غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٣

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٣

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-251-3
الصفحات: ٥٦٧

«أما ما لا تشكّ فيه فما جُهِرَ فيه بالقراءة» (١).

وموثّقة أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت ، فقال : «فيما يجهر فيه بالقراءة» قال ، فقلت له : إنّي سألت أباك عن ذلك فقال : «في الخمس كلّها» فقال : «رحم الله أبي ، إنّ أصحاب أبي أتوه فسألوه فأخبرهم بالحقّ ، ثمّ أتوني شكاكاً فأفتيتهم بالتقيّة» (٢).

ويدلّ على نفي الوجوب مضافاً إلى الأصل خصوص صحيحة البزنطي ، عن الرضا عليه‌السلام قال ، قال أبو جعفر عليه‌السلام في القنوت : «إن شئت فاقنت ، وإن شئت لا تقنت» قال أبو الحسن عليه‌السلام : «وإذا كانت التقيّة فلا تقنت ، وأنا أتقلّد هذا» (٣).

وأما ما ورد في الأخبار الكثيرة من الاختصاص ببعض الصلوات دون بعض ، كقوله عليه‌السلام في موثّقة يونس بن يعقوب : «لا تقنت إلّا في الفجر» (٤) وفي صحيحة وهب ولعلّه ابن عبد ربه : «القنوت في الجمعة والعشاء والعتمة والوتر والغداة ، فمن ترك القنوت رغبةً عنه فلا صلاة له» (٥) وغير ذلك من الأخبار (٦). وما يظهر منها نفي الاستحباب ، كصحيحة عبد الملك بن عمرو ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت قبل الركوع أو بعده؟ قال : «لا قبله ، ولا بعده» (٧) فمحمولة

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٠ ح ٣٣٦ ، الوسائل ٤ : ٨٩٩ أبواب القنوت ب ٢ ح ٥ ، وفيهما : ما لا يشكّ.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٩ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٩١ ح ٣٤١ ، الاستبصار ١ : ٣٤٠ ح ١٢٨٢ ، الوسائل ٤ : ٨٩٧ أبواب القنوت ب ١ ح ١٠ ، وهي موثّقة بابن فضال وابن بكير فإنّهما فطحيّان.

(٣) التهذيب ٢ : ٩١ ح ٣٤٠ ، الاستبصار ١ : ٣٤٠ ح ١٢٨١ ، الوسائل ٤ : ٩٠١ أبواب القنوت ب ٤ ح ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٩١ ح ٣٣٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤٠ ح ١٢٨٠ ، الوسائل ٤ : ٨٩٩ أبواب القنوت ب ٢ ح ٧ ، وهي موثّقة بالحسن بن عليّ بن فضال فإنّه فطحيّ (انظر معجم رجال الحديث رقم ٢٩٨٣).

(٥) التهذيب ٢ : ٩٠ ح ٣٣٥ ، الاستبصار ١ : ٣٣٩ ح ١٢٧٦ ، الوسائل ٤ : ٨٩٨ أبواب القنوت ب ٢ ح ٢.

(٦) انظر الوسائل ٤ : ٨٩٨ أبواب القنوت ب ٢.

(٧) التهذيب ٢ : ٩١ ح ٣٣٧ ، الاستبصار ١ : ٣٣٩ ح ١٢٧٨ ، الوسائل ٤ : ٩٠٢ أبواب القنوت ب ٤ ح ٢.

٢١

على التقية كما تنادي بها الأخبار المتقدّمة ، سيّما موثّقة أبي بصير. أو نحملها على الأفضليّة والتأكّد فيما خُصّ بالذكر ، وعلى نفي الوجوب في مثل الخبر الأخير.

واستدلّ الصدوق بقوله تعالى (وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ) (١) يعني : مطيعين داعين (٢).

ودلالته ممنوعة ، لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية. وتخصيص مطلق الدعاء والإطاعة بحيث يبقى المتحصّل في ضمن هذا الفرد منه مما لا ترضى به السليقة ، ولا يلائم التحقيق.

وبالجملة الاستدلال بالآية في غاية الوهن من وجوهٍ لا تخفى على المتدبّر.

وربّما يستدلّ له بصحيحة وهب المتقدّمة.

وهي محمولة على التأكيد لعدم مقاومتها الأدلّة المشهورة ، مع أنّها أخصّ من المدّعى من وجهين ، الأوّل : من حيث المورد. وإثبات الإجماع المركّب مشكل كما لا يخفى.

والثاني : لأنّ الترك رغبة عنه غير الترك المطلق ، وهو المدّعى.

ويمكن الاستدلال أيضاً بموثّقة عمّار ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «إن نسي الرجل القنوت في شي‌ء من الصلوات حتّى يركع فقد جازت صلاته ، وليس عليه شي‌ء ، وليس له أن يدعه متعمّداً» (٣).

وهي أيضاً محمولة على التأكيد.

ويدلّ على قوله أيضاً ما رواه في العيون في الحسن ، عن الفضل : فيما كتب الرضا عليه‌السلام للمأمون من شرائع الدين ، قال عليه‌السلام : «والقنوت سنّة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة» (٤).

__________________

(١) البقرة : ٢٣٨.

(٢) الفقيه ١ : ٢٠٧.

(٣) التهذيب ٢ : ٣١٥ ح ١٢٨٥ ، الوسائل ٤ : ٩١٤ أبواب القنوت ب ١٥ ح ٣.

(٤) عيون أخبار الرضا (ع) ٢ : ١٢٣ ، الوسائل ٤ : ٨٩٦ أبواب القنوت ب ١ ح ٤.

٢٢

وفي الخصال ، عن الأعمش ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «القنوت في جميع الصلوات سنّة واجبة ، في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد القراءة» (١) وقال : «فرائض الصلاة سبع : الوقت ، والطهور ، والتوجّه ، والقبلة ، والركوع ، والسجود ، والدعاء» (٢).

وربّما يحمل الدعاء على القنوت ؛ فيستدلّ به على الوجوب.

وقد يحتمل كون المراد منه قراءة الفاتحة ، لاشتمالها على الدعاء ، ولذا تسمّى سورة الدعاء أيضاً ، ويشكل الاستدلال بكلّ المذكورات.

ويدلّ على قول ابن أبي عقيل صحيحة وهب المتقدّمة ، وصحيحة سعد بن سعد الأشعري ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن القنوت ، هل يقنت في الصلاة كلّها ، أم فيما يجهر فيها بالقراءة؟ قال : «ليس القنوت إلّا في الغداة والجمعة والوتر والمغرب» (٣) ومثل ذلك من الأخبار (٤). ويظهر لك الجواب مما تقدّم.

والقنوت في كلّ صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع إلّا ما يُذكر فيها المخالفة فيما بعد.

وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب ، بل نقل في المنتهي الإجماع على ذلك (٥).

ويظهر من المحقّق في المعتبر على ما نقل عنه التخيير بين ما قبل الركوع وما بعده ، وما قبله أفضل (٦) ، لرواية إسماعيل الجعفي ومعمّر بن يحيى (٧) ، عن الباقر عليه‌السلام ،

__________________

(١) الخصال : ٦٠٤ ، الوسائل ٤ : ٨٩٦ أبواب القنوت ب ١ ح ٦.

(٢) الخصال : ٦٠٤ ، الوسائل ٤ : ٦٨٣ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١٥.

(٣) التهذيب ٢ : ٩١ ح ٣٣٨ ، الاستبصار ١ : ٣٤٠ ح ١٢٧٩ ، الوسائل ٤ : ٨٩٩ أبواب القنوت ب ٢ ح ٦.

(٤) الوسائل ٤ : ٨٩٨ أبواب القنوت ب ٢.

(٥) المنتهي ١ : ٢٩٩.

(٦) المعتبر ٢ : ٢٤٥.

(٧) في النسخ : معمر بن خلّاد ، والظاهر أنّه سهو لعدم وجود هكذا رواية.

٢٣

قال : «القنوت قبل الركوع ، وإن شئت فبعد» (١).

والأوّل أقرب لما ذكرنا ههنا ، ولصحيحة زرارة المتقدّمة ، وصحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «ما أعرف قنوتاً إلّا قبل الركوع» (٢).

وموثّقة سماعة ، قال : سألته عن القنوت في أيّ صلاة هو؟ فقال : «كلّ شي‌ء يجهر فيه بالقراءة فيه قنوت ، والقنوت قبل الركوع وبعد القراءة» (٣) إلى غير ذلك من الأخبار المعتبرة الصحيحة والموثقة (٤).

ولا ريب أنّ تلك الرواية مع ضعفها ومتروكيّتها عند الأصحاب لا تقاوم هذه الأدلّة.

وما وقع فيه المخالفة لهذا الحكم أُمور :

الأوّل : صلاة الجمعة فالمشهور فيها أنّ لها قنوتين : في الركعة الأُولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعد الركوع.

ونقل عن ظاهر ابن أبي عقيل وأبي الصلاح أنّ في الجمعة قنوتين قبل الركوع (٥) ، مع احتمال موافقتهما للمشهور.

وظاهر ابن بابويه في الفقيه أنّ فيها قنوتاً واحداً في الركعة الثانية قبل الركوع ، حيث قال بعد صحيحة زرارة الاتية : وتفرّد بهذه الرواية حريز عن زرارة ، والذي استعمله وأفتي به ومَضى عليه مشايخي رحمة الله عليهم هو أنّ القنوت في

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٢ ح ٣٤٣ ، الاستبصار ١ : ٣٤١ ح ١٢٨٣ ، الوسائل ٤ : ٩٠٠ أبواب القنوت ب ٣ ح ٤ والرواية في طريقها القاسم بن محمّد الجوهري ولم يثبت توثيقه (معجم رجال الحديث رقم ٩٥٤٢).

(٢) الكافي ٣ : ٣٤٠ ح ١٣ ، الوسائل ٤ : ٩٠١ أبواب القنوت ب ٣ ح ٦.

(٣) التهذيب ٢ : ٨٩ ح ٣٣٣ ، الاستبصار ١ : ٣٣٩ ح ١٢٧٤ ، الوسائل ٤ : ٩٠٠ أبواب القنوت ب ٣ ح ٣.

(٤) الوسائل ٤ : ٩٠٠ أبواب القنوت ب ٣.

(٥) الكافي في الفقه : ١٥١ ، ١٦١ ، ونقله عنهما في المختلف ٢ : ٢٢٣.

٢٤

جميع الصلوات في الجمعة وغيرها في الركعة الثانية بعد القراءة وقبل الركوع (١). مع احتمال عدم إنكاره للقنوت الأوّل أيضاً كما لا يخفى.

وقال المفيد : إنّ للجمعة قنوتاً واحداً في الركعة الأُولى قبل الركوع (٢) ، وكذا العلّامة في المختلف (٣) ، وهو المنقول عن ظاهر ابن الجنيد (٤).

والأوّل أقوى ، لصحيحة أبي بصير قال : سأل عبد الحميد أبا عبد الله عليه‌السلام وأنا عنده عن القنوت في يوم الجمعة ، فقال له : «في الركعة الثانية».

فقال له : حدّثنا بعض أصحابنا أنّك قلت في الركعة الأُولى ، فقال : «في الأخيرة» وكان عنده ناس كثير ، فلمّا رأى غفلة منهم قال : «يا أبا محمّد هي في الركعة الأُولى والأخيرة».

قال ، قلت : جعلت فداك قبل الركوع أو بعده؟ قال : «كلّ القنوت قبل الركوع إلّا الجمعة ، فإن الركعة الأُولى القنوت فيها قبل الركوع ، والأخيرة بعد الركوع» (٥) ومثله مع تفاوت ما في صحيحة أبي أيّوب الخزّاز (٦).

ولكن الراوي في الخبر الأوّل عن أبي بصير هو أبو أيّوب أيضاً.

وصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام ، قال الصدوق رحمه‌الله في الفقيه في أوّل باب وجوب الجمعة : قال أبو جعفر عليه‌السلام لزرارة بن أعين ، وساق الحديث إلى أن قال : «وعلى الإمام فيها قنوتان : قنوت في الركعة الأُولى قبل الركوع ، وفي الركعة الثانية بعد الركوع ، ومن صلّاها وحده فعليه قنوت واحد في

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٦٦.

(٢) المقنعة : ١٦٤.

(٣) المختلف ٢ : ٢٢٥.

(٤) نقله عنه في المختلف ٢ : ٢٢٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٩٠ ح ٣٣٤ ، الاستبصار ١ : ٣٣٩ ح ١٢٧٥ ، الوسائل ٤ : ٩٠٤ أبواب القنوت ب ٥ ح ١٢ بتفاوت.

(٦) التهذيب ٣ : ١٧ ح ٦٢ ، الاستبصار ١ : ٤١٨ ح ١٦٠٦ ، الوسائل ٤ : ٩٠٤ أبواب القنوت ب ٥ ح ١٢.

٢٥

الركعة الأُولى قبل الركوع» (١) ثمّ قال ما نقلنا عنه سابقاً.

وموثّقة سماعة قال : سألته عن القنوت في الجمعة ، قال : «أما الإمام فعليه القنوت في الركعة الأُولى بعد ما يفرغ من القراءة قبل أن يركع ، وفي الثانية بعد ما يرفع رأسه من الركوع قبل السجود ، وإنما صلاة الجمعة مع الإمام ركعتان ، فمن صلّى من غير إمام وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظهر ، فمن شاء قنت في الركعة الثانية قبل أن يركع ، وإن شاء لم يقنت ، وذلك إذا صلّى وحده» (٢).

وتدلّ على مذهب المفيد صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قنوت الجمعة : «إذا كان إماماً قنت في الركعة الأُولى ، وإن كان يصلّي أربعاً ففي الركعة الثانية قبل الركوع» (٣).

وصحيحة عمر بن حنظلة قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : القنوت يوم الجمعة ، فقال «أنت رسولي إليهم في هذا ، إذا صلّيتم في جمعة ففي الركعة الأُولى ، وإذا صلّيتم وحدانا ففي الركعة الثانية» (٤).

وصحيحة سليمان بن خالد عنه عليه‌السلام ، قال : «القنوت يوم الجمعة في الركعة الأُولى» (٥). ويظهر ذلك من بعض الأخبار الأُخر أيضاً (٦).

والجواب عنها : بأنّ دلالتها على ذلك إنّما هو من جهة المفهوم اللقبي ، وهو ليس بحجّة.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٦٦ ح ١٢١٧ ، الوسائل ٤ : ٩٠٣ أبواب القنوت ب ٥ ح ٤.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٤٥ ح ٦٦٥ ، الوسائل ٤ : ٩٠٤ أبواب القنوت ب ٥ ح ٨.

(٣) الكافي ٣ : ٤٢٧ ح ٢ ، التهذيب ٣ : ١٦ ح ٥٩ ، الاستبصار ١ : ٤١٧ ح ١٦٠٣ ، الوسائل ٤ : ٩٠٢ أبواب القنوت ب ٥ ح ١.

(٤) الكافي ٣ : ٤٢٧ ح ٣ ، التهذيب ٣ : ١٦ ح ٥٧ ، الاستبصار ١ : ٤١٧ ح ١٦٠١ ، الوسائل ٤ : ٩٠٣ أبواب القنوت ب ٥ ح ٥ وفيها : إذا صلّيتم في جماعة..

(٥) التهذيب ٣ : ١٦ ح ٥٦ ، الاستبصار ١ : ٤١٧ ح ١٦٠٠ ، الوسائل ٤ : ٩٠٣ أبواب القنوت ب ٥ ح ٦.

(٦) الوسائل ٤ : ٩٠٢ أبواب القنوت ب ٥.

٢٦

وأما قرينة المقابلة المؤيّدة للحجيّة في خصوص المقام سيّما في مثل صحيحة عمر بن حنظلة ؛ فتضعف بملاحظة العمومات والإطلاقات الكثيرة الدالّة على ثبوت القنوت في جميع الصلوات ، وفي الركعة الثانية منها ، إذ الظاهر فيما لم يُصرّح فيها بكونه في الثانية أيضاً ذلك ، لأنّ الظاهر كونها على وتيرة واحدة في المجموع.

فإن قلت : لو كان كذا فلا بدّ أن يكون هذا أيضاً ما قبل الركوع على وتيرتها.

قلت : إنّما يثبت التخصيص في ذلك بالأدلّة المتقدّمة مع اعتضادها بالشهرة والعمل ، وهذا لا ينافي ثبوت أصل القنوت. مع أنّ الأخبار المتقدّمة أقوى من جهة الصراحة وعمل الأصحاب واستصحاب شغل الذمّة وغير ذلك.

وليس لأحدٍ أن يقول : هذه مخالفة للعامّة وموافقة للخاصّة كما يظهر من صحيحة أبي بصير المتقدّمة ، لأنّ الذي ظهر منها أنّ الموافقة تحصل بهما معاً ، لا بالأوّل فقط ، وإنّما يثبت الترجيح لو كان فعلهما معاً موافقاً للعامة ، ومجرّد المخالفة للعامة لو كانت تصير منشأ للاعتبار لكان الوجه غير منحصر فيما ذكرت ، بل المدار على ملاحظة ذلك بالنسبة إلى القولين ، فتدبّر.

وأما بعض الأخبار التي يظهر منها نفي القنوت قبلاً وبعداً (١) فمحمولة على نفي الوجوب أو التقيّة أو غير ذلك.

ثمّ إنّه يمكن تقوية تقديم القنوت على الركوع في الأخيرة أيضاً ، نظراً إلى الإطلاقات ، وإلى ما أشار إليه الصدوق من أنّه فتوى مشايخه رضوان الله عليهم ، وأن تقديمه ممّا تفرّد بروايته حريز عن زرارة ، وظهور كون ذلك مشهوراً عند القدماء من كلامه ، فلم يبقَ من جهة ذلك الاعتماد التامّ على مثل الشهرة في هذا المقام.

فإن قلت : هذا قول ثالث ، ولا يجوز خرق الإجماع.

قلت : ممنوع ، لأنّ الصدوق ليس كلامه نصّاً في خلاف المشهور من جهة نفس

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٧ ح ٦٠ ، الاستبصار ١ : ٤١٧ ح ١٦٠٤ ، الوسائل ٤ : ٩٠٤ أبواب القنوت ب ٥ ح ٩.

٢٧

القنوت وعدده ، فليس بقول ثالث ، فتأمّل ، فغاية الأمر التخيير ، إلّا أنّ نقل ذلك عن المشايخ بطريق واحد لا يقاوم ما ظهر من أكثر علمائنا القول بخلافه ، مع كثرة الروايات كما ذكرنا ، سيّما وهو في المقنع موافق للمشهور على ما نقل عنه (١) ، فالأقرب إذن قول المشهور.

ومما ذكرنا ظهر الاستدلال على ما نقل من ظاهر ابن أبي عقيل والجواب عنه.

الثاني : صلاة العيدين فيجب فيها بعد القراءة تسعة قنوتات : خمسة في الأُولى ، وأربعة في الثانية ، قبل كلّ منها تكبيرة ، فيزيد فيها تسع تكبيرات : خمس في الأُولى غير الافتتاح ، وتكبيرة الركوع ، وأربع في الثانية غير الأخيرة ، وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب.

ويدلّ عليه : النصوص المستفيضة ، فروى يعقوب بن يقطين في الصحيح ، قال : سألت العبد الصالح عليه‌السلام عن التكبير في العيدين ، أقَبلَ القِراءة أو بعدها؟ وكم عدد التكبير في الأُولى وفي الثانية والدعاء بينهما؟ وهل فيهما قنوت أم لا؟ فقال : «تكبير العيدين للصلاة قبل الخطبة : يكبّر تكبيرة يفتتح بها الصلاة ، ثمّ يقرأ ويكبّر خمساً ويدعو بينها ، ثمّ يكبّر اخرى يركع بها ، فذلك سبع تكبيرات بالتي افتتح بها ، ثمّ يكبّر في الثانية خمساً ؛ يقوم فيقرأ ثمّ يكبّر أربعاً ويدعو بينهن ، ثمّ يكبّر التكبيرة الخامسة» (٢).

وروى إسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : في صلاة العيدين ، قال : «تكبّر واحدة تفتتح بها الصلاة ، ثمّ تقرأ أُمّ الكتاب وسورة ، ثمّ تكبّر خمساً تقنت بينهنّ ، ثمّ تكبّر واحدة وتركع بها ، ثمّ تقوم فتقرأ أُمّ القرآن وسورة ، تقرأ في الأُولى سبّح اسم ربّك الأعلى وفي الثانية والشمس وضحيها ثمّ تكبّر أربعاً فتقنت

__________________

(١) وجدنا موافقته للمشهور في الهداية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٢.

(٢) التهذيب ٣ : ١٣٢ ح ٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ح ١٧٣٧ ، وفي الوسائل ٥ : ١٠٧ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٨ بدل الجملة الأخيرة : ثمّ يركع بالتكبيرة الخامسة.

٢٨

بينهنّ ثمّ تركع بالخامسة» (١).

وروى محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التكبير في الفطر والأضحى ، فقال : «ابدأ فكبّر تكبيرة ، ثمّ تقرأ ، ثمّ تكبّر بعد القراءة خمس تكبيرات ، ثمّ تركع بالسابعة ، ثمّ تقوم فتقرأ ، ثمّ تكبّر أربع تكبيرات ، ثمّ تركع بالخامسة» (٢).

وروى أبو بصير في الصحيح عنه عليه‌السلام ، قال : «التكبير في الفطر والأضحى اثنتا عشرة تكبيرة ، تكبّر في الأُولى واحدة ثمّ تقرأ ، ثمّ تكبّر بعد القراءة خمس تكبيرات والسابعة تركع بها ، ثمّ تقوم في الثانية فتقرأ ، ثمّ تكبّر أربعاً ، والخامسة تركع بها» (٣) الحديث.

وروى عليّ بن أبي حمزة عنه عليه‌السلام : في صلاة العيدين ، قال : «يكبّر ثمّ يقرأ ، ثمّ يكبّر خمساً ويقنت بين كلّ تكبيرتين ، ثمّ يكبّر السابعة ويركع بها» (٤).

وروى الكناني عنه عليه‌السلام : عن التكبير في العيدين ، قال : «اثنتا عشرة تكبيرة : سبع في الأُولى ، وخمس في الأخيرة» (٥) إلى غير ذلك من الأخبار (٦).

وقد خالف في تلك الأحكام ابن الجنيد ، حيث جعل التكبيرات في الأُولى قبل

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٢ ح ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ح ١٧٣٨ ، الوسائل ٥ : ١٠٧ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٠ وهي ضعيفة السند بأحمد بن عبد الله القروي فإنّه مجهول (انظر معجم رجال الحديث رقم ٦٤٧).

(٢) التهذيب ٣ : ١٣٢ ح ٢٨٩ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ح ١٧٣٩ ، الوسائل ٥ : ١٠٧ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١١ وهي ضعيفة بعبد الله بن بحر فلم يوثّق ، بل ضعّفه ابن الغضائري (انظر معجم رجال الحديث رقم ٦٧١٧).

(٣) التهذيب ٣ : ١٣١ ح ٢٨٦ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ ح ١٧٣٦ ، الوسائل ٥ : ١٠٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٧.

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٠ ح ٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٠ ح ٢٧٩ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ ح ١٧٣٤ ، الوسائل ٥ : ١٠٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٣ وعليّ بن أبي حمزة البطائني ضعيف من عمد الواقفة (انظر معجم رجال الحديث رقم ٧٨٣٥).

(٥) التهذيب ٣ : ١٣٠ ح ٢٨٠ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ح ١٧٢٨ ، الوسائل ٥ : ١٠٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٦.

(٦) الوسائل ٥ : ١٠٥ أبواب صلاة العيد ب ١٠.

٢٩

القراءة ، وفي الثانية بعدها (١) ، لصحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري ، عن الرضا عليه‌السلام ، قال : سألته عن التكبير في العيدين ، قال : «التكبير في الأُولى سبع تكبيرات قبل القراءة ، وفي الأخيرة خمس بعد القراءة» (٢).

وصحيحة هشام بن الحكم والحلبي كليهما عنه عليه‌السلام : في صلاة العيدين ، قال : «تصل القراءة بالقراءة» وقال : «تبدأ بالتكبير في الاولى ثمّ تقرأ ، ثمّ تركع بالسابعة» (٣).

أقول : والمراد بالتكبير التكبيرات كما لا يخفى. وللكناني رواية أُخرى تدلّ على مذهبه (٤).

ولا بدّ من حمل تلك الأخبار على التقيّة كما فعله الشيخ (٥) وقول المحقّق : «إنّه ينبغي أن يقال هذه أشهر الروايتين ، ولا يحسن الحمل على التقيّة ، لقول الصدوق وابن الجنيد من أصحابنا» (٦) في غاية الوهن.

والمفيد ؛ حيث نقل عنه القول بأنّه يكبّر للقيام إلى الثانية قبل القراءة ، ثمّ يكبّر بعد القراءة ثلاثاً ، ويقنت ثلاثاً (٧).

وتدفعه الأخبار المتقدّمة ، ولم يظهر له وجه.

والشيخ في الخلاف ، حيث قال باستحباب القنوتات (٨) ، واختاره المحقّق في

__________________

(١) نقله عنه في المختلف ٢ : ٢٥٢.

(٢) التهذيب ٣ : ١٣١ ح ٢٨٥ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ح ١٧٤١ ، الوسائل ٥ : ١٠٩ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢٠.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٤ ح ٨٤٧ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ح ١٧٤٤ ، ١٧٤٥ ، الوسائل ٥ : ١٠٨ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٦.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٤ ح ١٤٨٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٢ ح ٢٩٠ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ ح ١٧٤٣ ، الوسائل ٥ : ١٣٢ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٥.

(٥) التهذيب ٣ : ١٣١ ، الاستبصار ١ : ٤٥١.

(٦) المعتبر ٢ : ٣١٣.

(٧) المقنعة : ١٩٥.

(٨) الخلاف ١ : ٦٦١ مسألة ٤٣٣.

٣٠

المعتبر ، تمسّكاً بالأصل ، وخلوّ بعض الأخبار الواردة في موضع البيان عن ذكره (١).

ويدفعه ما تقدّم من الأخبار ، فإنّ الظاهر منها الوجوب ، مع أنّه يتوقّف تحصيل اليقين بالبراءة على ذلك.

وادّعى المرتضى رضي‌الله‌عنه على وجوبه إجماع الإماميّة أيضاً (٢).

والمفيد في المقنعة ، حيث قال باستحباب التكبيرات (٣) ، لما دلّ عليه ظاهر بعض الأخبار ، مثل صحيحة زرارة : إنّ عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن الصلاة في العيدين ، فقال : «الصلاة فيهما سواء ، يكبّر الإمام تكبيرة الصلاة قائماً كما يصنع في الفريضة ، ثمّ يزيد في الركعة الأُولى ثلاث تكبيرات ، وفي الأُخرى ثلاثاً سوى تكبير الصلاة والركوع والسجود ، وإن شاء ثلاثاً وخمساً ، وإن شاء خمساً ؛ وسبعاً بعد أن يلحق ذلك إلى وتر» (٤).

ورواية هارون بن حمزة الغنوي عن الصادق عليه‌السلام ، قال : سألته عن التكبير في الفطر والأضحى ، فقال : «خمس وأربع ، فلا يضرّك إذا انصرفت على وتر» (٥).

وحملهما الشيخ على التقيّة لموافقتهما لمذهب كثيرٍ من العامّة ، قال : ولسنا نعمل به ، وإجماع الفِرقة المحقّة على ما قدّمناه (٦).

ولا ريب أنّ الأخبار المتقدّمة مع توقّف البراءة اليقينيّة عليها مع ما عرفت من

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣١٣.

(٢) الانتصار : ٥٧.

(٣) نقله في المدارك ٤ : ١٠٤ ، ولم نجده في المقنعة ، ولكنه موجود في التهذيب ٣ : ١٣٤ ، من دون إسناد إلى المفيد ، ونقل ذلك عن التهذيب في المختلف ٢ : ٢٥٧.

(٤) التهذيب ٣ : ١٣٤ ح ٢٩٠ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ح ١٧٣٢ ، الوسائل ٥ : ١٠٩ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٧.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٦ ح ٨٥٤ ، الاستبصار ١ : ٤٤٧ ح ١٧٣١ ، الوسائل ٥ : ١٠٨ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١٤ وفي طريقها يزيد بن إسحاق شعر ولم يوثّق (معجم رجال الحديث رقم ١٣٦٣٩).

(٦) الاستبصار ١ : ٤٤٨.

٣١

الإجماع على وجوب القنوتات المستلزم لوجوب التكبيرات كما يظهر من الأخبار يرجّح العمل على المشهور.

ثمّ اعلم أنّ المستفاد من خبر إسماعيل الجعفي وصحيحة يعقوب بن يقطين : هو : أنّ القنوت والدعاء بين تكبيرات صلاة العيد ، لا بينها وبين تكبير الركوع ، وعلى هذا يلزم كون القنوت سبعاً كما لا يخفى ، والمشهور خلاف ذلك كما قد عرفت.

والمنقول عن ظاهر الشيخ في النهاية والمبسوط هو أيضاً ما يفهم من الخبرين (١).

ويمكن أن يقال : إنّ الخبرين وإن كانا غير ظاهرين في المشهور ، أو ظاهرين على خلافهم ، لكن في رواية عليّ بن أبي حمزة ظهور ما لما ذهبوا إليه.

وهو يظهر من أخبارٍ أُخر أيضاً ، مثل رواية بشير (٢) بن سعيد عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «تقول في دعاء العيدين بين كلّ تكبيرتين : الله ربّي أبداً ، والإسلام ديني أبداً ، ومحمّد نبيي أبداً ، والقران كتابي أبداً ، والكعبة قبلتي أبداً ، وعليّ وليّي أبداً ، والأوصياء أئمّتي أبداً ، وتسمّيهم إلى آخرهم ، ولا أحدَ إلا الله» (٣).

ورواية محمّد بن عيسى بن أبي منصور عنه عليه‌السلام ، قال : «تقول بين كلّ تكبيرتين في صلاة العيدين : اللهم أهل الكبرياء والعظمة» (٤) الحديث.

وصحيحة الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن الباقر عليه‌السلام ، قال : «كان أمير المؤمنين عليه‌السلام إذا كبّر في العيدين قال بين كلّ تكبيرتين : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، اللهم أهل

__________________

(١) النهاية : ١٣٥ ، المبسوط ١ : ١٧٠.

(٢) في «م» و «ح» والوسائل : بشر.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٦ ح ٨٥٦ ، الوسائل ٥ : ١٣١ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٤ ، والرواية ضعيفة لأنّ راويها مجهول ، وفي طريقها عبد الرحمن بن حماد ، وقال النجاشي : إنّه رمي بالضعف والغلوّ ، وقال ابن الغضائري : ضعيف وفي مذهبه غلوّ (انظر رجال النجاشي : ٢٣٨ رقم ٦٣٣ ، ومعجم رجال الحديث رقم ٦٣٦١).

(٤) التهذيب ٣ : ١٣٩ ح ٣١٤ ، الوسائل ٥ : ١٣١ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٢ والرواية ضعيفة السند لجهالة الراوي وغيره كسليمان الزراري وسعدان بن مسلم (انظر معجم رجال الحديث رقم ١١٥٠٣ ، ٥٥٢٩ ، ٥٠٨٦).

٣٢

الكبرياء» إلى أخره (١) إلى غير ذلك مما يُشعر بذلك (٢).

ولا ريب أنّ البراءة اليقينيّة أيضاً لا تحصل إلّا بذلك ، سيّما مع ملاحظة فهم الأصحاب ، وتداولهم على ذلك.

والمشهور بين الأصحاب عدم تعيّن القنوت المخصوص ، للأصل ، والإطلاقات ، وخصوص بعض الأخبار ، كصحيحة محمّد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته عن الكلام الذي يتكلّم به فيما بين التكبيرتين في العيدين ، فقال : «ما شئت من الكلام الحسن» (٣).

والمنقول من ظاهر أبي الصلاح وجوب الدعاء بالمرسوم (٤) ، وهو ضعيف.

ويستحب رفع اليدين بالتكبيرات ، لرواية يونس ، قال : سألته عن تكبير العيدين ، أيرفع يده مع كلّ تكبيرة أم يجزئه أن يرفع يديه في أوّل تكبيرة؟ فقال : «يرفع مع كلّ تكبيرة» (٥).

والتكبيرات ليست ركناً فيها ، فلو نسيها أو بعضها فالظاهر عدم بطلان الصلاة ، لصحيحة زرارة : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة» (٦) وقد تقدّمت.

ولكن الشيخ أوجب القضاء بعد الفراغ على ما نقل عنه (٧) ، لقول الصادق عليه‌السلام في صحيحة ابن سنان : «إذا نسيت شيئاً من الصلاة ركوعاً أو سجوداً أو تكبيراً ثمّ ذكرت فاصنع الذي فاتك سهواً» (٨).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٤٠ ح ٣١٥ ، الوسائل ٥ : ١٣١ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٣.

(٢) الوسائل ٥ : ١٣١ أبواب صلاة العيد ب ٢٦.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ح ٨٦٣ ، الوسائل ٥ : ١٣١ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ١.

(٤) الكافي في الفقه : ١٥٤.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٨ ح ٨٦٦ ، الوسائل ٥ : ١٣٦ أبواب صلاة العيد ب ٣٠ ح ١.

(٦) الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩١ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ ح ٥٩٧ ، الوسائل ٤ : ٩٣٤ أبواب الركوع ب ١٠ ح ٥.

(٧) نقله عن الشيخ في المعتبر ٢ : ٣١٥.

(٨) التهذيب ٢ : ٣٥٠ ح ١٤٥٠ ، الوسائل ٤ : ٩٣٦ أبواب الركوع ب ١٢ ح ٣.

٣٣

ونفاه جماعة من المتأخرين على ما نقل عنهم (١) ، للأصل.

والأوّل أظهر ، وإن كان للتوقّف في كلا الحكمين مجال ، لعدم انصراف الإطلاق في الخبرين إلى صلاة العيد ، والأصل في الأجزاء الركنيّة كما تقدّم ، فدلالة الخبر الأوّل على الصحّة ممنوعة ، وبعد نفي الركنيّة بالدليل كما هو الأظهر دلالة الخبر الأخير على القضاء ممنوعة ، فتأمّل (٢).

وأما مع الشكّ فيبني على الأقلّ ، لأنّه المتيقّن ، سواء في ذلك الحكم التكبير والقنوت.

الثالث : الوتر فإنه يستحبّ القنوت فيه في الركعة الثالثة ، لصحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «القنوت في المغرب في الركعة الثانية ، وفي العشاء والغداة مثل ذلك ، وفي الوتر في الركعة الثالثة» (٣).

ومحلّه قبل الركوع ، لصحيحة معاوية بن عمّار عنه عليه‌السلام ، قال : «ما أعرف قنوتاً إلا قبل الركوع» (٤).

وصحيحته الأُخرى عنه عليه‌السلام : عن القنوت في الوتر ، قال : «قبل الركوع» قال : فإن نسيت ؛ أقنت إذا رفعت رأسي؟ قال : «لا» (٥) إلى غير ذلك من الأخبار (٦).

ثمّ إنّ الظاهر من صحيحة ابن سنان مع ملاحظة أنّ المستفاد من الأخبار

__________________

(١) كالمحقّق في المعتبر ٢ : ٣١٥ ، والعلامة في النهاية ٢ : ٦١ ، والتحرير ١ : ٤٦.

(٢) وجه التأمّل : أنّ منع الدلالة له وجه آخر غير عدم الانصراف إلى صلاة العيد أيضاً ، فإنّه لا معنى لقضاء الركوع والسجدتين معاً ، فلا بدّ من حملها على الإتيان بها في حال الصلاة ، أو القول بإرادة المعنى الأعمّ ، وهو خلاف الأصل (منه رحمه‌الله).

(٣) التهذيب ٢ : ٨٩ ح ٣٣٢ ، الاستبصار ١ : ٣٣٨ ح ١٢٧٣ ، الوسائل ٤ : ٩٠٠ أبواب القنوت ب ٣ ح ٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٠ ح ١٣ ، الوسائل ٤ : ٩٠١ أبواب القنوت ب ٣ ح ٦.

(٥) الفقيه ١ : ٣١٢ ح ١٤٢١ ، الوسائل ٤ : ٩١٦ أبواب القنوت ب ١٨ ح ٥.

(٦) الوسائل ٤ : ٩٠٠ أبواب القنوت ب ٣.

٣٤

الصحيحة والمعتبرة الكثيرة أنّ الوتر هو الركعات الثلاث (١) أنّ القنوت منحصر في الثالثة. ولا قنوت في الشفع ، إلّا أنّ الصدوق روى في العيون ، عن رجاء بن أبي الضحّاك فيما ذكر من عمل الرضا عليه‌السلام في طريق خراسان ، إلى أن قال : «ثمّ قام إلى صلاة الليل ، فيصلّي ثمان ركعات يقنت في كلّ ركعتين في الثانية قبل الركوع ، ثمّ يقوم فيصلّي ركعتي الشفع ويقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة ، فإذا سلّم قام وصلّى ركعة الوتر ويقنت فيها قبل الركوع وبعد القراءة» (٢) الحديث.

قال في البحار : هذا الخبر صريح في استحباب القنوت في صلاة الشفع ، وقد شملها عموم الأخبار الصحيحة الصريحة الواردة بأنّ القنوت في كلّ صلاة في الثانية قبل الركوع ، ثمّ نقل صحيحة عبد الله بن سنان المتقدّمة ، قال : ولهذا الخبر مال بعض المتأخّرين في العصر السابق إلى سقوط القنوت في الشفع ، مع أنّه لا دلالة فيه إلّا بالمفهوم ، والمنطوق مقدّم ، ولم يستثنها أحد من قدماء الأصحاب ، فيمكن حمل الخبر على أنّ القنوت المؤكّد الذي تستحبّ إطالته إنّما هو في الثالثة ، ويمكن حمله على التقيّة أيضاً ، لأنّ أكثر المخالفين يعدّون الشفع والوتر صلاة واحدة ويقنتون في الثالثة (٣) ، انتهى.

وأما ما روي عن أبي الحسن عليه‌السلام أنّه يقول بعد الرفع عن الركوع : «اللهم هذا مقام من حسناته نعمة منك» (٤) الحديث ، فليس بقنوت ، ولا بأس به.

الثاني : لو نسي القنوت يأتي به بعد الركوع للإجماع ، كما يظهر من جماعة

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٣ أبواب أعداد الفرائض ب ١٣.

(٢) عيون أخبار الرضا (ع) ٢ : ١٨١ ح ١٨٠ ، الوسائل ٣ : ٣٩ أبواب أعداد الفرائض ب ١٣ ح ٢٤.

(٣) البحار ٨٢ : ٢٠٨.

(٤) الكافي ٣ : ٣٢٥ ح ١٦ ، مستدرك الوسائل ٤ : ٤١٤ أبواب القنوت ب ١٦ ح ٢.

٣٥

من الأصحاب (١) ، والأخبار الصحيحة ، كصحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم ، قالا : سألنا أبا جعفر عليه‌السلام عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع ، قال : «يقنت بعد ركوعه ، فإن لم يذكر فلا شي‌ء عليه» (٢).

وصحيحة محمّد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام : عن القنوت ينساه الرجل ، فقال : «يقنت بعد ما يركع ، وإن لم يذكر حتّى ينصرف فلا شي‌ء عليه» (٣).

وموثّقة ابن فضال قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : عن الرجل ذكر أنّه لم يقنت حتّى يركع قال ، فقال : «يقنت إذا رفع رأسه» (٤).

وأما بعض الأخبار النافية للإعادة بعد الركوع (٥) فمحمول على نفي الوجوب.

وأما لو لم يذكره بعد الركوع فيقضيه بعد الفراغ ، نقل ذلك عن الشيخين في المقنعة والنهاية (٦) ، وتدلّ عليه صحيحة أبي أيّوب ، عن أبي بصير ، قال : سمعته يذكر عند أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «في الرجل إذا سها في القنوت قنت بعد ما ينصرف وهو جالس» (٧).

وصحيحة زرارة قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : رجل نسي القنوت فذكره وهو في الطريق ، فقال : «يستقبل القبلة ثمّ ليقله» ثمّ قال : «إنّي لأكره للرجل أن يرغب عن سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو يدعها» (٨).

__________________

(١) منهم العلامة في المنتهي ١ : ٣٠٠ ، وصاحب المدارك ٣ : ٤٤٨.

(٢) التهذيب ٢ : ١٦٠ ح ٦٢٨ ، الاستبصار ١ : ٣٤٤ ح ١٢٩٥ ، الوسائل ٤ : ٩١٦ أبواب القنوت ب ١٨ ح ١.

(٣) التهذيب ٢ : ١٦٠ ح ٦٢٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤٤ ح ١٢٩٦ ، الوسائل ٤ : ٩١٦ أبواب القنوت ب ١٨ ح ٢.

(٤) التهذيب ٢ : ١٦٠ ح ٦٣٠ ، الاستبصار ١ : ٣٤٤ ح ١٢٩٧ ، الوسائل ٤ : ٩١٦ أبواب القنوت ب ١٨ ح ٣.

(٥) الفقيه ١ : ٣١٢ ح ١٤٢١ ، التهذيب ٢ : ١٦١ ح ٦٣٣ ، الاستبصار ١ : ٣٤٥ ح ١٣٠٠ ، الوسائل ٤ : ٩١٦ أبواب القنوت ب ١٨ ح ٤ ـ ٦ ، وفي بعضها : عن الرجل ينسى القنوت حتّى يركع ، أيقنت؟ قال : لا.

(٦) المقنعة : ١٣٩ ، النهاية : ٩٠.

(٧) التهذيب ٢ : ١٦٠ ح ٦٣١ ، الاستبصار ١ : ٣٤٥ ح ١٢٩٨ ، الوسائل ٤ : ٩١٥ أبواب القنوت ب ١٦ ح ٢.

(٨) الكافي ٣ : ٣٤٠ ح ١٠ ، التهذيب ٢ : ٣١٥ ح ١٢٨٣ ، الوسائل ٤ : ٩١٥ أبواب القنوت ب ١٦ ح ١.

٣٦

ورواية محمّد بن سهل النافية (١) محمولة على نفي الوجوب ، أو نفي إعادة الصلاة.

الثالث : يستحبّ الجهر في القنوت مطلقاً لصحيحة زرارة ، عن الباقر عليه‌السلام ، قال : «القنوت كلّها جهار» (٢).

وربّما قيل بالتبعيّة للصلاة (٣) ، لما دلّ على أنّ صلاة النهار سرّ وصلاة الليل جهر (٤)

وفيه : أنّه عامّ وهذا خاصّ ، فلا بدّ من حمل العامّ على الخاصّ.

وقد يستشكل في المأموم ، لأنّ بين ما دلّ على أنّه لا ينبغي لمن خلف الإمام أن يسمعه شيئاً مما يقول (٥) وبين ذلك عموم من وجه ، ولعلّ تخصيص الجهر أقوى ، وصحيحة عليّ بن جعفر (٦) وصحيحة ابن يقطين (٧) تدلّان على التخيير ، ولا ينافي أفضليّة الجهر.

ويستحبّ التكبير قبله ، لحسنة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام ، قال :

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٦١ ح ٩٣٢ ، الاستبصار ١ : ٣٤٥ ح ١٢٩٩ ، الوسائل ٤ : ٩١٤ أبواب القنوت ب ١٥ ح ١ ، وفيها : وعن رجل نسي القنوت في المكتوبة ، قال : لا إعادة عليه ، وهي ضعيفة بجهالة الراوي (انظر معجم رجال الحديث رقم ١٠٩٢٢).

(٢) الفقيه ١ : ٢٠٩ ح ٩٤٤ ، الوسائل ٤ : ٩١٨ أبواب القنوت ب ٢١ ح ١.

(٣) نقله عن المرتضى في المنتهي ١ : ٣٠٠.

(٤) الفقيه ١ : ٢٠٣ ح ٩٢٦ ، التهذيب ٢ : ٢٨٩ ح ١١٦١ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ ح ١١٦٥ ، علل الشرائع : ٣٢٣ ب ١٣ ح ١ ، الوسائل ٤ : ٧٥٩ أبواب القراءة ب ٢٢ ح ٢ ، وب ٢٥ ح ٣ ، عوالي اللآلي ١ : ٤٢١ ح ٩٨ ، مستدرك الوسائل ٤ : ١٩٤ أبواب القراءة ب ٢١ ح ٣.

(٥) الوسائل ٥ : ٤٥١ أبواب صلاة الجماعة ب ٥٢.

(٦) التهذيب ٢ : ٣١٣ ح ١٢٧٢ ، قرب الإسناد : ٩١ ، الوسائل ٤ : ٩١٨ أبواب القنوت ب ٢٠ ح ٢ ، عن الرجل له أن يجهر بالتشهّد والقول في الركوع والقنوت والسجود؟ فقال : إن شاء جهر ، وإن شاء لم يجهر.

(٧) التهذيب ٢ : ١٠٢ ح ٣٨٥ ، الوسائل ٤ : ٩١٧ أبواب القنوت ب ٢٠ ح ١ ، وهي مثل سابقتها.

٣٧

«التكبير في صلاة الفرض الخمس صلوات خمس وتسعون تكبيرة ، منها تكبيرة القنوت خمس» (١).

ورواه أيضاً ابن المغيرة في الحسن ، وفسّرهنّ : في الظهر إحدى وعشرون تكبيرة ، وفي العصر إحدى وعشرون تكبيرة ، وفي المغرب ست عشرة تكبيرة ، وفي العشاء الآخرة إحدى وعشرون تكبيرة ، وفي الفجر إحدى عشرة تكبيرة ، وخمس تكبيرات القنوت في خمس صلوات (٢).

ورواية الصباح المزني قال ، قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «خمس وتسعون تكبيرة في اليوم والليلة للصلوات ، منها تكبير القنوت» (٣).

ونقل الشيخ عن المفيد رحمه‌الله أنّه كان يفتي بهذه الروايات ، ولكنه عنّ له في آخر العمر العدول عن ذلك والعمل على رفع اليدين بغير تكبير (٤) ، والعمل على المشهور.

ويستحبّ رفع اليدين فيه تلقاء وجهه مبسوطتين يحاذي ببطونهما السماء وظهورهما الأرض ، قاله الأصحاب ، ولم أقف في هذا التفصيل على نصّ صريح.

نعم روى عبد الله بن سنان في الصحيح ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : «تدعو في الوتر على العدوّ ، وإن شئت سمّيتهم ، وتستغفر ، وترفع يديك في الوتر حيال وجهك ، وإن شئت فتحت ثوبك» (٥).

وفي الذكرى روى عبد الله بن سنان ، عن الصادق عليه‌السلام : «وترفع يديك

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٠ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٨٧ ح ٣٢٣ ، الوسائل ٤ : ٧١٩ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٥ ح ١ بتفاوت يسير بين المصادر ، وهي حسنة بإبراهيم بن هاشم.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٠ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٨٧ ح ٣٢٤ ، الوسائل ٤ : ٧١٩ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٥ ح ٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٨٧ ح ٣٢٥ ، الخصال : ٥٩٣ ، الوسائل ٤ : ٧٢٠ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٥ ح ٣.

(٤) الاستبصار ١ : ٣٣٧.

(٥) الفقيه ١ : ٣٠٩ ح ١٤١٠ ، التهذيب ٢ : ١٣١ ح ٥٠٤ ، الوسائل ٤ : ٩١١ أبواب القنوت ب ١٢ ح ١.

٣٨

حيال وجهك ، وإن شئت تحت ثوبك ، وتتلقّى بباطنهما السماء» (١).

ورواية عمّار قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أخاف أن أقنت وخلفي مخالفون ، فقال : «رفعك يديك يجزي ، يعني رفعهما كأنّك تركع» (٢).

ولا يخفى وجه الدلالة على مطلق الرفع.

ورواية عليّ بن محمّد بن سليمان ولا تخلو من قوةٍ ما ـ قال : كتبت إلى الفقيه أسأله عن القنوت ، فكتب : «إذا كانت ضرورة شديدة فلا ترفع اليدين ، وقل ثلاث مرّات بسم الله الرحمن الرحيم» (٣) ودلالتها من جهة المفهوم.

وتؤيّده موثّقة أبي بصير ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال في جملتها : «فإذا افتتحت الصلاة فكبّرت فلا تجاوز أُذنيك ، ولا ترفع يديك بالدعاء في المكتوبة تجاوز بهما رأسك» (٤).

وبالجملة مع قول الأصحاب ووجود هذه الأخبار لا مجال للتأمّل فيما يُتسامح في دليله.

ونقل عن المفيد : أنّه يرفع يديه حيال صدره (٥) ، وعن المعتبر قول (٦) بجعل باطنهما إلى الأرض (٧) ، ولم نقف على مأخذهما ، نعم يمكن شمول الإطلاقات المتقدّمة لهما ، لكن الاختصاص لا وجه له.

وعن ابن إدريس : أنّه يفرّق الإبهام من الأصابع (٨) ، ولا بأس باتباعه.

__________________

(١) الذكرى : ١٨٤.

(٢) التهذيب ٢ : ٣١٦ ح ١٢٨٨ ، الوسائل ٤ : ٩١٢ أبواب القنوت ب ١٢ ح ٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٣١٥ ح ١٢٨٦ ، الوسائل ٤ : ٩١٢ أبواب القنوت ب ١٢ ح ٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٦٥ ح ٢٣٣ ، الوسائل ٤ : ٩١٢ أبواب القنوت ب ١٢ ح ٤.

(٥) المقنعة : ١٢٤.

(٦) في «ص» : قوله.

(٧) المعتبر ٢ : ٢٤٧ ، قال : وتتلقّى بباطنهما السماء ، وقيل بظاهرهما ، وكلا الأمرين جائز.

(٨) السرائر ١ : ٢٢٨.

٣٩

وذكر الأصحاب استحباب النظر إلى الكفّ حال القنوت ، وربّما يخرج ذلك من ملاحظة ما ورد من النهي عن الالتفات إلى السماء ، بل وإلى الأطراف (١) ، وعن التغميض (٢) ، لأنّه ينحصر حينئذٍ في النظر إلى الكفّ ، فيرجع في الحقيقة إلى استحباب تلك الأُمور.

ويستحبّ تطويل القنوت ، ففي الحسن : «أطولكم قنوتاً في دار الدنيا ؛ أطولكم راحة يوم القيامة» (٣).

وأن يدعو بالمأثورات.

ونقل عن غير واحد من الأصحاب جواز الدعاء للمؤمنين بأسمائهم ، والدعاء على الكَفَرَة والمنافقين (٤) ، وروى عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه دعا في قنوته لقومٍ بأعيانهم ، وعلى آخرين بأعيانهم (٥).

ويدلّ عليه أيضاً قول الصادق عليه‌السلام حين سئل عن القنوت وما يقال فيه قال : «ما قضى الله على لسانك ، ولا أعلم فيه شيئاً موقّتاً» (٦).

وفي جوازه بالفارسية قولان ، أجازه الصفّار (٧) وابن بابويه (٨) والشيخ في النهاية (٩) والفاضلان (١٠) وغيرهم (١١) على ما نقل عنهم ، ومنعه سعد بن

__________________

(١) الوسائل ٤ : ٧٠٩ أبواب القيام ب ١٦.

(٢) الوسائل ٤ : ١٢٥٢ أبواب قواطع الصلاة ب ٦.

(٣) ثواب الأعمال : ٥٥ ، أمالي الصدوق : ٤١١ ، الوسائل ٤ : ٩١٩ أبواب القنوت ب ٢٢ ح ٢.

(٤) الذكرى : ١٨٤ ، جامع المقاصد ٢ : ٣٣٤.

(٥) مستدرك الوسائل ٤ : ٤١٠ أبواب القنوت ب ١٠.

(٦) الكافي ٣ : ٣٤٠ ح ٨ ، التهذيب ٢ : ٣١٤ ح ١٢٨١ ، الوسائل ٤ : ٩٠٨ أبواب القنوت ب ٩ ح ١.

(٧) نقله عنه في الفقيه ١ : ٢٠٨.

(٨) الفقيه ١ : ٢٠٨.

(٩) النهاية : ٧٤.

(١٠) المحقّق في المعتبر ٢ : ٢٤١ ، والعلامة في المنتهي ١ : ٣٠٠ ، والمختلف ٢ : ١٨١.

(١١) كالفاضل المقداد في التنقيح ١ : ٢١٥.

٤٠