تفسير المراغي - ج ٢٤

أحمد مصطفى المراغي

ورسوله وبما جاءهم به من عنده في آذانهم ثقل عن استماع هذا القرآن فلا يستمعون له بل يعرضون عنه ، وهو عليهم عمى فلا يبصرون حججه ومواعظه.

ونحو الآية قوله في وصفه «وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً».

ثم مثل حالهم باعتبار عدم فهمهم له بحال من ينادى من مكان بعيد لا يسمع من يناديه فقال :

(أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) قال الفراء تقول العرب للرجل الذي لا يفهم كلامك : أنت تنادى من مكان بعيد ، ولثاقب الرأى : إنك لتأخذ الأمور من مكان قريب ، شبّهت حال هؤلاء المكذبين في عدم فهمهم وانتفاعهم بما دعوا إليه ، بحال من ينادى من مسافة نائية لا يسمع الصوت ولا يفهم تفاصيله ولا معانيه.

ثم بين أن هؤلاء المكذبين ليسوا بدعا بين الأمم في تكذيبهم بالقرآن ، فقد اختلف من قبلهم في التوراة فقال :

(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ) أي ولقد أرسلنا موسى وآتيناه التوراة فاختلفوا فيها ، فمن مصدّق بها ومن مكذب ، وهكذا شأن قومك معك ، فمن مصدق بكتابك ومن مكذّب به ، فلا تأس على ما فعلوا معك ، واسلك سبيل أولى العزم من الرسل صلوات الله عليهم أجمعين فقد أوذوا فصبروا وكان النصر حليفهم ، والتوفيق أليفهم وكتب الله لهم الفلج والفوز على أعدائهم المشركين ، وأهلك الله القوم الظالمين.

ثم أخبر سبحانه أنه أخر عذابهم إلى حين ولم يعاجلهم بالعقاب على ما اجترحوا من تكذيب الرسول وجحدهم بكتابه فقال :

(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي ولو لا ما سبق من قضاء الله وحكمه فيهم من تأخير عذابهم إلى يوم القيامة بنحو قوله : «بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ» وقوله : «وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى» لعجّل الفصل بينهم فيما اختلفوا فيه بإهلاك المكذبين كما فعل بمكذبى الأمم السالفة.

١٤١

ثم بين ما يقتضى إهلاكهم فقال :

(وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) أي وإن قومك لفى شك من أمر القرآن موجب لقلقهم واضطرابهم ، فما كان تكذيبهم له عن بصيرة منهم حين قالوا ما قالوا ، بل كانوا شاكين غير محققين لشىء مما كانوا فيه من عنادك ومقاومة دعوتك.

ثم بين أن الجزاء من جنس العمل وأنه لا يظلم ربك أحدا فقال :

(مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) أي من عمل بطاعة الله في هذه الحياة فأتمر بأمره وانتهى عما نهى عنه فلنفسه عمل ، لأنه يجازى عليه الجزاء الذي هو له أهل ، فينجو من النار ويدخل جنة النعيم.

ومن عصى الله فعلى نفسه جنى ، لأنه أكسبها سخطه وأليم عقابه ، وقد قالوا فى أمثالهم (إنك لا تجنى من الشوك العنب) وما ربك أيها الرسول بحامل عقوبة ذنب على غير مكتسبه ، بمعاقب أحدا إلا على جرم اكتسبه.

ونحو الآية قوله : «أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى».

اللهم وفقنا لعمل الصالحات ، وأبعدنا عن ارتكاب الآثام والموبقات ، وألهمنا التوفيق لما يرضيك ، والبعد عما يسخطك.

وقد كان الفراغ من تفسير هذا الجزء من الكتاب الكريم قبيل فجر الليلة السادسة عشرة من ذى الحجة سنة أربع وستين وثلاثمائة بعد الألف من هجرة النبي الكريم بمدينة حلوان من أرباض القاهرة.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصلّ ربنا على محمد وآله.

١٤٢

فهرست

أهم المباحث العامة التي في هذا الجزء

الصفحة

المبحث

الصفحة

المبحث

٤

ذكر بعض هفوات للمشركين.

 ٣٥

يساق المجرمون حينئذ زمرا.

٥

ذكر ما أعد للمؤمنين من ثواب.

٣٦

تقول الخزنة لأهل النار ألم يأتكم الرسل.

٧

يكفى الله المؤمنين ما أهمهم في الدنيا.

٣٧

تقول خزنة الجنة لأهلها سلام عليكم طبتم

٧

من يضلل الله فلا هادى له.

 ٣٨

أبواب الجنة ثمانية.

٩

الحديث المأثور عن ابن عباس.

٣٩

الملائكة من حول العرش يسبحون بحمد ربهم.

١٠

قطع صلة الروح بالبدن حين الموت.

 ٤٠

ما تحتوى عليه سورة الزمر من موضوعات.

١١

الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم مبلغ لا مسيطر.

 ٤١

آل حم ديباج القرآن.

١٣

تفسير على كرم الله وجهه للرؤيا الصادقة والكاذبة.

 ٤٢

قول العامة : الحواميم ليس من كلام العرب.

١٥

نعى السيد الآلوسى في تفسيره حال المسلمين اليوم.

٤٣

ذكر حال المجادلين في القرآن لأجل إبطاله.

١٦

دعاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين افتتاح صلاته بالليل.

 ٤٤

قال أبو العالية : آيتان ما أشدهما على.

١٧

ما أمر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا بكر من الدعاء.

 ٤٥

الأمم جميعا جادلت في كتبها بالباطل لتدحض الحق.

١٨

كان المشركون يلجأون إلى الله حين وقوع الضرر.

 ٤٦

الملائكة من حول العرش يستغفرون للمؤمنين.

٢٠

الله يبسط الرزق لبعض عباده ويضيق على بعض.

 ٤٨

يدخل الرجل الجنة فيقول يا رب أين أبى وجدى وأمي إلخ؟

٢٣

غفران الذنوب لمن تاب وأخلص العمل

 ٥١

يوم القيامة يعترف المجرمون بذنوبهم واستحقاقهم للعذاب.

٢٢

أجمع آية في القرآن بخير وشر «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ» وأكثر آية في القرآن فرجا في سورة الغرف.

 ٥٢

الحكم لله العلى الكبير يوم القيامة.

٢٤

يسروا ولا تعسروا.

 ٥٣

صفات الله الدالة على عظمته وجلاله.

٢٦

وجوه المشركين ووجوه المؤمنين يوم القيامة.

 ٥٥

في الحديث «يا عبادى إنى حرمت الظلم على نفسى إلخ».

٢٩

مقاليد السموات والأرض.

 ٥٦

«ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع».

٣٠

ما أوحى به إلى الأنبياء جميعا.

 ٥٧

علمه تعالى شامل لكل شىء.

 ٣١

ما أمر به النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

 ٥٨

قصص موسى عليه‌السلام مع فرعون.

٣٢

يقبض الله الأرض ويطوى السماء بيمينه.

 ٦٠

أمر فرعون بقتل أبناء بنى إسرائيل.

 ٣٣

يصعق الخلق حين النفخ في الصور.

 ٦١

قال فرعون لقومه : إنى أخاف أن يبدل موسى دينكم ـ تبرئة لنفسه من دعوى سفك الدماء.

٣٤

يوم القيامة توضع صحائف الأعمال بأيدى العاملين.

 ٦٢

تعوذ موسى بربه من الجبارين المتكبرين.

٦٣

حديث مؤمن آل فرعون وذكر نصائحه.

١٤٣

٦٤

قال على : أشجع الناس أبو بكر.

١٠٤

 القرآن كتاب فصلت آياته بمقاطع وفواصل.

 ٦٥

رد فرعون على موسى وتصلبه في رأيه.

١٠٥

ذكر المشركون لنفرتهم من القرآن ثلاثة أسباب.

 ٦٧

إعادة النصح كرة أخرى بضرب الأمثال.

١٠٧

خلاصة الوحى علم وعمل.

٦٨

توبيخهم بأن التكذيب فيهم متوارث.

١٠٩

خلق السموات والأرض على أطوار.

 ٧١

يضل الله عن سبيل الحق المسرف في المعاصي

١١٠

الحكمة في خلق الجبال الرواسي.

٦٩

أمر فرعون وزيره هامان أن يبنى له قصرا شامخا.

١١١

خلق الأرض وجبالها الرواسي وتقدير أقواتها في أربعة أيام.

 ٧٢

السبب في تمرد فرعون وصده عن السبيل.

١١٢

عالم السديم.

 ٧٣

إعادة النصح عليهم مرة ثالثة.

١١٥

إنذار المشركين بشديد العقاب إن أصروا على عنادهم.

٧٥

الأصنام لا تستجاب لها دعوة.

 ١١٥

ما دار بين أبى جهل وعتبة بن ربيعة من الحديث بشأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

 ٧٥

تعجبه من دعوته إياهم إلى الهداية ودعوتهم إياه إلى الضلال.

١١٦

ما قيل عن وصف قوم عاد.

 ٧٦

اطمئنانه إلى ما يجرى به القدر.

١١٧

ما نزل بقوم عاد من العذاب.

 ٨١

وعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالنصر على أعدائه.

١١٩

بيان المراد من شهادة السمع والأبصار والجلود.

 ٨٢

في التوراة هدى لبنى إسرائيل.

١٢١

على المرء في كل حال رقيب.

 ٨٣

ما يحمل قومك على التكذيب بك إلا الكبر والحسد.

 ١٢٢

الظن قسمان : منج ومرد.

 ٨٤

البراهين الدالة على إمكان البعث.

 ١٢٣

لا تقبل لأهل النار معاذير ولا تقال لهم عثرات.

 ٨٥

لا يستوى المؤمن والكافر ولا الأعمى والبصير.

 ١٢٤

تشاغل المشركين عن سماع القرآن.

 ٨٩

من الأدلة على وجود المعبود خلق السموات والأرض وخلق الإنسان في أحسن صورة

 ١٢٦

طلب المشركين الانتقام ممن أضلوهم.

 ٨٨

قومك أيها الرسول ليسوا ببدع في الأمم.

 ١٢٧

بشرى الملائكة للمؤمنين وولايتهم لهم.

 ٩٠

أمر الله عباده أن يحمدوه على جزيل نعمه.

 ١٢٨

قال وكيع : البشرى في ثلاثة مواطن.

 ٩١

من الأدلة على وجوده تعالى خلق الأنفس على أحسن الصور.

١٣٠

قال عمر : ما عاقبت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه

٩٢

مراتب عمر الإنسان ثلاث.

١٣١

أمر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بدفع سفاهات المشركين بالحسنى.

 ٩٤

يسأل المجرمون سؤال توبيخ عن آلهتهم التي كانوا يعبدونها.

١٣٢

ما عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه.

٩٥

أمر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالصبر على أذى المشركين.

 ٣٣

الطريق لدفع الغضب إذا بدت بوادره.

 ٩٦

قص الله سبحانه أخبار بعض الرسل لا جميعهم ٩٧ فوائد الإبل.

١٣٤

الدلائل الفلكية والأرضية على وجوده تعالى.

 ٩٩

تهديد الذين يجادلون في آياته طلبا للرياسة.

١٣٥

الرد على الصابئة الذين عبدوا الكواكب.

 ١٠٠

يقول المشركون حين يرون العذاب آمنا بالله وحده.

١٣٦

تهديد من ينازع في دلائل الوحدانية والقدرة.

 ١٠١

لا تقبل التوبة حين معاينه العذاب.

١٣٨

صفة الكتاب الكريم.

١٠٢

حديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم مع صناديد قريش وتلاوته عليهم أول سورة فصلت.

١٣٩

قال المشركون : هلا نزل القرآن بلغة العجم.

١٤٠

القرآن هدى وشفاء للذين آمنوا.

١٤٢

من عمل صالحا فلنفسه ، ومن أساه فعلى نفسه جنى.

١٤٤