعلم السمآء علم حقيقة السمآء وما فيها من الكواكب وحركاتها وأوضاعها ومن فيها من الملائكة وأحوالهم وأطوارهم ، أو المراد به العلم الذي يأتي من جهة السمآء ، وكذا علم الارض يحتمل الوجهين ويمكن التعميم فيهما معا.
٣ ـ ير : الحسين بن علي عن عبيس بن هشام عن أبي غسان الذهلي عن المفضل بن عمر عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال : الله أحكم وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه خبر السمآء صباحا ومساء.(٢)
٤ ـ ير : عبدالله بن محمد عمن رواه عن محمد بن خالد عن صفوان عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن الله أجل وأعظم من أن يحتج بعبد من عباده ثم يخفي عنه شيئا من أخبار السمآء والارض.(٣)
٥ ـ عبدالله بن محمد عن اللؤلؤي عن ابن سنان عن سعد بن الاصبغ الازرق قال : دخلت مع حصين ورجل آخر على أبي عبدالله عليهالسلام قال : فاستخلى أبوعبدالله عليهالسلام برجل فناجاه ما شاء الله ، قال : فسمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول للرجل : أفترى الله يمن بعبد في بلاده ويحتج على عباده ثم يخفي عنه شيئا من أمره.(٤)
٦ ـ ير : ابن معروف عن حماد عن حريز عن أبي بصير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سئل علي عليهالسلام عن علم النبي (ص) فقال : علم النبي علم جميع النبيين ، وعلم ما كان وعلم ما هو كائن إلى قيام الساعة ، ثم قال : والذي نفسي بيده إني لاعلم علم النبي صلىاللهعليهوآله وعلم ما كان وعلم ما هو كائن فيما بيني وبين قيام الساعة.(٥)
٧ ـ ير : أحمد بن محمد عن ابن أبي نجران عن يونس بن يعقوب عن الحارث بن
__________________
(١) اصول الكافى ١ : ٢٦٢.
(٢ ـ ٥) بصائر الدرجات : ٣٥.
المغيرة عن عبدالاعلى وعبيدة بن بشير قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام ابتداء منه : والله إني لاعلم ما في السماوات وما في الارض وما في الجنة وما في النار وما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة ثم قال : أعلمه من كتاب الله أنظر إليه هكذا ، ثم بسط كفيه ثم قال : إن الله يقول : وأنزلنا(١) إليك الكتاب فيه تبيان كل شئ.(٢)
٨ ـ ير : أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن يونس عن الحارث بن المغيرة وعدة من أصحابنا فيهم عبدالاعلى وعبيدة بن عبدالله بن بشر الخثعمي وعبدالله بن بشير سمعوا أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إني لاعلم ما في السماوات وأعلم ما في الارضين وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم ما كان وما يكون ، ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه ، فقال : علمت من كتاب الله إن الله يقول : فيه تبيان كل شئ.(٣)
أقول : سيأتي مثله بأسانيد في كتاب القرآن.
٩ ـ ير : أحمد بن إسحاق عن عبدالله بن حماد عن سيف التمار قال : كنا مع أبي عبدالله عليهالسلام جماعة من الشيعة في الحجر فقال : علينا عين؟ فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا ، فقلنا : ليس علينا عين ، قال : ورب الكعبة ورب البيت ـ ثلاث مرات ـ لو كنت بين موسى والخضر لاخبرتهما أني أعلم منهما ولانبأتهما ما ليس في أيديهما لان موسى والخضر اعطيا علم ما كان ، ولم يعطيا علم ما هو كائن ، وإن رسول الله (ص) اعطي علم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ، فورثناه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وراثة.(٤)
بيان : جماعة منصوب على الاختصاص أو الحالية ، علينا استفهام ، والعين :
__________________
(١) في المصدر : [ انا انزلنا ] أقول : ما وجدنا ذلك ولا ما في المتن في المصحف الشريف والظاهر انهما مصحفان او منقولان بالمعنى والفاظ الاية هكذا : [ ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ] راجع النحل : ١٦.
(٢ و ٤) بصائر الدرجات : ٣٥.
(٣) بصائر الدرجات : ٣٥ قد ذكرنا ذيل الحديث السابق ان الاية في المصحف الشريف هكذا : ونزلنا : عليك الكتاب تبيانا لكل شئ.
الرقيب والجاسوس ، ولم يعطيا ، لعل المراد أنهما عليهماالسلام لم يعطيا علم جميع ما يكون إذ قصة الغلام كان من جملة ما يكون ، إلا أن يقال : المراد به الامور المتعلقة بما سيكون ، ومتعلق ذلك الامر كان الغلام الموجود ، لكن قد مر في باب أحوالهما ما ينافي هذا التأويل ، والاول أظهر.
فإن قيل : سؤاله عليهالسلام أولا ينافي علمه بما كان وبما هو كائن.
قلت : إنهم ليسوا بمكلفين بالعمل بهذا العلم ، فلا بد لهم من العمل بما توجبه التقية ظاهرا ، مع أنه يمكن أن يحتاجوا في العلم على هذا الوجه إلى مراجعة إلى الكتب ، أو توجه إلى عالم القدس ، أو سؤال من روح القدس في بعض الاحيان.
١٠ ـ ير : عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن علي بن معبد عن جعفر بن عبدالله بن حماد عن عبدالله بن عبدالرحمان عن أبي عمرو عن معاوية بن وهب قال : استأذنت على أبي عبدالله عليهالسلام فأذن لي فسمعته يقول في كلام له : يا من خصنا بالوصية وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا وجعلنا ورثة الانبياء عليهمالسلام.(١)
١١ ـ ير : بالاسناد المتقدم عن معاوية عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سمعته يقول : اللهم يا من أعطانا علم ما مضى وما بقي ، وجعلنا ورثة الانبياء وختم بنا الامم السالفة وخصنا بالوصية.(٢)
١٢ ـ ج : عن أبان بن تغلب قال : كنت عند أبي عبدالله عليهالسلام إذ دخل عليه رجل من أهل اليمن فسلم عليه فرد أبوعبدالله عليهالسلام فقال له : مرحبا يا سعد ، فقال له الرجل : بهذا الاسم سمتني امي ، وما أقل من يعرفني به ، فقال أبوعبدالله عليهالسلام : صدقت يا سعد المولى.
فقال الرجل : جعلت فداك ، بهذا كنت القب ، فقال أبوعبدالله عليهالسلام : لا خير في اللقب إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : « ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٣٥.
(٢) بصائر الدرجات : ٣٥ و ٣٦.
بعد الايمان » (١) ما صناعتك يا سعد؟ فقال : جعلت فداك إنا أهل بيت ننظر في النجوم لا يقال : إن باليمن أحدا أعلم بالنجوم منا.
فقال أبوعبدالله عليهالسلام : كم ضوء المشترى على ضوء القمر درجة؟ فقال اليماني : لا أدري ، فقال أبوعبدالله عليهالسلام : صدقت ، كم ضوء المشتري على ضوء عطارد درجة؟ فقال اليماني : لا أدري ، فقال له أبوعبدالله عليهالسلام : صدقت ، فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت الابل؟ فقال اليماني : لا أدري ، فقال له أبوعبدالله عليهالسلام : صدقت ، فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت البقر؟ فقال اليماني : لا أدري ، فقال له أبوعبدالله عليهالسلام صدقت ، فما اسم النجم الذي إذا طلع هاجت الكلاب؟ فقال اليماني : لا أدري.
فقال له أبوعبدالله عليهالسلام. صدقت في قولك : لا أدري ، فما زحل عندكم في النجم؟ فقال اليماني : نجم نحس ، فقال أبوعبدالله عليهالسلام : لا تقل هذا فانه نجم أمير المؤمنين صلوات الله عليه فهو نجم الاوصيآء عليهمالسلام وهو النجم الثاقب الذي قال الله في كتابه(٢).
فقال اليماني : فما معنى الثاقب؟ فقال : إن مطلعه في السماء السابعة فإنه ثقب بضوئه حتى أضاء في السماء الدنيا فمن ثم سماه الله النجم الثاقب ، ثم قال : يا أخا العرب عندكم عالم؟ قال اليماني : نعم جعلت فداك إن باليمن قوما ليسوا كأحد من الناس في علمهم.
فقال أبوعبدالله عليهالسلام : وما يلغ من علم عالمهم؟ قال اليماني إن عالمهم ليزجر الطير ويقفوا الاثر في ساعة واحدة مسيرة شهر للراكب المحث(٣) ، فقال أبوعبدالله عليهالسلام : فان عالم المدينة أعلم من عالم اليمن ، قال اليماني : وما يبلغ من علم عالم المدينة؟ قال : إن علم عالم المدينة ينتهي إلى أن يقفوا الاثر ولا يزجر الطير ويعلم ما في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس تقطع اثنى عشر برجا واثنى عشر برا واثنى عشر
__________________
(١) الحجرات : ١١.
(٢) الطارق : ٣.
(٣) اى الراكب السريع.
بحرا واثنى عشر عالما ، فقال له اليماني : ما ظننت أن أحدا يعلم هذا ومايدرى وما كنهه قال : ثم قام اليماني(١).
بيان : في القاموس : زجر الطائر : تفأل به وتطير فنهزه ، والزجر : العيافة والتكهن.
١٣ ـ فس : أبي عن مرار عن يونس عن هشام عن أبي عبدالله عليهالسلام في قوله تعالى : « وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين » (٢) قال : كشط له عن الارض ومن عليها وعن السماء وما فيها والملك الذي يحملها والعرش ومن عليه وفعل ذلك برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين صلوات الله عليه.(٣)
بيان : الكشط : رفعك الشئ بعد الشئ قد غشاه ، وكشط الجل عن الفرس : كشفه.
١٤ ـ ير : محمد عن الحجال عن ثعلبة عن عبدالرحيم عن أبي جعفر عليهالسلام في هذه الآية : « وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين » (٤) قال : كشط له عن الارض حتى رآها ومن فيها ، وعن السماء حتى رآها ومن فيها والملك الذي يحملها والعرش ومن عليه وكذلك اري صاحبكم(٥).
١٥ ـ ير أحمد بن محمد عن أبيه عن ابن المغيرة عن ابن مسكان قال : قال أبوعبدالله عليهالسلام : « وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين » (٦) قال : كشط لابراهيم عليهالسلام السماوات السبع حتى نظر إلى ما فوق العرش وكشط له الارض حتى رأى ما في الهواء ، وفعل بمحمد صلىاللهعليهوآله مثل ذلك ، وإني لارى صاحبكم والائمة من بعده قد فعل بهم مثل ذلك(٧).
__________________
(١) الاحتجاج : ١٩٣.
(٢ و ٤) الانعام : ٧٥.
(٣) تفسير القمى : ١٩٣.
(٥ و ٧) بصائر الدرجات : ٣٠.
(٦) الانعام : ٧٥.
١٦ ـ ير : محمد بن عيسى عن أبي عبدالله المؤمن عن علي بن حسان عن أبي داود السبيعي عن بريدة الاسلمي عن رسول الله (ص) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ياعلي إن الله أشهدك معي سبع مواطن حتى ذكر الموطن الثاني ، أتاني جبرئيل فأسرى بي إلى السماء فقال : أين أخوك؟ فقلت : ودعته خلفي ، قال : فقال : فادع الله يأتيك به قال : فدعوت فاذا أنت معي فكشط لي عن السماوات السبع والارضين السبع حتى رأيت سكانها وعمارها وموضع كل ملك منها فلم أرمن ذلك شيئا إلا وقد رأيته كما رأيته(١).
١٧ ـ ير : أحمد بن محمد عن علي بن الحكم أو غيره عن سيف بن عميرة عن بشار عن أبي داود عن بريدة قال : كنت جالسا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلي عليهالسلام معه إذ قال : يا علي ألم اشهدك معي سبع مواطن ، حتى ذكر الموطن الرابع ليلة الجمعة اريت ملكوت السماوات والارض رفعت لي حتى نظرت إلى ما فيها فاشتقت إليك فدعوت الله فاذا أنت معي فلم أر من ذلك شيئا إلا وقد رأيت(٢).
١٨ ـ ير : محمد بن عيسى عن البرقي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : هل رأى محمد (ص) ملكوت السماوات والارض كما رأى إبراهيم؟ قال : نعم وصاحبكم.(٣)
١٩ ـ ير : الحسن بن علي بن النعمان عن أبيه عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أحدهما عليهماالسلام قال : قلت له : « وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والارض » قال : كشفت له السماوات والارض حتى رآها ورأى ما فيها والعرش ومن عليه قال : قلت : فاوتي محمد (ص) مثل ما اوتي إبراهيم عليهالسلام؟ قال : نعم وصاحبكم هذا أيضا(٤).
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٣٠.
(٢) بصائر الدرجات : ٣٠ و ٣١.
(٣) بصائر الدرجات : ٣٠.
(٤) بصائر الدرجات : ٣٠ والاية في الانعام : ٧٥.
٢٠ ـ ير : عبدالله بن محمد عن أبيه عن ابن المغيرة عن منصور بن حازم عن عبدالرحيم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : « وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين » قال : كشط له السماوات والارض حتى رآها وما فيها وحتى رأى العرش ومن عليه وفعل ذلك برسول الله صلىاللهعليهوآله.
وروى عبدالرحيم : وفعل ذلك بصاحبكم.
وروى أبوبصير ومنصور : ولا أرى صاحبكم إلا وقد فعل به ذلك(١).
٢١ ـ ير : إسماعيل عن صفوان بن يحيى عن أيوب عن أبي بصير : ولا أرى صاحبكم وإلا وقد فعل به ذلك.
وروى عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت : هل رأى محمد (ص) ملكوت السماوات والارض؟ قال : كشط له السماوات السبع حتى نظر إلى السماء السابعة وما فيها والارضون السبع حتى نظر إلى الارضين السبع ومن فيهن وفعل بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كما فعل بابراهيم وإني لارى صاحبكم قد فعل به مثل ذلك(٢).
٢٢ ـ مصباح الانوار باسناده إلى المفضل قال : دخلت على الصادق عليهالسلام ذات يوم فقال لي : يا مفضل هل عرفت محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام كنه معرفتهم؟ قلت يا سيدي وما كنه معرفتهم؟ قال : يا مفضل من عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمنا في السنام الاعلى.
قال : قلت : عرفني ذلك يا سيدي ، قال : يا مفضل تعلم أنهم علموا ما خلق الله عزوجل وذرأه وبرأه(٣) وأنهم كلمة التقوى وخزان السماوات والارضين والجبال والرمال والبحار وعلموا كم في السماء من نجم وملك ووزن الجبال وكيل ماء البحار وأنهارها وعيونها وما تسقط من ورقة إلا علموها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين وهو في علمهم وقد علموا ذلك.
__________________
(١ و ٢) بصائر الدرجات : ٣٠.
(٣) الذرأ : الخلق. ذرأ الله الخلق : خلقهم. ذرأ الشئ : كثرهم. برأه : خلقه من العدم.
فقلت : يا سيدي قد علمت ذلك وأقررت به وآمنت ، قال : نعم يا مفضل ، نعم يا مكرم ، نعم يا محبور ، نعم يا طيب طبت وطابت لك الجنة ولكل مؤمن بها.(١)
بيان : في السنام الاعلى ، أي أعلى مدارج الايمان ، وسنام كل شئ : أعلاه.
٧
باب
*(انهم عليهمالسلام يعرفون الناس بحقيقة الايمان وبحقيقة النفاق)*
*(وعندهم كتاب فيه أسماء أهل الجنة وأسماء شيعتهم واعدائهم)*
*(وانه لا يزيلهم خبر مخبر عما يعلمون من احوالهم)*
١ ـ ما : أبوالقاسم بن شبل عن ظفر بن حمدون عن إبراهيم بن إسحاق عن أبي جعفر الطالبي(٢) عن محمد بن خالد التميمي عن علي بن أبان عن ابن نباتة قال : كنت جالسا عند أمير المؤمنين عليهالسلام فأتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إني لاحبك في السر كما احبك في العلانية.
قال : فنكت(٣) أمير المؤمنين عليهالسلام بعود كان في يده في الارض ساعة ثم رفع رأسه فقال : كذبت ، والله ما أعرف وجهك في الوجوه ولا اسمك في الاسماء ، قال الاصبغ : فعجبت من ذلك عجبا شديدا فلم أبرح حتى أتاه رجل آخر فقال : والله يا أمير المؤمنين إني لاحبك في السر كما احبك في العلانية.
قال : فنكت بعوده ذلك في الارض طويلا ثم رفع رأسه فقال : صدقت إطينتنا طينة مرحومة ، أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق فلا يشد منها شاذ ولايدخل فيها داخل إلى يوم القيامة ، أما إنه فاتخذ للفاقة جلبابا(٤) فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) مصباح الانوار : مخطوط ليس نسخته عندى.
(٢) في نسخة : عن ابى جعفر البطائنى.
(٣) نكت الارض بقضيب او باصبعه : ضربها به حال التفكر فاثر فيها.
(٤) أخبره عليهالسلام بما يقع عليه من الفقر والفاقة بسبب استيلاء الظالمين عليه وعلى غيره من الشيعة أى تتهيأ للفقر فانه يشملك كما يشمل الجلباب البدن.
يقول : الفاقة(١) إلى محبيك أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله(٢).
بيان : قال في النهاية : في حديث علي عليهالسلام : من أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلبابا ، أي ليزهد في الدنيا وليصبر على الفقر والقلة ، والجلباب : الازار والرداء ، وقيل : هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها ، وجمعها جلابيب كنى به عن الصبر لانه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن.
وقيل : إنما كنى بالجلباب عن اشتماله بالفقر ، أي فليلبس إزار الفقر ويكون منه على حالة تعمه وتشمله ، لان الغنا من أحوال أهل الدنيا ولا يتهيأ الجمع بين حب الدنيا وحب أهل البيت عليهمالسلام.
٢ ـ ن : أبي عن سعد بن عبدالله عن عبدالله بن عامر بن سعد بن عبدالرحمن بن أبي نجران قال : كتب أبوالحسن الرضا عليهالسلام وأقرأنيه رسالة إلى بعض أصحابه : إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان وبحقيقة النفاق(٣).
بيان : بحقيقة الايمان ، أي الايمان الواقعي الحق الذي يحق أن يسمى إيمانا ، أو كناية عن أن الايمان كأنه حقيقة المؤمن وماهيته أو بالحقيقة والطينة التي تدعو إلى تدعو إلى الايمان ، وكذا الكلام في حقيقة النفاق.
٣ ـ فس : جعفر بن أحمد عن عبدالكريم بن عبدالرحيم قال : إني لاعرف ما في كتاب أصحاب اليمين وكتاب أصحاب الشمال ، وأما كتاب أصحاب اليمين : بسم الله الرحمان الرحيم.(٤)
بيان : أي مصدر بالتسمية لكونه كتاب أهل الرحمة.
٤ ـ ير : إبراهيم بن هاشم عن عمرو بن عثمان عن أبي محمد المشهدي من آل رجاء
__________________
(١) وذلك لان محبيه وشيعته كانت اقلية تحت سياط الامويين والعباسيين يشدون عليهم ويشدون عليهم ابواب المنافع.
(٢) امالى ابن الشيخ : ٢٦١.
(٣) عيون الاخبار : ٣٤٣.
(٤) تفسير القمى : ٦٩٥.
البجلي عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رجل لامير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام يا أمير المؤمنين أنا والله احبك ، قال فقال له : كذبت ، قال : سبحان الله يا أمير المؤمنين أحلف بالله أني احبك فتقول : كذبت؟ قال : وما علمت؟ إن الله خلق الارواح قبل الابدان بألفي عام وأسكنها الهواء ثم عرضها علينا أهل البيت فوالله ما منها روح إلا وقد عرفنا بدنه ، فوالله ما رأيتك فيها ، فأين كنت؟ قال أبوعبدالله عليهالسلام : كان في النار(١).
بيان : ثم عرضها ، أي أرواح الشيعة أو الجميع ، وعلى الثاني ضمير فيها راجع إلى الشيعة ، كان في النار أي في أرواح أهل النار ، أو كانت طينته في النار لان طينتهم من سجين.
٥ ـ ير : أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن صالح بن سهل عن أبي عبدالله عليهالسلام إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليهالسلام وهو مع أصحابه فسلم عليه ثم قال : أنا والله احبك وأتولاك ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : ما أنت كما قلت ، ويلك إن الله خلق الارواح قبل الابدان بألفي عام. ثم عرض علينا المحب لنا فوالله ما رأيت روحك فيمن عرض علينا ، فأين كنت؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه(٢).
٦ ـ ير : محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن آدم عن أبي الحسين عن إسماعيل بن أبي حمزة عمن حدثه عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين والله(٣) إني لاحبك ، فقال له : كذبت ، فقال له الرجل : سبحان الله كأنك تعرف ما في نفسي.
قال : (٤) فغضب أمير المؤمنين عليهالسلام ورفع يده إلى السماء وقال : كيف لا يكون
__________________
(١ و ٢) بصائر الدرجات : ٢٥.
(٣) في المصدر : والله يا أمير المؤمنين.
(٤) الموجود في المصدر : هكذا : [ فقال على عليهالسلام : ان الله خلق الارواح قبل الابدان بالفى عام ثم عرضهم علينا فاين كنت لم أرك؟ ] انتهى الحديث ولعل الوهم من الناسخ او كانت نسخة المصنف مصحفه فزيد في الحديث جملة من الحديث الاتى.
ذلك وهو ربنا تبارك وتعالى خلق الارواح قبل الابدان بألفي عام ، ثم عرض علينا المحب من المبغض ، فوالله ما رأيتك فيمن أحبنا. فأين كنت(١)؟
٧ ـ ير : الحسن بن علي بن عبدالله عن عبيس بن هشام عن عبدالكريم عن سماعة عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : بينا أمير المؤمنين عليهالسلام في مسجد الكوفة إذ أتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين والله إني لا حبك ، قال : ما تفعل قال : والله إني لا حبك ، قال : ما تفعل قال : بلى والله الذي لا إله إلا هو ، قال : والله الذي لا إله إلا هو ما تحبني ، فقال : يا أمير المؤمنين إني أحلف بالله أني احبك وأنت تحلف بالله ما احبك كأنك تخبرني أنك أعلم بما في نفسي؟
قال : فغضب أمير المؤمنين عليهالسلام وإنما كان الحديث العظيم يخرج منه عند الفضب قال : فرفع يده إلى السماء وقال : كيف يكون ذلك وهو ربنا تبارك وتعالى خلق الارواح قبل الابدان بألفي عام ثم عرض علينا المحب من المبغض ، فوالله ما رأيتك فيمن أحبنا ، فأين كنت(٢)؟
أقول : قد أوردناها بأسانيد اخرى في باب خلق الارواح قبل الاجساد وباب إخبار أمير المؤمنين عليهالسلام بشهادته وغيرها.
٨ ـ ير : محمد بن حماد الكوفي عن أبيه عن نصر بن مزاحم عن عمر وبن شمر عن جابر عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن الله أخذ ميثاق شيعتنا من صلب آدم فنعرف بذلك حب المحب وإن أظهر خلاف ذلك بلسانه ، ونعرف بغض المبغض وإن أظهر حبنا أهل البيت(٣).
٩ ـ ير أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين معا عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن ابن بكير قال : كان أبوجعفر عليهالسلام يقول : إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر يوم
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٢٥.
(٢) بصائر الدرجات : ٢٥.
(٣) بصائر الدرجات : ٢٦.