بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٦١
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ، وأنه(١) كتابه المهيمن على الكتب كلها ، وأنه حق من فاتحته إلى خاتمته ، نؤمن بمحكمه ومتشابهه وخاصه وعامه و وعده ووعيده وناسخه ومنسوخه وقصصه وأخباره ، لا يقدر واحد من المخلوقين أن يأتي بمثله ، وأن الدليل والحجة من بعده علي أميرالمؤمنين ، والقائم بامور المسلمين ، والناطق عن القرآن ، والعالم بأحكامه ، أخوه وخليفته ووصيه ، والذي كان منه بمنزلة هارون من موسى علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين ، وإمام المتقين ، وقائد الغرالمحجلين ، ويعسوب المؤمنين ، وأفضل الوصيين بعد النبيين ، وبعده الحسن والحسين عليهما‌السلام واحد بعد واحد(٢) إلى يومنا هذا عترة الرسول ، وأعلمهم بالكتاب والسنة ، وأعدلهم بالقضية ، وأولاهم بالامامة كل عصر وزمان ، وأنهم العروة الوثقى ، وأئمة الهدى والحجة على أهل الدنيا ، حتى(٣) أن يرث الله الارض ومن عليها وهو خير الوارثين ، وأن كل من خالفهم ضال مضل ، تارك للحق و الهدى ، وأنهم المعبرون عن القرآن ، الناطقون عن الرسل بالبيان ، (٤) من مات لا يعرفهم ولا يتولاهم بأسمائهم وأسماء آبائهم مات ميتة جاهلية ، وأن من دينهم الورع والعفة والصدق والصلاح والاجتهاد وأداء الامانة إلى البر والفاجر ، وطل السجود ، والقيام بالليل ، واجتناب المحارم ، وانتظار الفرج بالصبر ، وحسن الصحبة ، وحسن الجوار ، وبذل المعروف وكف الاذى ، وبسط الوجه والنصيحة والرحمة للمؤمنين.

ثم الوضوء كما أمر الله تعالى في كتابه غسل الوجه واليدين ومسح الرأس و الرجلين ، واحد فريضة واثنان إسباغ ، ومن زاد أثم ولم يوجر ، ولا ينقض الوضوء إلا الريح والبول والغائط والنوم والجنابة ، ومن مسح على الخفين فقد خالف الله و رسوله وكتابه ، ولم يجز عنه وضوؤه ، وذلك أن عليا خالف القوم في المسح على الخفين ، فقال له عمر : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح ، فقال علي عليه‌السلام : قبل نزول سورة

__________________

(١) في نسخة : وأن كتابه المهيمن.

(٢) في نسخة : وواحد بعد واحد.

(٣) في نسخة : إلى أن يرث الله الارض.

(٤) في المصدر : الناطقون عن الرسول بالبيان.

٣٦١

المائدة أو بعدها؟ قال : لا أدري ، قال علي عليه‌السلام لكنني أدري ، إن رسول الله (ص) لم يمسح على خفيه منذ نزلت سورة المائدة.

والاغتسال من الجنابة والاحتلام والحيض ، وغسل من غسل الميت فرض ، والغسل يوم الجمعة والعيدين ودخول مكة والمدينة وغسل الزيارة وغسل الاحرام ويوم عرفة وأول ليلة من شهر رمضان وليلة تسع عشرة منه وإحدى وعشرين وثلاث وعشرين منه سنة.

وصلاة الفريضة : الظهر أربع ركعات ، والعصر أربع ركعات ، والمغرب ثلاث ركعات ، والعشاء الآخرة أربع ركعات ، والفجر ركعتان ، فذلك سبع عشرة ركعة ، والسنة أربع وثلاثون ركعة : منها ثمان قبل الظهر ، وثمان بعدها ، وأربع بعد المغرب ، وركعتان من جلوس بعد عشاء الآخرة تعدان بواحدة ، وثمان في السحر ، والوتر ثلاث ركعات ، وركعتان بعد الوتر ، والصلاة في أول الاوقات ، وفضل الجماعة على الفرد بكل ركعة ألفي ركعة ، ولا تصل خلف فاجر ، لا تقتدى إلا بأهل الولاية ، ولا تصل في جلود الميتة ولا جلود السباع ، والتقصير في أربع فراسخ بريد ذاهب ، وبريد جاء اثنا عشر ميلا ، وإذا قصرت أفطرت ، والقنوت في أربع صلوات : في الغداة ، والمغرب ، والعتمة ، ويوم الجمعة صلاة الظهر ، (١) وكل القنوت قبل الركوع وبعد القراءة ، والصلاة على الميت خمس تكبيرات ، وليس في صلاة الجنائز تسليم ، لان التسليم في صلاة الركوع والسجود ، وليس لصلاة الجنازة ركوع ولا سجود ، ويربع قبر الميت ولا يسنم ، (٢) والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة مع فاتحة الكتاب.

والزكاة المفروضة من كل مائتي درهم خمسة دراهم ، ولا تجب فيما دون ذلك ، وفيمازاد في كل أربعين درهما درهم ولا يجب فيمادون الاربعينات شئ ، ولا تجب حتى يحول الحول ، ولا تعطى إلا أهل الولاية والمعرفة ، وفي كل عشرين دينارا نصف دينار. والخمس من جميع المال مرة واحدة ، والعشر من الحنطة والشعير والتمر

__________________

(١) يؤكد استحباب القنوت فيها ، وإلا فيستحب في صلاة الظهر مطلقا كما يأتى بيانه في محله.

(٢) سنم القبر : رفعه عن الارض وهو خلاف التسطيح ، ومنه قبر مسنم أى مرتفع غير مسطح ، وأصله من السنام.

٣٦٢

والزبيب وكل شئ يخرج من الارض من الحبوب إذا بلغت خمسة أو سق ففيه العشر إن كان يسقى سيحا ، وإن كان يسقى بالدوالي ففيها نصف العشر للمعسر والموسر ، و يخرج من الحبوب القبضة والقبضتان ، لان الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا يكلف العبد فوق طاقته ، والوسق : ستون صاعا ، والصاع : ستة أرطال وهو أربعة أمداد ، والمد رطل وربع برطل العراقي ، (١) وقال الصادق عليه‌السلام : هي تسعة أرطال بالعراقي ، وستة أرطال بالمدني ، وزكاة الفطر فريضة على رأس كل صغير أو كبير ، حر أو عبد ، من الحنطة نصف صاع ، ومن التمر والزبيب صاع ، ولا يجوز أن تعطى غير أهل الولاية لانها فريضة ، وأكثر الحيض عشرة أيام ، وأقله ثلاثة أيام ، والمستحاضة تغتسل وتصلي ، والحائض تترك الصلاة ولا تقضي ، وتترك الصيام وتقضيه.

ويصام شهر رمضان لرؤيته ، ويفطر لرؤيتة ، ولا يجوز التراويح(٢) في جماعة ، وصوم ثلاثة أيام في كل شهر من كل عشرة أشهر شهر ، خميس من العشر الاول ، (٣) والاربعاء من الشعر الاوسط ، والخميس من العشر الآخر ، وصوم شعبان حسن وهو سنة ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شعبان شهري ، وشهر رمضان شهرالله. وإن قضيت فائت شهر رمضان متفرقا أجزأك(٤).

وحج البيت من استطاع إليه سبيلا ، والسبيل زاد وراحلة ، ولا يجوز الحج إلا متمتعا ، ولا يجوز الافراد والقران الذي يعمله العامة ، والاحرام دون الميقات لا يجوز ، قال الله : « وأتموا الحج والعمرة لله » ولا يجوز في النسك الخصي لانه ناقص ويجوز الموجوء.

__________________

(١) في نسخة : والمد رطل ونصف برطل المدينة (ظ) وفى المصدر : والمد رطلان وربع برطل العراقى.

(٢) التراويح جمع ترويحة ، وهى في الاصل اسم للجلسة مطلقا ، ثم سميت بها الجلسة التى بعد أربع ركعات في ليالى رمضان لا ستراحة الناس بها ، ثم سمى كل اربع ركعات ترويحة ، وهى ايضا اسم لعشرين ركعة في الليالى نفسها.

(٣) هكذا في النسخ ، وفى المصدر : وصوم ثلاثة أيام في كل شهر سنة من كل عشرة أيام يوم : خميس من العشر الاول اه.

(٤) في نسخة : وصوم رجب هو شهر الله الاصم وفيه البركة.

٣٦٣

والجهاد مع إمام عادل ، ومن قاتل فقتل دون ماله ورحله ونفسه فهو شهيد ولا يحل قتل أحد من الكفار في دار التقية إلا قاتل أو باغ ، ذلك إذا لم تحذر على نفسك ، (١) ولا أكل أموال الناس من المخالفين وغيرهم ، والتقية في دار التقية واجبة. ولا حنث على من حلف تقية يدفع بها ظلما عن نفسه.

والطلاق بالسنة على ما ذكر الله جل وعزوسنه نبيه ، ولا يكون طلاق بغير سنة ، وكل طلاق يخالف الكتاب فليس بطلاق ، وكل نكاح يخالف السنة فليس بنكاح ، ولا تجمع بين أكثر من أربع حرائر ، وإذا طلقت المرأة ثلاث مرات للسنة لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، وقال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : اتقوا المطلقات ثلاثا فإنهن ذوات أزواج.

والصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في كل المواطن عند الرياح والعطاس وغير ذلك. وحب أولياء الله وأوليائهم وبغض أعدائه والبراءة منهم ومن أئمتهم.

وبر الوالدين(٢) وإن كانا مشركين فلا تطعهما ، وصاحبهما في الدنيا معروفا لان الله يقول : « اشكرلي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما » فال أميرالمؤمنين عليه‌السلام : ما صاموا لهم ولا صلوا ولكن أمروهم بمعصية الله فأطاعوهم ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : من أطاع مخلوقا في غير طاعة الله عزوجل فقد كفر واتخذ إلها من دون الله. وذكاة الجنين ذكاة امه. وذنوب الانبياء عليهم‌السلام صغار موهوبة لهم بالنبوة.

والفرائض على ما أمر الله لا عول فيها ، ولا يرث مع الوالدين والولد أحد إلا الزوج والمرأة ، وذوالسهم أحق ممن لا سهم له ، وليست العصبة من دين الله.

والعقيقة عن المولود الذكر والانثى يوم السابع ، ويحلق رأسه يوم السابع ، و يسمى يوم السابع ، ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة يوم السابع.

وإن أفعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين ، ولا تقل بالجبر ولا

__________________

(١) في المصدر : وذلك اذا لم يحذر على نفسك.

(٢) تقدم عن العيون هكذا : وحب أولياء الله وأوليائهم واجب وكذلك بغض أعداء الله والبراءة منهم ومن أئمتهم ، وبر الوالدين واجب.

٣٦٤

بالتفويض ، ولا يأخذ الله البرئ بجرم السقيم ، ولا يعذب الله الابناء والاطفال بذنوب الآباء ، وإنه قال : ( ولا تزر وازرة وزر اخرى وأن ليس للانسان إلا ما سعى ) والله يغفر ولا يظلم ، ولا يفرض الله على العباد طاعة من يعلم أنه يظلمهم ويغويهم ، ولايختار لرسالته ويصطفي(١) عباده من يعلم أنه يكفر ويعبد الشيطان من دونه.

وإن الاسلام غير الايمان ، كل مؤمن مسلم ، وليس كل مسلم مؤمنا ، لايسرق السارق حين يسرق وهومؤمن ، ولايشرب الشارب حين يشرب الخمر وهومؤمن ، ولا يقتل النفس التي حرم الله بغيرالحق وهو مؤمن ، وأصحاب الحدود لا مؤمنون ولا كافرون(٢) وإن الله لايدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة والخلود فيها ، ومن وجبت له النار بنفاق أوفسق أوكبيرة من الكبائر لم يبعث مع المؤمنين ولا منهم ، ولا تحيط جهنم إلا بالكافرين ، وكل إثم دخل صاحبه بلزومه النار فهوفاسق ، (٣) ومن أشرك أو كفرأونافق أوأتى كبيرة من الكبائر ، والشفاعة جائزة للمستضفعين.

والامر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان واجب. والايمان أداء الفرائض ، واجتناب المحارم ، والايمان هو معرفة بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالاركان.

والتكبير في الاضحى خلف عشر صلوات يبتدؤ من صلاة الظهر من يوم النحر ، وفي الفطر في خمس صلوات يبتدؤ بصلاة المغرب من ليلة الفطر.

والنفساء تقعد عشرين يوما لا أكثرمنها ، فإن طهرت قبل ذلك صلت وإلا فإلى عشرين يوما ثم تغتسل وتصلي وتعمل عمل المستحاضة.(٤)

وتؤمن بعذاب القبر ، ومنكر ونكير ، والبعث بعد الموت والحساب ، والميزان ، والصراط ، والبراءة من أئمة الضلال وأتباعهم ، والموالات لاولياءالله ، وتحريم الخمر قليلها وكثيرها ، وكل مسكرخمر ، وكل ما أسكر كثيره فقليله حرام ، والمضطر لايشرب الخمر فإنها تقتله ، وتحريم كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير ، وتحريم الطحال

__________________

(١) في المطبوع : ولايصطفى.

(٢) في نسخة وفى المصدر : وأصحاب الحدود لامؤمنين ولا كافرين.

(٣) كذا في النسخ.

(٤) تقدم الكلام في نحوه في الحديث السابق.

٣٦٥

فإنه دم ، والجري والطافي والمارماهي والزمير ، (١) وكل شئ لايكون له قشور ، ومن الطير مالايكون قانصة له ، ومن البيض كل ما اختلف طرفاه فحلال أكله ، وما استوى طرفاه فحرام أكله ، واجتناب الكبائر : وهي قتل النفس التي حرم الله ، وشرب الخمر ، وعقوق الوالدين ، والفرار من الزحف ، وأكل مال اليتامى ظلما ، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير الله به من غير ضرورة به ، وأكل الربا والسحت بعد البينة ، والميسر ، والبخس في الميزان والمكيال ، وقذف المحصنات ، والزنا ، واللواط ، وشهادات الزور ، واليأس من روح الله ، والامن لمكرالله(٢) والقنوط من رحمة الله ، ومعاونة الظالمين والركون إليهم ، واليمين الغموس ، وحبس الحقوق من غير عسر ، والمكر(٣) والكفر ، والاسراف ، والتبذير ، والخيانة ، وكتمان الشهادة ، والملاهي التي تصدعن ذكرالله مثل الغناء وضرب الاوتار ، والاصرار على الصغائر من الذنوب ، فهذا اصول الدين. والحمدلله رب العالمين ، وصلى الله على نبيه وآله وسلم تسليما.(٤)

أقول : ورأيت هذا الخبر برواية اخرى عن أبي علي محمدبن الحسين بن الفضل عن أحمدبن علي بن حاتم ، عن أبيه ، عن علي بن جعفر ، عن علي بن أحمدبن حماد ، والفضل بن سنان الهاشمي عن محمدبن يقطين ، وإبراهيم بن محمد روواكلهم عن الرضا عليه‌السلام ، و جمع بين الروايتين وإن كانت بالاخيرة أوفق ، تركناها حذرا من التكرار ، وأول الرواية هكذا : أما بعدأول الفرائض شهادة أن لا إله إلا الله.

٣ ـ وأقول : وجدت بخط الشيخ محمدبن علي الجبائي نقلا من خط الشيخ الشهيد محمدبن مكي قدس الله روحهما ماهذه صورته :

يروي السيد الفقيه الاديب النسابة شمس الدين أبوعلي فخاربن معد جزء فيه أحاديث مسندة(٥) عن علي بن موسى الرضا الامام المعصوم عليه الصلاة والسلام

__________________

(١) في نسخة : الزمار.

(٢) في المصدر : والامن من مكر الله.

(٣) في المصدر : والكبر بدل المكر.

(٤) تحف العقول : ٤١٥ ـ ٤٢٣.

(٥) والظاهر أنها مستخرجة عن صحيفة الرضا عليه‌السلام ، وقد أخرج جملة منها الصدوق قدس سره باسناده عن أحمدبن عامربن سليمان الطائى وداودبن سليمان الفراء في كتاب عيون الاخبار راجع ص ١٩٥ ـ ٢١٢.

٣٦٦

قراءة على الشيخ أبي طالب عبدالرحمن بن محمدبن عبدالسميع الهاشمي الواسطي وأنهاه في ذي الحجة سنة أربع عشرة وستمائة في منزل الشيخ بقرى واسط ، ورأيت خطه له بالاجازة وإسناد الشيخ عن أبي الحسن علي بن أبي سعد محمد بن إبراهيم الخبازالازجي(١) بقراءته عليه عاشر صفر سنة سبع وخمسين وخمسمائة ، عن الشيخ أبي عبدالله الحسين بن عبدالملك بن الحسين الخلال بقراءة غيره عليه وهو يسمع في يوم الجمعة رابع صفر سنة ثلاث عشرة وخمس مائة ، عن الشيخ أبي أحمد حمزة بن فضالة بن محمد الهروي بهراة ، عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمدبن عبدالله بن يزداد بن على بن عبدالله الرازي ثم البخاري ببخارى قرئ عليه في داره في صفرسنة سبع وتسعين وثلاثمائة ، قال حدثنا أبوالحسن علي بن محمد بن مهرويه القزويني بقزوين ، قال : حدثنا داودبن سليمان بن يوسف بن أحمد الغازي ، قال : حدثني علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم‌السلام بأسمائهم في كل سند إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الايمان إقرار باللسان ، و معرفة بالقلب ، وعمل بالاركان. قال علي بن مهرويه : قال أبوحاتم محمدبن إدريس الرازي : قال أبوالصلت عبدالسلام بن صالح الهروي : لوقرئ هذا الاسناد على مجنون لافاق. قال الشيخ أبوإسحاق : سمعت عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي يقول : كنت مع أبي بالشام فرأيت رجلا مصروعا فذكرت هذا الاسناد فقلت : اجرب هذا فقرأت عليه هذا الاسناد فقام الرجل ينفض ثيابه ومر.

٤ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ليس منا من غش مسلما ، أو ضره ، أو ماكره.

٥ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أتاني جبرئيل عن ربي تعالى فيقول : ربي يقرؤك السلام ويقول لك : يا محمد بشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك بالجنة فلهم عندي جزاء الحسنى وسيد خلون الجنة.

٦ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مثل المؤمن عندالله كمثل ملك مقرب وإن المؤمن أغلى عندالله من ملك مقرب ، وليس أحد أحب إلى الله من تائب مؤمن أومؤمنة تائبة.

__________________

(١) بفتح الالف منسوب إلى باب الازج وهى محلة كبيرة ببغداد.

٣٦٧

٧ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إياكم ومخالطة السلطان فإنه ذهاب الدين ، وإياكم ومعونته فإنكم لاتحمدون أمره.

٨ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من مر على المقابر وقرأ قل هوالله أحد احدى عشرة مرة ثم وهب أجره للاموات اعطي أجره بعد الاموات.

٩ ـ وبهذا الاسناد كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أصابه صداع أو غير ذلك بسط يديه و قرأ الفاتحة والمعوذتين ومسح بهما وجهه فيذهب عنه ماكان يجد.

١٠ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : النظر في ثلاثة أشياء عبادة : النظر في وجه الوالدين ، وفي المصحف ، وفي البحر.

١١ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ترك معصية مخافة من الله أرضاه الله يوم القيامة.

١٢ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الولد الصالح ريحان من رياحين الجنة.

١٢ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : العلم خزائن ومفاتحه السؤال ، فاسألوا يرحمكم الله فإنه يوجر أربعة : السائل ، والمعلم ، والمستمع ، والمحب لهم.

١٣ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله يبغض الرجل يدخل عليه بيته فلايقاتل.

١٤ ـ وبهذا الاسناد عن علي عليه‌السلام لورأى العبد أجله وسرعته إليه لابغض الامل وطلب الدنيا.

١٥ ـ وبهذا الاسناد عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث أخافهن على امتي من بعدي : الضلالة بعدالمعرفة ، ومضلات الفتن ، وشهوة البطن والفرج.

١٦ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أربعة أنا شفيع لهم يوم القيامة ولو أتوا بذنوب أهل الارض : الضارب بسيفه أمام ذريتي ، والقاضي لهم حوائجهم ، و الساعي لهم في حوائجهم عند ما اضطر وا إليه ، والمحب لهم بقلبه ولسانه.

١٧ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي إذا كان يوم القيامة تعلقت

٣٦٨

بحجزة الله(١) وأنت متعلق بحجزتي ، وولدك متعلقون بحجزتك ، وشيعة ولدك متعلقون بحجزتهم ، فترى أين يؤمربنا.

١٨ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : كأني قد دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الارض ، وعترتي أهل بيتي ، فانظرواكيف تخلفوني فيهم.

١٩ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بحسن الخلق فإن حسن الخلق في الجنة لامحالة ، وإياكم وسوء الخلق فإن سوء الخلق في النار لامحالة.

٢٠ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لويعلم العبد ما في حسن الخلق لعلم أنه محتاج أن يكون له خلق حسن.

٢١ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من قال حين يدخل السوق : سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله وحده لاشريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو حي لايموت ، بيده الخير وهو على كل شئ قدير ) اعطي من الاجر بعدد ماخلق الله يوم القيامة.

٢٢ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حافظوا على الصلوات الخمس ، فإن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة يدعو بالعبد ، فأول شئ يسأل عنه الصلاة فإن جاء بها تاما وإلا زخ في النار.

٢٣ ـ وبهذا الاسناد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : مايقلب : جناح طائر في الهواء إلا له عندنا فيه علم.

بيان : في النهاية : « زخ به في النار » أي دفع ورمى.

__________________

(١) قال الجزرى في النهاية : فيه ( ان الرحم أخذت بحجزة الرحمن ) أى اعتصمت به والجأت اليه مستجيرة ، وأصل الحجزة موضع شد الازار ثم قيل للازار ( حجزة ) للمجاورة ، واحتجزالرجل بالرجل : اذا شده على وسطه ، فاستعاره للاعتصام والالتجاء والتمسك بالشئ والتعلق به.

٣٦٩

(باب ٢١)

*(مناظرات أصحابه وأهل زمانه صلوات الله عليه)*

١ ـ قال السيد المرتضى رحمه‌الله في كتاب الفصول : سأل علي بن ميثم(١) رحمه‌الله أبا الهذيل العلاف(٢) فقال : ألست تعلم أن إبليس ينهى عن الخير كله ويأمر بالشر كله؟ فقال : بلى ، قال : فيجوزأن يأمر بالشر كله وهو لايعرفه؟ وينهى عن الخير كله وهو لايعرفه؟ قال : لا ، فقال له أبوالحسن : فقد ثبت أن إبليس يعلم الشر والخير كله ، قال أبوالهذيل : أجل ، قال : فأخبرني عن إمامك الذي تأتم به بعدالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله هل

__________________

(١) هو على بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمار أبوالحسن مولى بنى اسد ، كوفى سكن البصرة ، كان من وجوه المتكلمين من أصحابنا ، كلم أبا الهذيل والنظام ، عده الشيخ في رجاله من اصحاب الرضا عليه‌السلام ، وله مجالس وكتب : منها كتاب الامامة سماه الكامل ، كتاب الاستحقاق ، كتاب النكاح ، كتاب الطلاق ، كتاب مجالس هشام بن الحكم ، كتاب المتعة. وقال الشيخ وابن النديم في فهرستيهما والعلامة في الخلاصة : هو اول من تكلم على مذهب الامامية ، وحكى الصدوق قدس‌سره في عيون الاخبار عن عون بن محمد الكندى أنه قال : مارأيت احدا قط اعرف بامور الائمة وأخبارهم ومناكحهم من على بن ميثم. وقال ابن حجر في لسان الميزان ٤ : ٢٦٥ : هو مشهور من أهل البصرة ، وكانت بينه وبين أبى الهذيل مناظرة ذكرها أبوالقاسم السهمى في كتاب الحجة ، قال : اجتمع على بن ميثم وأبوالهذيل عند أميرالبصرة فقال على بن ميثم : أخبرنى عن العقل مباح هو أو محظور؟ فلم يجبه ، فلما افترقا سأله الامير ، فقال : بأى شئ كنت اجيبه ، ان قلت : محظور كنت قد تابعته ، وان قلت : مباح قال : كنت تأخذ بذلك لك وحدك. انتهى قلت : ترجمه الشيخ في الفهرست والرجال ، والنجاشى وابن النديم في فهرستيهما.

(٢) هو محمدبن الهذيل بن عبدالله بن مكحول البصرى أبوالهذيل العلاف مولى عبدالقيس شيخ المعتزلة ومقدمهم ومقررالطريقة والمناظر عليها ، ومصنف الكتب الكثيرة فيها ، أخذ الاعتزال عن عثمان بن خالد الطويل عن واصل بن عطاء ، وروى عن غياث بن ابراهيم القاضى وسليمان بن مريم وغيرهما ، وروى عنه عيسى بن محمدالكاتب وأبويعقوب الشحام وأبوالعينا وآخرون ، انفرد عن اصحابه بمقالات أوردها الشهرستانى في الملل والنحل ١ : ٦٦ ، قدم بغداد سنة ٢٣٠ وتوفى ٢٣٥عن ١٠٠ سنة ، وقيل : توفى بسرمن رأى في سنة ٢٢٦ عن ١٠٤ سنة ، وقيل : في ٢٢٧ و ٢٣١ و ٢٣٤.

٣٧٠

يعلم الخير كله والشر كله؟ قال : لا ، قال له : فإبليس أعلم من إمامك إذا ، فانقطع أبوالهذيل.(١)

٢ ـ وقال أبوالحسن علي بن ميثم يوما آخر لابي الهذيل : أخبرني عمن أقر على نفسه بالكذب وشهادة الزور هل يجوز شهادته في ذلك المقام على آخر؟ فقال أبوالهذيل : لايجوز ذلك ، قال أبوالحسن : أفلست تعلم أن الانصار ادعت الامرة لنفسها ثم أكذبت نفسها في ذلك المقام ، وشهدت بالزور ، ثم أقرت بها لابي بكر و شهدت بها له؟ فكيف تجوز شهادة قوم أكذبوا أنفسهم وشهدوا عليها بالزور مع ما أخذنا رهنك من القول في ذلك؟

وقال لي الشيخ أدام الله حراسته : هذا كلام موجز في البيان ، والمعنى فيه على الايضاح أنه إذا كان الدليل عند من خالفنا على إمامة أبي بكر إجماع المهاجرين عليه فيما زعمه والانصار وكان معترفا ببطلان شهادة الانصار من حيث أقرت على نفسها بباطل ما ادعته من استحقاق الامامة فقدصار وجود شهادتهم كعدمها ، وحصل الشاهد بإمامة أبي بكر بعض الامة(٢) لاكلها ، وبطل ما ادعوه من الاجماع عليها ، ولا خلاف بيننا وبين خصومنا أن إجماع بعض الامة ليس بحجة فيما ادعاه ، وأن الغلط جائز عليه ، وفي ذلك فساد الاستدلال على إمامة أبي بكر بما ادعاه القوم ، وعدم البرهان عليها من جميع الوجوه.(٣)

٣ ـ قال : وأخبرني الشيخ أيضا قال : جاء ضرار إلى أبي الحسن علي بن ميثم رحمه‌الله فقال له : يا أبا الحسن قد جئتك مناظرا ، فقال له أبوالحسن : وفيم تناظرني؟ قال : في الامامة ، قال : ماجئتني والله مناظرا ولكنك جئت متحكما ، قال ضرار : ومن أين لك ذلك؟ قال أبوالحسن : علي البيان عنه ، أنت تعلم أن المناظرة ربما انتهت إلى حد يغمض فيه الكلام فيتوجه الحجة على الخصم ، فيجهل ذلك أويعاند وإن لم يشعر بذلك منه أكثر مستمعيه بل كلهم ، ولكنني أدعوك إلى منصفة في القول ، اختر

__________________

(١) الفصول المختارة ١ : ٥.

(٢) في المصدر : وحصل الشاهد بامامة أبى بكر من بعض الامة.

(٣) الفصول المختارة ١ : ٥ و ٦.

٣٧١

أحد الامرين : إما أنتقبل قولي في صاحبي وأقبل قولك في صاحبك فهذه واحدة ، فقال ضرار : لا أفعل ذلك ، قال له أبوالحسن : ولم لا تفعل؟ قال : لانني إذا قبلت قولك في صاحبك قلت لي : إنه كان وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأفضل من خلفه ، وخليفته على قومه ، وسيد المسلمين ، فلا ينفعني بعد ذلك مثل أن أقول : إن صاحبي كان صديقا(١) واختاره المسلمون إماما ، لان الذي قبلته منك يفسد علي هذا ، قال أبوالحسن : فاقبل قولي في صاحبك ، وأقبل قولك في صاحبي ، قال ضرار : وهذا لا يمكن أيضا لاني إذا قبلت قولك في صاحبي قلت لي : كان ضالا مضلا ظالما لآل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله قعد غير مجلسه ، (٢) ودفع الامام عن حقه ، وكان في عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله منافقا ، فلا ينفعني قبولك قولي فيه : إنه كان خيرا فاضلا ، (٣) وصاحبا أمينا ، لانه قد انتقض بقبولي قولك فيه : إنه كان ضالا مضا ، (٤) فقال له أبوالحسن رحمه‌الله : فإذا كنت لا تقبل قولك في صاحبك ولا قولي فيه(٥) فما جئتني إلا متحكما ، ولم تأتني مناظرا.(٦)

٤ ـ قال : وأخبرني الشيخ أيده الله قال : قال أبوالحسن علي بن ميثم رحمه‌الله لرجل نصراني : لم علقت الصليب في عنقك؟ قال : لانه شبه الشئ الذي صلب عليه عيسى عليه‌السلام قال أبوالحسن : أفكان عليه‌السلام يحب أن يمثل به؟(٧) قال : لا ، قال فأخبرني عن عيسى أكان يركب الحمار ويمضي عليه في حوائجه؟ قال : نعم. قال : أفكان يحب بقاء الحمار حتى يبلغ عليه حاجته؟ قال : نعم ، قال : فتركت ما كان يحب عيسى بقاءه وما كان يركبه في حياته بمحبة منه ، وعمدت إلى ما حمل عليه عسى عليه‌السلام بالكره ، و أركبه بالبعض له(٨) فعلقته في عنقك ، فقد كان ينبغي على هذا القياس أن تعلق الحمار في عنقك وتطرح الصليب وإلا فقد تجاهلت.(٩)

__________________

(١) في المصدر : فلا ينفعنى بعد أن قبلت ذلك منك ان صاحبى كان صديقا.

(٢) في المصدر : قعد في غير مجلسه.

(٣) في المصدر : انه كان خيرا صالحا.

(٤) في المصدر : قد انتقض بقبولى قولك فيه بعد ذلك انه كان ضالا مضلا.

(٥) في المصدر زيادة وهى هذه : ولا قولك في صاحبى.

(٦) الفصول المختارة ١ : ٩ و ١٠.

(٧) مثل ومثل بالرجل : نكل به ، أى أفكان يحب أن يصلب.

(٨) في المصدر : وركبه بالبغض له.

(٩) الفصول المختارة ١ : ٣١.

٣٧٢

٥ ـ قال : وأخبرني الشيخ أدام الله عزه قال : سئل أبوالحسن علي بن ميثم رحمه الله(١) فقيل له : لم صلى أميرالمؤمنين عليه‌السلام خلف القوم؟ قال : جعلهم بمثل سواري المسجد ، قال السائل : فلم ضرب الوليد بن عقبة الحدبين يدي عثمان؟ فقال : لان الحدله وإليه فإذا أمكنه إقامته أقامه بكل حيلة ، قال : فلم أشار على أبي بكر وعمر؟ قال : طلبا منه أن يحيى أحكام الله ويكون دينه القيم كما أشار يوسف على ملك مصر نظرا منه للخلق ، ولان الارض والحكم فيها إليه ، فإذا أمكنه أن يظهر مصالح الخلق فعل ، وإذا لم يمكنه ذلك بنفسه توصل إليه على يدي من يمكنه طلبا منه لاحياء أمر الله تعالى ، قال : فلم قعد عن قتالهم؟ قال : كما قعد هارون بن عمران عليه‌السلام عن السامري وأصحابه وقد عبدوا العجل ، قال : أفكان ضعيفا؟ قال : كان كهارون حيث يقول : « يا ابن ام إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني » وكان كنوح عليه‌السلام إذ قال : « إني مغلوب فانتصر » وكان كلوط عليه‌السلام إذ قال : « لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد » وكان كهارون وموسى عليهما‌السلام إذ قال : « رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي » قال : فلم قعد في الشورى؟ قال : اقتدارا منه على الحجة ، وعلما منه بأن القوم إن ناظروه وأنصفوه كان هو الغالب ، ولو لم يفعل وجبت الحجة عليه ، لانه من كان له حق فدعي إلى أن يناظر فيه فإن ثبت له الحجة اعطيه فلم يفعل بطل حقه(٢) وأدخل بذلك الشبهة على الخلق ، وقد قال يومئذ : اليوم ادخلت في باب ان انصفت فيه وصلت إلى حقي يعني أن أبابكر استبد بها يوم السقيفة ولم يشاور ، (٣) قال : فلم زوج عمر بن الخطاب ابنته؟(٤) قال : لاظهاره الشهادتين ، وإقراره بفضل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأراد بذلك استصلاحه وكفه عنه ، وقد عرض لوط عليه‌السلام بناته على قومه وهم كفار ليردهم عن ضلالهم ، فقال : « هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد ».(٥)

__________________

(١) في المصدر : سئل أبوالحسن على بن إسماعيل بن ميثم رحمه‌الله.

(٢) في المصدر : فان ثبت له الحجة سلم الحق إليه واعطيه فان لم يفعل بطل حقه.

(٣) في المصدر : ولم يشاوره.

(٤) سيأتى الاختلاف في انه عليه‌السلام زوج عمر بن الخطاب ابنته أم لا.

(٥) الفصول المختارة ١ : ٣٩ و ٤٠.

٣٧٣

٦ ـ قال : وأخبرني الشيخ أدام الله عزه أيضا قال : دخل أبوالحسن علي بن ميثم رحمه‌الله على الحسن بن سهل وإلى جانبه ملحد قد عظمه والناس حوله فقال : لقد رأيت ببابك عجبا ، قال : وما هو؟ قال : رأيت سفينة تعبر بالناس من جانب إلى جانب بلا ملاح ولا ماصر!(١) فقال له صاحبه الملحد وكان بحضرته : إن هذا أصلحك الله لمجنون! قال : قلت وكيف ذاك؟ قال : خشب جماد لا حيلة له ولا قوة ولا حياة فيه ولا عقل كيف تعبر بالناس؟! قال : فقال أبوالحسن : وأيما أعجب؟ هذا أو هذا الماء الذي يجري على وجه الارض يمنة ويسرة بلا روح ولا حيلة ولا قوى؟ وهذا النبات الذي يخرج من الارض؟ والمطر الذي ينزل من السماء؟ تزعم أنت أنه لا مدبر لهذا كله وتنكر أن تكون سفينة تتحرك بلا مدبر وتعبر بالناس! قال : فبهت الملحد.(٢)

٧ ـ قال : وأخبرني الشيخ أدام الله عزه قال : سأل أبوالهذيل العلاف علي بن ميثم رحمه‌الله عند علي بن رياح فقال له : ما الدليل على أن عليا عليه‌السلام كان أولى بالامإمة من أبي بكر؟ فقال له : الدليل على ذلك إجماع أهل القبلة على أن عليا عليه‌السلام كان عند وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مؤمنا عالما كافيا ، ولم يجمعوا بذلك على أبي بكر ، فقال له أبوالهذيل : ومن لم يجمع عليه عافاك الله؟ قال له أبوالحسن : أنا وأسلا في من قبل وأصحابي الآن ، قال له أبوالهذيل : فأنت وأصحابك ضلال تائهون! فقال له أبوالحسن : ليس جواب هذا الكلام إلا السباب واللطام.(٣)

٨ ـ وقال رضي‌الله‌عنه : ومن حكايات الشيخ أدام الله عزه قال : سئل أبومحمد الفضل بن شاذان النيشابوري(٤) رحمه‌الله فقيل له : ما الدليل على إمامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام؟ فقال : الدليل على ذلك من كتاب الله عزوجل ، ومن سنة نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن إجماعه المسلمين.

__________________

(١) الماصر : حبل يوضع بين الشطين لتعبر عليه السفينة.

(٢) الفصول المختارة ١ : ٤٤.

(٣) الفصول المختارة ١ : ٥٢.

(٤) هو فضل بن شاذان بن الخليل أبومحمد الازدى النيسابورى الفقيه المتكلم الثقة ، رئيس الطائفة ، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامامين : الهادى والعسكرى عليهما‌السلام ، وكان*

٣٧٤

فأما كتاب الله تبارك وتعالى فقوله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم » فدعانا سبحانه إلى طاعة اولي الامر كما دعانا إلى طاعة نفسه وطاعة رسوله ، فاحتجنا إلى معرفة اولي الامر كما وجبت علينا معرفة الله تعالى ، ومعرفة الرسول عليه وآله السلام ، فنظرنا في أقاويل الامة فوجدناهم قد اختلفوا في اولي الامر ، وأجمعوا في الآية على ما يوجب كونها في علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال بعضهم : اولي الامر هم امراءالسرايا ، وقال بعضهم : هم العلماء ، وقال بعضهم : هم القوام على الناس ، والامرون بالمعروف ، والناهون عن المنكر ، وقال بعضهم : هم أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب والائمة من ذريته عليهم‌السلام ، فسألنا الفرقة الاولة فقلنا لهم : أليس علي بن أبي طالب عليه‌السلام من امراء السرايا؟ فقالوا : بلى ، فقلنا للثانية : ألم يكن عليه‌السلام من العلماء؟ قالوا : بلى ، فقلنا للثالثة : أليس علي عليه‌السلام قد كان من القوام على الناس بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ فقالوا : بلى ، فصار أميرالمؤمنين عليه‌السلام معينا بالآية باتفاق الامة واجتماعها ، وتيقنا ذلك بإقرار المخالف لنافي الامامة(١) والموافق عليها ، فوجب أن يكون إماما بهذه الآية لوجود الاتفاق على أنه معني بها ، ولم يجب العدول إلى غيره والاعتراف بإمامته لوجود الاختلاف في ذلك وعدم الاتفاق وما يقوم مقامه من البرهان.

وأما السنة فإنا وجدنا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله استقضى عليا عليه‌السلام على اليمن ، وأمره

__________________

* أبوه من أصحاب يونس وروى عن ابى جعفرالثانى عليه‌السلام أيضا ، وللفضل مصنفات كثيرة تبلغ مائة وثمانين كتابا ، أورد عدة منها الطوسى والنجاشى في فهرستيهما ، منها : كتاب الرد على الحسن البصرى في التفضيل ، كتاب النقض على الاسكافى ، كتاب الرد على أهل التعطيل ، كتاب الرد على الثنوية ، كتاب الرد على المنانية ، كتاب الرد على الغالية المحمدية ، كتاب الرد على محمد بن كرام ، كتاب الرد على الاصم ، كتاب الرد على الفلاسفة ، كتاب الرد على الباطنية والقرامطة ، كتاب الرد على يزيد بن بزيع الخارجى ، كتاب الرد على المرجئة ، كتاب تبيان اهل الضلالة ، كتاب الرد على الحشوية ، تاب الاعراض والجواهر ، كتاب العلل ، كتاب السنن ، كتاب الفرائض الكبير ، كتاب الفرائض الاوسط ، كتاب الفرائض الصغير ، كتاب مسائل البلدان ، كتاب الامامة الكبيرة وغير ذلك.

(١) في المصدر : وتيقنا ذلك باقرار المخالف لنا في امامته عليه‌السلام.

٣٧٥

على الجيوش ، وولاه الاموال ، وأمره بأدائها إلى بني جذيمة الذين قتلهم خالد بن الوليد ظلما ، واختاره لاداء رسالات الله سبحانه والابلاغ عنه في سورة براءة ، واستخلفه عند غيبته على من خلف ، ولم نجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سن هذه السنن في أحد غيره ، ولا اجتمعت هذه السنن في أحد بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كما اجتمعت في علي عليه‌السلام ، وسنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد موته واجبة كوجوبها في حياته ، وإنما يحتاج الامة إلى الامام بهذه الخصال التي ذكرناها ، فإذا وجدناها في رجل قد سنها الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فيه كان أولى بالامامة ممن لم يسن النبي فيه شيئا من ذلك.

وأما الاجماع فإن إمامته ثبتت من جهته من وجوه : منها أنهم قد أجمعوا جميعا أن عليا عليه‌السلام قد كان إماما ولو يوما واحدا ، ولم يختلف في ذلك أصناف أهل الامامة(١) ثم اختلفوا فقالت طائفة : كان إمام في وقت كذا وكذا ، (٢) وقالت طائفة : بل كان إماما بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في جميع أوقاته ، ولم يجمع الامة على غيره أنه كان إماما في الحقيقة طرفة عين ، والاجماع أحق أن يتبعمن الاختلاف.

ومنها أنهم أجمعوا جميعا على أن عليا عليه‌السلام كان يصلح للامامة ، وأن الامامة تصلح لبني هاشم ، واختلفوا في غيره ، وقالت طائفة : لم يكن تصلح لغير علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، ولا تصلح لغير بني هاشم ، والاجماع حق لا شبهه فيه ، والاختلاف لا حجة فيه.

ومنها أنهم أجمعوا على أن عليا عليه‌السلام كان بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ظاهر العدالة واجبة له الولاية ، ثم اختلفوا فقال قوم : كان مع ذلك معصوما(٣) من الكبائر والضلال ، وقال آخرون : لم يك معصوما ولكن كان عدلا براتقيا على الظاهر ، لا يشوب ظاهره الشوائب ، فحصل الاجماع على عدالته عليه‌السلام ، واختلفوا في نفي العصمة عنه عليه‌السلام. ثم أجمعواجميعا على أن أبابكر لميكن معصوما ، واختلفوا في عدالته فقالت طائفة :

__________________

(١) في المصدر : ولم يختلف في ذلك أصناف أهل الملة.

(٢) في المصدر : فقالت طائفة : كان اماما في وقت كذا دون وقت كذا.

(٣) في المصدر : إنه كان مع ذلك معصوما.

٣٧٦

كان عدلا ، وقال آخرون : لم يكن عدلا ، لانه أخذ ما ليس له ، فمن أجمعوا على عدالته واختلفوا في عصمته أولى بالامامة وأحق ممن اختلفوا في عدالته وأجمعوا على نفي العصمة عنه.(١)

٩ ـ ثم قال : ومن حكايات الشيخ وكلامه قال : سئل الفضل بن شاذان رحمه‌الله عما روته الناصبة عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام أنه قال : « لا اوتي برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري » فقال : إنما روى هذا الحديث سويدبن غفلة وقد أجمع أهل الآثار على أنه كان كثير الغلط ، وبعد فإن نفس الحديث متناقض ، لان الامة مجمعة على أن عليا عليه‌السلام كان عدلا في قضيته ، وليس من العدل أن يجلد حد المفتري من لم يفتر ، لان هذا جور على لسان الامة كلها ، وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام عندنا برئ من ذلك.

قال الشيخ أدام الله عزه : وأقول : إن هذا الحديث إن صح عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام ولن يصح بأدلة أذكرها بعد فإن الوجه فيه أن الفاضل بينه وبين الرجلين(٢) إنما وجب عليه حد المفتري من حيث أوجب لهما بالمفاضلة مالايستحقانه من الفضل ، لان المفاضلة لا يكون إلا بين مقاربين في الفضل ، (٣) وبعد أن يكون في المفضول فضل ، و إذا كانت الدلائل على أن من لاطاعة معه لا فضل له في الدين ، وأن المرتد عن الاسلام ليس فيه شئ من الفضل الديني وكان الرجلان بجحدهما النص قبل قدخرجا عن الايمان بطل أن يكون لهما فضل في الاسلام ، فكيف يحصل لهما من الفضل ما يقارب فضل أميرالمؤمنين عليه‌السلام؟! ومتى فضل إنسان أميرالمؤمنين عليه‌السلام عليهما فقد أوجب لهما فضلا في الدين ، فإنما استحق حدالمفتري الذي هو كاذب ، دون المفتري الذي هو راجم بالقبيح ، لانه افترى بالتفضيل لاميرالمؤمنين عليه‌السلام عليهما من حيث كذب في إثبات فضل لهما في الدين ، ويجري في هذا الباب مجرى من فضل البر التقي(٤) على الكافر

__________________

(١) الفصول المختارة ١ : ٧٧ و ٧٨.

(٢) في المصدر : ان المفاضل بينه وبين الرجلين.

(٣) في المصدر : لان المفاضلة لاتكون الابين متقاربين في الفضل.

(٤) في المصدر : من فضل المسلم البر التقى.

٣٧٧

المرتد الخارج عن الدين ، ومجرى من فضل جبرئيل عليه‌السلام على إبليس ، ورسول الله (ص) على أبي جهل بن هشام ، في أن المفاضلة بين من ذكرناه يوجب لمن لا فضل له على وجه فضلا مقاربا لفضل العظماء عندالله تعالى ، وهذا بين لمن تأمله. مع أنه لو كان هذا الحديث صحيحا وتأويله على ما ظنه القوم يوجب أن يكون حد المفتري واجبا على الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحاشا له من ذلك ، لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قد فضل أميرالمؤمنين عليه لسلام على سائر الخلق ، وآخى بينه وبين نفسه ، وجعله بحكم الله في المباهلة نفسه ، وسد أبواب القوم إلا بابه ، ورد أكثر الصحابة(١) عن إنكاحهم ابنته سيدة نساء العالمين عليها‌السلام وأنكحه ، وقدمه في الولايات كلها ولم يوخره ، وأخبر أنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وأنه أحب الخلق إلى الله تعالى ، وأنه مولى من كان مولاه من الانام ، وأنه منه بمنزلة هارون من موسى بن عمران ، وأنه أفضل من سيدي شباب أهل الجنة ، وأن حربه حربه وسلمه سلمه ، وغير ذلك مما يطول شرحه إن ذكرناه.(٢)

وكان أيضا يجب أن يكون عليه‌السلام قد أوجب الحد على نفسه إذ أبان فضله على سائر أصحاب الرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث يقول : « أنا عبدالله وأخو رسول الله ، لم يقلها أحد قبلي ولا يقولها أحد بعدي إلا مفتر كذاب ، صليت قبلهم سبع سنين » وفي قوله لعثمان وقدقال له : أبوبكر وعمر خير منك فقال : « بل أنا خير منك ومنهما ، عبدت الله عزوجل قبلهما وعبدته بعدهما » وكان أيضا قد أوجب الحد على ابنه الحسن وجميع ذريته وأشياعه وأنصاره وأهل بيته ، فإنه لا ريب في اعتقاد هم فضله على سائر الصحابة ، وقد قال الحسن عليه‌السلام صبيحة الليلة التي قبض فيها أميرالمومنين عليه‌السلام : « لقد قبض الليلة رجل(٣) ما سبقه الاولون بعمل ، ولا أدركه الآخرون » وهذه المقالة متهافتة جدا.

وقال الشيخ أيده الله : ولست أمنع العبارة بأن أميرالمؤمنين عليه‌السلام كان أفضل من أبي بكر وعمر على معنى تسليم فضلهما من طريق الجدل ، أو على معتقد

__________________

(١) في المصدر : ورد كبراء أصحابه عن نكاحهم.

(٢) في المصدر : وغير ذلك مما يطول به الكتاب إن ذكرناه.

(٣) في المصدر : لقد قبض في هذه اليلة.

٣٧٨

الخصوم في أن لهما فضلا في الدين ، وأما على تحقيق القول في المفاضلة فإنه غلط وباطل.

قال الشيخ : وشاهد ما أطلقت من القول ونظيره قول أميرالمؤمنين عليه‌السلام في أهل الكوفة : « اللهم إني قد مللتهم وملوني ، وسئمتهم وسئموني ، اللهم فأبدلني بهم خيرا منهم ، وأبدلهم بي شرا مني ».

ولم يكن في أميرالمؤمنين عليه‌السلام شر ، إنما أخرج الكلام على اعتقادهم فيه ، ومثله قول حسان بن ثابت وهو يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

أتهجوه ولست له بكفو

فخير كما لشر كما الفداء.(١)

ولم يكن في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله شر ، وإنما أخرج الكلام على معتقد الهاجي فيه ، وقوله تعالى : « وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين » ولم يكن الرسول على ضلال.

١٠ ـ ثم قال رضي‌الله‌عنه : ومن حكايات الشيخ وكلامه : قال الشيخ أيده الله : وقد كان الفضل بن شاذان رحمه‌الله استدل على إمامة أميرالمؤمنين عليه‌السلام بقول الله تعالى : « واولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين » قال : وإذا أوجب الله تعالى للاقرب برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الولاية وحكم بأنه أولى به من غيره وجب أن أميرالمؤمنين عليه‌السلام كان أولى بمقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من كل أحد ، قال الفضل : فإن قال قائل : فإن العباس كان أقرب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من علي عليه‌السلام قيل له : إن الله تعالى لم يذكر الاقرب بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله دون أن علقه بوصف فقال : « النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم واولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين » فشرط في الاولى بالرسول الايمان والهجرة ، ولم يكن العباس من المهاجرين ولا كانت له هجرة باتفاق.(٢)

قال الشيخ رحمه‌الله : وأقول : إن أميرالمؤمنين عليه‌السلام كان أقرب إلى رسول الله

__________________

(١) في المصدر : فشر كما لخير كما الفداء.

(٢) وقد استدل بذلك الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام وتقدم ذكره في باب احتجاجه عليه‌السلام.

٣٧٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله من العباس وألى بمقامه منه إثبت أن المقام موروث ، وذلك أن عليا عليه‌السلام كان ابن عم رسول الله لابيه وامه ، العباس رحمه‌الله عمه لابيه ، (١) ومن تقرب بسببين كان أقرب ممن يتقرب بسبب واحد. وأقول : إنه لولم تكن فاطمة عليها السلم موجودة بع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لكان أميرالمومنين أحق بتركته من العباس رحمه‌الله ، ولو ورث مع الولد أحد غير الابوين والزوج والزوجة لكان أميرالمؤمنين أحق بميراثه صلى‌الله‌عليه‌وآله مع فاطمة عليها‌السلام من العباس بما قدمت من انتظامه القرابة من جهتين ، واختصاص العباس بها من جهة واحدة.

قال الشيخ أيده الله : ولست أعلم بين أهل العلم خلافا في أن عليا عليه‌السلام ابن عم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لابيه وامه ، وأن العباس رضي‌الله‌عنه كان عمه لابيه خاصة ، ويدل على ذلك ما رواه نقلة الآثار وهو أن أبا طالب رحمه‌الله مر على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام إلى جنبه ، فلما سلم قال : ما هذا يا ابن أخ ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : شئ أمرني به ربي يقر بني إليه ، (٢) فقال لابنه جعفر : يا بني صل جناح ابن عمك ، فصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعلي وجعفر عليهما‌السلام يومئذ ، (٣) فكانت أول صلاة جماعة في الاسلام ، ثم أنشأ أبوطالب يقول :

إن عليا وجعفرا ثقتي

عند ملم الزمان الكرب

والله لا أخذل النبي ولا

يخذله من بني ذوحسب

لاتخذ لا وانصرا ابن عمكما

أخي لا مي من بينهم وأبي

ومن ذلك ما رواه جابر بن عبدالله الانصاري رحمه‌الله قال : سمعت عليا عليه‌السلام ينشد ورسول الله يسمع :

أنا أخو المصطفى لا شك في نسبي

عند ملم الزمان الكرب

جدي وجد رسول الله منفرد

وفاطمة زوجتي لا قول ذي فند(٤)

__________________

(١) في المصدر : والعباس عمه لا بيه خاصة.

(٢) في المصدر : يقربنى به إليه.

(٣) في المصدر : فصلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بعليوجعفر جميعا يومئذ.

(٤) في المصدر : ( وفاطم زوجتى ). فند : خرف وضعف عقله. كذب ، فندفى الرأى أو أخطأ.

٣٨٠