استعماله بحرف الجر (١) ، لكنه حذف لكثرة استعماله ، وهذا محل تأمل ، فإن الفعل لا يطلب المفعول فيه إلا بعد تمام معناه (٢) ، ولا شك (٣) أن معنى الدخول لا يتم بدون الدار.

وبعد تمام معناه بها يطلب مفعول فيه كما إذا قلت : (دخلت الدار في البلد الفلاني) فالظاهر أنه مفعول به لا مفعول فيه ، ومما يؤيد (٤) ذلك أن كل فعل نسب إلى مكان خاص بوقوعه فيه يصح أن ينسب إلى مكان عام شامل (٥) له ولغيره ، فإنه إذا قلت : (ضربت زيدا في الدار) (٦) التي هي جزء من البلد ، فكما يصح أن تقول (ضربت زيدا في الدار) كذلك يصح أن تقول : ضربته في البلد).

وفعل الدخول بالنسبة إلى الدار ليس كذلك ، فإنه إذا قال الداخل في البلد : (دخلت الدار) لا يصح أن يقول : (دخلت البلد) (٧) فنسبه الدخول إلى الدار ليست كنسبة

__________________

(١) يعني بلفظة في ويقال دخلت في الدار ولما عرفت أن الدار مكان معين والدخول لازم فلا بد من واسطة حرف الجر (توقادي).

(٢) وتمام معناه إن كان لازما بفاعله وإذا تم بفاعله يطلب المفعول فيه نحو جلست في مكانك كذا وصمت يوم الخميس وإن كان متعديا بالفاعل والمفعول به وإذا تم بهما يطلبه أيضا نحو : ضربت زيدا في مكان كذا وقرأت هذه المسألة أمامك (م).

(٣) قوله : (ولا شك ... إلخ) فيكون صلة له كما أن عن صلة لضده الذي هو الخروج استدل الشيخ الرضي على الدخول لازم بلزوم كلمة (في) في غير المكان ، ويكون الدخول فعولا والفعول من المصادر اللازمة غالبا لا يخفى أن ما ذكره يدل على نفي التعدي بلا واسطة (عب).

(٤) قوله : (ومما يؤيد ذلك) ما ذكر من التأييد مبني على استعمال العرب فإن جاء استعمال العرب كما قاله فلا كلام فيه وإلا فلا يصلح التأييد وذكروا في استدلاله أن مصدره الدخول والفعول في المصادر اللازمة أغلب وأنه ضد خرجت وهو لازم واستعمال دخلت وسكنت ونزلت مع في كثير (وجيه الدين).

(٥) (١٥) ؛ لأن الشامل ظرف لذلك الخاص ، وكلها هو ظرف للظرف يكون ظرفا لمظروفه كالدرة في الحقة والحقة في البيت فالدرة في البيت (محمد أفندي).

(٦) فالمكان الخاص هاهنا لفعلك هو الدار ؛ لأن فعلك الذي هو الضرب لم يصدر منك إلا فيها فكان الدار مكانا خاصا له والمكان العام البلد الذي جزء منه فكان البلد مكانا عاما لشموله لها وكون الدار جزءا منه. (توقادي).

(٧) لأنه لم يوجد منه الآن الدخول في البلد ؛ لأن الآن في البلد والدخول إنما يكون بعد الخروج والمفروض أن يكون في البلد ويدخل الدار (م).