مصباح الفقيه - ج ١٤

الشيخ آقا رضا الهمداني

مصباح الفقيه - ج ١٤

المؤلف:

الشيخ آقا رضا الهمداني


الموضوع : الفقه
الناشر: المؤسسة الجعفريّة لإحياء التراث
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧٠٩

للمرتهن بيع الرهن مع إمكان رجوعه إلى الحاكم.

واستدلّ لأبي الصلاح بوجهين :

أحدهما : أنّ جواز البيع من مقتضيات الرهانة ، وإلّا فليس بينه وبين سائر أمواله فرق في جواز المقاصّة له بإذن الحاكم ، أو بيع الحاكم لأداء حقّه.

وفيه : منع اقتضاء الرهانة إلّا مجرّد استحقاقه استيفاء دينه منه ، فلا توجب الرهانة إلّا قطع سلطنة المالك بالنسبة إلى نفس البيع أو ما ينزّل منزلته من الصلح وغيره ، وأمّا خصوصيات البيع ككونه من شخص خاص أو في مكان أو بنقل خاص مثلا فلا ؛ إذ ليس هذا إلّا كما لو استحقّ على ذمة شخص كلّيا ، فكما أنّ تعيينه إنّما هو باختيار المديون كذا في ما نحن فيه.

وأمّا ما ذكر من عدم الفرق بينه وبين سائر أمواله ، كما لو كان عنده وديعة مثلا ، ففيه منع واضح ؛ ضرورة تعلّق الاستحقاق في ما نحن فيه بخصوص العين ، إلّا أنّ مجرّد الاستحقاق لا يقتضي استقلاله بالبيع ، وهذا بخلاف سائر أمواله ، ولذا يقدّم حقّ المرتهن على سائر الغرماء.

ثانيهما : ظاهر بعض الأخبار ، كموثّقة ابن عمّار ، قال : سألت أبا إبراهيم ـ عليه‌السلام ـ عن الرجل يكون عنده الرهن فلا يدري لمن هو من الناس ، فقال : «لا أحبّ أن يبيعه حتى يجي‌ء صاحبه» فقلت :لا يدري لمن هو من الناس ، فقال : «فيه فضل أو نقصان؟» قلت : فإن كان فيه فضل أو نقصان؟ قال : «إن كان فيه نقصان فهو أهون يبيعه فيؤجر في ما نقص من ماله ، وإن كان فيه فضل فهو أشدّهما عليه

٦٨١

يبيعه ويمسك فضله حتى يجي‌ء صاحبه» (١).

والجواب عنه : بلزوم حملها على ما إذا لم يمكن إثبات حقّه ورهانته عند الحاكم ، أو على تعذّر الرجوع إلى الحاكم ، أو على إرادة مطلق البيع من حيث هو من دون بيان الشرائط ، فتكون مهملة من هذه الجهة ، بل يمكن تنزيل الرواية على ما لو استكشف رضا المالك بالبيع ؛ فإنّه في مثل هذه الموارد ربما يقطع الإنسان بالرضا.

وكيف كان ، فيتعيّن حملها ، ولا يجوز العمل بإطلاقها ؛ لمخالفته للقواعد المتلقّاة من الشرع ومذهب الأصحاب ، بل ربما يقال : بمخالفته لبعض الروايات الناهية عن بيعه مطلقا إلّا بعد مجي‌ء صاحبه (٢) ، وفيه تأمّل.

وكيف كان ، فهل له الإجبار في الأداء قبل رفع أمره إلى الحاكم ، أم يتعيّن عليه الرجوع إليه؟ فيه وجهان : نسب (٣) إلى ظاهر بعض : الأول ، بل تعيّنه عليه مع الإمكان ، وعند عدمه يرجع إلى الحاكم.

وفيه : أنّ الإجبار من مناصب الحاكم ليس لغيره ذلك.

نعم يجوز له ما يجوز لغيره من باب الأمر بالمعروف ، ومعلوم أنّ هذا ليس مقدّما على رفع الأمر إلى الحاكم ؛ لعدم الترتيب بينهما.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٢٣٣ / ٤ ، الفقيه ٣ : ١٩٧ / ٨٩٦ ، التهذيب ٧ : ١٦٨ / ٧٤٧ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب كتاب الرهن ، الحديث ٢.

(٢) الكافي ٥ : ٢٣٤ / ٥ ، التهذيب ٧ : ١٦٩ / ٧٤٨ و ٧٤٩ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب كتاب الرهن ، الحديث ١ و ٣.

(٣) لم نعثر على الناسب فيما بين أيدينا من المصادر ، وراجع : جواهر الكلام ٢٥ : ٢١٧ ، والحدائق الناضرة ٢٠ : ٢٧٤.

٦٨٢

فالأوجه وفاقا لإطلاق عبارة المتن : أنّه يتعيّن عليه أن يرفع أمره إلى الحاكم عند تعذّر الأداء (ليلزمه البيع (١)) بالقول أو الفعل بضرب أو حبس أو نحوهما ممّا يتوقّف تحصيل الحقّ عليه.

(وإن (٢) امتنع) الراهن بعد إلزام الحاكم وإجباره عن البيع أيضا (كان له حسبة (٣)) أن يبيع عنه ، وهذا بحسب الظاهر ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما الكلام في أنّه هل له البيع قبل الإجبار من أول الأمر أم لا ، بل يتعيّن الإجبار أوّلا ثم البيع؟ ظاهر المصنّف ـ رحمه‌الله ـ : الأول حيث قال : (وله أن يبيع عليه.)

ولكنه لا يخلو عن إشكال ؛ لأنّ القدر المتيقّن من ثبوت ولايته إنّما هو بعد الإجبار ، فليقتصر عليه.

ويمكن التمسّك للإطلاق : بإطلاق قوله ـ عليه‌السلام ـ : «السلطان ولي الممتنع» (٤) لصدق الموضوع بمجرّد الامتناع ولو لم يكن ثمّة إجبار.

ودعوى : أنّ الامتناع في مقابل الإمكان ، وهو ربما يكون ممكنا صدوره عنه بالإجبار ، فلا تثبت الولاية له ، ممنوعة بظهوره في عدم التسليم ، كما لا يخفى.

نعم لمنع (٥) قصوره عن الحجية ؛ لعدم الجابر في المقام وجه.

وكيف كان ، فلو أكرهه على البيع فباع عن إكراه ، يصح البيع ويلزم ؛ لأنّ الإكراه عن حقّ بمنزلة الرضا.

__________________

(١) في الشرائع : بالبيع.

(٢) في الشرائع : فإن.

(٣) جاء ضبط الكلمة في الشرائع : حبسه.

(٤) لم نعثر عليه في المصادر الحديثيّة.

(٥) كذا في النسخة الخطية والحجرية ، وفي هامش الحجرية : الظاهر : دعوى. وهو الصواب.

٦٨٣

ثم إنّه لو تعذّر الوصول إلى الحاكم إمّا لفقده أو لتعذّر إثبات الحقّ لديه ، هل له أن يتولّى البيع بنفسه أو يرجع إلى عدول المؤمنين؟ فيه وجهان ، أوجههما : الأول ؛ إذ لا ولاية للعدول عليه ، وإنّما يتصرّفون في بعض الموارد في أموال الغائبين إذا احتاج الغائب إليها حسبة من دون أن يكون لهم عليه ولاية ، فعلى هذا لا أولوية للعدول على نفسه ، فهو بنفسه يتولّى البيع.

نعم في صورة تعذّر الإثبات عند الحاكم لو أمكن له الإذن في البيع ولو بعنوان العموم لا يبعد اشتراطه ، والله العالم.

مسألة (ولو شرط) المرتهن على الراهن في عقد الرهن (إن لم يؤدّ) الحقّ (أن يكون الرهن مبيعا ، لم يصح) الشرط ؛ لوجهين بعد الغضّ عن الإجماعات المحكية المعتضدة بعدم نقل خلاف يعرف في المقام صريحا.

أحدهما : التعليق في الشرط على أمر غير مضبوط الحصول.

ثانيهما : أنّه شرط النتيجة في ما لها سبب خاص ؛ إذ حصول البيع بلا سبب ممّا لم يعهد في الشريعة فيفسد. وفي كليهما تأمّل.

أمّا الأول : فلما سبق في مبحث الخيارات من كتاب البيع من التأمّل في اقتضاء التعليق في الشرط فساده ، ولكن يمكن الالتزام به في المقام لا لمجرّد التعليق في الشرط ، بل لأنّ المشروط الذي هو البيع غير صالح لأن يقع معلّقا ، فيفسد من هذه الجهة.

وأمّا الثاني : فلا يصلح وجها للمسألة الوفاقية ، مع أنّه بنفسه ممّا وقع فيه الخلاف ، فمن يقول بصحة شرط النتيجة يلتزم بكون الشرط سببا لحصوله كعقد البيع.

نعم في ما ثبت من الشرع عدم حصول مفاده إلّا بسبب خاص

٦٨٤

ـ كالطلاق والنكاح ـ لا يصح ، وأمّا في مثل البيع والهبة وغيرهما فلا.

وكيف كان ، فلتحقيقها محل آخر.

والغرض من إيرادها التنبيه على أنّه لا يصلح أن يكون (١) محطّ أنظار العلماء في هذه المسألة ، ولعلّ نظرهم إلى ما أشرنا إليه من وقوع البيع من حيث إنّه بيع معلّقا ؛ لأنّ هذا ممّا وقع الإجماع على بطلانه بحسب الظاهر.

وقد يتوهّم : أنّ المتيقّن من البطلان الذي وقع الإجماع عليه : ما إذا كان البيع بصيغته الخاصة ، وأمّا معناه الحاصل بالشرط فلا.

ولكنه مدفوع : بأنّ المفهوم من كلماتهم في باب البيع بطلان إنشاء هذا المعنى معلّقا من دون أن يكون في ضمن لفظ خاص مثلا.

نعم لو لم يكن الإنشاء بنحو البيع ، بل بحيث يفيد الإنشاء المطلق من دون أن يكون بيعا ، وقلنا بكفاية مثل ذلك في حصول الملك ، وعدم توقيفيّة الأسباب ، ومنع ما يستفاد من عموم بطلان التعليق في الأسباب المملّكة بحيث يعمّ الفرض ، لأمكن القول بعدم البطلان ، ولكن في جميعها تأمّل.

وهل يوجب فساد الشرط فساد الرهن؟ فيه وجهان : من أنّ الشرط الفاسد مفسد أم لا ، قد سبق تحقيقه في محلّه فراجع.

ولكن ربّما يدّعى في المقام الوفاق على فساد الرهن.

وقد يوجّه (٢) ذلك : باقتضائه توقيت الرهانة المجمع على بطلانه ؛ لمنافاته الاستيثاق المعتبر في الرهن.

__________________

(١) الظاهر : يكون الوجهان.

(٢) راجع : جواهر الكلام ٢٥ : ٢٢٦ ، ومسالك الأفهام ١ : ٢٢٤ ، ورياض المسائل ١ : ٥٨٣.

٦٨٥

وفيه : أنّ هذا التوقيت لا ينافي الاستيثاق ، بل يؤكّده إذا شرط أن يكون الثمن عين ما في ذمة الراهن لا ثمنا آخر لا يكون رهنا.

ولعلّ إطلاقهم منزّل على الصورة الأولى التي قد عرفت أنّه لا ينافي الاستيثاق ، إلّا أن يقال : إنّ التوقيت في الرهن كالتوقيت في الملك ممّا أجمعوا على بطلانه وإن لم يناف الاستيثاق ، ولكنه بعيد ، والله العالم.

مسألة : (إذا أذن المرتهن للراهن في البيع ورجع ، ثم اختلفا ، فقال المرتهن : رجعت قبل البيع ؛ وقال الراهن :) رجعت (بعده ، كان القول قول المرتهن) عند المشهور بين الأصحاب ، بل عن جامع المقاصد (١) نسبته إليهم ، مشعرا بدعوى الإجماع ، خصوصا مع قوله : إنّه ينبغي الوقوف معهم وإن كان الدليل يقتضي خلافه (ترجيحا لجانب الوثيقة) المستصحب بقاؤها إلى أن يعلم المزيل.

وليس لأنّ الإذن في البيع غير مسقط لها ، وإنّما المسقط لها البيع المأذون فيه ولم يثبت ؛ (إذ الدعويان متكافئان) يعني دعوى وقوع البيع قبل الرجوع ، وتحقّق الرجوع قبل زمان البيع ، وكلّ منهما خلاف الأصل ، فيتساقطان ، ويرجع إلى الأصول الآخر ، مثل : استصحاب الرهانة أو أصالة الفساد في البيع وغيرهما.

ولا يعارضه أصالة الصحة كما سنحقّقه إن شاء الله تعالى.

وتوضيح المقام : أنّه يعتبر في الحكم بصحة البيع من إحراز شرطه الذي هو إذن المرتهن ، فلا بدّ من إحراز اقترانه حال وقوعه بإذن المرتهن إمّا حقيقة ، كما لو علم ببقاء الإذن إلى زمان البيع وعدم رجوعه قبل

__________________

(١) حكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٢٥ : ٢٦٤ ، وراجع : جامع المقاصد ٥ : ١٦٣.

٦٨٦

تحقّق سبب البيع ، وإمّا حكما ، كما لو أحرز بقاء الإذن بالاستصحاب إلى زمان البيع بحيث يقطع بوقوع البيع في هذا الزمان المحكوم بكونه مأذونا تعبّدا ، فعلى هذين التقديرين يحكم بصحة البيع ؛ للعلم بكونه واجدا للشرط إمّا حقيقة كما في صورة العلم ، أو تعبّدا كما في صورة الاستصحاب.

إذا عرفت ذلك ، فنقول : مقتضى القاعدة أنّه لو علم بإذنه سابقا ، وشكّ في أصل رجوعه : الحكم بصحة البيع ؛ لاستصحاب بقاء الإذن ، وأمّا أصالة عدم الرجوع فلا أثر له ؛ لأنّ صحة البيع من آثار بقاء الإذن لا عدم الرجوع وإن كانا متلازمين ، إلّا أنّ المقرّر في مبحث الاستصحاب عدم الاعتداد باستصحاب الملزومات في إثبات آثار اللوازم.

وكيف كان ، فمقتضى استصحاب الإذن : جواز البيع ، والحكم بصحته بعد وقوعه ، ولا نحتاج في ذلك إلى إحراز عنوان وقوع البيع عن إذن ، أعني وصف الاتّصاف حتى يقال : إنّ الأصل بالنسبة إليه مثبت ، ولا اعتداد به ، بل يكفي مجرّد إحراز وقوع البيع في حال كونه مأذونا بحكم الشارع ، كما لو صلّى حال كونه متطهّرا بحكم الاستصحاب ؛ فإنّ صلاته صحيحة ظاهرا ؛ لأنّ جواز الدخول من آثار الطهارة ، وقد علم بوجودها تعبّدا ، ولا حاجة إلى إحراز عنوان الاتّصاف ، أعني كون صلاته متّصفة بكون صدورها عن متطهر حتى يقال : إنّ الأصل بالنسبة إليه مثبت ، كما لا يخفى.

ثمّ إنّ هذا كلّه فيما لو شكّ في أصل الرجوع ، كما لو شكّ في أصل تحقّق الحدث في المثال ، وأمّا لو علم بالرجوع وشكّ في تقدّمه على البيع أو تأخّره عنه ، كما لو علم بحدوث حدث وفعل صلاة وشكّ في المتأخّر منهما مع قطع النظر عن قاعدة الشكّ بعد الفراغ ، فمقتضى

٦٨٧

القاعدة : الحكم بالفساد ، لا لأصالة تأخّر كلّ منهما عن الآخر ، فيتساقطان ؛ لأنّ وصف التأخّر كالتقدّم أمر حادث مسبوق بالعدم.

نعم لو كان لأصالة عدم كلّ منهما إلى زمان صدور الآخر أثر ، يتعارضان ، ولكنك عرفت أنّ أصالة عدم الرجوع لا يترتّب عليه أثر من حيث نفسه ، بل الأثر ، أعني صحة البيع إنّما هي من آثار بقاء الإذن الذي هو لازمه لا من آثار نفسه ، فليس استصحاب عدم الرجوع قبل البيع معارضا لأصالة عدم وقوع البيع قبل الرجوع ، أعني في حال الإذن.

نعم قد يتوهّم أنّه يعارض هذا الأصل ـ أعني أصالة عدم وقوع البيع في حال الإذن ـ استصحاب نفس الإذن إلى زمان البيع.

وفيه : أنّه لو كان هذا الأصل جاريا ، لم يبق وجه للمعارضة المذكورة ؛ لكونه حاكما على أصالة عدم وقوع البيع ، فيرتفع الشك عنه بهذا الاستصحاب ؛ لكونه مسبّبا عنه ، إلّا أنّه بنفسه في المقام أصل مثبت لا اعتداد به ، بخلاف ما لو كان الشك في أصل الرجوع.

وسرّه ما أشرنا إليه من أنّه يجب في الحكم بالصحة من إحراز كونه واجدا للشرط إحرازا وجدانيا وإن كان نفس الشرط بقاءه تعبّديا ، وهذا المعنى في ما نحن فيه متعذّر ، إلّا بناء على الأصل المثبت ؛ لأنّ استصحاب بقاء الإذن إلى أن يتحقّق البيع لا يوجب القطع بوقوع البيع حال كونه مأذونا ولو بالاستصحاب ؛ لاحتمال الرجوع قبله ، وكونه عالما به حال البيع ، فلا قطع بأنّه أوجد البيع في حال كان البيع عنه نافذا في مرحلة الظاهر ، وهذا بخلاف ما لو شكّ في أصل الرجوع ، فإنّه يقطع بكون بيعه واجدا للشرط في مرحلة الظاهر ، ولذا حكم المشهور بفساد البيع في الفرض ، مع أنّه لا شبهة في الصحة فيما لو

٦٨٨

شكّ في أصل الرجوع.

هذا لو لم نقل بالأصل المثبت ، كما هو التحقيق ، وإلّا فأصالة بقاء الإذن إلى زمان البيع يستلزم وقوع البيع عن إذن.

ولا تتوهّم أنّ هذا التزام بلزوم إحراز العنوان ، أعني البيع المأذون فيه ؛ إذ فرق بيّن بين الالتزام بلزوم إحراز الشرط حال وقوع الشي‌ء وبين الالتزام بلزوم إحراز العنوان ، وما يلزمنا هو الأول دون الثاني ، فافهم وتأمّل ؛ فإنّ المقام لا يخلو عن دقّة ، مع أنّه من المهمّات.

فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ الأقوى في المسألة ما ذهب إليه المشهور من فساد البيع وبقاء الرهن.

وأمّا فساد البيع : فللشكّ في تحقّق شرطه الموجب للشك في المشروط ، والأصل فيه الفساد بعد سلامته عن أصل موضوعي حاكم عليه ، كما عرفت.

مضافا إلى أصالة عدم وقوع البيع قبل الرجوع ، السالم عن المعارض ، كما تبيّن وجهه.

نعم قد يتوهّم في المقام أصول آخر هي المرجع في المقام ، مثل أصالة صحة الإذن وأصالة صحة الرجوع وأصالة صحة البيع.

وشي‌ء منها لا ينفع في المقام ؛ لأنّ صحة كلّ شي‌ء بحسبه ، فصحة الإذن أنّه لو وقع البيع عقيبه قبل الرجوع لأثّر ، وصحة الرجوع عبارة عن تأثيره في رفع الإذن وفساد البيع عقيبه لو كان الإذن باقيا غير مرتفع محلّه بالبيع السابق ، ومعلوم أنّ القطع بالصحة بهذا المعنى لا يثبت شيئا ، فضلا عمّا يثبتها أصالة الصحة.

وأمّا أصالة الصحة في البيع : قد يقوى في النظر جريانها كأصالة الصحة في الصلاة بعد الفراغ عنها ، إلّا أنّ الأقوى خلافه ؛ لأنّ صحة

٦٨٩

بيع الغير ليست منحصرة فيما يؤثّر في الخارج ؛ لما عرفت فيما سبق من الحكم بصحة بيع الفضولي ، ومعناها صلاحيته للتأثير بشرط لحوق الإجازة ، فكونه أهلا لذلك مرتبة من الصحة ، وهي حاصلة ، فمتى حصل البيع من غير المالك يحكم بمقتضى أصالة الصحة بكونه واجدا لشرائط العقد وصلاحيته للتأثير في الخارج بشرط إذن المالك ، وأمّا إذن المالك فلا يثبت بمجرّد ذلك.

نعم لو لم نقل بصحة الفضولي ، وقلنا بأنّه لا معنى لصحة البيع ، إلّا تأثيره في الخارج ، كان للتوهّم المذكور مجال ، والله العالم.

هذا آخر ما أردنا إيراده من كتاب الرهن ، والحمد لله أوّلا وآخرا وظاهرا وباطنا.

قد فرغت عن تسويده في يوم الخميس من شهر جمادى الآخرة في سنة ١٢٩١.

٦٩٠

فهرس المحتويات

كتاب الخمس

الاستدلال على وجوبه كتابا وسنة............................................. ٥

الأخبار الواردة على ملكيتهم (ع) للدنيا بأسرها................................ ٧

الفصل الأول : فيما يجب فيه

الأول : غنائم دار الحرب................................................... ١٠

معنى الغنيمة.............................................................. ١٣

الروايات المؤيدة لعموم معنى الغنيمة.......................................... ١٤

الأدلة الدالة على وجوب الخمس فيها........................................ ١٥

كلمات اللغويين في معنى المعدن............................................. ١٧

كلمات الأصحاب في معنى المعدن........................................... ١٨

حكم الخمس في حجر الرحى وطين الغسل ونحوه.............................. ٢١

هل يعتبر النصاب فيما يجب الخمس فيه من المعادن؟.......................... ٢٤

قول باعتبار النصاب ومقداره............................................... ٢٥

المختار في المقام........................................................... ٣٠

٦٩١

بيان المدار في تحديد قيمة النصاب........................................... ٣٠

حكم النصاب فيما يخرج على شكل دفعات.................................. ٣٢

هل يعتبر في النصاب اتحاد المعدن؟.......................................... ٣٣

لو اشترك جماعة في الاستخراج.............................................. ٣٤

هل الاستخراج من المعدن شرط أم لا؟....................................... ٣٦

وجوب الخمس فيه بعد التصفية............................................. ٣٨

حكم عمل الذمي والمخالف في المعدن....................................... ٤٠

الثالث : الكنوز........................................................... ٤٤

أدلة وجوب الخمس فيها................................................... ٤٤

اطلاق اسم الزكاة على الكنز............................................... ٤٤

تعريف الكنز............................................................. ٤٥

بيان المراد من تحت الأرض................................................. ٤٦

دعوى انصراف اطلاق الكنز إلى النقدين ومناقشتها........................... ٤٧

اعتبار النصاب فيه ومقداره................................................. ٥١

وقفة عند لفظة «المثل».................................................... ٥٤

بيان ما يملكه الواجد من الكنز وما لا يملكه................................... ٥٧

تقسيم الأموال التي ليس لها مالك معروف.................................... ٦٣

لو وجد الكنز في ملك مبتاع................................................ ٦٥

استدلال الشيخ الأنصاري على وجوب التعريف ومناقشته....................... ٦٨

الاستدلال بالاجماع على وجوب التعريف..................................... ٧٠

فذلكة البحث............................................................ ٧٣

لو وجده في ملك الغير..................................................... ٧٣

حكم ما يجده في جوف الدابة.............................................. ٧٦

٦٩٢

حكم ما يجده في جوف السمكة............................................ ٧٨

إذا وجد كنزا في أرض موات من دار الاسلام.................................. ٨٣

الرابع : كل ما يخرج من البحر بالغوص....................................... ٨٣

الأدلة الدالة على وجوب الخمس في الغوص................................... ٨٣

هل العبرة بصدق عنوان الاخراج أو عنوان الغوص؟............................ ٨٥

اعتبار النصاب فيه ومقداره................................................. ٨٧

لو أخذ من البحر شئ من غير غوص........................................ ٨٧

تفريع : في وجوب الخمس في العنبر.......................................... ٨٩

بيان معنى العنبر........................................................... ٩٢

الخامس : ما يفضل عن مؤونة السنة من الأرباح............................... ٩٣

مخالفة ابن الجنيد وابن أبي عقيل في المقام...................................... ٩٤

الروايات الدالة على وجوبه.................................................. ٩٥

صحيحة علي بن مهزيار الطويلة............................................. ٩٩

مناقشة صاحب المدارك فيها............................................... ١٠٠

جواب المصنف عن ذلك................................................. ١٠١

مستحق الخمس في هذا القسم............................................ ١٠٣

الأخبار الواردة في إباحته للشيعة........................................... ١٠٥

بيان المستفاد من هذه الأخبار بنظر المصنف (قده)........................... ١٠٧

الاختلاف في متعلق الخمس من هذا القسم................................. ١١٠

كلمات الأصحاب في ذلك............................................... ١١١

الأخبار الواردة في المقام................................................... ١١٣

دلالة بعض الأخبار على تعلقه بمطلق الفائدة................................ ١١٨

ما يدل على ثبوته في الهبة والإرث.......................................... ١١٩

٦٩٣

بيان المختار في المقام..................................................... ١٢١

تعلق الخمس بفوائد الإجازات والمعاملات.................................... ١٢٣

حكم الخمس في فواضل الأقوات من الغلات والزراعات....................... ١٢٥

خروج مؤونة الشخص لا مؤونة التحصيل................................... ١٢٦

الأخبار الدالة على الخروج................................................ ١٢٧

تقييد المؤونة بالسنة والوجه فيه............................................. ١٢٨

تفسير المؤونة وتحديدها................................................... ١٣٠

هل يعد جبر الخسارات من المؤونة؟......................................... ١٣٣

كيفية حساب مؤونة من كان له مال لا يتعلق به الخمس...................... ١٣٤

السادس : وجوب الخمس على الذمي إذا اشترى أرضا من مسلم............... ١٣٨

صحيحة أبي عبيدة الحذاء................................................. ١٣٨

مصرف هذا الخمس..................................................... ١٤٠

هل يختص الحكم بالشراء أو يعم مطلق المعاوضة؟............................ ١٤١

عموم الحكم المطلق الأرض................................................ ١٤٣

كلام للشيخ الأنصاري في المقام........................................... ١٤٦

عموم الحكم للأرض التي لا خمس فيها..................................... ١٤٧

هل يسقط الخمس ببيعها ثانيا لمسلم أو بالرد؟............................... ١٤٧

هل يسقط باسلامه؟..................................................... ١٤٨

لو تملك ذمي من مثله فأسلم البائع قبل الاقباض............................ ١٤٨

كيفية اخراج هذا الخمس................................................. ١٤٨

السابع : الحلا إذا اختلط بالحرام........................................... ١٤٩

٦٩٤

وهنا صور :

الأولى : ان يكون قدر الحرام وصاحبه مجهولين............................... ١٤٩

الأخبار الدالة على حليته باخراج الخمس.................................... ١٥٠

كلام صاحب المستند (قده) حول رواية عمار بن مروان....................... ١٥٥

مناقشة المصنف لصاحب المستند (قده).................................... ١٥٦

بيان المراد من ثبوت الخمس في الحلال المختلط بالحرام......................... ١٥٨

توجيه الأخبار الآمرة بالتصدق في مالا يعرف صاحبه......................... ١٥٩

تنبيهان :

الأول : لو ظهر المالك بعد اخراج الخمس................................... ١٦١

الثاني : لو كان الحلال مما فيه الخمس....................................... ١٦٣

الثانية : إذا علم مقدار الحرام ولم يعرف صاحبه.............................. ١٦٤

وجوب التصدق به والدليل عليه........................................... ١٦٤

الروايات المؤيدة لذلك.................................................... ١٦٦

هل يجوز تملك المال الذي لا يعرف صاحبه؟................................ ١٦٨

قول بوجوب اخراج الخمس ثم الصدقة بالزائد................................ ١٦٩

لو كان مقدار الحرام مجهولا تفصيلا ويعلم اجمالا............................. ١٧٣

هل يقصر في الصدقة على القدر المتيقن؟................................... ١٧٥

الثالثة : إن يعرف قدر الحرام وصاحبه...................................... ١٧٥

إذا كان مرددا بين أشخاص محصورة........................................ ١٧٥

نظر الشيخ الأنصاري (قده) في المسألة..................................... ١٧٧

الرابعة : أن يكون قدر الحرام مجهولا وصاحبه معلوما.......................... ١٧٨

٦٩٥

تنبيه : التصرف في المال المختلط وأحكامه.................................. ١٨٠

فروع :

الأول : في اطلاق وجوب الخمس.......................................... ١٨١

الثاني : في عدم اعتبار الحول في الخمس..................................... ١٨٣

اضطراب كلمات الأعلام في تعيين مبدأ الحول............................... ١٨٦

مختار الشيخ الأنصاري في المقام............................................ ١٨٨

بيان المراد من «العام».................................................... ١٨٨

بيان المراد من «المؤونة المستثناة»........................................... ١٩٠

الثالث : إذا اختلف المالك والمستأجر في الكنز.............................. ١٩٦

الرابع : الخمس بعد مؤونة الاخراج والتحصيل................................ ١٩٧

الفص الثاني : في قسمته

تقسيمه إلى ستة أقسام................................................... ٢٠٠

الأخبار الدالة على ذلك................................................. ٢٠١

قول شاذ بإسقاط سهم رسول الله وتضعيفه................................. ٢٠٣

اختصاص سهم الله برسوله (ص) والدليل عليه.............................. ٢٠٦

بيان المراد من ذي القربى.................................................. ٢٠٦

اختصاص سهم الله والرسول (ص) بالإمام المعصوم (ع)...................... ٢٠٩

اختصاص بقية الأسهم بالأيتام والمساكين وأبناء السبيل من بني هاشم.......... ٢١٠

مخالفة ابن الجنيد للمشهور ورد المصنف عليه................................ ٢١٠

بيان المراد من الهاشمي..................................................... ٢١١

مختار صاحب الحدائق (ره) في المقام........................................ ٢١٢

٦٩٦

ما يرد على مختار السيد المرتضى (ره) ومن تبعه.............................. ٢١٤

هل يجب استيعاب أشخاص كل طائفة؟.................................... ٢١٥

وهنا مسائل :

الأولى : في مستحق الخمس واشتراط كونه من بني هاشم...................... ٢١٨

التردد في استحقاق بني المطلب أخي هاشم................................. ٢١٩

الثانية : هل يجوز أن يخص بالخمس طائفة معينة؟............................ ٢٢١

أدلة المشهور في المسألة................................................... ٢٢٣

مختار المصنف في المقام................................................... ٢٢٦

الثالثة : في وجوب إيصال الخمس إلى الإمام (ع)............................ ٢٢٩

الرابعة : عدم اعتبار الفقر في ابن السبيل.................................... ٢٣١

هل يراعى الفقر في اليتيم؟................................................ ٢٣٢

الخامسة : في نقل الخمس من بلد إلى آخر.................................. ٢٣٣

السادسة : في اعتبار الايمان في المستحق.................................... ٢٣٦

هل تعتبر العدالة في المستحق؟............................................. ٢٣٧

في الأنفال

تعريف الأنفال لغة وشرعا................................................. ٢٣٧

أقسام الأنفال........................................................... ٢٣٨

الأرض التي تملك من الكفار من غير قتال................................... ٢٣٨

الأخبار الواردة في ذلك................................................... ٢٣٨

في حكم أرض البحرين................................................... ٢٤٠

الأرضون الموات.......................................................... ٢٤١

٦٩٧

رؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام........................................ ٢٤٤

الروايات الدالة على كونها من الأنفال....................................... ٢٤٦

منع ابن إدريس من اختصاص الإمام (ع) بذلك على الاطلاق................ ٢٤٧

القطائع والصفايا بعد فتح دار الحرب....................................... ٢٤٩

صفو الغنيمة للإمام (ع)................................................. ٢٥٠

اختصاص ما يغنم بغير إذن الإمام (ع) به.................................. ٢٥١

ميراث من لا وارث له.................................................... ٢٥٤

الروايات الدالة على كونه من الأنفال....................................... ٢٥٤

هل المعادن من الأنفال؟.................................................. ٢٥٥

الأخبار الدالة على كونها من الأنفال....................................... ٢٥٦

مخالفة المشهور لذلك..................................................... ٢٥٦

مختار المصنف (قده) في المسألة............................................ ٢٥٧

كيفية التصرف في سهم الإمام (ع)

وهنا مسائل :

الأولى : في عدم جواز التصرف فيه بغير إذنه (ع)........................... ٢٥٨

حكم الأنفال في زمن الغيبة............................................... ٢٥٩

تحديد دائرة الإباحة والتحليل للشيعة....................................... ٢٥٩

مختار المصنف في المسألة.................................................. ٢٦٠

الروايات الدالة على المختار............................................... ٢٦١

هل يمكن استفادة الإباحة مما ورد في إباحة الخمس........................... ٢٦٤

حكم التصرف فيما عدا المناكح والمساكن والمتاجر من الأنفال................. ٢٦٤

الثانية : فيما لو قاطع الإمام على شئ من حقوقه ففضل...................... ٢٦٦

٦٩٨

الثالثة : في إباحة المناكح والمساكن والمتاجر في حال الغيبة..................... ٢٦٦

أخبار التحليل والإباحة................................................... ٢٦٧

بيان المراد من المناكح..................................................... ٢٦٩

بيان المراد من المساكن والمتاجر............................................. ٢٧٠

بيان المقصود من التحليل والإباحة في الباب................................. ٢٧١

نظر الشيخ الأنصاري (قده) في المقام....................................... ٢٧١

الرابعة : في كيفية صرف الخمس في غيبته (ع).............................. ٢٧٣

قول بإباحة الجميع في عصر الغيبة ومناقشته................................. ٢٧٣

دلالة التوقيع الشريف على ذلك وتوجيهه................................... ٢٧٥

الاستدلال بكون القسمة من مناصب الإمام (ع)............................ ٢٧٥

استدلال صاحب الذخيرة بالأصل......................................... ٢٧٦

تضعيف القول بوجوب حفظه أو دفنه...................................... ٢٧٧

مذهب الشيخين المفيد والطوسي (قدهما) في المسألة.......................... ٢٧٧

تضعيف المصنف لقوليهما................................................ ٢٧٨

قول بصرف النصف إلى مستحقه وحفظ الباقي بالوصاية أو الدفن............. ٢٧٩

نظر ابن إدريس في المسألة................................................ ٢٨٠

قول بصرف حصته (ع) إلى الأصناف..................................... ٢٨١

أدلة جواز ذلك......................................................... ٢٨١

اختيار جواز صرفه إلى الفقراء مطلقا........................................ ٢٨٣

الخامسة : فيمن يتولى صرف حصة الإمام (ع).............................. ٢٨٦

بحث في ولاية الفقيه ونيابته عنه (ع)....................................... ٢٨٧

٦٩٩

كتاب الصوم

الركن الأول : في النية ما يكفي في حصول النية المعتبرة فيه.................... ٢٩٦

هل النية ركن فيه أم شرط؟............................................... ٢٩٧

اعتبار قصد القربة فيه.................................................... ٢٩٧

هل يكفي نية القربة بلا تعيين لصوم شهر رمضان؟.......................... ٣٠١

هل يكفي نية القربة بلا تعيين لصوم النذر المعين؟............................ ٣٠٤

اشتراط حضور النية عند أول جزء من الصوم................................ ٣٠٧

الروايات الدالة على اشتراط ذلك.......................................... ٣١٠

وقت النية للناسي والجاهل................................................ ٣١٣

فوات محلها بزوال الشمس................................................ ٣١٩

أدلة القول بامتدادها إلى الغروب لصوم النافلة............................... ٣٢٠

لو نوى صوما غير معين ثم نوى الافطار ولم يفطر............................ ٣٢١

كلام لصاحب المدارك (ره) فيمن جدد النية في النهار........................ ٣٢٢

تعليق المصنف (قده) على كلام المدارك..................................... ٣٢٣

كفاية النية الأولى لمن صام رمضان وهو ساه عند دخوله....................... ٣٢٦

إجزاء نية واحدة لصيام الشهر كله......................................... ٣٢٨

بطلان صوم غير رمضان فيه.............................................. ٣٢٩

وقوعه عن رمضان وإن نوى غيره.......................................... ٣٣٢

الترديد في النية بين الواجب والندب........................................ ٣٣٥

صوم يوم الشك بنية رمضان.............................................. ٣٣٦

تأويل الروايات الناهية عن صوم يوم الشك.................................. ٣٣٨

٧٠٠