مقدمة المصحح

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسّلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وصفيه وخليله ، أرسله بالهدى ودين الحق.

وبعد :

فإن من فضل الله سبحانه وتعالى علينا ، أن شرفنا بخدمة هذا الكتاب العظيم الفائدة ، وإخراجه بحلة جديدة ، وأسأله سبحانه أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، إنه سميع قريب مجيب.

وأخيرا ألفت انتباه القارئ الكريم إلى أن هناك ركاكة في الحواشي ولعل سبب ذلك يرجع إلى أن الناسخ غير عربي.

وكتبه أحمد عزو عناية

وعلي مصطفى

بتاريخ / ٥ / ٤ / ٢٠٠٩

سوريا ـ دمشق ـ جوال : ٠٩٣٣٤٢٧٦٣٠



ترجمة ابن الحاجب

صاحب متن الكافية في النحو

هو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس ، أبو عمرو جمال الدين ابن الحاجب ، فقيه مالكي ، من كبار العلماء بالعربية.

كردي الأصل ، ولد في أسنا (من صعيد مصر) سنة (٥٧٠ ه‍ ـ ١١٧٤ م) ونشأ في القاهرة ، وسكن دمشق ، ومات بالإسكندرية سنة (٦٤٦ ه‍ ـ ١٢٤٩ م).

وكان أبوه حاجبا فعرف به.

من تصانيفه : الكافية في النحو ، والشافعية في الصرف ، ومختصر الفقه استخرجه من ستين كتابا في فقه المالكية ، ويسمى جامع الأمهات ، والمقصد الجليل قصيدة في العروض ، والأمالي النحوية ، ومنتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل في أصول الفقه ، ومختصر منتهى السول والأمل ، والإيضاح في شرح المفصل للزمخشري.

مراجع الترجمة :

ـ وفيات الأعيان لابن خلكان ١ / ٣١٤.

ـ غاية النهاية ١ / ٥٠٨.

ـ مفتاح السعادة ١ / ١١٧.

ـ الأعلام للزركلي ٤ / ٢١١.



ترجمة الملا جامي صاحب شرح الكافية

هو عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الجامي ، نور الدين ، مفسر ، فاضل.

ولد في جام (من بلاد ما وراء النهر) سنة (٨١٧ ه‍ ـ ١٤١٤ م) وانتقل إلى هراة.

وتفقه ، وصحب مشايخ الصوفية ، وحج سنة (٨٧٧ ه‍) ، فطاف البلاد ، وعاد إلى هراة فتوفي بها سنة (٨٩٨ ه‍ ـ ١٤٩٢ م).

له : تفسير القرآن ، وشرح فصوص الحكم لابن عربي ، وشرح الكافية لابن الحاجب ، وهو أحسن شروحها ، سماه : الفوائد الضيائية ، والدرر الفاخرة في التصوف والحكمة ، وشرح الرسالة العضدية في الوضع ، وغير ذلك.

وله كتب بالفارسية.

مراجع الترجمة :

ـ الفوائد البهية ص ٨٦.

ـ شذرات الذهب ٧ / ٣٦٠.

ـ الأعلام للزركلي ٣ / ٢٩٦.



بسم الله الرحمن الرحيم

[مقدمة المؤلف]

الحمد (١) لوليّه (٢) ، والصلاة على نبيّه (٣) ، وعلى آله (٤) وأصحابه (٥) المتأدبين (٦) بآدابه.

__________________

(١) لا بد في مقام من الحمد خمسة أشياء فالحامد هو المصنف والمحمود هو الله تعالى والمحمود عليه هو النعمة والمحمود به هو الألف والحمد هو الأمر المعنوي بين الحامد والمحمود.

(٢) قوله : (الحمد لوليه) الألف واللام في الحمد الاستغراق ، فمعناه أن كل حمد صدر عن كل حامد من الأزل إلى الأبد لوليه ، ويجوز أن يكون للجنس ، فمعناه أن جنس الحمد لوليه ، والمعنايان متلازمان ، تأمل.

(٣) قوله : (على نبيه) فالنبي إنسان بعثه الله إلى الخلق لتبليغ أحكامه ، والرسول أخص منه وهو إنسان كذلك يكون له كتاب وشريعة ، والأصل في الإضافة العهد ، فهذا الأصل ينصرف إلى نبينا عليه‌السلام ، وقد يكون للجنس والاستغراق فيكون المعنى والصلاة على كل نبي لله تعالى ، ووجه اختياره على الرسول إما بحسب اللفظ فرعاية الجمع ، وإما بحسب المعنى ، فللدلالة على أنه عليه‌السلام مس تحق بمرتبة النبوة ويعلم منه استحقاقه بمرتبة الرسالة بطريق الأولى. (عصام الدين).

(٤) قوله : (وعلى آله) التزم أهل السنة إدخال على على الآل ردا للشيعة فإنهم منعوا ذكر علي بين النبي وآله ، وينقلون في ذلك حديثا ، وهو : «من فصل بيني وبين آلي بعلي لم ينل شفاعتي» ، وأجيب بأن هذا الحديث موضوع ، وبأن علي اسم المرتضى لا كلمة على حرف جر حتى يرد ما قاله الشيعة. (قاوقجي).

(٥) الأصحاب : من رأى النبي عليه‌السلام مؤمنا ، أو رآه النبي عليه‌السلام مؤمنا ليدخل فيه الأعمى ومات على الإيمان. (داود).

(٦) قوله : (المتأدبين بآدابه) جمع أدب بصيغة الجمع ، إشارة إلى كثرة الأدب من آداب النفس. والدرس أي : العلم ، ولا شك أن آله وأصحابه عليه‌السلام متأدبون بآداب نفسه وعلمه ، وهو تبليغ الكتاب والأحكام ، وفي ذكر الأدب براعة الاستهلال ؛ لأن النحو من قسم الأدب.

وما ذكروا أن الياء للاستعانة ، وأن الآلات والوسائل غير مقصودة ، فمدفوع بأن الوسائل قد يكون مقصودا كالأنبياء عليه‌السلام ، فإنهم وسائل إلى الله تعالى مع أنهم مقصودة أيضا ، ولذا يتم الإيمان بهم.

فإن قيل : لم قال : الحمد لوليه ، ولم يقل للخالق وللرازق ، أو غيرهما من الأوصاف المشتقة؟ ـ


أما بعد (١) ، فهذه (٢) فوائد (٣) وافية بحل (٤) مشكلات الكافية للعلامة (٥) المشتهر (٦) في المشارق والمغارب الشيخ (٧) ابن الحاجب ، تغمده الله تعالى بغفرانه ، وأسكنه بحبوحة جنانه ، نظمتها (٨) في سلك (٩) التقرير وسمط التحرير للولد العزيز ضياء الدين

__________________

ـ قلت : لئلا يتوهم اختصاص استحقاق الحمد بوصف دون وصف ، فلو قال : الحمد للخالق لتوهم أن استحقاق الحمد مختصة بهذا الوصف دون وصف الآخر. (محي الدين).

(١) قوله : (بعد الظرف) من الظروف المكاتبة استعير ههنا للزمان ؛ لكونه مضافا إليه.

(٢) قوله : (فهذه) أي : هذه الأمور الحاضرة في العقل على تقدير تقدم المقاصد وفيه ، أو في التلفظ ، أو فيهما في الكتابة على تقدير تقدمها على الدباجة. (عصمت).

(٣) قوله : (فوائد) وهي اسم كتاب في المعاني ، والوافية اسم للمتوسط ، والمشارق : اسم كتاب في الحديث ، وفي درج أسماء الكتب بلا شائبة تكلف ، ولا تحسين للكلام التبليغ. (عصام).

(٤) قوله : (بحل) متعلق بوافيه على تضمين معنى التعلق ، أي : متعلقه بحل مشكلات الكافية.

(٥) قوله : (للعلّامة) هو من أحاط الفنون والأصول ، وجمع بين المنقول والمعقول ، فالشيخ في الفضل والاشتهار كالشمس في دار النهار يرشدك تتبع كتبه أصولا وفروعا معقولا ومنقولا ، ومن هنا ظهر فساد ما قيل في وصف ابن الحاجب بالعلّامة نظر ؛ لأن هذا اللفظ إنما يناسب فيما بين العلماء من جمع جميع أقسام العلوم ، كما هو حقه من النقلية والعقلية ، وليس ابن حاجب إلا من أهل العلوم العقلية. (أحمد بن كمال).

(٦) إنما قال : (المشتهر) ، ولم يقل : المشهور ؛ لأن المشتهر صفة العلامة وهي صيغة المبالغة ، فأصل صيغته أن يكون من باب الافتعال الذي هو المبالغة أيضا المتطابق بين الصفة والموصوف ، ولو قال : المشهور لم يطابق ؛ لانتفاء المبالغة. في الآل خلاف : والصحيح أنهم من حرمت عليهم الصدقة.

(٧) قوله : (الشيخ) هو صاحب الوقار سنّا أو علما ، وكلا المعنيين محتمل ، كما صرح الجزري في أسماء الرجال أنه مات وهو ابن ستة وسبعين سنة ، ومن لم يتبنه على ذلك زعم أن المراد هو الثاني بناء على أن الشيخ قتل شابا. (ابن كمال).

قوله : (الشيخ ابن الحاجب) وهو أبو عمرو عثمان بن عمرو ابن أبي بكر المالكي ، كان والده حاجبا للأمير عز الدين ، توفي في الاسكندرية ، ولد سنة سبعين وخمسمائة ، ومات سنة ستة وأربعين وستمائة ، ودفن خارج باب البحر. (ابن خلكان).

(٨) وفي التعبير بالنظم تلميح إلى تشبيه الكلمات بالدر ، وهي استعارة بالكناية (ابن كمال).

(٩) السلك : الخيط ، والتقرير جعل الشيء في قراره ، والسمط : السلك ما دام فيه الحرز وإلا فهو سلك ، والتحرير : التقديم ، وفي إضافة السمط التحرير إشارة إلى أن تحريره لا يفارق الفؤاد التي هي كاللآلئ. (عصام).


يوسف ، حفظه (١) الله سبحانه وتعالى عن موجبات التلهف والتأسف ، وسميتها بالفوائد الضيائية ؛ لأنه لهذا الجمع والتأليف كالعلّة (٢) الغائيّة (٣) ، نفعه الله تعالى بها وسائر المبتدئين من أصحاب التحصيل (٤) ، وما توفيقي (٥) إلا بالله ، وهو حسبي ونعم الوكيل.

اعلم أن الشيخ رحمه‌الله لم يصدر رسالته هذه بحمد الله سبحانه ، بأن جعله جزءا (٦) منها هضما لنفسه بتخيل (٧) أن كتابه هذا من حيث أن (٨) كتابه ليس ككتب السلفرحمهم‌الله تعالى حتى يصدر به على سننها ، ولا يلزم من ذلك عدم الابتداء (٩)

__________________

(١) وقوله : (حفظه) وفي عبارة التأسف تلميح إلى قصة يوسف عليه‌السلام ، قال يعقوب يا أسفا على يوسف ، اللآن ، فلعطف يخفى للحسن للتذلل مع أنه من المكملين.

(٢) فاعلم أن العلل أربع عندهم ، العلة الفاعلية : وهي مؤلف هذا الكتاب ، والعلة المادية : وهي ألفاظ ، وكلمات الكتاب ، والعلة الصورية : جرم هذا الكتاب ، والعلة الغائية : وهي تعلم يوسف هذا الكتاب واشتغاله به.

(٣) قوله : (كالعلة الغائية) تكون مقدما على الفعل تصورا ومؤخرا وجودا كجلوس السلطان على السرير ، وأما ضياء الدين في هذا المقام ليس علة غائية بل يشبهها من حيث السببية ، فلذا قال الشارح : كالعلة.

(٤) أي : من المتعلمين ؛ لأنه التحصيل خاص في العرف بتحصيل العلم ، وهذا احتراز من أهل الصنائع والحرف. (مصطفى جلبي).

(٥) التوفيق على ستة أوجه : الأول معرفة الشيء بما هو حقه ، وثانيها سهل ، وثالثها دل جعل الله فعل عباده موافقا ويرضاه ، ورابعها باب سد المعصية وفتح باب الخير ، وخامسها وهو الأمر المقرب إلى السعادة الأبدية والكرامة السرمدية ، وسادسها جعل الشيء موافقا للشيء يعني : جعل السباب موافقا للمسببات.

(٦) لأن الجزئية لا يكون إلا بالكتاب لا قولا ولا قلبا ؛ لأنه ليس من شأن المصنف أن لا يصدرها بالحمد القولي ولا بالقلبي ، فعدم التصدير بالجملة الفعلي والقولي والقلبي حين الشروع في شيء من الأشياء ، ليس من شأن العاقل فضلا عن المصنف الفاضل.

(٧) قوله : (بتخييل) مصدر مضاف إلى مفعوله الثاني وفاعله ، ومفعول الأول محذوف تقديره : بتخييل نفسه نقصان كتابه بهذا الترك هو نفس المصنف لا غيره. (محمد أمين).

(٨) (من حيث إنه ... إلخ) فائدة قيد الحشية واضحة ، فإن هذا الكتاب في حدّ ذاته كتاب فائق وبحر موج رائق. (حلبي).

(٩) قوله : (ولا يلزم ... إلخ) وهو عدم العمل بالحديث عند عدم التصدير بالحمد وهو يستلزم إلا قطعية ، فدفع الشارح بقوله : (ولا يلزم ... إلخ).


به مطلقا ، حتى يكون بتركه أقطع (١) لجواز إتيانه بالحمد من غير أن يجعله (٢) جزءا من كتابه.

وبدأ بتعريف (٣) الكلمة والكلام ؛ لأنه يبحث (٤) في هذا الكتاب عن أحوالهما ، فمتى لم يعّرفا (٥) ، كيف يبحث (٦) عن أحوالهما (٧)؟ ...

__________________

(١) لدخوله تحت قوله عليه‌السلام : «كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بالحمد لله ، أو بسم الله فهو أقطع» أخرج الشطر الأول ابن ماجه (١٨٩٤) ، والشطر الثاني الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي ٢ / ٦٩ (١٢٠٩) (محمد الأفندي).

(٢) وله : (من غير أن يجعله ... إلخ) يعنى : سلك المصنف طريق العمل بالحديث معنى لا لفظا ؛ لأن حقيقة الحمد عند المحققين إظهار الصفات الكمالية دون القول المخصوص. (مصطفى الحلبي).

(٣) قوله : (وبدأ ... إلخ) كان دأب المصنفين أن يذكروا قبل الشروع المقصود من النحو الكلمة والكلام ؛ لكونهما موضوعي العلم وتعريف النحو ليكون الطالب على بصيرة في طلبه ، وأن يذكروا الغرض من تحصيل النحو ليزاد رغبة الطالب في تحصيله ، والمصنف ذكر الكلمة والكلام ؛ لأنه لا بد منهما ليمكن الشروع في هذا الفن (عبد الغفور).

(٤) جواب سؤال وهو أن هذا الفن يلزم فيه البحث والبناء وأجاب بما ترى فلا بد من تعريفهما أولا إما بالحد أو بالرسم ليتميز عند الطالب فيبحث عن أحوالها (وجيه الدين).

(٥) أي : لأنهما موضوعان في علم النحو فإن لم يعرف كيف يبحث.

(٦) قوله : (كيف يبحث ... إلخ) وإن قرأ بالتخفيف يصح هذا القول ولكن لا يتم التقريب ؛ لأن المطلوب بيان وجه الابتداء بالتعريف ولم يعلم من هذا الدليل لا كون معرفتهما مما لا بد منه لا تعرفيهما ، ويقال في الجواب أن في الكلام مقدمة مطوية طويت لإمكان معرفتها بأدنى تأمل ، وهي هذه وهما نظريان لا يمكن معرفتهما بطريق من طرق المعرفة سوى التعريف ؛ لأنهما ليسا من المبصرات ولا من المسوعات حتى يمكن معرفتهما بتلك الطرق ، وهذه المقدمة إن قرأ لم يعرفا بالتشديد تقدر قبله ، وأن قرأ بدونه تقدر بعد قوله : كيف يبحث عن أحوالهما ، فتأمل في هذا المقام حتى ينكشف لك قراءة الكلام (نافع الشرواني)

(٧) (فمتى لم يعرفا كيف يبحث ... إلخ) يجوز أن لم يعرفا من التعريف كما يفهم من قوله : بتعريف الكلمة ، وأن يكون من المعرفة كما هو المناسب بقوله : كيف يبحث من أحوالهما ؛ لأن البحث عن أحوال الشيء لا يستدعي تعريفه بل معرفته ، فإن قرأ بالتشديد يتم التقريب ، ولكن يرد عليه أن البحث عن أحوال الشيء لا يستدعي تعريفه بل معرفته فلم لا يجوز أن يكون الكلمة الكلام بديهيات أو معلومين من طريق آخر من طرق المعرفة لا يستدعي تعريفه مثل السمع والبصر غير ذلك فلا يحتاجان إلى تعريف ، فلا يصح.


وقدم (١) الكلمة على الكلام ، لكون أفرادها جزءا من أفراد الكلام (٢) ، ومفهومها جزءا من مفهومه ، فقال :

* * *

__________________

(١) اعلم أن التقدم خمسة : التقدم بالزمان وهو وقوع الشيء زمان مقدم ، كتقدم الأب على الابن ، وتقدم بالرتبة وهو أقريبة الشيء إلى مبدأ معين بالنسبة إلى شيء آخر كتقدم الإمام على المأموم ، وتقدم بالذات وهو سبق بعض أجزاء الزمان على بعض كتقدم العلم على العلوم ، وتقدم بالطبع وهو كون المتقدم بحيث يحتاج إليه المتأخر ولا يكون علة للثاني كتقدم حركة اليد على المفتاح ، وتقدم بالشرف وهو كون الشيء صاحب كمال وفضيلة بالنسبة لنا إلى الغير كتقدم المعلم على المتعلم (تعريفات سيدي).

(٢) فإن قلت : إذا كان الكلم جنسا واللام للجنس يجتمع جنسان! قلت : معنى الجنس الأول اسم الجنس والثاني الحقيقة فلا اجتماع. (داود).


(الكلمة)

(الكلمة) قيل : هي والكلام مشتقان (١) من الكلم ـ بتسكين اللام ـ : وهو الجرح ، لتأثير معانيهما (٢) في النفوس (٣) كالجرح ، وقد عبر بعض الشعراء (٤) عن بعض تأثيراتهما بالجرح حيث قال (٥) :

جراحات السّنان لها التئام

ولا يلتام ما جرح اللسان

__________________

(١) الاشتقاق رد كلمة إلى أخرى لتناسبهما في اللفظ في المعنى ، والمشهور المناسبة المعنوية أن يدخل معنى المشتق ، منه في المشتق ويعلم من هذا الكلام أنه يكفي في الاشتقاق أن يكون معنى المشتق منه لازما ، المعنى المشتق ، أو يكون لازما للأول كاشتقاق الكلمة والكلام من الكلم ، يعني : الكلم الجرح وهو غير لازم للكلمة ولكلام (عصام جلبي).

(٢) وتتأثر النفس بها ، كما أن الجرح يؤثر في النفس بإلا بلام تؤثر به النفس. (وجيه الدين).

(٣) أي : يعلم منه أن بعض تأثيراتها إحداها لا جميع تأثيراتها. (وجيه).

(٤) قوله : (وقد عبر بعض الشعراء) قال الشارح الكازروني : قائله أمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي‌الله‌عنه ، ولم يبلغ ذلك الشارح ، ولو بلغه لم يرض بأن يعبر عنه ببعض الشعراء.

(٥) أول الشعر :

رحب الفضاء مع الأعداء ضيقة

سم الخياط مع الأحباب ميدان

قال المصنف : الكلمة ، أقول : إن الكلمة لغة تطلق ويراد بها الكلام التام ، كقوله تعالى : (وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا) [التوبة : ٤٠] وقد تطلق على الشهادتين فيقال : كلمة الشهادة وقد تطلق على قوله : لا إله إلا الله ، كما يقال : كلمة التوحيد وكلمة الإخلاص وقد تطلق على ما ذكره المصنف على القصيدة كما يقال هذه كلمة الحويدة ، واصطلاحا تطلق على ما ذكره المصنف.

فإن قيل : فحينها حقه أن يقال : هذه صطلاحا ؛ لأنها قد يكون لغة الكلم والجمل ، قلت : نعم إلا أنه تركه ذلك لاعتماده على كلامه في العلم الاصطلاحي ، وأنت تعلم أن كان للفظ معنى بحسب الاصطلاح ، وله معنى آخر بحسب اللغة ، وأرد أهل الاصطلاح أن يفسروا هذا بحسب الاصطلاح فيكون التعرض له من غير تقيد بالاصطلاح.


والكلم ـ بكسر اللام ـ : جنس (١) لا جمع (٢) ك : (تمر وتمرة) (٣) بدليل قوله تعالى : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ) [فاطر : ١٠].

وقيل : جمع ، حيث لا يقع إلا على الثلاث فصاعدا.

والكلم الطيب يؤول ببعض الكلم (٤) ، واللام (٥) فيها للجنس والتاء للوحدة ، ولا منافاة بينهما ، لجواز اتضاف الجنس بالوحدة (٦) والواحد بالجنسية ، يقال : (هذا الجنس واحد) و (ذلك الواحد جنس). ويمكن حملها على العهد الخارجي (٧) بإرادة الكلمة المذكورة على السنة النحاة.

__________________

(١) لو كان جمعا لوجب رده في التصغير إلى الواحد فيقال : كلمة ، لأنه جمع كثرة ، وجمع الكثر عند المصنف رد الواحد ، بخلاف جمع القلة. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (لا جمع) يدل عليه تصغيره على كليمة ؛ لأن المفرد يصغر لا الجمع ، وقولهم : أحد عشر كلما ؛ لأنه تمييز أحد عشر مفرد لا جمع.

(٣) والفرق بين الكلم وبين التمر بأن الكلم لم يطلق إلا على الثلاث ، بخلاف التمر. (عصام).

(٤) قوله : (يؤول ببعض الكلم) مع أنه يمكن أن يقال : قد صرح علما التفسير والأصول.

والنحو بأن لام التعريف يبطل معنى الجمعية ، قلما بطل هنا معنى الجمعية لم يؤنث.

(٥) قوله : (واللام حرف التعريف) هو الإشارة إلى معين في ذهن الخاطب ، وهو أربعة أقسام : لام الجنس لام أشير بها إلى الحقيقة من حيث هو هو ، أي : مع تحققه في ضمن كل الأفراد كقوله تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) [العصر : ٢] الأية ، ولام عهد الخارجي لام أشير به إلى حصة معينة من ماهية مدخولها إما فردا وأفرادا كقوله تعالى : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزمل : ١٦] ، وعهد ذهني لام أشير به إلى خصة من حيث وجوده في ضمن ببعض الأفراد بلا تعين مثل قول المولى لعبده اشتر اللحم وادخل السوق.

(٦) قيل : حاصل الجواب أن الوحدة ثلاثة أنواع الوحدة الجنسية كالحيوان ، والوحدة النوعية كالإنسان ، والوحدة الفردية والشخصية كرجل وزيد ، والمراد بالوحدة هنا الوحدة الجنسية لا غيرها حتى تكون منافات بينهما. انتهى ، وفيه نظر ؛ لأن الوحدة المستفاد من التاء الوحدة الفردية ، وهذا مما لا يرتاب فيه أصلا ، والجواب الصواب قاله السيد الشريف الحسيني في شرح الرشاد المسمى بالإرشاد أن التاء ههنا من معنى الوحدة ، وفائدة دخولها للبيان والإشعار أن هذا الجنس من قبيل : ما يقبل الانقسام إلى أنواع لا من ما لا يقبل.

فمن جملة أفراد الكلام مثل قولنا زيد قائم ، ومن أفراد الكلمة مثلا زيد لو قائم فيكون أفرادها جزأ من أفراد الكلام ؛ لأن كل واحد من زيد وقائم جزأ من مجموع زيد قائم. (مصطفى جلبي).

(٧) وعلامة كون اللام للعهد الخارجي يوجب جهالة المحدود مقام التعريف مع أن الذهني ؛ وكلا منهما لا يناسب وكم يتعرض الاستغراق العهد.


(لفظ) اللفظ (١) في اللغة : الرمي (٢) يقال : (أكلت التمرة ولفظت النواة) أي : رميتها (٣) ، ثم نقل في عرف النحاة ابتداء أو بعد جعله بمعنى الملفوظ ، ك : (الخلق) بمعنى المخلوق إلى ما يتلفظ به الإنسان

حقيقة كان أو حكما مهملا كان أو موضوعا ، مفردا كان أو مركبا. واللفظ الحقيقي(٤) ك : (زيد) و (ضرب) والحكمي : كالمنوي في (زيد ضرب) و (أضرب) إذ ليس (٥) من مقولة الحرف (٦) والصوت أصلا (٧) ، ولم يوضع له لفظ (٨) ، وإنما عبروا عنه باستعارة (٩) لفظ المنفصل له من نحو : (هو) و (أنت) وأجروا عليه أحكام اللفظ (١٠) ،

__________________

(١) اللفظ أعم من الكلمة ؛ لأن كل كلمة صحة وضع الضمير موضعه.

(٢) بمعنى الرمي مطلق فلا يصير شاهدا على أن اللفظ ؛ لأن يتوهم أن اللغة رميها من الفم.

ـ المتعلق بالكسر وليس فيه مؤنثة تعدد النقاء (عبد الغفور) إنما صرح بقوله أي : رميتها دفعا مدور وكل مدور ليس يجوز لفظ دون العكس كما أن كل جوز.

(٣) فيكون من قبيل تسمية للمسبب باسم السبب ، أو من قبيل تسمية المتعلق بفتح اللام باسم التعليق.

(٤) قوله : (واللفظ الحقيقي والمراد بالحقيقي) ما يقابل الحكمي لا المجازي ؛ لأنه لو كان المراد ما يقابل المجازي يرد أن المنوي لفظ حقيقي بهذا ، إذ اللفظ موضوع عرفا ما يتلفظ به الإنسان حقيقة أو حكما.

(٥) قوله : (إذ ليس من مقولة الحرف ... إلخ) اعلم أن قول الشارح : والحكمي كالمنوي هذا يتضمن أمرين : أحدهما أنه ليس بمتلفظ به حقيقة ودليله إن ليس مقولة الحرف والصوت ، وثانيهما أنه متلفظ به حكما ودليله أنهم أجروا عليه أحكام اللفظ من كونه مسندا إليه وبه مؤكدا أو معطوفا عليه وغير ذلك.

(٦) يعني أن المنوي في زيد ضرب واضرب ليس من جزئيات الحرف والصوت ، ولا يصدقان عليه أصلا إذ لم يوضع له لفظ حتى يكون لفظ حقيقة ، اعلم أن مادة الكلام ومادة الكلمة الحروف ، ومادة الحروف الصوت ، ومادة الصوت الهواء (وجيه الدين).

(٧) قوله : (أصلا) أي : لا في بعض الأحيان ولا في كلها ، بخلاف اللفظ الحقيقي الغير المحذوف فإنه من مقولة الحرف والصوت في كل أحيان ، وبخلاف المحذوف فإنه من مقولته في بعض الأحيان. (داود الإسكندري).

(٨) قوله : (ولم يوضع له لفظ) خاص به حكما لا يكون مذكورا عبارة خاصة دالة عليه لكن جعلوا مثل هو وأنت كناية عنه فهو عارية (غفور).

(٩) بأنه قيل : أنتم قلتم إن ليس بمعنى ؛ لأنه لم يوضع له لفظ ، فما التعبير عنه بالمنفصلة من نحو هو وأنت ، فأجاب بقوله : (باستعارة) وهذه الاستعارة من قبيل عمل ليس لما ولا.

(١٠) بعد الاستعارة ، والمراد بأحكام الإسناد والعطف عليه وتأكيده وكونه ذا حال وغير ذلك.


فكان لفظا حكما (١) لا حقيقة والمحذوف لفظ حقيقة ؛ لأنه قد يتلفظ به الإنسان في بعض الأحيان وكلمات (٢) الله تعالى داخله فيه ؛ إذ هي مما يتلفظ به الإنسان ، وعلى هذا القياس كلمات الملائكة والجن (٣).

والدوال الأربع (٤) : وهي الخطوط والعقود والإشارات والنصب غير داخلة (٥) في اللفظ فلا حاجة إلى قيد زائد يخرجها. وإنما قال (لفظ) (٦) ولم يقل

__________________

(١) يعني : أنهم حكموا أنه لإجراء أحكام لألفاظ عليه مثل الإسناد إليه والإبدال منه وتأكيدا فالمنوي في حد ذاته أمرا اعتبروه وهو الذي عبروا عنه بهو وأنت ، وليس بلفظ بل كيفية للفظ الذي نوى فيه فيكون من مقولة الكيف فلا يصح ما قيل : لا أدري من أي مقولة هو ، وقال : إن المنوي قد يكون من مقولة الواجب ، وقد يكون من مقولة الجسم ، وقد يكون من مقولة العرض ، فقد اشتبه الدال بالمدلول ، فإن مقولتهما إنما هو مرجعه لا نفسه الذي هو من الكيفيات. (وجيه الدين).

(٢) ولم يقل ألفاظ الله تعالى رعاية للأدب ؛ لأن اللفظ يطلق على المهمل والمستعمل ، بخلاف الكلمة فإنه لا يطلق على المهملات ، ولأن اللفظ خاص مما يخرج من الفم بخلاف القول ، يقال لفظ الله كما يقال : قول الله تعالى. (سيدي).

(٣) نقل من عجائب المخلوقات أن نوعا من الجن يقال له الهاتف صاح على حرب بن أمية فمات ، فقال له ذلك الجني : في قرشية وقبر ، حرب بمكان قفر ، وليس قرب قبر حرب قبر ، أي : حال عن الماء والكلاء. (ح ع ب).

(٤) قوله : (والدوال الأربع) وكذا أمثالها مثل ضرب النقارة ، الدال على ركوب السلطان النقار ، طبل الويل ضيق الوسط واسع الطرفين ، ومثل عض الشفتين الدال على إسكات الغير ، وكتحريف الأجفان الدال على تحريك العين. (مع عصام) لأن الدوال الأربع ليست مما يتلفظ به الإنسان أصلا وغيره ، وما لم يتلفظ حقيقة لا يكون داخلا في اللفظ.

(٥) قوله : (غير داخلة في اللفظ) الذي هو أو لأجزاء التعريف ، ولما لم يدخل فيه لم يحتج في تصحيح التعريف إلى اعتبار إخراجه بقيد حتى يلزم علينا ارتكاب تعسف كما تعسفوا ، حيث قالوا : إن الجنس والفصل إذا كان بينهما عموم من وجه جاز الاحتراز بالجنس ؛ لجواز أن يعتبر الفصل جنسا والجنس فصلا.

بخلاف المهملات وغيرها فإنها داخلة في اللفظ فيتحاج إلى قيد يخرجها ولذا قال وضع لمعنى. ـ قوله : (فلا حاجة إلى قيد يخرجها) كأنّ هذا اعتراض لمن جعله اللفظ جنسا من وجه ، وفصلا من وجه ، حتى يدخل الدوال الأربع ثم يخرجه.

في اللغة جعل الشيء في خبر فكان الواضع بتعينه يجعل المعنى خبر اللفظ.

(٦) قوله : (وإنما قال لفظ ولم يقل لفظة) ، يعني : عدل عن قول صاحب المفصل : لفظه ، مع أنه أخص منه ؛ لأنه لم يقصد الوحدة ؛ لأنه وقع حيث يشمل المطابقة بين المبتدأ والخبر ـ


(لفظة) لأنه لم يقصد الوحدة (١).

والمطابقة غير لازمة (٢) لعدم الاشتقاق مع كون اللفظ أخصر.

(وضع) (٣) الوضع (٤) : تخصيص شيء بشيء ، بحيث (٥) متى أطلق (٦) وأحسّ الشيء الأول فهم منه الشيء الثاني.

__________________

ـ واجب ، فلا وجه للعدول عنه. قلت : المطابقة غير لازمة ؛ لأن المطابقة إنما تشترط فيما إذا كان الخبر مشتقا مع أن اللفظ أخص من اللفظة فرجح على اختيار اللفظة ، ولم يخبر اختيار أيها شاء على السوية. (وجيه الدين).

(١) لأن قصد الوحدة غير صحيح وإلا لم يصح قصدها في الكلمة ؛ بل لأنه لا يحتاج إلى قصدها فيها لصدقها بدون التاء على الكلمة الواحدة ، بخلاف الكلم لكن الكلمة الواحدة واللفظة الواحدة عند المصنف ما وضع لمعنى مفرد ، فمناط الوحدة عنده الإفراد بخلاف صاحب المفصل فإنه جعل مناط الوحدة أن لا يصح التلفظ بها مرتين حينا من الأحيان ، فعبد الله عند المصنف ليس بكلمة لإمكان التلفظ به مرتين باعتبار المعنى الإضافي (وجيه الدين).

(٢) بين المبتدأ والخبر غير لازمة ؛ لأن وجوب مطابقة الخبر مشروطة بثلاثة أشياء : الأول الاشتقاق أو ما في حكمه كاسم المنسوب ، والثاني الإسناد إلى الضمير الراجع إلى المبتدأ بشرط كونه تحته ، والثالث عدم التساوي بين المذكر والمؤنث كجريح وصبور ، وقد انتفت الشروط الثلاثة جمعيا كما لا يخفى على أولي النهى. (زيني داود).

(٣) وإنما قال : (وضع) بالماضي المجهول لأن في واضع اللغة خلافا ، قال بعضهم هو الله تعالى ، وقال بعضهم غيره ، وتفصيله في علم الوضع خصوصا في رسالة أستاذنا (لمحرره رضا).

(٤) الوضع مشترك بين معنيين أحدهما تعيين اللفظ بإزاء المعنى ، وعلى هذا ففي المجاز وضع ، وثانيها تعيين اللفظ بنفسه لمعنى ، وعلى هذا لا وضع في المجاز لا شخصيا ولا نوعيا إذا لا بد فيه من اعتبار القرنية الشخصية والنوعية ، والمعتبر عند الجمهور هو الثاني حسبة ، اعلم أن الوضع اللفظي ثلاثة أنواع : وضع جنس كالحيوان فإنه وضع لجسم تام خاص متحرك بالإرادة ، ووضع شخصي كزيد فإنه وضع للحيوان الناطق الشخص أو شخص معين (شرح مطالع).

الذي وضعوا بالبلاغة وهم أهل الحل والعقد (محرم).

(٥) قوله : (بحيث) أي : حال كون ذلك الشيء المخصص ملابسا لذلك الحيثية التي هي مضمون الشرطية ، وبه يخرج تخصيص حروف الهجاء لغرض التركيب. (لارى).

(٦) والإطلاق إجراء اللفظ على اللسان كإجراء لفظ زيد مثلا ، فإنه إذا أجري على اللسان يفهم منه الذات الشخصية ، وأما الحس فكما إذا أحس العقد فهم العقود ، وكما إذا أحس الحظ فهم معناه ، هذا إذا كان به عالما بالوضع ، فإن لم يكن عالما لا يمكن بالإطلاق أو الإحساس فهم الشيء الثاني.


قيل : يخرج عنه وضع الحرف (١) ، حيث لا يفهم معناه متى أطلق ، بل إذا أطلق مع ضم ضميمة ، وأجيب عنه بأن المراد متى أطلق إطلاقا صحيحا (٢) وإطلاق الحرف بلا ضم ضميمة غير صحيح ، ولا يبعد أن يقال : أن المراد بإطلاق الألفاظ أن يستعملها أهل اللسان في محاوراتهم وبيان مقاصدهم ، فلا حاجة (٣) إلى اعتبار قيد زائد.

(لمعنى) المعنى (٤) : ما يقصد بشيء ، فهو إما (مفعل) اسم مكان بمعنى المقصد أو مصدر ميمي بمعنى (المفعول) أو مخفف (معنى) (٥) اسم المفعول ، ك : (مرمي). ولما كان المعنى (٦) ...

__________________

(١) وكذا وضع الفعل ؛ لأنه باعتبار دلالته على النسبة كالحرف ، وكذا وضع الأسماء المتضمنة لمعنى الحرف كمتى وما كان وضعه عاما ، وما وضع له خاصا والجواب عنها كالجواب عن الحرف (لارى).

(٢) والإطلاق الصحيح لا يكون إلا ضم ضميمة.

(٣) قوله : (فلا حاجة إلى اعتبار قيد زائد) قيل : يمكن أن يجاب عنه بإبهام يعتبر المجيب الأول أيضا قيد زائدا بل مراده أن قوله : (متى أطلق) ينصرف إلى الكامل وهو الإطلاق الصحيح ، لكن الشارح الفاضل أوضح وبيّن مقتضى الحال وإلا فالمآل واحد. (مصطفى حلبي).

(٤) قوله : (المعنى) ما يقصد بشيء ويراد به صريحا أو ضمنا أو تبعا سواء كان بحسب الوضع أو لا ، فدخل فيه المعنى المطابقي والتضمني والالتزامي وغيرها ، كما إذا استعملت وأردت به حضورك.

(٥) أصله معنوي اجتمعت الواو والياء فسبقت أحديهما على الأخرى بالسكون ... إلخ ، فصار معنين فأدغمت الياء ... إلخ فصار معنى ، ثم نقل ضم النون إلى الكسرة فصار معنى ، ثم حذف إحدى اليائيين فصار معنى ، ففتح حركة النون لقلب الياء الفاء فقلبت ألفا.

عطف العام على الخاص ؛ لأن الحرف لا يكون إلا بالصوت نحو ضرب ولصوت يكون بغير حرف الصوت النهى.

قوله : (المعنى) ... إلخ أي اصطلاحا ، وقد تكتفي فيه بصحة القصد فحينها يكون المعنى أعم من أن يكون مقصودا بالفعل أو بالقوة.

(٦) جواب دخل مقدر تقديره أن ذكر المعنى ههنا زائدة بلا فائدة ؛ لأن الوضع يستلزم المعنى ؛ لأن الوضع تخصيص شيء بشيء ، فالشيء الأول هو الدال ، والثاني المعنى المدلول ، فكان المعنى داخلا في الوضع ، فذكر المعنى بعد الوضع يكون مستدركا فكان المصنف أن يقول : لفظ وضع لمفرد مكان لمعنى ، فأجاب عنه بالواو والاستئناف. (توقادي).


مأخوذا في الوضع ، فذكر المعنى بعده مبنيّ على تجريده (١) عنه (٢) ، فخرج به المهملات والألفاظ الدالة بالطب ع ؛ إذ لم يتعلق بهما وضع وتخصيص أصلا ، وبقيت حروف الهجاء(٣) الموضوعة لغرض (٤) التركيب لا بإزاء المعنى ، وخرجت بقوله : (لمعنى) (٥) ؛ إذ وضعها لغرض التركيب لا بإزاء المعنى فإن قلت (٦) : قد وضع بعض الألفاظ بإزاء (٧) بعض آخر فكيف يصدق عليه أنه وضع (٨) لمعنى؟ قلنا : المعنى ما يتعلق به القصد ، وهو

__________________

(١) فهو ، أي : التجريد مجاز من باب ذكر الكل ، أي : الوضع مع تعريفه ، وإرادة الجزء أي : الوضع بلا تعريفه. (لمحرره رضا).

المراد بالتجريد ههنا التجريد المتعارف عند النحويين ، وهو أن يكون للفظ معنيين فينسلخ أحدهما فيذكر بعد هذا اللفظ لفظ آخر يدل على ذلك المعنى المنسلخ بعينه ، وفائدة التجريد المبالغة مع ما يقتضي المقام كما في قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) [الإسراء : ١] وحمل بعض المحشين على تجريد البديعي. (جلبي).

(٢) وهو الشيء الثاني في قوله : (تخصيص شيء بشيء) فكأنه قصد بالوضع تخصيصه شيء واحد من غير ذكر الثاني له لا يلزم الاستدراك ؛ لأنه عبارة عن المعنى.

(٣) أي : حروف تعددها منها كألف وباء وتاء وهي حروف المباني المقابلة لحروف المعاني. (غفور).

(٤) اللام في لغرض لام أصلية لا لام صلة ، على خلاف ما ذكر في لمعنى ، فلا يلزم أن يكون غرض التركيب معناه حتى يلزم التباين والمخالفة بين قوله : (لغرض التركيب) وبين قوله : (لا بإزاء المعنى الهجاء) بكسر الباء وبالألف الممدودة ، قال في القاموس : والهجاء ككساء تقطيع اللفظ بحروفها ، وهجيت الحروف تهجيه وهذا على هجاء هذا على شكله ، الموضوعة لغرض التركيب أي : لأجل أن يتركب منها اثنان كمن ، وثلاثة كإلى ، أو زيد ، وأربعة كجعفر ، أو خمسة مثل جحمرش. (فاضل أفندي).

(٥) قوله : (خرجت) بقوله : لمعنى ... إلخ فيه نظر ؛ لأن كثيرا من حروف الهجاء وضع لمعنى كهمزة ولام الجر في جواب القسم ، والعاطفة من حروف الهجاء إلى غير ذلك ، ولا يخرج بقوله : (لمعنى) فلا يصح الحكم بخروج جميع حروف الهجاء بهذا القيد ، أي : معنى إلا أن يقال : قوله : (الموضوعة لغرض التركيب لا بإزاء المعنى) لتقييد حروف الهجاء ، وليست صفة مساوية لحروف الهجاء فلم يحكم إلا بإخراج قوله : (لمعنى بعض حروف الهجاء).

(٦) كلفظ الاسم فإنه لفظ وضع بإزاء لفظ زيد مثلا وهو لفظ آخر لفظ الفعل فإنه لفظ وضع بإزاء لفظ اضرب مثلا وهو لفظ آخر ، والحرف فإنه لفظ وضع بإزاء لفظة من مثلا وهو لفظ آخر. (محرم).

(٧) فإن قلت : موضع هذا السؤال إنما هد بعد قوله : (مفرد). فلم أورد هنا؟ قلت : نعم إلا أنه أورد عقيب هذا السؤال ؛ لاشتركهما في الجواب الأخير. (تأمل).

(٨) قوله : (فكيف يصدق عليه أنه وضع) اعلم أنه لو قال المصنف : وضع المفرد ، لكان التعريف ـ


أعم من أن يكون لفظا (١) أو غيره.

فإن قلت : قد وضع بعض الكلمات المفردة بإزاء الألفاظ المركبة ، كلفظ (الجملة) و (الخبر) (٢) ، فكيف يكون موضوعا لمفرد؟ قلنا : هذه الألفاظ (٣) وإن كانت بالقياس إلى معانيها مركبة ، لكنها بالقياس إلى ألفاظها الموضوعة بإزائها مفردة. وقد أجيب عن الإشكالين (٤) : بأنه ليس هاهنا (٥) لفظ وضع بإزاء لفظ آخر مفردا كان أو مركبا بل بإزاء مفهوم (٦) كلي أفراده ألفاظ كلفظة الاسم (٧) ...

__________________

ـ أخصر وأسلم ، إلا أنه أدرج المعنى لفائدة ستعرفها ، فإن قلت : بعد التعريف المعنى بما يقصد بشيء كيف يصح هذا السؤال؟ قلت : لما تقرر عند السائل مقدمة وهمية هي : أن المعنى لا يكون لفظا ؛ لكثرة استعمال اللفظ في مقابلة المعنى ، خصّ كلمة ما في تعريف المعنى بما سوى اللفظ ، وتخصيص كلمة ما في التعريفات سنة مؤكدة. (فاضل عصام).

(١) كالأمثلة السابقة ؛ لأن المتكلم مراده من لفظ الاسم يكون زيدا مثلا ، ومن لفظ الفعل يكون ضرب مثلا ، ومن الحرف لفظ من مثلا ، فيكون زيد وضرب ومن معنى لفظ الاسم والحرف والفعل. (توقادي).

(٢) فإن لفظ الجملة والخبر موضوعي لمثل قولنا : زيد قائم ، وذهب عمر ، فزيد قائم مركب من جهة المعنى ومفرد من جهة اللفظ الموضوع ، وهو الخبر ويظهر منه أنه يجوز أن يكون الشيء الواحد مفردا ومركبا باعتبارين ، والحاصل أن مثل زيد قائم لفظ مركب بالقياس إلى معناه ، أعني نسبة القيام إلى زيد ، ومعنى مفرد بالقياس إلى لفظ الخبر فلا استحالة.

(٣) قوله : (هذه الألفاظ) مبتدأ خبره محذوف ، وقوله : (لكنها) استدراك بمقدمة مطوية ، تقدير الكلام هذه الألفاظ وإن كانت بالقياس إلى معانيها مركبة ، لا يخرج عن التعريف بقيد الإفراد ؛ لأنها إنما تخرج عنه لو لم يكن مفردة بالنسبة إلى ألفاظها لكنها ... إلخ صرح بمثله بعض الفضلاء في حواشي المطول. (قدمي).

(٤) أحدهما وضع بعض الألفاظ بإزاء بعض آخر ، وثانيهما وضع الكلمات المفردة بإزاء الألفاظ المركبة. (لمحرره دوه لوناده).

(٥) أي : فيما بين الألفاظ المستعملة في مقام الحكم على اللفظ ، وقيل في مقام نقص تعريف الكلمة بالألفاظ والكلمات المفردة. (عصام).

(٦) وهذا المفهوم ليس بمركب لفظي ؛ لأن المفهوم ليس لفظ بل هو المعنى المقصود في الذهن لا في اللفظ. (رضي).

والمراد بالخبر الذي يؤيده أهل المعاني والبيان لا الخبر النحوي.

(٧) فإن لفظ الاسم موضوع لمفهوم كلي وهو ما دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد ـ


والفعل والحرف والجملة والخبر (١) وغيرها ، ولا يخفى عليك أن هذا الحكم (٢) منقوض بأمثال الضمائر الراجعة إلى ألفاظ مخصوصة (٣) مفردة أو مركبة. ، فإن الوضع فيها وإن كان عاما (٤) لكن الموضوع (٥) له خاص فليس هناك (٦) مفهوم كلي هو الموضوع له في الحقيقة (٧).

__________________

ـ الأزمنة الثلاثة مشتقا أو غير مشتق ، وأفراد هذا المفهوم ألفاظ مثل زيد وعمرو ، كذا في الفعل ضرب ويضرب واضرب ، وهكذا في الحرف أفراد هذا المفهوم ألفاظ مثل من وعن وعلى وأن غير ذلك ، عاملا كان أو غيره. (لمحرره رضا).

(١) فإن لفظه موضوع لمفهوم كلي وهو ما يتضمن كلمتين الإسناد وأفراد هذا المفهوم ألفاظ. (محرم).

(٢) أي : الجواب بأن ههنا لفظا موضوعا بإزاء مفهوم كلي إفراد ألفاظ منقوض بالضمائر وأسماء الإشارة والموصولات والحروف فإنهم راجعون إلى ألفاظ مخصوصة فليس هناك مفهوم كلي. (داود لوذاده).

(٣) قوله : (إلى ألفاظ مخصوصة) أي : مشخصة من حيث أنها مشخصة ، سواء كانت في نفسها مفردة أو مركبة ، وذلك ؛ لأن النقض الأول إنما يتجه على تلك الحيثية ولا مدخل للإفراد والتركيب فيه ، ولذا لم يقل : إلى ألفاظ مفردة ، بخلاف النقض الثاني فإنه إنما يتجه على تركيبها ، ولذا قال : أو مركب. (لاري).

(٤) فإن وضع هو لكل فرد من المذكر قبل الاستعمال لكن حين الاستعمال لواحد وكذا غيره من الضمائر.

(٥) قيل : هذا على مذهب المتأخرين من المحققين ، وأما على مذهب المتقدمين فالوضع والموضوع له كلاهما عام فعلى هذا لا يلزم النقض لا يكون الموضوع له فيه مفهوما كليا ؛ لأنه إنما يكون مفهوما كليا لو لم يكن الموضوع له خاصا ؛ لكن الموضوع له ... إلخ.

(٦) قوله : (فليس هناك مفهوم كلي وهو الموضوع له في الحقيقة) ، فإن الموضوع له الضمير هناك هو خصوصة اللفظ ، ومعنى كون الوضع عاما والموضوع له خاصا بأن يلاحظه الواضع مفهوما كليا ، وبتلك الملاحظة يضع اللفظ بإزاء كل واحد من الأفراد بخصوصيتها كيلا يلاحظه مفهوم المتكلم الواحد ، وبتلك الملاحظة يضع لفظ أنا مثلا لكل واحد من أفراد المتكلم بخصوصياتها. (وجيه الدين).

(٧) قيد الموضوع له بقوله : (في الحقيقة) ؛ لأن هناك مفهوم كلي يجعلون الموضوع له مجازا ، فيقولون : ضمير الغائب موضوع لما تقدم ذكره ، فيجعلون مفهوم ما تقدم ذكره موضوعا له مجازا ، فالمراد أنه موضوع بجزئيات هذا المفهوم. (دوه لوذاده).


(مفرد) (١) وهو إمّا مجرور على أنه صفة لمعنى ، ومعناه حينئذ ما لا يدل جزء لفظه على جزئه (٢) ، وفيه أنه يوهم (٣) أن اللفظ موضوع للمعنى المتصف بالأفراد والتركيب قبل الوضع ، وليس الأمر كذلك ، فإن اتصاف المعنى بالأفراد والتركيب إنما هو بعد الوضع (٤) ، فينبغي أن يرتكب فيه تجوز كما يرتكب في مثل : (من قتل قتيلا) (٥) أو مرفوع على أنه صفة اللفظ ومعناه حينئذ (٦) ما لا يدل جزؤه على جزء معناه ، ولا بد

__________________

(١) اعلم أن المفرد في هذا الكتاب مستعمل على خمسة معان الأول في مقابلة المركب الإسنادي والإضافي والتقييدي والمزجي والتضمني والثاني في مقابلة المثنى والمجموع نحو قوله : (فالمفرد المنصرف) ، والثالث في مقابلة نحو خبر المبتدأ فإنه قد يكون مفردا وقد يكون جملة ، والرابع في مقابلة المضاف وشبهه نحو قوله : (في المنادى) ويبنى على ما يرفع به إن كان مفردا ، الخامس في مقابلة النسبة نحو قوله : (في التميز) فالأول مفرد مقدر ، وهنا في مقابلة المركب الإسنادي. (كامله رحمه‌الله).

(٢) قوله : (ما لا يدل جزء لفظه ... إلخ) من حيث أنه جزء لفظه ، فمعنى حيوان ناطق حال كونه على الشخص إنساني مفرد ؛ لأنه ليس اسما لذلك المعنى إلّا باعتبار وضعه العلمي ، وجزئه بهذا الاعتبار لا يدل على جزء ذلك المعنى. (لارى).

(٣) قوله : (وفيه يوهم) أي : وفيه نظر ؛ لأنه يوهم ، ويمكن كون ، وفيه خبرا مقدما وما بعده مبتدأه ، وهذا الإيهام ناشئ عن القاعدة المشهورة بين الطلبة ، وهي أن الحال قيد لعامله والصفة لموصوفه فإذا قلت : جاءني زيد راكبا ، يكون الركوب مقيدا بالمجيء ، وإذا قلت : جاءني زيد العالم يكون زيد متصفا بالعلم قبل المجيء. (مصطفى جلبي).

(٤) وههنا بحث ، فإن وضع اللفظ موقوف على وجود المعنى ؛ لأنه إذا لم يوجد وضع اللفظ ، وأيضا إذا لم يوجد المعنى فالدور لازم وهو باطل وكذا الملزوم ، وأجيب بأن المعنى الجملة مقدمة على وضع اللفظ والمعنى التفصيلي وضع اللفظ والدور مدفوع. (فاضل هندي).

لأن المفرد ما لا يدل جزء لفظه على جزء معناه بالوضع فيكون مجازا باعتبار ما يؤول إليه نحو إني أراني أعصر خمرا (وجيه الدين).

أي : في اتصاف المعنى بالإفراد والتركيب قبل وضع اللفظ. (داود زادة).

(٥) أي : قوله عليه‌السلام يوم بدر وقت القتال تحريضا للمؤمنين عليه وللعمل بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ) [الأنفال : ٦٥] قال : «من قتل قتيلا فله سلبه» أخرجه البخاري (٣١٤٢) ، ومسلم (١٧٥١) في قول : قتيلا سمي به مجازا لقربه بالقتل باعتبار ما يؤول إليه ، ويسمى هذا مجازا أوليا ومجازا مرسلا ، فقس على هذا اتصاف المعنى بالإفراد والتركيب ، فإنه باعتبار ما يؤول إليه. (محرم مع هندي).

(٦) قوله : (ومعناه حينئذ ... إلخ) من حيث جزؤه لا يدل على جزء معناه المفهوم من كلام ـ


حينئذ من بيان نكتة في إيراد أحد الوصفين جملة فعلية ، والآخر مفردا ، وكأنّ النكتة (١) فيه التنبيه على تقدم (٢) الوضع على الأفراد ، حيث أتى به بصيغة المضي بخلاف الأفراد ، وأما نصبه ـ وإن لم يساعده رسم الخط ـ فعلى أنه حال من الضمير المستكن (٣) في (وضع) أو من المعنى ، فإنه مفعول به بواسطة اللام (٤) ووجه صحته (٥) ، أن الوضع وإن كان متقدما (٦) على الأفراد بحسب الذات لكنه مقارن له بحسب الزمان

__________________

ـ الشيخ الرضي أن الإفراد صفة اللفظ عند المنطقيين ، وصفة للمعنى عند النحاة ، صفة للفظ بالذات وبالعرض للمعنى. (عبد الغفور).

على خلاف مقتضي الظاهر ؛ لأن الظاهر أن لا يقع بين الصفة والموصوف فعل. (محرم).

(١) النكتة هي مسألة لطيفة أخرجت بدقة نظر وإمعان فكر من نكت رمحه بأرض إذا أثر فيها ، وسميت المسألة الدقيقة نكتة لتأثير الحول طرف استنباطها. (سيد الشريف).

(٢) وكأن النكتة أيضا في تقديم الوضع على الإفراد في الذكر مع كون الأصل في الصفة الإفراد يقتضي تقديم مفرد وكأنه لا حن لاعتبار الإعراب إلا بعد اعتبار الدلالة وما يستلزمها وهو الوضع.

فاستعير صفة السبق الزماني الرتبي. (غفور).

كأنه قيل : أنتم قلتم الحال يبين هيئة الفاعل والمفعول به وههنا ليس كذلك ؛ لأن المعنى ليس مفعولا به ، فأجاب بما ترى بأن المعنى إن لم يكن مفعولا به صريحا فهو مفعول به حكما ؛ لأن المجرور بحرف الجر مفعول به بواسطة الجر. (داود زادة).

(٣) إن قلت : لو كان حالا منه لكان بجنبه كما في ضربت زيد قائما قلنا : لا نسلم لزوم ذلك عند الكل ، فإن بعضهم يراعون رتبة الحال وهي التأخير عن الفاعل والمفعول به ، ولئن سلم فذلك إذ لم يكن قرينة دالة على تعيين ذي الحال ، وقد تحققت هنا ؛ لأن الإفراد صفة للفظ بالذات وإذا تغير المعنى على تقدير جعله حالا عما يليه ولا خفاء في أن إفراد المعنى يؤل إلى إفراد اللفظ. (عبد الغفور).

(٤) واللام واسطة في كونه مفعولا ومعمولا له فاتحد عامل الحال وصاحبها. (لاري).

(٥) قوله : (وجه صحة ... إلخ) جواب سؤال مقدر تقديره أن العامل واجب أن يكون في الحال مقارنا لذي الحال كما في جاءني زيد راكبا ، وهنا ليس كذلك ؛ لأن الوضع مقدم على الإفراد كما عرفت ، فأجاب بما ترى أن زمان الوضع بإزاء المعنى مقارن لزمان الإفراد ، يعني أن زمانهما متحدان بحيث لا تفاوت بين الزمانين. (داودزاده رضا).

(٦) المتقدم بالذات هو الذي لا يكون وجوده من غيره (فأضمر).

فصل في المتقدم والمتأخر المتقدم ، التقدم على خمسة أضرب تقدم زمان كتقدم الأمس على اليوم ، وتقدم مكاني يقال : تقدم بالرتبة كتقدم إمام على المأموم ، وتقدم عقلي كتقدم الأب ـ


وهذا القدر كاف لصحة الحالية (١) ، وقيد الإفراد ، لإخراج المركبات مطلقا سواء كانت كلامية أو غير كلامية (٢) ، فيخرج به عن حد الكلمة (٣) ، مثل : (الرجل) (٤) و (قائمة)(٥) و (بصري) وأمثالها (٦) مما يدل جزء اللفظ منه على جزء المعنى ، لكنه (٧) يعدّ لشدة الامتزاج لفظة واحدة ، وأعرب (٨) ...

__________________

ـ على الابن ، وتقدم طبيعي كتقدم الواحد على الاثنين وتقدم شرف كتقدم أبو بكر على عمر رضي‌الله‌عنهما ، وكذا تقدم العالم على الجاهل ، وأما المتأخر فيقال على ما يقابل المتقدم. (سيدي).

ـ ولم يتقدم الحال على ذي الحال مع أنه نكرة ؛ لأنه لا يتقدم الحال على ذي الحال المجرور. (عصام).

(١) إذ لا يدخل للمعية الذاتية ولا يتفاوت بها الحال ، وحاصل الجواب أن تقدم الوضع على الإفراد بالذات لا بالزمان وهو ينافي المقارنة بالزمان فيصح أن يكون حالا فحينها يوافق كونه حالا من المعنى ؛ لأن يكون صفة لما سبق أن الحال في حكم الصفة. (محرم).

(٢) وأقسام غير الكلامية خمسة : مركب إضافي كغلام زيد ، ومركب توضيحي نحو زيد العالم ، ومركب تعدادي نحو خمسة عشر ، ومركب مزجي كبعلبك ، ومركب صوتي كسيبويه. (تعريفات).

(٣) قوله : (فيخرج به عن حد الكلمة ... إلخ) قيل : يخرج الاسم المنون أيضا مثل رجل وأجيب بالمنع ؛ لأن التنوين نون الساكنة تتبع حركة آخر الكلمة ، فعلى هذا لا يوجد الاتصال ؛ لأن حركة فاصلة بينهما أي : بين الآخر والتنوين. (مصطفى جلبي).

قوله : (فيخرج به ... إلخ) ومثل رجل أيضا فإن لام التعريف والتنوين من حروف المعاني اتفاقا ، وأما تاء التأنيث المتحركة والفاء وياء النسبة وعلامة التثنية والجمع كمسلمان ومسلمون فذهب الشيخ الرضي وجماعة إلى أنها أيضا من حروف المعاني ، وذهب جماعة إلى أنها من حروف المباني ، وجعلوا مجموعة الصيغة دالا على المعنى المقصود ، إلا أن تلك الدلالة لما كانت بزيادة تلك الحروف نسبت الدلالة إليها كما نسب الطلب إلى سين استفعل والمطاوعة إلى نون انفعل. (لارى).

(٤) لأن الألف واللام يدل على التعريف ، والرجل يدل على الرجولة. (محمودي).

(٥) فإن القائم يدل على القيام ، والتاء على التأنيث ، وكذلك البصري. (داودزاده).

(٦) من مسلمون ومسلمات ، والتنوين وألف التأنيث. (رضا).

(٧) أي : لكن جعلت كل واحد من حرف التعريف والمنسوب وحرف المضارعة كحرف واحد من حروف المباني.

(٨) قوله : (وأعرب ... إلخ) كان المراد بالإعراب معنى يشمل الحركة الإعرابية والنائبة ، والحاصل أنه لم يعتبر لكل من الجزئين حاله اللائق ، فإن الحرف الآخر في قائمة لم يستحق الإعراب بل البناء ، والمستحق للإعراب هو قائم ، ثم جعل المجموع كلمة واحدة فأعرب بإعرابها ، ولا ـ


بإعراب واحد. ويبقى مثل : (عبد الله) (١) علما (٢) داخلا فيه مع أنه معرب بإعرابين ، ولا يخفى (٣) على الفطن العارف بالغرض من علم النحو (٤) أنه لو كان الأمر بالعكس لكان أنسب (٥). وما أورده صاحب المفصل (٦) في تعريف الكلمة حيث قال : (هي اللفظة (٧) الدالة على معنى مفرد بالوضع) فمثل : (عبد الله) علما خرج عنه ، فإنه لا يقال له لفظة واحدة وبقي مثل : (الرجل وقائمة وبصريّ) مما يعد لشدة الامتزاج لفظة واحدة داخلا

__________________

ـ يخفى أن هذا ظاهر في قائمة وبصرى وحبلى وحمراء ، دون الرجل ورجل والمثنى والمجموع بالواو والنون فإن المعرب في الأول ليس إلا جزء الثاني ، وفي الثاني الجزء الأول ، وكذا في الأخيرين فإن علامة التثنية والجمع فيها إعراب بالحقيقة ، وفيه تأمل وتفكر. (عبد الغفور).

(١) إن عبد الله باعتبار الوضع السابق على الوضع العلمي كلمتان مضاف ومضاف إليه ، فالمضاف إليه معرب بالإضافة المقتضية له والمضاف معرب على حسب ما يقتضيه العامل.

(٢) فإن قلت : عبد الله علما مفرد ولا يدل جزء لفظه على جزء معناه ، فلم أعراب بإعرابين لفظا والمفرد له يكون له إعرابان لفظا؟ قلت : عبد الله علما لفظ منقول عن مركب اللفظ من مضاف والمضاف إليه ، وعلم استقراء. إن كل لفظ منقول فإعرابه باعتبار المنقول عنه ، ومعناه باعتبار المنقول إليه.

(٣) وأجيب عنه بأن الإعرابين كانا في الأصل مضاف ومضاف إليه ، وفي حال العلمية صار كلمة واحدة ، ولذا لا يدل جزء لفظه على جزء معناه ، المعنيين تقديرا بمنزلة غلام. (لمحرره رضا).

(٤) اعلم أن الغرض من علم النحو معرفة أصول اللفظ وتصحيح إعرابه فإهمال جانب والميل إلى جانب المعنى لا يلائم ذلك الغرض ، ولا يخفى أن ذلك الإهمال لا يجري في كل ما يعد لشدة الامتزاج لفظة واحدة بل فيما أعرب بإعراب الكلمات الواحدة. (لارى).

(٥) إذ النحو باحث عن أحوال اللفظ دون المعنى ، فاللفظة الواحدة مفردة وإن كان معناه مركبا ، واللفظان المعربان بإعرابين مركب ، وإن كان مفردا معنى. (محمدي).

(٦) أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري ، تأليفات : فائق اللغة ، أساس البلاغة ، ربيع الأبرار ، متشابه أسامي الروات ، ونصائح الكبار ونصائح الصغار ، ضالة الناشد ، والرائض في علم الفرائض ، والمفصل في النحو ، وأنموذج في النحو ، والمفرد ، والمؤلف في النحو ، ورؤوس المسائل في الفقه وشرح أبيات سيبويه ، وتفسير الكشاف ، والمقتضى في الأمثال وغيرها. (ابن خلكان).

(٧) فبين التعريفين من النسب الأربع عموم وخصوص مطلقا ، فكلما صدق له تعريف المفصل يصدق له تعريفا لكافية لا العكس ، وتحقيقه أنه كلما زادت القيود في الحدود انتقصت الأفراد فيكون تعريف المفصل خاصا ، والكافية عاما ، والعام يوجد في ضمن الخاص ، وهذا معنى قولهم : (لا وجود للعام إلا في ضمن الخاص). (مصطفى حلبي).


فيه ، فأخرجه بقيد الأفراد ولو لم يخرجه بتركه لكان أنسب ، كما عرفت.

واعلم أن الوضع (١) يستلزم الدلالة ؛ لأن الدلالة (٢) كون الشيء بحيث يفهم منه شيء آخر. فمتى تحقق الوضع (٣) تحققت الدلالة. فبعد ذكر الوضع لا حاجة إلى ذكر الدلالة ، كما وقع في هذا الكتاب.

لكن الدلالة لا تستلزم الوضع لا مكان أن يكون بالعقل كدلالة لفظ (ديز) المسموع (٤) من وراء الجدار على وجود اللافظ وأن تكون بالطبع (٥) كدلالة لفظ (أح أح) (٦) على وجع الصدر. فبعد ذكر الدلالة لا بد من ذكر الوضع كما في (المفصل) (وهي) أي الكلمة (٧) : ...

__________________

(١) قوله : (واعلم أن الوضع) جواب عن السؤال مقدر وهو أن صاحب المفصل أخذ في تعريف الكلمة الدلالة وترك ابن حاجب ، مع أن الكافية مختصر من المفصل ، وهذا مخالفة في المذهب ، أم اختصار منه ، فأجاب الشارح بأن الوضع يستلزم الدلالة ، يعنى لما ذكر المصنف الوضع أولا استغنى عن ذكر الدلالة لاستلزام الوضع الدلالة حتى لو ذكرت لكان حشوا ، بخلاف تعريف المفصل ؛ لأنه لما ذكر فيه الدلالة أولا اختاج إلى ذكر الوضع ؛ لأن الدلالة لا يستلزم الوضع ؛ لأن الدلالة أعم ، والأعم لا يستلزم الأخص كالحيوان يوجد بدون الإنسان كالفرس وغيره. (مصطفى حلبي).

(٢) الدلالة على ثلاثة أقسام وصيغة إن كانت بسب جعل الجاعل ، وطبيعة إن كانت بسبب صدور الدال على الطبيعة عند عروض حالها ، وعقلية إن كانت بغير ذلك.

(٣) الألف واللام للعهد الخارجي ، أي : الوضع الذي هو تخصيص شيء بشيء ... إلخ والقيد الأخير وهو الدلالة. (داوه زادة).

(٤) إنما قيد المسموع ؛ إذ لو سمع ديز من زيد حال مشاهدته لم يظهره دلالته أو لم يدل كما قال السيد السند ، فإن وجود اللافظ يعلم حينها بالمشاهدة لا من اللفظ.

(٥) يعني يكون الدلالة على المقصود بطبع اللافظ ، قال بعض الفضلاء : الدلالة الطبيعة هي التي متى أطلعت وعرضت مدلولها في طبيعة اللافظ يكون مضطرا في تلفظه. (حلبي).

(٦) قوله : (أح) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة أو ضمها يدل على وجع الصدر ، وأما فتحها وسكون الخاء المعجمة يدل على مطلق الوجع في الصدر وغيرها ، وبضمها يدل على السرور. (مغني الطلاب).

(٧) يشير إلى رفع سؤال واقع بين المحصلين ، وهو أن هي إن كانت راجعة إلى الكلمة يلزم تقسيم الشيء إلى نفسه وإلى غيره ؛ لأن لفظة الكلمة اسم لدخول الألف اللام ، وإن كانت راجعة إلى مدلول الكلمة وهو ليس بمؤنث فلا يصح هي ، وجوابه أنه عائد إلى لفظة الكلمة والتقسيم ـ


(اسم وفعل وحرف) (١) ، أي : منقسمة (٢) إلى هذه الأقسام الثلاثة ومنحصرة فيها (لأنها) أي الكلمة : لما كانت موضوعة لمعنى والوضع يستلزم الدلالة فهي (إما) من صفتها (٣) (أن تدل على معنى ، كائن ، في نفسها) أي : في نفس (٤) الكلمة.

والمراد بكون المعنى (٥) ...

__________________

ـ إلى مدلولها أي : هذه اللفظة مفهومها منقسمة إلى اسم وفعل وحرف فلا يلزم السؤال ، وإليه أشار الشارح. (عوض مع السيد).

(١) فإن قلت : الواو العاطفة للفعل والحرف على الاسم مفيد إلى اسم للجمع ، فلزم أن يكون الكلمة مجموع هذه الثلاثة لا كل واحد منها ، قلت : إنما يلزم ذلك لو كان هذا التقسيم تقسيما للكل إلى أجزائه وأما ؛ إذا كان التقسيم تقسيما للكلي إلى جزئياته فلا يلزم هذا المحذور ، وأما معنى إفادة الواو الجمع فهو أن المعطوف والمعطوف عليه يجتمعان في كونهما محكوما عليهما أو بهما أو حصول مضمونهما قيل : إن الواو في هذين الموضعين خرج عن إفادة الجمع المطلق واستعمل بمعنى أو للتقسيم ، وإليه ذهب في القاموس والصواب أكون الواو على معناه الأصلي إذ الأنواع الثلاثة مجتمعة في الدخول تحت ، لو كانت أو أصلا في التقسيم لكان استعماله فيه أكثر من استعمال الواو وليس كذلك.

(٢) أشار بهذا إلى كونها من قبيل تقسيم الجزئيات لا إلى الأجزاء وتحقيقه يعتبر في القسم الأول الحمل أولا ثم العطف ، وفي الثاني يعتبر العطف أولا ثم الحمل ، والفرق الواضح أنه يجوز في الأول أن يجعل الكلي خبرا وكل واحد من الأقسام مبتدأ وبالعكس ثانيا إذا قلت : الاسم كلمة ، أو كلمة اسم يجوز في انقسام الكلي إلى الأجزاء ، ولا يجوز لهذا مثلا لا يجوز أن يقال : السكبجين ماء وخل وعسل باعتبار العطف أولا ثم الحمل. (مصطفى).

(٣) قوله : (إما من صفتها) إشارة إلى أن (أن) تدل في تأويل المصدر مبتدأ محذوف الخبر ، فهو من صفتها فلا يرد امتناع حمل الدلالة على الكلمة ، وفي الرضي اعلم أن اسم أن ضمير الكلمة والمضاف محذوف إما من الاسم أو من الخبر ، أي لأن حالها إما دلالة ، أو لأنها هناك دلالة ، ويجوز أن يكون أن تدل مبتدأ محذوف الخبر والشارح اختار هذا ؛ لأن عدم صحة الحمل بدون التقدير لا يتصور إلا بعد ذكر المبتدأ فالمناسب إيراد التأويل في مخره. (مصطفى حلبي).

(٤) فائدة هذا التقدير تصحيح الحمل على ضمير لأنها ؛ لأن الكلمة ليست الدلالة ، بل الدلالة صفة الكلمة ، وإنما احتيج إلى التقدير ؛ لأن المصدر الصريح والمؤول به لا يقع خبرا عن اسم عين ، وكذا وجب الكسر في مثل زيد إنه قائم. (داودزاده).

(٥) أي : في ذات الكلمة ، والمراد بنفسها المعنى المستعمل فيه لغة أو مجازا. (محرم).

قوله : (والمراد بكون المعنى ... إلخ) اعلم أنه كلما ذكر الإرادة وما اشتق منها في الشرح ـ


في نفسها أن تدلّ الكلمة عليه بنفسها من غير (١) حاجة إلى انضمام كلمة أخرى إليها لاستقلاله بالمفهومية (أو) من صفتها (٢) أن (لا تدل) على معنى في نفسها (٣) بل تدل على معنى تحتاج في الدلالة عليه إلى انضمام كلمة أخرى إليها لعدم استقلاله بالمفهومية ، وسيجيء تحقيق ذلك في بيان حد الاسم إن شاء الله تعالى.

القسم (الثاني) (٤) : وهو ما لا يدل على معنى في نفسها (الحرف) (٥) ك : (من) و (إلى) (٦) فإنهما يحتاجان في الدلالة على معنييهما ـ أعني : الابتداء والانتهاء ـ إلى كلمة

__________________

ـ فالمراد بها رفع سؤال مقدر ، وهو أن الكلمة لفظ واللفظ من قبيل الأعراض لا يصلح أن يكون ظرفا ، فأشار بهذا إلى أنه ظرف اعتباري لا ظرف حقيقي ، ومثله شائع في كلام البلغاء (حلبي).

(١) أي : معنى حاصل بنفسه ، أي : بالنظر إليه لا بالنظر إلى كون مدلول لفظة أخرى من اسم أو فعل بخلاف الحرف. (فاضل هندي).

(٢) قوله : (أو من صفتها أن لا تدل على معنى ... إلخ) أشار رحمه‌الله بهذا إلى أن النفي راجع إلى القيد وهو في نفسها وأصل الفعل وهو الدلالة على معنى باق على حاله فلا يلزم أن لا تدل على معنى بالكلية. (مصطفى).

(٣) لأن العطف ببل إن كان المعطوف عليه منفيا يكون المعطوف مثبتا ؛ لأن الإضراب للنفي يكون ثباتا ، واعلم أن كلمة بل إما أن يكون ما قبلها مثبتا أو منفيا ، وإن كان مثبتا فيفيد ثبوت الحكم للتابع مع السكوت عن ثبوت الحكم للمتبوع ونفيه ، وهو معنى الإضراب عند الجمهور ، وعند ابن حاجب ثبوت الحكم للتابع مع نفي الحكم عن المتبوع وهو معنى الإضراب ، وقال رمضان أفندي في شرح العقائد : اعلم أن بل موضوع لإثبات ما بعده والإعراض عما قبله ، ففي كل موضع يمكن الإعراض عن الأول يثبت الثاني فقط ، وفي كل موضع لا يمكن الإعراض عن الأول يثبت الأول والثاني.

(٤) قوله : (الثاني) الحرف استئناف لأنه لما قال : إما كذا أو كذا كان سائلا ، قال : ما الأول وما؟ فقال الثاني الحرف والأول إما كذا أو كذا معطوفا على الجملة الاستئنافية ، ولك أن تعطف أولا ثم جعل المجموع جوابا وكذا الحال في قول الثاني الاسم والأول الفعل. (عبد الغفور).

(٥) وإنما قدم في الدليل وإن كان أخره في الدعوى ؛ لأن الحرف في اللغة الطرف فذكر مرة في طرف ، ومرة في طرف آخر ؛ لأن الشروع في البيان من القريب أولى ، ولعدم التقسيم فيه ؛ ولأنه عدمي والعدمي مقدم. (فاضل هندي).

(٦) إلى من وإلى ، لتكون معينة في الدلالة على المعنى بحيث لو لم يكن الانضمام لم يفهم معناهما ؛ لأن الابتداء والانتهاء ليس معنى الحرف ، وإلا لما كانت من وإلى حرفا بل اسما ؛ لأن الاسمية والحرفية إنما هو باعتبار المعنى. (مطول في بحث الحقيقة والمجاز).


أخرى ك : (البصرة والكوفة) (١) في قولك : (سرت من البصرة إلى الكوفة). وإنما سمي هذا القسم حرفا ؛ لأن الحرف في اللغة : الطرف وهو في طرف ، أي : في جانب مقابل للاسم والفعل (٢) حيث يقعان عمدة في الكلام وهو لا يقع عمدة (٣) فيه كما ستعرف (٤).

(و) القسم (الأول) وهو ما يدل على معنى في نفسها ، (أما) من صفتها (أن يقترن) (٥) ذلك المعنى المدلول (٦) عليه بنفسها في الفهم عنها (٧) ...

__________________

(١) أشار بهذا إلى أن المراد بالابتداء والانتهاء ابتداء خاص وانتهاء خاص ، لا مطلقا الابتداء والانتهاء.(حلبي).

هذا من قبيل الكناية كقولهم : (مثلك لا يبخل) فلا يلزم أن يكون المشبه به بنفسه خارجا (حلبي).

(٢) قوله : (أي : جانب مقابل للاسم والفعل) لم يقل : أو في جانب من الكلام ؛ لأنه قد يقع جزءا له نحو زيد لا حجر. (غفور).

يعني شبه الثاني بمعنا الحرف في الطرفية والجانبية فاستعير لفظ المشبه به للمشبه ، وهذا للقسم كاستعارة الأسد للرجل الشجاع في قولك : رأيت أسدا في الحمام ، فإطلاق الحرف على هذا القسم مجاز بعلاقة التشبيه.(توقادي).

(٣) والمراد بالعمدة ههنا الإسناد ؛ لأن في زيد ضرب نسبة الضرب إلى زيد ، وليس في قد قام نسبة مثلا. (محمد).

(٤) في حد الاسم أن الاسم يكون مسندا ومسندا إليه ، والفعل لا يكون إلا مسندا فقط ، والحرف أداة بينهما لا يكون مسندا ومسندا إليه. (محرم).

(٥) والمراد بالاقتران ، والاقتران وضعا فلا يرد على عكس التعريف نحو عسى ونعم وبئس وما أحسن مما خرج من الاقتران في الاستعمال ، ولا طرده نحو هيهات وصه ومه ، ونحو زيد ضارب الآن أو أمس أو غد مما اقترن بالعارض.

أي : معناه الجوهري أو دلالة. (عوض)

(٦) قوله : (ذلك المعنى المدلول ... إلخ) يشير إلى دفع ما ورد على ظاهر عبارة المصنف من أن ضمير يقترن راجع في الظاهر إلى اللفظ ؛ لأنه في صدد تقسيم الكلمة والاقتران بالزمان وصف المعنى فأشار بقوله : (ذلك المدلول عليه بنفسها) بأنه مجاز من قبيل وصف المعنى الدال بوصف المدلول ، ويمكن أن يكون مراده بأن الضمير راجع إلى معنى في قوله : (ما دل على معنى في نفسها) من قبيل : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [المائدة : ٨] فيكون حقيقة.

(٧) قوله : (في الفهم عنها) داخلا أشار بهذا إلى دفع ما يرد من أن المصدر واسم الفاعل والمفعول يقترن ضرورة بأحد الأزمنة فيلزم كونها داخلا في حد الفعل ، فأجاب بأن الزمان لا يفهم ـ


بأحد الأزمنة الثلاثة (١) : الماضي والحال والاستقبال ، أي : حين يفهم ذلك المعنى عنها يفهم عنها أحد الأزمنة الثلاثة أيضا. مقارنا له (٢) (أو) من صفتها ، أن (لا) يقترن ذلك المعنى المدلول عليه بنفسها في الفهم عنها مع أحد الأزمنة الثلاثة القسم (الثاني) : وهو ما يدل على معنى في نفسها غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة.

(الاسم) وهو مأخوذ من السموّ (٣) وهو العلو (٤) لاستعلائه (٥) على أخويه حيث

__________________

ـ من المذكورين بل الزمان لازم لوجودها ، بخلاف الماضي والمستقبل فإنهما يدلان على الحدث والزمان معا وإليه أشار بقوله : (أي : حين يفهم ذلك المعنى عنها (مصطفى جلبي).

(١) فإن قلت : فيه نظر من وجوه : أما أولا فلأن الأزمنة جمع قلة ، وجمع القلة يستعمل فيما دون العشرة بلا قرنية ، وأما ثانيا فلأن التاء في أسماء العد للتذكير ولا يجوز أن يكون الثلاثة وصفا للأزمنة للتأنيث ، وأما ثالثا فلأن الأزمنة جمع والثلاثة مفرد والمطابقة لازمة بين الصفة والموصوف ، والجواب عن الأول بأن جمع القلة لا يحتاج إلى قرنية فيما دون العشرة فإن ذكر القرنية للتوضيح سيما في التعريف فحسن ، وعن الثاني بأن التاء يجوز أن يكون للتأنيث في أسماء العدد في مقام أمن من اللبس وههنا حاصل لكونه وصف للمؤنث وعن الثالث بأن لفظة الثلاثة في معنى الجمع لكونها متعددا معنى (سعد الله).

(٢) حال أن الاسم ويكفي كونه مفعولا في المعنى أي : سمي الاسم اسما حال كونه مأخوذا من السمو ، أي : أصله سمو بحركات الثلاثة حذفت الواو ، ثم نقل حركة السين إلى بعدها ليصح الوقف عليه ، ثم أتي همزة الوصل لئلا يلزم الابتداء بالساكن ، هذا عند البصريين ، وأما الأخذ من الوسم فطريقة الكوفيين ، وقولنا : سمت وسما وسمو سموا مؤيد وتصغيره سمي وجمعه على أسماء لا على أوسام ، ووسم دليل الثاني ، وشواهد كل من الفريقين مذكور في المطولات. (حافظ الداشكندي مع لارى).

قوله : (مقارنا له إما حال من أحد الأزمنة إلخ) في يكون الضمير في له راجعا إلى المعنى ، أو من المعنى على ما هو الملائم فحينها يكون الضمير في له راجعا إلى أحد. (حلبي).

(٣) مصدر سما يسمو سموا ثم اشتق منه الصفة المشبهة أعني سمو على وزن صلب أو ملح ، ثم أطلقت على الكلمة الدلالة على معنى غير مقترن بأحد الأزمنة ... إلخ إطلاق العام على الخاص كذا قاله القاف رحمه‌الله.

(٤) لغة لأن العرب تقول : كل ما علاك فهو سماك ، وإنما سمي هذا القسم من أقسام الكلمة بالاسم الذي معناه العلو مجازا. (محرم).

(٥) قيل علة لاشتقاق الاسم من السمو يعني وإن لم يكن المناسبة بينهما في المعنى ؛ لأن المعنى السمو العلو ومضى الاسم كلمة تدل على معنى أه لكن معنى مشتق منه لازم بمعنى المشتق فهذا القدر كان في ...


يتركب منه وحده الكلام دون أخويه (١) أو قيل من الوسم وهو العلامة (٢) ؛ لأنه علامة على مسماه (٣).

(و) القسم (الأول) : وهو ما يدل على معنى في نفسها مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة.

(الفعل) : سمي به لتضمنه معنى الفعل اللغوي (٤) وهو المصدر ، وقد (٥) علم بذلك

__________________

(١) فإن الحرفين والفعلين لا يكونان مركبان بغير اسم.

(٢) وسم يسم سمة مثل وعد يعد عدة وعدا ويدفع اشتقاق سمي وجمعه على أسماء ، فإنه لو كان وكما قيل : لكان فعله وسم وجمعه أوسام القلب بعيد.

لأن الحرف ليس له دلالة الاستقلال ، ولا يفهم معناه إلا بانضمام كلمة إليه ، وإنما يكون واسطة بينهما.(محرم).

(٣) فإذا قلت : زيد ، فهو علامة دالة على ذات شخص ، أي : دليل على معناه والفعل والحرف وإن كانا علامتين على مسميهما إلا أن الاشتراك في المعنى لا يوجب الاشتراك في التسمية ، كما هو مقرر عندهم ، إلا أنه ينبغي أن يكون للاسم مزية عليهما في هذا المعنى وهي استقلال معناه المطابقي المفهوم واستعلاؤه عليهما في تركيب الكلام فكأنه العلامة على مسماه فتعلم (داود الأسكنى).

(٤) قوله : (لتضمنه الفعل اللغوي) فيه إشارة إلى اعتراض مشهور بين المحصلين بأنه إذا قيل : ضرب فعل ماضى مثلا ، كيف يصح هذا لأنه المصنف وصف لمدلوله ، وإن أريد مدلول ضرب فعل ماضى فلا يناسب أيضا ؛ لأنه في صدر تقسيم الكلمة وهو لفظ ، والجواب بأن المراد الفعل المصطلح عند النحاة لكن باعتبار تضمنه الفعل اللغوي وهو المصدر. (مصطفى جلبي).

قوله : (لتضمنه ... إلخ) وهو تسمية للشيء باسم جزء مدلوله بعلاقة المجاورة. (وجيه الدين).

(٥) لفظ قد للتقريب أو للتحقيق ، والواو اعتراضية أو عاطفة على محذوف ، أو حالية أي : قد تبين وقد علم ، قيل : الواو للحال والعامل فيها مقدرة ، تقديره ثبت دليل الحصر حال كونه وقد علم. (هندي مع غيره).

قوله : (وقد علم بذلك) وضع المظهر موضع المضمر لزيادة التمكن في الذهن ، واختار ذلك دون هذا تعظيما واهتماما لشأن وجه الحصر كما بين في قوله تعالى : (الم ذلِكَ الْكِتابُ)[البقرة : ١] ، وقد أشار الشارح إلى هذا بقوله : (لأنه قد علم به) ، ثم تفسير الشارح قوله : (هذا) بقوله : (أي : بوجه الحصر) إشارة إلى أن قوله : (قد علم به) بيان لقول المصنف : وقد علم بذلك ، وهذا ـ أي : تفسير كلامه ـ واقع في عبارات المحققين في مناط بيان الفائدة. (الحلبي).

وقد علم ... إلخ ، ج س م ، وهو أن حصر الكلمة على الأقسام الثلاثة قبل تعريف تلك الأقسام باطل ، فأجاب وقال : قد علم ... إلخ ، يعني يبطل حصر الكلمة قبل التعريف لو لم يفهم التعريف معه أما لو فهم التعريف معه فلا يبطل. (داودزاده).


أي : بوجه حصر (١) الكلمة في الأقسام الثلاثة (حدّ كل واحد منها) (٢) أي : من تلك الأقسام الثلاثة وذلك ؛ لأنه قد علم به ، أي : بوجه (٣) الحصر أن الحرف كلمة لا تدل على معنى في نفسها بل تحتاج إلى انضمام كلمة أخرى إليها والفعل كلمة تدل على معنى في نفسها لكنه مقترن (٤) بأحد الأزمنة الثلاثة ، والاسم كلمة تدل على معنى في نفسها لكنه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة. فالكلمة مشتركة (٥) بين الأقسام الثلاثة ،

__________________

(١) وقد جرت العادة باستعمال العلم في الكليات والمعرفة في الجزئيات ، ولهذا قال : وقد علم ؛ لأن الحدود كليات ، ثم المعرفة يقال لإدراك الجزئية والبسيط ، والعلم للكلي والمركب ، ولذا يقال : عرفت الله ، دون علمت الله تعالى ، فإن قيل : قوله : (وقد علم بذلك ... إلخ) ليس في محل الاحتياج ؛ لأنه لا يخلو من أن العلم من هذا التقسيم حد كل من الاسم والفعل والحرف أو لا يعلم ، فإن علم فلا يحتاج إلى قوله : (وقد علم ... إلخ) وإن لم يعلم يلزم منه الخلف في قد علم ... إلخ؟ قلنا قد علم من التقسيم حد كل واحد منها إلى الكيس المتطلع ، دون الغبي المتبلد ؛ لأن صورة الحد غير مذكورة في القسمة بالفعل بل بالقوة ، فقد أشار إلى أنه يمكن أن يعلم من القسمة حد كل واحد منها بقوله : (وقد علم ... إلخ وصرح بالنسبة إلى الغبي دون الذكي أن الذكي يعلم من التقسيم الصحيح الدواء (أصفهاني مع هندي) بين النفي والإثبات. (أصفهاني مع هندي).

(٢) اعلم أن الحصر على ثلاثة أقسام حصر عقلي وهو الحصر الدائر بين النفي والإثبات كحصر الكلمة في الأقسام الثلاثة ، وحصر استقرائي وهو الذي لم يوجد مع الاستقراء ، والتبع قسم آخر كحصر الإضافة المعنوية في الأنواع الثلاثة اللامية والبيانية والظرفية ، وحصر جعلي وهو الذي يكون بجعل الجاعل كانحصار خلق الإنسان في العناصر الأربعة كانحصار الكل في أجزائه. (محرم أفندي).

فإن قلت : كيف قال واحد منها مع أن الحد لا يتركب إلا من الأجزاء الداخلة وما ذكر فيه من المميز أمور عدمية كعدم الدلالة وعدم الاقتران ومن المحال أن يكون الماهية مركبة من الوجودي والعدمي قلت : هذا باعتبار الوضع والاصطلاح ، وما ذكرتم في الأمور الحقيقة لا في الاعتبارية. (عوض أفندي).

(٣) ثم تفسير الشارح قوله : (هذا بقوله) : أي : بوجه الحصر إشارة إلى أن قوله : (قد علم) بيان لقول المصنف (جلبي).

(٤) قوله : (لكنه مقترن) إنما أورد كلمة لكن ؛ لأنه كما ذكر قوله : (الفعل كلمة) تدل في مقابلة قوله : (الحرف كلمة لا تدل على معنى ... إلخ) توهم منه أن يكفي في الفعل مجرد الدلالة ، أم يحتاج إلى آخر ، فدفع ذلك بقوله : (لكنه مقترن بخلاف الاسم) فإنه لا يخفى فيه هذا التوهم فلا يحتاج إلى دفعه ، فلم يورد فيه كلمة لكن. (وجيه الدين).

(٥) وإذا كانت الكلمة جنسا مشتركا بين هذه الأقسام الثلاثة لزم تميز بعضها عن بعض ؛ ليصح ـ


والحرف ممتاز عن أخويه (١) بعدم الاستقلال في الدلالة ، والفعل ممتاز عن الحرف بالاستقلال وعن الاسم بالاقتران والاسم ممتاز عن الحرف بالاستقلال وعن الفعل بعدم الاقتران. فعلم لكلّ واحد منها معرّف جامع لأفراده ، مانع عن دخول غيرها فيه.

وليس المراد (٢) بالحدّ هاهنا إلا المعرّف الجامع المانع ، ولله درّ المصنف (٣) حيث

__________________

ـ قوله : (وقد علم بذلك ... إلخ) ؛ لأنه أورده بكلمة قد المفيدة للتحقيق وبالعلم المشعر باليقين ، وأراد تميز بعضها عن بعض فقال : مصدّرا بالفاء المفيدة للتمييز ذاهبا إلى خلاف ترتيب النشر لترتب اللف (محرم).

قوله : (فالكلمة مشتركة) هذا بناء على رأي متأخر المنطقيين ، فإنهم يشترطون التركيب في الماهية حدا كان أو رسما ، فلا يرد ما قيل : أنه لا مدخل له فيما هو بصدده. (وجيه الدين).

(١) يعني : أن الحرف مشترك لأخويه في كونه كلمة تدل على معنى ، إلا أنه امتاز عنها ليكون المعنى في غيره. (توقادي).

ـ ج ي م ، تقديره أن الحد هو المشتمل على الذاتيات من الجنس والفصل ، وهذه مفهومات اعتبارية ليس لها جنس ولا فصل ، فكيف يطلق عليها؟ فأجاب بأنه ذكر الحد وأراد المعرف مجازا ، من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم. (حاشية مصطفى).

ـ الدّر في اللغة اللبن وفيه خير كثير عند العرب ، فأريد به الخير مجازا من قبيل ذكر السبب وهو اللبن ، وإدارة المسبب (لاوى).

ـ مثل زيد أبوه قائم ، فإن مجموع قائم أبوه وإن كان حقيقة أن الكلمتين تكون كلمة واحدة حكما ؛ خبرا لزيد. (حسن الأفندي).

أيضا مشترك في كونه كلمة تدل على معنى ، إلا أنه ممتاز عن الحرف. (قد).

(٢) وقوله : (وليس المراد) ج س م كأنه قبل المصنف حد كل واحد منها ، مع أن الحد لا يكون إلا بالذاتيات ، وعدم الدلالة في تعريف الحرف ، وعدم الاقتران في تعريف الاسم ليسا بذاتين ؛ لكونهما عدمين فالظاهر أن يقول المصنف : تعريف كل واحد منها ، بدل حد فإن التعريف عام يكون بالذاتيات وغيرها ، فأجاب بقوله : (وليس المراد ... إلخ) ، وحاصل الجواب أنه ليس المراد بالحد في هذا الفن التعريف الذي يكون بالذاتيات كما هو مصطلح المناطقة وغيرهم من العقلاء ، حتى يتجه ما ذكر من سؤال مقدر ، بل المراد بالحد في هذا الفن هو تعريف الجامع لأفراد (ه) والمانع عن دخول غيرها ، سواء كان أجزائه ذاتية أو لا ، فلا يرد ما ذكر ، فإن الحد والمعرف عند أدباء النحاة مترادفان ، بخلاف المنطقين فإن الحد عندهم يستعمل في الذاتيات والمعرف في العرضيات. (حسن أفندي).

(٣) قوله : (و.. لله در المصنف مدح). بمدح بها المصنف حيث راعي الذكي والغبي والمتوسط ، وذلك ؛ لأنه ضمن دليل الحصر حد كل واحد منها فالذكي يعلم من نفس الدليل ، والمتوسط ـ


أشار إلى حدودها في ضمن دليل الحصر ، ثم نبّه عليها بقوله : وقد علم بذلك حد كل واحد منها ، ثم صرح بها فيما بعد بناء على تفاوت مراتب الطبائع (١).

(الكلام) (٢) في اللغة (٣) ما يتكلم به قليلا كان أو كثيرا ، وفي اصطلاح النحاة (ما تضمّن) أي : لفظ (٤) تضمّن (كلمتين) ، حقيقة أو حكما ، أي : تكون كل واحدة منهما (٥) في ضمنه. فالمتضمن ـ اسم فاعل ـ هو المجموع والمتضمن ـ اسم مفعول ـ هو كل واحدة من الكلمتين ، فلا يلزم اتحادهما (بالإسناد) ، أي : تضمنا حاصلا بسبب (٦) إسناد

__________________

ـ يحتاج إلى الإشعار فأشعر بقوله : (وقد علم) ، والغبي لا يعلم بالإشعار أن الدليل ضمن حد كل واحد منها ما لم يصرح بالخبر على صورة ، والفصل على صورة قول الشارح فصرح بحد كل واحد منها على صورة فقال الاسم ما دل ... إلخ ، والفعل وما دل والحرف إلخ. (وجيه الدين).

(١) يعني : أن بعض الطبائع يكفيه الشارة بلا تنبيه وبعضها لا بدّ له مع الإشارة من التنبيه ، وبعضها لا يفيده إلا بالتصريح ، فجمع بين الثلاثة ؛ لئلا يخلو طبيعة من الطبائع عن الاستفادة.

(٢) لم يعطف على قوله : (الكلمة لفظ) مع وجود الجامع والتناسب ، وهي الكلية والجزئية ، وكونهما موضوعي علم النحو ؛ لعدم قصد الربط ، وعده لخطبة بعد خطبة ، وفصل بعد فصل ، وكتاب بعد كتاب. (هندي).

(٣) فبين الكلام اللغوي والاصطلاحي عموم وخصوص مطلق ، فالأول عام ؛ لأنه يطلق إلى ما يتكلم به قليلا أو كثيرا ، ولو صرفا ، سواء لها معنى أو لا مثل حروف المباني ، والثاني خاص ؛ لأنه لا يطابق إلا ما يتضمن الكلمتين بالإسناد. (مصطفى جلبي).

(٤) قوله : (أي : لفظ) أشار به إلى أن كلمة ما موصوفة ، ويجوز أن يكون موصولة ، لكن حملها على الموصوفة أولى ؛ لئلا يلزم الاختصار على الفصل ؛ ولأنها أقرب بامتزاج المتن بالشرح ، ولأن حق الخبر أن يكون نكرة لا على الموصولة ، وفسره بلفظ دون شيء إشارة إلى أن الأولى في الحدود كون الجنس قريب ، قال الأستاذ : روح روحه الفرق بين جنس القرب والبعيد أنك إذا قيدت الجنس القريب بقيد يخرج من الجنسية إلى النوعية ، بخلاف البعيد (علي مرتضى مع جلبي) في اللغة إضافة الشيء إلى الشيء ، وفي الصناعة نسبة أحد الكلمتين إلى الأخرى على وجه الإفادة ، ونقول التامة. (مطول) ..

(٥) قوله : (أي : يكون كل واحد منهما ... إلخ) يشير إلى دفع سؤال وارد ، وهو أن المراد بالكلام زيد قائم مثلا ، وبالكلمتين وهو زيد قائم فيلزم اتحاد الظرف والمظروف فأول الشارح بأن المتضمن حال كونه اسم فاعل ، هو المجموع ، والمتضمن حال كونه اسم مفعول كل واحدة فلا يلزم اتحادهما. (مصطفى حلبي).

(٦) يشير أن الباء متعلق بقوله : (تضمن) بتضمين معنى لحصول ، وإلى أنها السببية ، وأن اللام ـ


إحدى الكلمتين (١) إلى الأخرى. والإسناد نسبة إحدى الكلمتين حقيقة أو حكما (٢) إلى الأخرى بحيث (٣) تفيد (٤) المخاطب فائدة تامة. فقوله : (ما) لفظ يتناول المهملات (٥) والمفردات والمركبات الكلامية وغير الكلامية وبقيد (تضمن الكلمتين) خرجت المهملات والمفردات ، وبقيد (الإسناد) خرجت المركبات غير الكلامية ، مثل : (غلام زيد) و (رجل فاضل) وبقيت المركبات الكلامية سواء كانت خبريّة ، مثل : (ضرب زيد) و (ضربت هند) و (زيد قائم) أو إنشائية مثل : (اضرب) و (لا تضرب).

فإنّ كلّ واحد منهما تضمّن كلمتين ، إحداهما : ملفوظة (٦) ، والأخرى : منويّة ،

__________________

ـ عوض من المضاف إليه ، والمعنى بسبب معنى إحدى الكلمتين بالكلمة الأخرى مثل زيد قائم ، وإنما قال : بالإسناد ، ولم يقل : بالإخبار ؛ لأنه أعم إذ يشمل النسبة التي في الكلام الخبري والطلبي ، والإنشائي وفي الرضي المراد بالإسناد في الحال كما في قولك : قام زيد ، أو في الأصل يشمل الإسنادي الكلام الإنشائي نحو بعت واشتريت. (خلاصة).

قال فاضل جلبي : تلويح إلى أن قوله : (بالإسناد) منصوب تقديرا على أنه صفة لمصدر محذوف ، وقال ذهني ذاده : حال من فاعل تضمن ، أو صفة كلمتين. (داودزاده).

(١) أي : ضم إحدى ، الكلمتين أو نسبة إحدى الكلمتين. (لارى).

(٢) مثل زيد قائم أبوه ، والكلمة الحكمية ما يصح وقوع مفرد موقعه لا يقال : يخرج عنه الإسنادي الذي في الجملة الشرطية ؛ لأن الشرط قيد للجزاء على زعم المصنف وزعمهم ، ولذا قالوا : إن الإسناد إليه من خواص الاسم ، وقال : لا يتأتى ذلك إلا في اسمين ، أو في فعل واسم ، ولو جعل الرابط بين الشرط والجزاء كما حققه السيد السندي يخرج عنه قطعا ؛ إذ لا يصح التعبير عن طرف الشرطية بمفردين ، والدليل على أن الرابط بينهما صدق قولك : إن ضربني ضربتك ، وإن يوجد منك ضرب المخاطب. (عبد الغفور).

(٣) لأن كل واحد منها لفظ يدخل تحت الجنس. (محرم).

(٤) قوله : (بحيث يفيد ... إلخ) أي : من شأنه أن يقصد به إفادة المخاطب فائدة يصح السكوت عليها ، أي : لو سكت المتكلم عليها لم يكن لأهل العرف مجال تخطئة ونسبة إلى القصور في باب الفائدة فدخل فيه إسناد الجملة الواقعة خبرا أو صفة أو صلة ، ودخل أيضا إسناد الجملة التي علم مضمونها المخاطب. (لارى).

(٥) أي : المهملات ؛ فلأنه لم يطلق عليها الكلمة ؛ لأن الوضع فيها لمعنى شرط وفيها لا يوجد الوضع لمعنى ، وأما المفردات ؛ فلأنها وإن كانت كلمة إلا أنها خرجت بصيغة فحينها في قول : الكلمتين. (محرم).

(٦) أعني : لفظ اضرب ولفظ لا تضرب.


وبينهما إسناد (١) يفيد المخاطب فائدة تامة ، وحيث (٢) كانت الكلمتان أعم من أن تكونا كلمتين حقيقة أو حكما ، دخل في التعريف (٣) مثل : (زيد أبوه قائم (٤) أو (قام أبوه) أو (قائم أبوه) ، فإن الأخبار فيها مع أنها مركبات (٥) في حكم الكلمة المفردة (٦) أعني : (قائم الأب) (٧). ودخل فيه أيضا (٨) مثل : (جسق مهمل) ، (ديز مقلوب زيد) مع أن

__________________

(١) الأولى نسبة تفيد وجه الأولوية أنه إذا اعتبر في مفهوم الإسناد إفادة المخاطب فائدة تامة كما عرفت ، فحينها يكون قوله : (يفيد) تأكيدا بخلاف النسبة إذا لم يؤخذ في مفهومها هذا القيد فيكون قوله : (يفيد) تأسيسا ، والتأسيس أولى من التأكيد ، والإفادة خير من الإعادة ، وظهر من التقرير وجه قوله : (الأولى دون الصواب). (محمد أمين).

(٢) ج س م وهو أن يقال : إن تعريف الكلام غير جامع بمثل زيد هو دائم ؛ لأنه ليس متضمن كلمتان أحدهما مسند والآخر مسند إليه وهو دائم ههنا مسند ، وليس كلمة هل كلمة ، فأجاب بما ترى. (لمحرره).

(٣) قد مر أن الأقسام ههنا بحسب القسمة العقلية أربعة ، أن يكون كلاهما كلمتين حقيقة ، أو على العكس ، والأولى كلمة حقيقة والثانية كلمة حكما ، أو على العكس وسواء كانت الكلمة أنثى في حكم الكلمة جملة اسمية ، مثل زيد أبوه قائم ... إلخ. (محرم أفندي).

(٤) وذلك ؛ لأن اسم الفاعل العامل على ما سيأتي في حكم الفعل المضارع ، فتكون في حكم جملة فعلية ؛ لأن مثل زيد قائم أبوه في حكم زيد يقوم أبوه ، ويجوز أن يكون المثال الأخير في حكم الجملة الاسمية ؛ وذلك لأنه يجوز فيه الأمران : أحدهما يكون قائم مبتدأ ؛ لاعتماده على المبتدأ وأبوه فاعله سد مسد الخبر ، والثاني أن يكون خبر مقدما وأبوه مبتدأ مؤخرا ، وعلى التقديرين تكون الجملة إسمية مرفوعة المحل ؛ لكونها خبر المبتدأ الذي قبلها ، وسيأتي لهذا زيادة تحقيق في قوله : (وإن طابقت الأمران). (توقادي).

ـ حاصل الكلام أن تعميم الكلمة من الحقيقة والحكمية يوجب دخول هذه الجملة في تعريف الكلام ؛ لأنها وإن لم يكن كلمتين حقيقة بالإسناد ؛ لكنها كلمتان مع الإسناد حكما ، أو كون هؤلاء الكلمات حكمية إما للتركيب ، أو لكونها مهملا تأمل. (محمودي).

(٥) قوله : (مع أنها مركبات) في كون الخبر في زيد قائم أبوه مركبا نظر ؛ لأن الخبر عندهم قائم وفاعله خارج من الخبر ، ولا يذهب عليك إلا الأمثلة المذكورة داخلة في تعريف الكلام مع قطع النظر عن جعل الكلمتين حقيقة أو حكما. (عصام الدين).

(٦) لأن النسبة في تلك المركبات مجملة فيجوز التعبير عنها مما يفيد الإجمال وهو المفرد. (لارى).

(٧) فيه أنه مركب ؛ لصدق تعريف المركب عليه ، اللهم إلا أن يقال : الخبر هو المضاف مع الإضافة دون المضاف إليه.

(٨) كما دخل ما كان الجزء الثاني فيه كلمة حكما والأول كلمة حقيقة. (شرح).


المسند إليه فيهما مهمل ، ليس بكلمة فإنه في حكم هذا (١) اللفظ (٢).

اعلم (٣) أن كلام المصنف ظاهر (٤) في أن ، نحو : (ضربت زيدا قائما) بمجموعه كلام (٥) بخلاف (٦) كلام صاحب المفصل (٧) ، حيث قال : (الكلام هو المركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى) ، فإنه صريح في أن الكلام هو (ضربت) فقط والمتعلقات خارجة عنه (٨). ثم اعلم (٩) ، أن صاحب المفصل وصاحب اللباب ذهبا (١٠) إلى ترادف الكلام (١١) والجملة. وكلام المصنف أيضا ينظر إلى ذلك ، فإنه قد اكتفى في تعريف الكلام. بذكر الإسناد مطلقا ولم يقيدّه بكونه مقصودا (١٢) لذاته.

__________________

(١) فإن المقصود منه هذا ، واللفظ للتعيين ، أي : حفظ لفظ جسق مهمل ولفظ ديز مقلوب زيد ، ولذا أعرب بإعراب الاسم وجعل مسندا إليه وأخذ حكم الكلمة حقيقة. (محرم أفندي).

(٢) فيكون كلمة حكما ، وبالتأويل فيدخل في تعريف الكلام. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (اعلم ... إلخ) هذا بيان لما يفهم من عبارة المصنف وصاحب المفصل وصاحب اللباب من الاختلاف. (وجيه الدين).

(٤) إنما قال : ظاهر ؛ لجواز أن يراد ما تضمن كلمتين فقط. (عصام).

(٥) قوله : (كلام) تقديره كلام مجموعة ؛ لأنه قال في تعريفه لفظ تضمن كلمتين بالإسناد ، ويصدق عليه أنه لفظ تضمن كلمتين بالإسناد ، وليصدق على مثل ضربت فقط مع أن الكلام في هذا المجموع الفعل مع فاعله فقط ، حيث لا دخل للمتعلقات فيه. (محرم رحمه‌الله).

(٦) قوله : (بخلاف) ، إما حال ، أي : حال كون المصنف مخالفا كلام صاحب المفصل ، أو خبر لمبتدأ محذوف ، أي : هو خلاف كلام صاحب المفصل خذ هذا. (جلبي).

(٧) قال صاحب المفصل : أخذ الإسناد في تعريف الكلام كالمصنف ، لكنه قيده بأن يكون إسناد أحد الكلمتين إلى إسناد أحد الكلمتين إلى الأخرى ولم يطلق. (لمحرره).

(٨) لأنه يصدق عليه ما تركب من كلمتين ؛ لأنه مركب من أكثر من كلمتين ، والحاصل أن كلام المصنف وكلام صاحب المفصل واحد ، إلا أن كلام المصنف يصح إطلاقه على المجموع دون كلام صاحب المفصل.(حاشية).

(٩) أي : بعد ما علمت الفرق بين كلام المصنف وكلام صاحب المفصل في تعريف الكلام. (محرم).

(١٠) حيث قال صاحب المفصل : ويسمى الكلام جملة ، وقال صاحب اللباب : ثم اعلم أن الجملة قد تطلق على ما يطلق عليه الكلام بالترادف بين النحويين ، وهذا صريح منه. (محرم أفندي).

(١١) الترادف في اللغة إركاب رجلين على حمار واحد ، وفي الاصطلاح اتحاد الشيئين في المعنى مع تفارقهما في اللفظ ، كالقعود والجلوس. (مفاتيح).

(١٢) والكلام الغير المقصود كالصادر من النائم والمجنون ، والمقصود لقيت كصلة الموصول نحو جاءني الذي قام أبوه. (جمع الجوامع).


ومن جعله أخصّ من الجملة قيده به فحينئذ تصدق الجملة على الجمل الخبرية (١) الواقعة إخبارا أو أوصافا (٢) بخلاف الكلام (٣). وفي بعض الحواشي (٤) : أن المراد بالإسناد هو الإسناد المقصود لذاته ، وحينئذ يكون الكلام عند المصنف أيضا أخصّ من الجملة (٥). (ولا يتأتّى) (٦) أي : لا يحصل (٧) (ذلك) أي : الكلام (٨) (إلّا في) ضمن (٩)

__________________

(١) إنما قيد بالخبرية ؛ لأن التحقيق كما ذكره السيد السندي في حاشية المطول : إن الإنشاء لا يقع خبر المبتدأ بدون التأويل فيرجع إما إلى المفرد ، أو إلى الجملة. (وجيه الين).

(٢) قوله : (أوصافا) أو جملة قسمية فإن الكلام هو جواب القسم ، والجملة القسمية للتأكيد وشرطا ، فإن الكلام هو الجزاء على زعمهم ، وأما على التحقيق فليس شيء من الشرط والجزاء كلاما بل الكلام هو المجموع. (عبد الغفور).

(٣) فإنه لا يصدق عليها ؛ لأن الإسناد فيهما وسيلة لما هو المقصود بذاته ، ولأن الكلام لا يقع في هذه المواضع ؛ لكون الإسناد فيه مقصودا لذاته ، فلا يقتضي الارتباط بغيره بل يكون مستقلا بنفسه. (شرح الشرح).

(٤) المراد منه شرح المولى الهندي ، وتسمية بالحواشي بناء على أن المولى المزكور كتب هذا الشرح على هيئة الحاشية ، يعني كتبه على أطراف متن من متون الكافية ، هذا هو المشهور وفيه نظر تأمل. (مصطفى جلبي).

(٥) إلا أنه حينها يكون مخالفا لما ذكره في مختصر الأصول وهو الترادف ، ولا يتأتي. (وجيه الدين).

ـ وكذا كل كلام يكون الابتداء مركبا من كلمتين ، ويكون في تأويل المفرد ، نحو : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. (داودزاده).

(٦) فإنه لما قال : ما تضمن كلمتين بالإسناد ، فكأن السامع يتردد في أنه هل يتأتي إلا في اسمين واسم وفعل ، أم لا ، فقدم المسند. (محمودي).

(٧) قوله : (لا يحصل) يعني أن هذا مجاز من قبيل ذكر الشيء وإرادة لازمه ، فإن المجيء الذهاب لا يتصور في غير ذوي الروح. (جلبي).

(٨) قوله : (أي : الكلام) أشار بذلك إلى الكلام لا إلى تعريفه ، أو إلى التضمن ، أو إلى الإسناد كما قيل ؛ لأن الكلام مسوق للكلام ولبعد الكلام ، ولأن قولنا : لا يتأتى إشارة إلى تقسيم الكلام بعد تعريفه ، كما أن قوله : (وهي اسم وفعل وحرف) تقسيم للكلمة بعد تعريفها وإنما صرح بأداة الحصر للعناية بشأن الحصر ؛ لأن التركيب العقلي من الاثنين يرتقي إلى ستة. (لارى).

(٩) أول هذا الكلام بزيادة لفظ الضمن حتى لا يلزم كون الظرف والمظروف واحد ، ومبنى هذا التأويل إرجاع ذلك إلى الكلام دون التضمن والإسناد ؛ رعاية لمناسبة البعدية بين ذلك وبين الكلام ، وأما إذا أريد بذلك مفهوم وهو ما تضمن كلمتين فلا يحتاج إلى التأويل ، يعني ـ


(اسمين) (١) أحدهما مسند والآخر مسند إليه (أو) في ضمن (اسم) مسند إليه (وفعل)(٢) مسند. وفي بعض النسخ (أو في فعل واسم) فإن التركيب (٣) الثنائي العقلي بين الأقسام الثلاثة يرتقي إلى ستة (٤) أقسام ، ثلاثة منها من جنس واحد ، اسم واسم ، فعل وفعل ، حرف وحرف. وثلاثة منها من جنسين مختلفين اسم وفعل ، اسم وحرف ، فعل وحرف. ومن البيّن (٥) ، أنّ الكلام لا يحصل بدون الإسناد ، والإسناد لا بدّ له من مسند ومسند إليه (٦) ، وهما لا يتحققان إلا في ضمن اسمين ، أو في اسم وفعل.

__________________

ـ لا يصل ذلك الكلي أي : مفهوم ما تضمن كلمتين بالإسناد ، أي : في اسمين ، أي : في هذين الخاصتين ، وهذا مبني على ما يقال : لا وجود للعام إلا في ضمن الخاص ، وقد مر تحققه هذا في صدر تعريف الكلمة في قوله : (وقد أجيب من الإشكالين). (مصطفى).

(١) حقيقة أو حكما وذلك من قبيل تحقق العام في ضمن الخاص ، فلا يلزم اتحاد الظرف والمظروف ، وإنما قدم هذا القسم لاستحقاق الجزئية التقديم ، فإن قيل : ما باله صرح في تقسيم الكلام بالحصر ولم يصرح به في الكلمة؟ قيل : التركيب العقلي يرتقي إلى ستة ، واحتياج إلى الحصر ، ولو قال الكلام ما تضمن اسمين ، أو فعلا واسما بالإسناد لكان الحصر ما ذكره أصوب وأوضح. (هندي مع لارى).

ـ لامتناع لإسناد في غيرهما ، وفي بمعنى من ، أي : من اسمين فلا يكون الظرف والمظروف شيئا واحدا. (هندي).

وإنما قدم الاسم لشرفه ، وإلا فالأنسب تقديم الفعل ؛ لأنه يصدر بيان الجملة الفعلية ، وأما تقديم الفعل على الاسم كما في بعض النسخ ففيه موافقة الذكر للواقع ؛ لتقدم الفعل على الفاعل. (وجيه الدين).

(٢) فالأول مناسب لسياق الكلام ، والثاني مناسب لصورة ما وقع ، فإنه إذا ركب الكلام من فعل واسم يقدم الفعل على الاسم لكونه عاملا. (جلبي).

(٣) قوله : (فإن التركيب) علة ولا يتأتى أو للمحذوف ، أي وإنما الحصر الكلام في هذين القسمين فإن التركيب .... إلخ

(٤) لا يزيد على التسعة إذا روعي الترتيب ، وعلى الستة إذا لم يراع ترتيب.

(٥) قوله : (ومن البين) خبر مقدم وجوبا لما سيأتي أن الخبر إذا كان خبرا عن أن المفتوحة المؤولة مع اسمها وخبرها بالمفرد الواقعة مبتدأ ، يجب تقديمه عليها ، وههنا كذلك أي : ومن البين الواضح الغير الخفي. (محرم).

(٦) فلا بد من الاسم تحقيقا للمسند إليه ، ثم إن كان معه اسم وهو القسم الأول ، وإن كان معه فعل وهو القسم الثاني ، فاحفظه عن التطويلات (محمد واني).


وأما الأقسام الأربعة الباقية ، ففي الحرف والحرف كلاهما مفقودان ، وفي الفعل والفعل ، وفي الفعل والحرف المسند إليه (١) مفقود ، وفي الاسم والحرف أحدهما مفقود ، فإن الاسم إن كان مسندا فالمسند إليه مفقود ، وإن كان مسندا إليه فالمسند مفقود. ونحو (يا زيد) (٢) بتقدير : أدعو زيدا ، فلم يكن من تركيب الحرف والاسم بل من تركيب الفعل والاسم ، الذي هو المنويّ في (أدعو).

(الاسم)

الاسم (٣) (ما دلّ) (٤) أي : كلمة دلّت (على معنى) كائن (٥) في نفسه أي : في نفس ما دلّ ، يعني : الكلمة.

__________________

(١) وإنما اختص هذا المعنى بالاسم ؛ لأن الفعل وضع ؛ لأن يكون أبدا مسندا فقط فلو جعل مسندا إليه يلزم خلاف وضعه. (محمودي).

ـ ولئن سلمنا أنه كلام في الحقيقة لكن لا نسلم بطلان الحصر به ؛ لأن (يا) اسم فعل على ما هو مختار بعضهم ، فالتأليف من اسمين أحدهما (يا) والآخر الضمير المستكن ، أعني : أنا. (حدائق).

(٢) قوله : (ونحو زيد ... إلخ) جواب سؤال مقدر وهو لزوم النقض على قاعدة حصر الكلام إلى القسمين ، وهو أن يا زيد كلام مفيد مع أنه مركب من حرف واسم ، فأجاب أن أصله أدعو زيدا ، فلم يكن من تركيب الحرف والاسم بل من تركيب الفعل والاسم الذي هو الضمير المنوي في أدعو ، وهذا أيضا اعتراض على المبرد حيث حصر الكلام إلى ثلاثة أقسام ، وجعل القسم الثالث ما ركب من حرف واسم مثل يا زيد وجوابه ظاهر. (مصطفى جلبي).

(٣) هذا خطبة بعد خطبة حيث ذكر الكلام بلا عاطفة ، وذكر تعريف الاسم أيضا بلا عاطفة ، وهذا دأب المصنف في أكثر مواضع هذا الكتاب كما ترى (مصطفى جلبي).

(٤) المراد من الدلالة الدلالة الأولية فلا يرد أسماء الأفعال ، فإن قيل : إن أريد بالدلالة المطابق دخل الفعل في حد الاسم ؛ لأن مدلوله المطابقي وهو الحدث مع الزمان غير مقترن ، وإلا لزم اقتران الزمان بالزمان ، وإن أريد بها دلالة التضمن خرج الأسماء البسيطة ، قيل : واعلم أن الماضي الواقع في الحد يراد به الاستمرار. (هندي).

(٥) جعل في نفسه صفة معنى لا متعلقا ب : دلّ ، أي : دلّ عليه بنفسه ، ولا حالا عن ضميره أي : دلّ كائنا في نفسه ، أي : معتبرا في حد ذاته ؛ لئلا يفصل بين معنى وصفة ، أعني : غير مقترن بما ليس صفة ؛ لأنه وإن جاز لكن كون الفاصلة صفة أعذب ومن الفهم أقرب. (عصام الدين).

والمراد من هذه الحكاية إشارة إلى جواز إرجاع الضمير إلى غير الكلمة ، وهو المعنى. (توقادي).


فتذكير (١) الضمير بناء على لفظ الموصول.

قال المصنف (٢) في الإيضاح (٣) شرح المفصل : الضمير في (ما دلّ على معنى في نفسه) يرجع إلى (معنى) أي : ما دل على معنى باعتباره في نفسه وبالنظر إليه في نفسه ، لا باعتبار أمر خارج عنه ، كقولك : الدار في نفسها حكمها كذا ، أي : لا باعتبار أمر خارج عنها ، ولذلك قيل (٤) : الحرف ما دل على معنى في غيره أي : حاصل في غيره ، أي: باعتبار متعلقه لا باعتباره في نفسه انتهى كلامه ، ومحصوله (٥) : ما ذكره بعض المحققين حيث قال (٦) : كما أن في الخارج موجودا قائما بذاته وموجودا قائما بغيره

__________________

(١) هذا جواب سؤال مقدر وهو أن الشارح جعل لفظة ما عبارة عن الكلمة والضمير في دل وفي نفسه كناية عن الكلمة وراجع إليها ، وهو مؤنث فيجب تأنيث الضمير في الموضعين ؛ ليطابق مرجعه ؛ لأن تطابق الضمير والمرجع في الأحوال العائدة إليهما واجب ، فأجاب عنه بقوله : (فتذكير الضمير ... إلخ). (محرم أفندي).

(٢) وفي بعض النسخ في إيضاح شرح المفصل ، والمفصل كتاب رائق في النحو من مصنفات العلامة الزمخشري ، شرحه ابن الحاجب أولا ، ثم انتحل الكافية منه. (حلبي).

(٣) والأنسب : وتفصيله أو ومفصله ؛ لأن ما ذكره هذا المحقق مفصل بالنسبة إلى ما ذكره المصنف. (حلبي).

(٤) قوله : (حيث قال ... إلخ) يعني شبه العقلي إلى المحسوسات تسهيلا للمتعلمين وتفيهما إلى المبتدئين المحصلين ، وهذا التفصيل مذكور في حواشي الرضي للشريف الجرجاني ، فذكر الشارح أكثر عبارته بعينها ، ثم قوله : (كما أن من حيث الإعراب خبر مبتدأ محذوف) أي : هذا كائن كما أن في الخارج ... إلخ ، وقيس عليه نظائره كقولهم : (النجاة في الصدق) كما أن الهلاك في الكذب ، ولفظة ما زائدة. (مصطفى جلبي).

(٥) والأنسب وتفصيله أو مفصله ؛ لأن ما ذكره هذه المحقق مفصل بالنسبة إلى ما ذكره المصنف. (جلبي).

(٦) قوله : (حيث قال ... إلخ) يعني : شبه الأمور العقلي إلى المحسوسات تسهيلا للمتعلمين وتفيهما إلى المبتدئين المحصلين ، وهذا التفصيل مذكور في حواشي الرضي للشريف الجرجاني ، فذكر الشارح أكثر عبارته بعينها ، ثم قوله : (كما أن من حيث الإعراب خبر مبتدأ محذوف) أي : هذا كائن كما أن في الخارج ... إلخ ، وقيس عليه نظائره كقولهم : (النجاة في الصدق ، كما أن الهلاك في الكذب) ولفظة ما زائدة. (مصطفى جلبي).

أي : لما قاله المصنف في الإيضاح ، أو لكون الضمير المجرور في نفسه راجعا إلى المعنى ، ولكون الاسم ما دل على معنى كائن ، أي : في نفس ما دل. (ح). ـ


كذلك في الذهن معقول هو مدركّ قصدا ملحوظ في ذاته ، يصلح أن يحكم عليه وبه ، ومعقول (١) هو مدرك تبعا وآلة لملاحظة غيره ، فلا يصلح لشيء منهما. فالابتداء مثلا إذا لاحظه العقل قصدا وبالذات كان معنى مستقلا بالمفهوميّة ملحوظا في ذاته ، ولزمه تعقّل متعلّقه (٢) إجمالا وتبعا من غير حاجة إلى ذكره (٣) وهو بهذا الاعتبار مدلول (٤) لفظ الابتداء فقط ، فلا حاجة في الدلالة عليه إلى ضمّ كلمة أخرى إليه ليدل على متعلقه ، وهذا هو المراد بقولهم : أن للاسم والفعل معنى كائنا في نفس الكلمة الدّالة عليه. وإذا لاحظه العقل من حيث هو حالة بين السير والبصرة مثلا ، وجعله آلة لتعرّف حاليهما ، كان معنى غير مستقل بالمفهومية ولا يصلح أن يكون محكوما عليه وبه ولا يمكن أن

__________________

ـ هذه العبارة مأخوذة بعينها للسيد الشريف في حواشي الرضي ، فكتبه الشارح متبركا بلفظه.(حلبي).

ـ الكاف للتشبيه والمشبه به مدخول الكاف ، والمشبه الكلام المرتب عليه من كون المفهوم في نفسه وفي غيره. (توقادي).

ـ جواب عن سؤال المقدر ، كأنه قيل : إن الابتداء الكلي أيضا عن مستقبل بالمفهومية ؛ لأنه يقتضي الارتباط إلى شيء ، أي : إلى متعلق فأجاب رحمه‌الله : بأنه لا يلزم تعقل متعلقة بالذات بل يلزم إجمالا وتبعا. (مصطفى).

(١) كالأعيان الغائبة عن الحسّ البصري ؛ إذا لاحظها العقل قصدا بالذاته تكون مدركة قصدا ، وملحوظة في حد ذاتها ، وتصلح لأن محكم بها ، مثل نوع من الحيوان تمساح يسكن في النيل ، وتصلح ؛ لأن الحكم عليها مثلا التمساح حيوان يحرك فكه الأعلى عند المضغ. (توقادي).

ـ وهذا أي : ما قلنا من أنه إذا لاحظ مفهوم الابتداء العقل قصدا وبالذات ، كان ذلك المعنى الملحوظ مستقلا بالمفهومية. (محرم أفندي).

(٢) والمتعلق ههنا ما أضيف إليه لفظ الابتداء مثل القراءة. (ح).

(٣) والحاصل أن المعنى المدلول غلبة بنفسه مشابه للموجود الخارج الذي هو قائم بذاته في صحة كونه محكوما عليه وبه ، كذا الدال على ذلك المعنى ، والمعنى المدلول عليه بغيره مشابه للموجود الخارجي الذي هو قائم بغيره في عدم كون كل واحد منهما ، وكذا الدال عن تلك المعنى أيضا. (توقادي).

(٤) قوله : (من غير حاجة إلى ذكره) ؛ لأن المتعلق الإجمالي الذي لا يتصور الابتداء بدونه ، وهو شيء ما مفهوم من لفظ الابتداء ، ولما كان ذلك المتعلق غير ملتفت بالذات بل ملتفتا بالتبع كفت دلالته هذه ، بخلاف ما لو كان ملتفتا بالذات ، فإنه لا بد حينئذ من ذكر متعلقه بضم كلمة أخرى ليدل عليه. (عبد الغفور).


يتعقّل إلا بذكر متعلقه بخصوصه ، ولا أن يدلّ عليه إلا بضمّ كلمة دالة على متعلقه بخصوصه. والحاصل (١) أن لفظ (الابتداء) موضوع لمعنى كلي (٢) ، ولفظة (٣) (من) موضوعة لكلّ واحد من جزئياته المخصوصة المتعقّلة ، من حيث إنها حالات لمتعلقاتها ، وآلات لتعرّف أحوالها (٤) ، وذلك المعنى الكليّ يمكن أن يتعقّل قصدا ، ويلاحظ في حد ذاته فيستقلّ بالمفهومية ، ويصلح أن يكون محكوما عليه ، وبه ، وأما تلك الجزئيات فلا تستقلّ بالمفهوميّة ، ولا تصلح أن تكون محكوما عليها ، أو بها ؛ إذ لا بدّ في كلّ (٥) منها أن يكون ملحوظا قصدا ، ليمكن أن تعتبر النسبة بينه وبين غيره ، بل تلك الجزئيات لا تتعقّل إلا بذكر متعلقاتها ، لتكون آلات ، لملاحظة أحوالها ، وهذا هو المراد (٦) بقولهم :

__________________

(١) فإن قلت : ما الفرق بين الحاصل والمحصول؟ قلت : الفرق بينهما عموم وخصوص مطلقا ، العام هو الحاصل والخاص هو المحصول ؛ لأن الحاصل يدل إلى الإجمال والتفصيل ، والمحصول يدل إلى التفصيل فقط. (الداشكندي).

(٢) مستقل بنفسه في المفهومية يصلح أن يحكم عليه وبه ، كما أن لفظ الحيوان موضوع لمعنى كلي مستقل بنفسه فيها يصلح لأحدهما. (توقادي).

(٣) قوله : (ولفظ من ... إلخ) وذلك ؛ لأن من لا يستعمل إلا في الجزئيات ومثل هذا الاستعمال أمارة الوضع ، والقول بأنه مجاز لا حقيقة له بعيد لا ضرورة إليه ، اعلم أن هذا على رأى القائلين بالوضع العام ، والموضوع له الخاص في الحروف وأمثالها من الضمائر وأسماء الإشارة صحيح لا خفاء فيه ، ومنهم المحقق الشريف صاحب هذا التحقيق ، وأما على رأي من لم يقل وجعل تلك الألفاظ موضوعة لمفهومات كلية بشرط الاستعمال في جزئياتها ، ومنهم المحقق التفتازاني يكون من معناه الموضوع له المفهوم الكلي ومدلوله جزئيات من جزئيات ذلك المفهوم الكلي فالفرق حينها مشتكل. (عصمت رحمه‌الله).

(٤) فإن قلت : حالات المتعلقات هي أحوالها ، فكون حالات المتعلقات آلات لتعريف أحوالها يستلزم آلية الشيء لتعريف نفسه ، قلت : بأن المراد الأولى الابتداء الجزئي بلا ملاحظة المبتدأ ، وبالثانية الابتداء الجزئي بملاحظة المبتدأ ، كونه حالة بين السير والبصرة ، وهذه المغايرة كافية في الأمور الاعتبارية المصطلحة. (عصمت مصطفى جلبي).

ـ يعني في حد نفس لفظ الابتداء لا في غيره. (ح).

(٥) قوله : (إذ لا بد في كل ... إلخ) فيه منع فإن كل في كل إنسان كانت آلة الملاحظة أفراده مع اعتبار النسبة بينه وبين غيره ، فلا بد من التخصيص كما سبق. (عصمت).

(٦) قوله : (وهذا هو المراد بقولهم) : يعني كون تلك الجزئيات التي هي معنى الحرف بحيث لا يتعقل إلا بتعقل متعلقاتها ، وهو المراد بقولهم : إن الحرف يدل على معنى في غيرها ، فالمراد ـ


إنّ الحرف يدلّ على معنى في غيره (١) ، وإذا عرفت هذا (٢) ، علمت أنّ المراد (٣) بكينونة (٤) المعنى في نفسه استقلاله بالمفهومية ، وبكينونة المعنى ، في نفس الكلمة ؛ دلالتها عليه من غير حاحة إلى ضمّ كلمة أخرى إليها لاستقلاله بالمفهوميّة (٥) ، فمرجع كينونة المعنى في نفسه وكينونته في نفس الكلمة ، الدالة عليه إلى أمر واحد وهو ، استقلاله بالمفهوميّة.

ففي هذا الكتاب (٦) ، الضمير المجرور في (نفسه) ، يحتمل أن يرجع إلى (ما) الموصولة التي هي عبارة عن الكلمة وهذا هو الظاهر ، ليكون على طبق ما سبق في وجه

__________________

ـ بغيرها متعلقاتها ، ويكون معنى الحرف فيها أن يكون متعقلا باعتبارها وبملاحظتها. (عصمت).

ـ وليوافق بالضمير الذي قبله ، وهو ضمير دل ؛ ولأنه لا يحتاج حينئذ إلى حرف كلمة في عن معناها الحقيقي. (عصمت).

(١) يعني أن لفظة من مثلا لا تدل على معنى حاصل في نفسها ، بل إنما تدل على معنى في غيرها كالسير والبصرة ، يعني تدل على أن ابتداء السير من البصرة ، حيث كان السير حالا والبصرة محلا. (محرم أفندي).

(٢) قوله : (وإذا عرفت هذا) أي : إذا عرفت أن بعض المفهومات يكون ملحوظا في ذاته ، وملتفتا قصديا ، ولا يحتاج تعقله إلى تعقل أمر آخر ، ولا يحتاج أيضا اللفظ الدال عليه إلى انضمام لفظ دال على أمر آخر معه ، وهو معنى مستقل بالمفهومية ، وهو معنى الاسم ، وبعض آخر من المفهومات يكون ملحوظا باعتبار أنه آلة الملاحظة أمر آخر ، وملتفت بطفيليته ويحتاج إلا للفظ الموضوع بإزائه في الدلالة عليه إلى انضمام اللفظ الدال على ذلك الأمر معه معنى غير مستقل بالمفهومية ، وهو معنى الحرف علمت أن المراد ... إلخ.(عصمت أفندي).

(٣) قوله : (أن المراد ... إلخ) وقد علمت أيضا أن المراد بكينونة في غيره عدم استقلاله بالمفهومية ، واحتياج الدال عليه إلى انضمام كلمة أخرى معه ليدل عليه ، ولم يلفت إليه ؛ لأن البحث في تحقيق مفهوم الاسم ، وإن كان قوله : (وبما سبق من التحقيق إلخ) يستدعي ذكره. (عصمت).

(٤) بناء على تقدير إرجاع الضمير إلى الموصول الذي هو عبارة عن الكلمة. (توقادي).

(٥) المرجع يكون مصدرا ميميا واسم مكان ، فإن الأول يستعمل ب (إلى) كما في هذا الكتاب ، والثاني يستعمل بلا إلى فيقال : مرجع الجور الفناء ، أي : مجلة ومخرة ، ويقال : مرجع الجور إلى الفناء أي : رجوعه إليه. (مصطفى جلبي).

ـ وهو قوله : (لأنها إما أن تدل على معنى في نفسها) بتأنيث الضمير. (علي رضا).

(٦) ولما فرغ من بيان أن يكون الضمير المجرور تارة راجعا إلى ما الموصوفة ، وأخرى إلى المعنى ، وبيان أن لا فرق بينهما في المآل ، وهو الاستقلال بالمفهومية كما سبق ، بل الفرق بينهما ليس إلا في التوجيه ، أورد ههنا بيان الأولى وأليق منها فقال : بالفاء المفيدة للتفصيل. (توقادي).


الحصر من كينونة المعنى في نفس الكلمة ، ويحتمل أن يرجع إلى المعنى تنبيها على صحة إرادة كلا المعنيين (١) ، ولكن عبارة (المفصل) ظاهرة في المعنى الأخير ، وهو إرجاع الضمير (٢) إلى المعنى ، لعدم مسبوقيّتها بما يدلّ على اعتبار كينونة المعنى في نفس الكلمة ، ولهذا جزم المصنف هناك برجوعه إلى المعنى.

ومما سبق (٣) من التحقيق ظهر أنه لا يختلّ حدّ الاسم جمعا ، ولا حدّ الحرف منعا بالأسماء اللازمة الإضافة (٤) ، مثل : (ذو ، وفوق ، وتحت ، وقدام ، وخلف) إلى غير

__________________

(١) إن معناه الأول أن الاسم ما دل على معنى في نفس الكلمة ، والثاني أن الاسم ما دل على معنى في نفس المعنى. (لمحرره علي رضا).

(٢) قوله : (وإرجاع الضمير إلى المعنى) بالجر عطف تفسير للمعنى لا خبر وبيان له ، وكونها ظاهرة لقرب المرجع ، وشيوع نوع معناه العرفي ، نقل عن بعض النحاة إذا دال الضمير من القرب والأبعد فهو للأقرب ، لكن في عبارة هذا الكتاب رجح كونه راجعا إلى كلمة وهو إرجاع الضمير في تعريف الاسم الحاصل من دليل الحصر إلى الكلمة ، ويحتمل أن يكون بالرفع جملة مستقلة معللة بقوله : (بعد ... إلخ) أي : لم يصرف عن الظاهر بإرجاع الضمير إلى كلمة ما في عبارة هذا الكتاب لعدم مسبوقيتها. (عصمت).

(٣) قوله : (وبما سبق من التحقيق ظهر أنه لا يحتلّ حد الاسم جمعا الحرف منعا) أي : سبب لزوم تعقل متعلقات هذا الأسماء ، فإن معانيها مستقلة بالمفهومية ؛ لكونها مفهومات كلية ، ولزوم تعقل متعلقاتها لفهم خصوصيات التي جرت العادة باستعمالها في تلك المفهومات الكلية المنضم معها بعض الخصوصيات ، فإن قلت : معاني هذه الأسماء لا يصح الحكم عليها وبها ، كمعاني الحروف ، فكيف تكون مستقلة بالمفهومية؟ قلت : لا نسلم ذلك بل معاني هذه الأسماء إذا أخذت في حد ذاتها تصلح لذلك ، وعروض لزوم الظرفية وانضمام بعض الخصوصيات ، في الاستعمال أخرج عن ذلك ، بخلاف المعاني الحرفية فإنها لا تصلح لذلك في حد ذاتها ، فافترفا ، فإن قلت : معنى الظرفية التي هي معنى حرف داخل في مفهوم متى كما خرج به فاضل المحشي ، فيكون معناه في حد ذاته غير مستقل بالمفهومية مع أنه اسم؟ قلت : الجزء الآخر من معناه وهو الزمان مستقل بالمفهومية ، والمعنى المستقل بالمفهومية أعم من أن يكون مطابقا أو تضمنا ، وأيضا المراد من أن معانيها مفهومات كلية أعم من المعاني المطابقة والتضمينة. (عصمت).

(٤) والفرق بين الأسماء اللازمة الإضافة والحروف أن الواضع شرط في دلالة الحرف على معناه ذكر المتعلق ، ولم يشرط ذكر المتعلق في الأسماء الإضافة اللازمة ، وإنما التزم الإضافة لغرض آخر وهو إزالة الإبهام وإفادة الخصوصيات. (عصام الدين).


ذلك ؛ لأن معانيها مفهومات كلية مستقلة بالمفهوميّة ، ملحوظة في حدّ ذاتها ، ولزمها تعقّل متعلقاتها إجمالا من غير حاجة إلى ذكرها ، لكنّ لما جرت العادة باستعمالها في مفهوماتها مضافة إلى متعلقات (١) مخصوصة ؛ لأن الغرض من وضعها ، لزم ذكرها ، لفهم هذه الخصوصيات ، لا لأجل فهم أصل المعنى فهي دالة على معانيها المعتبرة في حدّ نفسها لا في غيرها ، فهي داخلة في حدّ الاسم خارجة عن حدّ الحرف. ولما كان الفعل دالّا على معنى (٢) في نفسه باعتبار معناه (٣) التّضمّني (٤) أعني : الحدث (٥) وكان ذلك المعنى مقترنا مع (٦) أحد الأزمنة الثلاثة في الفهم عن لفظ الفعل أخرجه بقوله ،

__________________

(١) والفرق بين الأسماء اللازمة والحروف أن الواضع شرط في دلالة الحرف على معناه ذكر المتعلق ، ولم يشرط ذكر المتعلق في الأسماء الإضافة اللازمة وإنما التزم الإضافة لغرض آخر وهو إزالة الإبهام وإفادة الخصوصيات. (عصام الدين).

(٢) قوله : (ولما كان الفعل دالا على معنى جواب) عن سؤال مقدر ؛ لأنه قيل : لا حاجة إلى قوله : (غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة) ؛ لأن هذا القيد لإخراج الفعل ، وهو خرج بقوله : (في نفسه) ؛ لأن الفعل باعتبار معناه المطابقي لا يدل على معنى في نفسه ، وهذا ـ أي : عدم دلالة الفعل باعتبار معناه المطابقي على معنى في نفسه ـ ظاهر ، فأجاب رحمه‌الله بقوله : (ولما كان الفعل دالا إلخ) يعني المراد بالدلالة هنا الدلالة المطلقة الشاملة إلى المطابقة إلى التضمن وإلى الالتزام ، لكن يراد هنا التضمين بناء على عبارة المصنف في تعريف الفعل ، كما سيجيء إن شاء الله تعالى ، حيث وصف هنالك باقتران أحد الأزمنة الثلاثة ، ولو لم يحمل ههنا إلى التضميني لوقع التناقض بين كلامه. (مصطفى جلبي).

(٣) قوله (الدلالة التضمني في الفعل) الحديث مطلقا والدلالة المطابقة الفاعل والزمان والحديث معا ، والدلالة التزام يكون الفعل مسندا مطلقا (محرره رضا).

(٤) الدلالة التضمني في الاسم الحيوان مطلقا ، والدلالة المطابقي الحيوان الناطق مع التشخص ، والدلالة التزامي أن يكون مسندا ومسندا إليه. (رضا).

(٥) المدلول عليه بالمادة ؛ لأن معناه المطابقي غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ، وإلا لزم اقتران الزمان بالزمان فيكون الشيء مقترنا بنفسه ، وأراد بالمعنى ما يشمل المعنى التضميني وغيره ، فيدخل في حد الاسم الفعل ، أقول : الدلالة اللفظية الوضعية تنقسم على ثلاثة أقسام : مطابقي تضميني ، إلتزامي. (توقادي).

(٦) يعني أنه أراد بالمعنى ما يشمل المعنى التضميني فدخل فيه الفعل يحتاج إلى خروجه بقوله : (غير مقترن) وأوراد المعنى المطابقي لم يدخل فيه ؛ لأن المعنى المطابقي للفعل باعتبار الشيء له على النسبة غير مستقل ، فلم يحتج إلى أن يخرج بقوله : (غير مقترن). (عبد الغفور).


(غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة) أي : غير مقترن مع أحد الأزمنة الثلاثة في الفهم عن اللفظ الدالّ عليه فهو (١) صفة بعد صفة (لمعنى) ، فبالصفة الأولى خرج الحرف عن حدّ الاسم ، وبالثانية الفعل (٢).

والمراد (٣) (بعدم الاقتران) أن يكون بحسب الوضع الأول ، فدخل فيه أسماء الأفعال جميعا ؛ لأن جميعها إمّا منقولة ، عن المصادر (٤) الأصليّة سواء كان النقل فيه صريحا نحو : (رويد) فإنه قد يستعمل مصدرا أيضا ، أو غير صريح (٥) نحو : (هيهات)

__________________

(١) أشار إلى أن الباء إذ وقعت للاقتران يكون بمعنى مع ، وإلى أن الاقتران المنفي في حد الاسم ، والمثبت في حد الفعل هو الاقتران عند فهم ذلك المعنى من اللفظ الدال عليه ، فلا يقدح في عدم الاقتران كون الزمان مقارنا للمعنى في الواقع ، ولا كونه مفهوما قبل فهم ذلك وبعده من لفظ آخر ، فلا يخرج عن حد الاسم مثل الضارب في قولنا في الماضي : زيد ضارب ، أو زيد ضارب أمس. (عصمت).

(٢) وفي بعض النسخ وهو بالواو وهو الظاهر ، وأما الفاء فهي للبيان إذ التعريف غير مناسب ، ثم هو مجرور على تقدير الوصفية ، ويجوز نصبه بأن يكون حالا من المعنى ، ورفعه بأن يكون خبر مبتدأ محذوف ، أي : وهو غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ، وإنما احتاج الجر بالوصفية ؛ لأن النصب على الحالية يحتاج إلى تقييد الدلالة بحال عدم الاقتران ، والرفع على الجزئية يحتاج إلى ارتكاب الحذف. (عصمت رحمه‌الله).

(٣) قوله : (والمراد ... إلخ) لما كان ههنا مظنة سؤال هو أن حد الاسم غير جامع لخروج أسماء الأفعال عنه بقيد عدم الاقتران ، فإن معانيها مقترنة بأحد الأزمنة ، وغير مانع أيضا لدخول الأفعال المنسلخة عن الزمان إذ معانيها المستعملة فيها بعد الانسلاخ مستقلة غير مقترنة بأحد الأزمنة أراد أن يدفع ذلك فقال : والمراد ... إلخ. (عصمت بخاري).

(٤) قوله : (منقولة عن المصادر) معناه أن الكل في الأصل مصادر موضوعة لمعنى مصدري نقل إلى معنى الفعل ، وهذا المعنى متبادر عن تلك العبارة من غير مسامحة ، كما قيل. (عصمت بخاري).

(٥) أسماء الأفعال ما بمعنى الأمر نحو ها زيد ، أي : آخذه ، ورويدا زيد أي : أمهله ، وهلم زيدا أي : أحضره ، كقوله تعالى (هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ)[الأنعام : ١٥٠] ، أحضروهم ، وهات شيئا أي :أعطه ، وشهيل الثريد أي : أتيه ، وحيّ احده بمعنى أقبل ، وبلد زيد أي : دعه ، وعليك زيد أي :الزمه ، ودونك عمر أي : خذه ، وتراك زيد أي : اتركه ، وأمين بمعنى استجب ، دوراك بمعنى تأخر ، وأمامك بمعنى تقدم ، وإليك بمعنى بعد ، وأذهب وغير ذلك ، وإما بمعنى الماضي نحو :هيهات الأمر أي : بعد ، وشتات زيد وعمرو أي : اقترفا ، وسرعان زيد ووشكان عمر أي : ـ


فإنه وإن لم يستعمل مصدرا إلا أنه على وزن (قوقاة) مصدر (قوقى) أو عن المصادر التي كانت في الأصل أصواتا نحو : (صه (١) ومه) أو عن الظروف أو عن الجار والمجرور نحو : (أمامك زيدا) ، و (عليك زيدا) فليس لشيء منها الدلالة على أحد الأزمنة الثلاثة ، بحسب الوضع الأول ، وخرج عنه الأفعال المنسلخة عن الزمان نحو : (عسى (٢) وكاد) لاقتران معناها به بحسب أصل الوضع ، وخرج عنه المضارع أيضا ، فإنه على تقدير اشتراكه بين الحال (٣) والاستقبال (٤) يدل على زمانين معينين من الأزمنة الثلاثة فيدل على واحد معين أيضا في ضمنهما ؛ إذ لا يقدح في الدلالة على واحد معين الدلالة على ما سواه (٥) ، نعم يقدح في إرادة المعين إرادة ما سواه ، ...

__________________

ـ قربا ، وغير ذلك. (أظهار مع الشرح). قيل : رويد مصغرا روادا مصدر أرود بمعنى أرفق بعد الترحيم بهذا الهمزة والألف ، واستعمل أرواد رويد بمعنى أرفق رفقا صغيرا قليلا. (عصمت).

(١) بالسكون أو صه بالتنوين فإنه في الأصل صوت ، ثم استعمل في معنى المصدر أعني السكوت ، ثم جعل اسم بمعنى اسكت. (حلبي).

ـ كالحروف ؛ لأن الفعل وإن دل على معنى في نفسه إلا أن ذلك المعنى مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ، فتم حد الاسم جمعا ومنعا. (محرم).

(٢) فإن الأفعال المنسلخة في أصل الوضع دالة على المعنى المقترن بالزمان ، إلا أنها انسلخت عنها لتدل على مطلق القرب ، وأفعال المدح والذم فإنها أيضا دالة على معنى مقترن بالزمان الماضي إلا أنها انسلخت عنه لقصد ملازمة الدوام في المدح والذم ، وليكون المدح والذم مطلقا بحيث لا يقترن بالزمان ، وكذا أفعال التعجب. (توقادي).

(٣) بأن لم يثبت استعماله مصدرا إلا أنه يشبهه المصدر بأن يكون على وزنه نحو ههيات ، على وزن قوقات. (بخاري).

اعلم أن العلماء اختلفوا في المضارع فقال بعضهم : حقيقة في الحال ومجاز في الاستقبال ، وقال بعضهم : إنه حقيقة في الاستقبال ومجاز في الحال ، وقال الآخرون : إنه مشترك بينهما ، هذا أرجح من الأولين لأنه في كثير من المواضع في القرآن العظيم مشترك بين الحال والاستقبال ؛ لأن لفظ المشترك في معنيين حقيقة فيهما ، موضوع لكل فهو أصل الوضع لأحد الأزمنة الثلاثة معينا ، وكذا في الاستقبال ، والتباس ذلك المعين لا يخل بكونه لأحديهما معينا. (شيخ رضي).

(٤) أي غير المعنى المعين ، فالمعنى المعين هو الحال والاستقبال معا ، وغيره واحد منهما بين معين. (محرم).

(٥) هذا جواب ناشئ من قوله : (إذ لا يقدح إلى ... إلخ) وهو أنه علم لا يقدح في الدلالة على معنى الدلالة على ما سواه ، وهل يقدح في إرادة الزمان المعين أرادهما سواء ، فأجاب بطريق التسليم. (محرم).


وأين الدلالة (١) من الإرادة؟ ولما فرغ من بيان حد الاسم أراد أن يذكر بعض خواصه ليفيد زيادة معرفة به ، فقال : (ومن خواصه) (٢) منبها بصيغة جمع الكثرة على كثرتها وب (من) التبعيضيّة ، على أن ما ذكره بعض منها.

وهي : جمع خاصّة ، وخاصّة الشيء ما يختص به ولا يوجد في غيره وهي ، إما شاملة لجميع أفراد ما هي خاصة (٣) له كالكاتب بالقوة للإنسان ، أو غير شاملة (٤) كالكاتب بالفعل له ، فمن خواص الاسم (دخول اللام) أي : لام التعريف (٥) ، ولو قال : دخول حرف التعريف لكان شاملا (٦) للميم في مثل : قوله عليه‌السلام (ليس من امبر أمصيام ، في أمسفر) لكنه لم يتعرض له لعدم شهرته (٧) وفي اختياره اللام وحدها

__________________

(١) قوله : (أين الدلالة من الإرادة) يعني بينهما فرقا ، فإن الدلالة فهم المعنى من اللفظ ، سواء كان مرادا أو لا ، بخلاف الإرادة فإن كون المعنى مرادا مقصودا من اللفظ كلفظ العين المشترك إذا أريد أحد معانيه ، فإنه يدل على جميع معانيه مع أن المراد واحد معين منها. (وجيه الدين).

قوله : (وأين الدلالة من الإرادة) إذ الدلالة وصف الكلمة والإرادة وصف المتكلم ، ولا يتصور أن يريد المتكلم الحال أو الاستقبال مع إرادة الآخر ، بخلاف الكلمة فإن يضرب مثلا يدل على الحال والاستقبال ما لم يخص بالقريبة بأحدهما. (جلبي).

(٢) خبر قدم للاهتمام به أو للقصر ، أو مبتدأ كما قال صاحب الكشاف في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا)[البقرة : ٨].

(٣) ويقال لها عرض لازم ؛ لأنه يمتنع انفكاكه عن الماهية. (ح).

(٤) ويقال لها عرض مفارق حيث لا يمتنع انفكاكه عن الماهية. (م).

(٥) احترز به عن لام الأمر ولام الابتداء ولام التأكيد ، فإنها تدخل على الفعل ، فكان اللام فيها بدل عن المضاف إليه وللعهد الخارجي وللذهني ، والتفسير بيان للواقع لا بيان لما استعمل اللفظ فيه. (عصمت عبد الغفور).

(٦) أجيب عن هذا بأن الميم داخل في اللام ؛ لأنها بدل عن اللام ، كما صرح في بحث الإبدال. (مصطفى جلبي).

في لغة حمير وهي قبيلة من طيء ، لما قال حميري لرسول الله عليه‌السلام : أمن أمبر أمصيام في أمسفر؟ قال عليه‌السلام في جوابه : «ليس من امبر امصيام في امسفر» أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ١٩ / ١٧٢ (٣٨٧). ولكان شاملا لحرف النداء أيضا ، والأولى أن يتعرض له أيضا ، وقيل : لم يتعرض له الظهور اختصاصه بالاسم عقلا ، وإما ؛ لأنه ليس للتعريف مطلقا مع قصد. (بخاري).

(٧) أي : تعريف الحرفية بخلاف لام الموصولة في نحو الضارب المضروب ؛ لأن اللام الموصول لا تدخل إلا على فعل في صورة الاسم. (الداشكندي).


إشارة (١) إلى أن المختار عنده ما ذهب إليه سيبويه (٢) ، من أن أداة التعريف هي (٣) : اللام(٤) وحدها زينت عليها همزة الوصل لتعذر الابتداء (٥) بالساكن. وأما الخليل (٦) : فقد ذهب إلى أنها أل ك : (هل) والمبرد :

إلى أنها الهمزة المفتوحة وحدها ، زيدت اللام للفرق بينهما وبين همزة الاستفهام وإنما اختص دخول حرف التعريف بالاسم ؛ لأنه (٧) موضوع لتعيين معنى مستقل بالمفهومية يدلّ عليه اللفظ مطابقة ، والحرف لا يدلّ على المعنى المستقل بالمفهوميّة والفعل يدلّ عليه تضمّنا لا مطابقة وهذه الخاصة ليست شاملة لجميع أفراد الاسم ، فإن حرف التعريف (٨) لا يدخل على الضمائر ، وأسماء الإشارة وغيرها ، كالموصولات

__________________

(١) فإن قلت : ما فائدة قول المصنف من لفظ دخول ، ولم يقل : ومن خواصه اللام الجر ، قلنا : نفس اللام. (علي رضا).

(٢) ولاختصاصه ببعض اللغات ولجواز أن تقول : إن الميم ليست للتعريف بل هي بدل من لام التعريف. (لارى).

(٣) أي : في ضمن اختار المصنف اللام على الألف واللام ، وعلى الألف وحده ، وعلى حرف التعريف أيضا إلى أن المختار ... إلخ. (بخاري).

(٤) لأن في حرف التعريف ثلاثة مذاهب ، والمختار منها عند المصنف مذهب سيبويه ؛ لأنه مقتدى في هذا الفن ومذهبه يكون أقوى المذاهب. (محرم).

(٥) الحصر المستفاد من هذه العبارة إضافي ، أي : ليست الهمزة ومجموع الهمزة واللام فلا يرد أن حرف النداء أيضا يكون أداة التعريف. (عصمت).

(٦) إنما اختار اللام ؛ لأنه ثابت مع الاسم المعرف درجا وابتداء ، بخلاف الهمزة دال فهو أحق بجعله علامة يعرف بها الاسم. (عصام).

(٧) لأن اللام زيدت ولا ساكنة لم يتحرك ، وإن كان في الأصل في الكلمات الموضوعة على حرف واحد الحركة ؛ لأنه لو حرك بالضم لزم الثقل ، ولو حرك بالفتح لا لتبست باللام الجارة ، فزيدت همزة الوصل ؛ لأنها كثيرا ما تزاد عند لزوم الابتداء بالساكن ؛ ليمكن الابتداء به ، قال العصام ونصر : مذهب سيبويه أن التعريف نقيض التنكير ، ودليله حرف ساكن فيناسب أن يكون دليله حرفا ساكنا. (توقادي).

(٨) أي : ذهب الخليل إلى أن أراد التعريف كلمة أل على وزن هل ، وهمزته في الأصل قطعت جعلت وصلية طلبا للخفة المدعوة لكثرة استعمالها ، لما رأي في جميع الاستعمالات أن الهمزة لا ينفك من اللام في الكتابة درجا وابتداء ، ولو كانت زائدة لجاز حذفها في بعض الاستعمالات كما هو حال حروف الزوائد ، ذهب إلى أنها أصلية غير زائدة كاللام. (عصمت).


وكذلك سائر الخواص الخمس المذكورة هاهنا. (و) منها دخول (١) (الجر) (٢) ، وإنما اختص دخول الجر بالاسم ؛ لأنه أثّر حرف الجرّ في المجرور به لفظا وفي المجرور به تقديرا ، كما في الإضافة المعنويّة ، ودخول حرف الجر لفظا أو تقديرا ، يختص بالاسم ؛ لأنه لا فضاء معنى الفعل إلى الاسم ، فينبغي أن يدخل الاسم ليفضي معنى الفعل إليه ، وأما الإضافة اللفظية (٣) فهي فرع للمعنوية فينبغي أن لا تخالف الأصل ، بأن تختص بما يخالف ما يختصّ به الأصل ـ أعني : الفعل ـ أو تزيد عليه بأن تعم الاسم والفعل.

(و) منها دخول (التنوين) بأقسامه (٤) إلا تنوين الترنم ، وسيجيء في آخر الكتاب ـ

__________________

(١) ذكر هذا التعليل الشيخ الرضي وتبعه الشارح ، ونقض عليه بأنه قد يكون لتعيين التضمني كاللام في الجنس ، فإنها لتعيين الذات المعتبرة في مفهوم الحسن ، ولا نصيب للصفة ، والنسبة المعتبرة في مفهوم اللفظ من تعريف اللام ، وقد يكون لتعيين المعنى المجازي الالتزامي ، كما تقول : رأيت الأسد الرامي ، فإن اللام فيه لتعيين نفس اللفظ وغير ذلك. (عصمت).

قوله : (ومنها دخول الجر) إشارة إلى قوله : (والجر) عطف على مدخول الدخول لا على الدخول ؛ لأن الجر هو الحركة أو الحرف ، ولو أريد بالجر معناه المصدري أي : كون الشيء مجرورا لكان عطف على الدخول ، وكذلك التنوين ، وقال اللاري : إذا أريد الجر الدال على الإضافة كما هو الظاهر يكون عطفا على لفظ اللام ، أو على محله ، فعلى الأول يقرأ بالجر ، وعلى الثاني بالرفع ؛ إذ اللام فاعل الدخول. أقول : الأولى ما اختاره الشارح ؛ لأنه لو أريد معنى المصدري لقال : في اللام أيضا ، حتى يكون الخواص على نهج واحد ، ولو أنه يتبادر عند أهل الفن المعنى المختار. (لمحرره رضا قيصري).

(٢) أي : حرف أثره الجر ، أو حرف يجر معنى الفعل إلى الاسم ، ويصد الأول حرف الجزم. (لاري).

(٣) قوله : (أما الإضافة اللفظية) جواب سؤال مقدر وهو أن ، المدعي أن الجر مطلقا من خواص الاسم ، والدليل أفاد أن الجر الذي هو أثر حرف الجر لفظا أو تقديرا من خواص الاسم ، فبقي الجر الذي لم يكن أثر حرف الجر لفظا لا تقديرا كالجر في المضاف إليه بالإضافة اللفظية ، فلم يثبت كونه صاحبة الاسم ، فأجاب بما حاصله : إن هذا التعليل مخصوص بالجر الذي هو أثر حرف الجر كما ترى ، وأما علة اختصاص الجر الذي ليس كذلك كما في الإضافة اللفظية وهو فرع المعنوية. (عصمت أفندي).

(٤) قوله : (بأقسامه) كأنه تعريض للرضي حيث ذكر التنوين بأقسامه في هذا المقام ؛ لكن ما ذكره المصنف في آخر الكتاب كان المناسب تأخيره إلى محله. (مصطفى جلبي).


إن شاء الله تعالى ـ تعريفه وبيان أقسامه على وجه يظهر جهة اختصاص ما عدا تنوين الترنم به وجهة عدم اختصاصه تنوين الترنم به. (و) منها (الإسناد إليه) هو بالرفع عطف على (دخول) لا على مدخوله ؛ لأن المتبادر من الدخول الذكر في الأول أو اللحوق (١) بالآخر ، وكلاهما منتفيان في الإسناد وكذا (٢) في الإضافة. والمراد به كون الشيء المسند (٣) إليه ، وإنما اختص هذا المعنى بالاسم ؛ لأن الفعل وضع ؛ لأن يكون أبدا مسندا فقط ، فلو جعل مسندا إليه لزم خلاف وضعه. (و) منها (الإضافة) أي : كون الشيء مضافا (٤) ، بتقدير حرف الجر لا بذكره لفظا. ووجه اختصاصها بالاسم اختصاص (٥) ...

__________________

(١) وهو أن يكون مذكورا في آخر الكلمة كالجر والتنوين. (توقادي).

(٢) خبر مبتدأ محذوف ، أي : وكذا الحال ، يعني أن الإسناد إليه بالرفع عطف على الدخول ، كذا الحال. (محرم أفندي).

(٣) قوله : (والمراد به كون الشيء مسندا إليه) فسر بهذا حتى لا يكون كلام المصنف لغوا يريد أن الألف واللام في الإسناد إليه عبارة عن الشيء ، وهو العام من الاسم فلا يكون مستدركا ، هذا ملخص كلام المحشي ، وقال الأستاذ : مراد الشارح من هذا التفسير أن قوله : (الإسناد إليه) مأخوذ ومشتق باشتقاق الاعتباري من المسند إليه المصطلح ، وأمثال هذا كثير (مصطفى جلبي) في كلامهم. (مصطفى جلبي).

(٤) أي : كانتقاء كليهما في الإسناد إليه انتقاء كليهما في الإضافة ، فهي أيضا بالرفع عطف على الدخول ، أو الكلام المذكور في الإسناد كالكلام في الإضافة ، فيكون التشبيه باعتبار مجموع الدليل والنتيجة. (عصمت أفندي).

ـ اسم الفعل بمعنى انته مبني على السكون ، والفاء جزاء شرط محذوف تقديره : إذا كان وضع الفعل ؛ لأن يكون مسندا أبدا فانته عن أن يكون مسندا إليه. (رضا).

ـ عرض لا يقوم بذاته ، ولا يتقرر في أن واحد ، ويكون متجددا دائما ولهذا وضع ؛ لأن يكون ... إلخ.(ح).

ـ هذا القيد زائد لا دلالة للفظ الإضافة عليه أصلا على ما ذهب إليه أكثرهم ، ومنهم المصنف من أن الإضافة يكون تقدير حرف الجر وتصريحه ، وأما على ما ذهب إليه بعض آخر من أن النسبة التي بين أمرين بصريح حرف الجر ليست بإضافة ، ولا يسمى طرفاها مضافا ومضافا إليه ، فلا حاجة إلى هذا التقدير. (عصمت).

ـ لأن الإسناد لا تكون في الأول ولا في الآخر ، بل تكون في وسط الكلمتين. (لمحرره رضا).

(٥) وإنما اختص تلك اللوازم بالاسم دون الفعل ؛ لأن الفعل نكرة محضة ؛ لأنه الجملة ، ـ


لوازمها من التعريف (١) والتخصيص والتخفيف (٢) به. وإنما فسرنا الإضافة بكون الشيء مضافا (٣) ؛ لأن الفعل (٤) والجملة قد يقعان مضافا (٥) إليه ، كما في قوله تعالى : (يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) [المائدة : ١١٩] ، وقد يقال (٦) هذا بتأويل المصدر، أي: يوم

__________________

ـ وحق الجملة كونها نكرة من حيث الجملة ، ولا يتصور في الفعل التعريف والتخصيص ، وأما التخفيف فإنه لم يكن في التنوين وما يقوم مقامه ، فلم يحتاج فيه إلى التخفيف. (لمحرره).

(١) قوله : (من التعريف ... إلخ) فيه أن تعريف الحدث وتخصيصه بمعنى تقليل الاشتراك متصور ، ووضعه لمطلق الحدث لا ينافي ذلك ؛ لأن رجلا موضوع لمبهم ، ثم عين بدخول اللام عليه وهذا كالصفات ، فإنه دخل عليه حرف التعريف لتعيين الذات التي هي جزء معناه ، وأما التخفيف في الإضافة فقد يكون بحذف التنوين ، وقد تكون بحذف الضمير كما سيصرح به الشارح والأول وإن كان غير متصور لكن الثاني متصور ، تدبر.

(٢) والظاهر أن قوله : (والتخفيف) إنما وقع سهوا ؛ لأنه فسر الإضافة بكون الشيء مضافا بتقدير حرف الجر، وهذا التفسير لا يصدق إلا على الإضافة المعنوية ، والتخفيف إنما يكون في الإضافة اللفظية كما هو المشهور عند النحاة ، فالأولى أن يقال : لاختصاص لوزمها من التعريف والتخصيص بالاسم ، وأما الإضافة اللفظية فهو فرع المعنوية ، واختصاصها يوجب اختصاص الفرع وهو التخفيف. (إيضاح).

(٣) مع أن قوله : (الآتي والجر علم الإضافة) يدعو إلى تفسيره على طبق نظيره هو الإسناد إليه لكون الشيء مضافا إليه ، ويحوج إلى اعتبار قيد بتقدير حرف الجر. (عصام).

(٤) اختلف في أن المضاف إليه في المثال المذكور الفعل أو الجمله مع أن الاتفاق في أن المضاف إليه هو الجملة الاسمية بتمامها إذا أضيف إليها ، وتفصيله أن الجملة التي وقعت مضافا إليه لاسم الزمان إما أن تكون فعلية كالمثال المذكور ، وإما أن تكون اسمية نحو : أتيتك يوم زيد منطلق ، فاختلف في الأولى أنها مع المضاف إليها بتمامها أو الجزء الأول ، فذهب المصنف إلى الثاني ، وذهب إلى الأولى ، واتفقوا في المثال الثاني على أن المضاف إليه هو الجملة بتمامها. (عصام وحسن أفندي).

(٥) فلا يكون المضاف إليه من خواص الاسم بل يوجد في الاسم والفعل ، أو الجملة فلزم الاحتراز عنه ، ولهذا فسرناها هكذا. (محرم).

(٦) ينبغي أن يكون هذا القول مرضيا ؛ لئلا يخالف السابق من اختصاص الجر فإن لازم الإضافة إليه ، واختصاص اللازم مستلزم لاختصاص الملزوم ، ولئلا يخالف قول المصنف فيما سيأتي المضاف إليه كل اسم ، ولأن معنى الفعل كما ذكرناه يأتي عن الإسناد إليه. (عبد الغفور).


نفع الصادقين ، فالإضافة بتقدير حرف الجر مطلقا (١) تختص بالاسم وإنما قيدناها بقولنا : بتقدير حرف الجر ، لئلا ينتقض بمثل قولنا : مررت بزيد ، فإن (مررت) مضاف إلى (زيد) بواسطة حرف الجر لفظا.

(وهو) أي : الاسم قسمان : (معرب ، ومبني) (٢) لأنه لا يخلو إما أن يكون مركبا مع غيره أو لا ، والأول إما أن يشبه مبني الأصل أولا ، وهذا ـ أعني : المركب الذي لم يشبه مبني الأصل ـ وهو المعرب ، وما عداه ـ أعني : غير المركب والمركب (٣) الذي يشبه مبني الأصل ـ مبني. (فالمعرب) (٤) الذي هو قسم من الاسم. (المركب) أي : الاسم الذي ركب مع غيره (٥) تركيبا يتحقق معه عامله ، فيدخل فيه (زيد ، وقائم ، وهؤلاء) في قولك : (زيد قائم) و (قام هؤلاء) بخلاف ما ليس بمركب أصلا من الأسماء المفردة المعدودة نحو : (ألف ، با ، تا ثا ، زيد ، عمرو ، بكر) وبخلاف ما هو مركب مع

__________________

(١) سواء أريد منها المضاف أو المضاف إليه ، أو النسبة التي بينهما ، ومعنى اختصاص النسبة بالاسم أن يكون طرفاها اسما. (عصمت).

(٢) قوله : (وهو معرب ومبني) أي : الإعراب على ثلاثة أقسام إعراب بالأصالة كإعراب الاسم ، وإعراب بالمشابهة كإعراب الفعل ، وإعراب بالتبعية كإعراب التوابع ، والبناء أيضا ثلاثة الأول بالأصالة كبناء الحرف والفعل الماضي والأمر بغير اللام على أصح القول ، والثاني بالمشابهة كأسماء المبنية ، والثالث بالتبعية كالمنفي والمنادى في قولك : لا رجل ظريف ، ويا زيد بن عمرو. (مولانا سعد الدين).

(٣) ولفظ المركب يطلق على أحد الجزئين أو الأجزاء بالنظر إلى الجزء الآخر أو الأجزاء الأخر ، كما يقال في ضرب زيد مثلا : إن زيد مركب إلى ضرب ، وضرب إلى زيد ، ويطلق على المجموع فيقال : ضرب زيد مركب من ضرب ومن زيد ، ومراد المصنف المعنى الأول ، وليس بمرضي ؛ لأن المركب في اصطلاحهم في المجموع أشهر. (أخي).

(٤) ولما فرغ من التقسيم شرع إلى التعريف بفاء التفسيرية واللام العهد الخارجي ، والمعهود هو الاسم المعرب لا المعرب مطلقا ، وقدم المعرب على المبني ؛ لأن مفهوم المعرب وجودي ، ومفهوم المبني عدمي ، والوجودي مقدم على العدمي ، ولذا قدم المعرب على المبني. (لمحرره رضا).

(٥) قوله : (الذي ركب مع غيره) فيه دفع تناقض وهو أن المعرب قسم من الاسم ، القسم من الكلمة ، وقد أخذ المصنف المفرد في تعريف الكلمة حيث قال : لفظ لمعنى مفرد ، ووصف الاسم المعرب ههنا بالمركب ، وتوجيهه أن المركب المقابل بالفرد وهو المركب من غيره ، لا المركب مع غيره ، يعني من شأنه أن يكون مركبا مع غيره. (مصطفى جلبي).


غيره ، لكن لا تركيبا يتحقق معه عامله ، ك : (غلام) ، في (غلام زيد) فإن جميع ذلك من قبيل المبنيات عند المصنف.

(الذي لم يشبه) أي : لم يناسب (١) مناسبة مؤثرة في منع الإعراب (مبني الأصل) أي : المبني الذي هو الأصل في البناء. فالإضافة بيانية ، وهو الماضي والأمر بغير اللام والحرف. وبهذا القيد خرج مثل : (هؤلاء) في مثل : (قام هؤلاء) لكونه مشابها لمبني الأصل كما سيجيء في بابه إن شاء الله تعالى.

اعلم (٢) أنّ صاحب الكشاف جعل الأسماء المعدودة (٣) العارية عن المشابهة المذكورة معربة. وليس (٤) النزاع في المعرب الذي هو اسم مفعول من قولك : (أعربت الكلمة) فإن ذلك لا يحصل إلا بإجراء الإعراب على آخر الكلمة بعد التركيب ، بل النزاع في المعرب اصطلاحا (٥) ، فاعتبر العلّامة مجرد الصلاحيّة (٦) ، لاستحقاق

__________________

(١) فسر المشابهة التي هي أخص بالمناسبة التي هي أعم ؛ ليناسب قوله : (فيما سيأتي المبني ما ناسب مبني الأصل) ، ثم قيد المناسبة بكونها مؤثرة في منع الإعراب ؛ لئلا يخرج به غير المتصرف الذي بينه وبين المبني الأصل، أي : الفعل مناسبة في تحقق الفرعيتين مجازان ، الأول ذكر الخاص وإرادة العام ، والثاني ذكر المطلق وإرادة المقيد. (جلبي).

(٢) ولما أخذ المصنف التركيب في تعريف المعرب وقيده أيضا بعدم المشابهة فهم أن المصنف خالف الجمهور حيث لم يشترطوا التركيب فيه ، ولبيان هذا الخلاف قال منبها واعلم أن صاحب ... إلخ.

ـ قوله : (اعلم أن صاحب الكشاف) الحق أنه لا مشاحة في الاصطلاح ، فكل منها اصطلح على ما هو أليق في نظره ، إلّا أن السيد ذكر في حواشي الكشاف أن جمهور المحققين مع العلامة ، وقال : هذا أولى وبينه. (عيسى الصفوي).

(٣) سواء كانت غير مركبة أصلا مثل زيد وعمر وبكر ، أو مركبة لا بتركيب يتحقق معه عامله كغلام زيد ، وغلام بكر ، وغلام عمرو. (توقادي).

(٤) كأنه قيل : كيف يجعل الأسماء المعدودة معربة ، وليس فيها الإعراب؟ فأجاب بقوله : (وليس النزاع). (أيضاح).

(٥) يعني هل يقال لزيد مثلا قبل التركيب بعامله معرب أم لا ، فعند صاحب الكشاف يقال له ذلك اصطلاحا، وعند المصنف لا يقال. (توقادي).

(٦) وذلك يتحقق بمجرد عدم المناسبة لمبني الأصل ، فالمعرب عند العلامة ما لم يشبه المبني الأصل ، سواء كان مركبا مع غيره أو لم يركب ، وسواء تحقق بعد التركيب عامله معه أو لم يتحقق. (عصمت).


الإعراب بعد التركيب ، وهو الظاهر من كلام الإمام عبد القاهر واعتبر المصنف مع وجود الصلاحيّة (١) حصول الاستحقاق بالفعل ، ولهذا أخذ التركيب (٢) في تعريفه ، وأما وجود الإعراب بالفعل (٣) في كون الاسم معربا ، فلم يعتبره أحد. ولذلك يقال : لم تعرب الكلمة(٤) وهي معربة.

وإنما عدل المصنف (٥) عما هو مشهور عند الجمهور من أن المعرب : ما اختلف آخره باختلاف العوامل ؛ لأن الغرض من تدوين (٦) علم النحو أن يعرف به أحوال أواخر الكلم (٧) في التركيب من لم يتتبع لغة العرب (٨) ، ولم يعرف أحكامها بالسماع منهم ، فإن العارف بأحكامها ، كذلك مستغن عن النحو ولا فائدة له معتدا بها في معرفة اصطلاحاتهم.

__________________

(١) لا حاجة هنا إلى ذكر الصلاحية ؛ إذ الاستحقاق بالفعل لا يتحقق بدون صلاحية الاستحقاق. (بخاري).

ـ فهنا أمور ثلاثة صلاحية استحقاق الإعراب ، وحصول استحقاق الإعراب ، ووجود الإعراب ، والأولان اعتبروا ، والأخيران لم يعتبره أحد في كون الاسم معربا ، فإن زيد في جاءني زيد معرب حال الوقف أيضا. (عيسى ألصفوي).

(٢) إذ به يحصل الاستحقاق بالفعل ، وأما وجود الإعراب بالفعل فلم يعتبره أحد ، والحاصل أن العلامة اعتبر الإعراب بالقوة البعيدة من الفعل والمصنف اعتبر بالقوة القريبة من الفعل. (عصمت).

(٣) مثل جاءني زيد بالرفع ، ورأيت زيدا بالنصب ، ومررت بزيد بالجر. (محرم).

(٤) قوله : (لم تعرب الكلمة ... إلخ) فيه أنه لم يوجد عند المصنف معرب هكذا ؛ لأنه لا يخلو معرب عن إعراب محقق أو مقدر ، إلا أن يقال : المراد سلب الإعراب بحسب الظاهر فيما إذا كان إعرابه لفظيا ولم يظهره المتكلم ، كما يقال : جاءني زيد ، ورأيت زيدا ، ومرت بزيد بالسكون من غير وقف ، فيقال حينئذ لم تعرب الكلمة وهي معربة. (عصمت).

(٥) أي : أعرض ؛ لأن العدول إذا تعدى ، يعني : يكون بمعنى الإعراض. (محرم).

ـ ولما ورد ههنا سؤال وهو أن المصنف في تعريف المعرب خالف الجمهور ، حيث لم يعرفه بما عرفوه به ، والمخالفة للجمهور من عين الخطأ ، فأجاب الشارح بقوله : (وإنما عدل ... إلخ). (توقادي).

(٦) أي : من جمع مسائله ، وتعيين موضوعه ، وبيان اصطلاحاته ، وكتبه في الكتب. (عصمت).

(٧) من حيث الإعراب والبناء ، والانصراف وعدمه ، والتام والناقص ، وغير ذلك. (م).

(٨) بأن كان عربيا ، وتعلم اصطلاحاتهم من آبائه وأجداده وفروعهم أو من قبيلتهم. (محرم).


فالمقصود (١) من معرفة المعرب مثلا ، أن يعرف أنه مما يختلف (٢) آخره في كلامهم ليجعل آخره مختلفا فيطابق كلامهم. فمعرفته متقدمة على معرفة أنه مما يختلف آخره ، فلو كان معرفته المتقدمة حاصلة بمعرفة هذا الاختلاف وتعريفه به ، وجب أن يعرف أولا بأنه مما يختلف آخره في كلام العرب ، ليعرف أنه مما يختلف آخره فيلزم تقدم الشيء على نفسه. فينبغي أن يعرّف أولا بغير ما عرّفه به الجمهور ويجعل ما عرّفوه به من جملة أحكامه كما فعله المصنف. و (حكمه) (٣) أي : من جملة (٤)(٥) المعرب ، وآثاره المترتبة عليه (٦) من حيث هو معرب ، (أن يختلف آخره) أي : الحرف الذي هو آخر المعرب ذاتا (٧) ، ...

__________________

(١) قوله : (فالمقصود) إشارة إلى أن ليس في نفس التعريف فساد ، بل هو في المقصود من التعريف ، وبيانه أن المقصود من تعريف المعرب أن يعلم المعرب بوجه صالح ؛ لأن يكون وسطا للحكم بأن هذا أو ذاك مما يختلف آخره باختلاف العوامل ، بأن يقال : هذا معرب وكل معرب مما يختلف آخره باختلاف العوامل فهذا مما يختلف آخره باختلاف العوامل ، ولا شبهة في حصول الوجه الصالح من تعريف المصنف لصحة أن يقول : زيد في قام ، معرب أي : مركب ، لم يشبه مبني الأصل ، وكل معرب مما يختلف آخره باختلاف العوامل فزيد مما يختلف آخره باختلاف العوامل ، بخلاف تعريف الجمهور. (عبد الغفور).

(٢) أي : على معرفة وصفه وهو اختلاف آخره باختلاف العوامل ؛ لأن المعرب ذات ، والاختلاف صفة ، والذات متقدمة على الصفة طبعا ، فناسب أن يقدم ذات المعرب وضعا بأن يعرف أولا بحيث يعرف به ذاته ليناسب الوضع الطبع. (محرم).

(٣) في اختيار هذا الحكم إشارة إلى وجه العدول عن تعريف المشهور للمعرب. (عصمت).

(٤) يشير إلى أن الاختلاف المذكور حكم من أحكامه ، وخاصة من خواصه ، وليس مجموع أحكامه.(توقادي).

(٥) إشارة إلى أن إضافة الحكم إلى الضمير للجنس لا للاستغراق ، فيؤول المعنى إلى أنه بعض حكمه.(عصام).

(٦) قوله : (وآثاره المترتبة عليه) يشير إلى المراد بالحكم هنا الحكم المتعارف عند الأصوليين ، كما يقال : المترتب الفرض أن يثاب بفعله ويعاقب بتركه ، أي : الحكم المترتب عليه في الآخرة الثواب بفعله والعقاب بتركه ، لا الحكم الذي بمعنى المحكوم. (جلبي).

(٧) تمييز عن نسبة يختلف إلى الآخر ، فتقديره أن يختلف لفظ آخره ، ثم أزيد الفعل عنه ونسب إلى آخره ونصب لفظا على التمييز ، أو وصف للمصدر المحذوف ، أو على المصدرية بحذف المضاف تقديره يختلف آخره اختلافا ملفوظا. (علي رضا).


بأن يتبدل (١) حرف بحرف آخر حقيقة أو حكما (٢) ، إذا كان إعرابه بالحروف أو صفة (٣) بأن يتبدل صفة بصفة أخرى حقيقة أو حكما ، إذا كان إعرابه بالحركة. (باختلاف العوامل) أي : بسبب اختلاف العوامل (٤) الداخلة عليه في العمل ، بأن يعمل بعض منها خلاف ما يعمل البعض الآخر ، وإنما خصصنا اختلافها بكونه في العمل ، لئلا ينتقض بمثل قولنا : (إن زيدا مضروب) وإني ضربت زيدا ، و (إني ضربت زيدا) ، (إني ضارب زيدا) فإن العامل في (زيد) في هذه الصور مختلف بالاسمية والفعلية والحرفية مع أن آخر المعرب لم يختلف باختلافه.

(لفظا أو تقديرا) نصب على التمييز (٥) ـ أي : يختلف (٦) لفظ آخره ، أو تقديره ـ أو

__________________

(١) قوله : (بأن يتبدل) على صيغة المجهول مثال المتبدل حقيقة مثل جاءني أبوه ، ورأيت أباه ، ومررت بأبيه ، ومثال المبدل حكما نحو رأيت مسلمين ، ومررت بمسلمين ، فإن الباء في حالة النصب وإن كان عينه في حالة الجر حقيقة ؛ لكنه غيره حكما ، والحرف الأخير في المسلمين هي الياء لا النون ؛ لأن النون بدل من التنوين ولهذا أسقط بالإضافة. (مصطفى جلبي).

(٢) كتبدل حركة أحمد بسبب اختلاف العوامل ، بأن الفتحة في حالة النصب ، وإن كان عينها في حالة الجر ، لكنها غيرها حكما.

(٣) قوله : (أو صفة) أي : حاله شبيهة بالصفة لا صفة حقيقة ؛ لأن الحركة لا تقوم بالحرف بل تقوم بما يقوم به الحرف ، لكنها تابعة له. (عبد الغفور).

ـ اعلم أن الإعراب على ثلاثة أقسام : إعراب بالأصالة كإعراب الأسماء ، وإعراب بالمشابهة كإعراب الفعل المضارع ، وإعراب بالتبعية كإعراب التوابع ، والبناء أيضا ثلاثة أقسام الأول بالأصالة كبناء الحرف والفعل الماضي والأمر بغير اللام ، والثاني بالمشابهة كأسماء المبنية ، والثالث بالتبعية كالمنفي والمنادى في قولك : لا رجل ظريف ويا زيد. (سيدي).

(٤) إنما قيد العوامل بالداخلة عليه ؛ لأن معربا لا يخلو عن اختلاف العوامل في وقت ما ، ولا يختلف آخره به ، وإنما يختلف بسبب اختلاف العوامل الداخلة عليه (عصام). لكن بسبب هذا القيد يخرج عن هذا الحكم اختلاف الآخر بسبب اختلاف العوامل المعنوية ، فإنها غير داخلة على المعرب ؛ إذ الدخول هو اللحوق بالأول أو الآخر ، وذا لا يتصور في الأمور المعنوية ويمكن أن يقال : خروج مثل هذا غير مضمر. (عصمت).

(٥) أي : منصوب كل واحد منهما على أنه تمييز عن النسبة في جملة يختلف آخره ، والتمييز عن النسبة في الجملة يكون في المعنى فاعلا ، ولهذا فسر بقوله : (أي : يختلف لفظ آخر ، أو تقديره ولم يحمل على أن يكون تمييزا عن النسبة في قوله : (باختلاف العوامل) حتى يلزم حينئذ تعميم العوامل المختلفة. (عصمت).

(٦) قوله : (يختلف لفظ آخره) أي : صورة آخره ، أو تقديره أي : يختلف آخره بحسب التقدير ، ـ


على المصدرية ، أي : يختلف اختلاف لفظ (١) أو تقدير. والاختلاف لفظا كما في قولك : (جاءني زيد) و (رأيت زيدا) و (مررت بزيد) وتقديرا (٢) كما في قولك : (جاءني فتى) و (رأيت فتى) و (مررت بفتى) ، فإن أصله فتيّ ، وفتيا وفتي.

قلبت الياء ألفا ، فصار الإعراب تقديريا ، والاختلاف اللفظي والتقديري أعم من أن يكون حقيقة ، أو حكما كما أشرنا إليه ، لئلا (٣) ينتقض بمثل قولنا : رأيت أحمد ، ومررت بأحمد ، وقولنا : رأيت مسلمين ومررت بمسلمين ، مثنى أو مجموعا ، فإنه قد اختلف العوامل فيه ، ولا اختلاف (٤) في آخر (أحمد) حقيقة بل حكما ، فإن فتحة أحمد

__________________

ـ سواء كان بحسب تقدير نفس الآخر فقط كما في مسلمي ، أو تقدير صفته كما في عصى وقاض ، أو بحسب تقديره بالصفة فقط كما في حبلى وغلامي ، فإن أخرهما لا يمتنع عن قبول الإعراب بحسب الغرض ، والحكم وإن كان يمتنع عن قبول بحسب الخارج. (عب).

(١) ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، ويقال لمثل هذا عند أرباب المعاني : إيجاز الحذف ، والأولى على التمييزية أولى ؛ لعدم الحذف فيه ، ولأن فيه إجمالا وتفصيلا ، وإبهاما وتفسيرا ، وهو أوقع في النفوس بخلاف الثاني. (محرم).

(٢) والاختلاف التقديري قد يكون بتقدير الآخر والإعراب جميعا ، كما في مثل جاءني فتى ، ورأيت فتى ، وقد يكون بتقدير الإعراب فقط كما في قولنا : جاءني الفتى ، ومررت بالفتى. (بخاري).

(٣) صورة النقض أن يقال هذا الحكم يقتضي أن يكون اختلاف العوامل الداخلة على المعرب سببا لاختلاف آخر المعرب ، وليس كذلك فإن العامل اختلف في قولنا : رأيت أحمد ومررت بأحمد ، وفي قولنا : رأيت مسلمين ومررت بمسلمين ، مع أن الآخر لم يختلف لا لفظا ولا تقديرا ، أو صورة الدفع أن يقال : إن اختلاف آخر المعرب بسبب اختلاف العوامل أعم من أن يكون حقيقة أو حكما ، ففي الأمثلة المذكورة تحقق الاختلاف حكما بسبب اختلاف العوامل ،؟؟؟ كما يجري في الاختلاف لفظا بأن يكون حقيقة وحكما يجري في التقديري أيضا ،؟؟؟ يكون حقيقة وحكما. (عصمت).

(٤) قوله : (ولا اختلاف في أخر أحمد حقيقة بل حكما) كتب الأستاذ بإزاء ذلك ما صورته : أقول : لا يبعد أن يعد من الاختلاف التقديري ما كان نصبه تابعا للجر ، وبالعكس ، فقد صرح الشيخ بأنهما مختلفان حقيقة كضمني ذلك المفرد والجمع ، وصرح الشيخ أيضا بأن الاختلاف في الفلك بحسب التقدير ، والتقدير في مقابلة اللفظ فلا حاجة إلى زيادة قوله : (حقيقة أو حكما) كما ذكره الشيخ على أنه مستغنى عنه بجعله خاصة غير شاملة كما ذكره في جواب ، فإن قلت : أولا بالاكتفاء بالاختلاف بالرفع والنصب وبالعكس ؛ إذ لا يلزم وجود الاختلاف بأنواع الإعراب كلها ، فافهم. (عيسى الصفوري).


بعد الناصب علامة النصب وبعد الجار علامة الجر ، وكذا الحال في التثنية والجمع ، فآخر المعرب في هذه الصور يختلف باختلاف العوامل حكما لا حقيقة.

فإن قلت (١) : لا يتحقق الاختلاف لا في آخر المعرب ولا في العوامل (٢) إذا ركب بعرض الأسماء المعدودة غير المشابهة لمبني الأصل مع عامله الابتداء ؛ إذ لا يترتب عليه اختلاف الإعراب بل هناك حدوث الإعراب بدخول (٣) العامل. قلت : هذا حكم آخر من أحكام المعرب ، والاختلاف حكم آخر فلو لم يدخل أحد الحكمين في الآخر ، لا فساد (٤) فيه ، فإن للمعرب أحكاما كثيرة لم تذكر هاهنا ، فليكن هذا الحكم أيضا من هذا القبيل ، غاية الأمر أن هذا الحكم لا يكون من خواصه الشاملة.

(الإعراب (٥) : ما) أي : حركة (٦) ...

__________________

(١) قوله : (فإن قلت : ... إلخ) حاصل السؤال أن اختلاف العوامل لا يتحقق إلا إذا تحقق عامل عقيب عامل ، وكذا اختلاف آخر المعرب لا يتحقق إلا إذا تحقق معرب عقيب معرب آخر ، وإذا ركب بعض الأسماء المعدودة الغير المشابهة لمبني الأصل مع عامله ابتداء ، كما يقال : جاءني زيد ابتداء ، لا يختلف عامل بل وجد العامل ابتداء وآخر المعرب ، بل اختلف الاسم مطلقا ، وحاصل الجواب أن للمعرب حكمين : أحدهما اختلاف الإعراب بسبب اختلاف العوامل ، والثاني حدوث الإعراب بدخول العوامل ، وقد بين أحد الحكمين ولم يدخل فيه الآخر ، ولا فساد فيه ؛ إذ لا يلزم ذكر جميع أحكامه ، غاية الأمر أنه على هذا يلزم أن لا يكون خاصة شاملة لجميع أفراده ولا محذور فيه ، فإن الخاصة ما يختص بالشيء ولا يوجد في غيره ، سواء وجد في جميع أفراده أو بعضها ، كالضاحك وبالفعل أو بالقوة. (وجيه الدين).

(٢) يعني : لا يوجد اختلاف العوامل ، وإذا لم يوجد اختلافها لم يوجد الاختلاف أيضا في آخر المعرب ؛ لأن اختلاف آخره يتوقف على اختلاف العوامل لكن بشرط أن يكون الاختلاف في العمل. (محرم أفندي).

(٣) لأن الاسم قبل دخول العامل لم يكن فيه إعراب ؛ لأنه عند المصنف مبني ، فلما دخل عليه العامل صار معربا ، وظهر الإعراب فيه بدخوله وحدوثه. (توقادي).

(٤) لأن الفساد إنما يلزم إذا اتفقت الأحكام ولم يدخل بعضها ، أما إذا تغايرت فلا فساد في عدم دخول بعضها. (م).

(٥) وإنما سمي الإعراب إعرابا ؛ لأنه يبين المعاني الفاعلية والمفعولية والإضافة ، ويوضحها من قولهم : (أعرب الرجل عن صحبته) إذا تبين. (ودي).

(٦) كالقرنية عليه شهرة أمر الإعراب بأنه حركة أو حرف ، أو ما سنذكره في ضبط إعراب الأسماء ، ولا يخفى بعده. (ودي).


أو حرف (اختلف آخره) (١) أي : آخر المعرب من حيث هو معرب ذاتا أو صفة (به) ، أي : بتلك الحركة أو الحرف ، وحين يراد ب : (ما) الموصولة ، الحركة أو الحرف ، لا يرد العامل (٢) والمقتضى. ولو أبقيت على عمومها خرجا بالسببية المفهومة من قوله : (به) فإن المتبادر من السبب هو السبب القريب (٣). والعامل ، والمقتضى من الأسباب البعيدة ، وبقيد الحيثية (٤) خرج حركة نحو : (غلامي) لأنه معرب على اختيار المصنف ، لكن اختلاف هذه الحركة على آخر المعرب ، ليس من حيث إنه معرب بل من حيث إنّه ما قبل(٥) ياء المتكلم وبهذا القدر تم حد الإعراب جمعا ومنعا ، ولكن المصنف أراد أن ينبّه على فائدة اختلاف وضع الإعراب فضم إليه قوله : (ليدل على المعاني المعتورة عليه) وكأنه (٦) أراد هذا المعنى حيث قال : ليس هذا من تمام الحدّ ، لا أنه خارج عن الحدّ ، واللام (٧) في (ليدل) متعلق بأمر خارج عن الحدّ ، يعني : وضع الإعراب المفهوم

__________________

(١) أي : صفة آخر الاسم أو المعرب إنما جعل الإعراب في الآخر ؛ لأنه دال على الوصف ، أي : كونه عمدة أو فضلة ، والدال على الوصف هذا الإعراب. (فاضل سندي).

(٢) لأن العامل والمقتضي الفاعلية والمفعولية والإضافة ، وهذه الثلاثة يقتضي الإعراب ، والإعراب يقتضي الاختلاف ، والقريب هذا الإعراب. (طاشكندي).

(٣) اعلم أن لاختلاف آخر المعرب ثلاثة أسباب : الأول العامل ، والثاني المعنى المقتضي ، والثالث الإعراب ، أعني الرفع والنصب والجر ، والأول بعيد بالنسبة إلى الآخرين ، والثاني متوسط بالنسبة إليهما ، وإنما قال : الحركات الإعرابية سبب قريب للاختلاف ؛ لحصوله بها بلا واسطة شيء آخر بخلاف باقي الأسباب. (شرح).

(٤) إذا أضيف إلى ياء المتكلم بعد جعله معربا ، وأما قبل ذلك فقد صرح بالضمير الراجع إلى المعرب في قوله : (آخره). (عصمت).

(٥) فإن غلام مثلا قبل الإضافة إلى ياء المتكلم كان مبنيا على السكون ؛ لأن التركيب شرط لكون الاسم معربا فحرك بالكسر دون غيرها لمناسبة الياء ؛ ولأنها أصل في تحريك الساكن ، وقيل هذه الكسرة بنائية ؛ لأنها حصلت قبل العامل كالفتحة في اللام ، والضمة في العين ، فلا يوجد الاختلاف بدخول العامل. (توقادي).

(٦) جواب سؤال مقدر كأنه قيل : كيف يعلم أن المصنف أراد أن ينبه على فائدة هذا المعنى فأجاب بقوله : (وكأنه أراد). (رضا).

(٧) قوله : (واللام) بالنصب أي : وليس اللام في ليدل متعلقا بأمر خارج ... إلخ ، والمقصود من هذا التفصيل الرد على الشارح الهندي والمتوسط ، حيث ذهبا إلى كون هذا الكلام من تمام الحد وكون اللام متعلقا بأمر خارج مفهوم من فحوى الكلام. (مصطفى جلبي).


من فحوى الكلام ، فإنه بعيد عن الفهم غاية البعد (١).

فاللام فيه متعلق بقوله : (اختلف آخره) ، يعني : اختلف آخره (ليدل)(٢)الاختلاف (٣) أو ما به الاختلاف.

(على المعاني) ، يعني : الفاعليّة والمفعوليّة والإضافة (المعتورة) ، على صيغة اسم الفاعل (عليه) ، أي : على المعرب متعلق بمعتورة على تضمين (٤) مثل : معنى الورود والاستيلاء.

يقال : اعتوروا الشيء (٥) وتعاوروه ، إذا تداولوه ، أي : أخذه جماعة ، واحد بعد

__________________

(١) لأنه لا نظر إلى وضع الإعراب لا قصدا ولا تبعا ، وقوله : (غاية البعد) منصوب على الظرفية ، فإن تعلقه بقوله : (وضع بعيد عن الفهم) في غاية البعد. (محرم).

(٢) لأن العامل يقتضي الفاعلية والمفعولية والإضافة ، وهذه يقتضي الإعراب ، والإعراب يقتضي الاختلاف ، فيكون الإعراب سببا قريبا والعامل والمقتضي سببا بعيدا. (طاشكندي).

ـ هذا بيان لغرض وضع الإعراب في الأسماء إذ الأسماء تعرض لها معان مختلفة وهي الفاعلية والمفعولية والإضافة ، فأريد تمييز بعضها عن بعض ، فوضع الإعراب مميزا بعضها عن بعض ، ومبينا لما هو المقصود ومزيلا للفساد الناشئ من التباس بعضها من بعض ، كما أشير إلى معناه من حيث الوضع اللغوي. (حبيصي).

(٣) قوله : (الاختلاف أو ما به الاختلاف ... إلخ) إشارة إلى أن فاعل ليدل إما راجع إلى الاختلاف أي : المصدر الذي يدل اختلف عليه ، وإما إلى ما الموصولة التي هي عبارة عن الحركة والحرف. (مصطفى جلبي).

(٤) قوله : (على تضمين مثل معنى الورود) جعل السيد المعتورة بمعنى الداخلة بالنوبة ولو مجازا ليسلم عن تكلف التضمين ، ويدل عليه قول الشيخ أي : المتعاقبة ، فاحفظ ولا تغلط. (عيسى الصفوي).

ـ التضمين هو أن يقصد بلفظ فعل معناه الحقيقي ، ويلاحظ معه معنى آخر يناسبه ، والمعنى الآخر مراد يدل عليه ذكر متعلقاته ، فتارة يجعل المذكور أصلا والمحذوف حالا ، وتارة يجعل المحذوف أصلا والمذكور حالا. (ملا محرم).

ـ التضمين يحتمل أمرين أحدهما أن يكون الأصل ثابتا والمضمن حالا تقديره ؛ ليدل على المعاني المعتورة حال كونها واردة ومستولية على المعرب ، والثاني أن يكون الأصل زائدا والمضمن أصلا تقديره ليدل على المعاني الواردة أو المستولية عليه ، وبين معناه اللغوي بقوله : (يقال : اعتوروا).

(٥) فيه إشارة إلى أن بابي الافتعال والتفاعل بمعنى في هذه الكلمة ، وإلى أنها يتعدى بغير ـ


واحد على سبيل المناوبة (١) والبدلية ، لا على سبيل الاجتماع ، فإذا تداولت المعاني المختلفة، المقتضية للإعراب على المعرب متعاقبة ، متناوبة غير مجتمعة لتضادّها ، ينبغي أن تكون علاماتها أيضا كذلك ، فوقع بسببها اختلاف في آخر المعرب. فوضع أصل الإعراب ، للدلالة على تلك المعاني ووضع بحيث يختلف به آخر المعرب لاختلاف تلك المعاني. وإنما جعل الإعراب (٢) في آخر الاسم (٣) المعرب ؛ لأن نفس الاسم يدل على المسمى والإعراب يدل على صفته (٤).

ولا شك أن الصفة متأخرة عن الموصوف ، فالأنسب أن يكون الدال عليها أيضا متأخرا عن الدال عليه ، وهو مأخوذ (٥) من أعربه إذا أوضحه. فإن الإعراب (٦) يوضح

__________________

ـ حرف ، فيعلم منه وجه التضمين ، وإلى أنها يتعدد الفاعل في هذه الكلمة ويكون المفعول به واحد ، ويعرف منه وجه كونه على صيغة اسم الفاعل ؛ لأنه إذا كان على صيغة اسم المفعول يلزم تعدد المفعول به دون الفاعل ، على خلاف استعمال هذه الكلمة. (جلبي).

(١) قوله : (على سبيل المناوبة) أي : واحدا بعد واحد ، فلا يجتمع اثنان ، إن قلت : إن أراد ذلك في تركيب واحد فتداول المعاني فاسدة ، وإن أراد في التراكيب فعدم الجمع ممنوع ، فإن أراد إقتضاء بالفاعلية والمفعولية في تركيبين ، قلت : أراد التداول في تراكيب وعدم الجمع في واحد ، أي : معاني يتصف الاسم بأحدها في تركيب ثم بآخر في تركيب آخر ، ولا يتصف بهما في تركيب واحد ، فلا تغفل كمن غفل عنه. (عيسى).

(٢) قوله : (وإنما جعل الإعراب ... إلخ) أي : جعل الإعراب الذي هو الأصل حالا في الآخر ، أو جعل مطلق الإعراب في الآخر تحقق الحال في المحل ، كما في الإعراب بالحركة ، أو تحقق الكلي في ضمن جزئيه كما في الإعراب بالحرف ، أو جعل في جانب الآخر ، لا يقال : على التقدير الأول لم يعلم الإعراب بالحرف ؛ لأنا نقول: إذا تعين موضع الأصل تعين موضع فرعه ، وهو جانب الأسفل. يقدر الإمكان ، وإلا لزم تقدم الفرع وتأخر الأصل. (لارى).

(٣) اعلم أن الآخر إما يكون حقيقة كما في الإعراب بالحركة ، وهو لا يكون إلى في الآخر حقيقة ، وأما أن يكون حكما كما في الإعراب بالحروف ، فإن الواقع بعد أكثر حروف الكلمة كأنه الواقع بعد الكل ؛ لأن الأكثر في حكم الكلي. (محرم).

(٤) قوله : (على صفته) أي : صفة المسمى والمدلول ، وذلك بناء على أن الفاعلية ومقابليها صفات للمدلول ، وقد جعلها الشيخ الرضي صفات للدال ، وهي كونه عمدة أو فضلة ، فقال : جعل الإعراب في الآخر ؛ لأن الدال على الوصف بعد الموصوف. (عبد الغفور).

(٥) قوله : (مأخوذ ... إلخ) إشارة إلى جواب سؤال ، وجه تسمية الإعراب باسم الإعراب بوجهين كما لا يخفى. (رضا).

(٦) فالإعراب لغة الإيضاح سمى العلامات الدالة على المعاني مجازا بعلاقة التشبيه. (توقادي).


المعاني المقتضية ، أو من (عربت معدته) إذا (فسدت) ، على أن تكون الهمزة للسلب فيكون معناه حينئذ ، إزالة الفساد ، سمّي به ؛ لأنه يزيل فساد التباس بعض المعاني ببعض.

(أنواع إعراب الاسم)

(وأنواعه) أي : أنواع إعراب الاسم ثلاثة (١) : (رفع ، ونصب ، وجر) هذه الأسماء الثلاثة (٢) مختصة بالحركات والحروف الإعرابية ولا تطلق على الحركات البنائية أصلا بخلاف الضمة ، والفتحة ، والكسرة ، فإنها مستعملة في الحركات البنائية غالبا ، وفي الحركات الإعرابية على قلّة (٣) (فالرفع) (٤) حركة كان أو حرفا (علم الفاعلية) أي :

__________________

(١) يعني : أن المراد تعداد إعراب الاسم بقرنية السياق ، والسياق لا مطلق أنواع الإعراب ، لأن مطلق أنواع أربعة هذه الثلاثة والجزم ، لكن الجزم مختص إلى الفعل كما سيجيء ، وقوله : (ثلاثة) إشارة إلى أن مجموع قوله : (رفع ونصب وجر) خبر واحد يصح الحمل ، فيكون من قبيل تقسيم الكلي إلى الأجزاء بتقديم العطف على الحمل ، كما في قولك : البيت سقف وجدران. (حلبي).

(٢) وإنما سميت الحركات الثلاثة بتلك الأسامي ؛ لحصول الأولى بضم الشفتين ، وحصول الثاني بفتح الفم ، وحصول الثالث بتحرك فك الأسفل وهو كسر الشيء ، إذ المكسور يسقط ، ثم الجزم بمعنى القطع ، وفي الجزم قطع الحركة ، ولذا سمي الجازم جازما ، والوقف والسكون بمعنى واحد والأول مختص بالإعرابي والأخيران بالبنائي. (عب).

ـ قوله : (هذه الأسماء الثلاثة ... إلخ) ذهب الشيخ الرضي إلى أن إطلاقها على الحروف مجاز ، لكن ظاهر كلام غيره الاشتراك ، ومن عرف الإعراب باختلاف الآخر ، فقال الشيخ : أراد بالرفع الانتقال إلى العمدة وهكذا ، ومقتضي كلام غيره أنه وافق غيره في ذلك ، ولكن لم يجعل المقسم الإعراب بل ما به الإعراب ، وقوله الإعرابية مع أن الحركات نفس الإعراب المعنى ، أن كلا منها منسوب إلى مطلق الإعراب نسبة الخاص إلى العام ، والمقصود الامتياز عن الحركة البنائية ، فالحركة تنسب إلى الإعراب والبناء فتدبر ، وقوله : (فالرفع) أي : إذا عرفت أن وضع الإعراب للدلالة فجعل الرفع دالا ، وعلامة على أحدها فحمل الفاعلية على الفاعل خطأ. (عيسى الصفوي).

(٣) قوله : (على قلة ... إلخ) مع القرينة كما في قوله : (بالضمة رفعا) فيكون النسبة بين الرفع والنصب والجر، وبين الضمة والفتحة والكسر عموما وخصوصا من وجه ، فإنهما يجتمعان في الحركات الإعرابية ، ويصدق الرفع والنصب والجر على الحروف الإعرابية دون الضمة والفتحة والكسرة ويصدق الضمة والفتحة والكسرة على الحركات البنائية دون الرفع والنصب والجر. (عصمت).

(٤) وإنما قال : الرفع علم الفاعلية ، ولم يقل : علم الفاعل ؛ لأنه ليس علم الفاعل وحده ؛ ـ


علامة كون الشيء فاعلا حقيقة أو حكما (١) ليشمل الملحقات به والجر حركة كان أو حرفا (علم الإضافة) أي : علامة كون الشيء (٢) مضافا إليه.

وإذا كانت الإضافة نفسها مصدرا لم يحتج إلى إلحاق الياء المصدرية إليها كما في الفاعلية والمفعولية.

وإنما اختص (٣) الرفع بالفاعل والنصب بالمفعول ؛ لأن الرفع ثقيل ، والفاعل قليل ؛ لأنه واحد فأعطى الثقيل للقليل ، والنصب خفيف والمفاعيل كثيرة ؛ لأنها خمسة ، فأعطى الخفيف للكثير ، ولما لم يبق للمضاف إليه علامة غير الجر جعل علامة له.

(والعامل) (٤) لفظيا كان أو معنويا (ما به يتقوّم) أي : يحصل (المعنى المقتضى)

__________________

ـ لوجوده في غير ، كالمبتدأ وغيره ، بل علم للفاعل والأشياء المنسوبة إلى الفاعل كالمبتدأ والخبر واسمي كان وما وغيرهما ، ولهذا لم يقل : النصب علم المفعولية. (لمحرره).

(١) وذلك إذا كان الاسم عمدة ، وهذا الوصف يستدعي الرفع ، لكن قد يختلف عنه لعلة المشابهة بالفضلة ، ولا يخفى أن هذا التعميم هو الحق ، والقول بأن الرفع والنصب والجر ، أو الفاعلية والمفعولية ويكونان فيما يشابههما بطريق الاستعارة بعيد لا دليل عليه ، نعم الرفع والنصب بالفاعل والمفعول أحق. (لارى).

(٢) ويجوز حمل الياء على النسبة في قوله : (علم الفاعلية) والنصب علم المفعولية ، أي : الرفع الخصلة ، والحالة المنسوبة إلى الفاعل وهي الفاعلية في الفاعل ، وكون الاسم عمدة من كل وجه في الملحقات بها والنصب علامة الخصلة ، والحالة المنسوبة إلى المفعول وهي مفعولية المفاعيل وكون الاسم فضلة أو مشابها في المحلقات بها ، ورجح المصدرية ؛ لكونها أقرب إلى الفهم ، ولأن الإضافة مصدر فالمناسب حمل عديلها أيضا على المصدرية. (عصمت).

(٣) قوله : (وإنما اختص ... إلخ) هذا من باب التعادل حيث أعطوا الثقيل للقليل والخفيف للكثير ، لا من باب التناسب. (جلبي).

ـ الاختصاص إضافي بالنسبة إلى المفاعيل والمضاف إليه ، وإلا فالرفع غير مختص بالفاعل ، بل موجود في المحلقات بالفاعل أيضا ، وإنما بين الاختصاص في الفاعل لكونه أصلا في الإعراب من حيث أنه معمول ما هو أصل في العمل ، فإن قلت : المضاف إليه كالفاعل قليل فلم لم يعط الرفع إياه؟ قلت : الاهتمام شأن الفاعل أكثر ؛ لكونه معمول ما هو أصل في العمل ، والمراد أن الفاعل لو وجد في الكلام الواحد لا يكون إلى واحد بخلاف المضاف إليه ، والمفاعيل فيكون الفاعل قليلا في الكلام فأعطى الثقيل إياه؟. (عصمت).

(٤) قال : العامل لما اعتبر في تعريف المعرب وإن لم يصرح به وذكر صريحا في حكم المعرب ، أراد أن يبين تعريفه وقدم عليه الإعراب والإشارة إلى المعنى المقتضى ؛ لأنهما مأخوذان في ـ


أي : معنى من المعاني المعتورة على المعرب المقتضية (للإعراب) ففي (جاءني زيد) جاء : عامل ؛ إذ به حصل معنى الفاعلية في (زيد) فجعل الرفع علامة لها وفي (رأيت زيدا) ، رأيت : عامل ؛ إذ به حصل معنى المفعولية في (زيد) فجعل النصب علامة لها ، وفي (مررت بزيد) ، الباء : عامل ؛ إذ به حصل معنى الإضافة في (زيد) ، فجعل الجر علامة لها.

(فالمفرد (١) المنصرف) أي : الاسم المفرد الذي لم يكن مثنى ولا مجموعا ولا غير منصرف ك : (زيد ، ورجل) (٢) (و) وكذا (الجمع المكسر المنصرف) أي : الاسم الذي لم يكن (٣) ...

__________________

ـ تعريفه فالأولى تقديمهما عليه ؛ ولأنه بعد ذكر حكم المعرب أراد أن يبين سبب الاختلاف فقدم الإعراب الذي هو سبب قريب للاختلاف ، ثم بين العامل الذي هو سبب بعيد له. (عصمت).

ـ فالمراد الفعل الذي في رأيت عامل ، فإن العامل في المفعول عندهم هو الفعل. (عصمت).

(١) لما فرغ من بيان الإعراب والعامل والمعنى المقتضي ، أراد تفصيل اقتضاء المعنى المقتضي ، أنه تارة يقتضي الحركات الثلاث ، وتارة ما سوى الفتحة ، وتارة سوى الكسرة ، وتارة يقتضى الحروف الثلاث ، وتارة ما سوى الواو ، وتارة ما سوى الألف فهذه أقسام ستة. (عصام).

ـ لما ذكر الإعراب وأنواعه وكان لكل من أنواعه أقسام ، ولتلك الأقسام محال ، وأراد أن تذكر عقيبه تلك ومحالها فأتى بالفاء الفصيحة لبيانها. (عب).

ـ هذا جواب سؤال مقدر ، وهو أن يقال : ذكر المفرد ههنا غير جائز ؛ لأن المراد به إما مقابل المجموع ، وإما مقابل المركب مع الغير ، لا سبيل إلى الأول ؛ لأن الأسماء الستة المضافة إلى غير ياء المتكلم المكبرة مفردة عدا الوجه مع أن إعرابها ليس كذلك ، ولا سبيل إلى الثاني ؛ لأن مثل غلام زيد غير المفرد بهذا الوجه مع أن إعرابه كذلك ، فأجاب بقوله : (أي : الاسم المفرد الذي لم يكن مثنى ولا مجموعا) ، فأشار إلى الطريق الأول فيكون المراد بالفرد في قوله : (ما يكون مقابل المثنى والمجموع) كما لا يخفى على الكيس المتفطن. (ق).

قال المصنف في شرحه : وأردنا بالمفرد ما ليس تثنية ولا جمع ، ولا يرد عليه أن الأسماء الستة مفردات بهذا المعنى مع أن إعرابها بالحروف لا بالحركة ؛ لأن قوله : (فالمفرد) ممهلة وكان في قوة الجزئية فلا يشمل الكل. تأمل. (رح).

(٢) أورد مثالين للمفرد المنصرف تنبيها على أنه أعم من أن يكون معرفة أو نكرة. (حسن أفندي).

(٣) لو قال : الجمع الذي لم يلحق بآخره واو ونون لكان أولى لئلا ينتقض بمثل سنون في جمع سنة ، وثبون في جمع ثبة ، وضربات في جمع ضرب بالسكون. (عصمت).

فامتنع ظهور الإعراب في لفظه فيكون إعرابه بالحركة تقديريا في الأحوال الثلاثة. (محرم).


بناء الواحد فيه سالما (١) ولم يكن غير منصرف ك : (رجال ، وطلبة) (٢).

فالإعراب في هذين القسمين من الاسم على الأصل ، من وجهين : أحدهما أن الأصل في الإعراب (٣) أن يكون بالحركة والإعراب فيهما بالحركة ، وثانيهما : أنه إذا كان الإعراب بالحركة فالأصل أن يكون بالحركات الثلاث في الأحوال الثلاث والإعراب (٤) فيهما بالحركات الثلاث في الأحوال الثلاث فالإعراب فيهما (بالضمة (٥) رفعا) أي : حالة الرفع (والفتحة نصبا) أي : حالة النصب ، (والكسرة جرا) أي : حالة الجر ، فنصب قوله (رفعا ونصبا وجرا) على الظرفية بتقدير مضاف ويحتمل النصب على الحالية أو المصدرية ، فالقسم الأول مثل : (جاءني رجل) و (رأيت رجلا) و (مررت برجل) والقسم الثاني : مثل : (جاءني طلبة) ، و (رأيت طلبة) و (مررت بطلبة).

(جمع (٦) المؤنث السالم) : وهو ما يكون بالألف (٧) والتاء. واحترز به عن المكسر ، فإنه قد علم (بالضمة) رفعا ، (والكسرة) نصبا وجرا.

__________________

(١) لو كان سالما إما أن يكون الجمع المذكر السالم فإن إعرابه بالحروف ، والجمع المؤنث السالم فإعرابه بالحركات إلا أنه ناقص. (محرم).

(٢) طلبة جمع طالب كفسقة جمع فاسق ، وجهلة جمع جاهل وكفرة جمع كافر. (ح).

(٣) ليكون الدال على صفة الشيء كالصفة الدال عليه ؛ ولأنها أخف الدوال ، وهذا مراد من قال : لأنها أبعاض الحروف فالاعتراض عليه بأن كونها أبعاضا أمر وهمي ، ولو سلم فلا تقتضي إلا الأصالة بحسب الذات لا في الإعراب ليس بشيء. (عصام).

(٤) إشارة إلى أن قوله : (المفرد المنصرف مبتدأ) بتقدير المضاف ، ويحتاج إلى تقدير هذا المضاف أن جعل الباء للسببية ، وأما إن جعل الباء للملابسة فلا يحتاج إلى هذا التقدير. (حلبي).

(٥) قيل : إن الضم والكسر والفتح بلا تاء مختصة بالمبني ، والرفع وأخواته بالمعرب ، وأما الضمة وأخواتها بالتاء فمشركة بينهما. (حسام الدين).

(٦) وإنما سمي جمع المؤنث ؛ لكون واحد مؤنثا غالبا ، وسالما لسلامة نظمه عند الجمع ، قال بعض المحققين : وينبغي أن يضم إليه أولات جمع ذات من غير لفظه ، كما ضم أولو إلى جمع المذكر السالم. (عصمت).

(٧) قوله : (وهو ما يكون بالألف ... إلخ) المراد ما زيد فيه ألف وتاء للجمعية ، أو جمع فيه ألف وتاء ؛ لئلا يشكل بكثير من المفردات في آخرها ألف وتاء ، وحينئذ يخرج نحو عرفات فإنه لم يرد به جمع عرفة على ما صرح به المصنف وفصل في شرح المفصل بل هي ملحقة بالجمع ، وكان ينبغي أن يذكر ، فمن قاله أنه أعم من أن يكون جمعا حالا ، وباعتبار الأصل فدخل نحو وفات ، وقد خالفه المصنف بما ليس بشيء. (عيسى ألصفوي). ـ


فإن النصب فيه تابع للجر إجراء (١) للفرع على وتيرة الأصل الذي هو (جمع المذكر السالم): فإن النصب فيه تابع للجر (٢) كما سيجيء ذكره ، مثل : (جاءتني مسلمات) و (رأيت مسلمات) و (مررت بمسلمات) (غير المنصرف (٣) بالضمة) رفعا ، (والفتحة) نصبا وجرا. فالجر فيه تابع للنصب ، كما سنذكره ، نحو : جاءني أحمد ، ورأيت أحمد ، ومررت بأحمد.

(أخوك ، وأبوك ، وحموك) ، بكسر الكاف ؛ لأن الحم (٤) قريب المرأة من جانب زوجها ، فلا (٥) يضاف إلا إليها. (وهنوك) والهن : الشيء المنكر الذي يستهجن ذكره ،

__________________

ـ بالألف والتاء سواء كانت مفردة مؤنثا كمسلمات ، أو مذكر كالحاليات جمع حال ، وهو بمعنى الماضي ، وسواء مفردة سالما كالمذكور ، أو غير سالما كسجلات وتمرات وخطوات ، فلا ينتقض القاعدة بالأمثلة المذكورة ، ولا ينتقض بمثل سنين وأرضين ، وإن حمل العبارة على ظاهره ؛ لأن السلامة منقوصة هناك ؛ لكنه يتجه أنه لا يقابل بين الجمع المكسر والمؤنث فتوجيه صالح من وجه فاسد من وجه. (طاشكندي.)

(١) قوله : (إجراء للفرع ... إلخ) تحقيق للتبعية ، ولئلا يلزم للفرع مزية على الأصل ، وإن قيل : المزية لازمة بعد ؛ لأن الأصل معرب بالحرف والفرع معرب بالحركة ، قيل : المزية تكون إعراب الفرع بالحركة محتملة ضرورة ؛ لعدم الحرف الصالح للإعراب في آخره ، بخلاف الأصل حيث يوجد في آخره حرف العلة الصالحة للإعراب ؛ لإقامتها مقام الحركات. (وجيه الدين).

(٢) لأنه فرع لجمع المذكر ، وحمل فيه النصب على الجر ، فحمل في الفرع ؛ لئلا يلزم مزية على الأصل ، والمزية تكون إعرابه بالحركة متحملة ضرورة ؛ لعدم ما يصلح للإعراب في آخره ، ولأن الإعراب بالحروف في الجموع صار أصلا مهلا معتبرا ، فصار الإعراب بالحركة كأنه فرع فيها. (فاضل أفندي).

(٣) قوله : (غير المنصرف ... إلخ) أي : غالبا أو جميعا ، إلا ما مر من جمع المؤنث والملحق به نحو عرفات ومسلمات علمين فإنها عند الأكثر بالضمة والكسرة ، وقال أبو حيان : مذهب البصريون ، وإلا ما سيجيء من ذكر اللام والمضاف ونحوهما فإنه كالمنصرف ، وقيل : المراد غير منصرف لو حلى طبعه. (عيسى).

(٤) قوله : (لأن الحم قريب المرأة من جانب زوجها) يعني أنه قرابة حاصلة من جهة الزوج من حيث أنه زوج ، وزوجية الزوج ليس إلا للمرأة ، فيقال : حم المرأة أي : قريب زوجها ، ولا يقال : حم الرجل إذ الرجل ليس له زوج حتى يقال : قريب زوجة ، والأوضح أن يقول : لأنه قريب الزوج ، فكما لا يضاف الزوج إلا إلى المرأة لا يضاف أيضا. (عيسى).

(٥) قوله : (فلا يضاف إلا إليها) هذا هو المشهور ، وقيل : إنه أعم ، وفي القاموس حمو الرجل ـ


كالعورة ، والصفات الذميمة ، والأفعال القبيحة ، وهذه الأسماء الأربعة منقوصات واوية(١).(وفوك) وهو أجوف واوي ، لامه هاء ، إذ أصله (فوة) (وذو مال) (٢) وهو (لفيف مقرون بالواوين ، إذ أصله (ذوو) وإنما أضيف (ذو) إلى الاسم الظاهر دون الكاف ؛ لأنه لا يضاف إلا إلى أسماء الأجناس. فإعراب (٣) هذه الأسماء الستة بالواو رفعا ، والألف نصبا والياء جرا ولكن (٤) لا مطلقا بل حال كونها مكبرة إذ مصغراتها معربة بالحركات نحو : جاءني أخيّك ورأيت أخيّك ، ومررت بأخيّك. وموحدة (٥) ، إذ المثنى والمجموع منها معرب بإعراب التثنية ، والجمع. وإنما لم يصرح بهذين القيدين اكتفاء بالأمثلة.

(مضافة) (٦) لأنها إذا كانت مكبرة ، وموحدة ولم تكن مضافة أصلا ، فإعرابها

__________________

ـ أبو امرأته أو أخوها أو عمها ، أو الأحماء قبلها خاصة حمو المرأة أبو زوجها ، ومن كان من قبله. هن المرأة : فرجها. (قاموس).

(١) لأن أصل كل واحد أخو وأبو وحمو وهنو ، بدليل تثنية على أخوان وأبوان وحموان وهنوان ، وتصغيره على أخيو وأبيو وهنيو ؛ لأن التشبيه والتصغير ترد الشيء إلى أصله أنه واوي أو يائي فحذفت الواو على غير القياس ؛ لمجرد التخفيف ، فبقي بعد الحذف : أخ أب حم هن ، وإذا أضيف كل واحد منها إلى غير ياء المتكلم عاد المحذوف فصار إعرابا. (توقادي).

(٢) لأنه موضوع لأن يتوصل به إلى الوصف بأسماء الأجناس ، مثل رجل ذو مال يوصف الرجل بالمال بواسطة ذو ، ولا يتأتى الوصف إلّا به. (وجيه الدين).

(٣) فيه إشارة إلى أن هذه الأسماء مبتدأ بحذف المضاف ، وإلى أن الحكم ليس على خصوصيات هذه الأسماء ، بل على مطلقها ، يعني : يكون إعرابها بالحروف سواء أضيف إلى الكاف أو الهاء أو الاسم الظاهر. (م).

(٤) لما أشار إلى تجريد قوله : (أخوك وأبوك ... إلخ) عن خصوصياتها بقوله : (فإعراب هذه الأسماء الستة) يتوهم تجريدها عن كونها مكبرة وموحدة أيضا استدراك ، وقال : لكن لا مطلقا. (عصمت).

(٥) قوله : (وموحدة) هذا القيد بالنسبة إلى الخمسة من الأسماء ؛ لأن كلمة ذو لا يجمع ولا يثنى. (لمحرره).

(٦) قوله : (مضافة) حال من المبتدأ وما عطف عليه على قوله : (المالكي) بلا تأويل ، أو بالتأويل بالمفعول ، أو نائب الفاعل ، أي : يعرب العرب هذه الأسماء ، أو يعرب هذه الأسماء حال كونها مضافة ، فيكون الحال حالا من مفهوم الكلام ، أو مفعول ، أعني المقدر كما في شرح العصام ، أو حال من الضمير المستكن في الظرف المستقر الآتي على قول الأخفش وابن برهان ، ـ


بالحركات (١) نحو : جاءني أخ ، ورأيت أخا ، ومررت بأخ ، فينبغي أن تكون مضافة ولكن (إلى غير ياء المتكلم) (٢) لأنها إذا كانت مضافة إلى ياء المتكلم.

فحالها كسائر الأسماء المضافة إليها ، ولم يكتف (٣) في هذا الشرط بالمثال ، لئلا يتوهم اشتراط إضافتها بكونها إلى الكاف. وإنما جعل (٤) إعراب هذه الأسماء بالحروف ؛ لأنهم لما جعلوا إعراب المثنى وجمع المذكر السالم بالحروف أرادوا أن يجعلوا إعراب بعض الآحاد أيضا كذلك ، لئلا يكون بينهما وبين الآحاد وحشه ومنافرة

__________________

ـ فإن الأخفش جوز تقديم الحال على عامله الظرف بشرط تقديم المبتدأ ، وابن برهان جوز مطلقا كما في الرضي، لا على قول سيبويه فإنه لم يجوز مطلقا ، وقيل : خبر كان المقدر ، أي : إذا كانت هذه الأسماء مضافة وهو تكلف بعيد. (زيني زاده).

(١) وإنما كان أعرابها بالحركات حال الإفراد بالحروف ؛ لئلا يلزم اجتماع الساكنين في المنكر مطلقا نحو ابن أبان أبين ، وفي المعرفة حال كونه موصوفا نحو الأبو الكريم ، الأبا الكريم الأبي الكريم ، فإن قلت : لم يلزم هذا المهروب عنه في حال الإضافة في نحو أبو البقاء ، قلت : نعم إلا أنه لا اعتداد به لقلته بالنسبة إلى الأول ؛ لأن لزومه هنا بالإضافة إلى المعرف باللام وهي ليست بالأكثر ، وأيضا لم يعتبر على الإضافة مطلقا بل خصها بكونها إلى غير ياء المتكلم. (عوض أفندي).

(٢) لأنها لو كانت مضافة إلى ياء المتكلم لكانت مبنية عند بعضهم ، ومعربة بالحركة التقديرية عند صاحب الكتاب. (عوض أفندي).

(٣) جواب سؤال مقدر تقديره : كأنه قيل : لم لم يكتف المصنف من هذا القيد كما اكتفى في الشرطين الأولين فأجاب الشارح بقوله : (ولم يكتف). (من إنشاء الزمخشري).

(٤) اعلم أن المدعي في هذا المقام مركب من ثلاثة أجزاء : الأول جعل إعراب بعض الآحاد بالحروف ، فعلله بقوله : (لأنهم لما جعلوه ... إلخ) الثاني اختيار الأسماء الستة من الآحاد فعلله بقوله : (اختاروا الأسماء الستة ؛ لأن إعراب كل المثنى والمجموع ... إلخ) والثالث اختيار خصوص هذه الأسماء فعلله بقوله : (وإنما اختاروا هذه الأسماء الستة لمشابهتها ... إلخ) فلما تضمن قوله : (وإنما جعلوا إعراب هذه الأسماء بالحروف هذه الأمور الثلاثة) فترك إنما في الأخريين أولى كما لا يخفى ، ثم إن قوله : (لما جعلوا إعراب المثنى وجمع المذكر السالم بالحروف) ، يشعر بتقديم إعراب المثنى والمجموع واستعمالهما في كلام العرب على استعمال هذه الآحاد ، مع أن هذا غير ظاهر ، فالمراد : لما أرادوا أن يجعلوا إعراب المثنى والمجموع بالحروف ، بسبب وجود حرف صالح للإعراب في آخرهما ، أردوا أن يجعلوا إعراب بعض الآحاد أيضا كذلك. (عصمت).


تامة. وإنما اختاروا أسماء (١) ستة ؛ لأن إعراب كل من المثنى والمجموع ثلاثة فجعلوا في مقابلة كل إعراب اسما. وإنما اختاروا هذه الأسماء الستة ، لمشابهتها المثنى والمجموع في كون معانيها منبئة عن تعدد (٢) ولوجود (٣) حرف صالح للإعراب في أواخرها ، حين الإعراب سماعا ، بخلاف سائر الأسماء المحذوفة الأعجاز ك : (يد ، ودم) فإنه لم يسمع فيها من العرب إعادة الحروف المحذوفة عند الإعراب.

(المثنى) وما يلحق به : (و) هو (كلا) (٤) ، وكذا (كلتا) (٥) ولم يذكره لكونه فرع (كلا).

__________________

(١) لا يخفى أن هذا الوجه في غاية الضعف ، والأقرب منه أن يقال : المعرب بالحروف في الفرع والملحق به ستة: المثنى وكلا واثنان ، والجمع وأولو وعشرون ، فجعلوا في مقابلة كل فرع أصلا. (عصام).

(٢) فإن الأب يستلزم الابن ، والأخ يستلزم الأخ ، والحم يستلزم الزوج ، والهن يستلزم الشيء المنكر ، والفم ، يستلزم الفم وذو يستلزم الصاحبان وثانيهما وجود حرف صالح للإعراب في أواخرها حين أضيف إلى غير ياء المتكلم ، وأعرب بحسب السماع. (وجيه الدين).

(٣) الأولى ترك اللام ؛ لأنها تدل على استقلال كل واحد من التعيين من أن الأول لا يتم بدون الثاني ، فإن الإنباء عن التعدد موجود في كثير من الأسماء كالوالد والولد والأم والعم وغير ذلك ، فالإنباء عن التعدد لا يستدعي خصوص هذه الأسماء. (عصمت).

(٤) وإنما قدم كلا على اثنان مع مناسبته بالمثنى صورة ومعنى ؛ إما لكون إعراب كلا في بعض الأحوال بالحركة والاسم المعرب بالحركة مقدم على المعرب بالحرف أصالة الإعراب بالحركة ، أو لكونه مفرد صورة والمفرد مقدم على المثنى ، أو لكونه أهم في لحوقه بالمثنى خفاء بالنسبة إلى اثنان ، أو لكونه أخف بالنسبة إلى اثنان والأخف بالتقديم أليق وأنسب. (عصمت).

ـ وهو ليس بمثنى ؛ لأنه لم يثبت كل في المفرد ؛ ولجواز رجوع ضمير الواحد إليه كقولك : كلا الرجلين جاء ، قال الله تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها)[الكهف : ٣٣] ، وللزوم الألف في الأحوال الثلاثة حال الإضافة إلى المظهر ، ولجواز إمالته فإن المثنى لا يمال ، وألفه بدل من الواو ، ولإبدال التاء منها في المؤنث ولم تبدل التاء من الياء إلا في اثنتين. (عبد الغفور).

(٥) لأن كلتا مؤنث كلا ، وشاع المذكر وترك المؤنث على المقايسة عليه في الأحوال المشتركة ، اعلم أن الظاهر أن التاء في كلتا للتأنيث ، مع أن التأنيث لا تلحق في وسط الكلمة ، وأيضا لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا ، ولهذا صرح بعضهم بأن التاء فيه ليست للتأنيث ، بل عوض من ألف كلا ، وألف كلتا ألف التأنيث. (عصمت).


(مضافا) ، أي : حال كون (كلا أو كلتا) مضافا (إلى مضمر) (١).

وإنما قيد بذلك ؛ لأن (كلا) باعتبار لفظة (مفرد) وباعتبار معناه (مثنى) فلفظه يقتضي الإعراب بالحركات ، ومعناه يقتضي الإعراب بالحروف ، فروعي فيه كلا الاعتبارين فإذا أضيف إلى المظهر الذي هو الأصل ، روعي فيه جانب لفظه الذي هو الأصل وأعرب بالحركات التي هي الأصل ، لكي تكون حركاته تقديرية ؛ لأن آخره ألف تسقط (٢) بالتقاء(٣) الساكنين نحو : (جاءني كلا الرجلين) و (رأيت كلا الرجلين) و (مررت بكلا الرجلين)، وإذا أضيف (٤) إلى المضمر الذي هو الفرع ، روعي جانب معناه الذي هو الفرع ، وأعرب بالحروف التي هي الفرع ، نحو : (جاءني كلاهما) و (رأيت كليهما) و (مررت بكليهما) ، فلذلك (٥) قيد كون إعرابه بالحروف بكونه مضافا إلى مضمر.

(واثنان) وكذا (اثنتان وثنتان) (٦) فإن هذه الألفاظ وإن كانت مفردة لكن صورتها

__________________

(١) وما أضيف إليه كلا وكلتا يجب أن يكون مثنى أو ضمير ، ولا يجوز أن متعددا غير تثنية. (عصام).

(٢) لا دخل لهذا القول في إثبات تقديرية الإعراب ؛ لأن كون آخره ألفا مستقل في كون إعرابه تقديريا ، بل لدفع توهم أن يقال : ليس في آخره ألف حال الإضافة إلى المظهر. (بخاري).

(٣) فامتنع ظهور الإعراب في لفظه فيكون إعرابه بالحركة تقديريا في الأحوال الثلاثة. (محرم).

(٤) قوله : (وإذا أضيف إلى المضمر ... إلخ) وأيضا لما كان المضمر أمر خفيا بالنسبة إلى الاسم الظاهر روعي عند الإضافة إليه جانب المعنى الذي هو أيضا خفي مستتر. (عصمت).

(٥) أي : لكون كلا عند الإضافة إلى المضمر معربا بالحرف ، وعند الإضافة إلى المظهر معربا بالحركات ، أو لكون إضافة كلا إلى المضمر شرطا لأن يكون إعرابها بالحروف. (توقادي).

(٦) وإنما كان حكمها كحكم المثنى بشبهها بالمثنى لفظا ؛ لوجود الألف والياء ، ومعنى للدلالة على اثنتين. (هندي).

ـ قال : وفي كلا وكلتا مضافا إلى مضمر نحو جاءني كلاهما ، ورأيت كليهما ، ومررت بكليهما. أقول : لما ذكر الموضع الأول من المواضع الأربعة التي فيها الإعراب بالحروف ، وأراد أن يذكر الموضع الثاني وهو كلا للمذكر وكذلك كلتا للمؤنث ، فأنهما إذا كانا مضافين إلى المضمر يكون إعرابهما ببعض الحروف ، أعني : بالألف في حالة الرفع ، وبالياء في حالتي النصب والجر ، نحو : جاءني الرجلان كلاهما ، والمرأتان كلتاهما ، ورأيت الرجلين كليهما ، والمرأتين كلتيهما ، وإنما أعراب كلا وكلتا بالحروف ؛ لأنهما يشابهان التثنية من حيث المعنى ، من حيث اللفظ ، أما من حيث المعنى فظاهر ، وأما من حيث اللفظ كما أن في أخر التثنية ألفا ونونا في حالة الرفع ، وياء ونونا في حالة النصب والجر ، وكذلك كلا وكلتا ؛ لأنهما لما كان دائم الإضافة لم ـ


صورة التثنية ، ومعناها معنى التثنية فألحقت بها (بالألف) رفعا ، (والياء) المفتوح (١) ما قبلها نصبا وجرا كما سيجيء.

(جمع المذكر السالك)

(جمع المذكر السالم) والمراد (٢) به ما سمى به اصطلاحا ، وهو الجمع بالواو والنون ، أو بالياء والنون فيدخل فيه نحو : (سنين ، وأرضين) مما لم يكن واحده مذكرا يجمع (٣) بالواو والنون. (و) ما ألحق به ـ وهو (ألو) (٤) ...

__________________

ـ يظهر نونهما قط ، وإنما قال : مضافا إلى مضمر ؛ لأنها إذا أضيف إلى المظهر يكون إعرابهما بالحركات تقديرا نحو جاءني كلا الرجلين وكلتا المرأتين ، ومررت بكلا الرجلين وكلتا المرأتين. (شرح المؤرخ).

(١) صفة جرت على غير من هي له ، مثل هند جائل وشاحها ، وإنما قيده به احترازا عن الياء المكسورة ما قبلها فإنها علامة في الجمع على حد التثنية. (محرم).

(٢) يعني ليس المراد المعنى التركيبي بمعنى جمع المذكر الذي سلم نظمه عند الجمع حتى يخرج منه ما آخره مؤنث كسنين وشنين وقلين ، وما سلم نظم واحده عند الجمع ، بل المراد من هذا اللفظ معناه الاصطلاحي وهو الجمع الذي ألحق بآخره واو ونون ، وأريد منه ثلاثة مقادير مفردة فصاعدا ، فإن قلت : هذا المفهوم لا يصدق على جميع المذكر السالم في حالتي النصب والجر قلت : مذكور بطريق التمثيل ، بمعنى الجمع الذي في أخره واو في حالة الرفع ، أو ياء في حالتي النصب والجر ، والمراد الجمع بالواو والنون بطريق إطلاق العام ، فيكفي كونه بالواو والنون في الجملة في بعض الأحوال. (عصمت).

ـ هذا جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : إن مثل أرضين وسنين وقلين يدخل في الحكم ، وهو قوله : (بالواو والياء) مع أنه ليس بجمع مذكر فأجاب بقوله : (والمراد). (حاشية).

(٣) أي : جمع المذكر السالم وما على صيغته ، فيكون من باب حذف المعطوف ، أو المراد صيغة الجمع المذكر ، فلا يرد نحو سنين وشنين وقلين من جموع المؤنثات ، ولو قال : الجمع بالواو والنون لكان أحسن. (هندي).

(٤) وإنما أفرد أولو وعشرون وأخواتها بالذكر ؛ لأن جمع المذكر السالم كل اسم ثبت مفرده ، ثم ألحق بذلك المفرد واو ونون دلالة على ما فوق الاثنين ، وليس أولو وعشرون وأخواتها كذلك ؛ لأن أولو موضوع لوضع جمع السلامة وليس منه المفرد ، وكذا عشرون وأخواتها ، وليس عشر وثلاث وأربع آحاد العشرون وثلاثون وأربعون. (شيخ الرضي).

ـ وإنما قدم أولو على عشرين ؛ لأنه أدخل في الجمع منه ؛ لأنه وضع لجماعة بمعنى الأصحاب من غير معين ، كما هو مقتضى الجمع بخلاف عشرون. (هندي).


جمع (ذو) (١) لا عن لفظه (عشرون وأخواتها) (٢). أي نظائرها السبع وهي (ثلاثون إلى تسعين) وليس (٣) (عشرون) جمع عشرة ولا (ثلاثون) جمع ثلاثة ، وإلّا صحّ إطلاق (عشرين) على (ثلاثين) ؛ ؛ لأنه ثلاثة مقادير العشرة ، وإطلاق ثلاثين على التسعة ؛ لأنه ثلاثة مقادير الثلاثة وعلى هذا القياس البواقي ، وأيضا (٤) هذه الألفاظ تدل على معان معينة ، ولا تعيين في الجمع. فإعرابها (بالواو) رفعا (والياء) نصبا وجرا. وإنما جعل إعراب المثنى مع ملحقاته (٥) والجمع مع ملحقاته بالحروف ؛ لأنهما فرعان للواحد ، وفي آخرهما حرف يصلح للإعراب وهو علامة (٦) التثنية والجمع (٧).

فناسب أن يجعل ذلك الحرف إعرابهما ليكون إعرابهما فرعا لإعرابه كما أنها فرعان له؛ لأن الإعراب بالحروف فرع الإعراب بالحركة ، ولما جعل إعرابهما بالحروف ، وكان حروف الإعراب ثلاثة ، وإعرابها ستة ، ثلاثة للمثنى وثلاثة للمجموع

__________________

(١) فلا يكون جمعا سالما ؛ لوجوب أن يكون مفرده عن لفظه ، وكذا أولات جمع ذات لا عن لفظها فلا يكون جمع المؤنث السالم ، فينبغي أن يذكر أولات مع جمع المؤنث السالم ملحقا به ، وأما ذو فهو جمع سالم فلذا لم يعده من ملحقاته. (عبد الغفور).

(٢) المراد بالأخت المثل على ما أشار إليه بقوله : (ونظائرها السبع) ، وبه فسر التنزيل حيث فسر (كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها)[الأعراف : ٣٨] فاستعارة الأخت للمثل استعارة غريب غير مصنوعة للنحاة. (عصام).

(٣) جواب سؤال مقدر وهو أن عشرون وأخواته مما صدق عليه جمع المذكر السالم ، لا من ملحقاته ؛ لكون عشرون جمع عشرة ، وثلاثون جمع ثلاثة ، وعلى هذا القياس فلا وجه لأفرادها ، فأجاب : بأن عشرون وأخواتها ليس بجمع وإلا لصح ... إلخ. (عصمت).

(٤) أي : كما أن عشرون لا يكون جمع عشرة ، ولا ثلاثون جمع ثلاثة للعلة المذكورة كذلك.

(٥) الأولى ترك ملحقاته ؛ لأن قوله : (إنهما فرع الواحد) مخصوص بالمثنى والمجموع ، وجعل ملحقات المثنى والمجموع أيضا فرع الواحد بواسطة فرعية المثنى والمجموع ، بعيد غاية البعد ، وأيضا بيان الحرف الصالح للإعراب بقوله : (وهو علامة التثنية والجمع) يدل على أن منظورة في الاستدلال هو التثنية والجمع لا الملحق بهما. (عصمت).

(٦) فإن قلت : صلاحية علامة التثنية والجمع للإعراب ممنوعة ؛ لأن العلامة لا تتغير والإعراب يتغير ، قلت : جاز تبدل علامة بعلامة ، وبهذا القدر يصلح للإعراب. (عصمت).

(٧) جعلت الألف علامة للتثنية والواو علامة للجمع ؛ لمناسبة الألف بخفته لقلة عدد المثنى ، والواو بثقله لكثرة عدد الجمع ، وهذا الحكم مطرد في جميع المثنى والمجموع نحو ضربا وضربوا ، وأنتما وأنتموا ، وهما وهمو ، وكما وكموا. (شيخ الرضي).


فلو جعل إعراب كل واحد منهما بتلك الحروف الثلاثة لوقع الالتباس ولو خص المثنى بها (١) بقي المجموع بلا إعراب ولو خص المجموع بها بقي المثنى بلا إعراب فوزعت عليهما بأن جعلوا الألف علامة الرفع في المثنى ؛ لأنه (٢) الضمير المرفوع للتثنية في الفعل نحو : (يضربان ، وضربا) ، والواو علامة الرفع في المجموع ؛ لأنه الضمير المرفوع للجمع في الفعل نحو : (يضربون وضربوا) وجعلوا إعرابهما بالياء حال الجر على الأصل (٣) ، وفرقوا بينهما بأن فتحوا ما قبل الياء في التثنية ، لخفة الفتحة وكسرة (٤) التثنية وكسروه في الجمع ، لثقل الكسرة وقلّة الجمع وحملوا النصب على الجرّ لا على الرفع لمناسبة النصب الجر ، لوقوع كل منهما فضلة في الكلام.

ولما فرغ (٥) من تقسيم الإعراب إلى الحركة والحرف ، وبيان مواضعهما المختلة شرع في بيان مواضع الإعراب اللفظي والتقديري اللذين أشير إلى تقسيمه إليهما فيما سبق (٦) ، ...

__________________

(١) الباء في قوله : (بها) كالباء التي في قوله واختص المندوب بواو ، أي : دخلت الباء على المقصود وفادت العكس ، فيكون المعنى : ولو خص هذه الحروف بالمثنى منه.

(٢) ولأن كلا من المثنى والمجموع متقدم لا محالة على إعرابه ما سبق الإعراب الرفع ؛ لأنه علامة العمدة ، فجعلوا ألف المثنى وواو الجمع علامتي الرفع فيهما ، ولم يبق من حرف اللين وهو التي أولى بالقيام مقام الحركة ، إلا الياء للجر والنصب في المثنى والمجموع والجر أولى بهما ، فعلت ألف المثنى واو الجمع في الجر ياء ، فلم يبق للنصب حرف فاتبع الجر دون الرفع ؛ لكونهما علامتي لكونهما علامتي الفضلة بخلاف الرفع. (عبد الغفور).

(٣) لأن الياء أخت الكسرة التي هي الجر ، ولأن الياء متولدة من الكسرة فكان الجر أصلا للياء فوقع الالتباس. (محرم).

(٤) ولا يلزم مخالفة هذا إلى قول أئمة الصرف حيث حكموا في تسوية التثنيتين دون الجمع بقلة التثنية وكثرة الجمع؛ إذ المراد بقولهم : (مطلق التثنية والجمع) وبقول الشارح : الجمع المقيد ، أي : صفة الجمع المذكر السالم فلا منافات. (مصطفى حلبي).

(٥) يعنى قوله : (فالمفرد المنصرف والجمع المكسر المنصرف) إلى هنا إشارة إلى تقسيم الإعراب إلى الحركة ، والإعراب بالحروف وبيان مواضعهما المختلفة في أنهما في بعض المواضع بالحركات الثلاث أو بالحروف الثلاثة ، وفي بعض المواضع بالحركتين أو الحرفين. (عصمت).

(٦) كأنه قيل : الإنسان ينقسم الإعراب إلى اللفظي والتقديري ، ثم بين مواضعهما فدفع ذلك بأن المصنف قد أشار إلى التقسيم فيما سبق ، حيث قال : لفظا وتقديرا. (الداشكندي).

ـ في حكم المعرب حيث قال : وحكمه أن يختلف آخره باختلاف آخره باختلاف العوامل لفظا أو تقديرا ، ـ


ولما كان (١) التقديري أقل ، أشار إليه أولا ثم بين أن اللفظي ما عداه ، فقال : (التقدير) : أي : تقدير الإعراب (٢) ـ (فيما) أي : في الاسم (٣) المعرب ، الذي (تعذر) الإعراب فيه (٤) ، أي : امتنع (٥) ظهوره في لفظه وذلك إذا لم يكن الحرف الذي هو محل الإعراب قابلا للحركة الإعرابية ، كما في الاسم المعرب بالحركة الذي في آخره (٦) ألف مقصورة (٧) سواء كانت موجودة في اللفظ ك : (العصا) بلام التعريف أو محذوفة بالتقاء

__________________

ـ وفي هذا البيان فوائد الأولى أن قوله : (التقدير إشارة إلى بيان الأقسام للتقسيم السابق ، لا تقسيم آخر للإعراب ، والثانية أن لام التعريف في قوله : (التقدير) وفي قوله : (اللفظي عهدي) ، والثالث أن هذا الكلام متصل بما قبله كمال الاتصال. (عصمت).

(١) قوله : (ولما كان التقديري أقل) وما هو أقل فهو أخف وأضبط ، فيكون أولى بالتقديم وإحالة عديله عليه ، ولأن التقديري لخفائه أولى بالتقديم في مقام البيان ، والمقصود من هذا الكلام الاعتذار عن تقديم الإعراب التقديري مع أن اللفظي أصل ؛ لأن الإعراب علامة ، وحق العلامة أن تكون ظاهرة. (عصمت).

(٢) جعل اللام عوضا عن المضاف إليه ، أي : للعهد إشارة إلى تقدير الإعراب الذي فهم في حكم المعرب ، والمناسب بعديلة أعني : قوله : (واللفظي فيما عداه) وبما سبق من أنه في بيان قسمي الإعراب اللذين أشار إلى تقسيمه إليهما سابقا أن يفسر التقدير بالإعراب المقدر ، بأن يجعل المصدر بمعنى اسم المفعول ، أو بأن يجعل ياء النسبية مقدر بأن يكون التقدير في الأصل التقديري ، كما أن العرض اللازم والعرض المفارق في عبارة المنطقيين بمعنى العرضي. (عصمت).

(٣) أشار إلى ترجيح جعل ما موصولة بمرجح التبادر ، وإلى ترجيح حذف العائد على حذف المضاف في قوله : (تعذر) أي : تعذر إعرابه ؛ لأن حذف الفضلة أهون من حذف العمدة ، ولأن الفهم يتسارع إليه.(عصام).

(٤) في معرب تعذر إعرابه ، فحذف المضاف وهو الإعراب ، وأقام المضاف إليه أعني الضمير مقامه فصار مرفوعا، هذا حل الصاحب البرخي الشارح جعل ضمير تعذر راجعا إلى الإعراب ، وقيد العائد إلى الموصول حيث قال فيه. (طاشكندي).

(٥) إذا تعذر الإعراب ينبغي أن يكون مبنيا ؛ إذ المتبادر من تعذر الإعراب امتناعه ، فدفعه بقوله : (امتنع ظهوره) يعنى المضاف مقدر قبل فاعل تعذر. (حاشية).

(٦) قوله : (في آخره) أي : في موضع آخره ، فلا يلزم اتحاد الظرف والمظروف ، ولك أن تقول : إن آخر الاسم عام والألف خاص ، فلا يلزم الاتحاد. (عبد الغفور).

(٧) قوله : (الألف المقصورة) سميت بها ؛ لأنها ضد الممدودة ؛ أو لأنها ممنوعة من الحركة مطلقا ، والقصر المنع، والأول أولى بدليل مقابلتها للممدودة وعدم اختصاص المنع بالألف ؛ لتحققه في ميم غلامي. (عب).


الساكنين (ك ـ (عصا) بالتنوين فإن الألف المقصورة في الصورتين غير قابلة للحركة ، (و) كما في الاسم المعرب بالحركة ، المضاف إلى ياء المتكلم ، نحو : (غلامي) (١) فإنه لما اشتغل ما قبل ياء المتكلم بالكسرة للمناسبة قبل دخول العامل ، امتنع أن يدخل عليه حركة أخرى بعد دخوله ، موافقة لها ، أو مخالفة (٢).

فما ذهب إليه بعض ، من أن إعراب مثل : هذا الاسم في حالة الجر لفظيّ ، غير مرضي ، (مطلقا) ، أي : في الأحوال الثلاث يعني : كون الإعراب تقديريا هذين النوعين من الاسم المعرب ، إنما هو في جميع الأحوال غير مختص ببعضها. (أو استثقل) (٣) عطف على قوله (تعذر) ، أي : تقدير الإعراب فيما تعذر أو في الاسم (٤) الذي استثقل ظهور الإعراب في لفظه ، وذلك إذا كان محل الإعراب قابلا للحركة الإعرابية (٥) ، ولكن يكون ظهوره في اللفظ ثقيلا على اللسان (٦) ، كما في الاسم الذي في آخره ياء

__________________

(١) سواء كانت الألف للتأنيث مثل حبلى وبشرى أو منقلبة عن واو وياء مثل عصا ورضى ، أو ما يشبهه مثل حمرى. (محرم).

(٢) في حال كونه رافعا أو ناصبا ؛ لأن في الأول يلزم اجتماع الكسرتين : كسرة العامل وكسرة البناء ؛ لأن الكسرة قبل دخول العامل بنائية ، وفي الثاني يلزم اجتماع الضمة مع الكسرة أو الفتحة معها ، والكل محال وهو ظاهر ، ولا يمكن أن تجعل هذه الحركة إعرابا ؛ لأنها مقتضى الياء وهو مقدم على العامل ؛ لتحصيل الحاصل ، كذا قال العصام : أقول : هذه العلة مخصوصة بحالة الجر فقط. (توقادي) ..

(٣) يعني : تقدير الإعراب فيما تعذر واستثقل وإن لم يتعذر ، وذلك الاستثقال في الموضعين كالتعذر أحدهما الأسماء المنقوصة ، وهي الأسماء التي في أواخرها ياء مكسورة ما قبلها كقاض ، والثاني جمع المذكر السالم إذا أضيف إلى ياء المتكلم ، فإن إعرابه تقديري حالة الرفع نحو مسلمي أصله مسلمون حذفت نونه بالإضافة إلى ياء المتكلم ، ثم قلبت الواو ياء ؛ لاجتماعها ، وسبق أحدهما بالسكون ، ثم أدغم في الياء تخفيفا ، ثم أبدلت الضمة إلى الكسرة لأجل الياء. (عوض أفندي).

(٤) ولم يقيده بالحركة ؛ لأن تقدير الإعراب للاستثقال يجري في الإعراب بالحروف كالحركة ، بخلاف تقدير الإعراب للتعذر فإنه مختص بالإعراب بالحركة (محرم)

(٥) أو كان الإعراب بالحروف ، واجتمع ذلك الحرف مع حرف آخر يوجب ثقل الكلمة على اللسان وإنما قلنا ذلك ؛ ليصح التمثيل نحو مسلمي ، وعطفه على قوله : (كقاض). (عصمت).

(٦) للزوم الخروج من الكسرة إلى الضمة في حالة الرفع ، في جاءني قاضي ، واجتماع الكسرتين في حال الجر في مررت بقاضي ؛ لكون ما قبل اللام مكسورا. (م).


مكسور (١) ما قبلها ، سواء كانت محذوفة بالتقاء الساكنين ك : (قاض) أو غير محذوفة ك: (القاضي) (رفعا وجرا) (٢) أي : في حالتي (الرفع والجر) لا في حالة (النصب) ، لاستثقال الضمة والكسرة (٣) على الياء (٤) دون الفتحة. (ونحو مسلميّ) عطف (٥) على قوله ك : (قاض) (٦) ، يعني : تقدير الإعراب للاستثقال ، قد يكون في الإعراب بالحركة ، وقد يكون في الإعراب بالحروف نحو : (مسلميّ) بخلاف تقدير الإعراب للتعذر ، فإنه مختص بالإعراب بالحركة. (رفعا) يعني تقدير الإعراب في نحو : (مسلمي) إنما هو في حالة الرفع فقط دون النصب والجر ، نحو : (جاءني مسلميّ) ، فإن أصله (مسلموي)(٧) بسقوط النون بالإضافة ، فاجتمع الواو والياء ، والسابق منهما ساكن فانقلبت الواو ياء،

__________________

(١) وإنما قال : في آخره ياء مكسورة ما قبلها ؛ احترازا من نحو ظني فإن إعرابه لفظي لعدم الاستثقال. (عصمت).

(٢) يعني : أن قوله : (رفعا وجرا) ظرف للاستثقال المقدر ، والمعنى كاستثقال المقدر ، والمعنى كاستثقال قاض وقت مرفوعيته ومجرورتيه ، أو وقت رفع العامل وجره ، ولك أن تجعل مصدرا أي : استثقال رفع وجر ، أو حالا مما أضيف إليه لاستثقال المقدر ، أي : حال كونه مرفوعا أو مجرورا. (عبد الغفور).

(٣) وإنما استثقل الكسرة على الياء ؛ لأنه يجتمع أربع كسرات كسرة الضاد وكسرة الباء ، والياء عبارة عن الكسرتين فيجتمع أربع كسرات. (حاشية).

(٤) على الياء المكسورة ما قبلها ، وذلك مخصوص ؛ لضعف الياء وثقل الحركين مع تحرك ما قبلها بحركة ثقيلة ، فإن سكن ما قبل الياء استثقل الحركة كظبي وكرسي. (عب).

(٥) وقد بيّن الشارح فائدة زيادة النحو بقوله : (يعني تقدير الإعراب للاستثقال) قد يكون في الإعراب بالحركة ، وقد يكون في الإعراب بالحروف ، بخلاف تقدير الإعراب للتعذر ، فإنه مختص بالإعراب بالحركة ، ولهذا قال فيه : كعصا وغلامي بالعطف على المجرور ، فالحاصل أن المصنف أراد التنبيه بأن تقدير الإعراب للاستثقال نوعان ، بخلاف تقدير الإعراب للتعذر فإنه نوع واحد. (جلبي).

(٦) فهو مرفوع لا على قاض ، فيكون مجرورا ، ووجه النفي ظاهر ؛ إذ قد يكون ذكر النحو مستدركا ، ومع ذلك يتجه أن الأخصر أن يحذف نحو ويعطف مسلمي على قاض.

(٧) فإعراب مسلموي لفظي لا شك إن تلفظ الإعراب في مسلمي بعد الإعلال متعذر ، وقبله مستثقل كما في عصا ، لكن المؤثر في التقدير في عصا بعد الإعلال من التعذر ، وفي مسلمي ما قبله من الاستثقال ؛ لأن إعرابه بالواو وثقله يوجب تقديرها ، بخلاف عصا فإن إعرابه بالحركة وثقله يوجب إبدال الحرف لا الإسكان وتقدير الحركة. (فاضل أفندي).


وأدغمت الياء في الياء كسر ما قبل الياء (١) ، فلم تبق (٢) علامة الرفع التي هي الواو في اللفظ ، فصار الإعراب في حالة الرفع (٣) (تقديريا) بخلاف حالتي النصب والجر فإن الإدغام لا يخرج الياء عن حقيقتها ، فإن الياء المدغمة أيضا ياء ، وقد يكون الإعراب بالحروف تقديريا في الأحوال الثلاث في مثل : (جاءني أبو القوم) و (رأيت أبا القوم) و (مررت بأبي القوم) ، فإنه لما سقط حروف الإعراب عن اللفظ بالتقاء الساكنين لم يبق الإعراب (لفظا) بل صار (تقديريا) (٤). (واللفظي) أي : الإعراب المتلفظ به (٥). (فيما عداه) يعني فيما عدا (٦) ما ذكر مما تعذر فيه الإعراب أو استثقل (٧) ، ...

__________________

(١) أي : ياء المدغمة لزيادة التخفيف ؛ لأن الكسرة أخف من الضمة ، فصار مسلمي فحصل التخفيف من جهات ثلاث : قلب الواو ياء ، وإدغام الياء في الياء ، وكسر ما قبلها ؛ لأن الياء أخف من الواو ، والإدغام من فكه ، والكسرة من الضمة ، تأمل. (توقادي).

(٢) قوله : (فلم يبق علامة الرفع) يعني أن القلب يخرج الواو حقيقة فلا يكون الواو واوا ، فيم يبق علامة الرفع الذي هو الواو بخصوصه ، بخلاف الإدغام فإن الإدغام لا يخرج الياء عن حقيقته ، فإن الياء المدغم أيضا فيبقى علامة النصب والجر الذي هو الياء. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (حالة الرفع تقديريا) وذلك لامتناع أن يكون الياء حقيقة عن الواو بدلا عنها في الدلالة ، كما جعلت كسرة جمع المؤنث السالم بدلا عن الفتحة ؛ لأن الزائل بالإعلال في حكم الثابت.

(٤) لكون حروف الإعراب مقدرة ؛ للاستثقال ، فإن قلت : تقدير الإعراب للاستثقال مسلم في الرفع والجر ؛ لكون الواو والياء يتحملان الحركة ، ولكن يثقل على اللسان ، وأما في النصب فغير مسلم ؛ لأن تقدير الإعراب ليس إلا للتعذر ؛ لأن الألف ما دام ألف لا يقبل الحركة ، قلت : لأن الألف فيه كانت واوا ؛ لأن أصله حال إعرابه : رأيت أبو القوم ، فقلبت الألف لتحركها وانفتاح ما قبلها. (محرم أفندي).

(٥) الجار مع مجروره نائب الفاعل الضمير إلى الموصوف ، يريد توجيه إفراد الضمير مع تعدد مرجعه بأنه راجع إلى المذكور ، وقال العصام : إن المتعدد إذا ذكر بالعطف بكلمة ، أو يجوز إفراد الضمير الراجع إليه ؛ لأنه في الحقيقة راجع إلى أحد الأمور ، لا إلى المجموع. (عصمت).

(٦) قوله : (يعني : فيما عدا ما ذكر ... إلخ) يعني : أن ما عدا اللفظي في موضعان ، فالمناسب أن يقول : فيما عداهما ، فأجاب الشارح بأن إفراد الضمير باعتبار المذكور للاختصار ، وهذا شائع في كلامهم بأن الضمير إفراد باعتبار ما ذكر ، والقضية الحقيقة المنفصلة وهي قوله : (التقدير فيما تعذر واستثقل) من قبيل مانعة الجمع فقط ، فالظاهر أن يقال : فيما عداهما ، كما في قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما)[النساء : ١٣٥] آية ، ولما خالف المصنف للظاهر بإفراد الضمير لزم التأويل ، وبهذا التحقيق سقط ما ذكره المحشي عصام الدين. (حلبي).

(٧) فالمقصود أنك إذا عرفت أن الإعراب التقديري في أيّ : صورة كان ، فاعلم أن ما سواه لفظي ـ


ولم ذكر (١) في تفصيل المعرب المنصرف وغير المنصرف وكان غير المنصرف على قياس الأعراب التقديري واللفظي عرّف غير المنصرف واكتفى بتعريفه ، فقال :

(الممنوع في الصرف)

(غير المنصرف (٢) ما) أي : اسم (٣) معرب (فيه علّتان) تؤثّران (٤) باجتماعهما واستجماع شرائطهما فيه أثرا سيجيء ذكره. (من) علل (تسع أو) علّة (واحدة منها) أي : من تلك التسع (تقوم) هذه العلة الواحدة (مقامهما) أي : مقام هاتين العلتين بأن تؤثر وحدها تأثيرهما. (وهي) أي : العلل التسع مجموع ما في هذين البيتين (٥) ومن الأمور

__________________

ـ من الأسماء المعربة ، ولم يذكر للإعراب اللفظي ضابطة ؛ لتعسر ضبطه ، لكثره معروضه. (عوض أفندي).

(١) قوله : (ولما ذكر ... إلخ) يريد ارتباط بحث غير المنصرف بما قبله ، ونكتة ذكر غير المنصرف وترك المنصرف بأن التفصيل الذي سبق للمعرب في بيان مواضع الإعراب بالحركات ، والإعراب بالحروف بقوله : (فالمفرد المنصرف ... إلخ) يحتاج إلى بيان المنصرف وغير المنصرف. (عصمت).

(٢) قوله : (غير المنصرف) مأخوذ من الصرف ، إما بمعنى التحويل والتغيير فما كان التحويل والتغيير فيه عن حالته الأصلية أكثر بسبب دخول الحركات الثلاث والتنوين يسمى منصرفا وما ليس بهذه المثابة كأنه لم ينصرف بالنسبة إلى القسم الأول يسمى غير منصرف ، وإما بمعنى الزيادة فسمي المشتمل على زيادة الإعراب والتنوين منصرفا. (عصمت).

(٣) اختار تفسير كلمة ما بالنكرة وهو أحد احتماليه ؛ لأنه أقرب بامتزاج الشرح بالمتن ، ولم يشر إلى الاحتمال الآخر ؛ لوضوح أمره واشتهاره. (عصمت).

(٤) قوله : (تؤثران) أراد دفع إيراد هو أن المراد علتان لمنع الصرف ، فيلزم أخذ منع الصرف ، في تعريف غير المنصرف وهو فاسد ؛ لأن من لم يعرف غير المنصرف لم يعرف منع الصرف ، ومن عرف عرف ، فأشار الشارح إلى أن المراد بالعلتين ما يؤثران تأثيرا ما ، فيلزم ملاحظة منع الصرف قوله : (صفة مخصصة مما هو المطلوب) ولعل فائدة الوصف بكونهما علتين الإشارة إلى كونهما علتين لمنع الصرف فليتدبر ، ويمكن أن يكون المراد بما فيه شيئان مسميان بعلتي منع الصرف ، أي : بهذا اللفظ ، ومعرفة هذا اللفظ كذا ما يطلق عليه هذا اللفظ لا يحتاج إلى المعرفة غير المنصرف فلا يرد. (عيسى الصفوي).

(٥) وذلك باعتبار تقدم العطف على الحكم ، كقولك : البيت سقف وجدران ، قال قدس‌سره في الحاشية : أوله موانع الصرف تسع كلمات اجتمعت ثنتان منها فما للصرف تصويب ، انتهى هذا وهذه الأبيات لأبي سعيد الأنباري النحوي ، وإنما لم يذكر أولها حتى يكون له غنى ـ


التسعة ، لا كل واحد منها حتى يقال لا يصح الحكم على العلل التسع بكل واحد من هذه الأمور ، وذلك المجموع :

 (عدل ووصف وتأنيث ومعرفة

وعجمة ثمّ جمع ثمّ تركيب)

والعدول في عطف هاتين العلتين من الواو إلى (ثم) لمجرد (١) المحافظة على الوزن.

(والنّون زائدة من قبلها ألف

ووزن فعل وهذا القول تقريب) (٢)

فقوله زائدة ، منصوب على أنه حال ، إذ المعنى : ويمنع النون الصرف حال كونها زائدة ، وقوله : (ألف) فاعل الظرف ـ أعني : من قبلها ـ أو مبتدأ وخبره الظرف المتقدم عليه. ولا يخفى (٣) أنه لا يفهم من هذا التوجيه (٤) ...

__________________

ـ عن التعريف ؛ لأن التعريف المستفاد منه غير جامع ؛ لعدم صدقه على ما فيه علة تقوم مقامهما إلا بضرب من التكلف بأن يقال : المراد اجتماع الثنتين حقيقة أو حكما. (عبد الغفور).

(١) وقد يوجد في اختيار ، ثم بأن قد يستعار للتراخي الرتبي ، ونظيره في القرآن كثير فقد يقصد علو مرتبة المعطوف على المعطوف عليه ، وقد يقصد زيادة رتبته ، فعطف الجمع ب : ثم إشارة إلى أنه أعلى مرتبة لما قبله ؛ لقيامه مقام العلتين ، ثم عطف التركيب على الجمع بثن للإشارة إلى دناءة رتبته عن الجمع بسبب عدم قيامه مقام العلتين. (عصمت).

(٢) إشارة إلى أن في عدد علل خلافا ، فقال بعضهم : إنها تسع كما هو المختار عند المصنف ، وقال يعضهم : عشرة ، التسع المذكور والألف لإلحاق في أوطي ، وهو مشابهة لألفي التأنيث بدليل أوطأة ، ووجه مشابهته لها عدم قبول التاء بعد التسمية ، وقال بعضهم : أحد عشر العشرة المذكورة ومراعات الأصل بعد التنكير في أحمر ، وقال بعضهم : إنها ثلاثة عشر ؛ لأنهم عد التنكير وعدم النظير سببا لمنع الصرف ، وقال بعضهم : اثنان الحكاية والتركيب. (عوض أفندي).

أي : مقرب إلى الصواب أو إلى الحفظ أو بقريب لا تحقيق ، وذكر أمثلة علل المذكورة على ترتيب ذكرها. (هندي).

(٣) قوله : (ولا يخفى أنه لا يفهم من هذا التوجيه) هذا إنما يصح إذا قدر متعلق الظرف ، أعني من قبلها من أفعال العموم ، وأما إذا قدر ما يدل على الزيادة كقولنا : مزيدة من قبلها فيفهم زيادة الألف بلا اشتباه ، ولم يلتف إلى هذا التوجيه ؛ لأن الشائع عندهم تقدير متعلق الظرف بلا قرنية واضحة من أفعال العموم ، ولا يخفى أنه كما لا يفهم زيادة الألف من هذا التوجيه لا يفهم كون مجموع الألف والنون علة لمنع الصرف ، بل يفهم منه عليه النون فقط مع أن العلة مجموع الألف والنون ، وكذا لا يفهم هذا من توجيه الثاني أيضا فتأمل.(عصمت).

(٤) والمراد من هذا التوجيه إما كون الألف فاعل الظرف ، وإما كون الألف مبتدأ والظرف ـ


زيادة الألف ، مع أنها أيضا زائدة (١) ، ولهذا يعبر عنهما بالألف والنون الزائدتين ، ولو جعل (الألف) فاعلا (٢) لقوله (زائدة) والظرف متعلقا بالزيادة ، وأريد (٣) بزيادة الألف قبل النون اشتراكهما في وصف (٤) الزيادة ، وتقدم الألف عليها في هذا الوصف ، لفهم زيادتهما جميعا. وهذا كما إذا قلت : جاءني زيد راكبا من قبله أخوه ، فإنه يدل على اشتراكهما في وصف (٥) الركوب ، وتقدم أخيه عليه في هذا الوصف. وقوله (وهذا القول تقريب) يعني أن ذكر العلل بصورة النظم تقريب لها إلى الحفظ ؛ لأن حفظ النظم أسهل ، أو القول (٦) بأن كل واحد من الأمور التسعة علة ، قول تقريبي لا تحقيقي ، إذ العلة في الحقيقة اثنان (٧) منها لا واحد (٨) ، أو القول بأنها تسع تقريب لها إلى

__________________

ـ خبره ، وعلى كلا التقديرين قوله : (زائدة) حال من النون ، والجملة الظرفية حال من صاحب الحال الأولى ، فيكون من الأحوال المترادفة ، أو من ضمير المستتر في زائدة فيكون من الأحوال المتداخلة ، أو صفة. (لمحرره).

(١) لأنه يكون معنى الكلام حينها ، وتمنع النون من الاسم المعرب الصرف حال كونها زائدة حال كون قبل النون ألف ، وأنت خبير بأنه لا يفهم زيادة الألف من هذا المعنى. (توقادي).

(٢) بأن تكلم الألف ثم النون المزيدتان ، والمعنى حال كونه متصفا بزيادة الألف قبل اتصافه بالزيادة. (وجيه الدين).

(٣) لا يخفى أن هذه الإرادة بعيدة من الطبع لا تقضيه وضع ولا قاعدة ، إلا أن الشارح ادعى أن هذا المفهوم عرفا بدليل أن هذا المعنى مفهوم من نظيره وهو قولك : جاءني زيد راكبا من قبله أخوه.(عصمت).

(٤) لأن جعل الألف فاعل الزيادة ، والزيادة حالا من النون أفاد اشتراكها فيها ؛ لأنها صارت صفة لهما حتى لو لم يقصد الاشتراك فيها لما كان لهذا التعبير وجه. (محرم).

(٥) ولا يلزم أن يكونا راكبين على فرس واحد ، بل يجوز أن يكونا راكبين على فرسين على حدة ، بل المراد هنا هذا. (لمحرره).

(٦) الأولى أن يقال : أو القول بأن كل واحد منها مانع ؛ لأن المذكور في نظم أبي سعيد المانع لا لعلة ، حيث قال : موانع الصرف تسع ... إلخ ، وقد اعتذر عن هذا بأن الموانع جمع مانعة ، وتأنيثه باعتبار أن موصوفه العلة ، فكأنه قال : العلل الموانع للصرف تسع. (عصمت).

(٧) والاثنان أي : الحكاية والتركيب ، أما الحكاية أي : النقل من الفعل إلى الاسم ففي وزن الفعل مع الوصف كاعلم ، أو مع العلمية كشكر علما ، وأما التركيب ففي البواقي وقد تكلف في اعتبار التركيب هناك تكلفا لا معنى له. (عب).

(٨) يعني : العلة الوجبة كون الاسم غير منصرف في الحقيقة اثنان ، هذا فيما إذا كانت ناقصة ، ـ


الصواب ؛ لأن في عددها خلافا ، فقال بعضهم : إنها تسع ، وقال بعضهم : إنها اثنتان ، وقال بعضهم : إنها (إحدى عشرة (١) ، ولكن القول بأنها تسع تقريب لها إلى ما هو صواب من المذاهب (٢) الثلاثة ، ثم أنه ذكر أمثلة العلل المذكورة على ترتيب ذكرها في البيتين (٣) فقال : (مثل : عمر) مثال للعدل (وأحمر) مثال للوصف ، (وطلحة) مثال للتأنيث (وزينب) مثال للمعرفة وفي إيراد (زينب) مثالا للمعرفة بعد (طلحة) إشارة إلى قسمي التأنيث (٤) اللفظي والمعنوي (وإبراهيم) مثال للعجمة (ومساجد) مثال للجمع (ومعد يكرب) مثال للتركيب (وعمران) مثال للألف والنون (وأحمد) مثال لوزن الفعل. (وحكمه) أي وحكم غير المنصرف والأثر المترتب عليه من حيث (٥) اشتماله على علتين أو علة واحدة منها تقوم مقامهما (أن لا كسر) (٦) ...

__________________

ـ حيث لا يؤثر وحدها فضم إليها أخرى ، لنقصان كل واحدة منهما ، وأما إذا كانت تامة فالواحدة كافية في منع الصرف ، إلا أنه لما كانت هذه أقل لم يذكر الشارح ، وجعلها كالعدم وبنى الحكم على الأغلب. (محرم).

قوله : (إذ العلة في الحقيقة اثنان منها لا واحد) هذا يدل على أن إطلاق العلة على الناقصة مجاز ، وبه صرح الشيخ ، وفيه نظر بل غاية ما يقبل التبادر. (عيسى).

(١) من حيث الأعداد وهي التسع المذكورة ، وشبه ألفي التأنيث كأوطي علما ، ومراعات الأصل في نحو أحمر وعطشان إذا نكر بعد العلمية ، فصارت أحد عشر. (توقادي).

(٢) قوله : (من المذاهب الثلاثة) كلمة تبعيضية بيانية ، وإلا لم يصح المعنى ، كما لا يخفى ، وقد يجتمع من التبعيضية والبيانية صرح به صاحب الكشاف. (حسن أفندي).

(٣) ليكون النشر عل ترتيب اللف ، وهذا أقوى في الضبط وأسهل في اللفظ ، ولكن مع قطع النظر عن أن يكون صالحا ؛ لأن يكون مثالا لعلة أخرى. (م).

(٤) يعني : أن التأنيث اللفظي معتبر وإن كان مع التذكير الحقيقي الذي لا يعتبر تأنيث الفعل معه ، فلا يقال : ما جاءت طلحة ، وكذا المعنوي الذي خفي فيه العلامة. (لارى).

(٥) كلمة حيث تعليلية لا تقييدية ، فإن غير المنصرف لا يكون إلا بهذا الوصف فلا فائدة في التقييدية ، وإنما علل به ؛ لأن لغير المنصرف أوصافا أخر ليست علة لترتيب هذا الحكم فإنه من حيث أنه معرب له حكم آخر من اختلاف آخره ، باختلاف العوامل ، ومن حيث أنه فاعل حكمه أنه مرفوع ، وعلى هذا القياس. (عصمت).

(٦) ولم يقل : لا جرّ ؛ لأنه يدخله الجر عند الجمهور ؛ إذ هو عندهم معرب ، والجر أنواع وجره فتح والفتح الذي في بأحمد عندهم عمل الجار وهو يعمل الجر لا محالة ، وقال الأخفش والمبرد والزجاج : غير المنصرف في حال الجر مبني على الفتح لخفته ؛ وذلك لأن مشابهته للمبني ، ـ


فيه (ولا تنوين) (١) وذلك ؛ لأن لكل علة فرعية (٢) ، فإذا وقع في اسم علتان حصل فيه فرعيتان : فيشبه الفعل (٣) من حيث إن له فرعيتين بالنسبة إلى الاسم :

أحداهما : افتقاره إلى الفاعل.

وأخراهما : اشتقاقه من المصدر.

فمنع منه الإعراب المختص بالاسم وهو (٤) الجر والتنوين (٥) الذي هو علامة التمكن وإنما قلنا (٦) :

__________________

ـ أي : الفعل ضعيفة فحذفت علامة الإعراب مطلقا ، أي : التنوين ، وهي في حالة واحدة فقط ، واختص بالبناء في حالة الجر ؛ ليكون كالفعل المشابهة في التعريف من الجر. (رضي).

(١) قوله : (ولا تنوين) عطف على قوله لا كسر ، ويجوز في قوله : (لا كسر ولا تنوين) من الوجوه ما يجوز في قوله : (لا حول ولا قوة إلا بالله) ، ويأتي في بحث المنصوب بلا التي لنفي الجنس. (إفصاح).

(٢) اعلم أن الفرعية لا تختص بفرعية الموقوف للموقوف عليه ، بل يشملها وغيرها ، المرجوح للراجح وأنها لا تنحصر فيما ذكر ككون الاسم مثنى إلى غير ذلك ، لكن لم يعتبروها ولم يعلم وجهه. (عبد الغفور).

(٣) اعلم أن لمشابهة الاسم الفعل ثلاث مراتب : أعلاها يوجب البناء كما في أسماء الأفعال ويمنع جميع أنواع الإعراب عنه ، وأوسطها يوجب عدم الانصراف كما في غير المنصرف ، وأدناها يوجب كون الاسم عاملا كما في الاسم الفاعل. (لمحرره).

(٤) أي : الإعراب المختص بالاسم الجر لما مر ؛ لكونه أثر حرف الجر لفظا أو تقديرا ، كان مختصا بالاسم فمنع منه بسبب المشابهة ؛ لأن الرفع والنصب يوجدان في الفعل والاسم ، والجزم بالفعل فرقا بين إعرابهما وتعادلا. (توقادي).

(٥) قوله : (والتنوين) عطف على قوله : (وهو الجر) وصحة الجر مع قطع النظر عن عموم ما في قوله : (الإعراب ما اختلف آخره به) لكونه وصف عاما لأنواع الإعراب ، فيكون مجازا بعلاقة التلازم وعطفه على الإعراب لا يخلو عن ركاكة كما لا يخفى. (سيد جلال).

(٦) قوله : (وإنما قلنا لكل علة فرعية ... إلخ) الظاهر أن ليس المراد بالفرعية في المقام إلا تأخر المرتبة ، فقول المحشي : (والاعتبار ... إلخ) أي : بأي : يكون اعتبار أحدهما متأخر عن اعتبار الآخر ، كما في المذكر والمؤنث فإن اعتبار المؤنث بعد اعتبار المذكر ، ولذا تقول : قائم ، ثم تقول : قائمة ، والاعتبار سواء الوقف واحتاج إلى الأصل أو لا ، فتتم الفرعية في الكل بلا تكلف ، ثم الظاهر من كلامهم أن المراد فرعية اللفظ للفظ كما في الفعل ، لا فرعية المعاني والأوصاف ، ولذا يستدل على فرعية التأنيث والتعريف للتذكير بأنك تقول : قائم ورجل ، ثم ـ


إنّ لكلّ علة فرعية ؛ لأن (١) العدل فرع المعدول عنه والوصف فرع الموصوف والتأنيث فرع التذكير ؛ لأنك تقول : قائم ، ثم تقول : قائمة ، والتعريف فرع التنكير ؛ لأنك تقول : رجل ، ثم تقول : الرجل ، والعجمة في كلام العرب فرع العربية إذ الأصل في كل كلام أن لا يخالطه لسان آخر ، والجمع فرع الواحد والتركيب فرع الإفراد ، والألف والنون الزائدتين فرع ما زيدتا عليه (٢) ، ووزن الفعل فرع وزن الاسم ؛ لأن أصل كل نوع أن لا يكون فيه الوزن المختص بنوع آخر ، فإذا وجد فيه هذا الوزن كان فرعا لوزنه الأصلي (ويجوز) أي : لا يمتنع (٣) سواء كان ضروريا أو غير ضروري (صرفه) أي : جعله في حكم المنصرف بإدخال الكسر والتنوين فيه لا جعله منصرفا حقيقة فإن غير المنصرف عند المصنف ما فيه علتان (٤) أو واحدة تقوم مقامهما وبإدخال الكسر

__________________

ـ قائمة والرجل وحينها يشكل إتمام بعض ما ذكروه إلا بالتكلف ، والأولى تعميم المراد بالفرعية ، تأمل. (عيسى الصفوي).

(١) قوله : (لأن العدل فرع المعدول عنه) ؛ إذ لو لا تحقق المعدول عنه أولا لم يمكن العدل ، وهذا أولى مما قيل: لأن الأصل بقاء الاسم على حاله. (عيسى).

(٢) قوله : (ما زيدتا عليه) منهم من قال إن منهما للصرف لمضارعتهما لألفي التأنيث الممدودة في انتفاء التاء ، وكونهما زيدتا معا ، وحذفتا معا ، وكون أولى الحرفين في كل مدة ، والثانية حرفا تشبيها بحرف العلة ، ولا يخفى أن لا بد حينئذ من إثبات الفرعية بين المشبه والمشبه به. (لارى).

(٣) اعلم أن الأمور المعقولة ثلاثة : واجب وهو ما اقتضى ذاته أو جوده وكان وجوده ضروريا كوجود الباري تعالى وتقدس ، وممتنع وهو ما اقتضى ذاته وعدمه أو كان عدمه ضروريا كشريك الباري تعالى ، وجائز وهو ما استوى طرفاه أي : امتناعه وعدم امتناعه وفي هذا المقام لا يستقيم هذا ؛ لأن الضرورة تقتضي الإيجاب ولا يمكن جعله بمعنى الوجوب كما قيل : لأن قوله : (أو للتناسب) يمنعه ، فلزم تأويله بالإمكان العام ، فإن الإمكان على قسمين : الأول ما استوى طرفاه وهو المسمى بالإمكان الخاص ، والثاني ما سلب طرف امتناعه مع قطع النظر من الطرف الآخر وهو المسمى بالإمكان العام ، وهو المراد من قول الشارح : أي : لا يمتنع سواء كان ضروريا أو غير ضروري فحينئذ يستقيم قوله : (أو للتناسب). (مصطفى حلبي).

ـ إطلاق الملزوم وإرادة اللازم ، وهو عام يتناول الوجوب كما في ضرورة الشعر ، والجواز كما في التناسب. (وجيه الدين).

(٤) وأما عند غير المصنف فهو ما لم يدخل الكسر والتنوين ، فعند إدخال أحدهما يجعل منصرفا حقيقة. (عصمت).


والتنوين (١) لا يلزم (٢) خلو الاسم عنهما وقيل : المراد بالصرف هاهنا معناه اللغوي لا الاصطلاحي والضمير في (صرفه) راجع إلى (حكمه) (للضرورة) (٣) أي : لضرورة (٤) وزن الشعر أو رعاية القافية فإنه إذا وقع غير المنصرف في الشعر فكثيرا ما يقع من منع صرفه انكسار يخرجه عن الوزن ، أو انزحاف يخرجه عن السلاسة ، أمّا الأول فكقوله (٥) :

(صبّت عليّ مصائب (٦) لو أنّها

صبّت على الأيام صرن لياليا)

وأمّا الثاني فكقوله (٧) :

__________________

(١) قوله : (والتنوين) الأولى أو التنوين بأو المانعة الخلو ؛ لأن صرف غير المنصرف لم يلزم أن يكون بإدخال كليهما ، بل يحصل بأحدهما أيضا كما في صبت علي مصائب ، لو أنها وفي من يسمى بأحمد. (عصمة الله).

(٢) قوله : (لا يلزم خلو الاسم عنهما) أي : عن العلتين الباقيتين فيه بعد إدخال الكسر والتنوين ، إما مؤثر أو لا ، فعلى الأول يلزم وجود المؤثر بدون أثره فإن أثره المنع عن الكسر والتنوين لا غير كما لا يخفى ، وعلى الثاني لم يصدق عليه تعريف غير المنصرف على مذهب المصنف أيضا ، فإن كون العلتين مؤثرتين معتبر في تعريفه كما صرح الشارح. (عصمة الله).

(٣) قوله : (للضرورة) لأن الضرورة ترد الأشياء إلى أصولها ، ولذا لم يجز عدم صرف المنصرف لها عند الجمهور من البصريين ، وكما لم يجز جعل الهمزة المقصورة ممدودة ؛ لأن أصل الممدودة المقصورة ، وجوز الكوفيين وطائفة من البصريين منع صرف العلم للضرورة. (عصام).

(٤) يشير إلى أن كون اللام للعوض عن المضاف إليه وللعهد فإن الضرورة مخصوصة بالشعر لا توجد في النثر ، وقوله : (للضرورة) من قبيل خرجت مخافة للشر. (جلبي).

(٥) قائله أم المؤمنين فاطمة الزهراء أول البيت :

ماذا على من شم تربة أحمد

أن لا يشم مدى الزمان غواليا

والمعنى ما الذي ، أو أيّ : شيء وقع على من شم تربة أحمد في أن لا يشم مدى الزمان وامتداده أنواع الغالية ، والاستفهام للإنكار ، والمعنى : ماذا أوجب على من شم تربة أحمد أن لا يشم ... إلخ) ، والاستفهام للتعجب من عظم الموجب وهو كمال الاستغناء عن شم الغوالي. (عصام الدين).

(٦) والمعنى نزلت على مكروهات مكررات لو نزلت على الأزمنة في غاية الصفاء صارت تلك الأزمنة في الظلمة كالليل قبل غروب الشمس ، فلو لم يجعل مصائب في حكم المنصرف بإدخال التنوين لكان المصراع الأول ناقصا عن المصراع الثاني بحرف ؛ لأن التنوين يعد حرفا عند الشعراء. (رضا).

(٧) الإمام الشافعي في مدح إمام الأعظم ، وأول البيت :

هنيئا لأرباب النعيم نعيمهم

وللعاشق المسكين ما يتجرع


(أعد ذكر نعمان لنا إنّ ذكره (١)

هو المسك ما كررته يتضوّع)

فإنه لو فتح نون (نعمان) من غير تنوين يستقيم الوزن ولكن (٢) يقع فيه زحاف يخرجه عن السلاسة كما يحكم به سلامة الطبع ، فإن قلت : الاحتراز عن الزحاف ليس بضروري ، فكيف يشمله قوله : للضرورة. قلنا : الاحتراز عن بعض الزحافات إذا أمكن الاحتراز عنه ضروري عند الشعراء ، وأما الضرورة الواقعة لرعاية القافية ، فكما في قوله :

سلام (٣) على خير الأنام وسيّد

حبيب إله العالمين محمد

بشير (٤) نذير هاشميّ مكرم

عطوف رؤف من يسّمى بأحمد

فإنه لو قال : (بأحمد) ـ بفتح الدال لا يخلّ بالوزن ولكنه يخل بالقافية فإن حرف الروي في سائر الأبيات ، الدال المكسورة (أو للتناسب) أي : ويجوز صرف غير المنصرف، ليحصل (٥) التناسب بينه وبين المنصرف ؛ لأن رعاية (٦) التناسب بين

__________________

(١) جواب سؤال مقدر نشأ من الأمر بالإعادة أو بالفتح ، علة لذلك الأمر بحذف اللام. (رضا).

(٢) ولما كان كلمة لكن من حروف العاطفة كيف أن تجامع مع الواو العاطفة ، مع أنه لا يجوز اجتماع حرفي العطف قلنا : نعم الأمر كذلك أن كلمة لكن إذا وقعت بعد الواو يخرج عن كونها للعطف ، وتتمحض للاستدراك ، كما أن اللام إذا اجتمعت مع سوف تخرج عن كونها للحال وتخلص للتأكيد. (شيخ زاده للقاضي).

(٣) مبتدأ مخصوص بالنسبة إلى المتكلم مثل سلام عليك ، أي : سلامي ، أي : سلام من قبلي ، أي : التنزيه من كل آفة ونقيضه ، والتبرئة من كل عيب. (توقادي).

(٤) قوله : (بشير) فعيل بمعنى فاعل للمبالغة أي : مبشر للمؤمنين بالمغفرة والإحسان والرحمة في دار الجنان ، نذير أي : منذر للكافرين مخوف إياهم بالخلود في النار والعاصين بالعذاب ، هاشمي أي : منسوب من قبيلة هاشم ، مكرم عند الله تعالى وأهل سمواته وأهل أرضه ، بل عند كل الخلائق. (م ح).

(٥) أشار بهذا إلى شيئين أحدهما أن قوله : (أو للتناسب) من قبيل ضربته تأديبا له ، يعني أن هذا مغاير بحسب النوع للقسم الأول ، ولهذا أعاد فيه الجار ، وثانيهما إلى وجه ذكر سلاسلا مع أغلالا ، فإن وجه المناسبة لا يعرف إلا بذكرهما معا كما أشار إليه الشارح. (جلبي).

(٦) قوله : (لأن رعاية التناسب ... إلخ) ولهذا صار السجع من أجمل المحسنات ، وذلك يكون في آخر الكلام الفصيح على أنحاء مختلفة ، منها ما في قولهم : (هنأني الشيء ومرأني) مع أن الأصل أمرأني عند من لم يثبت مرأني ، ومنها ما في قوله تعالى : (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ ـ


الكلمات أمر مهم (١) عندهم وإن لم يصل إلى حد الضرورة (٢).

(مثل : (سَلاسِلَ (٣) وَأَغْلالاً)) حيث (٤) صرف (سلاسلا) ليناسب المنصرف الذي يليه ـ أعني (أغلالا) ـ فقوله : (سلالا وأغلالا) مثال لمجموع غير المنصرف الذي صرف ، والمنصرف الذي صرف غير المنصرف لتناسبه (وما يقوم (٥) مقامهما) أي : العلة(٦) الواحدة التي تقوم مقام العلتين من العلل التسع ، علتان مكررتان قامت كل واحدة منهما مقام علتين لتكررهما ، أحداهما : (الجمع) البالغ إلى صيغة منتهى (٧)

__________________

ـ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ ؛ إِذا يَسْرِ)[الفجر : ١ ـ ٤] بحذف الياء لمناسبة الفجر ، كما قيل. (عصمت).

(١) أي : عند العرب سواء كان في النثر كما في قوله تعالى : (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ)[البروج : ١٣] بضم الياء في الأول والقياس الفتح ؛ لأنه من بدأ ثم قرأ ، أو في الشعر كما في قوله :

قالوا اقترح شيئا تجد لك طبخة

قلت اطبخوا لي جبة وقميصا

فأتى ب : اطبخوا مكان خيطو لمناسبة طبيخه واختلفا اسما وفعلا. (م).

(٢) قوله : (إلى حد الضرورة) فيه إشارة إلى علة التناسب قد يصل إلى حد الضرورة ، ومنه وجوب صرف أعلام الأوزان التي قصد بها وزن منصرف مع عدم صرفها ، كما يقال : وزن ضارب يضارب مضاربة فاعل يفاعل مفاعلة ، فصرف مفاعلة مع تأنيثها وعلميتها لوزن مخصوص ؛ لمناسبة ما يوزن به ، أعني : مضاربة وهذا التناسب ضروري عند بيان الوزن كما لا يخفى. (عصمت).

(٣) قوله : (سلاسلا) فإن نون ما قبله وهو للكافرين لما كان بمنزلة التنوين ، وكان ما بعده وهو قوله تعالى : (وَأَغْلالاً)[الإنسان : ٤] منونا كأن كان ما بعده وما قبله منون هو أيضا ؛ للتناسب. فإن قلت : عليه أن يقول : يجب صرفه للضرورة ؛ لأنها موجبة لا مجوزة قلت : لو قال كذلك لم يصح عطف التناسب على الضرورة ؛ لأنه مجوز لا موجب ، فالحق أنه أراد بالجواز القدر المشتركة بين الوجوب والجواز ، فحينئذ صحت عطف التناسب على الضرورة كانت ظاهرة. (عوض أفندي).

(٤) تعليل لصحة التمثيل به أو للمكان ، إشارة إلى قراءة أخرى بدون رعاية التناسب.

(٥) ولما فرغ من بيان حكم غير المنصرف وبيان دواله ، أراد أن يبين السبب الذي يقوم مقام السببين فقال : وما يقوم مقامهما. (م).

(٦) وهذا التفسير إشارة إلى أن هذا التفصيل ، أي : قول المصنف : وما يقوم مقامهما ، تفصيل لما أجمل المصنف في تعريف غير المنصرف حيث قال : أو واحدة تقوم مقامهما. (جلبي).

ـ قوله : (وما يقوم مقامهما) قيل : هذا من تتمة بيان التعريف فينبغي أن يقدم على قوله : (وحكمه) ، وفيه أن بيان الأسباب كلها من تتمة التعريف ، فهذه جملة معترضة ولا مشاحة في وقوعها أينما وقعت ، الاهتمام ببيان أنها لا تصلح التعريف قدمت إلى هنا. (عصام).

(٧) قوله : (منتهى) مصدر ميمي بمعنى اسم الفاعل ، وأضيف إلى الجموع إضافة الصفة ـ


الجموع ، فإنه قد تكرر (١) فيه الجمعية حقيقة ك : (أكالب) و (أساور) و (أناعيم) أو حكما كالجموع الموافقة لها في عدد الحروف والحركات والسكنات ك : (مساجد) و (مصابيح).

وثانيهما : التأنيث لكن لا مطلقا بل بعض أقسامه (و) هو (ألفا التأنيث)(٢)المقصورة والممدودة أي : كل واحدة منهما ك : (حبلى) و (حمراء) لأنهما لازمتان للكلمة وضعا ، لا تفارقانها أصلا قد يقال في (حبلى) : حبل ولا في (حمراء) : حمر فيجعل لزومهما للكلمة بمنزلة تأنيث آخر ، فصار التأنيث مكررا ، بخلاف التاء فإنها ليست لازمة للكلمة بحسب أصل الوضع ، فإنها وضعت فارقة (٣) بين المذكر والمؤنث ، فلو عرض اللزوم لها بعارض كالعلمية مثلا ، لم يقوقوّة اللزوم الوضعي (فالعدل) (٤) مصدر (٥) مبني للمفعول أي : كون الاسم معدولا (خروجه) أي : خروج الاسم ، أي :

__________________

ـ إلى الموصوف ، والمراد من الجمع الفرد الكامل وهو الجمع المكسر ، فإن الجمع الصحيح لسلامة واحده كأنه لم يجمع. (ه ح)

(١) قوله : (تكرر فيه الجمعية ... إلخ) اعلم أن في علة قيام الجمع مقام العلتين أقوالا : الأول تكرار الجمعية حقيقة أو حكما ، وإلى هذا ذهب المصنف ولهذا اختاره الشارح ، والثاني أن الجمعية فيه وصل إلى حد التناهي بحيث لا يصح جمعه ثانيا جمع التكسير ، فكأنه له كمال قوة في الجمعية ، والثالث أنه لا نظير لهذا الجمع في الآحاد ، بخلاف سائر المجموع فله قوة في الجمعية يصح أن يقام مقام السببين ، وبعض كأكلب وأجمل وإن لم يكن لها نظير في الآحاد كما قيل ، لكن لكونها جمع قلة تناسب الآحاد فلا يقوى قوة يقوم بها مقام السببين. (عصمت).

(٢) وإنما كانت تلك الألف قائمة مقام العلتين ؛ لأنها فيها تأنيثا ، ولزوم تأنيث فالتأنيث علة واحدة ولزومها بمنزلة علة أخرى ، فكان فيها تأنيثين ، وإنما كان اللزوم بمنزلة العلة ؛ لكونه مشابها لسائر العلل المعتبرة في الفرعية ؛ لأن الأصل أن يلزم التأنيث الكلمة ، ولزومه فرع على ذلك الأصل ، هذا هو المفهوم من كلام الغالي.(عافية).

(٣) قوله : (فارقة بين المذكر ... إلخ) دفع بهذا الكلام ما يقال من أن التاء قد تكون لازمة كالقدرة والرحمة والبركة والحرمة وغيرها ، فينبغي أن يكون غير منصرف ، وليس كذلك ، وحاصل الدفع إن هذا اللزوم عرضي للتاء ، فليس فيه اللزوم الوضعي. (طاشكندي).

(٤) والعدل في اللغة بمعنى الميل ، يقال : عدل عنه ، أي : مال عنه ، وعدل إليه مال إليه وجاء ، بمعنى التبعيد يقال : عدل الحجال الفحل إذا نحاه ، كذا في القاموس. (عصام الدين).

(٥) هذا دفع لاعتراض الشارح الرضي ، حيث قال : إن العدل مصدر متعد صفة المتكلم ، والخروج مصدر لازم صفة الاسم ، فلا يصح الحمل فالواجب أن يقال : إخراجه لا خروجه ؛ ـ


كونه مخرجا (عن صيغته الأصلية) أي : عن صورته التي يقتضي الأصل والقاعدة أن يكون ذلك الاسم عليها ، ولا يخفى (١) عليك أن صيغة المصدر ليست صيغة المشتقات ، فبإضافة الصيغة إلى ضمير الاسم خرجت المشتقات كلها.

وإن المتبادر من خروجه عن صيغته الأصلية أن تكون المادة باقية ، والتغيير إنما وقع في الصورة فقط (٢) ، فلا ينتقض بما حذف عنه بعض الحروف كالأسماء المحذوفة الإعجاز (٣) مثل : (يد ودم) فإن المادة ليست باقية فيهما ، وأن خروجه عن صيغته الأصلية يستلزم دخوله في صيغة أخرى ـ أي : مغايرة للأولى (٤) ـ ولا يبعد (٥) أن يعتبر مغايرتها لها في كونها غير داخلة تحت أصل وقاعدة كما كانت (٦) الأولى داخلة تحته ،

__________________

ـ ليصح الحمل ، فأجاب الشارح بأن العدول ههنا مصدر مجهول ، أي : كون الاسم مخرجا فحينها يستقيم الحمل. (جلبي).

(١) وذلك لأن العدل متعدّ والخروج لازم ، فلو كان العدل مصدرا مبينا للفاعل لا يحمل عليه الخروج ، تأمل.

ـ قوله : (ولا يخفي أن صيغة المصدر ليست صيغة المشتقات) جواب دخل مقدر وهو أن يقال : تعريف العدل ليس بمانع ؛ لأنه يصدق على المشتقات كلها ؛ لأنها مخرجة عن شيء آخر ، والجواب ما أشار المصنف.

(٢) كرباع عدل عن أربعة أربعة ، وكذا مربع ، وعمر وزفر عن عامر وزافر ؛ لأنه شرط كون المادة باقية وجب أن يكون التغيير في الصورة ؛ لأنه إذا لم يتغير فيها أيضا لا يتحقق العدل ، فوجب أن يقع التغيير في الصورة. (توقادي).

(٣) وكذا محذوفة الأوائل نحو عدة أصله وعدا ، ومحذوفة الأواسط كمقول أصله مقوول على قول ، والظاهر أن يكون كل ما غير بإبدال حرف بحرف من هذا القبيل ؛ لأنه لم يبق مادية بحسب الظاهر كالمقام والإيلاء ، وحينها لم يبق من المغيرات القياسية إلا المدغمات والمقلوبات وما غير فيه الحركة فقط. (عصمت).

(٤) أي : للصيغة التي هي الصيغة المعدول عنها في الوزن والهيئة كما مر من الأمثلة ؛ لأنه إذا لم تكن مغايرة لها تكون الثانية عين الأول ، فلم يوجد الشرط وهو أن تكون المادة باقية ، والتغيير يكون في الصورة فقط. (م).

(٥) قوله : (ولا يبعد) هو هذا جواب سؤال مقدر نشأ من قوله : (مغايرة للأولى) وهو أن يقال في قوله : (صيغة أخرى) بقوله : (مغايرة للأولى) لعدم المقام مثلا عنه ، وهو لا يخرج به ؛ لأن المغايرة أعم من أن يكون بتبديل حروفه الأصلي إلى آخر ، فأجاب بقوله : (ولا بيعد أن يعتبر مغايرتها). (شرح).

(٦) قوله : (كما كانت الأولى داخلة تحته) أي : تحت أصل كثلاثة ثلاثة مثلا ، فإنهما من ـ


فخرجت (١) عنه المغيرات القياسية. وأمّا (٢) المغيّرات الشاذة فلا نسلم أنها مخرجة عن الصيغ الأصلية فإن الظاهر أن مثل : (أقوس) و (أنيب) من الجموع (٣) الشاذة ليست مخرجة عما هو القياس فيهما ـ أعني : (أقواسا) و (أنيابا) بل إنما جمع (القوس) و (الناب) ابتداء على (أقوس) و (أنيب) على خلاف القياس من غير أن يعتبر جمعهما أوّلا على (أقواس) و (أنياب) وإخراج (أقوس) و (أنيب) عنهما (٤).

__________________

ـ أسماء العدد ، وأصل القاعدة في أسماء العدد من الواحد إلى العشرة واحد واثنان وثلاثة إلى عشرة ، والثلاثة داخلة في تلك الأصل بخلاف ثلاث ومثلاث فإنهما ليس بداخلين تحت أصل وقاعدة ؛ إذ ليس أصل وقاعدة حتى يكون ثلاث ومثلاث داخلة تحته. (شجاع).

(١) قوله : (فخرجت عنه المغيرات القياسية) نحو قال وقول مقام ومكان ، فإن كلا منهن داخل تحت القاعدة ، أما الثلاثة فظاهر وأما قول ؛ فلأنه ؛ لأنه ماضي يفعل بضم العين يجيء على فعل بفتحها. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (وأما المغيرات الشاذة) جواب سؤال وهو أن المغيرات الشاذة كأقوس وأنيب مغيرة عما هو القياس فيهما كأقواس وأنياب ، على ما عرف من أن الأصل في الأجوف واويا كان أو يائيا لا يجمع على أفعل ، وتقرير الجواب : إنا لا نسلم أن الصيغة الأصلية أنياب وأقواس ، وأنهما خارجتان عنهما ، بل إنما جمعا على أقوس وأنيب ابتداء من غير أن يعتبر جمعهما أولا على أقواس وأنياب ، ثم عدل عنهما إلى أقوس وأنيب بخلاف نحو ثلاث ، فإن اعتبر أولا ثلاثة ثلاثة ثم عدل عنه إلى ثلاث. (وجيه الدين).

ـ قوله : (وأما المغيرات) نقل عن المصنف أنه لا بد في العدل من الخروج عن المعنى أيضا ؛ لئلا يرد الجموع الواردة على خلاف القياس والمصغرات والمنسوبات كذلك ، وحينها لا حاجة إلى ما ذكره الشارح ، إلا أن السيد أمر بالتأمل في جريان ذلك في جميع المعدولات ، فتأمل وقد تعرض به دار الحديث وأثبته ، ثم إنه نقل عن المصنف أيضا شرط اتحاد المعنى ؛ لئلا يرد المشتق ونحوه ، ولعل المراد اتحاد أصل المعنى وإذا اختلف شيء من العوارض؟؟؟ فتأمل. فارجع إلى المطولات. (عيسى الصفوي).

(٣) أما الجموع الشاذة التي لا وجود لأصولها فلا يتوهم ورودها أصلا فتأمل ، وجهه أن يختص المجموع الشاذة ههنا إنما بناء على أن لا بد للعدل الحقيقي من المعدول عنه المحقق المستعمل وهو في حيز المنفي ؛ إذ اللازم له إنما هو اقتضاء دليل غير منع الصرف أن يكون أصل المعدول سببا آخر ، ولم يلزم وجود ذلك الشيء في نفس الأمر.

(٤) قوله : (عنهما) أي : عما هو القياس فيهما ، إذا كان كذلك لما حكم عليهما وعلى أمثالهما بالشذوذ ؛ لأنه قاعدة للأسماء المعدولة متى أن ما خالفهما يكون شاذا ، ولما حكم عليهما وعلى أمثالهما بالشذوذ علم أنهما ليس بمعدولين. (توقادي).


وقال بعض الشارحين : قد جوز بعضهم تعريف الشيء بما هو أعم منه إذا كان المقصود منه تمييزه عن بعض ما عداه ، فيمكن أني قال : المقصود هاهنا تمييز العدل عن سائر العلل لا عن كل ما عداه ، فحيث حصل (١) بتعريفه هذا التمييز لا بأس بكونه أعم منه فحينئذ لا حاجة في تصحيح هذا التعريف إلى ارتكاب تلك المتكلفات.

واعلم أنا نعلم قطعا (٢) أنهم لما وجدوا (ثلاث ومثلث وأخر وجمع وعمر) غير منصرف ولم يجدوا فيها سببا ظاهرا غير الوصفية (٣) أو العلمية احتاجوا إلى اعتبار سبب آخر ، ولما لم يصلح للاعتبار إلا العدل ، اعتبروه فيها لا أنهم تنبهوا للعدل فيما عدا (عمر) من هذه الأمثلة ، فجعلوه غير منصرف ، للعدل ، وسبب آخر ، ولكن لا بد في اعتبار العدل من أمرين : أحدهما : وجود (٤) أصل للاسم المعدول. وثانيهما : اعتبار إخراجه عن ذلك الأصل إذ لا تتحقق الفرعية بدون اعتبار ذلك الإخراج.

__________________

(١) ويفهم من كلام الشارح أن هذا التوجيه مرضي له ، مع أن الظاهر أن المقصود في هذا المقام تمييز غير المنصرف عن المنصرف لا مجرد تمييز بعض العلل عن بعض ولا شك أن هذا التعريف للعدل لا يتميز به غير المنصرف عن المنصرف ، فإنه إذا سمي بالجموع الشاذة مثلا شخص لم يعلم أنها غير منصرف أو منصرف ، بل يتوهم أنها غير منصرف لتحقق العلمية والعدل بهذا التعريف الأعم منها. (عصمت).

(٢) قوله : (واعلم أنا نعلم قطعا ... إلخ) كان وجهه أن نظر النحاة في تتبعهم أولا إلى إعراب الكلمة وبنائها ، فإذا نظروا إلى إعراب ثلاث وأخواته وجدوا إعرابها إعراب منع الصرف ، ولما علموا بالتتبع أن منع الصرف لا يكون إلا بفرعيتين حقيقة أو حكما ، فتشوا عن حال تلك الأمثلة ، فوجدوا فرعيته ظاهرة وهي العلمية أو الوصفية ، ولم يجدوا أخرى فاضطروا إلى اعتبار فرعية ، ولم يصلح للاعتبار إلا العدل فاعتبروه ، ثم فتشوا عن حال الأصل ، ففي بعض الأمثلة لم يجدوا ما يدل على ثبوت أصل إلا اقتضاء العدل المعدول عنه ، وفي بعضها وجدوا دليلا آخر فالثاني هو العدل التحقيقي ، أي : العدل المنسوب إلى ما هو محقق ، أي : في الخارج ، والأول هو العدل التقديري ، أي : العدل المنسوب إلى ما هو مقدر ليس ثابتا في الخارج. (عبد الغفور).

(٣) والوصفية أو العلمية وحدها لم تؤثر في منع الصرف لكون اجتماع السببين أو تكرر واحد منها شرطا ، وهما ليسا كذلك. (ح).

(٤) لأن الأصل المعدول عنه إذا لم يوجد لم يمكن اعتبار العدل فكيف يوجد العدل ، الذي هو النوع ؛ لأن المعدول فرع المعدول عنه. (م).


ففي بعض تلك الأمثلة يوجد دليل غير منع الصرف يدل على وجود الأصل المعدول عنه ، فوجوده محقق بلا شك ، وفي بعضها لا دليل غير منع الصرف ، فيفرض له أصل ، ليتحقق العدل بإخراجه عن ذلك الأصل. فانقسام (١) العدل إلى التحقيقي والتقديري إنما هو باعتبار كون ذلك الأصل محقّقا أو مقدّرا (٢) ، وأما اعتبار (٣) إخراج

__________________

(١) لأن إذا لم يقدر الأصل ولم يخرج عنه يلزم أن يوجد اسم غير منصرف بعلة واحدة في كلامهم ، وذلك غير جائز ؛ لأن العلة الواحدة لم تؤثر في منع الصرف ، فيكون أصل هذا البعض مقدرا ، ولهذا قال الشارح : فانقسام العدل. (توقادي).

ـ أي : إذا لم يكن الفرق بين عمر وغيره ، لا باعتبار تحقق الأصل وعدمه ، فانقسام العدل. (لمحرره). فالحاصل أن انقسام العدل إلى التحقيقي والتقديري إنما هو باعتبار كون ذلك الأصل محققا أو مقدرا. (مصطفى حلبي).

ـ قوله : (فانقسام العدل إلى التحقيقي والتقديري ... إلخ) ، أقول : ذكر المصنف في شرح المنظومة أن التحقيقي مما ثبت معرفته صرف أو لم يصرف ، والتقديري ما يتوقف معرفته على منع الصرف ، وقال الشيخ : العدل المحقق ما لوجدناه منصرفا أيضا لكان هناك طريق معرفة كونه معدولا بخلاف المقدر ، وذلك مناف لتحقيق الشارح ، والشارح لم يبن تحقيقه على دليل بل على دعوى العلم القطعي وهو ممنوع منعا ظاهرا ، بل الذي يظهر من كلامهم أن مرادهم بالدليل في هذا المقام المارة وما يناسب الشيء ثم أنهم لما علموا أن الاسم على خلاف القياس حكموا حكما ظنيا مناسبا ، بأن الاسم مخرج عما هو القياس مع قطع النظر عن منع الكسر والتنوين وعدمه ، وجعلوا الدليل على مخالفة الأصل دليلا ظنيا ، وإمارة في الجملة على إخراجه عن ذلك الأصل ، فحيث وجدوا أمارة في نفس الكلمة على إخراجه عن ذلك الأصل جعلوها أمارة للخروج عنه ، وسموه عدلا تحقيقا ، وحيث لا يجدوا سموه عدلا تقديريا ، وقد صرح المصنف بأن التحقيقي ما يكون في نفس اللفظ مخالفة لفظه يعرف بها أنه مخرج عن الأصل ، وهو صريح فيما قلنا ، والتحقيق في بيان مرادهم في المقام. (عيسى).

(٢) نظرا إلى الأمر الأول ؛ لأن وجود الأصل إذا كان محققا بلا شك كان العدل محققا أيضا بلا شك ، وإن كان مقدرا كان العدل مقدرا ؛ لأن الفرع يتبع الأصل. (م).

(٣) كأنه قائلا يقول : قد ذكرتم أنه لا بد في كل اسم معدول من أمرين أحدهما وجود الأصل ، والثاني اعتبار إخراجه وأن وجد في بعض تلك الأمثلة دليل في وجود الأصل ، وفي بعضها لا يوجد دليل في منع الصرف ، فالدليل على اعتبار الإخراج ، فأجاب بقوله : (وأما ... إلخ). (لمحرره رضا).

ـ قوله : (وأما اعتبار ... إلخ) فلا دليل عليه أنه أراد لا دليل قطعيا أو قويا فمسلم ، لكن لا يفيد أن معنى تحقيقيا عندهم ما ذكره ، وإن أراد أنه لا دليل عليه عندهم فممنوع ، بل هم جعلوا ـ


المعدول عن ذلك الأصل ليتحقق العدل ، فلا دليل عليه إلا منع الصرف. فعلى هذا (١) قوله (تحقيقا) (٢) معناه خروجا كائنا عن أصل محقق يدل عليه دليل غير منع الصرف (كثلاث ومثلث) والدليل على أصلهما أن في معناهما تكرارا دون لفظهما والأصل أنه إذا كان المعنى مكررا يكون (٣) اللفظ أيضا مكررا ، كما في (جاءني القوم (٤) ثلاثة ثلاثة).

فعلم أنّ أصلهما لفظ مكرر وهو (ثلاثة (٥) ثلاثة) وكذا الحال في (أحاد) و (موحد) و (ثناء) و (مثنى) إلى (رباع) و (مربع) بلا خلاف ، وفيما وراءها إلى (عشار ومعشر) خلاف ، والصواب مجيئها والسبب (٦) في منع صرف (ثلاث ومثلث) ،

__________________

ـ ما يدل على تحقيق الأصل وسماه عدلا تحقيقيا كما هو المشهور ، والمتبادر من كلام الجمهور ، وليس فيه محذور فهو أولى بالاعتبار في بيان مرامهم. (عيسى الصفوي).

(١) قوله : (فعلى هذا) أي : انقسام العدل إلى التقديري والتحقيقي باعتبار كون ذلك الأصل محققا أو مقدرا. (حلبي).

والمنع محقق في جميعها ، فاعتبار الإخراج أيضا محقق لا مقدرة ، فإنه يصح انقسام العدل إلى التحقيقي والتقديري باعتبار الإخراج ، فلا يرد ما قيل. (مولانا سعيد).

(٢) قوله : (تحقيقا ... إلخ) وصف بحال المتعلق ، وأما على المشهود فمعناه خروج تحقيق أي : خروجه محققا ، كرجل سوء بمعنى رجل مسيء ، فيكون وصفه بالتحقيق وصفا بحال نفسه ، وكذا معنى قوله : (تقديرا). (عبد الغفور).

(٣) يعني : إذا كان المعنى ملحوظا مرتين يكون اللفظ أيضا مذكورا مرتين ، لا يقال : إن المعنى في المثنى مكرر مع عدم تكرار اللفظ ؛ لأنا نقول إن المعنى غير مكرر في المثنى ، بل أريد منه فردان من مفهوم واحد لا تكرار ذلك المفهوم. (عصمت).

(٤) قوله : (جاءني القوم ثلاثة ثلاثة) كلاهما منصوبان على الحالية مؤول بلفظ واحد ، أي : مفصلا بهذا التفصيل ، فلما كان كلا اللفظين عبارة عن الحال أجري الإعراب عليهما. (بخاري).

(٥) وقد عدل ثلاث ومثلاث عن هذا الأصل تخفيفا في اللفظ ؛ لأن ثلاث أخف من ثلاثة ثلاثة مع أن معناهما واحد ، وقال الرضي : وذلك أنا وجدنا ثلاث وثلاثة ثلاثة بمعنى واحد ، وفائدتهما تقسيم أمر ذي أجزاء على هذا العدد المعين ، ولفظ المقسوم عليه في غير تلفظ العدد مكرر على الاطراد في كلام العرب ، نحو قرأت الكتاب جزأ جزأ ، وأبصرت العراق بلدا بلدا ، فكان القياس في باب العدد أيضا التكرير عملا بالاستقراء ، فلما وجد ثلاث غير مكرر لفظا حكما بأن أصله لفظا مكررا ، لكن كلام الشارح أخص من كلام الرضي. (لارى).

(٦) قوله : (والسبب في منع الصرف ... إلخ) المقصود من هذا الكلام ترجيح قول من قال : ـ


وأخواتهما العدل والوصف ؛ لأن الوصفية (١) العرضية التي كانت في (ثلاثة ثلاثة).

صارت أصلية في (ثلاث ومثلث) لاعتبارها في ما وضعا له (٢). (وآخر) جمع أخرى مؤنث آخر ، وآخر اسم التفضيل ؛ لأن معناه في الأصل : أشدّ (٣) تأخّرا ، ثم نقل إلى معنى (٤) (غير) وقياس اسم التفضيل أن يستعمل باللام أو بالإضافة أو كلمة (من)

__________________

ـ إن السبب في منع الصرف ثلاث وأخواتها هو العدل والوصف لا ما قيل : إن منع صرفها لتكرار العدل ، حيث عدل عن الصيغة وعن التكرار ، وعن الصيغة وعن الاسمية إلى الوصفية ، وذلك لأن اعتبار العدل أمر اضطراري يجب أن يقصر على قدر الحاجة ؛ ولأنه لو كان كذلك لكان العدل قائما مقام العلتين كالجمع ، ولم يقل به أحد. (عصمت).

(١) قوله : (لأن الوصفية العرضية) يشير إلى دفع سؤال من أن شرط الوصف أن يكون في الأصل وصف ، والوصف في هذه الأمثلة عارضة كيف تؤثر في منع الصرف فأجاب بقوله : (لأن الوصفية العرضية ... إلخ) ، لكون الوصفية معتبرة فيما وضعا له ، يعني : أن الوصفية معتبرة في وضعهما فيوجد شرط تأثيرها في منع الصرف. (جليي).

ـ ولما وضعت أسماء العدد لنفس الآحاد والأعداد ؛ لاشتماله الوحدات ، أي : المعدودات فاستعماله في المعدودات يكون مجازا ، والوصفية تعرض لها باعتبار هذا الاستعمال ، فالوصفية التي تعرض لثلاثة ثلاثة باعتبار هذا الاستعمال. (عصمت).

ـ فإن قلت : إذا كان الوصفية في الأصل عرضية ، فكيف يكون في الفرع أصلية قلنا : كون الوصف في الأصل عرضية أيضا لا يوجب أن يكون في الفرع عرضية أيضا ، كما أن للكافر إذا أسلم وأتي بولد بعد الإسلام يكون الولد مسلما أصلية ، وإن كان الإسلام في الأب عرضية. (مغني).

(٢) أي : حصلت لهما بالتركيب ؛ لأن ثلاثة وضعت اسما المرتبة معينة من مراتب العدد من غير ملاحظة معنى الوصف فيه ، فلا وصف فيه في أصل الوضع ، ويدل عليه إضافته إلى المعدود نحو ثلاثة رجال. (توقادي).

(٣) وظاهر أن صيغة أفعل واشتقاقه أيضا كاشتقاقه ، يقال : آخر آخران آخرون وأواخر ، كأفضل وأفضلان أفضلون وأفاضل ، أخرى أخريان أخريات وأخر كفضلى فضليان فضليات وفضلى ، فلا يرد أن كون معناه أشد تأخرا لا يستلزم كونه اسم التفضيل ؛ لأن مثل هذا المعنى يتحقق في صيغ المبالغة أيضا. (عصمت).

(٤) يعني : إلى المعنى المجازي وهو النفي بقرنية السؤال تحقيقا ، كما إذا قيل : أزيد في الدار ، يقال آخر ، أي : ليس فيها ، أو تقديرا ؛ لأن في اسم التفضيل أيضا معنى النفي ؛ لأن الوصف الزائد في المفضل منفي باسم التفضيل عن المفضل عليه معنى ؛ لأنه لو لم يكن كذلك لما كان ـ


وحيث لم يستعمل بواحد منها علم أنه معدول عن أحدها.

فقال بعضهم : إنه معدول عما فيه اللام أي : عن الآخر. وقال بعضهم : هو معدول عما ذكر معه (١) (من) أي : عن آخر من ، وإنما لم يذهبا إلى تقدير الإضافة ؛ لأنها توجب التنوين أو البناء أو إضافة أخرى مثلها نحو : (حينئذ) (٢) و (قبل) و:

يا تيم تيم (٣) عديّ ...

وليس في (أخرّ) شيء من ذلك فتعين أن يكون معدولا عن أحد الآخرين (وجمع) جمع (جمعاء) مؤنث (أجمع) وكذلك (كتع وتبع وبصع) وقياس (٤) (فعلاء (٥) أفعل) إن كانت صفة أن تجمع على (فعل) ك : (حمراء) على (حمر) وإن كانت اسما أن تجمع

__________________

ـ للتفضيل وجه ، ولهذه المناسبة نقل إلى معنى غير ، فمعنى قولك : جاءني زيد ورجل آخر ، جاءني رجل غير زيد ، لكن بشرط أن يكون من جنس المذكور ، فلا يقال : جاءني رجل وحمار آخر وامرأة أخرى. (شيخ الرضي).

(١) وهو الأصح ؛ لأنه لو كان معدولا عن المعرف باللام لكان معرفة وليس كذلك ؛ لوقوعه صفة للنكرة قال الله تعالى : (مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)[البقرة : ١٨٤] والفرق بينه وبين أمس مما يلتفت إليه. (لمحرره رضا).

ـ ولقائل أن يقول : لا يصح أن يكون معدولا عن آخر لأن أخر جمع أخرى ، وأخر مفرد فكيف يصح معدول الجمع من المفرد قلنا : في جوابه أن أفعل التفضيل إذا كان مستعملا بمن فيه المذكر والمؤنث والجمع فحينئذ يكون آخر معدولا عن الجمع. (محمود أفندي).

(٢) يعني : أن حذف المضاف إليه من التركيب الإضافي لا يخلو إما أن يوجب التنوين في المضاف ليكون عوضا عن المحذوف نحو حينئذ ، وإما أن يوجب بناء المضاف لتضمنه معنى الإضافة ، وهو معنى من معاني الحروف كقبل ؛ لأن أصله قبل زيد ، فلما حذف المضاف إليه ونوي بني على الضم لما سيأتي. (ملخص من الشرح).

(٣) وإما أن يوجب أن يليه تركيب أجنبي في مثله بشرط أن يكون المضاف والمضاف إليه في الثاني يمين المضاف ، والمضاف في الأول يكون قرنية على أن المضاف إليه محذوف في الأول نحو : يا تيم تيم عدي ، أصله يا تيم عدي. (م).

(٤) اتفقوا على أن جمعا مؤنث جمع ، لكنهم اختلفوا في أنه اسم أو صفة ، فقيل : اسم كصحراء وقياس جمعه في التكسير فعالى كصحارى ، وفي الصحيح فعلاوات ، فأصلهما جماعي وجمعاوات. (وجيه الدين).

(٥) يعني : أن قياس الاسم المؤنث الذي على وزن فعلاء مذكره على وزن أفعل. (عصمت).


على (فعالى) أو (فعلاوات) ك : (صحراء) على (صحاري) أو (صحراوات) فأصلها إمّا (جمع) أو (جماعى وجمعاوات) فإذا اعتبر إخراجها عن واحدة منها تحقق العدل ، فأحد السببين فيها العدل التحقيقي والآخر الصفة الأصلية وإن صارت بالغلبة في باب التأكيد (١) اسما ، وفي (أجمع) وأخواته أحد السببين ، وزن الفعل والآخر الصفة الأصلية (٢) وعلى ما ذكرناه (٣) لا يرد الجموع الشاذة ك : (أنيب ، وأقوس) فإنه لم يعتبر إخراجهما عما هو القياس فيهما ك : (أنياب وأقواس) كيف (٤) ولو اعتبر جمعهما أولا على (أنياب وأقواس) فلا شذوذ في هذه الجمعية ولا قاعدة (٥) للاسم المخرج ، ليلزم من مخالفتها الشذوذ فمن (٦) ...

__________________

(١) لأن فعلاء أفعل إلا يكون لا وصفا فالاسمية فيها عارضة ، فتكون الصفة مؤثرة في منع الصرف سواء كانت زائلة بغلبة الاسمية مثل أسود وأرقم وأدهم ، أو غير زائلة بغلبة الاسمية مثل أحمر وأصفر. (توقادي).

(٢) وأما جمعاء وأخواته فألفا التأنيث القائمان مقام السببين ، وإنما أورد المصنف ثلاثة أمثلة مع أن المثال الواحد كاف في التمثيل كما في العدل التقديري ؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون الوصف باقيا أو لا الأول والأول ، والثاني إما أن يكون الثقل فيه محققا أو لا ، وما يكون الثقل فيه محققا فهو الثاني ، والثاني أي : ما يكون للنقل فيه غير محقق هو الثالث ؛ لأنه دائر بين أن يكون باقيا على وصفية ، أو منقولا إلى الاسمية كما في باب التأكيد. (م).

(٣) قوله : (وعلى ما ذكرنا) إشارة إلى قوله : (فإذا اعتبر إخراجها عن واحدة ... إلخ) لك أن تجعل إشارة إلى قوله : (ولكن لا بد في اعتبار العدل من أمرين ... إلخ) ولا يبعد كل البعد أن يجعل إشارة إلى قوله : (وأما المنيرات الشاذة) إشارة فلا نسلم. (سيد جلال).

(٤) قوله : (كيف ولو اعتبر إلى ... إلخ) يعني : أقوسا وأنيبا لو كانا مغيري أقواس : وأنياب لم يصح نسبة الشذوذ إليهما ؛ إذ نسبة الشذوذ إليهما إما على من جهة أنهما مجموعان للواحد على خلاف قاعدة المجموع ، أو من جهة أنهما معدولان على خلاف قاعدة المعدول ، لا سبيل إلى الأول ؛ إذ الجمع ليس لا مغير الواحد ابتداء ، ولا الثاني ؛ إذ ليس للمعدول قاعدة ليلزم من مخالفتها الشذوذ. (عبد الغفور).

(٥) كأنه قيل : يجوز أن يكون الاسم المخرج أصلا وقاعدة ليلزم من مخالفة القاعدة الشذوذ ، فأجاب بقوله : (ولا قاعدة). (لمحرره).

(٦) قوله : (فمن أين) هذا جواب لو بالفاء ، أي : فمن أين مكان يحكم في تلك الجموع بالشذوذ حتى لا يكون أقوس وأنيب شاذا ، ولما لم يعتبر إخراجهما عنهما ؛ لعدم سببه وهو عدم الانصراف ، حكم عليهما بالشذوذ. (م).


أين يحكم فيهما بالشذوذ؟ ومن هذا تبين الفرق (١) بين الشاذ والمعدول (أو تقديرا) أي : خروجا كائنا عن أصل مقدر مفروض يكون (٢) الداعي إلى تقديره وفرضه منع الصرف (٣) لا غير (كعمر) ، (و) كذلك (زفر) فإنهما لما وجدا غير منصرفين ولم يوجد (٤) فيهما سبب ظاهر إلا العلمية اعتبر فيهما العدل ، لما توقف اعتبار العدل على وجود الأصل ولم يكن فيهما دليل على وجوده غير منع الصرف قدر فيهما أن أصلهما (عامر وزافر)

__________________

(١) لأن المعدول هو الاسم المخرج عما هو الأصل فيه باعتبار الإخراج عنه ؛ لوجود سبب الاعتبار الذي هو عدم الانصراف ، والشاذ ما لم يعتبر إخراجه عما هو القياس فيه لعدم وجود سببه بل كان أولا على خلاف القياس. (ح م).

(٢) اعلم أن الداعي إلى التقدير أمور ثلاثة : أحدها منع الصرف ، وثانيها عدم وجدان علة أخرى سوى العلمية، والثالث عدم صلاحية علة أخرى للاعتبار سوى العدل ، والجواب أن الداعي يكون أمرا وجوديا وهو منع الصرف هنا لا غير ، وأما الأمران الآخران العدميان فهما ارتفاع المانع ، ولا يقال لهما الداعي. (عصمت).

ـ قوله : (في العدل التقديري) أن يكون الداعي منع الصرف ، هذا أحسن ممن اشتهر في الشروح من أن الداعي منع صرفه ؛ وذلك لأنهم اختلفوا في اسم امتنع أخواته ، ولم يعرف حاله في كلامهم أنه منصرف على الأصل والقياس ، وجزم الشيخ الرضي وآخرون بأنه غير منصرف إلحاقا بالأغلب ، فإن قلنا به فيجب أن يقال في تعريف التقديري : أن يكون الداعي منع صرف أخواته ويفسر التعريف المشهور ، ويجب أن يراد في التحقيقي أيضا أن يكون دليل غير منع صرفه ، أو منع أخواته ، وإن قلنا بصرفه فالتعريفات على الظاهر ، وقول الشارح : منع الصرف عبارة حسنة يمكن أن يحمل على المذهبين ، فعلى مذهب الشيخ يراد منع صرفه أو أخواته ، وعلى غيره يراد منع صرفه ، فتدبر. (عيسى الصفوي).

(٣) لا يقال : إن هذا مناف لما سبق وهو قوله : (أعلم أنا نعلم قطعا ... إلخ) ، إذ يفهم منه أن الداعي إلى تقديره أمور ثلاثة وهي : وجد غير منصرف ، وعدم وجدانهم فيه سبب ظاهرا غير العلمية ، وكون العدل فقط صالحا للاعتبار لنا نقول : إن المذكور فيما سبق هو الداعي إلى تقدير العدل ، وأما المذكور فيما نحن فيه الداعي إلى تقدير الأصل المعدول عنه فاندفع المنافاة. (سيد جلال).

(٤) قوله : (ولم يوجد ... إلخ) أما انتفاء الوصف والتأنيث فلكونهما علمين للمذكر وتضاد الوصف العلمية والتذكير التأنيث ، وأما انتفاء العجم وغيرها فلكونهما عربيين ، وكون كل منهما موحدة ، وليس فيهما ألف ونون مزيدتان ، وليسا على وزن الفعل ؛ إذ لم يجيء الفعل على هذا الوزن. (وجيه الدين).


عدل عنهما (١) إلى (عمر وزفر) (و) مثل : (باب قطام) (٢) المعدولة عن (فاطمة) وأراد ببابها كل ما هو على وزن (فعال) علما للأعيان المؤنثة من غير ذوات الراء (في) لغة (بني تميم) فإنهم اعتبروا العدل في هذه الباب حملا له على ذوات الراء في الأعلام المؤنثة مثل : (حضار (٣) وطمار ووبار) فإنها مبنية وليس فيها إلا سببان العلمية والتأنيث ، والسببان لا يوجبان البناء فاعتبر فيها العدل لتحصيل سبب البناء ، فلما اعتبر فيها العدل لتحصيل سبب البناء اعتبر فيما عداها مما جعلوه معربا غير منصرف أيضا ، حملا على نظائره مع عدم الاحتياج إليه لتحقق السببين لمنع الصرف والعلمية والتأنيث ، فاعتبار العدل فيه إنما هو للحمل على نظائره لا لتحصيل سبب منع الصرف ولهذا يقال : (ذكر باب قطام) هاهنا ليس في محله ؛ لأن الكلام فيما قدر فيه العدل لتحصيل سبب منع الصرف وإنما قال : (في بني تميم) لأن الحجازيين (٤) يبنونه) مطلقا فلا يكون مما

__________________

(١) قوله : (عدل عنهما ذكر المصنف وغيره) لأنهم قصدوا أن يجعلوا عامر وهو وصف علما ثم عدلوا عنه إلى عمر ، ففيه تقديران تقدير عامر علما وتقدير خروج عمر عنه ، لكن في كلام الشيخ أنه معدول عن اسم الجنس وهو ينافي ما مر ، فيمكن الجمع بأنه حكم بعدوله عن اسم الجنس بعد تقديره أيضا علما فتدبر عبارة العباب شرح للباب ، فقدر فيه العدل ؛ لئلا يلزم هدم قاعدتهم من كون الاسم غير منصرف بسبب واحد ، فقيل : إنه معدول عن عامر علما ، انتهى. (عيسى الصفوي).

(٢) فإن باب قطام غير منصرف عندهم ، وإنما قدر العدل فيه عندهم ، وإن لم يكن محتاجا إليه ؛ لأن باب قطام غير منصرف للتأنيث والعلمية ، لا من باب حصار الذي وجب عندهم العدل فيه تحصيلا للكسرة اللازم بسبب البناء الذي هو سبب للإمالة المطلوبة فيما فيه الراء لثقله وتكريره ، فإنه إذا إعراب لم يكسر فإذا بني كسر إذا منع الاسم من الصرف بسببين بني لثلاث أسباب ، فقدر فيه العدل كذلك للبناء ، فإنه إذا قدر فيما لم يكن فيه الراء اطراد للباب. (سيد عبد الله).

أراد بقوله : (قطام) فعدل التي يكون علما للأعيان المؤنثة دون فعلى التي بمعنى الأمر ، أو المصدر ، أو الصفة ، فإنها مبنية بالاتفاق ، وأما فعال ففيها خلاف فذهب أهل الحجاز إلى بنائها أيضا لمشابهتها فعال التي بمعنى الأمر في العدل والزمنة ، وإن كان تقديرا فاعتبارهم العدل التقديري للبناء فلا يكون مطابقا للمقصود ، وعند بني تيم معرب غير منصرف فاعتبارهم هذا الثبوت حكم من أحكام المعرب ، فيكون موافقا للمقصود فلذلك خصص ، وقال : في بني تيم. (عوض أفندي).

(٣) لأن الاسم الذي آخره ؛ راء ثقيل لكون الراء حرف مكرر ، والثقيل يستدعى الخفيف ، والبناء أخف من الإعراب ؛ لأنهما حالة واحدة. (سيدي).

(٤) اعلم أن أهل الحجازيين يبنونها ؛ لأن الاسم على ثلاثة أقسام : منصرف ومبني ، فإذا حصل ـ


نحن فيه والمراد من (بني تميم) أكثرهم ، فإن الأقلين منهم لم يجعلوا ذوات الراء مبنية بل جعلوها غير منصرف ، فلا حاجة إلى اعتبار العدل فيها ، لتحصيل سبب البناء ، وحمل ما عداها عليها (١) (الوصف) (٢) وهو كون (٣) الاسم دالا على ذات مبهمة مأخوذة مع بعض صفاتها سواء كانت هذه الدلالة بحسب الوضع مثل : (أحمر) فإنه موضوع لذات ما أخذت مع بعض صفاتها التي (٤) هي الحمرة أو بحسب الاستعمال مثل :

__________________

ـ في الاسم سببان انتقل من القسم الأول وهو المنصرف إلى القسم الثاني وهو غير المنصرف ، فإذا حصل سبب واحد بينهما فلزم أن ينقل من الثاني إلى الثالث ، فهو بناؤه سواء كان في آخره راء أو لم يكن ، وحذام وقطام أصلهما حاذمة وقاطمة ، عدلا ومبنيا. (حواش هندي).

(١) أي : على فعال التي كانت ذوات الراء ؛ لأن هذا الباب معرب عندهم ، فكان في باب قطام ثلاثة أقوال : في قول مبني ؛ لمشابهته فعال التي بمعنى الفعل ك : (نزال) عدلا ووزنا ، فلم يكن مما نحن فيه ، وفي قول : معرب ، وفي قول : إن كان ذوات الراء فهو مبني ، وإن لم يكن ذوات الراء فهو معرب غير منصرف للعلمية والتأنيث المعنوي ، فاعتبر فيه العدل وإن لم يحتج إليه ، للحمل على نظائره من ذوات الراء فقط ، لا لتحصيل سبب منع الصرف. (توقادي).

(٢) الوصف كون الاسم دالا شامل لجميع الأنواع ، يعني : المعرفة والنكرة ، وكون الاسم صفة ، وبقوله : (على ذات) يخرج كون الاسم صفة ككاتب وقائم ، وبقوله : (مبهمة) يخرج كون المعرفة لعدم دلالته على ذات مبهمة ، وبقوله : (مأخوذة مع بعض صفاتها) ، يخرج أسماء النكرة كرجل وفرس وامرأ ؛ لأنها لا تكون مأخوذة مع بعض صفاتها ، وبإضافة الصفات إلى ضمير الذات يخرج اسم المكان والزمان ، ومضرب مثلا معرب معناه مكان الضرب ، فيدل على ذات مبهمة مأخوذة مع بعض صفاتها ؛ لكن على صفات نفسه. (كفاية الطالبين).

ـ فالوصف والصفة مصدران كالوعد والعدة بمعنى واحد ، وإن فرق بينهما بأن الوصف يقوم بالواصف ، والصفة بالموصوف. (توقادي).

(٣) وهو كون الاسم إنما فسر به ؛ لأن الوصف يطلف على معنيين أحدهما تابع يدل على معنى في متبوعه ، والثاني كون ... إلخ ، أن المعتبر في باب منع الصرف هو الثاني. (وجيه الدين).

الفرق بين الوصف والصفة ، والمتكلمون فرقوا بينهما ، وقالوا : الوصف قائم بالواصف ، والصفة قائمة بالموصوف. (هندي).

احتاج إلى هذا التأويل ؛ لأن الأسباب أمور معنوية ، ولو لم يؤول يلزم كون الشيء سببا لنفسه هذا. (حلبي).

(٤) أي : في أحمر ، والموصول مع الصلة صفة البعض ؛ لأنه يأخذ التأنيث من المضاف إليه مثل : قطعت بعض أنامله ، قال العصام : والذكورة أيضا ، وفيه أن مثل الذكورة والأنوثة لو كانت من جملة الصفات التي كان الأخذ معها موجبا للوصفية يلزم أن تكون جميع الأسماء النكرة ـ


(أربع) في (مررت بنسوة أربع) فإنه موضوع لمرتبة معينة من مراتب العدد ، فلا وصفية فيه بحسب الوضع ، بل قد تعرض له الوصفية كما في المثال (١) المذكور فإنه لما أجرى فيه على (النسوة) التي هي من قبيل المعدودات (٢) لا الإعداد علم أن معناه (٣) : مررت بنسوة موصوفة بالأربعيّة وهذا معنى وصفي عرض له في الاستعمال لا أصلي بحسب الوضع والمعتبر في سببية منع الصرف هو الوصف الأصلي لأصالته لا العرضي لعرضيته ، فلذلك قال المصنف : (شرطه) أي : شرط الوصف في سببية منع الصرف (أن يكون وصفا في الأصل) الذي هو الوضع (٤) بأن يكون وضعه على الوصفية لا أن تعرض

__________________

ـ وصفا ؛ لأنها تدل على ذات مبهمة مأخوذة مع الذكورة والأنوثة فيلزم أن يكون مثل إنسان وفرس وحيوان وحجارة وتجارة وكتابة وصفا له ، وليس كذلك. (عصمت).

(١) يفهم من هذا الكلام أن الوصفية إنما تعرض الأسماء العدد إذا جعلت نعتا لمعدوده ، وأطلقت عليه دون سائر استعمالاته مع أن كل اسم عدد استعمل مع مميزه يراد منه حينئذ ذات ما له ذلك المرتبة من مراتب العدد ، فيكون أكثر استعمالات العدد بل جميعها في معنى الوصفية. (بخاري).

(٢) وصف بأربع دفعا لتوهم أن النسوة لما كانت من ذوات العقول توهم أنها لم تعد ؛ لأن العدد لا يكون معدودا. (توقادي).

(٣) فإن قيل : لم فسر الشارح معنى الأربع بأن معناه مررت بنسوة موصوفة بالأربعة ، قلنا : لأنه صفة النحوي ، والصفة النحوي ينبغي أن يكون محمولا على الموصوف والأربع لا يمكن أن يحمل على النسوة ؛ لأنها جوهر والأربع عرض ، والعرض لا يمكن أن يحمل على الجوهر ، فاحتاج إلى تفسير هذا المعنى. (كفاية).

فإن قلت : جعل المصنف أربعا دليلا لاشتراط أصالة الوصف في منع الصرف ، وجعل اشتراط الأصالة دليلا لصرفه ، فيلزم منه الدور ، قلت : لا نسلم لزوم الدور ، فإن اشتراط الأصالة سبب لصرف أربع ولكن صرفه ليس سببا لاشتراط الأصالة ، بل إن جعل صرفه نظيرا ليفهم منه المتعلم اشتراط الأصالة انتقالا من الأثر إلى المؤثر.

(٤) نقل عن الشارح في الحاشية ، وإنما كان الوضع أصلا لتفرع الدلالات الثلاث المعتبرة عليه ، انتهى. وإذا كانت الدلالة الثلاث المعتبرة في باب الإفادة ، والاستفادة متفرعة عليه صحّ نسبة الوضع الذي هو كون الاسم دالا على ذات مبهمة مأخوذة مع بعض صفاتها بقي في قوله :

أن يكون في الأصل لتنزيل اشتمال الأصل على في الفرع منزلة اشتمال الظرف على المظروف ، ثم ههنا أن يجعل الوضع أصلا بالنسبة إلى الاستعمال حتى يكون الوصفية التي بمقتضى الوضع أصلية والوصفية التي يعرض بحسب الاستعمال غير أصليته إلا أن الاستعمال لما كان باعتبار أحد الدلالات الثلاث أثبت الأصالة بالنسبة إلى الدلالة يظهر منشأ أصالة الوضع على الاستعمال. (عصمت ، بخاري).


له الوصفية بعد الوضع في الاستعمال سواء بقي على الوصيفة الأصلية أو زالت عنه (فلا تضرّه) ، بأن تخرجه عن سببية منع الصرف (الغلبة) أي : غلبة الاسمية على الوصفية.

ومعنى (١) الغلبة : اختصاصه ببعض أفراده بحيث لا يحتاج في الدلالة عليه إلى قرينة كما أن (أسود) كان موضوعا لكل ما فيه سواد ثم كثر استعماله في الحيّة السوداء بحيث لا يحتاج في الفهم عنه إلى قرينة (٢) (فلذلك) (٣) المذكور (٤) ، من اشتراط أصالة الوصفية وعدم مضرة الغلبة (صرف) لعدم أصالة الوصفية (أربع في) قولهم : (مررت بنسوة أربع وامتنع) من الصرف لعدم مضرة الغلبة (أسود وأرقم) حيث صار اسمين (للحيّة) الأول : (٥) للحية السوداء ، والثاني : للحية التي فيها سواد وبياض (وأدهم)

__________________

(١) ومعنى الغلبة يعني معنى الغلبة أن يكون اللفظ عاما في أشياء ثم يصير بكثرة الاستعمال في أحدها اشتهر به واختص به ، بحيث لا يحتاج في الدلالة عليه إلى قرنية بخلاف سائر ما كان واقعا عليه كابن عباس. (وجيه الدين).

(٢) مثلا إذا قلت : رأيت أسود يفهم منه الحية السوداء بلا احتياج إلى ذكر الموصوف ، وإما أردت غيرها فتحتاج إلى ذكره الموصوف مثل رأيت عبدا أسود ، أو غرابا أسود أو ونحوهما. (مصطفى حلبي).

دالة على أن المراد الحية السوداء من موصوف أو غيره ، بخلاف سائر السواد مثل ليل أسود ، ورجل أسود يحتاج إلى قرنية. (ح).

(٣) قوله : (فلذلك) يفيد علية اشتراط الوصف بكونه في الأصل للأمور المذكورة وهي صرف أربع ، وامتناع صرف أسود وأرقم اسمين للحية ، وضعف منع صرف أفعى وأجدل وأخيل ، بناء على توهم الوصف فيها ، فاللازم أفادت أن اشتراط الوصف بكونه أصليا علة كون أربع منصرفا لانتفاء الشرط ، وعلة كون أسود وأرقم ممتنعين من الصرف ؛ لوجود الشرط علة كون منع صرف أفعى وأجدل وأخيل ضعيفا ؛ لعدم تحقق الشرط يقينا ، والفاء دلت على أن صرف أربع لاشتراط المذكور نتيجة للاشتراط المذكور ، ومتفرع الاشتراط. (سيد عماد سمرقندي).

(٤) إشارة إلى أن ذلك إشارة إلى متعدد ، وأن أفراده بتأويل المتعدد بالمذكورة ، وإنما جعله إشارة إلى المتعدد ؛ لأنه أراد صرف أربع إلى اشتراط الأصالة ، ورد امتناع أسود إلى عدم المضرة ، ورد ضعف أفعى إلى الأصالة ، فجعل مجموع الأمور الثلاثة معللة بمجموع الأمرين ، وأحال على فطانة المخاطب. (ع).

(٥) قوله : (الأول للحية السوداء) تبع الشارح الشيخ الرضي وبعض كتب اللغة لكن مقتضى كلام المصنف كما صرح به السيد أن أسود للحية مطلقا ، وبه صرح في القاموس حيث قال : إنه الحية أو العظمة ، ولم يعتبر السوداء وأرقم لا حيت الحيات ، أو ما فيه بياض وسواد للحية ـ


حيث صار اسما (للقيد) من الحديد ، لما فيه من الدهمة ، أعني : السواد (١) ، فإن هذه الأسماء وإن خرجت عن الوصفية لغلبة الاسمية لكنها بحسب أصل الوضع أوصاف لم يهجر(٢) استعمالها في معانيها الأصلية أيضا بالكلية (٣) فالمانع من الصرف في هذه الأسماء : الصفة الأصلية ووزن الفعل.

وأما عند استعمالها في معانيها الأصلية فلا إشكال في منع صرفها لوزن الفعل والوصف في الأصل والحال. (وضعف (٤) منع أفعى) اسما (للحيّة) على زعم وصفيته

__________________

ـ الذكر ، انتهى. ومنه يعلم أنه لا يلزم في عروض الاسمية بقاء المعنى الوصفي في الجملة كما جزم به الشيخ ، واقتضاء كلام الشارح وأن المصنف لم يرد بالغلبة المعنى الاصطلاحي بل مجرد أكثرية الاستعمال في معنى اسمي. (عيسى الصفوي).

(١) تفسير للدهمة وهو السواد ، يقال : فرس أدهم وناقة دهماء ، أي : أسود وسوداء ، وفي قوله تعالى : (مُدْهامَّتانِ)[الرحمن : ٦٤] أي : سوداوان ، والحديد الأسود كقول قبعثرى ـ ملك من العرب ـ لحجاج بن يوسف ، وقال الحجاج للقبعثرى متوعدا إياه : لأحملنك على الأدهم ، يعني القيد ، هذا مقول قول الحجاج فقال : مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب ، هذا مقول قول القبعثرى ، فأبرز وعيد الحجاج في معرض الوعد ، وتلقاه بغير ما يترقب بأن حمل الأدهم في كلامه على الفرس الأدهم الذي غلب سواده حتى ذهب البياض ، وضم إليه الأشهب أي : الذي غلب بياضه ومراد الحجاج إنما هو القيد فيه ، على أن الحمل على الفرس الأدهم هو الأولى بأن يقصده الأمير. (مختصر).

(٢) جواب سؤال مقدر وهو أنه من أين علم أنها أوصاف بحسب الوضع ، وإذا استعمل أسود في كل واحد من أفراده يلاحظ فيه الوصفية ، وإذا نقل إلى الاسمية بالغلبة لا يلاحظ فيه الوصفية. (لمحرره).

(٣) قوله : (بالكلية) لأنها استعملت في نوع من أنواع معانيها الوصفية ؛ لأنا نعلم قطعا أن معنى أسود الغالب في الاسمية حية سوداء ، ومعنى أرقم الغالب فيها حية فيها سواد وبياض ، ومعنى أدهم قيد فيه دهمة ، أي : سواد وأنت خبير أن في معانيها الاسمية سمة من معانيها الوصفية. (توقادي).

معطوف على قوله : (صرف) أي : ولكون الوصف الأصلي معتبرا ضعف منع أفعى ؛ لأنه لم يتحقق كونه وصفا في الأصل ، ولم يثبت أيضا في الاستعمال نحو أنتم أفعى ، بل توهم أنها موضوعة للصفة لما رأوا أنها للحية الخبيثة الشديدة ، من قولهم : (فعوة السم أي : شدته. (رضي).

(٤) قوله : (وضعف ...) أي : وجه ضعف يوهم جواز منع الصرف على ضعف ، وتحقيق المقام ، والمراد أنه لم لما يتحقق وصفيتها الأصلية ضعف منع الصرف ، فلذا صرف عند الأكثر فلا ـ


لتوهم اشتقاقه من الفعوة التي هي الخبث (و) كذلك منع (أجدل للصقر) على زعم وصفيته لتوهم اشتقاقه من الجدل (١) بمعنى القوّة (وأخيل للطائر) (٢) أي : لطائر ذي خيلان على زعم وصفيته لتوهم اشتقاقه من الخال ، ووجه ضعف منع الصرف في هذه الأسماء عدم الجزم بكونها أوصافا أصلية فإنها لم يقصد بها المعاني الوصفية مطلقا لا في الأصل(٣) ولا في الحال مع أن الأصل في الاسم الصرف (٤).

(التأنيث) (٥) ...

__________________

ـ يجوز منعها عندهم ، ومنعت في لغة ضعيفة فلا تغلط. (عيسى).

(١) الجدل محكم يا فتن رسن ، يعني توهم أنه مشتق من الجدل وهو شدة الخصومة ، يقال : جادله خاصمه ، فيكون أجدل بمعنى ذي جدل قوي وخصومة ، فمنع من الصرف على الضعف ، وأما صرفه فقوي ؛ لأنه لم يتحقق الوصفية. (توقادي).

(٢) قوله : (أخيل) للطائر الذي فيه ألوان ؛ لعدم العلم بكونها صفاتا في الأصل ، فإن الظاهر أنها اسما ، ولا صفات فكان القياس أن ينصرفوا مطلقا ، ولذلك كثر في الاستعمال صرفها ، لكن لما توهم البعض فيها معنى الوصفية ما قيل : أن أفعى لما فيه من معنى الخبث يقال : تفعى الرجل إذا ساء خلقه ، وإن أجدل مأخوذ من الجدل وهو القوة ، وأن الأخيل مأخوذ من الخيلان ، ثم هذه التوهمان ضعيفة لما مر حكم المصنف ؛ لضعف منعها لأجل هذا التوهم. (عافية).

(٣) قوله : (لا في الأصل ولا في الحال) أما الأول فظاهر أنه لم يثبت ، وأما الثاني فلأن المستعمل لم يقصد بتلك الألفاظ إلا أنواعا مخصوصة ، من غير ملاحظة خبث وقوة وخال ، وإن كانت في أنفسها متصفة بتلك الأوصاف. (عب).

(٤) لأن الصرف لا يحتاج إلى سبب بخلاف غير المنصرف فإنه يحتاج إلى سببين ، أو سبب واحد قائم مقامهما.

(٥) قوله : (التأنيث اللفظي) وهو كون الاسم مؤنثا ملحقا بآخره علامته ، والمراد التاء التي لم تجعل جزء الكلمة ، فإن ما جعلت جزء كأخت وبنت إن كانت مع العلمية المؤنث فهو كالمعنوي وإلا لم تعتبر قطعا عند الجمهور ، كذا حققه بعضهم ، وإما أن تاء أخت ليست للتأنيث أصلا ، كما ذكره بعض ففيه نظر. (عيسى الصفوي).

قوله : (التأنيث اللفظي) قيده ليكون مقابلا للتأنيث المعنوي ؛ لأن التاء فيه مقدر ، يظهر في بعض التصريفات فلا يحصل فرق بينهما ، بقوله : (التاء) ، وقوله : (الحاصل بالتاء قدر الوصف دون الحال) أي : حاصلا بالتاء ؛ لأن التأنيث من توابع الصرف ؛ ليكون فاعلا معنى دون الحال ؛ لأن جزالة المعنى دونها ، ولا يلزم حذف الموصول مع بعض الصلة ؛ لأن الحدوث غير متصور حتى يكون اللام موصولا. (طاشكندي).


اللفظي الحاصل (بالتاء) (١) لا بالألف ، فإنه لا شرط له (٢) ، (شرطه) في سببية منع الصرف (العلمية) أي : علمية (٣) الاسم المؤنث ، ليصير التأنيث لازما ؛ لأن الأعلام محفوظة عن التصرف بقدر الإمكان ولأن العلمية لها وضع ثان (٤) ، وكل حرف وضعت الكلمة عليه لا ينفك عن الكلمة (و) التأنيث (المعنوي كذلك) أي : كالتأنيث (٥) اللفظي بالتاء في اشتراط العلمية فيه ، إلا أن بينهما فرقا فإنها في التأنيث اللفظي بالتاء (٦) شرط لوجوب منع الصرف وفي المعنوي شرط لجوازه (٧).

ولا بد في وجوبه من شرط آخر كما أشار إليه بقوله : (وشرط (٨) تحتم تأثيره) أي : شرط وجوب تأثير التأنيث المعنوي منع الصرف أحد أمور ثلاثة : (الزيادة على الثلاثة) أي: زيادة حروف الكلمة على الثلاثة مثل : زينب ، (أو تحرك) الحرف (الأوسط) من

__________________

(١) وإنما قيد التأنيث بقوله : (بالتاء) احترازا عن الألف كحبلى وحمراء ، فإن العلمية ليست شرط فيه. (متوسط).

(٢) في منع الصرف لما سبق أن الألف سبب قائم مقام السببين من غير احتياج إلى الشرط ؛ لكونه تأنيثا وضعيا لازما للكلمة. (ح ع).

(٣) يشير إلى دفع ما يرد على ظاهر العبارة من أن العلمية وصف لا يقوم إلا بالموصوف ، فلا يستقيم الحمل ، فأجاب بأن اللام للعهد ، أو عوض عن المضاف إليه ، على الاختلاف عند البصرية والكوفية. (جلبي).

(٤) لأن الاسم يوضع أولا على الجنس ، ثم يوضع علما عائشة من عاش يعيش فهو عائش وعائشة ، وهو الجنس ليس موضوعا مع التاء ، فإذا سميت به فقط وضعته ثانيا معها ، وصارت التاء كلام الكلمة في هذا الموضع ، فلزمت للكلمة وضعا لكن وضعا ثانيا. (وجيه الدين).

(٥) قوله : (أي : كالتأنيث بالتاء في كونه مشروطا بالعلمية) لأن التأنيث المعتبر هو اللازم لا يكون لازما إلا بالعلمية ، ولذلك صرف جريح في مررت بامرأة جريح ، مع تحقق الوصف الأصلي والتأنيث المعنوي بدون العلمية. (سعد الله).

(٦) يعني : أن هذا التأنيث إذا جعل علما يجب منع صرفه من غير احتياج إلى شيء آخر. (م).

(٧) يعني : أن التأنيث المعنوي إذا جعل علما لم يجب منع صرفه ، بل يحتاج في وجوبه إلى شيء آخر. (توقادي).

(٨) لا يخفى أنه لا يفهم من ظاهر عبارة المصنف أن احد الأمور الثلاثة وجوب تأثير التأنيث المعنوي مع العلمية، إلا أن يرجع ضمير تأثيره إلى التأنيث المعنوي الذي يشترط فيه العلمية ، وتحققت ، وإنما قال : شرط يحتم تأثيره ، ولم يقل : وشرط تأثيره ؛ لأن أحدا ما ذكرنا من الأمور الثلاثة ليس شرط التأثير ، بل هو شرط لوجوب التأثير ، كما لا يخفى. (كبير).


حروفها الثلاثة مثل : سقر (أو العجمة) مثل : ماه وجور.

وإنما اشترط في وجوب تأثير التأنيث المعنوي أحد الأمور الثلاثة ليخرج (١) الكلمة بثقل أحد الأمور الثلاثة عن الخفة (٢) التي من شأنها أن تعارض ثقل أحد السببين فتزاحم تأثيره وثقل الأولين ظاهر (٣) وكذا العجمة ؛ لأن لسان العجم ثقيل على العرب (فهند يجوز صرفه) (٤) نظر على انتفاء شرط تحتمّ تأثير التأنيث المعنوي أعني :

أحد الأمور الثلاثة ، ويجوز عدم صرفه نظرا إلى وجود سببين فيه ، (وزينب) علما للمرأة (وسقر) علما لطبقة من طبقات النار (وماه وجور) علمين لبلدتين (٥) (ممتنع)(٦)

__________________

(١) قوله : (ليخرج الكلمة بثقل أحد الأمور ... إلخ) القوم اعتبروا ثقل السببين في غير المنصرف ، يدل على ذلك تفصح كتب النحو ، فمنعوا منه الجر والتنوين ؛ لئلا يلزم زيادة الثقل ، ولعل وجهه تنزيل ثقل المعنوي منزلة اللفظي ، فلا يرد ما قيل : لا يظهر اعتبار حدوث ثقل من كل سبب ؛ إذ لا يعقل من الوصف والعلمية ، ولا من العدل ، بل هو منشأ الخفة كما يرد الشارح إليه أمثلة.(وجيه الدين).

(٢) قوله : (عن الخفة التي هي من شأنها ... إلخ) اعترض عليه بأن الخفة كما تعارض التأنيث والعجم كذلك تعارض العلمية ، فلا وجه لتخصيص الاشتراط بالعجمة والتأنيث ، وأجيب بأن التأنيث المعنوي أمر ضعيف وهو ظاهر ، وكذا العجم ؛ لأن العجمي قليل الاعتبار عند العرب ، فإذا خفّت الكلمة العجمية لم يعتبر ثقلها ، ولك أن تقول : اشتراطها يغني عن اشتراط العلمية ؛ لأن العلم الخفيف لا يكون إلا مع إحدهما فإن للعدل أوزانا معلومة ، وكذا غيره لا خفة فيه. (عيسى الصفوي).

(٣) لأن لسان العرب لما كان مبنيا على السهولة كان الأصل فيه أن يكون ثلاثيا ساكن الأوسط ؛ لأنه لا بد من حروف يبتدئ به ، وحرف يوقف عليه ، وحرف يفصل بينهما ، والذي كان على خلاف هذا بأن يكون متحرك الأوسط أو رباعيا كان ثقيلا وأثقل ؛ لأن ما خالف الأصل شأنه كذلك. (توقادي).

(٤) قوله : (فهند يجوز صرفه) إلى قوله : (ويجوز عدم صرفه) والمنع أجود وأكثر عند الجمهور ، وفي الباب الأجود الصرف. (عيسى).

(٥) اعلم أن أسماء الأماكن قد يلتزم تأنيثها بتأويل البلدة مثلا ، فيمتنع صرفها ، وقد يلتزم تذكيرها بتأويل المكان مثلا فيصرف ، وقد يعتبر كل منهما فجاز الوجهان ، إذا عرفت هذا فنقول : إن كان الاستعمال معلوما فذاك ، وإن لم يكن معلوما فلك فيه وجهان ، وكذا في أسماء القبائل في تأويلها بالقبيلة والحي. (لأرى).

(٦) قوله : (ممتنع صرفها) ولم يقل : من الصرف ، كما قال : وامتنع من الصرف أسود تفننا وكشفا ـ


صرفها ، أمّا (زينب) فللعلميّة والتأنيث المعنوي مع شرط تحتّم تأثيره ، وهو الزيادة على الثلاثة ، وأمّا (سقر) فللعلمية والتأنيث المعنوي مع شرط تحتّم تأثيره ، وهو تحرك الأوسط.

وأمّا (ماه) و (جور) فللعلمية والتأنيث المعنوي مع شرط تحتمّ تأثيره ، وهو العجمة.

(فإن سمّى به) أي : بالمؤنث المعنوي (مذكر فشرطه) (١) في سببية منع الصرف (الزيادة على الثلاثة) (٢) لأن الحرف (٣) الرابع في حكم تاء التأنيث ، قائم مقامها (فقدم) وهو مؤنث معنوي سماعي باعتبار معناه الجنسي إذا سمي به رجل (منصرف) لأن

__________________

ـ لوجوه التوجيه ، ولمناسبة بينه وبين قوله : (فهند يجوز صرف) وأشار بتأنيث ضميرها صرفها إلى أن تذكر الضمير العائد إلى تلك المؤنثات يحتاج إلى التوجيه بإرادة اللفظ والاسم. (عصمت).

(١) أي : شرط التأنيث لا شرط التأنيث المعنوي ؛ لأنه قد زال ، ولا المؤنث وهو ظاهر ، فمرجع ضمير شرطه مغاير لمرجع ضمير سمي به ، والتأنيث عند تحقق هذا الشرط يكون لفظيا بالتاء حكما ، وقي يقال : إنه ضمير شرط راجع إلى التأنيث المعنوي ، وعند تحقق ذلك الشرط يسمى تأنيثا معنويا حكميا ، والسوق يلائم بهذا كما لا يخفي. (بخاري).

(٢) قوله : (الزيادة على الثلاثة) اعترض بأن ههنا شروطا أخر تركها المصنف : إحداها : أن لا يكون في الأصل مذكر كرباب اسم امرأة ، فإنه في الأصل بمعنى السحاب البيض ، وكحائض فإنه في الأصل موضوع للشخص المذكور ؛ لأن الأصل في الصفات أن يكون المجرد من التاء منها صيغة المذكر ، فإنه إذا سمي بهما رجل انصرفا ، وثانيها : أن يكون تأنيثها بتأويل كرجال فإن تأنيثه بتأويل الجماعة ، فإذا سمى به مذكر انصرف ، وثالثها : أن لا يغلب استعماله بحسب المعنى الجنسي في المذكر ، ثم إن تساوي استعماله مذكرا ومؤنثا يساوي الصرف ومنعه ، وإن غلب استعماله مؤنثا فمنع الصرف راجح ، وأجيب بأن مراد المصنف أن شرطه من بين الثلاثة المذكورة الزيادة على الثلاثة ، ولا ينفع الآخران من تحرك الأوسط ، وبعد التسمية للمذكر ، وذلك لا ينافي ؛ لوجوب شرائط أخر ، وفيه أن السؤال إنما وقع من وجه ترك شرائط أخر لا بد منها ، فالجواب بهذا الوجيه غير مفيد ، ويمكن أن يقال في الجواب : بأن المراد بالمؤنث المعنوي في قوله : (فإن سمي بالمؤنث المعنوي مذكر الاسم) الذي هو مؤنث معنوي لا غير ، فلا حاجة حينئذ إلى هذه الشرائط الثلاثة. (عصمت).

(٣) قوله : (لأن الحرف الرابع في حكم التأنيث) فكما أن تاء التأنيث لفظا يؤثر وجوبا في علم المذكر كطلحة ، فكذا ما في حكمها ، ويعتبر ههنا تحرك الأوسط ؛ لأنه نائب عن حرف الرابع ، واعتبار نائب النائب بعيد ، وكذا العجم ؛ لأنها تقوي التأنيث ، ولا تؤثر في الثاني الساكن الأوسط ، وقد زالت التأنيث بالعملية للمذكر. (وجيه الدين). ـ


التأنيث المعنوي الأصلي زال بالعلمية للمذكر من غير أن يقوم شيء مقامه والعلمية وحدها لا تمنع الصرف (وعقرب) (١) وهو مؤنث معنوي سماعي باعتبار معناه الجنسي (٢) إذا سمي به رجل (ممتنع) صرفها ؛ لأنه وإن زال التأنيث بالعلميّة للمذكر فالحرف الرابع قائم مقامه ، بدليل أنه إذا صغّر (قدم) ظهر التاء المقدر كما يقتضيه قاعدة التصغير ، فيقال : (قديمة) بخلاف (عقرب) فإنه إذا صغر يقال : (عقيرب) من غير إظهار التاء ؛ لأن الحرف الرابع قائم مقامه. ف : (عقرب) إذا سمى به رجل امتنع صرفه للعلمية (٣) والتأنيث الحكمي.

(المعرفة) أي : التعريف (٤) ؛ لأن سبب منع الصرف هو وصف التعريف لا ذات المعرفة.

__________________

ـ وإنما شرط في المعنوي الزيادة إذا سمى به مذكر ؛ لأن التأنيث المعنوي باعتبار مدلوله ، وقد فات بتسمية المذكر ، فلم يبق إلا اعتبار اللفظ ، فاعتبر الزائد على الثلاثة ؛ لأن فيه سماته تاء التأنيث ، فكان فيه تاء ولا يعتبر ما دون ذلك ؛ لفوات المعنى ما يتقدر بالتاء. (كبير).

(١) قوله : (وعقرب) إذا سمى به رجل امتنع صرفه للعملية والتأنيث الحكمي ، كذا ذكره المصنف أيضا ، ولك أن تقول : أراد بالمؤنث المعنوي في المقام ما يكون التاء فيه مقدرة ، سواء كان مؤنثا حقيقيا أو لا ، والتاء في عقرب مقدرة كما صرح به الشيخ ، فلا يكون حكميا فليتأمل ، فلا يتصور كونه سببا ، ذهب المصنف وكثيرون إلى أنه تجعله في حكم المنصرف ، وحينئذ يتصور كونه سببا إن كان في حكم المنصرف ، ويمكن أن يكون له أثر فيما إذا حذف آلة التعريف ، واعتبر التعريف الأصلي كما قيل : في أجمع ، فكان الوجه أن يقول : في حكم المنصرف ، فلا يناسب جعله سببا ، ويمكن التوجيه بالتكلف في العبارة. (عيسى الصفوي).

(٢) وإنما قال في الموضعين : معناه الجنس ، احترازا عن معناه العلمي ؛ لأنه باعتبار لا يكون علما لآخر وإنما يكون باعتبار الجنس ، كما أن زيدا مثلا يكون علما لأشخاص شتى باعتبار معناه الجنسي لا العلمي. (ت ق).

(٣) قوله : (للعلمية والتأنيث الحكمي) لما كان الحرف الرابع قائما مقام التأنيث ، فكان التأنيث موجودا بالفعل، وفيه أن يكون في حكم التأنيث اللفظي والكلام في المعنوي ، ولو قيل : التأنيث المعنوي الذي زال يؤثر في منع الصرف ، بسبب وجود هذا الشرط لكان من البحث المذكور ، اللهم إلا أن يتكلم أن يتكلف. (حافظ الدين كندي).

(٤) قوله : (أي : التعريف) يحتمل لوجهين : أحداهما : أن يكون مجازا من قبيل ذكر الموصوف وإرادة الصفة ، وثانيهما أن تكون معرفة مصدرا بمعنى التعريف في عرف هذا الفن ، ويجوز أيضا أن يقدر المضاف ، أي : تعريف المعرفة ، أو أن يعتبر الحيثية ، أي : المعرفة من حيث أنها المعرفة. (مصطفى جلبي).


(شرطها) أي : شرط تأثيرها في منع الصرف (أن تكون علميّة) (١) أي : يكون هذا النوع من جنس التعريف علما على أن تكون (الياء) مصدريّة أو منسوبة إلى العلم ، بأن تكون حاصلة في ضمنه على أن تكون الياء للنسبة وإنما جعلت مشروطة بالعلمية ؛ لأن تعريف (٢) المضمرات والمبهمات لا يوجد إلا في المبنيات ومنع الصرف من أحكام المعربات ، والتعريف باللام أو الإضافة يجعل غير المنصرف منصرفا أو في حكم المنصرف (٣) كما سيجيء.

فلا يتصور كونه سببا لمنع الصرف فلم يبق إلا التعريف (٤) العلمي (٥).

وإنما جعل المعرفة (٦) سببا لمنع الصرف والعلمية شرطها ، ولم يجعل العلمية سببا

__________________

(١) فيه نظر ؛ لأنه يلزم أن يكون المشروط غير الأول وهو محال ؛ لأن المراد بالمعرفة في الموضوع ليس إلا العلم ، فيصير المعنى : شرطه أن يكون علما ، وهو قبيح جدا قلت : لا نسلم لزوم ذلك اشتراط المعرفة بالعلمية ، وإنما يلزم ذلك على تقدير كون المعرفة نفس العلمية ، لكنه ليس كذلك ؛ لأن المراد بالعلم المعرفة ، والمراد بالعلمية كونها علما ، فيلزم اشتراط الموصوف فاندفع الإشكال. (لباب).

(٢) قوله : (لأن تعريف المضمرات) يعني أن كلا من الضمائر والإبهام يستلزم البناء ، ومنع الصرف يستلزم الإعراب ، وتنافي اللوازم يستلزم تنافي الملزومات ، فلا يجتمع الإضمار والإبهام مع غير المنصرف فضلا عن أن يؤثر فيه. (وجيه الدين).

(٣) يعني أن اللام إذا دخل على غير المنصرف يجعله منصرفا ؛ لأنه لما كان من خواص الاسم يزول عليه مشابهة الفعل فيعود إلى أصله وهو الانصراف ، وأن غير المنصرف إذا أضيف يكون منصرفا دون المضاف إليه ، يعني : أن غير المنصرف إذا صار مضافا إليه لا يصير مصروفا بل يبقى على حاله ، كما إذا دخل حرف الجر ؛ لأن الإضافة لما كانت من خواص الاسم يزيل مشابهته الفعل في المضاف دون المضاف إليه ؛ لأنها لم تؤثر شيئا كما في المضاف حتى يغيره من حال إلى حال. (م).

(٤) قوله : (فلم يبق إلا التعريف العلمي) هذا مبني على أن السبب الآخر في أجمع وأخواته الصفة الأصلية والعلمية ، لا التعريف بالإضافة المقدرة كما ذهب إليه جمع. (لاري).

(٥) بقي تعريف النداء ، فالمناسب التعرض له بأنه لا يصلح سببية منع الصرف ؛ لأن بعض أنواعه من المبنيات ، وبعضها مضاف ومشبهة ، فلا يصلحان سببية منع الصرف لما مر ، وأما البعض وهو المنادى المستعان باللام فلم يعتبره للاطراد. (ع).

(٦) قوله : (وإنما جعل) يعني لم يجعل العلمية سببا كما جعل جاد الله العلامة ؛ لأنهم جعلوا كلها من العلل فرعا عن غيره ، وكون التعريف فرعا عن التنكير أظهر من فرعيه العلمية ؛ لمقابلة التعريف ـ


كما جعل البعض ؛ لأن فرعية التعريف (١) للتنكير أظهر (٢) من فرعية العلمية له.

(العجمة) (٣) وهي كون اللفظ مما وضعه. غير العرب ، ولتأثيرها في منع الصرف شرطان (٤) (شرطها) الأول : (أن تكون علميّة) أي : منسوبة إلى العلم (في) اللغة (العجمية) (٥) بأن تكون متحققة في ضمن العلم في العجم حقيقة ك : (إبراهيم) ،

__________________

ـ التنكير دون العلمية ، فإن قيل : لما يكون العلمية سببا عنده ، فلم قال فيما سيأتي : وما فيه علمية مؤثرة ، بل الواجب أن يقال : وما فيه معرفة مؤثرة قيل : جرى فيه على اصطلاح غيره ، أو محمول على التجويز بأن يراد بالعلمية التعريف العلمي. (وجيه الدين).

(١) لأن فرعية التعريف للتنكير بلا واسطة ، وفرعية العلمية له بالواسطة ؛ لأن العلمية نوع من أنواع التعريف الذي هو فرع التنكير. (جلبي).

(٢) وجه الأظهرية في تعريفه بلا واسطة وفرعية العلمية بواسطة كونها فرعا من المعرفة مطلقا ، ولا شك أن الفرعية بلا واسطة أظهر من الفرعية بالواسطة. (سعيد أفندي).

(٣) وتعريف العجمة منها مخالفة أبنية كلام العرب ، ومنها ترك الصرف في إعلامها ، ومنها جهل اشتقاقها ، ومنها اجتماع الصاد والجيم في كلمة كالصروج ، وهو ما يجتمع فيه الماء والحصر ، ومنها أن يقع الراء والنون نحو نرجس ، ومنها اجتماع القاف والجيم فإنهما لا يجتمعان في العربية إلا في القبح وهو الجقل. قال في الصحاح : هو فارسي معرب ؛ لأن القاف والجيم لا يجتمعان في كلمة وهو واحدة كلام ، ومنها يقع الزاي العجمية للدال المهملة نحو مهندز ، ومنها أن يكون فيها غير حروف العربية كالقاف والياء والجيم والزاء. (فاضل حلبي).

(٤) لأن العجمة لما كانت أمرا خفيا وهو كون اللفظ غير موضوع العرب ، حيث ليس له علاقة ظاهرة كالتأنيث اللفظي ، أو علامة مقدرة كالتأنيث المعنوي ، لم تؤثر في منع الصرف بمجرد العلمية ، بل أخذت فيه إلى أمر زائد غير العلمية ، إلا أنها لما كانت أخفى من التأنيث المعنوي ؛ لأنه يظهر في بعض تفرقاته مثل إسناد الفعل المضارع وإرجاع الضمير إليه وغير ذلك ، فاشترط فيه أحد الأمور الثلاثة ، حيث لم تظهر في شيء من تصرفاتها ، اشترط فيها أحد الأمرين غير العلمية. (توقادي).

(٥) قوله : (في العجمية) قبل انتقال في الاستعمال إلى العربية ، وقيل هذا ليس بشرط بل الشرط أن يكون علما في أول استعمال العرب في كلامهم ، سواء كان قبل ذلك الاستعمال علما أو لم يكن ، فإن قالون اسم جنس في لغة روم بمعنى الجيد ، ثم جعل علما لعيسى لجودة قراءته ، وإنما شرطت العلمية ؛ لأنها لو لم يكن علما في العجم خفّ على لسان العرب أن يدخلوا اللام والإضافة والتنوين عليها ، ويمكن إيراد أحكام كلامهم فيها ، فبهذا التصرف يضعف أمر العجمة فلم تعتبر ، بخلاف ما إذا كان علما فإنه يمتنع منهم حينئذ أن يدخلوا هذه الأحكام عليها ، فيقوى الأمر العجمة بسبب عدم تصرفهم فيها والعلمية النقل لا تؤثر. (عوض أفندي).


وحكما (١) بأن ينقله العرب من لغة العجم إلى العلمية من غير تصرف فيه قبل النقل ك : (قالون) فإنه كان في العجم اسم جنس سمى به أحد رواه القرّاء لجودة قراءته قبل أن يتصرف فيه العرب ، فكأنه كان علما في العجمية.

وإنما جعلت شرطا لئلا يتصرف فيها العرب مثل : تصرفاتهم في كلامهم فتضعف فيه العجمة ، فلا تصلح سببا لمنع الصرف ، فعلى هذا لو سمى بمثل (لجام) لا يمتنع صرفه لعدم علميّته في العجمية (و) شرطها الثاني : أحد الأمرين (تحرك) الحرف (الأوسط أو زيادة على الثلاثة) أي على ثلاثة أحرف ، لئلا تعارض الخفة أحد السببين (فنوح منصرف) هذا تفريع بالنظر إلى الشرط الثاني. فانصراف (نوح) إنما هو ؛ لانتفاء الشرط الثاني وهذا اختيار (٢) المصنف ؛ لأن العجمة سبب ضعيف ؛ لأنه أمر معنوي (٣) فلا يجوز اعتبارها مع سكون الأوسط.

وأما التأنيث (٤) المعنوي فإن له علامة مقدرة تظهر في بعض التصرفات فله نوع قوّة فجاز أن يعتبر مع سكون الأوسط وأن لا يعتبر.

فإن قلت : قد اعتبرت العجمة في (ماه وجور) مع سكون الأوسط فيما سبق ، فلم لم يعتبر ههنا؟

__________________

(١) إشارة إلى دفع ما أورده الرضي من أن اشتراط العلمية في العجمة ليس بلازم ، بل الواجب أن لا يستعمل في كلام إلا مع العلمية ، قيل : من أن التعميم إلى الحقيقي والحكمي جمع بين الحقيقة والمجاز مما لا يلتفت إليه ، ولأن الأعلام وضع ثان. (سوسي).

(٢) قوله : (هذا اختيار المصنف) ذهب الزمخشري إلى أن نوعا كهند يجوز فيه الأمران ، وخالف المصنف والجمهور فكان اللائق أن يقول : وهذا اختيار المصنف ومذهب الجمهور ، ثم الأكثرين على أنه لا بد من الزيادة، ولا يكفي تحرك الأوسط وهو مذهب سيبويه ورجحه المتأخرون ، إلا أن المصنف اختار ما ذكره فكان اللائق أن يذكر ذلك الخلاف ، وينسب إلى اختيار المصنف ، والخلاف المذكور ينسب إلى الجمهور ، فتدبر. (عيسى الصفوي).

(٣) وهو كون الكلمة ليست من أوضاع العرب وليس له علاقة لفظية ولا مقدرة ، فكانت في غاية الضعف. (ع م).

(٤) جواب سؤال مقدرة تقديره : إذ ليس العجمة أمرا حقيقيا ثابتا في الاسم ، بل أمر إضافي ، فلا يجوز اعتبارها مع سكون الأوسط ، وأما التأنيث في هند أمر محقق فيه ، فجاز أن يعتبر مع سكون الأوسط ، وأن لا يعتبر ، كأنه قيل : فعلى هذا لا يجوز اعتبار التأنيث مع سكون الأوسط ؛ لأنه أمر معنوي ، فأجاب بقوله : (وأما التأنيث). (لمحرره).


قلنا : اعتبارها فيما سبق إنما هو لتقوية (١) سببين آخرين (٢) لئلا يقاوم سكون الأوسط أحدهما (٣) ولا يلزم من اعتبارها لتقوية سبب آخر اعتبار سببيّتها بالاستقلال.

(وشتر) (٤) وهو اسم حصن (٥) بديار بكر (وإبراهيم ممتنع) صرفهما لوجود الشرط الثاني فيهما فإن في (شتر) تحرك الأوسط وفي إبراهيم الزيادة على الثلاثة ، وإنما خص التفريع بالشرط الثاني (٦) ؛ لأن غرضه التنبيه على ما هو الحق (٧) عنده من انصراف نحو : (نوح) ولهذا قدم انصرافه مع أنه متفرع على انتفاء الشرط الثاني ، والأولى تقديم (٨) ما هو متفرع على وجوده كما لا يخفى.

__________________

(١) أي : لتقوية أحد السببين ، أي : التأنيث إذ العلمية مستغنية عن المقوى ، ويؤيده قوله : (ولا يلزم من اعتبارها لتقوية سبب أخر ... إلخ). (عصمت).

(٢) هما التأنيث المعنوي ، وشرطها العلمية هذا من باب التغليب كالقمرين ، أو من باب حذف المضاف كما قاله العصمت رحمه‌الله. (م).

(٣) أي : أحد السببين ؛ لأن الاسم إذا كان ثلاثيا يكون حقيقيا ، وإذا كان أوسطه ساكنا يكون أخف فيقبل الانصراف بدخول الجر والتنوين عليه ، وإذا اعتبرت العجمة فيه يكون أثقل فيقتضي التخفيف بإسقاط الجر والتنوين منه ، بجعله غير منصرف. (م).

(٤) قوله : (وشتر) قيل : يجوز أن يقال امتناع صرفها لتأويلها بالتبعة ، وفيه أنه لا يستعمل إلا مذكرا ولا يرجع إليه ضمير المؤنث ، والمناقشة فيه محال ، فلو مثل بلمك على وزن عضد اسم أبي نوح عليه‌السلام لكان أسلم.(عب).

(٥) قوله : (حصن بديار بكر) في القاموس : هو قلعة بإيران بين بردعة وكنجه ، وعلى التقديرين يجوز أن يكون منع صرفه للعلمية والتأنيث من حيث اسم بلدة ، وكأن الشارح فر من هذا وقال : اسم حصن ، ولم يقل : اسم بلدة ؛ لكنه لا ينفعه إذ الظاهر أنه اسم لنفس البلدة لا لجدرانه. (عصمت).

(٦) وإنما بين المصنف فائدة الشرط الثاني ، ولم يبين فائدة الشرط الأول بأن يقول : فلجام منصرف ؛ لأنه ليس فيه علمية في العجم. (توقادي).

(٧) قوله : (ما هو الحق عنده) يجوز أن يقال : لأن غرضه التنبيه على ما هو الحق عنده مما وقع فيه النزاع من نوح وشتر ، وتقديم انصراف نوح على امتناع صرف شتر ؛ لأن انصراف نوح مخالف لأصل هذا الكتاب ، أعني المفصل دون عدم انصراف شتر ؛ ولأن انصراف نوح جلي مما لا ينبغي أن ينازع فيه ، بخلاف امتناع صرف شتر فإنه ليس بهذا المثابة. (لاري).

(٨) قوله : (والأولى تقديم ما هو متفرع) أقول : فيه بحث فإنا لا نسلم أن المتفرع على وجود الشرط ينبغي أن يتقدم على المتفرع على عدمه ، فإن معنى الشرط انتقاء المشروط عند انتفاء الشرط ، لا وجوده عند وجوده ، كان الأولى تقديم ما يتفرع على أصل معناه ، فتدبر. (ع س).

ـ فائدة الاسم الأعجمي إذا وافق عربيا كإسحاق فإنه مصدر إسحاق ، فلو سمي به قاصدا ـ


واعلم (١) أن أسماء الأنبياء عليهم‌السلام ممتنعة عن الصرف إلا ستة (محمد ، وصالح ، وشعيب ، وهود) لكونها عربية و (نوح ولوط) لخفتهما.

وقيل : إنّ هودا كنوح ؛ لأن سيبويه قرنه معه (٢) ، ويؤيدّه ما يقال من أن العرب من ولد إسماعيل ومن كان قبل ذلك فليس بعربي و (هود) قبل إسماعيل فيما يذكر فكان كنوح.

(الجمع) وهو سبب قائم مقام السببين (شرطه) أي : شرط (٣) قيامه مقام السببين (صيغة منتهى الجموع) (٤) وهي الصيغة التي كان أولها مفتوحا وثالثها ألفا وبعد الألف

__________________

ـ المعنى المصدري فلا اعتداد بالعجمة ، أو قاصدا اللفظ فغير منصرف ، قال أبو حيان : فإن جهل القصد حمل على عادة الناس في التسمية باسم الاتباع. (عيسى الصفوي).

(١) قوله : (واعلم أن أسماء الأنبياء عليهم‌السلام) أي : الأسماء المشهورة المتداولة في لسان العرب ، قيل : قلما يخلو عن هذه الفائدة كتاب يعتد به ، حتى كاد أن يكون مجمعا عليه عندهم ، وعليه شاهدا صدق شيت وعزير ، فلا عجب أن يقضي فيه العجب ، انتهى.

ـ يعني أن الحصر غير مستقيم ؛ لانتقاضه بشيت وعزير ، والجواب أن شيتا لم يذكر في القرآن ، وأن عزيرا استعمل منصرفا وغير منصرفا ، وقد قرأ بهما في قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ)[التوبة : ٣٠]. والحاصل أن لفظ شيت لم يذكر في القرآن فلا نسلم كونه عربيا ، وأن لفظ عزير مختلف في صرفه وعدمه ، وكذلك اختلف في نبوته فلا ينتقض القاعدة بهما. (مصطفى جلبي).

(٢) حيث قال : محمد وصالح وشعيب ونوح وهود ولوط ، فقرن هود بنوح لا شعيب ، فلو كان هود عربيا لقدمه على نوح وجعله مقارنا لشعيب. (عصمت).

(٣) وقيل : الأولى أن يقال : أي شرط تأثيره في منع الصرف ؛ ليكون مطابقا لما سبق ، والجواب أن عبارة شرط قيامه مقام سببين مستلزمة لهذه ، أي : عبارة شرط تأثيره دون العكس. (جلبي).

(٤) قوله : (صيغة منتهى الجموع) أي : وزن غاية جموع التكسير ؛ لأنه يجمع الاسم جمع التكسير جمعا بعد جمع فإذا وصل أي : هذا الوزن امتنع جمعه جمع التكسير كجمع كلب على أكلب ، وكجمع نعم على أنعام ، وجمعه على أناعيم ، وإنما قيدناه بغاية جموع التكسير ؛ لأنه لا يمتنع جمعه جمع سلامة ، وإن لم يكن قياسا مطردا على ما يجيء في التعريف في باب الجمع ، نحو قوله عليه الصلاة والسّلام : «إنكن صواحبات يوسف عليه‌السلام» أخرجه البخاري (٦٦٤) ، ومسلم (٤١٨). (شيخ الرضي).

ـ لفظ منتهي مصدر ميمي مضاف إلى الفاعل ، أي : صيغة يتنهي به جموع التكسير ، بمعنى أن تلك الصيغة من حيث أنها غير قابلة للتكسير ، فلا يرد النقص برجال ، بناء على أنه مخصوصة غير قابلة للتكسير ، فإن وزن فعال قابل للتكسير ، ولذا جمع حمار على حمير. (عيسى).


حرفان متحركان أو ثلاثة أحرف أوسطها ساكن وهي (١) التي لا تجمع جمع التكسير مرة أخرى ، ولهذا (٢) سميت صيغة منتهى الجموع (٣) ؛ لأنها جمعت في بعض الصور مرتين (٤) تكسيرا فانتهى تكسرها ، المغيّر للصيغة ، فأما جمع السلامة (٥) فإنه لا يغيّر فيجوز أن يجمع جمع السلامة كما يجمع (أيا من) جمع (أيمن) على (أيا منين) وصواحب جمع صاحبة على (صواحبات) وإنما اشترطت بذلك لتكون صيغته مصونة (٦) عن قبول التغيير (٧) فتؤثر (بغير هاء) (٨) ...

__________________

(١) أي : صيغه منتهى الجموع المتداولة في ألسنة النحاة ، هي هي ، أي : هذه الصورة المذكورة. (حلبي).

(٢) أي : لكون هذه الصيغة صيغة لا تجمع جمع التكسير مرة أخرى ، بحيث انتهى تكسيرها المغير للصيغة.(ح).

(٣) قوله : (منتهى الجموع) المراد من المنتهى الانتهاء ومن الجموع ما فوق الواحد ، هكذا أفاده بعض المحققين. (عصمت).

(٤) أي : أكثر من مرة واحدة بحيث لا يقبل الجمعية المكسرة بعدها ، أو هو المقصود في وجه تسميته بصيغة منتهى الجموع مرتين فقط ، إلا أن الواقع هكذا ، فتأمل. (مجازي).

(٥) سواء كان جمعا مذكرا ، أو مؤنثا ، اسما أو صفة ، وهو ما لحق آخر مفرده واو ونون ، أو ياء ونون ، أو ألف وتاء. (م).

(٦) فإن قلت : الصيانة عن التغير لا يستدعي ذلك ، فإنها تحصل بالعلمية أيضا ، فلم لم يشترط العلمية كما شرطت في بعض الأسباب لهذا الغرض؟ قلت : المراد صيانته مع حفظ معنى الجمعية ؛ ليظهر قيامه مقام السببين. (عصمت).

(٧) قوله : (عن قبول التغيير) لم يقل : عن التغير ؛ لأن هذه الصيغة لم تقبل التغير ، فأما مثل رجال فإنه لم يتغير لكن يقبل التغير ؛ لأن المفردات الواردة على هذه الصيغة يقبل التغير. (حلبي).

(٨) بغير هاء ، أي : بغير التاء التأنيث ، وسمى هاء باعتبار انقلابها إليه عند الوقف ، ولهذا يندفع ما قيل : إنه منقوض بفواره ؛ لكون هائه ليس للتأنيث ؛ لأنه إذا كان بالتاء يكون منصرفا لمشابهة المفرد لفظا ومعنى ، نحو ملائكة فإنه متشابه لكراهية ، أما المتشابهة منهما لفظا فمن حيث الموازنة وهو ظاهر ، وأما من حيث المشابهة من حيث المعنى فلوقوع كل منهما على كثيرين ، ثم وقوع الجمع عليه ظاهر ، وأما وقوع المفرد للذكور فلأنه مصدر ، وهو صالح لأن يقع على القليل والكثير. (عاقبة).

ـ والمراد بالهاء الحرف الدال على التأنيث غير الألف بطريق عموم المجاز ، وهو أن يراد باللفظ معنى شامل لمعناه الحقيقي والمجازي أو المعينين الحقيقيين ، والقرينة شهرة استعمال الهاء بهذا المعنى في عرفهم ، كما أن القرنية لا أضع قدمي دار فلان ، أي : لا أدخل دار فلان ، ـ


منقلبة عن تاء التأنيث حالة الوقف أو المراد (١) بها تاء التأنيث ، لكن عبّر بالهاء باعتباره ما يؤول إليه حالة الوقف فلا يرد نحو : (فواره) جمع (فارهة) (٢) وإنما اشترط كونها بغير هاء؛ لأنها لو كانت مع هاء كانت على زنة المفردات ك : (فرازنة) فإنها على زنة كراهية وطواعية بمعنى الكراهة والطاعة فيدخل في قوة جمعيته فتور ولا حاجة (٣) إلى إخراج نحو : (مدائني) فإنه مفرد محض ليس جمعا ، لا في الحال ولا في المآل وإنما الجمع (مدائن) (٤) وهو لفظ آخر بخلاف (فرازنة) فإنها (جمع فرزين أو فرزان) بكسر الفاء ، فعلم مما سبق أن صيغة منتهى الجموع على قسمين ، أحدهما : ما يكون بغير هاء ، وثانيهما ما يكون بهاء.

فأمّا ما يكون بغير هاء فيمتنع صرفه ، لوجود شرط تأثيرها (كمساجد) مثال لما بعد ألفه حرفان متحركان (ومصابيح) مثال لما بعد ألفه ثلاثة أحرف أوسطها ساكن (وأما فرازنة) (٥) وأمثالها مما هي على صيغة منتهى الجموع مع الهاء.

__________________

ـ العرف العام يشتمل حالتي الوصل والوقوف ، وأما إرادة التاء بطريق الأولى ، أو حقيقة الهاء مراد بهاء الموقوفة ، فلا يشتمل الحالتين. أقول : يمكن إن يجيب بأن يقال : إن كونه تغير تاء يستلزم كونه بغيرها ، ولأن الهاء حاصل من التاء في حال الوقف ، فإذا لم توجد التاء ولم يوجد الهاء وهو ظاهر فإرادة التاء بطريق الأولى شامل للحالتين ، وكذا كونه بغير هاء منقلبة من تاء التأنيث يستلزم كونه بلا تاء ؛ لأن جميع الأسماء صالح للوقف. (مختصر الكافية للبركوي).

(١) عطف على مقدر تقديره : المراد بها أن تكون منقلبة عن تاء التأنيث حالة الوقف ، والمراد : والفرق بينهما أن إطلاق الهاء عليها في الأول على حقيقة باعتبار اتصافها بوصف الانقلاب ، وفي الثاني على مجازية باعتبار الأولية. (م).

(٢) قال الأزهري : قوله تعالى : (فارِهِينَ)[الشعراء : ١٤٩] أي : حاذقين ، والفاره من الناس المليح الحسن، ومن الدواب الجيد السير. وقال الجوهري : ويقال للبرذون والبغل والحمار فاره بيّن الفروهة ، وجمعه فرهة وفره ، مثل صحبة وصحب. (لمحرره).

(٣) جواب سؤال مقدر تقديره : كأنه قيل : لو قال المصنف : لغير هاء وياء النسبية لكان صواب ؛ لئلا ينتقض بمثل مدائني ، فإنه على صيغة منتهى الجموع بغير هاء ، مع أنه منصرف ، فأجاب بقوله : (ولا حاجة).(لمحرره).

(٤) جمع مدنية ، يقال : مدن بالمكان أقام به ، وبابه دخل ، ومنه المدنية وجمعها مدائن بالهمزة ، ومدن مخففا ومثقلا ، والنسبة إلى مدينة الرسول عليه‌السلام مدني ، وإلى مدائن كسرى مدائني.(صحاح).

(٥) أما هاهنا ليس للتفصيل ؛ لعدم التعدد ، ولا الاستئناف لسبق كلام آخر ، إلا أن يعتبر الاستئناف لعدم الإجمال ، كما في بعض الشروح فيكون للاستئناف ، فأجاب الشارح بأن أما هاهنا ـ


(فمنصرف) (١) لفوات شرط تأثير الجمعية وهو كونها بلا هاء (وحضاجر (٢) علما للضّبع) هذا جواب عن سؤال مقدر تقديره : أن يقال : إنّ حضاجر علم جنس للضبع يطلق على الواحد ، والكثير كما أن (أسامة) علم جنس (٣) للأسد ، فلا جمعية فيه ، وصيغة (٤) ...

__________________

ـ للتفصيل ؛ لأنه يفهم من قوله : (بغير هاء) إجمال من أن صيغة منتهى الجموع على قسمين : أحداهما : ما يكون بغير هاء ، وثانيهما : ما يكون بهاء ، ولكن وجود التعدد موقوف على أنه قد يذكر أحد طرفي التعدد اهتماما لها ، ويترك الطرف الآخر اعتمادا على القرنية كما في قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ)[آل عمران : ٧] إلى قوله (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) فإن قوله : (وَالرَّاسِخُونَ) بمنزلة (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) فهاهنا قوله : (مساجد ومصابيح) بمنزلة أما ، ما كان بغيرها ، وقوله : (وأما فرازنة) بمنزلة وأما ما كان بهاء فيكون أما للتفصيل ، هذا هو المستفاد من كلام الشارح ، لكن يرد عليه من الإجمال عين للتفصيل ؛ لأن يفهم من قوله : (الجمع شرطه) صيغة منتهى الجموع بغير هاء ، وأما ما كان بهاء منصرف ، لكن غفل الشارح عنه ، واعتمد بقوله : (بغير هاء) وحده فلا يكون كلامه جوابا للهندي ، ولعل أن أما هاهنا لتفصيل ما أجمل في ذهن السامع ، كما قرر في الكشاف. (مصطفى حلبي).

(١) إنما لم يقل فمنصرفه ؛ لأن المنصرف صار اسما فيجوز اعتبار اسميته ؛ أو لأن المراد نحو فرازنة ؛ أو لأن المراد اللفظ وهذا هو الظاهر ، لا يقال : فعلى هذا يكون غير منصرف بالعلمية والتأنيث ، فكيف يصح تنوينه لأنا نقول : تنوينه للمناسبة ومشاكلة المسمى مع أنه يجوز أن لا يكون منونا. (عب).

(٢) وحضاجر ، أي : سؤال مقدر وتقديره أن يقال : هذا الوزن إنما يمنع الصرف إذا كان جمعا ، وحضاجر ليس بجمع ؛ لأنه علم للضبع مع أنه غير منصرف ، ثم أشار إلى جوابه بقوله : (لأنه منقول عن الجمع). (عافية).

وحضاجر علما منصوب على الحالية من حضاجر مع أنه مبتدأ ، وجوز ذلك ابن مالك ، وكأن الشارح اختار هذا حيث قال : وتقرير الجواب أن حضاجر علما للضبع وجعله حالا من ضمير غير المنصرف بتأويل غير بمعنى لا ؛ لئلا يتوهم تقديم معمول المضاف إليه على المضاف ، تكلف يوجب تقييد حضاجر غير منصرف بحالة العلمية للضبع مع أنه بدون العلمية أيضا غير منصرف ، وجعله منصوبا بتقدير : أعني ، يستدعي المدح أو الذم أو الترحم ، والمقام لا يستدعي ذلك. (عصمت).

(٣) قوله : (علم جنس) وهو ما وضع للماهية الكلمة الصادقة على الإفراد من حيث إنها ماهية معينة من الماهيات ، بخلاف اسم الجنس فإنه موضوع للطبيعة من غير اعتبار التعيين فيه. (عصمت).

(٤) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : إن زالت الجمعية فيه ؛ لكونه علم الجنس للضبع ، وقد بقي ـ


منتهى الجموع ليست من أسباب (١) منع الصرف بل هي شرط للجمعية ، فينبغي أن يكون منصرفا لكنه غير منصرف.

وتقدير الجواب : أن حضاجر حال كونه (٢) علما للضبع (غير منصرف) لا للجمعيّة الحاليّة بل للجمعيّة (٣) الأصلية ؛ (لأنه منقول عن الجمع) فإنه كان في الأصل جمع (حضجر) بمعنى عظيم البطن ، سمى به الضّبع مبالغة في عظم بطنها ، كأنّ كل فرد منها جماعة من هذا الجنس ، فالمعتبر في منع صرفه هو الجمعيّة (٤) الأصليّة فإن قلت : لا حاجة في منع صرفه إلى اعتبار الجمعية الأصلية ، فإن فيه العلمية والتأنيث ؛ لأن الضّبع هي أنثى الضبعان (٥).

__________________

ـ صيغة منتهى الجموع ، وهو كاف لمنع الصرف. (لمحرره رضا).

(١) فإن قلت : شرط السبب أيضا سبب لتأثيره ، فكيف منع سببيته وثبت شرطيته قلت : المراد نفي السبب العرفي المعدود في تعريف غير المنصرف لا مطلق السبب. (ع ص).

(٢) قوله : (حال كونه علما) فهو حال إما عن المبتدأ كما رأى ابن مالك ، وإما عن مفعول أعني المقدر ، وإما عن الضمير المستكن في غيره منصرف على ما اختاره الشارح. (وجبيه الدين).

(٣) قوله : (بل للجمعية الأصلية) لأنه منقول عن الشارح على أن قوله : (لأنه منقول عن الجمع) ليس علة لوجود الجمعية الأصلية التي هي سبب لمنع صرف حضاجر ، والجمعية المانعة من الصرف أعم من أن تكون حالية أو أصلية ، ويمكن تقرير الجواب عن النقض بحضاجر بأن حضاجر لفظ له معنيان : أحدهما : المعنى الجمعي الأصلي ، والثاني : المعنى العلمي الحالي ، وعلة منع صرف كونه جمعا بصيغته منتهى الجموع ، وهي غير منفكة عنه حال كونه علما للضبع كما أن مصابيح حال علمية لكتاب أيضا غير منصرف للجمعية مع صيغة منتهى الجموع ، فإن قلت : العلمية ضد للجمعية فكيف يعتبر الجمعية الأصلية حال العلمية؟ قلت : الممتنع اعتبار الضدين في حكم واحد ، لا اعتبار الضدين عن وجود الآخر ، وهاهنا اعتبر الجمعية وحده ، ويمنع الصرف حال العلمية ، ولم يعتبر العلمية لمنع الصرف فيه. (عصمت).

(٤) فكذلك وضع مساجد علما على شخص يكون غير منصرف ، وإن كان في اللفظ اسما مفردا إلا أنه في التقدير يجمع. (غجدواني).

ـ لا الجمعية الحالية فعلى هذا الجواب يكون الجمع أعم في الحال كمساجد ، وفي الأصل كحضاجر. ـ علما للضبع. (لمحرره).

(٥) قوله : (قلنا علمية) أي : علمية لفظ حضاجر بهذا الاعتبار ، أي : باعتبار كونه علما للضبع مع كون الضبع ، أنثى الضبعان غير مؤثرة في منع الصرف ؛ لأنه علم جنس والمؤثرة في منع ـ


قلنا : عمليته غير مؤثرة وإلا لكان بعد التنكير منصرفا والتأنيث غير مسلّم ؛ لأنه علم الجنس الضبع ، مذكرا كان أو مؤنثا (١).

وإنما اكتفى المصنف في التنبيه على اعتبار الجمعية الأصلية بهذا القول ولم يقل : الجمع شرطه أن يكون في الأصل كما قال في الوصف ، لئلا يتوهم أن الجمعية كالوصف ، قد تكون أصلية معتبرة وقد تكون عارضة غير معتبرة وليس الأمر كذلك ؛ إذ لا يتصور(٢)العروض في الجمعية.

(وسراويل) جواب عن سؤال مقدر تقديره (٣) أن يقال : قد تقضيّت عن الإشكال الوارد على قاعدة الجمع ب : (حضاجر) بجعل الجمع أعمّ من أن يكون في الحال أو في الأصل ، فما تقول في (سراويل) فإنه اسم جنس يطلق على الواحد والكثير ولا جمعية فيه لا في الحال ولا في الأصل (٤).

__________________

ـ الصرف هي العلمية الشخصية ، والتأثير غير مسلم فيه ؛ لأن حضاجر علم الجنس الضبع مذكرا كان أو مؤنثا فقوله : (مذكرا كان أو مؤنثا) من باب التسامح في العبارة ؛ لأن الشارح صرح بأن الضبع هي الأنثى الضبعان ، لكن لما لم يكن لفظ شامل لجنس هذا الحيوان في الاستعمال عبر الشارح بهذا الوجه ، فكأنه قال : لأن حضاجر علم لجنس الضبع والضبعان. (مصطفى حلبي).

(١) فتأنيث حضاجر محتمل فلا يجوز أن يعتبر تأنيثه ولا علميته فاحتيج إلى اعتبار الجمعية الأصلية ؛ لئلا يكون غير منصرف في استعمالاتهم بلا علة فيه ، وكان من فهم تأنيثها فهم من كلام أهل اللغة حيث قالوا : هي مؤنثة ، ومرادهم أنها مؤنثة سماعية. (توقادي).

(٢) قوله : (إذ لا يتصور العروض في الجمعية) ؛ لأن واضع الألفاظ قد وضع الجمع جمعا ، والمثنى مثنى ، والواحد واحدا ، لا أنه وضع الجمع مفردا ، ثم عرضت له الجمعية بالاستعمال كالوصف حيث يكون عارضا بعد الوضع ، اعلم أن الجمع الأقصى إذا سمي به لا ينصرف عند المصنف ؛ لأن المعتبر فيه عنده أن في الأصل كما في الوصف ، فلا يضره زوال الجمعية بالعلمية لعروض الزوال. (رضي).

(٣) قوله : (تقديره أن يقال : قد تقضيت ... إلخ) يقال : تقضيت الإنسان إذا تخلص عن المضيق ، وتقضيت عن الديوان إذا خرجت منها ، وتقضيت عن الأشكال الواردة. (ص).

قيل : أشار بهذا التقدير إلى وجه تقديم حضاجر على سراويل ، وفيه وجه نظر أنه قدم سراويل على حضاجر أيضا ، يمكن أن يقال : قد تقضيت لكن مراد الشارح ليس هذا ، بل مراده بقوله : (قد تقضيت) أن السؤال الثاني ناشئ عن كون الجواب الأول مخصوصا بحضاجر ، وإلا فالسؤال فيهما واحد. (حلبي).

(٤) لأنه ليس بجمع في أصل وضعه ، بل مفرد محض ، وهذا الوزن لا يمنع الصرف بدون ـ


فأجاب (١) عنه : بأنه قد اختلف في صرفه ومنعه منه ، فهو (إذا لم يصرف وهو الأكثر) (٢) في موارد الاستعمال ، فيرد به (٣) الإشكال على قاعدة الجمع كما قلت : (فقد قيل) في التقصّي عنه (أنه) اسم (٤) (أعجمي) ليس بجمع لا في الحال ولا في الأصل ، لكنه (حمل) في منع الصرف (على موازنه) أي : ما (٥) يوازنه من الجموع العربية ك : (أناعيم ومصابيح) فإنه في حكمهما من حيث الوزن ، فهو وإن لم يكن من قبيل الجمع حقيقة لكنه (٦) من قبيله حكما ، فالجمعية على هذا التقدير أعمّ من أن تكون حقيقة أو حكما ، فبناء هذا الجواب على تعميم الجمعية لا على زيادة سبب آخر على الأسباب التسعة ، وهو الحمل على الموازن (وقيل) (٧) هو اسم (عربي) ليس بجمع تحقيقا ؛ لأنه اسم جنس يطلق على الواحد والكثير ، لكنه (جمع (سروالة (٨) تقديرا) وفرضا ، فإنه لمّا

__________________

ـ الجمعية ؛ لأن الشرط لا يؤثر بدون السبب ، فينبغي أن يكون سراويل منصرفا. (توقادي).

(١) قوله : (فأجاب ... إلخ) ظاهر الكلام يشعر بأن قوله : (بعيد) هذا هو الأكثر ، كونه مذهب الأكثر ، وتفسيره بقوله : (في موارد الاستعمال) يخالف لهذا ، فيكون بينهما تباين ، اللهم إلا أن يؤول قوله : اختلف في صرفه ، ومنعه منه ، فيستقيم. (جلبي).

(٢) قوله : (وهو الأكثر) اختلف في توجيه ، فقيل : المراد وهو مذهب الأكثر ، وقيل : أكثر الاستعمال ، واختار الشارح الأخير لما أنه ظاهر العبارة ، ولمقابلة قوله : (وإذا صرف) ؛ لأنه مناط كل صريح في الاستعمال في بيان المذهب. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (فيرد به الإشكال) أو يريد إن قوله : (وهو الأكثر) إشارة إلى أن السؤال ناشئ لغلبة منع الصرف على الصرف ؛ لأنه لو كان الصرف غالبا على عدم الصرف كان كأن لم يكن لندرته فلم يورد السؤال. (مصطفى حلبي).

(٤) قوله : (إنه اسم أعجمي) لما كان أعجمي موضع مقول قول قال ، ومقول القول لا يكون إلا جملة ، أوّله بالجملة ، وكذا قوله : (وقيل) وهو اسم عربي لكن تفنن في هذه العبارة. (بخاري).

(٥) يشير إلى أن اسم الفاعل عامل مضاف إلى مفعوله ؛ لاعتماده على الموصول المقدر على ما يوازيه سراويل ، ويشاركه في الوزن. (توقادي).

(٦) قوله : (لكنه من قبيله حكما ... إلخ) يريد به جواب سؤال أورده صاحب المتوسط فيه : إنه كان على المصنف أن يقول : إن موانع الصرف عشرة على الجواب الأول ، وهو الحمل على الموازنة ، وأن الجمع المانع عن الصرف تحقيقي وتقديري بناء على الجواب الثاني ولم يتعرض المصنف لهما ، وجوابه كما يرى. (حلبي).

(٧) ومن الجواب الأول يلزم كون الأسباب عشرة ، ومن الثاني يلزم كون الجمع على ضربين تحقيقي وتقديري كالعدل. (لمحرره).


وجد غير منصرف ومن قاعدتهم أنّ هذا الوزن بدون الجمعية لم يمنع الصرف ـ قدر حفظا لهذه القاعدة أنه جمع (سروالة) فكأنه سمى كل قطعة من السراويل سروالة ، ثم جمعت (سروالة) على (سراويل).

(فإذا صرف) أي : سراويل لعدم تحقق الجمعية تحقيقا. والأصل في الأسماء الصرف (فلا إشكال) (١) بالنقض به على قاعدة الجمع ، ليحتاج إلى التقصي عنه.

(ونحو : (جوار) (٢) أي : كل جمع منقوص على وزن (فواعل) يائيا كان أو واويا ك : (الجواري والدواعي) (رفعا وجرا) أي : في حالتي (٣) الرفع والجر (كقاض) أي :

__________________

(١) قوله : (جمع سروالة تقديرا) يعني : لم يستعمل المشهور سروالة ، فيقدر ليكون واحد سراويل ؛ لئلا ينتقض القاعدة ، وقيل بل هم جمع محقق ، قال الشاعر :

من اللوم سروالة فليس يرق المستضعف

فعلى هذا لا كلام في منع الصرف ، قال السيرافي : سروالة لغة في السراويل إذ ليس مراد الشاعر عليه من اللوم قطعة من فرق السراويل.

قال صاحب المتوسط : اعلم أن الأسباب المانعة من الصرف يلزم أن يكون عشرة بناء على الجواب الأول ، وأن الجمع المانع من الصرف تحقيقي وتقديري بناء على الجواب الثاني ، ولم يتعرض لهما في موضعهما ، وأجيب عن الأول بأن حمل الشيء على الشيء للاشتراك في الزنة لا يوجب أن يكون معدودا في أصول العلل ، وعن الثاني بأن المراد مطلق وهو يتناول التحقيقي والتقديري ولذلك لم يتعرض للتحقيقي والتقديري أولا ثم بين كونه مقصودا. (عافية شرح الكافية).

(٢) قوله : (فلا إشكال فيه) لأن هذا الوزن إنما يمنع الصرف إذا كان جمعا ، فلما انتفت الجمعية عنه صرف من غير إشكال ، فإن الإشكال في منع صرفه بدون الجمعية إن كان عربيا ، وبدون العلمية إن كان عجميا ، فيحتاج التفخيم ، قال في الشرح : وأما من قال : العلة كونه لا ينظر في الآحاد ، فلا إشكال عليه صرف أو لم يصرف ، وفيه بحث. (عوض أفندي).

(٣) نحو جوار ، يريد به ما كان جمعا لفاعلة معتل اللام كعوال على عالية ، ومواش جمع ماشية ونظائرهما ، اعلم أن البعض من النحاة ذهب إلى أن الإعلال في مثل هذا مقدم على وجود منع الصرف ؛ لقوة سببه وهو الاستثقال اللفظي الظاهر ، بخلاف سبب منع الصرف فإنه ضعيف ؛ لأنه المشابهة الخفة المعنوية ؛ أو لأن حكم الإعلال راجع إلى ذات الكلمة ، ومنع الصرف إلى حالها ، ولا شك في سبق الأول على الثاني ، وهذا اختيار سيبويه والزجاج كما صرح به بعض الأفاضل ، فيكون أصله جواري بالتنوين ، ثم أعل. (عوض).

ـ اعلم مثل جوار مثل قاض رفعا وجرا من حيث اللفظ بلا خلاف بين النحاة المحققين ، وأما من حيث التقدير ففيه خلاف. (مكمل).


حكمه حكم (قاض) بحسب الصورة (١) في حذف الياء عنه وإدخال التنوين (٢) عليه تقول: (جاءتني جوار) و (مررت بجوار) كما تقول : (جاءني قاض) و (مررت بقاض) وأمّا في حالة النصب فالياء متحركة مفتوحة نحو : (رأيت جواري) فلا إشكال في حالة النصب ؛ لأن (٣) الاسم غير منصرف ، للجمعية مع صيغة منتهى الجموع ، بخلاف حالتي الرفع والجر فإنه قد اختلف (٤) فيه (٥).

فذهب بعضهم : إلى أنّ الاسم منصرف والتنوين فيه تنوين الصرف ؛ لأن الإعلال (٦) المتعلق بجوهر الكلمة مقدم على منع الصرف الذي هو من أحوال الكلمة

__________________

(١) لأن الجمع إنما لم ينصرف إذا كان بعد ألف التكسير حرفان نحو مساجد ، أو ثلاثة أحرف أوسطها ساكن نحو مصابيح ، وليس ههنا بعد ألف التكسير حرفان ، ولا ثلاث أحرف ، فيكون جوار مثل كلام وسلام فيكونان منصرفان. (مكمل).

(٢) قوله : (بحسب الصورة) يعني : أن تشبيه جوار كقاض ليس بحسب الحقيقة ؛ لأن المشبه جمع والمشبه به مفرده ، بل بحسب الصورة والحكم ، أي : في حذف الياء وإدخال التنوين عليه. (حلبي).

(٣) وليس في جميع الأحوال كقاض ؛ لأنه منصرف في الأحوال الثلاثة بلا خلاف ، وجوار منصرف في حالتي الرفع والجر على الخلاف. (لمحرره).

(٤) متعلق بخبر لا ، لا علة له إذا كان الياء متحركة مفتوحة في حالة النصب بلا تنوين ، فلا إشكال واقع في حالة النصب ؛ لكون الاسم غير منصرف. (م).

(٥) لأن أصل جوار جواري ، وفيه موجب الإعلال وهو ثقل الضمة على الياء ، وموجب منع الصرف وهو الجمعية مع صيغة منتهى الجموع بغير هاء. (ج ب).

(٦) الجار مع المجرور نائب فاعل ، اختلف أي : وقع الاختلاف بين النحوين في أن جوار في حالة الرفع والجر غير منصرف ، أو منصرفة لفوات بعض الشروط وبقاء الجمعية حيث لم تزل. (توقادي).

(٧) قوله : (لإن الإعلال المتعلق بجوهر الكلمة متقدم) حاصله أنه يحصل بعد التركيب أمور ثلاثة يتعلق كل منها نفس الكلمة ، إلا أن الإعلال يتعلق بجوهر الكلمة ، بتغير جوهر الكلمة بخلاف الانصراف وعدم الانصراف فإنهما يتعلقان بجوهر الكلمة بعد تمامها يتغير بهما وصف الكلمة ، وما يتعلق بجوهر الكلمة سابق في الاعتبار على ما يتعلق بالكلمة بعد تمامها ، وإن كان موقوفا عليه متأخر عنه ؛ لأن الثقل نشأ منه ، والأصل في الإعراب هو الانصراف ، فبني الإعلال على الأصل فأسقطت الضمة للثقل ، فالتقى الساكن فحذفت الياء فصار جوار كسلام وكلام ، فلم يبق على صيغة منتهى الجموع ، فهو بعد الإعلال أيضا منصرف ، فلا يرد أنه لا إعلال في جوار نظر إلى نفسه ، بل بعد التركيب فهو متأخر عما يعرضه في التركيب عوض الياء المحذوفة أو ـ


بعد تمامها فأصل (١) (جوار) في قولك : (جاءتني جوار) (جواري) بالضم والتنوين ، بناء على أن الأصل في الاسم الصرف فبنى الإعلال على ما هو الأصل (٢) ثم سقطت الضمة للثقل والياء لالتقاء الساكنين فصار (جوار) على وزن (سلام (٣) وكلام) فلم يبق على صيغة منتهى الجموع فهو بعد الإعلال أيضا منصرف والتنوين فيه للصرف كما كان قبل الإعلال كذلك.

وذهب بعضهم (٤) : إلى أنه بعد الإعلال غير المنصرف (٥) ؛ لأن فيه الجمعية مع صيغة منتهى الجموع ؛ لأن المحذوف بمنزلة المقدر (٦) ، ولهذا لا يجري الإعراب على

__________________

ـ حركتها ، هذا مبني على اختلاف المذهبان. (وجيه الدين).

ـ ولأن الإعلال سبب قوي وهو الاستثقال المحسوس ، ومنع الصرف سببه ضعيف وهو مشابهة غير محسوسة. (عب).

(١) قوله : (فأصل جوار) إلى قوله : (بناء على أن الأصل في الاسم الصرف) فيه أن الصرف أيضا من أحوال الكلمة بعد تمامها ، فيتأخر عن الإعلال بناء على ما ذكر من أن الإعلال متقدم على ما يعرض على الكلمة بعد تمامها. (عصام).

(٢) أي : القاعدة المقررة في علم الصرف وهي أن الياء إذا انكسر ما قبلها وهي مضمومة منوية تثقل عليه الحركة والتنوين ، سيما في الجمع الممتد. (م).

(٣) قوله : (على وزن سلام) يعني : لم يبق فيه صيغة منتهى الجموع ، ويكون على وزن المفردات مثل فرازنة المشبهة بكراهية. (عصمت).

(٤) قوله : (ذهب بعضهم) يفهم منه أن من جعله غير منصرف يجعل الإعلال مقدما على منع الصرف ، سواء كان كالتنوين عوضا عن الياء أو عن الحركة ، وينفي أن يكون كذلك ؛ لأن منع الصرف لو كان مقدم على الإعلال يوجب الفتح حالة الجر ، والقول بأن الفتح في حكم الكسر ؛ لأنه بمعناه بعيد ، لكن من قال : إن التنوين عوض عن الحركة هو المبرد ، والمفهوم من كلام الرضي أن منع الصرف مقدم على الإعلال عنده ، وأصل جواري بالتنوين ؛ لأن الأصل في الاسم الصرف ، ثم جواري بحذفها وإثبات الحركة ، ثم جواري بحذف الحركة للاستثقال ، ثم جوار بتعويض التنوين عن الحركة ؛ ليخفف الثقل بحذف الياء للساكنين. (لارى).

(٥) وهو الأكثر كما كان قبل الإعلال غير منصرف ؛ لكون السبب الذي هو الجمعية ، والشرط الذي هو صيغة منتهى الجموع بغير هاء موجودين قبل الإعلال ، وإذا السبب والشرط ينبغي أن يكون غير منصرف ؛ لئلا يلزم إهدارهما ، وبعد إلا أيضا. (م).

ـ ولا يخفى أن كلام المصنف يناسب لهذا المذهب حيث قال : (رفعا وجرا كقاض) ، وفيه إشارة إلى أن ياء المحذوفة بمنزلة المقدر ، ولا ينقض فإنه دقيق. (هندي).

(٦) قوله : (لأن المحذوف بمنزلة المقدر) يفهم منه أن صاحب هذا المذهب يجعل الإعلال ـ


الراء ، والتنوين فيه تنوين (١) العوض فإنه لما سقط تنوين الصرف عوض عن الياء المحذوفة أو عن حركتها هذا التنوين ، وعلى هذا القياس في حالة الجر بلا تفاوت ، وفي لغة (٢) بعض العرب : إثبات الياء في حالة الجر كما في حالة النصب.

تقول : (مررت بجواريّ) كما تقول : (رأيت جواري) وبناء هذه اللغة على تقديم منع الصرف على الإعلال (٣) فإنه حينئذ تكون الياء مفتوحة في حالة الجر والفتحة خفيفة فما وقع فيه الإعلال وأما في حالة الرفع فأصل (جوار) (جواري) بالضمة بلا تنوين حذفت الضمة للثقل وعوض عنها التنوين ، فسقطت الياء لالتقاء الساكنين فصار (جوار) وعلى هذه اللغة لا إعلال إلا في حالة واحدة ، بخلاف اللغة المشهورة ، فإنه فيه الإعلال في الحالتين (٤) ، كما عرفت.

(التركيب) (٥) ...

__________________

ـ مقدما على منع الصرف ؛ لعدم كونه سببا ومسببا بل حذف لفظا فقط يكون ثابتا تقديرا. (عصمت).

(١) والتعويض عن الياء أولى ؛ لأن الياء حرف ، والتنوين حرف أيضا في تعويض الحرف عن الحرف أولى. (هندي).

(٢) وهي لغة قبيحة وعليه بيت الفرزدق :

ولو أن عبد الله مولى هجوته

ولكن عبد الله مولى مواليا

واستعمال الفرزدق لا يدل على فصاحتها وعدم قبحها ؛ لأن يحتمل أنه اختارها للهجو والتعريض بأنك من أهل اللغة القبيحة الخارجة عن الفصاحة ، ومنهم من قال : يحتمل أن يكون الياء المتكلم عن الألف للإشباع ، وفيه مزيد هجو ، وفيه أنه لا وجه حينئذ بحذف لام الكلمة ، ولك أن تقول : الألف عوض عن ياء المتكلم ، كما في ياء غلامي. (ع م).

ـ وهي قبيلة اختارها الكسائي وأبو زيد وعيسى بن عمرو.

(٣) لأن منع الصرف والإعلال واقعان في أخر الكلمة على التساوي. (لمحرره).

(٤) وبالجملة هنا ثلاثة مذاهب : الأول الصرف مطلقا قبل الإعلال أو بعده ، والثاني عدم الصرف بعد الإعلال ، والثالث قبل الإعلال غير منصرف وبعده منصرف فلم يبق يذهب إليه أحد. (طاشكندي).

(٥) قوله : (التركيب وهو) أي : التركيب المعهود في باب منع الصرف صيرورة الكلمتين لا مطلق التركيب ، فلا يرد لزوم زيادة ، ولا بد من اسمين كما زاده البيضاوي في مختصر الكافية ليخرج النجم وبصرى ؛ لأن تعريف التركيب بما عرفه الشارح يعني عن هذه الزيادة ، أي : قوله : (ولا بد من اسمين). (مصطفى حلبي). ـ


وهو صيرورة كلمتين (١) أو أكثر كلمة واحدة من غير حرفية (٢) جزء (٣) منه فلا (٤) يرد نحو : (النجم وبصريّ) علمين (شرطه العلمية) ليأمن من الزوال فيحصل له قوة فيؤثر بها في منع الصرف (وأن لا يكون بإضافة) (٥) لأن الإضافة تخرج المضاف (٦) إلى الصرف أو إلى حكمه ، فكيف (٧) يؤثر في المضاف (٨) إليه ما يضاده؟ أعني : منع الصرف (ولا

__________________

ـ يريد بالتركيب ما تقابل الأفراد حقيقة أو حكما ، فلا تركيب في النجم والصعق وضاربة ، فإنها بمنزلة كلمة واحدة وفي حكمها. (لمحرره).

(١) قوله : (صيرورة الكلمتين) يشير بهذا إلى كونه مصدر مجهول ؛ لأنه معلوم صفة ، فلزم تأويله كما ذكر في قوله : (العدل خروجه). (جلبي).

ـ قوله : (صيرورة الكلمتين ... إلخ) قصد به تعريف التركيب المعتبر في هذا الباب ، أعني : التركيب المزجي الذي هو نوع من مطلق التركيب ، إن أقسامه ستة : إسناد ، وإضافي ، وتوصفي ، وتعدادي ، ومزجي ، وصوتي ، فافهم (بعض الأفاضل).

(٢) قوله : (من غير حرفية جزء) ؛ إن قلت : اعتبار هذا القيد ، فما أريد بالتركيب من غير اعتبار نفي الإضافة والإسناد تحكم ، قلنا : الحرف لما كان شديد الالتصاق بالكلمة لم يظهر أثر تركيبهما فلم يعدد من جنس التركيب الذي يناسب أن يعد سببا بخلاف التركيب من الاسمين إسناديا كان وإضافيا ، ولما يوجد التركيب من الفعلين لم يحتج إلى نفيه بوجه. (لارى).

(٣) أي : من غير أن يكون أحد جزئيه أو أجزائه حرفا يفهم هذا الشرط من المثال ؛ لأن الحرف إذا لم يكن معربا بوجه ما ، وكان بناؤه لازما لزم نفيه ؛ لأن غير المنصرف لا يكون إلا في المعربات فلا يراد ... إلخ). (م).

(٤) قوله : (فلا يرد ... إلخ) وجه الورود أن الشرط المذكور يتحقق فيه فيكون غير منصرف ، وليس كذلك ولما اعتبر في مفهوم التركيب عدم جزئية الحرف فهما خارجان عن التركيب. (طاشكندي).

(٥) لأن التركيب الإضافي يوجب بخروج الاسم إلى حكم الصرف ، فكيف تؤثر في منعه. (هندي).

(٦) قوله : (يخرج المضاف إلى الصرف أو إلى حكمه) على اختلاف المذهبان في غير المنصرف ، فلا يجعل المنصرف غير المنصرف ؛ لأن الشيء الواحد لا يصلح أن يكون سببا للحكمين المتنافيين مثل : عمركم وعثماننا يكون منصرفا أو في حكمه. (وجيه الدين).

(٧) قوله : (فكيف تؤثر في المضاف إليه) أي : تركيب الإضافي في المضاف إليه ما يضاده ، أي : منع الصرف الذي تضاده الصرف إياه ، أو يضاد منع الصرف إياه فلا يرد عليه نحو مررت بغلام أحمد ، فإنه منصرف ، والمضاف إليه غير منصرف ؛ لانصرافه وعدمه ، وإن كانا حدين لكن لا يجتمع في رسم واحد حتى يلزم اجتماع المتضادين ، على أن الكلام على تقدير عليه المركب الإضافي تخرج للمضاف إلى الصرف ، إلا أنهم قالوا : المركب الإضافي علما ، كيف العلم في الإعراب ، ألا يرى أن عبد الله علما معرب بإعرابين. (حافظ الداشكندي).

(٨) قوله : (في المضاف إليه) إنما قال : في المضاف إليه ، ولم يقل في الجموع المركب من ـ


إسناد) لأن الأعلام المشتملة على الإسناد من قبيل (١) المبنيات نحو : (تأبّط شرا) (٢) فإنها باقية في حالة العلمية على ما كانت عليه قبل العلمية ، فإن التسمية بها إنما هي لدلالتها على قصة غريبة ، فلو تطرق إليها التغيير يمكن أن تفوت تلك الدلالة (٣) ، وإذا كانت من قبيل المبنيات فكيف يتصور فيها منع الصرف الذي هو من أحكام المعربات؟ فإن قلت : كان على (٤) المصنف أن يقول : وأن لا يكون الجزء الثاني من المركب صوتا ولا متضمنا لحرف العطف (٥) ليخرج مثل : (سيبويه ونفطويه) ومثل : (خمسة عشر وستة عشر) علمين. قلنا : كأنه (٦) اكتفى بذلك بما ذكره فيما بعد ، إنهما من قبيل المبنيات وأما الأعلام المشتملة على الإسناد فلم يذكر بناءها أصلا ، فلذلك احتاج إلى إخراجها (مثل : بعلبك)(٧) فإنه علم لبلدة مركب من (بعل) وهو اسم صنم ، و (بك) هو اسم

__________________

ـ المضاف والمضاف إليه ؛ لأن المضاف يعرب على الفظ ، فلا جرم يظهر تأثير التركيب في المضاف فقط. (وجيه الدين).

(١) قوله : (من قبيل المبنيات) عند جماعة منهم المصنف ، ومن قبيل المعربات المحكية عند جمع ، ولا يبعد حينئذ أن يحكم بعدم انصرافه ، وإن لم يكن أثره لفظا ، اعلم ما ذكره يخالف ما نقل الرضي عن المصنف في بحث المركبات إلا الإسنادي ليس معرب ولا مبني. (لارى ع ص).

(٢) لقب ثابت بن جابر النهمي سمي لأنه قد كان أخذ سيفا تحت إبطه ، فلقب بفعله ، فقيل : أين هو؟ أجيب تأبط شرا معناه في الأصل : أخذ تحت إبطه شرا فجعل علما لرجل أخذ تحت إبطه سيفا أو حية. (حلبي).

(٣) أي : الدلالة على القصة الغريبة فإن الدلالة عليها إنما تكون بجميع أحوالها وكلماتها التي كانت قبل التسمية بها. (توقادي).

(٤) قوله : (فلو كان على المصنف ... إلخ) قد عرفت أن التركيب على حرفية لا يرد عليه الاعتراض المذكور ؛ لأن الصوت ليس بعلمية ، والكلام في ضمن الكلمتين والجزء الثاني يتضمن الحرف فلا يصدق عليه قوله : (من غير حرفية جزء). (الداشكندي).

(٥) يعني أن يقول : التركيب شرطه العلمية ، وأن لا يكون بإضافة ولا بإسناد ولا صوتي ولا تعدادي ، حتى تكون القيود الخمسة أربعة منها تكون نفيا ، وواحد ثبوتا ، فتكون حينئذ مذكورة بأسرها ولا بد منها.(توقادي).

(٦) قوله : (كأنه اكتفى) إنما قال : كأن ؛ لأن المذكور فيما بعد مع بعده حكم لما يتضمن حرف العطف بالفعل لا لما يتضمن به بحسب الأصل ومن الجائز التخالف ولذا ذهب بعضهم إلى أن نحو خمسة عشر علما معرب غير منصرف ومن ههنا ينقدح جواب آخر هو إذا المصنف وافقهم في منع الصرف.

(٧) مثل بعلبك ؛ لانعدام علة البناء بالنقل لكن لما كان لفظ الجملة محكيا على حاله الأول للدلالة على القصد في الأصل بقي الجزء الأخير منها مشغولا ، كونه الأولى كالنصب في شرا فلم ـ


صاحب هذه البلدة ، جعلا اسما واحدا من غير أن يقصد بينهما نسبة إضافيّة أو إسناديّة ، أو غيرهما.

(الألف والنون) المعدودتان (١) من أسباب منع الصرف تسميان مزيدتين ؛ لأنهما من الحروف (٢) الزوائد ، وتسميان مضارعتين أيضا ، لمضارعتهما لألفي التأنيث في منع(٣)دخول تاء التأنيث عليهما.

وللنحاة (٤) خلاف في أن سببيتهما لمنع الصرف : إمّا كونهما مزيدتين ، وفرعيتهما للمزيد عليه وإمّا مشابهتهما لألفي التأنيث ، والراجح (٥) هو القول الثاني ، ثم أنهما (إن

__________________

ـ يمكن إعرابه لفظيا ؛ لتعذر اجتماع إعراب لفظين على كلمة واحدة فأعرب تقديرا. (عوض أفندي).

(١) الأولى المعدود بصيغة المفرد فإن المجموع الألف والنون سبب واحد ، ومعدود من أسباب منع الصرف ، فإن قلت : كونه معدودا أسباب منع الصرف وصف مشترك بين جميع الأسباب فما وجه تخصيص الألف والنون بهذا الوصف؟ قلت : لما ذكر سابقا في تعداد منع الأسباب بعبارة : والنون زائدة من قبلها ألف ، ولا يفهم من ذلك صريحا أن مجموع الألف والنون سبب واحد ، بل يتوهم منه أن السبب هو النون حال كونه زائدة من قبلها ، صرح ههنا بأن المراد من تلك العبارة هو مجموع الألف والنون ، فلهذا خصصه بهذا الوصف. (عصمت).

(٢) قوله : (من الحروف الزوائد) بالفعل فلو احتمل لفظ نونه الأصالة جاز صرفه كحسان ؛ لجواز أن يكون من الحسن ، كما جاز أن يكون من الحسن ، ويمنع حينئذ. (عب).

ـ أي : من الحروف التي يكون الحروف الزوائد منها غالبا ، وهي حروف اليوم تنساه. (وجيه الدين).

(٣) يعني : كما أن تاء التأنيث المتحركة لا تدخل على الاسم الذي فيه ألف التأنيث ؛ لامتناع اجتماع ألفي التأنيث ، كذلك لا تدخل على الاسم الذي فيه الألف والنون ؛ لأنه يلزم اجتماع الزيادتين في آخر الكلمة فتنعقد المشابهة ، حتى لو دخلت التاء عليهما تمتنع المشابهة فينصرف ذلك الاسم مثل سعدان وعريان. (م).

(٤) قوله : (وللنحاة خلاف) اختلف النحاة في سببيتهما لمنع الصرف ، فقال البصريون : المانع الزيادة المشبهة لألفي التأنيث لا نفي الزيادة ، وإلا لزم أن يمنع نحو : مسلمات علما ، وقال الكوفيون : المانع من الصرف نفس الزيادة ، وأن لها تأثيرا ؛ لأن المزيد فرع المزيد عليه ، ويلزمهم أن يمنعوا من الصرف نحو : غويت ، ولذا ترجح القول الأول. (وجيه الدين).

(٥) قوله : (والراجح هو القول الثاني) فإن قلت : هذا مخالف لما سبق من أن سببيته كل واحد من العلل التسع؛ لكونهما فرعا لشيء ، والألف والنون المزيدان فرع لما زيد عليه ، فإنه ـ


كانا في اسم) يعني به : ما يقابل (١) الصفة فإن الاسم المقابل للفعل والحرف إما أن لا يدل على ذات ما ، لوحظ معها صفة من الصفات ك : (رجل وفرس) أو يدل ك : (أحمر وضارب ومضروب) فالأول : (٢) يسمى اسما ، والثاني : صفة فالمراد بالاسم المذكور هاهنا هو هذا المعنى لا الاسم الشامل للاسم والصفة. (فشرطه) أي : شرط الألف والنون في منعهما من الصرف ، وإفراد الضمير (٣) باعتبار أنها سبب واحد ، أو شرط ذلك الاسم في امتناعه من الصرف (العلميّة) تحقيقا (٤) للزوم زيادتهما ، أو ليمتنع التاء فيتحقق شبههما بألفي التأنيث (كعمران أو) (٥) كانا (في صفة فانتفاء (٦) فعلانة) أي : إن كان الألف والنون في صفة فشرطه انتفاء (فعلانة) يعني : امتناع دخول تاء التأنيث (٧)

__________________

ـ يقتضي رجحان المذهب الأول ، قلت : لعل هذا سبب أن فائدة اشتراط انتفاء فعلانة أو وجود فعلى إذا كان الألف والنون في صفة إنما يظهر على المذهب الثاني دون الأول كما لا يخفى. (عصمت).

(١) قوله : (ما يقابل الصفة) الاسم قد يطلق ويراد به ما يقابل الفعل والحرف ، وقد يطلق ويراد به ما يقابل الكنية واللقب ، وقد يطلق ويراد به ما يقابل الصفة وهو المراد ههنا. (وجيه الدين).

(٢) بل يدل على ذات معينة كزيد وعمرو ، أو ذات غير معينة إما قائمة بذاتها كرجل وفرس وحجر ، وإما قائمة بغيرها كالعلم والطول. (م).

(٣) قوله : (وإفراد الضمير ... إلخ) فعلى هذا كان المناسب أن يقال : في منعه من الصرف بإفراد الضمير موافقا للمتن ، فإن قلت : ما وجه إيراد ضمير التثنية في قوله : (إن كانا في اسم) ، وإيراد ضمير الواحد في قوله: (فشرطه) ، وعدم جعلهما موافقين إفرادا وتثنية ، وعدم اختيار العكس؟ قلت : الألف والنون باعتبار الوجود أمران ، وباعتبار السببية أمر واحد ، فبالنظر إلى وجودهما أورد ضمير التثنية فقال : إن كانا في اسم ، وباعتبار السببية أورد ضمير المفرد فقال : شرطه العلمية. (ع ص).

(٤) قوله : (تحقيقا للزوم زيادتهما أو ليمتنع التاء) هذا بناء على الاختلاف السابق في أن سببيتهما لكونهما ؛ مزيدتين أو مشابهتهما لألفي التأنيث. (وجيه الدين).

(٥) قوله : (كعمران) فإنه غير منصرف للألف والنون والعلمية ، وينبغي أن يعلم أن المراد من الألف والنون ما ثبت بينهما التلازم ، بحيث لا يجوز انفكاك أحدهما عن الآخر بوجه ، فلا يلزم عدم انصراف المسمى بنحو : البحرين عند العلمية ؛ لعدم التلازم بينهما فيه ؛ لأن نونه دونه قد تسقط بالإضافة ، وألفه تنقلب ياء حال النصب والجر. (عوض أفندي).

(٦) شرط تلك الصفة في المنع أن لا يجيء مؤنثها فعلانة نحو سكران ، فإن مؤنثه لا يجيء سكرانة ، بل على سكرى ليتحقق مشابهتهما بما فيه ألف التأنيث أيضا ، من حيث امتناع دخول التاء فيها. (عافية).

(٧) قوله : (يعني امتناع دخول تاء التأنيث) أشار بهذا إلى أن في عبارة المصنف تجوز ، أي : من ـ


عليه ، لتبقى مشابهتهما لألفي التأنيث على حالها ولهذا انصرف (عريان) مع أنه صفة ؛ لأن مؤنثة (عريانة) ، (وقيل) : شرطه وجود (١) (فعلى) لأنه متى كان مؤنثة (فعلى) لا يكون فعلانه فتبقى مشابهتهما لألفي التأنيث على حالها (ومن ثمه) أي : ومن أجل المخالفة في الشرط (اختلف (٢) في رحمن) في أنه منصرف أو غير منصرف (٣) فإنه ليس له مؤنث ، لا رحمى ولا رحمانة ؛ لأنه صفة خاصة لله تعالى لا يطلق على غيره ، لا على مذكر ولا على مؤنث ، فعلى مذهب من شرط انتفاء (فعلانه) فهو غير منصرف وعلى مذهب من شرط وجود (فعلى) فهو منصرف (دون سكران) (٤) فإنه لا خلاف في منع

__________________

ـ قبيل ذكر الخاص وإرادة العام ، فلا يرد أن يقال : مؤنثه عريانة على وزن فعلانة بضم الحاء لا بفتحها ... مثل عمران. (حلبي).

(١) قوله : (وجود فعلى) لكونه مستلزما لانتفاء فعلانة ؛ لأنه لما وجد الفرق بين المذكر والمؤنث بوضع الصيغة لكل منهما لم يحتج فيه إلى التاء وعدمه ، وقيل : الأول أولى ؛ لأنه شرط بالذات ؛ لأن المشابهة المطلوبة إنما يتحقق به ، ووجود فعلى ليس شرطا لا بالذات بل لكونه مستلزما ، قلت : يحصل ذلك أن يكون شرطا بالذات ؛ لأنه يتحقق به المشابهة أيضا مع أن الوجه الذي يتحقق بانتفاءها بوجوده ، وذلك لما حصل به اختلاف صيغ المذكر والمؤنث تحقق المشابهة ؛ لأن هذا الاختلاف أحد وجوه المشابهة المعتدة بها. (عوض أفندي).

(٢) قوله : (اختلف في رحمن) قيل : لا معنى للاختلاف في هذا المفهوم المتردد ، بل هذا المفهوم المتردد متفق عليه ، بمعنى أن أحدهما متحقق ، قلنا : مراده أن صاحبي هذين القولين اختلفا ، فقال صاحب القول الأول : إنه غير منصرف ، وقال صاحب القول الثاني : إنه منصرف ، وذكر لفظ أو باعتبار عدم اجتماع الصرف ومنع الصرف ، فإن قلت : قواعد النحو مستنبطة من استعمال العرب ، فكيف اشتبه على علماء النحو استعمال كلمة رحمن حتى اختلفوا في منع صرف وعدمه؟ قلت : يجوز أن يكون استعمال كلمة رحمن دائما معرفا باللام ، أو مضاف أو منادى ، فلم يعلم النحاة حاله بأنه منصرف أو غير منصرف في استعمال العرب فاختلفوا فيه. (عصمت).

ـ فقال بعضهم : إنه غير منصرف ؛ لوجود شرطه وهو انتفاء فعلانة ؛ لأن الشرط عند ذلك البعض هو ذلك الانتفاء ، وقال بعضهم : إنه منصرف ؛ لانتفائه شرطه وهو وجود فعلى ؛ لأن الشرط عند ذلك ، وإنما لم يجيء منه فعلانة وفعلى ؛ لأنه لما كان مختصا بالله تعالى لم يتصور فيه تأنيث لا بالتاء ولا بالصيغة ، فامتناعه فيه ليس لأمر يرجع إلى اللفظ بل إلى الموصوف. (عافية).

(٣) قيل : وجود الشرط لا يستلزم وجود المشروط ، والأولى أن يحمل الاختلاف إلى الاستعمال ، وأجيب بأن لفظة الرحمن لم يستعمل عاريا عن اللام ، أو الإضافة فأبهم الاستعمال ، وأما ما جاء في تبارك رحمانا رحيما ، ومؤمّلا فغير معتد به ؛ لكونه من كلام المصنفين. (حلبي).

(٤) أي : لم يختلف في منع صرف سكران ؛ لوجود العلتين فيه معا ، وهما انتفاء فعلانة ـ


صرفه لوجود الشرط على المذهبين فإن مؤنثه (١) (سكرى) لا (سكرانه) (و) دون (ندمان) (٢) فإنه لا خلاف في صرفه ؛ لأنتفاء الشرط على المذهبين ؛ لأن مؤنثة (ندمانة) لا (ندمى) هذا إذا كان (ندمان) بمعنى النديم (٣) ، وأما إذا كان بمعنى النادم فهو غير منصرف بالاتفاق ؛ لأن مؤنثة (ندمى) لا ندمانه.

(وزن الفعل) وهو كون الاسم (٤) على وزن (٥) يعدّ من أوزان الفعل وهذا القدر لا

__________________

ـ ووجود فعلى ، فمنع الصرف بالاتفاق ، وأما قول بني أسد : سكرانة وعصيانة فلغة رديئة. (عوض أفندي).

(١) قوله : (فإن مؤنثه سكرى لا سكرانة) قد شرح في القاموس بمجيء سكرانة ، اللهم إلا أن يحمل على ما في الجوهري من أنه لغة بني أسد ، فالمراد عدم المجيء في اللغة المشهورة الفصحى ، وأما في تلك اللغة فهم يصرفون سكران صرح به أبو حيان. (عيسى الصفوي).

(٢) قال : ندمان لما كان المراد بندمان اللفظ كان علما غير منصرف ، فيبغي أن لا ينون ولا يكسرها إلا لمشاكلة المسمى. (لارى).

ـ قوله : (دون ندمان ، فإنه لاخلاف في صرفه ... إلخ) الأحسن أن يكون المعنى أنهم لم يختلفون في ندمان أصلا ، لا بمعنى النديم فإنهم اتفقوا على عدم صرفه فلا حاجة إلى تقييد كلام المصنف ، إلا أن الشارح مع عامة الشروح حتى شرح المصنف ، فحمل على ما كان بمعنى النديم ، والأحسن له أن يريد ما مر ، ويمكن حمل كلام الشارح عليه بكمال التكلف فأدركه. (عيسى الصفوي).

(٣) أي : الشريب من المنادمة في الشراب ، أما إذا كان بمعنى : النادم من ندم ندامة فهو غير منصرف ؛ لوجود الشرطين. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (وهو كون الاسم على وزن يعد ... إلخ) يشير بذلك إلى أن الإضافة في قوله : (وزن الفعل) محمولة على السببية لا على زيادتها ، وإلا لم يحتج إلى قوله : (فشرطه) وعلى هذا يرجع الضمير في قوله : (في أوله) إلى وزن الفعل من غير تأويل ؛ لأن المراد حينئذ من وزن الفعل الاسم الكائن على وزن يعد من أوزان الفعل ، كما أشار إليه بقوله أي : أوله وزن الفعل ، وقيل : الإضافة محمولة على زيادة السببية ؛ لأن السببية ليست إلا للفرعية ، ولا فرعية إلا فيما له زيادة اختصاص بالفعل ، وقوله : (شرط) محمول على شرط التحقق لا على الاشتراط ، فعلى هذا الضمير في أوله يرجع إلى وزن الفعل بالتأويل كما أشار إليه بقوله : (أو أول ما كان على وزن الفعل) فاعرف. (عند أفندي الكفوى).

(٥) لا شك أن الوزن هو الهيئة الحاصلة للفظ من ترتيب الحروف والحركات والسكنات ، فوزن الفعل هو هذه الهيئة الحادثة التي لها زيادة نسبة بالفعل ، وهي الكون ، بل الكون هو اتصاف اللفظ بهذه الهيئة ، إلا أنه لما عبر من أكثر العلل بالمعنى المصدري الدال على ذلك الاتصاف ؛ ليكون حالة قائمة بالاسم الغير المنصرف ، اختار ههنا أيضا هذا الأسلوب فتأمل. (عصمت).


يكفي في سببيّة منع الصرف بل ((شرطه) فيها أحد الأمرين : (إمّا أن يختص) في اللغة العربية (بالفعل) (١) بمعنى أنه لا يوجد في الاسم العربي إلا منقولا من الفعل (كشمّر) على صيغة الفعل الماضي المعلوم من التشمير ، فإنه نقل من هذه الصيغة ، وجعل علما للفرس ، وكذلك (بذّر) لماء و (عثّر) لموضع و (خضم) لرجل ، أفعال نقلت إلى الاسميّة ، وأما نحو : (بقّم) اسما لصبغ معروف ، وهو العندم و (شلّم) علما لموضع بالشام فهو من الأسماء العجمية المنقولة إلى العربية فلا يقدح (٢) في ذلك الاختصاص (و) مثل : (ضرب)(٣)على البناء للمفعول إذا جعل علما لشخص ، فإنه أيضا غير منصرف للعلمية ووزن الفعل وإنما قيدناه بالبناء للمفعول فإنه على البناء للفاعل غير مختص بالفعل ، ولم يذهب إلى منع صرفه إلا بعض النحاة (٤) (أو يكون) غير مختص به ، لكن يكون (في أوّله) أي : في أوّل (٥) وزن الفعل أو أول ما كان على وزن الفعل

__________________

(١) قوله : (بمعنى أنه لا يوجد ... إلخ) يشير إلى دفع ما يرد على قول المصنف : أن يختص بالفعل ؛ لأن معنى الاختصاص يوجد فيه ولا يوجد في غيره ، فاختصاصه بالفعل ينافي أن يوجد في الاسم ، فيلزم كونه لغوا ، فأول الشارح بما ترى أن الوجود في الاسم العجمي لا ينافي اختصاصه بالعربي إذ الوجود فيه بطريق العاربة ، وذلك لا ينافي الاختصاص. (حلبي).

(٢) أي : لا يضر ؛ لكونهما من أسماء العجمية ، ولكونهما من الأسماء العربية باستعمال العرب في كتبهم ، وإخراجهم في كتب العجم. (م ع).

ـ أي : يصدق على وزن بقم أنه وزن لا يوجد ذلك الوزن في الاسم العربي إلا منقولا من الفعل ، وتحقق ذلك الوزن في العربي لا يستلزم كون العجمي عربيا ، فظهر فائدة قيد العربي في تفسير الاختصاص. (حافظ).

(٣) واقتدر واستخرج وانكسر ونحوها مما لا يوجد في الاسم إلا منقولا وأعجميا ، نحو : بقم وشلم ، وإنما مثل بضرب ولم يمثل بمعروفه ؛ لأنه لو سمى بنحو : ضرب وأخرج معروفا ينصرف وهو اختيار الخليل ويونس وابن عمرو وغيره من النحاة ، وزعم عيسى أنه لا ينصرف. (هندي).

ـ الثلاثي المجرد المعلوم ، والرباعي المجرد المعلوم ، وباب المفاعلة المعلوم إذا كان علما ينصرف ، والباقي لا ينصرف سواء كان معلوما أو مجهولا. (شرح لباب).

(٤) وهو يونس وعيسى بن عمر ؛ إذ لا يشترطان الاختصاص به ، فيونس يمعنه مطلقا نحو : جمل ، وعيسى بن عمر يشترط أن يكون منقولا من الفعل ، فلا يصلح مثالا لمذهب الجمهور الذي بني المتن عليه. (وجيه الدين).

(٥) يعني : من الضمير في أوله يحتمل أن يكون راجعا إلى وزن الفعل ، أي : المستعمل في الاسم ؛ لأنه ذكر سابقا أو إلى الاسم الذي فيه وزن الفعل ، والمآل واحد. (وجيه الدين). فإن قيل : ـ


(زيادة) (١) أي : زيادة حرف أو حرف زائد من حروف (أتين) (كزيادته) (٢) أي : مثل:

__________________

ـ أول أحمر هي زيادة فيتحد الظرفان والمظروف ، قيل : بينهما عموم وخصوص ، والأعم يصلح مظروفا للأخص أو يراد أول حرفه الأصول ، أو يقال : معناه في أوله صفة الزيادة ، وقوله : (زيادة) أي : خبرية ، أو على حقيقة. (فاضل هندي).

(١) كل ما فيه علمية مؤثرة إذا نكر صرف ؛ لأن كل ما فيه علمية مؤثرة إذا نكر بقي بلا سبب ، أو على سبب واحد صرف ينتج ، أو كل ما فيه علمية مؤثرة إذا نكر صرف وصغرى هذا الدليل نظرية يحتاج علمية إلى البيان فبينها المصنف بأن قال : كل ما فيه علمية مؤثرة إذا نكر بقي بلا سبب ، أو على سبب واحد ؛ لأن كل ما فيه علمية مؤثرة إما أن يكون العلمية شرطا فيه ، أو تكون سببا محضا ، وما يكون العلمية شرطا فيه إذا نكر بقي بلا سبب ، وما يكون العلمية سببا محضا فيه إذا نكر بقي على سبب واحد ينتج أن كل ما فيه علمية مؤثرة إذا نكر بقي بلا سبب ، أو على سبب واحد ، إلا سيبويه منع الصغرى كما هو مستفاد من قول المصنف ، وخالف سيبويه الأخفش فمثل أحمر علما إذا نكر اعتبار الصفة الأصلية بعد التنكير بأن قال سيبويه : لا نسلم أن كل ما فيه علمية مؤثرة إذا نكر بقي على سبب واحد ، لم لا يجوز أن يعتبر الوصفية الأصلية بعد التنكير في نحو أحمر علما ، فإذا اعتبر الوصفية الأصلية بعد التنكير يكون الاسم غير منصرف للصفة الأصلية ، ووزن الفعل ، ثم إن الأخفش أبطل سند سيبويه كما دل عليه قول المصنف ، ولا يلزمه باب خاتم ، بأن قال الأخفش الوصفية الأصلية تعتبر بعد التنكير في نحو أحمر ؛ لأن الوصفية الأصلية لو اعتبرت بعد التنكير لزم أن يعتبر الوصفية الأصلية حال العلمية في باب حاتم ، ولو اعتبر الوصفية الأصلية حال العلمية في باب حاتم لزم أن يمتنع باب حاتم من الصرف ، ينتج أن الوصفية الأصلية لو اعتبرت بعد التنكير نحو أحمر علما ، لزم أن يمتنع باب حاتم من الصرف ، لكن اللازم باطل فالملزوم مثله ، فثبت أن الوصفية الأصلية لا تعتبر بعد التنكير في نحو أحمر علما ، فيكون نحو : أحمر بعد التنكير منصرفا ، ثم إن سيبويه أجاب الأخفش بمقتضى قول المصنف لما يلزم من اعتبار المتضادين بمنع صغرى ، دليل الأخفش بأن قال : لا نسلم أن الوصفية الأصلية لو اعتبرت بعد التنكير في نحو أحمر علما لزم الوصفية الأصلية حال العلمية في باب حاتم ، كيف لو اعتبر الوصفية الأصلية حال العلمية في باب حاتم لزم اعتبار المتضادين في حكم واحد ، لكن اللازم محال فالملزوم مثله ، فثبت أن الوصفية الأصلية لا تعتبر حال العلمية في باب حاتم ، بخلاف ما إذا اعتبر الوصفية الأصلية في نحو أحمر بعد التنكير ، فإنه لا يلزم اعتبار المتضادين في حكم واحد. وخذ التقريرات للمصحح في دار الطباعة ، السيد أحمد الحجاني القيصروي المدرس بدار السلطنة.

(٢) قال : زيادة كزيادته ، أو كالزيادة في أول الفعل المضارع كتغلب ويشكر وأحمد ، فإن وقع الاسم على هذا الوزن ولم يكن الحرف الأول منه زائدا كان منصرفا نحو : يفق وأولق ، فإن وزن الفعل فعلل في الأول ، ووزن الثاني فوعل دون أفعل ؛ لكون الهمزة فيهما أصلية. (عوض أفندي).


زيادة حرف أو حرف زائد من حروف (أتين) في أول الفعل (غير قابل) أي : حال كون وزن الفعل أو ما كان على وزن الفعل غير قابل (للتاء) لأنه يخرج الوزن بهذه التاء ، لاختصاصها بالاسم عن أوزان الفعل ، ولو قال (١) : غير قابل للتاء قياسا بالاعتبار الذي امتنع من الصرف لأجله لم يرد.

عليه (أربع) إذا سمى به رجل فإن لحوق التاء للتذكير فلا يكون قياسا ولا (أسود) فإن مجيء التاء في (أسودة) للحية الأنثى ليس باعتبار الوصف الأصلي الذي لأجله يمتنع من الصرف بل باعتبار غلبة الاسمية العارضة (ومن ثم) (٢) أي : ومن أجل اشتراط عدم قبول التاء (امتنع أحمر) عن الصرف لوجود الزيادة المذكورة مع عدم قبول التاء (وانصراف يعمل) لقبوله التاء لمجيء (يعملة) للناقة القوية على العمل والسير.

(وما فيه (٣) علمية مؤثرة) أي : كل اسم غير منصرف تكون فيه علمية مؤثرة في منع صرفه بالسببية المحضة أو مع شرطية سبب آخر واحترز بذلك عما يجامع ألفي التأنيث أو صيغة منتهي الجموع فإن كل واحد منهما كاف في منع الصرف لا تأثير فيه للعلمية (إذا نكّر) (٤) ...

__________________

(١) قوله : (ولو قال : غير قابل للتاء ؛ قياسا بالاعتبار الذي ... إلخ) قال الشيخ الرضي : إلحاق التاء بأسودة لا يضر ؛ لأنه عارض بسبب غلبة الاسمية ، والأصل أن يقول : في مؤنثة سواد ، ومنه يعلم أن المراد غير قابل بحسب الأصل ، ولا حاجة إلى التطويل بقولنا : بالاعتبار ... إلخ ، ثم إن المراد عدم القبول ولو لأجل العلمية ، حتى أنه جعل يعمل أو ما يقبل التاء علما ، امتنع ؛ لأنه بعد العلمية لا يدخل التاء ، صرح به في المتوسط وغيره، فلا تغفل فالمراد عدم قبول التاء بحسب الأصل ولأجل العلمية ، ويمكن إيراد أربع أيضا ؛ لأن دخول التاء ليس على الأصل. (عيسى الصفوي).

(٢) قوله : (ومن ثمة) قبل وجود الشرط لا يستلزم وجود المشروط ، قلنا : قد جرى عادة المصنفين من النحاة وغيرهم أن يجعل القاعدة المقررة المستنبطة شرطا تسهيلا على المتعلمين ، فكان انتفاء الشرط الذي ذكروه يستلزم انتفاء المشروط ، فيكون عادتهم إمارة لثبوت الحكم. (مصطفى حلبي).

(٣) بمعنى الذي عبارة عن الاسم الغير المنصرف ، والضمير المجرور يرجع إليه ، فالمعنى أن الاسم الغير المنصرف الذي وجد فيه علمية ... إلخ. (عوض أفندي).

(٤) تنكير العلم إما بإدخال رب أو كل أو لام التعريف ، أو بأن يقال : هذا زيد ، ورأيت زيدا أخرى ، أي : هذا مسمى بزيد ، وإما بأن يراد به الصفة التي اشتهر بها صاحب ، مثل أن يراد بالحاتم الجواد. (ح ع).


بأن يؤول العلم بواحد من الجماعة (١) المسماة به (٢) نحو : (هذا زيد) و (رأيت زيدا آخر) فإنه أريد به المسمى بزيد ، أو يجعل عبارة عن الوصف المشتهر صاحبه به : كقولهم : (لكل فرعون موسى) (٣) أي : لكل مبطل محق. (صرف لما تبين) أي : ظهر حين (٤) بين أسباب منع الصرف وشرائطها فيما سبق (من أنها) أي : العلمية (لا تجامع مؤثرة إلا ما) أي : السبب الذي (هي) أي : العلميّة (شرط فيه) وذلك في التأنيث بالتاء لفظا أو معنى ، والعجمة والتركيب والألف والنون المزيدتين (٥) ، فإن كل واحد من هذه الأسباب الأربعة مشروط بالعلميّة (إلّا العدل (٦) ووزن الفعل) استثناء مما بقي من الاستثناء الأول أي : لا تجامع (٧) مؤثرة غير ما هي شرط فيه إلا العدل ووزن الفعل ،

__________________

(١) المراد من الجماعة ما فوق الواحد ، فلا يراد أنه يوجب أن لا ينكر ، أي : بمفهوم صالح لأن يراد بها من الجماعة.

(٢) أي : بالعلم عدل عن عبارة القوم ، وهي أن يؤول بالمسمى به ، إشارة إلى أن قولهم : (لا يخلو عن المسامحة) ؛ لأن المسمى هو ، أو كلي غير محسوس ولا ملفوظ. (حلبي).

(٣) فإنه اشتهر المسمى كفرعون بالسحر وارتكاب الأباطل ، والمسمى بموسى بارتكاب ما هو طريق الصواب ، فجعل من العلمين بمنزلة اسم الجنس الدال على ما اشتهر به صاحبه فالمراد ، لكل جبار مبطل وعادل محق. (خوافي).

(٤) يعني : ظهر ضمنا في صدد بيان أسباب منع الصرف وشرائطها غير ما استثناه ، وهو أي : ما ظهر ضمنا العدل والوصف ووزن الفعل ، أما في العدل ووزن الفعل فقد علم من مثالهما ، لكن يشكل قوله : (فيما بعد) ، وخالف سيبويه الأخفش في نحو أحمر علما ؛ اعتبارا للصفة الأصلية ؛ لأنه يعلم من قوله : (اعتبارا للصفة الأصلية) أن العلمية لم تجامع الوصفية يكون معلقا. (مصطفى حلبي).

(٥) وعدّ صاحب المتوسط المعرفة منها فيكون خمسة ، قيل : عليه ترك ذكرها أولى ؛ لأن المراد من المعرفة في هذا الباب نفس العلمية ، فلا يتصور المغايرة بينهما حتى يصح معنى المجامعة. (عوض أفندي).

(٦) استثناء من مفهوم قوله : (إلا ما هي شرط فيه لا من منطوقة) ؛ لأنه لو كان من منطوقه لم يكن المستثنى منه عاما مع أن كون المستثنى عاما ، ومفهوم التأنيث والعجمة والألف والنون المزيدتان إن كان في اسم.(فوائد).

(٧) قوله : (أي : لا تجامع غيرما ... إلخ) فيه إشارة إلى مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة من أن للاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنياء ، وإلا يلزم التناقض في الكلام ، فعلى هذا معنى قولهم : (جاءني القوم إلا زيد ، جاءني غير زيد) فلا يرد أنه يلزم تعدد الاستثناء من أمر واحد ، ـ


فإن العلمية تجامعهما مؤثرة ، كما في (عمر وأحمد).

وليست شرطا (١) فيهما (٢) كما في (ثلاث وأحمر) ، أي : العدل ووزن الفعل (متضادّان) لأن الأسماء (٣) المعدولة بالاستقراء على أوزان مخصوصة ، ليس شيء منها من أوزان الفعل المعتبرة في منع الصرف (فلا يكون) أي : لا يوجد معها شيء من الأمر (٤) الدائر بين مجموع هذين الشيئين وبين أحدهما فقط (إلا أحدهما) فقط لا مجموعهما.

__________________

ـ بل عطف ؛ لأن الأول استثناء من المطلق ، والثاني من المقيد ، أي : بعد تقييد الحكم بالاستثناء الأول. (حلبي).

(١) وإنما قلنا : إن العلمية ليست بشرط في العدل ووزن الفعل ؛ لمنع الصرف العدل من غير العلمية في نحو : ثلاث ورباع ، ولمنع صرف وزن الفعل من غير العلمية في أحمر إذا كان صفة. (متوسط).

ـ إذ لو كانت شرطا فيهما لزم أن لا يتحقق العدل والوزن بدونها ، والثاني باطل ، فالمقدم مثله ملازمة فظاهر ، وأما بطلان التالي بدونه كما في ثلاث وأحمر ، وأن الشيء عام على العدل والوزن وعلى أحدهما معا ، وإنما قدر لصحة استثناء قوله : (إلا أحدهما وإلا). (ع ج).

(٢) قوله : (وهما متضادان) إشارة إلى جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : إذا لم يكن العلمية شرطا في العدل ووزن الفعل فجاز أن تكون كلمة فيها العدل ووزن الفعل والعلمية ، فإذا نكرت زالت العلمية ، ولم يزل العدل ووزن الفعل ؛ لأن العلمية ليست شرطا فيهما ، فإذا لم يصدق ما فيه علمية مؤثرة إذا نكر صرف ، وجوابه أن يقال : إن العدل ووزن الفعل متضادان إذا لا يجتمعان معا بالاستقراء ، فإذا لا يكون مع العلمية إلا أحداهما. (طاشكندي).

(٣) أشار بهذا إلى كونهما متضادين استقرائي لا عقلي ، والتضاد قسمان قسم لا يجتمعان ولا يرتفعان كالليل والنهار ، وقسم لا يجتمعان ويرتفعان كالسواد والبياض فإنهما لا يجتمعان لكن يرتفعان. (حلبي).

(٤) قوله : (لا يوجد شيء من الأمر الدائر ... إلخ) يشير إلى جواب ما أورده الهندي حيث قال : في هذا الاستثناء نظر ؛ لأنه إن أريد في معناه فلا يوجد سبب إلا أحدهما كان استثناء الكل من الكل ؛ لأن قوله : (أحدهما) لم يرد به معين ، فهو أيضا بمعنى منهما ، فيكون حاصله لا يوجد سبب منهما إلا سبب منهما إلا بسبب منهما ، انتهى. فأوله الشارح بهذا اللطيف ، والحاصل فيه شيئين أحدهما أي : أحد الأمرين وثانيهما مجموعهما أي : مجموع الأمرين ، فقوله : (إلا أحدهما) استثناء من أمر دائر بين مجموع هذين الشيئين وبين أحداهما فلا يرد ما قاله الهندي. (مصطفى حلبي).

ـ قوله : (أي : لا يوجد معها شيء ... إلخ) أي : لا يوجد مع العلمية أمر عام من الأمر ـ


(فإذا نكر) غير المنصرف الذي أحد أسبابه العلمية (بقي بلا سبب) أي : لم يبق فيه سبب من حيث هو سبب فيما هي شرط فيه من الأسباب الأربعة المذكورة ؛ لأنه قد انتفى أحد السببين الذي هو العلمية بذاتها ، والسبب الآخر المشروط بالعلمية من حيث وصف سببيته ، فلا يبقى فيه سبب من حيث هو سبب (أو على سبب واحد) (١) فيما هي ليست بشرط فيه من العدل ووزن الفعل هذا وقد قيل (٢) يرد على قوله : (وهما متضادان) أنّ (اصمت) بكسرتين علما للمفازة من أوزان الفعل مع وجود العدل فيه فإنه أمر من (صمت (٣) يصمت) ، وقياسه أن يجيء (٤) بضمتين فلما جاء بكسرتين علم أنه معدول عنه.

__________________

ـ العام الدائر بين مجموع السببين اللذين هما العدل ووزن الفعل ، وبين أحد السببين أعني : العدل ووزن الفعل ، إلا أحدهما ... إلخ ، يعني : لهذا الأمر العام فردان أحدهما مجموع السببين ، والآخر أحد السببين ، فالأمر العام دائر بين هذين الفردين ولا يوجد فرد من هذين الفردين مع العلمية إلا فرد واحد ، وهو أحدهما ، لا فرد آخر وهو مجموع السببين ، وفائدة هذا التفسير أنه لو لم يفسر بهذا الطريق لزم استثناء الشيء في نفسه ، وهو غير جائر. (مولانا سعيد).

(١) وذلك لأن جميع ما يكون العلمية فيه شرطا ، أو شرطا سببا خمسة أسماء : ما فيه الألف والنون من الأسماء ، فإن العلمية عند بعضهم شرط في قيام الألف والنون مقام سببين ، كقيام ألفي التأنيث ، وعند آخرين سبب لا شرط والعجمة والمؤنث بالتاء والمؤنث المعنوي والمركب ، فلو فرضنا اجتماع أكثرها في اسم كأذربيجان فإن منه العلمية والتأنيث والعجمة وأكثرى ، والألف والنون لزال تأثير جمعيها بزوال العملية ؛ لأن المشروط لا يؤثر بدون الشرط ، فيبقى الاسم منصرفا لا سبب فيه ، وجميع ما يكون العلمية فيه سبب المعدول من المعرفة ووزن الفعل ، وهما لا يجتمعان على ما تقدم ، فإذا نكر ذلك الاسم بقي على سبب واحد. (سيد عبد الله).

ـ أي : إذا نكر وفيه أحدهما ، بقي على سبب واحد وهو إما العدل ، وإما وزن الفعل ؛ لأن العلمية تزول بالتنكير. (نجم).

(٢) قوله : (وقد قيل) هذا البحث استدلال على عدم صحة الحكم الاستقرائي ، بأن العدل ووزن الفعل متضادان ، فإنه قد جمع بين العدل ووزن الفعل في اصمت بكسر الهمزة والميم ، فعلى هذا يصح قوله : والجواب بطريق المنع في مقابلته. (عصمت).

(٣) على الشذوذ من يصمت بضم العين ، وتعريف العدل لا يصدق على الشذوذ لما عرفت في بحث العدل من عدم إيراد جموع الشاذة على قاعدة العدل ، فاصمت ليس معدولا من اصمت بضمتين. (محمد أمين).

(٤) قوله : (أن يجيء بضمتين) ؛ لأنه إذا كان عين المضارع مضموما يجيء بهمزة الوصل في أمر ـ


والجواب (١) : أن هذا أمر غير محقق ، لجواز (٢) ورود (اصمت) بكسرتين وإن لم يشتهر ، فالأوزان التي تحقق فيها العدل تحقيقا كان أو تقديرا لم تجامع وزن الفعل ، وأيضا قد عرفت (٣) فيما تقدم أن مجرد وجود أصل محقق لا يكفي في اعتبار العدل التحقيقي بدون اقتضاء منع الصرف إياه ، واعتبار خروج الصيغة عن ذلك الأصل ، وهاهنا لا يقتضيه (٤) لوجود سببين في (اصمت) وراء العدل وهما العلمية والتأنيث.

ثم إنه أشار إلى استثناء مثل : (أحمر) علما إذا نكر عن هذه القاعدة على قول سيبويه بقوله : (وخالف سيبويه الأخفش) (٥) الأخفش (٦) المشهور هو : أبو الحسن تلميذ سيبويه ،

__________________

ـ ذلك الباب إتباعا لعين المضارع لأنه إذا فتحت يلتبس المضارع المتكلم وحده من ذلك الباب ، وإذا كسرت يلزم الخروج من الكسرة إلى الضمة ، وكلاهما غير جائز ، فلزم ضم الهمزة احترازا عنهما. (توقادي).

(١) والجواب أن اصمت الذي هو علم البرية ، من تصمت بكسر العين ، وهو لغة في تصمت بالضم ، وإن لم يشتهر فلا عدل فيه. (سيدي).

(٢) قوله : (لجواز ورود اصمت كسرتين) بناء على جواز ورود اصمت بالكسر ، ونحن نقول : اصمت علم للمفازة سميت بلفظ أصمت بضمتين مبالغة في شدة الخوف فيها ، بحيث يأمر كل صاحبه بالصمت ، ولا يمكن له حفظ لسانه عن الغلط من غاية الاضطراب ، فاصمت غلط لا معدول ، ولا مدفع للنقض بآخر ، فإنه معدول كأخر ومع ذلك فيه وزن الفعل إلا ما ذكره بقوله : (وأيضا قد عرفت فيما تقدم). (ع ص).

(٣) قوله : (وأيضا قد عرفت) به يندفع النقض بآخر على وزن الفعل ، حيث قيل : إنه معدول عما كان مع اللام ، أو الإضافة ، أو من. (لارى).

(٤) أي : لا يقتضي منع صرف اصمت بكسرتين العدل ، وإن كان الأصل موجودا محققا. (توقادي).

(٥) اعلم أن قوله : هذا بمنزلة الاستثناء عن قوله : (وما فيه علمية مؤثرة إذا نكر صرف) جواب عن سؤال مقدر تقديره لأن يقال : كل ما كان فيه صفة مع سبب آخر إذا نكر بعد التسمية كان غير منصرف عند سيبويه فلم لم يتعرض لإخراجه ، وأما تقدير الجواب فظاهر ، ثم إسناد المخالفة إلى سيبويه أولى على مذهب المصنف ؛ لكون مذهب الأخفش موافقا له ، فيكون نصبه حينئذ ظاهر على المفعولية. (عوض أفندي).

(٦) اعلم أن الأخفش ثلاثة أبو الخطاب أستاذ سيبويه ، وأبو الحسن سعيد بن سعد تلميذ سيبويه ، وأبو الحسن سعيد بن سليمان تلميذ المبرد وهو الأخفش الصغير ، ثم أبو الخطاب غير مراد ههنا ؛ لأنه نص في شرح المفصل : والمراد بالأخفش في هذه المسألة أبو الحسن هو تلميذ سيبويه. (غجدواني). ـ


ولما كان قول التلميذ أظهر مع موافقته لما ذكره من القاعدة جعله أصلا وأسند المخالفة إلى الأستاذ وإن كان غير مستحسن ، تنبيها على ذلك. (في) انصراف (نحو : أحمر (١) ، علما إذا نكّر) والمراد بنحو (أحمر) : ما كان معنى الوصفية فيه قبل العلمية ظاهرا غير خفي.

فيدخل فيه (سكران) وأمثاله ، ويخرج عنه (أفعل) التأكيد ، نحو : (أجمع) فإنه منصرف عند التنكير بالاتفاق لضعف معنى الوصفية فيه قبل العلمية ، لكونه بمعنى (كل) وكذلك (٢) (أفعل) التفضيل (٣) المجرد عن (من) التفضيلية ، فإنه بعد التنكير منصرف بالاتفاق لضعف معنى الوصفية فيه (٤) حتى صار (أفعل) اسما.

وإن كان معه (من) فلا ينصرف بلا خلاف (٥) ، لظهور معنى الوصفية فيه بسبب (من) التفضيلية (إذا نكر اعتبارا (٦) ...

__________________

ـ مشتق من خفش بفتحتين صغير العين وضعف في البصر ، وقد يكون الخفش علة في البصر يبصر الشيء بالليل ، ولا يبصره في غيم ، ولا يبصر في يوم صاح. (خلاصة مآخذ).

(١) لأن أحمر في الأصل وصف فإذا نكرته اتخذ حاله عرق الوصفية ووزن الفعل ؛ لأن كما كان ، وأما أجمع فليس بصفة بدليل أجمعون ، وأفعل صفة لا يجمع بالواو والنون ، لا يقال : أحمرون ، بل يجمع فعل ، كذا قال الإمام عبد القاهر. (مفصل).

(٢) أي : كأفعل التأكيد ، يخرج أفعل التفضيل لأنه ليس فيه معنى الوصفية. (رضا).

(٣) أراد بأفعل التفضيل المجرد عنها ما يكون مستعملا بمن التفضيلية ، إلا أنها يكون مقدرة غير ملفوظة مثل الله أكبر ، أي : الله أكبر من كل شيء ، لا ما استعمل باللام أو الإضافة ، فإنه منصرف علما كان أو لا. (خوالي)

(٤) لأنه إذا جرد عن من التبس بأفعل الاسمي الذي لا وصفية فيه ؛ لأن وصفية باب غير المنصرف مشروطة بكون من معه. (متوسط).

(٥) قوله : (بلا خلاف) كما إذا سمى رجل أفضل من أقرانه مثلا بأنه بعد التنكير غير منصرف بالاتفاق ، بسبب الوصفية ووزن الفعل ، فعلى هذا لا بد أن يكون مثل هذا الصورة مستثنى من القاعدة المذكورة بالاتفاق ، مع أنه داخل في المراد بنحو أحمر ، فيكون منصرفا عند الأخفش ، وغير منصرف عند سيبويه ، وليس كذلك بل غير منصرف بلا خلاف ، فلا بد أن يعتبر نحو : أحمر بما يكون الوصفية فيه قبل العلمية ظاهرة ، ولم يكن معه في اللفظ ما يكون نصا في وصفية بعد العلمية ، فتأمل حق التأمل. (عصمت).

(٦) قال : اعتبارا إن كان سيبويه فاعلا ، فقوله : (اعتبارا) مفعول له ، أو تمييز ، أو حال ذا اعتبار للصفة ، أو ظرف زمان ؛ لأن المصدر قد يجعل حينا ، أو مفعول مطلق بكون الاعتبار المذكور نوعا من المخالفة ، أو بحذف مضاف أي : خالف مخالفة اعتبارا للصفة ، وإن كان سيبويه ـ


للصفة الأصلية بعد التنكير) أي : إنما خالف (١) سيبويه الأخفش ، لأجل اعتباره الوصفية الأصلية بعد التنكير ، فإنه لما زالت العلميّة بالتنكير ، لم يبق مانع من اعتبار الوصفية ، فاعتبرها ، وجعله غير منصرف ، للصفة الأصلية وسبب آخر (٢) كوزن الفعل والألف والنون المزيدتين.

فإن قلت : كما أنه لا مانع من اعتبار الوصفية الأصلية لا باعث (٣) على اعتبارها أيضا فلم اعتبرها وذهب إلى ما هو خلاف الأصل فيه؟ أعني : منع الصرف.

قيل : الباعث على اعتبارها امتناع (أسود وأرقم) مع زوال (٤) الوصفية عنهما ،

__________________

ـ مفعولا يجوز ما ذكرنا من الوجوه ، لا كونه مفعولا له ؛ لعدم اتحاد الفاعل ، ويمكن حينئذ أن يكون بدل الاشتمال أيضا بحذف الضمير ، أي : خالف الأخفش سيبويه اعتباره. (هندي).

(١) فالخلاف راجع إلى الوصفية الأصلية بعد الحكم بزوالها بالعلمية ، هل معتبرة أم لا؟ فاعتبرها سيبويه ، ولم يعتبرها الأخفش. (شرح لباب).

ـ فالحاصل أن أحمر قبل العلمية غير منصرف للصفة ووزن الفعل ، وكذلك بعدها للوزن والعلمية لا للوصفية لزوالها بها اتفاقا ، وأما بعد التنكير ففيه خلاف بين سيبويه والأخفش ، قال سيبويه : إنه غير منصرف أيضا ؛ لاعتبار الوصف الأصلي بعده ؛ لأن المانع عن اعتباره هو العلمية وهو قد زالت بالعلمية ، وهي بالتنكير فيبقي على سبب واحد فصرف ؛ لعدم اعتبار الوصف بعده ؛ لكون حق الزائل أن لا يعتبر ، وأما القياس بنحو أسود وأرقم ففاسد ؛ لأن بينه وبين المبحوث عنه فرقا ظاهرا ، وهو أن شائبة الوصفية باقية فيه بعد التسمية لما ذكر في بحث الوصف ، بخلاف أحمر بعد العلمية فإنها ليست باقية فيه بعدها ، فلا يلزم من اعتبارها في أحدهما اعتبارها في الآخر ، وبهذا يندفع ما يقال : هذا يستلزم صرف ما يمنع منه من الصفات التي غلبت الاسمية عليها مع وجود الاتفاق على منعه. (عوض أفندي).

(٢) الظاهر أنه عطف على وزن الفعل ، وفيه أن الألف والنون ليسا سببا لانتفاء شرطه وهو العلمية ، ويمكن أن يقال : إنه عطف على سبب واحد ، أي : فلم يبق إلا سبب واحد وهو وزن الفعل في نحو : أحمر ، أو لم يبق الألف والنون في نحو : سكران ، وهو ليس بسبب ، لكن لا يخلو عن بعد ، فالظاهر أن يقول : فيبقى بلا سبب وعلى سبب واحد. (خوافي).

(٣) هذا هو المشبه تقديره فإن قلت : لا باعث ههنا بعد التنكير على اعتبار الوصفية ؛ لأن الأصل في الاسم الصرف كما إن لا مانع بعده من اعتبارها لزوال العلمية.

(٤) مع زوال الوصفية عنهما يعني : أسود وأرقم ، حال غلبة الاسمية زائل الوصفية مع أنهم اعتبروها وجعلوا أسود وأرقم غير منصرف ؛ للوصفية ووزن الفعل ، فاعتبارها بعد العلمية أولى. (عصمت).


حينئذ (١) وفيه بحث ؛ لأن الوصفية لم تزل (٢) عنهما بالكلية بل بقي فيهما شائبة من الوصفية ؛ لأن الأسود اسم للحيّة السوداء والأرقم للحيّة التي فيها سواد وبياض ففيهما شمّة من الوصفية ، فلا يلزم من اعتبار الوصفية فيهما اعتبارها في (أحمر) بعد التنكير ؛ لأنها قد زالت عنه بالكلية وأمّا (الأخفش) (٣) فذهب إلى أنه منصرف ، فإن الوصفية قد زالت عنه والعلمية بالتنكير والزائل لا يعتبر من غير ضرورة (٤) ، فلم يبق فيه إلا سبب واحد وهو وزن الفعل أو الألف والنون المزيدتان ، وهذا القول أظهر ولما اعتبر سيبويه (٥) الوصف الأصلي بعد التنكير (٦) وإن كان زائلا لزمه أن يعتبره (٧) في حال

__________________

(١) أي : حين غلبة الاسمية على الوصفية ، يعني : قاس سيبويه اعتبار الوصفية في نحو : أحمر بعد التنكير على اعتبارها في أسود وأرقم اسمين للحية ؛ لزوال الوصفية في كلا التسمين. (حاشية).

(٢) قوله : (لم تزل عنهما) بالكلية يعني : أن قياس أحمر بعد التنكير على أسود وأرقم حال غلبة الاسمية قياس مع الفارق ، وهو أن في أسود وأرقم حال غلبة الاسمية شائبة الوصفية باقية ، ولم تزل الوصفية الأصلية بالكلية ، وهي باعثة لاعتبار الوصفية الأصلية ، وأما في نحو : أحمر حال العلمية فليس فيه شائبة من الوصفية حتى يعاد بعد التنكير ، بأن يراد فرد ممن يسمى بهذا الاسم ، وأيضا ليس فيه شائبة من الوصفية التي كانت في الاسم بحسب الوضع ، فلم يصح القياس على أسود وأرقم. (عصمت الله).

(٣) قال الرضي : قال الأخفش في كتاب الأوسط : إن خلافه في نحو : أحمر إنما هو في مقتضى القياس ، وأما السماع فهو على منع الصرف. (عبد الغفور).

(٤) ولا ضرورة ههنا ؛ لأن الأصل في الاسم المعرب الصرف ، وأجيب عنه بأن الساقط لمانع يعتبر بعد زوال المانع ، وإن لم يكن فيه ضرورة. (م).

(٥) قوله : (ولما اعتبر سيبويه ... إلخ) يعني : اعتبر سيبويه الوصف الأصلي مع كونه زائلا ؛ لأصالته ، يلزمه أن يعتبر في حال العلمية ؛ لوجود الأصالة فيه ، وحاصل الجواب أنه لم يعتبر لأجل مانع ، وإن كانت علة الاعتبار موجودا ، فإن العلم المخصوص دليل التضاد ، يعني أن العلمية كون اللفظ موضوعا لذات مع اعتبار خصوصية ، ويقينية ، والوصفية كون اللفظ موضوعا لذات ما باعتبار المعنى كأحمر. (وجيه الدين).

(٦) أشار الشارح بهذا إلى قول المصنف : (ولا يلزمه) جواب السؤال ورد من قبل الأخفش لسيبويه ، على أن يكون الواو فيه للاستئناف. (توقادي).

(٧) الأولى أن يقال : يتوهم اعتباره حال العلمية ، أو يقال : كان مظنة أن يعتبره حال العلمية ، فإن اللزوم ليس في نفس الأمر ، ولا يناسب أيضا بالجواب بقوله : (ولا يلزمه باب حاتم).(عصمت).


العلمية أيضا فيمتنع نحو : (حاتم) من الصرف للوصف الأصلي والعلمية فأجاب عنه المصنف بقوله : (ولا يلزمه) (١) أي : سيبويه ، من اعتباره الوصفية الأصلية بعد التنكير في مثل : (أحمر) علما (باب حاتم) (٢) أي : كل كان علم في الأصل وصفا (٣) مع بقاء العلميّة ، بأن اعتبر فيه أيضا الوصفية الأصلية ، وحكم بمنع صرفه للعلمية والوصفية الأصلية (لما يلزم) (٤) في (باب حاتم) على تقدير منعه من الصرف (من اعتبار المتضادين) (٥) يعني : الوصفية والعلميّة فإن العلم للخصوص والوصف للعموم (في حكم واحد) وهو منع صرف لفظ واحد بخلاف ما إذا اعتبرت الوصفية الأصلية مع

__________________

(١) هذا جواب عن إلزام الأخفش لسيبويه في اعتبار الصفة بعد زوالها ، وتقدير أن الوصف الأصلي لو جاز اعتباره بعد زواله ؛ لكان حاتم علما غير منصرف ؛ إذ فيه العلمية الحالية والوصفية الأصلية ، فأجاب المصنف من سيبويه إن هذا الإلزام لما يلزم ؛ لأن حاتم بالمنع اعتبار ذلك الوصف الزائل بخلاف أحمر المنكر ، ذلك المانع اجتماع التضادين وهما الوصف والعلمية ؛ إذ الوصف يقتضي العموم والعلمية الخصوص ، وبينهما تنافء. (شيخ الرضي).

ـ جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال : لو كانت الصيغة الأصلية معتبرة بعد العلمية في أحمر لكانت معتبرة في مثل حاتم ، إذا سمي به ؛ لكونه وصفا في الأصل ، ولو كانت الوصفية معتبرة لكان حاتم غير منصرف للعلمية والوصفية الأصلية ؛ لكنه ليس كذلك فلم يكن الصفة الأصلية معتبرة. (متوسط).

(٢) قوله : (باب حاتم) وهو كل اسم كان في الأصل صفة مثل قائم وضارب ومضروب وغير ذلك. (قفاعي).

ـ وإنما لم يعتبر الوصفية في باب حاتم ؛ لمانع خاص وهو أنا نعلم أن الوصفية تنافي العلمية في المعنى ؛ لأن العلمية وضع الشيء لمدلول بعينه لا يتجاوزه ، والوصفية وضع شيء لمن قام به ذلك المعنى مطلقا ، فكيف يكون الشيء مختصا غير مختص ، فامتنع لامتناع اعتبار المتضادين في حكم واحد ، وهو منع الصرف ، فلما نكر زال المانع لاعتبار الوصفية ، فاعتبرت لزوال المانع ، فوافقت علة أخرى فوجب منع الصرف لذلك. (شرح المصنف).

(٣) بأن كان في الأصل اسم فاعل كحاتم ، أو اسم مفعول مثل محمد ، أو الصفة المشبهة كحسن وكريم وغيرها ، لما كان في الأصل صفة ثم جعل علما. (م).

(٤) أي : سيبويه الجار متعلق بنفي الفعل لا بالفعل المنفي ، وإلا يتوجه النفي إلى القيد ، ويبقى أصل الفعل مثبتا فبعد المعنى. (هندي).

(٥) وفي هذا المقام احتياج إلى علم الحكمة في أقسام التقابل ، والمتضادان شيئان لا يجتمعان كالليل والنهار. (محمد).


سبب آخر كما في (أسود) و (أرقم) ، فإن قلت : التضاد إنما هو بين الوصفية المحققة والعلمية لا بين الوصفية الأصلية الزائلة والعلمية ، فلو اعتبرت الوصفية الأصلية والعلمية في منع صرف مثل : (حاتم) لا يلزم اجتماع المتضادين. قلنا : تقدير أحد الضدين بعد زواله مع ضد آخر في حكم واحد ، وإن لم يكن من قبيل اجتماع التضادين لكنه شبيه به (١) ، فاعتبارهما معا غير مستحسن.

(وجميع الباب) (٢) أي : باب غير المنصرف (باللام) (٣) أي : بدخول لام التعريف عليه (أو الإضافة)

أي : إضافته إلى غيره (ينجرّ) أي : يصير مجرورا (بالكسر) ، أي : بصورة (٤) الكسر لفظا أو تقديرا ، وإنما لم يكتف (٥) بقوله : (ينجرّ) لأن الانجرار قد يكون بالفتح ، ولا

__________________

(١) قوله : (لكنه شبيه ... إلخ) لا يخفى عليك أن سوق الدليل قبل إيراد السؤال بقوله : (فإن قلت) : وجوبه أن للزوم أي : اعتبار متضادين في حكم واحد باطل ، وينقض جوابه أن اعتبار الوصفية حال العلمية غير مستحسن. (بخاري).

(٢) أي : جميع عنوان أفراد هذا الباب وهو غير منصرف ، وإنما صرح الشارح بباب غير المنصرف ؛ لئلا يتوهم أن المراد باب ما فيه علمية مؤثرة. (عصمت).

(٣) قوله : (باللام وبالكسر) كلاهما متعلق ب : ينجر ، الباء الأول للسبية ، والثاني للمصاحبة ، إن كلا منهما بمعنى واحد ؛ لامتناع تعلق حرفيته يكون بمعنى واحد بدون تحلل عاطفه لا بعامل واحد. (سعد الله).

(٤) إما إشارة إلى حذف المضاف وإلى التجوز ، حيث أراد بالكسر صورة بطريق الاستعارة ؛ لأن الكسرة بلا تاء من ألقاب البناء عند العربيين ، ولو قال : بالكسرة بالتاء لا يحتاج إلى ارتكاب الحذف والتجوز هذا. (مصطفى حلبي).

(٥) قوله : (وإنما لم يكتف ... إلخ) جواب سؤال مقدر ، وهو أن يقال : لا فائدة للتقييد بقوله : (بالكسر) ولم يكتف بقوله : (ينجر) ، أو بقوله : (ينكسر) ، وتقرير الجواب أن هذا القيد مناط الفائدة ؛ لأن غير المنصرف بغير اللام لا ينجر بالفتحة ، كما كان منجرا بها قبل دخولهما ، وإن الكسر من ألقاب البناء ، فكيف ينكسر غير المنصرف به (وجيه الدين).

ـ قوله : (أي : بصورة الكسر) فرقوا بين الكسر بلا تاء ، وبين الكسر مع التاء ، فجعلوا الكسر بلا تاء من ألقاب البناء ، وعمموا الكسرة مع التاء في الحركة الإعرابية والبنائية ، فالمناسب بهذا أن يقول المصنف : ينجر بالكسرة مع التاء ، فأصلحه الشارح بقوله : (أي : بصورة الكسر).(عصمت).


بأن يقول : ينكسر (١) ؛ لأن الكسر يطلق على الحركات البنائية أيضا.

وللنحاة خلاف في أن هذا الاسم في هذه الحالة منصرف أو غير منصرف ، فمنهم : من ذهب إلى أنه منصرف مطلقا (٢) ؛ لأن عدم انصرافه إنما كان لمشابهته الفعل ، فلما ضعفت (٣) هذه المشابهة بدخول ما هو من خواص الاسم أعني : اللام (٤) أو الإضافة. قويت جهة الاسمية ، فرجع إلى أصله الذي هو الصرف فدخله الكسر دون التنوين (٥) ؛ لأنه لا يجتمع مع اللام أو الإضافة.

ومنهم : من ذهب إلى أنه غير منصرف مطلقا ، والممنوع (٦) من غير المنصرف

__________________

(١) ولو اكتفى بقوله : (ينكسر) لتوهم أن غير المنصرف حال دخول اللام عليه والإضافة يكون مبنيا ، وليس كذلك ؛ لأن دخول اللام أو الإضافة عليه ليس من أسباب البناء حتى في هذه الحالة. (م).

(٢) سواء كانت العلتان باقيتين مع اللام أو الإضافة ، أو زائلتين ، أو إحدهما زائلة ، والآخر باقية ، وإنما قال : مطلقا ؛ لينظر مقابله مع القسم الثالث. (م).

(٣) قوله : (فلما ضعف ... إلخ) اعترض عليه بأن الإسناد إليه أيضا من خواص الاسم ، مع أن غير المنصرف لا ينجر به ، وأجيب بأن اللام والإضافة يؤثران في اللفظ والمعنى من حيث أنهما يجعلان النكرة معرفة ، وسائر الخواص ليست كذلك. (وجيه الدين).

(٤) دون سائر الخواص كالفاعلية والمفعولية ، قيل : وجه ذلك أنهما مغيرتان لمدلول الاسم ، بخلاف البواقي. (لارى).

قوله : (أعني اللام والإضافة) لك أن تقول : يدخل عليه خواص أخر كالإسناد إليه والفاعلية ونحوهما ، وحكم المنع بحاله ، فلم خصّصه خاصة بذلك ، وقيل : وجهه أنها مغيرتان لمدلول الاسم دون غيرهما فتأمل. (عيسى الصفوي).

(٥) فعدم دخول التنوين لا لكونه غير منصرف ؛ لعدم اجتماعه مع اللام والإضافة. (م).

(٦) قوله : (والممنوع من غير المنصرف) وذلك ؛ لأن غير المنصرف لما شابه الفعل بسب الفرعيتين منع منه التنوين الذي منع الفعل مطلقا ، فإن الفعل لا يقبل التنوين أصلا ، بخلاف الكسر فإنه قد يكسر ، لكن منع من غير المنصرف تنوين التمكن الذي يدل على أمكنة الكلمة للحركات الثلاث الإعرابية ما يسبب أن يمنع منه إحدى الحركات ؛ ليكون لمنع التنوين فائدة ومعنى ، فاختاروا الكسرة على علامة الجر الذي ليس في الفعل ، فمنع الكسر بتبعية منع التنوين. (عصمت).

ـ قوله : (لأن الكسر يطلق على الحركات البنائية أيضا) ، ولو كان أحدهما على سبيل المجاز ، فلو اكتفى به لم يعمل أنه معرب ، والوجه أن يقول : على الحركة إلا أن يريد أحدهما ، أو إفرادها في الكلمات ، ثم يقول : الأولى أيضا ؛ ليفيد أنه لو اكتفى بالكسر لتبادر البناء ، على ـ


بالأصالة هو التنوين وسقوط الكسر إنما هو بتبعية التنوين وحيث (١) ضعفت مشابهته للفعل لم تؤثر إلا في سقوط التنوين دون تابعه الذي هو الكسر ، فعاد الكسر إلى حاله ، وسقوط التنوين (٢) ، لامتناعه من الصرف ، ومنهم من ذهب إلى أن العلتين إن كانتا باقيتين مع اللام أو الإضافة كان الاسم غير منصرف وإن زالتا معا أو زالت إحداهما كان منصرفا ، وبيان ذلك : إن العلمية تزول باللام أو الإضافة فإن كانت العلمية شرطا للسبب الآخر زالتا معا ، كما في (إبراهيم) وإن لم تكن شرطا كما في (أحمد) زالت بإحداهما وإن لم تكن هناك علمية كما في (أحمر) بقيت العلتان على حالهما وهذا القول أنسب بما عرف به المصنف غير المنصرف.

(المرفوعات)

(المرفوعات) (٣) ...

__________________

ـ أنه لو أطلق على حركة الإعراب كما هو المفهوم من أيضا لم يحتج إلى قوله : (أي : بصورة الكسر) فتأمل ، إلا أن يكون المراد من التفسير أن هذا الإطلاق ليس على الحقيقة فتأمل. (عيسى).

(١) قوله : (وحيث ضعفت ... إلخ) ، قيل في توجيه عدم سقوط الكسرة : إن التنوين كالثابت لوجود خلف وهو اللام والإضافة ، أو أنه محذوف لا لمنع الصرف بل للإضافة واللام ، وفيه أنهم صرحوا بأن الإضافة في حواج بيت الله ، معاقبة للتنوين المقدر. (عب).

(٢) قوله : (وسقوط التنوين ... إلخ) هذا خلاف الظاهر مع وجود اللام المحسوس ، ويرد عليه أن ضعف المشابهة مع أصالة الانصراف تعين الانصراف ، كما أن وجود إحدى التعين ؛ لضعفه لا يجعل الاسم غير منصرف ، ثم إن هل لهذا الخلاف ثمرة أم لا قيل : لا ثمرة ، وأقول : بل فيه ثمرة ؛ لأن من قال : يعلم الانصراف يجوز قبح منعه لتوهم القبح فيه ، ونظيره في كلام العرب كثير. (طاشكندي).

(٣) فإن قيل : المرفوعات جمع المرفوعة لا جمع المرفوع ، قلنا : إذا جمع غير العقلاء جمع السلامة يجمع بالألف والتاء لا مع الواو ؛ لأن الواو مخصوص بالعقلاء ، فإذا يكون واحدها مرفوع لا مرفوعة. (رضا).

ـ قوله : (المرفوعات) إما مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أو بالعكس ، أي : هذا باب المرفوعات، أو المرفوعات هذه ، أو مجرور بتقدير : هذا بحث المرفوعات بحذف المضاف وإبقاء المضاف إليه بإعرابه كما في قوله تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ)[الأنفال : ٦٧] ، بكسر التاء على قول ، وإما موقوف للفصل لا محل له من الإعراب ، واللام فيه ـ


جمع المرفوع لا المرفوعة ؛ لأن موصوفه (الاسم) وهو (١) مذكر لا يعقل ، ويجمع هذا الجمع مطردا صفة المذكّر الذي لا يعقل كالصّافنات للذكور من الخيل و (جمال سبحلات) (٢) أي: ضخمات وكالأيام (٣) الخاليات (هو) (٤) أي : المرفوع (٥) الدال عليه المرفوعات ؛ لأن التعريف إنما يكون للماهية لا للأفراد (ما اشتمل) (٦) أي : اسم اشتمل (على علم الفاعليّة) أي : علامة (٧) كون الاسم فاعلا وهي الضمة والواو والألف.

__________________

ـ إما لاستغراق جميع أنواع المرفوع ، أو للجنس ، والحقيقة بأن يكون مبطلا للجمعية بقرنية مقام التعريف ، أو للعهد الخارجي ، أي : المرفوعات المعهودة المفهومة فيما سبق ، وأنواعه رفع نصب وجر. (مصطفى حلبي).

(١) قوله : (وهو مذكر لا يعقل) ناظر إلى قوله : (لا المرفوعة) ، وهذا القول أيضا إيماء إلى أنها يجمع بالألف والتاء ، فكأنه ظن في باديء الرأي : أن هذا الجمع مخصوص بمؤنث العقلاء ، فأشار بقوله : (ويجمع هذا الجمع ... إلخ) إلى أن المذكر الذي لا يعقل يجمع أيضا بالألف والتاء ، على الاطراد ؛ لمشابهة هذا المذكر بالتاء في الجملة ، في كونهن ناقصات العقل. (جلبي).

ـ قوله : (وهو مذكر لا يعقل) ويعتبر فيه أن بعض الأسماء مؤنث ، وبعضها يعقل ، وجواب أن المراد بالمذكر ما يقابل المؤنث الحقيقي ، أي : ما فيه بإذائه ذكر من الحيوان والأسماء ، وعبارة عن الألفاظ ليست بإزائها ذكر من الحيوان ، فاندفع الأمران ، فعلم ذلك ، وإنما قال : هذا ؛ لأن دعوى السلب يتم بالكلام السابق ، ودعوى الإيجاب لا يتم إلا بهذا الكلام. (طاشكندي).

(٢) بكسر السين وفتح الباء وسكون الحاء جمع سبحل على وزن قطر ، العظيم الجسد من البعير والضب والجارية. (رضا).

(٣) والأيام الخاليات مجاز ؛ لأن خلا المكان بمعنى مات أو مضى ، على ما في القاموس ، وتخلية المكان بالموت أو المضي ليس حال الأيام ، بل على حال ما فيها. (عصمت).

(٤) قال المصنف في شرح المفصل : كل لفظين وضعا لذات واحدة أحدهما مؤنث والآخر مذكر وسطها ضمير ، جاز تذكيره وتأنيثه ، فلذلك قال : (المرفوعات هو ما اشتمل ... إلخ). (غجدواني).

(٥) قوله : (أي : المرفوع الدال عليه المرفوعات) دلالة الجمع على المفرد الذي هو مأخوذ في ضمنه ، أو دلالة الجمع على الجنس بسبب إبطال جمعية ، وبقاء جنسيته ، والظاهر أن المراد تعيين مرجع الضمير ؛ ليكون قوله : (ما اشتمل على علم الفاعلية) تعريفا له. (عصمت).

(٦) المراد بالاشتمال اشتمال الشيء على ما يصاحبه ، أو اشتمال الظرف على ما فيه ؛ لتوهم الظرفية وجعله من قبيل اشتمال الكل على الجزء ، كما في الرضي غير مرضي إذ الكل لا ينفك عن الجزء ، والاسم ينفك عن إعرابه أنه لا يتوهم الجزئية في الحركات الإعرابية غايتها توهمها في حروف الأعراب. (رضا).

(٧) أي : علامة كون ... إلخ) أشار بهذا إلى أن العلم ههنا مصدر بمعنى العلامة ؛ لأن له معان آخر ، وإلى أن الياء مصدرية. (حلبي). ـ.


والمراد باشتمال الاسم عليها : أن يكون موصوفا بها لفظا أو تقديرا أو محلا ولا شك(١) أن الاسم موصوف بالرفع المحلّي ؛ إذ معنى الرفع المحلّي أنه في محل لو كان ثمة معرب لكان مرفوعا لفظا أو تقديرا ، وكيف يختص (٢) الرفع بما عدا الرفع المحلي؟ وهو يبحث مثلا عن أحوال الفاعل إذا كان مضمرا متصلا كما سيجيء (فمنه) (٣) أي : من المرفوع أو مما اشتمل (٤) على علم الفاعلية.

الفاعل وإنّما قدّمه (٥) ؛ لأنه أصل المرفوعات عند الجمهور ؛ لأنه جزء الجملة (٦) الفعلية التي هي أصل الجمل (٧) ، ولأن عامله أقوى من عامل المبتدأ.

__________________

ـ كل ما يرفع الفاعل تسعة الماضي والمضارع والأمر والمصدر واسم الفاعل والصفة المشبهة وفعل ما لم يسم فاعله ، وأسماء الأفعال من الفاعل على ثلاثة أضرب فاعل في اللفظ والمعنى نحو : قام زيد ، وفاعل في اللفظ دون المعنى : نحو : مات زيد ، وفاعل في المعنى دون اللفظ نحو قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً)[النساء : ٧٩] أي : كفى الله شهيدا

(١) قوله : (لا شك) إلى قوله : (معنى) ؛ إذ معنى الرفع المحلى أنه في محل جواب سؤال أورده الهندي حيث قال : الإعراب المحلى لا يشمل عليه اللفظ ، فلا يكون هؤلاء في جاءني هؤلاء مرفوعا إذ معنى الرفع المحلى أنه محلى لو كان ثمة معرب ؛ لكان مرفوعا هذا كلامه ، ولقد أورد الشارح عبارته جوابا لسؤال من باب إلزام الخصم بما أورد سؤالا. (مصطفى حلبي).

(٢) لعل الباعث على التخصيص عدم ظهور اشتمال الاسم على علم الفاعلية وجعل العهد على ما مر آنفا. (لارى).

(٣) من اسم بمعنى البعض مرفوع محلا بأنه مبتدأ خبره الفاعل ، كما في قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا)[البقرة : ٨] تقديره : وبعض الناس من يقول : آمنا. (فيض الله).

(٤) قوله : (أو مما اشتمل على علم الفاعلية) لقربه لكنه بعيد جدا ؛ لأنه خلاف عادتهم ؛ لأن عادتهم تقسيم المعرف بعد التعريف ، لا تقسيم التعريف ، والأولى إرجاعه إلى المرفوعات ، وتذكيره على تأويل المرجع بما اشتمل ... إلخ ، وعلى هذا يوافق قوله : (ومنها المبتدأ). (جلبي).

(٥) وإنما قدم الفاعل ؛ لأن عامله لفظي ، وعامل المبتدأ معنوي ، وما كان عامله لفظيا أولى مما كان عامله معنويا، وقدم أبو سراج وأبو علي الفارسي المبتدأ على الفاعل ؛ لأن المبتدأ مع خبره جملة اسمية وهي أقوى من الفعلية ؛ لأن الاسم في الإفادة مستغن عن غيره. (شيخ الرضي).

(٦) وهذا يوافق بما نقل عن أمير المؤمنين علي رضي‌الله‌عنه ، قال : قبل تدوين علم النحو الفاعل المرفوع ، والمفعول منصوب ، والمضاف إليه مجرور ، فيفهم منه أن مرفوعية سائر المرفوعات بمناسبة. (عصمت).

(٧) وإنما صارت الجملة الفعلية أصل الجمل ؛ لأن النسبة التي هي بين المسند والمسند إليه مأخوذة في مفهوم أحد جزئي هذه الجملة ، وهو الفعل ، بخلاف الاسمية فإن النسبة مأخوذة من الخارج. (مكمل).


وقيل : أصل المرفوعات المبتدأ ؛ لأنه باق على ما هو الأصل في المسند إليه وهو التقديم بخلاف الفاعل ، ولأنه يحكم عليه بكل حكم ، جامد ومشتق ، فكان أقوى بخلاف الفاعل ، فإنه لا يحكم عليه إلا بالمشتق.

(وهو) أي : الفاعل (ما) أي : اسم حقيقة أو حكما ، ليدخل فيه مثل : قولهم:(أعجبني أن ضربت زيدا) (أسند إليه (١) الفعل) بالأصالة لا بالتبعية ، ليخرج عن الحد توابع الفاعل ، وكذا لمراد في جميع حدود المرفوعات والمنصوبات والمجرورات غير التوابع ، بقرينة ذكر التوابع بعدها (أو شبهه) (٢) أي : ما يشبهه (٣) في العمل ، وإنما قال ذلك ، ليتناول فاعل اسم الفاعل والصفة المشبهة والمصدر واسم الفعل وأفعل التفضيل والظرف (وقدّم) (٤) أي : الفعل أو شبهه (عليه) أي : على ذلك الاسم ، واحترز به عن نحو : (زيد) في (زيد ضرب) ؛ لأنه مما أسند إليه الفعل ؛ لأن الإسناد (٥) إلى ضمير شيء

__________________

(١) الإسناد بمعنى النسبة ناقصة كانت أو تامة ، إخبارية كانت أو إنشائية ، مثبتة كانت أو منفية ، محققة كانت أو مفروضة. (عب).

ـ الأسانيد أربعة : الأول : مجرد الفعل إلى المبتدأ ، الثاني : إسناده إلى ضمير ، الثالث : إسناده بواسطة الضمير إلى المبتدأ ، الرابع : إسناد الجملة التي هي خبر المبتدأ. (مطول).

(٢) قال : أو شبهه لا يقال : ذكرا وأنثى ؛ للترديد والشك لا يلأيم في التعريف الذي هو للتعيين والتحقيق ؛ لأنا نقول : كلمة أو ههنا للتنويع ، إشارة إلى أن الفاعل المعرف ههنا نوعان : يصدق على أحدهما ما أسند إليه الفعل ، وعلى الآخر ما أسند إليه شبه الفعل. (عصمت).

(٣) قوله : (أي : ما يشبهه في العمل) لم يقل : في الاشتقاق ؛ لئلا يخرج المصدر ، ولا في الدلالة على الحدث ؛ لئلا يخرج الظرف ، والأظهر أن إطلاق شبه الفعل على هذه الأمور قبل العمل ؛ لأنهم يعللون عمل هذه الأمور بمشابهته الفعل ، فالأولى أن يفسر بالمشابهة في الدلالة على الحدث ، والظرف أيضا يدل على الحصول والثبوت كأنه صيغة الحاصل في تلك ، ولذا وجب حذف عامله. (ع ص).

(٤) عطف على أسند أو حال من الفعل بتقدير قد بالواو والضمير ؛ لأن الماضي المثبت إذا جعل حالا يلزم فيه قد ظاهرة أو مقدرة. (خلاصة إظهار).

(٥) قوله : (لأن الإسناد إلى ضمير شيء). أقول : الضمير والمرجع لفظان تختلفان ، ولا يسند الفعل إلى لفظين عندهم ، فالأوجه حمل اللفظ في التعاريف على المعاني الحقيقة الاصطلاحية ، على أن المصنف صرح في الشرح بخلافه فالوجه تفسير كلامه بما يرضي به ، ثم العدول إن أريد. (مصطفى الصفوي).


إسناد إليه في الحقيقة (١) لكنه مؤخر عنه ، والمراد (٢) تقديمه عليه وجوبا ، ليخرج عنه المبتدأ المقدم عليه خبره (٣) نحو : (كريم (٤) من يكرمك) فإن قلت (٥) : قد يجب تقديمه إذا كان المبتدأ نكرة ، والخبر ظرفا نحو : (في الدار رجل).

قلت (٦) : المراد وجوب تقديم نوعه وليس نوع الخبر مما يجب تقديمه بخلاف نوع ما أسند إلى الفاعل (على جهة قيامه به) (٧) ...

__________________

(١) لأنه خبر عنه ، والمسند إليه هو المخبر عنه في الحال ، والأصل وكل خبر يرفع ضمير المبتدأ فأزال هذا بقوله : (وقدم عليه). (توقادي).

(٢) وإنما احتاج إليه الشارح بحمل الإسناد على الإسناد حقيقة ، أو بحسب الظاهر ، وأما الكوفيون لم يفرقوا في الإسناد بين قولهم : (ضرب زيد) وبين زيد ضرب ، فجعلوا زيد في المثالين فاعلا ، فلا حاجة عندهم إلى قيد قدم عليه في تعريف الفاعل ، بل لا بد من تركه وأما عند البصريين ومن تبعهم فالفعل في صورة تقديم الاسم عليه مسند إلى ضمير الاسم ، والجملة الفعلية مسند إلى الاسم ، فالفعل ليس بمسند إلى الاسم ، والاسم ليس بفاعل بل مبتدأ ، فلا حاجة إلى إخراجه من تعريف الفاعل بقيد وقدم بل خرج بقيد إسناد الفعل إليه. (عصمت).

(٣) لأنه يصدق عليه أنه أسند إليه شبه الفعل وقدم عليه ... إلخ ، مع أنه ليس من أفراد الفاعل ، لكن التقديم في أمثال هذه المواضع ليس بواجب ، فخرج عن التعريف بتقييد التقديم بالوجوب. (ص).

(٤) فإن كريما أسند إلى من يكرمك ، ومقدم عليه ، لكن لا يجب تقديم نوعه ؛ لجواز أن يقال : من يكرمك كريم. (نجم الدين).

(٥) منشأ هذا السؤال قوله : (والمراد تقديمه وجوبا) فالفاء جواب شرط محذوف ، أي : إذا كان الأمر كذلك ، فإن قلت : ... إلخ. (طاشكندي).

(٦) قوله : (قلت : المراد ... إلخ) وفيه نظر ؛ لأن اعتبار الوجوب في قوله : (قدم عليه) بعيد ، ثم اعتبار وجوب تقديم نوعه خصوصا في التعريفات وإن سلم هذه التكلفات فلا يخلو عن دور ؛ لأنه يتوقف أن يعلم أولا ؛ لأن هذا النوع ـ أعني نوع الفاعل ـ من جنس المسند إليه الواجب تقديمه ، فيتوقف تعريف الفاعل على تعريف الفاعل ، فالأولى ما قاله المصنف في شرحه إن لفظ قدم عليه ليس للاحتراز ، بل لدفع توهم الدخول.(حلبي).

(٧) لأن تقديم نوع ما أسند إلى الفاعل واجب ؛ لأنه إذا أخر صار مبتدأ وخبرا ، لا فعلا وفاعلا ، وإنما لم يقل : قيامه به أو قائما به ؛ لئلا يخرج نحو : مات زيدا وطال زيد. (هندي).

ـ أي : حصول الفعل بذلك الاسم وصدوره عنه وطريق قيامه به أن لا يكون على صيغة المجهول ، فاحترز به عن نحو : ضرب زيد ومضروب زيد. (هندي).


أي : إسنادا (١) واقعا على طريقيه قيام الفعل أو شبهه به ـ أي : بالفاعل.

وطريقة قيامه به أن يكون على صيغة المعلوم (٢) أو على ما في حكمها (٣) كاسم الفاعل والصفة المشبهة (٤) ، واحترز بهذا القيد عن مفعول ما لم يسمّ فاعله ك : (زيد) في (ضرب زيد) على صيغة المجهول والاحتياج إلى هذا القيد إنما هو على مذهب من لم يجعله داخلا في الفاعل كالمصنف ، وأما على مذهب من جعله داخلا فيه كصاحب المفصل (٥) فلا حاجة إلى هذا القيد ، بل يجب أن لا يقيد به ، (مثل) زيد في (قام زيد) فهذا مثال لما أسند إليه الفعل (و) مثل : (أبوه) في (زيد قائم أبوه) فهذا مثال لما أسند إليه شبه الفعل.

(والأصل) في الفاعل ، أي : ما ينبغي أن يكون الفاعل عليه ، إن لم يمنع مانع ، (أن يلي فعله) (٦) المسند إليه (٧) ، ...

__________________

(١) قوله : (إسنادا واقعا) إشارة إلى أن قوله : (على جهة قيامه) متعلق بأسند ، أو صفة لمصدره ، قيل : يحتمل أن يكون حالا بعد حال ، ولا يخلو عن شيء ؛ لأن الفعل لا يكون على طريقه القيام بل الإسناد يكون كذلك. (لارى).

(٢) أي : ذلك علامتها ، أو من لوازمها ؛ لأن القيام ثبوت وجود الأمر في اتصاف ذلك الأمر به والتعبير عنه ليس إلا بصيغة المعلوم ؛ لأن مصدر المجهول لا يوجد أصلا ، ومصدر المعلوم قد يوجب لكن فيه تأمل. (عبد الغفور).

(٣) أي : ذلك من لوازمها ؛ لأن القيام ثبوت وجود الأمر واتصاف ذلك الأمر به ، والتعبير إلا بالمعلوم. (م).

(٤) وكذا المصدر المعلوم ؛ لأنه في قوة أن مع الفعل المعلوم ، كما أن المصدر المجهول في قوة أن مع الفعل المجهول.(ق).

(٥) حيث قال صاحب المفصل : الفاعل هو ما كان المسند إليه من فعل أو شبهه مقدما عليه أبدا ، معه عبد القاهر حيث جعلوه فاعلا فلا يحترز عنه عندهم. (م).

(٦) إن قلت : لم أثر هذه العبارة على قولك : الأولى أن يلي ، مع أنه أوضح بمراعات الاشتقاق ، قلنا : لأن لفظ الأصلي لجوء إلى أن قرب الفاعل من الفعل كأنه بمنزلة قاعدة لا يجوز هدمها ، وأنه ليس بمجرد أولوية بل يبنى عليه بعض الأحكام كما بينه.

(٧) وصف الفعل بكونه مسندا إلى الفاعل ، تنبيها على أن المراد من الفعل هو المسند ؛ ليتناول الحكم لفاعل يشبه الفعل أيضا ؛ لكن لو قال المصنف : والأصل أن يلي المسند ، لكان أوضح وأشمل. (عصمت).


أي : يكون (١) بعده من غير أن يتقدم عليه شيء آخر من معمولاته (٢) ؛ لأنه كالجزء من الفعل (٣) ، لشدّة (٤) احتياج الفعل إليه ، يدل على ذلك إسكان اللام في (ضربت) ؛ لأنه لدفع توالي (٥) أربع حركات فيما هو بمنزلة كلمة واحدة.

(فلذلك) (٦) الأصل الذي (٧) يقتضي تقديم الفاعل على سائر معمولات الفعل (جاز ضرب غلامه زيد) (٨) لتقدم مرجع الضمير ، وهو (زيد) رتبه فلا يلزم الإضمار (٩) قبل

__________________

(١) قوله : (أي : يكون بعده) أعم من أن يكون حقيقة كالفاعل الظاهر ، أو حكما كالفاعل المستتر ، فإن التعدية فيه حكمية كوجوده. (عصمت).

(٢) كالمفعول والتمييز والحال وغيرها ؛ لقربة في باب الفعل ؛ لأن قربه أكثر من قرب سائر الأشياء بالفعل ؛ لأن الفعل لا يقيد بدونه ، ويقدر سائر الأشياء ، ولكونه يوجد الفعل غالبا بخلاف الأشياء. (متوسط).

(٣) ولهذا جاز وقوعه بين لام الفعل وحركته في يضربان ، فإن النون علامة إعراب الفعل وقد وقع بعد ضمير الفاعل ، فلو لا أن الفاعل كالجزء من الفعل لما وقع إعرابه بعده ؛ لأن إعراب كل كلمة يتصل بجزئها. (داود خوافي).

(٤) لأن الفعل في عرفهم عبارة عما يدل على حدث مسند إلى شيء في زمان ، فتصوره يستلزم تصور الإسناد ، وتصور الإسناد يستلزم ما إليه الإسناد ؛ لأن الإسناد معنى نسبي لا يعقل بدون الطرفين ، فلما تقدم الفعل على الفاعل طبعا التزم تأخيره عنه وضعا. (كاملة).

(٥) قوله : (توالي أربع ... إلخ) ليس كون الفاعل كالجزء علة مستقلة لذلك ، وإلا يلزم توالي أربع حركات في مثل ضرب زيد أيضا ، وليس كونه مضمرا متصلا بالفعل علة مستقلة لذلك ، وإلا يلزم التوالي في مثل ضربك أيضا ، بل مجموع كون الفاعل بحسب اللفظ مضمرا متصلا ، وكونه بحسب المعنى كالجزء باعث لكون المجموع كالكلمة الواحدة. (عصمت).

(٦) قال : فلذلك اللام للتعليل ، فقيد أن الولي أصلا علة الجواز لمثال الأول ، وامتناع الثاني ، والفاء إما للتفريع فيقيد ترتب العلم بالجواز والامتناع فيهما على العلم بالأصل ، أو للتعليل فيكون من باب الاستدلال بالمعلول على العلة ، فلا استدراك في الجمع بين الفاء واللام. (عب).

(٧) الأولى ترك هذا التفصيل في قوله : (الذي يقتضي ... إلخ) ؛ لأنه يلزم أن يكون المقتضي والمقتضي ... إلخ، لا يلزم أن يكون المقتضي والمقتضي شيئا واحدا ذا غير جائز. (حلبي).

(٨) مع مخالفة الأصل ؛ لتقدم مرجع الضمير رتبة بالسبب المذكور ، هو هذا الأصل. (عصمت).

(٩) الإضمار قبل الذكر جائز في خمسة مواضع : في ضمير رب نحو : ربه رجلا ، وفي ضمير الشأن نحو : هو زيد قائم ، وفي ضمير نعم نحو : نعم رجلا ، وفي تنازع الفعلين نحو ضربني ضربك زيدا ، وفي بدل المظهر من المضمر نحو ضربته زيدا. (سعد الله).


الذكر مطلقا ، بل لفظا فقط ، وذلك جائز (وامتنع ضرب غلامه زيدا) لتأخر مرجع الضمير وهو (زيد) لفظا ورتبة ، فيلزم الإضمار قبل الذكر ، لفظا ورتبة ، وذلك غير جائز خلافا للأخفش (١) وابن جني ومستندهما في ذلك مقول الشاعر :

جزى ربّه عنّي عديّ بن حاتم

جزاء الكلاب العاويات وقد فعل

وأجيب عنه بأن هذا لضرورة الشعر ، والمراد عدم جوازه في سعة الكلام وبأنه لا نسلم أن الضمير يرجع إلى (عدي) بل إلى المصدر الذي يدل عليه الفعل (٢) ، أي : جزى رب الجزاء (وإذا انتفى الإعراب) الدال على فاعلية الفاعل ومفعولية المفعول بالوضع (لفظا فيهما) (٣) أي : في الفاعل المتقدم ذكره صريحا ، وفي ضمن الأمثلة والمفعول

__________________

(١) قوله : (خلافا للأخفش وابن جني) اعلم أنهما متفقان في عدم جواز الإضمار قبل الذكر لفظا ورتبة ، ولم يخالف وإن دل ظاهر العبارة في بادئ الرأي ، لكن خالف في لزومه في المثال المذكور وأمثاله ، وتحقيقه أنهما يقولان : إن فعل المتعدي كما يحتاج إلى الفاعل يحتاج إلى المفعول به أيضا بلا مرية بينهما ، فكان حقهما أن يلي الفعل فإذا يلي الفعل الفاعل كان المفعول به ساقط عن مرتبته ، فإن يلي المفعول به كان الفاعل ساقطا عن مرتبته ؛ لأن حق كل منهما أن يلي فعله ، فإذا تقدم أحدهما كان الآخر ساقطا عن حقه ومرتبته ، فعلى هذا لا يلزم الإضمار قبل الذكر لفظا ورتبة فقط ، وهذا جائز بالاتفاق ، وإذا عرفت هذا فاعلم أن قول الشارح : خلافا للأخفش وابن جني ، ليس بسديد وحصل المخالفة متعلقا إلى قوله : (وذلك غير جائز) يأتي عنه السباق والسياق. (مصطفى حلبي).

ـ وللإضمار أربع مراتب : أحدها : أن يكون إضمار الذكر صورة وتقديرا ، وهذا مما لا شبهة في جوازه نحو : ضرب زيد غلامه ، والثانية : أن يكون إضمار قبل الذكر صورة وتقديرا ، وهذا مما لا شبهة في امتناعه نحو : ضربت غلامه زيدا ، والثالثة : أن يكون إضمار قبل الذكر صورة ولا يكون ذاك تقديرا ، وهو جائز نحو : ضرب غلامه زيدا ، والرابعة : أن يكون إضمار قبل الذكر تقديرا ولا يكون ذلك صورة ، وهو أيضا جائز نحو ضرب زيد غلامه ، فلا يلزم الإضمار قبل الذكر. (إعراب الفاتحة).

(٢) ونظيره قوله تعالى : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)[المائدة : ٨] فإن للتقوى هو راجع إلى العدل المدلول عليه بالفعل ، وقد سبق جواز ذلك في الضمائر. (شرح اللباب).

(٣) قوله : (أي : الفاعل ذكره ... إلخ) يعني : أن معنى قوله : (فلذلك جاز ضرب غلامه زيد) جاز تقديم المفعول الذي يقبل به ضمير الفاعل على الفاعل ، ومعنى قوله : (وامتنع ضرب غلامه زيدا) امتنع تقديم الفاعل الذي اتصل به ضمير مفعول على المفعول ، فيكون الفاعل مذكورا صريحا ، وفي ضمن الأمثلة ، والمفعول مذكور في ضمن الأمثلة ، فيصح قوله هذا. (مصطفي حلبي).


المتقدم ذكره في ضمن الأمثلة ، (والقرينة) أي : الأمر الدال عليهما لا بالوضع ؛ إذ لا يعهد أن يطلق على ما وضع بإزاء شيء أنه قرينة عليه فلا يرد أن ذكر الإعراب مستغنى عنه إذ القرينة شاملة له ، وهي إما لفظية نحو : (ضربت موسى حبلى) أو معنوية نحو : (أكل الكمثرى يحيى) (أو كان) الفاعل (مضمرا (١) متصلا) بالفعل بارزا ك : (ضربت زيدا) أو مستكنا ك : (زيد ضرب غلامه) بشرط أن يكون المفعول متأخرا عن الفعل ، لئلا ينتقض بمثل (زيدا ضربت) (أو وقع مفعوله) (٢) أي : مفعول الفاعل بعد (إلّا) بشرط توسطها بينهما في صورتيّ التقديم والتأخير ، نحو : (ما ضرب زيد إلا عمرا) (أو بعد معناها) نحو : (إنّما (٣) ضرب زيد عمرا) (٤) (وجب تقديمه) أي : تقديم الفاعل على المفعول به في جميع (٥) هذه الصور ، أما في صورة انتفاء الإعراب والقرينة فيهما فللتحرز عن الالتباس (٦) ، ...

__________________

(١) وإنما قال : مضمرا ؛ لأنه لو كان الفاعل ظاهرا لم يجب تقديمه على المفعول ، وإنما قال : متصلا ؛ لأنه لو كان مضمرا منفصلا لم يجب تقديمه على المفعول مفعول نحو ما ضربني إلا أنت. (متوسط).

ـ سواء كان المفعول اسما ظاهرا كضربت زيدا ، ومضمرا منفصلا كما في ضربت إياك ، أو متصلا كضربتك ؛ لامتناع الفصل مع الاتصال. (هندي).

(٢) وإنما وجب تقديمه عليه حينها ؛ لأنه لو جاز تأخره لزم انقلاب المعنى ؛ لأن المراد من قولنا : ما ضرب زيدا إلا عمرو انحصار ضرب زيد في عمرو ، مع جواز أن يكون عمرا مضروبا لشخص آخر ، وإذا أفراد الفاعل وقدم على المفعول. (عاقبة).

(٣) وإن إنما وضعت للحصر ؛ لأن إن للإثبات ، وما للنفي فيجب الجمع بين معنييها حين التركيب.(أصول).

(٤) وكذا إذا أضيف المصدر إلى الفاعل نحو : عجبت من ضرب زيد عمروا وجب تقديم الفاعل على المفعول ، إلا لضرورة الشعر. (كاملة).

(٥) قوله : (في جميع هذه الصور) لا يقال : لا حاجة إلى هذه القول في جزاء الشرط ، فإن الشرط يدل على هذا ؛ لأنا نقول : وقع البعد بين طرفي الشرط والجزاء ، توهم أن الجزاء متعلق بالأخير ، فدفع هذا التوهم بذلك القول ، أو بقول مقصوده تحرير المدعى ليستدل على كل منها بقول : أما في صورة انتفاء الإعراب.(عصمت).

(٦) لأنه لو قيل : المتأخر فاعل والمتقدم مفعول ، لكان عدولا عن الأصل من غير حاجة ولا دليل.(متوسط).


وأمّا في صورة كون الفاعل ضميرا متصلا فلمنافاة (١) الاتصال والانفصال (٢).

وأما في صورة وقوع المفعول بعد (إلا) لكن بشرط توسطها بينهما في صورتي التقديم والتأخير ـ فلئلا ينقلب الحصر المطلوب ، فإن المفهوم من قوله : (ما ضرب زيد (٣) إلا عمرا) انحصار ضاربية (زيد) في (عمرو) مع جواز أن يكون (٤) عمرو مضروبا

__________________

(١) قوله : (فلمنافاة الاتصال الانفصال ... إلخ) ، أقول : هذا القدر إنما يتم إذا أريد بالاتصال المعنى اللغوي كما هو المتبادر ومن كلام الشارح ، والظاهر أنه ليس بمراد يدل عليه قوله : (واتصل مفعوله) وهو غير متصل ؛ إذ لو أريد المعنى اللغوي لصاغ القيد ، وإذا أريد المعنى الاصطلاحي يتجه إن أراد الاتصال اللغوي فلا منافاة ، وإن أراد الاصطلاحي فلا يلزم الانفصال ، إذا قدم المفعول المتصل ، كما لا يلزم الانفصال إذا كانا متصلين وقدم الفاعل ، وبالجملة إذا جاز اتصال ضميرين فلا يلزم الانفصال الاصطلاحي ، ولا ينافيه الانفصال لغة ، والجواب أن المراد لمنافاة اتصال الفاعل اصطلاحا انفصاله لغة عندهم ، أو لمنافاتهما لغة ، ولما تنافيا لغة لم يجوزوا أن يكون اصطلاحا منفصلا لغة ، فالحاصل أن الفاعل الذي سموه اصطلاحا متصلا لم يجوزوا أن يصير منفصلا ، وأما المفعول الذي سموه متصلا جوزوا انفصاله لغة بالفاعل المتصل ؛ لأنه كالجزء من الفعل ، كما عرف المتصل به كالمنفصل بالفعل ، فكأنه ليس بمنفصل فجوزوا ذلك ، وبالجملة فرقوا بين اتصال وانفصال ، وعند هذا يظهر أن قول المحشي : للزم خلاف المفروض ، ليسس بشيء في تحقيق المقام. (عيسى الصفوي).

(٢) لأنه لو أخر لزم أن لا يكون متصلا ، وقد فرضانه متصل هذا خلف ، ولا يقال : ضرب زيدات وت ولا غلامة ضرب ؛ لمنافاة الاتصال الانفصال. (متوسط).

(٣) وحاصل الملازمتين أن المتكلم إذا أراد الحصر في الفاعل وجب تقديم الفاعل على المفعول نحو : ما ضرب زيد إلا عمرا ، وإنما ضرب زيد عمرا ؛ لأنه لو أخر الفاعل ينقلب الحصر عن الفاعل إلى المفعول ، ويلزم خلاف العرض ، وإن أراد الحصر في المفعول وجب تقديم المفعول على الفاعل نحو : ما ضرب عمرا إلا زيد ، وإنما ضرب عمرا زيد ؛ لأنه لو أخر عمرو ينقلب عن المفعول إلى الفاعل. (سعد الله).

(٤) قوله : (مع جواز أن يكون عمرو مضروبا لشخص آخر ... إلخ) هذا لا يتم في مثل ما ضرب أحد إلا زيدا ؛ لأنه لا يبقى أحد حتى يصح أن يكون زيد مضروبا له ، إلا أنه كاذب ، فالكذب يخرج عن وجه الاعتبار ، إلا أن يختص الأحد بأحد من الجماعة ، في مثل : ما خلق الله على أحسن الصور إلا يوسف ؛ لعدم جواز أن يكون مخلوقا لغيره سبحانه ، إلا أن يعتبر الجواز وعدم الجواز بالنظر إلى مفهوم التركيب ، وهو لا يقتضي انحصار الظرف الآخر فيه ، بل الخارج يقتضيه ، وهذا الجواب جواب من الأول. (طاشكندي).


لشخص آخر والمفهوم من قوله : (ما ضرب عمرا إلا زيد) انحصار مضروبية (عمرو) في (زيد) مع جواز أن يكون زيد ضاربا لشخص آخر ، فلو انقلب أحدهما بالآخر (١) انقلب معنى الحصر المطلوب ، وإنما قلنا : بشرط توسطها (٢) بينهما في صورتي التقديم والتأخير ؛ لأنه لو قدم المفعول على الفاعل مع (إلّا) فيقال : (ما ضرب إلا عمرا زيد) فالظاهر أن معناه انحصار ضاربية زيد في عمرو إذ الحصر إنما هو فيما يلي (إلا) فلا ينقلب الحصر المطلوب ، فلا يجب تقديم الفاعل لكن لم يستحسنه بعضهم ؛ لأنه من قبيل (٣) قصر الصفة(٤) على شيء قبل تمامها. وإنما قلنا : الظاهر أن معناه كذا ، لاحتمال أن يكون معناه (ما ضرب أحدا أحد (٥) إلا عمرا زيد) فيفيد انحصار صفة كلّ منهما في

__________________

(١) يعني : لو قال : ضرب زيد إلا عمرا ما ضرب عمرا إلا زيد ، لا يجوز ذلك لما فيه من اختلاف المعنى ، وانعكاس المقصود ، وقس عليه حصر المفعول. (تأمل).

(٢) قوله : (وإنما قلنا بشرط توسطها) يجب عند أكثر النحاة تقديم الفاعل إذا كان المفعول بعد إلا ، ولا يجوز تقديم المفعول لا مع إلا ولا بدونها ، ويجوز تقديم المفعول مع إلا عند السكاكي وجماعة من النحويين ، والظاهر في حل عبارة المتن أن يكون على مذهب أكثر النحويين ، وكأنه دعا الشارح إلى حمل عبارة المتن على مذهب السكاكي أن المصنف علل وجوب التقديم بانقلاب المعنى ، ولك أن تتكلف في التعليل ، فتقول : المراد أنه يلزم الانقلاب في بعض الصور ، وحمل الباقي عليه طرد للباب. (ع ص).

(٣) قوله : (من قبيل قصر الصفة) ؛ لأن الصفة المقصورة على المفعول مثلا هي الفعل الصادر عن الفاعل لا مطلق الفعل ، فلا يتم قبل ذكر الفاعل ، فلا يستحسن قصره ، وإنما جاز على غير الاستحسان نظرا إلى أنها في حكم التام ، باعتبار ذكر متعلقه في الأخر. (حافظ شكندي).

(٤) يعني : أن الفعل صفة ، وهي لا يتم إلا بالفاعل ، ولو قصر الفعل بدون الفاعل كان من قبيل قصر الصفة قبل إتمامها. (ق).

(٥) هذا عند من يجوز استثناء شيئين بأداة واحدة بلا عاطف مطلقا ، وبعضهم يجوز ذلك إذا كان المستثنى منه مذكور والمستثنى بدل منه نحو ما ضرب أحد أحدا إلا زيد عمرا ، والأكثرون على منعه مطلقا ؛ لضعف أداة الاستثناء ، إذ الأصل فيها ، أي : في إلا ، وهي ، حرف فلا يستثنى بها شيئان. (مطول في آخر بحث القصر).

ـ والمجوزون أن يستدلوا بقوله تعالى : (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ)[هود : ٢٧] أي : ما لزاك اتبعك أحد في حال من الأحوال إلا الذين هم أراذلنا في بادي الرأي ، أي : بلا رؤية قوية ، وقد يرد بأن الظرف متعلق بفعل مقدر ، أي : اتبعوا في بادي الرأي أي : بأن الظرف مما يكفيه رائحة وقيل من الفعل. (عب).


الآخر وهو أيضا خلاف المقصود (١).

وأما وجوب تقديمه عليه في صورة وقوع المفعول بعد معنى (إلّا) لأن الحصر هاهنا في الجزء الأخير ، فلو أخر الفاعل انقلب المعنى قطعا (٢) (وإذا اتصل به) أي : بالفاعل (ضمير مفعول) نحو : (ضرب زيدا غلامه) (أو وقع) أي : الفاعل بعد (إلّا) (٣) المتوسطة بينهما في صورتي التقديم والتأخير نحو : (ما ضرب عمرا إلا زيد) وفائدة هذا القيد مثل : ما عرفت آنفا (٤) (أو) وقع الفاعل بعد (معناها) (٥) أي : معنى (إلا) نحو: (إنما ضرب عمرا زيد) (أو اتصل) به (مفعوله) بأن يكون (٦) المفعول ضميرا (٧) متصلا

__________________

(١) لأن المقصود انحصار إحدى الفاعل والمفعول في الآخر ؛ لانحصار صفة كل منهما في الآخر فافهم. (ع).

(٢) لأن المفهوم من قوله : (إنما ضرب زيد عمرا) انحصار ضاربية زيد في عمرو ، فلو أخر الفاعل إنما ضرب عمرا زيد فإن معناه انحصار مضروبية عمرو في زيد ، فإذا كان كذلك انقلب المعنى قطعا. (محمد أفندي).

(٣) ولما فرغ عن بيان العوارض التي تعرض للفاعل ، فتوجب تقديمه ، شرع أن يشير إلى العوارض التي تعرض ، فتوجب تأخيره بعد أن كان الأصل فيه التقديم وهي أربعة أيضا. (عوض أفندي).

ـ أي : إذا اتصل بالفاعل ضمير يعود إلى المفعول نحو ضرب زيدا غلامة ، وجب تأخير الفاعل عن المفعول ؛ لأنه لو قدم وقيل : ضرب غلامه زيدا لزم الإضمار قبل الذكر لفظا ومعنى ، وأنه ممتنع كما مر. (متوسط).

ـ وكذا اتصل بصلته وصفته ضمير المفعول عند من لم يجوز الفصل بين الصفة والموصوف بالأجنبي نحو : ضرب زيدا الذي ضرب غلامه ، وأكرم هندا رجل ضرب غلامها. (عب).

(٤) لأنه لو قدم الفاعل مع إلا فيقال : ما ضرب زيدا إلا عمرا ، فالظاهر انحصار مضروبية عمرو في زيد ، فعلم أنه لم يتوسط إلا لا يجب تقديم المفعول وتأخير الفاعل. (شرح).

(٥) إذا كان إنما في أول الكلام فإنما بمعنى إلا ، بأن يجعل ما في أول الكلام ، وإلا مقدما على الجزء الأخير ، فأي من الفاعل والمفعول وقع آخر فهو بعد معنى إلا فالسؤال يرد على معنى إلا. (خ ه).

(٦) إشارة إلى أن ضمير به راجع إلى الفاعل ، وإلى أن المراد باتصال مفعوله به اتصال بالفعل ، وإلى رد ما قيل : أنه لا حاجة إلى قوله : (وهو غير متصل) ؛ لخروج مثل ضربته بقوله : (فإن المفعول لم يتصل بالفعل بل الفاعل). (داود خوافي).

(٧) قوله : (ضميرا متصلا بالفعل) بقي فيه نحو : زيد ضربك ، فإن المفعول فيه ضمير متصل بالفعل مع أنه يجب تقديم الفاعل ، فأخرجه بقوله : (وهو غير متصل). (ع ص).


بالفعل (وهو) أي : الفاعل (غير) ضمير (متصل به) نحو : (ضربك زيد) (وجب تأخيره) (١) أي : تأخير الفاعل عن المفعول في جميع هذه الصور.

أما في صورة اتصال ضمير المفعول به فلئلا يلزم (٢) الإضمار قبل الذكر لفظا ورتبة ، وأما في صورة وقوعه بعد (إلا) أو معناها ، فلئلا ينقلب الحصر المطلوب (٣) ، وأما في صورة كون المفعول ضميرا متصلا والفاعل غير متصل فلمنافاة الاتصال الانفصال ـ بتوسط الفاعل الغير المتصل بينه وبين الفعل بخلاف ما (٤) إذا كان الفاعل أيضا ضميرا متصلا ، فإنه يجب حينئذ تقديم الفاعل نحو : (ضربتك).

(وقد يحذف الفعل) (٥) ...

__________________

(١) ولقائل أن يقول : من المواضع التي وجب تقديم المفعول على الفاعل كون الصفة جرت على غير من هي له ، نحو : زيد هند ضارب هو ، ولم يذكره المصنف ، وجوابه مندرج تحت قوله : (وإذا اتصل مفعوله وهو غير متصل ، ولهذا لم يذكره المصنف. (هندي).

ـ واعلم أنه إذا اتصل بالمفعول الأول من باب أعطيت ضمير المفعول الثاني منه ، وجب تأخير الأول نحو: أعلمت الدبس صاحبه عند البصريين ؛ لأن حق الأول أن يتقدم على الثاني. (متوسط).

(٢) قوله : (لئلا يلزم الإضمار قبل الذكر) ينبغي أن يكون في وجوب تأخير الفاعل في هذه الصورة ، خلاف الأخفش وابن جني ، أما على ما ذكره الشارح فلجواز الإضمار قبل الذكر عندهما ، وأما على ما نقلناه من مذهبيهما فلأن رتبة المفعول عنده أن يلي الفعل ، ويكون في موضع الفاعل فلم يلزم من تأخيره الإضمار قبل الذكر رتبة ، فيأمل. (عصمت).

(٣) الذي كان مطلوبا حين وقع الفاعل بعد إلا ما ضرب زيد إلا عمرا ، بتوسط إلا بينهما ، وأما تقديم الفاعل الواقع بعد إلا مع توسط إلا بينهما فممتنع التصوير ، كما هو ممتنع فى تأخير الفاعل عن المفعول الواقع بعد إلا مع التوسط كما مر في وجوب تقديم الفاعل على المفعول وأن الاشتراط ههنا وفي وجوب التقديم بما لا يمكن التصوير به في الصورتين الممتنعين من توسط إلا بينها ، فلم يسع له رعاية ما اشترط كما لا يخفى. (محمد أفندي).

(٤) قوله : (بخلاف ما إذا كان الفاعل ... إلخ) ، ولا ينافي اتصال المفعول ؛ لأن الفاعل كالجزء فالمتصل به مع اتصاله بالفعل كالمتصل بالفعل ، بخلاف المفعول فإنه فضلة فإذا توسط بين الفعل والفاعل لم يكن كالمتصل ، فلم يجوزوا بالجملة توسط المفعول ، جعلوه منافيا لاتصال الفاعل مطلقا ، وكذا توسط الفاعل المنفصل منافيا لاتصال المفعول دون الفاعل المتصل ، فإنه بالجزء. (عيسى).

(٥) لما فرغ من تحقيق الفاعل وما يتعلق به من التقديم والتأخير وجوبا ، وجوازا شرع فيما يحذف عامله. (ق). ـ


الرافع (١) للفاعل (لقيام (٢) قرينة) دالة على تعيين المحذوف (جوازا) (٣) أي : حذفا (٤) جائزا (في مثل) قولك : (زيد) أي : فيما كان جوابا لسؤال محقق (لمن قال : من قام؟)(٥) سائلا عمن يقوم به القيام فيجوز أن تقول : (زيد) بحذف (قام) أي : (قام زيد) ويجوز أن تقول : (قام زيد) بذكره ، وإنما قدر (٦) الفعل دون الخبر ؛ لأن تقدير الخبر يوجب حذف الجملة ، وتقدير الفعل يوجب حذف أحد جزئيها والتقليل في الحذف أوّلي.

__________________

ـ وقد للتقليل بالنسبة إلى الذكر ، ويجوز أن يكون للتحقيق ؛ لأن الحذف متحقق الوقوع لا يحذف شيء من الأشياء إلا لقلة قرينه ، سواء كان الحذف جائزا أو واجبا ، إلا أن واجب الحذف لا بد منه من لفظ هو لا لبدل من المحذوف معتبر له بخلاف الجائز. (رضي).

(١) قوله : (في الفعل الرافع للفاعل) توصيف الفعل بالرفع مع أن شأنه بذلك لدفع توهم أن حذف الفعل بيان وحال من أحوال الفعل ، فالبحث بحث الاسم فلا يناسب أن يذكر حال الفعل في بحث الاسم ، فدفع هذا التوهم بذلك التوصيف ، يعني : أن البحث ههنا ليس للفعل المطلق حتى يتوهم كذلك ، بل الفعل الرافع للفاعل فلا يرد. (فيض الله).

(٢) واللام بمعنى الوقت كقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)[الإسراء : ٧٨] أي : وقت دلوك الشمس ، واشترط القرنية ؛ لأنه عمدة لا يجوز حذفه بدون القرنية. (متوسط).

ـ قال : لقيام قرنية مقام الفعل في الدلالة على ما هو المرام ، واللام للوقت لا للأجل ؛ لأن قيام القرنية مصحح لا باعث. (لارى).

(٣) قال : جوازا منصوب على أنه نعت مصدر محذوف ، أي : حذفا جائزا ، أو مفعول مطلق بحذف المضاف أي : حذف جواز ، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ، وأعراب بإعرابه ، أو بإضمار فعل من لفظه ، أي : نحو جوازا. (متوسط).

(٤) قوله : (أي : حذفا جائزا) إشارة إلى أن جواز مصدر بمعنى اسم الفاعل ، ونصبه على المصدرية باعتبار موصوفة الذي هو الحذف. (عصمت).

(٥) قيل : لا مطابقة بين السؤال والجواب ؛ لأن السؤال جملة اسمية والجواب فعلية ، قلنا : من قام وإن كانت بحسب الظاهر اسمية لكنها في الحقيقة فعلية. (سيدي).

(٦) قوله : (وإنما قدر الفعل دون الخبر ... إلخ) دفع لما قال الشيخ الرضي : إن زيدا في المثال المذكور مبتدأ لا فاعل ؛ ليطابق الجواب السؤال جملة اسمية ، فإن قدر الفعل لم يطابق وإن قدر الخبر يطابق ، فإن قلت : إن في تقدير الخبر رعاية مطابقة السؤال والجواب ، وهذا راجح على رعاية تقيد الحذف ، قلنا في تقدير الفعل رعاية مناسبة للمعنوية مع تقليل الحذف ، فإن أصل من قام ، أقام زيد أم عمرو أم بكر ، لا أزيد قام ، فإن ألفاظ الاستفهام وحروف النفي بالفعل أولى ، صرح به الشارح في بحث اسم الفاعل وكذا تعريف. (مصطفى حلبي).


(و) كذا يحذف الفعل جوازا فيما كان جوابا لسؤال مقدر ، نحو : قول الشاعر ، في مرثية يزيد بن نهشل.

(ليبك) (١) ...

على البناء للمفعول (يزيد) مرفوع على انه مفعول ما لم يسم فاعله (ضارع) أي : عاجز ذليل ، وهو فاعل الفعل المحذوف ، أي : (يبكيه ضارع) بقرينة (٢) السؤال المقدر وهو (من يبكيه) ، وأمّا على رواية (ليبك يزيد) على البناء للفاعل ونصب (يزيد) ، فليس مما نحن فيه (لخصومة) متعلق بضارع أي يبكيه من يذلّ ويعجز عن مقاومة الخصماء؛ لأنه كان ظهيرا للعجزة ، والاذلاء وآخر البيت :

(ومختبط مما تطيح الطوائح)

المختبط : السائل (٣) من غير وسيلة ، والإطاحة : الإهلاك ، والطوائح : جمع

__________________

(١) أول البيت

سقي حدثنا أمسى بدومة ثاويا

من الدلو والجوزا غاد ورائح

ليبك يريد ضارع لخصومة

ومختبط مما تطيح الطوائح

الجدث القبر ، ودومة اسم موضع قبر فيه يزيد ، ثاويا أي : مقيما منصوب على أنه خبر أمسى ، أو بالعكس ، أو خبر بعد خبر ، الدلو والجوزاء من منازل القمر ، فإذا وصل إليها يمطر كثيرا غاد مرفوع فاعل سقى مطر نازل في الغدوات وقت الصباح ، وفي العشيات وقت المسي. (عصمت).

ـ بناء الفعل على المفعول ، وفضل التركيب على خلافه أعني نحو : ليبك يريد ضارع ببناء الفعل للفاعل ، ونصب يزيد من وجوه أحدها أن التركيب تفيد استناد الفعل إلى الفاعل مرتين إجمالا ثم تفصيلا ، والثاني : أن نحو : يزيد فيه ركن الجملة لا فضلة ، الثالث : أن أوله غير مطيع للسامع في ذكر الفاعل ، فيكون عنده وروده كمن تسرت له غنيمة من حيث لا يحتسب. (إيضاح).

(٢) قوله : (بقرنية السؤال المقدر) وهو من يبكيه ، فإنه لما فيه لما قيل : ليبك على بناء المفعول ناسب أن يقال: من يبكيه ، والمشهور في مثله أن القرنية مقالية على ما ذكره الشارح ، وفي المفتاح : أنها حالية وهي كونها في جواب السؤال ، واعترض عليه السيد فإنه لو اعتبر منك ذلك لم توجد قرنية مقالية ، وأقول : مرفوع بأن كلا منهما قرينة في الجملة ، والمجموع قرينة تامية ، اللازم من اعتبار جواز وجود قرينة حالية في جميع الموارد لا عدم القرينة المقالية ولا محذور فيه. (عيسى الصفوي).

(٣) قوله : (والمختبط السائل) فسر الشارح المختبط بالسائل من غير وسيلة ، أي : غير علاقة نحو قرأته ، وكان اعتبار عدم الوسيلة إما للتصريح بالمبالغة في المدح ؛ لأن الإحسان لمن لا وسيلة ـ


مطيحة على غير القياس ك : (لواقح) جمع (ملقحة) و (مما) يتعلق بمختبط و (ما) مصدرية ، يعني : ويبكيه أيضا من يسال بغير وسيلة من أجل إهلاك المهلكات ماله ، وما يتوسل به إلى تحصيل المال ؛ لأنه كان معطي السائلين بغير وسيلة. (و) قد يحذف (١) الفعل(٢) الرافع للفاعل لقرينة دالة على تعيينه (وجوبا) أي : حذفا واجبا (في مثل) قوله تعالى : (إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ) [التوبة : ٦] أي : في كل (٣) موضع حذف الفعل ، ثم فسر لرفع (٤) الإبهام الناشئ من الحذف ، فإنه لو ذكر المفسّر لم يبق المفسّر مفسّرا ، بل صار حشوا بخلاف المفسّر الذي فيه إبهام بدون حذفه فإنه يجوز الجمع بينه وبين مفسّره كقولك : (جاءني رجل (٥) ، أي : زيد) فتقدير الآية وإن

__________________

ـ له أول على الكريم ، بخلافه مع الوسيلة فقد يكون للوسيلة ، وإما للإشارة إلى أن الحاجة في السؤال عند عدم الوسيلة أتم ؛ إذ قد تغني الوسيلة عن السؤال. (عيسى).

(١) وقد للتقليل بالنسبة إلى الجواز ؛ لأن حذف الفعل جوازا كثير ، ووجوبا قليل بالنسبة إلى الجواز. (جلبي).

(٢) وإنما حذف الفعل لكونه مفسرا ولا يجوز الجمع بين المفسر والمفسر ، ولا أن يكون مبتدأ ؛ لأن حرف الشرط واجب الدخول على الفعل ، ولا يدخل على الاسم ، خلافا للأخفش فإنه يجوز دخوله على الاسم بشرط أن يكون الخبر فعلا ، وكذا كل مرفوع وقع بعد أن وإذا ، فإنه مرفوع بفعل محذوف بفعل وجوبا ، ومثل ذلك قوله تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)[الإنشقاق : ١] ، و (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ)[الانفطار : ١] تقديره أي : إذا انفطرت السماء انفطرت ، وصور البواقي. (سعد الله والفية).

(٣) أي : يجب الحذف في كل ما فسر فيه الحذف ؛ لئلا يلزم الجمع بين المفسر والمفسر ، فإن قيل : قد يلزم كما في المفسر ، بأي وأن وعطف البيان ، قيل : ذلك تفسير المعنى وهذا تفسير المحذوف فصح الجمع بين المفسر والمفسر ثمة ، ولم يصح هذا ؛ لأنه بالجمع لا يبقى المفسر محذوفا ، فلا يكون هذا تفسير المحذوف. (هندي).

(٤) قوله : (ثم فسر ... إلخ) إنما قال ذلك رفعا لما يرد على من فسر بقوله : (أي : في كل ما فسر فيه المحذوف) ، فيجب الحذف ؛ لئلا يكون الجمع بين المفسر والمفسر ، وهو أنه يلزم ذلك في المفسر بأي وأن وعطف البيان ، مع أنه صحح. (وجيه الدين).

ـ فائدة ذلك أن التفسير بعد الإبهام أوقع في النفوس ، وذلك المفسر إما فعل صريح ، أو حرف يؤدي معناه كان وإذا. (لارى).

(٥) لأن رجلا لما جاز إطلاقه على كل فرد من ذكور بني آدم ، بلغ مبلغ الشهرة ، لم يعلم متى أطلق ، أي : فردا زيد منه ، فاحتيج إلى بيان ما هو المراد منه فقيل : أي : زيد. (توقادي).


استجارك (١) أحد من المشركين استجارك. ف : (أحد) (٢) فيها فاعل فعل محذوف وجوبا، وهو (استجارك) الأول المفسّر باستجارك الثاني. وإنما وجب حذفه ؛ لأن مفسّره قائم مقامه مغن عنه ، ولا يجوز (٣) أن يكون (أحد) مرفوعا بالابتداء ، لامتناع دخول حرف الشرط على الاسم ، بل لا بد له من الفعل. (وقد يحذفان) أي : الفعل والفاعل (معا)(٤)دون الفاعل (٥) وحده (في مثل : نعم) جوابا (لمن قال : أقام زيد؟) أي : نعم(٦) قام زيد ، فحذفت الجملة الفعلية ، وذكر (نعم) في مقامها.

وهذا الحذف جائز بقرينة السؤال ، لا واجب ، لعدم قيام ما يؤدي مؤداه في مقامه كالمفسر ، فيلزم في الكلام استدراك.

وإنما قدرا لجملة الفعلية الاسمية بأن يقال : نعم زيد قام ، ليكون الجواب مطابقا للسؤال في كونه جملة فعلية.

__________________

(١) استأمنك وطلب جوارك ، فأجره فأمنه ، حتى يسمع كلام الله ويتدبره ، ويطلع على حقيقة الأمر ، ثم أبلغه مأمنه موضع أمنه إن لم يسلم. (قاضي).

(٢) فأحد فيها فاعل وفعل محذوف وجوبا ... إلخ ، فعلم من أن هناك فعلا محذوفا ومن الفعل المذكور أنه بمعناه ، حذف وفسر ليتحقق الإبهام ، ثم التفسير فإنه أمكن في الذهن. (عيسى).

(٣) هذا جواب سؤال مقدر تقديره أن الحذف خلاف الأصل ، والارتكاب بالحذف تعذر ولا عذر فيه ، والأولى أن يكون أحد مبتدأ ، واستجارك خبر ، فلم يجز أحد مرفوعا بالابتداء ، فأجاب بقوله : (ولا يجوز). (طاشكندي).

(٤) نصب على الظرفية والتنوين عوضا عن المضاف إليه ، وهو متعلق بما وقع حالا عن الضمير في يحذفان ، أي: كائنا كل واحد مع صاحبه ، أي : عنده ، أو بالمصدر أي : حذف كل واحد مع. (عصمت).

(٥) قوله : (دون الفاعل وحده) فإن قلت : كما يجوز أن يقال نعم يحذف الفعل والفاعل ، وأن يقال : نعم قام زيد بذكرهما ، يجوز أن يقال : نعم قام بذكر الفعل وحذف الفاعل ، فيجوز حذف الفاعل ، قلت : إذا قيل في جواب قام زيد : نعم قام كان الفاعل ضميرا مستترا في قام راجعا إلى زيد المذكور في السؤال لا محذوفا فلم يلزم حذف الفاعل وحده. (عصمت).

(٦) فقوله : (نعم) أي : نعم زيد قام ، فإن نعم دالة التصديق ما سبق عليه ، وحذف الجملة ههنا جائز لا واجب ، ونعم قرينة له لا سادة مسد الجملة فلو كانت سادة الجملة كان الحذف واجبا ، فإن السؤال قرينة دالة على جنس المحذوف ، ونعم قرينة دالة على كيفية نسبة من الإيجاب والسلب ، إنما حكم بعد نعم بحذف الفعل والفاعل معا ؛ لأن نعم حرف التصديق لا يفيد معناه الإفرادي بالضمان إلى غيره ، وهو ههنا أفاد معنى الكلام المستقل ، فلا بد من تقدير الكلام المدلول عليه بقرينة الكلام الذي صدق لفظ نعم. (ح ص ع م).


(وإذا (١) تنازع (٢) الفعلان) بل العاملان (٣) ؛ إذ التنازع يجري في غير الفعل أيضا ، نحو : زيد معط ومكرم عمرا ، وبكر كريم وشريف أبوه ، واقتصر على الفعل لأصالته في العمل (٤) وإنما قال : (الفعلان مع أن التنازع قد يقع في أكثر من فعلين اقتصارا على أقل مراتب التنازع ، وهو الاثنان (ظاهرا) أي (٥) : اسما ظاهرا واقعا (٦) (بعدهما) أي : بعد الفعلين ؛ إذ المتقدم عليهما والمتوسط (٧) بينهما معمول للفعل الأول ، إذ هو يستحقه (٨) قبل الثاني ، فلا يكون فيه مجال تنازع ومعنى تنازعهما (٩) فيه : أنهما بحسب المعنى

__________________

(١) قوله : (إذا) ظرف مستقبل خافض شرطه منصوب بجوابه عند الأكثرين ، وعند المحقق إن عامل إذا شرطه كمتى فلا يكون حينها مضافا ؛ إلى شرطه لئلا يلزم إعمال المضاف ، إليه في المضاف وجواب إذا محذوف تقديره: وإذا تنازع يجوز إعمال كل واحد منهما ، لكن الاختلاف في المختار وقوله : وقد يكون لا يحتمل أن يكون جزاء له ولا قوله فيختار. (لمحرره).

(٢) أي : إذا قصد توجه الفعلين إلى اسم واحد ، وهذا في القلب ، وأما بعد التركيب فلا تنازع ؛ إذ كل يسند في معموله من مضمرا محذوف أو مذكور ، وهذا شروع في حكم في آخر للفاعل وهو إضماره عند التنازع في ذكر أحد التنازع استطراد (هندي).

(٣) عطف على مقدر تقديره ليس المراد الفعلين فقط بل العاملان من قبيل عطف العام على الخاص إيذايا لعموم التنازع (قدامي).

ـ سواء كان اسما أو فعلا أو حرفا ، مثال تنازع الحرفين قوله تعالى : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)[البقرة : ١٦٤] ؛ لأن أن يطلب النصب ، وفي يطلب الجر. (لمحرره).

(٤) وذلك لأن الفعل إنما يعمل ؛ لافتقاره إلى غيره ، والفعل أشد افتقارا ؛ لأن حدثه يقتضي صاحبا ومحلا وزمانا ، وعلة فيكون افتقاره من جهة الأحداث ، أو من جهة التحقق ، وليس في الاسم إلا الثاني هذا. (حلبي).

(٥) وإنما قيد فيه المعمول به ؛ لامتناع التنازع في المضمر ؛ لاستواء الفعلين في الإضمار لدفع الالتباس. (عوض أفندي).

(٦) ظرف تنازع ، أو ظرف مستقر منصوب المحل ، صفة ظاهرا ، أو مفعول مطلق لتنازع بحذف الموصوف ، أي: واقعا بعدهما. (معرب).

(٧) ولا يجوز التنازع في المتوسط عند الجمهور ، وأجاب أبو علي الفارسي.

(٨) وهو طالب والاسم مطلوب ، والمرام مفقود ، أو هو مؤثر ، والاسم قابل ، والمانع مرتفع. (عب).

(٩) قوله : (ومعنى تنازعهما فيه) وفيه إشارة إلى أن قول المصنف : ظاهرا مفعول فيه لا مفعول به مبني على حمل التنازع على معناه العرفي ، يعني : التنازع في الخصوم ، وجملة فاضل الهندي على معناه الأصلي ، يعني : التجارب حيث قال : من قبيل تجاربنا الثوب ، وجعل ـ


يتوجهان إليه ، ويصح أن يكون هو مع وقوعه في ذلك الموضع معمولا لكل واحد منهما على البدل فحينئذ (١) لا يتصور تنازعهما في الضمير المتصل ؛ لأن المتصل الواقع بعدهما يكون متصلا بالفعل الثاني ، وهو مع كونه متصلا بالفعل الثاني لا يجوز أن يكون معمولا للأول كما لا يخفى (٢).

وأما الضمير المنفصل الواقع بعدهما ، نحو : ما ضرب وأكرم إلا أنا ، ففيه تنازع لكن لا يمكن قطعه بما هو طريق القطع عندهم ، وهو اضمار الفاعل في الأول عند البصريين(٣)،وفي الثاني عند الكوفيين ؛ لأنه لا يمكن إضماره مع (إلّا) لأنه حرف لا يصح اضماره ولا بدونه لفساده المعنى ؛ لأنه يفيد ، نفي الفعل عن الفاعل ، والمقصود إثباته له.

ومراد المصنف (٤) ...

__________________

ـ قوله : (ظاهرا) مفعولا به لا مفعولا فيه ، وعلى كلا التقديرين يكون التنازع في هذا المقام مجازا ، ولذا قال : إنهما بحسب المعنى يتوجهان إليه. (جلبي).

(١) أي : حين كون معنى التنازع بحسب المعنى يتوجهان إليه ، ويصح. (رضا).

(٢) لأن المتصل يجب اتصاله بعامله ، وإنما هو كجزئه لا يتصل بعامل آخر سواء كان ضميرا غائبا أو مخاطبا أو متكلما وسواء كان الضمير مرفوعا أو غيره ؛ إذ لا تنازع في الضمير المتصل ، لعدم قطع التنازع بالحذف ، ولا بالإضمار. (سيدي).

ـ قوله : (فلا يكون فيه مجال تنازع) مقتضاه أنه لا يصح التنازع ، ولا يجوز أن يكون العمل إلا للأول ، وليس كذلك بل صرح الشيخ بوجود التنازع إذا كان المقدم أو المتوسط مفعولا ، وأتفق هو والسيد بأنه يجوز إعمال الثاني ، وحقق أن المراد إعمال الأول مختار الفريقين حينئذ ، وليس في النزاع المذكور ، فلعل ذلك مراد الشارح ، ومنه يظهر أن في الدليل بحثا وجوابا ، ولك وأن تقول : إنه ليس من التنازع اصطلاحا بل من تجويز وجهين في كل ، فتأمل. (عيسى الصفوي).

(٣) لأنهم اختاروا إعمال الفعل الثاني ؛ لقربه ولعدم الفصل بين العامل والمعمول بأجنبي ، ولورود الاستعمال. (م ت).

(٤) قوله : (ومراد المصنف) الأولى أن يقول : (المراد ما فيه الأحكام المذكورة) ليتم القاعدة الكلية ، إذ لا يظهر داع إلى تخصيص الإرادة بالطريقة المذكورة ، إذ الغاية مناسبة إرادة حال الفاعل ؛ لأنه في بابه ، وأما إرادة الإضمار فقط ففيه ما فيه ، على أنه يتجه أن في الظاهر أيضا ما لا يمكن إضمار الفاعل بأن يكون بعد إلا ، فكما أنه خصص ذلك فليعمم الكلام أولا ، ويخصص الضمير الفاعل بعد إلا أيضا ، ويمكن دفعه أن الاهتمام على عموم القاعدة وكان الضمير غالبا خارجا ، فأخرجه حفظا على العموم والضبط بحسب الإمكان ، وأطلق الظاهر وأراد التخصيص بالضرورة فتأمل. (عيسى).


بالتنازع هاهنا : ما يكون طريق قطعة إضمار الفاعل ، فلهذا (١) خصه بالاسم الظاهر ، وأما التنازع الواقع في الضمير (٢) المنفصل فعلى مذهب الكسائي (٣) : يقطع بالحذف ، وعلى مذهب الفراء (٤) : يعملان معا ، وأما على مذهب غيرهما فلا يمكن (٥) قطعه ؛ لأن طريق القطع عندهم الإضمار وهو ممتنع ، لما عرفت ، (فقد يكون) (٦) أي : تنازع الفعلين (في الفاعلية) (٧) بأن يقتضى كل منهما أن يكون الاسم الظاهر فاعلا له ، فيكونان متفقين في اقتضاء الفاعلية (٨) (مثل : ضربني وأكرمني زيد).

__________________

(١) أي : لكون مراد المصنف هاهنا ما يكون طريق قطعة ؛ لإضمار الفاعل. (ت).

(٢) إذا كان المنفصل منصوبا نحو : ضرب وأكرم إلا أباك ، جاز أن يجري التنازع فيه بالحذف. (توقادي).

(٣) وكان الكسائي معلما لهارون الرشيد ولابنه محمد أمين بعده ، ومولده في الكوفة ، وهو أحد القراء السبعة ، اسمه علي ، وكنيته أبو الحسن ، ومات في يوم واحد مع إمام محمد رحمه‌الله في الري ، حين سافرها دون الرشيد إلى خراسان ، وقال الرشيد : دفنا اليوم الفقه والعربية. (ابن خلكان وجوهرة).

(٤) اسمه يحيى ، وكنيته أبو زكريا ، وكان إماما بين علماء الكوفة في النحو ، ثم جاء إلى بغداد ؛ لوصول المأمون خليفته لوصل واعي ، وجعل معلما لولديه ، ومات في طريق مكة لسنة سبعة ومائتين بعد الهجرة ، وكان متورعا ولم يكن مثل في التورع والزهد. (ابن خلكان وغيره).

(٥) قوله : (فلا يمكن) القطع انقطع ممكن بالتكرار ؛ لأن العرب لم تفعل ، فالمراد أن طريق القطع فيما تحقق في كلام العرب الإضمار بادئ الرأي ، وغيرهما يقطع التنازع بطريق الكسائي بالحذف كما ذكره الشيخ ، فالمراد أنه لا يمكن على ما هو مذهبه المعتاد ، لا المذهب عدم إمكان القطع ، ثم إن الكسائي إنما تجاوز عن مذهبه المعتاد من إضمار الفاعل في الثاني عند إعمال الأول ؛ لأنه حينئذ يحذف الفاعل سواء أعمل الأول أو الثاني عنده ، لما كان من طريقته المعتادة حذف الفاعل في الجملة ، صح أنه لم يتجاوز عن المعتاد في الجملة ، فتدبر. (عيسى).

(٦) قوله : (فقد يكون .. الخ) فلا يخلو إما أن يكون التنازع في الفاعلية ، فعلى هذا جواب الشرط فقد يكون، أو يكون جواب الشرط قوله : (فإن أعملت) ، ويكون المعنى : إذا تنازع الفعلان بأحد الأنحاء الثلاثة يجوز لك إعمال الثاني والأول ، فإن أعملت ... إلخ ، وبعض النسخ فيختار البصريون بالفاء حينئذ يحتمل أن يكون ذلك الكلام (ماشكندي).

(٧) ولم يقل في الفاعل مع أنه أحصر ؛ ليكون أعم من الفاعل الحقيقي والحكمي ، مثل مفعول ما لم يسم فاعل. (م).

(٨) وإن اقتضى أحدهما فاعلا حقيقا ، والأخر (عصمت) مفعول ما لم يسم فاعله الذي هو فاعل حكمي. (عصمت).


وقد يكون تنازعهما (في المفعولية) بأن يقتضي كل منهما أن يكون الاسم الظاهر مفعولا له فيكونان متفقين في اقتضاء المفعولية (مثل : ضربت وأكرمت (١) زيدا) (٢) ، (و) قد يكون تنازعهما (في الفاعلية والمفعولية) وذلك (٣) يكون على وجهين (٤) :

أحدهما : أن يقتضي كل منهما فاعلية اسم ظاهر ومفعولية اسم ظاهر آخر ، فيكونان متفقين في ذلك الاقتضاء مثل : ضرب (٥) وأهان زيد عمرا ، وليس (٦) هذا قسما ثالثا من التنازع (٧) ، بل هو اجتماع القسمين الأولين.

وثانيهما : أن يقتضي أحد الفعلين فاعلية اسم ظاهر ، والآخر مفعولية ذلك الاسم الظاهر بعينه ، ولا شك في اختلاف اقتضاء الفعلين في هذه الصورة ، وهذا هو القسم الثالث المقابل للأولين (٨).

__________________

(١) وقد يقال : الإعراب صريح أو غير صريح ، فالصريح أن يختلف آخر الكلمة باختلاف العوامل كما كان في زيدا في مثال المتن ، وغير صريح وهو أن يكون الكلمة موضوعة على وجه مخصوص من الإعراب ، وذلك لا غير.(لباب).

(٢) أو غير صريح كقوله تعالى : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ)[النساء : ١٧٦] ، فإن يستفتونك ويفتيكم تنازعا في الكلالة وهو مفعول غير صريح ؛ لأنه لو كان صريحا ؛ لكان منصوبا. (كاملة وسيدي).

(٣) أي : تنازع الفعلين في الفاعلية والمفعولية. (عجدواني).

(٤) قوله : (على وجهين) وله وجه آخر أيضا غير ما ذكر من الوجهين ، وهو أن يقتضى أحد الفعلين الفاعل والمفعول ، والآخر المفعول فقط نحو : ضربت وحسبت زيدا منطلقا إن كان النزاع في : زيدا منطلقا ، بأن يكون فاعلا ومفعولا للأول ، أو يكون مفعولا للثاني. (عصمت).

(٥) لأن ضرب وأهان تنازعا بالفاعلية في زيد ، والمفعولية في عمرو فإنهما لا يكونان مختلفين في الاقتضاء بل متفقان في اقتضاء الفاعلية والمفعولية. (س).

(٦) قوله : (وليس هذا) لما يتوهم أن هذا قسم آخر من التنازع لم يذكره المصنف ، وذلك أن النزاع على ثلاثة أقسام : أحدها : أن يتفقان في اقتضاء الفاعلية ، والثاني : في اقتضاء المفعولية ، والثالث : أن يختلفا فيهما بأن يقتضى أحدهما فاعلية والثاني المفعولية ، وهذا قسم اجتماع القسمين لا آخر ، إذا لم يشترط في اقتضاء الفاعلية قيد فقط (وجيه الدين).

(٧) بل اجتماع القسمين الأولين فإن وحدة المقسم معتبرة في جميع التقسيمات ؛ لئلا يحل في الحصر اجتماع القسمين. (عصمت).

(٨) لأن في القسم الأول الاقتضاء في الفاعلية فقط ، وفي القسم الثاني في المفعولية لا غير ، فيكونان متفقين فيه ، أي : في الاقتضاء ، وفي هذا اختلف الاقتضاء كما عرفت ، فيكونان مقابلان لهما. (توقادي).


فقوله : (مختلفين) (١) لتخصيص (٢) هذه الصورة بالإرادة (٣) ، يعني : قد يكون تنازع الفعلين واقعا في الفاعلية والمفعولية حال كون الفعلين مختلفين في الاقتضاء وذلك لا يتصور على وجوه كثيرة (٤) ، مثل : ضربني وضربت زيدا ، وأكرمني وأكرمت زيدا ، وأكرمني وضربت زيدا ، وغير ذلك (٥) مما يكون الاسم الظاهر مرفوعا.

(فيختار) (٦) ...

__________________

(١) والمراد بالمختلفين المختلفان لفظا أو عملا شرطا وجزاء ، فلا ينقص بمثل ضربت وضربني ، قوله : (مختلفين) حال والعامل فيه معنى فعل يستفاد من الضمير المستتر في قوله : (فقد يكون) لرجوعه إلى تنازع الفعلين ، المدلول عليه بقوله : (إذا تنازع الفعلان) لأن العامل نفس الضمير. (غجدواني).

يعني : يقتضي الأول الفاعل والثاني المفعول وبالعكس ، فعلى هذا يكون معنى مختلفين متعاكسان ؛ ليكون الأقسام أربعة. (غجدواني).

ـ خبر كان المحذوف ، أي : كانا مختلفين عملا أحدهما رافع والآخر ناصب نحو : ضربني وأكرمت زيدا. (هندي).

(٢) قوله : (لتخصيص هذه الصورة بالإرادة) ، يعني : أن قوله : (مختلفين) ليس قيد احتراز بدليل ، هو بيان لما هو المراد من القسم الثالث. (الداشكندي).

(٣) أي : إرادة المصنف من قوله : (وقد يكون بالتنازع في الفاعلية والمفعولية) الوجه الثاني لا الأول.(لمحرره).

(٤) بأن تأخذ الفعلين من أول المثالين نحو : ضربني وأكرمت زيدا ، أو تأخذ من ثانيهما مثل أكرمني وأكرمت زيدا ، أو تأخذ الأول من أوليهما في الثاني من ثانيهما ، مثل ضربني وأكرمت زيدا وبالعكس ، مثل أكرمني وضربت زيدا ، هذا إذا كان الاسم الظاهر منصوبا وأما إذا كان الاسم مرفوعا فكذلك ، وذلك بالعكس في الأخذ مثل ضربت وضربني زيد وأكرمت أكرمني زيد وضربت وأكرمني زيد وأكرمت وضربني زيد. (وجيه).

ـ قوله : (على وجوه كثيرة مثل ... الخ) وهذه الصور الاسم الظاهر فيما في ذاته صالح ؛ لأن يكون معمولا لهما على البدل ، مع قطع النظر عن الإعراب وفي الذهن قبل إجراء الإعراب ، فصدق التعريف. (عيسى الصفوي).

(٥) وأشار إلى أربعة أخرى بقوله : (وغير ذلك) يكون الاسم الظاهر فيه مرفوعا ، وفي هذا الفعل الأول اقتضى الفاعل والثاني المفعول ، وثمانية أخرى بأن يكون الفعل مقتضيا للمفعول والثاني الفاعل. (عصمت).

(٦) والجملة عطف على الجزاء المحذوف ، أي : وإذا تنازع الفعلان ظاهرا بعدهما يجوز إعمال كل منهما ، ويختار البصريون إن كان تحيا ، وإن كان بالفاء ، فكان جزاء إذا تنازع. (هندي). ـ


النحاة (البصريون (١) إعمال) الفعل (الثاني) أي إعمال الفعل الثاني لقربه مع تجويز إعمال الأول (و) يختار النحاة (الكوفيون (٢) إعمال الأول) أي : إعمال الفعل الأول مع تجويز إعمال الثاني لسبقه ،

وللاحتراز عن الإضمار قبل (٣) الذكر (فأن أعملت) (٤) الفعل (الثاني) كما هو مذهب البصريين.

وبدأ به ؛ لأنه المذهب المختار الاكثر استعمالا (أضمرت (٥) الفاعل) في الفعل (الأول) إذا اقتضى الفاعل ، لجواز الإضمار قبل الذكر في العمدة بشرط التفسير ، وللزوم التكرار بالذكر ، وامتناع الحذف. (على وفق) الاسم (الظاهر) الواقع بعد الفعلين ، أي : على موافقته افرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا ؛ لأنه مرجع الضمير ، والضمير يجب أن يكون موافقا للمرجع في هذه الأمور (دون الحذف) (٦) لأنه لا يجوز

__________________

ـ لم يقل : فالمختار إعمال الثاني ، خلاف للكوفيين مع أنه أحصر ، وبعبارته في البيان أوفق ؛ لأنه حينئذ لا يعلم أن المختار عند الكوفيين إعمال ؛ لاحتمال المساوات. (الداشكندي).

(١) والمراد من البصريين أن يكون جمعيهم من البصرة ، بل لو كان بعضهم من البصرة ووافقهم آخر ، وقال ما قالوا ، سمي كلهم ببصريين ، فلا يرد أن الكسائي كوفي ، فكيف عده من البصريين. (عصمت).

(٢) ويلزم واحد من الفريقين مخالفة القاعدة ، أما البصريون فيلزمهم الإضمار قبل الذكر في الفاعل وهم منعوه ، وأما الكوفيون فيلزمهم الفصل بين الفاعل وهو الفعل ، وبين مفعوله بأجنبي وهو الفعل الثاني. (قالي).

(٣) ويجاب من طرف البصريين بأن الإضمار قبل الذكر بشرط التفسير في الجملة جائز ، نحو : نعم رجلا ، و (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)[الاخلاص : ١] ، بخلاف وحذف الفاعل بدون سد شيء مسده ، فإنه لم يوجد أصلا.(هندي).

(٤) بناء الخطاب الفاء جزائية أو تفسيرية ، شروع إلى مذهب الفريقين.

ـ إذا كان العاملان متساويان في القوة ، وأما إذا كان أحدهما فعلا والآخر شبه فعل ، فلا شك أن إعمال أولى ؛ لقوته مقدما كان أو مؤخرا. (الداشكندي).

(٥) احترز بقوله : (أضمرت) عن الإظهار ، فإنه لو أظهر لم يكن من هذا الباب ، والمراد بالفاعل هو الفاعل أو ما يقوم مقامه فيدخل مثل ضرب وضربت زيد. (متوسط).

(٦) قوله : (دون الحذف) دون بمعنى غير صفة مصدر محذوف ، والتقدير إضمار غير حذف الفاعل الأول.(شارح أول).


حذف الفاعل (١) إلا إذا سد شئ (٢) مسده (خلافا للكسائي) فإنه لا يضمر الفاعل في الفعل الأول بل يحذفه تحرزا عن الإضمار قبل الذكر.

ويظهر أثر الخلاف في نحو : (ضرباي وأكرمني الزيدان) عند البصريين (٣) ، وضربني وأكرمني الزيدان (٤) ، عند الكسائي.

(وجاز) أي : اعمال الفعل الثاني مع اقتضاء الفعل الاول الفاعل (خلافا للفراء)(٥) فإنه لا يجوز أعمال الفعل الثاني عند اقتضاء الفعل الأول الفاعل ؛ لأنه يلزلم على تقديره (٦) إعماله : إما الإضمار قبل الذكر كما هو مذهب الجمهور ، أو حذف الفاعل كما هو مذهب الكسائي ، بل يجب عنده إعمال الفعل الأول ، فإن اقتضى الثاني الفاعل أضمرته ، وإن اقتضى المفعول حذفته أو أضمرته ، تقول : ضربني وأكرماني الزيدان ، وضربني واكرمت الزيدان ، أو ضربني وأكرمتهما الزيدان ولا يلزم حينئذ محذور (٧) وهو الإضمار قبل الذكر أو حذف الفاعل.

__________________

(١) لأن حذف الفاعل أشنع من الإضمار قبل الذكر ؛ لأنه جاء بعده ما يفسره ، وإن لم يجيء لمحض التفسير كما في أبه رجلا. (داود خوافي).

(٢) بأن حذف الفاعل وأقيم المفعول مقامه ، مثل ضرب زيد ، بدل قوله : ضرب عمرو زيدا. (لمحرره).

(٣) لأنهم لم يحترزوا عن الإضمار قبل الذكر في العمدة ، فإن ألف الضمير في ضرباني راجع إلى الزيدان. (محمد أفندي).

(٤) أو جمعا نحو : ضربوني ، وأكرمت الزيدون ضربتني ، وأكرمت هندين أو ضربتني ، وأكرمت الهندين وضربتني ، وأكرمت الهندان. (متوسط).

(٥) أي : يخالف هذا القول بالجواز ، خلافا للفراء فإنه يمنع جواز ذلك للزوم أحد المحظورين ، الإضمار قبل الذكر وحذف الفاعل. (هندي).

ـ اعلم أن جواز الإضمار قبل الذكر في خمسة مواضع : الأول : في ضمير الشأن نحو : هو زيد قائم ، والثاني : في ضمير رب نحو : ربه رجلا ، والثالث في نعم نحو : نعم الرجل ، والرابع في تنازع الفعلين نحو : ضرباني وأكرمني الزيدان ، والخامس في بدل المظهر من المضمر نحو : ضربته زيدا. (س).

(٦) قوله : (على تقدير إعمال الثاني مع متعلقه المحذوف في محل النصب على الحالية من قوله : (الإضمار) ومن قوله : (حذف الفعل) قدم الحال هنا على صاحبه ، للتخصيص. (توقادي).

(٧) لا الإضمار قبل الذكر لفظا ورتبة كما هو مذهب البصريين ، ولا حذف الفاعل من غير إقامة ـ


وقيل : روى عنه تشريك (١) الرافعين ، أو إضماره بعد الظاهر كما (٢) في صورة تأخير الناصب ، تقول : ضربني وأكرمني زيد هو ، وضربني وأكرمت زيدا هو.

ورواية المتن غير مشهورة عنه (٣) (وحذفت المفعول) تحرزا (٤) عن التكرار لو ذكر ، وعن الإضمار (٥) قبل الذكر في الفضلة لو أضمر (أن استغنى (٦) عنه (٧) وإلا) (٨) أي : وإن لم يستغن عنه (أظهرت) أي : المفعول ، نحو : حسبني منطلقا ، وحسبت زيدا منطلقا؛ لأنه لا يجوز (٩) حذف أحد مفعولي باب حسبت ، ولا يجوز إضماره ، لئلا يلزم

__________________

ـ شيء مقامه كما هو مذهب الكسائي ، بل اللازم في الإضمار قبل الذكر لفظا لا رتبة ، أو حذف المفعول وكلاهما جائزان فلا محذور. (م).

(١) قوله : (روي تشريك .. الخ) فيلزم توارد العلتين على معلول واحد ، وذلك غير جائز ؛ وذلك لأن العوامل النحوية بمنزلة المؤثرات الحقيقية عندهم. (عب).

(٢) قوله : (كما هو) ، خبر لمبتدأ محذوف هو المشبه ، تقديره إضمار فاعل الفعل الأول بعد الاسم الظاهر كائن كما في ... إلخ. (ح).

(٣) أي : عن الفراء بل الرواية المشهورة عنه تشريك الرافعين وإضماره ، كما هو رواية القيد. (غجدواني).

(٤) فلا يقال : ضربت وأكرمت زيدا زيدا ؛ للزوم التكرار ، ولا يقال : ضربته وأكرمت زيدا ؛ للزوم الإضمار قبل الذكر. (ص).

(٥) قوله : (وعن الإضمار) قيل : وربه رجلا شاذ ، قلت : قد سبق أن الإضمار قبل الذكر بشرط محض التفسير لا يخص العمدة نحو : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ)[فصلت : ١٢] ، نعم الأولى أن يقول : وعن الإضمار قبل الذكر ، من غير محض التفسير في الفضلة. (ع ص).

(٦) استغنى فعل الشرط ، والجزاء محذوف وجوبا بقرنية ما قبل ، أي : حذفت المفعول ، وإنما وجب حذف الجزاء لكون الجملة المتقدمة عوضا عنه ، أو كالعوض عنه. (تركيب).

ـ بأن يكون في غير أفعال القلوب سواء كان من الفعل المقتضي للمفعول الواحد ، أو المفعولين مثال الأول نحو : ضربت وضربني ، ومثال الثاني أعطيت وأعطاني زيد درهما. (عافية).

(٧) أي : عن ذكر المفعول وإظهاره ، لا عن نفس المفعول فلا يرد أن الاستغناء عن المفعول في الفعل المتعدي غير متصور. (عصمت).

(٨) مركبة من أن ولا ، قلبت النون إلى اللام ، ثم أدغم في لام لا ، فصار إلا ، لا مفردة من حروف الاستثناء بدليل دخوله الواو عليه. (ص).

(٩) لأنهما بمنزلة الواحد ، فلو حذف أحدهما لكان كحذف الجزء ، وهو غير جائز. (محمد أفندي).


الإضمار (١) قبل الذكر في الفضلة.

(إن أعلمت الفعل الأول) كما هو مختار الكوفيين (أضمرت الفاعل في) (٢) الفعل الثاني لو اقتضاه نحو : ضربني وأكرمني زيد ، إذا جعلت (زيدا) فاعل (ضربني) وأضمرت في أكرمني ضميرا رجعا إلى زيد ، إذا جعلت (زيدا) فاعل (ضربني) وأضمرت في أكرمني ضميرا راجعا إلى زيد ، لتقدمه رتبة ، فلا محذور فيه حينئذ (٣) ، لا حذف الفاعل ولا الإضمار قبل الذكر لفظا ورتبة بل لفظا فقط ، وهو جائز (وأضمرت المفعول في) الفعل (الثاني) لو اقتضاه (على) المذهب (المختار) (٤) ولم تحذفه وإن جاز حذفه ، لئلا يتوهم أن مفعول الفعل الثاني مغاير للمذكور ، ويكون الضمير حينئذ راجعا إلى لفظ متقدم رتبة ، كما تقول : ضربني وأكرمته زيد (٥) (إلا (٦) أن يمنع مانع) من الإضمار كما

__________________

(١) والمراد من الإضمار هاهنا امتناع الإضمار متصلا ، فإنه لو كان منفصلا متأخر عن المفعول الثاني كقولك : حسبني وحسبت زيدا منطلقا إياه ، فذلك يجوز. (هندي).

(٢) على وفق الظاهر نحو : ضربت وضربني زيدا ، ضربت وضرباني الزيدين ، ضربت وضربوني الزيدين ، ضربني وأكرمني زيد ، ضربني وأكرماني الزيدان ، ضربوني وأكرموني الزيدون. (عيسى).

ـ والمراد من الفاعل هاهنا هو أو ما يقوم مقامه ؛ ليدخل مثل ضرب وأكرم على صيغة المبني للمفعول.(غجدواني).

(٣) أي : حين ، إذا جعل زيد فاعل ضربني ، وأضمر الفاعل في أكرمني. (محمد أفندي).

(٤) اعلم أنه إذا اقتضى الفعل الثاني المفعول عند إعمال الأول فله أربع احتمالات : الأول جواز الإضمار والحذف والإظهار ، والثاني تعين الإضمار ، والثالث تعين الحذف ، والرابع تعين الإظهار ، فإن جاز إضمار المفعول في الفعل الثاني مع جواز الحذف والإظهار ، فحينها المختار إضمار المفعول في الثاني بحسب الاستعمال ، جاز حذفه أيضا بحسب الاستعمال بالطريق المرجوح ، فأشار إلى هذا بقوله : (والمفعول على المختار) وتفصيله في العمل إن كنت طالبا فارجع إليه. (ص).

(٥) يعني : إذا حذفت المفعول ، ويقال : ضربني وأكرمت زيد ، يتوهم أن المكرم هو زيد أو غيره ، فإذا أضمرت ويقال ضربني وأكرمته يكون الضمير راجعا إلى زيد ، فإذا يرفع الإبهام. (ح).

(٦) قوله : (إلا أن يمنع مانع) استثناء من مدلول الكلام السابق أي : أضمرت على المختار وحذفت على غير المختار ، إلا أن يمنع مانع من الإضمار والحذف ، ولذا قال : فتظهر إشارة إلى الاستثناء ومتعلق بالأمرين.(الداشكندي).

ـ هذا مستثنى مفرغ ، أي : أضمرت في جميع الأوقات إلا وقت منع مانع عن الإضمار. (هندي).


هو القول المختار ، ومن الحذف كما هو القول الغير المختار (فتظهر) (١) المفعول فإنه إذا امتنع (٢) الإضمار والحذف لا سبيل إلا إلى الاظهار نحو : حسبني وحسبتهما منطلقين الزيدان منطلقا (٣) ، حيث أعمل (حسبني) جعل (الزيدان) فاعلا له و (منطلقا) مفعولا له ، وأضمر المفعول الأول في حسبتهما وأظهر المفعول الثاني وهو (منطلقين) لمانع وهو أنه لو أضمر مفردا خالف المفعول الأول ، ولو أضمر مثنى (٤) خالف المرجع وهو قوله : منطلقا، ولا يخفى أنه لا يتصور (٥) التنازع في هذه الصورة (٦) إلا إذا لاحظت المفعول الثاني اسما دالا على اتصاف ذات ما بالانطلاق من غير ملاحظة تثنيته

__________________

(١) الفاء لتفصيل المجمل المفهوم من الاستثناء ، أو استئناف ، أو جوابية ، وتظهر مضارع مخاطب من باب الأفعال. (ص).

(٢) لأنه يمتنع أن يقال : حسبني وحسبتهما إياه الزيدان منطلقا ؛ لأنه لما كان المفعول في باب حسبت مثنى ، ووجب أن يكون المفعول الثاني كذلك ؛ لكون الثاني عبارة عن الأول في المعنى. (متوسط).

(٣) وليس من باب التكرار إظهار المفعول الثاني فيه ؛ لاختلاف اللفظ إفرادا وتثنية. (غجدواني).

(٤) لأنك لو أضمر نحو : حسبتهما إياهما ؛ ليطابق المفعول الأول وهو هما ؛ لأن هما مبتدأ وخبر في الأصل ، وتطابقهما في الإفراد والتثنية والجمع واجب ، لخالف المرجع إليه وهو منطلقا. (داود الخوافي).

(٥) وكذا لا يتصور التنازع في مثل ضربني وأكرمت زيدا ، إلا إذا لاحظت زيدا ، اسما صالحا ؛ لأن يكون فاعلا ومفعولا مرفوعا ومنصوبا ، من غير ملاحظة فاعلية ومفعولية ورفعه ونصبه ، وإلا فالظاهر لا تنازع بين الفعلين فيه ؛ لأن الأول يقتضي أن يكون فاعلا مرفوعا والثاني مفعولا منصوبا ، فلا يتوجهان إلى أمر واحد فلا تنازع ، وكذا مثل ضرباني وأكرمت زيدين ، وكذا ضربني وأكرمت زيدا ؛ لامتناع توارث المؤثرين المستقلين على أثر واحد ، فظهر ما ذكرنا أن قوله : (.... الخ) ليس مخصوصا للصورة التي ذكرها ، بل عام لجميع صور التنازع ، ولهذا قالوا : إن التنازع إنما يكون في القلب قبل التركيب لا بعده ، وتأولوا قوله : (وإذا تنازع الفعلان) إلى قصد تنازعهما وهو ظاهر لا محل عنه لمن تأمل وتتبع ، ووقع لعصام لا يخفى فساده. (داود خوافي).

(٦) أي : صورة توجيه فيها أحد الفعلين إلى اسم ظاهر مثنى ؛ لكون مفعوله الأول مثنى والآخر مفردا ، حيث كان مفعوله الأول مفردا ؛ لأن معنى التنازع على ما سبق أنهما بحسب المعنى أن يتوجها إلى ذلك الاسم الظاهر ، ويصح أن يكون هو مع وقوعه في ذلك الموضع معمولا لكل واحد منهما على سبيل البدل ، وهذا المعنى ليس بموجود في هذه الصورة ، يعرف بالتأمل في وقت من الأوقات. (م).


وإفراده ، وإلا فالظاهر أنه لا تنازع بين الفعلين في المفعول الثاني ؛ لأن الأول يقتضي مفعولا مفردا والثاني مفعولا مثنى ، فلا يتوجهان إلى أمر واحد فلا تنازع فيه.

ولما استدل الكوفيين على أولوية أعمال الفعل الأول بقول امرئ القيس (١) :

ولو أنّ ما (٢) أسعى لأدنى معيشة

كفانى ولم أطلب قليل من المال

حيث قالوا : قد توجه الفعلان ، أعني : (كفاني ولم اطلب) إلى اسم واحد وهو قليل من المال ، فاقتضى الأول رفعه بالفاعلية ، والثاني نصبه بالمفعولية ، وامرؤ القيس (٣) الذي هو أفصح شعراء العرب أعمل الأول (٤) ، فلو لم يكن أعمال الأول أولى لما اختاره ؛ إذ لا قائل (٥) بتساوي الإعمالين ، فأجاب المصنف عن طرف البصريين وقال :

__________________

(١) صرح باسمه تنبيها على قوة الاستهشاد ، وضرورة الجواب عنه ، وقوله : (كفاني) بدل أو بيان لقوله. (لارى).

(٢) لو حرف شرط دلّ على امتناع الشيء الثاني لامتناع الأول ، أن حرف من حروف المشبهة بالفعل مصدرية مع بعدها في تقرير ، أي : لو أن أسعى ، والمصدر اسم أن ، لأدنى معيشة في محل الرفع خبر أن ، كفاني فعل ومفعوله (ني) ، قليل فاعله ، الواو لعطف لم أطلب على أكفاني ، لم أطلب جازم ومجزوم ، وفعل فاعله مستتر أي : لم أطلب أنا ، ومفعوله متعلق بقليل. (حل الأبيات).

(٣) قال النبي عليه‌السلام : «تأسفت على موت أربعة من الكفار على موت أنوشروان لعدله ، وحاتم الطائي لسخائه، وعلى امرئ القيس لشعره ، وعلى أبي طالب لبره» [لم أجده]. (نصيحة الملوك).

فإن امرئ القيس علم لابن حجر بضم الحاء ، ابن الحارث الكندي الشاعر الجاهل ، وهو أول من قصد القصائد ، وهذا الشاعر هو الذي قال في حقه حبيب الرب الباري : «امرؤ القيس قائد الشعراء إلى النار» أخرجه أحمد في مسنده (٧٠٨٧) ؛ لأنه أول من أحكم قوافيها. (سيوطي).

(٤) فلو أعمل الأول من غير ضرورة دل على أن إعمال الثاني ليس بفصيح ؛ إذ لا قائل بغير ما ذكر من إعمال الأول من غير ضرورة ، يكون دالا على إعمال الثاني ليس بأفصح ، ويقوي ذلك أي : لكون إعمال الثاني ليس بأفصح ، بأنه أعمل الأول مع ارتكاب ما يلزم من حذف المفعول من الثاني ، ولو أعمل الثاني يلزم ارتكاب أمر محذور ، وذلك أي : إعمال الأول مع ارتكاب في أن إعمال الأول أفصح. (نصيحة الملوك).

(٥) جواب سؤال مقدر ، كأنه قيل : لا يلزم من اختيار امرؤ القيس إعمال الأول أولويته ، محصل الجواب : أن الاحتمال ثلاثة : إما أولوية إعمال الأول كما هو مذهب الكوفيين ، أو الفعل ـ


(قول امرئ القيس (كفاني (١) ولم أطلب قليل من المال) ليس منه) أي : من باب التنازع (لفساد (٢) المعنى) على تقدير (٣) : توجه كل من كفاني ولم أطلب إلى (قليل من المال) لاستلزامه عدم السعي (٤) لأدنى معيشة ، وانتفاء كفاية قليل من المال ، وثبوت

__________________

ـ الثاني كما هو مذهب البصريين ، أو تساوي الإعمالان ، وذلك الثالث لم يوجد قائله فيلزم اختيار الأول أولويته. (غجدواني).

(١) اعلم أن هذا البيت المذكور دليل نقلي للكوفيين على مختارهم ، أي : على أن إعمال الأول أولى من إعمال الثاني ، ثم وجه الاستدلال به أن كفاني ، ولم أطلب تنازعا في قليل ، وأعطي الشاعر العمل للأول دون الثاني ، وهو من الفصحاء فلو لم يكن إعمال الأول أولى من إعمال الثاني مع إمكان إعماله هنا ؛ إذ لا تفاوت في النظم بين رفع قليل ونصبه ، ومع لزوم حذف المفعول من الثاني على تقدير إعمال الأول وهو ضعيف غير مختار ، وعدم لزوم حذف الشيء على تقدير إعمال الثاني لما اختاره ، فعلم منه أن إعمال الأول أفصح ؛ لأن الفصيح لا يختار إلا الفصيح. (عوض أفندي).

(٢) لفساد المعنى إضافة المصدر إلى الفاعل ، وهذا على تقدير توجههما إلى قليل من المال ... إلخ (هندي).

ـ أي : وإنما فسد المعنى إذا جعل الواو في قوله : (ولم أطلب) للعطف ، وأما إذا جعل حالا فلا فساد من الضمير المنصوب في كفاني. (نجم الدين).

ـ قوله : (لفساد المعنى) على تقدير كونه منه ؛ لاستلزمه اجتماع النقضين ، وبيان ذلك أن لو تدل على امتناع جزائها لامتناع شرطها ، سواء كانا مثبتين أو منفيين ، فإن كانا مثبتين يجب انتفائهما ، وإن كانا منفيين يجب ثبوتهما ، ولو كان أحدهما مثبتا ولآخر منفيا يجب نفي المثبت وثبوت المنفي ؛ لأن نفي النفي إثبات ، وأيضا حكم المعطوف على جزائها حكم جزائها ، فعلى هذا كان قوله : (ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة) لأنه مثبت وقع في سياق لو ، فلو توجه لم أطلب إلى قليل ، وهو معطوف على جزائها لوجب أن يكون فيه إثبات الطلب القليل ، فلزم من امتناع السعي لأدني معشية أن لا يكون طالبا لقليل من المال ؛ لأنه يستلزم. (عافية).

(٣) قوله : (على تقدير توجه كل من كفاني .. إلخ) إن قلت : هذا إذا كان لم أطلب معطوفا على كفاني ، وأما إذا كانت الجملة حالية أو معترضة أو معطوفة على الشرطية فلا يلزم هذا الفساد ، قلنا : لا يجوز الأول للزوم تقييد الجزاء بنقض الشرط ، ولا الأخير للزوم حمل الكلام على التأكيد دون التأسيس مع واو العطف ، والاعتراض تبنئو عن ذلك ؛ وذلك لأن نفي السعي مستلزم لنفي الطلب ، إن قلت : السعي الطلب البليغ ، فيكون أخص من الطلب ونفي الخاص ، لا يستلزم نفي العام ، قلنا : المراد بالسعي هنا الطلب مطلقا ؛ لأن الكفاية تحتاج إلى الطلب لا إلى الطلب البليغ. (عب).

(٤) لأنه يلزم اجتماع النقيضين ، وذلك مبني على معرفة مقدمتين : أحدهما أن لو لانتفاء الثاني ـ


طلبه المنافي لكل منهما ، وذلك (لأن لفظ لو) يجعل مدخوله المثبت شرطا كان أو جزاء أو معطوفا على أحدهما منفيا والمنفي من ذلك مثبتا ، فعلى هذا ينبغي أن يكون مفعول (لم أطلب) محذوفا (١) ، أي : لم أطلب (٢) العزّ والمجد ، كما يدل عليه البيت المتأخر ، أعني قوله :

ولكنّما أسعى لمجد مؤثل

وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي

وحينئذ يستقيم المعنى ، يعني : أنا لا اسمى لأدنى معيشة ، ولا يكفيني قليل من المال ، ولكني أطلب المجد الأصيل الثابت وأسمى له.

مفعول ما لم يسمّ فاعله

أي : مفعول فعل أو شبه فعل لم يذكر فاعله ، وإنما لم يفصله (٣) عن الفاعل ولم يقل: ومنه كما فصل المبتدأ حيث قال : ومنها المبتدأ والخبر ، لشدة اتصاله بالفاعل حتى سماه بعض النحاة (٤) فاعلا.

(كل (٥) مفعول حذف فاعله) أي : فاعل ذلك المفعول وإنما أضيف (٦) إلى

__________________

ـ لانتفاء الأول : فلو دخل لو على المثبت لصار ذلك المثبت منفيا ، ولو دخل على المنفي لصار ذلك المنفي مثبتا ، والثاني : أن حكم المعطوف على جواب لو حكم جواب لو. (متوسط).

(١) أي : نسيا منسيا كما في قوله : (يقبض ويبسط) أي : له القبض والبسط ، أي : لم يكن مني الطلب مع القليل من المال. (لباب).

(٢) أي : ولو كان سعى لقليل من المال المنفي ما وجدته منه ، ولم يكن مني طلب ، ولكن السعي لتحصيل مجد مؤثل أي : مدخر لنفسي أو عقبي يرجع إليه عند التفاخر. (شيخ الرضي).

(٣) قوله : (وإنما لم يفصله .. إلخ) ، اعلم أن الفصل هو ترك العطف ، وكان المصنف في هذا الكتاب فصل العنوانات وهو واقع هاهنا أيضا ، وأما إيراد منه أو منها في أول عنوان المرفوعات والمنصوبات ، فليس عادة له حتى يحتاج في تركه إلى نكتة ، بل محتاج في إيراده على أسلوبه ، وقوله : (ومنها) مبتدأ والخبر إلى نكتة. (عصمت).

(٤) ولا يرد نحو : أنبت الربيع البقل ، حيث كان في الأصل مفعولا فيه ؛ لأنه صرح عن كونه مفعولا فيه ، وصار فاعلا لصدق حد الفاعل. (هندي).

(٥) قيل : لفظ كل غير واقع موقعه ؛ إذ هو لإحاطة الأفراد والتعريف الماهية ، وأجيب عنه بأنه ذكر لبيان اطراد الحد ، ومحصول الجواب أن كل مفعول صدق عليه مفعول حذف فاعله ، صدق عليه أنه مفعول ما لم يسم فاعله. (متوسط).

(٦) قوله : (وإنما أضيف .. إلخ) جواب عن سؤال مقدر ، كأنه قيل : كان الأصل والقياس أن ـ


المفعول لملابسة (١) كونه فاعلا لفعل متعلق به.

(وأقيم هو) (٢) أي : المفعول (مقامة) أي : مقام الفاعل في إسناد الفعل أو شبهه إليه (وشرطه) أي : شرط مفعول ما لم يسم فاعله في حذف فاعله ، وإقامته مقام الفاعل ، إذا كان عامله فعلا.

(أن تغيّر صيغة الفعل إلى فعل) (٣) أي : إلى الماضي المجهول (ويفعل) أي : إلى المضارع المجهول فيتناول مثل : (افتعل واستفعل ، ويفتعل ويستفعل) وغيرها من الأفعال المجهولة (٤) المزيد فيها.

(ولا يقع) موقع الفاعل (المفعول الثاني من) مفعولي (باب علمت) لأنه مسند إلى المفعول الأول إسنادا تاما ، فلو أسند الفعل إليه ولا يكون إسناده إلا تاما لزم كونه مسندا ومسندا إليه معا ، مع كون كل من الإسنادين تامّا ، بخلاف : أعجبني (٥) ضرب

__________________

ـ يضاف الفاعل إلى الفعل ، فلم خالف ههنا؟ وأجاب بقوله : (وإنما .. إلخ) (سعد الله أفندي).

(١) يعني : إذا كان بين الشيئين ملابسة ، أي : مخالطة ومقارنة ، جاز أن يضيف أحدهما إلى الآخر ، ولا يلزم أن يكون المضاف ملك المضاف إليه أو وصفه. (مكمل).

(٢) تأكيد للضمير المستتر ، فإنما أكد ؛ لئلا يتوهم إسناد الفعل إلى قوله : (مقامه) فيخل المعنى. (هندي).

(٣) ولم يظهر الجر فيه ؛ لأنه يمتنع عن الصرف للوزن والعلمية ؛ لأنه اسم ماض مجهول ؛ لعدم اقترانه بالزمان ، والجار مع المجرور متعلق بتغير. (تركيب كافية).

ـ وهذا من باب ذكر العلم ، وإرادة الصفة المشهورة نحو : لكل فرعون موسى ، أي : لكل جبار عادل وقاهر. (هندي).

(٤) لكنه اقتصر المصنف على الثلاثي ؛ لكونه أصلا للرباعي وذي الزيادة. (رضي).

(٥) يعني : أن إسناد أعجبني إلى الضرب تام ؛ لأنه إسناد الفعل إلى الفاعل ، وهو تام ؛ إذ يصح السكوت عليه، بخلاف إسناد الضرب إلى زيد فإنه ليس كذلك ؛ إذ لم يصح السكوت عليه ، فلا يلزم كون الضرب مسندا ومسندا إليه في حالة واحدة بالإسنادين التامين. (غجدواني).

ـ وفيه نظر ؛ لأنه يجوز كون الشيء الواحد مسندا أو مسندا إليه في حالة واحدة ، إذا كان باعتبار الجهتين المختلفتين نحو : أعجبني ضرب زيد عمرا ، فإن أعجبني مسند إلى ضرب ، وضرب مسند إلى زيد ، فلو قال : في حالة واحدة من جهة واحدة ، لم يرد هذا السؤال أصلا ، فافهم. (غجدواني).


زيد ؛ لأن أحد الأسنادين ـ وهو إسناد المصدر (١) ـ غير تام (ولا) (٢) المفعول (الثالث من) مفاعيل (باب (أعلمت) ؛ إذ حكمه حكم المفعول الثاني من باب (علمت) في كونه مسندا (٣) (والمفعول له) بلا لام (٤) ؛ لأن النصب فيه مشعر (٥) بالعلّية وفلو أسند إليه الفعل فات النصب (٦) ، والإشعار بخلاف (٧) ما إذا كان مع اللام ، نحو : ضرب للتأديب. (والمفعول معه كذلك) أي : كل من المفعول له والمفعول معه كذلك أي : كالمفعول الثاني والثالث من باب (علمت وأعلمت) في أنهما لا يقعان موقع الفاعل.

أمّا المفعول له فلما عرفت ، وأمّا المفعول معه فلانه لا يجوز إقامته مقام الفاعل

__________________

(١) لأن المصدر ما لم يكن مشتقا ، ويكون بنفسه فاعلا ومفعولا ومضافا إليه إلى غير ذلك ، كالاسم الجامد لم يحتج إلى الفاعل ، فلم يكن إسناده إلى فاعله حين أسند تاما كالاسم الفاعل. (م).

(٢) لا زائدة ، ويقال : بدلها حرف الفاء هذا عند البصريين ، وعند الكوفيين يعبر عن الزائدة بالصلة أو الحشو. (زاده).

(٣) وكذا ثاني مفاعيل عند اللبس نحو : أعلم موسى عيسى أخاه ، بخلاف أعلمت زيدا هندا ذاهبة.(هندي).

(٤) قيل مع اللام أيضا لا يقع ؛ لأنه ليس من ضروريات الفعل فلا يشبه الفاعل ، ولا يقوم مقامه ، وكذلك المفعول معه. (عب).

(٥) قيل نصب الظرف أيضا مشعر بالظرفية ، فلا بد من بيان فارق ، ويمكن بيانه بأن ذات المفعول فيه يقتضي الظرفية ، والنصب يدل على قصدها ، بخلاف المفعول له فإن ذاته لا يقتضي العلمية وإنما يعلم عليته بالنصب كقصدها. (ع س).

ـ وفيه نظر ؛ لأن النصب لا يدل على العلمية بل إنما يدل عليها اللام المقدرة ، ويمكن أن يجاب عنه بأنه وإن كان لازما كما قلت ؛ لكون النصب دل على تقدير اللام دال على العلمية فكان النصب دالا عليها بالواسطة. (هندي).

(٦) قوله : (فات النصب) أي : فات النصب بسبب جعله مسندا مرفوعا ، وفات الإشعار بسبب النصب المشعر للعلية ، فعلى هذا لا يرد ما قيل : إن ذكر النصب مستدرك. (عصمت).

ـ قوله : (بخلاف ما إذا .. إلخ) فإن المشعر بعلية وكونه مفعولا له هو اللام ، وهو لم يتغير ولا بد أن يفهم معنى المفعولية في كل مفعول أقيم مقام الفاعل. (عصمت).

(٧) قوله : (بخلاف ما ... إلخ) يرد على الرضي حيث قال : كل مجرور ليس من ضروريات الفعل كالفاعل ، لم يقم مقامه كالمجرور باللام ، فلا يقال : جيء للمن وكذا كل ما يخالفه ؛ لأنه إذا كان باللام يقام مقام الفاعل. (الداشكندي).


مع الواو (١) التي أصلها العطف ـ وهي دليل الانفصال (٢) ، والفاعل كالجزء من الفعل ـ ولا بدون الواو فإنه لم يعرف حينئذ كونه مفعولا معه.

(وإذا (٣) وجد المفعول به) في كلام مع غيره من المفاعيل التي يجوز وقوعها موقع الفاعل (تعيّن) (٤) أي : المفعول به (٥).

(له) أي : لوقوعه موقع الفاعل ، لشدة شبهه (٦) بالفاعل في توقّف (٧) تعقّل الفعل عليهما ، فإن الضرب مثلا كما أنه لا يمكن تعقله بلا ضارب كذلك لا يمكن تعقله بلا مضروب ، بخلاف سائر المفاعيل ، فإنها ليست بهذه الصفة.

(تقول : ضرب زيد) باقامة المفعول به مقام الفاعل.

__________________

(١) لأن الواو يمنع الإسناد ، وتركه يغير ماهية المفعول معه. (هندي).

(٢) أي : انفصال ما بعدها عما قبلها ، لما عرفت أنها وضعت للفصل بين المعطوفين ، وتفيد تغايرهما. (توقادي).

(٣) استئناف ، أو اعتراض ، أو عطف على طريق عطف القصة على القصة. (معرب).

ـ يعني : إذا وجد المفعول به الذي تعدى إليه الفعل بنفسه لا بحرف ، يتعين أن يقام مقام الفاعل ؛ لأنه أقرب إلى الفاعل ؛ ولأنه في المعنى قد يكون فاعلا نحو : ضارب زيد عمرا ، فإن الفاعل لفظا هو المفعول معنى كذا ، المفعول لفظا هو الفاعل معنى. (قطب).

(٤) تعين فعل ماض بمعنى المستقبل ، كما في قوله تعالى : (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ)[النمل : ٨٧] ، (محمد أفندي).

والمراد بالتعين الوجوب عند البصريين ، وأما عند الكوفيين المراد بالتعين التعين الاستحساني لا الوجوبي ، يعني : إذا وجد المفعول به مع غيره يتعين للوقوع استحسانا ، حيث يجوز لغيره أن يقع موقعه.(خلاصة حواشي).

(٥) أي : إسناد الفعل إليه لبناء المجهول له ، وكون إسناده إليه حقيقي وإلى غيره من الملابسات مجاز ، لا يصار إلى غير الحقيقة مع إمكانها. (هندي).

(٦) لأن الفاعل والمفعول به يدلان على طرفي الفعل ، والفاعل على صدوره ، والمفعول به على وقوعه ، فبهذه المناسبة تشابه بالفاعل ، فتعين أن يقوم مقام الفاعل. (حافظ الداشكندي).

(٧) قوله : (في توقف تعقل الفعل .. إلخ) يعني كما لا يعقل الفعل بدون الفاعل ، كذلك لا يعقل بدون المفعول به ؛ إذ لا يتصور الحال ، بدون المحل كما لا يتصور بدون من صدر عنه ، بخلاف الظرف الزمان والمكان ، فإن وجود الفعل يتوقف عليهما لا تعقل ، فالاحتياج إليهما ليس كالاحتياج إليه. (وجبه الدين).


(يوم الجمعة) ظرف زمان.

(أمام الامير) ظرف مكان.

(ضربا شديدا) (١) مفعول مطلق للنوع باعتبار الصفة (٢) وفائدة (٣) وصف الضرب بالشدة التنبيه على أن المصدر لا يقوم مقام الفاعل بلا قيد مخصّص ؛ إذ لا فائدة فيه لدلالة الفعل عليه (في داره) (٤) جار ومجرور شبيه بالمفاعيل أقيم مقام الفاعل مثلها ، (فتعيّن (٥) (زيد) (٦) وأن لم يكن) أي : وإن لم يوجد في الكلام مفعول به (فالجميع) (٧) أي : جميع ما سوى المفعول به (سواء) في جواز وقوعها موقع الفاعل (و) المفعول (الأول : من باب أعطيت) (٨) أي : الفعل المتعدي إلى المفعولين.

ثانيهما غير الأول (أولى) بأن يقام مقام الفاعل (من) المفعول (الثاني) (٩) لأن فيه

__________________

(١) وصف المصدر ؛ لأنه لو قيل : ضرب لم يفيد ؛ لأن في ضرب دلالة عليه ، فلا فائدة في إسناده بخلاف إذا أضيف أو وصف أو عرف أو دخله تاء الوحدة أو تاء النوع ، فإنه حينئذ يقام مقام الفاعل نحو : ضرب ضرب الأمير ، وضرب ضرب شديد ، وضرب الضرب ، وضرب ضربة ، لأنه يفيد معنى لا دلالة عليه للفعل. (سعد الله).

(٢) وهي الشدة لا باعتبار الذات ؛ إذ لو كان كذلك لقيل ضربته بكسر الضاد. (توقادي).

(٣) جواب سؤال مقدر ، وهو : إن يقال أن ذكر الشديد في ضربا شديدا ، والجمعة ، في يوم الجمعة وكذا لغوا لأن ما يقوم مقام الفاعل هو الضرب واليوم .. إلخ. (لمحرره).

(٤) قوله : (في داره) مفعول به بواسطة حرف الجر على اصطلاح الجمهور ، وأما على اصطلاح المصنف فهو مفعول فيه ، حيث جعل تقدير في شرط النصب لا شرط المفعول فيه ، فيلزم تكرار نظير ظرف المكان ، وترك نظير المفعول به بالواسطة. (هندي).

(٥) والفاء تعليل على التمثيل المذكور ؛ لأنه إذا قيل : تقول كذا ، فتعين فكأنه قيل : مثاله كذا ؛ لأنه تعين زيد كما ترى. (هندي).

(٦) لأن يقوم مقام الفاعل ، وكذلك البواقي نحو : ضرب يوم الجمعة ، وضرب أمام الأمير ، وضرب شديد شديد ، وضرب في داره ، بأن يكون غير متعلق. (محمد أفندي).

(٧) الفاء جزائية ، فالجملة الاسمية مجزومة المحل جزاء الشرط ، والجملة الشرطية لا محل لها تفصيل ، وقيل استئناف واعتراض. (م ع).

(٨) وكذا المفعول الأول من باب أعطيت أولى من الثاني ؛ لأن الأول عالم والثاني معلوم. (عصمت).

(٩) لأنه مكتس وعاط أي : آخذ ، فهو أنسب أي : أقرب بالفاعل ، وأليق بالقيام مقامه ، ويجب عند اللبس نحو : أعطى زيد عمرا. (هندي).


معنى الفاعلية بالنسبة إلى الثاني (١) ؛ لأنه عاط ، أي : آخذ نحو : أعطي زيد درهما ، مع جواز (أعطي درهم زيدا) وذلك (٢) عند الأمن من اللبس ، وأما عند عدمه فيجب إقامة المفعول الأول نحو : أعطي زيد عمرا.

(المبتدأ والخبر)

(ومنها (٣) المبتدأ والخبر)

وفي بعض النسخ ، (ومنه) يعني : من جملة المرفوعات أو من جملة المرفوع المبتدأ والخبر. جمعهما في فصل واحد ، للتلازم الواقع بينهما على ما هو (٤) الأصل فيهما ، واشتراكهما في العامل المعنوي.

فالمبتدأ (وهو الاسم) (٥) ...

__________________

(١) إذ معنى أعطيت زيدا درهما بالتركي مثلا (بن زيدي درهم أخذ زيد يجيء قلدم مآخوذين درهم أخذا يتدردم) وهذا معنى قوله : (لأنه عاط ، أي : آخذ .. إلخ). (مصطفى جلبي).

(٢) أي : جواز وقوع المفعول الثاني موقع الفاعل ، مع أن وقوع المفعول الأول موقعه هو الأنسب والأولى واقع عند اللبس (م).

(٣) قوله : (ومنها المبتدأ والخبر) اعلم أن دأب المصنف في هذا الكتاب الفصل بين أقسام المرفوعات وغيرها ، ولما وصل هنا لزم علينا أن نذكر له نكته وقد سبق أن النحاة اختلفوا في أن الأصل في المرفوعات الفاعل أو المبتدأ ، وقدم الفاعل تنبيها على إن أصالته هو المختار ، ثم وصل المبتدأ تبنيها على أنه وإن لم يبلغ في الأصالة مرتبة الفاعل لا ينبغي أن يهجر بالكلية. (جلبي).

ـ قوله : (ومنها المبتدأ) قال : في بعض المواضع منه ، وفي بعضها منها إشعارا ، بأنه يصح إرجاع الضمير إلى كل من لفظ المرفوعات والمرفوع ، ولم يذكر في أكثر المواضع لا منه ولا منها ، أما في مفعول ما لم يسم فاعله ؛ فلأنه كالفاعل حيث عدت بعضهم من الفاعل ، وأما في خبر المبتدأ فللاتحاد بين المبتدأ والخبر ، وأما في الباقي ؛ فلأنه في الحقيقة مبتدأ وخبر. (ح).

ـ وإنما كان من المرفوعات لمشابههتما الفاعل ، أما مشابهة المبتدأ به إن كان بالمعنى الأول فلكونه محكوما عليه أيضا ، وإلا فلكونه أحد جزائي الجملة كالفاعل ، وأما مشابهة الخبرية فلكونه جزء ثانيا كالفاعل. (عافية).

(٤) أي : بناء على الأصل الكائن في المبتدأ والخبر ، وهو أن يكون المبتدأ والخبر من القسم الأول الذي كان المبتدأ مسندا إليه والخبر مسندا ؛ احتراز عن القسم الثاني من المبتدأ والخبر ؛ لأنه ليس بينهما التلازم ؛ لأن فيه المبتدأ دون الخبر بل فيه شيء الذي قام مقام الخبر. (محمد أفندي).

(٥) وهو ضمير فصل يؤتي بين المبتدأ والخبر ، إذا كانا معرفتين ؛ لئلا يلبتس بالصفة. (لمحرره).


لفظا وتقديرا ، ليتناول نحو : (وَأَنْ تَصُومُوا (١) خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة : ١٨٤].

(المجرّد (٢) عن العوامل اللفظية) أي : الاسم الذي لم يوجد فيه عامل (٣) لفظي أصلا، واحترز به عن الاسم الذي فيه عامل لفظي ، كاسمي (إنّ وكان) وكأنه (٤) أراد بالعامل اللفظي : ما يكون مؤثرا في المعنى ، لئلا يخرج عنه مثل : بحسبك درهم ، (مسندا إليه) واحترز به عن الخبر (٥) ، وثاني قسمي المبتدأ الخارج عن هذا القسم ، فإنهما لا يكونان إلا مسندين.

(أو الصفة) (٦) سواء كانت مشتقة كضارب ومضروب وحسن ، أو جارية مجراها كقرشي (٧) (الواقعة بعد حرف النفي) كما ولا (وألف (٨) الاستفهام) ونحوه ك : (هل وما ومن).

__________________

(١) مع ما عمل فيه جملة فعلية ، تركيب إسنادي في تأويل المفرد مرفوع المحل بأنه مبتدأ بتأويل الإضافة.(لمحرره).

(٢) اعلم أن التجريد يقتضي سبق الوجود ، وقد ينزل الإمكان منزلة الوجود ، كما في قولهم : (ضيق فم الركية ، وسبحان الذي صغر جسيم البعوض ، وكسر جسم الفيل) ، وقوله تعالى : (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ)[غافر : ١١] بنسبة العدم الأصل إماتة ، وهذا من هذا القبيل. (هندي).

(٣) قوله : (عامل) إشارة إلى أن هذا من قبيل عموم السلب لا سلب العموم ، باعتبار أن الألف واللام إذا دخل على الجمع اضمحل معنى الجمعية خصوصا في مقام النفي ؛ لأن هذا في قوة النفي ، وفواصلا ، رد على من قال : إن المراد بالعوامل اللفظية نواسخ المبتدأ والخبر. (مصطفى جلبي).

(٤) (ج عن س) وهو أنه إذا كان التجريد عن العوامل اللفظية شرطا في كون الاسم مبتدأ فلم يجز قولك. (م).

(٥) وكذا احترز به عن الأسماء التي لم يتركب مع عاملها نحو : واحد واثنان. (حواشي هندي).

(٦) أو للتنويع لا للشك ، فلا منع في استعماله في التعريف عطف على الاسم. (س).

(٧) كقريشي بحذف الياء التصغير منسوب إلى قريش ، اسم لأبي قبيلة تصغير على وزن فرس ، وهو دابة عظيمة يكون في بحر الهند تعبث بالسفن ، يفر من النار تأكل ولا تأكل وتعلو ولا تعلى ، فسمي به نضر بن كنانة من أجداد النبي عليه‌السلام ؛ لكمال قوته وشجاعته ، ثم يسمي به قبيلته كذا في البوادي. (مصطفى جلبي).

(٨) وكأنه ذكر ألف الاستفهام ؛ لأنها للأصل في باب الاستفهام وما عداها ملحق بها ، وليس الحال في صرف النفي كذلك ، أو ليست حرف هو الأصل في النفي ، وما عداه محمول عليه. (هندي).


ونقل عن سيبويه : جواز الابتداء بها من غير استفهام بها من غير استفهام وبقي مع قبح ، والأخفش يرى (١) ذلك حسنا (٢) ، وعليه قول الشاعر :

فخير نحن عند النّاس منكم (٣)

فخير : مبتدأ ، ونحن فاعله ، ولو جعل (خير) خبرا عن (نحن) لفصل بين اسم التفضيل ومعموله الذي هو (من) بأجنبي ، وهو غير جائز ، لضعف عمله ، بخلاف (٤) ما لو كان فاعلا ، لكونه كالجزء (٥).

(رافعة لظاهر) (٦) أو ما يجري مجراه ، وهو الضمير المنفصل ، لئلا يخرج عنه

__________________

(١) هذا على لغة من يعمل اسم التفضيل في الظاهر مطلقا ، حكاها سيبويه ويونس ، ولهذا قال ابن هشام في القطر : ولا يرفع في الغالب إلا في مسألة الكحل. (داود).

(٢) ووجه الحسن أن الصفة يعمل عمل الفعل ، كما أن الفعل يعمل مطلقا فكذلك الصفة التي تشابه.(كثير).

(٣) إذ الداعي المثوب آخر البيت ، قال بلال : التثويب في الفجر أن يقال : الصلاة خير من النوم. (سعد الله).

(٤) خبر مبتدأ محذوف ، أي : ذلك وما فيه مصدرية ، ولو زائدة أو بالعكس ، أي : بخلاف كون نحن .. إلخ.

(٥) الأولى أن يقول : لكونه معمولا ؛ إذ كل ما هو معموله من حيث أنه اسم التفضيل ليس بأجنبي ، وإن لم يكن كالجزء إلا أن يجعل لبيان الواقع. (داود).

(٦) قوله : (رافعة لظاهر) احتراز عن الصفة الواقعة بعد ألف الاستفهام وحرف النفي ، الرافعة لمضمر نحو : أقائمان الزيدان ، فإنها لم تكن مبتدأ بل خبر مبتدأ ، والزيدان فاعلا لها ساد مسد الخبر ، لم يثني ؛ لأن الفعل أو شبهة إذا أسند إلى ظاهر لم يثنى ولم يجمع ، كما هو المقرر من قاعدتهم ، فلو لم يقل رافعة لظاهر لكان مبتدأ ، وليس كذلك ؛ لأنه خبر مبتدأ ، وفيه نظر والصواب أن يقال : رافعة لغير ضمير مستتر ؛ ليخرج عنه مثل : قائمان الزيدان ، ويدخل فيه قائم الزيدون وقائم أنتم. (متوسط).

ـ فإن قلت : الاسم الفاعل في قائم زيد لما اعتمد على الهمزة عمل في زيد ، ومعمول اللفظ لا يكون خبرا ، ولهذا جعل النحويون زيدا في هذا المثال ساد مسد الخبر ، قلت : هذا سؤال لا يتخلص عنه كل فإن ذي دراية ، إلا بتحتم خرط القتاد وعرق القربة ، والجواب عنه أن قائم هنا ليس بمبتدأ على الحقيقة ، وجعل أحد قسمي المبتدأ ؛ ليس لأنه مبتدأ حقيقة والمبتدأ الحقيقي بالتحقيق هو القسم الأول واقع موقع المسند إليه ، وإنما هو في الحقيقة خبر بمعنى يقوم ، فلا حاجة إلى الخبر ، والمصنف في المفصل أشار إلى هذا المحصل. (غجدواني). ـ


نحو : قوله تعالى : (أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ) [مريم : ٤٧].

واحترز به عن نحو : (أقائمان الزيدان) لأن (أقائمان) رافع لمضمر عائد إلى (الزيدان) ، ولو كان رافعا لهذا الظاهر لم يجز تثنيته (مثل : زيد قائم) مثال للقسم الأول من المبتدأ (وما قائم الزيدان) مثال للصفة الواقعة بعد حرف النفي (وأقائم الزيدان؟) مثال للصفة الواقعة بعد حرف الاستفهام (فإن طابقت) أي : الصفة (١) الواقعة بعد حرف النفي أو ألف الاستفهام اسما (٢) (مفردا) (٣) مذكورا بعدها ، نحو : ما قائم زيد وأقائم زيد؟

واحترز به عما إذا طابقت مثنى نحو : أقائمان الزيدان؟ أو مجموعا نحو : أقائمون الزبدون؟ فإنها حينئذ خبر ليس (٤) إلّا ، (جاز الأمران) (٥) ...

__________________

ـ اعلم أن هذا الحد غير شامل لاسم الفعل ، مع أن مبتدأ على ما اختاره في باب أسماء الأفعال ، كرويد فإنه مبتدأ والضمير المستكن فاعل ساد مسد الخبر ، وجواب مبتدأ وما بعده خبره ، بمعنى أنه يحصل منها من الفائدة ، والخبر ما هو مصرح في عبارة المصنف ، وبه يندفع الإشكال وكون أسماء الأفعال مبتدأ مختلف فيه ، كما ذكره المصنف هناك في شرحه ، ومقصوده هاهنا تجريد المبتدأ الذي هو متفق عليه. (متوسط).

(١) نبه بهذا على أن ضمير طابقته لم يرجع إلى الصفة المذكور بجميع أوصافها ، فإنه لم يعتبر هاهنا كونها رافعة لظاهر ، فإنها لو كانت رافعة لظاهر لم يصح جعلها خبرا. (عصمت).

(٢) وإنما قدر اسما ؛ لأن قوله : مفردا صفة يقتضي موصوفا ، وهو الاسم هاهنا بقرنية المقام. (توقادي).

(٣) لأن المراد بقوله : مفردا أن يكون اسما ظاهرا بعدها ؛ لأنه لو كان قبلها لم يكن ظاهرا بل ضميرا. (م).

(٤) ويحذف المستثنى تحقيقا نحو : جاءني زيد ليس إلا ، أي : ليس زيد ، أي : ليس الجائي إلا زيد ، وإنما صح الاستثناء في إلا زيدا ؛ لأن ليس فيه ضمير عائد إلى الجائي الذي دل عليه الفعل ، والتقدير ليس الجائي.(لباب).

(٥) قوله : (جاز الأمران) يرد عليه ما طالع الشمس ، حيث يجوز فيه دفع الصفة على الخبرية ، وإلا لقيل : طالعت ، وكذا يرد عليه ما قامت الرجال ، حيث يجوز فيه الوجهان ، مع أن الظاهر جمع ، والجواب أنه في تأويل الجماعة. (حواشي هندي).

ـ أحدهما : أن يكون الصفة مبتدأ وزيد فاعلها ، فيدخل في الحد ؛ لكونها رافعة لمنفصل ، والثاني أن يكون زيد مبتدأ والصفة خبرا عنه مقدما عليه ، فيكون رافعة لمتصل ، فيخرج عن حده ، وعن سيبويه جواز الابتداء بها من غير استفهام ونفي مع قبح ، والأخفش يرى ذلك حسنا. (خبيصي رحمه‌الله).


كون (١) الصفة مبتدأ وما بعدها فاعلها يسد مسد الخبر ، وكون ما بعدها مبتدأ والصفة خبرا(٢) مقدما عليه.

فههنا ثلاث صور :

إحديها : اقائمان الزيدان؟ ويتعين حينئذ أن يكون (الزيدان) مبتدأ و (أقائمان) خبرا مقدما عليه.

ثانيها : أقائم الزيدان؟ ويتعين حينئذ أن يكون الزيدان فاعلا للصفة قائما مقام الخبر.

وثالثها : أقائم زيد (٣) ويجوز فيه الأمران كما عرفت.

(والخبر : هو المجرّد) (٤) أي : هو الاسم المجرد عن العوامل اللفظية ؛ لأن الكلام في مرفوعات الاسم ، فلا يصدق (٥) ...

__________________

(١) بدل من قوله : (الأمران) بدل البعض من الكل ، أو خبر مبتدأ محذوف تقديره أحدهما كون ... إلخ. (م ع).

(٢) وحينها لم يدخل تحت الحد لكونها رافعة لمضمر ، وارتفاع زيد بالابتدائية ، وإنما اشترط في جواز الوجهين التطابق في الإفراد ؛ لأن التطابق لو كان في التثنية والجمع ، لم يجز الأمران. (عافية).

ـ لتضمن الصفة معنى مقضيا لصدر الكلام ، وهو النفي والاستفهام. (عصمت).

(٣) أي : يجوز أن يكون قائم مبتدأ ، وما بعدها فاعلها يسد مسد الخبر ، فحينها يدخل في قوله : (الظاهر) ويجوز أن يكون خبرا وما بعده مبتدأ فحينها لا يدخل في قوله : (رافعة الظاهر) ، بل رافعة المضمر.(هندي).

(٤) فإن قلت : فما الحاجة إلى قوله : (المجرد)؟ قلت : هو رد على جعل المبتدأ عاملا في الخبر. (هندي).

ـ فإن قلت : إن تعريف الخبر غير جامع ؛ لخروج نحو : زيد لم يضرب ، فإن قوله : (لم يضرب) خبر بالاتفاق ، مع عدم تجرده عن العوامل اللفظية ، قلت : المعنى بالعوامل اللفظية عوامل الأسماء ، فاندفع ما ذكرتم. (كاملة).

(٥) قوله : (فلا يصدق على يضرب في يضرب زيد أنه المجرد المسند به المغأير للصفة المذكورة ؛ لأنه ليس باسم). أقول : فيه تطويل مخل ، وكان اللائق لا يصدق التعريف عليه ؛ لأنه ليس باسم فتدبر ، وتوجيه العبارة أنه لا يصدق عليه ، وما أريد من قوله : (المجرد ... إلخ) إذ المراد أنه اسم كذا ، وهو ليس باسم ، قيل : ينتقض التعريف بمؤمن في (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ ـ


على (يضرب) في (يضرب (١) زيد) ، إنه المجرد المسند به المغاير للصفة المذكورة ؛ لأنه ليس باسم (المسند به) أي ما يوقع (٢) به الإسناد.

واحترز به عن القسم الأول من المبتدأ ؛ لأنه مسند إليه لا مسند به.

(المغاير للصفة المذكورة) (٣) في تعريف المبتدأ.

واحترز به عن القسم الثاني من المبتدأ ، ولك أن تقول : المراد بالمسند به : المسند به إلى المبتدأ (٤) ، أو يجعل (٥) الباء بمعنى (إلى) والضمير المجرور راجعا إلى المبتدأ ، وعلى التقديرين يخرج به القسم الثاني من المبتدأ ويكون قوله : (المغاير للصفة المذكورة) تأكيدا(٦).

واعلم أن العامل في المبتدأ والخبر هو الابتداء ، أي : تجريد (٧) الاسم عن

__________________

ـ مِنْ مُشْرِكٍ)[البقرة : ٢٢١]. أقول : المراد المسند بالإسناد التام ، فخرج بدلا إسناد حقيقة على ما مر تعريفه في أول الكلام ، فتدبر. (عيسى الصفوي).

(١) أي : المضارع الذي وقع موقع الاسم ، سواء كان خبرا مثل زيد يضرب ، فإنه واقع موقع اسم الفاعل.(شرح).

(٢) قوله : (أي : ما يوقع به الإسناد) أشار به إلى كون الألف واللام بمعنى الموصول ، وإلى أن الضمير المستتر راجع إلى مصدره ، والضمير البارز راجع إلى الألف واللام ، وهذا توجيه بين كلام المصنف وبين كلام المحققين ، فإن قلت : يشعر هذا أن الإسناد حاصل بسبب الخبر وليس كذلك ، قلنا : إذا تركب الحكم إلى المركب ينسب إلى الجزء الأخير ؛ لأن الإسناد لا يحصل إلا بعد مجيء نسب إلى ما كان سببا لحصوله. (مصطفى جلبي).

(٣) أي : الذي لا يكون حذفه واقعة بعد حرف النفي والاستفهام ، رافعة لظاهر المسند. (هندي).

(٤) بحذف الجار والمجرور ، بقرنية أن المبتدأ والخبر ركنان في الكلام ، ولا يوجد أحدهما بدون الآخر. (ع م).

(٥) قوله : (أو يجعل الباء بمعنى إلى) ففي عبارة التعريف احتمالات ثلاث ، ونكته التعبير بالباء عن إلى هو الاحتراز عن التباس المسند إليه بالمسند إليه ، المصطلح المعتبر في المبتدأ. (عصمت).

ـ وكأن النكتة في تغير العبارة أن لا يشتبه بالمسند إليه في تعريف المبتدأ ، وحينئذ تظهر فائدة ، وإلا لا حاجة إليه.

(٦) يعني : أنه صفة فائدته التأكيد ، فلا يرد أنه ليس من صيغ المعنوي ، ولا يتكرر الأول ، فنصب قوله : (تأكيدا) بنزع الخافض ، لما أشرنا إليه أي : للتأكيد. (ق ع).

(٧) قوله : (أي : تجريد الاسم) إن قيل : التجريد عدمي ، فلا يؤثر فالأولى أن يفسر الابتداء ، ـ


العوامل اللفظية ، ليسند (١) إلى شيء أو ليسند إليه شيء ، فمعنى (٢) الابتداء عامل في المبتدأ والخبر ، رافع لهما عند البصريين.

وأما عند غيرهم ، فقال بعضهم : الابتداء عامل في المبتدأ عامل في المبتدأ ، والمبتدأ عامل في الخبر (٣).

وقال آخرون كل واحد من المبتدأ والخبر عامل في الآخر ، وعلى هذا لا يكونان مجردين عن العوامل اللفظية.

وأصل المبتدأ أي : ما ينبغي أن يكون المبتدأ عليه إذا لم يمنع مانع (التقديم) (٤) على الخبر لفظا (٥) ؛ لأن المبتدأ ذات والخبر حال من أحوالها ، والذات متقدمة على

__________________

ـ أو بجعل الاسم في صدر الكلام تحقيقا ، أو تقديرا للإسناد إليه ، أو إسناده إلى شيء ، قلنا : العوامل في كلام العرب علامات التأثير المتكلم ، لا مؤثرات ، والعدم الخاص يجوز أن يكون علامة ، مع أن جعل أولى أمر اعتباري فلا يصح أن يكون مؤثرا. (عب).

(١) قوله : (ليسند إلى شيء) أي : إسنادا غير مقيد بما يفيد النواسخ ، كالتأكيد والتمني والاقتران بزمان ، ونحو ذلك. (لارى).

(٢) قوله : (فمعنى الابتداء) الظاهر أن الابتداء العامل في المبتدأ هو تجريده عن العوامل اللفظية ؛ ليسند إليه شيء ، والابتداء العامل في الخبر هو تجريد الخبر عن العوامل اللفظية ؛ ليسند إلى ما ، فالابتداء العامل في المبتدأ مغاير للابتداء العامل في الخبر ، ويحتمل أن يكون الابتداء العامل هو القدر المشتركة بينهما ، أي : التجريد للاستناد مطلقا. (عصمت).

(٣) وعلى هذا ، أي : كون الابتداء عاملا في المبتدأ ، والمبتدأ في الخبر يكون عامل المبتدأ معنويا ، وعامل الخبر لفظيا. (ح ع).

(٤) أي : أصل المبتدأ أن يكون مقدما على الخبر ؛ لأنه محكوم عليه ، فإن قيل : الفاعل محكوم عليه ، وليس من حقه أن يكون مقدما على فعله ، قلنا : قد عرض هاهنا ما نفي عن ذلك ، وهو كون الفعل عاملا في الفاعل ، ومن حق العامل أن يقدم على معموله. (سيدي على المتوسط).

ـ لأن المبتدأ ذات ، والمحكوم صفة وصف لذات أن يتقدم في الذكر على الصفة ؛ ليكون ترتيب الألفاظ على وفق ترتيب المعاني. (حواشي هندي).

(٥) وإنما قيد الشارح بقوله : (لفظا) لأن أحد التقديمين ، أعني : التقديم المعنوي واجب قطعا ، وأما التقديم الفظي فقوله : (يكون وقد لا يكون) والأصل أن يكون دائما ؛ لأنه محكوم عليه. (وافية).


أحوالها (ومن ثمة) (١) أي : ومن أجل أن الأصل في المبتدأ التقديم لفظا (جاز) قولهم : (في داره زيد) مع كون الضمير عائدا إلى (زيد) ، المتأخر لفظا ، لتقدمه رتبة ، لأصالة التقديم (وامتنع) (٢) قولهم (صاحبها في الدار) لعود الضمير إلى (الدار) ، وهو في حيز الخبر الذي أصله التأخير ، فيلزم عود الضمير إلى المتأخر لفظا ورتبة ، وهو غير جائز.

(وقد يكون المبتدأ نكرة) وإن كان (٣) الأصل فيه أن يكون معرفة ؛ لأن للمعرفة معنى معينا ، والمطلوب المهم الكثير الوقوع في الكلام إنما هو الحكم على الأمور المعنية ، ولكنه لا يقع نكرة على الاطلاق بل (إذا تخصصت) (٤) ...

__________________

(١) أشار بطريق الاستعارة إلى حكم السابق فإن الحكم الذي يستخرج منه شيء مشبه بالمكان. (لارى).

(٢) لأنه يلزم منه إضمار قبل الذكر لفظا ومعنى ، أما تقديمه لفظا فظاهر ، وأما معنى فلأن صاحبها مبتدأ ، وحقه أن يكون مقدما. (شرح).

(٣) قوله : (وإن كان الأصل فيه أن يكون معرفة ؛ لأن للمعرفة معنى معينا ... الخ) المشهور الاستدراك بأن المبتدأ محكوم عليه ، ومن شأن المحكوم عليه أن يكون معلوما ، ليفيد المحكوم عليه ، ولما أورد عليه النقض بالفاعل عدل عنه الشارح إلى ما ذكره ، وقد أجيب عنه بأن تقدم الحكم والفعل يوجب تعريفه في الجملة ، بأن شخصا كذا فاكتفى به ، وفيه بعد التسليم أثر ينبغي أن يجوز الابتداء بالنكرة عند تقدم الخبر مطلقا وهو فاسد ، فلو سلم فهو يقتضي كون المحكوم عليه معلوما ، ولو بوجه في النكرات ، تأمل وما ذكره الشارح فيه : إنه إذا أريد التعيين الشخصي فهو مهم وإن سلم في الداعي والكلام فيه ، وإن سلم وذلك لا يوجد في المعارف كلها ، وإن أريد الأعم فهو لا يقتضي التعريف الاصطلاحي ، ويمكن الإتمام بالخطابيات ، فتأمل. (عيسى الصفوي).

(٤) تقول : قد يقع المبتدأ نكرة من غير مخصص في كثير من المواضع ، أحدها : التعجبية على مذهب سيبويه ، والثاني : المبتدأ الذي هو فاعل في المعنى نحو : شرا هرّ ذا ناب ، والثالث : المبتدأ الذي خبره ظرف أو جار ومجرور ، والرابع : كلمات الاستفهام نحو : من عليك ، والخامس ما بعدها واو الحال : ما أريك إلا وشخص يضربك ، والسادس بعد أما : نحو : أما غلام فليس عندك ، والسابع الجواب : كقولك رجل في جواب من جاءك؟ أي : رجل جاءني ، وفي غير ذلك. (شيخ الرضي).

ـ التخصيص في عرف النحاة عن تعليل الاشتراك في النكارة ، والتوضيح رفع الاحتمال في المعارف نحو: زيد التاجر عندنا ، فإن وصفه بالتاجر برفع احتمال التاجر وغيره. (مختصر معاني).


تلك النكرة (بوجه ما) (١) من وجوه التخصيص يقل اشتراكهما فتقرب من المعرفة ، مثل قوله تعالى : (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) فإن العبد متناول للمؤمن والكافر ، وحيث وصف بالمؤمن تخصص بالصفة ، فجعل مبتدأ (وخير) خبره (و) (٢) مثل قولك : (أرجل في الدار أم امرأة) (٣)؟

فإن المتكلم بهذا الكلام يعلم أن أحدهما في الدار ، فيسأل المخاطب عن تعيينه ، فكأنه قال : أيّ من الأمرين المعلوم كون أحدهما في الدار كائن فيها؟ فكل واحد منهما تخصص بهذه الصفة (٤) ، فجعل (الرجل) مبتدأ (وفي الدار) خبره (و) مثل : قولك : (ما أحد (٥) خير منك) فإن النكرة فيه وقعت في حيّز النفي ، فأفادت (٦) عموم الأفراد

__________________

(١) أي : أيّ وجه كان ، وما زائدة أو صفة ؛ لأن التنكير المحض في الباب مخل بالغرض المطلوب وهو الإفهام ، ويرد عليه جواز : كوكب أنقض الساعة ، وأمت ما بهذا الأرض ، أو ما بها عوج اعوجاع في الحجر ، ويرد أيضا جواز تنكير الفاعل. (هندي).

ـ وذلك الوجه بالوصف ، مثل ولعبد فإن المبتدأ نكرة موصوفة بصفة من حيث اللفظ ، أو تقديرا نحو : شحب في الإناء ، أي : شحب من اللبن في الإناء ، فمن اللبن صفة مقدرة شحب بقرنية بيان الكلام ، أو معنى في كم الخبرية نحو : كم رجل ضربته ، فإن معناه كثير من الرجل ، فهذا الوصف إنما يقدر لكثير وهو معنى كم ؛ لأن الوصف يقدر مع لفظ كم كما يقدر مع شحب فلذلك جعله قسما آخر. (شرح لباب).

(٢) وقد يقع الظرف مبتدأ على ما اختاره في شرح المفتاح عند الكلام على قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ)[البقرة : ٨] من أن مضمون الجار والمجرور في مثل مبتدأ وما بعده خبره ولا بالعكس. (جلبي).

(٣) فإنه تخصيص بالعلم بثبوت الخبر لأحد الجنسين ؛ لأن الإخبار بعد العلم بمنزلة الصفات وإنما قلنا بالعلم بثبوت الخبر ؛ لأن أم المتصلة المعادلة للهمزة للسؤال عن التعين بعد العلم بأصل لأحد الجنسين. (ح).

(٤) أي : الصفة القائمة بالمتكلم من أن يعلم أحدها ، والمراد من الصفة هنا معناه اللغوي وهو الدلالة على معنى قائم بالغير لا النعت النحوي ، ولذا قلت : الصفة القائمة بالمتكلم وهي علمه يكون أحدهما في الدار. (توقادي).

(٥) فأحد مبتدأ وهو نكرة ، وخير منك خبره ، والمبتدأ مخصص بالعموم الذي أفاده حرف النفي الداخل عليه ، لما ثبت في كل منهم أن حرف النفي إذا دخل النكرة أفاده بالعموم ، فلو لا إفادة العموم لم يجز كما لا يجوز أن يقال : أحد خير منك ؛ لعدم الفائدة. (متوسط).

(٦) فإن النكرة في سياق النفي تعم فيصير في المعنى كالمعرفة تعريف الجنس المستغرق. (غجدواني).


وشمولها ، فتعينت وتخصصت ، فإنه لا تعدد في جميع الأفراد ، بل هو أمر واحد ، وكذا(١)كل نكرة في الإثبات قصد بها العموم ، نحو : (تمرة خير من جرادة) (٢) (و) مثل : قولهم: (شر(٣) أهرّ ذا ناب) لتخصصه بما يتخصص به الفاعل ، لشبهه به إذ يستعمل في موضع(٤)ما أهرّ ذا ناب الأشرّ.

وما يتخصص به الفاعل قبل ذكره هو صحة كونه محكوما عليه بما أسند اليه فإنك إذا قلت : قام ، علم منه أن ما يذكره بعده أمر يصح أن يحكم عليه بالقيام ، فإذا قلت :

__________________

(١) أي : كما أن النكرة إذا وقعت في خبر النفي تعم جميع الأفراد فتقع ، يعني : مصدرا بهمزة الاستفهام يعاد لها أم متصلة إما تحقيقا كما في المثال المذكور ، أو تقديرا كما في كم الاستفهامية ، فإنك إذا قلت : كم غلاما اشتريت؟ كان التقدير أعشرين غلاما أم ثلاثين اشتريت؟ (شرح لباب).

(٢) هذا قول عمر رضي‌الله‌عنه ، قصة هذا الحديث أن أهل حمص أصابوا جرادا في إحرامهم فجعلوا يتصدقون مكان كل جراد درهما ، فقال عمر : أرى درهمكم كثيرا يا أهل حمص ، تمرة خير من جرادة. (ح مطول).

(٣) لأن الأصل : ما أهرّ ذا ناب الأشر ، فشر فاعل أهر محكوم عليه بالأهر ، أي : مخصوص بتقديم أهر وإسناده ، أي : ليس الفاعل مطلق الشر بل هو شر موصوف بالأهر ، أي : فلما قصد الاختصار أسقط حرف النفي ، وإلا قدّم المحكوم عليه على المحكوم به ؛ ليحصل الاقتصار مع بقاء الحصر ؛ لأن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر على ما صرحوا به. (محمد أمين).

ـ فشر مبتدأ نكرة ، وأهر فعل ماض وفاعله مضمر عائد إلى الشر ، وذا ناب منصوب بأنه مفعول أهر، والجملة في محل الرفع خبر المبتدأ. (متوسط).

ـ وقال الشيخ عبد القاهر : إنما قدم شر ؛ لأن المراد أن يعلم أن الذات أهر ذا ناب هو من جنس الشر لا من جنس الخير ، فجرى مجرى أن يقول : رجل جاءني بزيد ، أنه رجل لا امرأة ، أي : وقول العلماء : إنه إنما يصلح ؛ لأنه بمعنى ما أهر ذا ناب الأشر ، بيان ذلك. (إيضاح).

ـ شر أهرّ ذا ناب يضرب في ظهور إمارات الشر ومخائله ، لما سمع يضرب في ظهور أمارات الشر ومخائله ، لما سمع هريرا أشفق من طارق شر ، فقال ذلك تعظيما للحال عند نفسه ومستمعه ، أي : ما أهر ذا ناب الأشر ولهذا حسن الابتداء بالنكرة. (قاموس).

(٤) أي : لأن ظاهر كلام الشيخ عبد القاهر فيما يليه حرف النفي القطع بأنه يفيد التخصيص مضمرا كان أو مظهرا معرفا ، كان أو منكرا من غير شر ، لكنه لم يمثل إلا بالمضمر ، وكلام السكاكي صريح في أنه لا يفيد إلا إذا كان مضمرا أو منكرا بشرط تقدير التأخير في الأصل ، فنحو ما زيد قام يفيد التخصيص على إطلاق قول الشيخ ، ولا يفيد على قول السكاكي. (إيضاح).


رجل ، فهو في قوّة قولنا : رجل موصوف بصحة الحكم عليه بالقيام.

واعلم (١) أن المهرّ للكلب بالنباح المعتاد قد يكون خيرا ، كما إذا كان مجئ حبيب مثلا ، وقد يكون شرا ، كما إذا كان مجئ عدوّه والمهرّ له بنباح غير معتاد يتشاءم به يكون شرّا لا خيرا. فعلى الأول يصح القصر بالنسبة الى خير ، فمعناه : شرّ لا خير أهر ذا ناب ، وعلى (٢) الثاني لا يصح ، فيقدر وصف حتى يصح القصر ، فيكون المعنى : شرّ عظيم لا حقير أهر ذا ناب ، وهذا مثل : يضرب لرجل قوي أدركه العجز في حادثة (٣).

(و) مثل : قولك : (في الدار رجل) (٤) ...

__________________

(١) قوله : (واعلم .. الخ) هذا كالمحاكمة بين كلام الشيخ عبد القاهر والسكاكي ، حيث جعل قولهم : (شر أهرّ ذا ناب) تخصيصا جنسيا ، والسكاكي تخصيصا نوعيا ، والتفصيل في المطول ، والشارح أحال الكلام إلى الاستعمال ، وهذا توجيه حسن. (مصطفى جلبي).

ـ اعلم أن تخصيص المسند إليه يستعمل بمعنيين فقليل اشتراكه وقصر المسند إليه ، والأول هو المراد هاهنا متعارف بين النحاة ، والثاني بين علماء البيان ، فلما أثبت المعنى الأول في شر أهرّ ذا ناب الأشر ؛ لكونه مستعملا في موضع ما أهر ذا ناب الأشر ، ثبت المعنى الثاني فيه أيضا ، لكنه غير ظاهر ؛ لعدم إرادة القصر فأورد قوله : (واعلم ... إلخ) لإظهار كله ، فكأنه جواب سؤال قيل : من أين الحصر المفهوم من الاستعمال المذكورة؟ (لمولانا حبنك).

(٢) قوله : (وعلى الثاني لا يصح). أقول : فيه نظر ؛ لجواز أن يكون المخاطب غافلا ، أو جاهلا بأن هذا النياح لا يكون إلا من شر ، فيتوهم أنه من الخير ، فرد عليه فيصح القصر على أن كون القصر رد المخاطب غالبي لا كلي ، ولعل المراد أنه لا يصح خطابا لمن يعرف ذلك للرد عليه ، أو بناء على المشهور ، وفيه ما فيه. (عيسى الصفوي).

(٣) يعني : عجز عن دفعها مع أنه رجل قوي لا يضره ولا يعجزه شيء ، فتصحح هذا القول ، لأن يكون مبتدأ إنما يحتاج باعتبار أصل التركيب. (شرح).

(٤) قوله : (في الدار رجل) وذلك ؛ لأنه حينئذ أشبه الفاعل بتقديم الحكم عليه ، فجاز وقوعه نكرة كالفاعل ؛ ولأنها تصير موصوفة بالظرفية ، وإنما اختص الحكم عليه بكونه ظرفا حتى لم يجوز قائم رجل ؛ لأنهم اتسعوا في الظروف مما لم يتسعوا في غيرها ؛ وذلك لأنها ليست باقية عن الأشياء لا أكثرها لا يخلو عنها ، فإن قلت : أليس ذلك متفق في تخصيص الفاعل؟ قلت : نعم ، ولكن والقوي قد لا يحتاج إلى القوي ، وللبعض هاهنا إشكال آخر وهو أن يكون الظرف مختصا بنحو عندك مال ؛ لأن غير المختص لا يفيد ، نحو : عند رجل مال ، ثم لما كان ما قيل : ارتفاع رجل على أنه فاعل الظرف فلا يكون مبتدأ ، فالأولى أن يمثل ب : في داره رجل ليس محال عن الضعف ؛ لاشتراط عمل الظرف بالاعتماد عند الأكثرين لم يلتفت إليه ، ومثل به دون غيره. (عوض أفندي).


لتخصصه بتقديم (١) الخبر ؛ لأنه إذا قيل : في الدار ، علم أن ما يذكر بعده موصوف بصحة استقراره في الدار ، فهو في قوّة التخصيص بالصفة (٢).

(و) مثل : قولك : (سلام عليك) لتخصصه بنسبته (٣) إلى المتكلم إذ أصله : سلمت (٤) سلاما عليك ، فحذف الفعل وعدل إلى الرفع ، لقصد الدوام والاستمرار (٥) ، فكأنه قال : سلامي ، أي : سلام (٦) من قبل عليك ، هذا هو المشهور فيما بين النحاة.

وقال بعض المحققين منهم : مدار صحة الإخبار عن النكرة على الفائدة لا على ما ذكروه من التخصيصات التي يحتاج في توجيهاتها الى هذه التكلفات الركيكة الواهية

__________________

(١) وفيه نظر ؛ لأن تقديم الخبر على المبتدأ النكرة مثل في الدار رجل لا يفيد الاختصاص. (مطول).

(٢) وإن كان من قبيل التخصيص بتقديم الخبر الظرف وبهذا الاعتبار كان قسما آخر. (م).

(٣) والأولى أن يقول : لتخصصه بالنسبة إلى الله تعالى ؛ لأنه واقع موقع الدعاء ، لأنه معنى سلام عليك ، أي : سلام الله عليك. (جلبي).

(٤) لأن السّلام عرض لا يقوم بنفسه فيحتاج إلى من يقوم به وهو الفاعل. (توقادي).

(٥) اعلم أيها اللبيب أن الجملة الاسمية إذا كان خبرها اسما فقد يقصد بها الاستمرار الثبوتي بمعونة القرائن ، وإذا كان خبرها مضارعا يفيد استمرار تجددها فليس كل جملة اسمية مفيدة ، فإن قولك : زيد يقوم يفيد تجدد القيام ، وقولك : زيد في الدار يفيد الدوام وإن قدر العامل حاصل ، ويفيد تجدد المحصول إن قدر العامل حصل ، فلا يلتف إلى ما يقال من أن الجملة الاسمية تدل على الدوام مطلقا ، فإن القول ليس بجيد مطلقا. (إبراهيم).

ـ والجملة الاسمية تدل على الثبات والاستمرار بخلاف الفعلية ؛ لأن الفعل يكون إما ماضيا وإما مستقبلا ، وإيا ما كان لا يدل على الدوام. (شرح أيضاح).

(٦) قوله : (أي : سلام من قبلي) إنما فسر بذلك ؛ ليشعر أن سلاما وإن تعين بنسبة إلى المتكلم إلا أنه باق على نكارته كما في جميع المصادر الواقعة مفعولا مطلقا ، فيصح وقوعه مثالا للنكرة المخصصة. (وجيه الدين).

ـ ويمكن أن يقال : المراد بقوله أي : سلام من قبلي عليك ، ما ذكره المحققون بأنه لا معنى لتخصصه بالنسبة إلى المتكلم ، بل الصواب أن يقال : لتخصصه بالنسبة إلى الله تعالى ، فيكون معنى سلام من قبلي عليك: سلام الله من قبلي عليك على التجوز بعلاقة المحلية والمصدرية ، خذ هذا وكن من الشاكرين تنفعك في مقام شتى. (مصطفى جلبي).


الضعيفة ، فعلى هذا يجوز أن يقال : كوكب انقض الساعة ، لحصول الفائدة (١) ولا يجوز أن يقال : رجل قائم ، لعدمها ، وهذا القول أقرب (٢) إلى الصواب ، ولما كان الخبر المعرف ـ فيما سبق ـ مختصا بالمفرد ، لكونه قسما من الاسم ، فلم تكن الجملة داخلة فيه ، أراد أن يشير إلى أن خبر المبتدأ قد يقع جملة أيضا ، فقال (الخبر قد يكون (٣) جملة) (٤) اسمية (مثل: زيد أبوه قائم) (و) فعليه مثل : (زيد قام أبوه) ولم يذكر الظرفية ؛ لأنها راجعة إلى الفعلية.

وإذا كان الخبر جملة ، والجملة مستقلة بنفسها ، لا تقتضى الارتباط بغيرها (فلابدّ)(٥)في الجملة الواقعة خبرا عن المبتدأ (٦) (من عائد) يربطها به (وذلك) العائد : إمّا

__________________

(١) بخلاف كوكب أنقض فإنه لا يجوز ؛ لعدم الفائدة ؛ لأن انقضاض كوكب من غير ذكر الساعة معلوم قبل أن يقول. (ع).

(٢) قوله : (وهذا القول أقرب ... الخ) لظهور وجهه وورد الاستعمال عليه كقوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ)[القيامة : ٢١] و (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ)[ق : ٣٠] ، وقوله : عليه‌السلام «فيوم لنا ويوم علينا» أخرجه أحمد في مسنده (٤٤٠٠) إلى غير ذلك مما لا يعد ، وإرجاعها إلى المخصصات المذكورة تكلف. (لارى).

ـ والحق في هذا المقام ما ذكره ابن البرهان وهو أن جواز تنكير المبتدأ مبني على حصول الفائدة ، فإذا حصلت الفائدة فأخبر عن أي نكرة شئت ، نحو : رجل على الباب ، وغلام على السطح ، وكوكب انقض الساعة. (مطول).

(٣) إشارة إلى أن الأصل في الخبر الإفراد ؛ لكونه أحد طرفي الكلام ، وهذا مثال يصلح لوقوع الخبر جملة. (كاملة).

(٤) والجملة لا يكون لها محل من الإعراب إلا وهي واقعة مع المفرد ، فيكون حكمها كحمكه ، والجملة التي لها محل من الإعراب سبعة : أحدها : الجملة الواقعة خبرا ، والثاني : حالا ، والثالث : مفعولا ، والرابع : مضاف إليه، والخامس : جواب شرط جازم ، والسادس : تابعا لمفرد ، والسابع : تابعا لجملة لها من الإعراب. (مفاتيح التحقيق).

(٥) الفاء جواب لشرط المحذوف ، أي : إذا صح وقوع الجملة خبرا فلا بد ، أو عطف على قوله : (قد يكون جملة) أي : الخبر قد يكون جملة فيحتاج إلى عائد للربط. (هندي).

ـ لا لنفي الجنس ، وبد اسمه ، وخبره محذوف وهو لها أي : للجملة ، ومن عائد حال من الضمير المستتر في الظرف أعني لها ، ومعنى لا بد لا تفريق من التبديد وهو التفريق. (جاربردي حاشية كشاف).

(٦) ولقائل أن يقول : هذا منقوض بقوله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ)[البقرة : ٦] فسواء مبتدأ والجملة التي بعده خبره ، ليس فيها ضمير يعود إلى المبتدأ ، وجوابه أن سواء خبر ـ


ضمير ، كما في المثالين المذكورين ، أو غيره ، كاللام في : نعم الرجل ووضع المظهر في موضع المضمر في نحو : (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ) [الحاقة : ١ ـ ٢] وكون الخبر تفسيرا للمبتدأ في نحو : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)(٢). (وقد يحذف) العائد إذا كان ضميرا لقيام قرينة نحو : (البرّ الكرّ (٣) بستين درهما) و (السمن منوان بدرهم) أي : الكرّ منه ومنوان منه ، بقرينة أنّ بائع البر والسمن لا يسعر غيرهما (٤).

(وما وقع ظرفا) أي : الخبر الذي وقع ظرف زمان أو مكان أو جارا ومجرورا (فالأكثر) من النحاة (٥) ، وهم البصريون (على أنه) أي : الخبر الواقع ظرفا (مقدر)أي:

__________________

ـ لمبتدأ ، فالمبتدأ هو أأنذرتهم وتقديره سواء عليهم الإنذار وتركه. (شرح).

(١) الحاقة مبتدأ ، وما مبتدأ ثان ، والحاقة خبر لمبتدأ الثاني ، والمبتدأ الثاني مع خبره جملة اسمية خبر لمبتدأ الأول وقع بغير عائد ؛ لوضع المظهر موضع المضمر ؛ تفخيما لشأنها ، تقدير الحاقة أي : شيء هي. (محمد أفندي).

الحاقة أي : الساعة والحالة التي يحق وقوعها ، أو تقع فيها حواق الأمور من الحسنات والجزاء والبعث ، ما الحاقة وأصله ما هي ، أيّ شيء هي على التعظيم لشأنها والتهويل لها ، فوضع الظاهر موضع المضمر ؛ لأنه أهون لها. (قاضي).

(٢) قوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)[الإخلاص : ١] ويحتمل أن يكون هو مبتدأ والله خبره ، وأحد خبر ثان ، أو بدل من الله بناء على حسن إبدال النكرة الغير الموصوفة من المعرفة ، إذا استفيد من المبدل كما ذكرناه في العرضي. (حسن حلبي).

ـ وإذا كان خبر المبتدأ ضمير الشأن والقصة فالخبر لا يكون إلا جملة ؛ لأن الخبر مفسر للشأن والقصة التي هي جملة ، ومفسر الجملة جملة. (لباب).

(٣) إن الكر أثني عشر وسقا ، والوسق ستون صاعا ، والصاع أربع أمداد ، والمد المد المن. (عصمت).

ـ الكر درهم ٦٨٦٤٠٠ ، صاع درهم ١٠٤٠ ، المد درهم ٥٠٠ ، المن درهم ٢٦٠ ، مثقال قيراط ٢٠ ، قيراط بش أرية أعرى وسق درهم ٦٢٤٠٠. (ق).

(٤) يعني : حذف العائد في هذين المثالين بقرنية حالية التسعر في بيان كردن ، يعني أن بائع البر يبين قيمته لا قيمة غيره ، وبائع السمن بعينها يبين قيمته ، وقال الرضي : حذفه قياس عند الكل في موضع وهو أن يكون الضمير مجرورا بمن التبعيضية ، ويكون الخبر جملة اسمية ، ويكون المبتدأ الثاني فيها جزء من المبتدأ الأول ، إلى هنا كلامه. (توقادي).

(٥) حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه تقديره فمذهب الأكثر. (لمحرره).

ـ الفاء جواب شرط ؛ لتضمن المبتدأ معنى الشرط ، فإن ما في ما وقع موصولة أو موصوفة. (عب).


مؤول (بجملة) بتقدير الفعل (١) فيه ؛ لأنه إذا قدر فيه الفعل يصير جملة فعلية بخلاف ما إذا قدر فيه اسم الفاعل (٢) ، كما هو مذهب الأقل ، وهم الكوفيون ، فإنه يصير حينئذ مفردا.

ووجه الأكثر (٣) أن الظرف لا بد له من متعلق عامل فيه ، والأصل في العمل هو الفعل (٤) ، فإذا وجب التقدير فالأصل أولى.

ووجه الأقل (٥) أنه خبر ، والأصل في الخبر الإفراد.

ثم أنّ (٦) الأصل في المبتدأ التقديم ، وجاز (٧) تأخيره ، لكنه قد يجب لعارض كما أشار إليه بقوله : (وإذا كان المبتدأ مشتملا (٨) على ماله صدر الكلام) أي : على معنى

__________________

(١) وهو من الأفعال العامة الشاملة غالبا كالحصول والكون ؛ لدلالة الظرف عليه ، وقد يكون من الأفعال الخاصة إذا انساق الذهن إليها بحسب المقام ، ولا يجوز إظهار ذلك ؛ لقيام قرينة على تعيينه وسوق الظرف ، وأما في قوله تعالى : (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا)[النمل : ٤٠] عنده ساكن غير متحرك. (عب).

(٢) لأن اسم الفاعل والمفعول إذا كانا مسندين إلى فاعلهما مظهرا لا يكون جملة ؛ لأن إسنادهما لا بالأصالة بل لمشابهتهما للفعل ، نحو : زيد ضارب أبوه فزيد مضروب بأبوه. (شرح).

(٣) وقول الأكثر أولى ؛ لأن الظرف جاء صلة في جاءني الذي في الدار ، والفعل أحق بها من الاسم ، إذ من شأن الصلة من حيث أنها صلة عدم الاستبداد ، وهو من مرادفات الفعل لا الاسم. (غجدواني).

(٤) وذلك ؛ لأن العامل إنما يعمل ؛ لافتقاره إلى غيره ، والفعل أشد افتقارا ؛ لأنه حدث يقتضي صاحبا ومحلا وزمانا وعلة ، فيكون افتقاره من جهة الأحداث ومن جهة التحقيق ، وليس في الاسم إلا الثاني.(حسن جلبي).

(٥) وعلى التقديرين ، أي : على تقدير الاسم على مذهب الكوفيين ، وعلى تقدير الفعل على مذهب البصريين، لما حذف العامل انتقل الضمير الذي كان فيه إلى الظرف ، فيقال : إن ذلك الضمير مرفوع بالظرف مجازا. (متوسط).

(٦) للاستئناف ، أو عطف القصة على القصة وهي الأصل في المبتدأ التقديم. (قدفي).

(٧) للاتساع وعدم التضييق كما دأب العرب ، ولهذا كان لغتهم أوسع اللغات. (ع ق).

(٨) والمشتمل هو اللفظ ، والمشتمل إليه أعني ماله صدر الكلام هو المعنى ، والصدارة بالذات المعنى واللفظ فلا يلزم اتحاد المشتمل والمشتمل إليه. (سعد الله).


وجب له صدر الكلام كالاستفهام (١) ، فإنه يجب حينئذ تقديمه حفظا لصدارته (٢) (مثل:من أبوك؟) فإن (من) (٣) مبتدأ مشتمل على ماله صدر الكلام ، وهو الاستفهام فإن معناه أهذا أبوك أم ذاك وأبوك خبره ، وهذا مذهب سيبويه وذهب بعض النحاة إلى أن (أبوك) مبتدأ لكونه معرفة و (من) خبره الواجب تقديمه على المبتدأ ، لتضمنه معنى الاستفهام.

(أو كانا) أي : المبتدأ والخبر (معرفتين) متساويين في التعريف أو غير متساويين ، ولا قرينة (٤) على كون أحدهما مبتدأ والآخر خبرا نحو : زيد المنطلق (٥).

(أو) كانا (متساويين) في أصل التخصيص لا في قدره حتى لو قيل : غلام رجل صالح (٦) ...

__________________

(١) وكالأسماء الشرطية فإنها اشتملت على معنى أن الشرطية الطالبة لصدر الكلام والتمني والترجي.(محمد أفندي).

(٢) ويعلم في أول الأمر أن الكلام من أي : نوع من أنواع الكلام ؛ ولأنه مغير ، والمغير قبل المغير. (كاملة).

(٣) قوله : (فإن من مبتدأ) مبني على مذهب سيبويه ؛ وذلك لأنه يخبر بمعرفة عن نكرة متضمنة استفهاما أو نكرة ، هي أفعل التفضيل مقدم على خبره والجملة صفة لما قبلها نحو : مررت برجل أفضل منه أبوه ، وغير سيبويه على أن مثل هذين خبران مقدمان عليه ، والمثال متفق عليه في هذا المقام من قام. (حواشي هندي).

(٤) قوله : (ولا قرينة) فلو وجدت قرينة معينة للمرام لم يجب التقديم مثل أبو حنيفة أبو يوسف ؛ إذ المقصود تشبيه الثاني بالأول ، ومنه لعاب الأفاعي القا ثلاث لعابه. (عب).

(٥) فإن قلت : وجوب كون المبتدأ ذاتا والخبر حالها قرنية واضحة على جعل الاسم مبتدأ ، فكيف يصح قوله : (ولا قرينة)؟ قلت : هو مبني على الغالب كما يعلم من كلامه في قوله : (وأصل المبتدأ التقديم). (ع ع).

ـ وإذا عرف السامع إنسانا يسمى زيدا بعينه واسمه ، وعرف أنه كان من إنسان انطلاق ، ولم يعرف أنه كان من زيد أو غيره ، فأردت أن تعرفه أن زيدا هو ذلك المنطلق ، فتقول زيد المنطلق ، وإن أردت أن تعرفه أن ذلك المنطلق هو زيد ، قلت : المنطلق زيد ، وكذا إذا عرف السامع مع إنسانا يسمي زيدا بعينه واسمه ، وهو يعرف معنى جنس المنطلق ، وإن أردت أن تعرفه أن زيدا متصف به فتقول : زيد المنطلق ، وإن أردت أن يعنى عنده جنس المنطلق قلت : المنطلق زيد. (إيضاح).

(٦) صفة غلام فإن غلام مبتدأ تخصيصا بالمضاف إليه والصفة ، وليس في خبر إلا صفة واحدة وهو منك. (هندي).


خير منك ، لوجب تقديمه أيضا (١) (مثل : أفضل منك أفضل مني) دفعا (٢) للاشتباه.

(أو كان الخبر فعلا له) أي : للمبتدأ (٣) ، احتراز عما لا يكون فعلا له كما في قولك : زيد قام أبوه ، فإنه لا يجب فيه تقديم المبتدأ على الخبر ، لجواز أن يقال : قام أبوه زيد ، لعدم الالتباس (٤) (مثل : زيد قام ، وجب تقديمه) أي : تقديم المبتدأ على الخبر في هذه الصورة أمّا في الصورة الأولى (٥) ، فلما ذكرناه (٦).

وأما في الصورة الأخيرة فلئلا يلتبس المبتدأ بالفاعل (٧) إذا كان الفعل مفردا ، مثل : زيد قام ، فإنه إذا قيل : قام زيد ، التبس (٨) المبتدأ في الفاعل (٩) أو بالبدل عن

__________________

(١) أي : كما وجب تقديمه إذا كانا متساويين في قدر التخصيص مثل أفضل منك ، أفضل مني ، وثوبنا ثوبكم ، فإنهما مخصوصان بنوع واحد من التخصيص وهو التخصيص بمعمول مثله.

(٢) علة لوجوب تقديم المبتدأ على الخبر إذا كانا معرفتين ، أو متساويين في أصل التخصيص لا في قدره. (ه).

(٣) أي : يصح المبتدأ أن يكون فاعلا لذلك الفعل ، أو تأكيدا لفاعله أو تأخر المبتدأ مثل : أنا قمت وأنا سعيت في حاجتك. (توقادي).

(٤) ومن الواجب تقديم ما وقع خبره بعد الفاء نحو : الذي يأتيني فله درهم ، ومنه قوله : (ما اقترن الخبر بإلا لفظا) كقوله تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)[آل عمران : ١٤٤] ، أو معنى كقوله : (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ)[هود: ١٢] ومنه ضمير الشأن. (جلبي).

(٥) حذرا من تأخير ذي التصدير في الأول وهو ما اشتمل على ما له صدر الكلام ، وبالالتباس في الثاني وهو إذا كانا معرفتين ، والثالث وهو أو كانا متساويين. (خبيصي).

(٦) من العلل ، وهو قوله : (حفظا الصدارة في الأول) ، وقوله : (دفعا لاشتباه في الثاني والثالث).(ع م).

(٧) فإن قلت : إن زيدا على التقدير ليس مبتدأ ؛ لأنه يجوز أن يكون بدلا من أبوه ، فإن أبوه فاعل ، وزيد يكون بدلا منه ، قلت : لا يجوز أن يكون بدلا ؛ لأنه لو كان بدلا يلزم الإضمار قبل الذكر وإنه غير جائز كما مر غير مرة.

(٨) يعني : لم يعلم أن زيدا فاعل للفعل والكلام جملة واحدة ، أو مبتدأ مؤخر والفعل تميله مع فاعله خبر عنه ، والكلام جملتان ، يعني جملة اسمية مؤكدة ، خبرها جملة فعلية ، فوجب تقديم المبتدأ لإزالة هذا الاتباس. (توقادي).

(٩) فإن قلت : قد وقع التباس المبتدأ بالفاعل في القسم الثاني من المبتدأ في قائم زيد لو جعل زيد مبتدأ وأقام خبره ، والتباس المبتدأ بالخبر والفاعل بالمبتدأ أيضا لو جعل أقام القسم الثاني ـ


الفاعل إذا كان مثنى أو مجموعا ، فإنه إذا قيل في مثل : الزيدان قاما ، والزيدون قاموا : قاما الزيدان ، وقاموا الزيدون ، يحتمل أن يكون (الزيدان) و (الزيدون) بدلا من الفاعل ، فالتبس المبتدأ به أو بالفاعل على هذا التقدير ، أيضا على قول من يجوز (١) كون الألف والواو حرفا دالا على تثنية الفاعل وجمعه كالتاء في (ضربت هند).

(وإذا تضمن (٢) الخبر المفرد) (٣) أي : الذي ليس بجملة صورة ، سواء كان بحسب الحقيقة جملة أو غير جملة (ماله صدر الكلام) (٤) أي : معنى وجب له صدر الكلام كالاستفهام (مثل : أين (٥) زيد؟) ف : (زيد) مبتدأ و (أين) (٦) اسم متضمن للاستفهام : خبره وهو ظرف.

__________________

ـ من المبتدأ وزيد فاعله ، فلم لم يلتفتوا إلى رفع هذه الالتباس كان في أقائم زيد وما قائم زيد ، قلت : التباس المبتدأ بالفاعل إذا كان الخبر فعلا يوجب التباس الجملة الاسمية بالفعلية ، وبغير الكلام بالاسمية والفعلية ، بخلاف هذا الالتباس فإنه لا يغير الكلام ويفيد معنى واحدا في جميع احتمالاته. (عصمت).

(١) أي : يجوز أن يكون الألف علامة التثنية ، فيكون من باب أكلوني البراغيث فيه خمسة أوجه :

أولها : البراغيث فاعل والواو زائد دال على أنه فاعل جمع ، والثاني : البراغيث مبتدأ والفعل خبره مقدم عليه ، والثالث : الفاعل في أكلوني مستكن والواو زائدة البراغيث بدل ، والرابع : الواو فاعل أكلوني البراغيث بدل من الواو ، والخامس : الواو فاعل أيضا والبراغيث عطف بيان وكذا في (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)[الأنبياء : ٣]. (مفصل).

(٢) فالمتضمن هو اللفظ ، والمتضمن هو المعنى ، فالصدارة بالذات للمعنى واللفظ بالتبع ، فلا يلزم إمكان اتحاد المتضمن والمتضمن. (سعد الله).

(٣) احتراز عن مثل قولك : زيد من أبوك ، فإنه لا يجب تقديم الخبر هنا ؛ لأن من مصدره في الجملة الصغرى وهو من أبوك. (عجداوني).

(٤) سواء كان ذلك الخبر المفرد ظرفا ، لكن ليس على الإطلاق بل بشرط احتوائه على مميز المبتدأ. (عوض).

(٥) فإن قيل : هو الذي يحتمل الصدق والكذب ، وهذا لا يحتمل صدقا ولا كذبا فكيف يصح أن يكون خبرا؟ قلت : لأنه ما مؤول بما ذكر في مثل زيد أضربه ، أي : مقول في حقه أضرب. (كامل).

(٦) ظرف من الظروف المكانية مبني على الفتح ؛ لتضمنه معنى همزة الاستفهام. (م).

ـ أي : ظرف مستقر مبني على الفتح محلا منصوب نصبه فتحته محلية ، عامله لفظي قياسي منصوب مفعول فيه لعامله المقدر محلا مرفوع مبتدأ مسند إليه لا حاجة إلى المعرفة ، زيد مرفوع رفعه ضمته لفظية فاعل لأين ساد مسد الخبر ، فعلم مما ذكرنا أن أولوية أين هذا المقام بحسب اللفظ والرتبة معا ، فسقط ما توهم بعض الطلبة. (م).


فإن قدر بفعل كان الخبر جملة حقيقة مفردا صورة ، وإن قدّر باسم الفاعل (١) كان الخبر مفردا صورة وحقيقة ، وعلى التقديرين ليس بجملة صورة ، واحترز به عن نحو : زيد أين أبوه؟ إذ لا يبطل (٢) بتأخيره صدارة ما له صدر الكلام لتصدره في جملته.

(أو كان) الخبر (٣) بتقديمه (مصححا له) أي : للمبتدأ من حيث إنّه مبتدأ فتقديمه يصحح وقوعه مبتدأ (مثل : في الدار رجل) فإن الدار خبر تخصص المبتدأ بتقديمه كما عرفت ، فلو أخر بقي المبتدأ نكرة غير مخصصة.

(أو كان لمتعلّقه) (٤) بكسر اللام ـ أي : كان لمتلّق الخبر التابع له تبغيّة يمتنع معها(٥) ...

__________________

(١) واسم الفاعل لا يكون جملة إلا في موضعين : أحدهما : ما وقع صلة للموصول ، والآخر : ما وقع بعد حرف النفي والاستفهام. (جلبي).

(٢) هذا علة جواب سؤال مقدر كأنه قيل : أنتم قلتم إذا تضمن الخبر المفرد ما له صدر الكلام وجب تقديم الخبر ، وإلا بطل صدارية ، فلم يقدر في هذا المثال مع أنه متضمن لما له صدر الكلام ، فيلزم بطلان صدارة ، وأجيب بأنه لا نسلم بطلان ؛ لأنه صدارته ؛ إذ لا يبطل بتأخره. (نجم الدين).

(٣) قوله : (أو كان الخبر بتقديمه مصححا .. الخ) حاصل الكلام أن يكون تقديم الخبر مصححا ، لكن لما كان الضمير في السابق واللاحق إلى الخبر أراد الشارح إرجاع الضمير هنا إلى الخبر ، فلذا قال : الخبر بتقديمه ، ولم يقل: بتقديم الخبر ؛ لأنه لم يسبق له ذكر ليكون مرجعا ، فهو احتراز عما إذا لم يكن التقديم مصححا ، ومنه يظهر ضعف الحاشية من أنه احتراز عن كون تأخير الجر مصححا نحو : زيد قام فإنه لو قدم وجب أن يكون فاعلا (عيسى).

(٤) يعني : بالتعلق جزء الخبر قولك : على التمرة خبر ، والمجرور جزئه ، يعنى إذا اتصل بالمبتدأ ضمير يرجع إلى جزء الخبر وجب تقديمه حتى لا يلزم الضمير قبل الذكر ، فلو قلت : مثلها زيدا على التمرة لكان مثل صاحبها في الدار ، وقد تقدم امتناعه ، وإذا كان الضمير في الصفة المبتدأ نحو : على التمرة زيدا مثلها ، جاز تأخير الخبر عن المبتدأ بأن يتوسط بينه وبين صفته نحو : زيد على التمرة مثلها إذ الفصل بين الصفة والموصوف جائز. (نسخ الرضي).

ـ قوله : (أو كان لمتعلقه) بكسر اللام قال الإمام الحديثي : إن فتح لام المتعلق يراد به مجموع الخبر لفظا وهو على التمرة في مثالنا نظرا إلى أن الخبر استقر ، وإن كسرت يراد به المرجوع إليه أي : التمرة ، نظرا إلى أنه جزء الخبر ، وهذا يدل على جواز الأمرين فلم يتعين الكسر ، تأمل. (عيسى الصفوي).

(٥) قوله : (يمتنع معها) إنما حكم بامتناع تقديمه للزوم تقدم الشيء على نفسه ، فإن الخبر في المثال المذكور على التمرة فلو قدم التمرة عليه لزم ذلك المحذور. (لارى).


تقديمه على الخبر ، فلا يرد نحو : (وعلى الله (١) عبده متوكل) (ضمير) (٢) كائن (٣) (في)جانب (المبتدأ) راجع إلى ذلك المتعلق ؛ إذ لو أخر لزم الإضمار قبل الذكر لفظا ومعنى (مثل : على التمرة (٤) مثلها زبدا) فقوله : (مثلها) أي : مثل : التمرة ، مبتدأ وفيه ضمير لمتعلق الخبر وهو التمرة ؛ لأن الخبر هو قوله : على التمرة ، و (التمرة) متعلق به مثل: تعلق الجزء بالكل (٥).

(أو) كان الخبر (خبرا عن (٦) (أنّ) المفتوحة الواقعة مع اسمها وخبرها المؤول بالمفرد، مبتدأ ؛ إذ في تأخيره خوف لبس (أنّ) المفتوحة بالمكسورة (٧) في التلفظ

__________________

(١) لأن الخبر فيه ليس الجار والمجرور ، فعبده مبتدأ ، ومتوكل خبره ، وعلى الله مفعول متوكل مقدم عليه ؛ لئلا يلزم الإضمار قبل الذكر ، توجيه الإيراد أن الضمير الذي في المبتدأ وهو عبده يعود إلى متعلق الخبر وهو على الله ، والخبر متوكل وما ذكرتم صادق في هذه الصورة مع أنه لم يجب تقديم الخبر على المبتدأ ههنا ؛ لأنه لم يلزم إضمار قبل الذكر لفظا وحكما ، ويمكن أن يجاب عنه بأنا نقول : لا نسلم أنه مؤخر بل تقدم في التقدير ، تقديره متوكل على الله عبده ، وإنما أخر عن الجار والمجرور لإفادة الحصر. (هندي).

(٢) فاعل الظرف المستقر ، أو مبتدأ مؤخر ، والظرف المستقر خبر مقدم ، والجملة الظرفية منصوبا المحل عطف على مصححا. (م ع).

(٣) أشار بقوله : (كائن) إلى أن قوله : (في المبتدأ) صفة ضمير لا متعلق ، وبقوله : (في جانب المبتدأ) إلى كون الضمير بارزا لا مستكنا من غير تعدد المخبر به عنه قيده بهذا تصحيحا.(جلبي).

(٤) قوله : (على التمرة مثلها زيدا) فمثلها رفع بالابتداء ، وعلى التمرة الخبر ، وزيدا نصب على التمرة ، وهذا تنبيه وهو أنه لا يجوز أن يقال : على التمرة مثلها زبدا ، فزبد مبتدأ وعلى التمرة الخبر ومثلها كان وصفا لزيد ، تقدم فانتصب على الحالية فيكون على التمرة مثلها زبد الخبر ، مثلها على البدل من التمرة ، أي : على مثل التمرة وزبد مبتدأ وعلى التمرة الخبر وهذا أوضح. (محصول).

(٥) فإن التمرة جزء ، وعلى التمرة كل فتعلق فعلى هذا يكون المتعلق تعلق الجزء بالكل. (محمد أفندي).

(٦) بشرط أن لا يكون بعد أما نحو : أما أنك خارج فلا أصدقه ، فإنه لا يحتاج تقديم الخبر ؛ لعدم الالتباس ؛ لأن الجملة التامة لا تقع بين أما وفائها. (عب).

(٧) لجواز أن يكون المذكور بعدها خبر آخر لها ، أو ظرف لخبرها. (لارى).


لإمكان الذهول عن الفتحة ، لخفائها ، أو في الكتابة (١) (مثل : عندي (٢) أنّك (٣) قائم ، وجب تقديمه) أي : تقديم الخبر على المبتدأ في جميع هذه الصور ، لما ذكرنا.

(وقد يتعدّد الخبر) (٤) من غير (٥) تعدد المخبر عنه فيكون اثنين فصاعدا (٦) ، وذلك التعدد إمّا بحسب اللفظ والمعنى (٧) جميعا (٨) ، ويستعمل ذلك على وجهين :

بالعطف ، مثل : زيد عالم وعاقل.

وبغير العطف (مثل : زيد عالم عاقل).

__________________

(١) وينبغي أن يتأمل فيه ؛ لأن نظر النحوي في التلفظ لا في الكتابة.

(٢) وإنما وجب لتقديم حينها ؛ لأن إن المكسورة ؛ لأنها تدل على قسم من أقسام الكلام ؛ لا يقع صدر الكلام لئلا يلتبس بالمكسورة ، وتقديم المفتوحة يلتبس بالمكسورة ، وتقديم خبر دفع للالتباس. (نجم الدين).

(٣) فإن أن مع اسمها وخبرها بمعنى المفرد مبتدأ وعندي خبر مقدم عليه ؛ لئلا يلتبس المفتوحة بالمكسورة أي : عند قيامك. (هندي).

(٤) أي : خبر المبتدأ ؛ لأن الخبر حكم على المبتدأ ، فلما جاز الحكم على شيء واحد بأحكام كثير كالحكم بالأوصاف ، كذلك جاز الإخبار عن شيء واحد بأخبار كثيرة ؛ لكن بشرط أن لا يوجد التضاد بينهما. (عافية).

(٥) قيد به تصحيحا للتقليل في قد ، فإن تعدد الخبر متى تعدد المخبر عنه كثير ، ومنه زيد قائم وعمرو قاعد. (توقادي).

(٦) لقوله تعالى : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ)[البروج : ١٤ ـ ١٦] ، فلفظ هو مبتدأ والباقي في خبره على رفع المجيد ، وأما جواز مثل هذا أبيض وأسود للآبق ، وهذا حلو حامض للخل ، فوجهه في الأول ظاهر ، وفي الثاني ، جود الاتحاد بينهما في المعنى ؛ لأن حلو حامض بمنزلة مرّ ، قال الأخفش : إن الثاني في مثل ذلك كالوصف للأول ، كأنه قال : حلو فيه حموضة فعلم منه أن التعدد يجوز أن يكون بالواو ، وإذا كان الإخبار من الصفات ، اعلم أن مساغ لدخول الفاء على خبر المبتدأ ؛ لأنه إما للعطف أو للجزء أو للربط ، ولا مجال للأول ؛ لأن الغرض ليس اشتراط الخبر بالمبتدأ في الحكم ، ولا إلى الثاني وهو ظاهر ، ولا إلى الثالث ؛ لأن الربط حاصل بدونه ، وأما إجازة الأخفش من نحو : زيد فمنطلق فمؤول بهذا زيد فهو منطلق.(عوض أفندي).

(٧) التعدد في اللفظ ظاهر ، وأما في المعنى فلأن عالم مقابلة الجاهل ، فلأن عاقل مقابلة المجنون. (حافظ).

(٨) حال من اللفظ والمعنى ؛ لأن يجمع إذا قطع عن الإضافة لا يكون إلا حالا. (محمد أفندي).


وإمّا بحسب اللفظ فقط ، نحو : (هذا حلو حامض) ، فإنها في الحقيقة خبر واحد، أي : (مر) (١) وفي هذه الصوّرة ترك العطف أولى.

ونظر بعض النحاة إلى صورة التعدد وجوز العطف (٢).

ولا يبعد أن يقال : إنّ مراد المصنف بتعدد الخبر ما يكون بغير عاطف ؛ لأن التعدد بالعاطف لا خفاء فيه (٣) لا في الخبر ولا في المبتدأ ، ولا في غيرهما (٤) ، وأيضا المتعدد بالعطف ليس بخبر ، بل هو من توابعه ، ولهذا أورد في المثال الخبر المتعدد بغير عاطف ، ولو جعل التعدد أعم فالاقتصار (٥) عليه لذلك (٦).

(وقد يتضمن المبتدأ معنى الشرط) وهو سببية الأول (٧) للثاني أو للحكم به ، فلا

__________________

(١) أي : جامع بين الحلاوة والحموضة ؛ لأن المقصود إثبات الكيفية المتوسطة بينهما لا إثبات أنفسهما ، ولو كان كذلك تكفي أن يقال : هذا حلو وهذا حامض. (ح).

(٢) لا يخفي أن في هذه العبارة تسامح ؛ لأن جوازه يفهم من الأولوية. (جلبي).

(٣) لأن فيه تعدد ، لا حاجة إلى قوله : (وقد يتعدد الخبر) فإن تعدد الخبر بالعاطف يوجد في الخبر والمبتدأ وغيرهما بلا خفاء ، وأما التعدد بلا عاطف لا يوجد في هذا الكلام إلا في الخبر. (حواشي هندي).

(٤) كالفاعل والمفعول جاءني زيد وعمرو ، وضرب زيد عمرا وبكرا. (لمحرره).

(٥) كأنه قيل : لو جعل المتعدد أعم يجب على المصنف أن يؤتي لكل منهما مثالا ، ولم يقتصر على التعدد بلا عطف ، فأجاب بقوله : (بأن الاقتصار إنما هو لذلك). (لمحرره).

(٦) أي : لكون التعدد بالعاطف لاخفاء فيه ، ولأن التعدد بالعاطف ليس بخبر بل هو من توابعه. (سعد الله).

(٧) قال المحقق التفتازاني : الشرط تعليق حصول مضمون الجزاء لحصول مضمون الشرط المستقبل ، وهذا هو حقيقة معنى الشرط ، فعلى هذا يكون ما ذكره الشارح بيانا لمعناه اللازمي. (مصطفى جلبي).

ـ ولا يلزم مع الفاء أن يكون الأول سببا للثاني ، بل اللازم أن يكون ما بعد الفاء لازما لمضمون ما قبلها ، كما في جميع الشرط والجزاء ، ففي قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ)[الجنعة : ٨] ، الأية الملاقات لازمة للفرار ، وليس الفرار سبب للملاقاة ، وكذا قوله تعالى : (ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)[النحل : ٥٣] ، كون النعمة منه تعالى لازم لحصولها معنا ، فلا يغرنك قول بعضهم : إن الشرط سبب للجزاء. (رضي).


يرد (١) عليه نحو : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)(٢) فيشبه المبتدأ الشرط في سببيته للخبر سببية الشرط للجزاء.

(فيصح دخول الفاء في الخبر) ويصح عدم دخوله (٣) فيه نظرا إلى مجرد تضمن المبتدأ معنى الشرط.

وأمّا إذا قصد الدلالة على ذلك المعنى في اللفظ (٤) فيجب دخول الفاء فيه ، وأمّا إذا لم يقصد فلم يجب دخوله فيه ، بل يجب عدمه ، (وذلك) المبتدأ المتضمن معنى الشرط(٥).

إمّا (الاسم الموصول بفعل (٦) أو ظرف) أي : الذي جعلت صلته بجملة فعلية (٧) أو ظرفية (٨) مؤولة بجملة فعلية هاهنا بالاتفاق (٩).

وإنما اشترط أن تكون صلته فعلا أو ظرفا مؤولا بالفعل (١٠) ، ليتأكد مشابهته الشرط؛ لأن الشرط لا يكون إلا فعلا.

__________________

(١) يعني : لا يرد أن صحة الفاء لم يتوقف على تضمن معنى كما في هذا المثال ، فإن فيه أيضا معنى بالتفسير المذكور. (عصمت).

(٢) يعني : أن حصول النعمة في أيديهم سبب للحكم به ، والإخبار بأنها من الله تعالى. (حواشي هندي).

(٣) أي : يصح دخوله نظرا إلى تضمن المبتدأ بمعنى الشرط ، ويصح عدمه نظرا إلى التجرد من غير قصد الدلالة وعدمه. (تأمل).

(٤) يعني : إذا قصد دلالة المبتدأ على معنى السببية في لفظه. (م).

(٥) أي : الذي يكون سببا للجزاء للحكم ، فيصح دخول الفاء فيه شيئان. (م).

(٦) أو ما في قوله : (كاسمي الفاعل والمفعول) الواقعتين صلة للام الموصول. (لارى).

(٧) لفظا أو معنى كما إذا كان المبتدأ لام الموصول ، وصلة اسم الفاعل أو المفعول في قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)[النور : ٢] ، فإن معناه التي زنت والذي زنى. (عصمت).

(٨) ولو قال : أو ظرفا مؤولا ؛ لكان أولى وأليق ؛ لأن المؤول في الحقيقة هو الظرف. (محمد م).

(٩) من الكوفيين ؛ لأن عندهم الظرف كان مؤولا بالاسم إذا لم يكن صلة للموصول ، وأما إذا كان صلة له فمؤول عندهم بالفعل كما عند البصريين. (م).

(١٠) أي : في موضع الصلة للموصول الذي وقع مبتدأ متضمنا لمعنى الشرط ، فيصح دخول الفاء في خبره ، أو صحة الدخول فيه كون الصلة فعلا مؤولا به ليتأكد مشابهته الشرط. (توقادي).


وفي حكم الاسم الموصول المذكور الاسم (١) الموصوف به (أو النكرة الموصوفة بهما) أي : بأحدهما (٢).

وفي حكمها الاسم المضاف إليها (٣) (مثل : الذي يأتيني) (٤) هذا مثال للاسم الموصول بفعل (أو) (٥) الذي (في الدار) هذا مثال للاسم الموصول بظرف (فله درهم)(٦) وأمّا مثال الاسم الموصوف بالاسم الموصول المذكور فقوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ (٧) مُلاقِيكُمْ) (٨) (و) مثل : (كل رجل يأتيني) هذا مثال للاسم الموصوف بفعل (أو) كل رجل (٩) (في الدار) هذا مثال للاسم الموصوف بظرف (فله درهم).

__________________

(١) أي : بالاسم الموصول المذكور ؛ لأن الموصوف والصفة كشيء واحد ، وكذا المضاف والمضاف إليه نحو : غلام رجل يأتني فله درهم. (وجيه الدين).

(٢) فيكون المضاف محذوفا ، فلو أفرد الضمير بإرجاعه إلى أحدهما لا يحتاج إلى تقدير المضاف. (عصمت).

(٣) وقد يدخل الفاء على خبر كل المضاف إلى النكرة مثل كل نعمة فمن الله تعالى. (ح ص).

(٤) الأغلب في صلة الموصول صيغة الاستقبال ، وقد جاء الماضي بمعنى الاستقبال أيضا وهو غير نادر.(لارى).

(٥) يجوز أن يكون كلمة أو في المتن للترديد ، فيكون مثالا واحدا في حكم الاسم الموصول المذكور الموصوف به ، نحو : السائل الذي يأتيني ، أو في الدار فله درهم. (عصمت).

(٦) والفاء الداخل في خبر هذا المبتدأ فاء السببية. (داود).

(٧) فاعل ظرف المستقر ، أو مبتدأ مؤخر ، والظرف المستقر مرفوع المحل خبر مقدم ، والجملة الظرفية أو الاسمية مرفوعة المحل خبر المبتدأ. (زيني زاده).

ـ فإن إتيانه أو كونه في الدار سببا لاستحقاق الدرهم وملزوم ، كما أن الشرط للجزاء وملزوم. (سعد الله).

ـ فإن قلت : الفاء زائدة هاهنا إذ لا سببية للحكم بالملاقات ، فلم يكن مما نحن فيه؟ قلت : يجوز أن يكون الفرار سببا للحكم بالملاقات. (عصمت).

(٨) فإن الملاقات لازمة للفرار ، وكذا قوله تعالى : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)[النحل : ٥٣] كون النعمة منه تعالى لازم لحصولها معنى. (توقادي).

(٩) قوله : (كل رجل يأتني فله درهم) فالرجل كحرف الشرط ، ويأتني كفعل ، فله درهم كجزاء الشرط ، فالسبب يأتيني مثلا. (مدح).

ـ فإن قيل : ما الفرق بين كل رجل يأتيني له درهم ، وقوله : (كل رجل يأتيني فله درهم)؟ ـ


وأما مثال الاسم المضاف إلى النكرة الموصوفة بأحدهما فقولك : كلّ غلام (١) رجل يأتيني ، أو في الدار فله درهم.

(وليت ولعلّ) من الحروف المشبهة بالفعل ، إذا دخلا على المبتدأ الذي يصح دخول الفاء على خبره ـ على ما مر (مانعان) (٢) عن دخوله (٣) عليه ؛ لأن صحة دخوله عليه إنما كان لمشابهة المبتدأ والخبر للشرط والجزاء ، و (ليت ولعل) يزيلان (٤) تلك المشابهة ؛ لأنهما يخرجان الكلام من الخبرية إلى الإنشائية والشرط والجزاء من قبيل (٥) الإخبار.

وذلك المنع إنما هو (بالاتفاق) (٦) من النحاة فلا يقال (٧) : ليت أو لعل الذي يأتيني ، أو في الدار فله درهم.

__________________

ـ قلنا : الأول إخبار للذي يأتيني درهما ، ولكن لا دلالة في الكلام أن ذلك الدرهم مستحق له بالإتيان أم لا ، بخلاف ما إذا قلت : فله درهم ففيه حجة قاطعة على أن الدرهم قد استحقه بسبب الإتيان ، كما لو قلت : إن يأتيني فله درهم. (مفصل).

ـ المشهور أن يكون الوصف لما أضيف إليه ؛ إذ هو المقصود ، ولفظ كل لإفادة العموم ، فعلى هذا كان الأولى أن يقول : رجل بدون لفظ كل. (سعد الله).

(١) هذا مبني على أن يأتيني صفة رجل أو لغلام ، لا لكل غلام رجل إذ حينها يكون مثال للقسم الأول ، مثل كل رجل يأتيني. (عصمت).

(٢) أي : بطلان صدارة الشرط بعد دخولهما ، ولتغير الجملة بهما من القطع بوجود الجزاء على تقدير وجوب الشرط إلى الشك. (هندي).

(٣) إذا كان اسمهما موصولا صلة فعل أو ظرف أو نكرة ، صفتهما فعل أو ظرف مثلا يقال : لعل الذي في الدار فله الدرهم. (متوسط).

(٤) لأنه لم يبق المشابهة بين اسم ليت ولعل ، وبين الشرط والجزاء لأن الشرط والجزاء يحتمل الصدق والكذب لكونهما جزء الكلام الذي فيه ليت ولعل لم يحتمل شيئا من الصدق والكذب ؛ لكونه إنشاء. (محمد أفندي).

(٥) هذا مبني على قوله : المصنف (وهو أن خبر المبتدأ يكون جملة خبرية لا إنشائية) فلا يرد ما قيل : إن الخبر قد يكون أمرا. (وجيه الدين).

(٦) ظرف مستقر مرفوع المحل ، خبر مبتدأ محذوف ، أي : هاهنا يعني المنع ملابس بالاتفاق ، وقيل : ظرف بقوله : (المانع). (معرب).

(٧) إذا منع ليت ولعل دخول الفاء فلا يقال ... الخ. (لباب).


فان قيل (١) : (باب كان (٢) ، وباب علمت) أيضا مانعان بالاتفاق فما وجه تخصيص (ليت ولعل) قيل : تخصيصهما ببيان الاتفاق إنما هو من بين الحروف المشبهة بالفعل لا مطلقا (٣) ، ووجه (٤) ذلك التخصيص الاهتمام ببيان الاختلاف الواقع فيها.

(وألحق بعضهم) قيل : هو سيبويه (٥) (إنّ) المكسورة (بهما) أي : ب : (ليت ولعل) في المنع عن دخول الفاء في الخبر.

والأصح أنها لا تمنع عنه ؛ لأنها لا تخرج الكلام عن الخبرية إلى الانشائية يؤيده قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ)(٦) [آل عمران : ٩١].

فان قيل : قد الحق بعضهم (أن) المفتوحة و (لكن) بليت ولعل ، فما وجه تخصيص (أن) المكسورة بالالحاق. قيل : بعضهم الذي الحق (أن) ـ المكسورة بهما هو سيبويه ، فاعتد بقوله وذكره ولم يعتد من سواه فلم يذكره مع أن كلا القولين لا يساعدهما القرآن (٧) وكلام الفصحاء.

__________________

(١) منشأ هذا السؤال من كون المنع بالاتفاق مخصوصا بليت ولعل ، يعني : إذا كان المنع مخصوصا بهما فإن قيل.(م).

(٢) واعلم أن هذه الأفعال لا تدخل على الخبر والمبتدأ الذي فيه معنى الشرط ومعنى الاستفهام ، فلا يقال : كان من تضرب يضربك قائما ، ولا كان من أبوك قائما ؛ وذلك لاقتضاء الشرط والاستفهام صدر الكلام.(ابن جني).

(٣) يعني أنهما من بين الحروف المشبهة مانع بالاتفاق ، ولا بالنسبة إلى جميع النواسخ حتى يتجه ما ذكره ، بخلاف غيرهما عن الحروف المشبهة بالفعل ، فإنها مانعة على الخلاف ، فالمقصود بتخصيص الاتفاق بهما من بينهما الإشعار بالخلاف في غيرهما ، فالإتمام ببيان الخلاف فيهما. (وجيه الدين).

(٤) تقديره لم خصص الذكر من بين الحروف المشبهة بقوله : (بالاتفاق) دون باب كان وعلمت. (قدمي).

(٥) ووجه سيبويه أن إن للتحقيق ، والشرط على خلاف ذلك ؛ لأنه لا يأتي إلا في المشكوك والشك ، والتحقيق لا يجتمعان ، ووجه الأخفش أنه يؤكد معنى الكلام ، والذي لا يدخل فيه فلم يبطل معنى الشرط والجزاء بدخوله أي : إن. (غجدواني).

(٦) أي : فلن يخلص من عذاب يوم القيامة ، الفاء محمول على الزيادة عند سيبويه. (كبير).

(٧) ذهب هذا البعض إلى منع هذه الحروف من دخول الفاء في الخبر مع عدم مساعدة القرآن وكلام الفصحاء ، وكذلك في غاية القبح ، والنحاة استنبطوا قواعد النحو من كلام الفصحاء ، فكيف يخالفون في الحكم بكلام الفصحاء. (عصمت).


فما يدل على عجم منع (إنّ) المكسورة عن دخول الفاء على الخبر ما سبق (١) وما يدل على عدم منع (أنّ) المفتوحة و (لكنّ) عن دخول (٢) الفاء قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ)(٣) [الأنفال : ٤١] وقول الشاعر (٤) :

فو الله (٥) ما فارقتكم قاليّا لكم

ولكنّ ما يقضى فسوف يكون (٦)

(وقد يحذف المبتدأ ، لقيام قرينة) لفظية (٧) أو عقلية (جوازا) أي : حذفا جائزا (٨) لا واجبا.

وقد يجب حذفه إذا قطع النعت بالرفع (٩) ، نحو : (الحمد لله أهل الحمد) أي :

__________________

(١) وهو قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ)[آل عمران : ٩١]. الأية. (غجدواني).

(٢) الأولى أن يقول : الفاء عن دخولها لأن منع متعد إلى مفعولين الأول بنفسه وإلى الثاني بعن ، ولعله حذف المفعول ، فوضع المظهر مقام المضمر في المفعول الثاني. (داود أفندي).

(٣) ما في (أَنَّما غَنِمْتُمْ) موصولة العائد إليه محذوف من شيء بيانه تقدير جميع ما غنمتموه حتى الخيط والمخيط فإن لله خمسه ، أي : فإن فتحا خبر مبتدأ محذوف ، أي : فالحكم أو مبتدأ محذوف الخبر فواجب أن لله خمسه. (تفسير كواشي).

(٤) أول البيت

وأما الوداد في القلوب فراسخ

وإن كان ما بين الجسوم فراسخ

(٥) الإعراب الفاء للعطف ، والواو للقسم ، وجوابه ما فارقتكم ، قاليا حال من التاء في فارقتكم من قلى يقلي قليي إذا أنقضهن باب ضرب يضرب ، فيكون معناه يا غضا حال كوني منغضا ، ولكم متعلق به ، واللام زائدة كما في ضربته وضربت له ، وما موصولة ، ويقضي صلته اسم لكن ، وسوف يكون خبره بمعنى الوجود فيكون تامة. (سيدي).

(٦) والمعنى أن الشاعر اعتذر أخباره بأن مفارقتي عنكم ليس للبغض ، ولكن بحكمه وقضائه الشاهد إن الفاء دخلت على خبر لكن أيضا كما سبق. (نصروي).

(٧) خبر لمقدر كانت تقديره لفظية كانت أو عقلية دلالة على المبتدأ محذوف. (عوض).

(٨) قوله : (أي : حذفا جائزا لا واجبا) نبه بهذا على أن جوازا منصوب على المصدرية ، وأنه صفة لمصدر محذوف يدل عليه الفعل ، وفيه رد على صاحب المتوسط حيث جعل منصوبا على التميزية ، وقوله : (لا واجبا) للتأكيد ولبناء الآتي عليه وهو قوله : (وقد يجب حذفه إذا قطع .. إلخ). (جلبي).

(٩) احترز عما إذا قطع النعت بالنصب نحو : الحمد لله أهل الحمد بالنصب ، فإنه مفعول للفعل المحذوف وجوبا أعني أهل ، ثم يجوز الجر على أنه صفة الله. (سعد الله).


هو (١) أهل الحمد.

وإنما وجب حذفه ، ليعلم أنه كان في الأصل صفة ، فقطع ، لقصد إنشاء المدح أو الذم (٢) أو غير ذلك فلو ظهر المبتدأ لم يتبين ذلك القصد وقد يجب حذفه أيضا عند من قال في (نعم الرجل زيد) : إنّ تقديره (٣) (هو زيد) (كقول المستهل) (٤)

أي : المبتدأ (٥) المحذوف جوازا مثل : المبتدأ المحذوف في قول المستهل المبصر للهلال الرافع صوته عند إبصاره (الهلال والله) أي : هذا الهلال (٦) والله بالقرينة الحالية وليس من باب حذف الخبر ، بتقدير : الهلال هذا ؛ لأن مقصود (٧) للمستهل تعيين شئ بالإشارة ، والحكم عليه بالهلاليّة ، ليتوجه إليه الناظرون ويروه كما يراه

وإنما أتي بالقسم (٨) جريا على عادة المستهلين غالبا ولئلا يتوهم نصب (الهلال) (٩) عند الوقف.

__________________

(١) والقرنية هنا كونه مرفوعا بغير الرافع فإنه لما كان إعرابه يخالف لإعراب ما قبله ولم يكن له عامل لفظي يحكم العقل أنه خبر مبتدأ محذوف ، ثم يقدر المبتدأ له وجوبا. (محمد أفندي).

(٢) نحو : نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أي : هو الرجيم. (س).

(٣) كأنه قيل : لما قيل : نعم الرجل ، قيل : من الممدوح؟ فقيل : زيد ، أي : هو زيد. (كاملة).

(٤) المستهل في اللغة رافع صوت عند رؤية الهلال. (ص).

ـ أي : نظيره مثل طالب الهلال ، أو رفع صوت عند رؤية الهلال. (هندي).

(٥) أي : المبتدأ المحذوف .. الخ ، أشار بهذا التفسير إلى تصحيح الجمل ، وأنه من حذف الإيصال ، وقوله : المبصر للهلال الرافع صوته عند إبصاره بيان لمعنى المستهل. (مصطفى جلبي).

(٦) ويحتمل أن يكون تقدير الهلال هذا ، إلا أن الحمل على الأول أولى ؛ لكون حذف المبتدأ أكثر من حذف الخبر ، ومنه قوله تعالى : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)[يوسف : ١٨] ، أي : فصبري صبر جميل ، وهو الذي لا شكوى فيه إلى الخلق ، وهو أيضا يحتمل أن يكون على تقدير صبر جميل أجمل ؛ لكون الحمل على الأول أولى. (عوض أفندي).

(٧) أي : المقصود من هذا الكلام إعلام المخاطب بوجود الهلال ، وكونه طالعا لا تعيينه بالإشارة بعد العلم بطلوعه ، ووجوده فوق الأفق. (حواشي هندي).

(٨) ذكر القسم لإزالة التردد ، ولأن المقام مقام التردد ، فإنه إذا لم يجيء بعد الهلال شيء يجوز أن يقف عليه ويحتمل النصب بتقدير رأيت. (

(٩) ورأيت أو أرى ؛ وذلك لأن الأصل في المفردات الوقف. (لارى).


(و) (١) قد يحذف (الخبر جوازا) أي : حذفا جائزا ، لقيام (٢) قرينة من غير إقامة شيئ مقامه (٣) (مثل) الخبر المحذوف جوازا في قولك : (خرجت (٤) فإذا (٥) السّبع) فإنّ : تقديره على المذهب الصحيح (٦) كما نص عليه صاحب اللباب : خرجت فإذا السّبع (٧) واقف ، على أن يكون (إذا) ظرف زمان للخبر المحذوف غير سادة مسدة أي : ففي (٨) وقت خروجي السّبع واقف.

(و) قد يحذف الخبر لقيام قرينة (وجوبا) أي : حذفا واجبا (فيما التزم) أي : في التركيب الذي (٩) التزم (في موضعه) أي : في موضع الخبر (غيره) (١٠) أي : غير الخبر ، وذلك في أربعة أبواب على ما ذكره المصنف.

أولها : المبتدأ الذي بعد (لولا) (مثل : لولا (١١) ...

__________________

(١) عطف على المبتدأ ، وجوازا على جواز السابق ، من قبيل عطف الشيئين بحرف واحد على معمولي عامل واحد. (م ع).

(٢) والقرنية للخبر إذ المفاجأت ؛ لأنها تستعمل جملة ابتدائية. (غجدواني).

(٣) لأنه لو أقيم شيء مقامه بعد حذفه مقامه لكان حذفه واجبا لا جائزا. (م).

(٤) خرجت فعل فاعل ، فإذا الفاء السببية مبني على أن إذا ظرف زمان مبني على السكون منصوب المحل مفعول فيه لواقف المحذوف خبرا للسبع ، وهو مبتدأ ، والجملة لا محل لها من الإعراب. (هندي حواشي).

(٥) والفرق بين إذا المفاجأت وإذا الشرطية هو أن المفاجأة يدخل على الاسم ، وإذا الشرطية يدخل على الفعل. (محمد أفندي).

(٦) احتراز عن مذهب المبرد ، وأما على مذهب الغير الصحيحة فليس مما نحن فيه ؛ لأن منها إن إذا ظرف مكان خبر من السبع ، أي : في مكان خروجي السبع. (عصمت).

(٧) فإن إذا تدل على مطلق الوقوف ، وبانضمام الخروج يدل على الوقوف المقيد ، وهو الوقوف بالباب فحذف للاختصار. (رضي).

(٨) والتقدير فالسبع واقف وقت خروجي قدم ؛ لكون الخروج سببا للمفاجأة السبع الواقف ، فالسبب يجب أن يكون مقدما على المسبب.

(٩) أشار إلى كون ما موصولة ، والعائد محذوفة وهو ضمير ، أو مصدرية حينية أي : وقت التزام العرب غير الخبر موضعه. (هندي).

(١٠) فعلم منه أن وجوب حذف الخبر إنما هو بشرطين : أحدهما : وجود القرنية ، وثانيهما : التزام غير الخبر موضعه ؛ لتوفيه حق اللفظ والمعنى. (عوض أفندي).

(١١) ولو لا في هذا المقام ليس بحرف جر ؛ لأن لو لا الجارة مشروطة باتصال الضمير ، وإن لم يتصل لم يكن جارا كما في هذا المقام. (لمحرره).


زيد (١) لكان كذا) أي : لولا زيد موجود ؛ لأن (لولا) (٢) لامتناع الشئ لوجود غيره ، فيدل على الوجود.

وقد التزم في موضع الخبر جواب (لولا) فيجب حذفه ، لقيام قرينة والتزام قائم مقامه، هذا (٣) إذا كان الخبر عامّا وأمّا إذا كان الخبر خاصّا فلا يجب (٤) حذفه كما في قوله:

ولو لا الشعر بالعلماء (٥) يزري

لكنت اليوم أشعر من لبيد (٦)

__________________

(١) أي : كل اسم وقع بعد لو لا وكان خبره عاما يجب حذفه ؛ لسد جوابهما مسده ، أي : لولا زيد موجود لكان كذا. (هندي).

(٢) ونفرق بين لو لا لامتناع الشيء ولو لا التخصيص ، هو أن لو لا الامتناع يدخل على الاسم ، ولو لا التخصيص يدخل على الفعل ، مثل لو لا أكرمت زيدا. (لمحرره).

ـ وقد يحذف المبتدأ والخبر معا في نحو : (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص : ٣٠] ، فيمن يجعل المخصوص خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير نعم العبد أيوب ، أي : هو أيوب ، وأما من جعل المخصوص مبتدأ تقدم خبره فنعم العبد من باب حذف المبتدأ. (خوافي).

(٣) قوله : (هذا إذا كان الخبر عاما) وأما إذا كان خاصا ذكر في مغني اللبيب أكثر النحويين على أن خبر لو لا لا يكون إلا عاما محذوفا ، فإذا أريد الكون المقيد لم يجز .. إلخ. يقول : لولا زيد قائم ، بل يجعل هو المبتدأ ، فيقال : لولا قيام زيد ، أو لو لا أن زيد قائم ، وإن صلتها مبتدأ محذوف الخبر وجوبا ، وذهب الرماني وابن مالك وغيرهما إلى أنه إن كان كونا مطلقا كالوجود يجب حذفه ، وإن كان كونا مقيدا يجب ذكره إن لم يعلم ، ويجوز الأمران ، اعلم انتهى ، ويدل على ما ذكره المصنف في الأمالي من أن من المواضع التي يجب حذف خبر المبتدأ باب لولا أطلق أو لم يقيده ، وعلى هذا فما ذكره الشارح من تجويز أن يكون الخبر خاصا ، ولا يجب حذفه فهو خلاف كلام المصنف ، والحق أن مراده أن المبتدأ بعد لو لا يجب حذف خبره مطلقا ، والأكثرين ، بل قول مرجوح لا ينبغي أن يحمل عليه ، لأنه لا يكون إلا عاما ، ولو لا دال عليه ، وأما المثال الذي ذكره الشارح فما دال عند الأكثر ، وبه صرح في المغني في نظيره. (عيسى الصفوي).

(٤) لعدم دلالة لو لا عليه ؛ إذ لا دلالة للولا إلا على الوجود ، ولو دل بالقرنية الخارجية جاز الحذف بلا خلاف. (وجيه الدين وغيره).

(٥) قوله : (بالعلماء) متعلق بيزري ، والمراد منهم الذين قال الله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)[فاطر : ٢٨] ؛ الذين ورثوا الأنبياء ، وقال خير البشر : «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» قال الملا علي القاري في المصنوع ص ١٢٣ (١٩٦) : لا أهل له فقدم للحصر ؛ لأن الإزراء إنما يلحق بهم. (توقادي).

(٦) اسم الشاعر مشهور بالفصاحة. (حلبي). ـ


ولو لا خشية الرحمن عندي

جعلت الناس كلّهم عبيدي

هذا على مذهب البصريين (١).

وقال الكسائي : الاسم (٢) بعدها فاعل لفعل مقدر أي : لولا وجد زيد (٣).

وقال الفراء : (لولا) هي (٤) الرافعة (٥) للاسم الذي بعدها.

وثانيها : كل مبتدأ كان مصدرا صورة أو بتأويله منسوبا إلى الفاعل أو المفعول أو كليهما ، وبعده حال (٦) ، أو كان اسم تفضيل مضافا إلى ذلك المصدر وذلك مثل : ذهابي راجلا ، وضرب زيد قائما ، إذا كان (زيد) مفعولا به (و) مثل (ضربي (٧) زيدا قائما) أو قائمين ، وأن ضربت زيدا قائما ، وأكثر شربي السويق (٨) ملتوتا ، وأخطب ما يكون الأمير قائما.

__________________

ـ وآخر البيت :

ولو لا خشية الرحمن عندي

جعلت الناس كلهم عبيدي

قائله الإمام الشافعي رحمه‌الله. (ر ح).

(١) فإن لو لا عندهم كلمة ملتئمة من كلمتين ، كما يتراآى ، وإليه ذهب الكسائي ؛ لأن لو لا لو كانت مركبة من لو الامتناعية ولا النافية لم يجب حذف الفعل الواقع بعدها ، إلا إذا أتي بمفسرة كما هو شأن الأفعال الواقعة بعد أداة الشرط ، ووجب تكرار لا ؛ لأن لفظة لا لا تدخل على الماضي في غير الدعاء وجواب القسم إلا مكررا في الأغلب. (عب).

(٢) وقال الكوفيون : هو من باب حذف الفعل ، أي : لولا وجد زيد لكان كذا تشبيه لو لا بحرف الشرط ، ولاختصاص لو لا للتخصيص بالفعل ، فيحمل لو لا الامتناعية عليها. (هندي).

(٣) ولم يلزم عليه حذف الفعل وجوبا من غير المفسر ، ومن غير أمر زائد على القرنية. (عصمت).

(٤) ويلزم على الفراء أن لا يكون في الشرط إسناد ؛ إذ لا يوجد بين الحرف ومعموله. (عصمت).

(٥) لنيابتها من الفعل المقدر ، يعني : لو لا اسم من أسماء الأفعال عنده. (داود).

(٦) مفردة كانت ، أو جملة اسمية كانت ، أو فعلية ، والاسمية يجب معها الواو على الأصح. (لارى).

(٧) فضربي مضاف إلى ياء المتكلم محلها رفع ؛ لأنها فاعل ، وزيد مفعوله ، وكذلك أكثر شربي بعينه.(مكمل).

(٨) أي : كل مبتدأ كان مصدرا صورة ، أو بتأويله مضافا إلى الفاعل أو المفعول أو كليهما ، وبعده حال مفردة أو جملة ، أو كان اسم تفضيل مضاف إلى ذلك المصدر المصدر ، ويجب حذف خبره لسد الحال مسد الخبر نحو: ضربي زيدا. (فاضل الهندي).


فذهب البصريون إلى أن تقديره : ضربي زيدا حاصل إذا كان قائما ، فحذف حاصل كما يحذف متعلقات الظروف ، نحو : زيد عندك ، فبقي (إذا كان) ، ثم حذف (إذا) مع شرطه العامل في الحال ، وأقيم الحال مقام (١) الظرف ؛ لأن في الحال معنى الظرفية (٢) ، فالحال قائم مقام الظرف القائم الخبر ، فيكون الحال قائما مقام الخبر (٣).

قال الرضي : (هذا ما قيل فيه ، وفيه تكلفات كثيرة) وهي حذف (إذا) مع الجملة المضاف إليها ، ولم يثبت في غير هذا المكان (٤) ، والعدول عن ظاهر معنى (كان) الناقصة إلى معنى (كان) التامة (٥).

والذي يظهر لي أن تقديره بنحو : ضربي زيدا يلابسه قائما ، إذا أردت : الحال عن المفعول ، وضربي زيدا يلابسني قائما ، إذا كان عن الفاعل أولى ، ثم تقوله : حذف المفعول الذي هو ذو الحال (٦) ، فبقي (ضربي زيدا يلابس قائما) ، ويجوز (٧) حذف ذي الحال مع قيام القرينة كما تقول : الذي ضربت قائما زيد أي : ضربته ، ثم حذف (يلابس) الذي هو خبر المبتدأ ، والعامل في الحال ، وقام الحال ، وقام الحال مقامه ،

__________________

(١) الفرق بين المقام والمقام وبالضم يستعمل في المكان فقط ، وبالفتح يستعمل في المكان والزمان. (لمحرره).

(٢) لأن الحال يدل على الوقت والزمان ؛ لأن معنى قولنا : جاءني زيد راكب ، جاءني زيد في الركوب.(لمحرره).

(٣) لأن القائم مقام الشيء يكون قائما مقام ذلك الشيء بالواسطة ، فيكون الحال قائما مقام الخبر ، لا بالأصل بل بالواسطة لما قلنا. (م).

(٤) لأن حذف أداة الشرط مع جملتها غير جائزة من غير إقامة شيء مقامه ، كالأشياء الستة. (توقادي).

(٥) ومن قيام الحال مقام الظرف ولا نظير ، والذي أوقعهم في هذا التزامهم اتحاد العامل في الحال وصاحبها بلا دليل ، والحق أنه يجوز العاملين على ما ذهب إليه المالكي فتقول : تقديره ضرب زيد ، أما صل قائما. (شيخ الرضي).

(٦) الضمير الغائب في الأول والمتكلم في الثاني ؛ لأن المفعول لكونه فضلة ومستغنى عنه في الكلام يجوز حذفه ، حيث صرح نفس المصنف ، وقال : العائد المفعول يجوز حذفه ؛ كقوله تعالى : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ)[الرعد : ٢٦] أي : لمن يشاء يبسط له فيكون قياسا. (م).

(٧) جواب لسؤال مقدر تقديره كأنه قيل : لم جاز حذف ذي الحال مع بقاء قرينة والقرينة الدال مع حذف ذي الحال في هذا المثال الاسم الموصول ؛ إذ لا بد من الضمير العائد. (لمحرره).


كما تقول : راشدا مهديّا (١) ، أي : سر راشد مهديا على هذا يكونون مستريحين من تلك التكلفات البعيدة (٢).

وقال الكوفيون : تقديره : ضربى زيدا قائما (٣) حاصل ، يجعل (قائما) من متعلقات المبتدأ ، فيلزمهم حذف الخبر من غيّر سد شيئ مسده وتقييد المبتدأ المقصود عمومه بدليل(٤) الاستعمال.

وذهب الأخفش : إلى أن الخبر الذي سدت الحال محله مصدر مضاف إلى صاحب الحال ، أي : ضربى زيدا ضربه (٥) قائما.

وذهب بعضهم إلى أن هذا المبتدأ لا خبر له ، لكونه بمعنى الفعل (٦) ؛ إذ المعنى : ما أضرب زيدا إلا قائما.

__________________

(١) قوله : (راشدا مهديا) يجوز فيه حالان حال متداخلة وحال مترادفة ، فعلى الأول يكون مهديا حالا من راشدا ، وعلى الثاني يكون حالا من فاعل سر ، أعني : أنت سر راشدا مهديا ، ثم إنه حذف وأقيم الحال أعني : راشدا مقامه. (لمحرره).

(٢) وهي من حذف إذا مع الجملة المضاف إليها ، والعدول عن ظاهر معنى الناقصة إلى معنى التامة ، وكل واحد منها غير قياس فيكون هذا التقدير أولى. (لمحرره).

(٣) يعني : ذهبوا إلى أن الحال حال معمول المصدر لفظا ومعنى ، أو العامل فيه المصدر الذي هو مبتدأ ، وخبر المبتدأ مقدر بعد الحال وجوبا ، ولذا قال الشارح : (يجعل .. إلخ). (م).

(٤) أي : يعلم عمومه بدليل الاستعمال ، فيكون المعنى ضربي زيد المخصص بحال القيام حاصل. (خوافي).

(٥) هذا إذا كان الحال من المفعول ، وإذا كان من الفاعل ضربي زيدا ضربي قائما. (ص).

ـ فإن معنى ضربي زيدا قائما ، كل ضرب واقع مني على زيد حاصل في حال القيام ، بناء على إضافة المصدر يفيد الاستغراق ، وهذا يفيد الحصر فإنه في معنى ما ضربت زيدا إلا قائما ، فإن قلت : ما وجه التخصيص بالمصدر ، فإنه يجوز أن يقصد بمكان إضافة الجنس والعهد هنا ، أو خارجا لاستغراق مثل اللام؟ قلت : نعم ، ولكن في المصدر ، أما وجه التخصيص بالاستغراق فلقلة كثرة الاستعمال أيضا.(حواشي هندي).

(٦) اعلم أن قول المحشي وغيرهم قوله : (كذا وكذا) فالغالب فيه مبتدأ لا خبر له ؛ لأن قولهم : وإن كان من كلامهم لكن ما بعده كلام غيرهم ، وفي مثله وقوع المبتدأ بلا خبر كثير ولا بعد ، فأما قولك : من يكرمني أكرمه مبتدأ لا خبر له في وجه لكنه قليل. (حواشي لباب).


وثالثها : كل مبتدأ اشتمل خبره (١) على معنى (٢) المقارنة وعطف عليه شئ بالواو التي بمعنى (مع) (و) ذلك مثل : (كلّ رجل وضيعته) (٣) أي : كل رجل مقرون مع ضيعته فهذا الخبر واجب حذفه ؛ لأن الواو تدل على الخبر الذي هو (مقرون) وأقيم المعطوف في موضعه.

ورابعها : كل مبتدأ يكون مقسما به ، وخبره القسم (و) ذلك مثل : (لعمرك (٤)

__________________

(١) وضابط هذا كل مبتدأ عطف عليه شيء بالواو بمعنى مع ، ولم يجز نصبها وإن كانت بمعنى مع ؛ لأنه لا بد للنصب من فعل أو معناه وكلاهما متفق. (تركيب).

(٢) يعني : يكون الخبر لفظ المقارنة أو المصاحبة أو ما يفيد معناهما. (م).

ـ قوله : (وعطف عليه شيء ... إلخ) فإن قلت : سيجيء في بحث المفعول معه أن الواو بمعنى مع لم يكن للعطف ، قلت : المراد بالعطف معناه اللغوي ، أي : الارتباط المعنوي ، فإن قلت : حينئذ يجب أن يكون رفع هذا الواو لا رفع مدخوله ، قلت : لما كان صورته موافقة بالعاطف جري عليه حكمه ، ولهذا قال الكوفيون : إن الواو بمعنى مع خبر ينتقل رفعه إلى مدخوله ؛ لعدم قبول الإعراب. (عصمت).

(٣) والضيعة في اللغة العقاد ، وهاهنا كناية عن الضيعة سميت بها ؛ لأنك إذا اعتليت بها ضعت ، وإن أغفلتها ضاعت ، وكأنهم شبهوا ضيعة الرجل بالأرض المعلة التي لا تغني. (رضي وغيره).

وضيعته مرفوع عطف على كل رجل ، والضمير راجع إلى كل رجل ، والخبر المحذوف وجوبا أي : مقرونا ، كما قال البصريون ، واستشكل عليهم الرضي بأنه ليس من هذا التقدير لفظة لسد مسد الخبر المحذوف ، فكيف حذف وجوبا؟ وأجيب عنه بأن لهذا الخبر جهتين : جهة كونه خبر أعني كل رجل وجهه كونه خبر عن ضيعته اعتبار الجهة الأولى يعتبر مقدما ، وإن كان باعتبار الجهة الثانية ليس كذلك ، والجهة الوحدة تكفي في صحة البيان. (زاده).

(٤) العمر بفتح العين وضمها ، وبسكون الميم ، وبالضمتين يستعمل في البقاء أما في باب القسم اختير فتح العين للخفة. (احترى).

ـ فإن قيل : لا يجوز القسم بعد اسم الله تعالى وصفاته فلم قال النبي عليه‌السلام : «لعمري»؟ قلنا : المراد به القسم ، بل إنما جرى هذا اللفظ في كلامه على رسم العرب. (مفاتيح).

ـ قوله : (ولعمري) اللام للابتداء ، وعمري مبتدأ حذف خبره وجوبا ؛ لسد جواب القسم مسده ، تقديره لعمري ، فسمي ، والعمر بفتح العين وضمها البقاء ولا يستعمل في القسم إلا بالفتح ، ثم قوله : (لعمري) يمكن أن يحمل على حذف المضاف أي : الواهب لعمري ، وكذا أمثاله مما أقسم به بغير الله تعالى ، كقوله : (وَالشَّمْسِ)[الشمس : ١](وَاللَّيْلِ)[الليل : ١] ، ويمكن أن يكون المراد بقوله : (لعمري) وأمثاله ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط ؛ لأنه أقوى من سائر المؤكدات وأسلم من التأكيد بالله تعالى ؛ لوجوب التبرئة ، وليس الغرض ـ


لأفعلنّ كذا) أي : لعمرك وبقاؤك قسمي ، أي : ما (١) أقسم به ، فلا شك أن (لعمرك) يدل على القسم المحذوف ، وجواب القسم قائم مقامه ، فيجب (٢) حذفه و (العمر والعمر) بمعنى واحد ، ولا يستعمل مع اللام إلا المفتوح ؛ لأن القسم موضع التخفيف لكثرة استعماله(٣).

(خبر إن وأخواتها)

ومنها :

(خبر (إنّ) وأخواتها) أي : من المرفوعات (٤) خبر (إنّ) وأخواتها ، أي : أشباهها (٥) من الحروف الخمس الباقية ، وهي : (أنّ وكأنّ ولكنّ ولعلّ وليت) ، وهو مرفوع بهذه الحروف لا بالابتداء على المذهب الأصح ؛ لأنها لما شابهت الفعل المتعدي ـ كما يجيئ ـ علمت رفعا ونصبا مثله (٦) ...

__________________

ـ اليمين الشرعي وتشبيه غير الله به في التعظيم حتى يرد عليه أن الحلف بغير اسم الله تعالى وصفاته مكروه ، بل حرام ، بل كفر إن اعتقد وجوب التبرئة به. (حسين جلبي).

ـ إنما وجب حذفه لحصول الشرطين ؛ لأن لعمرك فيه يعني القسم دل على خصوصية الخبر وجوابه أيضا كان ملتزما موضعه. (عوض أفندي).

(١) يشير إلى تصحيح الجمل ؛ لأنه لا يصح جمل القسم على المبتدأ ، ولا يقال : لعمري قسمي وفي التنزيل : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)[الحجر : ٧٢]. (زاده).

(٢) وإنما وجب حذف الخبر هنا ؛ لدلالة لعمرك على قسم ، والتزام لأفعلن كذا موضعه. (غجدواني).

(٣) وقد يحذف المبتدأ والخبر معا في نحو : (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص : ٣٠] ، فيمن يجعل المخصوص خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير نعم العبد أيوب أي : هو أيوب ، وأما عند من يجعل المخصوص مبتدأ تقدمه خبره ، فنعم العبد من باب حذف المبتدأ. (داود خوافي).

(٤) ولم يقل : ومنها ؛ لأنه في الأصل خبر المبتدأ ، فلم يفصل مما هو مشعر بكونه بابا على حدة. (ح).

(٥) استعير الأخوات للأشباه والنظائر لما بينهما من التقارب والتماثل ، كما بين الأخوات. (لارى).

(٦) قوله : (خبر إن .. إلخ) إشارة إلى أن قوله : (خبر أن وأخواتها) مبتدأ محذوف الخبر بقرينة ما سبق ، فقوله: المسند إليه ابتداء كلام ، ويحتمل أن يكون المسند خبرا ، وقوله : (هو صيغة الفصل) ، وإنما لم يقل ومنها؛ لأنه في الأصل خبر المبتدأ ، فلم يفصل بما هو مشعر بكونه بابا على حدة. (عب).

ـ لكن الرفع مقدم في الفعل ومؤخر في هذه الحروف تنبيها بفرعية العمل على الفرعية العامل. (رضا).


(هو) (١) أي : خبر إنّ وأخواتها (المسند) إلى شئ آخر (٢) (بعد دخول) أحد (هذه الحروف) (٣) عليهما (٤) ، فقوله : (المسند) شامل لخبر كان وخبر المبتدأ ، وخبر (لا) التي لنفي الجنس وغيرها (٥).

وبقوله : (بعد دخول هذه الحروف) أخرج جميعها عنه (٦).

والمراد ب : (دخول هذه الحروف عليهما) ورودها عليهما لإيراد أثرها فيهما لفظا(٧) أو معنى ، فلا ينتقض (٨) التعريف بمثل : (يقوم) في قولنا : إنّ زيدا يقوم أبوه ، فإن (يقوم) هاهنا من حيث إسناده إلى (أبوه) ليس مما يدخل عليه (إن) بهذا المعنى ، بل إنما دخل على جملة هي (يقوم أبوه) فلا يحتاج (٩) ...

__________________

(١) ضمير الفصل ؛ لأن الخبر إذا كان معرفا باللام يؤتى الضمير الفصل مثل زيد هو القائم ، ولا يكون له حظ من الإعراب ، وقيل : مبتدأ ثان. (م ع).

(٢) ولم يقل : إلى اسم أن ؛ ليدخل فيه إن زيدا يقوم أبوه ، جملة فإن المسند فيها مسند إلى فاعله ، ثم هو مع الفاعل مسند إلى اسم إن. (توقادي).

(٣) قوله : (أحد هذه الحروف) وإنما قدر لفظ أحد حتى لا ينتقض التعريف بقائم في قولنا : إن زيدا قائم ؛ لأنه لا يكون مسندا بعد دخول هذه الحروف ، بل هو إسناد بعد دخول أحد الحروف. (حاشية).

(٤) وإنما قال : عليهما ؛ لأن الدخول بمعنى ورد هذه الحروف لإيراد الأثر ، ليس إلا الجموع المسند والمسند إليه ، فيكون بيانا للواقع ، وإن كان التعريف لا يقتضي ذلك ، بل يكفي ذكر عليه كما لا يخفى. (عصمت).

(٥) كخبر ما ولا المشبهتين بليس ، والمفعول الثاني من باب أعلمت ، وكالمبتدأ في أقام الزيدان؟ (سيدي).

ـ أي : عن التعريف ، سوى خبر هذه الحروف ، وانطبق التعريف عليه. (سيدي).

(٦) قوله : (لفظا أو معنى) على سبيل منع الخلو لا الجمع والأثر لفظا الإعراب ، ومعنى التحقيق والتمني والتشبيه والترجي.

(٧) إما لفظا فبالعمل ، وأما معنى فلانسحاب معانيها إلى معانيهما ، فإن تأكيد الحكم مثلا ينسحب إلى المحكوم به وعليه ، وعلى كل تقدير ينتقض التعريف بمثل يقوم ، وينجر المبتدأ الذي بعده أن المكفوفة ، أو بعد أن المخففة الملغاة. (عيسى).

(٨) حاصل السؤال أن يقال : أن يقوم في قولنا : إن زيدا يقوم أبوه ، يصدق عليه أنه هو المسند بعد دخول هذه الحروف مع أنه ليس بخبر وحده بل يقوم مع فاعله. (تأمل).

(٩) أي : إذا كان المراد من الدخول ورودها عليهما لإيرادها لفظا أو معنى. (غجدواني).


إلى أن يجاب عنه : بأنّ المراد (١) بالمسند المسند إلى أسماء هذه الحروف ، ويلزم منه استدراك قوله (٢) : بعد دخول (٣) هذه الحروف (٤) ، ولا إلى أن يجاب عنه : بأن المراد بالمسند : الاسم المسند ، فيحتاج (٥) إلى تأويل الجملة بالاسم ، حيث يكون خبرها جملة ، مثل : إنّ زيدا يقوم ، فإنه مؤول (بقائم) (مثل) قائم في (إن زيدا قائم) فإنه المسند بعد دخول هذه الحروف (وأمره (٦) كأمر خبر المبتدأ) أي : حكمه كحكم خبر المبتدأ في أقسامه ، من كونه مفردا ، وجملة ونكرة ومعرفة ، وفي أحكامه من كونه واحدا ومتعددا ، ومثبتا ومنفيا ومحذوفا (٧) ، وفي شرائطه من أنه إذا كان جملة فلا بد من عائد (٨) ، ولا يحذف (٩) إلا إذا علم.

__________________

(١) الجواب الصحيح أن المراد هو الاسم المسند ؛ لأن البحث عن أحكام الأسماء وما ذكر من الجواب لا صحة له كما لا يخفى. (سيدي).

(٢) فإن قلت : يلزم أيضا أن لا يكون قائم في أن زيدا قائم أبوه خبر أن ؛ لأنه مسند إلى فاعله وهو أبوه ، لا إلى اسم أن وهو مسند ، قلت : التزمنا ذلك فإن الخبر مجموع قائم أبوه وهو مسند إلى اسم ؛ لأن قائم فقط ، وفيه أن هذا خلاف عرف النحوي الذي ينظر في اللفظ وإن كان المسند بحسب المعنى هو مجموع قائم أبوه.(عصمت).

(٣) لأنه إنما ذكر ليخرج به خبر كان ، وخبر لا لنفي الجنس وغيرهما ، فإذا خرجت بقوله : (المسند إلى أسماء هذه الحروف) لم يحتج إليه ، بل يكون زائدة بلا منفعة. (قدمي).

(٤) عطف على أن يجاب تقديره فلا يحتاج إلى أن يجاب. (رضا).

(٥) لا بعد في هذا الاحتياج ؛ لأن المصنف في التزام التأويل. (م. ع).

(٦) فإن قيل : يلزم من قوله : (وأمره كأمر المبتدأ) أن خبر إن زيد أضربه ؛ لأنه يجوز زيدا ضربه ، قلت : أجاب عنه المصنف في شرح المفصل من وجهين : أحدهما : أنه لم يذكر أصلا وإذا لم يكره قائما باشتراكهما فيما هو مذكور ، لا فيما هو غير مذكور ، والثاني : ما ذكره في الجامي. (نجم الدين).

(٧) نحو : إن محلّا وإن مرتحلا ، أي : لنا محلا في الدنيا ، وأن لنا مرتحلا عنها إلى الآخرة ، ونحو أيام الصبا رواجعا عند أصحابنا ، يعني الخبر المحذوف ، والتقدير يا ليت أيام الصبا لنا ، أي : كائن في حال كونها رواجع ، والتزام حذف الخبر في قولهم : (ليت شعري) كان كذا ، أي : ليت علمي متعلق بما يجاب هذا القول.(فك).

(٨) المراد بالعائد ما يصح دخول أحد هذه الحروف عليه ؛ لأنه لا يقال : إن نعم الرجل زيد ؛ لوجوب الصدارة لأفعال المدح والذم. (م).

(٩) قوله : (ولا يحذف إلا إذا علم) أي : ولا يحذف العائد في وقت من الأوقات ، إلا وقت كونه معلوما فهو مستثنى مفرغ. (حسن أفندي).


والمراد (١) : أن أمره كأمره بعد أن صح كونه خبرا بوجود شرائطه وانتفاء موانعه (٢) ، ولا يلزم من ذلك أن كل ما يصح أن يكون خبرا للمبتدأ يصح أن يقع خبرا لباب (إنّ) حتى يرد أنه يجوز أن يقال : أين زيد؟ ومن أبوك؟ ولا يجوز أن يقال : إنّ أين (٣) زيدا ، وإنّ من أباك؟ (إلا في تقديمه) (٤) أي : ليس (٥) أمره كأمر خبر المبتدأ في تقديمه فإنه لا يجوز تقديمه على الاسم.

وقد جاز تقديم الخبر على المبتدأ ، وذلك ؛ لأن هذه الحروف فروع على الفعل

__________________

(١) قوله : (والمراد أن أمره ... إلخ) لا يخفي المناسب بقوله : (وأمره كأمر خبر المبتدأ في أقسامه وأحكامه وشرائطه) استثناء نصبه الاستفهام ووقوعه جملة إنشائية ، وأمثال ذلك ما ذكره الشارح تكلف. (عصمت).

(٢) كما إذا كان فيه معنى الاستفهام نحو : زيد أقام ، فإنه لا يقع خبرا لهذه الحروف ، أو جملة استفهامية نحو : زيد هل قام ، أو أمر به نحو : زيدا اكره ، أو نهيية نحو : زيد لا تهنه ؛ لأن الأمر والنهي للإنشاء ، وأن للخبر فلا يجتمعان معا فلا يقال : إن زيدا هل قام ، وإن عمرا أكرمه ، وإن خالدا لا تهنه. (شرح موشح).

ـ نحو : أين في أين زيد ، لا يصح أن يكون خبرا ؛ لأن وجوبه المانع لكونه أن يقتضي التحقيق والاستفهام التردد ، ولفوت صدارة الاستفهام. (وجيه الدين).

(٣) قال : إن يقتضي تحقق مدخوله نحو : أن زيدا قائم ، فإن أن يقتضي تحقق قيام زيد ، وأين يقتضي إبهام مدخوله نحو : أين زيد ، فإن أين يقتضي إبهام زيد وبينهما تناقض. (غجدواني).

(٤) مجرور بها مضاف إلى ضمير يرجع إلى الخبر وهو مجرور مستثنى ومستثنى منه محذوف ، وتقديره وأمره كأمر خبر المبتدأ في جميع الوجوه من كونه مفردا أو جملة أو نكرة أو معرفة أو واحدا أو متعددا ، مبتدأ أو مؤخرا إلا في هذا الوجه. (ه ع).

ـ حق العبارة أن يقال : إلا في التقديم ؛ لأنه استثناء عن وجوه الشبه ، ووجه الشبه يجب أن يكون مشتركا بين المشبه والمشبه به ، والقول يرجع الضمير إلى المتكلم بعيد. (عب).

(٥) فإن تقديم خبر المبتدأ جائز عليه ، وتقديم خبر أن ليس بجائز فلا يقال : إن قائم زيدا وذلك ؛ لأنها حروف وعملها ضعيف. (عوض).

ـ وحكمه حكم أن إلا في جواز تقديم الظرف ، فإن خبر إن يتقدم إذا كان ظرفا على اسمه ، ولا يتقدم خبر لا وإن كان ظرفا على اسمه ، فلا يجوز لا في الدار رجل ، وجاز أن في الدار غلام رجل ؛ وذلك لأن أن مشابه للفظ الماضي في كونه ثلاثيا مفتوح الآخر ، وفي اتصال الضمير المنصوب به ، وفي اتصال نون الوقاية وغير ذلك ، س فكان كأنه فعل بخلاف لا فإنه محمول على أن أفرع عليه ، فانحط رتبة عن رتبة ما هو أصله ، وهو أن. (شرح لباب).


في العمل ، فأريد أن يكون عملها فرعيا أيضا ، والعمل الفرعي للفعل أن يتقدم المنصوب على المرفوع ، والأصل أن يتقدم المرفوع على المنصوب ، فلما أعلمت العمل الفرعي لم يتصرف في معموليها بتقديم ثانيهما على الأول كما يتصرف في معمولي الفعل لنقصانها عن درجة (١) الفعل (إلّا (٢) أن يكون الخبر ظرفا) أي : ليس أمره كأمر خبر المبتدأ في تقديمه إلا إذا كان ظرفا (٣) ، فإن حكمه إذن حكمه في جواز التقديم إذا كان الاسم معرفة نحو : قوله تعالى : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) [الغاشية : ٢٥](٤).

وفي وجوبه إذا كان الاسم نكرة نحو : (إنّ من البيان (٥) لسحرا) أو (إنّ من الشعر لحكمة) وذلك لتوسعهم في الظروف (٦) ما لا يتوسع في غيرها.

__________________

(١) لأن الفعل أصل في العمل وهي المشابهة به ؛ لتعمل عمله فتكون فرعا له فيه. (توقادي).

(٢) استثناء من الاستثناء المقدم فيكون موجبا ، وإنما جاز تقدم الظرف ؛ لأن جميع الأشياء ما خلق الله لا ينفك عن زمان أو مكان ، فلما كان الظرف لازما غير مفارق عنها بمنزلة نفس الشيء فجاز ذكره متقدما ومتأخرا أو متوسطا ، فلذلك فصلوا بين المضاف والمضاف إليه بالظرف دون غيره ، والتعجب نحو : ما أجمل اليوم كذا ، وبين همزة الاستفهام ، والقول مع إعمالهم إياه نحو : اليوم يقول زيدا قائما.

(٣) قوله : (إلا ... إلخ إذا كان ظرفا فيه) إن هذا الاستثناء يقتضي أن يكون خبر الظرف مثل خبر المبتدأ في التقديم ، وليس كذلك فإن خبر إن إذا كان ظرفا يتقدم تقدما غالبا شائعا يكاد أن لا يجوز تأخيره ، سواء كان الاسم معرفة أو نكرة ، وليس خبر المبتدأ كذلك ، وأيضا خبر أن إذا كان ظرفا مقارنا للام الابتداء لا يقدم ، نحو: إن زيدا لفي الدار ، بخلاف خبر المبتدأ. (عصمت).

(٤) أي : رجوعهم في ديوان في الحشر ، وتقديم الخبر للتخصيص والمبالغة في الوعيد. (قاضي).

(٥) عن ابن عمر رضي‌الله‌عنهما قال : قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبيانهما ، فقال رسول الله عليه‌السلام : «إن من البيان لسحرا ، وإن من الشعر لحكمة» أخرج الشطر الأول البخاري (٥١٤٦) ، والشطر الثاني ابن ماجه (٢٧٥٥) ، وقال عليه‌السلام : «أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد».

كل شيء ما خلا الله باطل

وكل نعيم لا محالة زائل

أخرجه البخاري (٣٨٤١) (مصابيح).

ـ يعني أن بعض البيان بمثابة السحر في ميلان القلوب ، أو في العجز عن الإتيان بمثله ، وهذا النوع ممدوح وإذا صرف إلى الحق ، ومذموم إذا صرف إلى الباطل. (م).

(٦) لأن كل شيء من المحدثات لا بد أن يكون في مكان أو زمان ، فصار مع كل شيء كقرينة ولم يكن أجنبيا ، فدخل حيث لا يدخل غيره كالمحارم يدخلون حيث لا يدخل الأجنبي ، وأجرى الجار والمجرور مجراه ؛ لمناسبة بينهما ؛ إذ كل ظرف في التقدير جار ومجرور. (وجيه الدين).


(خبر (لا التي) (١) الكائنة (٢) (لنفي الجنس) (٣) أي : لنفي صفته ؛ إذ (لا رجل قائم) مثلا لنفي القيام عن الرجل ، لا لنفي الرجل نفسه.

(هو المسند) إلى شيئ آخر ، هذا شامل لخبر المبتدأ وخبر (إنّ ، وكأنّ) وغيرها (بعد دخولها) أي : بعد دخول (لا) (٤) ، فخرج به سائر الأخبار.

والمراد (٥) بدخولها : ما عرفت في خبر (إنّ) فلا يرد نحو : (يضرب) في (لا رجل يضرب أبوه).

(نحو : (لا غلام رجل ظريف)) (٦) ...

__________________

(١) وحكم لا حكم أن ؛ لأن نقضيه أن ، فحمل عليه في الحكم ؛ لأن العرب يحمل النقيض على النقيض ، فإن قلت : حق النقيض أن يكون مخالفا للنقيض لا موافقا له ، فكيف حمل عليه؟ قلت : لأن النقيض طرفان طرف للثبوت ، وطرف للمنفي فحمل أحدهما على الآخر ؛ لاشتراكهما في كونهما طرفين ، فهو في الحقيقة حمل النظير على النظير لا النقيض ، وقد نبه عليه الشيخ عبد القاهر. (شرح لباب).

(٢) اسم الفاعل المقدر في مثله بمعنى الثبوت ، واللام فيه حرف التعريف لا اسم الموصول ، فلا يلزم حذف الموصول مع بعض صلته. (جلبي).

ـ قدر متعلق الطرف المعرف باللام ميلا إلى رعاية جانب المعنى ؛ لأن المعنى على التركيب التوصيفي ، والمشهور في أمثاله تقدير النكرة احترازا عن حذف الموصول مع بعض صلته ، فإنه لا يجوز عند البصريين ، فالتقدير خبر لا ، كائنة لنفي الجنس على جعل كائنة حالا من كلمة لا ، بتأويلها بالمفعول بمعنى الفعل المستفاد من إضافة والخبر إليها ، أي : ثبت جملة لكلمة لا. (ع ص).

(٣) لما كان لفظ لا مشتركة بين ما يكون لنفي الجنس ، وبين ما يشابه بليس وصفها ؛ لقوله : التي لنفي الجنس تعيينا للمقصود ، واحترازا عما غيره. (عوض).

(٤) والخبر مرفوع بلا إن لم يكن اسما مبنيا بسبب لا عند جميع النحاة ، وإن كان اسمها مبنيا نحو : لا رجل ظريف ، قال سيبويه ارتفاعه بأنه خبر المبتدأ ، ولا رجل مرفوع المحل بالابتداء ؛ ولأنه لما صار الاسم بدخول لا مبنيا ، وصار دخول لا عليه سبب بنائه مع قربه بلا ، كما كان مع اسمه لا المنصوب. (داود خوافي).

(٥) قوله : (والمراد) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : إن يضرب في لا رجل يضرب أبوه ، يصدق عليه أنه هو المسند بعد دخول لا ، مع أنه ليس بخبر لا فلا يكون التعريف مانعا. (لمحرره).

(٦) ظريف صفة مشبهة ، فاعله فيه راجع إلى غلام رجل وهو معه مركب مرفوع خبر لا ، والجملة استئنافية. (م ع).


إنما عدل (١) عن المثال المشهور وهو قولهم : (لا رجل في الدار) لاحتمال حذف الخبر ، وجعل (في الدار) صفة ، بخلاف ما ذكر ؛ لأن (غلام رجل) معرب منصوب لا يجوز ارتفاع صفته على ما هو الظاهر.

(فيها) أي : في الدار خبر بعد خبر ، لا ظرف ظريف ، ولا حال ؛ لأن الظرافة لا تتقيد بالظرف ونحوه وإنما (٢) أتي به لئلا يلزم الكذب بنفي ظرافة كل غلام رجل ، وليكون مثالا لنوعي خبرها ، الظرف وغيره.

(ويحذف) (٣) خبر (لا) هذه حذفا (كثيرا) إذا كان الخبر عامّا كالموجود والحاصل لدلالة النفي عليه نحو : (لا إله إلا الله) (٤) أي : لا إله موجود إلا الله.

__________________

(١) قوله : (إنما عدل) قال المصنف ليس تمثيل النحاة بلا رجل ظريف حسنا ؛ لأن ظريف في الظاهر صفة اسم لا ؛ لأن خبر لا يحذف كثيرا ، والمثال ينبغي أن يكون ظاهرا فيما يمثل له ، وفي مثالنا لا يحتمل ظريف إلا الخبر ؛ لأن المضاف المنفي بلا لا يوصف إلا بمنصوب ، واعترض عليه بأن ذلك مذهب جماعة منهم ، وأما الآخرون فقد جوزوا الرفع حملا على المحل في توابع اسم أن. (لارى).

(٢) قوله : (وإنما أتي به) فيه بحث ؛ لأن فيها إذا كان خبرا بعد خبر فالحكم كالأول ليس إلا لنفي الظرافة كل غلام رجل ، فيلزم الكذب إلا يقصد لنفي الجميع بين الخبرين عن جنس غلام رجل النفي ، حينئذ النفي لا يتصور إلا بعد الوجود. (حافظ الدسكندي).

(٣) وإنما يحذفه الحجازيون كثير الداشكندي ؛ لأنه لا يكاد يجيء هذا المنفي لا مبنيا على كلام متقدم قد ذكر فيه الخبر ، فكأنه جواب لمن قال : هل من أهل لك؟ وهل من مال لك؟ فاجتبه بقولك : لا أهل ولا مال ، ولا يحتاج إلى ذكر الخبر ؛ لأن تقدم ذكره في السؤال أغنى عن ذكره في الجواب ، وعلى هذا أيضا كلمة الشهادة كأنها في الأصل رد على المنكر وجوب لمن قال :هل من الوجود من غير الله؟ فقلت : لا إله إلا الله ولا يحتاج إلى إعادة الخبر في الجواب. (كبير).

(٤) قوله : (لا إله إلا الله) اعترض عليه بشيئين : أحدهما إذا أريد بلا إله مطلق المعبود يكون كاذبا بالمعبودات الباطلة ، وإن أريد المعبود الحق لم يكن الاستثناء استثناء ؛ لأن الاستثناء هو إخراج الشيء من الشيء المتعدد الذي يصح دخوله فيه ، فإذا كان كذلك فكيف التوحيد؟ أجيب عنه بأن المراد المعبود الحق وهو كلي في الذهن ، والله فرد منه في الخارج موجود. (حاشية).

ـ قوله : (لا إله إلا الله) مستثنى متصل ، ولا يجوز أن يكون المستثنى المفرغ ؛ لأنه إذا كان كذلك يلزم أن يكون خبرا ، وهو غير جائز ؛ لفساد المعنى ، بل هو بدل عن محل لا إله.


(وبنو تميم لا يثبتونه) أي : لا يظهرون الخبر في اللفظ ؛ لأن الحذف عندهم واجب. أو المراد : أنهم لا يثبتونه أصلا ، لا لفظا ولا تقديرا ، فيقولون معنى قولهم : لا أهل ولا مال ، انتفى الأهل والمال ، فلا يحتاج إلى تقدير خبر.

وعلى (١) تقديرين يحملون ما يرى خبرا في مثل : لا رجل قائم ، على الصّفة (٢) دون الخبر.

(اسم (ما) و (لا) المشبهتين ب : (ليس)

في معنى النفي والدخول على المبتدأ والخبر (٣) ولهذا يعملان عملها (٤).

(هو المسند إليه) هذا شامل للمبتدأ ولكل مسند إليه.

(بعد دخولهما) خرج به غير اسم (ماولا) وبما عرفت من معنى الدخول ، لا يرد (أبوه) في مثل : (ما زيد أبوه قائم).

(مثل (ما زيد (٥) قائما ، ولا رجل أفضل منك) وإنما أتى بالنكرة بعد (لا) لأن (لا) لا تعمل إلا في النكرة (٦) ، بخلاف (ما) فإنه يعمل في النكرة والمعرفة.

__________________

(١) أي : تقدير كون الخبر وجب الحذف ، وعلى تقدير أن لا يكون لها خبر أصلا. (م).

(٢) فيجعلون في تلك المادة مرفوعا باعتبار محل الرجل ؛ لأن الرجل مبني وتابع لمحله. (عصمت).

(٣) وفيه أن كون مدخول لا مبتدأ قبل دخول لا مع كونه نكرة صرفة محل نظر ، فتأمل. (عصمت).

(٤) وكذا إن النافية ترفع وتنصب عند المبرد والكسائي نحو : إن هو مستوليا على أحد أجزائه الملاعين ، فإن الشاعر أعمل إن في هو ، وفي مستوليا ، وفي المفصل يجوز إعمال إن عمل ليس عند سيبويه. (خوافي).

ـ وأما مذهب أكثر البصريين والفراء أن إن النافية لا تعمل شيئا ، وهو مذهب الكوفيين ، خلافا للفراء أنها لا تعمل عمل ليس ، وقال به من البصريين أبو العباس المبرد وأبو بكر السراج وأبو علي الفارسي وأبو الفتح ابن جني ، واختار المصنف ، وزعم أن في كلام سيبويه إشارة إلى ذلك ، وتعمل في النكرة والمعرفة فنقول : إن رجل قائما ، وأن زيدا قائم. (شرح ألفية).

(٥) وقد يكون اسم وخبره معرفتين ، أو نكرتين ، أو الأول معرفة والثاني نكرة دون العكس. (م).

(٦) ويرد عليه قول النابغة :

وحلت سواد القلب لا أنا باغيا

سواها ولاقي جها متواضيا

وزعم بعضهم أن لا تعمل في المعرفة كما في النكرة. (شرح ألفية وغيره).


هذه لغة أهل الحجاز ، وأمّا بنو تميم فلا يثبتون لهما العمل (١) ويقولون : الاسم والخبر بعد دخولهما مرفوعان بالابتداء كما كانا قبل دخولهما.

وعلى لغة أهل الحجاز ورد القرآن نحو : (ما هذا بَشَراً) [يوسف : ٣١](٢).

(وهو) أي : عمل (ليس) (في لا) دون (ما) (شاذ) قليل ، لنقصان مشابهة (لا) ب : (ليس) لأن (ليس) لنفي الحال ، و (لا) ليس كذلك ، فإنه للنفي مطلقا ، بخلاف (ما) فإنه أيضا لنفي الحال فيقتصر (٣) عمل (لا) على مورد السماع نحو : قوله :

من صدّ (٤) عن نيرانها

فأنا ابن قيس لا براح

أي : لا براح لي ، ولا يجوز أن يكون لنفي الجنس ؛ لأنه إذا كان لنفي الجنس ، لا يجوز فيما بعده الرفع ما لم يتكرر ولا تكرار في البيت.

اعلم أن (٥) المراد بالمسند والمسند إليه في هذه التعريفات ما يكون مسندا أو

__________________

(١) لأن هذه المشابهة لا توجب عمل المشبه كعمل المشبه به ؛ لأن ليس فعل غير منصرف حيث ليس له مجهول ولا مضارع ، فيكون ضعيفا ، والضعيف لا يستتبع غيره ، فضلا عن تتبعه في العمل. (م).

(٢) (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ)[المجادلة : ٢] وإذا عمل ما في الثاني عمل في الأول ، وعن عاصم أمهاتهم بالرفع على لغة تميم ، وقرئ أمهاتهم وهو أيضا على لغة من ينصب. (قاضي البيضاوي).

(٣) كما أن ليس للحال في مثل ما زيد قائما ، كذلك ما لنفي الحال ، وإذا كان لا شاذا قليلا ؛ لنقصان مشابهتها بليس للعلة المذكورة فيقصر ... إلخ. (توقادي).

(٤) أول البيت :

يا بؤس للحرب التي

وضعت أراهط فاستراحوا

 ـ من شرطية ، وصد عن نيرانها شرطها ، والفاء جزائية ، وما بعده جزاء الشرط ، ولا براح يمكن أن يكون على الاستئناف ، وقال صدر الأفاضل : محلها نصب على أنها حال مؤكدة من قوله : (ابن قيس) ، والاستشهاد أنه استعمل لا بمعنى ليس ، قال الإمام المرزوقي في شرح الحماسة : قوله : (لا براح) الوجه فيه النصب لكن الضرورة دعت إلى رفعها ، وقال سيبويه : جعل لا كليس هنا ، وجعل غيره براح مبتدأ والخبر مضمر ، وإنما يحسن ذلك إذا تكرر لا كقولك : لا درهم ولا دينارا ؛ لأنه جوز الشاعر الرفع في النكرة بعد لا ، وإن لم يتكرر هذا كلامه ، ويعلم منه الاستشهاد إنما يستقيم على مذهب سيبويه. (جلبي).

(٥) هذا التعريض مبني على الغفلة عما ذكره في تعريف الفاعل حيث قال : بعد ما أسند إليه الفعل بالأصالة لا بالتبعية ؛ ليخرج عن الحد توابع الفاعل نحو : جاءني زيد وعمرو ، نسي الشارح كلامه السابق. (لمحرره).


مسندا إليه بالأصالة لا بالتبعية بقرينة ذكر التوابع فيما بعد ، فلا ينتقض بالتوابع.

ولما فرغ (١) من المرفوعات شرع في المنصوبات ، وقدمها على المجرورات ، لكثرتها (٢) ولخفة النصب ، فقال :

(المنصوبات)

(المنصوبات) (٣) (هو (٤) ما اشتمل (٥) على علم المفعولية)

قد تبين شرحه بما ذكر في المرفوعات.

والمراد (٦) بعلم المفعولية : علامة كون الاسم مفعولا حقيقة أو حكما ، وهي :

__________________

(١) الظاهر أن هذه الشرطية لزومية ؛ إذ لا فائدة معتدا بها في الحكم الاتفاقي هنا ، والعلاقة المقتضية للزوم المعتبر عند أرباب العقول منفية ، كما لا يخفي إلا أن يدعي اللزوم العرفي العادي بعد ما علم أن المصنف في صدد ذكر المرفوعات والمنصوبات والمجرورات ، فإن الفراغ من حدهما يستلزم التصدي لبيان الآخر. (عصمت).

(٢) وليوافق تركيبه على ما هو الأصل في ترتيب الكلام ، فإن الأصل أن يلي الفعل الفاعل ثم المفعول بلا واسطة. (قدمي).

(٣) قوله : (المنصوبات) جمع المنصوب لا المنصوبة ؛ لأن موصوفها الأسماء وهي جمع اسم ، وهو مذكر لا يعقل، فيقضي أن يكون الوصف مطابقا للموصوف ، وبأن المراد باشتمال الاسم عليها أن يكون موصوفا بها لفظا أو تقديرا أو محلا هذا. (حلبي).

ـ يحتمل أن يكون المجموع كلاما واحدا بأن يكون هو ضمير الفصل ، واللام للحقيقة المبطلة للجمعية بدخولها ، وحينها التعبير من العرف بلفظ الدال على الأفراد الغير المناسب بمقام التعريف ؛ للإشارة إلى جامعية هذا التعريف، وإلى تعدد الأنواع المنصوبات المعرف هنا ، ويحتمل أن يكون كلامين مستقلين بأن يكون قوله : (المنصوبات) كلاما واحدا بتقدير هذا بأن المنصوبات أو المنصوبات هذا. (عصمت).

(٤) ضمير منفصل مبتدأ ثان راجع إلى المنصوبات ، والتذكير باعتبار الخبر وليس هو ضمير فصل كما توهم ؛ لوجوب مطابقته للمبتدأ. (شرح).

(٥) وإنما لم يقل ما اشتمله على النصب ؛ لئلا يتوهم تعريف الشيء بما هو مثله في المعرفة والجهالة ؛ لأن معنى المنصوب مشتمل على النصب. (كاملة).

ـ والتعريف يشتمل على العلل الأربع علة فاعلية ، وعلة صورية ، وعلة مادية ، وعلة غائية. (لمحرره).

(٦) وأما تقييد الفعل بمفعول ونحوه فلتربية الفائدة ، كقولك : ضربت ضربا شديدا ، وضربت زيدا ، وضربت يوم الجمعة ، وضربت أمامك ، وضربت بالسوط ، وجلست والسادية ، وجاء زيد راكبا وطاب زيد نفسا وما ضرب إلا زيد وما ضربت إلا زيدا. (أيضاح). ـ


أربع ، الفتحة والكسرة والألف والياء ، نحو : رأيت زيدا ، ومسلمات ، وأباك ، ومسلمين ، ومسلمين (فمنه) (١) أي : من المنصوب أو مما اشتمل على علم المفعولية :

(المفعول المطلق)

(المفعول (٢) المطلق)

سمي به ، لصحة اطلاق صيغة المفعول عليه من غير تقييده بالياء ، أو في أو مع أو اللام بخلاف المفاعيل الأربعة (٣) الباقية ، فإنه لا يصح اطلاق صيغة المفعول عليها إلا بعد تقييدها بواحدة منها.

فيقال : المفعول به أو فيه أو معه أو له.

(وهو) أي : المفعول المطلق : (اسم ما (٤) فعله فاعل فعل) والمراد بفعل الفاعل إيّاه : قيامه به بحيث يصح إسناده إليه ، لا أن يكون مؤثرا (٥) فيه موجدا إيّاه فلا يرد (٦)

__________________

ـ أي : من حيث أنه علامة كون الاسم مفعولا ، فلا ينتقض تعريف المنصوبات بمثل مسلمات ومسلمين ؛ إذ ذات الكسرة والياء في هذه الأمثلة وإن كانت علامة كون الاسم مفعولا لكنها ليست ملابسة بهذه الحيثية. (عصمت).

(١) قوله : (أي : من المنصوب) يعني : أن ضمير راجع إلى المنصوبات في المذكور في ضمن المنصوبات موافقا لضمير هو في قوله : (هو ما اشتمل) وهو المناسب باعتبار جعل القسم موافقا لما جعل معرفا قوله : (أو مما اشتمل ... إلخ) ليوافق ضمير اشتمل الراجع إلى ما وهو المناسب باعتبار قرب المرجع. (عصمت).

(٢) بدأ بالمفعول المطلق ؛ إذ هو مفعول حقيقة واصطلاحا ، دون ما عداه. (غجدواني).

(٣) وزاد السيرا في مفعولا سادسا سماه مفعولا منه نحو : قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً)[الأعراف : ١٥٥] أي : من قومه ، ورد عليه بأنه لو صح ذلك يصح أن يقول : مفعولا إليه وغير ذلك. (جلبي).

(٤) والمراد بالفعل أعم من أن يكون مشتقا منه أو غير مشتق منه ؛ ليدخل فيه ويحه وويل فإنهما منصوبان بفعل ليس مشتقا منهما ؛ إذ لا يستعمل وأح وواه بل يفعل بمعناهما مثل هلك ، وأهلك الله ، ويحه كلمة ، وويل كلمة عذاب. (سيدي).

(٥) وإلا أن يكون مختارا فالمؤثر في الحقيقة هو الله تعالى في الأفعال. (م).

ـ كما ذهب إليه بعضهم ، فيشكل عليه دخول الأمثلة الآتية. (محمد أفندي).

(٦) قوله : (فلا يرد مات موتا ، وجسم جسامة ، وشرف شرفا) فإن كل واحد من الموت والجسامة والشرف وهو المعلوم قائم بالفاعل لا تأثير للفاعل فيه ، وإنما المؤثر فيها هو الله تعالى ، أما ـ


عليه : مثل : مات موتا ، وجسم جسامة ، وشرف شرفا ، وإنما زيد لفظ (الاسم) (١) لأن ما فعله الفاعل هو المعنى.

والمفعول المطلق من أقسام اللفظ ، ويدخل فيه المصادر كلها.

(مذكور) صفة للفعل ، وهو أعم من أن يكون مذكورا حقيقة ، كما إذا كان مذكورا بعينه ، نحو : ضربت ضربا ، أو حكما كما ، إذا كان مقدرا نحو : (فضرب (٢) الرّقاب) ، أو اسما (٣) فيه معنى الفعل ، نحو : ضارب ضربا ، وخرج (٤) به المصادر التي لم يذكر فعلها لا حقيقة ولا حكما (٥) ، نحو : الضرب (٦) واقع على زيد.

(بمعناه) (٧) صفة ثانية للفعل ، وليس (٨) المراد به أن الفعل كائن بمعنى ذلك

__________________

ـ في غير الموت فظاهر ، وأما في الموت فعلى قول من يقول : أنه وجودي ، قال الله تعالى :(خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ)[الملك : ٢] ، وأما على قول من يقول : إن الموت عدمي فلا مؤثر فيه أصلا ، وخلق الموت والحياة بمعنى قدر الموت والحياة. (وجيه الدين).

(١) لأن المفعول المطلق من أقسام المفاعيل ، والمفاعيل قسم المنصوب ، والمنصوب قسم الاسم ، والاسم قسم الكلمة ، والكلمة قسم اللفظ ، فإنه منسوب إلى اللفظ بهذا الاعتبار. (تأمل).

(٢) أصله فاضربوا الرقاب ضربا ، فحذف الفعل وقدم المصدر ، فأنيب منابه مضاف إلى المفعول ، وفيه اختصار على أعطى معنى التأكيد ؛ لأنك تذكر المصدر ، ويدل على الفعل بالنصبية التي فيه. (كشاف).

(٣) وهو مقابل لقوله : (بعينه) ، كما يشعر به قوله : (بعد لا حقيقة ولا حكما) على ما نقل عنه ، فالأولى أن يعطف على قوله : (مقدار). (داود).

(٤) قوله : (وخرج ... إلخ) لكن لم يخرج بعد مثل ضرب شديد في قولنا : ضربي ضرب شديد ، وأنواع في قولنا: ضربي أنواع ، ولم يخرج بقوله : (بمعناه أيضا) فلا يكون التعريف مانعا. (عصمت).

(٥) وبينهما عموم وخصوص مطلق ؛ لأن كل ما هو مفعول مطلق فهو مصدر من غير عكس. (م).

(٦) فإن الضرب فعله فاعل فعل لا محالة ، إلا أنه لم يكن مذكورا لا حقيقة وهو ظاهر ، ولا حكما ؛ لأن الضرب في المثال المذكور مبتدأ ، وكذا سائر المصادر لم يذكر فعله. (توقادي).

(٧) والضمير عائد إلى المطلق ، فيعلم منه أن الموافقة معنى تعتبر في جانب الفعل. (جلبي).

(٨) جواب سؤال مقدر تقديره لا يجوز أن يكون الفعل معنى مفعول ؛ لأن الفعل يدل على الحدث والزمان ، ونسبة فاعل يعني ، والمفعول يدل على الحدث فقط فلا يحمل الأكثر على الأقل فأجاب بقوله : (وليس المراد).(سمع).


الاسم ، فإن معنى ذلك الاسم جزء معناه (١) ، بل المراد (٢) ، أن معنى الفعل مشتمل عليه اشتمال الكل على الجزء ، فخرج به مثل : (تأديبا) في قولك : ضربته تأديبا ، فإنه وإن كان مما فعلة فاعل فعل مذكور لكنه ليس مما يشتمل عليه معنى الفعل.

وكذلك خرج به مثل : (كراهتي) في نحو : كرهت كراهتي ، فإن للكراهة (٣) اعتبارين، أحدهما : كونها بحيث قامت بفاعل الفعل المذكور واشتقّ منها فعل أسند إليه (٤) ، ولا شكّ أنّ معنى الفعل مشتمل عليها حينئذ.

وثانيهما : كونها بحيث وقع عليها فعل الكراهة فإذا ذكرت بعد الفعل بالاعتبار (٥)

__________________

(١) أي : معنى الفعل الذي هو الحدث والزمان ؛ لأن معنى الاسم واحد وهو الحدث ، ومعنى الفعل متعد وهو الحدث والزمان ، فالواحد جزء من المتعدد فيكون معنى الاسم جزء معنى الفعل. (سمع).

(٢) قوله : (بل المراد أن معنى الفعل مشتمل عليه اشتمال الكل على الجزء) فيه أنه حينئذ يلزم خروج المفعول المطلق النوعي والعددي من تعريفه ؛ لأنهما يدلان على أمر زائد على معنى الفعل ، فلم يكن الفعل مشتملا على معنى المفعول المطلق اشتمال الكل على الجزء ، والجواب أن معنى المفعول هو ذات الحدث الذي دل عليه اللفظ ، وكون ذاك الحدث من نوع كذا ومعدود بعدد كذا ، فمن أوصاف ذلك المعنى ، فالمعنى المعتد به في المفعول المطلق هو ذات ذلك الحدث ، والفعل مشتمل عليه اشتمال الكل على الجزء في جميع أقسامه ، أو المراد من معنى المفعول المطلق قصد به من الأفراد ، والفعل مشتمل عليه اشتمال الكل على الجزء ، أو المراد من الحدث الحدث الذي في ضمن ذلك الفرد ، وبالجملة تحقق الفعل باعتبار الجزء الذي هو الحدث ، تحقق مدلول الاسم الذي هو المفعول المطلق ؛ لأنها متحدان بالذات ، فعلى هذا يخرج عن حد المفعول المطلق أنواعا في ضربت أنواعا ... إلخ. (عصمت).

(٣) الأولى أن يقال : فإن هنا كراهتين أحدهما ما وجد من فعل وغير عنها بكراهتي ، والأخرى ما وجد بعدها تعلقت بتلك الكراهة الأولى تعلق الفعل بالمفعول به ، فعبر عنها بقولك : كرهت ، فهما متغايران بحسب الوجود ، ويجوز أن يراد بكراهتي معنى مصدر كرهت لا ما وقعت سابقة عليها فحينها يكون مفعولا مطلقا والفعل مشتمل على ما قصد منه مثل ما ذكر في كرهت. (عصمت).

(٤) فيكون المصدر مؤكد للفعل ، والفاعل المضاف إليه الفاعل المسند إليه الفعل ، فصار المعنى كرهت كراهة.(م).

(٥) أي : باعتبار كونه قائما بفاعل الفعل المذكور مشتقا منها الفعل أسند إلى ذلك الفاعل ، يعني باعتبار صدورها عن فاعل الفعل المسند إلى فاعل العامل فيها. (م).


الأول كما في قولك : كرهت (١) كراهتي ، فهو (٢) مفعول (٣) به لا مفعول مطلق (٤) ؛ إذ ليس ذلك الفعل مشتملا عليه بهذا الاعتبار ، بل هو واقع عليه وقوع الفعل على المفعول به. فخرج بهذا الاعتبار عن الحدّ ، وانطبق الحدّ على الحدود جامعا ومانعا.

(ويكون) (٥) المفعول المطلق (للتأكيد) (٦) إن لم يكن في مفهومه زيادة (٧) على ما يفهم من الفعل.

(والنّوع) إن دلّ على بعض أنواعه (٨).

(والعدد) إن دلّ على عدده (مثل : جلست جلوسا) للتأكيد (وجلسة) ـ بكسر الجيم ـ للنوع وجلسة ـ بفتحها ـ للعدد.

__________________

(١) وإنما يستعمل هنا الكلام إذا دخل عليك شخص وأنت قائم فكرهت دخوله عليك ، ثم ندمت عنه كراهتك فقلت : كرهت كراهتي. (عبد الله).

(٢) أي : الكراهة والتذكير باعتبار الخبر أو باعتبار كون الكراهة مصدرا ، والتذكير والتأنيث مساويان فيه ، وإن كان مع الياء عند المحققين. (سيدي).

(٣) لعدم اشتمال الفعل عليه اشتمال الكل على الجزء ، لكن وجد اشتمال الكل على الجزء ، ولكن الغرض ليس. (حواشي هندي).

(٤) لعدم اشتمال الفعل عليه اشتمال الكل على الجزء ، ولذا قال الشارح ؛ إذ ليس ... إلخ. (ص).

(٥) ولما فرغ من تعريف المفعول المطلق شرع في تقسمه ، كما هو دأب المصنفين فقال : ويكون ...إلخ (م).

(٦) قال : للتأكيد ، أي : لتأكيد ما هو المسند حقيقة نحو : ضربت ضربا ، فإنه لتأكيد الضرب المدلول عليه بضربت ، لا لتأكيد الإسناد والزمان أيضا ، فلو قيل : أنه لتأكيد الفعل كان مسامحة وفائديه دفع توهم السهو ، أو دفع توهم التجوز ، وعليه حمل قوله تعالى : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً)[النساء : ١٦٤] ، أي : كلمه بذاته لا يترجمان بأن أمره بالتكلم لموسى عليه‌السلام. (عب).

(٧) بل نقض ؛ لأن المصدر يدل على الحدث فقط ، والفعل يدل على الحدث والزمان والنسبة. (حلبي).

(٨) وهو إما أن يدل عليه باسم خاص نحو : رجع القهقرى ، وإما أن يدل عليه بالصفة نحو : ضربت ضربا شديدا ، أو أي : ضرب ضربت الضرب الذي يعرفه ، أو بالمضاف إليه نحو : ضربت ضرب الأمير ، أو بلام العهد نحو : ضربت الضرب إذا كان معهودا بينك وبين مخاطبك ضرب ، القهقرى صفة المفعول المطلق المحذوف تقدير رجع الرجوع القهقرى ؛ لأن القهقرى ضرب من الرجوع. (متوسط).


(فالأول) أي : الذي للتأكيد ، لا يثنى ولا يجمع (١) ؛ لأنه دال (٢) على الماهية (٣) المعرّاة عن الدلالة على التعدد. والتثنية والجمع يستلزمان التعدد ، فلا يقال : جلست جلوسين ، أو جلوسات ، إلا إذا قصد به النوع أو العدد (بخلاف أخويه) أي : اللذين هما للنوع والعدد ، نحو : جلست جلستين ، أو جلسات بكسر الجيم وفتحها.

(وقد (٤) يكون) المفعول المطلق (بغير لفظة) أي : مغايرا للفظ فعله ، إمّا بحسب المادة (مثل : قعدت (٥) جلوسا) (وأما بحسب الباب نحو : أنبته الله نباتا حسنا). وسيبويه يقدر له عاملا من بابه أي : قعدت وجلست جلوسا ، وأنبته (٦) الله فنبت نباتا.

__________________

(١) اعلم أن تسمية الفعل معروفا ومجهولا وغائبا ومخاطبا ومتكلما ، مجاز لغوي من قبيل إطلاق اسم اللازم وهو الفاعل هاهنا على الملزوم وهو الفعل. (روح الشروح).

(٢) قوله : (لأنه دال على الماهية المعراة ... إلخ) يعني أنه دال على الماهية من حيث هي هي مع قطع النظر عن الإفراد والتثنية والجمع ، لا يكونان إلا مع التعدد والإفراد فيتباقيان. (وجيه الدين).

ـ قوله : (دال على الماهية) فيه أن الدلالة على الماهية لا يستلزم جواز التثنية والجمع ، فالصواب أن يقال : إن المقصود منه تأكيد الماهية ... إلخ فلو مثنى أو جمع لا يبقى تأكيدا. (ح ه).

(٣) أي : على الجنس كالماء يدل على القليل والكثير ، فكذلك هو. (محمد أفندي).

(٤) قد هاهنا للقليل ؛ لأنه وإن كان كثير في نفسه قليل بالإضافة إلى ما إذا كان بلفظه ، أو للتكثير مجازا كما في قوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ)[البقرة : ١٤٤]. (لارى).

ـ لأنه موضوع للحقيقة بدليل صحة إطلاقه للضرب القليل والكثير ، والقوي والضعيف ، وهو شيء واحد لا يقبل التثنية والجمع ؛ لأن التثنية ضم شيء إلى شيء ، والجمع شيئين فصاعدا إلى شيء. (تأمل).

(٥) عند من لم يفرق بيت القعود والجلوس ، وإلا مفعول مطلق مجازي لا حقيقي. (س).

ـ قال زين العرب في شرح المصابيح : إن الفصحاء يستعملون العقود في مقابلة القيام في مقابلة الاضطجاع ، وحكي أن نضر بن شميل دخل على المأمون ، وقام بين يديه فقال : جلس ، فقال : يا أمير المؤمنين لست بمضطجع فأجلس ، قال : كيف أقول قال : أقعد ، فعلى هذا فجلوسا مفعول مطلق ، فجلست المقدر أي : جلست جلوسا. (ذنبي زاده).

(٦) ومذهب المبرد والمازني والسيرافي وصححه ابن مالك ، وقال الرضي : هو أولى ؛ لأنه منصوب بالفعل الظاهر ، وهو الأولى ؛ لأن الأصل عدم التقدير بلا ضرورة ملتجئة إليه ، وعند سيبويه والجمهور ، وصححه ابن حيان أن جلوسا مفعول مطلق لفعل مقدر من لفظه ، أي : وجلست جلوسا واختار الفارسي وابن جني ، فإن أريد به التأكيد عمل فيه المضمر لا الظاهر ؛ لأنه من قبيل التأكيد اللفظي وإن أريد به النوع عمل فيه الظاهر ؛ لأنه بمعناه. (نكت السيوطي).


(وقد (١) يحذف الفعل) الناصب (٢) للمفعول المطلق (لقيام قرينة جواز (٣) كقولك :لمن قدم) من سفره (خير مقدم) (٤) أي : قدمت (٥) قدوما خير مقدم ، فخير اسم تفضيل ، ومصدريته باعتبار الموصوف والمضاف إليه ؛ لأن اسم التفضيل له حكم ما أضيف إليه.

(ووجوبا) أي : حذفا واجبا (٦) (سماعا) أي : سماعيا موقوف على السماع لا قاعدة له يعرف بها (نحو : سقيا) (٧) أي : سقاك الله سقيا ، (ورعيا) أي : رعاك الله رعيا (وخيبة) أي : خاب خيبة ، من خاب الرجل خيبة ، ذا لم ينل ما طلبه (وجدعا) أي : جدع جدعا ، والجدع : قطع الأنف والأذن والشفة واليد (٨).

(وحمدا) أي : حمدت حمدا ، (وشكرا) (٩) أي : شكرت شكرا ، (وعجبا) أي:عجبت عجبا.

__________________

(١) استئناف أو اعتراض أو عطف على مقدر ، أي : يذكر الفعل كثيرا وقد يحذف. (م ع).

(٢) توصيف الفعل بالناصب للمفعول المطلق مع أنه شأنه كذلك ؛ لدفع توهم من توهم أن حذف الفعل شأن وحال من أحوال الفعل ، فالبحث بحث الاسم فدفع الشارح هذا التوهم بذلك التوصيف ، مع أن البحث هنا ليس للفعل المطلق ، بتوهم كذلك بالفعل الناصب للمفعول المطلق ، فينبغي أن يذكر هذا لهذه المناسبة.(قدمي).

(٣) مفعول مطلق ليحذف ، بتقدير الموصوف ، أو المضاف أي : حذفا جائزا ، أو حذف جواز. (م ع).

(٤) بحذف الموصوف ، وإقامة الصفة مقامه ، ومن العرب من يرفع على تقدير قدومك خير. (غجدواني تركيب).

(٥) قوله : (قدمت قدوما خير) مقدم ثم ذكر فائدة هذا الوصف بقوله : (فيخرج اسم تفضيل ومصدرية .. إلخ) فإطلاق المصدر عليه هاهنا إما من قبيل إطلاق اسم الموصوف على الصفة ، وإما من قبيل اسم المضاف إليه على المضاف ، وعلى التقديرين يكون مجازا بعلاقة جزئية فيهما. (جلبي).

(٦) إشارة إلى صحة وقوعه مفعولا مطلقا بأنه حذف لا وجوبا ، فهو بتأويله باسم الفاعل صفة للمصدرية تأمل. (داود).

(٧) والقرنية في هذه الأمثلة كثرة الاستعمال ودلالة الحال مثلا سقيا إنما يقال لمن استحق أن يدعى له بالخير ، فدلت الحال على أن التقدير سقاك سقيا. (حلبي).

(٨) أو قطع الاثنين منها أو الثلاثة أو كلها ، ولذا عطف بالواو دون أو ، والمقصود عليه بالذال المعجمة ، وتقبيح الحال كلما زاد القطع زاد القبح ، وإذا قطعت كلها يكون أقبح ، فلا اعتبار إلى قول من قال ، وفي الرضي كلمة أو يدل وهو الموافق في اللغة. (م).

(٩) هذه الأمثلة الثلاثة إما لإنشاء الحمد والشكر والتعجب أو للاختيار بها. (عصمت).


فإنه (١) لم يوجد في كلامهم استعمال الأفعال العاملة في هذه المصادر. وهذا (٢) معنى وجوب (٣) الحذف سماعا ، قيل عليه : قد قالوا (٤) ، حمدت الله حمدا وشكرته شكرا ، وعجبت عجبا ، فأجاب بعضهم (٥) : بأن ذلك ليس من كلام الفصحاء ، وبعضهم (٦) : بأن وجوب الحذف إنما هو فيما استعمل باللام نحو : حمدا له ، وشكرا له ، وعجبا له.

(و) قد يحذف الفعل الناصب للمفعول المطلق حذفا واجبا (قياسا) أي : حذفا قياسيا ، يعلم له ضابط (٧) كلي يحذف معه الفعل لزوما (في مواضع) (٨) متعددة (منها) أي : من هذه المواضع موضع (ما وقع) أي : المفعول المطلق وقع فيه (مثبتا) أي : أريد

__________________

(١) هذا دليل للدعوى المفهومة ضمنا ، وهو أن المصادر مما حذف فعلها وجوبا سماعا. (عصمت).

(٢) أي : عدم وجود الاستعمال الأفعال العامة ، وعدم القاعدة يعرف الحذف به. (لمحرره).

(٣) قال المصنف في شرحه : وحاصلها أنها مصادر كثرت استعمالهم فخففوها بحذف أفعالها ، فجعلوا المصدر عوضا عنها ؛ لكثرة فهي في المعنى معللة بالكثرة ، إلا أن الكثرة لما تعذر معرفة ما كثرت بعينه احتيج إلى السماع. (عوض أفندي).

(٤) يعني : أن هذه المصادر الثلاثة مما وجب حذف عاملها سماعا ، بل يكون داخلا تحت القياس فلا يكون مما نحن فيه. (جلبي).

(٥) وهذا الجواب ليس بشيء ؛ إذ لا نزاع لأحد في استعمال حمدت حمدا ، وشكرت شكرا. (سيدي).

(٦) قال الشيخ الرضي : الذي أرى أن هذه المصادر وأمثالها إذا بين فاعلها أو مفعولها بالإضافة ، أو بحرف الجر ، ولم يقصد بها بيان النوع وجب حذف نواصبها ، يعني قياسا ، وإذا لم يبين لم يجب ، وذلك مثل : (صِبْغَةَ اللهِ)[البقرة : ١٣٨] وكتاب وسبحان الله ، وسعديك ، سحقا له ، وحمدا لك. (عب).

(٧) ويجوز أن يكون المراد منه هو الدليل الموجب للحذف ، وهو التزام غيره موضعه مع القرنية الدالة عليه.(عافية).

(٨) نبه بصيغة جمع الكثرة على أنه لا ينحصر حذفه الواجب فيما ذكره من المواضع الستة. (توقادي).

ـ قال : منها ، ولم يقل : هي كذا وكذا ؛ لأن المواضع لا تنحصر فيما ذكر ، فإن منها المصدر الذي يقصد به التوبيخ نحو : أقعودا والناس قيام ؛ وقد تنوب الصفة مقامه نحو : أقاعدا والناس قيام. (لارى).


إثباته لا نفيه (١) ، فإنه لو أريد نفيه ، نحو : ما زيد سيرا لا يجب حذفه (٢) ، (بعد نفي)(٣)داخل على اسم لا يكون المفعول المطلق خبرا عنه (أو) بعد (معنى نفي (٤) داخل على اسم (٥) لا يكون) المفعول المطلق (خبرا عنه) أي : عن ذلك الاسم ، وإنما قال : على اسم ؛ لأنه لو دخل على فعل نحو : ما سرت إلا سيرا ، وإنما سرت سيرا ، لا يكون منه ، وإنما وصف الاسم بأن لا يكون المفعول المطلق خبرا عنه ؛ لأنه لو كان خبرا (٦) عنه نحو : ما سيرى إلا سير شديد ، لكان مرفوعا على الخبريّة.

(أو وقع) (٧) المفعول المطلق (مكررا) أي : في موضع الخبر عن اسم لا يصلح وقوعه خبرا عنه ، فلا يرد عليه نحو : (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا (٨) دَكًّا) (٩) وإنما جمع بين

__________________

(١) بأن يقع بعد النفي ، ثم ينتقض النفي بإلا وإنما ، بخلاف ما أريد نفيه بأن لا ينتقض النفي.(وجيه الدين).

(٢) أي : الفعل الناصب المفعول المطلق ؛ لأنه لا يقوم مقام الفعل فيه لفظا ، بخلاف (غجدواني) ما زيد إلا سيرا ، فإن كلمة إلا يقوم مقام الفعل. (غجدواني).

(٣) قوله : (بعد نفي داخل) الظاهر أنه قدر لنفي صفة ؛ لأن الصفة الوحدة لا يصح أن يكون تابعة لموصوفين ، وقيل : صفة لنفي فالمقدر صفة معنى نفي ، وما ذكره الشارح أظهر ؛ إذ لا وجه للفصل بين الصفة والموصوف ، والحق أنه صفة لقوله : (نفي) أو معنى نفي بتأويله بواحد من نفي أو معنى نفي ، والصفة في الحقيقة صفة واحد منهما ، ولو قال : بعد نفي داخل على الاسم لا يكون خبرا عنه ، أو معناه بإرجاع ضمير معناه إلى النفي المقيد ؛ لكان أوضح فافهم. (ع ص).

(٤) أورد المظهر موضع المضمر ؛ لصحة الوصف بقوله : (داخل) تأمل تنل. (محمد أفندي).

(٥) أي : داخل على اسم طالب للخبر بقرينة قوله : (لا يكون خبرا عنه) في قصد المتكلم ، ليخرج مثل ما زيد إلا سير بالرفع عند قصد المبالغة. (عصمت).

(٦) قوله : (لأنه لو كان خبرا عنه ... إلخ) إن قلت : هو ليس مفعولا ؛ لأنه مرفوع ، قلنا المفعول قد يكون مرفوعا ، إن قلت : فيفوت فائدة تدوين علم الإعراب ، قلنا : إذا تعين مواضع الرفع والنصب لا يفوت ولا يخفي ؛ إذ لو اعتبر الشرائط في المصدر كما اعتبرها بعضهم لسلم عن ذلك الشبهة ، لكن ما ذكره قدس‌سره بالمقام أنسب. (عب).

(٧) وهو عطف على قوله : (وقع مثبتا) وكلمة أو هاهنا يفيد عناد الخلو ، فلا يمنع الجمع بين الضوابط الأول والثاني ، يشهد عليه أمثلة سيبويه ما أنت إلا قتلا قتلا ، وما أنت إلا الضرب الضرب. (غجدواني).

(٨) فإنه لما جعلت الأرض فاعلا لدكت ، لم يصلح أن يكون مبتدأ ، فلا يكون المكرر في موضع خبر حتى لو قدر الفعل بعد الأرض ؛ لكان مما نحن فيه يصدره. (غجدواني).

(٩) فإن المصدر وإن وقع مكررا لكنه لم يقع في موضع الخبر ، فلا يجب حذف فعله. (وجيه الدين).


الضابطتين (١) ، لاشتراكهما في الوقوع بعد اسم لا يكون خبرا عنه (نحو : ما أنت (٢) إلا سيرا) أي : تسيرا سيرا ، (وما أنت إلا سير البريد) (٣) أي : تسير سير البريد (٤).

هذان مثالان لما وقع مثبتا بعد نفي ، وإنما أورد مثالين تنبيها على أن الاسم الواقع موقع الخبر ينقسم إلى النكرة والمعرفة ، أو إلى ما هو فعل للمبتدأ ، وإلى ما يشبه به فعله(٥)،أو إلى مفرد ومضاف.

(وإنما أنت سيرا) أي : تسير سيرا ، مثال لما وقع بعد معنى النفي (وزيد سيرا سيرا(٦) أي : يسير سيرا ، مثال لما وقع مكررا.

(ومنها) أي : من المواضع التي يجب حذف الفعل الناصب للمفعول المطلق فيها (ما وقع) أي : موضع مفعول مطلق وقع (تفصيلا لأثر مضمون جملة متقدمة) والمراد (٧)

__________________

(١) يعني : لم لم يقل : ومنها ما وقع مكررا (ص).

ـ قوله : (وإنما جمع بين الضابطتين) جواب سؤال مقدر تقديره أن الضابط الأولى وضابطه وقوع المصدر مكررا كل منها على حاله ، فلم لم يقررهما كما في سائر الضابط ، وتقرير الجواب أنه جمع بينهما لأجل المناسبة بينهما في الوقوع ، بعد اسم لا يكون خبرا عنه. (وجيه الدين).

(٢) لأن أنت اسم ذات ، وسيرا اسم معنى ، واسم معنى لا يكون خبرا عن اسم الذات ، بخلاف ما سرى إلا سير شديد ؛ لأن كليهما اسم معنى. (حلبي). ما أنت إلا سير ما بمعنى ليس ، ملغاة عن العمل ؛ لانتقاض نفيه بتوسط إلا ، وأنت مبتدأ وإلا حرف استثناء وسيرا منصوب لفظا ... إلخ مستثنى مفرغ مفعول مطلق لتسر المقدر ، قائم مقام الخبر. (موشح).

(٣) البريد اسم لبغل يحفظ في الخانات المبنية في الطرق ليركبه من يبعثه السلطان لمصلحة ، وهو كلمة وهو كلمة فارسية بريدوم ؛ وذلكلأن الملوك الماضية كانوا يبنون في الطرق ويقفون فيها البغال ؛ ليركبها الرسل المبعوثون للحاجات ، ويقطعون أذناب تلك البغال علامة لذلك ، فتكون موقوفة فيها لأجل الحاجات ، ثم سمي به الرسول المحمول عليها ، ثم سميت به المسافة التي يقطعها الرسول وهي اثني عشر ميلا. (شيخ زاده).

(٤) يعني : ما أنت إلا تسير سيرا مثل سير البريد ، فإذا كان النفي كذلك مفعولا مطلقا مجازيا.(مكمل).

(٥) لأن السير في المثال الثاني فعل البريد ، وليس بفعل المخاطب الذي هو السير المقدر يشبه فعل البريد.(حاشية).

(٦) وإنما وجب الحذف هنا ؛ لأن المبتدأ يقوم مقام الفاعل ، والتكرار مقام الفعل. (نجم الدين).

(٧) قوله : (والمراد بمضمون الجملة مصدرها ... إلخ) فإن قلت : هذا إنما يصح في الجملة ـ


بمضمون الجملة مصدرها المضاف إلى الفاعل أو المفعول ، وبأثره غرضه (١) المطلوب منه ، وبتفصيل الأثر : بيان أنواعه المحتملة ، نحو : قوله تعالى (٢) : (فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ) [محمد : ٤] أي : بعد شدّ الوثاق (وَإِمَّا فِداءً)(٣) فقوله : (فَشُدُّوا الْوَثاقَ) جملة مضمونها شد الوثاق ، والغرض المطلوب من شد الوثاق إمّا المنّ أو الفداء (٤) ، ففصّل الله سبحانه هذا الغرض المطلوب بقوله : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً ،) أي : إمّا تمنون منّا بعد الشّدّ وإمّا تفدون فداء.

__________________

ـ الفعلية وما في حكمها ، وأما إذا كانت الجملة اسمية مثل زيد جسم أو حيوان أو إنسان ، فما مضمونها ؛ إذ ليس لها مصدر؟ قلت : يجوز في جميع الجمل أخذ المعنى المصدري باعتبار ارتباط مسندها بما أسند إليه بإلحاق الياء المصدرية بالمسند نحو : جسمية زيد ، أو حيوانية زيد ، أو إنسانية زيد في جسم زيد أو حيوان أو أنسان مثلا، أو المراد المعنى المصدري الذي استنبط من الجملة ، واعلم أن التعميم المفهوم من قوله : (مصدرها المضاف إلى الفاعل أو المفعول) إشارة إلى المصدر ينسب إلى الفاعل إذا كان مناط الفائدة التقييد بها ، نحو : أصحبت مع زيد في حديقة مسرورا ، إما ينفعه أو ينفك ، فإن مضمون الجملة هنا صحبة زيد في وقت السرور في الحديقة والنفع أثره. (عصمت).

(١) وإنما سمي أثرا ؛ لأن الغرض من الشيء يحصل بعد حصوله ، كالأثر يكون بعد المؤثر ، وإنما وجب حذف الفعل ههنا ؛ لأن فشدوا الوثاق لما كان متضمنا لفوائد من المن والاسترقاء والعقل يدل على الفعل المحذوف كلمة أما قائمة مقام الفعل ، ولهذا لم يجب الفعل فيما إذا لم يقع تفصيلا نحو : مننت منا لعدم كلمة أما.(وجيه الدين).

(٢) أول الآية (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)[محمد : ٤] فالفاء جوابية وشد أمر حاضر مبني على الوقف عند البصريين ، وعلامة الوقف هنا حذف نون الجمع ، والجملة فعلية لا محل لها ، جواب إذا في قوله : (حتى إذا أثختموهم) ، والوثاق منصوب له ، والفاء للتفصيل ، أما حرف ترديد ، منا منصوب مفعول مطلق بفعل مقدر وجوبا أي : تمنون ، والجملة فعلية لا محل لها تفصيل ، وبعد مبني على الضم ظرف للفعل المقدر عند السيرافي ، أو للمفعول مطلق عند سيبويه ؛ لقيامه مقام الفعل واو زائدة ، أو عاطف ، وفداء منصوب مفعول مطلق لفعل مقدر وجوبا أي : تفدون فداء.(خلاصة معرب).

(٣) والقرينة لحذفه الجملة المتقدمة ؛ لأن شد الوثاق يدل على تمنون ويفدون ؛ لأنهما يحصلان بسببه ، والمحصل قرينة المحصل. (جلبي).

(٤) أما القتل والاسترخاء والاستخدام فالحاصل في شدوا الوثاق فوائد أربع ، فوائد المن والفداء والقتل والاستخدام.


(ومنها) أي : ومن تلك المواضع (ما وقع) أي : موضع مفعول مطلق وقع (للتشبيه) (١) أي : لأن (٢) يشبّه به أمر آخر ، واحترز به عن نحو : لزيد صوت صوت (٣) حسن (٤) ؛ لأنه لم يقع لتشبيه ، (علاجا) أي : حال كونه دالا على فعل من أفعال الجوارح ، واحترز به عن نحو : لزيد زهد (٥) زهد الصّلحاء ؛ لأن الزهد ليس من أفعال الجوارح.

(بعد جملة) واحترز به عن نحو : صوت (٦) زيد صوت حمار.

(مشتملة) (٧) أي : تلك الجملة (على اسم) كائن (بمعناه) أي : بمعنى المفعول المطلق واحترز به عن نحو : مررت بزيد فإذا له ضرب صوت حمار. (و) على (صاحبه) (٨) أي : على صاحب ذلك الاسم ، أي الذي قام به معناه ، واحترز به عن

__________________

(١) وإنما وجب حذف الفعل في المثال المذكور ؛ لأن صوت يدل على من يصوت معنى ، والصوت في المثال الأول يقوم مقامه لفظا. (غجدواني).

(٢) قوله : (لأن يشبه به ... إلخ) تنبيه إلى أن المشبه مصدر مجهول ؛ لأن المفعول المطلق في هذا الموضع مشبه به ، ولو لم يؤول يشعر كونه مشبها وهو خلاف الواقع. (مصطفى حلبي).

(٣) قال سيبويه : الوصف في الثاني من وجهين : إما على أنه يدل من الأول وإن أعلى أنه مع وصفه وصف الأول ، وإنما حكم بالبدل أو بكونه وصف دون التأكيد ؛ لأن الثاني مع وصفه صار كاسم واحد يفيد ما لم يفيد الأول ، ولو لم يكن معه الصفة لكان تأكيدا لا غير. (كشاف).

(٤) فإنه ليس من هذا الباب ؛ لأن غرض المتكلم جعل الصوت الثاني بدلا من الأول ، وهذا الكلام مستغن عن الفعل. (غجدواني).

(٥) الزهد في اللغة خلاف الرغبة ، تقول : زهد في الشيء وعن الشيء ، وفي اصطلاح ترك حظوظ النفس عن جميع ما في الدنيا ، وبجميع هذه الحظوظية والجاهية وحب المنزلة له عند الناس ، وحب الحمدة والثناء. (وجيه الدين).

(٦) الأول مبتدأ ، والثاني خبره أي : صوت زيد مثل صوت حمار ، كقولك : زيد أسد ، أي : مثل أسد ؛ لأنه لو نصب لبقي المبتدأ بغير خبر ، وما يقوم مقام الخبر. (موشيخ).

(٧) أي : مشتملة على اسم بمعنى المصدر وهو صوت ، ومشتملة على صاحب المصدر وهي المكنى عنه بالضمير في قوله : (له) وجب الحذف لسد الجملة السابقة مسد الحذف. (ص).

(٨) قوله : (وعلى صاحبه ... إلخ) أي : صاحب مدلوله بتقدير المضاف ، ومشتملة تلك الجملة أيضا على صاحب ذلك الاسم ، وهو الاسم الذي اشتملت تلك الجملة ، ولما كان ظاهر هذه العبارة مضطربة متناقضة إذ الصاحب أي : صاحب ذلك الاسم المتكلم في الحقيقة ، وفي المثال المذكور الضمير المجرور في قوله : (له وجهه) بقوله : (أي : الذي قام به معناه) فيكون مجاز ـ


(نحو : مررت بزيد فإذا له صوت صوت (١) حمار) أي : يصوت صوت حمار ، من صات(٢) الشيء صوتا ، بمعنى صوّت تصويتا (٣).

(فصوت حمار) مصدر وقع للتشبيه علاجا بعد جملة هي قوله : (له صوت) وهي مشتملة على اسم بمعنى المفعول المطلق وهو (صوت) ومشتملة على صاحب ذلك الاسم ، وهو الضمير المجرور في (له) (٤).

(و) نحو : مررت به فإذا له (صراخ صراخ (٥) الثكلى) أي : يصرخ صراخ الثكلي ، وهي امرأة مات ولدها.

__________________

ـ من قبيل وصف الدال بصفة المدلول ، ونظيره قوله : (المنادى من أقسام الكلمة) مثل يا زيد ، والمطلق إقباله وهو مدلول يا زيد وهو الشخص المعين خذ هذا فإنه ينفعك في مواضع شتى. (مصطفى حلبي).

(١) فصوت حمار مصدر وقع للتشبيه علاجا بعد جملة وهي به صوت مشتملة على اسم بمعناه وهو صوت ، إلا أن تلك الجملة ليست مشتملة على صاحب ذلك الاسم ، ولا يجوز حذف الفعل ؛ لأن الاسم بغير صاحب المصدر لا يدل على معالجة الفعل ، فإن دل في بعض الأمثلة فذلك إنما يكون من المادة فلا يعبأ به. (حلبي وم).

ـ وصوت حمار مرفوع إما على الوصفية ، أو البدلية ، ويحتمل أن يكون النصب على تقدير كاف التشبيه. (حلبي).

(٢) هذا إشارة إلى جواب كان السائل قال : فإن الصوت اسم جامد ليس بمصدر ، فأجاب من صات فحينئذ يكون مصدرا. (شرح لباب).

ـ قوله : (من صات ... إلخ) يعني أن صوتا جاء مصدرا بمعنى التصويت ، يعني أنك كررته فلا حاجة إلى القول بأنه اسم أوزانه استعمل استعمال المصدر كالعطاء بمعنى الإعطاء ، وإن عامله يصوت من التصويت. (عب).

(٣) وفي المقاليد الصوت والتصويت بمعنى فقوله : (بمعنى صوت تصويتا) ليس كثير فائدة. (وجيه الدين).

(٤) لرجوعه إلى زيد ، فوجدت الشروط بأسرها فوجب الحذف الدلالة هذه الجملة عليه دلالة تامة ومغنية منه. (توقادي).

(٥) وإنما مثل بمثاليين ؛ لأن الأول مضاف إلى غير ذي العقلاء بخلاف الثاني ، ولأن الأول مضاف إلى النكرة بخلاف الثاني. (حلبي).

ـ وإنما وجب الحذف هنا لوجود القرينة فإن له صوت لما كان مشتملا على الاسم العلاجي ، أي : الدال على الحدوث ؛ لأن المصدر علاج والاسم الذي بمعناه يكون علاجا أيضا ؛ لاتحاده ـ


(ومنها) أي : من تلك المواضع (ما وقع) أي : موضع مفعول مطلق وقع (مضمون جملة ولا محتمل (١) لها) أي : لهذه الجملة.

(غيره) أي : غير المفعول المطلق (نحو : له عليّ ألف درهم اعترافا) أي : اعترفت اعترافا ف : (اعترافا) (٢) مصدر وقع مضمون جملة ، وهي : (له على ألف درهم) ؛ لأن مضمونها الاعتراف ، ولا محتمل لها سواه (٣).

(ويسمى) هذا النوع من المفعول المطلق (تأكيدا لنفسه) أي : لنفس المفعول المطلق ؛ لأنه إنما يؤكد (٤) نفسه وذاته ، لا أمرا يغايره ولو بالاعتبار (٥).

(ومنها) ما وقع مضمون (٦) جملة (٧) لها أي : لهذه الجملة (محتمل غيره) أي : غير

__________________

ـ معه ، وغرض المتكلم كان إسناد ذلك الاسم الحادث إلى صاحبة قرينة للفعل ، والملتزم موضعه وهو الصوت الأول تقديره مررت بزيد فإذا هو يصرخ صراخ الثكلى. (عافية شرح الكافية).

(١) قال : (لا محتمل لها ... إلخ) الأظهر في إفادة المقصود أن يقال : مضمون جملة لا يحتمل غيره ، وفي مقابلة مضمون جملة يحتمل ، فإن لقوله : (لا يحتمل لها غيره) احتمالين : أحدهما أن يكون محتمل اسم مفعول وقع اسم لا التي لنفي الجنس ولها صفة ، وغيره مرفوع بأنه خبر لا ومفعول ما لم يسم فاعله ، وخبر لا محذوف ، والثاني أن يكون محتمل مصدرا ميميا ، وغيره منصوبا منصوب بأنه مفعول بمعنى احتمال للجملة من المصادر وغيره. (عصمت).

(٢) والمراد من الاعتراف فإنه يؤكد حكم الجملة ومضمونها ، لا الجملة ؛ لأن ذلك ليس تأكيدا لا لفظيا ولا معنويا. (نجم الدين).

(٣) بحسب عرف الشرع ، بل بحسب اللغة أيضا في الأقادير ، وإلا فالخبر يحتمل الصدق والكذب. (وجيه الدين).

(٤) من حيث الصدق لا من حيث المفهوم ، مع أن هذا اصطلاح لا مشاحة ، وما يقال من أن الاعتراف مطلق والمضمونة مقيد فلا يكون هو يندفع بأن لا يكون الأول متحقق إلا في ضمن الثاني ، مع أن ذلك ثابت فيما سبق ، وإنما وجب الحذف هنا ؛ لأن الجملة تدل لى اعترف ويقوم مقامه. (عافية شرح الكافية).

(٥) أي : باعتبار جعل الاعتراف المؤكد ملفوظا حكما ، أو باعتبار جعل المؤكد مضمونا حكما ليتوافقا فيؤكد الملفوظ الملفوظ ، والمضمون المضمون فليتأمل. (عافية شرح الكافية).

(٦) واحترز بإضافة المضمون إلى الجملة عما يقع مضمون مفرد نحو : ضربت ضربا فإنه مضمون مفرد. (عافية).

(٧) فإن قلت : مضمون الجملة لا يخلو من أن يحتمل غير مفعول المطلق أو لا يحتمل غيره ، ـ


المفعول المطلق (نحو : زيد قائم حقا) أي : حقّ حقا من حقّ يحقّ ، إذا ثبت ووجب.

ف : (حقا) مصدر وقع مضمون جملة ، وهي قوله : (زيد قائم) ولها محتمل غيره؛ لأنها تحتمل الصدق (١) والكذب ، ولا حق والباطل. (ويسمى) هذا النوع من المفعول المطلق (تأكيدا لغيره) ؛ لأنه (٢) من حيث هو منصوص عليه بلفظ المصدر يؤكد نفسه من حيث هو محتمل الجملة فالمؤكّد ـ اسم مفعول ـ من حيث اعتبار وصف الاحتمال فيه يغاير المؤكّد ـ اسم فاعل ـ من حيث انه منصوص عليه بالمصدر (٣). ويحتمل أن يكون المراد : أنه تأكيد لأجل غيره ، ليندفع الاحتمال ، وعلى (٤) هذا ينبغي أن يكون المراد بالتأكيد لنفسه أنه تأكيد لأجل نفسه ، ليتكرر (٥) ويتقرر حتى يحسن التقابل.

__________________

ـ وعلى التقديرين يجب حذف فعله بمقتضي الضابطتين ، فالأخص أن يجمع كلتا الضابطتين ويقال : منها ما وقع مضمون جملة محتمل غيره ولا محتمل غيره ، قلت : نعم لكن لما كان المتأخرون جعلوا ما كان مضمون جملة لا محتمل لها غيره مسمى باسم خاص وهو تأكيد لنفسه ، وما كان مضمون جملة لها محتمل غيره مسمى باسم آخر وهو تأكيد لغيره ، أوردهما في الضابطتين للتصريح باسميهما. (عصمت).

(١) الصدق مطابقة الخبر للواقع ، والكذب عدم مطابقة الخبر للواقع ، والحق مطابقة الواقع للخبر ، والباطل عدم مطابقة الواقع للخبر فافهم ، وتفصيله في المعاني فتأمل ، ولا تنم في الليل ، ولا تمشي في الأسواق إن كنت طالب العلم الحق. (لمحرره رضا).

(٢) قوله : (لأنه من حيث هو ... إلخ) ومدفوع عند احتمال غيره من حيث أنه يحتمل الجملة غير المنصوص عليه ، فالمؤكد باعتبار وصف الاحتمال ، والمؤكد باعتبار وصف منصوصية ، فيكون مؤكد الغيره بالاعتبار ، وإلا فهو في الحقيقة مؤكد لنفسه ؛ إذ لو لم يكن كذلك لم يكن المؤكد مؤكد ؛ لأن معنى التأكيد تفويت الثابت بالتكرار ، وإذا لم يكن الشيء ثابتا فكيف تقوى ، وإذا كان ثابتا فكرر ، وإنما يؤكد نفسه فقيام زيد من حيث أنه مضمون الجملة ومحتمله وغير منصوص. (وجيه الدين).

(٣) لأن المؤكد الذي هو القيام يدل على احتمالين الصدق والكذب ، والمؤكد لا يدل إلا على الحقيقة ، فكان المؤكد عاما والمؤكد خاصا فكانت المغايرة بينهما موجودا. (محمد أفندي).

(٤) ويتقر ما هو المقصود ، ولهذا سمي تأكيدا ؛ لكن أورد عليه فوات حسن التقابل فأشار إلى رفعه بقوله : (وعلى هذا). (م).

(٥) يعني : أن التأكيد قد يكون لمجرد تقرير نفسه من غير دفع احتمال الغير ، وقد يكون لتقرير نفسه بدفع احتمال الغير فحسن المقابلة. (وجيه الدين).


(ومنها ما وقع مثنى) (١) أي : على صيغة (٢) التثنية وإنّ لم يكن للتثنية بل للتكرير والتكثير (٣) ، ولا بد من تتميم هذه القاعدة من قيد الإضافة ، أي : مثنى مضافا إلى الفاعل أو المفعول لئلا يرد مثل : قوله تعالى : (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) [الملك : ٤](٤) أي : رجعا مكررا كثيرا ، وفي جعل (٥) المثالين من تتمة التعريف لإفادة هذا القيد تكلّف.

(مثل (٦) لبّيك) أصله : ألبّ لك إلبابين ، أي : أقيم لخدمتك وامتثال أمرك ، ولا أبرح عن مكاني إقامة كثيرة متتالية ، فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه وردّ إلى الثلاثي بحذف زوائده ، ثم حذف حرف الجر من المفعول ، وأضيف المصدر إليه ، فصار (لبيك).

__________________

(١) هذا النوع سماعي من جهة أن هذا المثنى على خلاف القياس ، فلا يخالف ما سمع من المثنى بهذا المعنى ، ولا يقاس عليه ما لم يسمع ، وقياسي من جهة أن كل ما جاء مثنى بهذا المعنى حذف فعله وجوبا من غير أن يحتاج إلى سماع. (نجم الدين).

ـ وإنما وجب الحذف في هذا القسم ؛ لأنهم جعلوا اللفظ الأول من التكرار نائبا مناب الفعل والقرينة كونه بمعنى الدعاء ؛ لأن الدعاء لا يكون إلا فعلا ، وقال الجوهري في باب التاء : والتثنية دليل النصب. (جلبي).

(٢) قوله : (أي : على صيغة التثنية) ولا يكون لحصول اثنين بل للكثرة ، حتى لو كان لحصول الاثنين لا يجب حذف فعل نحو : ضربته ضربتين. (وجيه الدين).

(٣) وإنما قلنا : للتكرار والتكثير ؛ احترازا من أن يقع المفعول المطلق مثنى لا للتكثير ، أي : من غير نظر إلى الكثرة ، بل بالنظر إلى المثنى فإنه لا يجب حذف الفعل نحو : ضربته ضربتين. (متوسط).

(٤) كأنه قيل : إن المفعول المطلق في هذه الآية وقع على صيغة التثنية للتكرار والتكثير ، ولم يحذف عامله الناصب له لا جوازا ولا وجوبا ، بل مذكور لفظا. (توقادي).

(٥) قوله : (لو في جعل المثال) من تتمة التعريف بجعل قوله : (مثل) صفة لقوله : (مثنى) لإفادة هذا القيد ، أي : قيد الإضافة تكلف ؛ لأنه مخالف لدأب المصنف في هذا الكتاب ، بل ليس هذا من دأب المصنفين مع أنه إذا اعتبر يكون قيد الإضافة إلى المفعول ، ولاستناد قيد الإضافة إلى الفاعل اللهم إلا أن يراد جنس الإضافة وذا تكلف آخر. (حلبي).

(٦) اعلم أن المصادر التي وردت التثنية وهي لبيك وسعديك وغيرهما ، الغرض منها التكثير لا معنى التثنية ، وإن ثني فتركيبه شبيه التثنية حالة النصب ، فإن قلت : ما الفرق بين التثنية حقيقة وبين التثنية المراد منها التكثير حتى يجب الحذف في الثاني دون الأول؟ قلت : هو أن في الثاني كان المصادر المكررة بصورها ، فحينئذ يمكن أن يوجد النائب ، بخلاف الأول فافهم. (عافية شرح الكافية).


ويجوز أن يكون من (لبّ بالمكان) بمعنى : ألبّ ، فلا يكون محذوف الزوائد (و) على هذا القياس (١) (سعديك) (٢) أي : أسعدك إسعادا بعد إسعاد.

بمعنى أعينك إلا أن (أسعد) يتعدى بنفسه بخلاف (ألبّ) فإنه ينعدى باللام.

(المفعول به)

(المفعول به) (٣)

(هو ما وقع) أي : هو اسم ما وقع (عليه فعل الفاعل) ولم يذكره اكتفاء بما سبق(٤) في المفعول المطلق.

والمراد (٥) بوقوع فعل الفاعل عليه : تعلقه به بلا واسطة حرف جر ، فإنهم (٦)

__________________

(١) قوله : (وعلى هذا القياس سعديك) إلا أنه لا يكون غير محذوف الزوائد ؛ لأنه لم يجيء سعد ثلاثيا بمعنى أسعد ، كما جاء لب بمعنى ألب. (حلبي).

(٢) وهو لا يستعمل إلا معطوفا على لبيك ، وفي الحديث أن أهل الجنة يقولون : «لبيك وسعديك والخير في يدك كله». (وافية).

(٣) قال : المفعول به اللام فيه إما موصول وضمير به راجع إليه ، أي : الذي فعل به ، أو للتعريف بناء على عدم قصد الحدوث من لفظ المفعول وضمير به راجع إلى موصوف ، أي : الشيء المفعول به ، وعلى التقديرين لفظ المفعول مسند إلى به ، ويجوز إسناده إلى المصدر أي : الذي فعل فعل متعلق به ، أو فعل فعل بسببه ، ويسمى به ؛ لأنه تعلق به على أن يكون الياء للصلة متعلقا بالمفعول باعتبار تضمنه معنى التعلق وعلى هذا القياس فيه وله ومعه. (الطاشكندي).

ـ واختلفوا في ما نصب المفعول به فذهب البصريون إلى أنه هو الفعل وحده ، وذهب الفراء وهو الفعل والفاعل معا ، وذهب هشام بن مقاويد في الكوفيين إلى أنه هو الفاعل وحده ، وذهب الأحمر منهم أنه هو معنى المفعولية ، وذهب الأخفش إلى أنه هو الفاعلية. (كشف الخوافي).

ـ الظاهر أن المجموع جعل اسما واحدا في عرف النحو ، من غير ملاحظة تعلق الجار والمجرور.(الحلبي).

(٤) من التصريح به في تعريف المفعول ، فإن المفاعيل كلها من جنس واحد. (وجيه الدين).

(٥) كأنه قيل : زيد في مررت بزيد ما وقع عليه فعل الفاعل ، مع أنه ليس بمفعول به ؛ لأن كلا منا في التصريح فيبطل طرد التعريف به. (داود).

(٦) قوله : (فأنهم يقولون ... إلخ) لما فسر وقوع فعل الفاعل على المفعول به بتعلقه بلا واسطة حرف الجر ، وفي كون هذا المعنى متبادر منه خفاء بينه بقوله : (فأنهم يقولون) يعني أن أهل اللغة يريدون منه هذا المعنى في متعارفهم. (عصمت).

ـ كأنه أين يعلم كون المراد بالوقوع ذلك التعلق. (ص).


يقولون في (ضربت زيدا) إن الضرب واقع على زيد ، ولا يقولون (١) في : (مررت بزيد) إنّ المرور واقع عليه ، بل متلبس به ، فخرج به المفاعيل الثلاثة الباقية.

فإنه لا يقال في واحد منها : إنّ الفعل واقع عليه ، بل فيه أوله أو معه والمفعول (٢) المطلق بما يفهم من مغايرته لفعل الفاعل (٣) ، فإن المفعول المطلق عين فعله.

والمراد بفعل الفاعل : فعل اعتبر إسناده (٤) إلى ما هو فاعل حقيقة أو حكما ، فخرج به مثل : (زيد) في (ضرب زيد) على صيغة المجهول ، فإنه لم يعتبر إسناده إلى فاعله (٥) ، ولا يشكل بمثل : أعطي زيد درهما ، فإنه يصدق على (درهما) أنه واقع عليه فعل الفاعل الحكمي المعتبر إسناد الفعل إليه ، فإن مفعول ما لم يسم فاعله في حكم الفاعل.

__________________

(١) قوله : (ولا يقولون في مررت بزيد ... إلخ) فخرج زيد في هذا التركيب من تعريف المفعول به ، وإن كان مسمى بالمفعول به بواسطة ، فإن قلت : فعلى هذا يلزم خروج بزيد أيضا في ذهبت بزيد وأذهبت زيدا ، قلت : لا نسلم خروجه فإن الباء فيه للتعدية ، وذكر ليس لتعلق معنى الذهاب بزيد بل بجعل الذهاب بمعنى الإذهاب كالهمزة وتضعيف العين ، وبعد تغير المعنى تعلق الفعل بنفسه بزيد لا بواسطة شيء ، كما في أذهبت زيدا ، وأما الباقي مررت بزيد فليس للتعدية بل للإصاق فلم يغير معنى الفعل بل تعلق معنى بتوسطها بمدخولها ، وكذا الحال في سائر الحروف الجارة ، فظهر الفرق بين الباء للتعدية وسائر حروف الجر ، مع أن في الكل تعدية ما بالإفضاء بفعل فتأمل حق التأمل. (عصمة الله).

ـ لأن ما فعل الفاعل هو المعنى القائم به ، وهو ليس بلفظ ، وعبارة المتقدمين محمولة على التجوز من قبيل : وصف المدلول بصيغة الدال. (مصطفى جلبي).

(٢) عطف على قوله : (المفاعيل) أي : خرج به أيضا وقوله : (بما يفهم) متعلق بخروج المقدر من مغايرته أي: المفعول به لفعل الفاعل ، فإنه يفهم المغايرة من قوله : (ما وقع عليه الفعل الفاعل) والمفعول المطلق بخلافه ، فإنه عين فعله باعتبار كونه اسما لما فعله فاعل فعل مذكور بمعناه ، ولو بغير لفظة ، تأمل تنل. (حلبي).

(٣) الفعل بفتح الفاء مصدر فعل يفعل ، والفعل بكسر الفاء الأثر المترتب على المعنى المصدري الذي هو التأثير. (سيدي).

(٤) لكن يرد عليه مفعول المصدر الذي لم يذكر فاعله نحو : عجبت من ضرب زيدا. (قدمي).

(٥) أي : الحقيقي والحكمي حتى يكون زيد في ضرب زيد مفعولا به ، بل اعتبر إسناده إلى زيد وهو مفعول ما لم يسم فاعله ليس مفعولا به. (لمحرره).


وبما ذكرناه (١) ظهر فائدة ذكر الفاعل ، فلا يرد أنه لو قال : ما وقع (٢) عليه (٣) الفعل ، لكان أخصر.

(محو (ضربت زيدا) و (أعطيت زيدا درهما) فإن (زيدا) وقع عليه بلا واسطة حرف جر فعل اعتبر إسناده إلى الفاعل الذي هو ضمير المتكلم.

(وقد يتقدم) المفعول (٤) به (٥) (على (٦) الفعل) (٧) العامل فيه ، لقوة الفعل في العمل فيعمل فيه متقدما ومتأخرا ، إمّا جوازا (٨) مثل : (الله أعبد) و (وجه الحبيب أتمنى) وإمّا وجوبا (٩) فيما تضمن معنى (١٠) الاستفهام أو الشرط نحو : (من رأيت؟) (١١) و (من تكرم

__________________

(١) من تعميم لفظ الفاعل في قوله : (فعل الفاعل) إلى الفاعل الحقيقي والحكمي. (م).

(٢) وهذا رد على الفاضل الهندي من حيث قال : لو قال : ما وقع عليه الفعل ؛ لكان أخص ، قال : الأستاذ الأولى ما قاله الهندي ؛ لأنه عن تلك التأويلات مع كونه أوجز وأخص. (حلبي).

(٣) وله محذور آخر وهو أنه لو قال : ما وقع عليه الفعل ؛ لتبادر منه الفعل الاصطلاحي فيخرج شبه الفعل ، ويلزم ارتكاب المسامحة في إسناد التعلق إليه بالمفعول به هو الحدث لا الفعل الاصطلاحي. (عصمت).

(٤) هذا الحكم جاء في المفاعيل الأخر سوى المفعول معه ، فلا وجه لتخصيص البحث بالمفعول به عدم جريانه ، وفي المفعول معه مراعاة أصل الواو وهو العطف ، وموضعها أثناء الكلام. (عصمت).

(٥) سواء كان منصوبا أو مجرورا ، تقديما لازما فيما تضمن صدر الكلام ، وتقديما جائزا تأخيره فيما أريد به الاختصاص ، وغيره من الأعراض المتعلقة للتقديم. (عوض أفندي).

(٦) أي : إذا أريد الاختصاص كقوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)[الفاتحة : ٤] (وافرة).

(٧) وغيره من العوامل إلا لمانع ، وخص الفعل بالذكر ؛ لأصالته. (هندي).

ـ حالا من الفاعل أو المفعول ، أو خبر إن لكان المحذوف ، واسمه راجع إلى الفاعل أو المفعول. (عصمت).

(٨) قوله : (أما جوازا إشارة إلى تقدم المفعول على الفعل بأحد الوجوه الثلاثة : إما جائز وإما واجب وإما ممتنع. (عصمت).

(٩) قوله : (إما وجوبا) فيما تضمن ، وكذا فيما إذا كان معمولا لما يلي الفاء التي في جواب أما ، ولم يكن له منصوب سواه كقوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)[الضحى : ٩]. (عبد الغفور).

(١٠) وأضيف إلى ما تضمن معنى الاستفهام نحو : أيهم ضربت ، أي : حين تركب وغلام أيهم ضربت. (رضي).

(١١) بتاء الخطاب فإن من فيه اسم تضمن معنى همزة الاستفهام ، فإن معناه أزيدا رأيت أم عمرا ، في محل النصب على أنه مفعول به ، لكن وجب تقديمه ؛ لئلا يبطل الصدارة. (م). ـ


يكرمك) هذا إذا لم يكن مانع من التقديم كوقوعه في حيّز (أنّ) نحو : (من البرّ أن تكفّ لسانك) (١).

(وقد يحذف الفعل) العامل (٢) في المفعول به ، (لقيام قرينة) مقاليّة أو حالية (جوازا نحو : قولك (زيدا) لمن قال : (من أضرب؟) أي : اضرب زيدا ، فحذف الفعل للقرينة المقالية التي هي السؤال ، ونحو : (مكة) للمتوجة إليها أي : تريد مكة ، فحذف الفعل للقرينة الحالية (ووجوبا في أربعة مواضع) تخصيصها بالذكر ليس للحصر ، لوجوب الحذف في (باب الإغراء) (٣) و (المنصوب على المدح أو الذم أو الترحّم) بل لكثرة مباحثها (٤) بالنسبة إلى هذه الأبواب.

(الأول) من تلك المواضع الأربعة (سماعي) (٥) أي : مقصور على السماع ، لا يتجاوز عن أمثلة محدودة مسموعة بأن يقاس عليها أمثلة أخرى ، (نحو : (امرأ ونفسه).

__________________

ـ وهو اسم تضمن معنى حرف الشرط ؛ لأن معناه أن زيدا في محل النصب عليأنهأن أنه مفعول به ، إلا أنه وجب تقديمه للصدارة. (توقادي).

(١) لأن أن موصولة فلا يتقدم ما في حيز الموصول ؛ لأنه كجزء الكلمة منها ، فكما لا يتقدم جزء الكلمة على أولها فكذلك لا يتقدم ما في حيز الموصول عليه. (أيضاح).

ـ وكذا لا يتقدم المفعول به إذا كان الفعل مؤكدا بنوني التأكيد ، والسر في ذلك أن التأكيد يوزن الاهتمام بشأن الفعل ، وتقديم المفعول توهم خلافه فلا يتقدم المفعول ، وكذا لا يتقدم المفعول على فعل التعجب مثل ما أحسن زيدا ؛ لأنه لا يتصرف فيه ، وكذا لام الابتداء. (عصمت).

(٢) قيل توصيف الفعل بالعامل إشارة إلى أن هذه الحذف غير مختص بالفعل ، بل يحذف عامله الذي شبه الفعل أيضا ، لكن يجب أن يعلم أن العامل الأعم إنما هو في الحذف جوازا ، وفي ما أضمر عامله ، وأما في الحذف وجوبا سماعا ، وفي المنادى والمندوب والتحذير فالعامل المحذوف هو الفعل كما لا يخفي. (عصمت).

(٣) قوله : (في باب الإغراء) وهو معمول الذم المقدر مغرا ، أو معطوف عليه بالواو مع معطوفه ، فالأول أخاك أخاك إن من لا أخاك كساع إلى مكررا بغير سلاح ، والثاني نحو : شأنك. (وجيه الدين).

(٤) أي : مباحث أربعة مواضع بالنسبة إلى أبواب الإغراء ، والمنصوب على المدح والذم ، والترخم وهذا صحيح بالنسبة إلى غير الأول الذي هو السماع. (وجيه الدين).

(٥) يعني حذف الفعل بطريق الوجوب في القسم الأول من هذه الأربعة موقوف الذي هو السماع.(غجدواني).


أي : اترك امرأ ونفسه (١)(انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) [النساء : ١٧١] أي : انتهوا (٢) عن التثليث

واقصدوا خيرا لكم ، وهو التوحيد (وأهلا (٣) وسهلا) أي : أتيت أهلا ، أي : مكانا مأهولا معمورا ، لا خرابا ، أو أهلا لا أجانب، ووطئت سهلا من البلاد، لاحزنا(٤).

(و) الموضع (الثاني) من تلك المواضع الأربعة :

(المنادى)

(المنادى) (٥) :

(وهو المطلوب (٦) إقباله) (٧) أي : توجهه اليك بوجهه أو بقلبه ، كما إذا ناديت

__________________

(١) أي : اتركه مع نفسه ، يقال ذلك لرجل ينصح شخصا لا يؤثر فيه نصحه ، يعني : اتركه يصنع ما شاء ، فإن نصحك لا يليق به. (شرح).

(٢) وقيل هو صفة مصدر محذوف أي : انتهائي : خيرا لكم ، وقيل : خبر يكن المحذوف أي : انتهوا يكن الانتهاء خيرا لكم ، وفيهما نظر ؛ لعدم اطراد الأول في نحو : انته قاصدا ، وكون حذف كان بلا حرف الشرط شاذ فيه.

(٣) قال المبرد : المنصوبات هنا على المصدرية ، وقال أبو حيان : إنما يكون أهلا وسهلا من المفعول به ، إذا استعملا خبرا وإن استعملا دعاء فمن المصدر. (زيني زاده).

(٤) الحزن بالحاء المهملة المفتوحة وسكون الزاء ما غلط من الأرض والسهل نقيض الصلب بمعنى الجبل (حواشي هندي).

(٥) النداء في القرآن على سبعة مراتب نداء المدح كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ)[الأنفال : ٦٤] و (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ)[المؤمنون : ٥١] ، ونداء الذم مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا)[التحريم : ٧] ، ونداء التنبيه كقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ)[الأنفطار : ٦] ، ونداء الإضافة كقوله تعالى : (يا عِبادِيَ)[العنكبوت : ٥٦] ، ونداء النسبة نحو : (يا بَنِي آدَمَ)[الأعراف : ٢٦] و (يا بَنِي إِسْرائِيلَ)[البقرة : ٤٠] ، ونداء الاسم كقوله تعالى : (يا إِبْراهِيمُ)[هود : ٧٦] و (يا داوُدُ)[ص : ٢٦] ، ونداء التعين كقوله تعالى (يا أَهْلَ الْكِتابِ)[آل عمران : ٦٤] (تفسير).

(٦) هذا كالجنس يشمل المنادى وغيره نحو قولك : أطلب إقبالك على أن يكون الفعل إنشاء ، فلما قال بحرف خرج عند أمثال هذا ؛ لأن الإقبال فيه ليس بمطلوب بالحرف بل الفعل (عافية شرح الكافية).

(٧) وخرج به ما ليس بمطلوب الإقبال ، ونحو (يا الله) لا يصدق عليه كونه مطلوب الإقبال اللهم إلا إن يحتمل على التحيل (كأنياب المنية) ، وفيه أنه يستلزم تشبيه الله تعالى بما يكون مطلوب الإقبال ، أو يكون المراد المطلوب إقباله ولو حكما فيصدق عليه ؛ لأنه سؤال الإجابة (هندي).

أي : إقبال مدلوله بحذف المضاف إليه أو من قبيل وصف الدال بصفة المدلول (جلبي).


مقبلا عليك بوجهه حقيقة ، مثل : (يا زيد) أو حكما مثل : (يا سماء ويا أرض ويا جبال فإنها نزلت أولا منزلة من له صلاحية النداء ثم أدخل عليها حروف النداء وقصد نداؤها. فهي في حكم من يطلب إقباله بخلاف المندوب ؛ لأنه المتفجع عليه ، أدخل عليه حرف النداء لمجرد التفجع ، لا لتنزيله منزلة المنادى ، وقصد نداؤه. فخرج (١) بهذا القيد عن تعريف المنادى ، ولهذا افرد المصنف أحكامه بالذكر فيما بعد ، وفيه تحكم (٢) ، فإن المندوب أيضا كما قال بعضهم (منادى مطلوب إقباله حكما على وجه التفجع ، فاذا قلت (٣) (يا محمداه) فكأنك تناديه وتقول له : تعال ، فانا مشتاق إليك) فالأولى ادخاله تحن المنادى كما فعله (صاحب المفصل).

وقيل : الظاهر من كلام سيبويه أيضا أنه داخل في المنادى. (بحرف (٤) نائب مناب

__________________

(١) ولو قال : فلا يدخل بهذا القيد ؛ إذ قيدوا حكما في تعريف المنادى لكان أنسب بأول كلامه وآخره وأوضح (داود).

(٢) أي : في إخراج المندوب عن تعريف المنادى بقوله : المطلوب إقباله وإدخال أمثال يا سماء ويا أرض ويا جبال بتعميم هذا القول من الحقيقي والحكمي (توقادي).

قوله : (وفيه تحكم) لأن المندوب أيضا كما قال بعضهم منادى مطلوب إقباله كما في نحو يا سماء وجبال والظاهر ما قال المصنف وهو المندوب ليس بمنادى ؛ لأنه في الحقيقة متفجع عليه لا يقصد ندائه حتى يتكلف طلب الإقبال فيه وأما نحو يا سماء ويا جبال فلما لم يكن فيه أمر آخر غير النداء تكلف فيه معنى الندى وطلب الإقبال.

(٣) قوله : (فإذا قلت : يا محمد) إلخ لا يخفي عليك إن هذا المعنى بعيد وليس مقصودا لنادب بل مقصوده إظهار التألم للسامعين بسبب المندوب وليس مراده طلب إقبال المندوب له بوجه من الوجوه لا حقيقة ولا حكما مع أن المندوب باب واسع كثير الدوران على ألسنتهم فجعله داخلا على المجاز في المنادى مستبعد جدا فلم يكن جعل المندوب بابا على حدة تحكما مع إن المقصود جعله ذا جهتين فنظر إلى كونه مناسبا بالمنادى في أكثر الأحكام لم يجعله بابا مستقلا ولم يفصله من المنادى ولم يقل في صدر البحث ووجوبا في خمسة مواضع بجعله موضعا خامسا ونظرا إلى كونه بابا واسعا كثير الدوران على ألسنتهم وعدم شمول تعريف المنادى بدون التكلف لزم مخالفته بالمنادى في بعض الأحكام وفي كونه مدخولا وذكره على حدة في بحث المنادى فكان المصنف اعترض اعتراضا فعليا على صاحب المفصل (عصمت).

(٤) وإنما وجب حذف الفعل فهنا ؛ لأن حرف الندى قائم مقام الفعل ونائبا منابه فلم يجز الجمع بين النائب والمنوب هنا إذا كان حرف النداء ملفوظا ولم يجز أيضا ذكر الفعل عند حذف حرف الندى لئلا يلتبس بالأخبار فإن ذكر الفعل يوهمه الأخبار بناء على أصله (متوسط).


أدعو) (١) من الحروف الخمسة ، وهي (يا ، وأيا وهيا وأي) والهمزة. واخترز به عن نحو : ليقبل زيد (٢).

(لفظا أو تقديرا) تفصيل للطلب (٣) أي : طلبا لفظيا (٤) بأن تكون آلة الطلب لفظيّة نحو : (يا زيد) ، أو تقدير يا بان تكون آلته مقدرة نحو : (يوسف (٥) أعرض عن هذا) أو للنيابة أي : نيابة لفظية بأن يكون النائب ملفوظا ، أو تقديرية بأن يكون النائب مقدرا ، كما في المثالين المذكورين ، أو للمنادى (٦) والمنادى الملفوظ ، مثل : يا زيد ، والمقدر، مثل : (ألا يا اسجدوا) (٧) أي : ألا يا قوم اسجدوا.

وانتصاب المنادى عند سيبويه على أنه مفعول به ، وناصبه الفعل المقدر. وأصل

__________________

(١) قال مناب أدعو الإنشائي ؛ لأن الجملة الندائية إنشائية فالأولى تقدير دعوت أو ناديت ؛ لأن الأغلب في الأفعال الإنشائية مجيئها بلفظ الماضي (لارى).

المناب اسم مكان منصوب لفظا ظرف نائب وحذف في فيه وإن لم يكن من الجهات لكونه جاريا مجرى لفظ المكان لكونه ذا ميم فيه معنى الاستقرار (هندي).

(٢) لأن زيدا مطلوب إقباله لكن لا بحرف نائب مناب أدعو بل بلام الأمر ؛ لأن اللام ليس بنائب أقبل. (عج).

(٣) وفي شرح المصنف قوله : (لفظا أو تقديرا تفصيل للحرف) والعجب من الفاضل الجامي أنه لم يتعرض لما ذكره المصنف في الشرح وقال هذا تفصيل للطلب أي : طلبا لفظيا بأن يكون آلة الطلب لفظية نحو يا زيد أو تقديرا بأن يكون آلته مقدرة مثل (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا)[يوسف : ٢٩] (زيني داده).

قوله : تفضيل للحرف الخ. الظاهر أنه تفصيل للحرف بعد تمام الحد كما قال المصنف في الشرح (وجيه الدين).

(٤) ويمكن أن يجعل حالا أي : الذي طلب إقباله بعرف نائب الخ. حال كون ذلك الحرف ملفوظة أو مقدرة ولعله أظهر (سيدي).

(٥) مثل يوسف فإن يوسف منادى وكل منادى إنشاء فإذا ذكر الفعل التبس الإنشاء بالإقبال عنه إذا كان حرف النداء منويا ، أما إذا كان منسيا بالكلية فيجوز ذكر الفعل أعرض يوسف (محمد أفندي).

(٦) قوله : (أو للمنادي) أي : تفصيل للمنادى فعلى هذا يكون هذين اللفظين تفصيلا للحدود وخارجا عن الحد وعلى الوجهين الأولين يكونان تفصيلا للحد داخلا فيه (مصطفى جلبي).

(٧) بتخفيف إلا على أنه حرف تنبيه ، ويا حرف النداء أي : يا قوم اسجدوا والقرنية امتناع دخول يا على الفعل وأما على إلا بالتشديد فليس مما نحن فيه (جلبي).


(يا زيد) : أدعو زيدا ، فحذف الفعل حذفا لازما ، لكثرة (١) استعماله ، ولدلالة حرف النداء (٢) عليه ، وافادته فائدته. وعند المبرد (٣) : بحرف النداء لسده مسد الفعل.

وقال أبو علي (٤) في بعض كلامه : أن (يا) وأخواته أسماء (٥) أفعال.

فعلى هذين المذهبين لا يكون من هذا الباب ، أي : مما انتصب المفعول به بعامل واجب الحذف ، وعلى المذاهب كلها ، مثل : (يا زيد) جملة وليس المنادى أحد جزئي الجملة.

فعند سيبويه كلا جزئي الجملة ـ أي : الفعل والفاعل ـ مقدران.

وعند المبرد (٦) حرف النداء قائم مقام أحد جزئي الجملة ، أي : الفعل ، والفاعل (٧) مقدر.

__________________

(١) والمقصود من كثرة الاستعمال فيه أن الواضع قبل الوضع علم أن هذا الباب سيكثر في الاستعمال فوضع بالحذف لا إنه استعمل بذكر الفعل فحصل كثرة الاستعمال فوضع ثم حذف الفعل للاختصار ؛ لأن ذلك يستلزم إظهار الفعل كما لا يخفي (ابن جني).

(٢) ونيابة حرف النداء مناب الفعل تخفيفا إلا أنه يحذف لكثرة الاستعمال فإنه ينافي الوجوب (تركيب).

(٣) أبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأذدي البصري المعروف بالمبرد النحوي سنة ٢١٠ ولادتي سنة ٢٨٦ وفاتي بغداد مدفون (ابن خلكان).

(٤) أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان بن ايان الفارسي النحوي المشهور سنة ٢٨٠ ولادتي هجرت سنة ٣٧٧ وفاتي (ابن خلكان).

ـ وإنما قال في بعض كلامه إشارة إلى أن المختار عنده ما ذهب إليه المصنف (م).

(٥) وقول أبي علي باطل ؛ لأنه يجوز حذف حرف النداء مع بقاء عمله بخلاف اسم الفعل ، ولأنه يستعمل بالإفادة بالنظر إلى مسماه ؛ لأنه جملة وحرف النداء ليس كذلك ، ولأنه يلزم منه كون اسم الفعل على حرف واحد في الهمزة ولم يوجد ذلك في أسماء الأفعال وإذا بطل في الهمزة بطل في الكل حملا عليه (هندي).

(٦) قوله : (عند المبرد ... إلخ). فيه أن الحرف لا يقوم مقام الفعل في إفادة معناه والفاعل ضمير مستتر لا يكون أيضا مقدرا إلا بتبعية الفعل فلا بد أن يحمل كلام المبرد على أن الحرف قائم مقام الفعل في العمل وكلا جزئي الجملة مقدر (عصمت).

(٧) وهو لفظ أنا في أدعو فيقال له فاعل لحرف النداء مجازا على مذهبه كما في الظرف (ع ب).


وعند أبي علي : أحد جزئيها اسم الفعل والآخر ضمير مستتر فيه.

(ويبنى) (١) اي : المنادى : قدم بيان البناء والخفض والفتح على النصب لقلتها بالنسبة إلى النصب (٢) ، ولطلب الاقتصار في بيان النصب بقوله (وينصب ما سواهما).

(على ما يرفع به) أي : على الضم (٣) أو الألف أو الواو التي يرفع بها المنادى في غير (٤) صورة النداء. والفعل مسند إلى الجار والمجرور ، أي : (به) ولا ضمير فيه وارجاع (٥) الضمير إلى الاسم غير ملائم لسوق الكلام (٦).

__________________

(١) أي : يجب أن يثني كما هو الأسلوب في الأحكام والقواعد ، ثم لما كان العلم الموصوف بابن مضاف إلى علم آخر مما يختار فتحه ولم يجب فيه البناء وعلى ما يرفع به فهو بمنزلة المستثنى من هذه القاعدة (عصمت).

ـ أي : يجب أن يثني والأحسن في العبارة أن يقال المنادى أن كان مبنيا ترك كما هو.

(٢) قوله : (لقلتها بالنسبة إلى النصب) فإنه في ثلاثة مواضع بخلافها فإنها موضعان وهما المفرد المعرفة والمستغاث) كذا قيل : وهذا إنما يقتضي التقديم لو كان بيانها قليلا بالنسبة إلى بيانه ولا يظهر ذلك على ما ذكره المصنف فالأولى أن يؤخر هو بأنها قليلة باعتبار الموضع والقليل بالنسبة إلى الكثير تحقيقا للمناسبة بمنزلة المفرد من المركب والمفرد مقدم على المركب فقدم بيان القليل على بيان الكثير أيضا (وجيه الدين).

(٣) قوله : (على الضمة) لفظا أو تقديرا كما في المقصور والمنقوص والمبنى) قبل النداء مثل : يا هذا ويا هؤلاء ويا أنت وجوز أيضا يا أياك نظر إلى كونه مفعولا به وإذا اضطر إلى تنوين المنادى المضموم اقتصر على قدر الضرورة كما قال الشاعر.

سلام الله يا مطر عليها

وليس عليك يا مطر السّلام

(عبد الغفور).

(٤) يعني : أنه من قبيل أرضعت هذه المرأة هذا الشاب ولك أن تجعل الضمير إلى ذات المنادى فيكون من قبيل (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى)[المائدة : ٨] (لارى).

(٥) وهذا جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل لم لا يجوز أن يكون في الفعل ضمير يرجع إلى الاسم فح لا يحتاج إلى أن يقال في غير صورة النداء (سعد الله أفندي).

(٦) لأن الكلام مسوق لبيان المنادى لكنه خال عن التكلف الذي في رجع الضمير إلى المنادى (لارى).

ـ لأن قرنية الخصوص التي هي مبحث المنادى أولى من قرنية العموم التي هي بحث الاسم مطلقا.


(إن كان) أي : المنادى (مفردا) أي : لا يكون مضافا ولا شبه مضاف. وهو كل اسم لا يتم (١) معناه الا بانضمام (٢) أمر آخر إليه.

(معرفة) قبل النداء أو بعده.

وإنما بنى المفرد المعرفة لوقوعه موقع الكاف الاسمية المشابهة لفظا ومعنى لكاف الخطاب الحرفية (٣) ، وكونه مثلها افرادا أو تعريفا (٤). وذلك ؛ لأن (يا زيد) بمنزلة (أدعوك) وهذه الكاف ككاف (٥) (ذلك) لفظا ومعنى.

وإنما قلنا (٦) ذلك (٧) ؛ لأن الاسم لا يبنى الا لمشابهته الحرف أو الفعل ولا يبنى

__________________

(١) قال الشيخ الرضي : ما حاصله : يرجع إلى أن شبه المضاف اسم يجيء بعده أمر من تمامه وذلك الأمر ثلاثة ضروب ، أما معمول له نحو يا طالعا جبلا ويا حسنا وجهه ويا خيرا من زيد ، وأما معطوف على ذلك الاسم على أن يكون المعطوف مع المعطوف عليه اسما لشيء واحد سواء كان علما له نحو يا زيد أو عمر إذا سميت شخصا بذلك المجموع أو لم يكن علما نحو يا ثلثة وثلثين ؛ لأن المجموع اسم لعدد معين كأربعة فهو كخمسة عشر إلا أنه لم يتركب ، وأما نعت له فإنه لدلالته على معنى في المتبوع بمنزلة جزئه ويشترط أن يكون ذلك النعت جملة أو ظرفا نحو قولك : يا حليما لا تعجل وقول الشاعر : ألا يا نخلة من ذات عرق (لارى).

(٢) كاسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل مع معمولها (وافرة).

(٣) من جهة الأفراد والخطاب لا التعريف ؛ لأن كاف ذاك حرف ، والتعريف من خواص الاسم (محمد أفندي).

(٤) وإنما اعتبرهما ليتقوى جهة الاتحاد ؛ ولا يلزم بناء المضاف وما في حكمه والنكرة لغير المنفية (لارى).

(٥) فالمشابهة من جهة الإفراد والخطاب لا بالتعريف ؛ لأن كاف ذاك حرف وكاف أدعوك اسم والتعريف من خواص الاسم.

(٦) قوله : (وإنما قلنا) : أن قلت : مشابه المشابه للشيء لا يلزم أن يكون مشابها لذلك الشيء لجواز الاختلاف في وجه الشبه قلنا المشابهة هنا بمعنى المناسبة والمناسب للشيء مناسب لذلك قطعا ولو بالواسطة ولو قيل : أن المشابهة بمعناها فنقول المقصود من ذلك التشبيه تغليب جهة الاتحاد وتقليل ما بالامتياز وجعله كأنه هو الكاف الاسمية وإذا ثبت أنه كاف اسمية حكما وهي مبنية لزم بناؤه (عبد الغفور).

(٧) أي : وإنما بني المفرد المعرفة لوقوعه موقع الكاف الاسمية المشابهة لفظا ومعنى لكاف الخطاب الحرفية(لمحرره).


لمشابهة الاسم (١) المبني.

(مثل (يا زيد ، ويا رجل) مثالان لما هو مبني على الضمة (٢) أولهما معرفة قبل (٣) النداء ، وثانيهما معرفة بعد النداء.

(ويا زيدان) (٤) مثال المبني على الألف (ويا زيدون) مثال المبني على الواو (ويخفض) (٥) أي : ينجر المنادى (بلام (٦) الاستغاثة) (٧) أي : بلام تدخله وقت (٨) الاستغاثة وهي لام التخصيص أدخلت على المستغاث دلالة على أنه مخصوص من بين أمثاله بدعاء (نحو يا لزيد) وإنما فتحت (٩) لئلا يلتمس بالمستغاث له إذا حذف

__________________

(١) الذي هو الكاف في أدعوك ؛ لأن الاسم ليس بأصل في البناء وإلا لكان كالاستعارة من المستعير والسؤال من المحتاج (م).

(٢) لفظا مثل يا زيد ، أو تقديرا كيا قاضي ويا فتى مبنيان على الضمة التقديرية.

(٣) فإن قيل : قوله : (يا زيد) يعرف بالنداء والعلمية قيل : في ذلك وجهان أحدهما أنا نقول أن تعريف العلمية قد زالت منه ووجدت فيه تعريف النداء والقصد فلم يجتمع فيه تعريفان والثاني أنا لانم أن تعريف النداء والعلمية اجتمعا فيه ولكن جاز ذلك أنا إنما منعنا من الجمع بين التعريفين إذا كانا بعلامة كياء مع الألف واللام والعلمية ليست بعلامة لفظية فبان الفرق بينهما (كشف).

(٤) قال ويا زيدان فإن قلت : الصواب في التمثيل يا رجلان لأنهم قالوا إن العلم إذا ثني وجمع بالواو والنون لزمه لام التعريف وإيراد لام التعريف لا يصح ههنا فلا بد من تغيير المثال قلت : هذه القاعدة مختصة بغير المنادى فإن حرف النداء قائم مقام لام التعريف فلا حاجة إلى إيراد اللام (عصمة الله).

(٥) الجر عبارة البصريين ، والخفض عبارة الكوفيين وهما بمعنى واحد وإنما قال ويخفض ولم يقل ويكسر لكونه معربا ؛ لأن الخفض من ألقاب المعرب والكسر من ألقاب المبني (ألفية) (لمحرره).

(٦) وإنما اختير اللام من بين الحروف إذا المستغاث مخصوص من بين أمثاله بالدعاء وكذا لتعجب منه مخصوص بالاستحضار.

(٧) وهو من الغوث وهو استدعاء المطلوب أحدا لدفع الظلم عنه وهو يقتضي مدعوا ومدعوا عليه فالمدعو المستغاث به والمدعو إليه المستغاث (جلبي).

(٨) إشارة إلى أن إضافة اللام إلى الاستغاثة لأدنى الملابسة وليس الاستغاثة معنى اللام بل معنى اللام هو الاختصاص (عصمت).

(٩) فإن قيل : هذه اللام حرف الجر إذا دخلت على الضمير يجب كسرها لتوافق حركة معمولها ومفتوحة في الضمير لكون الفتح أخف والضمير أثقل وأجاب بقوله : (وإنما فتحت) لدخوله على الكاف حكما (لمحرره).


المستغاث نحو (١) (يا للمظلوم) أي : يا قوم للمظلوم ، فإنه لو لم يفتح لام الاستغاثة لم يعلم أنّ المظلوم في هذا المثال مستغاث أو مستغاث له ، ولم يعكس الأمر ؛ لأن المنادى المستغاث واقع موقع كاف الضمير التي يفتح لام الجر معها ، نحو : (لك) بخلاف المستغاث له ، لعدم وقوعه موقع الضمير.

فان عطفت على المستغاث بغير (يا) نحو : يا لزيد (٢) ولعمرو ، كسرت لام المعطوف ؛ لأن الفرق بينه وبين المستغاث له حاصل بعطفه على المستغاث.

وان عطفت مع (يا) فلا بد من فتح لام المعطوف أيضا ، نحو : يا لزيد ويا لعمرو ، وإنما أعرب (٣) المنادى بعد دخول لام الاستغاثة ؛ لأن علة (٤) نبائه كانت مشابهته للحرف ، واللام الجارة من خواص الاسم فبدخولها عليه ضعفت مشابهته للحرف ، فأعرب على ما هو الأصل فيه.

__________________

(١) لا يكون الاستغاثة بغير كلمة يا ولا يكون لام الاستغاثة إلا في مقام الإغاثة أو التعجب أو التهديد (عص).

(٢) فلان زيدا وعمرا كلاهما مدعوان ولكن اللام تفتح في المعطوف عليه وتكسر في المعطوف لبعده عما وقع موقع المضمر وهو الداخل عليه لفظا (لباب).

ـ وإنما فتح اللام في المستغاث فرقا بين المدعو وهو المستغاث ، والمدعو إليه وهو المستغاث له وهو نحو للمسلمين في قولنا (يا لله للمسلمين) في اللام الداخلة في المستغاث له بما تعلق بما تعلق به اللام الأولى فالمعنى في يا الله للمسلمين أخص الله بالدعاء لأجل المسلمين وقد يستعمل المستغاث له بمن نحو يا الله من ألم الفراق ، وهو متعلق بما دل عليه ما قبله من الكلام أي : استغيث الله من ألم الفراق (داود خوافي).

(٣) جواب سؤال مقدر هو أن يقال المنادى مبني إذا كان مفردا معرفة نحو : يا لزيد ، وهو مفرد لعدم زوال الإفراد والتعريف ويلزم أن يكون مبنيا بعد دخول لام الاستغاثة ولم يكن معربا فأجاب بقوله : (وإنما أعرب المنادى) إلخ. (لمحرره).

(٤) أن قيل : دخول الجار على غير المنصرف لا يوجب صرفه ولكن يوجب إعراب المبني أجيب بأن علة بنائه في غاية الضعف وبأنه بدخول اللام صار بعيدا عما هو مدار الشبه وهو يا ، وخارجا عن الإفراد وفيه أن البدل يبنى مع بعده وأن الإفراد هنا في مقابلة الإضافة لا في مقابلة التركيب ولا يبعد أن يجاب بأن حرف النداء واللام إذا اجتمعا كانت الغلبة للام لقربها كما في تنازع الفعلين (عب).


قيل (١) : قد يخفض المنادى بلامي التعجب والتهديد (٢) أيضا ، فلام التعجب نحو : (يا للماء) (٣) و (يا للدّاهي) ، ولام التهديد نحو : (يا لزيد لأقتلنّك) ، فلم أهمل المصنف (٤) ذكرهما؟ وكيف (٥) يصدق قوله فيما بعد وينصب ما سواهما كلّيا؟ وأجيب بأن كلا من هاتين اللامين لام الاستغاثة (٦) ، كأن المهدّد (٧) ـ اسم فاعل ـ يستغيث بالمهدّد ـ أسم مفعول ـ ليحضر ، فينتقم منه ، ويستربح من ألم خصومته ، وكأنّ المتعجب يستغيث بالمتعجب منه ليحضر ، فيقضي منه التعجب ويتخلص (٨) منه.

وأجيب عن لام التعجب بوجه آخر ذكره المصنف في (الإيضاح) وهو أن المنادى

__________________

(١) قائله فاضل الهندي اعترض على المصنف بأن قوله : (غير جامع ؛ لأنه قد يخفض المنادى (بلا) في التعجب والتهديد (لمحرره).

(٢) أي : بلام تدخل على المنادى وقت التعجب أو وقت التهديد فالإضافة لأدنى ملابسة (عصمت).

(٣) فكأنك أبصرت ماء في مكان لا يرجي ولا يظن وجوده فيه فأعجبك فتناديه وتقول تعال فإنك عجيب الشأن لا يعرفك كل أحد وقيل المعنى يا قوم اشهدوا الماء وتعجبوا منه (سعد الله).

(٤) قوله : (فلم أهمل المصنف) إلخ. اعترض بأن المناسب ذكر هذا المنادى أيضا عند إرادة ذكر أنواع المنادى (عصمت).

(٥) قوله : (وكيف يصدق) وينصب ، اللهم : إلا أن يحمل على الأعم الأغلب وأن يجعل مثل عبد الله من تتمة القاعدة وفيه تكلف.

(٦) وما يسمى لام التعجب نحو : يا للماء ويا للدواهي بفتح اللام وكسرها فهي للاستغاثة في التحقيق والمنادى مستغاث به بفتح اللام كأنه قيل : يا أيها الماء أدعوك ليعجب منك الناس ومستغاث إليه أن كسرتها كأنه قيل : يا قوم أدعوكم إلى الماء فكذا الكلام بالدواهي (شيخ الرضي).

ـ يعني : قول المصنف شامل عليهما ؛ لأنهما في الحقيقة لام الاستغاثة (محمد أفندي).

(٧) قوله : (كان المهدد) اسم فاعل يعني : كان المهدد يستغيث ويقول يا مهدد أغثني لأجل خصومتي وأحضر مني لأنتقم فيدفع ألم خصومتي أو توجه إلى بقلبك حتى أهدد فأتخلص من ألم ترك المأمور به) ، وكذلك المتعجب يستغيث ويقول يا متعجب منه أغثني لأجل العجب ، واحضر أو دم على حالتك ليقضي منك العجب وتخلص منه ، والأول فيما صح إذا كان المهدد والمتعجب منه غائبا أو بعيدا ، والثاني : فيما إذا كان قربيين فلا يرد ما قيل: أنه يأبى عن هذا التوجيه أن المتكلم بهذا النداء في حضور المهدد والمتعجب منه وأنه لا معنى للاستغاثة بشيء لا يحصر فينتقم منه ؛ لأنه لا يتصور الاستغاثة منه (وجيه الدين).

(٨) من بعد عجبه إلى أحوال ويتبع من عجائبه ولم ينظر مرة أخرى هذا معنى التخلص. (عبد الله قلعي). ـ


في قولهم (يا للماء) و (يا للدواهي) ليس الماء ولا الدواهي وإنما المراد : يا قومي أو يا هؤلاء اعجبوا للماء وللدواهي ولا يخفى عليك أن القول بحذف المنادى على تقدير كسر اللام ظاهر ، وأما على تقدير فتحها فمشكل (١) لانتفاء ما يقتضي فتحها ، كما هو الظاهر مما سبق (٢) (ويفتح) أي : يبنى المنادى على الفتح (لإلحاق ألفها) (٣) أي : ألف الاستغاثة بآخره لاقتضاء الأف فتح ما قبلها (ولا لام) (٤) فيه حينئذ ؛ لأن اللام يقتضي الجر والألف الفتح فبين أثريهما تناف (٥) ، فلا يحسن الجمع بينهما (مثل : يا زيداه) بإلحاق الهاء به للوقف (وينصب ما سواهما) (٦) أي : ينصب (٧) بالمفعوللية ما سوى المنادى المفرد المعرفة (٨) ، ...

__________________

ـ لا وهذا تعسف بارد على أن التهديد يقتضي الاستيلاء ولاستغاثة التذليل وأن الموجود قبل النداء وسببه الضحك والسبب كيف يقتضي منه العجب ويراد التخلص (امتحان).

(١) قوله : (شكل) إلخ. الأشكال إنما يكون إذا انحصرت وجه الفتح فيما سبق وإلا فلا أشكال ؛ إذ يجوز أن يكون وجه الفتح وقوعه موقع كاف الخطاب صورة فتأمل. (عصمت).

ـ ويمكن الجواب بأنه منادى حكما وصورة لقيامه مقامه. (ح).

(٢) لأنه يظهر مما سبق أن فتح اللام لوقوعه موقع كاف الضمير ، أي : كاف الخطاب كذلك ؛ لأن الماء والدواهي ليس موقع الكاف بل القوم وقع موقعه. (تأمل).

(٣) وهذه الألف تدل على أن الاسم مستغاث كدلالة اللام في يا لزيد ولذلك لا يجمع بينهما. (خوافي).

(٤) ولا يجتمعان تحرزا عن التكرار والجمع بين العوضين لا فائدة في الجمع بين لفظ إذا وحين إلا أن يقال جمع بينهما للمبالغة والتأكيد.

(٥) قوله : (فبين أثريهما تناف) فيه أنه يجوز الجر بالفتحة كما في غير المنصرف فلم يكن بين أثريهما تناف في هذه الصورة مثل : يا لاحمداه إلا أن يعتبر اطرادا للباب ويمكن أن يقال أن التنافي في بين أثريهما باعتبار أن أثر أحدهما وهو اللام الإعراب وأثر الآخر وهو الألف البناء فإنه وإن كان كلاهما بالفتح الواحد أعرابا وبناء لا يصح (عصمت).

(٦) أي : يبقى المنادى على نصب كان له قبل النداء فلا يرد أن نصب المنادى تحصيل الحاصل وذا لا يحصل (ب ع).

(٧) قوله : (أي : ينصب بالمفعولية) بقرنية كون المنادى من المواضع الأربعة التي يجب فيها حذف الفعل العامل في المفعول به وقوله : (ما سوى المنادى المفرد المعرفة والمنادى المستغاث يشير إلى أن تثنية الضمير باعتبار هذين القسمين (مصطفى جلبي).

(٨) والأولى أن يقال المفرد المعرفة من كل وجه لئلا يرد المنادى المتعجب منه والمهدد.


والمنادى المستغاث مع اللام أو الألف لفظا أو تقديرا (١) إن كان معربا قبل دخول حرف النداء ؛ لأن علة النصب وهي المفعولية متحققة فيه ، وما غيّره مغير عن حال وما سوى المفرد المعرفة ، أما ما لا يكون مفردا بأن يكون مضافا أو شبه مضاف ، وأما ما يكون مفردا ولكن لا يكون معرفة ، وإما ما لا يكون مفردا ولا معرفة ، فالقسم الأول وهو ما لا يكون مفردا لكونه مضافا (مثل : يا عبد الله) (٢).

والقسم الثاني : وهو ما لا يكون مفردا لكونه شبه مضاف (٣) (مثل : يا طالعا (٤) جبلا).

__________________

(١) قوله : (لفظا أو تقدير إلخ). هذا القيد يخرج من الحكم نحو (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ)[المائدة : ١١٩] ونحو : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ)[الشعراء : ٨٨] ويا مثل : ما ينفعني ويا غير ما يضرني مما هو مضاف إلى الجملة مبني على الفتح ؛ لأنه لم يعرب قبل النداء ولم ينصب لفظا أو تقديرا بل محلا لكنه داخل فيما سواهما فيلزم عدم تبين حاله فالأولى عدم التقييد وجعل النصب في ينصب ما سواهما أعم من أن يكون لفظا أو تقدير أو محلا ليتناول المبني لمبني الذي هو ما سواهما ويجعل منادى كالأمثلة المذكورة.

(٢) فإن قلت : أن مثل يا عبد الله بعد ما جعل علما لا ينبغي أن يعرب بإعرابين نصب الأول وجر الثاني ؛ لأنهما بمنزلة حرفي الكلمة والجواب أن كلمات المنقولة إعرابها باعتبار المنقول عنه ومعناه باعتبار المنقول إليه (شرح اللباب).

ـ منصوب لفظا أو تقديرا فيمن يقول يا غلام غلام زيد إذا كرر المنادى في حال الإضافة ولم ينوى الإخراج (مفتاح).

(٣) واعلم أن جميع الأسماء المضافة جاز أن يكون منادى إلا المضاف إلى المضمر المخاطب فلا يقال يا غلامك لاستلزامه اجتماع النقيضين ؛ لأن الغلام مخاطب من حيث أنه منادى وغير مخاطب من حيث أنه مضاف إلى المخاطب لوجود تغايرهما (متوسط).

(٤) قوله : (يا طالعا) صفة موصوفة محذوف ، أي : كوكبا طالعا جبلا ، وجبلا منصوب لكونه مفعولا به بنزع الخافض تقديره يا طالعا من جبل (جلبي).

ـ ويا حافظا (لا يسيء) جملة فعلية (ويا شاعرا لا شاعر اليوم مثله) جملة اسمية (وإلا يا نخلة من باب عرق) جملة ظرفية ويا ثلثة وثلثين علما (عصمت).

ـ قوله : (يا طالعا جبلا) ، فإن قيل : اسم الفاعل لا يعمل بدون الاعتماد فكيف عمل طالعا مع أنه لم يعتمد ، قيل الموصوف ههنا مقدر ، فإن قيل : فعلى هذا يكون من باب يا رجلا صالحا وهو مشكل ؛ لأن نحو يا طالعا جبلا معرفة بدليل تعرف صفته يقال يا طالعا جبلا الطريق بخلاف يا رجلا صالحا فإنه نكرة بدليل عدم تعرف صفته ، لا يقال : يا رجلا الصالح ، قيل : أنه اعتمد ـ


والقسم الثالث : وهو ما يكون مفردا ولكن لا يكون معرفة (مثل : يا رجلا). مقولا (لغير (١) معين) ، أي : لرجل غير معين وهو توقيت لنصب رجلا ، لا تقييد له (٢) ؛ لأنه منصوبا لا يحتمل المعين.

والقسم الرابع : وهو ما لا يكون مفردا ولا معرفة مثل يا حسنا وجهه ظريفا (٣) ، ولم يورد المصنف لهذا القسم مثالا (٤) ؛ إذ حيث اتضح انتفاء كل من القيدين بمثال سهل تصور انتفائهما معا ، فلا حاجة إلى إيراد مثال له على انفراده مع أن المثال الثاني يحتمله ، فيمكن أن يراد بقوله يا طالعا جبلا غير معين ؛ لأن هذه العبارة أعم من أن يراد بها معين ، فأمثلة الأقسام بأسرها مذكورة وهذه الأمثلة (٥) كلها مثال لما سوى المستغاث أيضا ، فلا حاجة إلى إيراد مثال له على حدة.

__________________

ـ على موصوف معرف مقدر والتقدير يا أيها الطالع فحذف أي : للاختصار ثم حذف اللام لئلا يجتمع ألف التعريف ثم ينصب طالعا لكونه مضارع للمضاف (وجيه الدين).

(١) وإنما قال لغير معين ؛ لأن النكرة بالقصد والإقبال يصير معينة مخاطبة فيقع موقع حرف الخطاب فيبني قيد بذلك احترازا عنها (غجدواني).

(٢) قوله : (لا تقييد له) بأن يكون حالا عن رجلا يعني إنما يكون تقييدا له إذا احتمل نصب رجلا مقولا لمعين وليس بمحتمل له فلا يمكن أن يكون تقييد له فيلزم أن يكون للتوقيت ، يعني : كون الرجل منصوبا وقت كونه مقولا لغير معين (حواشي هندي).

ـ يعني : أن كون الرجل مقولا لغير معين قيل : النصب لزم أن يكون نصبه بدون هذا القيد ؛ لأن القيد عام والعام يوجد بدون الخاص وح يلزم أن يوجد نصب الرجل حال كونه مقولا لمعين وهو باطل حينئذ يبني على الضم فلم يوجد نصبه فما فرض قيدا فليبس بقيد بل هو توقيت له (حاشية).

(٣) نقل عنه في الحاشية وإنما قيدنا بقوله : (ظريفا) ليكون نصا في كونه نكرة لم يقصد به معين فأنه لو قصد به معين يقال ههنا وجهه الظريف انتهى اعلم أن في شبه المضاف إذا قصد به معين وجب تعريف وصفه إلا إذا كان منعوتا بالجملة فإنه ح لا يوصف بالمعرفة فلا يقال : يا حليما لا تعجل القدوسي بل يقال : قدوسا ويقال يا نخلة من ذات عرق طويلة ولا يقال الطويلة (عصمت).

(٤) إذ حرف التعليل حيث للشرط بمعنى إذا : مضافا إلى جملة اتضح وهو فعل شرط وسهل جزاء الشرط والجملة مفعول له.

(٥) قوله : (وهذه الأمثلة) إلخ. كأنه قد قال وينصب ما سوى المفرد المعرفة والمستغاث ومثل بما سوى المفرد المعرفة ولم يمثل بما سوى المستغاث فأجاب بقوله : (وهذه الأمثلة إلخ. (قدقي).


(وتوابع المنادى المبني) (١) على ما يرفع به (المفردة) (٢) حقيقة أو حكما إنما قيد المنادى بكونه مبنيا ؛ لأن توابع المنادى المعرب تابعة (٣) للفظه فقط ، وقيدنا (٤) المبني بكونه على ما يرفع به ؛ لأن توابع المستغاث بالألف لا يجوز فيها الرفع ، نحو : يا زيداه (٥) وعمرا لا وعمرو ؛ لأن المتبوع مبني على الفتح ، وقيد التوابع بكونها مفردة لأنه لو لم تكن مفردة لا حقيقة ولا حكما كانت مضافة بالإضافة المعنوية وحينئذ لا يجوز فيها إلا النصب (٦) ، وإنما جعلنا (٧) المفردة أعم من أن تكون مفردة حقيقة بأن لا تكون

__________________

(١) غير المستغاث بالألف فإنه مبني على الفتح لا يرفع توابعه وغير المبهم فإنه صفة لازمة الرفع كما سيجيء (هندي).

ـ ويجب أن يعلم أن المراد في قوله : (وتوابع المنادى المبني) المفردة هو المبني بسبب النداء لأن هذا الحكم إنما يأتي به فأما في المبنيات اللازمة فالحمل على المحل ليس إلا كقولك يا هؤلاء الكلام (غجدواني).

(٢) والمفرد الحقيقي هو الذي لم يوجد فيه إضافة أصلا لا معنوية ولا لفظية ولا شبه مضاف والمفرد الحكمي هو الذي لم يوجد فيه معنوية فقط وأن وجد غيرها (محمد أفندي).

(٣) سواء كان ذلك التابع مبنيا أو معربا فإن كان مبنيا فيعرب محلا بإعراب المنادى نحو : يا عبد الله وإن كان التابع معربا فيعرب لفظا أو تقديرا بإعراب المنادى نحو : يا لزيد وعمرو فإنه يجب جر عمرو ولم يجز نصبه حملا على محله الذي هو المفعول به (عصمت بخاري).

(٤) قوله : (وقيدنا المبني الخ). هذا القيد مستفاد من الحكم فإن الرفع لا يتصور في تابع المستغاث بالألف قيل : وكذا لا يتصور الرفع في توابع العلم الموصوف بابن إذا كان مفتوحا ولك أن تقول أن اللام في المبنى للعهد إلى مافهم من قوله : (ويبني على ما يرفع به) فلا حاجة إلى التقييد (لارى).

(٥) قوله : (يا زيدا أو عمرا) بإلحاق الألف في المعطوف كالمعطوف عليه قاله السيد السند في حاشية الرضي وكذلك يا تميما أجمعين بالنصب تبعا للفظ أو المحل ولا يجوز أجمعوك وكذا يا زيدا الطريق بالنصب فقط (قدقيرحمه‌الله).

(٦) لأن المنادى إذا كان مضافا لم يجز فيها إلا النصب وتوابعه إذا كان مضافا لم يجز فيها إلا النصب بالأولوية (متوسط).

(٧) قوله : (وإنما جعلناه) إلخ. هذا غير متبادر من المفرد ههنا بل المتبادر من المفرد ما قصد سابقا في المنادى المفرد والمعرفة من أن لا يكون مضافا لا بالإضافة المعنوية ولا بالإضافة اللفظية ولا شبه مضاف لكن لما كان الحكم الآتي من قوله : (يرفع وينصب) جاريا في الإضافة اللفظية وفي شبه المضاف حمل العبارة على غير المتبادر وجعل المفرد أعم ؛ إذ الأحكام قد تكون باعثة لتعميم الموضوعات وقد تكون باعثة لتخصيصها (عصمت).


مضافا معنويا ولا لفظيا ولا شبه (١) مضاف ، أو حكما بأن تكون مضافا لفظيا أو مشبها بالمضاف ، فإنهما لما انتفت عنهما الإضافة المعنوية كانا في حكم المفرد (٢) ، ليدخل (٣) فيها المضافة بالاضافة اللفظية والمشبهة بالمضاف ؛ لأنها كالتوابع المفردة في جواز الرفع والنصب نحو : (يا زيد الحسن الوجه) و (الحسن الوجه) و (يا زيد الحسن وجهه و (الحسن وجهه).

ولما لم (٤) يجز الحكم الآتي في التوابع كلها بل في بعضها ، ولم يجز فيما هو جار فيه مطلقا بل لا بد في بعضها من قيد ، فصل التوابع الجاري هذا الحكم فيها ، وصرح بالقيد فيما هو محتاج إليه ، فقال (من التأكيد) (٥) أي : المعنوي (٦) ؛ لأن التأكيد اللفظي ، حكمه (٧) ...

__________________

(١) الظاهر لا حاجة في إدراجه في المفرد إلى هذا التعميم ؛ لأنه مفرد حقيقة ؛ لأنه ليس بمضاف نعم في إخراجه عنه يحتاج إلى ... كما أشير إليه (لارى).

(٢) فالشرح إنما كان المضاف إضافة لفظية في حكم المفرد ؛ لأن إضافة كلا إضافة فيجوز فيه الرفع والنصب وإن كان مضارعا للمضاف ؛ لأن المضارع إذا كان تابعا للمضموم ليس واجب النصب كما وجب نصب المضاف أما إذا كان منادى فحكمه حكم المضاف (داود خوافي).

(٣) وإن لم يجعل المفردة أعم من المفردة الحقيقي والحكمي لا يدخل المضافة اللفظية أو المشابهة ؛ لأن المطلق ينصرف إلى فرد كامل وفرد الكامل هنا المضاف المعنوي.

(٤) قوله : (لما لم يجر) الحكم يعني ، لم يجر الحكم الآتي وهو الرفع على اللفظ والنصب في التوابع كلها بل في بعضها ولم يجر فيما هو جار فيه مطلق بل مع قيد فلا بد من تفصيل التوابع الجاري فيها هذا الحكم لتعين تلك التوابع ويخرج ما سواها ولا بد من تقييد لتعين ما هو جار فيه هو المعطوف بحرف لا تمنع دخول ياء عليه فظهر ترتيب التفصيل والتقييد فلا يرد ما قيل : أن عدم الجريان لا يقتضي التفصيل بل التقييد (وجيه الدين).

(٥) صفة التوابع ؛ لأن من البيانية إن كان بعد المعرفة يكون صفة وإن كان بعد النكرة يكون حالا عنه وههنا هو الأول (هندي).

(٦) قوله : (أي : المعنوي) على ما فسره الشارحون وكان المختار عند المصنف ذلك أي : إعراب التأكيد اللفظي رفعا ونصبا وأما تقييده في الشرح المفصل فبناء على الأعم الأغلب هذا توجيه ما ذكره إلا أن ظاهر المختار عنده في شرح المفصل كما يشعر به التمثيل للتأكيد في شرحه للكافية بنحو يا تميم أجمعون وأجمعين (وجيه الدين).

(٧) لعدم جواز الوجهين فيه قوله : (حكمه في الأغلب) راجع إلى البناء فقط فما لأولى حكمه حكم الأول أعرابا في الكل وبناء في الأغلب بل الأولى حكمه حكم الأول في الأغلب ؛ لأن المبحوث عنه توابع المنادى المبنى (داود).


في الأغلب حكم الأول (١) إعرابا وبناء ، نحو : يا زيد زيد ، وقد يجوز اعرابه رفعا ونصبا.

وكأن المختار عند المصنف ذلك ، لذلك لم يقيد التأكيد بالمعنوي (والصفة) مطلقا(٢) (وعطف البيان) كذلك (والمعطوف) بحرف (الممتنع دخول (يا) عليه) يعني: المعرف باللام بخلاف البدل والمعطوف الغير الممتنع دخول (٣) (يا) عليه ، فإن حكمهما غير حكمها كما سيجيئ.

(ترفع حملا (٤) على لفظه) الظاهر (٥) ...

__________________

(١) لأن الثاني عين الأول لفظا ومعنى فكان حرف النداء باتره كما باتر الأول

ـ قال الأصمعي : لا توصف المنادى المضموم لشبهه بالمضمر الذي لا يجوز وصفه فارتفاع الظريف في قولك : يا زيد الظريف على تقدير أنت الظريف وانتصابه على تقدير أعني الظريف وليس بشيء ؛ إذ لا يلزم من مشابهته كونه مثله في جميع الأحكام (رضي).

(٢) أي : سواء كانت صفة جرت على من هي له أو صفة غير من هي له سواء كانت ممتنعة دخول الياء عليه أو غير ممتنعة وقوله : (عطف البيان كذلك أي : مطلقا سواء كان ممتنعا دخول الياء عليه أو غير ممتنع (هندي).

(٣) المراد من يا مطلق حرف النداء ؛ إذ ذكره بطريق مثلا ويجوز أن يراد خصوصها بسبب أن امتناع دخولها يستلزم امتناع دخول أخواتها وبالعكس قيل : لم يقل والمعطوف باللام مع أنه أخص ليشعر إلى مانع كونه منادى مستقلا وهو امتناع دخول حرف النداء عليه وليخرج عنه مثل يا محمد والله لتعين الرفع في الله ، وإذا فسر الممتنع دخول (يا) عليه بالمعطوف المعرف باللام يدخل فيه مثل هذا التركيب مع أن المعطوف فيه مرفوع ليس إلا فعلى هذا تفسير الشارح بقوله : (المعرف باللام ليس كما ينبغي (عصمت).

(٤) لكان الاتحاد بينهما من حيث الأفراد كما يؤخذ هذا القيد من قوله : (المفردة فإن ترتيب الحكم على المشتق يشعر بعلية مأخذ الاشتقاق (داود).

(٥) قوله : (جملا على لفظه الظاهر) إن كان رفعه ملفوظا والمقدر أن كان رفعه مقدرا نحو : يا قاضي العالم ، أو المحل نحو يا هؤلاء الكرام ، فإن قيل : المنادى في المثال الأخير ليس بمضموم المحل بل منصوب قلنا مضموم المحل باعتبار أنه لو وقع موقعه مفرد معرفة في الأصل باعتبارين كما في هذاني عجيب من ضرب هذا الرجل فإن محله الجر باعتبار كونه مضافا إليه والرفع باعتبار كونه فاعلا للمصدر من حيث المعنى ولهذا جاء في تابعه الرفع والجر نحو عجبت من ضرب الرجل العالم بالرفع والجر (وجيه الدين).


أو المقدر ؛ لأن بناء (١) المنادى عرضي فيشبه المعرب فيجوز أن يكون تابعه تابعا للفظه.

(وتنصب) حملا (على محله) لا من حق تابع المبني أن يكون تابعا لمحله وهو ها هنا منصوب المحل على المفعولية ، نحو : (يا تميم أجمعون ، وأجمعين) في التأكيد (مثل : يا زيد العاقل (٢) والعاقل) في الصفة ، واقتصر على مثالها ؛ لأنها أكثر وأشهر استعمالا ، و (يا غلام بشر وبشرا) في عطف البيان ، و (يا زيد والحارث والحارث) في المعطوف عليه بحرف الممتنع دخول (يا) عليه (والخليل (٣) بن أحمد ، وهو أستاذ سيبويه (في المعطوف) بحرف الممتنع دخول (يا) عليه (يختار الرفع) مع تجويزه النصب ؛ لأن المعطوف بحرف في الحقيقة منادى مستقل ، فينبغي أن يكون على حالة جارية عليه على تقديبر مباشرة حرف النداء له وهي الضمة أو ما يقوم مقامها ، ولكن لما لم يباشره حرف النداء جعلت تلك الحالة اعرابا فصارت رفعا.

(وأبو عمرو) (٤) بن العلاء النحوي القارئ المقدم (٥) على الخليل ، يختار فيه

__________________

(١) جواب سؤال مقدر وهو أن المبنيات إنما يجري الصفات على محلها لا على ألفاظها تقول : جاءني هؤلاء الكرام ، بالرفع ولا يجوز جره حملا على لفظ هؤلاء فكان ينبغي أن لا يجوز الرفع.

(٢) الوصف في يا زيد الظريف نظرا إلى لفظ زيد ؛ لأنه مبني فأجاب بأن بناء المنادى عرضي (شرح اللباب).

ـ وليس هذا عطف على زيد وعلي العاقل بل هو عطف مثال على مثال آخر تقديره يا زيد العاقل ويا زيد العاقل ثم اقتصر الدلالة ما سبق (تركيب).

(٣) الخليل هو إمام النحاة وواضع العروض وكنيته أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي بعد الرسول عليه‌السلام أول ما يسمى بأحمد والد خليل سنة ١٠٠ تولدي سنة ١٧٠ وفاتي ، بصره ده تقطيع عروض أيدوا يكن مبارك باشي ديره كه خاربوب سرشكست أولدي (ابن خلكان).

ـ وكذا سيبويه تنبيها على أنه منادى ثان إذ حرف العطف ينوب عن العامل.

(٤) أبو عمرو بن العلا بن عماد بن العريان بن عبد الله بن حصين التميمي المازني البصري أحد قراء السبعة والغالب كنيته اسمه ولجلادة شأنه لم يسئل أحد عن اسمه ولذا اختلف في اسمه ورأى سفيان بن عيينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال يا رسول الله اختلف القراء في قراءة قرآن الكريم على أي : قراءة نقرأ فقال علي قراءة عمرو بن العلاء سنة ٧٠ ولادتي سنة ١٥٤ وفاتي (ابن خلكان).

(٥) فكان الأولى تقديمه على الخليل في الذكر وله تقديم في الموت وفي الجود والزمان دون درجة (فالى). ـ


(النصب) (١) مع تجويزه الرفع فإنه لما (٢) امتنع فيه تقدير حرف النداء بواسطة اللام (٣) لا يكون منادى مستقلا ، فله حكم التبعيّة ، وتابع المبني تابع لمحله (٤) ومحله النصب (٥).

(وأبو العباس) (٦) المبرد (إن كان) المعطوف المذكور (كالحسن) أي : كاسم الحسن في جواز (٧) نزع اللام عنه.

__________________

ـ رتبا وعلما في الدرجة ؛ لأنه ناقل عن النبي في العلم ؛ لأن القراء أعدل من النحاة.

(١) لأن المعطوف على المبني إنما يجب على المحل لا على اللفظ بدليل ضربني هؤلاء زيدا بالنصب (لباب).

(٢) قوله : (فإنه لما امتنع تقديره) الخ. فالأولى لما امتنع فيه مباشرة حرف النداء بواسطة اللام لا يكون كالمنادى المستقل وأما عدم امتناع حرف النداء فيه هو عدم كونه منادى مستقلا فلا شك فيه (داود خوفي).

(٣) اعلم أن العلم عند المحققين على ثلاثة أنواع نوع لا يجوز دخول اللام فيه نحو : جعفر وأسامة ، ونوع يجب اللام فيه وهو كل اسم صار فيه العلمية وفيه اللام وصارت كالجزء ، ونوع يجوز دخولها وإسقاطها وهنا كان صفة في الأصل أو مصدر ومنهم من جعلها على ضربين فقط وأهمل القسم الذي يجوز دخول اللام عليه وإسقاطها.

(٤) قوله : (لأن المعطوف بحرف). نظر أبو عمرو إلى جانب اللفظ ونظر الخليل إلى جانب المعنى واستقلا له فجعله مرفوعا تنبيها على الاستقلال (لارى).

(٥) فيه أنه على هذا ينبغي أن يكون المختار النصب عند إلى عمرو في سائر التوابع أيضا فلا وجه للتخصيص بالمعطوف المذكور (عصمت).

(٦) وأبو العباس ولم يختر أحدهما بالتعيين بل ردد فهو إن كان المعطوف المذكور كالحسن بأن كان من الأسماء المعرفة التي انتزاع الألف واللام عنها وذلك إنما يكون في الصفة بعد العلم لعدم المانع فيه فكان الخليل أي : يختار الرفع ؛ لأنه لما كان نزع اللام منه صحيحا جاز تقدير دخول حرف النداء عليه فكان الأولى ح أن يحرك بحركة المنادى تنبيها على أنه منادى كأن وإلا أي : وإن لم يكن المعطوف المذكور من الأسماء المذكورة كالنجم والصعق بأن كان اللام يمتنع الانفكاك عن كلمة سواء كان من جهة كونها علما معها أو بجهة أخرى (عافية شرح الكافية).

ـ المبرد بكسر الراء ؛ لأنه يبرد في الكلام ولكن البصريين يجعلون الراء مفتوحا (حاشية كشاف).

(٧) قوله : (في جواز نزع اللام لكونها غير لازمة له) ؛ لأنها إنما جيء بها بعد العلمية للمدح الواصفية ومدح للمسمى إن كان متضمنا للمدح كالحسن والحسين أو ذمه أن كان متضمنا للذم كالقبيح لو سمى بخلاف النجم مما يكون اللام لازما له ؛ لأنه جعل علما مع اللام (وجيه الدين).


(فكالخليل) أي : فأبو العباس (١) مثل : الخليل في اختيار (٢) رفعه ، لإمكان جعله منادى مستقلا ، ينزع اللام عنه ، (وإلّا) أي. وان لم يكن المعطوف المذكور ، كاسم الحسن في جواز نزع اللام عنه مثل : (النّجم (٣) والصّعق) (٤) (فكأبي عمرو) أي : أبو العباس مثل : أبي عمرو في اختيار النصب ، لامتناع جعله منادى مستقلا.

(والمضافة) (٥) عطف على المفرده. أي : وتوابع المنادى المبني على ما يرفع به ، المضافة بالإضافة (٦) الحقيقية (تنصب) لأنها (٧) إذا وقعت منادى تنصب فنصها إذا وقعت توابع (٨) ...

__________________

(١) وهذا إشارة إلى كون الجزاء جملة اسمية بحذف المبتدأ لتصح الفاء وإلى كون الكاف بمعنى المثل (جلبي).

(٢) لأنه حينئذ يمكن انتزاع اللام منه وتقدير حرف النداء فيه فيكون وجود اللام فيه كونه فيعرب بإعراب يدل على أنه منادى ثان (متوسط).

(٣) النجم اسم جنس لكواكب عرف باللام وجعل علما غالبا بفرد منه بخاصة فيه وهو الثرياء والصعق : اسم جنس للصاعقة عرف باللام وأريد الصاعقة المخصوصة ثم أريد منه الرجل الذي احترقته تلك الصاعقة وجعل علما من الإعلام الغالبة تجوزا له.

ـ قوله : (النجم والصعق) إنما امتنع حذف اللام فيهما ؛ لأنه جزء من العلم ؛ لأنهما صارا علمين بغلبة الاستعمال مع اللام بخلاف ابتداء فالمانع من انتزاع اللام عنهما لفظي ولذا لا يجوز نزع اللام عن مثل الرجل لأنه يفيد تعريفا وهو يفوت بانتزاعه فالمانع معنوي (سيد على متوسط).

(٤) بفتح الصاد وكسر العين صفة مشبهة علم لخويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب فيمتنع أن يجعل حركتهما كحركة ما باشره حرف النداء (داود).

(٥) كأنه قيل : المفردة ترفع وتنصب والمضافة تنصب فقط وهو عطف الجملة على الجملة (سيدي).

(٦) قوله : (بالإضافة الحقيقية) احترز به عن التوابع المضافة بالإضافة اللفظية والتوابع المضارعة بالمضافة فإن حكمها حكم المفردة أما المضارعة بالمضاف فقط ؛ لأنها مفردة حقيقة وأما المضافة بالإضافة اللفظية فلان الإضافة اللفظية في حكم الانفصال (وجيه الدين).

(٧) إن هذا الدليل يقتضي أن لا فرق بين المضاف بالإضافة الحقيقة واللفظية والمشابه للمضاف ؛ لأنه يجري في جميعها مع أنه ادخل المضاف بالإضافة اللفظية والمشبه بالمضاف في المفرد الذي حكمه جواز الرفع والنصب (عصمت).

ـ أي : توابع المنادى إذا كانت مضافة لم يجز فيها إلا النصب.

(٨) مع عدم الاتحاد بينهما وبين متبوعهما كما يؤخذ من قوله : (المضافة) فإن ترتب الحكم على المشتق يشعر بغلبة مأخذ الاشتقاق (داود).


أولى ؛ لأن (١) حرف النداء (٢) لا يباشرها ، مثل : (يا تميم كلّهم) (٣) في التأكيد و (يا زيد ذا المال) (٤) في الصفة (ويا رجل أبا عبد الله) في عطف البيان.

ولا يجئ (٥) المعطوف بحرف الممتنع دخول (يا) عليه مضاف (٦) ؛ لأن اللام يمتنع دخولها (٧) على المضاف بالإضافة الحقيقية.

(والبدل والمعطوف غير ما ذكر) (٨) أي : غير المعطوف الذي ذكر من قبل وهو الممتنع دخول (يا) عليه ، فغيره المعطوف الذي لا يمتنع دخول (يا) عليه (حكمه) (٩) أي : حكم كل واحد منها (حكم) المنادى (المستقل) الذي باشره حرف النداء ، وذلك؛ لأن البدل هو المقصود بالذكر والأول كالتوطئة لذكره (١٠) ، والمعطوف المخصوص هو

__________________

(١) من رفعها ؛ لأن النصب أصل في المنادى وتوابعه ولا مانع منه.

(٢) وفي العلة نظر ؛ لأنها مشتركة للمفردة ؛ لأن حرف النداء لا يباشرها أيضا ولا بأس بفساد العلة النحوية (قدمي).

(٣) نظرا إلى تميما في نفسه غائب وجوز الشيخ الرضى كلكم نظرا إلى الخطاب العارض (لارى).

(٤) وفيه ضبط ظاهر وهو أن ذو إنما وضع بجعل أسماء الأجناس صفات للنكرة لا غير وهنا ليس كذلك (حاشية متوسط).

(٥) كأنه جواب عن سؤال مقدر وهو أنك جئت من كل واحد من التوابع المذكور المضافة بمثال غير المعطوف الممتنع دخول (يا) عليه فما مثاله فأجاب بقوله : (ولا يجيء) (قدمي).

(٦) الظاهر أن يقال في الدليل ؛ لأن الكلمة المعرفة باللام والألف لا تضاف إضافة معنوية قياسا واستعمالا فلا يقال : الغلام زيد في غلام زيد (لمحرره).

(٧) لأن الغرض من دخول اللام التعريف ولا يمكن دخولها على المضاف لحصول الغرض بالإضافة بل التجريد في الإضافة المعنوية واجب (لمحرره).

(٨) فإن قيل : الغير هنا صفة المعطوف مع أنه نكرة والموصوف معرفة مع أن المطابقة شرط بينهما في المعرفة والنكرة ، وأجيب عنه بأن الغير هنا معرفة فإن الغير إذا أضيف إلى ضده يكتسب التعريف هذا من قبيل عليك بالحركة غير السكون والدبس مثل العسل (محمد أفندي).

ـ مرفوع صفة أو بدل الكل أو عطف بيان للمعطوف أو منصوب مفعول أعني المقدر وقيل أو حال من المعطوف أو خبر مبتدأ محذوف أي : هو والجملة الاسمية اعتراض (زيني زاده).

(٩) فإفراد الضمير على تأويل المذكور وهو من باب الاكتفاء كما في : يا تميم ، تميم عدي في أحد وجهين كما سيجيء (غجدواني).

(١٠) فكان حرف النداء الداخل على المبدل منه كان داخلا على البدل فصار البدل لهذا كالمنادى المستقل (م).


المنادى المستقل في الحقيقة ، ولا مانع (١) من دخول (يا) عليه ، فيكون حرف النداء مقدرا فيه (مطلقا) أي : حال كون كل واحد منهما مطلقا في هذا الحكم غير مقيد بحال من الأحوال أي : سواء كانا مفردين أو مضافين أو مضارعين للمضاف أو نكرتين. فالبدل مثل: (يا زيد بشرّ) و (يا زيد أخا عمرو) و (يا زيد طالعا جبلا) و (يا زيد رجلا صالحا).

والمعطوف مثل : (يا زيد وعمرو) و (يا زيد وأخا عمرو) و (يا زيد وطالعا جبلا) و (يا زيد ورجلا صالحا).

(والعلم) (٢) أي : العلم المنادى المبني على الضم ، أما كونه منادى ، فلأن الكلام فيه ، وأما كونه مبنيا على الضم فلما يفهم من اختيار فتحه (٣) المنبئ عن جواز ضمه ، فإن جواز الضمة (٤) ...

__________________

(١) قوله : (ولا مانع) إلخ. لا حاجة إليه بعد وصف المعطوف بالمخصوص ؛ لأن المعطوف المخصوص هو الذي لا مانع من دخول حرف النداء عليه لكن يجوز أن يكون حالا مقيدة من فاعل مستقل في الحقيقة فإنه لما حكم على المعطوف المخصوص بأنه منادى مستقل في الحقيقة ورد عليه أن المعطوف مطلقا منادى مستقلا في الحقيقة فدفع بقوله : (ولا مانع) إلخ. لكن قوله : (فيكون) حرف النداء مقدار فيه فيه النظر ؛ لأن المعطوف مطلقا يكون حرف النداء مقدرا فيه بلا شك فالأولى فيكون حرف النداء كان مباشرا له.

(٢) قوله : (والعلم) هذا من أحكام المنادى وبمنزلة المستثنى من قاعدة المفرد المعرفة لكن لما كان في إثبات هذا الحكم مدخل لتوصيف المنادى بابن مضاف إلى علم آخر أخره من بحث توابع المنادى فكان هذا الحكم متعلقا بمجموع المنادى وصفته التي هي الابن المضاف إلى علم آخر كما أن مسألة نداء المعرف باللام التي تأتي بعد هذا من هذا القبيل إذ فيها كل واحد من المنادى وتابعه منظور فإن المعرف باللام الذي جعل المبهم واسطة بينه وبين حرف النداء يصير تابعا في اللفظ لكنه منادى بحسب الحقيقة (عصمت).

ـ فالشروط أربعة وهي كون المنادى علما وكونه موصوفا بابن ، وكون ابن متصلا بموصوفه وكونه مضافا إلى علم وإنما اختير الفتح بهذه الشروط لكثرة وقوع المنادى والكثرة يقتضي التخفيف (رضي).

(٣) لأن الفتح من ألقاب المبني فينبئ عنه واختياره ينبئ عن جواز الضم ؛ لأنه لم يعرف لبناء المنادى على الحركة إلا الضم والفتح فبعد اختياره لم يبق إلا الفتح فتعين وما في العصام ههنا فهو وقع من عدم الفرق بين ألقاب المبني والمعرب (خوافي).

(٤) علة لمقدر تقديره فإن اختيار الفتح من العلم ينبئ عن جواز ضمه ولا نعلم عن جواز ضمه ـ


لا يكون إلا في المبني على الضم (الموصوف ب : (ابن) (١) مجرد عن التاء أو ملحق بها ، أعني : ابنة ، بلا تخلل واسطة بين الابن وموصوفة ، كما هو المتبادر إلى الفهم ، فيخرج عنه مثل : (يا زيد الظريف ابن عمرو).

(مضافا) (٢) أي : حال كون ذلك الابن مضافا (إلى علم آخر) فكل علم يكون كذلك يجوز فيه الضّم لما عرفت من قاعدة بناء المفرد على ما يرفع به ، لكن (يختار فتحه) لكثرة وقوع المنادى الجامع لهذه الصفات (٣) والكثرة مناسبة للتخفيف ، فخففوه بالفتحة(٤) ...

__________________

ـ أن يستلزم الإبناء على البناء على الضم مع أن جوازه إنما يكون في المبني على الضم فأجاب فإن جوازه حاصله أن الإبناء عن جواز الضم يستلزم الإبناء عن البناء فتأمل وراجع لتقديره (حاجز داود).

(١) أي : بلفظ ابن ومؤنث وليس مصغر ابن وابنة ومثناهما ومجموعهما في حكم ما في الباب لعدم لكثرة (هندي). أي : إذا وصف المضموم بابن قيده بالمضموم ليخرج المضاف نحو يا عبد الله ابن زيد فإنه ليس من هذا الباب (شرح لباب).

(٢) منصوب على الحال من ابن ؛ لأن الابن معرفة ؛ لأن المراد به اللفظ ، اعلم أن حركة المنادى بنائية دون حركة الابن على الصحيح ؛ لأن الابن مضاف فهو معربة وقيل بنائهما وقيل بأعرابهما (كاملة).

ـ قيل يشترط أن يكون صفة مفردة غير مثناة ولا مجموعة ولا مصغرة ولا مفصولة بينه وبين الموصوف فإن وجد أحد هذه الأمور لزم بناء المنادى على الضم نحو يا زيد وعمرو ابني خالد ويا زيد وعمرو وبكر ابني خالد ويا زيد ابني خالد ويا هند ابنة عاصم ويا زيد وعمرو ابن خالد بضم الأول سواء جعل تابعا أولا لأجل الفصل لعدم كثرة الاستعمال (حاشية موشح).

(٣) وهي كون المنادى علما وكونه موصوفا بابن وكون ابن متصلا وكونه مضاف إلى علم آخر (رضي).

(٤) أي : بالفتحة التي هي مشابهة لحركة الأصلية صورة لا أن هذه الفتحة عين حركته الأصلية ؛ لأن هذه الحركة حركة بناء وحركته الأصلية حركة إعراب وبينهما فرق فأفرق (داود).

ـ فائدة إذا كان الابن بين العلمين في غير النداء فإن جعل الابن صفة لما قبله حذفت التنوين من موصوف وحذف الألف من الابن في اللفظ والكتابة مثاله : جاءني زيد بن عمرو وحذف التنوين من زيد والألف في الكتبة من الابن وإن جعل الابن خبرا لما قبله لم يحذف التنوين مما قبله ولا الألف من الابن في الكتبة مثاله : زيد ابن عمرو فزيد مبتدأ وابن خبره ولم يحذفا التنوين من زيد ولا الألف من الابن في الكتبة والابنة كالابن في جميع ما ذكرنا وإنما حذف التنوين من الموصوف والهمزة من الابن ؛ لأن الصفة والموصوف كشيء واحد فكان الصفة ـ


التي هي حركته الاصلية ، لكونه مفعولا به (وإذا نودي (١) المعرف باللام) أي : إذا أريد نداؤه (قيل) مثلا (٢) : (يا أيها الرجل) (٣) بتوسيط (٤) (أي) مع (ها) التنبيه ، بين حرف النداء والمنادى المعرف باللام تحرزا عن اجتماع التي التعريف بلا فاصلة (و (يا هذا الرجل) بتوسط (هذا) (ويا هذا الرجل) (٥) بتوسط الامرين معا.

(والتزموا) يعني : العرب (رفع الرجل) مثلا وان كان صفة وحقها جواز الوجهين ، الرفع والنصب كما مر (لانه) أي : الرجل مثلا (هو المقصود) بالنداء فالتزموا رفعه لتكون حركته الاعرابية موافقة للحركة البنائية التي هي علامة المنادى فيدل على أنه هو المقصود بالنداء.

وهذا بمنزلة المستثنى (٦) عن قاعدة جواز الوجهين في صفة المنادى ، ولهذا لم

__________________

ـ والموصوف اسما واحدا ولا يكون في أوسط الواحد تنوين ولا همزة وصل وإنما لا يحذف التنوين والألف إذا جعل الابن خبرا ؛ لأن الخبر منفصل عن المبتدأ ولا يمكن أن يجعل المبتدأ والخبر كاسم واحد ويحذف الألف من الابن في الكتبة في المنادى أيضا إذا وقع الابن بين العلمين (شرح المجمل).

(١) هذا من قبيل ذكر المسبب وإرادة السبب أو من قبيل إقامة المسبب مقام السبب ؛ لأن الإرادة سبب والنداء مسبب ونظيره قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ)[المائدة : ٦] أي : إذا أردتم القيام (لمحرره).

(٢) إنما قال مثلا ؛ لأن قصد نداء معرف باللام على إطلاقه لا يستلزم قوله : (يا أيها الرجل وأخوته) بخصوصها (لارى).

(٣) ولا يجوز عند البصريين : يا الرجل لوجهين أحدهما أن (يا) تعريف بالقصد والإشارة ولذلك وصفوا النكرة بالمعرفة في قولهم : يا رجل الظريف وحرفا متفقان في المعنى لا يجتمعان والثاني أن اللام تعريفا عهديا و (يا) تعريفا خطابيا متغايران فلو جعل المعرف باللام منادى لزم كون الواحد حاضر أو غائبا (محصول).

(٤) قوله : (بتوسيط) أي : هي موصوفة قال الأخفش : هي موصولة حذف صدر صلتها وجوبا لمناسبة التخفيف للمنادى ويؤيد كثرة وقوعها موصولة وندرة وقوعها موصوفة وإنما لم ينتصب مع أنها مشبهة بالمضاف ؛ لأنها إذا حذف صدر صلتها يبني على الضم (لارى).

(٥) أعلم أنه قيل إذا قصد في نحو : يا هذا الرجل نداء الرجل كان هذا بمنزلة أي : وأن قصد نداء هذا كان بمنزلة زيد فعلى هذا يجوز في الرجل النصب أيضا (متوسط).

(٦) فإن عادة المصنف ابن الحاجب في تأليفاته أن يذكر القاعدة مطلقا ثم ذكر المستثنات قرنية على أنه أراد بالقاعدة ما سواها (قدمي).


يذكر هناك ما يخرج صفة الاسم المبهم (١) عن تلك القاعدة.

(وتوابعه) (٢) بالجر عطف على الرجل ، أي : والتزموا رفع توابع الرجل مفردة أو مضافة نحو : (يا أيها الرجل الظريف) و (يا أيها الرجل ذو المال) (لأنها توابع) منادى (معرب) (٣) وجواز الوجهين إنما يكون (٤) في توابع المنادى المبني.

(وقالوا) (٥) بناء على قاعدة تجويز اجتماع حرف النداء مع اللام ، وهي اجتماع أمرين ، أحدهما : كون اللام عوضا عن محذوف.

__________________

(١) الذي جعل وسيلة إلى نداء المعرف باللام وإلا فلا يجوز إخراج صفة الاسم المبهم مطلقا فإن الاسم المبهم الذي كان مقصودا بالنداء فصفته ترفع وتنصب فلا وجه لإخراجه عن تلك القاعدة (عصمت).

جواب لسؤال مقدر كأنه قيل : إذا كان الرجل هو المقصود بالنداء فلم لا يجوز في توابعه الوجهان كما في تابع يا زيد الظريف فالجواب أن الرجل معرب مرفوع فتابع المعرب المرفوع يجب أن يكون مرفوعا سواء كان مفردا أو مضافا فنقول يا أيها الرجل ذو المال كما تقول جاءني الرجل ذو المال ؛ لأنه مثله في الإعراب (نجم الدين).

(٢) وتوابع المعرب تابعة للفظة المعرب ؛ إذ لا محل له فنقول يا أيها الرجل ذو المال ولا تقول ذا المال وفي بعض الشروح وفيه نظر لجواز أن يكون تابع المعرب لمحله إذا غاير إعراب لفظه نحو يا زيد بقائم وقاعدا بالنصب والجر قلت : ولعل النظر ليس بكلي ؛ إذ في المعرب الواحد لا يتصور الإعراب اللفظي والمحلي معا وما روى في المثال ليس فيه تغاير الإعراب في معرب واحد لفظا ومحلا ؛ لأن المجرور لفظا قائم والمنصوب محلا بقائم والكلام في المتبوع الواحد (غجدواني).

(٣) فإن قلت : قد يتبع محله فيجوز فيه وجهان فالحصر المستفاد من إنما ممنوع قلت : الحصر إضافي يعنى من بين توابع المنادى لا يجوز الوجهان في توابع المنادى المعرب بل في تابع المنادى المبنى (عصمت).

(٤) إشارة إلى جواب سؤال مقدر وهو أن يقال أنتم قلتم إذا نودي المعرف باللام قيل : يا أيها الرجل والله معرف باللام فوجب أن يقال يا أيها الله لكنه لا يقال كذلك بل لا يقال يا الله ، وجوابه أن يقول إنما يقال يا الله ولا يقال يا أيها الله ؛ لأن اللام الذي في الله ليس للتعريف بل هي عوض عن حرف أصلي وهو الهمزة في آله فنقلت حركة الهمزة إلى اللام فحذفت الهمزة ثم أدغمت اللام في اللام فصار الله وأما لعدم الأذن الشرعي في إطلاق الأسماء المبهمة على الله تعالى (متوسط).

(٥) قيل عليه كما كان الأصل هو الإله معرفا باللام لم يكن حرف التعريف عوضا عن الهمزة ـ


وثانيهما : لزومها للكلمة.

(يا ألله) لأن أصله (١) (الآله) فحذفت الهمزة ، وعوضت اللام عنها ولزمت (٢) الكلمة ، فلا يقال في سعة الكلام (لاه).

ولما لم يجتمع (٣) هذان الامران في موضع آخر اختص هذا الاسم بذلك الجواز ولهذا قال (خاصة).

وأما مثل : (النّجم والصّعق وإن كانت اللام لازمة في مثلها لكن ليست عوضا عن محذوف ، وأما (الناس) وان كانت اللام فيه عوضا عن الهمزة ؛ لأن أصله (أناس) (٤) لكن ليست لازمة للكلمة ؛ لأنه يقال : (ناس) في سعة الكلام ، فلا يجوز أن يقال (يا النجم) و (يا الناس) ولعدم جريان هذه القاعدة في (التي) في قولهم :

__________________

ـ المحذوفة لاجتماعها معها في الأصل وجوابه بعد تسليم عدم جواز اجتماع العوض والمعوض عنه أن التعريف في الإله من قوله : (إلا له) من الحكاية لا من المحكي ومراده أن الله أصله إله منكر كما ذكر في تفسير القاضي وإنما دخل حرف التعريف في خبر المبتدأ إفادة للحصر كما في زيد الأمير (كذا في حاشية المطول).

(١) لدفع العموم الذي ذهب إليه الكنانة من تسمية أصنامهم وأدغمت اللام في اللام ومن ثم يقطع الهمزة في النداء (قدمي).

(٢) لعدم وجود شيء من إفراده هذه القاعدة الكلية في الخارج إلا فرد واحد فقط مع إمكان الغير وهو يا الله وهذا من قبيل الكلي المنحصر في فرد واحد مع إمكان كالشمس فراجع (داود).

(٣) كلمة خاصة إشارة إلى ثلاثة أحكام يختص بها لفظ يا الله في باب النداء ، الأول : قطع همزته ، والثاني : اختصاص ندائه بكلمة يا من بين حروف النداء ، والثالث : اجتماع حرف النداء باللام وإن كان الأخير أشد تناسبا بالمقام ثم من خصائص هذا اللفظ في باب النداء أنه يحذف حرف النداء منه ويعوض الميم المشددة ويؤتي في آخره فيقال اللهم بمعنى يا الله (عصام).

ـ أي : خص ذلك خصوصا لامتناع التوسط إياه ؛ لأن يستلزم المتعدد وها للتنبيه والله تعالى عن التعدد (هندي).

ـ بل يجب أن يقال بتوسط أحد الأمور الثلاثة المذكورة بأن يقال مثلا يا أيها النجم ويا أيها الناس (لمحرره).

(٤) وإنما جاز (يا) التي ؛ لأن اللام زائدة فيه ؛ لأن الموصول هو التي فقط بدون اللام وإنما جيء باللام لتحسين الكلام ويقال إنما جيء ههنا لاستقامة الوزن في الشعر (قدمي).


من أجلك يا التي (١) تيّمت قلبي (٢)

وأنت بخيلة بالوصل عنّي

لأن لامها ليست عوضا عن محذوف ، وان كانت لازمة للكلمة حكموا عليه بالشذوذ.

وفي (الغلامان) في قولهم :

فيا الغلامان اللذان فرّا

لانتفاء الامرين كليهما حكموا بأنه أشدّ شذوذا (٣).

(ولك) (٤) أي : وجاز لك (في مثل : (يا تيم (٥) تيم عديّ) أي : في تركيب تكرر فيه المنادى المفرد المعرفة صورة (٦) وولى الثاني اسم مجرور بالإضافة في الأول (الغمّ والنصب) وفي الثاني النصب فحسب.

أما (٧) الضم في الأول فلأنّه منادى مفرد معرفة كما هو الظاهر (٨) والنصب (٩) على أنه مضاف إلى (عدي) المذكور.

__________________

(١) مقول (من أجلك يا من استبعدت قلبي والحال أنك بخيلة بالوصل عني) قوله : (من أجلك) متعلق بمحذوف أي : نحمل والمعنى نحمل المشاق من أجلك يا أيها الحبيب التي دللت قلبي في حبك والاستشهاد على أن حرف النداء دخلت على ذي اللام وهو غير لفظ في قوله : (يا التي وذلك شاذ (حل الأبيات وجيه الدين).

(٢) تمييز يعني هذا القول أشد شذوذ الانتفاء التعريف فيه فقط لوجود اللزوم فيه.

(٣) وأصل الخطاب أن يكون لمعين وقد يكون لغير معين وهنا كذلك (هندي).

(٤) والمراد من تميم ابن عبد مناف وعدي أخوه فأضيف تيم إلى عدي لشهرته بين العرب (جلبي).

(٥) أما الأول مفرد صورة فظاهر وأما الثاني مفرد فلا تكرار الأول بعينه وأما عدي فحاله مجهولة بحسب الظاهر (عب).

ـ متعلق بالمفرد ولهذا وقع في بعض النسخ المعرفة المفردة مع أن المعهود المفرد المعرفة فأعرب (داود).

(٦) قوله : (أما الضم في الأول قبل نصب الثاني) حينئذ ليس على أنه تأكيد ؛ لأنه خرج عن العلمية بالإضافة وأن القصد إلى المضاف يغاير القصد إلى المفرد وأن المضاف أوضح من المفرد فلا يكون عين الأول فإذا كان الأول توطئة كان الثاني بدلا وإذا كان مرادا كان الثاني عطف بيان (لارى).

(٧) لأن حذف المضاف إليه أو الفصل بين المضاف والمضاف إليه خلاف المشهور.

(٨) أي : (وأما تعيين النصب في الثاني فلانة آه) وهو معطوف على قوله : (وأما الضم في الأول.

(٩) والتأكيد اللفظي في الأغلب حكمه حكم الأول وحركته حركة إعرابية كانت أو بنائية فكما ـ


و (تيم) الثاني : تأكيد لفظي (١) فاصل بين المضاف (٢) والمضاف إليه وذلك مذهب سيبويه.

أو مضاف إلى (عدي) المحذوف بقرينة المذكور ، وذلك مذهب المبرد (٣) والسيرافي(٤) : أجاز الفتح مكان النصب (٥) على أن يكون في الأصل : يا تيم ـ بالضم ـ تيم عدي ، ففتح الأول اتباعا لنصب الثاني ، كما في : يا زيد بن عمرو.

وتعين النصب في الثاني ؛ لأنه إما تابع (٦) مضاف أو تابع مضاف. وتمام البيت :

__________________

ـ أن الأول محذوف التنوين للإضافة فكذا الثاني مع أنه لا يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه إلا في الضرورة وذلك بالظرف خاصة في الأغلب ؛ لأنه لما كرر الأول بلفظه وحركته بلا تغيير صار كان الثاني هو الأول فكأنه لا فصل هناك (وجيه الدين).

(١) والفاصل بين المضاف والمضاف إليه جائز بالتأكيد في هذا المثال وبالعطف في غيره نحو بين ذراعي وجبهة الأسد وقولهم : (نصف وربع درهم) قوله : (بين ذراعي وجبهة الأسد) أوله يا من رأى عارضا أسّر به صفة عارضا أي : عارضا سرني وهو السحاب الذي يعترض بالأفق وذراعي الأسد كوكبان منيران نزل فيهما القمر وجبهة الأسد كوكب نزل فيه القمر وإذا كانت السحاب بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد يكون مطر (هندي وحواشي).

(٢) مع أنه لا يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه إلا في الضرورة وذلك خاصة في الظرف كما يجيء في باب الإضافة (رضي).

(٣) قوله : (والسيرافي) كأن المصنف لم يختر بل أشار إلى رده بتقديم الخبر أعني لك حتى لا ينحصر الاحتمال في الضم والنصب (عصمت).

(٤) قوله : (مكان النصب) الأولى مكان الضم بل الصواب والسيرافي أجاز الفتح أيضا أي : كما أجاز الضم والنصب كما لا يخفي على من تتبع كلامهم فتتبع (داود).

(٥) قوله : (لأنه إما تابع) مضاف ويتم الثاني تابع مضاف بالصفة على تقدير الأول وهو كون تيم الأول منادى مفردا معرفة وتابع مضاف بالإضافة والصفة على تقدير الثاني أما الإضافة فعلى تقدير كون تيم الأول مضافا إلى عدى المذكور وأما الصفة فهو إذا كان تيم الأول مضافا إلى العدى المقدر (عصمت).

ـ عند سيبويه والمبرد والسيرافي حال النصب كما هو الظاهر على من تأمل فلا تغشه في الغفور (داود).

(٦) قوله : (لا أبا لكم) جاز أن يكون كلمة مدح وسعادة على معنى أنكم خلقتم على صلاح وإقبال لا حاجة لكم إلى أب يربيكم ويؤيدكم وجاز أن يكون كلمة ضم وشتم على معنى أنكم لا نسب لكم بل ولد الزنا (شارح).


يا تيم تيم عدي لا أبا لكم (١) لا يلقينّكم في سؤءة عمر

البيت لجرير حين أراد عمر التيمي الشاعر أن يهجوه ، فقال جرير خطابا لبني تيم لا تتركوا عمر أن يهجوني ، فيلقينكم في سوءة ، أي : مكروه من قبلي ، يعني : مهاجاته إيّاهم.

(و) المنادى (المضاف إلى ياء المتكلم يجوز فيه) وجوه أربعة (٢) : فتح الياء مثل : (يا غلامي) (٣) وسكونها (٤) مثل : (يا غلامي) واسقاط الياء اكتفاء بالكسرة ، إذا كان قبله كسرة احتراز عن نحو : (يا فتاي) (٥) مثل : (يا (غلام).

وقلبها الفا ، نحو : (يا غلاما) وهذان الوجهان يقعان غالبا (٦) في النداء ؛ لأن النداء موضع التخفيف ؛ لأن المقصود غيره فيقصد الفراغ من النداء بسرعة ، ليتخلص منه ويتوجه الى المقصود من الكلام.

__________________

(١) قوله : (وجوه أربعة توجيه الكلام بهذا التحصيل التناسب وحسن التقابل بين المثال والممثل كما ذكرنا آنفا.

(٢) إذا لممثل هو قوله : (والمضاف إلى ياء المتكلم) أمر كلي والمثال أمر جزئي فلا يستقم الحمل إلا بتأويل المثل.

(٣) وقال بعضهم أصله السكون ؛ لأنه مضمر وهو حرف من حروف المد واللين فوجب أن يبنى على السكون قياسا على أخواته وهي الواو في ضربوا والياء في تضربين والألف في يضربان ورجح الأولى بأن الحركة مستقلة على الواو دون الياء. (حاشية متوسط).

(٤) ونحو يا قاضي فإنه إذا حذف منه الياء التبس بالمفرد المعرفة ولم يعرف أنه مضاف إلى ياء المتكلم لكن اشتراط كون ما قبلها مكسور ليخرج نحو مسلمى تثنية وجمعا مع أنه ينبغي أن يجوز حذف الياء منه لعدم الالتباس بعد الحذف ؛ إذ ياء التثنية والجمع يدل على الياء المحذوفة (عصمت).

(٥) أي : وربما ورد في الندرة في غير النداء لكن الحذف في الفواصل والقوافي ليس بنادر (رضي) طلبا للازدواج أي الانفاق.

(٦) قوله : (أي : هذان الوجهان) المقصود منه أما التحقيق أو الاعتراض بأن قول المصنف يستدعى جواز هذه الوجوه الأربعة في كل منادى مضاف إلى ياء المتكلم مع أن الوجهين الأخيرين غير جائز في ممثل يا عدوى تأمل (عصمت).

ـ وكان له اعترض على المصنف بترك هذين الوجهين مطلقا أي : لم يقيد بقيد أي : فيما غلب (قدمي).


فخفف (يا غلامي) بوجهين : حذف الياء وابقاء الكسرة دليلا عليه ، وقلب الياء الفا ؛ لأن الألف والفتحة أخف من الياء والكسرة.

وهما أي : هذان (١) الوجهان ، وان كانا واقعين في المنادى المضاف إلى ياء المتكلم لكن لا يقعان في كل منادى كذلك ، بل فيما غلب عليه الاضافة (٢) إلى ياء المتكلم ، واشتهر بها لتدل الشهرة على الياء المغيرة بالحذف أو القلب فلا تقول : (يا عدوّ) و (يا عدوّا). وقد جاء شاذا في المنادى (يا غلام) بالفتح اكتفاء بالفتحة عن الألف.

(و) يكون المنادى المضاف إلى ياء المتكلم (بالهاء (٣)) (٤) في هذه الوجوه كلها (وقفا) أي : في حال الوقف ، تقول : (يا غلاميه) و (يا غلامية) و (يا غلامه) و (يا

__________________

(١) فيكون الألف واللام للعهد الخارجي أو للجنس كما في الرجل خير من المرأة لا للاستغراق ولا للعهد الذهني فراجع (داود).

(٢) قال بعض المحققين الشذوذ في غير يا بني فإنه كثر فيه الفتح لثقل اليائين يعني كثر فيه الفتح بسبب قلب الياء الثانية ألفا وحذف الألف والاكتفاء بفتح ما قبل الياء وهو الياء الأولى وفيه أنه يكون ح : يا بني بفتح ياء واحدة مع أن السماع في القرآن وغيره بيائين مع الإدغام فتأمل (عصمت).

ـ يا بني تصغير الابن وأصل الابن بنو حذفت ضمة الواو للثقل عليه ثم حذف الواو لالتقاء الساكنين بينها وبين النون ثم زيد الهمزة في أوله فقيل ابن ثم صغر الابن فيعود إلى الأصل فصار بنيو اجتمعت الواو وسبقت أحدهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فصار بني ثم أدخل عليه حرف النداء فقيل يا بني (حواشي هندي).

ـ يعني قياسا مطردا فيهما كما في باقي المنادى المضاف إلى ياء المتكلم من الوجوه الأربعة المذكورة آنفا والوصل والقطع (دم).

(٣) قوله : (بالهاء في هذه الوجوه) الخ. على تقدير أن يكون جعل قوله : (وبالهاء وقفا) مسألة على حدة عطفا على جملة السابقة أو على خبرها يدل على وجوب الهاء في الوقف في الأحوال الأربعة المذكورة لكن الوجوب ليس إلا مع الألف والأولى أن يكون قوله : (بالهاء عطفا) على بلا هاء محذوف تقديره ويكون المنادى المضاف إلى ياء المتكلم بلا هاء وبالهاء وقفا فيفيد العبارة الجواز لكن يحمل على ما يشمل الوجوب أيضا لئلا يشكل بصورة الألف فإن الهاء مع الألف كما ذكرنا (عصمت).

(٤) يعني إذا كان هذه الوجوه توصل إلى ما بعده بلا فاصلة لا يؤتى بالهاء ، وإذا كانت تقطع عما بعدها يؤتى بالهاء فيكون وجود الهاء دليلا على القطع وعدمها دليلا على الوصل.


غلاماه) ، فرقا بين الوقف (١) والوصل.

(وقالوا) (٢) أي : العرب في محاوراتهم (٣) (يا أبي ، ويا أمّي) على الوجوه الأربعة كسائر ما أضيف إلى ياء المتكلم مع وجوه أخر زائدة عليها ، لكثرة استعمال ندائيهما في كلامهم (٤) كما أشار اليها بقوله : (و (يا أبت ، ويا أمت معا) (٥) أي : قالوا : (يا أبت، ويا أمّت) أيضا بابدال الياء (٦) بالتاء (فتحا وكسرا) (٧) أي : حال كون التاء مفتوحةعلى وفق حركة الياء ، أو مكسورة لمناسبة الياء.

وقد جاء بالضم أيضا نحو : (يا أبت ، ويا أمّت) لاجرائه مجرى المفرد المعرفة ولم يذكره لقلته.

(و) قالوا : (يا أبتا) (٨) ...

__________________

(١) وقالوا استئناف واعتراض مستثنى معنى من الوجوه الأربعة للمنادى المضاف إلى ياء المتكلم فإن لما سيأتي وجهان زائدا على الوجوه الأربعة المتقدمة أو عطف على ما قبلها من حيث المعنى فكأنه قيل : قالوا هكذا في مثل: يا غلامي وقالوا آخر (زيني ذاده).

(٢) جمع محاورة أي مصاحباتهم العرفية حين إضافة الأب أو الأم إلى ياء المتكلم.

(٣) لأن الإنسان يكثر نداءه لأبيه وأمه وكثرة النداء تقتضي كثرة الوجوه ؛ لأنه إذا تعسر النداء بوجه تيسر بوجه آخر ذا كثرة الوجوه (توقادي).

(٤) والفرق بين جميعا ومعا أن قولك : مستلزم مجيئهم معا في زمان واحد بخلاف جميعا فإنه لا يفيد الإعدام تخلو واحد منهم من المجيء من غير تعرض لاتحاد الزمان (شيخ زاده).

ـ تنبيه استعمال المصنف هنا معا للدلالة على الاتحاد في الزمان وفاقا لتقارب وغيره وأما ابن مالك فاختار عدم دلالتها على الاتحاد وأنها تستعمل بمعنى جميعا وهو ظ نص الشافعي فيمن قال لامرأتين أن ولدتا معا فأنتما طالقان أنه لا يشترط الاتحاد في الزمان وإذا أفردت عن الإضافة كما في الكتاب أعربت حالا تريني على المنهاج من الجراح نقله (داود أفندي).

(٥) وفي بعض النسخ بإبدال التاء بالباء وقد مشى المحشى على هذه النسخة وقال الباء صلة الإبدال وإنما تدخل على المتروك فهو التحتانية وما فوقها الفوقانية دون العكس كما سبق إلى الأوهام (جلبي).

(٦) وإنما لم يكن كأصلها ؛ لأنها حرف صحيح منزل منزلة الاسم فيجب ككاف الخطاب.

(٧) قوله : (يا أبتا) منادى مضاف إلى ياء المتكلم والتاء والألف عوض عن يائه (لمحرره).

(٨) وهما التاء والألف ؛ لأن التاء عوض عن الياء والألف من فتحتها.

ـ والألف والتاء كلاهما معا عوض عن الياء ولا عليك أن يعوض شيئين عن شيء ويكون كل منهما أخف فيه (غجدواني).


و (يا أمّتا) (بالالف) بعد التاء جمعا بين العوضين (١) (دون الياء) فما قالوا : (يا أبتي) و (يا أمّتي) احترازا عن الجمع بين العوض والمعوض عنه فإنه غير جائز.

(و) قالوا : (يا ابن أمّ) و (يا ابن عمّ خاصة) (٢) هذا الاختصاص بالنظر إلى الأم والغمّ ، أي : لا يقال : (يا ابن أخ ويا ابن خال) لا بالنظر إلى الابن أيضا.

فانهم يقولون : (يا بنت أمّ) و (يا بنت عمّ) على الوجوه الأربعة (مثل (٣) باب ، يا غلامي) فقالوا : (يا ابن أمّي) و (يا ابن عمّي) ـ بفتح الياء ويكونها ـ و (يا ابن عما) بابدال الياء ألفا.

(وقالوا) بزيادة وجه آخر شذ في المضاف إلى ياء المتكلم (٤) (يا ابن ام ويا ابن عم) بحذف الألف والاكتفاء بالفتحة لكثرة الاستعمال ، وطول اللغظ ، وثقل التضعيف.

ولما كان من خصائص النداء الترخيم شرع في بيانه فقال : (و)

(الترخيم)

(ترخيم (٥) المنادى)

(جائز) (٦) ...

__________________

(١) ويجوز تعويض حرفين عن حرف إذا كانا أخفا منه لكونهما امتزجا كأنهما كلمة واحدة (كثير ولباب).

(٢) لاستعمالهما غالبا بكسر الميم مع حذف الياء لكثرة الاستعمال (خوافي).

(٣) مثل منصوب مفعول مطلق لقالوا بتقدير الموصوف أي : قولا مثل وقيل مثل مرفوع خبر مبتدأ محذوف أي : هو وقيل قوله : (يا ابن أم ويا ابن عم) مبتدأ خبره مثل والجملة استيناف أو اعتراض (ع م).

(٤) إشارة إلى ما سبق بقوله : (وقد جاء شاذا) في المنادى يا غلام بالفتح.

(٥) أي : الترخيم في سعة الكلام والترخيم من رخم الكلام من باب كرم أو نصر بمعنى سهل فهو رخيم والجارية إذا صارت سهلة النطق يقال رخيمة ومنه الترخيم في الأسماء ؛ لأنه سهل النطق بها (عصمت).

ـ الترخيم في اللغة اسم الصوت الرقيق رخم صوته إذا رفعت صوت رخيم أي : ضعيف وعن الأصمعي قال الخليل (منه رحمه‌الله) ما اسم الصوت الضعيف قلت : الترخيم.

(٦) أعلم أن المصنف لما أراد تخصيص البيان بالترخيم في حال السعة نبه عليه بهذا القول أولا فالجواز يوجد في الضرورة أيضا وذلك لكثرة النداء في كلامهم ولأن النداء أنما يكون لأمر مهم فهو يؤذن بالترخيم أن ذلك الأمر مما لا يقبل التوقف حيثما يتم الكلمة (عافية شرح الكافية).


أي : واقع (١) في سعة الكلام من غير ضرورة شعرية دعت إليه ، فإن دعت اليه ضرورة فبالطريق الأولى.

(و) هو (في غيره) أي : غير المنادى واقع (٢) (ضرورة) (٣) أي : الضرورة (٤) شعرية دعت اليه ... لا في سعة الكلام.

(وهو) أي : ترخيم المنادى (٥) (حذف في آخره) (٦) أي : آخر المنادى ، تخفيف(٧) أي : لمجرد التخفيف لا لعلة (٨) أخرى مفضية إلى الحذف المستلزم للتخفيف.

__________________

(١) قوله : (أي : وقع) الخ. حمل الجواز على الوقوعي الذي وقع في سعة الكلام من غير ضرورة وفهم الترخيم الضروري الواقع في المنادى للضرورة بالمقايسة بالطريق الأولى وح يقابل قوله : (في غير ضرورة) تقابل الضد بالضد ويجوز أن يحمل الجواز على معنى أعم من الواقع في سعة الكلام وفي الواقع للضرورة فيقابل ح بقوله : (وفي غيره تقابل العام الخاص (عصمت).

ـ السعة بكسر السين بمعنى الوسعة وه المراد هنا وبفتح السين بمعنى القدرة (جلبي).

(٢) قوله : (واقع ضرورة) أي : لضرورة الخ. الظاهر أنه حمل نصب قوله : (ضرورة) على أنه مفعول له والفعل المعلل هو الوقوع الذي قام بالترخيم والضرورة قائمة بالمتكلم فلم يتحقق شرط جواز تقدير اللام في المفعول له وهو كونه فعلا لفاعل الفعل المعلل إلا أن يجعل الاضطرار صفة للترخيم أي : الترخيم في غير المنادى واقع لاضطراره إلى الوقوع فتأمل (عصمت).

(٣) ولك أن ترفع ضرورة على الخبرية أي : الترخيم في غيره أثر ضرورة وقد وجه أيضا كونه خبرا أي : وهو في غيره ذو ضرورة شعرية لكل وجهة (لارى جلبي).

(٤) لا مطلقا بل إذا كان ذلك الغير مما يصلح للنداء كما في قوله : يا دار مية ؛ ادلي تساعفنا ولا يرى مثلها عجم ولا عرب (عوض).

(٥) والترخيم في اللغة تفعيل من رخم الشيء إذا سهلته وفي الاصطلاح هو حذف في آخره (عافية).

(٦) ولم يقل حذف آخره ليشمل ما حذف منه حرفان والجزء الأخير من المركب أي في أخر الاسم في التركيب مع حرف النداء دون الإفراد فلا يرد حذف الأواخر في يد ودم وغيرهما (شرح كافية وهندي).

(٧) ولما كان هذا الحذف مشتركا بين ما هم المقصود وغيره أشار إلى تميزه عنه بقوله : (تخفيفا) أي : هو حذف الأخير للتخفيف المجرد عن العلة مثل الإضافة والإعلال وتجاور الساكنين أو غير ذلك ومعناه اللغوي مرعى فيه أيضا ؛ لأن اللفظ إذا قل سهل ففي هذا الحذف تخفيف اللفظ وتسهيله ولهذا سمي به (عوض أفندي).

(٨) قوله : (لا لعلة أخرى) من قال أنه حذف في الآخر بلا علة سبيل الاعتباط أراد هذا والاعتباط في اللغة ذبح شاة بلا علة (لارى).

ـ أي : يصونهما خصوصا.


فعلى هذا يكون ذلك التعريف مخصوصا بترخيم المنادى ، ويعلم منه ترخيم غير المنادى بالمقايسة ، ويمكن حمله على تعريف الترخيم مطلقا بارجاع الضمير المرفوع إلى الترخيم مطلقا ، والضمير المجرور في قوله : (في آخره) راجع إلى الاسم.

(وشرطه) أي : شرط ترخيم المنادى ، على التقدير الأول. أو شرط الترخيم إذ كان واقعا في المنادى على التقدير الثاني أمور أربعة (١) ، ثلاثة منها عدميّة وهي (أن لا يكون مضافا) حقيقة ، أو حكما (٢) ، فيدخل فيه المشبه بالمضاف أيضا ، إذ لا يمكن الحذف من الأول (٣) ؛ لأنه ليس آخر اجزاء المنادى نظرا (٤) الى المعنى (٥). ولا من الثاني ؛ لأنه (٦) ليس آخر اجزائه نظرا إلى اللفظ ، فامتنع الترخيم (٧) فيهما بالكلية.

(و) أن (لا يكون) (٨) (مستغاثا) (٩) ...

__________________

(١) أي : شرط أمور أربعة ؛ لأن شرطه مفرد مضاف فيعم كل الشرط منه كما في قول : النووي وفرضه أي : الوضوء أربعة (داود).

ـ قوله : (أمور أربعة) أشار بها بهذا إلى مجموع الأمور ؛ لأن كل واحد منها من قبيل قوله : (وأنواعه رفع ونصب وجر وتعد من تحقيقه أنفا (مصطفى جلبي).

(٢) أي : إضافة حكمية تكون مضافا بالإضافة اللفظية أو شبه مضاف (م).

(٣) ولو رخم من آخر المضاف رخم وسط الاسم ؛ لأن المضاف إليه بمنزلة جزء المضاف في المعنى أو بمنزلة المستعمل في اللفظ (غجدواني).

(٤) قوله : (نظرا إلى المعنى) هذا ظاهر إذا كان المركب الإضافي علما فإن الجزء الأول بمنزلة زاء زيد وأما إذا لم يكن علما فبيانه أن المضاف من حيث هو مضاف لا يتم بدون المضاف إليه (لارى).

ـ قوله : (نظرا) بفتح الظاء لا بسكونها لأن النظر بفتح الظاء للقب وهو الماء هنا وأما بالسكون فللعين فلا مجال للنظر إلى المعنى (تقرير يوسف).

(٥) فإن المنادى في يا غلام زيد الغلام المخصوص وهو لا يستفاد بدون زيد (عصمت).

(٦) قوله : (لأنه ليس آخر أجزاءا المنادى) هذا ظاهر إذا لم يكن المركب الإضافي علما أما إذا كان علما فلأن المركب الإضافي ترد في حال جزئية قبلها العلمية في استقلال كل من الجزئين بإعرابه.

(٧) والكوفيون يجوزون الترخيم من آخر المضاف على أن تنزل منزلة اسم واحد.

(٨) أي : المنادى الذي ترخيمه سواء كان مضافا حقيقة أو حكما أولا (تركيب).

(٩) لأن المطلوب فيه مد الصوت والحذف ينافيه ولا غيرهما من المندوب وإنما لم يذكر المندوب ؛ لأنه غير منادى عنده (هندي).


لا مجرورا باللام لعدم (١) ظهور أثر النداء فيه من النصب أو البناء (٢) فلم يرد عليه الترخيم الذي هو من خصائص المنادى (٣) ، ولا مفتوحا بزيادة الألف ؛ لأن الزيادة تنافي الحذف.

ولم يذكر المصنف المندوب ؛ لأنه غير داخل في المنادى عنده ، وما وقع في بعض النسخ (ولا مندوبا) فكأنه (٤) من تصرف الناسخين مع أن وجه اشتراطه عند دخوله في المنادى ظاهر ، وهو أن الأغلب فيه زيادة الألف في آخره لمد الصوت اظهارا للتفجع فلا يناسبه الترخيم للتخفيف.

(و) أن (لا) يكون (جملة) (٥) لأن الجملة محكية بحالها فلا تغير.

والشرط الرابع : أحد الأمرين الوجوديين.

(و) هو أن (يكون) المنادى (أما علما (٦) زائدا على ثلاثة أحرف) لأنه لعلميته

__________________

(١) قوله : (لعدم ظهور أثر النداء فيه) من النصب أو البناء أما كون النصب أثر النداء فكنون المنادى مفعول أدعو وأما كون البناء أثره فلمشابهته لكاف أدعوك بخلاف الفتح فإنه أثر الألف دون النداء (وجيه الدين).

(٢) على الضم إذا كان مفردا معرفة وإذا رخم يلزم أن يكون الترخيم واقعا في غير المنادى من غير ضرورة وداعية إليه وذا لا يجوز (م).

(٣) لما قلنا أن المنادى المستغاث ليس بمنادى لعدم ظهور أثر النداء (م).

(٤) الفاء جواب المبتدأ المتضمن بمعنى الشرط وكان حرف من حروف المشبهة بالفعل والضمير المتصل به اسمه (توقادي).

(٥) نحو تأبط شرا وشاب قرناها يعني : لو كان المنادى علما مسمى بجملة لا ترخم ؛ لأن الجملة يجب أن يحكي كما هي ولا يتغير عن حالها ليفهم معناها الأصلي ؛ إذ لو تغيرت لفظا لتغيرت معنى أيضا فيبطل المقصود(لمحرره).

ـ قال في التسهيل ويجوز ترخيم الجملة وفاقا لسيبويه في أحد الراويتين (عافية).

(٦) قبل النداء ؛ لأنه إذا لم يكن علما بل معرفة بالنداء مثل يا رجل لا يرخم وإن وجد شرط الترخيم عدها لما سيأتي (توقادي).

ـ وإنما اشترطت العلمية لكون نداء الإعلام كثيرا في الكلام فناسب التخفيف لأجل هذا وغيرها لم يكثر كثرتها وإنما اشترطت الزيادة على الثلاثة ؛ لأنه لو كان الثلاثة وضم لأداه الترخيم إلى كون الكلمة على ما ليس في الأبنية الممكنة واحترز بالعلمية من اسم جنس ومن الموصول واسم الإشارة فقط ح ما قيل : أن المصنف أهمل شرطين وهما أن لا يكون مبهما ولا مضمرا ؛ ـ


ناسبه التخفيف بالترخيم ، لكثرة نداء العلم مع أنه لشهرته يكون فيما أبقى منه دليل على ما ألقى عنه ، ولزيادته (١) على الثلاثة لم يلزم نقص الاسم (٢) عن أقل أبنية المعرب بلا علة(٣) موجبة.

(وإمّا) اسما (٤) متلبسا (بتاء التأنيث) (٥) وان لم يكن علما (٦) ولا زائدا على الثلاثة ؛ لأن وضع التاء على الزوال فيكفيه أدنى مقتضى للسقوط ، فكيف إذا وقع موقعا يكثر فيه سقوط الحرف الأصلي (٧)؟

__________________

ـ لأنهما لا يرخمان لضعفهما لإبهامهما فلا يراد عليهما خفيف آخر بالحذف خلافا للكوفيين فإنهم يجوزون ترخيم الثلاثي إذا كان تحرك الأوسط فيقولون يا عم في عمر أما توجد نظير ما أدى إليه ترخيمه نحو يد ودم أو التحرك وسطه وحركة الوسط بمنزلة الحرف الرابع والجواب عن الأول هذه الأسماء قليلة في الاستعمال بعيدة عن القياس فلا يحمل عليه شيء وعن الثاني هذا أن هذا. ـ الاعتبار غير مطرد في كل مقام مع أن هذا إعدام صرف (عافية شرح الكافية).

ـ لكن لا مطلقا بل بشرط كونه زائدا.

(١) قوله : (لزيادته) الخ. يعنى إنما اشترط الزيادة على الثلاثة لئلا يلزم نقص الاسم نقصانا قياسا مطردا عن أقل أبنية المعرب بلا علة ظاهرة (وجيه الدين).

(٢) الذي في حكم المعرب وإنما قيد به لجواز النقص فيما ليس في حكم المعرب نحو ما ومن وأما ، نحو يد ودم فالحذف فيه شاذ فالشاذ لا يعبأ به (عب).

(٣) وإنما قيد به لجواز النقص بالعلة الموجبة.

(٤) يعني : إذا لم يكن علما موصوفا بالزيادة على الثلاثة (فالشرط أن يكون اسما ملتبسا) إلخ. (م).

(٥) وإنما اشترطت ياء التأنيث إذا لم يكن علما ؛ لأنها يوجب ثقلا فناسب الترخيم لثقله كما أن كان العلم يناسبه لكثرته أو لأنها قائمة مقام العلمية من جهة أنها تناسب التخفيف لفظا أو معنى وإنما لم يشترط الزيادة على الثلاثة لكونها زائدة على بناء الكلمة فحذفها لا يوجب المحذور في نفس الكلمة ولأن وضعها لما كان على شرف الزوال يكفي أدنى مقتضى لحذفها فإن قلت : لم خص الترخيم بالمفرد قلت : للمناسبة بينهما وذلك ؛ لأن الترخيم تغيير وبإدخال حرف النداء في المفرد البناء كان مغيرا الانتقال ح من الإعراب إلى البناء (شرح الكافية عافية).

ـ إذا رخم ما فيه تاء التأنيث فتح الآخر فيقال في مسلمة يا مسلم ولا يجوز الضم للفرق بين المذكر والمؤنث (شرح ....).

(٦) بل كان اسم جنس سواء كان ثنائيا كتبة أو ثلاثيا كطلحة وسلمة وغيرها كضاعة إلا إذا وقف على المرخم منه يوقف مع الهاء فيقال في يا طلح يا طلحة إلا أن يكون مقام الألف لإطلاق نحو قفي قبل التفرق يا ضياعا.

(٧) أعني آخر المنادى فإنه أطرد فيه التخفيف لقصد سرعة الفراغ إلى المقصود بالنداء (خوافي).


ولم يبالوا (١) ببقاء نحو : (ثبة) و (شاة) بعد الترخيم على حرفين ؛ لأن بقاءه كذلك ليس لأجل الترخيم بل مع التاء أيضا كان ناقصا عن ثلاثة (٢) اذ التاء كلمة أخرى برأسها (٣).

ولا يرخم لغير ضرورة منادى لم يستوف الشروط المذكورة إلّا ما شذّ (٤) من نحو : (يا صاح) في (يا صاحب) (٥) ومع شذوذه فالوجه في ترخيمه كثرة استعماله منادى.

ولما فرغ (٦) من بيان شرائط الترخيم شرع (٧) في بيان كمية المحذوف بسببه (٨) فقال : (فان كان في آخره) أي : في آخر المنادى (زيادتان) كائنتان (في حكم) الزيادة (الواحدة) (٩) في أنهما (١٠) زيدتا معا ، واحترز به عن نحو : (ثمانية)

__________________

(١) قوله : (ولم يبالوا) جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل : التاء في نحو ثبة وشاة إذا حذف تاؤه يلزم نقصه عن أبنية المعرب بلا علة فأجاب بقوله : (ولم يبالوا) إلخ. وإن جاز نقصانه لم يكن معربا أو ما في حكمه نحو ما ومن فقد غفل من قال لا بد من تقييد الاسم الذي هو في حكم المعرب (ع ص).

(٢) مع التاء كما كان ناقصا عنها بدون التاء فبالترخيم لم يلزم نقص الكلمة عن أقل أبنيتها بل النقص إنما لزم عن الواضع (توقادي).

(٣) إلا أنها امتزجت بما قبلها حتى صارت متعقب الإعراب (داود).

(٤) قوله : (إلا ما شذ من نحو يا صاح) إذ أصله يا صاحبي حذف الياء المتكلم اكتفاء بالكسرة ثم رخم بحذف فالياء (جلبي).

(٥) فإن صاحب نكرة تعرف بالنداء فلم يكن علما ولا اسما ملتبسا بتاء التأنيث فالشرط الوجود أي : عدمي وأن الشروط العدمية عدمية فالقياس أن لا يرخم لعدم الشرط إلا أنه رخم شاذا.

(٦) لما فرغ من بيان ماهية الترخيم وشرائطه شرع في بيان أنه في أي : موضع يحذف له حرفإن وفي أي : موضع يحذف له اسم برأسه وفي أي موضع يحذف له حرف واحد (عوض).

(٧) قوله : (شرع في بيان كمية المحذوف) ويمكن أن يقال شرع في أقسام الترخيم أو شرع في بيان خصوصيات الترخيم بعد الفراغ من بيان شرائط مطلق الترخيم (عصمت).

(٨) كيف يكون الحذف سببا لنفسه فتأمل إلا أن يعتبر الإطلاق والتقييد (أبره).

(٩) رفعة واحدة لمعنى واحد فالحكم فيهما وليسا في الحكم وهو طرف اعتباري أو العبارة محمولة على القلب (هندي).

(١٠) قوله : (في أنهما زيدتا معا) وإن كان كل واحد بمعنى يغاير معنى الآخر كزيادتي مسلمان ويسلمان علمين وهاتان الزيادتان سبعة أصناف : زيادة التثنية كما هي ، وزيادة جمع ـ


و (مرجانة) أسماء فإن الياء والنون فيهما زيدتا أولا ، ثم زيدت تاء التأنيث ، فلم يحذف منهما إلّا الآخر (ك ـ (أسماء) إذا جعلتها (فعلاء) من الوسامه (١) ، أي : الحسن ، كما هو مذهب سيبويه ، لا (أفعالا) جمع (اسم) على ما هو مذهب غيره ؛ لأنه يكون حينئذ من باب (عمّار) (٢) (و (مروان) (٣) ، (أو) كان في آخره (حرف صحيح) أي : صحيح أصليّ لتبادره إلى الذهن ؛ لأن الغالب في الحرف الصحيح الأصالة فيخرج منه نحو : (سعلاة) (٤) ؛ لأنه لا يحذف منه إلّا التاء ، وهو أعمّ من أن يكون حقيقة أو حكما ، فيشمل مثل : (مرميّ) و (مدعوّ) فإن الحرف الأخير منهما في حكم الصحيح في الاصالة.

(قبله مدة) (٥) أي : ألف ، أو واو ، أو ياء ساكنة ، حركة ما قبلها من جنسها(٦).

__________________

ـ المذكر السالم نحو مسلمون ويسلمون علمين ، وزيادة تاء جمع المؤنث السالم نحو مسلمات ، وزيدتا نحو مروان وعمران وعثمان وخسران ، وياء النسبية وشبههما نحو كوفي وكوسي ، والفاء التأنيث ، وهمزة الإلحاق مع الألف التي قبلها.

(١) قلبت الواو همزة ثم حذفت التاء والألف فصار اسم ثم زيدت في آخره ألف وهمزة فصار اسما (شرح).

(٢) أي : من باب يكون في آخره صحيح وقبله مدها كعمار ، لكن إضافة الباب إليه لشهرته فهو ح أيضا من قبيل ما يحذف منه حرفان عند الترخيم لكن من الضابطة الثانية دون الأولى (محمودي).

(٣) وأصل مروان مرو والمرو حجارة البيض بوافة تقدح النار الواحدة مروة ثم زيدت الألف والنون فصار علما لملك من ملوك العرب (صحاح).

ـ قيل يا اسم ويا مرو فإن الألف والهمزة في آخر أسماء زيادتان في حكم الواحدة وكذا الألف والنون في مروان (هندي).

(٤) السعلاة والسعلاء بكسرهما الغول أو ساحر الجن ، الغول والعنقاء والجود تذكر ، ولا توجد والغول بالضم من السعالى ، والجمع : أغوال وغيلان وكلما اعتال الإنسان فأهلك فهو غول (قاموس صحاح).

(٥) علة زائدة حركة ما قبلها يوافقها وبين القسمين عموم وخصوص من وجه ؛ إذ ربما يصدق القسم الأول دون الثاني كبصرى وربما يصدق الثاني دون الأول كمنصور ربما يجتمعان كأسماء ومروان فلذا لم يكتف بأحدهما (هندي).

ـ مرفوع الظرف أو مبتدأ مؤخر والظرف خبر مقدم والجملة الظرفية والاسمية مرفوعة صفة بعد صفة لحرف.

(٦) يعني : أن يكون الألف ساكنة وحركة ما قبلها فتحة كعمار ، والياء ساكنة حركة ما قبلها كسرة كمسكين ، والواو ساكنة حركة ما قبلها ضمة كمنصور.


والمراد بها المدة الزائدة ، لتبادرها إلى الذهن ، لخفتها وكثرتها (١) ، فيخرج منه نحو : (مختار) فإنه لا يحذف منه إلّا الحرف الأخير. (وهو) أي : والحال أنّ ما في آخره حرف صحيح قبله مدة (اكثر من أربعة) من الحروف كمنصور ، وعمّار ، ومسكين ، لئلا يلزم من حذف حرفين منه عدم بقائه على أقل أبنية المعرب ، وانما لم يأخذ هذا القيد في (٢) قوله (زيادتان في حكم الواحدة) لأن نحو : (ثبون) (٣) و (قلون) يرخم بحذف زيادتيه ؛ لأن بقاء (٤) الكلمة فيه على حرفين ليس للترخيم (٥).

(حذفتا) أي : الحرفان (٦) الأخيران في كلا (٧) القسمين أمّا في الأول (٨) : فلما

__________________

(١) والمراد ما هو مدة مطلقا وألف مختار لم يكن مدة في أصله ، وإنما صار مدة بالإعلال (ع ص).

(٢) يمكن أن يقال هذا القيد معتبر فيهما ؛ لأن ثبون في الأصل أكثر من أكثر من أربعة أحرف (الداشكندي).

(٣) قوله : (لأن ثبون وقلون يرخم بحذف زيادته) وهو الواو والنون ؛ لأنهما زيدتا معا فكانتا في حكم الزيادة الواحدة وقوله : (ثبون جمع ثبة بضم الثاء المثلثة بالفارسية كروه اذكوه سفند وقلون جمع قلة بفتح القاف وكسرها وهي الحشية الصغيرة التي يضربها الصبيان بخشبة طويلة يقال لها بالتركي جالك أيوني (مصطفى جلبي).

ـ لم يحذف زيادتا بنون جمع ابن ؛ لأنهما غيرتا بناء الواحد فكأنه ليس جمع المذكر السالم كثمود (غفور).

(٤) جواب سؤال مقدر كأنه قيل : لا يجوز الترخيم فيهما ؛ لأنه يلزم بقاء الكلمة على حرفين وأجيب بأن بقاء الكلمة فيه (محمد أفندي).

(٥) حتى يلزم بقاء المعرب على أقل الأبنية بلا علة موجبة بل قبل الترخيم أيضا كان كذلك لما قلنا في نحو ثبة وشاة (توقادي).

(٦) قوله : (أي : الحرفان) أي : الزيادتان في القسم والحرف الصحيح والمدة في القسم الثاني وزاد قوله : (الأخيران) ؛ لأن الترخيم لا يكون إلا في الآخر ، فكأنه قال أن في آخره زيادتان ليرخم بحذف الحرفين الأخيرين ، فقيل للأخيران داخل في الجواب أيضا ولهذا قال المصنف وأن كان مركبا حذف الاسم الأخير وليس بإعادة الشرط حتى يلزم أن يكون التقييد بالشرط في الجزاء لغوا كما قيل : نحو أن جاء زيد أكرمته أي : زيد الجائي (وجيه الدين).

(٧) قوله : (في كلا القسمين) ليس من تتمة الجزاء حتى يلزم التكرار والاستدراك بل لتحرير المدعى ليربط به قوله : (أما في الأول وأما في الثاني) (عصمت).

(٨) قوله : (أما في الأول) إلخ. لما كانت علة الحذف في القسم الأول مغايرة لعلة الحذف في الثاني كما نرى فصل هذا التفصيل ولم يقل لحذف حرفان فيما قبل آخره مدة (غفور).


كانتا في حكم الواحدة ، فكما زيدتا معا ، حذفتا معا ، وأمّا في الثاني : فلأنه لما حذفت الأخير مع صحته وأصالته ، حذفت المدة الزائدة ، لئلا يرد المثل (١) السائر (صلت على الأسد وبلت عن النّقد).

(وان كان مركبا) (٢) ويعلم (٣) من بيان شرط الترخيم أنه لا يكون مضافا ولا جملة مثل : (بعلبك وخمسة عشر) علمين (٤) (حذف الاسم الأخير) فيقال في (بعلبك) (٥) (يا بعل) وفي (خمسة عشر) (يا خمسة) لنزوله منزلة تاء التأنيث في كون كل منهما (٦) كلمة على حدة صارت بمنزلة الجزء.

(وأن كان غير ذلك) المذكور من الأقسام الثلاثة (فحرف واحد) (٧) أي : فيحذف

__________________

(١) وهذا المثل يضرب على حذف الحرف الصحيح مع أصالته ، ولا حذف الحرف المد الزائد ؛ لأن حذفه مع الأصالة وثبوتها مع الفرعية يشبه توجه الرجل على الأسد وخوفه وفراره من الغنم الضعيف ، ولأن الحرف الصحيح الأصلي إذا حذف بالترخيم بالحرف الضعيف الزائد يكون أولى بالحذف بالترخيم (لمحرره).

(٢) أي : مركبا من الاسمين بقرنية قوله : (حذف الاسم الأخير) فيخرج المركب من تاء التأنيث مثل طلحة وسعلاة من هذه القاعدة ، ودخل في قوله : (وإلا فحرف واحد) فإن قلت : يجوز أن لا يكون المنادى المرخم مركبا من اسمين ولم يكن الجزء الأخير أيضا حرفا واحدا ففي أي : ضابطة تدخل هذه الصورة ، قلت : هذا نادر إلا في المركب من لام التعريف والاسم مثل الرجل أو المركب من الفعل والاسم وهما لا يقعان منادى مرخما أما الأول فظاهر وأما الثاني فلأنه جملة فلا يرخم منها (عصمت).

(٣) هذا دفع توهم نشأ من المتن وهو أنه ذكر قبيل هذا في بيان شرط الترخيم أن لا يكون جملة ولا مضافا ثم ذكر هنا في كمية المحذوف وإن كان مركبا والجملة مركب ثم قدر لدفع التوهم (لمحرره).

(٤) لا حاجة إلى التقييد بالعلمية بالنسبة إلى بعلبك فإنه لا يكون إلا علما بخلاف خمسة عشر ، فالأولى أن يقول علما ليكون قيدا في خمسة عشر فقط (داود).

(٥) فإن بعلبك وخمسة عشر ليسا كالمضاف والجملة ؛ لأن بعلبك وخمسة عشر كلمتين ليس فيهما إسنادتان كما في الجملة فإن فيه إسناد ولا كمضاف ؛ لأنهما يكونان كلمة واحدة بعد التركيب والمضاف مع المضاف إليه هما مركب وليس كلمة واحدة.

(٦) لأن كل واحد منهما زيادتان ألحقت بآخر الاسم وجعلت من تمامه حيث أجري الإعراب على تلك الزيادة وكذلك فتح ما قبل كل واحد منهما (سيدي).

(٧) قال فحرف واحد فالمحذوف حرف واحد إلى هنا بالجملة الاسمية بقرنية الفاء لكون هذا ـ


حرف واحد ، لحصول الفائدة المقصودة وعدم موجب حذف الأكثر نحو : (يا حار) و (يا مال) في : يا حارث ، ويا مالك.

(وهو) أي : المنادى المرخم (في حكم) المنادى (الثابت) (١) بجميع أجزائه فيبقى الحرف الذي صار آخر الكلمة بعد الترخيم على ما كان عليه قبله (على) الاستعمال (الاكثر فيقال) (٢) في (يا حارث) (يا حار) بكسر الراء على ما كان عليه قبل الترخيم (و) في (يا ثمود) (و (يا ثمو) بواو متطرفة بعد ضمة (٣) (و) في (يا كروان) (يا كرو)(٤) بواو متحركة بعد فتحة.

(وقد يجعل) (قد) للتقليل أي : ويجعل المنادى المرخم على الاستعمال الأقل (اسما برأسه) (٥) كأنه لم يحذف منه شيء فيكون له في بنائه واعلاله وتصحيحه حكم نفسه لا حكم الأصل ، (فيقال (٦) : (يا حار) بالضم ، كأنه اسم مفرد معرفة برأسه فيضم و (ياثمي) لأنه لما جعل (ثمو) اسما برأسه صارت الواو طرفا بعد ضمة ، فلا جرم

__________________

ـ الحذف كثيرا مستمرا إن قلت : استمراره تجددي وهو مستفاد من المضارع لا من الاسمية قلنا هذا إذا نظر إلى إفراد الحذف وأما إذا نظر إلى نفس الطبيعة فثبوتي والشارح نظر إلى الإفراد كما هو المتبادر إلى مناسبة المضارع للماضي الواقع جزاء في الشق السابق فقدر المضارع والفاء الجزائية تدخل على المضارع المثلث (عب).

(١) قال في حكم الثابت إن قيل : إنما يجعلون المحذوف في حكم الثابت إذا كان الحذف لعلة موجبة وليس الحذف هنا لعلة موجبة فينبغي أن يجعل المحذوف فيه كالمحذوف في يد ودم أجيب أن المحذوف هنا لعلة قياسية مطردة فجعلوا كالمحذوف للعلة الموجبة (لارى).

(٢) أي : إذا كان ذلك فيقال أو عطف على الاسمية السابقة مؤولة بالفعلية ليدل على الحدث ويحصل معنى التفعل كأنه قيل : يجعل المحذوف ثابتا فيقال (هندي).

(٣) ولو جعل المحذوف منسيا والواو آخر الوجب ، قبلها ياء لوقوعها طرفا بعد ضمة (هندي).

(٤) بمثل ثلاثة أمثلة ؛ لأن التغير في الاستعمال الأقل أما بالحركة فقط أو بالحرف أو بكليهما (لارى).

(٥) أي : يجعل المحذوف نسيا ومنسيا ووجهه بأنه حذف لا للإعلال ، ومن قواعدهم أن المحذوف لا للإعلال يقدر نسيا منسيا ويجري الإعراب على ما يبقى (شرح لباب).

(٦) فإن المنادى المرخم يقال فيه يا جار ويا ثمي ويا كرا ؛ لأن المنادى المرخم اسم مفرد معرفة برأسه وكل اسم مفرد معرفة برأسه يقال فيه يا حار ويا ثمي ويا كرا ، ينتج فالمنادى المرخم يقال فيه يا حار ويا ثمي ويا كرا والله أعلم (لمولانا علي ...).


قلبت (١) الواو ياء وكسر ما قبله ك : (أدل) في (أدلو).

(ويا كرا) لأنه لما جعل (كرو) اسما برأسه ارتفع مانع الإعلال ، وهو وقوع الساكن بعد الواو فانقلبت الواو ألفا ، لتحركها وانفتاح ما قبلها.

(وقد استعملوا) (٢) يعني : العرب (صيغة النداء) يعني (يا) خاصة (٣) (في المندوب) لأنه لا يدخل عليه سواها لكونها (٤) أشهر صيغها فكانت أولى بأن يتوسع فيها باستعمالها في غير المنادى.

والمندوب (٥) في اللغة : ميت (٦) يبكي عليه أحد ، ويعد مجاسنه ليعلم الناس أن

__________________

(١) في الشرح أبدلت الواو ياء ؛ لأنه لم يأت في كلامهم اسم ممكن آخره واو قبلها ضمة إلا وتقلب الواو ياء والضمة كسرة لثقل الواو والضمة في آخره المعرب الذي هو متعقب الإعراب والمنادى في حكم المتمكن ؛ لأن بنائه عارض (خوافي).

(٢) لما فرغ عن بيان ما استعمل فيه النداء باعتبار الموضوع له شرع في بيان ما استعمل فيه ذلك باعتبار غيره (عافية).

ـ وقد استعملوا صيغة النداء في المندوب ؛ لأن في صيغة النداء معنى الدعاء والاختصاص ، فنقل إلى المندوب لما فيه من معنى الاختصاص ، وكثيرا ما يحمل بابا على باب آخر مع اختلافهما لاشتركهما في أمر عام ويكون إعرابه على حسب ما كان عليه ومن هنا يظهر وجه إعراب المتفجع عليه (بيا) وأما المتفجع عليه (بوا) فأمره غير ظاهر ؛ لأنه ليس بمنادى عنده ولا منقولا منه ولا منصوبا بفعل التفجع ؛ لأنه يتعدى بالحرف ، اللهم إلا أن المندوب منصوب بأعني أو أخص ، ويلزم في ثبوت موضع خامس من مواضع حذف الناصب للمفعول به قياسا يعني (يا) لما كانت يا أشهر صيغ النداء صح انصراف مطلق صيغة النداء إليها وفي هذا التعبير إشعار بأن (يا) أصل في هذا الباب.

(٣) إشعار بأن (يا) أصل في حروف النداء ، حتى يعبر عنه بصيغة النداء ويجوز أن يراد بصيغة النداء مجموع المنادى مع الياء للتنبيه على أن صيغة النداء استعيرت للمندوب (عصمت).

(٤) علة لتعميم (يا) حتى استعمل في غير النداء فإن قلت : شهرتها في النداء يستدعى أن لا يستعمل في غير النداء لئلا يلتبس بالمنادى قلت : لا التباس للفرق الواضح بين المتفجع عليه وبين المطلوب الإقبال فيعلم المراد بقرنية المقام (عصمت).

(٥) واعلم الكلام المصنف ظاهر في المندوب غير المنادى ، وتبع في ذلك ابن الحاجب في الشرح الظاهر من كلام سيبويه ؛ لأن المندوب منادى وكذا من كلام جار الله فإن المنادى عنده كل ما دخل عليه (يا) وأخواتها ولعل المنادى عند المصنف ذلك ولا يكون مندوبا (خوافي).

(٦) والميت مخففة الذي مات والميت والمائت الذي لم يمت بعد حينئذ جمع أموات وموتى وميتون (قاموس).


موته أمر عظيم (١) ، ليعذروه في البكاء ، ويشاركوه في التفجع.

وفي الاصطلاح (هو المتفجع (٢) عليه) وجودا أو عدما (بيا أو ، وا) (٣) فالمتفجع عليه عدما (٤) : ما يتفجع على عدمه كالميت الذي يبكي عليه النادب. والمتفجع عليه وجودا : ما يتفجع على وجوده عند فقد المتفجع عليه عدما ، كالمصيبة والحسرة (٥) والويل اللاحقة للنادب لفقد الميت. فالحد شامل لقسمى المندوب ، مثل : يا زيداه ، ويا عمراه ، ومثل : يا ويلاه ، ويا حسرتاه (٦) ، ويا مصيبتاه.

(واختص) المندوب (بوا) (٧) ممتازا (٨) ...

__________________

(١) أي : بلية عظيمة عامة للخلق ؛ لأن حياته نعمة عظيمة كان الناس ينتفعون منه في أمور دينهم ودنياهم وموته بليه عامة لهم (م).

(٢) أي : الذي تفجع عليه أي لأجله والتفجع الحزن فإن قيل : لم لم يذكر المتفجع منه نحو واويلا وا مصيبتا ، وا وحسرتاه ، ونحو ذلك قيل : هو داخل في المتفجع لأجله فلا حاجة إلى ذكره على حدة (هندي).

(٣) قوله : (بيا أو ...) وبفصله عنه وإنما حده بهما ؛ لأنه لا يدخلهما سواهما من حروف النداء فصلنا للتمييز وإنما لا تدخله سواهما ؛ لأنه لما احتيج في المندوب إلى حرف النداء دخل عليه (يا) ؛ لأنه أشهر حروف النداء وأوسع مجالا ؛ لأنه لا يستعمل للقريب والبعيد ثم أرادوا النصوصية فجعلوا له حرفا يختص به ليحصل التوصية ويرفع اللبس وهو وا (نجم الدين).

(٤) حيث لم يشاهد النادب موته ولم يحصر أيضا جنازته ، بل إنما وصل إليه خبر موته بأن مات المندوب في البلدة التي لم يكن فيها النادب ووصل إليه خبر موته.

ـ لما سئلت أستاذي عن فائدة هذا القيد قال في الجواب حاصله أن المتفجع عليه وجود ألا يوجد بدون فقدان شيء ما وأما تخصيصه هنا بإضافته إلى المتفجع عدما لكون البحث هنا فيه (لمحرره).

(٥) والحسرة أن يركب الإنسان من شدة الندامة ما لا نهأية بعد حتى متحسرا (حال) (خلجالي).

(٦) (يا) حرف مندوب وحسرتاه مندوب مبنى على الضم تقديرا وعامله الندب.

(٧) أي : كلمة واختص بالمندوب ولا يستعمل في غيره فالباء داخل على المقصود وهو الأعرف الأشهر (عصمت).

(٨) قوله : (ممتازا به عن المنادى) حق التعبير أن يقال امتاز المندوب أو غير المندوب (بوا) مختصة بإدخال البا على المقصود وهو المتعارف الاستعمال على طريق تضمين معنى الامتياز للاختصاص وقاعدة التضمين أن يجعل المتضمن أصل فعل والمضمن فيه قيدا كما في هذا المقام (جلبي).


به (١) عن المنادى لعدم دخوله عليه ، بخلاف (يا) فإنه مشترك بينهما.

(وحكمه) اي : حكم المندوب (٢) (في الإعراب (٣) والبناء حكم المنادى) أي : مثل (٤) : حكمه ، يعني : إذا وقع المندوب على صورة قسم من أقسام المنادى (٥) ، فحكمه في الإعراب والبناء مثل : حكم ذلك القسم من المنادى ، كما إذا كان مفردا معرفة (٦) ، يضم ، وإذا كان مضافا مشبها به ينصب ، ولا يلزم من ذلك جواز وقوعه على صورة جميع أقسام المنادى ، ليرد أنه لا يندب إلا المعرفة.

(و) جاز (٧) (لك زيادة الألف في آخره) أي : في آخر المندوب (فإن خفت اللبس) أي : التباس (٨) ذلك اللفظ ـ عند زيادة الألف ـ بغيره عدلت (٩) الى حرف مد(١٠) مجانس لحركة آخر المندوب (١١) من كسرة أو ضمة ، كما إذا أردت ندبة غلام

__________________

(١) أي : باختصاص كلمة وا بالمندوب لعدم دخولها على المنادى (م)

(٢) وإنما كان حكمه حكم المنادى ؛ لأن المندوب مخصوص بالمتفجع عليه كما كان المنادى مخصوصا بطلب الإقبال فاستعمل لفظ المنادى في المندوب ، وكثيرا يحمل العرب بابا على باب آخر مع اختلافهما لاشتراكهما في أمر عام أو واحد (خوافي).

(٣) تميز أي : حكمه من حيث الإعراب والبناء وإطلاق التميز على مثل ذلك بناء على أن التميز لا يجب أن يكون منصوبا (خوافي هندي).

(٤) أشار إلى أنه من قبيل تشبيه البليغ أو حذف المضاف.

(٥) وأقسام المنادى أربعة أن يكون مفردا معرفة ، ومضافا ، وشبهه ، ونكرة.

(٦) مثال المفرد : وا زيداه ، ومثال مضاف : واعبد المطلباه ، ومثال المشبه بالمضاف : وا ضاربا زيداه ، فإن قيل: ضاربا نكرة فلا يندب عليه ، أجيب : بأنه يتعرف إذا قصد به معين (كاملة).

(٧) أي : جائز لا واجب سواء كان مع ياء أو واو ، وقال الأندلسي : يجب إلحاقها مع ياء لئلا يلتبس بالنداء المحض والأولى أن يقال إن دلت قرينة على الندبة مخبرا وإلا وجب الإلحاق (خوافي).

(٨) قول (أي : التباس) أشار بهذا إلى أن اللبس بمعنى الالتباس فتعين فيه فتح اللام وأما بضم اللام فهو بمعنى لبس الثوب أي : لباسه ، وإلى أن الألف واللام للعهد ، وإلى أن الفاعل والمفعول متروكان (جلبي).

(٩) قوله : (عدلت) إلخ. قوله : (كما إذا أردت) قدر للشرط المذكور جزاء ، وللجزاء المذكور شرطا لعدم الارتباط بينهما ؛ إذ لا يمكن جعل الجزاء علة لخوف الالتباس.

ـ أي : أعرضت عن زيادة الألف حذار عن الالتباس.

(١٠) غير الألف يدل على المد المطلوب في الندبة ولذا وصف الشارح بقوله : (مجانس) (توقادي).

(١١) والأظهر أن الواو والياء منقلبة من الألف لحفظ حركة آخر المندوب (ع ص).


مخاطبة (قلت : وا غلامكية) (١) لا غلامكاه لالتباسه بندبة (غلام) مخاطب.

واذا أردت ندبة غلام جماعة مخاطبين قلت : واغلامكموه ، إذ الميم أصلها الضم (لاغلامكماه) لالتباسه بندية (غلام) مخاطبين اثنين.

(و) جاز (٢) (لك الهاء) أي : الحاق (ها) بهذه المدات (في) حال (٣) (الوقف) لبيانها (٤).

(ولا يندب) من قسم المندوب المنوب المتفجع عليه عدما (٥) (إلا) الاسم (المعروف) الذي اشتهر المندوب (٦) به ، ليعذر النادب (٧) بمعرفته في ندبته ، والتفجع عليه.

(فلا يقال : (وا رجلاه) (٨) إلا إذا اشتهر بهذا اللفظ مندوب خاص انتقل الذهن

__________________

(١) قال وا غلا مكية (وا) حرف ندبة ، غلامك منصوب مضاف إلى الكاف والياء لتطويل الصوت والهاء للاستراحة حالة الوقف (تركيب).

ـ نبه بهذا المثال على أنه يجوز ندبة المضاف إلى المخاطب فإن المندوب لا يلزم أن يكون مخاطبا بل هو في الأغلب غير مخاطب بخلاف المنادى فإنه لا يجوز نداء المضاف إلى المخاطب لئلا يلزم خطابان في كلام واحد إلى شخصين ؛ إذ المنادى مخاطب ، قال المحققين ولا يبعد أن يكون هذا داعيا إلى إخراج المندوب من المنادى (عصمة الله).

ـ لما لم يكن المندوب مخاطبا في الحقيقة بل متفجع عليه جاز ندبة المضاف إلى المخاطب ، ولا يجوز في النداء المحض.

(٢) أي : جائز لك الهاء أي : هاء السكته لبيان حرف المد وهي الألف (هندي).

(٣) ظرف قوله : لك قوله : (جاز المقدر أو ظرف الحاق المقدر مضاف إلى الهاء) (ح هندي).

(٤) لأن وضع هاء السكته أما لبيان الحركة وأما لبيان حرف المد (سعد الله).

ـ ولا سيما الألف لخفائها فإذا جئت بعدها بهاء سكتة تبينت كما تبين بها الحركة تحذف وصلا وربما ثبتت في الشعر أما مكسورة ، أو مضمومة إجراء للوصل مجرى الوقف (لارى).

(٥) بخلاف المتفجع عليه وجودا نحو وا مصيبتا فإنه تندب أن يكن معروفة (إرشاد).

(٦) أي : بالعلم والكنية واللقب ولذا قال المصنف المشهور وأما نحو (وا) من قلع باب خبيراه وأما حكاه الكوفيون من وا رجلاه مسجاه فشّاذّ ؛ لأن اتصاله بالوصف ليس كالاتصال المضاف بالمضاف إليه ، ولهذا جاز الفصل بين الصفة والموصوف بغير الظرف في السعة (لمحرره).

(٧) قال أبو عبيد اعتذرته بمعنى عذرته واعتذرتنا أي : جعلنا ذا عذر (صحاح).

(٨) لأن الغرض إقامة عذر في ذلك وطلب موافقة من الغير وهما إنما يحصلا لكون هما معلوما ـ


اليه (١) ويعرف به ، ليعذر النادب بالندبة عليه.

(وامتنع) (٢) إلحاق الألف بصفة المندوب ، بل يجب أن يلحق بالموصوف مثل : وا زيداه الطويل ؛ لأن اتصاله بالصفة ليس كاتصال المضاف (٣) بالمضاف إليه ؛ لأنه جيء (٤) به لتمام المضاف ، فهو كالجزء ، بخلاف الصفة فإنه جئ بها بعد تمام الموصوف للتخصيص أو للتوضيح (٥) فلهذا جاز مثل : (يا أمير المؤمنيناه) ولم يجز مثل : (وا زيد الطويلاه) خلافا ليونس) فإنه يجوز الحاق الألف بآخر الصفة ، فإن اتصال الموصوف بالصفة وان كان في اللفظ انقص من الاتصال بين المضاف والمضاف إليه ، إلا أنه أتم منه من جهة المعنى (٦) لاتحادهما بالذات ، فإن الطويل هو زيد لا غير بحلاف المضاف والمضاف إليه فإنها متغايران(٧) بالذات.

__________________

ـ إلا أن يكون متفجعا به نحو : وا حسرتا ، فإنه لا يشترط التعريف فيه لفقدان الأمرين المقتضيين للتعريف (لباب).

(١) أي : إلى ذلك الشخص ؛ لأن المراد بقوله : (إلا الاسم المعروف الاشتهار بين الناس في حال حياته).

(٢) عطف على قوله : (لا يندب) دون قوله : (فلا يقال) وإلا يلزم أن يكون نتيجة لما سبق ليس كذلك (هندي).

(٣) وذلك أن المضاف والمضاف إليه تركيبا وصار مدلولها واحد ، فصار كالزاء من زيد حتى أنك لو فصلت أحدهما عن الآخر لم يفهم المدلول أصلا ، ليس كذلك الصفة والموصوف قال : الموصوف يستقل بالدلالة مع الذهول عن الصفة أو لم يأت إلا بعد تمام الأول وكما له فقد ظهر الفرق بين الصفة والموصوف والمضاف والمضاف إليه (نجم الدين).

(٤) قوله : (لأنه جيء به) إلخ ؛ لأن الاسم إنما يتم بالتنوين أو اللام ، أو بنون التثنية ، أو الجمع أو الإضافة بخلاف الصفة فإنه جيء بعد تمام الموصوف ، فلهذا جاز الفصل بين الصفة والموصوف في سعة الكلام دون المضاف والمضاف إليه (عصمت).

(٥) كما في المعارف غالبا فيكون الصفة أجنبية من الموصوف المندوب فلم يجز إلحاق الألف بآخر الموصوف ؛ لأن الألف الندبة لا تلحق إلا بأخر المندوب ، والمندوب ليس إلا الموصوف فتلحق بآخره سواء جيء بصفة أولا.

(٦) لأنه يطلق اسم الصفة على موصوفها ، ولا يطلق المضاف على المضاف إليه والصلة على موصولها (خوافي).

(٧) غالبا فإن الإضافة البيانية ... الأصل.


وحكى يونس : أن رجلا ضاع له قدحان ، فقال : واجمجمتي (١) الثاميتيناه. والجمجمة : القدح.

(ويجوز) لقيام قرينة (حذف حرف النداء إلا) (٢) إذا كان مقارنا (مع اسم الجنس) (٣) ونعني به : ما كان نكرة قبل النداء (٤) ، سواء تعرف بالنداء ك : (يا رجل) أو لم يتعرف (٥) مثل : يا رجلا ؛ لأن نداءه (٦) لم يكثر كثرة نداء العلم (٧) ، فلو حذف منه حرف النداء لم يسبق الذهن الى أنه منادى.

(والإشارة) (٨) أي : وإلا مع اسم الإشارة ؛ لأنه كاسم الجنس في الإبهام.

__________________

(١) من الحشب ويقال له أيضا : لعظم الرأس المشتمل على الدماغ ، ويقال لقبيل من العرب ، كذا في الصحاح لكن المراد هنا الأول واصله واجمجمتاه فلما أضيفتا إلى ياء المتكلم انتصب وسقط النون بالإضافة ، فصار وا جمجمتي المنسوبتين إلى الشام لكونهما معمولتين فيها أو محمولتين منها ، والشام اسم بلدة مشهورة وإنما يقال لها شام لكونها في شمال القبلة وكأنه مخفف من الشمال.

ـ والجمجم بالضم القحف والعظم فيه الدماغ وضرب من المكاييل والبئر يحفر في السبحة والقدح من حشب ودير الجماجم وعقرب الكوفة (قاموس).

(٢) أي : ياء لكونها أم الباب من المنادى إذا كان معلوما ولا يجوز حذف غيرها من غير الجنس قبل يعنى النكرة قبل النداء فيشمل (أيا) مع جواز الحذف منه إذا وصف بذي اللام (عافية) (امتحان).

(٣) وأكثر النحويون منعوه ولكن أجازه طائفة وتبعهم المصنف (شرح ألفيه).

(٤) لأن المعرف للجنس هو حرف النداء فحذفه ملتبس ولأن الياء فيه نائبة عن اللام في التعريف ، فلو حذف يلزم فيه حذف النائب والمنوب (هندي).

(٥) أي : لم يصر معرفة ؛ لأن دخول حرف النداء لا يوجب تعريف ما دخل عليه ما لم يقصد تعريفه وإذا لم يقصد يبقى على ما كان فلا يكون معرفة.

(٦) قوله : (لأن نداءه) إلخ. فيه أن هذا التعليل يقتضى اختصاص الحذف بالعلم وليس كذلك قد يقال لا يجوز الحذف من النكرة ؛ لأن حرف التنبيه إنما يستغنى عنه إذا كان المنادى مقبلا عليك متنبها لما يقول له ولا يكون هذا إلا في المتعرفة ولا من المعرفة المعرفة بحرف النداء ؛ إذ هي أذن حرف تعريف وحرف التعريف لا يحذف مما تعرف بها حتى لا يظن بقاؤه على أصل التنكير (لارى).

(٧) لأن الإنسان لا ينادى إلا من يعرف باسمه العلم أو بكنيته أو بلقبه ولا ينادي باسم جنس إلا نادرا.

(٨) (والإشارة) إلخ نحو : يا هذا لما مر من أن في نداء اسم الإشارة نوع كراهة ، فكان الأصل ـ


(والمستغاث والمندوب) لأن المطلوب فيهما مد الصوت وتطويل الكلام.

والحذف ينافيه ، فبقى على هذا من المعارف (١) التي يجوز فيها حذف حرف النداء ، العلم سواء (٢) كان مع بدل عن حرف النداء كلفظة (الله) فإنه لا يحذف منه إلا مع إبدال الميم (٣) المشددة منه ، نحو : اللهم ، أو بغير بدل (نحو (يوسف أعرض عن هذا) اي : يا يوسف (٤) (و) لفظة (أيّ) إذا وصفت بذى اللام نحو : (أيها الرجل) (٥) أي : يا أيها الرجل ، أو بالموصوف (٦) بذي اللام نحو : (أيهذا الرجل) أي : يا أيهذا الرجل ،

__________________

ـ يا ايهذا فحذف المتوسط اختيارا للكراهة اليسيرة للتخفيف فلو حذف منه حرف النداء يلزم تكثير الحذف أو لأنه موضوع في الأصل لما يشار إليه للمخاطب وبين كونه مشار إليه وكونه منادى مخاطبا تنافر فلما أخرج عن أصل وضعه يجعله مخاطبا بسبب النداء احتيج إلى علامة ظاهرة دلالة على ذلك وهي حرف النداء فلم يجز حذفها منه خلافا للكوفيين فأنهم جوزوا ذلك واستدلوا عليه بقوله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ)[البقرة : ٨٥] فرد عليهم بأنه لم لا يجوز أن يكون خبر أنتم وأن يكون منصوبا بإضمار أعني للاختصاص (عافية شرح الكافية).

(١) وهو حال من العلم يعنى بقى العلم لفظة أي : (إذا وصف) إلخ والمضاف إلى أي : معرفة والموصولات حال كون هذه المذكورات من المعارف التي يجوز حذف حرف النداء (قدمي).

(٢) قوله : (سواء كان مع بدل) يعني أن جواز الحذف أعم من أن يكون مع بدل أولا فلا يرد ما قاله الشيخ الرضي من أن المصنف لم يذكر لفظة الله فيما لا يحذف منه الحرف وهي منه ؛ لأنه لا يحذف منه إلا مع إبدال الميمين منه في آخره (لارى).

(٣) وتعويض الميم المشدّة من حرف النداء من خصائص هذا الاسم الشريف فلا يجوز التعويض المذكور في غيره (شيخ زاده).

ـ وإنما قلبوا (يا) بالميم ؛ لأنه آخر كلمة الخطاب نحو ذا كم غلامكم والمنادى في حكم الخطاب وإنما قلبوا بميمين ؛ لأنهما عوضان عن حرفين وهما بالمد (رسالة التشهد).

(٤) أي : (يا يوسف) إلخ قيل : هو عبري وقيل عربي وفيه أنه لو كان عربيا يتصرف فيه إذ ليس فيه إلا العلمية وقد يدفع بأنه يجوز أن يكون معدولا من آسف يؤسف من الأقعال بكسر السين (عصمت).

(٥) فإن قلت : أليس يلزم التباس المبتدأ قلت : لا لوجود ما يمنعه في المقام ؛ لأن الشرط الحذف وجود الإقبال كما مر بخلاف المبتدأ ، هذا كما عرفت على سبيل الجواز ويجب في اللهم لوقوع الميم خلفا عنه (عوض أفندي).

(٦) قوله : (أو بالموصوف بذي) إلخ أي : بقى لفظة أي : إذا وصف بالموصوف الذي وصف بذي اللام أيضا أي : كما يبقى إذا وصف الموصوف بذي اللام وهو الرجل (قدمي).


فلا يجوز الحذف من (أيهذا) من غير أن يوصف (هذا) بذي اللام (١).

والمضاف الى أي معرفة (٢) كانت نحو : (غلام زيد افعل كذا).

والموصولات نحو : (من لا يزال محسنا أحسن الي).

وأما المضمرات (٣) فشذ نداؤها نحو : (يا أنت) و (يا اياك) ،

(وشذ) حذف حرف النداء من اسم الجنس في : (أصبح ليل) (٤) أي : صر صبحا يا ليل ، حذف حرف النداء من الليل مع أنه اسم جنس شذوذا ، قالته امرأة امرئ القيس حين كرهته.

(و) في (افتد مخنوق) أي : يا مخنوق.

قاله شخص وقع في الليل على نائم مستلق فخنقه ، وقال : افتد مخنوق حذف حرف النداء من (مخنوق) مع انه اسم جنس شذوذا.

(و) في (أطرق كرآ) أي : يا كروان (٥) وفيه شذوذان : حذف حرف النداء من اسم الجنس وترخيم غير العلم.

__________________

(١) وقد عرفت أن اسم الإشارة لا يحذف منه حرف النداء وكذا هذه وإذا وصف بذي اللام صار معرفة وكذا أي: وأية اسم جنس وإذا وصف به صار أيضا معرفة فلزم اتصاف أي : وأية وهذا وهذه بذي اللام إذا أريد حذف حرف النداء منها (توقادي).

(٢) من المعارف التي هي المضمرات والعلم الخاص والمبهم والمعرف باللام والمضافة إضافة معنوية ؛ لأنه حينئذ يكون معرفة أيضا فيدخل في المعارف التي يجوز حذف حرف النداء منها (توقادي).

(٣) هذا جواب سؤال مقدر كأنه قيل : لم لا يحذف حرف النداء من المضمرات مع كونها معرفة فأجاب الشارح بقوله : (فشذ) الخ (رضا).

(٤) قوله : (أصبح ليل) قال الميداني ذكر المفضل ابن محمد بن يعلى الضبي أن امرأ القيس بن حجر الكندي كان رجلا مفركا لا يحبه النساء ولا تكاد امرأة تصبر معه فتزوج امرأة من طي فابتنى بها فأبغضته من ليلتها وكرهت مكانها معه فجعلت تقول يا خير الفتيان أصبحت أصبحت فيرفع رأسه فينظر إلى السماء فإذا الليل كما هو فتقول أصبح ليل ، قال : لها قد علمت ما ضيعت الليلة ، وقد عرفت ما ضيعت ، كأن كراهة مكان في نفسك فما الذي كرهت مني ، قالت : ما كرهتك فلم يزل بها حتى قالت كرهت منك أنك ضعيف العجز ثقيل الصدر ، سريع الإراقة ، بطي الإفاقة ، فلما سمع ذلك منها طلقها وذهب قولها : أصبح ليل مثلا (وجيه الدين).

(٥) لأن المراد هنا بالكروان الجنس باعتبار الاصطياد والمعنى يا جنس الكروان ، لا العلم الشخصي كما في الترخيم ؛ لأن المراد بالكروان في الترخيم العلم الشخصي لا الجنس (لمحرره).


قيل : هي رقية (١) يصيدون بها الكروان

يقولون (أطرق كرا ، (٢) أطرق كرا ، إن النعام (٣) في القرى) فيسكن (٤) ويطرق حتى يصاد والمعنى (٥) : أن النعام الذي هو اكبر منك قد اصطيد وحمل الى القرى فلا تخلى ايضا.

(وقد يحذف (٦) المنادى لقيام قرينة جوازا (٧) نحو : (ألا يا اسجدوا) (٨) بتخفيف (ألا) على أنه حرف تنبيه ، و (يا) حرف نداء ، أي : يا قوم اسجدوا.

والقرينة : امتناع دخول (يا) على الفعل بخلاف (٩) قراءاته (ألا يسجدوا) بتشديد اللام ـ ؛ لأنه ليس من هذا الباب ، فإن (أن) ناصبه للمضارع ، أدغمت نونها في لام (١٠) (لا يسجدوا) ، و (يسجدوا) فعل مضارع سقط نونه بالنصب.

(والثالث) (١١) من تلك المواضع الأربعة التي وجب حذف ناصب المفعول به فيها

__________________

(١) قوله : (رقية) إذا سمعها تلبد بالأرض فيلقى عليه ثوب فيصاد) صار مثلا لمن يكبر وقد تواضع من هو أشرف منه (عصمت).

(٢) تأكيد لفظي وكرا مرخم كروان على لغة من يقول يا حار بالضم وقد مر.

(٣) بالفتح وبالكسر يذكر ويؤنث ونعام اسم جنس مثل حمام وحمامة وجراد وجرادة.

(٤) عن الحركة والطيران إذا سمع هذه الرقية أما لإصغائه إليها وأما لكمال حماقته.

(٥) قيل معناه إن ذكر الخبارى طويل العنق فيراد : بأطراق أخفض عنقك للصيد فإن النعام أطول منك أعناقا وقد اصطيد (عصمت).

(٦) ولما فرغ بيان جواز حذف حرف النداء وعدمه شرع في حذف المنادى.

(٧) لأنه مفعول به في الحقيقة فكما جاز حذف المفعول به جاز حذفه أيضا وذلك إذا وقع بعده الأمر (عافية).

(٨) على قراءة الكسائي فإنه يخفف إلا ويقف على يا ويتبدا يا اسجدوا وانضموا الهمزة (غجدواني).

(٩) جواب عن سؤال مقدر وهو أنك لم قلت : بالتخفيف يقرأ بالتشديد فأجاب عن ذلك بقوله : (بخلاف قراءة التشديد) (داود).

(١٠) (أَلَّا يَسْجُدُوا)[النمل : ٢٥] مفعول لا يهتدون الذي قبله ولا زائدة أو بدل من أعمالهم أو متعلق بصدهم أو زين بتقدير اللام (عصمت).

(١١) من قبيل ذكر المحل وهو المواضع وإرادة الحال وهو المفعول به.


(ما) أي : مفعول به (أضمر) أي : قدر (عامله) الناصب له (على شريطة (١) التفسير) (٢) الشريطة والشرط واحد ، واضافتها الى التفسير (٣) بيانية ، اي : أضمر (٤) عامله بناء على شرط ، وهو تفسيره اي : تفسير العامل بما بعده.

وانما وجب حذفه حينئذ احترازا عن الجمع (٥) بين المفسّر (٦) والمفسّر.

(وهو) اي : ما أضمر عامله على شريطة التفسير (كل اسم بعده فعل أو شبهه)(٧)

__________________

(١) أي : إضمار واقعا على شريطة وهو تفسيره بما بعده فهو من قبيل إضافة العام إلى الخاص (هندي).

(٢) مأخوذ من الفسر وهو مقلوب من السفر وهو الكشف والإظهار يقال فسر الصبح إذا اختار حدا ، وسمى السفر سفر الظهور ، خلاف الرجل فيه ، قيل : الفسر إظهار المعاني للعقول والفسر إبراز الأعيان للأبصار.

(٣) أي : كل موضع فيه المضاف لفظ شريطة أو شرط أو سبب مثل قولك : بشرط كذا وبسبب كذا فالإضافة بيانية.

(٤) قوله : (أي : أضمر عامله) إلخ. إشارة إلى أن قوله : (على شريطة) ظرفه مستقر متعلق بالبناء المقدر ، أما باعتبار كونه مفعولا له للإضمار أو مفعولا مطلقا له ، وتقديره وبنى الكلام بناء على شريطة التفسير ويجوز أن يكون الظرف لغوا متعلقا يا ضمر على أن يكون على بمعنى مع (عصمت).

(٥) فإن قيل : قد اجتمع المفسر والمفسر في قوله تعالى : (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ)[يوسف : ٥]. قلنا إن رأيت الثاني كان جوابا للأول فكأن سائل سأل كيف رأيت وكان في جوابه رأيتهم لي ساجدين أو لم يحصل العلم عند السامع وإعادة الفعل الثاني للتأكيد (اقليد).

ـ ولا يرد النقض بقوله تعالى : إلى رأيت الآية ؛ لأنه ليس من هذا الباب ؛ لأن الجملة الثانية لم يأت لمجرد التفسير بل أتى بها لتبيين الجملة الأولى قبل تمامها باعتبار ما تعلقت به من كونهم (عبد) ساجدين له ، كقولك : علمت زيدا علمته كاتبا.

(٦) وإنما وجب حذف الفعل المفسر بالفتح لا المفسر مع أن حذف الثاني هو الأولى حيث لا يحتاج ح إلى تكلف الاعتماد ليكون أولا في الكلام إجمال وإبهام وثانيا تفصيل وتفسير ، وذلك ؛ لأنه أوقع في الذهن وأمكن في النفس المنساق بعد الطلب أعني من المنساق بلا طلب. (توقادي).

(٧) وإنما قال أو شبهه ليدخل فيه مثل قولنا زيدا محبوس أنت عليه ، فإن زيدا ههنا اسم ليس بعده فعل لكن بعده شبه الفعل وهو محبوس ؛ لأن الاسم المفعول شبه الفعل كما يجيء في موضعه ونعني ليشبه الفعل اسم الفاعل والمفعول وأما المصدر فلا يكون مفسرا في هذا الباب ؛ لأن ـ


احترز به عن نحو : (زيد أبوك) ولا يريد به أن يليه الفعل أو شبهه متصلا به ، بل أن يكون الفعل أو شبهه جزء الكلام الذي بعده نحو : (زيدا ضربه) و (زيدا انت ضاربه) (مشتغل) ذلك الفعل أو شبهه (عنه) أي : عن العمل في ذلك الاسم (بضميره) أي : بالعمل في ضميره (أو في متعلقه) (١) أي : متعلق ذلك الاسم ، أو متعلق ضميره (٢). وحاصله : أن يكون الفعل أو شبهه مشتغلا بالعمل في ضمير ذلك الاسم أو متعلقه فارغا عن العمل فيه بسبب (٣) ذلك الاشتغال لا بسبب آخر بحيث (لوسلط) بمجرد رفع ذلك الاشتغال (عليه) أي : على ذلك الاسم (هو) أي : أحد الأمرين ، الفعل أو شبهه بعينه (أو مناسبه) (٤) أي : ما يناسبه بالترادف (٥) أو اللزوم (لنصبه) أي : لنصب أحد هذين الأمرين

__________________

ـ ما لا ينتصب بنفسه لا يفسر ، والمصدر لا ينصب ما تقدمه لا أسماء الأفعال لا تعمل فيما قبلها فهي لا تفسر عاملا فيه (متوسط خوافي).

(١) قال وفي متعلقه ليدخل فيه مثل قولنا زيدا ضربت غلامه ، فإن زيدا اسم بعده فعل غير مشتغل عنه بضميره لكنه مشتغل بمتعلق ذلك الاسم وهو الغلام ، فلو لم يقل أو في متعلقه لخرج عنه وهو منه أي : مما أضمر عامله (لمحرره).

(٢) قوله : (أو متعلق ضميره) في هذا التوجيه تصريح بالتزام الضمير وتعلقه بالضمير ، بأن يكون الضمير بأن يكون الضمير من تتمته بوجه ما ، ويتصور ذلك بوجوه منها ، أن يكون المتعلق مضافا إلى الضمير سواء كان ذلك المتعلق معمولا بالأصالة للفعل أو شبهه ، نحو : زيدا ضربت غلامه ، أو بالتبعية نحو : زيدا ضربت عمرو أو غلامه ، ومنها أن يكون المتعلق موصولا أو موصوفا لعامل الضمير ومعطوفا عليه ، موصولا لعامل الضمير أو موصوفة نحو زيدا لقيت عمر أو الذي يضربه ، أو رجلا يضربه (عب).

(٣) قوله : (بسبب ذلك) الاشتغال لا بسبب أخر ، هذا احتراز عن زيد ضربته فإن ضربته ليس معروضا عن زيد بسبب الاشتغال بضمير بل يعمل الابتداء فيه وإنما احترز عنه ؛ لأنه ح كون زيد مرفوعا ليس شريطة التفسير (وجيه الدين).

(٤) قوله : (أي : ما يناسبه بالترادف) نحو : مررت به فإن جاوزت مناسب بمررت بعد تعديته بالباء ومرادف لها لا بمجموعها ، مررت بالباء وماجر ، لأن مررت وحده بمعنى جاوزت ، إلا أنه بواسطة الباء فلا يرد ما قبل إن فيه مساهلة ، لأن الترادف في المفردات (وجيه الدين).

ـ أي : أو فصل يناسب الفعل الناصب وفيه إشارة إلى أن اسم الفاعل في معنى المضارع تكون عاملا لاعتماده على الموصوف المقدر ، والمناسبة أما بالترادف) إلخ.

(٥) ليدخل فيه مثل زيدا مررت به أو حسبت عليه فإن زيدا اسم بعده فعل مشتغل عنه بضميره لكنه إذا سلط عليه لنصبه ، لكن مناسب ، وهو جاوزت أو لازمت ، لو سلط عليه لنصبه (متوسط).


الاسم بالمفعولية كما هو (١) الظاهر المتبادر (٢).

فبقيد الاشتغال بالضمير أو متعلقه خرج نحو : (زيدا ضربت) وبقيد الفراغ عن العمل فيه بمجرد ذلك الاشتغال خرج نحو : (زيد ضربته) ، فإن المانع من عمل (ضربته) في (زيد) ليس مجرد اشتغاله بضميره ؛ لأن عمل معنى الابتداء فيه ورفعه إياه أيضا مانع عن ذلك.

وبتقييد النصب بالمفعولية خرج خبر كان في نحو : (زيدا كنت إياه) وهنا صور أربع(٣) :

أحداها : اشتغال الفعل بالضمير مع تقجير تسليطه بعينه.

والثانية : اشتغاله بالضمير مع تقدير تسليط ما يناسب الفعل بالترادف.

والثالثة : اشتغال الفعل بالضمير مع تقدير تسليط ما يناسب الفعل بالزوم.

والرابعة : اشتغال الفعل بالمتعلق ، ولا يتصور حينئذ (٤) إلا تقدير تسليط الفعل

__________________

(١) أي : كل من الثلاثة ، أي : (فارغا) إلخ (وبمجرد رفع) إلخ وبالمفعولية قيد بهذه الثلاثة تقييدا مثل التقييد (قدمي).

(٢) من قيود المتن ؛ لأن المتبادر من البعدية أن الولي ليس بشرط بل الشرط أن يكون أحدهما واقعا بعده سواء كان متصلا به أولا ، ومن الاشتغال عنه بضميره أو متعلقه ما فسر ، وبين ومن التسليط أن يكون بمجرد ذلك الاشتغال لا بغيره ومن المناسبة بالترادف واللزوم ومن النصب ، نصب أحد الأمرين الاسم بالمفعولية فقوله : (كل اسم بعده فعل أو شبهه جنس) (م).

(٣) جمع صورة ، وهي المثال يقال صورة ، تصويرا أي : مثله وصورة الشيء توهمت صورته فتصورى والتصاوير التماثيل (م).

ـ أي : داخل في تعريف ما أضمر عامله ، وإن كان باعتبار شبه الفعل يكون صورة آخر ، لكن لما لم يتعلق الغرض به ولم يلتفت المصنف إلى مثله ، عدّ الشارح ما كان بعد الفعل وشبه الفعل صورة واحدة ، ولم يلتفت أيضا إلى اجتماع الصور الثلاث والاثنين ، بأن يصح في مادة واحدة تسليط نفس الفعل وتسليط مرادفه وتسليط لازمه أيضا ، أو يصح تسليط لازمه مع مرادفه أو مع نفسه ، أو نفسه مع مرادفه ؛ لأنه لما صح تسليط نفسه لا يصار إلى تسليط مرادفه ولازمه لما صح تسليط مرادفه لا يصار إلى تسليط لازمه (عصمت).

(٤) جواب عن سؤال مقدر ، تقديره أن الفعل المشتغل بالضمير انقسم ثلاثة أقسام : تسليط بعينه وبمرادفه ، وبلازمه حتى صارت أمثلة ثلاثة كما عرفت ، فلزم منه أن ينقسم ما يقابله أعني ـ


المناسب باللزوم (١) ، ولهذا أورد المصنف أربعة أمثلة ، ثلاثة منها للمشتغل بالضمير بإقامة الثلاثة ، وواحد للمشتغل بالمتعلق.

والأحسن (٢) في ترتيبها حينئذ تأخير مثال المشتغل بالمتعلق ، كما لا يخفى (٣) وجهه(٤)(نحو : (زيدا ضربته) مثال الفعل المشتغل بالضمير مع تقجير تسليطه بعينه.

(و (زيدا مررت به) (٥) مثال الفعل المشتغل بالضمير مع تقدير تسليط ما يناسبه بالترادف ، فإن (مررت) بعد تعديته بالبناء مرادف ل (جاوزت).

(و (زيدا ضربت غلامه) (٦) مثال الفعل المشتغل بالمتعلق (٧).

(و (زيدا حبست عليه) مثال الفعل المشتغل بالضمير مع تقدير تسليط ما يناسبه باللزوم ، فإن حبس الشيء على الشيء يلزمه ملابسته للمحبوس عليه (٨).

__________________

ـ الفعل المشتغل بالمتعلق ثلاثة أقسام أيضا ، حتى صارت أمثلة ثلاثة بعينه ، وبمرادفه ، وبلازمه فتكون الصور ستا ثلاث منها للمشتغل بالضمير وثلاثة منها للمتعلق ، فأجاب عنه بقوله : (ولا يتصور) (توقادي).

(١) لأنه لا يمكن تسليط الفعل بعينه ؛ لأنه لا يلزم من ضرب غلام زيد ضرب زيد ، حتى يكون التقدير ، ضربت زيدا ضربت غلامه ، ولا يمكن أيضا تسليط ما يناسب الفعل بالترادف ؛ لأن ذلك يكون بالمرور المتعدي بالباء ولأنه ليس لضرب غلام زيد رديف فيقدر ، فانتفى القسمان ، التسليط بعينه ، والتسليط بمرادفه من المشتغل بالمتعلق ، فبقي قسم واحد منه وهو التسليط بلازمه ؛ لأن ضرب غلام زيد يستلزم إهانة زيد غالبا ولذا صارت الصور أربعا.

(٢) قوله : (والأحسن) الخ لكن أخرج عنه مثل زيد حسبت عليه ، ليكون الأفعال المعلومة في طرز واحد ولم يتخلل بينها الفعل المجهول.

(٣) الكاف فيه وفي نظائره من قولهم : كما هو ظاهر بمعنى اللام أي : لا يخفى من الدليل الظاهر.

(٤) ووجهه الغير الخفي المقتضى سوق الكلام خلوص أقسام المشتغل بالضمير من الفصل بينهما بما ليس منها (ع ص).

(٥) أصله : جاوزت زيدا مررت به فحذف المرادف أي : جاوزت بوجود مفسره (إبراهيم).

(٦) مثال لما نصب بلازم معنى المفسر وهو أهنت ، فإن ضرب الغلام من لوازمه الإهانة.

(٧) ولو سلط ضربت على زيدا في هذه الموضع لنصب لكن لا يصح المعنى لأنك لم يقصد أنك ضربت زيدا نفسه بل قصدت إلى أنك آهنته بضرب غلامه (رضى).

(٨) لأنه لا يحبس أحد بجرم أحد بدون تعلقه به ، لقوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)[الأنعام : ١٦٤] كأن يكون رفيقا له أو مستكنا أو جاسوسا أو غير ذلك ، فإن كون المتكلم محبوسا لأجل زيد يؤذن بتعلقه ومناسبته له.


(ينصب) (١) (زيد) (٢) في هذه الأمثلة (بفعل يفسره ما بعده (٣) ، أي : ضربت) يعني : الفعل المفسر الناصب لزيد في : زيدا ضربته (ضربت) المقدر.

فان الأصل (٤) فيه (ضربته) أضمر (ضربت) الأول لوجود مفسره ، أعني : (ضربت) الثاني (و) على هذا القياس (جاوزت) (٥) فإنه مفسر بما يرادفه ، أعني : مررت به (وأهنت) (٦) فإنه مفسر بما يستلزمه أعني : ضربت غلامه ، فإن ضرب الغلام يستلزم إهانة (٧) سيده.

(ولا بست) (٨) فإنه مفسر بما يستلزمه أعني : حبست عليه.

ثم أن الاسم الواقع في مظان (٩) الاضمار على شريطه التفسير إما المختار ، أو الواجب فيه الرفع (١٠) ، أو النصب ، أو يستوى فيه الأمران.

__________________

(١) ولما فرغ من تعريف ما أضمر عامله على شريطة التفسير والاستشهاد بالأمثلة على الصور الأربع ، شرع في بيان الفعل المضمر ليكون أبلغ في الإيضاح فقال وينصب.

(٢) الأولى زيدا ؛ لأن ضمير ينصب راجع إليه فيكون زيدا المذكور في الشرح بدلا منه فينبغي أن يكونا متحدين صورة كما يدل عليه قوله : (في هذه الأمثلة) (داود).

(٣) ظرف مستقر فاعله إلى ما ، والجملة صلة ما ، أو مرفوعة المحل صفته والضمير لبعده راجع إلى المستكن في ينصب وإلى فعل (زيني زاده).

ـ إشارة إلى أن المفسر قد يكون مبنيا للمفعول مع أن المفسر مبني للفاعل (ه ح).

(٤) علة كون ضربت مقدرا ههنا ويحتمل أن يكون علة الإرادة المصنف ضربت المقدر.

(٥) باعتبار القول مبتدأ أي : قوله : (جاوزت) المقدر في قولك : زيدا مررت به.

(٦) من الإهانة التحقير ، لا من الإيهان ، يقال أوهنه أضعفه ، ومنه قوله تعالى : (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ)[العنكبوت : ٤١].

(٧) أي : لو قدرته ضربت فيه كذبت في القضية لأنك إنما ضربت غلامه لا زيدا (غجدواني).

ـ غالبا ؛ لأن بعض الأحبة الصادقين في المحبة يؤدبون غلمان أصدقائهم بالضرب وغيره.

(٨) وكذا في ضربت أخاه أو صديقه أو ما يجري ذلك المجرى بخلاف ما إذا قلت : زيدا ضربت عدوه ؛ إذ ليس المعنى آهنت زيدا بل المعنى أكرمت زيدا ضربت عدوه ولم يستقم واحد مما ذكرناه (خوافي).

(٩) قوله : (في مظان) أي : في مواضع يظن في بادي النظر من قبيل الإضمار على شريطة التفسير وأن لم يكن فيه في الواقع وإلا لا يصح أن يقال ويختار) إلخ. بعد الوقوع على شريطة التفسير ؛ لأنه ح وجب النصب ، والظن يحتمل الصدق والكذب.

(١٠) ولا يكون لزوم الرفع ؛ لأن الباب معقود للمفعول به المنصوب بفعل مقدر قلا يستقيم لزوم الرفع ؛ لأنه يخرجه من حقيقته (نجم الدين).


وإلى هذه الصور الخمس أشار المصنف فقال :

(ويختار) (١) في الاسم المذكور (٢) (الرفع بالابتداء) أي : بكونه مبتدأ (٣) ؛ لأن تجرده عن العوامل اللفظية يصحح رفعه (٤) بالابتداء ويرجح (عند عدم قرينة خلافه) أي : قرينة ترجح خلاف الرفع ، يعنى : النصب ؛ لأن قرينتي (٥) الصحة فيهما متساويتان ؛ لأن وجود ما له صلاحية التفسير قرينة مصححة للنصب ، فمتى لم ترجح النصب قريبة أخرى يرجح الرفع لسلامته (٦) عن الحذف نحو : (زيد ضربته).

(أو عند وجود) القرينة المرجحة من الجانبين ، ولكن تكون القرينة المرجحة للرفع (أقوى (٧) منها) أي : من القرينة المرجحة للنصب (٨) ...

__________________

(١) والمصنف ابتدأ بما يختار رفعه ؛ لأن الرفع هو الأصل لعدم احتياج إلى حذف العامل.

(٢) ويرجح عليه الرفع الحاصل بالابتداء أي : بالعامل المعنوي المسمى بالابتداء وهو تجريد الاسم عن العوامل اللفظية للإسناد فيكون إشارة إلى عامل الرفع أو المراد بالابتداء المعنى المقتضى للرفع وهو الابتدائية (جلبي).

(٣) أي : اسما مجردا عن العوامل اللفظية مسندا إليه بأن يكون لفظ الابتداء مصدر ابتدأت بالاسم أي : جعلته مبتدأ كما تقول أعربت الاسم أعرابا (مصطفى).

(٤) قوله : (رفعه) بالابتداء غاية الظهور يعني أن زيدا في قولك : زيد ضربته ، وقع بحيث يصح فيه اعتبار تجرده عن العوامل اللفظية للإسناد ، حيث لم يوجد عامل لفظي ظاهر فلا يرد ما أورده عليه من أنه لا بد له من قيد للإسناد ، وإن قوله : (لأن تجرده) إلخ. يوجب رفعه بالابتداء فكيف يصح قوله : (رفعه) ولا يحتاج إلى أن يقال المراد صحة تجرده يصحح رفعه فتدبر ولا تتخير.

(٥) وهما التجرد عن العوامل اللفظية وجود صلاحية التفسير فلا مرجح للنصب فرجح الرفع لسلامته عن الحذف (تأمل).

(٦) قوله : (لسلامته عن الحذف) يعني الذي يخالف الأصل إن قلت : على تقدير الرفع أيضا يلزم خلاف الأصل وهو كون الخبر جملة ، قلنا هب أنه كذلك لكن وقوع الجملة خبرا أهون من حذفها لما فيه من حذف المسند والمسند إليه ، وفيه أنه يلزم خروج مثل زيد ضربته عن هذه الضابطة واندراجه في الضابطة التي تليها (عصمت).

(٧) مجرور بالفتحة تقديرا لكونه غير منصرف مضاف إليه لوجود ، أو منصوب تقديرا لكونه خبر منصوب تكون في الشرح باعتبار المزج (لمحرره).

(٨) يعني : القرينتان من الجانبين وأن تساوا في الترجيح إلا أن قرنية الرفع تكون أقوى من قرنية النصب فيكون الرفع أقوى (توقادي).


(كأما) (١) الداخلة على ذلك الاسم (مع غير الطلب) (٢) أي : بشرط أن لا يكون الفعل المشتغل عنه طلبا ، كالأمر (٣) والنهي ، والدعاء نحو : (لقيت (٤) القوم وأما زيد (٥) فأكرمته) فالعطف على الفعلية قرينة للنصب (٦) ، وكلمة (أما) قرينة للرفع وهي أقوى ؛ لأنها لا يقع بعدها غالبا إلا المبتدأ بخلاف (٧) عطف الاسمية على الفعلية فإنه كثير الوقوع (٨) في كلامهم مع أنها تأيدت بالسلامة عن الحذف أيضا. وانما قال (مع غير الطلب) احترازا عما إذا كانت مع الطلب نحو : (أما زيدا فاضربه) فإن المختار حينئذ هو النصب ، فإن الرفع (٩) ...

__________________

(١) اعلم أن أما على ضربين : أحدهما للطلب ، وهو ما يكون جوابه للتأكيد كقوله : (أما زيد فاضربه) ، والثاني لغير الطلب : وهو ما يكون جوابه إخبارا كقولك أما زيد تضربه.

(٢) ظرف مستقر حال ، من أما أو مجرور المحل صفة أما ، أو ظرف لغو مفعول فيه للظرف المستقر (م ع).

(٣) قوله : (كالأمر والنهي والدعاء) وخص الطلب بها ؛ لأنها إذا كانت مع غيرها كالاستفهام مثلا لم يكن من هذا الباب لامتناع التسليط على الاسم (عب).

(٤) كون أما هذه ، وإذا هذه قرنية اختيار الرفع ، إنما يكون فيما إذا كان قبلها جملة فعلية لا اسمية (ح ه).

ـ ولو مثل بنحو : قام زيد ، وأما عمرو فقد أكرمته كما مثل به الرضي ، لكان أوضح لئلا يتوهم أن أما هنا للتفصيل مع أنه ليس كذلك بل هو للاستيناف ولذا دخل عليه الواو (داود).

(٥) فإن قرنية الرفع ليست بأقوى بمعارضة لزوم كون الإنشاء خبرا سلامة ، لكن الحذف أهون من لزوم كون الإنشاء خبرا لكثرته وقلة وقوع الإنشاء خبرا للمبتدأ (حواشي هندي).

(٦) يعني : وجود ما له صلاحية التفسير يصحح النصب ، وكون المعطوف عليه وهو لقيت ، جملة فعلية قرنية ترجح نصب زيد لرعاية التناسب بين الجملتين في كونهما فعليتين وتجرده عن العوامل اللفظية يصحح الرفع (م).

(٧) كأنه قيل : يلزم عطف الاسمية على الفعلية وهي قرنية غير أقوى بخلاف قرنية النصب وهي أقوى منها ؛ لأنه يلزم عطف الفعلية ، على الفعلية فأجاب بقوله : (بخلاف عطف الاسمية على الفعلية) (قدمي).

(٨) يعني : لا يلزم من الرفع في الاسم الواقع بعد أما حمل الغالب على النادر بخلاف النصب فإنه يلزم حمل الغالب على النادر (تأمل).

(٩) قوله : (فإن الرفع يقتضي) إلخ. أو أن الجملة الطلبية قلما تكون اسمية لاختصاص الطلب بالفعل ، ألا ترى إلى اقتضاء حروف الطلب للفعل كحرف الاستفهام والعرض والتخصيص ولا يعارضه السلامة عن الحذف لكثرة وقوعه في كلامهم (عب).


يقتضى وقوع الطلب خبرا ، وهو لا يجوز (١) الا بتأويل.

أو مثل (٢) (أما) مع غير الطلب (اذا) الواقع على الاسم المذكور (للمفاجأة) في كونه من أقوى القرائن مثل : (خرجت فاذا زيد يضربه (٣) عمرو) فإن المختار فيه الرفع فإن (إذا المفاجأة) لا تدخل إلا على الجملة الإسمية غالبا (٤) ، وما وقع في بحث الظروف من أن (اذا المفاجأة) يلزم بعدها الاسمية فالمراد بلزوم الاسمية (٥) غلبة وقوعها بعدها فلا تناقض.

(ويختار النصب) في الاسم المذكور (بالعطف) (٦) أي : بسبب عطف جملة هو فيها (٧) (على جملة فعلية) متقدمة (للتناسب) أي : لرعاية التناسب بين الجملة المعطوف(٨) ...

__________________

(١) بحال من الأحوال ؛ لأن ما يكون خبرا يجب أن يكون موجودا قبل الإخبار والإنشاء لم يكن موجودا قبله وما لم يكن موجودا قبل الإخبار لم يكن خبرا (توقادي).

(٢) عطف على قوله : (كأما) يعني من القرنية التي كان الرفع معها مختار عند وجود قرنية النصب المختار (عافية).

(٣) فإن تجرد زيد عن العوامل اللفظية قرنية مصححه لرفعه بالابتداء ، ووجود ما له صلاحية التفسير بعده قرنية مصححه لنصبه ، والعطف على الفعلية قرنية مرجحة للنصب وإذا المفاجأة قرنية مرجحة للرفع وهي أقوى ؛ لأنها لا تدخل إلا على الجملة الاسمية مع أنها مؤيدة بالسلامة عن الحذف (م).

(٤) وإنما قلنا أن الأكثر بعد إذا المفاجأة وقوع الإسمية بناء على سماع النصب بعدها وإلا فالقياس بعدها وجوب الرفع للزوم الاسمية في غير هذا المواضع ، فإن قيل : قد ذكر في بحث الظروف ، إذا المفاجأة ، يلزم بعدها الاسمية ، ويفهم هنا رجحانها لا لزومها ، وهذا يناقض قلنا المراد باللزوم فيه غلبة الاستعمال لاعتبار المثنى على الترجيح لا اللزوم الحقيقي فلا يناقض (هندي).

(٥) أو التخصيص اللزوم بما عدا باب الإضمار على شريطة التفسير لورد النصب ههنا (عصمت لارى).

(٦) وإنما اختير النصب هنا ليكون الجملة الثانية مصدرة بالفعل تقديرا ويناسب المعطوف مع المعطوف عليه (غجدواني).

(٧) ولم يفصل بين العاطف والاسم ، فلو فصل بينهما كان الاسم كما لم يتقدمه شيء.

(٨) لأن على تقدير النصب يقدر فعل ، فيكون الجملة الحاصلة من ذلك فعلية ، فيوجد التناسب بينهما ، وأما إذا رفع ذلك الاسم لا تكون تلك الجملة فعلية ، فلم يوجد التناسب نحو لقيت القوم وزيدا مررت به ، والتناسب أمر مهم عندهم ، لا يكرهون حذف الفعل معه ولأن الحذف أن كان خلاف الأصل لكنه كثير (شرح الكافية عافية).


عليها في كونهما فعليتين نحو : (خرجت فزيدا لقيته) (١) (وبعد حرف النفي) (٢) يعني : (ما ولا وإن) وليس (لم ولما ولن) من هذه الجملة إذ هي (٣) عاملة في المضارع ، ولا يقدر معمولها لضعفها (٤) في العمل نحو : (ما زيدا ضربته) و (لا زيدا ضربته) ولا عمرا (٥) و (إن زيدا ضربته إلا تأديبا).

(و) بعد (حرف الاستفهام) (٦) نحو : (أزيدا ضربته؟).

انما قال : (حرف الاستفهام) (٧) لأنه يختار الرفع في اسم الاستفهام مثل : (من أكرمته؟) ولم يقل همزة الاستفهام ، ليشمل مثل : (هل زيدا ضربته؟) فإنه يجوز (٨) وان

__________________

(١) وكذا يختار النصب في مررت برجل ضارب عمرا ، وهذا تقبلها لعطفه على مشابه الفعل في حكم الفعل فلهذا لم يذكر (وجيه الدين).

(٢) لأنه على تقدير الرفع كان النفي داخلا على الاسم ، وعلى تقدير النصب يكون داخلا على الفعل ودخوله على الفعل أولى ؛ لأنه إنما يتعلق بالنسبة لا بالذات وهي داخلة في مفهوم الأفعال (عوض أفندي).

(٣) قوله : (إذ هي عاملة في المضارع) يعني : أنها عاملة في الفعل المضارع لفظا لا تقديرا ، حتى يقع بعدها اسم منصوب على شريطة التفسير بخلاف ما ، ولا ، وأن ، فإنها غير عاملة ، فيقدر بعدها الفعل الناصب للاسم المنصوب ، فيقال : ما زيدا ضربته ، ولا يقال : لم زيدا أضربه ، هذا لا ، إن ما ذكره من عدم تقدير معمولهما صحيح في غير لا ، لما سيجيء في بحث الفعل ، أن لا يختص من بين الحروف الجازمة للمضارع بجواز حذف الفعل (وجيه الدين).

(٤) قوله : (لضعفها في العمل) ؛ لأن : لم ، ولما ، إنما تعملان بمشابهتهما أن الشرطية من حيث أنهما تدخلان على الفعل المضارع فتنقلان إلى معنى الماضي ، كما أن تنتقل إلى معنى المستقبل مشكوكا فيه ، وإن ، إنما تعمل للحمل على أن المشابهة ؛ لأن المشددة في أن الجملة بعدها في تقرير المفرد ولا شيء منهما تعمل بمشابهة الفعل الذي هو الأصل في العمل فلهذا أضعف عملها (وجيه الدين).

(٥) وإنما قال : ولا عمرا ؛ لأن النافية إذا دخلت على الماضي يشترط التكرار كما في قوله تعالى : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) الآية [القيامة : ٣١] (داود).

(٦) لأن الاستفهام بالفعل أولى ، ولذلك كان أزيدا ضربته أحسن من قولك : أزيد ضربته.

(٧) والفرق بين اسم الاستفهام وحرف الاستفهام ، أن اسم الاستفهام يمكن جعله مبتدأ وما بعده خبر له بخلاف حرف الاستفهام فإنه لا يمكن. (هندي).

(٨) كأنه قيل : (لا يجوز دخول هل على الاسم الخ إذا كان بعده فعل) فأجاب بقوله : (فإنه يجوز) إلخ.


استقبحه (١) النحاة لاقتضاء (هل) لفظ الفعل ؛ لأنه بمعنى (قد) في الأصل ، فلا يكفي فيه تقدير (٢) الفعل.

(و) بعد (إذا الشرطية) (٣) الدالة على المجازاة في الزمان ، نحو : (إذا عبد الله تلقاه فأكرمه) (و) بعد (حيث) الدالة على المجازاة في المكان ، نحو : (حيث زيدا تجده فأكرمه).

(وفي) ما قبل (٤) (الأمر والنهي) يعني : موضع وقوع الاسم المذكور قبل الأمر والنهي ، مثل : (زيدا اضربه) و (زيدا لا تضربه) (٥).

وإنما اختير في هذه المواضع ـ أي : ما بعد حرف الاستفهام والنفي وإذا الشرطية وحيث ، وما قبل الأمر والنهي ـ النصب في الاسم المذكور (إذ هي) أي : هذه

__________________

(١) أي : استقباحا أقل من استقباح : هل زيد ضربته ولهذا قال الرضي ، والنصب ههنا أحسن القبحين (داودي).

(٢) والسر في ذلك على ما ذكروه أن (هل) طالبة للفعل ، فإذا لم يجد فعلا تسلت عنه كما في هل زيد خارج ، وإذا وجدت فعلا تذكرت الصحبة القديمة فلا ترضى إلا تعانقه ، ولهذا قبح هل زيد خارج (لارى).

(٣) قوله : (وإذا الشرطية وحيث) أي : فيجوز الرفع فيختار النصب بعد إذا الشرطية ، نحو إذا زيدا ضربته فأكرمه ، وبعد حيث نحو : زيدا تجده فأكرمه ، وإنما كان النصب هو المختار دون الرفع ؛ لأنه على تقدير النصب كان إذا وحيث مضافين إلى الجملة الفعلية ، وعلى تقدير الرفع كان مضافين إلى الجملة الاسمية ، وإضافتهما إلى الجملة الفعلية أولى من إضافتهما إلى الجملة الاسمية لكون إذا بمعنى الشرط ، وحمل حيث عليها لمشابهتها أياها من حيث احتياجهما إلى جملة توضيحه أي : معنى الشرط ولأنه يستعمل أيضا للشرط (متوسط).

ـ كما ذهب إليه سيبويه والأخفش خلافا للكوفيين فإنهم ذهبوا إلى أن حكمها حكم (إذا) في وقوع الجملتين بعدها وخلافا للمبرد فإنه ذهب إلى أن حكمها حكم متى الشرطية (لارى).

(٤) قوله : (فيما قبل قدر في عبارة المتن الموصول) أعنى ما مع بعض الصلة ، أعني : قبل فيلزم عليه حذف الموصول مع بعض الصلة وهو قليل وأيضا ، يلزم عليه حذف المضاف ، وهو كلمة قبل ، وإبقاء المضاف إليه على أعرابه الجر وهو الأمر والنهي ، وذلك أيضا نادر وأيضا فسر (ما) بالموضع مع صحة تفسيره بالاسم الواقع في مظان الإضمار على شريطة التفسير ويصح أن يراد في وقت الأمر والنهي ؛ لأن حذف الزمان كثير فتأمل (عصمت).

(٥) لأنه لو رفع ذلك الاسم يكون الطلب خبرا وأنه لا يجوز إلا بتأويل (رضا).


المواضع (مواقع الفعل) أي : مواضع (١) وقوع الفعل فيها أكثر فإذا نصب الاسم المذكور وقع فيها الفعل تقديرا ، وإلا فلا (٢).

(و) كذلك يختار النصب في الاسم المذكور (عند خوف (٣) لبس المفسر) أي : التباس ما هو مفسر في حال النصب ، لكن لا من من حيث هو مفسر في هذه الحال (٤) بل من حيث هو خبر في حال الرفع (٥) (بالصفة) (٦) فلا يعلم أنه خبر عن الاسم المذكور في حال الرفع مع موافقته للمعنى المقصود ، أو صفة له مع مخالفته للمعنى المقصود.

فالالتباس (٧) إنما هو بين خبرية ذات ما هو مفسر على تقدير النصب ـ ووصفيته (٨)

__________________

(١) يعني : إضافة المواضع إلى الفعل باعتبار أن لها اختصاص بالفعل ؛ لأنه مخصوص يدل عليه اختيار النصب (ع ص).

(٢) وإلا أي : وأن لم ينصب فيها بل رفع بالابتداء فلا ، أي : فلا يقع الفعل فيها تقديرا ولا لفظا لعدم الاحتياج إليه لكون ذلك الاسم معمولا بالعامل المعنوي ، فلا يكون عملا بالأكثر بل يكون عملا بالقليل الغير المختار فينبغي أن ينصب الاسم المذكور فيها ليكون عملا بالأكثر المختار (توقادي).

(٣) إنما أتي بلفظ الخوف للفرق بين تحقق اللبس وتوهمه ، فإن الأول إنما يكون عند تساوي الاحتمالات ، ورفعه واجب ، والثاني عند رجحان البعض ، ورفعه مختار كما نحن فيه وذلك ؛ لأن للفظ إذا دار بين أن يكون خبرا وصفة كان الأولى أن يحمل على الخبر لما فيه من الفائدة التامة (لارى).

(٤) أي : حال النصب ، حيث لا التباس فيه ح ؛ لأن التركيب الواحد لا يحتمل التفسير والصفة معا.

(٥) فإطلاق المفسر عليه في حال الرفع مع أنه ليس بمفسر في هذه الحالة مجاز أولى أو كوني ؛ لأنه في حال الرفع ليس بمفسر وإنما يكون مفسرا في حال النصب (توقادي).

(٦) قال : بالصفة ، أراد به احتمال التركيب لغير معنى المقصود بأن يكون المفسر عند الانتصاب صالحا ؛ لأن يقع صفة وغيرها عند الارتفاع ، لا أنه يلتبس على تقدير الرفع ، أنه مفسر أم صفة لظهور فساد ذلك ؛ لأنه ليس لكونه مفسر أوجه على تقدير الرفع أصلا (عوض أفندي).

(٧) فإن قيل : فيجب النصب ، إذا لتحرز عن اللبس واجب ، قيل : هذا وهم اللبس ولا لبس حقيقة ولذا سماه خوف اللبس (هندي).

ـ يعني : التباس الفعل المفسر في حال النصب بالصفة أو الخبر في حال الرفع (م).

(٨) أي : بين كون ذلك الفعل وصفا في حال الرفع يعني الالتباس ليس إلا في حال الرفع (م).


لا بينه ـ بوصف التفسير ـ وبين الصفة فإن التركيب لا يحتملهما (١) معا مثل : قوله تعالى: (إِنَّا كُلَ (٢) شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) [القمر : ٤٩] بنصب (كل شئ) على الإضمار بشريطة ، ولو رفع بالابتداء وجعل (خلقناه) خبرا له لكان موافقا للنصب في أداء المقصود ولكن خيف لبسه بالصفة لاحتمال كون قوله (بقدر) خبرا وهو خلاف (٣) المقصود فإن المقصود الحكم على (كل شيء) بانه نخلوق لنا بقدر لا الحكم (على كل شيء) مخلوق لنا أنه (بقدر) فإنه يوهم (٤) كون بعض الاشياء الموجودة غير مخلوق لله ،

__________________

(١) لأنه إذا كان الاسم المذكور منصوبا يكون الفعل مفسرا لا يحتمل الصفة ، وإذا كان مرفوعا يكون الفعل صفة أو خبرا لا يحتمل المفسر وهما متضادان.

ـ بأن يكون الفعل لواقع بعد الاسم المذكور وصفا لذلك الاسم وخبرا له أيضا (م).

ـ فإن المقصود من الأية عمومية القدر في جميع المخلوقات ، فإذا نصب كل كان تقديرها : خلقناه كل شيء بقدر ، فلم يعد إلا المعنى المقصود لعدم دلالتها ح إلا على ذلك ، وأما إذا رفع كل على الابتداء فيحتمل وجهين أحدهما : أن يكون خلقناه في محل الرفع بأن يكون خبرا لكل شيء ، ويقدر خبر بعد خبر أو متعلق بخلقنا وج يفيد المعنى المقصود أيضا ، والثاني أن يكون مجرور المحل ، بأن يكون صفة لشيء وبقدر خبره ، وحينئذ لم يفد المعنى المقصود من الآية ؛ إذ ليس المراد أن الشيء المخلوق لنا هو بقدر دون ، ما لم يكن مخلوقا لنا مع أن المفهوم من الكلام حينئذ ذلك ، فلم يلزم منه عمومية القدر في جميع المخلوقات بمجرد الخبر وهي المقصود منها بل عموميته في جميع المخلوقات التي تلك الصفة فالحاصل أن الرفع لما كان محتملا لوجهين مقصود وغير مقصود والنصب متعينا للمقصود كان أرجح (عافية في شرح الكافية).

(٢) قال الشيخ الرضي : ما حاصله يرجع إلى أن لا فرق بين كونه خبرا وكونه صفة ؛ لأن المراد بالشيء المخلوق لا مطلق الشيء ؛ لأنه متناول للممكنات المعدومة ، فإذا أريد بالشيء المخلوق وجعل خلقناه صفة ، كان المعنى كل مخلوق ، مخلوق بالقدر وفيه نظر لأنا لا نسلم تناول الشيء للمعدوم لاختصاصه بالموجود كما ذهب إليه أهل السنة (لارى).

(٣) قوله : (فإنه يوهم) إلخ لا حاجة إلى الاستدلال بفساد احتمال الصفة لاختيار النصب بل يكفي في نفيه أن يكون المفسر جملة خبرية هو المقصود بالإفادة ، وكونه صفة لأمر آخر خلاف المقصود سواء كان له معنى صحيح في نفس الأمر أو لم يكن وإلا يلزم أن لا يكون المختار النصب عند المعتزلي ، فإن احتمال الصفة على مذهبهم غير فاسد مع أنه ليس كذلك إذا لم ينقل خلاف في اختيار النصب في المثال من واحد منهم ، ورؤساء علم النحو كالشيخ عبد القاهر وجار الله العلامة والرضي والسكاكي منهم فالأولى إيراد قوله : (فإنه يوهم بطريق العلاوة لا بطريق الاستدلال) (عصمة الله).

(٤) أي : في الاسم الذي وقع في مظان الإضمار على شريطة التفسير من غير ترجيح لأحد الجانبين على الآخر (توقادي).


كما هو مذهب (المعتزلة) في الأفعال الاختيارية للعباد.

(ويستوى الأمران) أي : الرفع والنصب (١) ، فللمتكلم أن يختار كل واحد منهما بلا تفاوت (في) مثل : (زيد قام وعمرا أكرمته) أي : عنده (٢) أو في داره ونحو ذلك ، وإلا لا يصح العطف على الصغرى لعدم الضمير أي : يستوي الامران فيما إذا عطف الجملة التي وقع فيها الاسم المذكور على جملة ذات وجهين (٣) أي : جملة اسمية خبرها جملة فعلية ، فيصبح رفعه بالابتداء ونصبه بتقدير الفعل والوجهان مستويان لحصول التناسب فيهما.

ففي الرفع تكون اسمية فتعطف على الجملة الكبرى وهي اسمية وفي النصب تكون فعلية فتعطف على الجملة الصغرى وهي فعلية.

فان قلت (٤) : السلامة من الحذف مر جحة الرفع (٥) قلنا (٦) : هي معارضة (٧) بقرب المعطوف (٨) عليه.

__________________

(١) فلاحتياج إلى هذا التقدير إنما هو في على تقدير النصب والعطف على الجملة الصغرى (عصمت).

ـ وإنما ذكر عنده أو في داره لئلا يورد عليه أنه لا يصح عطف الجملة الثانية على الفعلية فقط لأن المعطوف في حكم المطعوف عليه ، وفي المعطوف عليه ضمير يرجع إلى المبتدأ ، وهو زيد وليس في الجملة الثانية ضمير يرجع إليه ليصح العطف لعود الضمير إليه (شرح لباب).

(٢) أن الجملة لا تكون ذات وجهين وإلا لكانت جملة واحدة صغرى وكبرى بالاعتبارين (حواشي هندي).

(٣) وهذا التفسير إشارة إلى أن تساوي الأمرين بالنظر إلى خصوص المادة.

(٤) لم يستوي الأمران في المثال المذكور ؛ لأن قرنية الرفع أقوى ؛ لأن السلامة.

(٥) أي : لرفع الاسم المذكور فيكون الرفع بالابتداء مختارا فكيف يستوي الأمران حتى يكون المتكلم مخيرا في اختيار أيهما.

(٦) نعم السلامة من الحذف مرحجة للرفع حتى يكون الرفع بالابتداء مختارا لكن هي.

(٧) قوله : (هي معارضة) إلخ فعلى هذا يلزم أن يكون النصب راجحا بالاستغناء من تكلف جعل الجملة خبرا على تقدير الرفع (عصمت).

(٨) يعني : إذا نصب الاسم المذكور يكون المعطوف عليه وهي جملة : زيد قام قريبا ، وإذا رفع يكون المعطوف عليه وهو جملة : زيد قام بعيدا ، فقرب المعطوف عليه أولى من بعده وإن كان فيه سلامة من الحذف فتعارض الجهتان فاستوى فيه الأمران ؛ لأن عدم الترجيح في الجهة ينفي الترجيح في الأمر (توقادي).


فان قلت (١) : لا تفاوت في القرب والبعد بينهما إذ الكبرى أيضا قريبه غير مفصولة عنها (٢) ، قلنا : هذا باعتبار المنتهى وأما باعتبار المبتدأ فالصغرى أقرب.

(ويجب النصب) أي : نصب الاسم المذبكور (بعد حرف الشرط) (٣) والمراد به هنا (٤) (إن) و (لو) فإن (أما) وان كانت من حروف الشرط فحكمها ما سبق من اختيار الرفع مع غير الطلي واختيار النصب مع الطلب (و) كذا يجب النصب بعد (حرف التحصيص) (٥) وهو (هلا وألا ولو لا ولو ما).

وانما وجب النصب بعدهما لوجوب (٦) دخولهما على الفعل لفظا أو تقديرا (نحو (إن زيدا ضربته ضربك) (٧) مثال لحرف الشرط (و (ألا زيدا ضربته) مثال لحرف التحصيص.

(وليس (٨) ...

__________________

(١) لا نسلم أن السلامة من الحذف معارضة تقرب المعطوف عليه على تقدير نصب الاسم المذكور ؛ لأنه لا تفاوت.

(٢) أي : عن الجملة المعطوفة عليها ؛ إذ جملة : وعمرا أكرمته متصلة بجملة ، زيد قام فاستوى في القرب والبعد فبقي السؤال الأول على حاله وهو السلامة من الحذف مرجحة حجة للرفع.

(٣) غير أما صريحا أو ضمنا كما في متى وحيثما وأينما ، إلا إذا لم يكن راسخا فيه كاذا الشرطية وحيث ؛ لأن الشرطية يستلزم الفعل (هندي).

(٤) أي : في البحث أعني نصب الاسم المذكور وجوبا إذا كان بعد حرف الشرط فإن وهما.

(٥) ومن الحروف اللازمة دخولها على الفعل إلا العرض فيجيب النصب بعدها نحو : إلا زيدا تكرمه على ما سيجيء الكلام فيه أي : في اسم لا لنفي الجنس (رضي).

(٦) قوله : (لوجوب دخولهما على الفعل) قال الشيخ الرضي لا شك أن التخصيص والعرض والاستفهام والنفي والشرط والتمني معان تليق بالفعل فكان القياس اختصاص حروفها بالأفعال إلا أن بعضها بقيت على ذلك الأصل ، كحرف التخصيص وبعضها اختصت بالإسمية ك ليت ولعل ، وبعضها استعملت في القبلتين مع أولويتها بالأفعال كهمزة الاستفهام ، وما ولا للنفي ، وبعضها اختلفتا في اختصاصها كالا للعرض ، وكذا أن الشرطية فإن المرفوع في : أن امرؤ هلك ، يجوز عند الأخفش أن يكون مبتدأ (عب).

(٧) والجملة لا محل لعدم اقترانها بالفاء وإذا جزاء الشرط.

(٨) هذا إشارة إلى الصورة الخامسة من الصور الخمس في الاسم ، الذي في مظان الإضمار على شريطة التفسير والرفع فيها واجب ، وإنما غير الأسلوب ولم يقل ويجب الرفع كما قال ويجب ـ


مثل : (أزيد ذهب (١) به؟) أي : من باب الاضمار على شريطة التفسير ، فإن (زيدا) فيه وان كان يظن في بادئ النظر انه مما أضمر عامله على شريطة التفسير والمختار فيه النصب لوقوع الاسم المذكور فيه بعد حرف الاستفهام ، لكن يظهر بعد تعمق النظر انه ليس منه فإنه وان صجق عليه انه اسم بعده فعل مشتغل عنه بضميره لكنه ليس بحيث لو سلط عليه هو أو مناسبه لنصبه ؛ لأن (ذهب (٢) به) لا يعمل النصب وكذا مناسبه ، أعني: (أذهب).

فان قلت (٣) : لا ينحصر المناسب في (أذهب) فليقدر مناسب آخر ينصبه مثل : (يلابس) أو (أذهب) على صيغة المعلوم ، فيكون تقديره : أزيدا يلابسه (٤) الذهاب(٥)به،

__________________

ـ النصب لئلا يتوهم فيها كونه مما أضمر عامله في الجملة كما في الصور السابقة وليس كذلك (عصمت).

(١) فإن قلت : عدم كونه من هذا الباب ظاهر لا شبهة فما الحاجة في إيراده قلت : إنما أورده ردا على السيرافي، حيث جوز النصب فيه بناء على جعل المصدر قائما مقام الفاعل ، والجار والمجرور منصوب المحل على أنه مفعول به تقديره : زيدا ذهب ، الذهاب به أي : ذهب زيدا ذهب الذهاب به وهو مردود بوجوه أما الأول فلأنه لا يعلم الفاعل فكيف تقدير ما ذهب زيدا وأما ثانيا فلأنه قال : في اللباب لا يحسن أن يقوم المصدر مقام الفاعل إلا إذا خصص وأما أجازه سيبويه من نحو قيم بالإسناد إلى المصدر ، محمول على أن يكون المصدر مقصود ، تقول : قعد لمن يتوقع القعود أي : قعد القعود الذي يتوقع ، وأما ثالثا فلوجود المفعول به فكيف تقام غيره مقام الفاعل وفيه أن المفعول بالواسطة والمصدر سواء (حاشية هندي).

(٢) ولفظ ذهب يستعمل بأربعة أحرف ، الأول : مثل ذهب به ، والثاني : ذهب عليه ، والثالث : ذهب إليه ، والرابع : ذهب عنه ، أما ذهب به وذهب عليه أي : نسبه ، وذهب إليه أي مشى إليه أذهب وذهب عليه (لمحرره).

(٣) أن هذا المثال إذا لم يجز فيه تسليط الفعل المفسر بعينه ولا مناسبه الذي هو أذهب بالبناء للمفعول ، لا يلزم أن لا يكون من باب إضمار على شريطة التفسير.

(٤) على أن يكون يلابس المقدر مسند إلى ضمير عائد إلى المصدر المجهول الذي دل عليه ذهب تضمنا (قدمي).

(٥) الأظهر أن يقال يلابس زيدا الذهاب به ، وفي هذا المثال ملابسة الصفة للموصوف وفي الثاني ملابسة مبدأ الصفة لموصوفها (لارى).


أو يلابسه (١) أحد بالذهاب به ، أو : أذهبه أحد (٢).

قلنا : المراد بالمناسب ما يرادف الفعل المذكور أو يلازمه مع اتحاد (٣) ما أسند إليه فالاتحاد فيما ذكرته مفقود وإذا كان الأمر كذلك (فالرفع) أي : رفع (٤) (زيد) في المثال المذكور (واجب) (٥) بالابتداء ونصبه غير جائز بالمفعولية.

فليس من باب الاضمار على شريطة التفسير فكيف يكون مما يختار فيه النصب؟ (وكذا) أي : مثل : (أزيد ذهب به) (قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ (٦) فَعَلُوهُ (٧) ...

__________________

(١) على أن يكون المقدر مسندا إلى ضمير عائد إلى من أذهب زيد ؛ لأنه دل عليه ذهب به التزاما. (قدمي).

(٢) تقديره اذهب أحد زيدا اذهب به فح يكون هذا المثال من هذا الباب في اختيار النصب فيه فلم يصح قول المصنف. (م).

(٣) أي بشرط أن يكون فاعل الفعل المضمر والفعل متحدا يعني واحدا في هذا الباب حتى لو لم يتحد لم يكن مناسبا لا يفهم اعتبار هذا القيد من تعريف ما أضمر عامله فلا بد من الإشارة إليه في التعريف إذ التعريفات محمولة على المتبادر (عصمت وغيره).

(٤) لأن رفع الاسم ونصبه تابع لرفع الضمير ونصبه وإن كان الضمير منصوبا كان الاسم منصوبا وإن كان الضمير مرفوعا فمرفوعا ، وإذا كان كذلك وجب رفع الاسم لكون الضمير مع الياء في موضع الرفع لكونه مفعول ما لم يسم فاعله لذهب (جلبي).

(٥) قوله : (واجب بالابتداء) فيه لم لا يجوز أن يكون مرفوعا بتقدير اذهب المجهول المناسب لذهب به المتعدي بالباء والظاهر أنه أولى بسبب أن ما بعد الاستفهام تدفع الفعل كما سبق (عصمت).

(٦) ليس من باب ما أضمر عامله على شريطة التفسير لفساد المعنى ، وأن كان منه من حيث الظاهر ؛ لأن اسم بعده فعل مشتغل عنه بضميره ، لو سلط عليه لنصبه وذلك ؛ لأنه إذا نصب كل سلط فعلوا عليه فلا يخلو من أن يكون الجار والمجرور صفة لشيء أو متعلق بفعلوا ، فإن كان الأول كان المعنى فعلوا كل شيء مسطور في الزبر ، وهو معنى فاسد ؛ لأنهم ما فعلوا كل وأن كان الثاني المعنى فعلوا كل شيء في الزبر وهو فاسد أيضا إذا الزبر وهي صحف الملائكة التي تكتب فيها الأعمال ليس محلا لفعلهم فتعين الرفع في (كل) بأن يكون مبتدأ ، وجملة فعلوه في محل الخبر بأنها صفة لشيء والجار والمجرور في محل الرفع بأنه خبر مبتدأ ، فالمعنى كل شيء مفعولهم من الأشياء ثابت مكتوبة في الزبر. (عافية شرح الكافية).

(٧) والضمير في فعلوه عائد إلى الأشياع في قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ)[القمر : ٥١] أشباهكم ونظائركم في الكفر من الأمم السابقة (معالم).


فِي الزُّبُرِ)(١) [القمر : ٥٢])

أي : في صحائف اعمالهم فهو ليس من باب الاضمار على شريطة الفسير ؛ لأنه لو جعل منه لصار التقدير فعلوا كلّ شيء في الزبر فقوله (فِي الزُّبُرِ) إن كان متعلقا (فعلوا) فسد المعنى (٢) ؛ لأن صحائف أعمالهم ليست محلا لفعلهم (٣) ؛ لأنهم لم يوقعوا فيها فعلا ، بل الكرام الكاتبون (٤) اوقعوا فيها كتابة أفعالهم.

وان كان صفة لشيء ـ مع أنه خلاف ظاهر (٥) الآية ـ فات المعنى المقصود ، اذ المقصود (٦) أنّ كلّ شيء هو مفعول لهم كائن في الزبر مكتوب فيها موافقا لقوله تعالى : ((وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) [القمر : ٥٣]) (٧) لا أنّ كل شيء كائن في صحائف أعمالهم هو مفعول لهم ، فالرفع (٨) لازم على أن يكون (كل شيء) مبتدأ والجملة الفعلية صفة لشيء والجار والمجرور في محل الرفع على أنه خبر المبتدأ تقديره : كلّ شيء هو مفعول(٩) لهم ثابت في الزبر بحيث لا يغادر صغيرة ولا كبيرة (١٠).

__________________

(١) والظرف خبر المبتدأ والجملة مجرورة المحل صفة شيء ، الزبر الكتاب وبالكسر المكتوب والجمع : الزبور ، والمزبر : القلم ، والزبور الكتاب بمعنى الزبور والجمع الزبر. (قاموس وغيره).

(٢) أي : معنى هذا القول فحينئذ يكون المعنى على ما سبق أوقع الخلائق يعني كل واحد منهم كل شيء من الخير والشر في صحائف وهذا المعنى غير صحيح.

(٣) حتى يوقعوا فيها أعمالهم بل الصحائف محل لأفعال الملائكة وهم الكرام الكاتبون (توقادي).

(٤) وهم الحفظة الذين يكتبون أفعال العباد من خير أو شر لقوله تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ)[الانفطار : ١٠ ـ ١١] (توقادي).

(٥) وظاهر الآية أن يكون الظرف مستقرا وأن لا يفصل بين الصفة والموصوف بأجنبي (رضا).

(٦) قوله : (إذا المقصود أن كل شيء) إلخ وذلك أن المقصود بيان أحوال مفعولاتهم والحكم عليكم وعلى مفعولاتهم كما يقتضيه سوق الأية ، بيان حال كل هو كائن ومكتوب في صحائف أعمالهم بأنه مفعول لهم (وجيه الدين).

(٧) يعني : كل عمل بن آدم من خير أو شر قليل أو كثير مسطور يعني معلوم لنا لا يشذ منه شيء عن علمنا (م).

(٨) إذا لم يكن من باب الإضمار على شريطة التفسير لما قلنا فالرفع لازم.

(٩) خبر المبتدأ الثاني والجملة الاسمية في محل الجر صفة لشيء.

(١٠) وإن جاز فيه الرفع أيضا لئلا يلزم وقوع الطلب خبرا بلا تأويل على ما سبق (ت ح). ـ


واعلم (١) أنّه قد سبق أنّ بعد الاسم المذكور إذا كان الفعل المشتغل عنه بضميره أو متعلقه أمرا أو نهيا فالمختار فيه النصب (٢).

فالظاهر (٣) أن قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) [النور : ٢] داخل تحت هذه القاعدة (٤) مع أن القراء اتفقوا فيه على الرفع (٥) إلّا في رواية شاذة عن بعضهم ، فاضطر النحاة إلى أن تمحّلوا لاخراجه عن هذه القاعدة المذكورة لئلا يلزم اتفاق القراء على غير المختار.

فأشار المصنف إلى ما تمحّلوا لاخراجه عنها فقال : (ونحو (٦) : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي

__________________

ـ فيكون موافقا لقوله تعالى : (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ)[القمر : ٥٣].

(١) واعلم يبشير على أن قول المصنف ونحو : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) الآية جواب عن سؤال مقدر وهو أنه قد سبق.

(٢) وإن جاز فيه الرفع أيضا لئلا يلزم وقوع الطلب خبرا بلا تأويل على ما سبق.

(٣) قوله : (والظاهر أن قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما) إلخ داخل تحت هذه القاعدة لوجود جميع شرائط المذكورة فيها حاصلة في بادي النظر ؛ لأن ما بعد الفاء قد يعمل فيما قبلها نحو (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)[المدثر : ٣] كذا في الرضي فهو ظاهر بالنسبة إلى الكل لا إلى المبتدأ الغير الفارق بقاعدة أعمالهم ، ما بعد الفاء فيما قبلها واعلم أن ما بعد الفاء يعمل فيما قبله إذا كانت زائدة كما في قوله تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ)[الفتح : ١] إلى قوله : (فَسَبِّحْ) وواقعة غير موقعها لغرض نحو وربك فكبر ونحو (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)[الضحى : ٩] وأما إذا لم يكن زائدة وكانت واقعة موقعها فما بعدها لا يعمل فيما قبلها كما في قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما) (وجيه الدين).

(٤) لأنه اسم بعده فعل مذكور مع الطلب لكن القراء السبعة اتفقوا على الرفع فالمراد منه غير هذا الظاهر (متوسط).

(٥) واتفاقهم حجة قاطعة ؛ لأنهم اخذوا القراءة عن صاحب الشريعة محمد عليه‌السلام أما بالواسطة أو بغير واسطة ، فلزم أتباع النحاة لهم ولأن القراء أعدل من النحاة فيرجح ما نقل عنهم على قول النحاة (حاشية قاضي).

(٦) قال ونحو (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) الواو أما للعطف على كل شيء فعلوه فيكون التقدير وكذا نحو الزانية والزاني ، وقوله : (الفاء) بمعنى الشرط تعليل وجملة ، قوله : (وجملتان بتقدير المبتدأ) أي : هذه الآية جملتان تعليل آخر معطوف على الأول ، وأما للعطف على قوله : وكذا (كُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ) وجملة قوله : (الفاء) بمعنى الشرط المشيرة إلى التعليل خبر لقوله : (نحو الزانية) بتقدير العائد وقوله : (جملتان معطوف عليها) المفرد على الجملة لها محل من الأعراب (عب).


فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) (الفاء) (١) فيه مرتبط (٢) (بمعنى الشرط (٣) عند المبرد) (٤) لكون الألف واللام في (الزانية والزاني) مبتدأ موصولا فيه معنى (٥) الشرط واسم الفاعل الذي هو صلته كالشرط فخبر المبتدأ كالجزاء والفاء الداخلة عليه مرتبطة بالشرط لدلالته على سببيته (٦) للجزاء.

ومثل (٧) هذا الفاء لا يعمل ما في حيزه فيما قبله فامتنع تسليط الفعل المذكور بعده على ما قبله فتعين فيه الرفع.

__________________

(١) (الفاء) في فاجلدوا داخلة على الخبر بتأويل مقول فيهما لكون المبتدأ متضمنا بمعنى الشرط جيء بها لتدل على السببية كما في قولك : الذي يأتيني فله درهم ، فيكون تقديره التي زنت والذي زنا فاجلدوهما مئة جلدة ، وعلى ذلك لا يكون من هذا الباب ؛ لأنه لا يصلح أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها لكونها مخرجة للاسم عن كونه مبتدأ فلا يكون الفاء في الخبر الذي هو محلها (عافية شرح الكافية).

ـ الفاء مبتدأ وقوله : (بمعنى ظرف) مستقر خبر لمبتدأ والجملة الاسمية لا محل لها استيناف تعليلي) أي: وكذا نحو الزانية والزاني ؛ لأن الفاء بمعنى الشرط وقد تقر في محله أن الجملة الاسمية تقع استينافا تعليليا حتى يجوز الوجهان في أن الواقع في هذا الموضع نحو قوله تعالى : (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)[الطور : ٢٨] قراءة نافع والكسائي بالفتح على تقدير لام التعليل والباقون بالكسر على أنه استيناف تعليلي (توضيح على الألفية).

(٢) قوله : (مرتبطة بمعنى الشرط) فيكون الباء صلة ويجوز أن يكون للسببية (لارى).

(٣) يعني الفاء ههنا لربط الجزاء بالشرط المستفاد من الألف واللام في الزانية.

(٤) قال عند المبرد قيل : ظرف لعامل الظرف المقدر والأظهر أنه ظرف للنسبة بين المبتدأ والخبر كما أن قوله : (عند سيبويه) (ظرف للنسبة) المبتدأ والخبر يوافق قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)[آل عمران : ١٩]. (عب).

(٥) لما سبق أن المبتدأ إذا كان موصولا صلته فعل أو ظرف يكون فيه معنى الشرط.

(٦) لأن الفاء وضعته لسببية ما قبلها لما بعدها ، فإذا دخلت على الجزاء يعلم أن الشرط سبب للجزاء حتى لو لم تدخل عليه لم تعلم السببية.

(٧) كأنه قيل : لم لا يجوز أن يكون الفاء زائدة ويكون من باب ما أضمر عامله ويكون النصب مختارا منه (رضا).

ـ وإنما قال مثل ؛ لأن الفاء إذا كانت زائدة أو غير واقعة موقعها لغرض كما في قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)[الصحى : ٩] جاز أن يعمل ما بعدها فيما قبلها (لارى).


(و) الآية (جملتان) مستقلتان (١) (عند سيبويه) إذ (الزانية) (٢) مبتدأ محذوف المضاف و (الزاني) عطف عليه والخبر محذوف أي : حكم الزانية (٣) والزاني فيما يتلى عليكم بعد.

وقوله تعالى : (فَاجْلِدُوا) جملة ثانية لبيان الحكم الموعود ، والفاء عنده أيضا للسببية أي : إن ثبت زناهما فاجلدوا.

وقيل : زائدة أو للتفسير ، وجزء الجملة لا يعمل في جزء جملة أخرى فيمتنع التسليط فلا يدخل في الضابط فتعين الرفع.

(والا) أي : وان لم يكن الفاء بمعنى الشرط ولم تكن الآية جملتين أيضا فهي تكون داخلة تحت (٤) الضابطة (فالمختار) حينئذ فيها (٥) (النصب) (٦) واختيار (٧) النصب

__________________

(١) قوله : (مستقلتان كل منهما منقطعة عن الأخرى) لا تعلق لأحديهما بالأخرى نظيره زيد مضروب فأكرمه (وجيه الدين).

(٢) قوله : (إذا الزانية) توجيه المبرد أقوى من هذا التوجيه لعدم احتياجه إلى إضمار ولذا قدمه المصنف لكن فيه أنه يلزم أن يكون الإنشاء خبرا.

(٣) وذلك الحكم قوله : (فاجلدوا) أي : فاضربوا أيها الحكام كل واحد من الزانية والزاني مئة جلدة.

(٤) لصدق التعريف عليها ؛ لأنه يصدق على قوله : (الزانية) كل اسم بعده فعل مشتغل عنه بضميره بحيث لو سلط عليه هو أو مناسبه لنصبه (توقادي).

(٥) قوله : (فيها في الأية : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي)) يعني : إن لم يؤل بتأويل المبرد وسيبويه ويعتبر الظاهر كان المختار ، النصب لمكان الأمر وقد جاء قرأت من غير السبعة بالنصب كذا في الكشاف (غجدواني).

(٦) كما أن في القراءة الشاذة لمكان الأمر ؛ لأن فعل المر لا يحسن أن يكون خبرا فقوى النصب فيختار (وجيه الدين).

(٧) قوله : (واختيار النصب) يعني أن الشرطية إشارة إلى قياس استثنائي ، استثنى فيه نقيض الثاني ليبث نقيض المقدم ، وهو ما ذهب إليه المبرد ، وإنما حمله على ذلك إذ ، لو لم يحمله لكان معناه أن اختيار النصب واقع على بعض التقارير ، لكنه غير واقع أصلا فإن الشاذ لا يعبأ به.

ـ وأراد بنحو مثل قوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما)[المائدة : ٣٨](وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما)[النساء : ١٦] فإن قلت : ما الحكمة في تقديم المرأة في بيان حكم الزنا وتقديم المرء في بيان حكم السرقة ، قلت : ذلك بالنظر إلى حصول إلى السبب القوي ، وذلك ؛ لأن حصول الزنا إنما يكون لسبب الشهوة وهي غالبة في المرأة منها من المرء ، وحصول السرقة إنما يكون بسبب الجرأة وهي أكثر في المرء منها في المرأة (عافية في شرح الكافية).


باطل (١) لاتفاق القراء على الرفع فلا بد من جعل الفاء بمعنى الشرط أو جعل الآية جملتين لتعين (الرفع).

(الرابع) (٢) من تلك المواضع التي وجب حذف ناصب المفعول به فيها :

(التحذير) (٣)

وانما وجب (٤) حذف الفعل فيه لضيق (٥) الوقت عن ذكره (٦).

(وهو) في اللغة : تخويف شيء من شيء. وتبعيده منه.

وفي اصطلاح (٧) النحاة : (معمول) أي : اسم عمل فيه النصب بالمفعولية (بتقدير: اتق ، تحذيرا) (٨) أي : حذر ذلك المعمول تحذيرا. فيكون مفعولا مطلقا ، أو ذكر تحذيرا ، فيكون مفعولا له.

__________________

(١) لكونه مخالفا لما اتفق عليه جمهور القراء وما يكون مخالفا لما اتفقوا عليه يكون باطلا.

(٢) أي : أربع الأربعة لا رابع الثلاثة يعني أنه باعتبار الحال لا باعتبار التصيير.

(٣) أي : موضع التحذير ولو أريد بالرابع ، القسم الرابع من أقسام المفعول به الذي يحذف فعله الناصب لا حاجة إلى تقدير الموضع (عصمت).

(٤) قوله : (وإنما وجب حذف الفعل) إلخ. وإنما لم يذكر علة وجوب الحذف في المواضع السابقة أما في المنادى فلأن تعريفه يفيد ذلك حيث ذكر أن المطلوب إقباله بحرف نائب مناب أدعو فعلم منه أن أدعو فعله وحرف النداء قائم مقامه ومن المعلوم عدم جواز اجتماع النائب مع المندوب وأما في ما أضمر عامله على شريطة التفسير فلأن هذه العنوان يدل على إضمار عامله بشرط التفسير بعد الإضمار ، ومن المعلوم عدم جواز ذكر المفسر بعد إرادة التفسير بسبب حذفه (عصمة الله).

(٥) في كلا قسمي التحذير ضيق وقت وهو أضيق من القسم الثاني منه ولهذا لا يذر إلا المحذر منه. (لارى).

(٦) لأنه لو ذكر لفات وقت التحذير ؛ لأن مثل هذا إنما يقال عند مشارفة وشدة الخوف أو لقصد الفراغ بسرعة إلى ما هو المقصود من الكلام.

(٧) قوله : (وفي اصطلاح النحاة معمول) إلخ إشارة إلى دفع ما قيل : أن التحذير بمعنى المحذر أو المحذر منه بإقامة المصدر مقام المفعول وذلك أنه لا حاجة إلى ذلك ؛ لأن التحذير جعل في الاصطلاح للمعمول (وجيه الدين).

(٨) قال تحذير مما بعده ، هذا القسم الذي هو المحذر أما ظاهر أو مضمر ، والظاهر لا يجيء ـ


(مما بعده) (١) أي : مما بعد ذلك المعمول.

(أو ذكر (٢) المحذّر منه مكررا) على صيغة المجهول عطفا على (حذر) أو (ذكر) المقدر ، فإن قلت : فعلى هذا (٣) لا بد من ضمير في المعطوف كما في المعطوف عليه قلنا(٤): نعم ، لكنه وضع في المعطوف المظهر موضع المضمر العائد إلى المعمول اشعارا بأنه محذر منه لا محذر (مثل (٥) : إيّاك والأسد ، وإيّاك وأن تحذف ،) هذان مثلان لأول : نوعي التحذير ، ومعناهما : بعد نفسك من الأسد ، والأسد من نفسك ، وبعّد نفسك عن حذف الأرنب ـ وهو ضربه بالعصا ـ وبعّد حذف الأرنب عن نفسك.

وعلى التقديرين : المحذّر منه هو (الأسد) (والحذف).

فان المراد من تبعيد الأسد أو الحذف ، من نفسك تحذيرها منهما لا تحذيرهما منها.

(والطريق (٦) ...

__________________

ـ إلا مضافا إلى المخاطب والمضمر لا يجيء في الأغلب إلا مخاطبا وقد يجيء متكلما نحو إياي : والشر ، وسيبويه يقدر بنحو لا حذر وغيره يقدر بنحو حذر خطابا والأول أولى (شيخ الرضي).

(١) قال مما بعده احتراز عن المعمول الذي بتقدير اتق لكن لا للتحذير مما بعده كا يا لقائل من اتق فإنه ليس من هذا الباب لجواز ذكر فعله (هندي).

(٢) قال أو ذكر المحذر منه هذا القسم يكون ظاهرا أو مضمرا سواء كان الظاهر مضافا أو لا والمضمر متكلما أو مخاطبا أو غائبا.

(٣) أي : تقدير أن يكون معطوفا على أحد هذين المقدرين أعنى حذر أو ذكر (تأمل).

(٤) قوله : قلنا) : أي : قلنا بتقدير العائد والتقدير أو ذكر المحذر منه من نوعيه وباستتار ضمير في ذكر وجعل المحذر منه بدلا منه (لارى).

(٥) وهذا موافق لما روى عن عمر رضي‌الله‌عنه من أنه قال إياي : وأن تخذف أحدكم الأرنب بالعصا ، وفي القاموس الخذف كالضرب ، رميك حصاة أو نواة أو نحوهما (تأخذ بين سبابتيك) انتهى وفي الحديث نهى عن الخذف كما في البخاري ، وجه النهى أنه ليس من المحددات وقد اتفق العلماء إلا من شذ منهم على تحريم أكل ما قتلته البندقة والحجر ؛ لأنه يقتل الصيد بقوة راميه لا لحدته (رضي زاده).

(٦) عطف على القريب أو البعيد منصوب ، مفعول به بفعل محذوف وجوبا ، وجملته إنشائيّة لا محل لها ، استئناف (رضى زاده).


الطريق) (١) مثال لثاني نوعيه ، أي : اتّق الطريق الطريق.

ولا يخفى عليك أن تقدير (اتّق) في أوّل النوعين غير صحيح ؛ لأنه لا يقال (٢) : اتقيت زيدا من الأسد (٣) ، فينبغي أن يقدر فيه مثل : (بعد ، ونح).

وتقدير : (بعد) في مثال النوع الثاني غير مناسب ؛ لأن المعنى على الاتّقاء عن الطريق لا على تبعيده منه.

فالصواب أن يقال : بتقدير (بعد أو اتّق) أو نحوهما (٤) ، فيقدر مثل : (بعد) في جميع أفراد النوع الأول ، وفي بعض أفراد النوع الثاني مثل : (نفسك نفسك) (٥) فإن المعنى(٦) ...

__________________

(١) والجدار الجدار ، والجبل الجبل ، والحية الحيّة ، وإنما كرر ليكون مانعا عن ظهور الفعل ؛ لنيابة أحد المكررين منابه مع ما ذكر في القسم الأول (عوض أفندي).

(٢) يعني : لم يجئ متعديا إلى اثنين ؛ إلى الأول بنفسه ، وإلى الثاني تارة ب : (من) ، وأخرى بنفسه ، بل إنما جاء متعديا إلى واحد فقط ، تارة بنفسه وأخرى ب : (من). والسر فيه : أن وقى متعدّ إلى الأول بنفسه وإلى الثاني ب : (من) وبدونه ، فلما نقل إلى الأفعال انتقص مفعولا ، وبقي المفعول الآخر كما هو القياس ، والله اعلم (قدقي).

(٣) لأنّه لا يقع بعده إلا المحذر منه كما يعلم من تصحيح عصام الدين ؛ تقديره : اتق نفسك ؛ بجعل النفس كأنّه محذر منه بالتّعبير به عن الأسد تأمل (داود).

(٤) وأجيب عنه بأنّ هذا من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، تقديره معمول بتقدير نحو : اتق، أو من باب حذف المعطوف تقديره معمول بتقدير : اتق أو نحوه. فحينئذ يعمّ التعريف ويشمل كل فعل يجوز تقديره فيدخل بعّد ونحّ واتق وغيرها.

(٥) فالنفس هاهنا هو المحذر منه بل مطلقا لقوله تعالى : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ)[يوسف: ٥٣] ، وقوله : عليه‌السلام : «أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك» البيهقي في الزهد : (٣٥٥).

(٦) قوله : (فإن المعنى على هذا : بعّد نفسك مما يؤذيك) يوجب كون النفس محذورا لا محذورا منه فلا يكون من أفراد النوع الثاني ، وليس من أفراد النوع الأول أيضا ؛ لأنّه ليس تحذيرا مما بعده. ويمكن أن يقال : لما كان النفس أمارة بالسوء يكون مؤذية فيكون محذرا منها ، فيؤثر الشخص بالاتقاء منها ؛ إذ حاصل المعنى : بعّد شخصك مما يؤذيك ، والمؤذى في مثالنا هذا هو النفس فيكون محذرا منها بهذا الاعتبار وإن كانت محذرة باعتبار أنها نفس الشخص المأمور بالتحذير والاتقاء عنها فتأمل ، لئلا يشتبه عليك الفرق بين هذا الجواب وبين ما أجاب المحشي (قدقي رحمه‌الله).


عن هذا : بعد نفسك مما يؤذيك (١) ، فالأسد ونحوه ، ويقدر مثل : (اتّق) في بعضها كالمثال المذكور (٢).

قيل : لفظ (الأسد) في (إيّاك والأسد) خارج (٣) عن النوعين فينبغي أن لا يكون تحذيرا ، وليس كذلك (٤) ، فإنه أيضا تحذير ، وأجيب بأنه تابع للتحذير ، والتوابع خارجة عن المحدود (٥) ، بدليل ذكرها فيما بعد.

(وتقول) (٦) في قسمي النوع الأول (إيّاك من الأسد) كما كنت تقول (إيّاك والأسد) (و (من أن تحذف) كما كنت تقول : (إيّاك وأن تحذف).

__________________

(١) وفيه بحث مشهور ، وهو أنه إذا كان معنى نفسك نفسك : بعّد نفسك مما يؤذيك لم يكن نفسك نفسك من النوع الثاني ومحذرا منه بل محذرا ، فأجاب عنه بعض المحققين بما حاصله : أنّ المراد التحذير من النفس بتبعيدها عن الرذائل التي تؤذيك ؛ فإنّك إذا لم تبعد من الرذائل يصيبك منها المحن والشدائد ، فالنفس محذر منه لا محذر ، ويمكن أن يقال في الجواب : يجوز أن يكون ما في مما يؤذيك مصدرية. ومن للتعليل والأجل ، والمعنى : بعد نفسك من أجل إيذاء النفس إياك كإيذاء الأسد ، وحينئذ يكون النفس أيضا محذرا منه (عصمة الله).

(٢) لأنّه في معنى : اتق الطريق ، أي : اتق عن الأشياء المؤذية التي يكون في الطريق واحدة أو متعددة ، فيكون من قبيل ذكر المحل وإرادة الحال (توقادي).

(٣) لأنّه إن فرض دخوله في النوع الأول ليس محذرا بل محذرا منه ، وإن فرض دخوله في النوع الثاني ليس مكررا فحينئذ على أي : تقدير يكون خارجا من المحدود (رضا).

(٤) بل يكون تحذيرا لأنّه يصدق أنه معمول بتقدير : اتق تحذيرا مما بعده ؛ بأن يكون المراد من قول مما بعده أعمّ من أن يكون لفظا أو تقديرا ، فحينئذ يكون الأسد تحذيرا مما بعده تقديرا ، وعلى هذا التقدير يكون معناه : اتق إياك عن الأسد ، والأسد من الصياد ، تأمل هذا الاحتمال إذا لم يقل مع من ، وإذا قال مع من لا يكون الأسد إلا محذرا منه تأمل.

(٥) وفيه نظر ؛ لأن كونه تابعا لا يخرجه عن التحذير ، كما أنّ (عمرو) في جاءني زيد وعمرو لا يخرج عن الفاعلية بكونه تابعا.

(٦) يعني : يستعمل التحذير على وجهين : أحدهما : بحرف الجر ، وحرف الجر قد يذكر لفظا داخلا على اسم ، نحو : إياك من الأسد. وقد يكون داخلا على أن مع ما في حيزه ، نحو : إياك من أن تخذف ، والثاني : أن يذكر بحرف العطف إما داخلا على الاسم ، نحو : إياك والأسد ، أو على أنّ مع حيزه ، نحو : إياك وأن تخذف ، وقد يحذف حرف الجر من أن ، فيقال : إياك أن تخذف ، أي : من أن تخذف ، ولا يحذف من الاسم ، فلا يقال : إياك الأسد ، أي : من الأسد ، وإنما حذف حرف الجر من أن ولم يجز حذفه من الاسم لأنّ أن مستطال بصلة فناسب تخفيفه فحذف حرف الجر منه بخلاف الاسم المفرد ؛ فإنّه لا طول فيه (شرح اللباب).


وتقول في المثال الأخير : (إياك أن تحذف) بتقدير (من) أي : إياك من أن تحذف ؛ لأن حذف حرف الجر عن (أن ، وأنّ) قياس.

(ولا تقول) في المثال الأول (إيّاك الأسد) لامتناع تقدير (من) (١) وشذوذه مع غير (أن وأنّ)

فان قلت : فليكن بتقدير العاطف قلنا : حذف العاطف أشد شذوذا ؛ ؛ لأن حذف حرف الجر قياس مع (أن وأنّ) وشاذ (٢) كثير في غيرهما (٣).

وأما حذف العاطف فلم يثبت إلّا نادر (٤).

(المفعول فيه)

(المفعول (٥) فيه)

(هو ما فعل فيه فعل) أي حدث (مذكور) تضمنا في ضمن الفعل الملفوظ أو المقدر أو شبهه (٦) ، ...

__________________

(١) قوله : (ولا تقول : إياك الأسد لامتناع تقدير من) فإن قلت : تقدير من في مثل هذه الصورة غير ممتنع ؛ إذ لو كان ممتنعا لم يقع لكن وقع فلا يمتنع. أما بيان الوقوع أنّه جاء في كلام العرب ، كقول أبي إسحاق :

وإياك إياك المراء فإنّه

إلى الشر دعاء وللشرّ جالب

 ـ تقديره : إياك إياك من المراء ، وحذف (من) في من المراء فكذلك جوز حذفها من الأسد على تقدير : إياك من الأسد في قولك : إياك والأسد. قلنا : أجيب عنه بوجوه : الأول : أنه من ضرورات الشعر ، وكلامنا من السعة والاختيار. الثاني : أنه على خلاف القياس واستعمال الفصحاء ، ومثل هذا مردود ولا يكون حجة. الثالث : أن المراء مصدر بمعنى : أن يماري ، فحمل المراء على أن تماري في جواز حذف من لكون أن المراء بمعنى أن تماري ، فكما يجوز حذف (من) من أن تماري فكذلك من المراء فإذا احتمل الوجوه المذكورة فليست بحجة ؛ إذ لا يجوز إثبات القاعدة بالمحتملات (قطب الكيلاني).

(٢) كقوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً)[الأعراف : ١٥٥] (رضا).

(٣) أي : في غير المفعول فيه والمفعول به ؛ فإن حذف اللام فيهما شاذّ (رضي).

(٤) كما قال أبو علي في قوله تعالى : (وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ، قُلْتَ)[التوبة : ٩٢] أي : وقلت (وجيه الدين).

(٥) ولما فرغ ممن بيان المفعول به بجميع أنواعه وأحكامه ، شرع أن يبين المفعول فيه فقال (عوض أفندي).

(٦) نحو : ضارب عمرا يوم الجمعة ، ونحو : يوم الجمعة في جواب من قال ، أي : وقت أنت ضارب ، وتقديره: أنا ضارب يوم الجمعة (شرح).


كذلك (١) أو مطابقة (٢) ، إذا كان العامل مصدرا.

فقوله : (ما فعل فيه فعل) شامل لأسماء الزمان والمكان كلها.

فانه لا يخلو زمان أو مكان عن أن يفعل فيهما فعل ، سواء ذكر الفعل الذي فعل فيهما أو لا (٣).

وقوله : (مذكور) خرج به ما لا يذكر فعل فعل فيه ، نحو : (يوم الجمعة يوم طيّب)، فإنه وان كان فعل لا محالة (٤) ، لكنه ليس بمذكور ، لكن بقي مثل : (شهدت يوم الجمعة) داخلا فيه ، فإن (يوم الجمعة) يصدق عليه أنه فعل فيه فعل مذكور ، فإن شهود يوم الجمعة لا يكون إلّا في يوم الجمعة ، فلو اعتبر في التعريف قيد الحيثية ، أي : المفعول فيه، ما فعل فيه فعل مذكور من حيث (٥) إنّه فعل فيه فعل مذكور ، ليخرج مثل : هذا المثال عنه فإن ذكر يوم الجمعة فيه ليس من حيث إنّه فعل فيه ، فعل مذكور ، بل من حيث إنه وقع عليه فعل مذكور ، ولا يخفى (٦) عليك أنه على تقدير اعتبار قيد الحيثية لا حاجة إلى قوله : (مذكور) الا لزيادة تصوير المعرّف.

__________________

(١) أي : يكون ما شابه الفعل ملفوظا أو مقدرا ، مثل : يوم الجمعة لمن قال لك : متى ضربت (م).

(٢) فيه تأمل ؛ إذ لو أريد من قوله : (ما فعل فيه) ما ناسب إليه الفعل بكلمة في لم يحتج إلى اعتبار قيد الحيثية ، ولو أريد معناه الحقيقيّ لا تجدي الحيثية ؛ لأن هذا المعنى يصير قيدا وهو لا يقتضي اعتبار نسبة الفعل إليه بكلمة في نعم يصير قريبا من اعتبارها (عب).

(٣) قوله : (أو لا) يذكر الفعل الذي حدث ووجد في كل واحد منهما لفظا أو تقديرا بل لا يلتفت إليه أصلا (م).

(٤) لفظة لا لنفي الجنس ، و (محالة) اسمها وخبرها محذوف ، أي : لا محالة فيه ، أي : لا شك في أن يفعل يوم الجمعة فعل ما (توقادي).

(٥) قوله : (من حيث أنه فعل فيه فعل مذكور) أي : يأخذ ، ويلاحظ ويذكر بهذه الحيثية. فيوم الجمعة مثلا في مثل : شهدت يوم الجمعة ، وإن فعل فيه فعل الشهود إلا أنّه لم يكن بهذه الحيثية إذا لم يقصد بذلك ، ولم يذكر لأجله بل بحيثية وقوع الفعل عليه ، فيخرج عن التعريف لأنّه مفعول به لا مفعول فيه (وجيه الدين).

(٦) قوله : (ولا يخفى) أنه على تقدير اعتبار قيد الحيثية ، يعني : أنّ قيد الحيثية وإن كان لا بد منه لإخراج غير المحدود ، مثل : شهدت يوم الجمعة إلّا أنّه يلزم الاستغناء عن قوله : (مذكور) لأنّه حينئذ يخرج قوله : (الجمعة يوم طيب بقيد الحيثية) إلّا أن يكون لزيادة تصور مفعول فيه وتحقيق ماهيته بأن يذكر جميع إتيانه وما يعبر في ماهية قول فإنّهم لا يطلقون المفعول فيه إلا ـ


وقوله (من زمان أو مكان) (١) بيان ل : (ما) الموصولة أو الموصوفة إشارة (٢) إلى قسمي المفعول فيه ، وتمهيد لبيان حكم (٣) كل منهما.

وهو ، أي : المفعول فيه ، ضربان :

ما يظهر فيه (في) وهو مجرور (٤) بها.

وما يقدر فيه (في) وهو منصوب بتقديرها.

وهذا خلاف اصطلاح القوم (٥) ، فإنهم لا يطلقون المفعول فيه إلّا على المنصوب ، بتقدير (في).

وخالفهم المصنف ، حيث جعل المجرور أيضا مفعولا فيه ، ولذلك قال : (وشرط نصبه) (٦) أي : شرط نصب المفعول فيه (تقدير في) (٧) إيذ التّلفظ بها يوجب الجرّ ،

__________________

ـ على المنصوب بتقدير (في) ، فالحد عندهم هو المقدر بفي من زمان أو مكان فعل فيه فعل مذكور (وجيه الدين).

(١) حقيقيين أو اعتباريين سرت يوم الجمعة زمان حقيقي خلفك مكان حقيقي ، وجلست قدوم زيد الشمس ، أي : وقت قدوم زيد في مكان ظهور الشمس (هندي).

(٢) قوله : (إشارة) إشارة إلى أن قوله : (من زمان) ليس قيدا احترازيا بناء على أن في محمولة على الظرفية الحقيقية فليس كل مجرور بفي مفعولا فيه (عب).

(٣) والحكم قبول النصب بتقدير في وعدم قبوله وتقسيم كل منهما إلى المبهم المحدود وبين النصب بتقدير في وعدمه بإظهار في (م).

(٤) كقولك : سرت في يوم الجمعة فيكون السير واقعا في وقت من أوقات يوم الجمعة (توقادي).

(٥) وإنما عبر عنهم بالقوم تنبيها على أن المختار عند الشارح ما ذهب إليه المصنف ؛ لأنّه كما أن اليوم في قولك: سرت يوم الجمعة ظرف للسير ومحل له. كذلك قولك : سرت في يوم الجمعة ظرف له ومحل أيضا فلا وجه لإطلاقه المفعول فيه على الأول دون الثاني (م).

(٦) قوله : (وشرط نصبه تقدير في) فإذا قدر (في) في المفعول فيه وقد تضمن المفعول فيه معنى في ، وإذا تضمن معنى في يكون المفعول فيه مبنيا لتضمنه معنى أن أين وكيف مبنيان لتضمنهما معنى همزة الاستفهام. قلنا : لا نسلم أنه إذا قدر (في) في المفعول فيه فقد تضمن المفعول فيه معنى ؛ لأنه لو كان كذلك لم يجز إظهار في مع المفعول فيه كما لم يجز إظهار الهمزة مع أين وكيف ؛ ؛ إذ الفرق بين التضمين والتقدير ؛ ؛ إذ التضمين يقتضي عدم جواز الإظهار ، والتقدير يقتضي جواز الإظهار (قطب الكيلاني).

(٧) أي : أن يكون في مقدرة لا ملفوظة ؛ لأنها لو كانت ملفوظة لوجب خفضه فامتنع نصبه ، وإنما ـ


(وظروف (١) الزمان كلها) مبهما كان الزمان أو محدودا (٢) (تقبل ذلك) أي : تقدير(في)؛ لأن (٣) المبهم منها جزء مفهوم الفعل فيصبح انتصابه بلا واسطة ، كالمصدر(٤).

والمحدود منها محمول عليه أي : على المبهم ، لاشتراكها في الزمانية نحوه (صمت دهرا) و (أفطرت اليوم).

(وظروف المكان إن كان) المكان (٥) (مبهما قبل ذلك) أي : تقدير(في) حملا(٦)

__________________

ـ اشترط أن يكون مقدرة لأنّ للمفعول فيه لا بد من كلمة في تحقيقا لمعنى الظرفية فهي إذا لم يكن ملفوظة وجب أن يكون مقدرة وإلا لكان اسم الزمان والمكان اسما صريحا ولم يكن مفعولا فيه. فإن قلت : إن قوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)[سبأ : ٣٣] وفي قول الشاعر :

يا سارق الليلة

ـ هل الدار مقدرة مع تخلف النصب. قلت : ذلك لكونه من الأمور الجائزة ؛ لأن وجود الشرط لا يلزمه أن يكون مستلزما لوجود المشروط بل الأمر على العكس مع أن منع تقدير في ههنا جائز (عوض أفندي).

(١) ولما ثبت أن شرط نصبه تقدير في أراد أن يبين أن أي : نوع يمتنع عن قبوله (عافية).

(٢) أي : معينة وهي ما يكون مقداره معلوما كاليوم والليلة والشهر والحول (عوض أفندي).

(٣) قوله : (لأنّ المبهم منها جزء) فإن قلت : الزمان الذي هو جزء الفعل إنما هو أحد الأزمنة الثلاثة لا ظرف الزمان المبهم كالحين والوقت والزمان ، قلت : أحد الأزمنة أيضا مبهم فإنّه قال الرضي : المبهم من الزمان الذي هو لا حد له يحصره معرفة كانت أو نكرة والمعين ما له نهاية يحصره كاليوم والليل ، أو تقول : لما كان المقيد أي : أحد الأزمنة جزءا فكان المطلق أيضا جزءا. واعلم أن المراد من قوله : (وظروف المكان) فكذا من قوله : (وظروف الزمان) إن كان مبهما هو المظهر وأما المضمر مبهما فلا بد فيه من إظهار في إلا إذا سمع فيه فجعل مفعولا به (شرح اللباب).

(٤) لأن الفعل يدل بصيغته على الزمان كما يدل على المصدر فكما يتعدى إلى جميع المصدر فكذلك إلى جميع ظروف الزمان وفيه نظر ؛ لأن الفعل لا يدل قطعا على المؤقت من الظروف الزمان نحو يوم ، نعم يدل على الزمان المعين كالماضي فيكون من المكان فكذلك المؤقت من الزمان دون المكان (شرح موشح).

(٥) يشير إلى أن الضمير في كان راجع إلى المضاف إليه وهو المكان وإلا لوجب التأنيث ويجوز إرجاعه إلى المضاف وهو الظروف فالتذكير بتأويل القسم الثاني أو النوع الثاني أو بأن يكتسب المضاف من المضاف إليه التذكير أو بأن تأنيث الظروف غير حقيقي لكونه بتأويل الجماعة.

(٦) وذلك أن الفعل لا يدل على المكان المبهم أصلا ؛ لأن المقصود من دلالة اللفظ على ـ


على الزمان المبهم ، لاشتراكهما في الإبهام نحو : (جلست خلفك) (وإلا) أي : وان لم يكن مبهما ، بل يكون محدودا (فلا) يقبل تقدير (في) اذ لم يمكن حملاه على الزمان المبهم (١) ، لاختلافهما ذاتا (٢) وصفة ؛ نحو :

(جلست في المسجد) (وفسر المبهم) (٣) من المكان (بالجهات الستّ) (٤) وهي: (أمام وخلف ويمين وشمال وفوق وتحت) وما في معناها ، فإن (أمام زيد) ، مثلا يتناول جميع ما يقابل وجهه الى انقطاع الأرض ، فيكون مبهما.

ولما لم يتناول هذا التفسير بعض الظروف المكانية) الجائز نصبها (٥) قال : (وحمل عليه) أي : على المبهم المفسر بالجهات الست (عند ولدي (٦) ، وشبههما) نحو : دون ، وسوى (٧) (لإبهمامهما) أي : لإبهام (عند (٨) ولدي) ولم يذكر وجه حمل شبههما

__________________

ـ الشيء الدلالة الوضعية لا العقلية ودلالة الفعل على المكان عقلية لا وضعية ومع هذا فهو يدل عقلا على مطلق المكان لا على مبهم المكان بالتفسير الذي فسره (شيخ الرضي).

(١) ولم يحمل على المكان المبهم ؛ لأنه فرع فالحمل عليه كالاستعارة من المستعير والسؤال من الفقير (هندي).

(٢) لأن ذات الأول الزمان والثاني المكان وصفة الأول المبهم والثاني محدود ولم يوجد وجه الحمل (توقادي).

ـ واعلم أن الظرف إذا دخل عليه حرف الجر صار اسما صريحا نحو من قبلها (رضا).

(٣) قال : وفسر المبهم بالجهات هذا تفسير أكثر المتقدمين وأما تفسير غيرهم فمنهم من قال إن المبهم من المكان هو النكرة والمعين منه هو المعرفة ، وفيه أن نحو خلفك معرفة مع أنه منصوب اتفاقا ويمكن دفعه بأنه ملحق بالنكرة لإبهامه أو بأنه نكرة حقيقية (لاري).

(٤) وترك التاء في العدد ؛ لأن الجهات مؤنثة (هندي).

(٥) وبعض الأزمان والأماكن لا يكون إلا منصوبا على الظرفية وقد يكون مبتدأ نحو يوم الجمعة مبارك وقد يكون فاعلا نحو دخل الشهر وغير ذلك.

ـ ويستعمل عند في الزمان أيضا يعني : عند أصله أن يستعمل في المكان وقد جاء مستعملا في الزمان كما في قوله : (عند الصباح) يحمد القوم السري (شرح اللباب).

(٦) ولدى من الظروف وهو بمعنى عند إلا أنها أخص ، فقولك : عندي ، يتناول ما كان في منك حضرك كقولك عندي مائة ولدى لم يتناول إلا ما حضرك (شرح المحمدية).

(٧) مقصور بضم السين وهو الأكثر وبكسره وسواء ممدود بفتح السين المال سوى زيد أي : مكانه ؛ لأن سوى بمعنى المكان المال دون زيد بمعنى عند (لباب).

(٨) لأنك إذا قلت : جلست عندك يتناول جميع الأمكنة التي حواليك (مصطفى جلبي).


عليه ؛ لأن حكمه حكمهما (١).

وفي بعض النسخ (لإبهامهما كما هو الظاهر).

وكذا حمل على المبهم من المكان (لفظ مكان) (٢) وإن كان معينا نحو : (جلست مكانك) (لكثرته) في الاستعمال مثل : الجهات الست ، لا لابهامه.

(و) كذا حمل عليه (ما (٣) بعد (دخلت) (٤) وان كان معينا (نحو (دخلت الدار)(٥) لكثرته (٦) في الاستعمال لا لابهامه (على الأصح) أي : على المذهب الأصح.

فإنه ذهب بعض النحاة إلى أنه مفعول به ، لكن الأصح أنه مفعول فيه ، والأصل

__________________

(١) ولك أن تجعل الضمير راجعا لها عند ولدى وشبههما بجعلهما بمنزلة المشبه والمشبه به وذلك بأن تجعل الضمير راجعا إلى المبهم وعند ولدى وشبههما بتأويلها بالمحمول والمحمول عليه (إسفرايئني).

(٢) أو ما بمعناه إذا كان الفعل موافقا له في إفادة معنى الاستقرار نحو : جلست مجلسك وقمت مقامك وضعتك موضع فلان إلى غير ذلك من ذوات الميم مما يجري هذا المجرى (هندي).

(٣) قوله : (ما بعد دخلت) ، فيه نظر ؛ لأن ورود ما بعد دخلت إنما هو على حصر النصب بتقدير (في) في المبهم لا على تفسير المبهم ؛ لأن المراد بما بعد دخلت هو المكان المعين قوله : (فأجاب فيه أن الجواب ليس في مقابلة السؤال فإن الحمل لا يستلزم صحة التفسير بالجهات نعم لو كان السؤال على حصر النصب بتقدير (في) في المبهم ولم يكن هذه الأشياء مبهمة يكون ذلك الجواب مقابلا للسؤال ، ويمكن أن يقال : إن المبهم في الاصطلاح إنما هو الجهات ، فالسؤال حينئذ إنما هو على حصر النصب بتقدير (في) في المبهم بالمعنى الاصطلاحي فأجاب بأن هذه الأشياء محمولة على المبهم المصطلح لوجود الإبهام اللغوي (حواشي هندي).

(٤) وما يقاربه من نحو نزلت وسكنت نحو دخلت الدار ونزلت الحان وسكنت البلد (هندي).

(٥) وقال الجرمي : إن دخلت متعد وما بعده مفعول به فلا شذوذ فيه على قوله : (والأكثر) على أنه لازم وما بعده منصوب على الظرفية فيكون شاذا وهو الأصح ؛ لأن مصدره على صيغة الفعول نحو الدخول في الأغلب مصدر اللازم وكذا السكون والنزول ولأن ضد الدخول الخروج وهو لازم اتفاقا وكذا ضد السكون التحريك وضد النزول الارتحال وهما لازمان ولأن استعمال هذه الأفعال مع في نحو دخلت في الدار وسكنتم في مساكن الذين ظلموا ونزلت في الحان يقوي أن انتصاب ما بعدها على الظرفية (عباب).

(٦) أي : لكثرة استعمال هذا المثال أو ليكون استعمال الدخول مع المكان المحدود كثيرا والكثرة يستلزم تخفيف ذلك اللفظ (توقادي).


استعماله بحرف الجر (١) ، لكنه حذف لكثرة استعماله ، وهذا محل تأمل ، فإن الفعل لا يطلب المفعول فيه إلا بعد تمام معناه (٢) ، ولا شك (٣) أن معنى الدخول لا يتم بدون الدار.

وبعد تمام معناه بها يطلب مفعول فيه كما إذا قلت : (دخلت الدار في البلد الفلاني) فالظاهر أنه مفعول به لا مفعول فيه ، ومما يؤيد (٤) ذلك أن كل فعل نسب إلى مكان خاص بوقوعه فيه يصح أن ينسب إلى مكان عام شامل (٥) له ولغيره ، فإنه إذا قلت : (ضربت زيدا في الدار) (٦) التي هي جزء من البلد ، فكما يصح أن تقول (ضربت زيدا في الدار) كذلك يصح أن تقول : ضربته في البلد).

وفعل الدخول بالنسبة إلى الدار ليس كذلك ، فإنه إذا قال الداخل في البلد : (دخلت الدار) لا يصح أن يقول : (دخلت البلد) (٧) فنسبه الدخول إلى الدار ليست كنسبة

__________________

(١) يعني بلفظة في ويقال دخلت في الدار ولما عرفت أن الدار مكان معين والدخول لازم فلا بد من واسطة حرف الجر (توقادي).

(٢) وتمام معناه إن كان لازما بفاعله وإذا تم بفاعله يطلب المفعول فيه نحو جلست في مكانك كذا وصمت يوم الخميس وإن كان متعديا بالفاعل والمفعول به وإذا تم بهما يطلبه أيضا نحو : ضربت زيدا في مكان كذا وقرأت هذه المسألة أمامك (م).

(٣) قوله : (ولا شك ... إلخ) فيكون صلة له كما أن عن صلة لضده الذي هو الخروج استدل الشيخ الرضي على الدخول لازم بلزوم كلمة (في) في غير المكان ، ويكون الدخول فعولا والفعول من المصادر اللازمة غالبا لا يخفى أن ما ذكره يدل على نفي التعدي بلا واسطة (عب).

(٤) قوله : (ومما يؤيد ذلك) ما ذكر من التأييد مبني على استعمال العرب فإن جاء استعمال العرب كما قاله فلا كلام فيه وإلا فلا يصلح التأييد وذكروا في استدلاله أن مصدره الدخول والفعول في المصادر اللازمة أغلب وأنه ضد خرجت وهو لازم واستعمال دخلت وسكنت ونزلت مع في كثير (وجيه الدين).

(٥) (١٥) ؛ لأن الشامل ظرف لذلك الخاص ، وكلها هو ظرف للظرف يكون ظرفا لمظروفه كالدرة في الحقة والحقة في البيت فالدرة في البيت (محمد أفندي).

(٦) فالمكان الخاص هاهنا لفعلك هو الدار ؛ لأن فعلك الذي هو الضرب لم يصدر منك إلا فيها فكان الدار مكانا خاصا له والمكان العام البلد الذي جزء منه فكان البلد مكانا عاما لشموله لها وكون الدار جزءا منه. (توقادي).

(٧) لأنه لم يوجد منه الآن الدخول في البلد ؛ لأن الآن في البلد والدخول إنما يكون بعد الخروج والمفروض أن يكون في البلد ويدخل الدار (م).


الأفعال إلى أمكنتها (١) التي فعلت فيها.

فلا تكون الدار مفعولا فيه ، بل مفعولا به (٢).

وقيل معناه على الاستعمال الأصح ، فيكون اشارة إلى أن استعمال (دخلت) مع (في) نحو : دخلت في الدار ، صحيح (٣) ، لكن الأصح استعماله بدون (في) وتقل عن سيبويه : أن استعماله ب : (في) شاذ.

(وينصب) أي : المفعول فيه (بعامل مضمر) بلا شريطة التفسير نحو : (يوم الجمعة) في جواب من قال : (متى سرت؟) أي : سرت يوم الجمعة ، وبعامل مضمر (على شريطة التفسير) نحو : (يوم الجمعة صمت فيه) والتفصيل فيه بعينه كما (٤) مرّ في المفعول به.

(المفعول له)

(المفعول له) (٥)

__________________

(١) أي : فنسبة الدخول إلى الدار نسبة الفعل إلى المفعول به ، ونسبته إلى البلد نسبت إلى المفعول فيه (محمد أفندي).

ـ يعني : كنسبة كل فعل إلى مكان خاص له بل نسبة الدخول إلى الدار كنسبة الضرب إلى زيد فكما أن زيدا مفعول به كذلك الدار مفعول به (توقادي).

(٢) وفيه نظر ؛ لأنه لا يلزم من عدم صحة هذه النسبة أن يكون الدار مفعولا به.

ـ ولا يحتاج إلى وقوع فعل الفاعل إليه ؛ لأن الاحتياج إنما يكون في المفعول به الصريح (لمحرره).

(٣) كما أن استعمال سائر الأفعال المتعدية إلى الظروف الجائز نصبها مع في صحيح (م).

(٤) لكونه اسما بعده فعل مشتغل عنه بضميره أو متعلقه لو سلّط عليه هو أو مناسبه لنصبه ، نحو : يوم الجمعة صمت فيه ، والمفعول فيه في كون نصبه واجبا أو مختارا أو مساويا للرفع ومرجوحا فيجب النصب بعد حرف الشرط وحرف التحضيض ، نحو : يوم الجمعة سرت ، وهلا يوم الجمعة سرت فيه ، ويختار النصب بعد إذا الشرطية وحيث وحرف النفي والاستفهام وفي الأمر والنهي وعند خوف لبس المفسّر بالصفة ، نحو : كل يوم صمت فيه في الصيف بالعطف على جملة فعلية ، نحو : أفطرت يوم الخميس ويوم الجمعة صمت فيه ، ويستوي فيه الأمران في مثل : زيد سار ويوم الجمعة شربت فيه لأجله ، ويترجح الرفع بالابتداء عند عدم قرينة خلافه عند وجود أقوى ك : إذا المفاجأة ، وأما نحو : لقيت زيدا فإذا يوم الجمعة شاذ فيه (وجيه الدين وهندي).

(٥) مبتدأ محذوف الخبر أو خبر محذوف المبتدأ ، أي : هذا باب المفعول له وله مفعول ما لم يسم فاعله (هندي).


(هو ما فعل لأجله) أي : لقصد تحصيله (١) ، أو بسبب وجوده.

وخرج به سائر المفاعيل مما فعل مطلقا أو به أو فيه أو معه.

(فعل) أي : حدث (مذكور) أي : ملفوظ حقيقة أو حكما.

فلا يخرج عنه ما كان فعله مقدرا كما إذا قلت : (تأديبا) في جواب من قال :

(ولم ضربت زيدا؟)

فقوله : (مذكور) احتراز به عن مثل : (أعجبني التأديب) (٢) فإن قلت : كيف يصح الاحتراز به عنه ، وهو ، أي : الفعل الذي فعل لأجله مذكور في الجملة (٣) كما في (ضربت زيدا؟) (٤).

قلنا : المراد مذكور معه.

فان قلت : هو مذكور معه في (ضربته تأديبا).

__________________

(١) إشارة إلى قسمي المفعول له العلة الغائية ، وسبب الحاصل فيكون قوله : (لأجله) محمولا على عموم المجاز (جلبي).

ـ قوله : (لقصد تحصيله أو بسبب وجوده اه) أراد أن المفعول له قسمان : قسم يفعل الفعل لأجل تحصيله ويكون غرضا ومقصودا من الفعل يحصل منه فيترتب عليه يكون علة بحسب التعقل ومعلولا بحسب الخارج ، وقسم يفعل الفعل لأجل وجوده ويكون حاصلا وموجودا قبل الفعل وهو العلة يكون علة في الخارج ، كقولك : قعدت عن الحرب جبنا ؛ فإن الجبن علة مؤثرة للقعود موجودة قبله. فإن قيل : التأديب عن الضرب فكيف يحصل قيل إنه يحصل به باعتبار تضمنه وهو التأدب ، الأدب : هو الاتصال بمكارم الأخلاق (وجيه الدين).

(٢) اعلم أن الغالب في المفعول له التنكير بحسب الاستعمال ، ولذلك توهم الجر من اشتراط تنكيره فلم يجوز كونه معرفة (كاملة).

ـ ونحو : كرهت التأديب فإن التأديب فعل الضرب إلا أنك لم تذكره في قولك : أعجبني التأديب (رضي).

(٣) أي : في بعض تركيب آخر ، فإن تأديبا محذوف من هذا كما أن الضرب محذوف من ذاك ، أي : أعجبني التأديب (هندي).

(٤) لأن ذكر الفعل الذي لأجله فعله في هذا المثال يؤذن بذكره في مثل : أعجبني التأديب فيكون هذا المثال من قبيل ما ذكر فعله حكما فيرد السؤال (توقادي).


قلنا : المراد : مذكور معه في التركيب الذي هو فيه ، ويرد حينئذ نحو :

(أعجبني التأديب) (١) الذي ضربت لأجله ، اللهم (٢) الا أن يراد بذكره معه إيراده معه للعمل فيه (مثل (ضربته تأديبا) مثال لما فعل لقصد تحصيله فعل وهو الضرب ، فإن التأديب (٣) إنما يحصل بالضرب ويترتب عليه.

(وقعدت عن الحرب جبنا) (٤) مثال لما فعل بسبب وجوده فعل ، وهو القعود. فإن القعود إنما وقع بسبب الجبن.

والقائل يكون المفعول له مفعولا مستقلا غير داخل في المفعول المطلق ، يخالف (٥) (خلافا) (٦) ...

__________________

(١) فإن التأديب فاعل لأعجب لا مفعول له ؛ لأن التأديب في هذا التركيب ليس سبب وعلة لأعجب فليس من حيث فعل فعل العجوب لأجله فلا يحتاج إلى قيد يخرج (محمد أفندي).

(٢) والجواب أن المراد بالتركيب الذي هو فيه الجملة التي هو فيها وفعل الفعل الذي قبلها لأجله لا مطلق الجملة كما توهم الشارح ؛ لأن جزء الجملة لا يفعل لأجل جزء جملة أخرى وهذا نظير قولههم : (الاستفهام لها صدر الكلام) مع أنهم قالها زيد من أبوه فظهر بهذا بطلان قوله : (اللهم) وسقوط ما لأصحاب الحواشي (داود أفندي).

(٣) قوله : (فإن التأديب اه) إن قلت : كيف يحصل التأديب بالضرب ويترتب عليه مع اتحادهما بحسب الذات؟ قلنا : أراد ترتب ما يتضمن التأديب أعني : التأدب ، قال الشيخ الرضي : العلة الحاملة التأدب وإنما نصب التأديب بالعلة الحقيقية ومشاركة الحدث في العامل والزمان ولو صرحت بالعلة الحقيقية لم ينصب عند النحاة (عب).

(٤) قيل : لو قال : وحاربته شجاعة لكان أحسن أي : أحسن لمقام المنازعة للزجاج وإظهار الجلادة ويحتمل أن يقال فيه تعريض عليه وتنبيه على عدم تعمقه والاكتفاء بظاهر الأمر (عبد الغفور).

(٥) قوله : (يخالف) على صيغة المجهول ، وقوله : (خلافا ظاهرا للزجّاج) بأن يكون هذا الخلاف واقعا ظاهرا من جانبه لا من جانب الجمهور كما يقتضي باب المفاعلة لتقدمهم فكأنه لا مخالفة منهم ، قاله الشارح في بحث أفعال الناقصة فسقط. هذا ما في العصام بهذا (داود).

ـ أي : يخالف هذا القول لأبي إسحاق والزجاج خلافا ظاهرا بعد تقرر إجماعهم على كونه معمولا مستقلا (هندي).

(٦) اعلم أن خلاف الزجّاج ليس بمتعلق بما ذكر من المثال كما زعمه صاحب المتوسط ، بل هو متعلق بأصل الباب ؛ يعني : بترجمة الباب بالمفعول له كما هو مذهب البصريين صحيحة خلافا للزّجّاج فإنّه لا يفرده بابا برأسه بل يجعل من باب المفعول المطلق كما هو مذهب الكوفيين (عافية).


ظاهرا (١) (للزجاج (٢) فانه) أي : المفعول له (عنده) (٣) أي : عند الزجاج (مصدر) من غير لفظ فعله.

فالمعنى عنده في المثالين المذكورين : أدبته بالضرب تأديبا ، وجبنت في القعود عن الحرب جبنا ، أو ضربته ضرب تأديب ، وقعدت قعود جبن (٤).

وردّ (٥) قول الزجاج : بأن صحة تأويل نوع بنوع لا تدخله في حقيقته (٦).

ألا ترى إلى صحة تأويل الحال بالظرف من حيث أنّ معنى (جاءني زيد راكبا) جاءني زيد وقت الركوب ، من غير أن تخرج عن حقيقتها.

(وشرط نصبه) أي : شرط انتصاب المفعول له لا شرط كون الاسم مفعولا له.

__________________

(١) وإفادته في قوله : (ظاهرا) والأظهر أن يقول يخالف الزجّاج هذا خلافا ؛ لأن قول النحاة أصل والخلاف إنما وقع منه (ع ص).

(٢) مذهب الزجّاج أن ما تسميه النحاة مفعولا له هو المفعول المطلق وذلك لما رأى من كون عامل المفعول له تفصيلا وبيانا له كما في ضربته تأديبا فالتأديب مجمل والضرب بيان له فكأنك قلت : أدبت بالضرب تأديبا ويصح أن يقال الضرب هو التأديب فصار مثل ضربت ضربا في كون مضمون العامل والمعمول ولا يطرد له بهذا في جميع أنواع المفعول له فإنه ليس بيان لجبن ، ولا يقال : قعود جبن إلا مجازا وكذلك قولك : جئتك إصلاحك بالإعطاء أو النصح أو نحوه فإن المجيء ليس بيانا للإصلاح بل بيان الإعطاء أو النصح كما صرحت به ولعله يقدر في مثله قعود جبن ومجيء إصلاح على حذف المضاف وهو تكلف (شيخ الرضي).

(٣) فإن عنده مصدر لما رأى من كونه مضمون عامل المفعول له تفصيلا وبيانا له كما في ضربت تأديبا فإن معناه أدبت بالضرب تأديبا (لاري).

(٤) الظاهر أن المصدر حقيقة هو المحذوف ، لا المذكور ، وإطلاق المصدر عليه لنيابته عن المحذوف كما في ضربت سوطا أي : ضرب سوط مصدر من غير لفظه (عب).

(٥) واستدلوا على بطلان مذهبه بإدخال التعليق عليه كما في : ضربته للتأديب فلو كان مصدرا لما صح دخولها عليه ألا يرى أنه لا يصح أن يقال : ضربته الضرب أو لسوط وما هو منه بغير اللام بمعناه لانفهام معنى التعليل منه فلزم أن يتضمن اللام وهو بمعزل عن مواقع المصدر فلما ظهر امتناع اللام لفظا وتقديرا في المصدر خرج المفعول له عن حده وكان بابا على حدة (عافية شرح الكافية).

(٦) يعني : أن يكون تأويل المفعول له بالمفعول المطلق إما بتقدير الفعل أو بتقدير المضاف صحيحا لا يخرج المفعول له عن حقيقته (م ح).


فالسمن والأكرام في قولك (جئتك للسمن) و (لاكرامك الزائر) عنده مفعول له على ما يدل عليه حده ، وهذا كما قال في المفعول فيه : إنّ شرط نصبه تقدير (في) وهذا (١) أيضا خلاف اصطلاح القوم.

(تقدير اللام) (٢) لأنها إذا أظهرت لزم الجر.

وخص (٣) اللام بالذكر ؛ لأنها الغالب في تعليلات الأفعال فلا يقدر غيرها من (من أو الباء أو في) مع أنها من دواخل المفعول له كقوله تعالى : (خاشِعاً (٤) مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ (٥) اللهِ [الحشر : ٢١]) وقوله تعالى : ((فَبِظُلْمٍ (٦) مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا) [النساء : ١٦٠]) وقوله عليه‌السلام : «إنّ (٧) أمرأة دخلت النار في هرة» البخاري : ٣٣١٨ أي : لأجلها.

ولما كان (٨) تقدير (٩) اللام عبارة عن حذفها عن اللفظ وابقائها في النية ، وكان

__________________

(١) قوله : (وهذا أيضا خلاف اصطلاح القوم) فإنهم لا يسمّون المفعول له إلا المنصوب الجامع للشرائط فحده عندهم المصدر المقدر باللام المعلل به حدث شاركه في الفاعل والزمان (وجيه الدين).

(٢) الباء هاهنا داخلة على المقصور واقتصر المصنف على اللام ولم يذكر غيرها مما يفيد العلية حيث لم يقل تقدير اللام وغيرها مما يفيد العلية (م).

(٣) يعني : لا بد للمفعول له من اللام تحقيقا لمعنى العلية فإذا حذفت لأجل نصبه ؛ لأنه لو لم يحذف لم يمكن نصبه بل يجب جره ؛ لأن حرف الجر لا يلغى وجب أن يكون مقدرة وإلا لفات التي هي شرط تحقق المفعول له (عافية شرح الكافية).

(٤) أي : متواضعا ؛ لأن الخشوع التواضع ، أو ساكنا مطمئنا مثل قوله تعالى : (أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً)[فصلت : ٣٩] أي : ساكنة مطمئنة لأمر الله (م).

(٥) التصدع التفرق يقال : تصدع القوم أي : تفرقوا من خشية الله علة للتصدع بمن الجارة ، أي : رأيت ذلك الجبل خاشعا أي : منقادا لأمر الله متصدعا أي : متفرقا لخوفه من الله وعذابه هذا مثال لكون المفعول له ب : من الجارة (توقادي).

(٦) مفعول له ل : حرمنا المؤخر ، الباء السببية كاللام فلأجل الظلم أي : فحرمنا على بني إسرائيل طيبات أحلت أي أشياء كانت حلالا لهم ، وهي كل ذي ظفر وشحوم البقر والغنم (م).

(٧) قوله : (إن) مخففة من الثقيلة عملت في ضمير القصة المقدرة أي : أنها ، وامرأة مبتدأ دخلت خبره ، والمبتدأ مع خبره خبر ؛ لأن أي : عملت عملا يكون سببا لدخول النار (حاشية).

(٨) كأنه قيل : إن المصنف جعل لحذف اللام شرطا فلم لم يجعل أيضا شرطا لإبقائها في النية ، فقال : لما كان اه (رضا).

(٩) يعني لما كان التقدير عبارة عن مجموع الحذف والإبقاء في النية وكان الأصل بقاءها في اللفظ ـ


لأصل إبقاءها في اللفظ (١) والنية ، فلا حاجة في ابقائها في النية الى شرط ، بل الحاجة اليه إنما تكون في حذفها من اللفظ ، ولهذا قال : (وإنما يجوز (٢) حذفها) ولم يكتف (٣) بارجاع ضمير الفاعل الى تقدير اللام ، فيجوز حذفها ، كما يجوز ذكرها (إذا كان) المفعول له (فعلا) احتراز عما إذا كان عينا ، نحو : (جئتك للسمن) (٤).

(لفاعل الفعل (٥) ...

__________________

ـ والنية لم يحتج في إبقائها في النية إلى شرط ؛ لأن الأصل لا يحتاج إلى نكتة وإنما يحتاج إليها العدول عن الأص ، وهذا الشرط يوجب نكتة ؛ لأنه بهذا الشرط يشابه المفعول المطلق فيتعلق بالفعل بلا واسطة تعلق المصدر فلهذا قال : وإنما يجوز إلى آخره (وجيه الدين).

(١) لأن اللام وضعت للتعليل والأصل فيما وضع له أن يكون مذكورا لفظا ليستفاد ما وضع هو له من لفظه لا من غيره كما كان الأصل إبقاءها (م).

(٢) اعلم أن اللام يجوز حذفها عند حصول اشتراط ثلاثة : أحدها : أن يكون مصدرا ، والثاني : أن يكون فعلا لفاعل الفعل المعلل ، والثالث : أن يكون مقارنا له في الوجود. وإنما لم يذكر المصنف ؛ لأن قوله : (فعلا لفاعل الفعل المعلل) أغناه عن ذكره ؛ لأن فعل فاعل الفعل المعلل لا يكون إلا مصدرا لما ذكرناه في المفعول المطلق (كبير).

ـ وقوله : (إنما يجوز) فائدتان : إحداهما : أن جواز الحذف مقصور على حصول ما يذكر من الشرطين وهي بإفادة إنما. وثانيتهما : أن إثبات اللام جائز عند حصولهما لكن تفصيل هذا المقام بأن يقال : إن جواز الإثبات إذا كان المفعول له معرفة أو قريبا منها ، وأما إذا كان نكرة فضعيف عند بعض آخر ؛ لأنه إذا كان نكرة محضة تكون له شبه خاص بالمفعول المطلق الذي للتأكيد وكما لا يجوز انجراره باللام كذلك ، لا يجوز انجرار المفعول له المشابه للمفعول المطلق ولأنه حينئذ يشبه الحال والتمييز من اللفظ لتنكيره ومن جهة المعنى لما فيه من البيان فيجب أن يكون منصوبا كما يكونا منصوبين وإذا انتصب امتنع من الجر فالمعنى : إنما يجوز حذف اللام إذا حصل الشرطان (عافية شرح الكافية).

(٣) وضع المظهر موضع المضمر وعبر عن التقدير بالحذف للتنبيه على جريان الاصطلاح بإطلاق كلا اللفظين وقد يفرق بينهما بأن التقدير في اللفظ مع إبقاء في النية والحذف هو الترك في اللفظ والنية (هندي ولارى).

(٤) فإن السمن ليس بمصدر فلا يدخل في الفعل المذكور أيضا ؛ لأنه إذا لم يكن مصدرا لم يكن من جنس الفعل المعلل فكيف يندرج فيه؟ (سيد علي زاده).

(٥) اعلم أن الفعل أعم من أن يكون اختياريا وطبيعيا فيتناول الجبن في قعدت الجبن فلا ينتقض به (عوض).

ـ وفي هذا الشرط نظر ؛ لأنه لو كان شرطا للانتصاب لما وجد بدونه ؛ لأن انتفاء الشرط يستلزم ـ


المعلل به) ، أي : اتّحد (١) فاعله وفاعل عامله ، احترز به عمّا إذا كان فعلا لغيره نحو : (جئتك لمجيئك إياي).

(ومقارنا له) أي : للفعل المذكور (في الوجود) بأن يتحد زمان وجودهما ، نحو : (ضربته تأديبا) فإن زمان الضرب والتأديب واحد ؛ إذ لا مغايرة (٢) بينهما إلا بالاعتبار.

أو يكون زمان وجود أحدهما بعضا (٣) من زمان وجود الآخر نحو : (قعدت عن الحرب جبنا) فإن زمان الفعل ـ أعني : القعود ـ بعض زمان المفعول له أعني ايقاع الصلح ـ بعض زمان الفعل ، أعنيك شهود الحرب.

واحترز بذلك القيد عما إذا لم يكن مقارنا له في الوجود نحو :

(أكرمتك اليوم لوعدي بذلك أمس)

وإنما اشترط هذه الشرائط (٤) ؛ لأنه بهذه الشرائط يشبه المصدر ، فيتعلق بالفعل بلا واسطة. تعلق المصدر (٥) به ، بخلاف ما إذا اختل شئ منها.

__________________

ـ انتفاء المشروط مع أنه يوجد كقولك : شكرتني إحسانا مني إليك فإن الإحسان من فعل المشكور لا من الشاكر اللهم إلا أن يحمل على الندرة أو الشذوذ (عافية).

ـ ولقائل أن يقول : إنه منقوض بقوله تعالى : (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً)[الرعد : ١٢] فإن خوفا مفعول له مع أنه ليس فعلا لفاعل الفعل المعلل ؛ لأنه تعالى منزه عن الخوف والطمع ، ونجيب : بأنه لا نسلم أنه مفعول له بل إنه حال من يريكم ، سلمنا أنه مفعول له ولكن على حذف المضاف إليه إرادة خوفكم وطمعكم ، وقيل : التقدير يخافونكم خوفا ويطمعون طمعا (عوض).

(١) قال الرضي بعضهم لم يشترط الاتحاد في الفاعل وهو الذي يقوى في ظني وإن كان الأول هو الغالب وأجاب أبو علي عدم المقارنة في الزمان (ح).

(٢) كأنه قيل : كيف يقع الضرب والتأديب في زمان واحد وأن لكل لا بد من زمان على حدة ، فقال : لا مانع عن وقوعهما في زمان واحد ؛ إذ لا مغايرة بينهما (محمود أفندي).

(٣) أن يكون زمان أحدهما شاملا ومحيطا لزمان وجود الآخر سواء كان الزمان زمان المفعول له أو لا (م).

(٤) فإن قلت : لم حذف الجار من المفعول له إذا اجتمع القيود الثلاثة؟ قلت : ؛ لأنه إذا وجد الشروط المذكورة يكون كالمفعول المطلق في كونه حدثا وكون فاعل العامل والمعمول واحدا وكون المستفاد من العامل والمستفاد من المعمول مقارنين في الوجود فيجري حكم المفعول المطلق والمشبه به وهو كونه منصوبا بلا واسطة في المفعول له المشبه (أحمد نازلي).

(٥) وهذا أحسن ؛ لأنه يقتضي أن يعد المفعول له من الملحق بالمفعول المطلق لا من المنصوبات الأصلية (خوافي).


(المفعول معه)

(المفعول معه) :

أي : الذي فعل بمصاحبته (١) ، بأن يكون الفاعل مصاحبا له في صدور الفعل عنه أو المفعول به في وقوع الفعل عليه.

فقوله : (معه) مفعول ما لم يسم فاعله ، أسند اليه المفعول كما أسند إلى الجار والمجرور في المفعول به ، وفيه وله.

والضمير المجرور راجع إلى اللام ، واعتذر (٢) عن نصبه (معه) بما جوزه بعض النحاة من إسناد الفعل إلى لازم النصب ، وتركه منصوبا جريا على ما هو عليه في الأكثر ، واليه ذهب في قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] على قراءة النصب.

وفي بعض الحواشي (٣) أنّ هذا الرأي شريف جدّا (٤).

وقيل : الوجه أن يجعل من قبيل (وقد حيل (٥) بين العير والنّزوان) فإن مفعول ما

__________________

(١) وإضافة المصاحبة إلى الضمير المجرور إضافة المصدر إلى المفعول بقرينة قوله : (بأن يكون مصاحبا على صيغة الفاعل) ويجوز أن يكون إضافة المصدر إلى الفاعل بقرينة قوله : بعد (لمصاحبة معمول فعل) وكلاهما مستقيم ؛ لأن مصاحبة أحدهما يستلزم مصاحبة الآخر لها ؛ لأنه من باب المشاركة (تأمل).

(٢) قوله : (واعتذر عن نصبه) ، أي : نصب مع المانع عن إسناد الفعل إليه وإقامته مقام الفاعل بأن هذا مبني على مذهب الأخفش وهو يجيز إسناد الفعل إلى غير المنصرف من الظروف مع بقائه على النصب جريا على ما هو عليه في الأكثر وهو النصب أو قد يخبر بمن ؛ لأن المراد بغير المنصرف ما لا يجوز أن يخبر عنه لكونه لازم النصب ويخبر بمن (وجيه الدين).

(٣) قوله : (وفي بعض الحواشي اه) لجعل ما هو محط الفائدة قائما مقام الفاعل ولخلوه عن تكلف اعتبار ضمير راجع إلى مصدر الفعل عن جعل المصدر نائبا مناب الفاعل من غير تخصيص (عب).

(٤) قوله : (جدا) منصوب على أنه مفعول مطلق لفعل واجب الحذف مثل : زيد قائم حقا (م).

(٥) قوله : (بين العير) بالفتح الحمار الوحشي والأهلي أيضا والأنثى عيرة ، والنزوان بفتحتين : الوثب يقال : نز الذكر على الأنثى ينز ونزاء بالكسر إذا وثب عليها وبابه عدا أي : وقع الخيلولة بين الحمار نفسه وبين نزه على الأنثى (توقادي).

ـ وأصل المثل أن صخرا أخا الخنساء طعنه أبو ثور الأسدي طعنة في جنبه فمرض حولا حتى ملّته امرأته وكان يكرمها فمر بها رجل فكانت ذات خلق وأوراك فقال : أيباع الكفل؟ فقالت : نعم عما قليل أي : قربت إذا مات الصخر وكان ذلك يسموا صخر فقال : أما والله لئن ـ


لم يسمّ فاعله فيه الضمير الراجع إلى مصدره ، أي : حيل الحيلولة ؛ لأن (بين) للزوم ظرفيته لا يقام (١) الفاعل.

فعلى هذا (٢) معناه الذي فعل فعلّ بمصاحبته على ان يكون مفعول ما لم يسم فاعله ضميرا راجعا إلى مصدره ، والضمير (٣) المجرور للموصول.

(هو المذكور بعد الواو) (٤) احتراز عن المذكور بعد غيره كالفاء (٥). (لمصاحبته معمول فعل) (٦) اللام متعلق بمذكور ، أي : يكون ذكره بعد الواو ، لأجل مصاحبته معمول فعل ، وافادته اياها سواء كان ذلك المعمول فاعلا نحو : (استوى الماء والخشبة) أو مفعولا نحو : (كفاك وزيدا درهم) (٧).

__________________

ـ قدرت لأقدمنك مني ثم قال لها : ناوليني السيف هل تقل بيدي؟ فقالت : فإذا هو لا يقل فقال في أبيات :

أيهم بأمر الجزم لو استطيعه

وقد حيل بين العير والنزوان

(شرح اللباب).

(١) أي : لا يجوز إقامته مقام الفاعل ؛ لأن الفاعل مرفوع وكذا ما قام مقامه وإذا أقيم مقام الفاعل مع كونه منصوبا على الظرفية يلزم أن يكون منصوبا ومرفوعا في حالة واحدة وهو ممتنع (م).

(٢) أي : على أن يجعل من قبيل :

وقد حيل بين العير والنزوان

(رضا)

(٣) لا فائدة في قوله : (والضمير) ؛ لأنه على تقدير الأول أيضا يعود إلى الألف واللام (هى).

(٤) الكائنة ، بمعنى مع وهذا وإن كان احترازا عما يذكر بعد الفاء ونحوه من الحروف العطف لعدم المقارنة في الكل مع أنها شرط لثبوت المعية لكنه شامل لمثل قولنا : زيد وعمرو وأخوك ، ولمثل قولنا : جاءني زيد وعمرو وقبله وبعده ، ومثل : كل رجل وضيعته فلما وصف الواو بقوله : (لمصاحبة معمول فعل) خرج أمثالهما عنه (عافية شرح الكافية).

(٥) وثم وحتى والباء فإنها وإن كانت تفيد معنى المصاحبة والمعية إلا [لما] أنها لم تكن أصلا فيها لم يكن المذكور بعدها مفعولا معه (م).

ـ وإنما لم يقل فاعل فعل ليتناول نحو قولك : فحسبك والضّحّاك سيف مهنّد (هندي).

(٦) لازما كان الفعل أو متعديا فيخرج مثل : كل رجل وضعيته ، فإنّه مذكور بعد الواو للمصاحبة والمعية لكن ما بعدها لا يصاحب معمول فعل وهو ظاهر (لمحرره).

(٧) قوله : (مفعولا) نحو : كفاك وزيدا درهم) ، اتفاق النحاة على أنّ ضربت زيدا وعمرا من قبيل العطف لا غير يمنع كون زيدا في كفاك وزيدا مفعولا معه ؛ إذ الفارق بينه وبين ضربت ـ


وسواء كان ذلك الفعل (لفظا) (١) أي : لفظيا كالمثالين المذكورين (أو معنى).

أي : معنويا (٢) نحو : (ما لك وزيدا) أي : ما تصنع وزيدا.

والمراد بمصاحبته لمعمول الفعل : مشاركته له في ذلك الفعل في زمان واحد ، نحو : (سرت (٣) وزيدا) أو مكان واحد نحو : (لو تركت الناقة وفصيلها ، لرضعها).

فلا ينتقض بالمذكور بعد الواو العاطفة نحو : (جاءني زيد وعمرو) ، فإنها لا تدلّ الّا على المشاركة في أصل الفعل دون المصاحبة (٤).

اعلم (٥) أن مذهب جمهور النحاة أن العامل (٦) في المفعول معه الفعل أو معناه بتوسط (٧) الواو التي بمعنى (مع).

__________________

ـ زيدا وعمرا مجرد تحكم. وإنما جرى الشارح على ذلك حسبك وزيدا وهو لا يسمن ولا يغني من جوع ؛ ؛ لأن حسبك مضاف ومضاف إليه ، ولذا جعل حسب جاريا مجرى الظروف المنقطعة عن الإضافة فالمراد بمعمول فعل ما عدا المفعول به المنصوب (ع ص).

(١) قوله : (لفظا) أي : لفظيا والمراد باللفظي الفعلي وما يشبهه من اسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والمصدر ، واعلم أن التفصيل وبالمعنوي ما يستنبط من معنى الفعل وهو على نوعين ، أحدهما : ما يكون في اللفظ مشعر به قوي ، نحو : ما لك وزيدا ؛ لأن الجار متعلق بالفعل وبما في معناه : وما شأنك ؛ ؛ لأن قولك : لمعنى فعلك وصنعتك ، والثاني : ما لا يكون في لفظه مشعر بالعامل قوي ، نحو : ما أنت وزيدا (وجيه الدين).

(٢) مستنبطا من فحوى الكلام من غير التصريح به أو تقديره (م).

(٣) فإن المفعول فيه فيه شريك المتكلم الذي هو الفاعل في السير في وقت واحد وقع سيرهما معا يعني : وقع السير من المتكلم وقع من المفعول معه في ذلك الزمان أيضا وبالعكس (م).

(٤) إذ لا يلزم أن يكون المجيئان في زمان واحد المراد منهما الجمع المطلق لا الاشتراك في الزمان الواحد والمكان الواحد (م).

(٥) قوله : (اعلم أن مذهب جمهور النحاة أن العامل للمفعول معه الفعل أو معناه بتوسط الواو) وقال الزجّاج هو منصوب بإضمار فعل بعد الواو ، وكأنك قلت : جاء البرد ولابس الطيالسة ، وقال عبد القاهر : هو منصوب بنفس الواو ، وقال الأخفش : نصبه على الظرفية وذلك أن الواو أقيمت مقام مع المنصوب بالظرفية والواو في الأصل حرف فلا يحتمل النصب أعطي النصب ما بعدها عارية كما أعطي ما بعد إلا بمعنى غير إعراب نفس غير ، وقال الكوفيون : هو الخلاف فكون العامل معنويا كما قلت : في الظرف خبر المبتدأ (وجيه الدين).

(٦) ولم يبين العامل في سائر المفاعيل ؛ لأن عاملها الفعل اتفاقا (رضا).

(٧) يعني : يكون الواو واسطة بين العامل والمعمول كما أن أداة الاستثناء واسطة بينهما (م).


وانما وضعوا الواو موضع (١) (مع) لكونها أخصر ، وأصلها (٢) واو العطف التي فيها معنى الجمع (٣) مناسب معنى المعيّة.

(فان كان) (٤) أي وجد (٥) (الفعل) أي : ما يدل (٦) على الحدث ، فيعمّ الفعل واسمى (٧) الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وغيرها.

(لفظا (٨) ، وجاز) أي : لم يجب (٩) (العطف) ولم يمتنع ، فلا ينتقض (١٠) بمثل : (ضربت زيدا وعمرا) لوجوب العطف فيه (فالوجهان) أي : العطف والنصب على

__________________

(١) أي : النحاة والعرب ؛ لأنه مفرد اللفظ مجموع المعنى كالقوم ؛ لأن الواضعين في الحقيقة العرب والنحاة ينقلون كلامهم (توقادي).

(٢) قوله : (وأصلها) اه ، ولذا لم يجز تقديم المفعول معه على مصاحبه خلافا لأبي الفتح ولا على عامله خلافا للشيخ الرضي فيما تقدم مع صاحبه على الفعل بحيث لم يلزم تقدمه على مصاحبه (ع ص).

(٣) لا ترتيب ولا تعقيب قوله : (فناسب معنى المعية) ؛ لأن في المعية زيادة اجتماع (لاري).

(٤) وهذا الكلام أيضا سوق وتفصيل لبيان المذكور بعد الواو في أي : مقام تقصد لذكره بعدها المصاحبة جوازا أو وجوبا (م).

(٥) أي : وجد جعل كان تامة فقوله : (لفظا) تمييز أو حال ويحتمل أن يكون ناقصة والأول أولى تأمل تعرف (عب).

(٦) أراد بالفعل ما هو أعم من الفعل وشبهه بقرينة مقابلة المعنوي باتفاق أحكامهما المذكورة هاهنا بخلاف المعنوي فيكون من قبيل عموم المجاز (وجيه الدين).

(٧) ومثال اسم الفاعل زيد ضارب غلامه وعمرا ، واسم المفعول نحو : زيد مسلوب عنه وسلامه ، والصفة المشبهة ، نحو : زيد حسن وجهه ويده ، وأفعل التفضيل ، نحو : زيد أفضل من عمرو وبكر ، ومثال حرف التشبيه هكذا زيد وعمرا (سيدي).

(٨) الواو للحال أي : وقد جاز ، أو عطف الجملة على الجملة (هندي).

(٩) قوله : (لم يجب العطف ولم يمتنع) إشارة إلى دفع ما أورده هاهنا وهو أن مثل ضربت زيدا وعمرا جاز فيه العطف مع أنه لم يجز فيه الوجهان اتفاقا ، وذلك أنّه أراد بالجواز عدم الوجوب والامتناع أعني : الإمكان الخاص وهو سلب الضرورة من الطرفين لا الإمكان العام وهو سلب الضرورة عن أحد الطرفين دون الآخر (وجيه الدين وغيره).

(١٠) إذا كان الجواز بمعنى سلب الوجود والامتناع معا بقرينة قوله : (فالوجهان) لا بمعنى سلب الامتناع فقط (قدقي).


المفعولية جائزان ، (نحو (جئت أنا وزيد) بالرفع على العطف (وزيدا) بالنصب على المفعولية.

(وإلّا) أي : وان لم يجز العطف بل يمتنع (تعين النصب (١) ، مثل : جئت وزيدا فإن العطف فيه ممتنع لعدم الفاصلة لا بتأكيد المتصل بالمنفصل ولا بغيره.

(وإن كان) الفعل (معنى) أي : أمرا معنويا مستنبطا من اللفظ (وجاز) أي : لم يمتنع (العطف تعين العطف) حيث لا يحمل على عمل العامل المعنوي بلا حاجة (٢) مع جواز وجه آخر ، وهو العطف ، (نحو (ما لزيد وعمرو ، وإلّا) أي : وإن لم يجز العطف ، بل امتنع (تعين النصب) حيث لا وجه سواه (نحو (مالك وزيدا) و (ما شأنّك وعمرا) فإنه امتنع العطف فيها ؛ لأن العطف (٣) على الضمير المجرور (٤) بلا إعادة الجار غير جائز.

ولم يجز عطف (عمرا) على الشأن إذ السؤال عن شأنهما ، لا عن شأن أحدهما ، ونفس الآخر.

وإنما حكمنا (٥) بمعنوية الفعل في هذه الأمثلة (لأن المعنى ما تصنع) وما يماثله

__________________

(١) تعين النصب هذا عند المصنف ، وذهب جمهور النحاة إلى أن النصب مختار لا واجب وذلك مبني على أن العطف على الضمير المرفوع المتصل بلا تأكيد بالمنفصل وبلا فصل بين المعطوف والمعطوف عليه قبيح لا ممتنع (وجيه).

(٢) قال الشيخ الرضي : الحاجة ثابتة وهي التنصيص على المصاحبة ولهذا جوز القوم النصب مع اختيار العطف (عب).

(٣) قوله : (لأن العطف على الضمير المجرور) قال الشيخ الرضي الكوفيون يجوزونه في السعة والبصريون للضرورة وأما في السعة فيجوزونه بتكلف وذلك بإضمار حرف الجر مع أنه لا يعمل مقدرا لضعفه ، قال الأندلسيّ يجوز العطف على عطف إن لم يقصد النص على المصاحبة وهو أولى مما قاله المصنف لوروده في القرآن ، كقوله تعالى : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)[النساء : ١] بالجر في قراءة حمزة (عب).

(٤) سواء كان مجرورا بحرف الجر كالمثال الأول أو بالإضافة كما في المثال الثاني (م).

(٥) قوله : (وإنما حكمنا بمعنوية الفعل المشعر بالمعنى) الفعل في المثالين الأولين ؛ كلمة الاستفهام أو حرف الجر الطالبان للفعل وفي الأخير أيضا شيئان كلمة الاستفهام والشأن الذي بمعنى المصدر على الفعل والصفة فالإشعار على المعنى الفعلي في هذه الأمثلة قوي لتعاضد أمرين بخلاف نحو : هذا لك وإياك ، ونحو : ما أنت وزيدا فإن الإشعار فيهما ضعيف لفوات معاضدة حرف الجر بالاستفهام في المثال الأول وفوات معاضدة الاستفهام بأمر آخر في المثال الثاني ـ


فمعنى (ما شأنك وزيدا) ما تصنع وزيدا ، ومعنى (مالك وزيدا) ما تصنع وزيدا ، ومعنى (ما لزيد وعمرو) ما يصنع زيد وعمرو.

(الحال)

(الحال) (١)

لما فرغ من المفاعيل شرع في الملحقات (٢) بها.

__________________

ـ والمصنف لم يفرق بين هذه الأمثلة في الحكم ، والشيخ الرضي فرق في الحكم بين الأولين والآخريين (لاري).

(١) والحال تنقسم على اثني عشر قسما : موطئة ومنتقلة ومؤكدة ومترادفة ومتتابعة ومحققة ومقدرة ودائمة ومقارنة حقيقة ومقارنة حكما وجارية على ما هي له وجارية على غير ما هي له.

ـ فالموطئة هي اسم جامد موصوف بصفة هي الحال في الحقيقة فكأن الاسم الجامد وطاء الطريق نحو : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)[يوسف : ٢]. والمنتقلة : هي التي قيد لذي الحال وينتقل عنها ، مثل : جاءني زيد راكبا ، والمؤكدة : وهي التي ليست بقيد له ولا تنقل عنه غالبا ، نحو : زيد أبوك عطوفا ، والمترادفة : هي تقع بعد حال أخرى وذي الحال واحد ، نحو : جاءني زيد ضاربا ناصرا إذا جعلت ناصرا حالا من زيد لا ضمير ضاربا ، والمتتابعة : جعلت قبلها ، نحو : جاءني زيد قائما منحرفا ، والمقدرة : هي التي لا تثبت لذي الحال في تلك الحال حقيقة بل مقدرة ثبوتها ، كقوله تعالى : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ)[الزمر : ٧٣] فإن الحال أن يكون الدخول حال الخلود بخلاف ما إذا قدر الخلود فإن التقدير حاصل في زمان الدخول فصح المقارنة المطلوبة ، وكذا قوله تعالى : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا)[الصافات : ١١٢] الآية ، وقوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً)[الأحزاب : ٤٥] الآية و: (إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ)[الفتح : ٢٧] وقوله تعالى : (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً)[الأعراف : ٧٤] الآية ، والضابط أن كل مستقبل لا يقع حالا محققة بل مقدرة ، والدائمة : هي التي لا يزول من الحال حقيقة أو غالبا فيعم المؤكدة ، كقولك : استغفر الله توابا رحيما ، وزيد أبوك عطوفا ، والمقارنة حقيقة ، نحو : جاءني زيد قائما ، والمقارنة حكما :نحو : جاءني زيد والشمس طالعة فإن هذه المقارنة اتفاقية والأولى فعلة ، والجارية على ما هي له التي قامت بذي الحال ، نحو : جاءني زيد قائما ، والجارية على غير من هي له التي قامت بمتعلق ذي الحال ، نحو : جاءني زيد قائما أبوه (محمد قدقي).

ـ من حال الشيء يحول أي : انقلب ، سمي هذا القسم بها لانقلابه غالبا وهي مؤنث لعلها سماعي ولذا أنث الفعل المسند إليها في قولك : عددتك حالي لا سرّي بمستتر (جلبي).

(٢) إنما تلحق الحال بالمفاعيل ؛ لأنها فضلة في الكلام كما أن المفعول كذلك وأيضا للحال شبه خاص بالمفعول فيه وهو دلالتها على الزمان كالظرف (عوض).


وهو (ما يبين هيئة (١) الفاعل أو المفعول به) أي : من حيث هو فاعل أو مفعول به، كما هو الظاهر.

فبذكر الهيئة يخرج ما يبين الذات ، كالتمييز ، وبإضافتها إلى الفاعل أو المفعول به يخرج ما يبين هيئة غير الفاعل أو المفعول به كصفة (٢) المبتدأ نحو : (زيد العالم أخوك) وبقيد الحيثية يخرج صفة الفاعل أو المفعول به ، فإنها تدل على هيئة الفاعل أو المفعول به مطلقا ، لا من حيث هو فاعل أو مفعول ، وهذا الترديد (٣) على سبيل منع الخلو ، لا الجمع ، فلا يخرج منه مثل : (ضرب زيد عمرا راكبين) (٤) (لفظا) (٥) أي : سواء كان الفاعل أو المفعول به الذي وقع الحال عنه لفظا ، أي : لفظيا بأن تكون فاعلية الفاعل أو مفعولية المفعول باعتبار لفظ الكلام ومنطوقه (٦) من غير اعتبار معنى خارج عنه يفهم من فحوى (٧) ...

__________________

(١) اعلم أن المراد من الهيئة هي الصورة التي عليها الفاعل عند صدور الفعل عنه أو المفعول عند وقوع الفعل عليه وهي لا تدوم بل تتبدل وتتغير (عافية).

ـ والمرضي أن وقوع الحال عن المفعول فيه وله جائز لكونهما قسمين من المفعول به (حواشي هندي).

(٢) الحال والصفة كلاهما ما يقوم بالغير لكن الصفة أعم من الحال ؛ لأن الحال مختص بالمتغير بخلاف الصفة فإنها تعم الثابت والمتغير ، ولهذا يقال : صفات الله بخلاف حال الله.

ـ واعلم أن تكرار الحال بعد إما واجب لوجوب تكرار إما ، نحو : اضرب إما قائما وإما قاعدا ، وكذا بعد لا ؛ لأنها تكرر في الأغلب كما في اسم لا التبرئة ، نحو : ما جاءني زيد إلا راكبا ولا ماشيا ، ويندر إفرادها ، نحو : جاءني زيد لا راكبا (شيخ الرضي).

(٣) قوله : (وهذا الترديد) جواب عن سؤال مقدر تقديره : ربما يورد هاهنا بأن التعريف لا يصدق على حال يبين هيئة الفاعل والمفعول معا ، نحو : ضربت زيدا وعمرا راكبين فأجاب بقوله هذا (محمود أفندي).

(٤) والمطابقة بين الحال وذي الحال واجب إذا لم يكن الحال من الجامد (حاشية قاضي).

(٥) تمييز عن الفاعل والمفعول به أو حال منهما أو خبر لكان المقدر كما اختاره الشارح (رضا).

(٦) المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق وهو النص إن أفاد معنى لا يحتمل غيره ، كزيد في : جاءني زيد فإنه مفيد للذات المشخصة من غير احتمال لغيره (شرح الجوامع).

(٧) والفحوى في اللغة عبارة عن مقصود الكلام ، وفي الاصطلاح عبارة عما يستفاد من اللفظ (محمودي).

ـ قوله : (من فحوى الكلام) ، فحوى القول معناه ، يقال : عرفت ذلك في فحوى كلامه ، ـ


الكلام ، سواء كانا ملفوظين حقيقة أو حكما (١).

(أو معنى) أي : معنويا بأن تكون فاعلية الفاعل أو مفعولية المفعول باعتبار معنى يفهم من فحوى الكلام (٢) ، لا باعتبار لفظه ومنطوقه.

والمراد بالفاعل أو المفعول به أعم من ان يكون حقيقة أو حكما ، فيدخل فيه الحال عن المفعول (٣) معه ، لكونه في معنى الفاعل أو المفعول به وكذا عن المفعول المطلق مثل : (ضربت الضرب شديدا) (٤) فإنه بمعنى ، أحدثت الضرب شديدا (٥) ، وكذا (٦) يدخل فيه الحال عن المضاف إليه ، كما إذا كان المضاف فاعلا ، أو مفعولا يصح حذفه. ويقام المضاف إليه مقامه ، فكأنه (٧) الفاعل أو المفعول نحو : (بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [البقرة: ١٣٥]) (٨) و ((أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) [الحجرات : ١٢]) انه يصح ان يقال :

__________________

ـ أي : معنى كلامه ، مقصورا أو ممدودا ، وفي الحديث : من أكل في فحوى أرض لم يضر ماؤها يعني : البصل (توقادي).

(١) مثل : زيد في الدار قائما ، مثال اللفظي الملفوظ حكما حينئذ ، وزيد ضرب قائما على البناء للمفعول ، مثال للمفعول الملفوظ حكما (قدقي) ، ولا يتصور كون المفعول ملفوظا حكما ؛ لأن الملفوظ الحكمي إنما يكون باعتبار الاستتار والمفعول لا يكون مستترا (سعد الله).

(٢) ومثال الفاعل معنى ، نحو : زيد في الدار قائما فإن قائما حال من زيد وهو ليس بفاعل لفظا ؛ لأنه مبتدأ لكنه فاعل حصل أو حاصل الذي هو محذوف من حيث المعنى ، ومثال المفعول معنى هذا : زيد قائما ، وقائما حال عن زيد وهو مفعول معنى تقديره : أنبه عليه (متوسط).

(٣) والمرضي أن وقوع الحال عن المفعول فيه وله جائز لكونهما قسمين من المفعول به (حواشي هندي).

(٤) فمعناه : وجدت الضرب حال كونه شديدا فهو هاهنا في معنى المفعول به (سيدي).

(٥) حال من الضرب لا صفة ؛ ؛ إذ لا مطابقة بين الصفة والموصوف (سيدي).

(٦) أي : كما يدخل الحال من المفعول معه والمفعول مطلق وله وفيه (لمحرره).

(٧) أي : المضاف إليه الذي هو ذي الحال بعد حذف المضاف وإقامته مقامه (م).

(٨) فإن قلت : قد يقع الحال عن المضاف إليه كما في قوله تعالى:(اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)[النساء : ١٢٥]، وقوله تعالى : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) فإن ميتا وحنيفا حالان من إبراهيم وأخيه وهما ليستا بفاعلين ولا مفعولين؟ قلت : أجاب عنه صاحب الغجدواني : بأن المضاف إليه لما كان في معنى المضاف والمضاف مفعول كان المضاف إليه في حكمه معنى ، فجاز أن يكون ذا حال فإن لحم الأخ هو الأخ وبالعكس ، وكذلك لا فرق بين قولنا اتبع إبراهيم وبين قولنا اتبع ملة إبراهيم (عافية شرح الكافية).


(بل نتبع إبراهيم ، مقام (بل نتبع ملّة إبراهيم) و (أن يأكل أخاه ميتا) مقام (١) (أن يأكل لحم أخيه).

أو كان المضاف (٢) فاعلا أو مفعولا ، وهو جزء المضاف إليه ، فكأن الحال عن المضاف اليه هو الحال عن المضاف وان لم يصح قيامه مقامه كما في قوله تعالى : (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) [الحجر : ٦٦].

فقوله (مصبحين) حال من (هؤلاء) باعتبار أن (دابر) المضاف اليه جزؤه ، فإن دابر الشيء أصله (٣) ، والدابر (٤) : مفعول ما لم يسم فاعله باعتبار الضمير (٥) المستكن في (مقطوع) فكأنه حال عن مفعول ما لم يسم فاعله (٦).

ولو قرئ (٧) (تبيّن) على صيغة الماضي المعلوم من باب التفعل ، أو (يبيّن) على صيغة المضارع المجهول من باب التفعيل ، أو (يبيّن) على صيغة المضارع المجهول من باب التفعيل ، وجعل الجار والمجرور ، متعلقا به ، لا بالمفعول ، دخل فيه الحال من

__________________

(١) لأنه في معنى المضاف فإن لحم الأخ هو الأخ فالأخ هو اللحم (غجدواني).

(٢) وأما مثال كون المضاف فاعلا فقولك : نتبع ملة إبراهيم حنيفا بشرط أن يكون الفعل مبنيا للمفعول ورفع ملة وأن يأكل لحم على أنّه نائب الفاعل لقوله أن يؤكل (م).

(٣) فكأنه قال : يقطع دابر هؤلاء أي : يحكم عليهم قطعا بالعذاب حال كونهم داخلين في الصبح (م).

(٤) كأنه قيل : لم وقع الحال من دابر فأجاب بما ترى (م).

(٥) وقيل : حال من الضمير في مقطوع وجمعه ، مع أن صاحبه مفرد ومطابقة الحال صاحبه شرط في الأمور الخمسة : الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث للحمل على المعنى ؛ لأن دابر هؤلاء في معنى مدبري هؤلاء (توقادي).

(٦) والمستكن فيه مفعول ما لم يسم فاعله ، فحكم المرجع كحكم الراجع إذا كان فاعلا يكون المرجع كذلك ، وإذا كان نائبا عنه يكون المرجع أيضا كذلك فصار (م).

(٧) قوله : (ولو قرئ) ، هذا موافق لما قال بعضهم من جواز الحال عن المفعول معه وعن المصدر بلا تأويل والجمهور جواز الحال عنهما لتأويلهما بالفاعل والمفعول به ، ولا يخفى أنه لو قرأ كذلك لزم جواز الحال عن المفعول فيه (عب).


المفعول معه أو المفعول المطلق من غير حاجة إلى تعميم الفاعل أو المفعول (١) إلا (٢) لدخول ما وقع حالا عن المضاف إليه.

(مثل (ضربت زيدا قائما) (٣) مثال اللفظي الملفوظ حقيقة فإن فاعلية تاء المتكلم ومفعولية (زيدا) إنما هي باعتبار لفظ هذا الكلام ومنطوقه من غير اعتبار معنى خارج عنه، وهما ملفوظان حقيقة (و (زيد في الدار قائما) (٤) مثال اللفظي الملفوظ حكما ان فاعلية الضمير المستكن في الظرف إنما هي باعتبار لفظ هذا الكلام (٥) ومنطوقه من غير اعتبار معنى خارج عنه ، والضمير المستكن ملفوظ حكما (٦).

و (هذا (٧) ...

__________________

(١) لأن لفظ المفعول إذا لم يكن مقيدا يصح إطلاقه على المفعول به والمفعول المطلق ومعه جميعا من غير تعميم ؛ لأن المطلق يوجد في الإفراد ولا يصح إطلاقه هنا على المفعول له وفيه لما عرفت سابقا من أنه لا يقع الحال عنهما.

(٢) المستثنى للانقطاع أي : إلا أن يحتاج إلى تعميم الفاعل أو المفعول لأجل دخول الحال عن المضاف إليه (لمحرره).

(٣) يحتمل أن يكون حالا من الفاعل اللفظي وهو المتكلم وأن يكون من المفعول اللفظي وهو زيد (وافية).

ـ فإن كانت قرينة حالية أو مقالية تعين صاحب الحال جاز أن يجعله لما قامت له من الفاعل والمفعول به وإن لم تكن فإن كان الحال من الفاعل وجب تقديمها إلى جنب صاحبها لإزالة اللبس ، نحو : لقيت راكبا زيدا وإن لم تقدمه فهو من المفعول (م).

ـ ومنهم من قال الطريق في مثله أن يقال : قدم أو يقوم لا قائما للبس إلا إذا علم السامع من القائم منهما ، وقيل : أنت مخير بجعله حالا من أيهما شئت (هندي).

(٤) فإن قائما حال من زيد وهو ليس بفاعل لفظا ؛ لأنه مبتدأ لكنه فاعل معنى ؛ لأنه فاعل حصل أو حاصل الذي هو محذوف من حيث المعنى (متوسط).

ـ فإن أصل استقر أو حصل أو حاصل في فبعد حذف الفعل انتقل ضميره إلى ظرف فيكون في الدار باعتبار قيامه مقامه فعلا معنويا ويكون ضميره فاعلا معنويا (وافية).

(٥) أي : زيد في الدار قائما فإن قائما حال من ضمير في الدار وهو فاعل لفظي (هندي).

(٦) أي : يكون في حكم اللفظ لما سبق في قوله : (واللفظ إما حقيقي أو حكمي) لصحة إجراء أحكام اللفظ عليه (م).

(٧) ومنه قوله تعالى : (هذا بَعْلِي شَيْخاً) كبيرا [هود : ٧٢] فإن شيخا حال من بعلي وهو مفعول معه تقديره أنبه على بعلي ، وأشير إلي بعلي شيخا (محمد أفندي).

ـ مثال للمفعول المعنوي ؛ إذ المعنى : أشير إلى زيد قائما (هندي).


زيد قائما) (١) مثال للمعنوي ؛ لأن مفعولية (زيد) ليست باعتبار لفظ هذا الكلام ومنطوقه بل (٢) باعتبار معنى الإشارة ، أو التنبيه المفهومين من لفظ (هذا) ولا شك (٣) أنهما ليسا مما يقصد المتكلم الإخبار بهما عن نفسه حتى يقدر في نظم الكلام (أشير أو أنبه) ويصير (زيد) به مفعولا لفظيا ، بل مفعوليته إنما هي باعتبار معنى (أشير أو أنّبه) الخارج عن منطوق الكلام المعتبر لصحة وقوع (القائم) ، حالا.

فهي معنوية لا لفظية.

(وعاملها) (٤) أي : عامل الحال ، (إما الفعل) (٥) الملفوظ أو المقدر نحو : (ضربت زيدا قائما) و (وزيد في الدار قائما) إن كان الظرف مقدرا بالفعل.

(أو شبهة) (٦) ...

__________________

(١) فإن قائما حال من الضمير المحذوف المقدر العائد إلى زيد ؛ لأن تقديره : أنبه عليه قائما ، أو أشير إليه قائما، هذا هو التحقيق الذي اختاره صاحب الغجدواني متمسكا بقول صاحب الكشاف وهو أنه قال : سئلت بمكة شرفها الله تعالى عن ناصب الحال في (هذا بَعْلِي شَيْخاً)[هود : ٧٢] فقلت : ما في حرف التنبيه أو في اسم الإشارة من معنى الفعل ، فقيل لي : أما استقرّ من أصولهم أن العامل في الحال وصاحبها يجب أن يكون واحدا ، وقد اختلف هاهنا ففي الحال ما ذكرتم ، وفي صاحبها معنى الابتداء ، فقلت : تحقيق الكلام فيه أن التقدير : هذا بعلي : أنبه عليه وأشير إليه شيخا ، وعلى هذا تجد العامل. فاستحسن الجواب (عافية شرح الكافية).

(٢) قوله : (بل باعتبار معنى الإشارة أو التنبيه) الأول أولى ؛ لأن زيدا مشار إليه لا منبه عليه فإن المنبه عليه حقيقة هو هذا زيد مع تقارب الاسم والفعل (عب).

(٣) كأنه قيل : لا يجوز أن يكون معنى قوله : هذا زيد قائما : أشير زيدا قائما ، ويكون مفعولية زيد باعتبار هذا الكلام ومنطوقه ، فأجاب بقوله : ولا شك. تأمل.

(٤) قال : (وعاملها اه) فصل العامل هنا لتحقيق لفظية الفاعل والمفعول ومعنويتهما وليكون توطئة لامتناع تقديم الحال على العامل المعنوي ، وجواز تقديمها على اللفظي المفهوم من تخصيص الامتناع به وكأنه أراد أن لا يفصل بين مباحث التقديم وإلا لكان المناسب أن يذكر ما هو توطئة له عقيب ذلك التفصيل (لاري).

(٥) لأنّه الأصل في العمل ؛ لأن الفعل متصرف يعني : ينصرف إلى الماضي والمستقبل إلى غير ذلك من المتصرفات (محمد).

(٦) شبه الفعل أو معنى الفعل كالمسكين والفقير ، وقد قال الشافعي رحمه‌الله فيهما : إذا اجتمعا في الذكر افترقا وإذا افترقا في الذكر اجتمعا بأن يذكر المسكين وحده أو الفقير وحده ـ


وهو ما يعمل عمل الفعل ، وهو من تركيبه (١) ، كاسم الفاعل نحو : (زيد ذاهب راكبا) و (زيد في الدار قاعدا) إن كان الظرف مقدرا باسم الفاعل ، وكاسم (٢) المفعول ، نحو : (زيد مضروب قائما) والصفة المشبهة نحو : (زيد حسن ضاحكا) (أو معناه) (٣) المستنبط من فحوى الكلام من غير التصريح به أو تقديره ، كالإشارة (٤) والتنبيه في نحنو :

(هذا زيد قائما) كما مرّ ، وكالنداء والتمنى والترجى والتشبيه في نحو : (يا زيد قائما) (٥) و (ليتك عندنا مقيما) و (لعلّه في الدار قائما) (٦) و (كأنّه أسد صائلا).

__________________

ـ اجتمعا المسكين والفقير ، فيه أنه إذا افترق شبه الفعل لا يجتمع الفعل معه ، وكذا إذا قيل مثلا : من خواص الفعل دخول قد والسين لا يجتمع شبه الفعل معه فلم يستقم تلك المشابهة بينهما وبين الفقير والمسكين اللهم إلا أن يقال المشابهة في باب العمل فقط فيستقيم حينئذ (قدقي وابري).

(١) قوله : (من تركيبه) أي : مأخوذ من تركيبه وصيغته بخلاف المعنوي كهذا فإنه وإن كان يعمل عمل فعله ولكنه ليس من تركيبه وصيغته وهذا صحيح مذهب النحاة وهو أن العامل هو نفس هذا لا على ما يفهم من ظاهر عبارة الشارح وهو أن معنى الفعل يفهم منه وأنبه وأشير (وجيه الدين).

(٢) أعاد الجار هاهنا لكونهما متغايرين ، فإن المعطوف عليه وقوع الحال فيه عن المقدر واللفظ بخلاف المعطوف (تأمل).

(٣) والمراد من معنى الفعل الظروف والجار والمجرور واسمي الفعل ونحوها مما يفهم منه معنى لا بجوهر حروف الفعل ويقابل شبه مما يفهم منه الفعل بجوهر حروفه كالاسم الفاعل ونحوه وهذا هو الاستعمال الشائع ، وقد يطلق شبه الفعل على القبيلتين كما قال المصنف في بحث الفاعل ، وقد يطلق معنى الفعل على القبيلتين كما في حروف الجر ، وإنما خص بالاستعمال الشائع لتمكنه أن يقول الحال لا يتقدم على العامل المعنوي فإن الحال يقدم على شبه الفعل إذا لم يكن مانع وقد تحقق إطلاقات الثلاث (قطب العلماء في حاشية المطول).

ـ أي : معنى الفعل أراد به كل ما يستنبط معنى ولا يكون موافقا له في الاشتقاق (عافية).

(٤) قوله : (كالإشارة) دون الاستفهام والنفي وأن وإن من الحروف المشبهة لعدم الاستعمال على عملها (عب).

(٥) والعامل في قائما في يا زيد قائما أنادي المستنبط من فحوى الكلام هذا لم [إذا] يقدر أدعو ، وأما إذا قدر فيكون عاملا فلا يكون مما نحن فيه (لمحرره).

(٦) فإن قلت : لم كان عامل الحال هذه الأشياء؟ قلت : لما كان العامل ما به يتقوم المعنى المقتضي للإعراب والمقتضي لانتصاب الحال الحالية وهي لا تتحقق بدون العامل أو المفعول وهما لا يوجدان بدون هذه الأشياء فلا جرم كان العامل في الحال تلك الأشياء (عوض أفندي).


(وشرطها) (١) أي : شرط الحال (٢) (أن تكون نكرة) (٣) لأن النكرة أصل والغرض هو تقييد الحديث المنسوب (٤) إلى صاحبها ـ يحصل بها ، والتعريف زائد على الغرض.

(و) (٥) أن (يكون صاحبها معرفة) لأنه محكوم عليه في المعنى فكان الأصل فيه التعريف (غالبا) أي : ليس اشتراطها بكون صاحبها معرفة في جميع موادها بل في غالب موادها ، أي : اكثرها ، وبيان ذلك :

أن مواد وقوع الحال على قسمين :

أحدهما : ما يكون ذو الحال فيه نكرة موصوفة ، نحو : (جاءني رجل من بني تميم فارسا) أو مغنية غناء المعرفة ، لاستغراقها. نحو : قوله تعالى : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) [الدخان : ٤ ـ ٥] إن جعلت (أمرا) (٦) حالا من (كل أمر) ، أو

__________________

(١) عند البصريين ؛ لأن الكوفيين لم يشترطوا فيها التنكير وجوزوا وقوع المعرفة حالا ؛ لأنها في الأصل خبر ، وكما يجوز في الخبر التعريف والتنكير ، يجوز فيها أيضا إلا أن التنكير أصل عندهم أيضا (م).

(٢) اعلم أن قول النحاة إن العامل في الحال هو العامل في ذي الحال إنما هو مذهب أكثرهم ولا تنتقض بقوله تعالى : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً)[الأنبياء : ٩٢] حال والعامل فيها الاسم الإشارة وأمتكم ذو الحال والعامل فيها إن (شرح مصباح).

(٣) حتى لا يلتبس بالصفة في بعض الصور في مثل قولك : ضربت زيدا الراكب ولعدم الاحتياج إلى تعريفها (عافية).

(٤) سواء كانت نسبة الحدث إسنادية كما في قولك : جاء زيد راكبا أو إيقاعية ، مثل : رأيت زيدا ماشيا ، أو إضافية ، نحو : مررت بزيد جالسا (م ح).

(٥) قوله : (وأن يكون صاحبها معرفة) أشار بهذا الحال إلى أن قوله : (وصاحبها) معطوف على ضمير يكون ، وعدم التأكيد لوجود الفصل وجعل الفاضل الهندي مبتدأ وخبرا لينتظم قوله : (غالبا) بل تكلف الأولى ما ذكره الهندي ؛ لأن ما ذكره الشارح من أن مواد وقوع الحال على قسمين إلخ لم يتكلم به أحد مع ارتكاب توجيه غالبا (جلبي).

ـ ولا يجوز أن يكون صاحبها مرفوعا عطف على المستتر في أن يكون ، ومعرفة منصوب عطف على نكرة ؛ لأن تعريف ذي الحال ليس بشرط للحال (سيدي).

(٦) قوله : (إن جعلت أمرا حالا) أشار به إلى أنه ليس نصبا في الاستشهاد لجواز أن يكون منصوبا على الاختصاص أو على الحال من ضمير الفاعل في أنزلناه أي : أمرين أمرا أو عن ضمير مفعوله (عب).


واقعة في حيز الاستفهام (١) نحو : (هل أتاك رجل راكبا؟) أو بعد (٢) (إلّا) نقضا للنفي، نحو : (ما جاءني رجل إلا راكبا) أو مقدما عليه الحال نحو : (جاءني راكبا رجل).

وثانيهما : ما يكون ذو الحال فيه غير هذه الأمور.

وغالب مواد وقوع الحال وأكثرها هو هذا القسم ، ووقوع الحال في هذا القسم مشروط بكون صاحبها معرفة فقوله (غالبا) قيد لاشتراط كون صاحبها معرفة لا بكون صاحبها معرفة حتى (٣) يقال : إن غالبية كون (صاحبها معرفة) المنبئة عن تخلفه (٤) في بعض المواد تنافى الشرطيه (٥) ويحتاج إلى أن يصرف الكلام عن ظاهره (٦) ، ويجعل قوله (وصاحبها معرفة) : مبتدأ وخبرا معطوفا على قوله (وشرطها ان تكون نكرة).

__________________

(١) لأنها يشبه النكرة الواقعة في حيز النفي في كونها غير موجب (لاري).

(٢) قيل : الصواب قبل الإبدال بعد إلا أجيب بأن قوله : (بعد إلا) وقوله : (مقدما عليه) قد تنازعا في الحال في قوله : (مقدما عليه الحال) فلا محذور فتأمل فتح الله عليك الحال (سيدي).

(٣) يعني : لو كان غالبا قيدا لكون صاحبها معرفة يلزم التنافي والتناقض بين اشتراط كون الحال بكون صاحبها معرفة وبين قوله : (غالبا) ؛ لأن الاشتراط يقتضي أن يكون صاحب الحال معرفة في جميع المواد وقيد غالبا يقتضي أن يكون معرفة في أكثر المواد فبينهما تناف فلا يكون قيدا لاشتراط كون صاحبها معرفة (لمحرره رضا).

ـ قوله : (حتى يقال إلخ) وقوله : (يحتاج اه) حاصله : أن قوله : (غالبا) لو جعل قيدا لكون صاحبها معرفة وعطف قوله : (وصاحبها) معرفة على المستكن في تكون كان المعنى وشرطها أن تكون صاحبها معرفة في الغالب فيقال عليه إن غالبية كونها صاحبها فلدفع ذلك يحتاج اه ، أي : لا أن يصرف الكلام عن ظاهره وهو عطفه على المستكن ويجعل اه تأمل (قريان رحمه‌الله).

(٤) التخلف الاختلاف أي : اختلاف الشيء عما كان عليه لا التخلف الذي هو مطاوع خلفت خلافا ورأى وهو بمعنى تخلف عني (ص تأمل).

(٥) يعني : إذا كان قوله فالباء قيدا لكون صاحبها معرفة يكون منافيا للشرط ؛ لأن شرط كون صاحبها معرفة يقتضي أن يكون صاحبها في جميع المواد معرفة ؛ لأن الشرط يجب أن يستوعب المشروط (م).

(٦) والمراد بظاهر الكلام أن يعطف قوله : (وصاحبها) إلى اسم يكون وهو الضمير المستكن وأن يعطف قوله : (معرفة) إلى قوله : (نكرة) (رضا).


(وأرسلها (١) العراك) (٢)ولم يذدها

ولم يشفق على نغص (٣) الدّخال

البيت للبيد ، يصف حمار الوحش والأتن يقول : ارسل حمار الوحش الأتن (٤) ، وكان(٥) المراد بالإرسال البعث (٦) ، أو التخلية (٧) بين المرسل وما يريد (٨) أي : أرسلها معتركة متزاحمة.

ولم يذدها ، أي ، لم يمنعها من العراك ، ولم يشفق ، أي : لم يخف على نغص الدخال، أي : على أنه لم يتم شرب بعضها للماء بالدخال.

والدخال : هو أن يشرب البعير ثم يرد من العطن (٩) ...

__________________

(١) والضمير المستتر راجع إلى حمار الوحشي وضمير المفعول راجع إلى الأتن الوحشية أو إلى الإبل (معرب).

(٢) قوله : (وأرسلها العراك) ومررت به وحده ونحوه متأول) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : أنتم قلتم شرط الحال أن يكون نكرة والعراك في قولهم : (أرسلها العراك) حال مع كونه معرفة؟ وجوابه : أن تقول : لما دل الدليل على عدم جواز وقوع الحال معرفة احتاج هذا إلى تأويل وتأويله أن العراك مصدر عن حال محذوف تقديره : أرسل الحمار تعترك العراك ومررت به ينفرد وحده فلما حذف الفعل قيل : إن العراك ووحده حال على سبيل المجاز تسمية للمعمول لاسم العامل ، وتقول : إنّه مصدر وقع موقع الحال النكرة أي : أرسلها معتركة ومررت به منفردة (متوسط).

ـ ومعنى البيت : أرسل حمار الوحشي الأتن حال كونها مجتمعة متزاحمة ولم يمنعها عن الاجتماع والتزاحم ولم يخف على عدم تمام شرب بعضها بسبب مداخلة بعضها في بعض آخر منها ، أو لم يخف على عدم تمام شرب بعضها مثل عدم تمام شرب البعير الداخل بين بعيرين عطشانين.

(٣) ونغص بالصاد المهملة والغين المعجمة المفتوحة عدم تمام الشرب وبالمعجمة تحريك الرأس وكلاهما رواية قال السيرافي يريد أن بعضها يزحم بعضا حتى لا يقدر أن يتحرك لشدة الازدحام فهو واقف لا يتمكن على الحركة (عباب).

(٤) لأنه قادر على ضبطهن بحيث يمنعهم عن التزاحم خوفا من تأديبه إياهنّ (م).

(٥) جواب عن سؤال مقدر تقديره : إن الإرسال يقتضي سبق القيد وهاهنا لم يمكن أن يتصور القيد فضلا عن سبقه ؛ لأن القيد والإرسال منه لم يوجد إلا في بني آدم فأجاب عنه (م).

(٦) هذا رد على العلامة التفتازانيّ حيث عين الثاني بالإرادة (وجيه الدين).

(٧) هي المراد هاهنا أي : خلا بين الإبل وبين شربها ولم يمنعها من ذلك (إقليد).

(٨) والموصوف هاهنا عبارة عن موضع يشرب منه الأتن الماء يعني جائي آب خوردن (م).

(٩) العطن ما حول الحوض والبئر من مبارك الإبل والمبرك المناح يرد من الورود وهو ـ


إلى الحوض (١) ويدخل بين بعيرين عطشانين ، ليشرب منه ما عساه لم يكن يشرب منه ولعل(٢) المراد به هنا : نفس متداخلة بعضها في بعض ، أو المعنى على نغض مثل : نغض الدخال.

و (مررت به وحده) (٣) ونحوه مثل : (فعلته جهدك) (٤) متأول بالنكرة ، فلا يرد نقضا على قاعدة اشتراط كونها نكرة وتأويلها على وجهين :

أحدهما : أنها مصادر محذوفة لأفعال محذوفة ، أي : تعترك العراك (٥) ، وينفرد وحده، أي : انفراده ، وتجهد جهدك

فهذه الجمل الفعلية وقعت حالا ، وهذه المصادر منصوبة على المصدرية.

وثانيها : أنها معارف موضوعة موضع النكرات ، أي : معتركة ، ومنفردا ، ومجتهدا.

__________________

ـ المناسب للماء ، كقوله تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ)[القصص : ٢٣] لكن لما استعمل بمن احتاج إلى التأويل بتضمين مثل يمشي (جلبي).

(١) متعلق بيشرب يعني : يعاد ذلك البعير من طرف الحوض إليه (م).

(٢) قوله : (ولعل المراد به) أي : بالدخال هاهنا جواب دخل مقدر تقديره إن الإدخال يختص بالبعير فكيف يصح استعماله في حمار الوحشي ، فأجاب الشارح بقوله : (ولعل المراد به هاهنا نفس متداخل بعضها في بعض) وفي نفس متداخلة بعضها في بعض يعني : ليس المراد بالدخال هاهنا معناه الحقيقي بل المراد به معناه المجازي وهو تداخل بعض النفوس في بعض أو المعنى على نغص مثل بعض الدخال ، جواب ثان : يعني على حذف المضاف من المشبه به وإقامة المشبه مقامه ، يعني : لم يخف على أنه لم يتم شرب بعضها للماء كما خاف الحمال على أن البعير لم يتم شرب الماء وأدخله بين بعيرين عطشانين ليتم شربه (مصطفى جلبي).

(٣) الوحدة مصدر وحد يحد واحدا ووحدة كوعد يعد وعدا وعدة وحده لازم الإفراد والتذكير والإضافة إلى المضمر ولازم النصب إلا في مواضع مخصوصة (لاري).

ـ وللوحد تسعة أبنية : واحد أحد وحيد وحد موحد آحاد أوحد آحد وجمع الواحد وحدان (عمدة شرح الهاد).

(٤) وفي الحاشية : الجهد بالفتح والضم الاجتهاد ، وقال الفراء : هو بفتح الجيم المشقة ، وبضمها الطاقة (جلبي).

(٥) وقال ابن برهان أراد من استعمال المصدر هنا بالألف واللام التنبيه على أن تعريف المصدر كتنكيره ، وقيل : إن الألف واللام زائدة في العراك فاعرفه (محصول).

ـ إشارة إلى أن العراك مصدر من ضرب لم يستعمل فعله منه بل يستعمل من المزيد فيه (حاشية).


فالصورة وإن كانت معرفة فهي في التقدير نكرة (١) ، كما أن (حسن الوجه) في صورة المعرفة وهي في المعنى نكرة (٢).

(فإن كان صاحبها) أي : صاحب الحال (نكرة (٣) محضة) (٤) لم يكن فيها شائبة تخصيص بما سوى التقديم ، ولم تكن الحال مشتركة بينها وبين معرفة نحو : جاءني رجل وزيد راكبين (٥) (وجب تقديمها) أي : تقديم الحال على صاحبها ، لتخصيص (٦) النكرة بتقديمها (٧) ؛ لأنها في المعنى مبتدأ وخبر (٨) ، ولئلا تلتبس بالصفة في النصب في مثل : قولنا:

(ضربت رجلا راكبا) ثم قدمت في سائر المواضع ـ وإن لم تلتبس طرد الباب (٩)

__________________

(١) لأن الألف واللام للعهد الذهني وهو في حكم النكرة باعتبار أن المفرد غير معين فكذا الإضافة للعهد الذهني (لمحرره).

(٢) لأن إضافته إلى الوجه لفظية والإضافة اللفظية لا تفيد التعريف بل التخفيف (تأمل).

(٣) والحال مفردا ؛ إذ لو كانت جملة وجب الواو لا التقديم (لاري).

(٤) احتراز عما إذا لم يكن نكرة مختصة فإنه لا يجب تقديم الحال على صاحبه مثل : جاءني رجل من بني تميم فارسيا كما سبق في الأمثلة الخمسة (توقادي).

(٥) فالحال مشترك في هذا المثال بين رجل وزيد وزيد معرفة والرجل نكرة (رضا).

(٦) قوله : (لتخصيص النكرة) وفيه نظر ؛ لأنه قد تخصصت بتقديم العامل فلا حاجة إلى تخصيص آخر ولأنه لو كان التقديم للتخصيص فإتيان الصفة لهذا أولى من بيان الحال (حاشية هندي).

ـ فيه أن الحال إما عن الفاعل أو المفعول به وكل منهما تختص بالحكم المتقدم فلا حاجة إلى تخصيص آخر اللهم إلا أن يقال الحال حكم آخر فلا يجري التخصيص الحاصل بالقياس إلى حكم آخر (عب).

(٧) يعني : لتفيد النكرة بتقديم الحال عليها التخصيص ؛ لأن الحال بمنزلة الظرف فتقديمها على صاحبها كتقديم الخبر الظرف فبتقديم الخبر الظرف يتخصص المبتدأ النكرة كذلك ذو الحال النكرة يتخصص بتقديم الحال عليه (م).

(٨) كما أن الخبر النكرة واجب التقديم على المبتدأ كذلك الحال على ذي الحال النكرة ؛ لأن معنى قولك : جاءني زيد راكبا أي : زيد راكب وقت المجيء (م).

(٩) اعلم أن تفصيل هذا المقام يحتاج بسط الكلام فنقول : تقديم الحال على صاحبها إذا كان معرفة غير مجرور قد يكون جائزا كما في : جاءني راكبا زيد ؛ إذ لا مانع عنه حينئذ وقد يكون واجبا حيث يشمل التقديم على الإضمار قبل الذكر لفظا ومعنى ، كما في مثل جاء راكبا الأدهم صاحبه ؛ إذ لو تأخر الحال عن صاحبها هنا ، وقيل : جاء صاحبه راكبا الأدهم لزم إرجاع الضمير إلى ما يتأخر عنه لفظا ومعنى وهو غير جائز (عافية).


(ولا تتقدم) (١) أي : الحال فيما عدا مثل : (زيد قائما (٢) كعمرو قاعدا) (على العامل المعنوي) قد عرفت فيما قبل العامل المعنوي ، وأنّ ما هو مقدر بالفعل أو اسم الفاعل مثل: الظرف وما يشبهه ـ أعني : الجار والمجرور ـ خارج عنه داخل في الفعل أو شبهه.

فعلى هذا (٣) معنى الكلام أن الحال (٤) لا تتقدم على العامل المعنوي اتفاقا (بخلاف(٥) الظرف) أي : بخلاف ما إذا كان العامل ظرفا أو شبهه فإن فيه خلافا. فسيبويه لا يجوزه أصلا (٦) ، نظرا إلى ضعف الظرف في العمل (٧).

وجوزه الأخفش بشرط تقدم المبتدأ على الحال ، نحو : (زيد قائما في الدار).

فأما مع تأخير المبتدأ على الحال ، فإنه وافق سيبويه في المنع (٨) فلا يجوز (٩) :

__________________

(١) لضعفه إلا إذا كان ذا الحدثين يجوز نحو : زيد قائما كعمرو وقاعدا فإن كاف التشبيه يقتضي حدثين أحدهما كونه مشبها والآخر مشبها به فامتاز عن سائر العوامل المعنوية فاستحق أن يخالفها لجواز التقديم (سيد السند).

(٢) حال من الكاف باعتبار المشبه وقاعدا حال من الكاف باعتبار المشبه به (قدقي).

(٣) قوله : (فعلى هذا معنى الكلام اه) فيكون قوله : (بخلاف الظرف) حالا عن قوله : (على العامل المعنوي) أو جملة معترضة بكونه خبر المبتدأ المحذوف أي : وهو ملتبس بخلاف الظرف (جلبي).

ـ أي : على ما عرفت فيما سبق العامل المعنوي أو أن ما هو مقدر بالفعل أو الاسم.

(٤) اعلم أن تقديم الحال على عاملها يجوز إذا كان العامل فعلا أو شبهه عند عدم المانع عنه ، نحو : راكبا ضربت زيدا وزيد متكئا جالس ؛ لأنهما قويان فيجوز أن يعمل مؤخرا خلافا للفراء ويجب ذلك التقديم إذا تضمن الحال معنى الاستفهام ، نحو : كيف فعلت؟ أي : على أي : حال فعلت؟ أو : كيف زيد فاعل لاقتضاء الاستفهام صدر الكلام (عوض أفندي).

(٥) وإنما احتاج إلى ذكر جواز تقدم الظرف على العامل المعنوي لوجود مناسبة بين الحال والظرف لدلالة الحال على الزمان كالظرف لكونهما فضلة في الكلام مع اختلافهما بهذا الحكم (متوسط).

ـ ظرف مستقر خبر لمبتدأ محذوف ، أي : هذا كما أشار الشارح أو اعتراض أو حال العامل المعنوي أو مفعول مطلق بتقدير الموصوف لقوله : (لا يتقدم) أي : تقدما كائنا (معرب).

(٦) سواء قدم على الظرف نحو : زيد قائما في الدار أو الظروف نحو : قائما زيد في الدار فكلاهما غير جائز عنده (م).

(٧) لأن الظرف إنما يعمل لنيابته عن الفعل ؛ لأن القائم مقام شيء لا يكون مثله (توقادي).

(٨) أي : في منع تقديم الحال على عامله الظرف سواء كان مؤخرا عن المبتدأ أو مقدما (م).

(٩) تقديم الحال على ذلك العامل سواء كان الظرف مؤخرا مثل : قائما إلخ لحصول الفاصلة بين الحال وعاملها المعنوي (مغني).


(قائما زيد الدار) ولا (قائما في الدار زيد) اتفاقا.

ويحتمل (١) أن يكون معناه (٢) أن الحال وأن كان مشابها للظروف لما فيه من معنى الظرفية ، إلا أن الظرف يتقدم على عامله المعنوي ، لنوسعهم (٣) في الظروف.

والحال لا يتقدم عليه ، هذا إذا لم يكن الظرف داخلا في العامل المعنوي.

أما إذا جعلته داخلا في العامل المعنوي ـ كما هو الظاهر من كلامهم ـ فالمراد (٤) هو الاحتمال (٥) الثاني لا غير.

(و) (٦) كما لا تتقدم الحال على العامل المعنوي ، كذلك لا تتقدم (على) ذي الحال (المجرور) سواء كان مجرورا بالإضافة (٧) أو بحرف الجر ، فإن كان مجرورا

__________________

(١) عطف على قوله : (إن الحال لا يتقدم على العامل المعنوي اتفاقا) (لباب).

(٢) فعلى هذا الاحتمال قوله : (بخلاف الظرف يكون متعلقا بضمير متقدم والكل تعسف (ع ص).

(٣) لأنك تقول : كل يوم لك درهم ، ولا تقول : قائما لك درهم (لباب).

(٤) قوله : (فالمراد هو الاحتمال الثاني لا غير) ؛ لأن اللائق حينئذ استثناؤه عن العامل المعنوي لا أن يبين المخالفة بقوله : (بخلاف الظرف (م).

(٥) قوله : (الاحتمال الثاني) وذلك أن قوله : (بخلاف الظرف) يدل على أن الحكم في الظرف مخالف للحكم السابق المفهوم من قوله : (لا يتقدم على العامل المعنوي) ؛ لأن المفهوم من السابق الأشياء من الحال لا يتقدم على عامله المعنوي مطلقا ظرفا كان أو غيره ومن أخص يفهم أن الحال قد يتقدم على عامله المعنوي الذي هو الظرف فلزم التناقض ولو قال : (إلا الظرف) لصح الكلام ، ويحتمل قوله : (بخلاف الظرف) عليه مساغ إلا أن فيه خلافا لفظيا لكن الأمر فيه سهل (طاشكندي).

ـ وهو أن الظرف يقدم على العامل المعنوي أي : في الجملة يعني إذا كان العامل المعنوي ظرفا أو شبهه فإنه إذا لم يكن كذلك لم يجز تقديم الظرف عليه (لاري).

ـ فيكون حاصل كلام المصنف أن الحال لا يتقدم على العامل المعنوي بخلاف الظرف يعني أن الظرف يتقدم على عامله المعنوي فيكون قوله : (بخلاف الظرف) متعلقا على الضمير الذي لا تتقدم وهو راجع إلى الحال (جادوب).

(٦) ولما فرغ من بيان تقديم الحال على عامله وعدم تقدمه عليه إجمالا وتفصيلا شرع في بيان تقدم الحال على صاحبه وعدم تقدمه عليه فقال : وكما .. اه (توقادي).

ـ عطف على قوله : (على العامل المعنوي) ولا زائدة لتأكيد النفي مثل قوله تعالى : (وَلَا الضَّالِّينَ)[الفاتحة : ٧] (هندي).

(٧) استثني منه ما إذا كان المضاف جزء المضاف إليه ، أو جاز قيام المضاف إليه مقامه فإنه ـ


بالإضافة لم تتقدم (١) الحال عليه اتفاقا نحو : (جاءتني مجردّا عن الثياب ضاربة زيد) وذلك؛ لأن الحال تابع (٢) وفرع لذي الحال ، والمضاف إليه لا يتقدم على المضاف ، فلا يتقدم تابعه أيضا.

وإن كان مجرورا بحرف الجر ففيه خلاف فسيبويه وأكثر البصريين يمنعون تقديمها عليه للعلة المذكورة (٣) ، وهو الختار عند المصنف ، ولهذا قال : (على الأصح).

ونقل عن بعضهم : الجواز استدلالا بقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً (٤) لِلنَّاسِ)[سبأ : ٢٨].

ولعل (٥) الفرق بين حرف الجر والإضافة أن حرف الجر معدّ للفعل كهمزة والتضعيف، فكأنه من تمام الفعل ، وبعض حروفه ، فإذا قلت :

__________________

ـ يجوز التقديم لكن على قلة ، نحو : يتحرك ماشيا يد زيد ونتبع حنيفا ملة إبراهيم (عب).

(١) لأنه إن تقدم فإن وقع بعد الحال لزم الفصل وإن وقع قبل الحال لزم وقوع التابع حيث لا يجوز وقوع ولا يرد نحو : راكبا جاءني زيد ، ؛ لأن الفاعل من حيث هو مسند إليه محله قبل الفعل وإن امتنع بعارض الالتباس بالمبتدأ (هندي).

(٢) لأن الحال في الأصل صفة والصفة من التوابع وحسن حال التوابع أن يقع بعد المتبوع والمجرور لا يتقدم على الجار فكيف يتقدمه ما هو تابع له (ضوء).

(٣) يعني : أن الحال تابع وفرع لذي الحال والمجرور لا يتقدم على الجار فكيف تقدم ما هو تابع له فلا يتقدم تابعه (إيضاح).

(٤) أي : إلا جامعا لهم في الإبلاغ وهي حال من الكاف والتاء للمبالغة ولا يجوز جعلها حالا من الناس على المختار (قاضي في سورة سبأ).

(٥) وقال الزجّاج كافة حال من كاف الخطاب في أرسلناك لا عن الناس والهاء فيه للمبالغة وبطلانه بيّن ؛ لأنه جعل كافة حالا من المفرد ولا يعرف ذلك في غير محل الفراغ ، وجعل من المذكر مع كونه مؤنثا وكون الهاء للمبالغة مقصور على السماع ولا يأتي إلا في أمثلة معدودة ، قال الزمخشريّ : كافة صفة لأرسلناك محذوفة أي : إلا أرساله كافة فحذفت الموصوف وأقيمت الصفة مقامها وهذا أيضا ضعيف ؛ لأن العرب لا تستعمل إلا حالا من الناس والأصل للناس أي : جميعا وهذا هو الصحيح ؛ لأنه إذا بطل القولان تعين الحكم بصحة القول الثالث (من شرح سهيل).

ـ قوله : (ولعل الفرق) خالف ابن كيسان الجمهور يجوز تقديم الحال على صاحبها المجرور بالحرف دون الإضافة فاحتاج إلى الفرق بينهما كما بين الشارح (وجيه الدين).


(ذهبت راكبة بهند) فكأنك قلت : أذهبت راكبة هندا.

وأجاب بعضهم عن هذا الاستدلال : بجعل (١) (كافة) حالا عن الكاف والتاء (٢) للمبالغة.

وبعضهم يجعلها صفة لمصدر أي : إرسالة كافة.

وبعضهم يجعلها مصدرا (٣) ، كالكاذبة ، والعاقبة والكل تكلف (٤) وتعسف (وكلّ ما دلّ على هيئة) أي : صفة سواء كان الدال مشتقا أو جامدا (صحّ أن يقع حالا) من غير أن يؤول الجامد بالمشتق ؛ لأن المقصود من الحال بيان الهيئة (٥) ، وهو حاصل (٦) به ،

__________________

(١) قوله : (يجعل كافة حالا من الكاف) والمعنى : وما أرسلناك إلا مانعا للناس عما يضرهم. إن قلت : إنه عليه‌السلام كما أرسل مانعا ناهيا أرسل آمرا فكيف يصح الحصر؟ قلنا : الحصر إضافي كما إذا جعلته حالا من الناس ؛ لأنهصلى‌الله‌عليه‌وسلم مبعوث إلى الثّقلين. إن قلت : الحال قيد للعامل فيلزم أن يكون الكف في وقت الإرسال وليس كذلك لتراخيه عنه؟ قلنا : الحال مقدرة والتقدير لا يلزم أن يكون من صاحب الحال كما مرت الإشارة إليه (عب).

(٢) قوله : (والتاء للمبالغة) جواب سؤال مقدر تقديره أن الكاف مذكر والتاء مؤنث والحال يجب أن يكون مطابقا لذي الحال ، وتقدير الجواب : أن التاء فيه للمبالغة لا للتأنيث كعلامة والمعنى : وما أرسلناك إلا كافة أي: مانعا للناس عن الشّرك والكبائر مبالغة فيه (وجيه الدين).

ـ وكثير منهم ذهبوا إلى أن تاء المبالغة مخصوصة بفعال وفعول ومفعال (عب).

(٣) منصوبا بفعل محذوف ؛ لأن الفاعلة قد يجيء بمعنى المصدر كالكاذبة والعافية ، أي : وما أرسلناك إلا لتكف كافة والجملة حال مقدرة (عافية شرح الكافية).

(٤) التكلف في الكلام وغيره استلزام غير الظاهر من غير ظهور دليل ، والتعسف الأخذ على طريق غير الواضح كما في راكب التعاسف فهو أقبح من التكلف (حاشية).

ـ قوله : (والكل تكلف وتعسف) وذلك أن المعنى إنا أرسلناك إلى جميع الناس والتأويلات التي ذكروها لا يطابق هذا المعنى وأيضا أن كافة لا يخرج عن النصب على الحالية فلا يكون مصدرا ولا صفة محذوف (وجيه الدين).

ـ أما كون الأول تكلفا فلأن تاء المبالغة في الفاعل غير معلوم الوقوع حتى أنكرها البعض في غير فعال وفعول ومفعال والاستشهاد بالكافة والشافة غير سديد ؛ لأنه بتقدير موصوف وأما كون الثاني تكلفا فلأنه لا حاجة إلى تقدير الموصوف ، وأما كون الثالث تعسفا فلأن كافة غير مضافة لازمة الحالية بمعنى جميعا (ع ص).

(٥) أي : الصفة التي عليها صاحب الحال حين صدر عنه الفعل أو وقع عليه (م).

(٦) ولهذا لم يشترط المصنف على ما ذهب إليه سيبويه الاشتقاق في الصفة أيضا وبالحقيقة لا مخالفة ـ


وهذا ردّ (١) على جمهور النحاة ، حيث شرطوا اشتقاق الحال وتكلفوا في تأويل الجامد بالمشتق ومع هذا فلا شك أن الأغلب في الحال الاشتقاق.

(مثل) (بسرا ورطبا) في قولهم : (هذا بسرا) وهو ما (٢) بقي في حموضة.

(أطيب منه رطبا) وهو ما فيه حلاوة صرفه ، فهما مع كونهما جامدين حالان ، لدلالتهما على صفة البسريّة والرّطبية ، ولا حاجة إلى أن يؤول (البسر) بالمبسر (٣) و (الرطب) بالمرطب ، من أبسر النخل ، إذا صارما عليه بسرا ، وأرطب إذا صارما عليه رطبا.

والعامل في (رطبا) (أطيب) باتفاق النحاة ، وفي (بسرا) (٤) أيضا عند محققيهم(٥)

__________________

ـ بين سيبويه والجمهور ؛ لأن اشتراط الجمهور الاشتقاق خرج الحال وتأويل الجامد بالمشتق كاشتراط التنكير في الحال وتأويل المعرفة بالنكرة وذلك أن الحال النادر بالغالب حسن الطريق (طاشكندي).

(١) قوله : (وهذا رد على جمهور النحاة) قال الرضي : وهو الحد ؛ لأن الحال هو المبين للهيئة كما ذكر حده وكل ما قام بهذه الفائدة فقد يحصل المقصود فيه المطلوب من الحال بلا تكلف تأويل بالمشتق (وجيه الدين).

(٢) قوله : (ما بقي فيه حموضة) الأظهر أن يقال : ما بقي فيه نوع حموضة ، قال في الصراح : بسر غوراه خرما، أول ما بدأ من النخل طلح ثم خلال بالفتح ثم بلح بالتحريك ثم بسر ثم رطب ثم تمر (عب).

(٣) أي : إذا أريد تأويل الاسم الجامد إلى المشتق اشتق منه اسم الفاعل واسم المفعول وغيرهما (لمحرره).

ـ بكسر السين وفتحها وعلى الأول يكون الإسناد مجازيا عقليا بعلاقة المتعلقية ؛ لأنه بالكسر صفة النخل ؛ لأن النخل مبسر بالكسر وإذا أطلق على عاملها يكون إطلاقا مجازيا لا حقيقة وعلى الثاني يكون حقيقة ؛ لأنه بالفتح يكون صفة ما عليها (م).

(٤) وقد اختلفوا في بسرا أما العامل فيه فذهب قوم إلى أن عامله اسم الإشارة وليس لهم حجة على ذلك سوى ما استبعدوا أن يكون أفعل التفضيل عاملا فيما قبله مع ضعفه في العمل ، وذهب قوم إلى العامل فيه أطيب ؛ لأنهم اتفقوا على جواز تمر نخل يبسرا أطيب منه رطبا والعامل في بسرا أطيب بالاتفاق ؛ إذ هو متعين لذلك فلما أعمل أطيب في الحال المتقدمة هاهنا عمله ثم ؛ إذ هما نظيران (غجدواني).

(٥) لأنه يجوز تقديم الحال على اسم التفضيل تشبيها لها بالظرف (فاضل أمير).


وتقدم (بسرا) على اسم التفصيل مع ضعفه في العمل ؛ لأنه إذا تعلق بشيء واحد حالان باعتبارين مختلفين (١) ، يلزم أن كل واحد منها متعلقة والبسرية تعلقت بالمشار إليه ب : (هذا) من حيث إنّه مفضل وهذه الحيثية وان لم تكن معتبرة فيه إلا بعد إضماره في (أطيب) لكنه لما كان الضمير بالنسبة إلى المظهر كالعدم أقيم المظهر مقامه ، وأوجبوا أن يليه (٢) والرطبية تعلقت به من حيث إنه مفضل عليه ، وهو ضمير (منه) فيجب أن يليه (٣).

قال الرضي : (وأما الضمير المستكن في (أفعل) فإنه وإن كان مفضلا لكنه لما لم يظهر كان كالعدم ، ومع هذا فلا أرى بأسا بأن يقال :

وإن لم يسمع (زيد أحسن قائما منه قاعدا).

وذهب بعضهم إلى أنّ العامل في (بسرا) (٤) اسم الإشارة (٥) أي : أشير إليه حال كونه بسرا ، وهذا ليس بصحيح (٦) ؛ لأنه يمكن أن يكون المشار إليه التمر اليابس ، فلا

__________________

(١) إذ الحال الأولى تعلقت بالمشار إليه بهذا باعتبار الأفضلية والحال الثاني أيضا تعلقت به باعتبار المفضولية فيكون اعتبار أحدهما مخالفا لاعتبار الآخر (توقادي).

(٢) أي : الحال ذلك المظهر لكون الحال تجب صاحبها حكما ؛ لأن صاحبه حقيقة المضمر في اسم التفضيل(م).

(٣) أي : الحال ضمير منه وهاهنا أن الضمير البارز لما كان ملفوظا حقيقة لم يكن كالمعدوم كالمستكن بل كان كالاسم الظاهر ولذا وجب أن يليه الحال كما يجب أن يلي المظهر (م).

(٤) فالعامل في كلا الحالين أطيب عند سيبويه وبه قال المازنيّ في أظهر قوله والفارسي في تذكرته وابن كيسان وابن جني. وقيل : العامل فيهما كان التامة أي : هذا كان بسرا أطيب منه إذا كان رطبا كما هو مذهب المبرد وابن سراج والسيرافي والفارسي في حلبياته وقيل : العامل في بسرا اسم الإشارة من معنى الفعل أي : أشير إليه ، وقيل : العامل فيه ما في حرف التنبيه من معنى الفعل أي : أنبه عليه ورجح الأول بما مر وقيده وضعف البواقي بوجوه كثيرة (زهي زاده نقلا من الأشباه).

(٥) لأنه لا يجوز أن يكون أفعل التفضيل عاملا فيه لضعفه في العمل فلا يتقدم معموله عليه (م).

(٦) لأنه يلزم تعريف العامل في الحالين وهذا وإن كان جائزا إلا أنه يستلزم الكراهة وتفضيل الشيء على نفسه باعتبار حالة واحدة وهو الرطبية ؛ لأنه إذا لم يكن اسم التفضيل عاملا في بسرا لا يدخل تحت التفضيل فيكون الرطبية مفضلا ومفضلا عليه في حالة واحدة وهذا باطل (توقادي).


تتقيد الإشارة (١) بحالة البسرية ولأنه يصح حيث وقع موقع اسم الإشارة اسم لا يصح إعماله فيه ، نحو :

(تمر نخلتي بسرا (٢) أطيب منه رطبا).

(وتكون) (٣) أي : الحال (جملة) (٤) لدلالتها على الهيئة كالمفردات فصح أن وقعت حالا مثلها ، ولكن يجب أن تكون الجملة الحالية (خبرية) (٥) محتملة للصدق والكذب (٦) ؛ لأن الحال بمنزلة الخبر (٧) عن ذي الحال واجراؤها عليه في قوة (٨) الحكم بها عليه ، والجمل (٩) الإنشائية لا تصلح أن يحكم بها على شيء.

__________________

(١) إذا كان المشار إليه تمرا يابسا لا يمكن أن يقال أشير إليه بسرا فإن اليبوسة ينافي البشرية (رضا).

(٢) فإن العامل في بسرا أطيب دون تمرة فإن تمرة في مثل هذا المثال لا يصح إعماله في الحال ؛ لأنه ليس بفعل ولا شبهه ولا معناه (لمحرره رضا).

(٣) استئناف واعتراض أو عطف على ما قبلها من حيث المعنى كأنه قيل : يكون الحال مفردة وتكون جملة (م ع).

ـ قد تقام الجملة الحالية مقام مفرد فيعرب الجزء الأول منها إعراب الحال ، ويلزم تنكيره لقيامه مقام الحال (رضى).

(٤) اعلم أن الأصل في الحال أن يكون مفردا كغيره من المنصوبات إلا أنها لما كانت مفعولا وقصة في الخبر وصفة في المعنى وكانت الجملة تقع موقع المفردات جاز وقوعه موقع الحال (د م).

(٥) وأما وجوب كونها خبرية فلأن مقصود المجيء بالحال تخصيص وقوع مضمون عامله بوقت وقوع مضمون الحال ، فمعنى قولك : جاءني زيد راكبا أن المجيء الذي هو مضمون العامل واقع وقت وقوع الركوب الذي هو مضمون الحال ومن ثمة قيل إن الحال يشبه الظرف معنى (شيخ الرضي).

ـ وقيد بالخبرية احترازا عن الإنشاء ؛ لأنها لا تقع حالا ولا خبرا ولا صفة (هندي).

(٦) يعني أن الأصل في الجملة الخبرية أن تكون صادقة لصدورها عمن يعقل ومن ليس من شأنه الكذب ويحتمل أن تكون كاذبة ؛ لأنها خبر والخبر يحتملهما (م).

(٧) قوله : (لأن الحال بمنزلة الخبر) ؛ لأن الحال يفيد تعلق الفعل بالفاعل والمفعول لوقت وقوع مضمونها ولا يقصد من الإنشاء وقوع مضمونه (لاري).

(٨) وللقوة معنيان أحدهما : مقابل الظهور في الخارج كما يقال : الإنسان ضاحك بالقوة ، والآخر مقابل المفارقة أي : بمعنى اللزوم ، وهنا بمعنى اللزوم أي : كلما صح حالا صح خبرا وبالعكس ، كما يقال : الأوصاف قبل العلم أخبار أو أحوال وعكسه (قدقي).

(٩) قوله : (والجمل الإنشائية لا تصلح أن يحكم بها على شيء) ؛ لأن المحكوم يجب أن يلاحظ من حيث إنه حال من أحكام المحكوم عليه في نفس الأمر ولا يصلح لذلك إلا ما هو مفهوم ـ


ولما كانت الجملة مستقلة في الإفادة (١) لا تقتضي ارتباطها بغيرها ، والحال مرتبطة بغيرها ، فإذا وقعت الجملة حالا لا بد لها من رابطة تربطها إلى صاحبها ، وهي : الضمير(٢)،والواو (٣).

والجملة الخبرية : إمّا اسمية أو فعلية ، والفعلية : إما أن يكون فعلها مضارعا مثبتا أو مضارعا منفيا أو ماضيا منفيا ، فهذه خمس جمل.

(فالاسمية) (٤) أي : الجملة الإسمية الحالية متلبسة (بالواو والضمير) معا لقوة الاسمية في الاستقلال ، فتطلب أن تكون الرابطة فيها في غاية القوة ، نحو : (جئت وأنا راكب) و (جئت وأنت راكب) و (جاء زيد وهو راكب) (أو بالواو وحدها) لأنها تدل على الربط في أول الأمر فأكتفي بها ، مثل : قوله عليه الصلاة والسّلام : ((كنت (٥) نبيّا وآدم بين الماء والطين)) وهذا ، أي : الربط بالواو وحدها ، أو بها مع الضمير إنما يكون

__________________

ـ الخبرية دون الإنشائية إلا بالتأويل ؛ لأن الإنشائية من حيث إنشائية لا خارج لها حتى تكون حالا من أحواله في نفس الأمر (وجيه الدين).

(١) لاشتمالها على الإسناد المقتضي للمسند والمسند إليه وإذا كان كذلك لا يقتضى (م).

(٢) قوله : (وهي الضمير والواو) لما كانت الجملة الحالية فضلة احتاجت إلى زيادة ربط ، ولهذا لا يكون الواو رابطة في الجملة الواقعة خبرا أو وصفا إلا إذا حصل لهما أدنى انفصال وذلك لوقوعهما بعد إلا نحو : ما جئتك إلا وأنت بخيل ، وما جاءني إلا وهو فقير (عب).

(٣) وفي حصر رابطة في الضمير والواو نظرا وبكون ظهور الملابسة منزلة رابطة لتوقعه على الثبوت بكلام سابق قصد تعيينه بها (معاني).

(٤) ولما فرغ من بيان أن أية جملة تقع حالا شرع في بيانها تفصيلا وبيان الرابطة أيضا فقال : بالفاء التفسيرية والتفصيلية (م).

ـ وفي حكمها الجملة المصدرة بليس ؛ لأنها لمجرد النفي على الأصح ، ولا تدل على الزمان فهو كحرف نفي داخل على الاسمية (لاري).

(٥) قوله : (كنت نبيا) أي : لما ينبوئي من عند الله تعالى ، وآدم بين الماء والطين أي : والحال أن بدنه العنصري لم يكمل بعد وإنما كان نبيا ؛ لأنه خلق روحه المطهر قبل الموجود ثم بعث إلى أرواح المكلفين بعد خلقها قبل الأبدان فبلغ إليهم الحقيقة الأحدية فآمن به من هو أهله ، ثم ظهر ذلك الأيمان بعد خلق أبدانهم وفيه إشارة إلى أن سائر الأنبياء لم يكونوا أنبياء قبل أبدانهم العنصرية.

واعلم أن في صحة هذا تغافلا ولعله نقل بالمعنى فإن المروي عن أحمد (١٦١٨٧) والبخاري في تاريخه (١٦٠٦) والبغوي في التفسير : ٥ / ٢٣٠ والحاكم الصحيح «كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد» (ح حاي ع ع ب).


الحال المنتقلة (١) ، وأما في الحال المؤكدة ، فلا يجوز بالواو ، تقول (هو الحقّ لا شك (٢) فيه) وذلك ؛ لأن الواو لا تدخل بين المؤكد والمؤكد ، لشدة الاتصال بينهما.

(أو الضمير) (٣) وحده (على ضعف) (٤) ؛ لأن الضمير لا يجب أن يقع في الابتداء (٥). فلا يدل على الربط في أوّل الأمر نحو : (كلمته فوه (٦) إلى فيّ) (٧) فلا بدّ من الواو على الصحيح :

__________________

(١) الغير المتقررة ؛ لأنها لتجددها وانتقالها اقتضت أن يقدر بالواو الموضوعة للجمع ليعلم من أول الأمر أن الجملة مرتبطة بما قبلها غير مستقلة (توقادي).

(٢) لأن لا لنفي الجنس شك مبني على الفتح محلا منصوب إلخ اسم لا وفيه خبره ، والجملة الاسمية حال من الحق ، والعامل فيه هو الفعل المحذوف أي : أحق لا شك فيه (لمحرره رضا).

(٣) قوله : (أو بالضمير وحده) ، قال الأندلسي والشيخ عبد القاهر : إن كان المبتدأ في الجملة الواقعة ضمير ذي الحال يجب الواو ، تقول : جاءني زيد وهو سرع أو هو يسرع (حاشية هندي).

(٤) قيل : في هذا الضعف نظر ؛ لأنه ورد في كلام الله تعالى نحو : (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ)[الزمر : ٦٠] ولا يجوز إسناد الضعيف إلى كلام الله تعالى الذي [هو] أفصح الكلام؟ وجواب ابن الحاجب أنه : بتقدير وجوههم ممنوع إذ هذا الدليل منقوض بقوله تعالى : : (آوَوْا وَنَصَرُوا)[الأنفال: ٧٢] فثبت هذا الضعف، وكقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)[الحديد: ٢٥] (من حاشية الموشح).

(٥) بل قد يقع في الأول وحينئذ بل على الربط من أول الأمر كالواو ، وقد يقع في الأوسط بل قد يقع في الآخر فلا بد اه (م).

(٦) وقال بعض الأفاضل : هذا كلام فصيح ؛ لأنه يعلم الربط من أول الأمر ، كذا في شرح الكشاف للعلامة التفتازاني ، وفيه نظر (حاشية هندي).

ـ قوله : (فوه) ، مبتدأ و (إلى فيّ) خبره والجملة في موضع النصب حال من الهاء في كلمته والهاء في قوله : (فوه) عائد إلى الهاء في كلمته ؛ لأن جعلت الحال من الفاعل والعامل في قولك : فيّ (توصيف).

ـ حال من الضمير وحده فإن كان حالا عن الفاعل والضمير في (فيّ) وهو ياء المتكلم وإن كان حالا من المفعول والضمير في فوه (سيدي).

(٧) وقوله :

ولو لا جنان الليل ما آب عامر

إلى جعفر سرباله لم يمرق

 ـ أي ولو لا جنان أي : شدة مواده ، آب : أي : يرجع ، سرباله : قميصه ، لم يمزق : تحريق السربال كناية عن السلامة أي : لو لم يكن شدة مواده لم يرجع عامر سالما ، في اللباب : فلولا بالفاء (حاشية هندي).


(والمضارع المثبت) (١) أي : الجملة الفعلية (٢) التي يكون الفعل فيها مضارعا مثبتا متلبسا (بالضمير وحده) لمشابهته لفظا ومعنى لاسم الفاعل المستغني عن الواو نحو : (جاءني زيد يسرع).

(وما سواهما) أي : ما سوى الجملة الإسمية والفعلية المشتملة على المضارع المثبت من الجمل المشتملة على المضارع (٣) المنفي أو الماضي المثبت أو المنفي (بالواو والضمير معا أو بأحدهما) وحده من غير ضعف عند الاكتفاء بالضمير ، لعدم قوّة استقلالها كالاسمية(٤).

فالمضارع المنفي ، نحو : (جاءني زيد وما يتكلم غلامه) أو (جاءني زيد ما يتكلم غلامه) أو (جاءني زيد وما يتكلم عمرو).

والماضي المثبت ، نحو : (جاءني زيد وقد خرج غلامه) أو (جاءني زيد قد خرج غلامه) أو (جاءني زيد وقد خرج عمرو) أو (جاءني زيد قد خرج عمرو).

والماضي المنفي ، نحو : (جاءني زيد وما خرج غلامه) أو (جاءني زيد ما خرج غلامه) أو (جاءني زيد وما خرج عمرو) (٥).

(ولا بد في الماضي (٦) ...

__________________

(١) ويشترط في المضارع الواقع حالا خلوه عن حرف الاستقبال كالسين ولن ونحوهما لتناقض الحال والاستقبال (عب).

(٢) لأنه كالمفرد وأما نحو : قمت وأصك وجهه فتقديره : وأنا أصك ، أي : أضربه وجهه (هندي).

(٣) وإن كان بلم خلافا للأندلسي فإنه قال : لا بد فيه من الواو وإن كان مع الضمير ، قال الشيخ الرضي : إذا انتفى المضارع بلفظة ما لم يدخله الواو ، وإذا انتفى المضارع بلا لزمه الضمير والأغلب تجرده عن الواو (لاري).

(٤) يعني كما كان ضعيفا عند الاكتفاء بالضمير في الجملة الاسمية الحالية لقوة استقلالها كما مر (توقادي).

(٥) اعلم أن اجتماع الواو وقد والضمير أكثر من الانفراد أو الاثنين في الماضي المثبت وفي البواقي اجتماع الواو والضمير أكثر من انفراد أحدهما (شيخ الرضي).

(٦) والظرف المستقر خبر لا هذا عند أكثر النحاة وقال البغداديون إن خبر لا محذوف أي : حاصل وقوله : (في الماضي) متعلق باسم لا مع كونه مبنيا على الفتح ، وقال ابن مالك بل معرب منصوب لفظا ترك لكونه مشابها بالمضاف وخبر لا محذوف أي : حاصل وفي الماضي متعلق باسم لا (زيني زاده).


المثبت) (١) لا المنفي (٢) (من) دخول لفظه (قد) المقّربة زمان الماضي إلى الحال لغة على الماضي المثبت الواقع حالا ، ليدل (٣) بها على قرب زمانه إلى زمان صدور الفعل من ذي الحال ، أو وقوعه عليه تجوزا (٤) ؛ لأن المتبادر من الماضي المثبت إذا وقع حالا أن مضيّة إنما هو بالنسبة إلى زمان العامل فلا بدّ من (قد) حتى تقربه إليه فيقارنه (٥) ، وهذا بخلاف مذهب الكوفيين ، فإنهم لا يوجبون (قد) ظاهرة ولا مقدرة.

__________________

(١) قال السخاوي : الفعل الماضي لا يصلح أن يكون حالا مفعول فيه وما مضى لا يصلح أن يقع حالا فيه شيء فإذا صحة قد وقع حالا إذا كان المعنى ما ذكره وذلك أن قد حرف معنى وحرف المعنى إذا دخل عليه غيره عما كان عليه فإذا قلت : جئت قد كتبت زيدا فلا يجوز أن يكون حالا إن كانت الكتابة قد انقضت ، ويجوز أن يكون حالا إن كان قد شرع في الكتابة وقد مضى منها جزء ؛ لأنه ملتبس بها مستديم لها وكان المخاطب بهذا الكلام مترقبا كتابة زيد فيفيد أن زيد شرع في الكتابة وأنه قد مضى جزء منها فلمضى ذلك الجزء وجيء بالماضي ولتلبس زيد بالكتابة ودوامه عليه صح أن يكون الماضي حالا لاتصاله بالحال قال : ولا يقع الماضي حالا إلا بهذا المعنى فلذا لزم أن يكون مع قد ظاهرة أو مقدرة (خوافي).

(٢) ولا يدخل قد الماضي المنفي إذا وقع حالا ؛ لأن قد للتحقيق واجتماعها مع حرف النفي تناقض (مكمل).

(٣) قوله : (ليدل اه) هذا تحقيق ما ذكره السيد الشريف قدس‌سره وللقوم هنا كلام بعيد عن التحقيق فجرى أن لا تذكره (عب).

ـ قوله : (ليدل بها على زمان) هذا إشارة إلى أن ما قاله المرتضى الشريف في آخر الحاشية : قالوا إنما تجب قد ؛ لأن الماضي يدل على الانقضاء والحال على عدم الانقضاء فإذا أورد قد يتقرب الماضي إلى الحال وفيه؛ لأن المطلوب في الحال مقارنة حصول مضمونها بحصول مضمون العامل ماضيا أو حالا أو مستقبلا كان الحال أيضا كذلك ماضيا أو حالا أو مستقبلا وأيضا لفظ قد إنما يقرب الماضي إلى الحال المقابل للاستقبال وهو زمان التكلم فربما يكون قد سببا لعدم مقارنته لمضمون العامل كما في قولك : جاء زيد في السنة الماضية وقد ركب فرسه فهذا اللفظ ناشئ عن اشتراك لفظ الحال وغاية ما يمكن أن يقال هذا مجرد استحسان دعاية للمنافاة بين الماضوية والحالية في الجملة ولهذا اشترط خلو الجملة علامة الاستقبال كذا في المطلوب (حاشية الهندي).

(٤) أي : دلالة تجوزا ودلالة تجوزية يعني دلالة لفظة قد على هذا القرب مجاز بعلاقة الجزئية ؛ لأن هذه الدلالة جزء من معناها اللغوي لكونه مطلقا (م).

ـ وإنما قال تجوزا ؛ لأن قد لتقريب الماضي إلى الحال اللغوي ؛ إذ هو أحد الأزمنة الثلاثة واستعمال التقريب الواقع حالا في زمان حدوث الفعل من ذي الحال مجازا (عبد الرحيم).

(٥) قوله : (فيقارنه) الظاهر من السياق والسياق أن الضمير المنصوب في فيقارنه راجع إلى ـ


سواء كانت (ظاهرة) في اللفظ ، نحو : (جاءني زيد قد ركب غلامه) (أو مقدرة) منوّية(١) نحو : قوله تعالى ((أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ (٢) صُدُورُهُمْ) [النساء : ٩٠]) أي : قد حصرت صدورهم ، وهذا بخلاف مذهب سيبويه والمبرد ، فإنهما لا يجوّزان حذف (قد).

فسيبويه : يؤول قوله تعالى : (حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) ب : (قوما حصرت صدورهم) فتكون جملة (حصرت) صفة موصوف محذوف هو الحال والمبرد : يجعله جملة دعائية وإنما لم يشترط ذلك في المنفي ، لاستمرار النفي بلا قاطع (٣) ، فيشتمل زمان (٤) الفعل.

(ويجوز (٥) حذف العامل) في الحال ، لقيام ، قرينة حالية (كقولك للمسافر) أي : الشارع في السفر (٦) ، أو المتهيئ له : (راشدا مهديّا) أي : سر (٧) راشدا (٨) مهديّا بقرينة حال المخاطب ، قوله (مهديّا) : إما صفة ل : (راشدا) (٩) ، أو حال (١٠) بعد حال.

__________________

ـ زمان العامل لكن المطلوب مقارنة الحال لعاملها بأن يكون زمانهما واحدا فتدبر ولا تغفل (فاضل).

(١) بأن تكون محذوفة في اللفظ ملحوظة في النية ؛ لأن المقدر المنوي كالملفوظ من غير فرق (م).

(٢) فجملة حصرت صدورهم حال من فاعل جاؤوكم أي : جاءكم الكفار حال كون صدورهم خائفة ؛ لأن الخوف سبب للحصر فيكون من ذكر المسبب وإرادة السبب والمراد من الصدور العقول مجازا بعلاقة المحلية (م).

ـ سواء مقدرة منوية أو محذوفة نسيا منسيا ؛ لأن قد حرف والحرف لا تأثير له إذا كان محذوفا مع جواز وجه آخر إلا أن يكون مذكورا لفظا وههنا ليس كذلك (م).

(٣) بخلاف الثبوت فإنه يحتاج في استمراره إلى فاعل ومبق بخلاف النفي فإنه يحتاج إلى فاعل فقط (جلبي).

(٤) لأنه إذا انتفى الفعل الماضي استمر ذلك إلى الحال بحكم الاستصحاب بخلاف الثبوت فإنه يحتاج في استمراره إلى فاعل ومبق (غجدواني).

(٥) ولما فرغ من بيان ما هو أصل في الحال وما هو الفرع فيه شرع في بيان حذف عامله جوازا أو وجوبا سواء كان العامل فعلا أو شبهه أو معناه ومثال الثالث هذا الهلال بيننا (م).

(٦) يريد بالتفسير الأول معناه الحقيقي وبالثاني معناه المجازي بعلاقة السببية ؛ لأن السفر سبب له فيكون من قبيل ذكر السبب وإرادة المسبب أو بعلاقة الأولية (توقادي).

(٧) أي : سر راشدا مهديا ، أي : مستقيما غير ضال في سلوكك والقرينة هاهنا تهيئة لأسباب السفر (إيضاح).

(٨) مفعول من هدى يهدي إذا دل أحد على الطريق المستقيم (محمد أفندي).

(٩) كأنه هدى فتقررت له الهداية في صاحب الحال فالأصل ألا يكون وصفا له إلا أن الضمير لما لم يوصف جعلت الهدأية وصفا لما قام به وهو الرشد (م).

(١٠) أي : حال مترادفة إن كانت من فاعل سرا أو متداخلة إن كانت من ضمير راشدا (لمحرره رضا).


أو مقالية ، كقولك : (راكبا) لمن يقول : كيف جئت راكبا.

بقرينة السؤال ، ومنه قوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى)(١) قادِرِينَ [القيامة : ٣ ـ ٤] أي : بلى نجمعها قادرين.

(ويجب) (٢) حذف العامل (٣) (في) بعض الأحوال (المؤكدة) (٤) وهي أي : الحال المؤكدة مطلقا ، هي التي لا تنتقل من صاحبها ما دام موجودا غالبا بخلاف المنتقله.

والمنتقلة : قيد (٥) للعامل بخلاف المؤكدة (مثل (زيد أبوك عطوفا (٦) فإن العطوفية

__________________

(١) بلى حرف تصديق مبني على السكون قادرين منصوب لفظا جمع مصحح حالة النصب بالياء اللفظية ، عامله عامل لفظي قياسي من ذي الحال المحذوف وهو فاعل الفعل المحذوف أي : نجمعها (لمحرره رضا).

(٢) هذا هو مذهب من قال إن المؤكدة لا تجيء إلا بعد الاسمية والظاهر أنها تجيء بعد الفعلية أيضا كقوله تعالى: (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)[البقرة : ٦٠] وقوله : (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)[التوبة : ٢٥] (رضا).

(٣) وإنما وجب حذف العامل لئلا يكون ذكره كالعبث لا قوله : (زيد أبوك عطوفا) تدل على عطفية زيد ؛ لأنها من لوازم الأبوة على إثباتها فلا حاجة إلى تصريح العامل الذي هو إثبات العطف فيه فإن الجملة السابقة كالنائب (سيدي).

ـ ولا يرد نحو قوله تعالى : (قائِماً) في قوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ)[آل عمران : ١٨] مع أن عامله لم يحذف وهو شهد فعلم أن وجوب حذف العامل في بعضها لا في كلها وقيل : غير مؤكدة لعدم الاسمية وإنما سمي حالا دائما أو مؤكدة ؛ لأنه يوجد فيها شرط وجوب حذف العامل على اختلاف التقديرين (هندي وغيره).

(٤) وعلاقة حال المؤكدة أربعة ، أحدها : أن يكون بعد جملة اسمية محضة ، والثاني : أن يكون منصوبة بفعل مقدر ، والثالث : أن يكون منتقلة ليصح أن يكون تأكيدا ، والرابع : أن يوجد معناها في نحو قوله تعالى : (هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً)[فاطر : ٣١] فمصدقا تأكيد للتصديق الذي يكون في الجملة ؛ لأن الحق لا يزول عنه تقديره أثبته مصدقا (إيضاح).

(٥) لأن الغرض منها تقييد الحدث المنسوب إلى صاحبها إسنادا أو إيقاعا وذلك الحدث هو العامل في الحال فيكون قيدا له (م).

(٦) والعامل فيه عند سيبويه مصدر بعد الجملة أي : أحق عطوفا من حققت الأمر أي : تحققت وعرفته وقيل : أي : يجيء عطوفا وعند ابن مالك العامل معنى الجملة كأنه قال يعطف عليك أبوك عطوفا ؛ لأن الجملة وإن جزآها جامدين إلا أنه يحصل من إسناد أحد جزئيها إلى الآخر معنى من معاني الفعل وعلى هذا لا يجوز تقديم الحال لضعفها في العمل وذلك الخفاء معنى فيهما على جزء الجملة ولا أحدهما (عباب).


لا تنتقل عن الأب في غالب الأمر (أي : أحقّه) بفتح الهمزة أو ضمها من حققت الأمر بمعنى : تحققته وصرت منه على يقين أو من أحققت الأمر بهذا المعنى بعينه ، أو بمعنى أثبته ، أي :

تحققت أبّوته (١) لك ، وصرت منها على يقين ، أثبتها لك (٢) عطوفا (٣).

وقال صاحب (المفتاح) : أحق (٤) التقديرات عندي أن يقدر (يجيء (٥) عطوفا) (وشرطها) أي : شرط (٦) وجوب حذف (٧) عاملها (أن تكون مقررة) أي : مؤكدة (٨) (لمضمون (٩) جملة) احترز به عما يؤكد بعض أجزائها كالعامل في قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً) [النساء : ٧٩](١٠) فإنه لا يجب حذفه.

__________________

(١) فيه إشارة إلى أن مفعول أحق بحذف المضاف أي : أحق أبوته (قدقي).

(٢) أي : تحققت أبوته لك وصرت منها على يقين بحيث لم يبق لي شبهة (م).

(٣) وعلى هذا الوجوه كلها يكون الحال مبنيا للمفعول وقد سبق (م).

(٤) وإنما قال أحق لسلامته من الخوف ، أي : حذف المضاف من مفعول أحقه (قدقي).

(٥) مضارع معلوم من حنى يحني من باب رمى يرمي أي : يميل ويشفق ويرحم (توقادي).

ـ فلان أحنى الناس عليك أي : أشفقهم وحنوت عليه أي : عطفت (صحاح).

(٦) قوله : أي : شرط وجوب حذف عاملها إنما قدرت هذه الأمور الثلاثة ؛ لأن الحق أن الحال المؤكدة قد تكون مؤكدة بالجملة الفعلية كقوله تعالى : (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)[البقرة : ٦٠] أي : لا تفسدوا ومن خصص المؤكدة بالجملة الاسمية يؤول أمثاله بالمصادر فيجعل قوله تعالى : (مُفْسِدِينَ) بمعنى الإفساد وكثيرا ما يجيء صيغة الصفة مقام المصدر (عب).

ـ وجعل كونها مقررة لمضمون جملة شرطا لوجوب حذف العامل لا شرطا لوجوب الحال المؤكدة ومنهم من جعلها شرطا لوجودها قال إن الحال المؤكدة لا تجيء إلا بعد الاسمية (وجيه الدين).

(٧) قدر الحذف والإضافات ليصح الحمل على الشرط بقوله : (أن يكون اه (توقادي).

(٨) هذا تفسير باللازم ؛ لأن التقرير المذكورة بعد مرة أو جعل الشيء في قراره فيلزمه التأكيد (توقادي).

(٩) والمراد بمضمون الجملة في المثال المذكورة شفقة الأب إلى الابن (هندي).

(١٠) فإن قيل : قوله : (رسولا) يؤكد بعض أجزاء الجملة وهي الإرسال إذا أريد به معناه اللغوي أما لو أريد معناه الشرعي وهو إنسان بعثه الله تعالى إلى الخلق بكتاب وشريعة فيؤكد مضمون جملة وهو إرسال الله تعالى قلنا حينئذ يكون المراد بالإرسال أيضا معناه الشريعي فيؤكد أيضا على هذا التقدير مضمون بعض أجزاء الجملة فتأمل (وجيه الدين).


(اسمية) (١) احترز به عما إذا كانت فعلية ، فإنه لا يجب حذف عاملها ، كما قال صاحب الكشاف ففي قوله تعالى : (قائِماً بِالْقِسْطِ) [آل عمران : ١٨] : إنّه حال مؤكدة من فاعل (شهد) (٢).

ولا بد هاهنا من قيد آخر وهو : أن يكون عقد تلك الجملة الإسمية من اسمين لا يصلحان للعمل فيها ، وإلا لكان عاملها مذكورا ، فكيف يكون حذفه واجبا؟ نحو : الله شاهد قائما بالقسط.

(التمييز)

التمييز (٣)

(ما يرفع) أي : الاسم الذي يرفع (الإبهام) واحترز به عن البدل ، فإن المبدل منه في حكم التنحية (٤) ، فهو ليس يرفع الإبهام عن شيء ، بل هو ترك مبهم وإيراد معين.

(المستقرّ) أي : الثابت الراسخ في المعنى الموضوع له (٥) ، من حيث إنّه موضوع له.

فإن (المستقر) وإن كان بحسب اللغة هو الثابت مطلقا ، لكن المطلق منصرف إلى

__________________

(١) بشرط أن يكون طرفاها جامدين جمودا محضا ؛ لأن الغرض من وضع تلك الحال يدل على هذه الصفة من صاحبها لا ينتقل ولا يتحول فلو كانت مقررة لمضمون الجملة الفعلية أو التي أحد جزئيها من المشتقات لما حصل ذلك الغرض لما أن في تلك الجملة دلالة على التجدد والحدوث في الأغلب (عافية شرح الكافية).

(٢) وهو الله ومضمون الجملة شهادة الله تعالى ؛ لأن القيام بالقسط بغير اسم من الجملة فأكدت بقوله : قائما بالقسط (حاشية).

(٣) مبتدأ محذوف الخبر أي : من المنصوبات أو من الملحقات أو خبر محذوف المبتدأ أي : هذا بيان التمييز وعلى هذين الوجهين يكون قوله : (ما يرفع خبر مبتدأ محذوف أي : هو ما يرفع صلة أو صفة (هندي).

ـ قال التمييز ويقال له التبيين والتفسير والمميز بكسر الياء قيل : وقد يقال بفتحها ؛ لأن المتكلم يميزه بين الأجناس برفع الإبهام (غف).

(٤) أي : في حكم السقوط ؛ لأن المبدل منه في حكم الإزالة من البين في المعنى (لمحرره).

(٥) قوله : في المعنى الموضوع له من حيث أنه موضوع له) لعل الوضع شامل للوضع النوعي المجازي ؛ لأن أسماء العدد والوزن والكيل إذا أريد بها المعاني الحقيقية وهي : العدد والكيل والوزن لا تستدعي تمييزا وإنما تستدعي تمييزا إذا أريد بها المعدود والمكيل والموزون كما سيجيء وهي فيها مجاز (لاري).


الكامل ، وهو الوضعي (١) ، واحترز به عن (٢) نحو : (رأيت عينا جارية) فإن قوله (جارية) يرفع الإبهام عن قوله : (عينا) (٣) ، لكنه غير مستقر بحسب الوضع (٤) ، بل نشأ في الاستعمال باعتبار تعدد (٥) الموضوع له.

وكذا يقع به الاحتراز عن أوصاف المبهمات (٦) ، نحو : (هذا الرجل) فإن (٧) (هذا) مثلا : إما موضوع لمفهوم (٨) كلّي (٩) ...

__________________

(١) إذ التأنيث في الوضع ثابت في الاستعمال بخلاف العكس (ابري).

(٢) عن الإبهام الغير المستقر حيث لا إبهام فيه وضعا بل تولد من تعدد الموضوع له (م).

(٣) فإن عينا وضع أولا للماء وثانيا للباصرة وثالثا للجسم وغير ذلك ولا إبهام بحسب الوضع بل إذا استعمل على الأوضاع في كل ما وضع له وقع الإبهام بسبب الاستعمال لا بالوضع ؛ لأن الواضع يضع ذلك اللفظ لمعنى معين ثم اتفق من ذلك الواضع أو من غيره أن يضع ذلك اللفظ لمعنى آخر فيعرض له الإبهام عند المستعمل لأجل الاشتراك العارض فمثل هذا الإبهام غير مستقر في أصل الوضع بل عرض بسبب الاشتراك العارض (خلاصة رضى).

(٤) ولهذا يكون حقيقة في كل واحد من معانيها بخلاف عشرين مثلا فإنه موضوع بعدد مخصوص من أي : جنس كان فالإبهام فيه وضع مستقر وفي العين صار غير مستقر (لباب).

(٥) إشارة إلى أن ما كتب الأصول من أن المشترك خلاف الأصل ؛ لأنه يحل بالفهم لتردده ذهن المخاطب بين المفهومات وتقدر عليه الاستكشاف عن السؤال فيحمل على خلاف المراد فيقع في الجهل ولو ذكر ذلك لغير يقع هو أيضا في الجهل وهكذا فسبب وقوعه إما بأن غفل الواضع عن الوضع الأول وقد اشتهر في وقوع موضعه ثانيا لمعنى آخر فاشتهر كلاهما بين الأقوام وبأن وضعه واضع لمعنى وواضع آخر فاشتهر كلاهما على ما بينوا (حاشية هندي).

(٦) يعني : عن أوصاف أسماء الإشارة فإنها مبهمات استعمالا لا وضعا ؛ لأن أسماء الإشارة من أقسام المعارف (م).

(٧) قوله : (فإن هذا مثلا) موضوع لمعنى كلي يشترط استعماله في كل واحد من جزئياته بالمعين على ما هو المختار للرضي أو لكل جزئي منه على الوضع العام والموضوع له خاص على ما هو مختار بعض المحققين فعلى الأول الإبهام نشأ من تعدد المستعمل فيه وعلى الثاني من تعدد الموضوع (وجيه الدين).

(٨) لأن أسماء الإشارة موضوعة بالوضع العام والموضوع له كذلك أي : لكل شخص موجود في الخارج محسوس مشاهد مشار إليه بالإشارة الحسية (محمد أفندي).

(٩) وهذا الوضع والموضوع له عامان عند القدماء والسعد العلامة اختار مذهب القدماء (رضا).


بشرط استعماله في جزئياته (١) ، أو لكل جزئي منه (٢).

ولا إبهام (٣) في هذا المفهوم (٤) الكلي ، ولا في واحد من جزئياته بل الإبهام إنما نشأ من تعدد الموضوع له أو المستعمل فيه ، فتوصيفه بالرجل يرفع هذا الإبهام ، لا الإبهام الواقع في الموضوع له من حيث إنّه موضوع له.

وكذا يقع به الاحتراز عن عطف البيان في مثل : قولك : (أبو حفص عمر) فإن كل واحد من أبي حفص ، وعمر موضوع لشخص معيّن ، لا إبهام فيه (٥) ، لكن لما كان (عمر) أشهر منه زال بذكره الخفاء الواقع في أبي حفص ، لعدم الاشتهار لا الإبهام الوضعي(٦).

(عن ذات) (٧) لا عن وصف ، واحتراز به عن النعت ، والحال ، فإنهما يرفعان

__________________

(١) جزئيات المفهوم الكلي كالحيوان الناطق وهو موضوع لمفهوم كلي وهو الإنسان بشرط استعماله في جزئياته يعني : في زيد وعمرو ورجل وامرأة فكذا لفظ هذا (م).

(٢) وهذا هو الحق لاستلزام الأول استعمال اللفظ في غير ما وضع له وهو ضعيف ونحو : عيسى والرحمن فنادر (لمحرره).

(٣) ولا إبهام في هذا المفهوم إن قلت : هذا يقتضي أن لا يصح التمييز عن اسم الإشارة مع أن كثيرا منهم ذهبوا إلى أن مثلا في قوله تعالى : (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً)[المدثر : ٣١] تمييز عن ذا لا حال عنه وكذا الحال في رجلا في حبذا رجلا؟ قلنا لعل هذا مبهم مبني على إرادة مبهم من اسم الإشارة كما في ربه رجلا ، ونعم رجلا (عب).

(٤) من حيث إنه مفهوم كلي ؛ لأنه من حيث هو لا إبهام فيه ؛ لأنه واحد وهو المشار إليه كما أن الإنسان نوع واحد لا غير (م).

(٥) كما أن أبا حنيفة ونعمان كل واحد منهما موضوع لشخص معين وكذلك يعقوب وأبو يوسف إلا أن الأول في الأول كنية ، وفي الثاني علم اصطلاحي وأن الثاني في الأول علم اصطلاحي وفي الثاني كنية كذلك أبو حفص كنية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه وعمر علم اصطلاحي له فلا إبهام فيهما لا وضعا ولا استعمالا ؛ لأنه لا تعدد في الموضوع له (توقادي).

(٦) والفرق بين هذه الأقسام الثلاثة أن الإبهام في القسم الأول إنما نشأ في الاستعمال باعتبار الموضوع فقط وفي الثاني إنما نشأ فيه أيضا باعتبار تعدد الموضوع له وفي الثالث إنما نشأ من عدم اشتهاره فافهم (م).

(٧) المراد من الذات هاهنا ما يعتبر مجردا عن الغير ليشمل العرض القائم بغيرها وهو الأبوة والبنوة ونحوها وليس المراد من الذات مقابل الوصف التي هي اسم الفاعل وغيره ؛ لأن التمييز يقع (امتحان الأذكياء).


الإبهام المستقر الواقع في الوصف (١) ، لا في الذات.

وتحقيق ذلك : أنّ الواضع لمّا وضع (٢) (الرطل) مثلا لنصف (منّ) فلا شك أنّ الموضوع له معنى معين متميز عما هو أقل من النصف كالربع ، وعما هو أكثر منه ، كمن ، ومنين (٣) ، ولا إبهام (٤) فيه إلا من حيث ذاته أي : جنسه ، فإنه لا يعلم منه بحسب الوضع أنه من جنس العسل أو الخل أو غيرهما ، وإلا من حيث (٥) وصفه فإنه لا يعلم منه بحسب الوضع أنه بغدادي أو مكي ، فإذا أريد رفع الإبهام الوصفي الثابت فيه بحسب الوضع أتبع بصفة أو حال (٦).

فيقال : رطل بغدادي ، أو بغداديا ، وإذا أريد رفع الإبهام الذاتي قيل : زيتا فزيتا يرفع الإبهام المستقر عن الذات لا النعت والحال ، فإنهما يرفعان الإبهام عن الوصف.

(مذكور أو مقدرة).

__________________

(١) نحو جاءني زيد راكبا لا إبهام فيه بل في صفة المجيء.

(٢) قوله : (لما وضع الرطل مثلا لنصف منّ) إن كان المن موضوعا لمعنيين أحدهما : ما يكون الرطل البغدادي نصفا منه والآخر ما يكون الرطل المكي نصفا منه وكان الرطل موضوعا بوضع واحد لنصف كل واحد منهما لا على التعيين كان آخر كلام الشارح غير مناف لأوله فتدبر وإلا فأول كلامه يدل على أن الرطل موضوع لنصف المن وآخره يدل على أنه مشترك بين البغدادي والمكي والذي في كلام الفقهاء أن الرطل البغدادي نصف المن الصغير وهو مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وأما المن الكبير فوزنه ستمائة درهم وهو مساو للرطل الدمشقي قال المحب الطبري الرطل الشرعي وهو البغدادي انتهى. فلا بد من تحرير الرطل المكي حتى يعلم حقيقة كلام الشارح في هذا المقام فإن كان عبارة عن ثلاثمائة درهم حتى يكون نصف المن الكبير كما أن البغدادي نصف المن الصغير يكون لكلام الشارح محل صحيح كما تقدم فليحرر بالنقل الصريح والله أعلم (قدقي).

(٣) فتعين أن المعنى الذي وضع الرطل له لا يكون إلا نصف المن وهو معنى معين (م).

(٤) قوله : (ولا إبهام فيه إلا من حيث ذاته) فيه مساهلة ؛ إذ ذات الرطل بالمعنى المذكور هي الصحة ولا إبهام فيها إنما الإبهام فيما يوزن بها كما أشرنا إليه ويشير الشارح (عب).

(٥) قوله : وإلا من من حيث وصفه وهو الحقيقة راجع إلى الوزن كما أن الأول راجع بالحقيقة إلى الموزون (لاري).

(٦) يعني : جعلت الصفة أو الحال إذا صلح أن يكون ذو الحال تابعا له لتبين ما هو المراد منه وهو الإبهام الوضعي الثابت فيه (توقادي).


صفتان ل : (ذات) اشارة إلى تقسيم التمييز ، فالمذكور (١) ، نحو :

(رطل زيتا) والمقدرة نحو : (طاب زيد نفسا) (٢) فإنه في قوة قولنا :

(طاب شيء منسوب إلى زيد) (٣) و (نفسا) يرفع الإبهام عن ذلك الشيء المقدر فيه (٤).

(فالأول) أي : القسم الأوّل من التمييز وهو ما يرفع الإبهام عن ذات مذكورة ، يرفعه (٥) (عن مفرد) (٦) يعني : به ما يقابل الجملة وشبهها والمضاف (٧) (مقدار) (٨) صفة لمفرد ، وهو ما يقدّر به الشيء ، أي : يعرف (٩) به قدره ، ويبين (غالبا) (١٠) أي : في غالب المواد وأكثرها ، أي : رفع (١١) الإبهام مطلقا يتحقق في ضمن هذا الرفع الخاص

__________________

(١) ما تم بأحد المتممات الأربعة إما بالتنوين نحو : رطل زيتا ، وإما بنون التثنية نحو : منوان سمنا ، وإما بنون الجمع ، مثل : عشرون درهما ، وإما بالإضافة نحو : على التمرة زبدا (م).

(٢) فنفسا تمييز يرفع الإبهام عن ذات مقدرة في جملة طاب زيد (توقادي).

(٣) لأن التمييز هاهنا عن نسبته أي : منسوب إليه مقدر في النسبة (وجيه الدين).

(٤) أي : في قولك : طاب زيد وذلك الشيء المقدر فيه ما فسر بالتمييز أمن جهة النفس أم من جهة العلم أو غيرهما (م).

(٥) أشار إلى أن يرفع مقدر هاهنا ويتعلق بمن. (م ع).

(٦) فإن قيل : إن قوله : (عن مفرد مقدار) يشعر أن لا يرفع الإبهام عن غيره مع أن رفعه عن المضاف في مثلها زبدا؟ قلنا : إن رفعه عنه ليس من كونه مضافا بل فيه إبهام بدون الإضافة فلذلك لا يكتب تعريفا عن المضاف إليه المعرف ظاهرا بخلاف قوله : أعجبني طيبه نفسا لما سيجيء (قدقي).

(٧) أي : ما يقابل نسبة الجملة ونسبة شبيه الجملة ونسبة المضاف أي : إضافته إلى المنسوب إليه المقدر فيها ؛ لأن المفرد هاهنا مقابل للنسبة لا للجملة نحو : طاب زيد نفسا وزيد طيب أبا وطيّب أبا (وجيه الدين).

(٨) أي : ما يعرف به قدر الشيء وهو العدد والكيل والوزن والمسافة والمقياس (هندي).

(٩) والظاهر أن التفسير من تفسير الشيء بلازمه وإلا لم يجئ التقدير في اللغة بمعنى معرفة الشيء (حسن أفندي).

(١٠) قوله : (غالبا) ظرف لقوله : (مقدار) ؛ لأنه يجيء قليلا من غير المقدار كقولك : عندي خاتم حديدا (إيضاح).

(١١) بيان المقادير وهي خمسة : العدد وهو مقدار يبين كمية الآحاد ، والوزن : وهو مقدار يبين الثقل والخفة ، والكيل : وهو مقدار يبين الكثرة والقلة ، والزراع : وهو مقدار يبين الطول والعرض ، ـ


في أكثر المواد وذلك (١) ؛ لأن الإبهام فيه (٢) أكثر.

والمقدار : (إما) متحقق (في) ضمن (عدد (٣) ، نحو : عشرون (٤) درهما) وسيأتي ذكر تمييز العدد وبيانه (٥) في باب أسماء العدد.

(وأما في) ضمن (غيره) أي : غير العدد كالوزن (نحو : رطل زيتا) (٦) فإن الرطل نصف المنّ.

(و) نحو : (منوان سمنا) وكالكيل (٧) ، نحو : قفيزان برّا وكالذراع نحو : (ذراع

__________________

ـ والمقياس : وهو مقدار يبين عظم الجثة وصغرها (قدقي).

ـ يعني : أن قوله : (غالبا) ظرف لتحقق الرفع العام في الرفع الخاص لا ظرف الرفع الخاص وإلا لزم أن يكون المعنى على مفرد مقدار غالبا (قدقي).

ـ قوله : (أي : رفع الإبهام مطلقا يتحقق في ضمن هذا الرفع الخاص) رفع لما ورد على ظاهر عبارة المصنف من أن الموضوع والمحمول متحدان ؛ إذ المراد بالأول ما يرفع الإبهام عن ذات مذكورة والمراد بالمفرد المقدار هو هذا بعينه فأجاب الشارح بأن الأول عام ومطلق والثاني خاص مقيد فتوجد المغايرة فيصح الحمل (مصطفى جلبي).

(١) أي : رفع الإبهام عن مفرد مقدار في غالب يعني الإبهام يكون المفرد مقدار وغيره ولكن لمفرد مقدار أكثر فرفع الإبهام عن مفرد مقدار غالبا (محمد أفندي).

(٢) مفرد مقدار من كون الإبهام في غير المقدار أو الجملة ؛ لأن المقدار كثيرا ما يستعمل بالتنوين أو بنوني التثنية والجمع أو الإضافة (م).

(٣) وجعل المصنف ظرفية العدد للمقدار أي : لمطلق المقدار من قبيل ظرفية الخاص وهو عشرون للعام وهو المقدار وإلا أن يجعل من قبيل ظرفية المدلول للدال فإن المفرد المقدار مستعمل في عدد وغيره فافهم (عصم).

(٤) مثل بعشرين درهما دون أحد عشر درهما ليكون مثالا لآخرين العدد والتام بنون شبه نون الجمع فدرهما تمييز يرفع الإبهام عن ذات مذكورة وهي مفرد مقدار وهو العدد (هندي).

(٥) وتمييز العدد إما واجب الجر وهو من ثلاثة إلى عشرة ومائة وألف ، وتثنيتهما وجمعه ، وإما واجب النصب وهو من أحد عشر إلى تسع وتسعين سواء كان مقدما أو مؤخرا أو ما بينهما (م).

(٦) مثل المكيل والتام بالتنوين والمراد ما يكال بالرطل لا الحشية المخصوصة وهو مبهم وقوله : (زيتا) يرفع الإبهام (هندي).

(٧) وكالكيل عطف على كالوزن أعاد الجار لكونه جنسا آخر وإشارة لتغاير المعطوفين وكذا البواقي (جلبي).


ثوبا) (و) (١) كالمقياس ، نحو : (على التّمرة مثلها (٢) زبدا) والمراد (٣) بالمقادير في هذه الصور : هو المقدّرات ؛ لأن قولك : عندي (عشرون درهما) و (رطل زيتا) و (ذراع ثوبا) و (على التمرة مثلها زبدا) والمراد بها المعدود ، والموزون والمذروع والنقيس لا غير.

وإنما اقتصر (٤) المصنف على الأمثلة الثلاثة (٥) ؛ لأنه كان مطمح (٦) نظرة التنبيه على بيان ما يتم به المفرد ، وهو التنوين (٧) ، كما في (رطل زيتا) أو النون (٨) كما في :

(منوان سمنا) أو الإضافة (٩) كما في (على التمرة مثلها زبدا) ، ولهذا (١٠) لم يستوف أقسام المقادير وكرر بعضها (١١).

__________________

(١) وإنما سمي هذا القسم مقياسا لأنك قست على التمرة ما عليها من الزبد وكذلك غير هذا المثال (قدقي).

(٢) قوله : (مثلها زبدا) أي : مثلها من جهة المساحة أو من جهة الوزن المراد بمثلها مقدارها فحذف المضاف الذي هو مقدرة وأقيم المضاف إليه مقامه وهو الضمير ، فزبد تمييز رافع للإبهام الذي في مثلها وهو يحتمل أن يكون مماثلا للتمر في الحجر أعني المساحة وأن يكون مماثلا لها في الوزن (سعد الله).

(٣) وليس المراد بقوله : (رطل زيتا) ومنوان سمنا ومثلها زبدا بيان أنواع المقادير بل بيان ما يتم الاسم المفرد ؛ لأنه يتم بأربعة أشياء (رضى).

(٤) قوله : (وإنما اقتصر) إشارة إلى دفع ما قيل : إن المصنف لم يذكر مثال المساحة نحو : ما في السماء مدركة ساحة سحابا ووجه الدفع أن مقصوده بيان ما يتم به المفرد من التنوين والنون والإضافة لا بيان أقسام المقادير حتى يستوفي أقسامها ولهذا كرر أقسام الوزن (وجيه الدين).

(٥) وهي رطل زيتا ونحو : منوان سمنا ، ونحو على التمرة مثلها زبدا (رضا).

(٦) مصدر ميمي على وزن مدخل من باب فتح يقال طمح بصره إلى الشيء أي : ارتفع وكل مرتفع طامح (صحاح).

(٧) سواء كان لفظا نحو رطل زيتا أو تقديرا كما في غير المنصرف والمبني نحو خمسة عشر رجلا (شرح إرشاد).

(٨) أي : نون التثنية والجمع والمراد بنون الجمع شبه نون الجمع لا نون الجمع ؛ لأن التمييز بعد نونه يكون عن ذات مقدرة لا مذكورة نحو : هم حسنون وجها (عباب).

(٩) والمضاف إليه لما كان قائما مقام تنوين المضاف كان أيضا دليلا على التمام والانقطاع (م).

(١٠) أي : لكون مطمح نظره التنبيه على البيان المذكور (ت).

(١١) أي : بعض أقسام المقادير وهو قوله : (رطل ومنوان) ؛ لأنهما للوزن (محمد أفندي).


ومعنى تمام الاسم : ان يكون على حالة لا يمكن إضافته معها.

والاسم مستحيل الإضافة مع التنوين (١) ونوني التثنية والجمع ومع الاضافة ؛ لأن المضاف لا يضاف ثانية (٢) ، فإذا تم الاسم بهذه الأشياء شابه الفعل إذا تم بالفاعل وصار به كلاما تاما (٣) ، فيشابه التمييز الأتي بعده المفعول ، لوقوعه بعد تمام الاسم كما أن المفعول حقه أن يقع بعد تمام الكلام ، فينصه ذلك الاسم التام قبله لمشابهته الفعل التام بفاعله.

وهذه الأشياء إنما قامت مقام الفاعل لكونها في آخر الاسم كما كان الفاعل عقيب الفعل.

ألا ترى أن لام التعريف الداخلة على أول الاسم وإن كان يتم بها الاسم فلا يضاف معها ، ولا ينتصب التمييز عنه (٤) ، فلا يقال : (عندي الراقود (٥) خلا).

(فيفرد) (٦) ...

__________________

(١) لأن التنوين يدل على الانفصال والإضافة الاتصال ولا يمكن أن يجمع الاتصال والانفصال في كلمة واحدة (قدقي).

(٢) لأن الغرض من الإضافة التعريف أو التخصيص أو التخفيف فإذا حصل الغرض من الإضافة بالإضافة لم يبق الاحتياج إلى إضافة ذلك المضاف ثانيا لحصول الغرض المذكور ؛ لأنه يلزم أحد الأمرين إما تحصيل الحاصل أو إلغاء الإضافة الأولى وكلاهما باطلان (م).

ـ بحسب اللفظ فلا يقال غلام زيد عمرو بأن يكون غلاما مضافا إلى زيد ثم عمرو وإنما قال بحسب اللفظ ؛ لأنه مضاف بحسب المعنى ثانيا كما في حب رمانك فإنه مع كونه مضافا إلى الرمان مضاف إلى الكاف ؛ إذ الحب أضيف إلى الرمان أولا فاكتسب منه بعض التعريف ثم أضيف إلى المخاطب ثانيا لزيادة التعريف (قدقي وداود أفندي).

(٣) فالاسم التام بأحدها شابه الفعل التام بفاعله في كون كل منهما تاما (ه).

(٤) وضمير عنه راجع إلى اسم أن وهو اللام بتقدير مضاف أي : عن مدخول والمحوج إليه خلو الجملة الواقعة خبرا لأن عن الضمير أن يرجع إلى الاسم وعدم استقامة المعنى إن رجع إلى اسم أن بلا تقدير (داود س).

(٥) وفي القاموس الراقود الدن الكبير أو الطويل الأسفل بصيغ داخله بالفار بالتركي زينفت وفي الأساس مكيال معروف لأهل مصر يأخذ أربعة وعشرين صاعا ، والتفسير الأول مناسب (م).

(٦) قوله : (فيفرد) بيان تمييز غير العدد وأما تمييزه فقد أحاله على ما سيأتي أقول : قوله : (فيفرد) إلى قوله : (في غيره) مستدرك فإن هذا الحكم مشترك بين القسمين فله أن يكتفي بقوله : (فيطابق فيهما ما قصد) إلى قوله : الأنواع (حاشية هندي).


أي : التمييز وإن كان الاسم التام مثنى أو مجموعا (١).

(إن كان) (٢) أي : التمييز (جنسا) (٣) ، وهو ما تتشابه (٤) أجزاؤه ، ويقع مجردا عن التاء على القليل ، والكثير ، فلا حاجة إلى تثنيته (٥) وجمعه ، كالماء والتمر والزيت والضرب ، بخلاف (رجل وفرس) (٦).

(إلا (٧) أن يقصد الأنواع (٨) أي : ما فوق النوع الواحد ، فيشمل المثنى أيضا ؛ لأنه كما جاز أن يقال (طاب (٩) زيد جلستين) للنوع ، جاز أيضا أن يقال (طاب زيد جلستين) للعدد ويمكن (١٠) ...

__________________

(١) يعني : لا يطابق التمييز ما انتصب عنه بل يكون مفردا سواء كان الاسم التام مفردا أيضا أو مثنى أو مجموعا (توقادي).

(٢) وإن كان شرط جزائه ، أما قوله : (فيفرد إن كان) يجوز تقديم الجزاء على الشرط أو يكون الجزاء محذوفا بقرينة قوله : (فيفرد) فالمعنى : إن كان التمييز جنسا يفرد (م).

(٣) وهو ما يطلق اسمه على الحقيقة المندرجة تحتها ما هي منها من القليل أو الكثير (عافية شرح الكافية).

(٤) بأن يتحد حقيقة الكل والجزء كالماء فإن حقيقة الماء والقطرة منها واحد كالأبوة فإن الأبوة الكل الذي هو أبوة مجموع الأولاد حقيقة وحقيقة كل واحد منها واحد كالماء والزيت فلا حاجة إلى التقدير بقوله : (إن كان له أجزاء) لئلا يرد نحو أبوة كما قيل : (وجيه الدين).

(٥) وذلك لأن الغرض من التمييز حين لم يقصد منه الأنواع المختلفة بيان الحقيقة والدلالة على الجنس ، وهو يحصل بالمفرد الذي أحضر من التثنية والجمع (عوض أفندي).

(٦) فإن كل واحد منهما لا تشابه أجزاؤه ولا يقع على الكثير سواء كان مجتمعا في مكان أو في أمكنة بل يقع على الواحد الغير المعين ولذا كان نكرة (م).

(٧) مستثنى مفرغ أي : يفرد إن كان في جميع الأوقات إلا وقت قصد الأنواع فيقال : رطل زيتين أو زيوتا فيثنى بقصد النوعين ويجمع بقصد الأنواع وفي استثناء قصد الأنواع دون قصد الأفراد نظر ؛ لأنه إذا قيل : طاب زيد جلستين يجوز كما طاب زيد جلستين والمراد بالأنواع فوق الواحد (هندي).

(٨) المختلفة ويجب مطابقة التمييز من قصد من التثنية والجمع لعدم دلالة على الأنواع فيظهر فائدة التثنية والجمع (عافية شرح الكافية).

(٩) الأصل أن يقال : طاب زيد جلوسا فلما قصد الأنواع من الجلوس قيل : جلستين (رضى).

(١٠) كان جواب قد سر سره مبني على التنزل وإلا فالظاهر أن الجلسة بفتح الفاء أو كسرها ليس ـ


أن يجاب عنه ، بأن المراد بالأنواع حصص (١) الجنس سواء كانت بالخصوصيات (٢) الكلية ، أو الشخصية.

(ويجمع) (٣) أي : يورد التمييز على ما فوق الواحد جوازا ، حيث لم يقصد الواحد (في غيره) أي : غير (٤) الجنس ، نحو : (عندي عدل (٥) ثوبين (٦) أو أثوابا) (ثم ان (٧) كان) أي : المفرد (٨) المقدار تاما (بتنوين أو بنون التثنية) أو المعنى : ان وجد التمييز (٩) متلبسا بتنوين المفرد أو بالنون التي للتثنية فإنه (١٠) لما تم الاسم بهما اقتضى التمييز.

(جازت الاضافة) أي : إضافة المفرد المقدار إلى التمييز إضافة بيانه بإسقاط

__________________

ـ من باب الجنس الذي نحن فيه فإن الجنس هنا ما هو المجرد عن التاء كالجلوس ولو قصد تعدد أفراد الجلوس منه لم تصح التثنية والجمع (لاري).

(١) والفرق بين الحصة والفرد أن الفرد أمر حقيقي واقع بحسب نفس الأمر ويحتمل أن يكون الكلي بالنسبة إليه عرضيا وذاتيا وجنسيا ونوعا والحصة أمر اعتباري تعرضه العقل وهو عين الكلي باعتبار تقييدات والكلي بالنسبة إليها إلا النوع (ميرزاجان).

(٢) نحو طاب زيد جلستين كالتورك والافتراش فإنهما كليان لكونهما نوعين للجلوس والنوع كلي ؛ لأنه تحته أفراد بأن يعتبر بهذا الافتراش وذلك الافتراش وتلك الافتراش وكذا التورك (قدقي).

(٣) ويثنى جوازا اكتفى بذكر الجمع ؛ لأنه لما جاز الجمع فالتثنية أولى أو المراد به الجمع اللغوي فيتناول التثنية أيضا (هندي).

(٤) في غير الأعداد لما عرفت أن تمييز الأعداد واجب الإفراد مطلقا إلا فيما يميزه جمعا مطلقا كالثلاثة والعشرة (لمحرره).

(٥) نصف الجمل ثوبا ؛ لأن الثوب ليس جنسا بحيث تشابه أجزاؤه فعند قصد الإفراد يفرد وعند قصد التثنية يثنى نحو : عندي عدل ثوبين (م).

(٦) الثوب والكتاب ليسا بجنس بالتعريف المذكور بل اسم جنس ؛ لأنه لا يسمى الحرفة والورقة كتابا وثوبا بخلاف الماء والزيت (سعد الله).

(٧) لفظ ثم للتفاوت بين الجملتين الأولى متعلق بالتمييز والثاني بالمميز وكلمة كان ناقصة وخبره تاما أو تامة بمعنى وجد وقوله : (بالتنوين متعلق بملتبسا على أن يكون حالا (حافظ).

(٨) على تفكيك الضمير ؛ لأن ضمير كان المقدم يعود إلى التمييز فينبغي أن يعود هنا لكن لا يطابق المعنى (قدقي).

(٩) فعلى هذا يكون كان تامة والضمير للتمييز وعلى للمفرد فيكون الجار حالا (م).

(١٠) تعليل لقوله : (وجد التمييز ملتبسا) يعني : كأنه قيل : كيف يوجد التمييز ملتبسا بالتنوين أو التنوين والملتبس بها هو الاسم المقدار فأجابه بقوله : فإنه (رضا).


التنوين ونون التثنية جوازا شائعا كثيرا ، لحصول الغرض ، وهو : رفع الإبهام بذلك (١) مع التخفيف نحو : (رطل زيت) و (منوا سمن) (وإلا) أي : وإن لم يكن بتنوين (٢) أو بنون التثنية بأن يكون بنون الجمع أو الإضافة (فلا) تجوز (٣) الإضافة إلا بقلة في نون الجمع (٤)، نحو : (عشرون درهم).

أما في الإضافة فلئلا يلزم اضافة المضاف ، وأما في نون الجمع فلأنه جازان يضاف إلى غير المميز (٥) ، ونحو (عشريك وعشري رمضان) بالاتفاق لكثرة الحاجة إليه فو اضيف إلى المميز لزم الالتباس في بعض الصور ؛ لأنه لا يعلم (٦) ، مثلا عند اضافة (عشرين) إلى (رمضان) أنه اراد عشرين رمضان ، أو اراد اليوم العشرين من رمضان.

فلا يضاف في غير صورة الالتباس أيضا إلا على قلة ، ليكون الباب اقرب الاطراد(٧) ...

__________________

(١) أي : بإضافة المفرد إلى المميز والتذكير باعتبار الخفض.

(٢) أي : ظاهرة فيشمل كم الاستفهامية وأحد عشر وأخواته لكن يرد عليه كم الخبرية (حاشية هندي).

(٣) لما ورد على قوله : (وإلا فلا) مثل عشر ودرهم أجاب الشارح بأن النفي متوجه إلى الكثرة المأخوذة من قوله: (جازت الإضافة) من قوله : (أكثر) في قوله : (مقابل) الذي هو الخفض في غير المقدار كما أشار إليه بقوله : (سابقا) (قدقي).

(٤) ونحو : عشرون درهم وستوك قليل فلا يرد أن نحو ستين عمرا وسبعين رجلا يجوز فيه ستو عمرو وسبعو رجل بالإضافة فلا يستقيم الشرطية ولا يرد نحو : حسنو وجه وإنما لا يجوز الإضافة لئلا يلزم بقاء نون الجمع أو حذف نون وضعت مع الكلمة في نحو عشرون درهما أو إضافة المضافة ملأه عسلا (حاشية هندي).

(٥) قوله : (إلى غير المميز) يعني إلى ما ليس مميزا نحو : عشريك ؛ لأن الكاف فيه ليس مميزا ؛ لأنه معرفة والتمييز يجب أن يكون نكرة وعشري رمضان أن يريد عشرون يوما من رمضان واحد لا يجوز أن يكون رمضان مميزا له ؛ لأنه حينئذ يكون معرفة فيصلح أن يكون مثالا لما نحن فيه ، وإن أريد عشرون رمضان أما باعتبار معنى عشرين سنة يكون تمييزا فلا يكون مثالا لما نحن فيه ونظر الشارح إلى الأول (مصطفى جلبي).

(٦) قوله : (لأنه لا يعلم اه) لا يخفى أن رمضان لو كان تمييزا لكان نكرة ولو لم يكن تمييزا لاحتمل أن يكون علما بل الظاهر أنه علم فالالتباس ليس إلا على تقدير أن لا يكون علما (عب).

(٧) أقول : هاهنا ثلاث صور : أحدها جائزة بلا خلاف وهي أن يضاف إلى غير المميز نحو : عشريك ـ


(وعن غير مقدار) عطف على قوله (عن مفرد (١) مقدار) أي : الأول (٢) كما يرفع الإبهام عن مفرد مقدار ، كذلك يرفعه عن مقدار ، أي : ما ليس بعدد ولا ذراع ولا كيل ولا مقياس (نحو (خاتم حديدا) فإن الخاتم (٣) مبهم باعتبار الجنس (٤) ، تام بالتنوين فاقتضى تمييزا.

(والخفض) أي : خفض التمييز (٥) باضافة غير المقدار إليه (أكثر) استعمالا لحصول الغرض مع الخفة.

ولقصور (٦) غير المقدار عن طلب التمييز ؛ لأن الأصل في (٧) المبهمات المقادير وغيرها ليس (٨) بهذه المثابة.

(والثاني)

أي : القسم الثاني من التمييز ، وهو ما يرفع الإبهام عن ذات مقدرة يرفعه (٩) عن

__________________

ـ وستيك كما مر. وثانيها : جائزة على قلة وهي أن يضاف إلى غير المميز ولكن لا يلزم الالتباس أن يكون تمييزا أو غير تمييز مثل عشرون ورمضان (توقادي).

(١) لا على مفرد ؛ لأنه يلزم أن يكون مستدركا لكن هنا موصوف محذوف اكتفاء بما سبق (محمد أفندي).

(٢) أي : القسم الأول من التمييز يرفع الإبهام عن ذات مذكورة (رضا).

(٣) مفرد غير مقدار بحيث لا يعرف به قدر الشيء ولا يبين.

(٤) لأنه لا يعلم من أي : جنس اتخد من حديد أو ذهب أو فضة (م).

(٥) أي : انجرار التمييز الذي يرفع الإبهام عن مفرد غير مقدار بإضافته إليه أكثر في الاستعمال من انتصابه (م).

(٦) قوله : (ولقصور غير المقدار اه) وإذا قصر عن طلبه لم يحتج إلى نصب التمييز الذي يكون للتنصيص على التمييز فإن التنصيص إنما يناسب هو طالب للتمييز (عب).

(٧) قوله : (لأن الأصل في المبهمات المقادير) لتوغلها في الإبهام فإنه لا يختص بجنس دون جنس كعشرين مثلا بخلاف غير المقدار نحو خاتم حديدا فإنه وإن كان مبهما باعتبار كونه من جنس الحديد أو الفضة لكن ليس بإبهامه كإبهام عشرين فهو أولى بالنصب الذي هي نص على كونه تمييزا (وجيه الدين).

(٨) أي : ليس إبهامه كإبهام المقادير بل هو أقل منها فاعتبر فيما هو الأصل أعني المقادير نصب المميز الذي نص في كونه مميزا ؛ لأن الأصل في التمييز النصب بخلاف الجر فإنه علم المضاف إليه وهو في غير المقادير أولى (شرح).

(٩) إشارة إلى أن الخبر محذوف وعن متعلق بيرفع المقدر والجملة خبر (رضا).


نسبة (١) كان الظاهر أن يقول عن ذات (٢) مقدرة في نسبة (٣) في جملة ، لكن لما كان الإبهام في طرف النسبة (٤) يستلزم الإبهام فيها ، ورفعه عنها يستلزم الرفع عنه.

قال (عن نسبة) مقتصرا عليها على أن مقابلة ما في هذا القسم للمفرد المذكور في القسم الأول إنما هي لمجرد النسبة (٥) لا غير (في جملة) أي : نسبة كائنة في جملة (أو ماضاهاها) (٦) أي : ما شابهما ، عطف على جملة ، وهو اسم الفاعل نحو : (الحوض ممتلئ (٧) ماء) أو اسم المفعول ، نحو : (الأرض مفجرة (٨) عيونا) أو الصفة المشبهة ، نحو: زيد حسن (٩) وجها ، أو اسم التفضيل نحو : زيد أفضل أبا أو المصدر (١٠) ، نحو :

__________________

(١) يرفعه عن ذات نشأ عن نسبة وهي المنسوب والمنسوب إليها في الأصل حاصلة في جملة (هندي).

(٢) الذات المقدرة قسمان : أحدهما : ما يكون منسوبا إليه حقيقة كقولك : طاب زيد أبا بمعنى طاب أبوة زيد ، ثانيهما : ما يكون سببا لنسبة الطبيب إلى زيد وإن لم يكن منسوبا إليه حقيقة كقولك : طاب زيد علما أي : طاب زيد من جهة العلم وسببه ، والظاهر أن لا يفرق ويجعل كل منهما منسوبا إليه ويقال : المعنى طاب علم زيد (سيدي على المتوسط).

ـ والذات المقدرة هي المنسوب إليه طاب وهو شيء مقدر نحو : طاب شيء مقدر نحو طاب شيء زيد نفسا (رضا).

(٣) صفة لذات مقدرة أي : ذات مقدرة كائنة في نسبة (تأمل).

(٤) والمراد من الطرف وهو شيء مقدر في طاب زيد لا زيد ؛ لأنه لو كان المراد بالطرف هو زيد دخل هذا المثال في القسم الأول هذا خلف (ه).

(٥) أي : لمجرد كون الإبهام في النسبة ؛ لأنه لا نسبة في القسم الأول بل في طرف النسبة (...).

(٦) وضاهاها فعل ماض من المضاهات وهي المشابهة (محمد).

(٧) فالإبهام في نسبة الامتلاء إلى الضمير المستكن في ممتلئ لا في نسبته إلى الحوض وكذا النبت مشتعل نارا (م).

(٨) تقديره : الأرض مفجر شيء ، منسوب إلى الأرض عيونا فإن عينا يرفع الإبهام عن الشيء المقدر فيه (محمد أفندي).

ـ وانفجر الماء وتفجر سال وفجر ما هو وتفجره والمفجرة متفجرة كانفجر بالضم (قاموس).

(٩) أي : شيء منسوب إلى زيد حسن وجها فوجها تمييز عن نسبة حسن إلى ما استكن فيه (محمد أفندي).

(١٠) قوله : (أو المصدر) وجعله الشيخ الرضي داخلا في شبه الجملة ولذا قال لا حاجة إلى قوله : (أو في إضافة) لكن المصنف لم يجعله من هذا القسم ولهذا قال (أو في إضافة) ولعله أراد شبه الجملة ما يشتمل على النسبة قريبة من النسبة التامة وليست الإضافة كذلك (عب).


(أعجبني طيبه أبا) وكذا كل (١) ما فيه معنى (٢) الفعل ، نحو : (حسبك زيد رجلا) (نحو (طاب زيد نفسا) (٣) مثال للجملة والتمييز فيه خاص بالمنتصب عنه (٤) (و (زيد طيّب أبا) مثال لما يشبه الجملة (٥) ، والتمييز فيه يصلح أن يكون لما انتصب عنه (٦) ، لمتعلقه.

وحيث لا (٧) فرق في التمييز بين الجملة وما ضاهاها.

فهذان (٨) المثالان في قوة أربعة أمثلة ، فكأنه (٩) قال : طاب زيد ، وزيد طيب نفسا وأبا.

فقوله (وأبوة (١٠) ودارا (١١) وعلما) عطف على (نفسا وأبا) بحسب المعنى فهو

__________________

(١) أي : كما أن التمييز عن هذه الأشياء تمييز عما يشبه الجملة كذلك (توقادي).

(٢) أي : كل اسم أو حرف استفيد منه معنى الفعل إذا كان مبهما ينصب تمييزه.

(٣) والتقدير فيه : طاب شيء منسوب إلى زيد نفسا فنفسا يرفع الإبهام عن ذلك الشيء المقدر فيه (محمد أفندي).

(٤) اعلم أن زيدا في طاب زيد نفسا يسمى ما انتصب فيه التمييز بمعنى أن النسبة طاب إلى زيد صار سببا لانتصاب التمييز لا بمعنى أن زيدا عامل وناصب له (سيدي).

(٥) لأنه صفة مشبهة وفاعلها مستكن فيها وجه المشابهة بينهما وبين الجملة كونها منسوبة إلى ضمائرها كما أن الفعل منسوب إلى فاعله لكن تلك النسبة لكونها غير أصيل فيها لم يكن هذه الأشياء جملة معها (عافية).

(٦) وهاهنا ما انتصب عنه زيد فيكون الأب زيدا فيكون نسبة الطيب إلى زيد حقيقية (م).

(٧) تعليل لقوله : (فهذان) الآتي أي : بسبب أنه لا فرق بين الجملة وما ضاهاها من حيث أن تمييز الجملة يكون للمنتصب عنه ويكون محتملا لهما ، وتمييز شبه الجملة يكون للمنتصب عنه ويكون محتملا لهما فهذان المثالان أعني : طاب زيد نفسا وزيد طيب أبا في قوة أربعة أمثلة (تأمل).

(٨) كأنه قيل : المناسب أن يمثل أربعة أمثل فأجاب بقوله : (فهذان المثالان) (رضا).

(٩) أي : كأنه مثل بفعل وشبه فعل تنازعا في نفسا وأبا وكذا فيما عطف أعني : أبوّة ودارا إلى آخره (لاري).

(١٠) الأبوة والبنوة والأخوة ونحوها مصادر لا فعل لها مستعمل ووزنها فعولة مثل صهوبة. هكذا أفادنا أستاذنا القدقي رحمه‌الله.

(١١) تكثير الأمثلة إشارة إلى كثرة إضافة التمييز حيث يكون اسما لما انتصب عنه أو لمتعلّقه عينا أو عرضا من الأمور الإضافيّة أو غيرها (هندي).

ـ وإنما أورده في المثال أربعة أشياء إشارة إلى أن التمييز لا يخلو من أن يحتمل إلى أن ـ


ناظر إلى كل من المثالين المذكورين غير مختص بالأخير فهو بحسب الحقيقة أورد لكل من التمييز الواقع في الجملة أو ماضاهاها خمسة أمثلة :

فالنفس (١) : عين (٢) غير إضافي خاص بالمنتصف عنه ، والدار : عين غير إضافي وهو متعلق بالمنتصب عنه والأب : عين إضافي محتمل لهما.

والأبوة (٣) : عرض إضافي.

والعلم : عرض غير إضافي (٤) وكل منهما متعلق بالمنتصب عنه (٥) (أو في إضافة) عطف على قوله في جملة أو ما ضاهاها (مثل يعجبني طيبه نفسا) وتركه ؛ لأنه أظهر التمييزات ولا خفاء به.

(وأبا وأبوة ودارا وعلما) أورد هذه الأمثلة على وفق ما سبق (٦) وزاد عليه قوله (ولله(٧) ...

__________________

ـ يرجع إلى ما انتصب عنه وإلى متعلقه كقوله : (أبا وأبوة أولا) بل يجب رجوعه إلى متعلقه كقوله : (ودارا وعلما) وكل واحد منهما إما اسم عين كأول المثالين في القسمين أو اسم معنى كثاني المثالين في القسمين (عافية شرح الكافية).

(١) يعني : أورد المصنف للتمييز الواقع في الجملة خمسة أمثلة في ما ضاهاها خمسة أمثلة أيضا ، ولما ورد ليس من دأب المصنف أن يورد لكل قاعدة مثالين فكيف أورد هاهنا لكل منها خمسة أمثلة أراد الشارح رده والتمييز بين الأمثلة حتى لا يكون فيها تكرار فقال النفس (خلاصة م).

(٢) فإن تعقل معناه يحتاج إلى تعقل معنى آخر وهو الابن ؛ إذ معنى الأب حيوان خلق من مائه حيوان آخر من نوعه (مصطفى جلبي).

(٣) وإن الأبوة إضافة بين زيد وغيره ويحتمل وجهين أيضا أعني أن يكون أبوة زيد لولده وأن تكون أبوة والده له (سيدي).

(٤) لأن تعقل معناه لا يحتاج إلى غيره ؛ لأن معنى العلم الوضوح والانكشاف وإن احتاج لاحتاج آخر (م).

(٥) ويرفع الإبهام ويكون الإسناد إلى زيد مجازا بعلاقة الجزئية والمحلية ؛ لأن كل واحد منهما صفة تقتضي موصوفا والمذكر أولى (م).

(٦) لئلا يتوهم أنها لا يجوز أن تكون تمييزا عن هذه النسبة وتختص بالنسبة الأولين (م).

(٧) واللام في لله للتعجب والمدح ويحتمل وجهين أحدهما التعجب من خير وجوده والثاني التعجب من لبن الدرارة ارتضعه من ثدي أمه أي : التعجب من ذلك اللبن يتربى به مثل هذا الولد الكامل في الصفات (حاشية).


دره (١) فارسا) اشارة إلى أن التمييز قد يكون صفة مشتقة وأيضا (٢) لما أورده صاحب لمفصل مثالا لتمييز المفرد على أن يكون الضمير فيه مبهما كضمير (ربّه (٣) رجلا ويكون (فارسا) تمييزا عنه أرد أن ينبه على أنه يصلح أن يكون تمييزا عن نسبة على ان يكون الضمير معينا معلوما (٤) ، والابهام يكون في نسبة الدر إليه والدر (٥) في الأصل : اللين ، وفيه خير كثير للعرب ، فأريد به (٦) الخير : أي لله خيره فارسا ، والفارس : اسم فاعل من الفراسة (٧) ـ بالفتح ـ مصدر فرس ـ بالضم أي : حذق بأمر الخيل ، وأما الفراسة بالكسر ـ فمن التفرس.

__________________

(١) تقديره : در شيء منسوب إلى زيد إن كان زيد مرجعا للضمير في دره (لمحرره).

ـ وفي القاموس وقوله : (ولله دره) أي : جعل عمله فقول الشارح أي : لله خيره بجعل الدر كنأية عن الخير لا يوافق تحقيق اللغة.

(٢) أي : كما يكون إشارة إلى كون التمييز صفة غير مشتقة كالعلم والأبوة (رضا).

(٣) أي : شيء ، فإنه مبهم تام بالتنوين المقدر فانتصب التمييز عنه (م).

(٤) برجوعه إلى ما سبق معين نحو : لقيت زيدا فلله دره فارسا أو بالخطاب بشخص معين نحو : لله درك من رجلا وكذا إذا كان المضاف إليه فيها ظاهرا نحو : لله در زيد رجلا (رضا).

(٥) قوله : (والدر في الأصل) يشير إلى وجه المناسبة بين معناه اللغوي والعرفي ، والحاصل أن الدر في الأول اللبن ثم استعمل في العرف في الخبر بعلاقة النفع ؛ إذ في اللبن خير كثير للعرب ؛ إذ به معاشهم في أكثر الأحوال ثم استعمل في مقام المدح ، فقوله : (لله دره) جملة تمدح بها كثرة الخير وإنما نسب إليه تعالى قصدا للتعجب ؛ لأنه منشئ العجائب فكان معناه : ما أعجب خيره قيل : يحتمل أن يكون التعجب من لبنه الذي ارتضعه من ثدي أمه أي : ما أعجب اللبن الذي يروى به مثل الولد الكامل في الصفات (جلبي).

ـ أي : في أصل الوضع ما ينزع من الضّرع (م).

(٦) أشار به إلى وجه المناسبة بين المنقول عنه وهو اللبن والمنقول إليه وهو الخير وهي أي : المناسبة النفع (توقادي).

(٧) قال رسول الله : «اتقوا فراسة المؤمنين فإنه ينظر بنور الله تعالى» الترمذي (٣١٢٧) ، وقد حكي أن واحدا من المجوس كان يدور على المسلمين ويقول : ما معنى قول النبي عليه‌السلام : «اتقوا فراسة المؤمنين» ، فكأنه يذكر له تفسيره ولا ينفعه حتى انتهى إلى بعض مشايخ الصوفيّة لعله الجنيد البغدادي ، فسأله فقال : معناه أن تقطع الزنار على وسطك تحته فقال : صدقت بهذا معناه فأسلم فقال الآن عرفت أنك مؤمن وأن إيمانك خفي (إحياء العلوم).


(ثم إن كان) (١) أي : التمييز بعد ما (٢) لم يكن نصا (٣) في المنتصب عنه (اسما) لا صفة (يصح جعله لما انتصب (٤) عنه) والمراد بجعله له اطلاقة عليه والتعبير به عنه (جاز أن يكون) ذلك التمييز تارة (له) أي : للمنتصب عنه بأن يكون تمييزا يرفع الإبهام عنه (و) تارة (لمتعلقه) بأن يكون تمييزا يرفع الإبهام عن متعلقة (٥) ، وذلك بحسب القرائن والاحوال (٦) مثل : (أبا) في (طاب زيد أبا) (٧) فإنه يصح ان تجعله عبارة عن (زيد) فجاز أن يكون تارة تمييزا عن (زيد) إذا اريد إسناد الطيب إليه ، باعتبار أنه أبو عمرو وجاز أن يكون تارة تمييزا عن متعلقة باعتبار ان الطيب مسند إلى متعلقة وهو (أبوه) (٨) (وإلا) (٩) أي : وان لم يكن التمييز بعد ما لم يكن التمييز بعد ما لم يكن نصا في

__________________

(١) والجملة الشرطية مع الجزاء عطف على الجملة الشرطية السابقة أعني : ثم إن كان بتنوين اه (م ع).

(٢) قال : ثم إن اسما يصح إلى قوله : (إلا فهو لمتعلقه) في هذه العبارة شبهة مشهورة وهي انتقاض الشرطية الأولى ب : طاب زيد نفسا فإن نفسا اسم يصح جعله لما انتصب عنه ولا يصح أن يكون لمتعلقه وأجاب قدس‌سره بتقييد مقدمها بكون التمييز بعد ما لم يكن نصا فيما انتصب عنه وكذا قيد مقدم الشرطية الثانية بذلك لئلا ينتقض بمثل طاب زيد نفسا وللقوم هاهنا قيل وقال ولا تلتفت لغير ما قاله الشارح (عب).

(٣) يعني : إن كان نصا في المنتصب عنه كنفسا في طاب زيد نفسا فلا يجوز لمتعلقه أي : لا يجوز أن يكون تمييزا لمتعلقه (سيدي).

(٤) أي : اسما لما انتصب التمييز عن عامله وعبارة عنه كزيد في طاب زيد أبا فما انتصب عنه هو ما ناسب إليه عامله وهي الشيء المقدر وجعل زيد منتصبا عنه من باب المجاز ؛ لأن التمييز لم ينصب عنه لكنه لما كان سببا لنصبه حيث انتصب باعتبار نسبة الفعل إليه يسمى منتصبا عنه مجازا (هندي).

(٥) فحينئذ يكون الإسناد إلى زيد مجازا بعلاقة الجزئية ؛ لأن الطيب في الحقيقة قائم بالأب (م).

(٦) يعني إن دلت القرائن والأحوال على أن نسبة الطيب إلى زيد حقيقة بكون الأب تمييزا عنه وإن دلت على أن نسبة الطيب إليه مجازا بعلاقة الجزئية يكون تمييزا عن متعلقه (م).

(٧) فالأب جاز أن يكون نفس زيد وجاز أن يكون من ولد زيد أو نحوه طاب زيد أبوة فالأبوة جاز أن يكون المراد بها أبوة زيد وأبوة ولده (متوسط).

(٨) من قبيل ذكر السبب وإرادة المسبب ؛ لأن الأب سبب والابن مسبب.

(٩) عطف على الجملة الشرطية السابقة أعني : إن كان (م).


المنتصب عنه اسما يصح جعله لما انتصب عنه (١) (فهو (٢) لمتعلقه) خاصة ، نحو : (طاب زيد أبوة وعلما ودار) ، فإن هذه الأسماء ليست نصا في المنتصب عنه (٣) ، ولا يصح جعلها له بالتعبير (٤) عنه بها ، فهي لمتعلق (زيد) وهو الذات المقدرة ، اعني :

الشيء المنسوب (٥) إلى (زيد) (فيطابق) التمييز (فيهما) أي : فيما جاز أن يكون لما انتصب عنه ، سواء نصا فيه أو محتملا له (٦) ولمتعلقه وفيما تعين لمتعلقه (ما قصد)(٧) من وحدة التمييز وتثنيته وجمعيته سواء كانت لموافقة ما انتصب عنه مثل : طاب زيد أبا ، والزيدان أبوين والزيدون آباء ، أو لمعنى (٨) ...

__________________

(١) لأن التمييز حينئذ إما اسم لا يصح جعله له كالدار والعلم وإما صفة كالأبوة (توقادي).

(٢) الفاء جزائية هو مبتدأ لمتعلقه ظرف مستقر خبر المبتدأ والجملة الاسميّة مجزوم المحل جزاء الشرط الذي يستفاد منها ، وإلا كما فسره الشارح والجملة الشرطية عطف على الجملة الشرطية السابقة (خلاصة م ع).

(٣) (٥) ؛ لأنها ليست بذات المنتصب عنه يعني لا تدل على ذاته حتى تكون نصا كالنفس لما مر أنها لا تدل على ذاته فكانت نصا بل الاثنين وصف له والثالث ملك له (م).

(٤) أي : لا يصح أن يقال زيد أبوة بل يقال زيد متصف بالأبوة ولا يقال زيد دار بل يقال زيد ذو دار وكذا العلم (لمحرره).

(٥) قوله : (أي : الشيء المنسوب إلى زيد) المغاير لزيد بالذات وإنما قلنا ذلك ؛ لأن الذات المقدرة مطلقا هو الشيء المنسوب إلى زيد كما ذكرناه (عبد الغفور).

(٦) وقد يلتبس الآخر في نحو طاب زيد أبا وطاب الزيدان أبوين وطاب الزيدون آباء هذا التمييز لما انتصب عنه أو لمتعلقه فليراجع إلى القرائن إن كانت فلما اختلفت التمييز وما انتصب عنه إفرادا وتثنية وجمعا ولم يكن التمييز جنسا نحو : طاب زيد أبوين أو آباء وطاب الزيدان أبا وآباء وطاب الزيدان أبوين أو آباء فلا لبس في أن التمييز ليس لما انتصب عنه ، وأما ما اختلف وكان التمييز جنسا نحو : طاب الزيدان أو الزيدون فاللبس حاصل ؛ إذ يصح أن يكون لما انتصب عنه ولمتعلقه ولم يطابق لكونه جنسا (شيخ الرضي).

(٧) وقصد التثنية والجمع على ضربين قصدهما في نفس المتكلم بدون القصد إلى إعلام المخاطب وقصدهما مع القصد إلى إعلامه فعند القصد الأول يجوز أن يثنى ويجمع غير الجنس وأما الجنس فلا يجوز حينئذ تثنيته وعند القصد الثاني يجب أن يثنى ويجمع الجنس وغيره كما مر في تمييز المفرد المقدار وفي بحث المفعول المطلق فمراد المصنف في قوله : (قصد) هو الأول وفي قوله : (إلا أن يقصد) هو الثاني فلا تناقض في كلامه (قدقي).

(٨) عطف على قوله : (لموافقته) بحذف المضاف أي : سواء كانت تلك الأمور لموافقة ما انتصب عنه (خ).


في نفسه (١) ، مثل : قولك طاب زيد أبا ، إذا أردت أبا له فقط ، و (طاب زيد أبوين) ، إذا أردت أبا ، وجدا (٢) له ، و (طاب زيد آباء) إذا أردت أبا وأجدادا له.

فعلى كل من التقديرين (٣) ، إذا قصد وحدة التمييز أورد مفردا ، وإذا قصد تثنيته أورد مثنى ، وإذا قصد جمعيته أورد جمعا ، فإن صيغة (٤) المفرد لا تصلح أن تطلق على المثنى والمجموع (إلا إذا كان) التمييز (جنسا) (٥) يقع على القليل والكثير ، فإنه إذا قصد تثنيته وجمعيته لا يلزم أن يثني ذلك الجنس أو يجمع بل يكفي (٦) أن يؤتي به مفردا ، لصحة اطلاقه على القليل والكثير فلا حاجة (٧) إلى تثنيته وجمعه ، نحو : (طاب زيد علما) والزيدان علما والزيدون علما (إلا أن يقصد) (٨) بالتمييز الذي هو الجنس

__________________

(١) أي : في نفس التمييز من غير أن يعتبر موافقة لما انتصب عنه (محمد).

(٢) سواء كان أب الأب أو أب الأم ؛ لأن الجد بإطلاقه يشمل كليهما (م).

(٣) أي : سواء كانت موافقة لما انتصب عنه وللموافقة معنى في نفسه (داود).

(٤) تعليل لمقدر ليطابق المقصود في التثنية والجمع (لمحرره).

(٥) كالعلم من حيث هو علم فحينئذ لم يطابق لما قصد ؛ لأن الجنس لوقوعه على القليل والكثير يشمل الاثنين وما فوقه فلا حاجة إلى تغيير الصيغة إلى التثنية تقول : طاب زيد علما دائما (عافية شرح الكافية).

(٦) أي : إن كان المقصود الإفراد يؤدى بالمفرد وإن كان المقصود المثنى يؤتى به ، وإن كان المقصود الجمع يؤتى به (هندي).

(٧) جواب لشرط محذوف أي : إذا كفى أن يؤتى به مفردا لصحة إطلاقه على القليل والكثير فلا حاجة اه (لمحرره).

(٨) أي : لا يطابق التمييز ما قصد إذا كان جنسا في جميع الأوقات إلا وقت أن يقصد الأنواع فيكون الاستثناء من أعم الأوقات (زيني زاده).

ـ قوله : (إلا أن يقصد الأنواع) فحينئذ يثنى ويجمع إذا كان المراد جمعا فيقال : طاب زيد علمين إذا كان المراد أنه طاب بسبب علمين مختلفين وطاب زيد علوما إذا كان المراد أنه طاب بسبب علوم كثيرة. ولقائل أن يقول في عبارة الكتاب نظر ؛ لأن قوله : (إلا إذا كان جنسا) مستثنى من قوله : (فيطابق فيهما) ما قصد الاستثناء والثاني من الاستثناء الأول ، فيكون معناه فيطابق التمييز في الصورتين بما قصد إلا أن يكون التمييز جنسا فإنه لا يطابق ما قصد إلا أن يقصد الأنواع فإنه يطابق ما قصد وفساده ظاهر ؛ لأن الاستثناء الأول يقتضي عدم مطابقة التمييز بما قصد في الجنس والاستثناء الثاني يقتضي مطابقة التمييز لما قصد من التثنية والجمع في الجنس. وجوابه : أنه لا نسلم استحالته فإن الأول يقتضي عدم مطابقة التمييز لما قصد من التثنية والجمع ـ


(الأنواع) من حيث (١) امتيازاتها النوعية (٢) ، فإنه لا بد حينئذ من تثنيته أو جمعه نحو : (طاب الزيدان (٣) علمين) والزيدون علوما) ، إذا أريد أن متعلق الطيب من كل من الزيدان أو الزيدون نوع آخر من العلم (٤) ، فإن صيغة المفرد لا تفيد ذلك المعنى (٥) (وان كان) أي: التمييز (صفة) مشتقة مثل : (لله درّه فارسا) أو مؤولة بها (٦) ، نحو : (كفى زيد رجلا) فإن معناه كاملا في الرجولية (كانت) الصفة (له) أي : لما انتصب عنه لا لمتعلقه؛ لأن الصفة تستدعي موصوفا ، والمذكور أولى بالموصوفية (٧).

فإذا قيل : (طاب زيد والدا) كان الوالد (زيدا) ولا يحتمل أن يكون والده ، بخلاف (٨) الاسم ، نحو : (أبا).

(وطبقة) الواو : بمعنى (٩) (مع) ، والطبق : مصدر بمعنى : المطابقة أي : كانت

__________________

ـ في الجنس إذا لم يقصد الأنواع المختلفة والثاني يقتضي مطابقته لما قصد من التثنية والجمع في الجنس إذا قصد الأنواع المختلفة (متوسط).

(١) وإنما قيدنا بهذه الحيثية لئلا يتوهم أن المراد بالأنواع حصص الجنس أي : أفراده (محمد أفندي).

ـ والاستثناء أن يستغنى عنهما ؛ لأنه إن قصد به الجنس فالمفرد وإن قصد النوعان فالمستثنى وإن قصد الأنواع فالجمع فالتمييز على كل تقدير مطابق لما قصد (هندي).

(٢) من حيث إن الأنواع يمتاز بعضها عن بعض سواء كان ذلك الامتياز بالخصوصيات الكلية أو الشخصية (م).

(٣) يعني أحد الزيدين من جهة علم الصرف والآخر من جهة علم النحو مثلا وقس عليه الجمع (لمحرره).

ـ لا حاجة إلى تثنية المنتصب عنه وجمعه ؛ لأنه يكفي المطابقة كما في نفس المتكلم (رضا).

(٤) بأن يكون على أحدهما الفقه والآخر التفسير أو بالعكس (رضا).

(٥) المقصود وهو ما فوق النوع الواحد فلا بد من التثنية والجمع عند قصد الأنواع.

(٦) أي : بالمشتق يعني لا يكون التمييز بحسب اللفظ صفة مشتقة بل بحسب التأويل (م).

(٧) من المتعلق المقدر ؛ لأنه إن لم يكن الموصوف مذكورا يلزم الإضمار قبل الذكر في بادئ النظر وإن لم يلزم بعد تعميق النظر (لمحرره).

(٨) فإنه لكونه أسما دالا على الذات بحيث لا يقتضي موصوفا لا يكون خاصا بالمنتصب عنه بل يحتمل أن يكون له ولمتعلقه (توقادي).

(٩) قوله : (الواو بمعنى مع) وهي تفيد مشاركة ما بعدها بخبر كان من حيث أنه فاعل معنى ونظيره ـ


الصفة صفة له مع مطابقتها إيّاه ، أو مطابقته إيّاها.

ويجوز (١) أن يكون بمعنى اسم الفاعل ، والواو : للعطف على خبر (كانت) أي : كانت الصفة صفة له ، ومطابقة إيّاه.

والمراد بالمطابقة : الاتفاق في الإفراد ، والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث ، لكونها حاملة لضميره.

(واحتملت) أي : الصفة المذكورة (الحال) (٢) أيضا لاستقامة المعنى على الحال ، نحو : (طاب زيد فارسا) (٣) ـ أي : من حيث إنّه فارس أو حال كونه فارسا ، لكن زيادة(٤) (من) فيها نحو : لله دره من فارس ، وقولهم : (عزّ من قائل) يؤيد التمييز ؛ لأن (من) تزاد في التمييز لا في الحال.

وأيضا ، المقصود مدحه بالفروسية ، لا حال الفروسية ، إذ قد يمدح (٥) حال الفروسية بغيرها من الصفات (٦).

__________________

ـ ما قاله الشيخ الرضي وهو أن المنصوب في عبارات النحاة في قولهم : (شرا أهر ذا ناب) إن شرا مبتدأ لفظا فاعل معنى تمييز عن النسبة تقديرا (لاري).

(١) قوله : (ويجوز أن يكون) أي : الطبق بمعنى اسم الفاعل كما هو القياس المطرد فيما قصد فائدة المجاز (مصطفى جلبي).

(٢) ولهذا قال بعضهم : إن فارسا في المثال المذكور حال لكن الصحيح أنه تمييز ؛ لأن المقصود منه المدح بالفروسية والدعاء للمدوح بها والمناسب في المعنى أن يكون تمييزا ؛ لأنه يفيد الإطلاق والتعميم والدعاء بخلاف الحال فإنها مختصة في حال كونه فارسا فالأول أولى (عافية شرح الكافية).

(٣) قوله : (فارسا) تمييز باعتبار اشتماله على الفروسية التي تزيل الإبهام عن شيء منسوب إلى زيد وحال باعتبار يبين هيئة زيد عند الطيب فاندفع الإشكال بأن اللفظ الواحد لا يرفع الإبهام عن ذات شيء واحد وصفته معا ؛ إذ ما فيه الإبهام هاهنا اثنان متعلق زيد من حيث الذات ونفسه من حيث الصفة يعم ، يرد على من جعل الذات المقدرة مبدلا عنها ويمكن أن يمنع استحالة رفع الواحد الإبهام عن ذات مسندا بمثل هذا بسرا أطيب منه رطبا.

(٤) قوله : (لكن زيادة من فيها) أي : زيادة من في التمييز عن ذات مذكورة يجوز مطلقا ويجوز في التمييز عن الذات المقدرة إذا كان لما انتصب عنه وقيل : مطلقا كما ذكره الشيخ الرضي.

(٥) كأنه قيل : فليكن مدحه حال الفروسية بالفروسية فأجاب بقوله : (إذ قد يمدح) (رضا).

(٦) الدالة على المدح من زيد عالم من حيث إنه فارس ولو كان فارس حالا لما جاز هذا ؛ لأنه ـ


(ولا يتقدم) (١) التمييز (على عاملة) إذا كان (٢) اسما تاما بالاتفاق (٣) فلا يقال : (عندي درهما عشرون) و (لا زيتا رطل) لأن عامله حينئذ اسم جامد ضعيف العمل (٤) مشابه للفعل مشابهة ضعيفة كما ذكرناه (٥) فلا يقوى أن يعمل فيما قبله.

(والأصح) أي : أصح المذاهب (٦) (أن لا يتقدم) التمييز (على) ما هو عامل فيه من (الفعل) الصريح أو غير الصريح ، لكونه (٧) من حيث المعنى فاعلا للفعل (٨) بنفسه، نحو : (طاب زيد أبا) أي : طاب أبوه ، أو فاعلا له إذا جعلته (٩) لازما ، نحو : (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً)(١٠) ، أي انفجرت عيونها.

__________________

ـ لا يقال زيد عالم حال كونه راكبا ؛ لأنه يتقيد العلم بحال كون الركوب وليس كذلك (توقادي).

(١) ولما قسم التمييز أولا إلى ذات مذكورة أو مقدرة وقسم المذكورة إلى أربعة أقسام باعتبار متمماته الأربعة وقسم أيضا الثاني ثلاثة أقسام عن جملة أو ما شابهها وإضافة بين أيضا أحوالها وكون التمييز أيضا صفة مشتقة أراد أن يبين أن التمييز سواء كان مفردا أو نسبة هل يتقدم على عامله لا يتقدم فقال لا يتقدم (م خلاصة).

(٢) هذا الشرط مع الاتفاق مأخوذ من قول المصنف والأصح أن لا يتقدم على الفعل (جلبي).

(٣) وكذا إذا كان أفضل التفضيل أو الصفة المشبهة أو المصدر أو ما فيه معنى مما ليس من الأسماء المتصلة أما إذا كان فعلا صريحا أو اسم فاعل أو مفعولا فالأصح أن يتقدم عليه وجوزه المازني والمبرد والكسائي نظرا إلى قوة العامل (وجيه الدين).

(٤) لأن الأصل في العمل الفعل والمشتق من الاسم لكونه مشابها له مشابهة تامة (م).

(٥) بعد قول المصنف على التمرة مثلها زبدا وحاصله : إذا تم الاسم بهذه الأشياء الأربعة شابه الفعل التام بفاعله والتمييز الآتي بعده مشابه للمفعول الآتي بعد الفاعل فلذا يكون منصوبا (لمحرره).

(٦) أراد ما فوق الواحد ؛ لأن المذهب اثنان على ما ذكره المصنف أو أن الألف واللام إذا دخل على الجمع يبطل معنى الجمع وجعل في حكم المفرد (لمحرره).

(٧) قوله : (لكونه من حيث المعنى فاعلا) ولفوات الغرض من التمييز وهو البيان بعد الإجمال ليكون أوقع لكن البيان عن البيانية لا يمنع من التقديم كما في قوله تعالى : (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ)[طه : ٧٨] (عبد الغفور).

(٨) أي : للفعل الواقع في التركيب من غير أن يجعل لازما أو متعديا (محمد أفندي).

(٩) قوله : وإذا جعلته لازما بتضمنه ؛ لأنه مطاوع فكان التمييز باعتبار المتضمّن بالفتح وكذا الحال في العكس ؛ لأنه مطاوع فعل يتضمن ذلك الفعل (لاري).

(١٠) إنما أتى بالجمع ؛ لأن التفجر متنوع إلى ماء عذب وملح وغير ذلك وإلى حار وقار وغير ذلك (عب).


وإذا ، جعلته متعديا نحو : (امتلأ الإناء (١) ماء) أي : ملأه الماء.

والفاعل لا يتقدم على الفعل ، فكذا ما هو بمعنى الفاعل.

وههنا (٢) بحث ، هو أن (الماء) في قولهم : (امتلأ الإناء ماء) من حيث المعنى فاعل (٣) للفعل المذكور من غير حاجة إلى جعله متعديا ؛ لأن المتكلم لما قصد إسناد الامتلاء إلى بعض متعلقات (٤) الاناة ، ولو على سبيل التجّوز (٥) وقدره ، وقع الإبهام فيه لا جرم ميّزه بقوله (ماء) فهو في معنى : امتلأ ماء الإناء ، فالماء فاعل معنى ، وذلك بعينه مثل : قولك : (ربح زيد تجارة) فإن التجارة تمييز يرفع الإبهام عن شيء منسوب إلى (زيد) وهو التجارة.

فالفاعل في قصدك هو التجارة ، لا زيد ، وإن كان إسناد الربح إليه حقيقة وإليها مجازا ، وبهذا (٦) يندفع ما يورد على قاعدتهم المشهورة ، وهي أن التمييز عن النسبة إمّا فاعل في المعنى أو مفعول ، من أن التمييز في هذا المثال ، وأمثاله لا فاعل ولا مفعول ، فلا تطرد تلك القاعدة (٧).

(خلافا للمازني (٨) والمبرد) فإنهما يجوزان تقيم التمييز على الفعل الصريح ،

__________________

(١) لأن الماء ليس بفاعل للامتلاء نفسه ؛ لأن الماء ملء الإناء فالظاهر أنه كان فاعلا له لكون المعنى امتلاء ماء الإناء فيكون الماء ممتلئا وأما إذا جعل متعديا يكون الماء مالئا (م).

(٢) أي : في قوله : إن الماء لا يقع فاعلا لامتلاء نفسه إلا إذا جعلته متعديا (تأمل).

(٣) مجازي بعلاقة المحلية مثل جرى النهر وسال الميزاب (م).

(٤) كالماء والعسل واللبن والذهن ونحوها (رضا).

(٥) يعني : أن إسناد الامتلاء إلى الماء مجاز ؛ لأن الامتلاء فعل الممتلئ وإلى الإناء حقيقة فإذا جعلته امتلاء ماء الإناء فإسناد الامتلاء إلى الماء مجاز وإلى الإناء حقيقة ؛ لأن الامتلاء صفة الإناء يكون معناه في قبول الامتلاء لا صفة الماء (شرح).

ـ من قبيل ذكر الحال وهو الماء وإرادة المحل وهو الإناء (رضا).

(٦) أي : بهذا الجواب وهو إسناد الربح إلى زيد حقيقة وإلى التجارة مجازا والتجارة عامل مجازي بعلاقة السببية(م).

(٧) أي : المشهورة بأن قالوا : إن التمييز الكائن عن النسبة إما فاعل أو مفعول في المعنى (رضا).

(٨) أبو عثمان بكر بن محمد بن عثمان المازني البصري النحوي كان هو متورعا وزاهدا ومات في بصرة لسنة تسع وأربعين بعد المائتين من الهجرة النبوية ، أستاذ المبرد وتلميذ الأخفش (ابن خلكان).


وعلى اسمي الفاعل والمفعول نظرا إلى قوة العامل (١) ، بحلاف الصفة المشبهة ، واسم التفضيل والمصدر ، وما فيه معنى الفعل ، لضعفها في العمل ، ومتمسكهما (٢) في هذا التجويز قول الشاعر.

أتهجر (٣) سلمى بالفراق حبيبها

وما كاد (٤) نفسا بالفراق تطيب

على تقدير تأنيث الضمير في (تطيب) فإنه حينئذ يكون في (كاد) ضمير الشأن لتذكيره (٥) ، ويعود ضمير (تطيب) إلى سلمى ، ويكون (نفسا) تمييزا عن نسبة (تطيب) إليها مقدمة عليه.

وأما على تقدير تذكير الضمير ، فضمير (كاد) للحبيب ، ونفسا تمييز عن نسبة (كاد) إليه أي : وما كاد الحبيب نفسا يطيب ، فلا تمسك حينئذ وما قيل : يحتمل أن يحمل البيت على تقدير تأنيثه أيضا على هذا الوجه بأن يكون تأنيث الضمير الراجع إلى

__________________

(١) لأن العامل إذا كان قويا يجوز تقديم معمول عليه إذا لم يمنع مانع منه أما القوة في الفعل ظاهر وأما الاسمين إذا وجد شرطهما في عملهما فهما في حكم الفعل المضارع (لمحرره).

(٢) وجه التمسك أن نفسا تمييز عن ضمير تطيب لا عن ضمير كاد ؛ لأن اسمه ضمير الشأن لا ضمير الحبيب ؛ لأن فاعل تطيب عائد إلى سلمى ولا ضمير لتذكيره ويروى : كان نفسي بأن يكون كاد نفسي اسم كان ويروى وما كان ولا استدلال حينئذ ؛ لأن نفسا خبر ولا يجوز أن يجعل خبر كاد ؛ لأن خبره مشروط قطعا بكونه فعلا مضارعا ويروى يطيب بالياء وحينئذ نفسا مفعوله مقدما عليه (حاشية هندي).

(٣) الاستفهام للإنكار يعني لم تهجر وأراد بالحبيب نفسه والمعنى لم تهجر سلمى ولم تترك حبيبها بالفراق ولا ترضى به (وجيه الدين).

ـ الهجر ضد الوصل أي : أتهجر سلمى عاشقها بالفراق وما كاد شأن تطيب سلمى بالفراق الهمزة للاستفهام وفاعل تهجر سلمى وحبيبها المفعول ، وقوله بالفراق ظرف لغو لا محل لها من الإعراب متعلق بتهجر وإذا قرئ بالفراق يكون في محل النصب على الظرفية واسم كاد ضمير الشأن وخبره تطيب وفاعل تطيب مستتر راجع إلى سلمى نفسا تمييز عن تطيب فقدم عليه وهو الاستشهاد (جلبي).

(٤) وما قرب تطيب أي : ترضى سلمى نفسا أي : نفس سلمى بافتراق حبيبها عنها يعني لا تقرب نفس سلمى أن ترضى بافتراقه وانعزاله عنها فكيف ترضى بالهجران (توقادي).

(٥) أي : وما كان الشأن تطيب سلمى نفسا بالفراق فقدم ولا يجوز أن يكون تمييزا عن نسبته كاد إلى الشأن لعدم الإبهام فيها (م).


الحبيب باعتبار النفس ؛ إذ المعنى : وما كادت نفس الحبيب تطيبت ، فتكلف (١) وتعسف غير قادح في التمسك.

(المستثنى)

(المستثنى) (٢) أي : ما يطلق (٣) عليه لفظ المستثنى في اصطلاح (٤) النحاة على قسمين : ولما كان (٥) معلوميته بهذا الوجه الغير المحتاج إلى التعريف كافية في تقسيمه ،

__________________

(١) أما كونه تكلفا فبإرجاع ضمير المؤنث إلى المذكر باعتبار النفس ، أما كونه تعسفا فبإرجاع ضمير تطيب إلى المذكر والطريق الواضح فيه إرجاعه إلى سلمى وأما كونه غير قادح في التمسك فإنه يحتمل أن يكون تمييزا عن نسبة تطيب إلى الضمير المستكن فيه الراجع إلى الحبيب باعتبار النفس وهذا هو الأولى ؛ لأن التمييز يوافق لما انتصب عنه وإن لم يكن مشتقا في التذكير والتأنيث (حاشية التبره وي).

(٢) وهو في اللغة المصروف مأخوذ من الثني يقال ثنى عنان الدابة صرفها أو المضاعف مأخوذ من التثنية وإنما سمي هذا القسم من المنصوب بالصرف ؛ لأن المتكلم يطلب من نفسه صرفه عن حكمه أي : منعه عن الدخول فيه لكنه عبر عنه بالصرف لتأكيد معنى المنع ونظير التعبير عن منع وقوع المؤمنين في الكفر بالإخراج في الآية الكريمة (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)[البقرة : ٥٧] (عوض ولارى).

ـ إنما نصب المستثنى ؛ لأنه أشبه المفعول بوقوعه فضل والمفعول معه ؛ إذ العمل فيه يتوسطه حرف (حاشية).

(٣) مستفعل من الثني وهو ذكر الشيء مرتين أو من تثنيت الشيء إذا صرفته والمستثنى مصروف عن المستثنى منه أو من ثنيت الشيء إذا ضاعفته فالأول مضاعف بالثاني فإن كان الأول مثبتا كان مضاعفا بالمنفي وإن كان منفيا كان مضاعفا بالإثبات (حاشية خصيبي).

ـ والغرض من هذا التفسير دفع سؤال مقدر وارد على قوله : (المستثنى متصل ومنفصل وهو أن يقال : إن قوله : (المستثنى) لفظ واحد لا يطلق على معنيين مثلا إذا أطلق على المتصل لا يطلق على المنفصل والعكس كذلك قال المصنف : المستثنى متصل ومنفصل بإطلاق اللفظ الواحد على معنيين (لمحرره).

ـ يريد أنه من عموم المجاز ؛ إذ لا يجوز الجمع بين معنى المشترك عند المحققين وكذا عند من يجعل لفظ المستثنى مجازا في المنقطع وحقيقة في المتصل ولا يجوز الجمع بين الحقيقة والمجاز عندهم أيضا (أحمد نازلي).

(٤) وإنما قال في الاصطلاح للاحتراز عن التخصيص نحو اقتلوا المشركين ولا تقتلوا أهل الذمة (وجيه الدين).

(٥) هذا إشارة إلى جواب سؤال مقدر وهو أن المناسب للتقسيم أن يعرف المقسم أولا ثم تقسيم ـ


قسمة إلى قسمين ، وعرّف كل واحد منهما ؛ لأن لكل واحد منهما أحكاما خاصة لا يمكن اجراؤها عليه إلا بعد معرفته فقال :

(متصل ومنقطع ، فالمتصل) هو (المخرج) (١) أي : الاسم الذي أخرج (٢) ، واحترز به عن غير المخرج كجزئيات المستثنى المنقطع.

(من متعدد) (٣) جزئياته نحو : (ما جائني (٤) أحد إلا زيدا) أو أجزاؤه ، مثل : (اشتريت العبد (٥) إلا نصفه) سواء كان ذلك المتعدد (لفظا) (٦) أي : ملفوظا ، نحو : (جاءني القوم (٧) لا زيدا) ، (أو تقديرا) (٨) أي : مقدارا نحو : (ما جاءني إلا زيد) (٩) أي : ما جاءني أحد إلا زيد (بإلا) (١٠) ...

__________________

ـ إلى أقسام ؛ لأن التقسيم ضم قيود مخالفة أو مساوية إلى مفهوم كلي ليحصل منه انضمام كل قيد إليه قسم منه ولا شك أن هذا موقوف أن تعريف المقسم أول فأجاب بأن هذا المعلومية كافية في التقسيم (شيخ الرضي).

(١) سواء كان أقل مما بقي أو أكثر منه أو مساويا له (عب).

(٢) فإن قيل : إذا دخل فلم يخرج فإذا كان خارجا فكيف يخرج فالجواب أنه إذا داخل قبل الحكم وخارج بعد الحكم وإلا قرينة الخروج بالحكم فلا يلزم التناقض ولا إخراج الخارج (شرح عوامل العتيق).

ـ من المتعدد بإلا قبل الحكم ثم حكم بعد تقدير الإخراج (خبيصي).

(٣) وهذا القيد مستدرك ؛ إذ الإخراج لا يكون إلا عن متعدد لكنه توطئة لتقسيمه إلى قسمين بقوله : لفظا أو تقديرا (هندي وغيره).

(٤) قوله : (ما جاءني أحد) اه فإن أحد نكرة وقعت في سياق النفي فيفيد العموم والشمول فحينئذ يكون متعددا زيد أخرج من متعدد جزئياته (إيضاح).

(٥) فإن العبد وإن لم يتعدد جزئياته إلا أنه لما كان متعلق الإشتراء تعدد أجزائه ؛ لأنه يمكن أن يتعلق الاشتراء بجميع أجزائه أو بعضه (م).

(٦) حال من متعدد مع تجويز نكرة المحضة ذا الحال كما في تعريف الكلمة وجعل الشارح خبرا لكان المقدر وقيل تمييز (م ع).

(٧) أراد بالمتعدد ما يقوم صيغته مقام الصيغ المتعددة (عافية).

(٨) جعل قوله : (لفظا أو تقديرا) تفصيلا للمتعدد باعتبار كونه مذكورا أو مقدرا ولك أن تجعل تفصيلا للمخرج إذا المستثنى كما يكون ملفوظا يكون محذوفا نحو : جاء زيد ليس إلا (ع ص).

(٩) ويعرب على حسب العوامل ؛ لأن المستثنى منه غير مذكور والكلام غير موجب ولا يجوز في هذا المثال رفع على البدلية ولا نصب على المفعولية (سعد الخوافي).

(١٠) واحترز بإلا وأخواتها عن المخبر حينئذ بالصفة نحو : أكرم بني تميم العلماء وبالبدل ، كقوله ـ


غير الصفة (وأخواتها) (١) واحترز به عن نحو : (جاءني القوم لا زيد) (وما جاءني القوم لكن زيد جاء) (٢).

(و) والمستثنى (المنقطع هو المذكور بعدها) أي : بعد (إلا) وأخواتها (غير مخرج)(٣) عن متعدد ، واحترز به عن جزئيات المستثنى المتصل.

فالمستثنى الذي لم يكن داخلا في المتعدد قبل الاستثناء منقطع سواء كان من جنسه ، كقولك : (جاءني القوم إلا زيدا) مشيرا (٤) بالقوم إلى جماعة خالية عن (زيد) أو لم يكن(٥) نحو : (جاءني القوم إلا حمارا) (٦).

(وهو) (٧) أي : المستثنى مطلقا حيث (٨) علم.

__________________

ـ تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)[آل عمران : ٩٧] (عوض).

(١) وأداته على ما يستثنى في الكلام سواء كان حرفا أو اسما أو فعلا وهي : (إلا وعدا وخلا وحاشا وسوى وسواء وغير وما خلا وما عدا وليس ولا يكون ولا سيما وبله وبيد بمعنى غير ولما) (توقادي).

(٢) وكذا احتراز عما أخرج عن متعدد بلفظ الاستثناء ، كقوله : جاء القوم واستثنى عنهم زيد (هندي).

(٣) حال من المستكن في المذكور أو خبر بعد خبر للمبتدأ لا خبر مبتدأ محذوف لعدم الاحتياج (م ع).

(٤) وإنما قيد بمشيرا بالقوم ؛ لأنه إن أشار بذلك إلى جماعة خالية عن زيد لم يكن المستثنى منقطعا بل متصلا.

(٥) قوله : أو لم يكن نحو : جاءني القوم إلا حمارا فالحمار ليس من جنس القوم ؛ لأن القوم تختص بالإنسان ، قال في الصحاح القوم الرجال دون النساء وربما دخل النساء فيه على سبيل التبع ؛ لأن قوم كل رجال ونساء (وجيه الدين).

(٦) فإن القوم لما لم يتناول إلى الحمار بالحقيقة وإلى زيد بالقصد لم يكونا مخرجين عنه ؛ لأن الإخراج إنما يمكن بالتناول (عافية شرح الكافية).

(٧) لما فرغ من تقسيم المستثنى إلى قسمين وتعريفهما شرع في بيان إعراب المستثنى فبدأ بما يجب نصبه ؛ إذ هو من المنصوبات (رضى).

ـ وهو أعم من المتصل والمنقطع على وجه عموم المجاز لا عموم المشترك وفي الكلام من المحسنات صنعة الاستخدام إن أريد بالمستثنى المذكور اللفظ وكان حمل المتصل والمنقطع عليه حمل المدلول على الدال وإن أريد بعموم المجاز فلا استخدام (فاضل هندي).

(٨) جواب عن سؤال مقدر تقديره لم راجعت الضمير إلى المستثنى المطلق مع أنه لم يتقدم ـ


أولا : بوجه يصحح تقسيمه ، كما عرفت.

وثانيا : بما يتفطن له من تعريف قسيمة أعني : المذكور بعد (إلا) ، وأخواتها (١) ، سواء كان مخرجا ، أو غير مخرج ، ولهذا لم يعرفه على حده وروما للاختصار.

(منصوب) (٢) وجوبا (إذا كان) واقعا (بعد إلا) لا بعد (غير سوى) وغيرهما (غير الصفة) (٣) قيد به (٤) ، وأن لم يكن الواقع بعد (إلا) التي للصفة داخلا في المستثنى ، لئلا يذهل عنه (في كلام (٥) موجب) أي : ليس بنفي ، ولا نهي ، ولا استفهام ، نحو : (جاءني

__________________

ـ مستثنى مطلقا بل تقدم مستثنى متصل ومنقطع فقال في الجواب : حيث اه وحاصل الجواب أن مطلق المستثنى حاصل ضمنا لمعلوميته أولا وثانيا فلذا راجعت الضمير إليه (صدر).

(١) وذلك أنه مذكور في تعريف قسميه فيعلم أنه مشترك فيهما فعلم أن المستثنى مطلق هو ذلك المشترك هذا ويعلم أن المتفطن له هو حقيقة المستثنى وقد صرح المصنف في شرحيه أنه تعريف باعتبار اللفظ (وجيه الدين).

(٢) نصب المستثنى واجب في ستة مواضع : الأول في كلام موجب تام ، والثاني في المستثنى المتقدم على المستثنى منه ، والثالث في المنقطع ، والرابع بعد خلا وعدا ، والخامس بعد : ما خلا ، وما عدا ، والسادس بعد ليس ولا يكون (لمحرره رضا).

(٣) صفة إلا على القول بتعريفه إن كان مضافا إلى الضد ، كما في الحركة غير السكون أو بدل على القول بعدم تعريفه كما في قوله تعالى : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ)[الفاتحة : ٧] ، أو مرفوع خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو (زيني زاده).

(٤) قوله : (قيد به) وإنما قيد به ؛ لأن المذكور بعدها تبع ما قبلها في الإعراب نحو : جاءني رجال إلا زيد ، واعترض الرضي بأنه لا حاجة إلى قوله : (غير الصفة) ؛ لأن الكلام في نصب المستثنى وما كان بعد إلا التي للصفة ليس بمستثنى فأشار الشارح إلى أن هذا القيد ليس للاحتراز وإنما هو بيان الواقع فقيد به لئلا يذهل عنه وإنما يلزم الاستدراك لو كان للاحتراز ؛ لأن ما بعد إلا للصفة خارج بقوله : وهو أي : المستثنى منصوب (وجيه الدين).

(٥) وإنما وجب النصب ههنا ؛ لأنه لا يخلو عن كونه منصوبا على الاستثنائية على القطع ، أو مرفوعا على البدلية وههنا لا يجوز أن يكون بدلا لاستلزام فساد المعنى ؛ لأن المبدل منه في حكم الساقط فيكون تقديره قولنا جاءني القوم إلا زيد جاءني إلا زيد فاللازم منه أن يجيء جميع العالم سوى زيد وهو ظاهر الفساد ولأن البدل لما قام مقام المبدل منه وعمل فيه عامله صار المعنى جاءني القوم إلا زيد وهذا صريح في إفادة عكس الغرض ؛ لأن الثابت المجيء لغير زيد وسلبه عنه واللازم عكس ذلك. فإن قلت : قوله تعالى : (فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً)[البقرة: ٢٤٩] بالرفع كلام موجب مع أن النصب لم يجب فيه فارتفع على البدلية من الضمير؟ قلت : هذا لكونه غير موجب في التأويل ؛ إذ قوله : (فَشَرِبُوا) بمعنى لم يمتثلوا أمره (عافية شرح الكافية).


القوم إلا زيدا) واحترز به عما إذا وقع في كلام غير موجب ؛ لأنه ليس حينئذ واجب النصب ، على ما سيجيء ، ولا حاجة (١) هاهنا إلى قيد آخر وهو أن يكون الكلام الموجب تاما (٢) ، بأن يكون المستثنى منه مذكورا فيه ، ليخرج نحو : (قرأت إلا يوم كذا) فإنه منصوب على الظرفية لا على الاستثناء (٣) ؛ لأن الكلام في كونه منصوبا مطلقا (٤) لا في كونه منصوبا على الاستثناء ، بدليل قوله (أو كان بعد خلا وعدا) إلا أن يقال : الحاجة إلى هذا القيد إنما هو لا خراج مثل : (قرئ إلّا يوم كذا) (٥) فإنه مرفوع وجوبا لا منصوب.

والعامل (٦) في نصب المستثنى إذا كان منصوبا على الاستثناء ، عند البصريين (٧) الفعل المتقدم ، أو معنى الفعل بتوسط (إلّا) ؛ لأنه شيء يتعلق بالفعل أو معناه تعلقا معنويا ؛ إذ له (٨) نسبة إلى ما نسب إليه أحدهما.

__________________

(١) قوله : (ولا حاجة هاهنا اه) أشار بذلك إلى دفع ما قيل : أنه لا بد من قيد آخر وهو ذكر المستثنى منه ليخرج نحو قرأت إلا يوم كذا فإن يوم هاهنا منصوب على الظرفية لا على الاستثناء وذلك أن الكلام في نصب المستثنى مطلقا سواء كان على الاستثناء أو على الظرفية أو على المفعولية كما بعد عدا وخلا أو على الخبرية كما ليس ولا يكون (وجيه الدين).

(٢) الكلام التام في اصطلاح النحاة في باب الاستثناء ما فسره بقوله : (بأن يكون اه (لاري).

(٣) لعل المعترض أراد بذلك أنه من قبيل المفرغ فينبغي أن يكون داخلا في الآتي (لاري).

(٤) سواء كان المستثنى منصوبا على الاستثناء أو على الظرفية أو المفعولية أو الخبرية (م).

(٥) فإنه وقع بعد إلا في كلام موجب مع أنه مرفوع مفعول ما لم يسم فاعله فاحتيج إلى القيد ولم يأت به اعتمادا على المتقدمين (حاشية).

(٦) قوله : والعامل في نصب المستثنى قال الشيخ الرضي قال المصنف في شرح المفصل العامل في المستثنى المستثنى منه بواسطة إلا قال ؛ لأنه ربما لا يكون هناك فعل ولا معناه نحو : القوم إلا زيد إخوتك وللبصرية أن يقولوا إن في الإخوة معنى فعليا وهو الانتساب بالأخوة ثم قال : لو لم يكن في الجملة معنى الفعل لجاز أن ينتصب المستثنى (عب).

ـ والعامل في المستثنى هو الفعل المذكور قبل إلا والفعل اللازم يصير متعديا بلفظ إلا كما يصير متعديا بحرف الجر فإن كان قبل إلا غير الفعل فالعامل ما فيه من معنى نحو : القوم إخوتك إلا زيد والمعنى تواخى القوم إلا زيد (تكملة).

(٧) وقال المبرد والزجاج العامل في المستثنى إلا لقيامه معنى الاستثناء بإلا ، وقال الكسائي هو منصوب إذا انتصب بأن مقدرة بعد إلا محذوفة فتقدير جاءني القوم إلا زيد جاءني القوم إلا أن زيدا لم يجئ وبين الشارح المذهب المختار وترك غيره (خلاصة من الشرح).

(٨) قوله : (إذ له نسبة) يعني أنه جزء مما نسب إليه الفعل أو معناه فهو شيء يتعلق بأحدهما معنى ـ


وقد جاء بعد تمام الكلام فشابه (١) المفعول.

(أو مقدما) عطف على قوله (٢) : (بعد إلا) ، أي : المستثنى منصوب وجوبا إذا كان المستثنى مقدما (المستثنى منه) سواء كان في كلام موجب أو غيره نحو : (جاءني إلا زيدا القوم) و (ما جاءني إلا زيدا أحد) لامتناع تقديم البدل على المبدل منه (٣).

(أو منقطعا) أي : المستثنى منصوب أيضا وجوبا إذا كان منقطعا بعد (إلا) نحو : (ما في الدار أحد إلا حمارا)

(في الأكثر) (٤) أي : في أكثر اللغات (٥) ، وهي لغة أهل الحجاز (٦) ، فإنهم قبائل كثيرون (٧) ، أو في أكثر مذاهب النحاة ، فإن أكثرهم ذهبوا إلى اللغة الحجازية.

فالمنقطع مطلقا منصوب عندهم ؛ إذ لا يتصور (٨) فيه إلا بدل الغلط.

__________________

ـ وقد جاء بعد تمام الكلام فشابه المفعول في كونه بعد مسند ومسند إليه (وجيه الدين).

(١) وللمستثنى شبه خاص بالمفعول معه ؛ لأن العامل يتوسط الحرف والمصنف جعل إلا عاملا هنا كما جعل الواو ثم عاملا (ضوء).

(٢) هذا هو الظاهر لكن يتجه أن انتصابه مشروط بكونه بعد إلا وذلك غير مفهوم من العبارة وكذا الحال في قوله : (أو منقطعا) ويمكن أن يجعلا معطوفين على قوله : (في كلام موجب) لا يتجه ذلك وهو خبر آخر لكان أو حال (لاري).

(٣) يعني لو لم يجب النصب لكان تابعا للمستثنى منه على البدلية والبدل لا يتقدم على المبدل منه ؛ لأنه من التوابع فلم يبق النصب على الاستثناء (وجيه الدين).

(٤) ظرف لمنصوب الملحوظ بطريق الانسحاب أو ظرف مستقر مرفوع المحل خبر مبتدأ محذوف أي : هو يعني كون المستثنى المنقطع منصوبا (زيني زاده).

(٥) نحو ما جاءني أحد إلا حمارا لامتناع البدلية ؛ إذ لو كان بدلا لكان بدل البعض ؛ إذ البدل بعد إلا لا يكون إلا بدل البعض في الفصيح لاستقراء والتتبع ، والحمار لا يكون بعض القوم فيكون منصوبا على الاستثناء (خبيصي).

(٦) على وزن صراف بلا ربكة سميت بها لكونها محجزة عن الأعداء والمهلك والحجز المنع (م).

(٧) فيكون بعضهم أكثر من بعض والناصبون يكونون أكثرهم والكثيرون لم ينصبوه بل جعلوه بدلا (ت).

(٨) قوله : (إذ لا يتصور فيه إلا بدل الغلط) أما بدل البعض والكل فظاهر لعدم المجانسة وأما بدل الاشتمال ف ؛ لأنه يشترط فيه أن يكون السامع منتظرا له عند ذكر المبدل منه ولا انتظار هاهنا ؛ لأن المستثنى هاهنا أحدا جنبيا منقطع التعلق عما قبله وأيضا في بدل الاشتمال لا بد أن ـ


وهو لا يصدر إلا بطريق السهو ، والغفلة.

والمستثنى المنقطع إنما يصدر بطريق الرّويّة والفطانة.

وأما بنو تميم (١) فقد قسموا المنقطع إلى قسمين :

أحدهما : ما يكون قبله اسم يصح حذفه ، نحو : (ما جاءني القوم إلا حمارا) فهنا يجوزون البدل.

وثانيهما : ما لا يكون قبله اسم يصح (٢) حذفه ، فهم هاهنا يوافقون الحجازيين في إيجاب نصبه كقوله تعالى : (لا عاصِمَ (٣) الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) [هود : ٤٣].

__________________

ـ يكون ضميرا للمبدل منه (وجيه الدين).

ـ علة منصوب جواب سؤال مقدر وهو لم لا يجوز الرفع على البدلية فأجاب بقوله : إذ لا يتصور اه

(١) وأما عند بني تميم فيجوز البدل بأن يجعل المستثنى من جنس ما قبله ولأن بدل الغلط واقع في الكلام كما في قول الشاعر :

وبلدة ليس بها أنيس

إلا اليعافير وإلا العيس

 ـ فإنهم أرادوا من الأنيس الإنسان واليعافير والعيس مستثنى من منقطع عنه والجواب عنه تعميم الإرادة في الأنيس بإيراد منه ما يؤانس المكان فيكون من قبيل بدل البعض من الكل. اعلم أن الخلاف المذكور بين الفريقين فيما إذا كان المستثنى المنقطع مما يمكن إيقاعه موقع المستثنى منه بضرب من التأويل كالمثال المذكور ، وأما إذا كان يمتنع إيقاعه ذلك الموضع فالنصب واجب بالاتفاق كما في قوله تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) على أحد الوجوه.

ـ فإن قلت : لما لم يكن البدل جائزا في هذه المواضع فما ذا يعمل فيها النصب؟ قلت : اختلفوا في ذلك فذهب المبرد إلى أن إلا بمعنى استثنى ، والفراء إلى أن إلا مركبة من إن ولا ثم خففت وأدغمت في لا في الإيجاب باعتبار أن وترفع في النفي باعتبار لا والصحيح مذهب البصرية وهو أن العامل فعل المتقدم بتوسط إلا (عافية شرح الكافية).

(٢) وإنما لم يصح حذف المستثنى منه وهو عاصم الذي وقع اسم لا التي لنفي الجنس لا يجوز حذفه لئلا يكون بحذفه منها إجحاف فلا يجوز هاهنا غير النصب (داود أفندي).

(٣) قوله : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) ذهب كثير إلى أن الاستثناء متصل فمنهم من قال : إن عاصما بمعنى معصوم كواقف بمعنى موقوف ومنهم من قال : إن عاصما بمعنى ذو عصمة ومنهم أن من رحم بمعنى الراحم وهو الله تعالى ومنهم من قال بتقدير مضاف والتقدير : إلا رحمة من رحم أو مكان من رحم والمعنى لا عاصم اليوم من الطوفان إلا مكان من ـ


أي : من رحمه‌الله (١) ، فمن رحمه‌الله هو المرحوم المعصوم (٢) ، فلا يكون داخلا (٣) في العاصم فيكون منقطعا.

(أو كان (٤) بعد خلا (٥) ، وعدا) أي : المستثنى منصوب أيضا وجوبا ، إذا كان بعد (عدا) من : عدا ، يعدو ، عدوا ، إذا جاوزه ، مثل : (جاءني القوم عدا زيدا) أو بعد (خلا) من خلا (٦) ، يخلو ، خلوا ، نحو : (جاءني القوم خلا زيدا) هو في الأصل لازم ، يتعدى إلى المفعول ب : (من) نحو : (خلت الديار من الأنيس).

وقد تضمن معنى جاوز ، أو يحذف (من) يوصل الفعل ، فيتعدى بنفسه.

والتزموا هذا التضمن أو الحذف والإيصال في باب الاستثناء ليكون ما بعدها منصوبا كما في صورة المستثنى (بإلا) التي هي أم الباب (٧). وفاعلهما ضمير راجع : إمّا إلى مصدر الفعل المتقدم ، أو إلى اسم الفاعل منه ، أو إلى بعض (٨) مطلق من المستثنى

__________________

ـ رحمهم من المؤمنين وهو السفينة وذلك أنه لما جعل الجبل عاصما من الماء قال له لا يعصمك اليوم معتصم من جبل ونحوه سوى معتصم واحد وهو مكان من رحمهم‌الله ونجاهم يعني السفينة (عب).

ـ لنفي الجنس في المعنى لا حافظ من قضاء الله تعالى موجود اليوم فيكون عاصما (ق).

(١) وفائدة التفسير الضمير العائد إلى الموصول محذوف وهو رحمه.

(٢) لأن من عاصمه الله لا محالة يكون معصوما ومن رحمه‌الله أيضا لا محالة يكون مرحوما (م).

(٣) لأن العاصم هو الله تعالى فلا يكون العبد داخلا في المعبود وهو العاصم (لمحرره رضا).

(٤) أشار بإعادة لفظ كان على أن المعطوف يغاير المعطوف عليه في النصب ؛ لأن نصب المستثنى في الأول على المفعولية أو الخبرية وفي الثاني على الاستثناء (توقادي).

(٥) وإنما وجب النصب هاهنا ؛ لأنه فعل متعد في الاستثناء بالحمل على عدا فيجب أن ينصب ما بعده على أنه مفعول به (عوض).

(٦) قوله : (من خلا يخلو وعدا يعدو) إشارة إلى أنهما ليسا بحروف جارة بل فعلين في باب الاستثناء (لمحرره).

(٧) قوله : (وهي أم الباب) أي : أصل باب الاستثناء ؛ لأنها موضوعة للاستثناء بخلاف غيرها فإنها في الأصل لمعان أخر ثم ضمنت معنى الاستثناء (وجيه الدين).

(٨) قوله : (أو إلى بعض مطلق) كما ذهب إليه سيبويه وذلك ؛ لأن كل مشتمل على البعضية فذكرت في ضمن الكل إنما لم يجعل راجعا إلى الكل ؛ لأن صيغة الفعل مفرد وإنما قال مطلق محتمل للإبعاض ؛ لأن مجاورة البعض والخلو والنفي وغير ذلك استعملت في الاستثناء بضرب من المناسبة (عب).


منه ، والتقدير (١) : جاءني القوم عدا ، أو خلا مجيئهم ، أو الجائي منهم أو بعض منهم زيدا(٢).

هما في محل النصب على الحالية (٣) ، ولم يظهر (٤) معها (قد) ، ليكونا أشبه ب : (إلا) التي هي الأصل في باب الاستثناء (في الأكثر) (٥) أي : النصب بهما إنما هو أكثر الاستعمالات ؛ لأنهما فعلان ماضيان كما عرفت.

وقد أجيز الجر بهما على أنهما حرفا جر.

قال السيرافي (٦) : لم أعلم خلافا في جواز الجر بهما إلا أن النصب بهما إلا أن النصب بهما أكثر. (وما خلا ، وما عدا) أي : المستثنى منصوب أيضا وجوبا ؛ إذا كان بعد (ما خلا) و (ما عدا) ؛ لأن (ما) فيهما مصدرية مختصة بالأفعال (٧) نحو : (جاءني قوم ما خلا زيدا ، وما عدا عمرا) تقديره ، خلوّ زيد ، وعد وعمرو بالنصب على الظرفية ،

__________________

(١) قوله : (والتقدير اه) قيل : عدا في كذا كان معناه انتفى عن كذا فإذا قلت : جاءني القوم عدا مجيئهم زيدا كان المعنى انتفى المجيء عنه ، وإذا قلت : عدا الجائي زيدا أو بعضهم زيدا كان معناه انتفى الجائي أو البعض عن زيد بمعنى أن ليس زيد جائيا ولا بعضا منهم وقس عليه خلا (لاري).

(٢) وعدم إظهار قد مع إلا ظاهر ؛ لأنه حرف والحرف لا يدخل على الحرف (ص).

(٣) وإنما لم يجعل النصب فيهما على الظرفية كما في ما عدا وما خلا ؛ لأن ما في ما عدا وما خلا مصدرية تجعلهما في تأويل المصدر فلا جرم يجعلان الظرف بتقدير وقت بناء على أن الحين كثير إما يحذف مع ما المصدرية أو الحال بتأويل اسم الفاعل على الحال بخلافهما فإنهما ظاهران في الحالية (وجيه الدين).

(٤) جواب عن سؤال كأنه قيل : إن الماضي المثبت إذا وقع حالا فلا بد من إدخال قد لفظا أو تقديرا وهاهنا ليس كذلك فأجاب بقوله : ولم يظهر اه (لمحرره رضا).

(٥) وإنما قال في الأكثر ؛ لأنهما حرفا جر عند بعضهم فيكون ما بعدهما محفوظا (متوسط).

(٦) أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرافي النحوي المعروف بالقاضي ٢ رجب سنة ٣٦٨ وفاة (ابن خلكان).

(٧) لأن ما لا يجوز أن يكون موصولة وهو ظاهر فتعين أن يكون مصدرية فهي لا تدخل إلا على الفعل وهذا يصلح أن يكون دليلا على فعليتهما قبل دخول ما عليهما نصب ما بعدهما على ما مر (عوض أفندي).


بتقدير (١) مضاف أي : وقت (٢) خلوهم ، أو خلو مجيئهم من زيد ووقت مجاوزتهم (٣) ، أو مجاوزة مجيئهم عمرا.

أو على الحالية بجعل المصدر بمعنى اسم الفاعل (٤) أي : جاؤوا خاليا بعضهم ، أو مجيئهم من زيد ، ومجاوزا بعضهم أو مجيئهم عمرا.

وعن الأخفش (٥) : أنه أجاز الجر بهما على أن (ما) فيهما زائدة ، ولعل هذا لم يثبت عند المصنف ، أو لم يعتد به (٦) ، ولهذا لم يقل في الأكثر.

(و) كذا المستثنى منصوب (بعد (ليس) نحو : (جاءني القوم ليس زيدا) (و) بعد (لا يكون) نحو : (سيجيء اهلك لا يكون بشرا) وإنما يكون النصب بعدهما واجبا؛ لأنهما من الأفعال الناقصة الناصبة للخير ، ويلزم إضمار (٧) اسمهما في باب الاستثناء ، وهو ضمير راجع إلى اسم الفاعل من الفعل (٨) المذكور ، أو إلى بعض من المستثنى منه مطلقا، وهما في التركيب في محل المنصب على الحالية.

__________________

(١) هذا جواب سؤال مقدر كأنه قيل : الظرف لا يخلو عن زمان أو مكان والخلو والعد وليسا بزمان ومكان حتى يكونا منصوبين على الظرفية فأجاب بقوله : بتقدير المضاف (لمحرره).

(٢) قوله : (أو وقت خلوهم أو خلو مجيئهم) وإنما لم يقدر أو خلو بعضهم أو خلو الجائي كما قدره بعضهم هاهنا أيضا اكتفاء بما سبق من عدا وخلا (وجيه الدين).

(٣) أشار إلى أن ما عدا وما خلا يتضمن بمعنى المجاوزة كعدا وخلا (رضا).

(٤) لكون الاشتقاق شرطا في الحال عند غير المصنف وأما عنده ما دل على الهيئة يصح كما سبق (م ع).

(٥) قوله : (وعن الأخفش أنه أجاز الجر بهما) وكذا عن الجرمي ولعل هذا النقل لم يثبت عند المصنف أو لم يعتد به والظاهر أنه لم يعتد به ؛ لأنه قرره في شرح المفصل فعليتهما على سبيل الجزم ونفى كونهما جارين وقال الرضي ولم يثبت أي : الجر على أن ما زائدة (وجيه الدين).

(٦) أي : لم يعتبر ؛ لأن زيادة ما في الأفعال لم تسمع أصلا في الأول ولا في الآخر وإنما تزاد بعد الأسماء مثل إذا ما حيثما وبعد الحروف أيضا نحو (فَبِما رَحْمَةٍ)[آل عمران : ١٥٩] و (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ)[نوح : ٢٥] و (عَمَّا قَلِيلٍ)[المؤمنون : ٤٠] (م).

(٧) ليكون ما بعدهما في صورة الاستثناء بإلا المقصود هي أم الباب (رضي).

(٨) قال الكوفيون جاء القوم ليس زيدا ولا يكون زيدا معناه ليس فعلهم فعل زيد ولا يكون فعلهم فعل زيد (عب).


واعلم (١) أنه لا تستعمل هذه الأفعال إلا في المستثنى المتصل الغير المفرغ (٢) ، ولا يتصرف (٣) فيهما ؛ لأنها قائمة مقام (إلّا) وهي لا يتصرف فيها.

(ويجوز فيه) (٤) أي : في المستثنى (النصب) على الاستثناء ، (ويختار البدل) عن المستثنى منه (فيما بعد إلا) حال من الضمير المجرور أي : حال (٥) كون المستثنى واقعا (٦) في محل يكون متأخرا عن (إلا) احتراز (٧) عما إذا كان بعد سائر أدوات الاستثناء ، مثل : عدا وخلا وغيرهما (في كلام غير موجب) احتراز عما إذا وقع في كلام موجب ، فإنه منصوب وجوبا كما مر.

(و) الحال أنه قد (ذكر المستثنى منه) احترز عما إذا لم يذكر المستثنى منه ، فإنه حينئذ يعرب على حسب العوامل.

وفي بعض النسخ (المستثنى منه) بغير واو على أنه صفة لكلام غير موجب ، ولا مقدما على المستثنى منه ؛ لأن حكمهما (٨) قد علم فيما سبق ، فاكتفى بذلك (نحو : (ما

__________________

(١) ولما فرغ من بيان الأفعال التي تستعمل في الاستثناء سواء كانت مخصوصة أو لا وسواء كانت ناصبة على المفعولية أو الخبرية أراد أن يبين أنها هل تتصرف أو لا فقال واعلم اه (توقادي).

(٢) فاستعمالها في الاستثناء مشروط بشرطين أحدهما أن يكون المستثنى متصلا ؛ لأنها لا تستعمل في المنقطع والثاني أن يكون المستثنى منه مذكورا يعني لا يكون الكلام مفرغا (م).

(٣) قوله : (ولا يتصرف فيها) يعني إلا جميع هذه الأفعال من خلا إلى لا يكون غير متصرفة إذا كانت واقعة في الاستثناء بأن يجيء من غيرها من الصيغ الأربعة وأما إذا رفعت الاستثناء ورجعت إلى ما كانت عليه قبل الاستثناء ومن التصرف إن كانت قبل الاستثناء غير متصرفة (وجيه الدين).

(٤) عطف على ما قبلها من حيث المعنى كأنه قيل : يجب النصب في المستثنى المذكور ويجوز فيه ويحتمل كون الجملة استئنافا (م ع).

(٥) قوله : (أي : حال) وإنما اختار هذا التوجيه على توجيه البدل فهو أن يكون فيما بعد إلا بدلا من فيه كما اختار جميع الشارحين ؛ لأن الحال أظهر في التقييد فيشعر بأن اختيار البدل فيما بعد إلا دون غيرها من أدوات الاستثناء ؛ لأن المستثنى يكون معمولا لتلك الأدوات فلا يكون معمولا لعامل المبدل منه بخلاف توجيه البدل فإنه يشعر أن ما بعد إلا وهو المقصود بالنسبة ولا يشعر بنفي المبدل منه في غير إلا فلا يتجه في هذا التوجيه كما قيل: (ج حاشية).

(٦) يعني إن ما موصوفة وعبارة عن المكان وبعد بمعنى المتأخر (رضا).

(٧) لعدم جواز الإبدال فيه للزوم اختلاف عامل المستثنى والمستثنى منه هاهنا وذلك لا يجوز في البدل (عوض).

(٨) قوله : (لأن حكمهما قد علم فيما سبق) وهو وجوب النصب فعلم أنهما ليسا من حال الإبدال (حاشية).


فَعَلُوهُ (١) إِلَّا قَلِيلٌ) (٢) [النساء : ٦٦] بالرفع على البدلية (٣) ، (وإلا قليلا) بالنصب على الاستثناء ، (وما مررت بأحد إلا زيد) بالجر على البدلية (٤) و (لا زيدا) بالنصب على الاستثناء ، (وما رأيت أحد إلا زيدا) بالنصب إما بطريق البدلية (٥) وهو المختار ، أو بطريق الاستثناء وهو جائز غير مختار.

وإنما (٦) اختاروا البدل في هذه الصور ؛ لأن النصب على الاستثناء ، إنما هو بسبب التشبيه بالمفعول ، لا بالأصالة ، وبواسطة (إلا) واعراب البدل بالاصالة وبغير واسطة.

(ويعرب) (٧) ...

__________________

(١) أي : ما فعل القوم إياه واحدا أو اثنين أو ثلاثة من ذلك القوم لا غير (خوافي هندي).

(٢) وقرأ ابن عامر قليلا بالنصب على الاستثناء ولو لم يكن البدل مختارا لم يقرأ جميع القراء غير أن ابن عامر قليل بالرفع (مكمل).

(٣) وإنما كان المختار هنا البدل لوجوه : الأول أن المستثنى على تقدير البدلية يكون مقصودا وجزءا من الكلام بخلاف ما ؛ إذا كان باقيا على الاستثناء فإن الكلام حينئذ قد تم قبله من غير احتياج إليه فيكون فضلة فيه فالأول أولى من الثاني. والثاني : أن في الإبدال تشاكلا في الإعراب ؛ إذ لا بد من كونه حركة البدل على وفق حركة المبدل منه ولا شك أن سلوك طريق الموافقة أولى من غيره. والثالث : أن البدل لكونه في حكم تكرير العامل يكون حركة أصلية بخلاف حركة المستثنى فإنها بطريق المشابهة للمفعول ولا شك أن الثابت بطريق الأصالة أولى من الثابت بطريق المشابهة. والرابع : وجود الاختلاف في عامل المستثنى دون البدل ترجح البدل فإن قلت :هذا بدل البعض من الكل فلا بد في مثله من ضمير يعود إلى المبدل منه فأين هاهنا؟ قلت : انقطع الاحتياج إليه هاهنا وإن كان باقيا في غير الاستثناء وذا لأن الاستثناء المتصل قرينة مفيدة لإفادته ؛ لأن فيه دلالة على أن المستثنى بعض المستثنى منه فيحصل الربط من غير ذكره. فإن قلت : ما الفرق بين كونه بدلا وبين كونه مستثنى في المنصوب؟ قلت : النصب في الاستثناء بواسطة إلا وفي البدل من غير واسطة وفيه بحث شريف في بحث البدل (عافية شرح الكافية).

(٤) يعني : أن يكون بدل البعض من أحد تقديره إلا مررت بزيد كما أن تقديره ما فعلوه إلا قليلا إلا فعله قليل ؛ لأن البدل يكون بتكرير عامل المبدل منه في البدل (م).

(٥) يحتمل أن يكون النصب بالبدلية والمختار أو بالاستثناء وهو جائز غير مختار فتأمل (رضا).

(٦) ولما فرغ من بيان كون البدل مختارا أراد أن يبين وجهه وعلته فقال وإنما اه (م ع).

(٧) قال ويعرب على حسب العوامل أي : على قدرها اعترض عليه بأن المراد إما عامل المستثنى أو عامل المستثنى منه فإن أريد الثاني يرد نحو مررت لا بزيد فإنه معرب بعامل لا بعامل ـ


أي : المستثنى (على حسب العوامل) أي : بما يقتضيه العامل (١) ، من الرفع والنصب والجر (إذا كان المستثنى منه غير مذكور) ويختص ذلك المستثنى باسم (٢) المفرّغ (٣) ؛ لأنه فرّغ له العامل عن المستثنى منه.

فالمراد (٤) بالمفرّغ : المفرّغ له ، كما يراد بالمشترك : المشترك فيه.

(وهو) أي : الحال أن المستثنى واقع (في غير) الكلام (الموجب) واشترط ذلك (ليفيد) (٥) فائدة صحيحة مثل : (ما ضربني إلا زيد) ؛ إذ يصح ألا يضرب المتكلم أحد إلا زيد ، بخلاف (ضربني (٦) إلا زيد) ؛ إذ لا يصح أن يضر كلّ أحد المتكلّم إلا زيد (٧).

__________________

ـ المستثنى منه فإن أريد الأول فلا معنى لتقييد الحكم بقوله : (إذا كان المستثنى منه غير مذكور) ؛ إذ المستثنى زيدا يعرب على حسب عامله ويمكن أن يختار المراد بالعامل عامل المستثنى منه ويقال إن لزيد جرا لفظيا ونصبا محليا وعامل جره وهو الباء التي كانت داخلة في المستثنى منه وعامل نصبه وهو مررت بتوسط تلك الباء وهو العامل في النصب المحلي للمستثنى منه (عب).

(١) العامل نسخة فيه إشارة إلى أن اللام في العوامل للجنس واللام إذا دخل على الجمع تضمحل معنى الجمعية ويراد به الجنس (دور).

(٢) الباء داخلة على المقصود على ما هو الشائع في الاستعمال ؛ لأن اسم المفرغ مقصود على هذا الاستثناء وبحث التخصيص مفصل في رسالة السيد العلامة (مصطفى جلبي).

(٣) المفرّغ بالكسر هو المتكلم والمفرغ العامل والمفرغ منه المستثنى منه والمفرغ له المستثنى (رضي).

(٤) قوله : (فالمراد بالمفرغ المفرغ له) بناء عل الحذف والإيصال ؛ لأن المفرغ نفس العامل وأما المفرغ له فهو المستثنى (جلبي).

(٥) قوله : (ليفيد) فائدة المراد بالفائدة الصحيحة وكذا باستقامة ما يقصده عن العرب في كلامهم سواء كان صادقا أو لا أو كان بالمطابقة للواقع كما ، ولا شك أن العرب لا يقصدون ما هو مقصود وأن النحوي يبحث عن أحوال المركب من حيث إفادته ذلك كيف وقد صرح علماء المعاني والبيان أن النحوي يبحث عن المراد وصاحب لامعاني عن الزائد على أصل المراد فلا ما قيل : لا يبحث النحوي عن استقامة المعنى إنما وظيفته بيان الكيفية التركيبية (وجيه الدين).

(٦) تقديره ضربني جميع أفراد الإنسان إلا زيد فيلزم أن يكون مضروبا بجميع الأفراد إلا زيد وهو ممتنع (إيضاح).

(٧) فلا يفيد فائدة صحيحة مطابقة لنفس الأمر وإن كان يفيد فائدة ما في الجملة ؛ إذ يحصل بالخبر الكاذب تصوير غير حاصل أو تصديق غير يقيني (وجيه الدين).


(إلا أن (١) يستقيم المعنى) بأن يكون الحكم مما يصح أن يثبت على سبيل العموم (٢) ، نحو قولك : (كل حيوان يحرّك فكّه الأسفل عند المضغ إلا التمساح) (٣) ، أو يكون هناك قرينة دالة على أن المراد بالمستثنى منه بعض معين يدخل فيه المستثنى قطعا (مثل : قرأت إلا اليوم كذا) أي : أوقعت القراءة كل يوم إلّا يوم كذا ، لظهور (٤) أنه لا يريد المتكلّم جميع أيام الدنيا بل أيام الأسبوع (٥) أو الشهر ، أو مثل ذلك (٦).

ولقائل أن يقول : كما لا يستقيم المعنى على تقدير عموم المستثنى منه في الموجب في بعض الصور ، فربما ألا يستقيم المعنى على تقدير عموم المستثنى فيه في غير الموجب أيضا ، نحو : (مامات إلا زيد) (٧) فينبغي (٨) أن يشترط في غير الموجب أيضا استقامة المعنى.

وأيضا لا يصح مثل : (قرأت إلا يوم كذا) إلا بعد تخصيص اليوم بأيام الأسبوع (٩) مثلا ، فيجوز مثل : هذا التخصيص في (ضربني إلا زيد) بأن يخصص المستثنى منه بكل واحد من جماعة مخصوصين (١٠) ...

__________________

(١) والجملة منصوب بالمحل مفعول فيه للمتعلق المحذوف ليفيد بتقدير المضاف أي : اشترط ما ذكر ليفيد فائدة صحيحة في جميع الأوقات إلا وقت أن يستقيم المعنى فالاستثناء مفرغ في الموجب لصحة المعنى ولله در المصنف حيث وقع قوله : (إلا أن يستقيم المعنى) مثالا لهذا الاستثناء (زيني زاده).

(٢) بأن يوجد في كل فرد ونوع إلا نوع واحد كلاما حالية أو مقالية (ص).

(٣) والحكم بتحريك الفك الأسفل عن المضغ على الحيوان حكم عام ؛ لأنها موجبة كلية مسودة مثل : كل إنسان ناطق وهذا مثال لما يصح أن يثبت فيه على سبيل العموم لا ما نحن فيه ويفهم منه مثال المستثنى المفرغ لصحة ثبوت الحكم على سبيل (م).

(٤) قوله : (لظهور) أنه جواب عن سؤال مقدر وارد على التفسير ؛ لأنه يخالف لما سبق من إرادة المتكلم بالمستثنى منه بعض يعني ؛ لأن بعض المستثنى منه كل لا جزء معين وحاصل الجواب يراد جزء الكلي بقرينة واقع الحال فتأمل (حاجي بابا).

(٥) والقرينة السؤال عن القراءة في جميع أيام الأسبوع ونحوها.

(٦) خمسة عشر يوما أو خمسة أيام أو أكثر من الشهر (ص).

(٧) إذ يصح أن يقال : ما مات أحد أو ما مات كل أحد إلا زيد وهو ظاهر (ص).

(٨) جواب لشرط محذوفا أي : إذا كان الحال والشأن كذلك (م ع).

(٩) يعني مثل أن يقال قرأت كل يوم من أيام الأسبوع إلا يوم كذا (م).

(١٠) يعني يكون المستثنى منه عاما لكل واحد من جماعة واحد فقط ويستثنى منه زيد الداخل في تلك الجماعة (ت ق).


إذا كان هناك قرينة ، فلا فرق بين هاتين الصورتين (١) في كون كل واحدة منهما جائزة مع القرينة ، وغير جائزة بدونها (٢).

وأجيب (٣) : بأن المعتبر هو الغالب ، والغالب في الإيجاب عدم استقامة المعنى على العموم (٤) وفي النفي عكسه ؛ لأن اشتراك جميع أفراد الجنس (٥) في انتفاء تعلق الفعل بها(٦) ، ومخالفة واحد إياها في ذلك مما يكثر ويغلب.

وأما اشتراكها في تعلق الفعل بها ، ومخالفة أحد إياها في ذلك فما يقل كمما في المثال المذكور وبأن (٧) الفرق بين قولك : (قرأت إلا يوم كذا) و (ضربني إلا زيدا) ليس إلا بظهور قرينة (٨) دالة على بعض معين من المستثنى منه مقطوع دخوله فيه في الأول ، وعدم ظهورها في الثاني.

فلو قام في الثاني أيضا قرينة ظاهرة (٩) الدلالة على بعض معين كما إذا قيل (١٠) : (من ضربك من القوم) أي : القوم الداخل فيهم زيد ، فقلت : (ضربني إلا زيد) فالظاهر أن ذلك أيضا مما يستقيم فيه المعنى ، لكن الغالب عدم وجدان قرينه كذلك في الموجب فالغالب (١١) ...

__________________

(١) أي : بين قوله : (ضربني إلا زيد) حيث لا يجوز وبين قوله : (قرأت إلا يوم كذا فيجوز (م ع).

(٢) أي : بدون القرينة الدالة على الجواز أيضا لما عرفت أنه إذا وجدت قرينة تدل على أن المستثنى منه بعض معين يدخل فيه المستثنى قلما جائز سواء كان الكلام موجبا أو غير موجب (توقادي).

(٣) عن السؤال الأول الواقع بين الموجب وغير الموجب في عدم الاستقامة عند النحاة.

(٤) أي : على كون المستثنى منه عاما ؛ لأن الإيجاب لا يقبل العموم ما لم تكن قرينة ولا يقتضي التكرار ولا استوعب الأزمان (م ح).

(٥) أي : جنس الأسفل كالإنسان ؛ لأن الأجناس عند المناطقة أربعة : الجنس الأسفل كالإنسان والجنس الوسط كالحيوان والجنس الأوسط كالجسم والجنس الأعلى كالجوهر (رضا).

(٦) لأن كون جميع الأفراد الإنسان مشتركة في تعلق الفعل بها نفيا (...).

(٧) عطف على قوله : (بأن المعتبر) وجواب للاعتراض الثاني بقوله : (أيضا) (رضا).

(٨) وهي ظهور أنه لا يريد المتكلم جميع أيام الدهر (حاشية).

(٩) صفة القرينة والإضافة لفظية مثل مررت برجل حسن الوجه.

(١٠) كما قيل : للشاكي حيث يقول أي : مظلوم ومضروب.

(١١) قوله : (فالغالب فيه اه) حاصل الجواب من السؤالين هو الحكم بالغالب في عدم استقامة في جانب أصل الإيجاب وفي الغالب في الاستقامة في جانب النفي ولم يعتبر هذا فلا فرق بينهما كما لا يخفى (حاشية).


فيه عدم استقامة المعنى (١).

(ومن ثمة) (٢) أي : ومن أجل (٣) أن المفرغ لا يكون في الموجب إلا أن يستقيم المعنى (٤) (لم يجز) (٥) مثل : (ما زال زيد إلا عالما) ؛ إذ معنى ما زال (٦) ثبت ؛ لأن نفي النفي (٧) إثبات ، فيكون المعنى : ثبت زيد دائما على جميع الصفات (٨) إلا على صفة العلم(٩) فلا يستقيم (١٠).

وقال الشارح الرضي : (يمكن أن يحمل الصفات) على ما يمكن أن يكون زيد عليها مما لا يتناقض ، ويستثنى من جملتها العلم ، أو يحمل ذلك على المبالغة (١١) في نفي صفة العلم ، كأنك قلت (١٢) : أمكن أن يحصل فيه جميع الصفات إلا صفة العلم.

__________________

(١) على تقدير عموم المستثنى منه والغالب في الغير الموجب استقامة المعنى على تقدير عموم المستثنى منه ولذا اشترط في الموجب استقامة المعنى على تقديره دون غير الموجب عملا بما هو الأصل وهو الاستقامة وعدمها غالبا (م).

(٢) ولما بين أن استقامة المعنى في الموجب شرط ؛ لأن يكون المستثنى معربا على حسب العوامل دن غير الموجب أراد أن يوضح هذا الشرط فقال اه (م).

(٣) أشار إلى أن من بمعنى من الأجلية والقاعدة إذا دخل من على ثمة يكون بمعنى لام التعليل (رضا).

(٤) إذا استقام المعنى فيوجد المفرغ له في الموجب أو لم يستقم فلا يوجد (رضا).

(٥) توسيط إلا بين أسماء الأفعال الناقصة التي هي مصدر بحرف النفي وبين غيرها مع بناء العمل فيهما رفعا ونصبا (م).

(٦) قوله : (إذ معنى ما زال) الأظهر أن يقال ثبت دائما لكن الدليل لا يفيد إلا أن يقال إن نفي النفي يفيد دوام الإثبات وفي إفادته بحث (لاري).

(٧) قوله : (لأن نفي النفي إثبات) أي : مستلزم للإثبات فإنه عينه فإن تصور نفي النفي يتوقف على تصور النفي وتصور الإثبات لا يتوقف عليه فهو ليس عنه (عب).

(٨) سواء متناقضات كالبياض والسواد أو لا كالعلم والشجاعة (رضا).

(٩) وإنما كان هذا المعنى هكذا ؛ لأن النفي إذا دخل على النفي أفاد الإيجاب الدائم فيلزم ثبوت دوامه (وجيه الدين).

(١٠) لأن من جملة الصفات ما يتناقض كالقيام والقعود والنوم واليقظة فلا يجتمعان (وجيه الدين).

(١١) أي : مبالغة فوق أن يقال أمكن في زيد أن يجتمع جميع الصفات المتقابلة والمضادة بعضها لبعض إلا صفة العلم فإنها لم توجد فيه (م).

(١٢) الخطاب متروك من أن يكون لمعين بل صرف لكل من يخاطب كقوله تعالى : (وَلَوْ تَرى ؛ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ)[الأنعام : ٢٧] الآية (ص).


وعلى التقديرين يندرج في صورة الاستقامة ، ولا يخفى (١) على المتفطن أنه يمكن بمثل هذه التأويلات (٢) (إرجاع جميع المواد الإيجابية عند الاستثناء إلى صورة الاستقامة كما يقال مثلا في قولك : (ضربني إلا زيد) المراد : كل من يتصور منه الضرب من معارفك ، أو المقصود منه المبالغة في غلو المجتمعين (٣) على ضربك.

(وإذا تعذر البدل) من حيث حمله (٤) (على اللفظ) أي : على لفظ المستثنى منه (فعلى (٥) الموضع) أي : يحمل على موضع المستثنى منه لا على لفظه عملا بالمختار على قدر الإمكان مثل : (ما جاءني (٦) من أحد إلا زيد) فزيد بدل مرفوع محمول على موضع) (أحد) لا مجرور محمول على لفظة.

(و) مثل : (لا (٧) أحد (٨) ...

__________________

(١) وهذا جواب من طرف المصنف كأنه قيل : يلزم أن يكون على كثير النسخ استثناء الشيء عن نفسه وهو غير جائز فأجاب بقوله : (لا يخفى) (حاشية).

(٢) المراد من التأويلات ما فوق الواحد ليشمل التثنية وما أورده الرضي لا ينحصر في نقله بل يجوز أن يتأول بتأويلات أخر (رضا).

(٣) وعلى هذا يكون معناه أنه ضربني جميع الناس غير زيد فيكون في كثرة المجتمعين على ضربه مبالغته (لمحرره).

(٤) أي : حمل البدل الذي هو المستثنى على لفظ المستثنى منه أي : على الإعراب الملفوظ أو المقدر فيحمل على الموضع أي : على محله وتقدير الحمل ليصح العبارة (مصطفى جلبي).

(٥) الفاء جوابية وعلى الموضع متعلق بيحمل المقدر والجملة الفعلية جواب إذا والشرط مع الجواب لا محل لها استئناف أو اعتراض أو عطف (خلاصة معرب).

(٦) قوله : (ما جاءني من أحد إلا زيد) ولا أحد فيها إلا عمرو وما زيد شيء إلا شيء لا يعبأ به فإنه يجوز فيها نصب زيد على الاستثناء ورفعه من موضع أحد ولا أحد شيء فمحلها الرفع على الأول ؛ لأن الأول في موضع الفاعل والثاني في موضع المبتدأ والثالث في موضع الخبر نظرا إلى الأصل (غجدواني).

ـ قال ما جاءني من أحد لو مثل بالباء المزيدة لتأكيد غير الموجب نحو ليس زيد بشيء وهل زيد بشيء استيفاء للصور الأربعة الذي تعذر فيها حمل البدل على اللفظ لكان أولى (عب).

(٧) والثاني ما إذا كان المبدل منه فيه مبنيا لفظا ومنصوبا محلا بأن يلي لا التبرئة نكرة مفردة أو مضافا أو مشابها به (م).

(٨) فإن الأحد في هذا المثال ثلاثة أحوال حال لفظه وهو البناء على الفتح ومحله القريب وهو ـ


فيها) أي : في الدار (إلا عمرو) فعمرو (١) مرفوع محمول على محل (أحد) لا على لفظه، (و) مثل : (ما زيد شيئا إلا شيء لا يعبأ به) أي : لا يعتد به.

ف : (شيء) مرفوع محمول على محل (شيئا) لا منصوب محمول على لفظه.

وقوله : (لا يعبأ به) ليس في كثير من النسخ ، وعلى ما وقع في بعضها ، فهو صفة لشيء المستثنى.

قيل : إنما (٢) وصفه به ، لئلا يلزم استثناء الشيء من نفسه (٣) ، ولا يخفى (٤) أنه لو جعل المستثنى منه شيئا أعم من أن يزيد عليه صفة غير الشيئية أو لا ، وخص المستثنى بما لا يزيد عليه صفة غير الشيئية لكان أدق (٥) وألطف وإنما (٦) تعذر البدل على اللفظ

__________________

ـ نصبه على أن يكون اسم لا ومحله البعيد وهو الرفع بالابتداء والمراد بالمحل هاهنا هو هذا المحل الثالث ؛ لأن لفظه ومحله القريب في التعدد (ح).

(١) قوله : (فعمرو) محمول يجوز أن يكون بدلا من الضمير المستكن في فيها ويجوز نصبه على الاستثناء لكنه ضعيف ؛ إذ يتوهم أنه يدل محمول على لفظ وأضعف منه في النصب نصب لا إله إلا الله ؛ لأن العامل فيه وهو خبر محذوف أما ما قيل : قبل الاستثناء أو بعده وكذا في لا فتى إلا علي (عب).

(٢) لو لم يوصف به لصح أيضا لجواز أن يراد بالتنوين التحقير (لاري).

(٣) استثناء نفس الشيء بحيث لم يبق بعد الثنيا شيء في محله وهو غير جائز ؛ لأن المقصود من الاستثناء أن يبقى بعد الثنيا شيء في محله قل أو كثر ساوى (م).

(٤) قوله : (ولا يخفى) سؤال وارد على قوله : (لئلا يلزم) استثناء الشيء عن نفسه بأنه لا يلزم استثناء الشيء عن نفسه على تقدير عدم الوصف فيصح هذا المثال بلا احتياج إلى الوصف (إيضاح).

ـ قوله : (ولا يخفى اه) قال السيد السند إذا حمل قولنا ما زيد إلا عالم على المبالغة كان معناه أن جميع الصفات منفية عنه إلا صفة العلم ويلزم من ذلك أن يحمل سائر صفاته الموجودة له في حكم العدم نظرا إلى كمال العلم وقصور تلك الصفات فيه وهذا معنى بعيد من الطباع السليمة وإذا حمل قولنا ما زال زيد إلا عالما على المبالغة كان معناه ما دام زيد على جميع الصفات إلا على صفة العلم ويلزم منه أن تجعل الصفات المعدومة عنه في حكم الموجودة له نظرا إلى أن ثبوت تلك الصفات قرب من ثبوت صفة العلم له وفيه مسامحة هذا كلامه قدس‌سره (حافظ داشكندي).

(٥) وجه الأحقية هو أن يكون المعنى على الخفاء لا يطلعه إلا ذو الألباب وجه الألطفية هو كون العموم في جانب المستثنى منه وهو المناسب للاستثناء في الأصل وكون الكلام محتقرا والله أعلم (لمحرره).

(٦) ولما فرغ من تعداد الصور التي يتعذر البدل فيها أراد أن يبين علتها فقال وإنما تعذر اه (ص).


في الصورة الأولى (لأن من) الاستغراقية (١) (لا تزاد) اتفاقا.

(بعد الإثبات) أي : بعد ما صار (٢) الكلام مثبتا ؛ لانتقاض النفي ب : (إلا) لأنها لتأكيد النفي ، ولا نفي بعد الانتقاض ، فلو أبدل على اللفظ ، وقيل : ما جاءني من أحد إلّا زيد ، بالجر لكان في قوة قولنا : جاءني من زيد ، فلزم زيادة (من) في الإثبات(٣)،وذلك غير جائز.

وفي الصورتين (٤) الأخيرتين ؛ لأنه لو أبدل المستثنى على اللفظ ، وقيل (لا أحد فيها إلا عمرا) ، بالنصب (٥) ؛ لأن فتحته شبيه بالحركة الأعرابية ؛ لأنها حصلت بكلمة (لا).

فهي كالنصب الحاصل بالعامل ـ فلا بد حينئذ من تقدير (لا) حقيقة (٦) أو حكما (٧) لتعمل فيه هذا العمل ، وكذا في قوله : ما زيد شيئا إلا شيء ، لو حمل المستثنى على لفظ المستثنى منه لا بد حينئذ من تقدير (ما) كذلك ، لتعمل فيه (٨).

(وما (٩) ولا تقدران) حقيقة (١٠) إذا لم يكن البدل إلا بتكرير العامل ولا حكما ،

__________________

(١) قيد من بالاستغراقية ليكون المثال مما لا تزاد من فيه اتفاقا ؛ لأن من تزاد في الإثبات عند الأخفش والكوفيين أيضا (جلبي).

(٢) وفائدة التفسير أن الألف في الإثبات للصيرورة ؛ لأن همزة افعل يجيء لمعان (رضا).

(٣) كون من زائدة في الإثبات غير جائز لفساد المعنى فإن معنى قولنا جاءني من زيد جاء بعض زيد وهو غير جائز ؛ لأن بعض الشخص الواحد لا يمكن أن يكون جائيا.

(٤) وإنما تعذر البدل حملا على لفظ المبدل منه في الصورتين.

(٥) كأنه قيل : إن حركة أحد بنائية ولو أبدل المستثنى على اللفظ بكونه منصوبا فأجاب بقوله : (لأن فتحته) (لمحرره).

(٦) هذا إشارة إلى مذهب من شرط تكرار العامل في البدل.

(٧) إشارة إلى مذهب من اكتفى بدخول العامل على المبدل منه.

(٨) أي : في مستثنى المحمول على لفظ المستثنى منه.

(٩) عطف على جملة لا تزاد عطف شيئين بحرف واحد على معمولي عامل واحد وهو جائز بالاتفاق (زيني زاده).

(١٠) واعلم أن بعض النحاة ذهب إلى أن العامل في المعطوف والبدل مقدر لكون كل منهما مستقلا كأنه غير تابع وبعضهم ذهب إلى أن البدل والمعطوف كسائر التوابع في الاكتفاء بعامل المتبوع وسراية حكمه إلى التابع أشار إلى مذهب الأول بقوله : (لا حقيقة) (لمحرره).


إذا اكتفى بدخوله على المبدل منه ، واعتبر سراية حكمه إليه ، فإنه في قوة التقدير حال كونها (عاملتين) في المستثنى المحمول على البدل (بعده) أي : بعد الإثبات ، يعني : بعد ما صار الكلام مثبتا ؛ لانتقاض النفي بإلا (١) (لأنهما) أي : (ما ، ولا) (عملتا للنفي(٢) وقد انتقض النفي بإلا) (٣).

وحيث تعذر في هاتين الصورتين (٤) البدل على اللفظ حمل على المحل ف : (عمرو)(٥) مرفوع على أنه محمول على محل (أحد) وهو الرفع بالإبتداء (وشيء) مرفوع على أنه محمول : على محل (شيئا) وهو الرفع بالخبرية.

فإن قلت : ل : (أجحد) في هذا المثال محلان من الاعراب ، محل قريب ، هو نصبه بكلمة (لا) ، ومحل بعيد ، وهو رفعه بالابتداء ، فلم اعتبروا حملة على محلة البعيد ، لا القريب؟

قلت (٦) : لأن محله القريب إنما هو لعمل (لا) فيه بمعنى النفي ، وقد انتقض (٧)

__________________

(١) لأن الكلمة ربما يكون عاملة مع زوال معناها إذا لم يكن ذلك المعنى موجبا لعملها وهاهنا ليس كذلك (م).

(٢) أي : لأجل النفي فكان النفي سببا للعمل حتى لو لم يكن فيهما نفي لم تعملا ؛ لأنه مدار حملهما على ليس وإن (م).

ـ يعني أن علة حملهما على ليس وإن أو جزء العلة وعل التقديرين بانتفائه تنتفي العلة (لاري).

(٣) لأنها إذا وقعت بعد النفي توجب إثبات ما بعدها فانتفى السبب والعلة وانتفاؤهما يوجب انتفاء الحكم وهو العمل وانتفى مدار الحمل (هندي مع حواشيه).

(٤) يعني : لا أحد فيها إلا عمرو وفي ما زيد شيئا إلا شيء (عب).

(٥) قوله : (فعمرو على أنه اه) النواسخ إذا دخلت على المبتدأ والخبر غيرتهما لكن يبقى تقدير محلهما إذا كان العامل حرفا لضعفه ثم إذا كان العامل حرفا لا يغير معنى جاز اعتبار ذلك المقدر بلا ضرورة نحو إن زيدا قائم وعمرو وإن غير المعنى فلا يعتبر ذلك المقدر إلا إذا أخطر إليه كما نحن فيه (عب).

(٦) هذا أي : اعتبار محله القريب كاعتبار لفظه غير جائز (م).

(٧) فإذا اعتبر محله القريب وجعل بدلا منه يلزم إن تعذر لا فيه حقيقة أو حكما كما لزم إذا حمل على لفظه وهي لا تقدر عامله بعد الانتقاض فلفظه ومحله القريب سواء في تعذر البدل ولهذا لم يعتبروه كما لم يعتبروا لفظه فوجب أن يعتبر محله البعيد (م).


ب : (إلا) بخلاف محله البعيد فإنه لا دخل لعمل لا فيه (بخلاف (١) ليس زيد شيئا إلا شيئا) مع أنه انتقض النفي فيه أيضا ب : (إلا) (لأنها) أي : ليس (عملت للفعلية) لا للنفي (فلا أثر لنقض (٢) معنى النفي) في عملها (لبقاء الأمر العاملة) هي (٣) أي : ليس (لأجله) أي لأجل ذلك الأمر وهو الفعلية (٤) (ومن ثمة) (٥) أي : ومن أجل أن عمل (ليس) للفعلية لا للنفي وعمل (ما ، ولا) بالعكس.

(جاز (٦) ليس زيد (٧) إلا قائما) بأعمال (ليس) في (قائما) وإن انتقض نفيها ب : (إلّا) لبقاء فعليتها.

وامتنع (ما زيد (٨) إلا قائما) (٩) بأعمال (ما) في (قائما) لأن عملها فيه إنما هو

__________________

(١) متعلق بالتمثيل وهو قوله : (ما زيد شيئا إلا شيء تقديره) ما زيد شيئا إلا شيء حال كونه ملابسا بخلاف ما إذا كان المستثنى بدلا من خبر ليس أو الظرف مرفوع المحل خبر مبتدأ محذوف أي : هذا كائن بخلاف اه (حاشية عصام).

(٢) والمصدر مضاف إلى مفعوله وفاعله متروك والمعنى لنقض إلا معنى النفي (رضا).

(٣) ضمير المتصل فاعل العاملة راجع إلى كلمة ليس وإنما انفصل فاعل العاملة مع أن الأصل في الضمير الاتصال لكونها صفة جرت على غير من هي له (زيني زاده).

(٤) قوله : (وهو الفعلية) وذلك) ؛ لأن معنى ليس في الأصل ما كان بدليل لحوق علامات الأفعال عليه نحو ليست وليست ثم سلب الدلالة على الزمان الماضي فحكمها حكم ما كان وإن لم يبق فيه معنى الكون وهو قد انتفى نفيه ويبقى عمله نحو ما كان زيد إلا قائما لبقاء معنى الكون بعد إلا (لاري).

(٥) أشير به إلى مكان التنزيلي وإن كان معناه الأصلي الإشارة إلى المكان الحقيقي (م ع).

(٦) توسط إلا بين اسم ليس وخبره مع العمل فيهما ولو كلن عملها للنفي لا للفعلية لما جاز توسطها بينهما لانتقاض النفي بإلا (توقادي).

(٧) ثم استشكل قول المصنف بقولهم : (ليس الطيب إلا المسك) بالرفع وأجيب عنه بأن ما قاله المصنف مبني على لغة أهل الحجاز أو لقول المذكور على لغة بني تميم على إهمال ليس وجعلها حرفا (زاده).

(٨) ثم إن امتناع هذا المثال عند الجمهور خلافا ليونس حيث جوزه استدلالا بقول الشاعر

وما الدهر إلا منجنونا بأهله

وما طالب الحاجات إلا معذبا

 ـ وأجيب عنه بأن المضاف محذوف من الأول أي : دوران منجنونا وكذا معذبا مصدر (شيخ الرضي).

(٩) حيث لا يجوز إلا قائما لانتقاض عمل ما بانتقاض النفي الموجب المشبه ب : ليس (هندي).


للنفي وقد انتقض ب : (إلا) (و) (١) المستثنى (مخفوض) أي : مجرور (بعد غير وسوى) بكسر السين أو ضمها مع القصر (وسواء) بفتح السين وكسرها مع المد ، لكونه مضافا إليه.

(وبعد حاشا في الأكثر) لكونها حرف (٢) جر في أكثر استعمالاتهم.

وأجاز بعضهم (٣) النصب بها على أنها فعل متعد فاعله مضمر (٤) ، ومعناها تبرئة المستثنى عما نسب إلى المستثنى منه ، نحو : (ضرب القوم عمرا حاشا زيدا) أي : برأه الله عن ضرب عمرو.

(وإعراب (غير) فيه) أي : في الاستثناء ، دون الصفة ؛ إذ هو حينئذ يعرب بإعراب موصوفه (كإعراب المستثنى بإلا على التفضيل) المذكور فيما سبق (٥) فكأنه (٦) لما أنجز به المستثنى للإضافة انتقل إعرابه إليه.

__________________

(١) ولما فرغ من بيان أنواع المستثنى من كونه واجب ومن جائز النصب عليه والمبدل هو المختار ومن كونه معمولا على حسب العوامل شرع في كون المستثنى مجرورا فقال : ومحفوض اه (لمحرره رضا).

(٢) والدليل على حرفية جواز حاشا إذا لو كان فعلا لما جاز اتصال ياء المتكلم بدون نون الوقاية (عوض).

(٣) واستدل ذلك البعض بمجيء النصب بعده في : اللهم اغفر لي ولمن سمع حاشا الشيطان ولجواز التصرف فيه كما في قول النابغة :

ولا أرى فاعلا في الناس شبيهة

ولا أحاشي من القوم من أحد

 ـ وأجيب عنه بأن التصرف لا يدل على فعلية لجواز كون ما يتصرف فعلا مشتقا من حاشا حرفا كما اشتق سوّفت من سوف (عوض أفندي).

(٤) في مرجع الضمير إشكال ؛ إذ لا يعلم إلى أي : شيء يرجع ولذا ذهب الأكثر إلى أنه حرف جر وذهب الفراء إلى أنه فعل لا فاعل له اللهم إلا أن يرجع إلى المنفصل في الذهن وهو الله تعالى كما في : نعم رجلا زيد ، ولهذا قال الشارح برأه الله تعالى ثابت كما في كل واحد إلا أنهم لم يذكروه في باب نعم وضمير الشأن (وجيه الدين).

(٥) من وجوب النصب في الموجب وعند التقديم وكذا في المنقطع ومن جواز النصب ومختار البدلية في غير الموجب والإعراب على حسب العوامل في المفرغ (عوض أفندي).

(٦) إنما قال كأنه لما أنه يعرب ما بعد غير على التفصيل السابق حقيقة وإنما صلاحية أن يكون كذلك لكونه مستثنى فكأنه أعرب وانتقل إعرابه إلى غير بطريق العارية (وجيه).


(وغير) (١) أي : كلمة (غير) في الأصل (صفة) لدلالتها على ذات ، مبهمة ، باعتبار قيام معنى المغايرة بها (٢) ، فالأصل فيها أن تقع صفة ، كما تقول : (جاءني رجل غير زيد) واستعمالها على هذا الوجه كثير في كلام العرب لكنها (حملت (٣) على إلا) واستعملت مثلها (في الاستثناء) على خلاف الأصل وذلك لاشتراك (٤) كل منهما في مغايرة ما بعده لما قبله (٥) (كما حملت (إلا) عليها) أي : على كلمة (غير) في (الصفة)(٦) لكن لا تحمل (إلا) عليها الصفة غالبا إلا (إذا كانت) أي : (إلا) تابعة لجمع) (٧) أي : واقعة (٨) بعد متعدد ، فوجب أن يكون موصوفها مذكورا لا مقدرا ، كما(٩) قد يكون مقدرا في (غير) مثل : (جاءني غير زيد) وبعد ما كان مذكورا يكون

__________________

(١) مبتدأ مرفوع بغير تنوين لكونه غير منصرف بتأويله بالكلمة ووجود العلمية لكونه علما للفظه ويجوز كونه مرفوعا بالتنوين على الصرف بتأويله باللفظ (م ع).

(٢) أي : لكون الغير بمعنى المغايرة بمعنى مغايرة مجرورها الموصوف إما بالذات نحو : مررت برجل غير زيد وإما بغيره نحو : دخلت بوجه غير الوجه الذي خرجت به (توقادي).

(٣) والجملة خبر بعد الخبر للمبتدأ ويحتمل كونها صفة الصفة واستئناف كأنه قيل : ما قالها وأجيب بأنها حملت (م ع).

ـ قوله : (حملت على إلا اه) كما حملت إلا عليها في الصفة ومعنى حمل غير على إلا في الاستثناء أنه صار ما بعد غير مغاير لما قبلها نفيا وإثباتا ولا يعتبر مغايرته ذاتا وصفة كما كانت في الأصل وحمل إلا عليها في الصفة أنه صار ما بعد إلا مغايرا لما قبلها ذاتا وصفة كما بعد غير ولا يعتبر مغايرته له نفيا وإثباتا كما كانت في أصلها (وجيه الدين).

(٤) قوله : (لاشتراك كل منهما اه) يعني أنه استعير غير بمعنى إلا لاشتراك كل منهما في معنى المغايرة فإن غيرا يدل على مغايرة مجرورها لموصوفها ذاتا وصفة وإلا تدل على مغايرة ما بعدها لما قبلها في الحكم فجاز استعمال كل منهما في معنى الآخر بعلاقة المشابهة (عب).

(٥) يعني : لأن ما بعد إلا مغاير لما قبله وما بعد غير أيضا مغاير لما قبله فاشتركا في هذا الحكم فاستعير كل واحد منهما مكان الآخر (م).

(٦) متعلق ومفعوله فيه لحملت أو ظرف مستقر حال أو صفة لقوله : (إلا أو تمييز (هندي).

(٧) ولو كانت تابعة لمفرد منفي لم يتعدد الاستثناء ؛ لأن النكرة في موضع النفي للعموم نحو : ما جاءني من أحد إلا زيد (رضى).

(٨) أراد بهذا التفسير أن المراد بالجمع المتعدد سواء كان جمعا كالرجال أو لا كالقوم والرهط (وجيه الدين).

(٩) يعني يوافق استعمالها في الصفة استعمالها في الاستثناء (م).

ـ قوله : (مذكورا) إنما اشترط ذلك ليكون أظهر في كونها صفة (لاري).


متعددا ، ليوافق حالها أداة الاستثناء ؛ إذ لا بد لها في الاستثناء من مستثنى منه متعدد (١) فلا تقول في الصفة :

(جاءني رجل إلا زيد) ، والمتعدد أعم من أن يكون جمعا لفظا كرجل ، أو تقديرا ، ك : (قوم ورهط) (٢) ، وأن يكون مثنى ، فدخل فيه نحو : (ما جاءني رجلان إلا زيد) (٣) (منكور) (٤) أي : منكر لا يعرف (٥) باللام ، حيث يراد به العهد أو الاستغراق ، فبعلم التناول قطعا على تقدير الاستغراق ، وعلى تقدير أن يشار به إلى جماعة يكون (زيد) منهم فلا يتعذر الاستثناء المتصل ، أو عدم التناول قطعا على تقدير أن يشار به إلى جماعة لم يكن (زيد) منهم فلا يتعذر المنقطع.

(غير محصور) (٦) والمحصور : نوعان ، إما الجنس المستغرق ، نحو : (ما جاءني رجل(٧) أو رجال وأما بعض منه معلوم العدد ، نحو : (له عليّ عشرة (٨) دراهم أو

__________________

(١) أي : موصوف غير يكون مذكورا غالبا وقد يكون (م).

ـ بخلاف الصفة فإنه لا يشترط فيه التعدد بل التوافق فلا ينتقض نحو قولنا : جاءني رجل إلا زيد بالرفع فإنه يصح ويتعذر الاستثناء مع كونه تابعا لمفرد (وجيه الدين).

(٢) يقال : رهط الرجل قومه وقبيلته وما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة والفرق بين الرهط والنفر أنه من الثلاثة أو السبعة إلى العشرة والنفر من الثلاثة إلى التسعة (فاضل أمير).

(٣) قال الشيخ الرضي لا يجوز هاهنا الاستثناء المتصل ؛ لأن المحكوم عليه اثنان من هذا الجنس وليس زيد اثنين منه (عب) فيضطر في حمل إلا على الاستثناء فيصار إلى حملها غير (س خ).

(٤) إنما قال منكور ؛ لأنها لو كانت تابعة لجمع معرف لم يتعذر الاستثناء نحو : جاءني الرجال إلا زيد إلا أنه حينئذ للاستغراق والعموم (حواشي هندي).

(٥) قوله : (لا يعرف باللام) هذا بطريق التمثيل وإلا فالاحتراز به من مطلق الجموع المعرف سواء كانت مضافة نحو : جاءني إخوة زيد إلا عمرا واسم إشارة نحو : جاءني هؤلاء إلا زيدا واسما موصولة نحو : جاءني الذين لقيتهم إلا زيدا فإن المستثنى في المستثنى منه الجماعة المعهودة إذا كان داخلا فالاستثناء متصل وإلا فمنقطع فلا يتعذر الاستثناء (وجيه الدين).

(٦) صفة بعد صفة لجمع أو حال من ضمير منكور أو مفعول لأعني المقدر أي : غير معلوم دخوله وعدم دخوله واحترز به عن العدد نحو لفلان علي مائة إلا واحدا (هندي).

(٧) والرجل جمع منكور محصور ؛ لأنها وقعت في سياق على جميع أفراد الشيء له الرجلية بلا نقصان وكذا رجال فيكون محصورا (لمحرره).

(٨) وعشرة جمع منكور محصور ؛ لأنها لا يطلق على ما فوقها وعلى ما دونها وقس عليه عشرون (م).


عشرون) وانما اشترط أن يكون غير محصور ؛ لأنه إن كان محصورا على أحد الوجهين وجب دخول ما بعد (إلا) فيه ، فلا يتعذر الاستثناء ، نحو : (كلّ رجل إلا زيد جاءني) و (له عليّ عشرة إلا درهما).

وإنما يصار عند وجود هذه الشرائط (١) إلى حمل (إلا) على غير ، (لتعذر (٢) الاستثناء) عند وجودها ، فيضطر إلى حملها على (غير).

وإنما قلنا (٣) في صدر هذا الكلام : إن (إلا) لا تحمل على الصفة غالبا فقيدناه بقولنا : (غالبا) (٤) لأنه قد يتعذر الاستثناء في المحصور نحو : (جاءني مئة رجل إلا زيد) وقد لا يتعذر في غير المحصور نحو : (ما جاءني رجال إلا واحدا ، أو إلا رجلا أو إلا حمارا) ولكن (٥) لما كان ذلك نادرا لم يلتفت المصنف إليه في بيان هذه القاعدة نحو :

__________________

(١) الثلاثة أن تكون إلا تابعا لجمع وأن يكون الجمع منكرا غير معرف باللام وأن يكون أيضا غير محصور بأحد الوجهين (م).

(٢) متعلق بقوله : (كما حملت) وعلة له إذا كان اللام للتعليل وإذا كان اللام ظرفية بمعنى تعذر يكون قوله : (لتعذر) بدلا عن إذا في إذا كانت فيكون الكلام صريحا في أن المدار هو التعذر (زيني زاده).

ـ فإن قلت : لم لم يشترطوا في حمل غير على إلا تعذر الوصفية واشترطوا في حمل إلا على غير تعذر الاستثناء؟ قلت : لأن في الثاني مخالفة القياس ؛ لأن استعمال الحرف صفة على خلاف القياس لكونه استعمال حرف بمعنى الاسم بخلاف الأول ؛ لأن استعمال الاسم للاستثناء ليس ببعيد عن القياس لوجود مثله ك : سوى وسواء فالوجه في احتياج الثاني إلى الاشتراط لكونه خروجا عن القياس دون الأول ظاهر (عافية شرح الكافية).

(٣) قوله : (وإنما قلنا) هذه الزيادة لدفع شبهة وهي أن مناط حمل إلا على الصفة تعذر الاستثناء وما ذكره من الضابطة لا يوجب التعذر وانتفائه لا يوجب عدم التعذر فلا يكون الضابط مطردا ولا منعكسا فوجب أن يقال لجمع غير معلوم تناوله المستثنى وعدمه وقد يتكلف بأن المراد بغير المحصور غير معلوم لئلا يلزم بينهما تخالف التلازم بينهما غالبا (عب).

(٤) فيكون قوله : (غالبا) في صدر هذا الكلام لدفع شبهة وهي أن يقال إن مرجع حمل إلا على الصفة لتعذر الاستثناء وقول المصنف إذا كانت تابعة لجمع منكور غير محصور لا يستلزم تعذر الاستثناء لعدم تعذره جاءني رجال إلا واحدا ورجلا ولا يستلزم انتفاء صحة الاستثناء في جاءني مائة رجل إلا زيد فلا يكون هذه القاعدة كليا لخروج نحو مائة رجل إلا زيد ولا مانعا لدخول نحو رجال إلا واحد وإلا رجلا وإلا حمارا (لمحرره رضا).

(٥) جواب سؤال مقدر وهو أن المصنف لم لم يقيد بقوله : (غالبا) وأجاب بما نرى (رضا).


(لو كان فيهما) ، أي : في السماء والأرض (آلهة) جمع إله ، ولا دلالة فيها على عدد محصور (إلا الله) (١) أي : غير الله (لفسدتا) (٢) أي : لخرجتا عن الانتظام.

ف : (إلا) (٣) في الآية صفة ؛ لأنها تابعة لجمع منكور غير محصور هي (آلهة).

ويتعذر الاستثناء ، لعدم (٤) دخول (الله) في (آلهة) بيقين فلم يتحقق شرط (٥) صحة الاستثناء.

__________________

(١) لأن النادر في حكم المعدوم فلا ينتقض به القاعدة.

ـ وإلا بمعنى غير مبني على السكون لا محل له لكونه حرفا عند الجمهور كلا إذا كان بمعنى غير ؛ لأن مناط الاسمية والفعلية والحرفية المعنى الموضوع لا المعنى المجازي (عصام).

ـ وفي حاشية القاضي خلافا لبعضهم فإنه يقول إن الاسم أجري إعرابه فيما بعده كما قيل : في لا نحو قولك : زيد لا قائم ولا قاعد بمعنى وجعل إعرابه فيما بعدها بطريق العارية على ما صرح به السخاوي واختار البركوي في الامتحان (رضا).

(٢) وفي تعيينه الآية للمثال المطلوب إشارة إلى رد قول من قال إن قيد غير محصور للاحتراز عن جمع القلة ؛ لأن آلهة ومنه ؛ لأنها بوزن أفعلة وإلا هاهنا بمعنى غير لكونها تابعة لجمع منكور غير محصور وهو الآلهة ولو لا حملت إلا هاهنا على الاستثناء يلزم الفساد في الآية من حيث المعنى لأن المعنى حينئذ يصير لو كان فيهما آلهة مستثنى عنها الله لزم فسادهما والتوحيد الذي هو المطلوب من الآية لا يحصل على ذلك التقدير ؛ لأنه لا يجوز أن يكون فيهما آلهة ولم يستثنى عنهم الله ولم يلزم الفساد والأمر ليس كذلك ؛ لأن المراد من الآية هو الرد على المشركين القائلين بأن مع الله إلها آخر سواء كان الله مستثنى عنهم أو لا. فإن قلت : هذا الفساد بعينه لازم على تقدير الوصفية أيضا ؛ لأن معناها حينئذ لو كان فيهما آلهة موصوفة مغايرة لله لفسدتا فاللازم منه انتفاء المجموع وهو قد يكون بانتفاء الوصف لا بانتفاء الآلهة؟ قلت : انتفاء ذلك المجموع إن كان بانتفاء الآلهة ثبت المطلوب وإن كان بانتفاء الوصف فكذلك ؛ لأن انتفاء وصف المغايرة وحقيقتها يستلزم ارتفاع تعد قطعا وفي تحقيق هذه الآية مباحث كثيرة لا يليق ذكرها في هذا الكتاب (عافية شرح الكافية).

(٣) قوله : (فإلا صفة) قال سيبويه : لا يجوز هاهنا إلا الوصف يعني لم يجز البدل ؛ لأنه لا يكون إلا في غير الموجب قال المصنف : ولا يعتبر النفي المستفاد من لو ؛ لأن النفي المعنوي ليس كاللفظي إلا في قلما وأقل وإبى وأيضا البدل لا يجوز إلا حيث يجوز الاستثناء (عب).

(٤) وهذا الدليل لا يثبت تعذر مطلق الاستثناء بل تعذر المتصل.

(٥) وهو وجوب الدخول في المتصل ولا المنقطع ؛ لأن عدم دخوله غير معلوم بيقين.


وفي الآية مانع آخر عن حمل (إلا) على الاستثناء ، وهو أنه لو حملت عليه صار المعنى : لو كان فيهما الهة مستثنى عنها الله لفسدتا.

وهذا لا يدل إلا على أنه ليس فيهما آلهة مستثنى عنها الله (١) ، وبهذا لا يثبت وحدانية الله تعالى ، لجواز أن يكون حينئذ فيهما آلهة غير مستثنى الله عنها ، بخلاف ما إذا كانت للصفة بمعنى (غير) ، فإنه يدل على أنه ليس فيهما آلهة غير الله.

وإذا لم يكن فيهما آلهة غير الله يجب (٢) أن لا يتعدد الآلهة ؛ لأن التعدد يستلزم المغايرة.

(وضعف) حمل (إلا) على (غير) (٣) (في غيره) أي : في غير جمع منكور غير محصور ، لصحة الاستثناء حينئذ.

ومذهب سيبويه : جواز وقوع (إلا) صفة (٤) مع صحة الاستثناء ، قال يجوز في قولك : (ما أتاني أحد إلا زيد) أن يكون (إلا زيد) صفة.

وعليه أكثر المتأخرين تمسكا بقوله (٥) :

وكل أخ (٦) ...

__________________

(١) لأنه إذا لم تفسد لزم أن يكون فيهما آلهة داخل فيها الله وهذا شرط محض (م).

(٢) قوله : (بحيث أن لا يتعدد الآلهة) أي : يجب أن لا يكون إله إلا الله ؛ لأن التعدد يستلزم المغايرة والمغايرة مستلزم للفساد وانتفاء اللازم مستلزم لانتفاء الملزومات كلها كما أن إثبات الملزوم مستلزم لإثبات لوازمه كلها (لاري).

(٣) أعني : ضعف إخراج إلا عن معناها الحقيقي الذي هو الاستثناء واستعمالها في المعنى المجازي الذي هو الحمل على غير (م).

(٤) إذا كانت تابعة لغير جمع منكور اه من غير ضعف (....).

(٥) أي : لقول عمرو بن معدي كرب وهو جاهلي لا يقول بفناء العالم قال أبو سعيد قال هذا البيت جاهلي لا يقر بالبعث وينكر فناء العالم ويجوز أنهما لا يفترقان ما دامت الدنيا باقية وإذا فنيت افترقا ويكون من قبيل إطلاق العام وإرادة الخاص (لباب).

(٦) أول البيت :

وكل قرينة قرنت بأخرى

وإن ضمت بها يفترقان

 ـ والبيت يحتمل وجوها من الإعراب أحدها : أن يكون كل مبتدأ ومفارقة خبره وإخة وـ


مفارقه أخوه لعمر (١) أبيك إلّا الفرقدان

ف : (إلا) الفرقدان صفة لكل أخ ، لا استئناء منه ، وإلا وجب أن يقال : إلا الفرقدين بالنصب ، وحمل المصنف ذلك على الشذوذ وقال :

في البيت شذوذان آخران ، أحدهما : وصف (كل) دون المضاف إليه والمشهور وصف المضاف إليه (٢) ؛ إذ هو المقصود ، و (كل) لإفادة الشمول فقط.

وثانيهما : الفصل بالخبر بين الصفة والموصوف وهو قليل.

(إعراب سوى وسواء النصب على الظرفية) (٣) أي : بناء على (٤) ظرفيتهما ؛

__________________

ـ فاعل مفارقة ، والثاني أن يكون كل مبتدأ أول ومفارقة مبتدأ ثان إخوة خبر الثاني والجملة خبر الأول ، والثالث: أن يكون كل مبتدأ وإخوة مبتدأ ثان ومفارقة خبره المقدم والجملة خبر المبتدأ الأول ، والرابع أن يكون كل مبتدأ والخامس : أن يكون مفارقة بدلا عن كل وإخوة مبتدأ كل أخ مفرقة خبر مقدم (شرح اللباب).

(١) والعمر بمعنى البقاء والمستعمل في القسم الفتح وهو مبتدأ محذوف الخبر أي : قسمي والفرقدان كوكبان من بنيات النعش الصغرى قريبا من القطب يطلعان دائما في أكثر الآفاق الشمالية لا أن يطلع أحدهما أو يغرب الآخر حتى يفارق أحدهما الآخر (وجيه الدين).

ـ مبتدأ خبره محذوف وجوبا أي : بقاء ابنيك وذاته ما أقسم به أن الأمر في الواقع كذلك (....).

ـ والقطب كوكب بين الجدي والفرقدين يدور عليه الفلك قال الأزهري وهو صغير أبيض لا يبرح مكانه أبدا وقطب القوم سيدهم الذي يدور عليه أمرهم وصاحب الجيش قطب رحى الحرب والجمع أقطاب (أختري).

ـ والمراد من الاستشهاد جعل الفرقدان صفة لكل أخ يعني الفرقدان كوكبان متصاحبان أبدا لا يفارقهما وكل أخ يفارق أحدهما من الآخر إما بالموت أو المسافرة (مكمل).

(٢) كقوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ)[الأنبياء : ٣٠] ؛ لأن الحي بالجر صفة شيء.

(٣) وأشار الشارح بقوله : (أي : بناء على ظرفيتهما) إلى أن من قول المصنف على الظرفية مسامحة.

(٤) قال الشيخ الرضي ما حاصله أن سوى في الأصل صفة ظرف مكان وهو مكانا قال الله تعالى : (مَكاناً سُوىً)[طه : ٥٨] أي : مستويا ثم حذف الموصوف وأقيم الوصف مقامه مع قطع النظر عن معنى الاستواء فصار بمعنى مكانا فقط ثم استعمل استعمال لفظ مكان في إفادة معنى البدل تقول : أنت لي مكان عمرو أي : بدله ؛ لأن البدل كائن مكان البدل منه ثم استعمل بمعنى البدل في الاستثناء لأنك إذا قلت : جاءني القوم بدل زيد أفاد أن زيدا لم يأتك ثم جرد عن ـ


لأنك (١) إذا قلت : جاءني القوم سوى أو سواء زيد) فكأنك قلت : (مكان زيد) على المذهب (الأصح) وهو مذهب سيبويه فهما عنده لازما الظرفية.

وعند الكوفيين : يجوز خروجهما على الظرفية ، والتصرف فيهما رفعا ونصبا وجرا ك : (غير) (٢) متمسكين بقول الشاعر (٣) :

ولم (٤) يبقى سوى العدوان دنّاهم (٥) كما دانوا

__________________

ـ معنى البدل المطلق الاستثناء فسوى في الأصل بمعنى مكان مستو ثم صار بمعنى مكان ثم بمعنى بدل ثم بمعنى الاستثناء وظهر من هذا التحقيق أنه ظرف بحسب المعنى المراد فالبصريون نظروا إلى معنى الأصل والكوفيون إلى معنى المراد (لاري).

(١) كأنه قيل : إن الظرفية لا يخلو من أن يكون زمانا أو مكانا سوى وسواء ليسا من الزمان والمكان فأجاب بقوله : لأنك اه (لمحرره).

(٢) أي : كما يتصرف في غير رفعا ونصبا وجرا على حسب العوامل (م).

(٣) وهو سليمان بن شيبان ، وأول البيت :

فلما أصبح الشر وأمسى وعريانه

ولم يبق سوى العدوان دناهم كما دنواه

ـ أي : فلما ظهر الشر واستقر واشتد ولم يبق سوى العدوان ، ولفظ سوى مرفوع تقديرا على أنه فاعل لم يبق ، والعدوان كغفران بمعنى العداوة وقوله : (دناهم) أي : جازيناهم كما دانوا ، أي : كما فعلوا جواب لما وأجيب عنه بأنه محمول على الضرورة أو الشذوذ أو أن سوى ليس بفاعل لم يبق بل صفة لموصوف مقدر أي : لم يبق شيء سوى العداوة بل لقيت العداوة فقط (حاشية التيروي).

(٤) أول البيت :

فلما صرح البشر وأمسى وهو عريان

ـ عطف على قوله : (صرح في البيت السابق) وسوى فاعل لم يبق والعدوان بضم العين الظلم الصريح والعريان ودناهم جزيناهم من الدين وهو الجزاء يقال : دينا جازاه وهو جواب لما وصرح الشر يعني انكشف وصرحه أي : كشفه وأظهره ، وفي بعض النسخ مكان صرح أصبح وهي تامة وكذا أمسى بمعنى دخل في الصبح والمساء الشر والمعنى لما أظهر الشر كل الظهور ولم يبق بيننا وبينهم سوى الصبر على الظلم الصريح وتجاوز والأخذ والإنصاف إلى استعمال الظلم جزيناهم بمثل ما ابتدؤونا به (وجيه الدين).

(٥) أصله ديناهم مثل بيعنا فاعل أي : من الدين بكسر الدال وهو الجزاء كما قال الله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)[الفاتحة : ٤] أي : يوم الجزاء من دان يدين (شرح أبيات).


وزعم الأخفش : أن سواء إذا أخرجوه عن الظرفية أيضا نصبوه استنكارا لرفعه فيقولون: (جاءني سواءك) وفي الدار سواك ومثل : (١) هذا في استنكار الرفع فيما غلب انتصابه على الظرفية قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] بالنصب.

(خبر كان وأخواتها)

(خبر (٢) كان (٣) وأخواتها)

وستعرفها في قسم الفعل إن شاء الله تعالى.

(وهو المسند بعد دخولها) أي : بعد دخول (كان) أو إحدى أخواتها.

والمراد (٤) ببعدية المسند لدخولها : أن يكون إسناده (٥) إلى اسمها واقعا بعد دخولها على اسمها وخبرها ، ولا شك أن ذلك إنما يتصور بعد تقرير الاسم والخبر.

__________________

(١) أي : مثل ما أخرجوه عن الظرفية ونصبوه (م).

(٢) مبتدأ خبره محذوف أي: ومنها والجملة الإسمية عطف لا محل لها عطف على الجملة القريبة أو البعيدة (م ع).

(٣) مضاف إليه لخبر على تقدير الحكاية في كان وهو الأكثر ويجوز عدم اعتبار الحكاية فيه فهو حينئذ مجرور بالكسر والتنوين إن أول باللفظ لكونه منصرفا مضافا إليه لخبر أو مجرورة بالفتحة بلا تنوين إن أول بالكلمة مضاف إليه الخبر كما في الرضي فاحفظه فإن أكثر الناس عنه غافلون بل بعضهم لعدم معرفة هذه القاعدة إذا سمعها منكرون وقد تقدم فيما سبق (زيني زاده).

(٤) قوله : (والمراد ببعديته اه) حاصله أن المراد أن يكون الخبر مسندا إلى اسم تقرره فيه وجعله خبرا لكان ؛ إذ الإسناد الواقع بين أجزاء الخبر نحو ليس بعد تقرره وجعله خبرا لكان بل كان قبله فلا يصدق على نحو يضرب أنه مسند إلى أبوة بعد تقرره وجعله خبرا هذا الإيراد عليه أنه مسند إلى الاسم حين تقرره خبرا وجعله خبرا لكان ؛ إذ لا يتصور تقرر وخبرا سابقا على الإسناد إلى الاسم ؛ إذ هما يحصلان معا حين التكلم بالتركيب اللهم إلا أن يقال المراد أن لا يكون الإسناد إلى الاسم قبل تقرره خبرا وهذا لا ينافي للمعية (وجيه الدين).

(٥) أي : إسناد خبر كان أو إحدى أخواتها لا إسناد كان كما يتبادر إلى الفهم.


فالإسناد الواقع بين أجزاء الخبر (١) المقدم على تقرره لا يكون بعد دخولها بل يكون قبله (٢) ، فلا ينتقض التعريف بمثل : (كان زيد يضرب أبوه) ولا بمثل (كان زيد أبوه قائم) بأن (٣) يقال : يصدق على (يضرب ، وقائم) في هذين المثالين المعرف وليسا من أفراد المعرف.

ويمكن أن يقال في جواب هذا النقض : إن المراد بدخولها ورودها للعمل (٤) فيما وردت عليه ، كما سبقت الإشارة إليه في خبر إن وأخواتها (مثل (كان زيد قائما) (٥) وأمره) أي : وأمر خبر كان وأخواتها ، كأمر خبر المبتدأ ، في أقسامه (٦) وأحكامه وشرائطه ، على ما سبق (٧) في بحث المبتدأ والخبر (و) لكنه (٨) (يتقدم) (٩) على اسمها حال كونه (معرفة) حقيقة أو حكما (١٠) ، ...

__________________

(١) لا يقال وكذا الإسناد الواقع بين الخبر والاسم بناء على أنها يدخل الجملة الاسمية لأنا نقول ذلك الإسناد قد غير بدخولها (عب).

(٢) وهذا رد على الرضي حيث قال : ويدخل في التعريف نحو قائم في قولك : كان زيد أبوه قائم مع أنه ليس بخبر كان ويصدق عليه أنه المسند بعد دخول كان (م).

(٣) متعلق بقوله : (فلا ينتقض) وبيان لوجه الانتقاض وتفسير له (م).

(٤) أي : لرفع الاسم ونصب الخبر لفظا أو تقديرا أو محلا (م).

(٥) فإن قائما مسند إلى زيد بعد دخول كان لزوال الإسناد أي : الحاصل بالعامل المعنوي بدخول العامل اللفظي (م).

(٦) قال الشيخ الرضي ما حاصله : إن خبره قد يختص ببعض الأحكام منها أن خبر كان لا يكون ماضيا عند درستويه وأما عند الجمهور فيقبح أن يكون ماضيا إلا مع قد ظاهرة أو مقدرة والأولى ما ذهب إليه ابن مالك تجويز وقوع خبرها ماضيا بلا قد فلا يقدرها في قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ)[يوسف : ٢٧] (عب).

(٧) من كون الأقسام مفردا وجملة ونكرة ومعرفة وكون الأحكام واحدا ومتعددا ومثبتا ومنفيا ومحذوفا ومذكورا وكون الشرائط إذا كان الخبر جملة فلا بد من عائد ولا يحذف إلا إذا علم.

(٨) استدراك من التشبيه المفيد للتسوية وبيان الفرق بينهما (م).

(٩) بمنزلة للاستثناء عن الحكم المذكور المتقدم فكأنه قال وأمره كأمر خبر المبتدأ إلا في جواز تقديمه على اسمه فإنه يجوز فيه إذا كان معرفة اه (عوض).

(١٠) مثل قولك : كان خيرا من جاهل رجل عالم وأما إذا كان خبر المبتدأ معرفة أو نكرة فيجب تقديم المبتدأ على الخبر لئلا يقع الالتباس فيها.


كالنكرة المخصصة لاختلاف (١) اسمها وخبرها (٢) في الإعراب ، فلا يلتبس أحدهما بالأخر وذلك إذا كان الإعراب فيهما أو في أحدهما لفظيا (٣) ، نحو : (كان المنطلق زيد) أو (كان هذا زيد) بخلاف (٤) المبتدأ والخبر فإن الإعراب فيهما لا يصلح للقرينة لاتفاقهما فيه ، بل لا بد من قرينة رافعة للبس.

وكذلك (٥) إذا انتفى الإعراب في اسم (كان) وخبرها جميعا ولا قرينة هناك لا يجوز تقديم الخبر نحو : (كان الفتى هذا).

(وقد (٦) يحذف عامله) أي : عامل خبر كان (٧) ، وهو (كان) لا خبر كان وأخواتها ؛ لأنه لا يحذف من هذه الأفعال إلا (كان) ، وإنما اختصت بهذا الحذف لكثرة استعمالها في مثل : (الناس (٨) مجزيّون بأعمالهم (٩) ...

__________________

(١) هذا جواب لسؤال مقدر كأنه قيل : لم قدم خبر كان على اسمها قال لاختلاف إلخ (المحررة).

(٢) لأن في الأول رفع وفي الثاني نصب فيحصل قدم أو تأخر.

(٣) أشار إلى أن إطلاق المصنف ليس على ما ينبغي ولا بد من تقييده (وجيه الدين).

(٤) لأنه إذا كانا معرفتين أو متساويين في التعريف أو لا يجب تقديم المبتدأ لدفع الالتباس (المحررة).

(٥) أي : كعدم جواز تقديم الخبر على المبتدأ إذا انتفى الإعراب وأما ما وقع في بعض التفاسير في قوله : (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ)[الأنبياء : ١٥] أن تلك خبر فلعل ذلك مبني على أن الخفاء في تعيين الدعوى لا في كون تلك دعوى (عب).

(٦) استئناف أو اعتراض أو عطف على جملة بتقدم أو على جملة محذوفة أي : يذكر عامله كثيرا وقد يحذف اه (م ع) وإنما لم يقل قد يحذف كان مع أنه أخصر وأظهر ؛ لأن منابه ما ذكره المقام أكثر.

ـ كل موضع جاء حرف الشرط فيه منصوب أو مرفوع أحدهما مقارن بالفاء وإنما جاز الحذف هاهنا لدلالة حرف الشرط عليه (عافية).

(٧) فالضمير راجع إلى خبر كان لا إلى مجموع كان وأخواتها فلا يرد اعتراض الرضي بأن قال ما كان ينبغي للمصنف هذا الإطلاق ؛ لأنه لا يحذف من هذه الأفعال إلا كان (وجيه الدين).

(٨) (قال في مثل الناس) قال الشيخ الرضي يحذف كان مع اسمها بعد لو وإن كان اسمها ضميرا علم من غائب أو حاضر نحو اطلبوا العلم ولو بالصين أي : ولو كان العلم بالصين وبعد لدن وأخواتها نحو رأيتك لدن قائما أي : لدن كنت قائما (عب).

(٩) لقوله تعالى : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ)[غافر : ١٧] ولما قيل : وللعباد أفعال بها يثابون وعليها يعاقبون يعني الأفعال الاختيارية (م).


إن خيرا فخير وإن شرا فشر) (١).

(ويجوز في مثلها) أي : في مثل : هذه الصورة (٢) ، وهي أن يجيء بعد (إن) اسم ثم فاء بعده اسم (٣) (أربعة أوجه) نصب الأول ورفع الثاني وهو أقواها (٤) نحو : (إن خيرا فخير) أي : إن كان عمله خيرا فجزاؤه خير.

ونصبهما ، نحو : (إن خيرا فخيرا) على معنى : إن كان عمله خيرا ، فكان جزاؤه خيرا ، ورفعهما نحو : (إن خير فخير) أي : إن كان في عمله خير فجزاؤه خير. وعكس الأول ، نحو : (إن خير فخيرا) أي : إن كان في عمله خير جزاؤه خيرا ، وقوة (٥) هذه الوجوه وضعفها بحسب قلة الحذف وكثرته ، (ويجب (٦) الحذف (٧) أي : حذف عامله ، يعني : (كان) (في مثل (٨) : ...

__________________

(١) ونحو المرء مقتول بما قتل إن سيفا فسيف وإن خنجرا فخنجر الخنجر سيف قصير إن راكبا فراكب وإن راجلا فراجل.

(٢) أشار إلى أن الضمير راجع إلى التركيب السابق بتأويله بالصورة.

(٣) والمراد من الاسم هاهنا ليس اسم كان بل اسم مطلق لا فعل وحرف.

(٤) لقلة الحذف فيه وقوع المعنى ولكون الجملة الاسمية جزاء بعد الفاء أكثر وقوعا من الفعلية.

(٥) قوله : (وقوة هذه الوجوه) فالوجه الأول أقوى لقلة الحذف فيه ؛ لأنه حذف من الشرط كان واسمها ومن الخبر المبتدأ فالمجموع المحذوف من الشرط والجزاء ثلاثة أشياء وأيضا هو أقوى من جهة المعنى بخلاف الثالث والرابع فإن المراد إن كان نفس عمله ؛ لا أن له أعمالا ولا في تلك الأعمال خير ويكون جزاء تلك الأعمال باعتبار تضمنه ذلك الخبر والرابع أضعف لكثرة الحذف فيه ؛ لأنه حذف في الثاني من الشرط كان والجار والمجرور من الجزاء كان واسمها فالمحذوف من مجموع الشرط والجزاء خمسة أشياء والثاني والثالث دون الأول وفرق الرابع ؛ لأنه حذف في الثاني من الشرط كان واسمها وكذا من الجزاء وفي الثالث من الشرط كان واسمها وكذا من الجزاء (وجيه الدين).

(٦) ولم يقل وقد يجب لإفهامه مما سبق ؛ لأن المعطوف في حكم المعطوف عليه ولذا ورد الحذف باللام وإنما وجب حذف كان هاهنا ؛ لأن ما عوض عنها يدل على الحذف فلو أوفى بكان لزم اجتماع العوض والمعوض عنه وهو غير جائز. متوسط وغيره.

(٧) أراد به كل موضع قام فيه مكان كان غيره مع وجود القرينة على المحذوف. عوض.

(٨) قوله : (في مثل ما أنت منطلقا) وإنما بين تقدير هذا المثال بقوله أي : ؛ لأن كنت دون المثال السابق ؛ لأن هنا داعيين أحدهما الرد على الكوفيين حيث جعلوا أن المفتوحة في هذا المثال كلمة الشرط كالمكسورة وثانيهما التنبيه على أن ما إن هذه مفتوحة وإنما اختاره مع أن ـ


أمّا أنت منطلقا (١) انطلقت أي : ؛ لأن كنت) منطلقا انطلقت ، فأصل أما أنت ؛ لأن كنت ، حذفت للام قياسا ، ثم حذفت كلمة (كان) اختصارا ، فانقلب الضمير المتصل منفصلا ، وزيدت (٢) لفظه (ما) بعد (إن) في موضع (كان) عوضا عنها وأدغمت النون في الميم ، وأبقى الخبر على حاله ، فصار (٣) : أما أنت منطلقا انطلقت ، وهذا تقدير فتح الهمزة.

وأما على تقدير كسرها (٤) ، فالتقدير : إن كنت منطلقا انطلقت ، فعمل به ما عمل بالأول من غير فرق إلا حذف (٥) اللام ، إذ لا لام (٦) فيه (٧) ، واقتصر المصنف على الأول؛ لأنه أشهر.

__________________

ـ أما مكسورة كالمفتوحة في وجوب الحذف بعدها ؛ لإنها أكثر استعمالا صرح به ابن مالك عصام الدين.

(١) أشار إلى أن الألف واللهم عوض عن المضاف إليه خبر لكان المحذوف والجملة بعد التأويل مجرور المحل باللام المقدر ومحل بعد المنصوب مفعول له لانطلقت المؤخر خلاصة م ع.

(٢) وإنما خص ما بالزيادة إما لمناسبتها الفعل في أنها مصدرية في الأصل أو لكونها مشابهة بأخت ولا وإن كذلك لكنه أقل منها مشابهة عافية (يعني لما حذف منه ما يتصل به تاء الخطاب) أعني كان ولم يستتر المتكلم بالضمير المتصل دون ما يتصل به أوتي به ضمير الخطاب المرفوع المتصل أعني أنت سيد علي.

(٣) فعلى هذا يكون المعنى إن كنت منطلقا في زمان لاستقبال انطلقت فيه.

(٤) وأما الكوفيون فالتقدير عندهم إن ما كنت منطلقا بكسر الهمزة فإن عندهم للشرط قطعا وإن جوزوا فتح همزتها تسهيلا لدخولها على الاسم فعندهم جاز الجزم في الفعل الواقع بعده ذكره الكسائي (عافية شرح الكافية).

(٥) قوله : (إلا حذف اللام) وأيضا فيه ما مزيدة للتأكيد لا للتعويض كما في (وَإِمَّا تَخافَنَ)[الأنفال : ٥٨] ؛ لأنه يذكر الفعل بعد ما كذا في المفصل فعلى هذا لا يحذف كان فيه وجوبا كما يشعر به كلام الشارح قال الرضي ويحذف كان مع إما المكسورة قليلا قال سيبويه لم يجز حذف الفعل مع إما المكسورة ولعل المصنف لم يذكر إما المكسورة لأجل هذا وجيه الدين.

(٦) لأن حرف الجر لا يدخل على حرف الشرط لئلا يبطل الصدارة لمحرره.

(٧) أي : في الثاني فيحذف فالمعنى فيهما على المعنى ؛ لأن حرف الشرط في الثاني لا يغير معنى كان الدال على الماضي فيهما م ح.

ـ أو يستقيم المعنى على الشرط بدون اللام بخلاف المفتوحة فإن لا يستقيم المعنى بدون اللام ؛ لأن المعنى المنطلق لأجل انطلاقك.


(اسم إن وأخواتها)

وستعرفها في قسم الحرف إن شاء الله تعالى.

(وهو المسند إليه بعد دخولها) أي دخول (إن) أو إحدى أخواتها (مثل : إن زيدا قائم) وبما عرفت من معنى البعدية ، والدخول فيما سبق اندفع انتقاض هذا التعريف هاهنا أيضا بمثل : (أبوه) في مثل : (إن زيدا أبوه قائم).

(المنصوب (١) ب : (لا) التي لنفي الجنس)

أي : لنفي صفة الجنس ، وحكمه (٢).

وإنما لم يقل اسم (لا) لأنه ليس (٣) كله ولا أكثره من المنصوبات ، فلا يصح جعله مطلقا من المنصوبات ، لا حقيقة ولا مجازا ، بل بالمنصوب منه أقل مما عداه (٤) ، فلا بد من التعبير بالمنصوب بها ، بخلاف ما عداه من المنصوبات فإن بعضها وإن لم يكن كله من المنصوبات ، لكن أكثره منها ، فأعطى للأكثر (٥) حكم الكل ، فعد الكل منها تجوزا.

__________________

(١) مبتدأ محذوف الخبر لم يقل اسم لا ؛ لأنه على الإطلاق ليس من المنصوبات. هندي.

ـ قوله : (المنصوب) يريد المنصوب لفظا أو تقدير وإلا لم يكن التعريف جامعا ومانعا. ع ص.

(٢) بحذف المضاف ؛ لأن النفي بها الصفة والحكم فإن المقصود في قولك : لا غلام رجل ظريف تفي ظرافة غلام الرجل فكأنك قلت لا ظرافة لغلام الرجل فكان المنفي بها الصفة والحكم ولكن حذف اختصارا. م ح.

(٣) قوله : (لأنه ليس كله ولا أكثره من المنصوبات) يعني : أنه ليس كل من المنصوبات إلا أن بعضه من المرفوعات وبعضه من المبنيات فلا يصح جعله مطلقا من المنصوبات ولا أكثره منها ؛ لأن المنصوب أقل فلا يصح جعله مطلقا من المنصوبات سواء وجد شرطه أو لا مجازا بأن يعطى للأكثر حكم الكل بخلاف غير ، من المنصوبات كالمفعول المطلق والمفعول به والمفعول له وغيرها كالمفعول المطلق وأكثرها كالمفعول به وغيره فإنها قد تكون مبنية وقد تكون مجرورة من المنصوبات وجيه الدين.

(٤) أي : من غير المنصوب ؛ لأن ما دخلت هي عليه ثلاثة أقسام على ما سيأتي والمنصوبات منها قسم واحد فيكون أقل م.

(٥) وفي هذا المكان قلب فأعطى للكل حكم الأكثر وهو من الكل من المنصوبات حاشية.


ولا يبعد (١) أن يقال : اسم (لا) هو المنصوب بها لفظا ، كالمضاف وشبهه أو محلا(٢) كما هو مبني منه على الفتح.

وأما ما هو مرفوع فليس اسما لها ، لعدم عملها فيه.

(هو المسند إليه بعد دخولها لها) خرج به مثل : (أبوه) في (لا غلام رجل أبوه قائم) لما عرفت.

وهذا (٣) القدر كاف في حد اسمها مطلقا ، لكنه لما أراد حد المنصوب منه زاد عليه قوله (يليها) (٤) أي : يلي المسند إليه لفظه (لا) أي : يقع بعدها بلا فاصلة.

(نكرة مضافا أو مشبها به (٥) أي بالمضاف (٦) في تعلقه بشيء هو من تمام معناه.

هذه (٧) أحوال مترادفة من الضمير المجرور في (إليه).

أو الأولى منه ، أو من الضمير المجرور في (دخولها ، وما بقى من الضمير المرفوع في (يليها) (مثل (لا غلام رجل) مثال لما يليها نكرة مضافا.

__________________

(١) قوله : (ولا يبعد) اه تزييف لما سبق من أن غير المنصوب منها أقل والمنصوب في لا لنفي الجنس أقل (عصام).

(٢) أي : ما ينصب ب : لا رجل في الدار فإن رجلا وإن لم يكن منصوبا لفظا أو تقديرا إلا أنه منصوب محلا ولذا يجوز الحمل على محله نحو لا رجل ظريفا بالنصب حملا على محل القريب. توقاوي.

(٣) قوله : (وهذا القدر) كاف فيه إن المرفوع بعدها معرفة كان أو نكرة لا يسمى اسما لها فالتعريف غير مانع اللهم إلا أن يعني بالدخول عليه العمل فيه عب.

(٤) والجملة حال من ضمير دخولها فإنها وإن كان مضافا إليه في الظاهر إلا أنه فاعل في المعنى م ع.

(٥) قال : أو مشبها به إن قيل ما تقول في قوله تعالى : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ)[يوسف : ٩٢] ، أي : لا تقبيح عليكم بعملكم ولا عاصم اليوم من أمر الله فإن حرفي الجر صلتان للمصدر واسم الفاعل وهما لا يتمان بدون صلتهما فيكونان مشبهتين بالمضاف مع أنهما مبينان على الفتح أجيب عن الأول بأن الجار الأول مع مجروره خبره واليوم ظرف لعامله أو بالعكس وعن الثاني بأن قوله اليوم خبر أي : لا وجود عاصم اليوم. (لاوي).

(٦) وإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة بأسرها تكون لا هذه ناصية لاسمها وإلا فلا ؛ لأن انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط شرح.


وفي بعض النسخ (لا غلام رجل ظريف فيها) وقد عرفت في المرفوعات تحقيق قوله (فيها) (١).

(ولا عشرين درهما لك) (٢) مثال لما يليها نكرة مشبها بالمضاف.

قوله (لك) ـ على النسخ المشهورة ـ من تتمة المثاليين كليهما.

(فإن كان) (٣) أي : المسند (٤) إليه بعد دخولها غير واقع على الأحوال المذكورة ، بل كان (مفردا) بانتفاء الشرط الأخير فقط ، وهو كونه مضافا أو مشبها به ـ أي يليها نكرة غير مضاف ولا مشبها به ـ ليترتب عليه قوله (فهو مبني على ما ينصب به) فإنه لو كان مفردا معرفة أو مفعولا فحكمه غير ذلك.

وقوله (على ما ينصب (٥) به) أي : على (٦) ما كان ينصب به المفرد قبل دخول (لا) عليه ، وهو الفتح في الموحد نحو : (لا رجل في الدار) والكسر في جمع (٧) المؤنث

__________________

(١) قوله : (هذه أحوال مترادفة) : الأحوال المترادفة أحوال واقعة عن ذي مال واحد والمتداخلة أحوال كل منها واقع عن ضمير حال سابق فأشار الشارح إلى أن هذه الأحوال أما من قبيل الأولى والثاني وجيه الدين.

(٢) خبر بعد خبر لا ظرف ظريف ولا مال ؛ لأن الظرافة لا يتقيد بالظرف ونحوه إنما أتى به لئلا يلزم الكذب بنفي ظرافة كل غلام رجل وليكون مثالا لنوعي خبرها الظرف في غيرها ج م.

(٣) والظرف خبر لا وقيل إن لك خبر لا في المثالين أي : كائنان لك م ع.

(٤) ولما فرغ من بيان شرائط ما يكون اسم لا منصوبا أراد أن يبين كونه مبنيا إلا أنه قدم بيان النصب لكون الإعراب أصلا م ح.

ـ أي إن كان الرسم الذي بعد لا مفردا أي : غير مضاف ولا مشابها به هذا هو المراد وإن كان ظاهر كلامه يقتضي أن يكون معا الضمير المنصوب بلا وليس بمراد لظهور فساده. (عوض أفندي).

(٥) أشار إلى أن للبناء شروط ثلاثة إن بلى المسند إليه لفظة لا وإن يكون نكرة وإن يكون مفردا غير مضاف ولا شبهة. (م ح).

(٦) فإن قلت : لم كان بناؤه على ما ينصب به دون غير قلت كون هذا الحق من الباقي في المفرد ثم لما كان المفرد مبنيا على ذلك لما ذكره بين التشبيه والجمع عليه إلحاق للفرع بالأصل. (عوض أفندي).

(٧) يشير إلى أن هذا الكلام يعني إن إطلاق النصب عليه مجاز بعلاقة الكونية ؛ لأن عند وجود هذه الشرائط لا يكون منصوبا بل لا يكون إلا مبنيا وإلى أن ينصب مسند إلى ضمير المفرد. (توقاوي).


السالم بلا تنوين نحو : (لا مسلمات في الدار) والياء المفتوح ما قبلها في المثنى والمكسور ما قبلها في جمع المذكر السالم (١) ، نحو : (لا مسلمين ولا مسلمين (٢) لك) ونعني بالمفرد : ما ليس بمضاف ولا مضارع له ، فيدخل فيه المثنى والمجموع.

وإنما بنى ، لتضمنه معنى (من) ، إذ معنى (لا رجل (٣) في الدار) : لا من رجل (٤) فيها ؛ لأنه جواب (٥) لمن يقول هل من رجل في الدار؟ حقيقة أو تقديرا فحذف (من) تحقيقا.

وإنما بنى على (٦) ما ينصب به ، ليكون البناء على حركته أو حرف استحقهما النكرة في الأصل قبل البناء.

ولم يبن المضاف ولا المضارع له ؛ لأن الإضافة ترجح جانب (٧) الاسمية (٨) ، فيصير الاسم بها مائلا إلى ما يستحقه في الأصل ، أعني : الإعراب.

(وإن كان) أي : المسند إليه بعد دخولها (معرفة) بانتفاء شرط النكارة (٩) (أو

__________________

(١) مع أن الفتح أولى للفرق بين حركته معربا وحركته مبنيا وأجاز أبو عثمان فتحته لا تنوين حذرا من مخالفته لسائر المبنيات مع أن لا لنفي الجنس وطردا للباب على شق واحد وبعضهم نونه مع كونه مبنيا لكون هذه التنوين للمقابلة فلا ينافي البناء. (وجيه الدين).

(٢) فإن كلا منهما مبني على الياء ؛ لأن نصبه كان بالياء خلافا للبرد فإن عنده لا يبنى المثنى ولا الجمع على حدة ؛ لأن النون كالتنوين دليل الإعراب. (م ح).

(٣) لأنهما مبنيان على الياء ؛ لأن نصبهما بالياء ونحو مسلمات مبني على الكسر ؛ لأن نصب بالكسر كاملة.

(٤) ليكون الجواب مطابقا للسؤال إلا أنه لما أجري ذكر من في السؤال استغنى عنه في الجواب ظرف فقيل لا رجل في الدار فتضمن من لذلك وبنى على الحركة. (حواشي هندي).

(٥) قوله : (لأنه جواب) ولأنه نص في الاستغراق والنفي بدون من الاستغراقية لا يفيد التنصيص إلا يرى أن ما جاء في رجل لا يفيد لاستغراق ولذا جاز بل رجلان أو رجال بخلاف ما جاءني من رجل. (عب).

(٦) وسقط التنوين أيضا ؛ لأنه للتمكن وهو خواص العرب.

(٧) أي : اسم لا هذه على الحركة مع أن الأصل في البناء السكون فرقا بين البناء والعارض والأصلي. (ب م).

(٨) فإن المضاف إلى الاسم الصريح لا يكون مبنيا إلا نادرا نحو خمسة عشر ونحوه. (لآرى).

(٩) لأن الإضافة من خواص الاسم القوية لكونها مما يتغير به نفس مدلوله. (وجيه الدين).

لأن المصدر شرط أن يكون المسند إليه نكرة حيث قال نكرة. (رضا).


مفصولا بينه) (١) أي : بين ذلك المسند إليه (وبين لا) بانتفاء شرط الاتصال على(٢)سبيل(٣) منع الخلوّ ، سواء كانا مع انتفاء شرط كونه مضافا أو مشبها به ، أولا.

وهي ست صور (٤) : نحو : (لا زيد (٥) في الدار ولا عمرو) و (لا غلام زيد في الدار ولا عمرو) و (لا في الدار رجل ولا امرأة) و (لا في الدار غلام رجل ولا امرأة) ولا في الدار (٦) زيد ولا عمرو ولا في الدار غلام (٧) زيد ولا عمرو (وجب) (٨) في جميع هذه الصور الست (الرفع) على الابتداء (٩) ، أما في المعرفة فلامتناع (١٠) أثر (لا) النافية للجنس فيها ، وأما في المفصول فلضعف (١١) (لا) عن التأثير مع الفصل.

__________________

(١) مفعول فيه لمفصولا أو نائب الفاعل لفصولا عند الأخفش بجعله رفعه تقديريا للزوم ظرفية لا عند الجمهور فإن لازم الظرفية لا يكون نائب الفاعل عندهم والأخفش معا. (زيني زاده).

(٢) والظرف خبر مبتدأ محذوف أي : هذا على سبيل المنع الخلو لا على سبيل منع الجمع.

(٣) قوله : (على سبيل منع الخلو) فيجوز الجمع بينهما بأن يكون معرفة مفصولا بينه وبين لا نحو لا في الدار زيد ولا عمرو. (وجيه الدين).

(٤) بالقسمة العقلية ؛ لأن المسند إليه إما معرفة أو نكرة والأول إما مفرد أو مضاف. (م ح).

(٥) وجد فيه شرط التعريف والاتصال والإفراد لا النكارة ولا الانفصال ولا الإضافة.

(٦) وجد فيه شرط الانفصال والتعريف لا النكارة والإضافة.

(٧) وجد فيه شرط الانفصال والتعريف بالإضافة لا الإفراد ولا الاتصال ولا النكارة. (وافية).

(٨) والجملة جزاء الشرط والجملة الشرطية لا محل لها عطف على الجملة الشرطية السابقة. (زيني زاده).

(٩) أي : على أنه مبتدأ مرفوع بالعامل المعنوي ؛ لأن لا إذا لم يعمل فيه وجب أن يعمل العامل المعنوي. (صرح).

(١٠) مفردة كانت أو مضافة مفصولة كانت أو غير مفصولة يعني بأقسامها الأربعة. (م ح).

ـ قوله : (فلا امتناع أثر لا النافية للجنس فيها) فلا يكون بينهما تعلق معنوي وحتى يظهر دائرة في اللفظ وأيضا فيخرج عن وضعها فلا تعمل ؛ لإنها إنما تعمل لمشابهة أن باعتبار أنها للمبالغة في النفي وإن للمبالغة في الإثبات أو معناه التحقيق والتأكيد لا غير. (وجيه الدين).

(١١) قوله : (فلضعف عمل لا في التأثير مع الفصل) ؛ لإنها إنما تعمل لمشابهة إن كما مر وهي إنما تعمل لمشابهة الفعل فلا تعمل لمشابهة الحرف التي تعمل بالمشابهة وعند وجود الفاصل تضاعف عن ضعفها فرجع الاسم إلى أصله الذي هو الرفع. (عافية شرح الكافية).


(والتكرير) (١) أي : وجب تكرير اسمها لكن مطلقا (٢) لا بعينه (٣).

أما في المعرفة فليكون كالعوض عما في التنكير من معنى نفي الآحاد وأما في النكرة فليكون (٤) مطابقا لما هو جواب له من مثل : قول السائل : أفي الدار رجل أم امرأة (٥)؟ وهذا التعليل جار في المعرفة أيضا.

(ومثل : قضية) أي : هذه (٦) قضية : (ولا أبا حسن لها) أي : لهذه (٧) القضية.

هذا جواب دخل مقدر على قوله (وإن كان معرفة وجب الرفع (٨) والتكرير) فإن اسم (لا) فيه معرفة ؛ لأن (أبا حسن) كنية علي رضي‌الله‌عنه ولا رفع فيه ولا تكرير بل هو منصوب غير مكرر ، فأجاب عنه بأنه (متأول) بالنكرة (٩) ، إما بتقدير المثل أي : ولا

__________________

(١) أي : أن يجىء بعد لا والمنفي بلا منفي آخر إذ ليس الغرض منه التكوين الاصطلاحي وهو ذكر الشيء مرة بعد أخرى بشهادة الاستعمال. (عوض).

(٢) سواء كان الاسم الثاني عين الأول نحو لا في الدار زيد ولا عمرو أولا. (رضي).

(٣) أي : الأول هذا التفسير إشارة إلى أن المراد بالتكرير تكرير النوعي لا الشخصي. (رضي).

(٤) وإنما قدر السؤال مكرر إذ لو لم يكن مكرر لكفى نعم أو لا عنه.

(٥) وأجيب لا في الدار رجل ولا امرأة فكرر في الجواب ليكون مطابقا للسؤال ؛ لأن فيه التكرير. (م ح).

(٦) قوله : (أي هذه قضية) أي : هذه المسألة مشكلة ولا أحد مثل إلى حسن في حل الإشكال عن هذه المسألة المشكلة أو معناه وهذه المسألة مشكلة ولا فيصل لهذه القضية إذ هو كرم الله وجهه كان فيصلا في المحكومات على ما قاله النبي عليه‌السلام : «أقضاكم عليّ» ابن ماجه : ١٥٥ فصار اسمه كرّم الله وجهه كالجنس المفيد لمعنى الفصل والقطع كلفظ الفيصل وهذا كما قالوا لكل فرعون موسى أي : لكل جبار قهار فيتصرف فرعون وموسى لتنكيرهما بالمعنى المذكور قال الشريف الجرجاني الفيصل هو الذي يفصل بين الأشياء وقيل هو القضاء الفاصل بين الحق والباطل وحق به الحاكم مبالغة انتهى فعلى الأول الفيصل صفة مشبهة وعلى الثاني مصدر. (وافية).

(٧) قيل هو قول الصحابة رضي‌الله‌عنهم كانوا يقولونه عند القضا ومعناه نحكم نحو وليس على رضى الله حاضرا هاهنا أي : هذه قضية ولا قاضي لها مثل قوله عليه‌السلام : «أقضاكم عليّ أفرضكم زيد». (كذا سمعه).

(٨) فانتقص التعريف به إما عدم التكرير فيه فظاهر وإما عدم الرفع فلأنه لو رفع لقيل ولا أبو حسن بالواو. (م ح).

(٩) فلا يرد نقصا على التعريف بأنه غير جامع لخروج مثل هذا القول. (م ح).


مثل (١) : أبي حسن لها ، فإن (مثلا) لتوغله في الإبهام لا يتعرف بالإضافة إلى المعرفة.

أو بتأويله بفيصل (٢) بين الحق والباطل ، لاشتهاره (٣) رضي‌الله‌عنه بهذه الصفة فكأنه قيل : لا فيصل لها ، ويقوي (٤) هذا التأويل إيراد (حسن) بحذف اللام ؛ لأن الظاهر (٥) أن تنوينه للتنكير.

(وفي مثل : ولا حول (٦) ولا قوة إلا بالله) أي : فيما (٧) كررت فيه لا على سبيل العطف وكان عقيب كل منهما نكرة بلا فصل ويجوز (خمسة أوجه) بحسب اللفظ لا بحسب التوجيه فإنها بحسب (٨) التوجيه تزيد عليها.

__________________

(١) فحذف المضاف الذي هو اسم لا في الحقيقة وأقيم المضاف إليه مقامه. (م ع).

(٢) فإطلاق فيصل على علي رضي‌الله‌عنه من قبيل رجل عدل والفيصل الحاكم ويقال القضاء بين الحق والباطل.

(٣) قوله : (لاشتهاره رضي‌الله‌عنه) بهذه الصفة فيجعل كأنه اسم جنس موضوع لإفادة ذلك المعنى وعلى هذا يمكن وصفه بالنكرة وهذا كما قالوا لكل فرعون موسى أي : لكل جبار قهار فيتصرف موسى وفرعون لتنكيرهما بالمعنى المذكور. (وجيه الدين).

(٤) أي : رجح هذا التأويل أي : تأويل إلى حسن بفيصل والمراد بمثل لا حول ولا قوة كل موضع تكرر فيه لا وتعدد المنفي نكرة غير مفصولا. (سعد الله).

ـ قوله : (ويقوى علم أن نزع اللام) واجب على التأويل سواء كانت اللام في الاسم نفسه وفيما أضيف إليه إلا في عبد الله وعبد الرحمن إذ الله والرحمن لا يطلقان على غيره تعالى حتى يقدر تنكيرهما إما النزع في الصورة الأولى فلرعاية اللفظ وإصلاحه وأما في الثاني فالأمر واضح ولما كان النزع على التأويل الثاني واضحا كما يدل عليه قوله الظاهر أن تنوينه للتنكير جعله مقويا للتأويل الثاني. (عب).

(٥) وإنما قال : لأن الظاهر لجواز إيراده بالتنكير أيضا مع كونه كنية له رضي‌الله‌عنه إلا أن الظاهر إيراده باللام. (م).

(٦) أي : لا رجوع لنا عن المعصية ولا قوة لنا في الطاعة إلا بتوفيق الله تعالى. (وجيه الدين).

ـ أي : لإخلاص عن معصية إلا بعصمته وعونه ولا طاعة ولا قدرة على طاعة وعبادة إليه بعونه وتوفيقه. (عبد الرحيم).

(٧) هذا تفسير للمثل يعني : أن هذه الأقسام الآتية غير مختصة بها بل تجري في كل موضع توجد فيه شروط ثلاثة أن تكون لفظ لا مكررة وأن يكون التكرار بالعطف وأن يلي كل منهما نكرة مفردة وبين الشارح الأول بقوله فيما كررت. (توقادي).

(٨) بالياء لغة قليلة جرت على السن والأكثر ترك الياء وذكر النووي في تمريره. (شرح جمع الجوامع).


الأول : (فتحهما) أي : (لا حول ولا قوة إلا بالله) على أن يكون (لا) في كل منهما لنفي الجنس (ولا قوة) عطف على (لا حول) عطف مفرد على مفرد ، وخبرها محذوف (١) ، أي : لا حول ولا قوة موجودة (٢) إلا بالله أو عطف جملة على جملة ـ أي : لا حول إلا بالله ولا قوة إلا بالله ، فحذف خبر الجملة الأولى استغناء عنه بخبر الجملة الثانية.

و (الثاني) : فتح الأول ونصب الثاني) ، أي : (لا حول ولا قوة إلا بالله).

أما فتح الأول فلأن (لا) الأولى لنفي الجنس ، وأما نصب الثاني فلأن (لا) الثانية مزيدة لتأكيد النفي (٣) ، والثاني معطوف على الأول فيكون منصوبا حملا على لفظه لمشابهة حركته الإعراب.

ويجوز (٤) ...

__________________

ـ قوله : (بحسب التوجيه) لأنك إذا فتحتهما يحتمل أن يكون لا في الموضعين لنفي الجنس وإن يكون في الأول لنفي الجنس وفي الثاني زائدة وإذا رفعتهما يحتمل أربعة أوجه :

أحدهما : أن يكون لا في الموضعين لنفي الجنس ملغاة عن العمل.

وثانيهما : أن يكون لا في الموضعين بمعنى ليس.

وثالثها : أن يكون لا الأولى بمعنى ليس والثانية زائدة.

ورابعها : أن يكون الأولى للتبرئة ولا زائدة وأن يكون بمعنى ليس ورفعه على أنه اسمه وأن يكون للتبرئة والثانية زائدة وإذا فتحت الأول ورفعت الثاني يحتمل أن يكون الرفع محمولا على موضع الاسم للتبرئة ملغاة وإن رفعت الأول فتحت الثاني يحتمل أن يكون الأول بمعنى ليس وأن يكون الثاني للتبرئة. (فاصل محشي).

(١) وأصل مرفوع بلا الأولى والثاني وإنما جاز ذلك مع أنهما عاملان لأنهما بحكم المماثلة في حكم واحد كما أن زيدا وأن عمرا قائما. (لأري).

(٢) والخبر الظاهر قوله إلا بالله وهو المستثنى المفرغ المعرب بإعراب المستثنى منه المحذوف القائم مقام متعلقة ؛ لأنه ظرف لا بد من متعلق هو في الحقيقة خير فيكون جملة واحدة فيكون في قوة لا شيء له إلا بالله. (توقادي).

(٣) لأن المعطوف على المنفي يكون منفيا أيضا فيكون حرف النفي في المعطوف زائد وفائدته التأكيد. (م ع).

(٤) قوله : (ويجوزا يقدر لهما خبر واحد) عند سيبويه فإن لا عاملة عند غيره في المتبوع والتابع وأما عند سيبويه فلا يجوز تقدير خبر واحد ؛ لأن لا عنده مع اسمه المبني مبتدأ والمعطوف ـ


أن يقدر لهما خبر واحد (١) ، وإن يقدر لكل منهما خبر على حدة (٢).

(و) الثالث : (فتح الأول ورفع الثاني) نحو : (لا حول ولا قوة إلا بالله) أما فتح الأول فلأن (لا) الأولى لنفي الجنس وأما رفع الثاني فلأن (لا) الثانية زائدة ، والثاني معطوف على محل الأول ؛ لأنه مرفوع بالابتداء ، عطف مفرد على مفرد ، بأن يقدر لها خبر واحد أو عطف جملة على جملة بأن يقدر لكل منهما خبر.

(و) الرابع ، (رفعهما) (٣) بالابتداء (٤) نحو ، (لا حول ولا قوة إلا بالله) لأنه جواب قولهم : (أبغير الله حول وقوة؟) فجاء بالرفع فيهما مطابقة للسؤال ويجوز الأمران (٥) هاهنا أيضا.

(و) الخامس (رفع الأول) على أن يكون (لا) بمعنى (ليس) (على ضعف) فإن عمل (لا) بمعنى (ليس) قليل (وفتح الثاني) نحو : لا حول ولا قوة إلا بالله ، على أن يكون (لا) لنفي الجنس.

__________________

ـ منصوب بلا فيرتفع الخير بعاملين مختلفين فيجبان يقدر لكل منهما خبر.

(١) لأن العامل فيه لا الأولى وحدها فيكون المجموع جملة واحدة. (م).

(٢) وقد يقال إذا كان قوة منصوبا يكون معطوفا عطف مفرد على مفرد في يكون لا الأولى عاملا فيه أيضا فلا يكون له خبر آخر اللهم إلا أن يقال إنه من قبيل العطف على معمولي بحرف واحد. (وجيه الدين).

ـ بأن يقال لا حول إلا بالله ولا قوة إلا بالله فيكون من عطف جملة على جملة. (رضا).

(٣) ليكون مطابقا لما هو جواب له ؛ لأنه جواب لقول السائل بغير الله حول أم قوة وارتفاع الاسمين على الابتداء ؛ لأنه لا عمل للا هنا ويجوز أن يكون لهما خبر واحد وأن يكون لكل منهما خبر عند سيبويه وغيره وأما ما قيل من أنهما لو فتحا لتوهم التركيب مع وجود حرف العطف ثم كرهوا العدول بأحدهما لما فيه من التحكم فمنقوض بالوجه الأول وجوابه الوجه الأول جملتان على الغالب وهذه جملة واحدة وتوهم التركيب بين الجملتين في غاية البعد بخلاف ما بين جزئ جملة واحدة. (عافية شرح الكافية).

(٤) فحول مبتدأ وقوة عطف عليه وبالله خبره ولا يكون للا عمل ووجه عمل هاهنا شيئان أحدهما أن يكون مطابقا أو والمثل لو فتح لينوهم التركيب مع وجود حرف العطف وهذا غير جائز فلو فتح أحدهما دون الآخر لكان ترجيحا بلا مرجح. (متوسط).

(٥) أي : عطف المفرد على المفرد وعطف الجملة على الجملة تعني.


وضعّف (١) وجه ضعف رفع الأول ، بأنه يجوز أن يكون رفعه لإلغاء عمل (لا) ب : لتكرير ، لا لكونها (٢) معنى (ليس) لأن شرط صحة إلغائها التكرير فقط ، وقد حصل ههنا ، ولا دخل (٣) فيها لتوافق الاسمين بعدها في الإعراب.

فهذا على التوجيه الأول متعين لعطف جملة على جملة (٤) ، أي لا حول ولا قوة إلا بالله ، وإلا يلزم أن يكون قوله (إلا الله) منصوبا ومرفوعا (٥).

وعلى التوجيه الثاني يحتمل أن يكون من قبيل عطف مفرد (٦) على مفرد ، أو عطف جملة على جملة ، كما لا يخفى (٧).

__________________

(١) قوله : (وضعف وجه ضعف رفع الأول) والمضعف هو الرضي ويمكن أن يقال أنهم لما وجدوا والوجه الخامس ضعيفا بينها ضعفه بهذا التوجيه فيكون من قبيل البرهان إلا في وليس من البرهان اللمي حتى يلزم ما ذكره. (فاضل وجيه الدين).

(٢) قوله : (لا لكونها) في ليس إذ لم يثبت في كلامهم عمل لا عمل ليس بل لم يرد به لون الاسم بعدها مرفوعا والخبر محذوفا نحو لا برح ولا متصرح فظهر أنها عاملة عمل ليس والحق أنها للتبرئة لكنها ملغاة للضرورة. (لارى).

(٣) كان قيل إن كان المكرر مرفوعا يجب أن يكون الآخر مرفوعا وإن كان منصوبا يجب أن يكون الثاني منصوبا أيضا وهاهنا ليس كذلك بل مختلفين في الإعراب فلا يجوز الإلغاء فأجاب بقوله ولا دخل له. (طاشكندي).

(٤) لأن في عطف المفرد على المفرد يجب إتحاد المعطوفين واشتراكهما في العامل وهذا غير جائز في العطف المذكور ؛ لأن لا بمعنى ليس يقتضي رفع الاسم ونصب الخبر ولا لنفي الجنس يقتضي نصب الاسم ورفع الخبر وإذا اختلفا في العمل فلا يمكن العطف المذكور فتعين العطف الأول. (توقادي).

(٥) ولا الثانية يقتضي أني يكون مرفوعا فيكون معمولا لعاملين مختلفين في حالة واحدة وذا غير جائز فتعين أن يكون عطف جملة على جملة. (م ح).

(٦) لأن الأول مرفوع بالابتداء فيجوز عطف الثاني عليه باعتبار محل البعيد وإلا بالله خبر الأول فيكون جملة واحدة.

(٧) وإنما فسر العمل بقوله تأثيرها لئلا يتوهم اختصاص العمل بالإعراب ولقائل أن يقول إن في هذا المقام أشكال وهو أن الاستثناء إذا وقع بعد الجملتين إنما ينصرف إلى الثاني وهو هاهنا في المعنى راجع إليهما ويمكن أن يجاب عند بأن الاستثناء المذكور هاهنا راجع إلى الجملة الثانية أيضا ويقدر في الأول الاستثناء الآخر لدلالة الثانية عليه أو يقال أن الحول والقوة لما كان بمعنى واحد صح رجوع الاستثناء إليهما لتنزلهما منزلة شيء واحد واعلم أن بعضهم ذكر ـ


(وإذا دخلت الهمزة) (١) على (لا) التي لنفي الجنس (لم تغير العمل (٢) أي : عمل (لا) أي : تأثيرها (٣) في مدخولها إعرابا وبناء ؛ لأن العامل لا يتغير عمله بدخول كلمة الاستفهام (معناها) أي : معنى الهمزة الداخلة على (لا) ـ التي لنفي الجنس (إمّا الاستفهام (٤) حقيقة ، فتقول : ألا رجل في الدار؟ مستفهما.

و (إما العرض (٥) مثل : (ألا نزول عندي) ولم يذكر سيبويه أن حال (ألّا) في العرض كحاله قبل الهمزة (٦) ـ بل ذكره (السيرافي) وتبعه الجزولي والمصنف.

ورد ذلك الأندلسي ، وقال : هذا خطأ ؛ لأنها إذا كانت عرضا كانت من حروف الأفعال ، مثل : (إن ولو) وحروف التخصيص ، فيجب انتصاب الاسم بعدها نحو : (ألا زيدا تكرمّه).

__________________

ـ هاهنا وجها سادسا وهو عكس الخامس فهو ليس بشيء ؛ لأنه هو الوجه الثالث بعينه فإن قلت لا نسلم ذلك؛ لأن بينهما مغايرة في الاعتبار ؛ لأن الرفع في الثالث بكونه معطوفا على هو مرفوع المحل وفي السادس بأن يكون اسم لا تكون لا هاهنا بمعنى ليس قلت هذا لا يجريك نفعا ؛ لأن المقصود عد الوجوه باعتبار اختلاف لفظا لا عدها باعتبار توجيهها وهي على ذلك لا تزيد على خمسة وإلا فلا وجه للاقتصاد على الستة مع القدرة على الزيادة عليها وهذا لا يخفى على من له ممارسة في هذا الفن في الجملة. (عافية شرح الكافية).

(١) أي : همزة الاستفهام إذا دخلت على لا النافية للجنس بقيت على ما كان لها من العمل وسائر الأحكام التي سبق ذكرها فتقول : إلا رجل قائم إلا غلام رجل قائم ولا طالعا جبلا وحكم العطف بعد دخولها كحكمها.

(٢) أراد بالعمل اللغوي وإلا فليس في لا رجل لها عمل اصطلاحي لمكان البناء والعمل حقيقيا كما في إلا غلام رجل وتشبيها كما في لا رجل. (هندي).

(٣) قوله : (أي تأثيرها) فذكر المقيد وهو الإعراب وأراد المطلق وهو التأثير أعم من أن يكون إعرابا أو بناء ؛ لأن العامل أي : المؤثر لا يتغير عمله أي : تأثيره لدخول كلمة الاستفهام عليه فيبقى العمل كما كان قبل همزة الاستفهام. (وجيه).

(٤) قوله : (الاستفهام) حيث لا عمل للمتكلم لوجوده بعد لا ولا لعدمه والعرض حيث وجد العلم لعدمه ويكون ممكن الوقوع والتميز حيث لا يكون ممكن الوقوع وحيث وجد العلم لعدمه. (ولى أفندي).

(٥) استفهام مجازا ؛ لأن القائل به لا يقصد لاستفهام عن ترك النزول وقس عليه التمني. (عوض).

(٦) لإنها إذا كانت عرضا تكون من حروف الأفعال فلا يجوز دخولها على الأسماء ؛ لأن العرض لا يكون إلا في الأفعال كما يقال إلا تنزل. (توقادي).


(و) أمّا (التمني) نحو : ألا ماء أشريه ، حيث لا يرجى ماء.

وأما قوله (١) :

ألا رجلا جزاه الله خيرا

فهذه عند الخليل ليست (لا) الداخلة عليها حروف الاستفهام ، ولكنه حرف موضوع للتخضيض برأسه ، فكأنه (٢) قال : ألا ترونني (٣) رجلا ، يعني : هلّا ترونني رجلا ، ولذلك نصب ونون.

وهي عند يونس (لا) التي دخلت عليها همزة الاستفهام (٤) بمعنى التمني فكأنّ القياس (ألّا رجل) ولكنه نون لضرورة الشعر.

(ونعت) اسم (لا) (المبني) لا نعت اسمها المعرب احتراز عن مثل : (لا غلام رجل ظريفا).

(الأول) بالرفع صفة للنعت ، أي : لا الثاني وما بعده ، احتراز عن مثل : (لا رجل ظريف (٥) كريم في الدار).

(مفردا) حال من ضمير (مبني) (٦) ، والعامل فيه مبني على احتراز عن مثل : (لا رجل حسن الوجه) ..

(يليه) حال بعد حال ، أو صفة (مفردا) احتراز عن مفصول ، نحو : (لا غلام فيها

__________________

(١) هذا جواب عن سؤال وهو أن يقال أنتم قلتم ؛ لأن الهمزة إذا دخلت على لا التي لنفي الجنس لا تغير عمل لا والهمزة في إلا رجلا غير عمل لا فأجاب بقوله إما قوله إلا رجلا. داود.

(٢) كأنه قيل حرف التخضيض مختص بالفعل ولا فعل هاهنا فأجاب ب : كأنه ... الخ.

(٣) من إلا رائة أصله تريئون فاعل بحذف الهمزة والياء فصار ترون بضم التاء والراء ثم لحقه ياء المتكلم ونون الوقاية فصار ترونني. (م ح).

(٤) يعني أن لا في البيت مما نحن بصدده مركبة من همزة الاستفهام ولا لنفي الجنس فكانت بمعنى الخ. (عافية).

(٥) إما مبني على الفتح لموافقته لمنعوته وإما مبني رفعا ونصبا ؛ لأنه نعته الأولى. (توقادي).

(٦) الآتي أو المستكن في الأول أو من المبتدأ على قول من جوز وقيل حال من المستكن في يليه وقيل خبر كان المقدر. (زاده).


ظريف) وهذا القيد يغني (١) عن الأول.

(مبنيّ) على الفتح حملا على المنعوت ، لمكان (٢) الاتحاد بينهما والاتصال.

وتوجّه النفي إليه ، أي : إلى النعت حقيقة (٣).

والمبني (٤) في قوله : (ونعت المبني) إشارة إلى ما بيني على الفتح بالأصالة لا بالتبعية، فإن المذكور سابقا (٥) ، فلا يرد أنّه إذا كرر اسم (لا) المبني وبني على الفتح ثم جيء بنعت لا يجوز (٦) بناؤه مثل : (لا ماء لا ماء باردا) مع أنه يصدق عليه أنه (نعت

__________________

(١) اللهم إلا أن يراد بالأول ما هو أول بحسب الطبع لا بالوضع فإن بعض الصفات متقدم على بعضها بالطبع وبهذا يندفع الإشكال.

(٢) قوله : (لمكان الاتحاد) أي : لثبوت الإتحاد ذاتا والاتصال لفظا وتوجه النفي إليه حقيقة لأنك إذا قلت لا رجل ظريف أي : كيسا فكأنك قلت لا ظريف. (عوض).

(٣) لأن النفي في قوله : لا رجل ظريف قائم نفي القيام عن الرجل الموصوف بالظرافة لا عن مجرد الرجل إلا أن لبناء النعت أربع شرائط أن يكون نعت المبني بلا وأن تكون النعت الأول وأن يلي النعت المبني ولا يفصل بينهما وأن تكون نعتا مفردا وإذا وجدت هذه الشروط يتحد النعت مع المنعوت. (ح م ت).

(٤) كأنه قيل إن بلودا في لا ماء ماء بارد فلا يصدق عليه أنه نعت المبني الأول مفردا يليه مع أنه لا يجري فيه الحكم بقوله مبني معرب رفعا ونصبا فلا يكون هذه القاعدة مانعة فأجاب بقوله والمبني إلخ حاصل الجواب أن المراد بالمبني بالأصالة لا بالتبعية فيكون بالنعت نعت المبني بالأصالة ونعت المبني بالتبعية فيخرج بقول ونعت المبني. (طاشكندة).

ـ إما البناء فثلاثة أشياء الأول كون النعت في المعنى هو المبني الذي دخلته لا الثاني كون المنفي في الحقيقة هو النعت لا المنعوت فكان لا باشرته وذلك ؛ لأن معنى لا رجل ظريف فيها لا ظرافة في الرجال فهي لنفي الظرفاء لا لنفي الرجل ولهذا لم يبن صفة المنادى مع المنادى نحو يا زيد الظريف ؛ لأن المنادى لفظا ومعنى هو الموصوف لا الصفة والثالث كونه قريبا من لا التي هي سبب البناء. (سيد عبد الله).

(٥) حيث قال المصران كان المسند إليه بعد دخولها مفردا فهو مبني على ما نصب به. (د ر د).

(٦) قوله : (لا يجوز بناؤه) بل تعين فيه الإعراب رفعا ونصبا على حسب الموصوف وهو المكرر كما هو الظاهر بل هو المتيقن لا المتبوع. (وجيه الدين).

ـ فإن كررت المنفي جاز في الثاني الإعراب والبناء وذلك قولك : لا ماء ماء باردا وإن شئت لم ينون. (مفصل).


المبني الأول مفردا يليه) فإن (باردا) في هذا المثال نعت للتابع لا للمتبوع كما هو (١) الظاهر ، ولو جعل نعتا للمتبوع ، فليس مما يليه لتوسط التابع بينهما؟

(ومعرب) (٢) لأن الأصل في التوابع تبعيتها لمتبوعاتها في الإعراب دون البناء (رفعا)(٣) حملا على محله البعيد (٤) (ونصبا) حملا على اللفظ (٥) أو على محله القريب (نحو لا رجل ظريف) بالفتح (وظريف) بالرفع (وظريفا) (٦) بالنصب (وإلا) (٧) أي : وإن لم يكن النعت كذلك (فالإعراب) أي فحكمه (٨) الإعراب لا غير ، رفعا حملا على المحل(٩) ...

__________________

(١) ويفهم منه إدادا وتابع بين القريب والبعيد فهو للقريب وإن كان البعيد مقصودا هذا بخلاف الضمائر وأسماء الإشارة فإنها للقريب إذا لم يكن البعيد مقصودا وإلا فللبعيد. (حاشية).

(٢) قال ومعرب رفعا ونصبا مصدران نوعيان والقول بأنه منصوب بنزع الخافض ضعيف ؛ لأنه سماعي إلا في أن وإن. (عب).

ـ لأن بناء الاسم لتضمن الحرف ولا تضمن الحرف ولا تضمن في الصفة فيصير معربا. (جلبي).

(٣) وهي مصدران نوعيان لقوله معرب أو منصوبان على نزع الخافض أي : معرب برفع وبنصب. (هندي).

ـ حالان عن الضمير في معرب وبيان لما تعلق بكون النعت معربا من الجهات يعني على تقدير تقييد النعت بالقيود المذكورة جاز فيه البناء والإعراب وعلى تقدير إعرابه جاز فيه الرفع والنصب. (عوض هندي).

(٤) لأن اسم لا مع المبنى في محل الرفع بالابتداء.

(٥) من حيث إن فتحته لشبه الإعراب في العروض.

(٦) أما جواز البناء فيه فلأنهم نزلوا الوصف مع الموصوف منزلة شيء واحد من جهة إن ذاتهما واحدة وإن المتى نفي رجل موصوف بالظرافة لا مطلق الرجل فالصفة هاهنا كانت مقصورة إذ لولاها لاختل المعنى ؛ لأنه لا يلزم منه نفي جميع الرجال وليس ذلك بمراد وأما جواز الإعراب فلئلا يلزم إيهام تركيب كنز من كلمتين تركيبا مزجيا أو لأن علة البناء وهي تضمن من الاستغراقية إنما تتصادق بالموصوف دون الصفة. (عافية شرح الكافية).

(٧) عطف على مقدر مفهوم من القيود المذكورة في التعريف يعني إذا كان نعت اسم لا هذه موجود فيه هذه القيود والشروط فهو مبني على الفتح ومعرب رفعا ونصبا وأشار الشارح إلى هذا بقوله وإن لم يكن الخ.(توقادي).

(٨) قوله : (فحكمة الإعراب لا غير) لم يقل فإعراب واجب بنفي صريحا مع إنهما سيان في الدلالة على الإعراب فقط فلا يرد ما قيل الأولى أن يقدر فيجب الرفع. (وجيه الدين).

(٩) قوله : (على محل البعيد) وقوله (على محل القريب) بناء على أن اسم لا كان في الأصل ـ


البعيد أو نصبا حملا على اللفظ ، أو المحل القريب ، وقد مرت أمثلته (١) في بيان فوائد القيود (والعطف) (٢) على اسم (لا) المبني إذا كان المعطوف نكرة بلا تكرير (لا) في المعطوف، فإنه إذا كان المعطوف معرفة وجب رفعه ، نحو : (لا غلام لك والفرس) (٣).

وإذا كان (لا) مكررا في المعطوف فحكمه ما علم في قوله : (لا حول ولا قوة) فيما سبق بأن يحمل (على اللفظ) أي : لفظ اسم (لا) المبني ويجعل منصوبا.

(و) بأن يحمل (على المحل) ويجعل مرفوعا (جائز) (٤).

ولا يجوز فيه البناء ، لمكان الفصل بالعاطف ولم يجعل في حكم المتصل (٥) لمظنة الفصل (٦) ب : (لا) المؤكدة (٧) ، إذ المعطوف على النفي تزاد فيه (لا) كثيرا نحو : (لا حول ولا قوة).

__________________

ـ مبتدأ ؛ لأن لا من نواسخ المبتدأ والخبر ثم صار منصوبا ثم صار مبنيا ؛ لأن لا تعمل عمل إن ثم بنى لعارض تضمن من فاعتبار كونه في الأصل من محله الرفع وباعتبار أنه صار اسما منصوبا بعد كونه مبتدأ محله النصب. (فاضل وجيه).

(١) وهي قوله : (لا غلام رجل ظريفا) في قيده المبني ، وقوله : لا رجل ظريف كريم في الدار في قيده الأول ، وقوله : لا رجل حسن الوجه في قيده مفردا ، وقوله : لا غلام فيها ظريف في قيده يليه. (حاشية د).

(٢) إن شرط جواز العطف ثلاثة أن يكون اسم لا مبنيا وأن يكون المعطوف نكرة وأن لا يكون فيه مكررا ولذا بين الشارح بقوله إذا كان المعطوف. (لمحرره).

(٣) لأنك لو نصبته عملا على اللفظ أو على المحل لكانت لفظة لا عاملة في المعرفة وذا الحال. (توقادي).

(٤) قال وجهان النصب حملا على اللفظ والرفع حملا على المحل البعيد جائزان على السوية. (توقادي).

فإن قلت لم لا يجوز فيه البناء قلت إما ؛ لأن بين المعطوف والمعطوف عليه مغايرة بالذات فلا يستقيم جعلهما كشيء واحد. (عوض).

(٥) بأن يكون الواو زائدة لتأكيد اللصوق كما في عطف بعضها على بعض مثل قولك : زيد العالم والشاعر والدبير. (م ح).

(٦) أي : لثبوت الفصل بين اسم لا والعطف ولأن هذا محل أن يظن فيه الفصل. (رضا).

(٧) كقوله تعالى : (أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ)[البقرة : ٢٥٤] ، بخلاف الصفات والندى ؛ لأنه ليس فيهما هذا الظن فافترقا. (شرح).


(مثل) لا أب وابنا وابن) في قول الشاعر :

ولا أب (١) وابن مثل مروان وابنه

إذ هو بالمجد (٢) ارتدى وتأزرا

وسائر (٣) التوابع لا نص عنهم فيها ، لكن ينبغي أن يكون حكمها حكم توابع المنادى كذا ذكره الأندلسي.

(ومثل (٤) : لا أباله ، ولا غلامي له) أي : كل تركيب يكون فيه بعد اسم (لا) التي لنفي الجنس لام الإضافة وأجرى على ذلك الاسم أحكام الإضافة (٥) من إثبات الألف في هذا نحو (٦) : (أب) وحذف النون نحو : (لا غلامين) (جائز) يعني أن الأصل في

__________________

(١) قوله : (ولا أب وابنا مثل مروان وابنه) كلمة مثل خبر لا وإذ ظرف المتعلق بمثل وهو مبتدأ خبره ارتدى وتآزرا عطف عليه وهو راجع إلى الأب ؛ لأن مجد الأب مجد الابن دون العكس ؛ لأن الشرف والمجد يكونان بالآباء. (وجيه الدين).

(٢) الجار متعلق بالفعل بعده قدم للحصر الارتداء الرجوع من ردا بمعنى رجع وتآزر من أزراي قوى يعني أن مروان رجع إلى المجد وتآزر وتقوى والألف في تآزر للإشباع كألف أنتا في قول الشاعر لا للتثنية. خلاصة (م ع).

(٣) قوله : (سائر التوابع) إلى الذي بقي من التوابع بعد الوصف والعطف وهي البدل وعطف البيان والتأكيد اللفظي بخلاف التأكيد المعنوي فإنه لا يكون إلا للمعرفة فلا يكون توكيدا لاسم لا لنفي الجنس. (فاضل محشي ج).

(٤) هذا جواب سؤال مقدر كأنه قيل أنت قلت فإن كان اسم لا مفردا هو مبني على ما ينصب به وأبا غلامي لا أبا له ولا غلامي له مفردان مع أنهما معربان فأجاب بقوله ومثل لا أبا له الخ. (لمحرره).

ـ اعلم أن اسم لا إذا كان نكرة مفردة وذكر بعدها ما يصح إضافتها إليه وفصل بينهما باللام ومع ذلك كانت موصوفة بلام الجار ومجرورا بها كقولك لا أب له ولا غلامين له فاللغة الفصيحة هاهنا أن تبقى على بناؤها على ما ينصب به وفيها لغة أخرى وهي أن تثبت الألف في مثل الأول وأن يحذف النون في مثل الثاني كما ذكر في المتن وأشار إلى سبب جوازها بقوله تشبيها. (عافية شرح الكافية).

(٥) يعني بإعطاء حكم الإضافة والمراد بمثل لا أبا له لا أخا له فقط هذا الحكم مختص بالمفردات بالأب وبمثل غلامي له كل ما كنا فيه نون التثنية والجمع نحو لا مسلمي له ولا ناصري له. (حاشية م).

(٦) أراد به الأسماء الستة يغر ذو فإنه لا يقطع عن الإضافة هذا عند المصنف وأما عند الرضي فلا يجاوز هذا من الأسماء الستة الأخ والأب. (عصام).


مثل : هذين التركيبين أن يقال : لا أب له ولا غلامين له ، فيكون اسم (لا) فيهما مبنيا على ما ينصب به ، والجار مع المجرور خبرا لها.

وقد جاء على قلة مثل : (لا أبا له) و (غلامي له) بزيادة الألف في مثل : (أب) وإسقاط النون في مثل : (غلامين) كما في حال الإضافة (تشبيها له) أي لاسم (لا) في هذين التركيبين ، مع أنه ليس بمضاف ـ (بالمضاف) وإجراء (١) لأحكام المضاف عليه بإثبات الألف وحذف النون ، فيكون معربا وذلك التشبيه إنما هو (لمشاركته) أي : لمشاركة اسم (لا) حين يضاف بإظهار اللام بينه وبين ما يضاف إليه (له) أي : للمضاف (في أصل معناه) (٢) أي : معنى المضاف من حيث هو مضاف ، يعني الإضافة وهو الاختصاص (٣) أو المعنى (٤) : أن مثل : (لا أبا له) ، و (لا غلامي له) جائز تشبيها له. أي : لمثل (٥) هذين التركيبين حيث لا إضافة فيه بالمضاف ، أي (٦) : بتركيب يشتمل على

__________________

(١) وإجراء لأحكام المضاف إليه إنما زاد ذلك لئلا يتوهم أنه منصوب بالمشابهة بالمضاف ؛ إذ لو كان كذلك النون لا أبا له كما نوّن لا حسنا وجهه ولم يحذف النون. (عب).

(٢) وهو نسبة الأبوة إلى المذكور بعد اللام مثلها في الإضافة ؛ لأن معنى أبوك أب لك فكلا اللفظين يشتركان في هذا المعنى وإن كان في حذف اللام معنى زائد باعتبار إفادة قوة الخصوصية حتى يصير بها معرفة ولا كذلك مع إثباتها فإن قلت ما الوجه في توجيه أصل المعنى قلت ذلك ؛ لأن المضاف فيه أمران أحدهما ما به الاتفاق وهو المعنى المذكور ، والثاني : المعنى الزائد باعتبار زيادة الخصوصية ولما كان الثاني باعتبار أنه زائد يحتاج إلى مزيد عليه والمحتاج إليه أصل سمى الأول أصلا ثم ينبغي أن يعلم أن الاسم حينئذ معرب ؛ لأنه لما أجرى مجرى المضاف وأعطى له حكمه صار معربا تشبيها له به على تقدير فرض الإضافة إلى الهاء لكن نصب لتنكير أو صار معربا تشبيها له به عند فرض إضافته إلى النكرة. (عافية شرح الكافية).

(٣) احتراز عن المعنى الذي كان للمضاف قبل أن يضاف كالأبوة في قوله أبا. (تأمل).

ـ قوله : (وهو الاختصاص) جعل الاختصاص أصل معنى الإضافة ؛ لأن غيره من التعريف أو المعاني الآخر قد يلحق به. (عب).

(٤) قوله : (أو المعنى) يعني أن الضمير قي قوله تشبيها له لم يحتمل أن يرجع إلى قوله باسم لا كما يدل عليه سوق كلامه ويحتمل أن يرجع إلى مثل لا أبا له كما هو الظاهر من قوله مثل لا أبا له. (وجيه الدين).

(٥) واللام داخلة على المشبه وصلة للتشبيه أي : لكون مثل هذا التركيبين.

(٦) يريد أن المراد بالمضاف معناه المجازي وهو التركيب الذي فيه الإضافة بعلاقة الجزئية لا معناه الحقيقي وهو كل اسم أضيف إلخ كما في التفسير الأول فيكون المشبه والمشبه به هو ـ


الإضافة على الإضافة (لمشاركته) : أي : مشاركة هذين التركبين له ، أي : لما يشتمل على الإضافة في أصل معناه أي : معنى ما يشتمل على الإضافة وهو الاختصاص إلا أن بين الاختصاصين (١) تفاوتا ، فإن الاختصاص المفهوم من التركيب الإضافي أتمّ مما يفهم منغيره(٢).

(ومن ثمة) أي : لأجل أن جواز مثل : هذين التركيبيين إنما هو بتشبيه غير المضاف بالمضاف في معنى الاختصاص (لم يجز) تركيب (لا أبا فيها) أي : في الدار ، لعدم الاختصاص (٣) فإن الاختصاص المفهوم من إضافة الأب إلى شيء إنما هو بأبوّته له وهذا الاختصاص غير ثابت للأب بالنسبة إلى الدار فلا يصح إضافته إلى الدار ، فكيف (٤) يشبّه تركيب (لا أبا فيها) بتركيب يضاف فيه الأب إلى الدار ، لمشاركته له في أصل معناه؟

(وليس) أي : مثل : هذين بين التركيبين (بمضاف) (٥) حقيقة (لفساد المعنى)(٦)

__________________

ـ الهيئة التركيبية أعني شبه تركيب لا أبا له بتركيب لا أبا رجل وتركيب لا غلامي له بتركيب لا غلامي رجل فأثبت الألف وحذف النون كما ثبت وحذف في المشبه به. (توقادي).

(١) المفهوم من تركيب لا أبا له حيث إضافة فيه والاختصاص المفهوم من تركيب يكون اسم لا فيه مضافا. (م ح).

(٢) لأنه زائد على أصل التخصيص وأصل إلى حد اليقين بخلاف ما يفهم من غيره فإنه باق على أصل التخصيص. (وجيه الدين).

(٣) في مثل هذا التركيب ؛ لأن المضاف قبل الإضافة لم يكن بمعنى.

(٤) إذا لم يصح إضافته إليه فكيف استفهام إنكاري أي : معنى المستفاد منها بلا إضافة.

(٥) لأن الإضافة هاهنا لا يكون بمعنى اللام بل بمعنى في أما أن يبقى لا بلا خبر أو تعمل هي في المعرفة وكلاهما غير جائز. (متوسط).

(٦) ذكروا في بيان لزوم الفساد وجوها الأول أنه لو كان مضافا لزم دخول لا على المعرفة من غير تكرير ؛ لأن الإضافة مختصة والثاني أن لا أب له ولا أبا له مشترك في المعنى والأول ليس بمضاف فوجوب أن يكون الثاني كذلك ؛ لأن اللفظين لما اتفقا فيه في المعنى والتكرير معلوم وجب اشتراكهما فيه وإلا لما اتفقتا فيه لكان مضافا لا يكون كذلك والثالث لو كان مضافا لزم أن يبقى بلا خبر ؛ لأن الجار والمجرور من تتمة الأول ففي الكل نظر لا نسلم دخوله على المعرفة وأيضا اشتراك مثالين غير مسلم وبقاء لا بلا خبر غير مسلم وتفصيله في العافية فانظر إن كنت من أصحاب النظر. (عافية).


المراد المفاد بهما (١) على تقدير الإضافة وهو (٢) نفي ثبوت جنس الأب أو الغلامين ، لمرجع الضمير المجرور بالاستقلال من غير (٣) احتياج إلى تقدير خبر. وهذا المعنى يفسد من وجهين على تقدير الإضافة.

أما أوّلا : فلأن معنى هذا التركيب على تقدير الإضافة لا أباه ، ولا غلامية ، وهذا لا يتم إلا بتقدير خبر أي : لا أباه موجود ، وغلامية موجودان.

وأما ثانيا : فلأن المراد نفي ثبوت جنس الأب أو الغلامين له ، لا نفي الوجود عن أبيه المعلوم أو غلامية المعلومين.

(خلافا لسيبويه) والخليل وجمهور النحلة ، وإنما خصّ سيبويه (٤) بهذا الخلاف ؛ لأنه العمدة فيما بينهم ، أو ؛ لأن المقصود بيان الخلاف لا تعيين المخالفين ، فمذهب سيبويه (٥) والخليل وجمهور النحاة أن مثل : هذا التركيب مضاف حقيقة باعتبار المعنى ،

__________________

(١) قول الشارح بهما متعلق بالمراد والمفاد على سبيل الشائع إنما قيد به لعدم فساد المعنى الغير المراد وهو الظاهر. وافية.

(٢) قوله : (نفي ثبوت جنس الأب والغلامين) لمرجع الضمير يعني : أن المقصود نفي أن يكون له جنس أب وأن يكون له جنس غلامين من نفس هذا التركيب بدون تقرير الخبر وهذا المعنى لا يحصل من نحو : لا أباه وغلامه لأن معناه أن له أبا وغلامين معينين بنفي وجودهما وعلى تقدير أن يحصل ذلك المعنى منها فليس من نفس التركيب بل تقدير الخبر هذا فالمناسب عكسه الترتيب في البحث على قاعدة المناظرة وأيضا المقصود بيان الخلاف لا تعداد المخالفين ويقينهم ويكفي في ذلك إظهار أحد المخالفين فإن قيل لو كان مضافا يلزم عمل لا في المعرفة بدون الرفع والتكرير وهو جائز قيل إنه وإن كان معرفة لكنه يشبه النكرة بصورة الفصل بين المضاف والمضاف إليه باللام فلا يلزم الرفع والتكرير. (وجيه الدين).

(٣) أي : على تقدير أن يضاف الأب أو الغلام إلى الضمير بأن يكون اللام زائدة. (توقادي).

(٤) وإنما خص سيبويه بهذا الخلاف ؛ لأنه العمدة فيما بينهم فيه بحث ؛ لأنه حكم المحقق الشريف قدس‌سره في شرح الكشاف أن الخليل أعلى كعبا منه وقال صاحب إعراب الفاتحة لم يسبق الخليل فيما بين العلماء النحو مثل له ولم يخلف فيما بينهم مثلا له. (ع ص).

(٥) فإن سيبويه ذهب إلى أن اسم لا في الصورتين المذكورتين مضاف إلى الهاء إلا أنه اقحمت اللام بينهما توكيدا للإضافة وقضا من حق المبني في التنكير بما يظهر بها من صورة الانفصال ثم اعلم أن ثبات الألف وحذف النون إذا لم يكن بينهما مفصولا بالصفة فإنه لو كان كذلك لا يجوز أصلا بالإتقان أب ظريف لك ولا غلامين ظريفين لك والتفصيل في العوض. (عوض).


وإقحام اللام بين المضاف والمضاف إليه تأكيد للّام المقدرة.

وحكم المصنف لفساده لما عرفت.

(ويحذف) (١) اسم (لا) (٢) حذفا كثيرا (في مثل : لا عليك) أي لا بأس عليك. ولا يحذف إلا مع وجود الخبر ، لئلا يكون إجحافا. (٣)

وقولهم : (لا كزيد) إن جعلنا الكاف اسما جاز أن يكون (كزيد) (٤) اسما والخبر محذوفا. أي : لا مثله موجود ، وجاز أن يكون خبرا ، أي لا أحد مثل : زيد وإن جعلناه حرفا فالاسم محذوف ، أي لا أحد كزيد.

(خبر ما (٥) ولا المشتبهين) في النفي (٦) والدخول على الجملة الاسمية (بليس).

__________________

(١) استئناف أو اعتراض أو عطف على مقدار أي : يذكر قليلا ويحذف كثيرا.

(٢) إذا وجد قرينة دالة عليه سواء كانت لفظية أو معنوية قياسا على جواز حذف المبتدأ ؛ لأنه هو طايرة عليه كلمة لا. (عوض).

ـ يشير إلى أن نصب قوله كثيرا على المصدرية ويجوز على الظرفية أي : زمانا كثيرا. (توقادي).

(٣) قوله : (إجحافا) بكسر الهمزة والجيم المتقدمة وهو الإذهاب والتنقيص أي : لئلا يكون الحذف سببا للإلغاء ؛ لأنه إذا حذف الاسم كثيرا ويحذف الخبر أيضا كثيرا فتبقى لا العاملة بدون المعمول وهو عين الإجحاف فيحب ذكر أحدهما. (م).

(٤) يعني : جاز أن يكون الكاف وحده منصوبا محلا على أنه اسم لا.

(٥) مشابهة ما بليس في خمسة مواضع الأول في النفي والثاني في نفي الحال والثالث في الدخول على المعرفة والنكرة والرابع في الدخول على المبتدأ والخبر والخامس في دخول الباء في خبره. ـ ومشابهة لا بليس في ثلاثة مواضع الأول الدخول على المبتدأ والخبر والثاني في النفي والثالث في دخول الباء في خبره. (لمحرره).

ـ فإن قلت ما الفرق بين لا هذه وبين لا لنفي الجنس مع أن كلا منهما يفيد الاستغراق في النفي قلت نعم إلا أن الأولى للواحد فتعم جميع الآحاد فإن قلت لا رجل في الدار بالتنوين كأينا للواحد ويجوز أن يكون اثنان أو ثلاثة أو أكثر منها والثانية للجنس فتعم جميع أفراد الجنس مفردا كان أو مثنى أو مجموعا فإذا قلت لا رجل بالفتح بدون التنوين كان نفيا للجنس مطلقا.(عافية شرح الكافية).

ـ مبتدأ محذوف الخبر أي : منه خبر ما ولا قوله هو المسند ابتداء كلام أو مبتدأ خبره قوله المسند وقوله هو فصل.

(٦) قوله : (في النفي والدخول) إلا أن ما أقوى شبها به لكونه لنفي الحال ولذلك كان استعمال ـ


(هو المسند بعد دخولهما) أي : : دخول (ما ولا).

(وهي) أي : خبرية خبر (ما ، ولا) لهما ، وكذا اسمية اسمها لهما (لغة حجازية) وخص الخبرية بالذكر ؛ لأن أعمالهما وجعل اسمها وخبرهما اسما وخبرا لهما إنما يظهر باعتبار الخبر (١) فجعل الخبر خبرا لهما ، إنما هو في لغة أهل الحجاز.

وأما بنو تميم (٢) فحيث لا يذهبون إلى أعمالهما لا يجعلون الخبر خبرا لهما ، ولا الاسم اسما لهما ، بل هما مبتدأ (٣) وخبر على ما كانا عليه قبل دخولهما عليهما.

ولغة أهل الحجاز هي التي جاء عليها التنزيل.

قال الله تعالى : (ما هذا بَشَراً) [يوسف : ٣١] و (ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ) [المجادلة:٢](٤) وإذا زيدت (٥) (إن) مع (ما) نحو : (ما إن زيد قائم) ، قيل : إنما خصصت (ما) بالذكر ؛ لأنها لا تزاد مع (لا) في استعمالهم. (٦)

__________________

ـ لا بمعنى ليس شاذ قال الرضي : إنهم لا ينقلون عن أحد لا عن الحجازيين ولا عن غيرهم رفع اسم ولا نصب خبرها في موضع فاللغة الحجازية عندهم إعمال ما دون لا ليس بشرط سيجيء أو قال أيضا الأصل في ما أن لا يعمل كما في لغة بني تميم أو قياس العوامل أن يختصر بالقبيل الذي يعمل فيه من الاسم أو الفعل فيكون متمكنة بثبوتها في مركزيها وما مشترك بين الاسم والفعل وأما الحجازيون فإنهم أعملوها مع عدم الاختصاص لقوة فشابهتهما لليس في كونها لنفي الحال. (وجيه الدين).

(١) لأن الخبر منصوب بهما لفظا أو تقديرا غالبا فيظهر عملهما وكونهما عاملين فيه وأما الاسم فمرفوع كما كان مرفوعا قبل دخولهما فلا يظهر أثر عملهما فيه ؛ لأنه لا يعلم أنه مرفوع بهما أو لا وإذا جعل الخبر منصوبا بهما يعلم أن الاسم أيضا مرفوع بهما ؛ لأن الحرف لا يعلم في جزء الجملة فقط بل يعمل في جزئيها لأنهم اعتبروا الشبه بليس للمحض بقبيل واحد (رضى توقادي).

(٢) قوله : (وأما بنو تميم ... إلخ) وذلك ؛ لأن قياس العوامل أن يختص بالقبيل الذي تعمل فيه من الاسم والفعل ليكون متمكنة بثبوتها في مركزها ومشتركة بين الاسم والفعل. (عب).

(٣) من غير أن يعملا فيهما بل المقصود منهما نفي مضمون الجملة. (م ح).

(٤) جمع أم وهي الوالدة والجمع أمهات وأصل الأم أمهة حذفت الهاء والتاء على غير قياس فبقي أم ولذا جمع على أمهات والنص شاهد له وقيل الأمهات للناس وإلا مات للبهائم وهذا صريح في عمل ما وأما لا فمقيسة على ما لكونهما شريكتين في المشابهة بلبيس. (م ح).

(٥) ولا بين عاملتيهما أراد أن يبين ما يبطل عملهما وهو ثلاثة أشياء فقال : وإذا أريدت. (م ح).

(٦) فليس بوجه وجيه ؛ لأن الشرط عدمها فلا يقتضى الوجود في الاستعمال بل يكفي الإمكان ـ


وهي زائدة عند البصريين ، نافية مؤكدة (١) عند الكوفيين. (٢)

(أو انتقض (٣) النفي بإلا) نحو : (ما زيد إلا قائم) (أو تقدم الخبر) نحو : (ما قائم زيد) (بطل العمل) أي : عمل (ما) إذا كان مع واحد من هذه الأمور الثلاثة.

أما إذا زيدت (إن) فلأن (ما) عامل ضعيف عمل لشبهه ب : (ليس) فلما فصل بينهما وبين معمولها لم تعمل.

وأما إذا انتقفض النفي ب : (إلّا) فلأن عملها لمعنى النفي ، فلما انتقض بطل العمل.

وأما إذا تقدم الخبر فليتغيّر الترتيب (٤) مع ضعفها في العمل.

(وإذا عطف عليه) أي : على خبرهما (بموجب) (٥) بكسر الجيم ، أي : بعاطف يفيد الإيجاب بعد النفي ، وهو (بل ، ولكن) نحو : (ما زيد مقيما بل مسافر) و (ما عمرو قائما لكن قاعد).

(فالرفع) (٦) أي : فحكم المعطوف الرفع لا غير لكونها بمنزلة (إلّا) في نقض النفي.

__________________

ـ على أن عدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود ولذا مرضه الشارح بقوله قيل آه وبن البركوي على قصور النحاة بقول وشرطهما أن لا يفصل بينهما إلخ.

(١) قوله : (مؤكدة) وإلا فالنفي على النفي تفيد الإثبات وفيه أن هذا يخالف ما قالوا من أنه لا يجوز الجمع بين حرفين متفقي المعنى إلا مفصولا بينهما. (لارى).

(٢) كما في قوله تعالى : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) [الملك : ٢٠] فإن في الآية صريح بالدلالة على هذا المعنى. (عوض أفندي).

(٣) نقل عن يونس أنه يجيز الأعمال مع الانتقاص بإلا وأنشد في ذلك :

وما الدهر إلا منجونا بأهله

وما طالب الحاجات إلا معذبا

 ـ وأجيب بأن المضاف محذوف من الأول أي : دوران منجنون وأن معذبا مصدر. (عب).

(٤) فلما فرغ عن بيان المنصوبات شرع في بيان المجرورات. (عوض).

(٥) وإن كان حرف العاطف غير منتقص للإيجاب قالوا ونحوها جاز الرفع والنصب والمختار النصب نحو ما زيد قائما ولا قاعدا ويجوز الرفع فتقول ولا قاعد وهو خبر المبتدأ والتقدير ولا هو قاعد. (شرح ألفية).

(٦) حملا على محل خبر ما ولا من حيث هو خبر المبتدأ في الأصل. (متوسط).


(المجرورات) (١)

(هو ما اشتمل) (٢) أي : اسم (٣) اشتمل (٤) ليخرج الحروف الآواخر التي (٥) هي محال الإعراب ، فإنه لا يطلق عليها المرفوعات والمنصوبات والمجرورات اصطلاحا ؛ (٦) لأنها أقسام الاسم.

(على علم (٧) المضاف إليه) أي : على علامة (٨) المضاف إليه من حيث هو مضاف (٩) إليه ، يعني الجر ، سواء (١٠) كان بالكسرة أو الفتحة أو الياء لفظا أو تقديرا (١١)

__________________

(١) مبتدأ أو خبر محذوف أي : هذا ذكر المجرورات. (هندي).

ـ ولم يقل المكسورات ؛ لأن الكسر علم البناء والجر علم الإعراب والمضاف إليه معنى معربات فوجب أن يقال المجرورات دون المكسورات والله أعلم بالصواب. (لمحرره).

(٢) والمراد بالاشتمال اشتمال الشيء على ما بصاحبها واشتمال الظرف ما فيه لتوهم الظرفية وجعل من قبيل اشتمال الكل على الجزء كما في الرضي غير مرضي إذا لكل لا ينفك عن الجزء والاسم ينفك عن إعرابه فلما أن لا يتوهم الجزئية في الحركات الإعرابية غايتها توهمها في حروف الإعراب. (لمحرره).

(٣) وجعلها عبارة عن الاسم ؛ لأن البحث فيه ليخرج الحروف وإنما فسرنا لفظة ما بالاسم ليخرج الحروف.

(٤) سواء كان ذلك الاشتمال لفظا أو تقديرا أو محلا. (م ح).

(٥) وصفها بها ليخرج مثل عصا ورحى ؛ لأن الحروف الآخر الصاد والحاء وهما ليسا بمحل للإعراب إذ لو كان محلا له لما صار الإعراب تقديريا. (م ح).

(٦) وإن كان المرفوع والمنصوب والمجرور حقيقة هي الحروف الأواخر لا يقال في العرف الدال مرفوع والراء منصوب في ضرب زيد عمرو بل يقال زيد مرفوع وعمرا منصوب. (جلبي وجيه الدين).

(٧) وإنما لم يقل بدل قوله على علم المضاف إليه على علم الإضافة ؛ لأنه قصد أن يأخذ لاحق كلامه أعني : قوله والمضاف إليه كل اسم إلخ حجر سابق مع أن المراد متبين. (عب).

(٨) فيه إشارة إلى أن المراد بالعلم هاهنا معناه اللغوي وهو العلامة.

(٩) يعني : أن الجر لا يكون علاقة لذات المضاف إليه بل لوصفه يعني لكونه متصفا بكون مضافا إليه بالفعل.(توقادي).

(١٠) أراد بالجر الكسر وما يقوم مقامها إلا المعنى المصدى وهو ثلاثة ولذا قال سواء كان بالكسرة إلخ. (م ح).

(١١) ولم يقل أو محلا ؛ لأن المصنف ذكر أقسام المعرب. (عب).


وإنما قلنا : (من حيث هو مضاف إليه) لأن الجر ليس علامة لذات المضاف إليه بل لحيثية كونه مضافا إليه ، والمضاف (١) إليه وإن كان مختصا بما عرفه به لكن يشتمل على علامته أعم منه ، ومما هو مشّبه (٢) به ، فيدخل في تعريف المجرور مثل ، (بحسبك درهم) وكفى(٣) بالله.

وكذا (٤) المضاف إليه بالإضافة اللفظية وإن لم يكن (٥) داخلا (٦) في تعريفه.

(والمضاف (٧) إليه) وهو هاهنا (٨) غير ما هو المصطلح المشهور بينهم.

__________________

(١) قوله : (والمضاف إليه ... إلخ) جواب سؤال مقدر تقريره أن يقدر كلام المصنف ما اشتمل على اسم نسب إليه شيء ولما كان العلاقة مستلزمة بصاحبها كان ذلك في قوة قولنا : المجرورات هو اسم نسب ... إلخ فلم يخرج عن التعريف المضاف إليه بالإضافة اللفظية والمجرور بحرف الجر الزائد فأجاب الشارح بمنع استلزام العلاقة لصاحبها وحاصل أن العلاقة الحقيقية مستلزمة لصاحبها ومرادنا بعلم المضاف إليه هو الأعم من الحقيقي كما في المعنوية وحرف التعدية والحكمة كما في اللفظية والزائد فلم يكون الحد والمحدود متساويان ..

(٢) أي : أعم بشيء يشبه المضاف إليه في كونه مجرورا وأن يطلق عليه المضاف إليه قيل لجوازان توجد علاقة الشيء بدون ذلك الشيء. (توقادي).

(٣) لأن يصدق على بحسبك وكفى بالله لأنها مشتمله على علم المضاف إليه لا بالحيثية. (رضا).

ـ الأصل فيه حسبك درهم وكفى بالله مرفوع بالابتداء والفاعلية ثم زيدت الياء لتأكيد معنى الكفاية. (فيهما شرح).

(٤) أي : كما يدخل في التعريف ما كان مجرورا بالحرف الزائد يدخل فيه أيضا (م ح) قوله و (كذا المضاف إليه) بالإضافة اللفظية إن لم يكن داخلا في تعريفه بناء على المشهور من أنه ليس في الإضافة اللفظية تقدير حرف الجر. (عيسى الصفوي).

(٥) وعمل الجر هاهنا لمشابهة المضاف إليه الحقيقي بتجرده عن التنوين لأجل الإضافة فما يشمل العلاقة أربعة المضاف إليه بالإضافة الحقيقية والمضاف بالإضافة اللفظية والمجرور بالحرف الأصلي والمجرور بالحرف الزائد والمضاف إليه منها اثنان الأول والثالث. (رضي).

(٦) فإن حسبك لم ينسب إليه شيء بواسطة الباء وكذا الله في (كفى بالله) لم ينسب إليه بواسطة الباء ؛ لإنها زائدة لا مدخل له في الإيصال وكذا المضاف إليه بالإضافة اللفظية نحو ضارب زيد وأن ليس هناك حرف مقدر حتى نسب إليه بواسطة. (وجيه الدين).

(٧) أتى الظاهر موضع الضمير للتنصيص على المراد لاحتمال أنه زاد بالمضاف إليه هنا غير المضاف إليه المذكور ولا بأن يكون أعم من المضاف إليه حقيقة. (عب).

(٨) قوله : (وهو هاهنا ... إلخ) فإنهم إذا طلقوا لفظ المضاف إليه أراد وأما الجر بإضافة الاسم إليه ـ


وذهب المصنف في ذلك إلى مذهب سيبويه ، حيث أطلق المضاف إليه على المنسوب إليه بحرف الجر لفظا أيضا.

(كل اسم) حقيقة أو حكماء ليشمل الجمل التي يضاف إليها نحو : (يوم ينفع الصادقين صدقهم) فإنها في حكم المصادر.

(نسب إليه شيء) اسما كان ، نحو : (غلام زيد) أو فعلا نحو : (مررت بزيد) (بواسطة حرف الجر لفظا أو تقديرا) أي ملفوظا كان ذلك الحرف كما في مثل : (مررت بزيد) أو مقدرا حال كون ذلك المقدر (مرادا) (١) من حيث العمل بإبقاء أثره ، وهو الجر، مثل : (غلام زيد) و (خاتم فضة) و (ضرب اليوم) بخلاف (٢) نحو : (قمت يوم الجمعة) فإنه وإن نسب إليه القيام بالحرف المقدر وهو (في) لكنه غير مراد ، إذ لو أريد لا ينجرّ به.

(فالتقدير) أي : تقدير حرف الجر (شرطه أن يكون المضاف اسما) إذ لو كان فعلا لا بد من أن يتلفظ بالحرف ، (٣) نحو : (مررت بزيد).

__________________

ـ بحذف التنوين الأول فلا يدخل فيه نحو مررت بزيد خلا فالسيبويه فإن أطلق المضاف إليه على ما هو أعم من ذلك فيدخل نحو مررت بزيد وذلك أنك لو قلت مررت بزيد فقد أضفت المرور إلى زيد بواسطة حرف الجر ؛ لإنها تجر معاني الأفعال إلى الأسماء كذا ذكره المصنف في شرحه ولعله لأجل ما ذكره اختار سيبويه وإن كان خلاف اصطلاحهم لا يقال أن المصنف بين الفساد في إضافة نحو لا أبا له مع أن تعريف المضاف إليه يشمل عليه لأنا نقول لا يشمل تعريفه عليه ؛ لأنه لم ينسب الأب إلى الضمير بواسطة لما ذكر من الفساد. (وجيه الدين).

(١) ثم اعلم أن العلماء اختلفوا في عامل المضاف إليه فذهب البعض إلى أنه الحرف المقدر كما هو مدلول ظاهر كلام المصنف وذهب بعض الآخر إلى أنه معنى واستدلوا عليه بأن العامل هاهنا لا يستقيم أن يكون حرفا لكون إضماره ضعيفا ولأنه لو كان الحرف عاملا كان ثابتا في التقدير وذهب بعض الآخر إلى أنه المضاف كما هو مذهب شيخ عبد القهار هذا هو الصحيح من المذاهب المذكورة إن أدرت التفصيل فارجع إلى العافية ولا تكن من الواهية. (عافية شرح الهائية).

(٢) جواب عن سؤال مقدر وهو أن يوم الجمعة نسب إليه القيام بحرف مقدر وهو في تقديره قمت في يوم الجمعة فيدخل في التعريف فأجاب بقوله بخلاف إلخ. (واقية).

(٣) لأن الإضافة لما كانت من خواص الاسم جاز تقدير الحرف فيه فلزم في الفعل ذكر الحرف ؛ لأن الإضافة ليست من خواصه حتى يجوز التقدير والذكر فيه كما في الاسم. (شرح).


(مجردا) أي : منسلخا (١) عنه (تنوينه) أو ما قام (٢) مقامه من نوني التثنية والجمع.

(لاجلها) أي : لأجل الإضافة ؛ لأن التنوين أو النون دليل تمام ما هي فيه.

فلما أرادوا أن يمزحوا الكلمتين مزجا تكتسب به الأولى من الثانية التعريف أو التخصيص أو التخفيف ، حذفوا من الأولى علامة تمام الكلمة ، وتموها بالثانية.

ثم المتبادر من هذا التعريف نظرا إلى كلام القوم ، حيث ليسوا قائلين بتقدير حرف الجر في الإضافة اللفظية أنه غير شامل للمضاف إليه بالإضافة اللفظية لكن الظاهر من كلام المصنف في المتن والتصريح في شرحه له أن التقسيم إلى الإضافة المعنوية واللفظية إنما هو للإضافة بتقدير حرف الجر ، لكنه لم يبين تقدير حرف الجر فيها لا في المتن ، ولا في شرحه ولم ينقل عنه شيء فيه من سائر مصنفاته.

وقد تكلف بعضهم في إضافة الصفة إلى مفعولها ، مثل ، ضارب زيد ، بتقدير اللام ، تقوية للعمل ، أي : (ضارب لزيد) وفي بالإضافة إلى فاعلها مثل : (الحسن

__________________

(١) قوله : (أي : متسلخا) أشار بهذا إلى أن قوله مجرورا مجاز من باب ذكر اللازم وإرادة الملزوم إذا التجريد لازم الانسلاخ فقول المحشي رح يعين أريد بالتجريد الانسلاخ الذي لازم معناه خطأ ويمكن جعله من باب التضمين أيضا وتوجيه الشارح أحسن من جعله من باب القلب الذي ذكر في علم المعاني أي : مجردا هو تن تنوينه كما ذهب إليه الهندي. (مصطفى جلبي).

(٢) قوله (منسلخا عنه) إنما فسر الشارح قوله مجردا بقوله منسلخا عنه ؛ لأن قوله مجرد تنوينه غير صحيح ؛ لأن معناه زال الاسم وبقي التنوين إذ يقال جرد ثياب الرجل إذا زال الرجل وبقي الثياب وهذا فاسد جدا إذ لو تضمن معنى الانسلاخ يكون صحيحا إذا المعنى زال التنوين وبقي الاسم إذ يقال انسلخ الرجل عن ثيابه أي : زال الثياب وبقي الرجل.

ـ أي : زائلا عنه فالانسلاخ مستفاد من انسلاخ الجلد كما أن السلخ بمعنى الإزالة في قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) [يس : ٣٧] مستعار من سلخ الجلد. (وجيه الدين).

ـ فإن قيل يشكل ذلك نحو الحسن الوجه حيث لم يجرد تنوينه ولا ما يقوم مقامه وأجيب بأن المراد مجرد تنوينه لأجل الإضافة حقيقة أو حكما وهاهنا قد حذف ما يقوم مقامه حكما حيث حذف ما أضيف إليه فاعله الذي كالجزء منه إذا الأصل الحسن وجهه والمضاف إليه قائم مقام التنوين فلما حذف من فاعل المضاف فكأنه حذف من المضاف لمكان الجزئية فإن قيل يشكل ذاك نحو : كم رجل وضاربك وحوّاج بيت الله لم يكن فيها تنوين حتى يجرد لأجل الإضافة قلنا المراد لو كان فيه تنوين يحذف لأجلها كذا ذكره المصنف في شرحه فلا يرد ما قيل. (وجيه الدين).


الوجه) بتقدير (من) البيانية ، فإن ذكر الوجه في قولنا : (جاءني زيد الحسن الوجه) بمنزلة التمييز (١) ، فإن في إسناد (الحسن) إلى (زيد) إبهاما.

فإنه لا يعلم أي شيء منه حسن (٢) ، فإذا ذكر الوجه فكأنه قال من حيث الوجه فإن قلت : هذا في الحقيقة تخصيص ، فلا يصح أن يقال : إن الإضافة اللفظية لا تفيد إلا تخفيفا في اللفظ قلنا : كان (٣) هذا التخصيص (٤) واقعا قبل (٥) الإضافة ، فلا يكون مما تفيده الإضافة فليست فائدة الإضافة اللفظية إلا التخفيف في اللفظ.

(وهي) أي : الإضافة (٦) بتقدير حرف الجر ب : (معنوية) أي : منسوبة إلى المعنى ؛ لأنها (٧) تفيد

معنى في المضاف ، تعريفا أو تخصيصا (ولفظية) أي : منسوبة إلى اللفظ فقط دون المعنى لعدم سرايتها (٨) إليه.

__________________

(١) الذي يدخل عليه من البيانية لتأكيد البيان كما في ولله دره من فارس وقال من قائل. (لمحرره).

(٢) أي : عضو من أعضائه وأي وصف من أوصافه حسن فلزم بيان موضع الحسن ليعلم ما هو المقصود والمراد. (شرح).

(٣) قوله : (كان هذا التخصيص ... إلخ). وذلك انضارب في ضارب زيد أو حسن في حسن الوجه بالرفع قد خصصا بالمفعول والفاعل. (وجيه الدين).

(٤) لأن الحسن عاما شائعا قبل الإضافة فلما أضيف إلى الوجه صار خاصا به وأفادت الإضافة التخصيص. (توقادي).

(٥) قوله : (قبل الإضافة) ؛ لأن المضاف إليه في الإضافة اللفظية ليست منسوبا إليه بواسطة حرف الجر نحو حسن الوجه مثلا بل نسبة المضاف إلى المضاف إليه فيها نسبة الصفة إلى فاعلها ومفعولها وتلك النسبة ليست بواسطة حرف الجر فلا يفيد الإضافة اللفظية الاختصاص.

(٦) أشار إلى أن الضمير الراجع إلى الإضافة المفهومة من قوله فالتقدير شرطه أن يكون إلخ. (جلبي).

(٧) قوله : (لأنها تفيد معنى أراد به) ما قام بالغير وهو معنى التعريف والتخصيص وأراد بالمعنى المذكور في المدعى ما يقابل اللفظ. (لارى).

(٨) قوله : (لعدم سرايتها إليه) لعدم سراية فائدتها من اللفظ إلى هذا تعليل أنيق والحاصل أن كل واحد من التعليلين المذكورين في المعنوية واللفظية يصلح لهما ؛ لأنه يستفاد من قوله ؛ لإنها تقيد معنى في المضاف تعريفا أو تخصيصا ؛ لأن اللفظية تفيد في المضاف تخفيفا ويستفاد من قوله لعدم سرايتها إليه إنما نسب إلى المعنى لسراية فائدتها من اللفظ إلى المعنى فيوجد حسن التقابل بهذا الاعتبار من الطرفين مرتين. (مصطفى جلبي).


(فالمعنوية) علامتها (١) (أن يكون المضاف) فيها غير صفة كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة (مضافة إلى معمولها) أي : فاعلها أو مفعولها قبل (٢) الإضافة ، سواء لم يكن صفة ك : (غلام زيد) أو كان صفة ولكن غير مضافة إلى معمولها بل إلى غيرة ك : (مصارع (٣) مصر) و (كريم البلد).

واحترز به عن نحو : (ضارب زيد) و (حسن الوجه)

(وهي) أي : الإضافة المعنوية بحكم الاستقراء.

(إمّا بمعنى اللام (٤) فيما) أي : في المضاف إليه (عدا جنس المضاف وظرفه) أي لا يكون صادقا على المضاف وغيره ، ولا ظرفا له ، نحو : (غلام زيد) فإن زيدا ليس جنسا للغلام صادقا (٥) عليه ولا ظرفه.

فإضافة الغلام إليه بمعنى اللام ، أي غلام لزيد.

(إما بمعنى (من) البيانية (في جنس (٦) ...

__________________

(١) قدر علامتها ليصح الحمل ؛ لأنه قد علم من قوله والمضاف كل اسم نسب إليه شيء إن الإضافة هي النسبة وكون المضاف غير صفة ليس نسبة فقدر العلامة لهذا وتقدير فيها لربط الجملة الواقعة خبرا للمبتدأ بالضمير. (جلبي).

(٢) أشار أولا إلى أن هذا من قبيل ذكر العام وإرادة الخاص وثانيا إلى أن تسميته بالمعمول باعتبار وما كان مثل وآتوا اليتامى أموالهم. (مصطفى).

(٣) قوله : (كمصارع مصر فإن) المصنف ليس معموله إذ ليس المعنى على أن المصارع يصرع في المصر بل المعنى إن المصارع يضاف إلى المصر بأنه مسكن أو غيره من أنواع الملابسة وكذا البلد ليس معمولا للكريم بان يكون كرمه في البلد بل يكون الكريم مضافا إلى البلد بنوع من أنواع الملابسات. (وجيه الدين).

(٤) فالإضافة بمعنى اللام على ثلاثة أنواع أحدها أن يكون بمعنى الملك نحو مال زيد وأرضه والثاني أن يكون بمعنى الاختصاص من نحو أبوه وابنه والثالث بمعنى الاستحقاق نحو سيده وعبده. (مكمل).

(٥) لعدم حمل زيد على الغلام حيث لا يقال : الغلام زيد لعدم الجنسية ؛ لأن الغلام رق وزيد حر. (توقادي).

(٦) فإن قلت : المفهوم من المذكور أن المضاف أخص من المضاف إليه ؛ لأن المضاف على هذا يكون نوعا من المضاف إليه فالنوع أخص من جنسه وهو مناف لقولهم إضافة الأخص إلى ـ


المضاف) الصادق عليه وعلى غيره (١) بشرط أن يكون المضاف أيضا صادقا على غير المضاف إليه ، فيكون بينهما عموم (٢) وخصوص من وجه.

(إمّا بمعنى (في) في ظرفه) أي : في ظرف المضاف.

والحاصل : أن المضاف إليه إمّا مباين للمضاف ، وحينئذ إن كان ظرفا له فالإضافة بمعنى (في) وإلا فهي بمعنى اللام.

وإمّا مساو (٣) له ك : (ليث أسد) أو اعم منه مطلقا ، ك : (أحد اليوم) فالإضافة على التقديرين ممتنعة.

__________________

ـ الأعم ليست بجائزة بل الجواز عكسها لما يحن قلت هذا الحصول للمضاف إنما يجعل بعد الإضافة كما في المثال المذكور فإن أخصيته خاتم من الفضة إنما حصلت بعد الإضافة وإلا فقيها عموم وخصوص من وجه بينهما. (عافية).

(١) قال المصنف في شرح هذا الكتاب وفي شرح المفصل المراد بكون المضاف إليه جنس المضاف إليه جنس المضاف فإن يكون المضاف نوع المضاف إليه ومعنى النوع أن يصح إطلاق الجنس عليه وقال الرضي فالمراد يكون المضاف إليه أن يصح إطلاقه على غيره أيضا فالمراد بالجنس والنوع مصطلح أهل المنطق هذا أعنى اشتراط صحة حمل المضاف إليه على المضاف والأخبار به عنه ما عليه أكثر المتأخرون ولم يعتبر قوم منهم ابن كيسان هذا الشرط فجعلوا الإضافة بمعنى من أن حسن تقديرها وإن لم يصح فيه الأخبار والمذكور والدليل خلافه. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (عموم وخصوص) من وجه نحو خاتم فضة ؛ لأن بينهما عموما وخصوصا من وجه لأنك إذا قلت خاتم يحتمل من فضة أو من ذهب فعل هذا يكون عاما فضة خاصا وإذا قلت فضة يحتمل بالخاتم والإناء فعلى هذا يكون عاما وخاتم خاصا فكان بينهما عموم وخصوص ؛ لأن الخاتم من وجه خاصا وكذا فضة من وجه عاما ومن وجه خاصا. (لمحرره رضا).

ـ اعلم أن النسب في علم الميزان أرجع التباين كالإنسان والفرس والتشابه كالإنسان والناطق والعموم والخصوص مطيق كالحيوان والإنسان ، وعموم من وجه كالحيوان والأبيض وهاهنا ثلاث عهود الأولى ما يجتمعان في شيء كالحيوان والأبيض في الحيوان الأبيض والثانية والثالثة ما يصدق أحدهما دون الآخر كالحيوان والأسود في الحمار الأبيض ويجتمعان فيه في مادة ويفترقان في مادتين. (خلاصة من علم الميزان).

(٣) قوله : (وأما مساو له) وقيل إن أريد المساوات التي هي من أقسام النسب كما هو الظاهر حيث قابل للمباين والعموم مطلقا لا يصح التمثيل بالليث والأسد لأنهما مترادفان فيكونان مفهوما واحدا لا مفهومين حتى تحقق النسبة بينهما وأن أريد المساوات في الاستعمال بأن يصح استعمال أحدهما كما يصح استعمال الآخر لا يلائم المقابلة بالأعم والأخص والمباين ـ


وإما أخص مطلقا ك : (يوم الأحد) و (علم الفقه) ، و (شجر الأراك) (١) فالإضافة حينئذ أيضا بمعنى اللام.

وأما أخص من وجه ، فإن المضاف إليه (٢) أصلا ، للمضاف ، فالإضافة بمعنى (من) وإلا فهي أيضا بمعنى اللام.

وأما أخص من وجه ، فإن كان المضاف إليه أصلا ، للمضاف ، فالإضافة بمعنى (من) وإلا فهي أيضا بمعنى اللام.

فالإضافة (خاتم) إلى فضة) بمعنى (من) بيانية ، وإضافة (فضة) إلى (خاتم) بمعنى اللام ، كما يقال : (فضة خاتمك خير من فضة خاتمي)

واعلم (٣) أنه لا يلزم فيما هو بمعنى اللام أن يصح التصريح بها بل يكفي إفادة

__________________

ـ ويمكن أن يوجه بأن أراد بالمساواة المماثلة بقرينة ذكر لفظ المماثلة التي هي أعم من الترادف والتساوي في مسألة امتناع الإضافة وإطلاق لفظ المساواة رعاية للمقابلة بالأعم والأخص والمباين. (وجيه الدين).

(١) وهي جمع أراكة وهي في الأصل شجرة ومرّة يتخذ منها المسواك الذي يستاك به ينبت في ديار العرب يجلب منها إلى البلدان التي يسكن أهل الإسلام فيها لكون السواك سنة فيكون خاصا والشجر عاما يصير خاصا بالإضافة إلى نوعه مثل شجر الزيتون وشجر الرمان وغيرهما. (توقادي).

(٢) قوله : (فإن كان المضاف إليه أصلا) الظاهر أن المراد بكونه أصلا للمضاف أن يكون متحدا منه كالخاتم من الفضة ولا يخفى أن كونه أصلا لهذا المعنى غير مشروط في الإضافة البيانية وإلا يلزم أن لا يكون إضافة العدد إلى المعدود وإضافة المميز إلى التمييز في ثلاثة أثواب وكم درهم من الإضافة البيانية إلا أن يقال المراد بكونه أصلا للمضاف كونه منشأ له والمعدود بالنسبة إلى العدد كذلك فإن المعدود هو المقصود والعدد إنما وضع لبيان كميته وكأنه مادة ومنشأ له. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (وعلم ... إلخ) ، جواب عن سؤال مقدر تقديره أنه فيما هو بمعنى اللام يصح إظهار اللام ولا يصح إظهار اللام في هذه الأمثلة المذكور فكيف يصح أن يقال أن الإضافة فيها بمعنى اللام فأجاب بقوله واعلم إلخ. (لمحرره).

ـ قوله : (واعلم أنه ... إلخ) هذا جواب لطيف فيما أوردوا في مثال يوم الأحد وعلم الفقه وشجر الأراك ومثل ما أضيف الكل إليه مثل قول المصنف وقد علم بذلك من كل واحد مع أن الإضافة فيها بمعنى اللام بالاتفاق مع أنه لا يظهر إظهار اللام فيها. (جلبي). ـ


الاختصاص الذي هو مدلول اللام ، فقولك : (يوم الأحد) ، و (علم الفقه) و (شجر الأراك) بمعنى اللام ، ولا يصح إظهار اللام فيه. (١) وبهذا الأصل يرتفع الإشكال عن كثير من مواد الإضافة اللامية ، ولا يحتاج (٢) فيه إلى التكلفات البعيدة (٣) مثل : (كل رجل) و (كل واحد).

(وهو) أي : كون الإضافة بمعنى (في) (قليل) في استعمالاتهم وردها أكثر النحاة إلى الإضافة بمعنى اللام.

فإن معنى : (ضرب اليوم) ، ضرب له اختصاص باليوم ، بملابسة الوقوع (٤) فيه.

فإن قلت (٥) : فعلى هذا يمكن رد الإضافة بمعنى (من) أيضا إلى الإضافة بمعنى

__________________

ـ قوله (فقولك يوم الأحد ... إلخ) الأنسب بحسب المعنى أن تكون هذه الإضافات بيانية وإظهار من فيها حال من التكلف إلا أن أئمة العربية جعلوها لامية ولا يظهر فادعاءهم إليه وكذا كل رجل فالأظهر فيه أن يكون الإضافة بمعنى من أي : كل هو رجل وصح حمل المفرد على كل مع متعدد ؛ لأنه متناول للمتعدد على سبيل البدل. (ع ص).

(١) أي : في هذا القول إذا لم يستعمل يوم للأحد وكذا الحال في الباقين وفي مسجد الجامع وطور سينا والأسماء اللازمة الإضافة فإذا قطعت وجب تنافر ؛ لأنه غير مأنوس والقائل (عبد الغفور). (لارى).

(٢) قوله : (ولا يحتاج ... إلخ) قيل في تصحيح إضافة كل رجل إن كلا لإحاطة جزئيات الكلي أضيف هو إليه وإضافة الجزئي إلى الكلي بمعنى اللام لكن يمنع إظهار اللام إلا بعد تأويل بالجزئيات أو الأفراد وإلا لزم فك كل من الإضافة وذا لا يجوز ورد عليه بأن كلا للإحاطة والجزئي والفرد ملحوظ من جانب المضاف إليه كما تقرر في الميزان فتصحيح إضافة الجزئي إلى الكلي لا يجر في تصحيح إضافة إلى الكلي إلى الجزئي أو الفرد. (وجيه الدين).

(٣) مثل أن يقال في يوم الأحد يوم مخصوص للأحد باعتبار أنه من قبيل إضافة المسمى الحاسمة ؛ لأن الأحد يوم من أيام الأسبوع فأضيف ذلك اليوم إلى اسمه وخص به وفي علم الفقه علم مخصوص للفقه باعتبار كون الفقه جزءا منه فأضيف الكلي إلى الجزء لعلاقة الجزئية وخصوبه وكذا شجر الأراك. (جلبي).

(٤) كقول العرب : كوكب الخرقاء لسهيل أي : كوكب له اختصاص بالمرأة الخرقاء غلاسة أنها تسرع للتهئ لأسباب الشتاء عند طلوعه لأقبله كما هو شأن النساء المديرة للأمور فصار كأن كوكب مختص للمرأة الخرقاء.

(٥) والتحقيق وهو أن كثيرا ما ينزل ظرف الحدث منزلة الفاعل فيسند إليه لإضافة إليه أيضا لهذا ـ


اللام للاختصاص الوقع بين المبيّن والمبيّن ، قلنا : نعم ، لكن لما كانت الإضافة بمعنى (في) قليلا ردوها إلى الإضافة بمعنى اللام ، تقليلا للاقسام وأما الإضافة بمعنى (من) فهي كثيرة في كلامهم ، فالأولى بها أن تجعل قسما على حدة.

نحو (غلام زيد) مثال للإضافة بمعنى اللام أي : لزيد (وخاتم فضة).

مثال للإضافة بمعنى (من) أي : خاتم من فضة (وضرب اليوم) مثال للإضافة بمعنى (في) ، أي : ضرب (١) واقع في اليوم.

(وتفيد) (٢) أي : الإضافة المعنوية (تعريفا) أي (: تعريف المضاف (مع) المضاف إليه (المعرفة) ؛ لأن الهيئة التركيبية في الإضافة المعنوية موضوعة للدلالة على معلومية المضاف ، لا أنّ نسبة أمر إلى معين يستلزم معلومية المنسوب ومعهوديته ، فإن ذلك غير لازم ، كما لا يخفى. (٣)

فإن قلت : قد يقال (جاءني غلام زيد) من غير إشارة إلى واحد معين (٤) ، فلا تكون هيئة التركيب الإضافي موضوعة لمعلومية المضاف.

__________________

ـ التنزيل فمعنى ضرب اليوم كمعنى ضرب زيد فيكون بمعنى اللام وليس هذا الوجه جاريا في خاتم فضة فافترقا ويمكن أن يقال أنهم ينزلون منزلة الفاعل لا مطلقا بل فيما يقصد فيه النكتة كالمبالغة في مكر الليل ونهاره صائم. (ع ص وجيه الدين).

(١) قوله : (أي : ضرب واقع في اليوم) هذا بيان لكون اليوم ظرفا للضرب بيان أنه متعلق بواقع حتى يتوجه عليه ما قيل الظاهر أن في اليوم فيما هو أصل اليوم أعني ضرب في اليوم متعلق بالضرب وليس صفة بتقدير واقع في اليوم. (وجيه).

(٢) استئنافا واعتراض أو عطف على ما قبلها بحسب المعنى كأن قيل ينقسم لإضافة إلى كذا وكذا. (م ع).

ـ وهو بيان فائدة الإضافة المعنوية ؛ لأن إضافة الاسم إلى اسم فعل اختياري لا بد له من غرض وإلا لكان عبسا. (رضا).

(٣) لأن نسبة الفعل إلى فاعل المعين لا يستلزم معهودية الفعل وتعريفه ولهذا كان الفعل نكرة هذا ما ذكره الشارح ويرد عليه أن ما ذكره من كون الهيئة التركيبية موضوعة وإلا يلزم أن يكون غلام رجل أيضا معرفة اللهم إلا أن يقال أن المراد الهيئة التركيبية المتخذة مع الإضافة إلى المعرفة وهذا قال المصنف والرضي. (حاشية ح).

(٤) من غلمان له مريد اختصاص بزيد أما بكونه أعظم قلمانه إذا شهر وغلاما معهودا بينك وبين المخاطب بحيث يرجع إطلاق اللفظ إليه دون سائر غلمانه. (م ح).


قلنا : ذلك (١) كما أن المعرف باللام في أصل الوضع لمعين ، ثم قد يستعمل بلا إشارة إلى معين (٢) كما في قوله :

ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني

فمضيت ثمّت قلت : لا يعنيني

وذلك على خلاف وضعه وليس (٣) يجري هذا الحكم في نحو : (غير ، ومثل) فإن بالإضافة لا تفيد التعريف وإن كانا مع المضاف إليه المعرفة ، لتوغلهما في الإبهام (٤) إلا أن

__________________

(١) إذ ما يقال من نحو جاء في غلام زيد إلخ كما ذكرنا حتى لا تفيد الإضافة المعنوية التعريف ولو كان المضاف إليه معرفة غير مانع لكونه هيئة التركيب الإضافي موضوعية لتعريف المضاف مع المضاف إليه المعرفة ؛ لأن ذلك بحسب الاستعمال لا بحسب الوضع والاستعمال.

ـ ثم المراد من التعريف المستفاد من الإضافة ليس تعريفا شخصيا ألبتة حتى يرد أن غلام زيد فيه إضافة المعرفة مع المضاف لا يتعرف منها على تقدير أن يكون لزيد غلمان كثيرة لبقاء بعض الشيوع وكذا الكلام في ابن زيد إذا كان له ابنا كثيرة وقيل لا بد فيه ح أن يشار إلى غلام معين من بين غلمانه له من الغلمان ثم قد يستعمل على خلاف فاصل وضعه فيقال جاءني غلام زيد من غير إشارة إلى واحد معين وهذا لا يضر إفادتها التعريف باعتبار واصل الوضع كما في المعرف باللام فإن أصل وضعها لواحد معين وقد يستعمل بلا إشارة إليه كما في قوله «ولقد أمر على اللئيم يسبني». (عافية شرح الكافية).

(٢) قد تبع الشارع في ذلك الشيخ الرضي وترك ما حققه علماء البلاغة من أن اللام موضوعة لمعين أما مفهوم مدخوله أو قسم منه وقوله ولقد أمر على اللئيم من الأول فإن المراد من اللئيم مفهومه المعين وغير المعين وهو ما يطلق عليه اللئيم من المفرد من غير استعمال اللفظ فيه مستفاد من القرينة. (ع ص).

ـ وآخر البيت مفضيت ثم قلت لا يعنني واللئيم فعيل بمعنى فاعل للمبالغة من لأم بلأم مثل سأل يسأل وهو من كان دنى الأصل وشحج النفس. (شرح).

(٣) جواب عن سؤال مقدر وتقدير أن قوله تقيد التعريف مع المعرفة منقوض بنحو غير ومثل وشبهه ؛ لإنها لا تفيد التعريف ولا التخصيص وإن كان المضاف إليه معرفة فأجاب بقوله وليس إلخ. (لمحرره).

(٤) لأن مغايرة المخاطب ليست صفة تخص ذاتا دون أخرى إذ كل ما في الوجود إلا ذاته موصوف بهذا وكذا مماثله زيد لا تخص ذاتا دون أخرى إلا أن مثلك أخص من غيرك وذلك أنه ليس كل ما في الوجود مثلك بل بعض منه وهو ما لديه مناسبة ما وإذا توغلت في الإبهام بحيث لا يتخصص تلك النسبة إلى النسبة باعتبار المعنى الذي يباين عين معين له المضاف كما مر انتفى التعريف. (وجيه).


يكون للمضاف إليه ضدّ واحد (١) يعرف بغيريّته ، كقولك : (عليك بالحركة (٢) غير السكون) (٣) وكذلك إذا كان للمضاف إليه مثل : اشتهر بمماثلته في شيء من الأشياء ، كالعلم والشجاعة فقيل : (جاء (٤) مثلك) كان معرفة إذا قصد الذي يماثله في الشيء الفلاني.

(و) تفيد الإضافة المعنوية (تخصيصا) أي : تخصيص المضاف (مع) المضاف إليه (النكرة) نحو : (غلام رجل) فإن التخصيص تقليل الشركاء.

ولا شك أن الغلام قبل إضافته إلى (رجل) كان مشتركا بين (غلام (٥) رجل) (وغلام امرأة) فلما أضيف إلى (رجل) خرج عنه (غلام امرأة) ، وقلت الشركاء فيه.

(شرطها) أي : شرط الإضافة المعنوية (تجريد المضاف) إذا كان معرفة (٦) (من التعريف) فإن كان ذا لام حذف لامه ، وإن كان علما نكّر (٧) بأن يجعل واحدا من جملة من يسمى بذلك الاسم.

__________________

(١) كالسكون فإن له ضد واحد وهو الحركة والقوم واليوم والعلم.

(٢) قيل الحركة الخروج من القوة إلى الفعل على سبيل التدريج والسكون ضده وقيل الحركة كونان في آنين في مكانين والسكون كونان في آنين في مكان واحد. (حكمت).

(٣) وقال صاحب ... ولا يجوز إدخال الألف واللام على غير نص عليه سيبويه ؛ لأنه لا بد لها من الإضافة والمضاف إليه إما مذكور أو منوي والمنوي في حكم الثابت فلا يجمع معه الألف واللام ولا يجوز تثنيته وجمعه نص سيبويه عليه فلا يجوز إدخال الألف واللام على كل وبعض لما ذكره الأصمعي ومما يعرف بإضافة الجهات الستة وعند حيث وغيرها. (حلبي حاشية متوسط).

(٤) قيل : إن الإضافة في مثل هذه الغير الأمثلة لفظية ؛ لأن معنى الغير المغايرة ومعنى المثل المماثلة ومعنى الشبه المشابهة فلعل المصنف اختار هذا المذهب فلم يستثنى هذه الأمثلة في ذكره من الحكم الكلي في إضافته المعنوية التعريف وفيه نظر ؛ لإنها لو كانت لفظية لا اجتمع اللام فيها مضافات. (كاملة).

(٥) المراد بالغلام أفراد الغلام لا لرجل والمرأة مثلا قوله بين غلام الرجل أي : بين أفراد غلام الرجل وكذا حكمة قوله غلام امرأة يدل عليه ما قلنا قوله وقلت الشركاء فيه. (دور أفندي).

(٦) فيكون التجريد على حقيقته لكن بشرط كونه معرفة أي : وشرط الإضافة المعنوية أي : ما أريد إضافته فالإطلاق مجاز. (جلبي).

(٧) قوله : (نكر بأن يجعل ... إلخ) إرادية مثلا فإن تنكير العلم قد يكون بإرادة أشهر أوصافه أو أراد ما هو الغالب في التنكير أو أوراد أن تنكير العلم إذا أضيف لا يكون إلا كذا وقال الرضي عندي أي : يجوز إضافة العلم مع بقاء تعريفه إذ لا مانع من اجتماع التعريفين إذا اختلفتا كما ذكرنا في باب النداء.


وإن لم يكن فلا حاجة إلى التجريد ، بل لا يمكن.

أو المراد (١) بالتجريد تجرده وخلوه من التعريف عند الإضافة سواء كان ذكره في نفسه من غير تجريد ، أو كان معرفة جردت عن التعريف وإنما وجب التجريد ؛ لأن المعرفة لو أضيف إلى النكرة لكان طلبا للأدنى وهو التخصيص مع حصول الأعلى وهو التعريف.

ولو أضيفت إلى المعرفة لكان تحصيل (٢) الحاصل فتضيع الإضافة حيث لا تفيد تعريفا ولا تخصيصا.

فإن قيل : لا فرق بين إضافة المعرفة وبين جعلها (٣) علما (٤) في نحو : (النّجم والثريا(٥) والصّعق وابن عباس) (٦) في لزوم تعريق المعرّف ، فما بالهم جوزوا هذا دون ذلك؟

__________________

(١) قوله : (أو المراد بالتجريد عطف على المقدر) تقديره المراد بالتجريد هاهنا تعرية الاسم عن التعريف إذا كان معرفة أو المراد به تجرده وحلوه والفرق بينهما فذو وجهين : أحدهما : أن التجريد على الوجه الأول مصدر معلوم وعلى الثاني مصدر مجهول وثانيهما : أن التجريد على الوجه الأول مضاف إلى المفعول والثاني ما يقوم مقام المفاعل. (جلبي).

(٢) قوله : (لكان تحصيل ... إلخ) يعني أن المقصود من الإضافة إلى المعرفة حصول أصل التعريف وقد حصل للمعرفة فلو أضيف إلى المعرفة لكان تحصيلا لما هو الحاصل فيها يعني أصل التعريف. (لارى).

ـ ولا يخفى أن تحصيل الحاصل محال فينتج الإضافة إلى المعرفة فلا حاجة إلى قوله فتضيع الإضافة. (فاضل محشي).

(٣) قوله : (وبين جعلها ... إلخ) أورد عليه أن المجهول علم هو المركب والمعرفة جزء فلم يلزم جعل المعرفة علما لا يخفى أنه غير وارد إذ تعيين المرأة بالنجم حاصل من غير جعله علما فجعل المجموع علما لتحصيل بعين تحصيل الحاصل فلا فرق في تحصيل الحاصل بينه وبين إضافة المعرفة نعم ممكن الجواب بأن نجعلها علما في الأمثلة المذكورة بجعل التعريف لازما باقيا فليس فيه تضييع جعلها علما ولا تحصيل للحاصل تأمل جواب الشارح. (ع ص).

(٤) في الامتناع يعني كما يمتنع الأول يمتنع الثاني أيضا ؛ لأن العلة المذكورة فيها سواء.

(٥) تصغير ثروى تأنيث ثروا مثل عطشان وثروان ذو ثرة وعلى الاجتماع واصل ثرويا قلبت الواو ياء وأدغمت ثم عرف باللام ثم جعل علما. (توقادي).

(٦) والابن بالإضافة إلى عباس صار معرفة ثم جعل علما لعبد الله بن عباس.


قلنا : لا نسلم أن في هذه الأمثلة تعريف المعرّف ، بل فيها زوال تعريف (١) وهو التعريف الحاصل باللام أو الإضافة ، وحصول تعريف آخر وهو التعريف بالعلميّة ، فإنها حين صارت أعلاما لم يبق فيها الإشارة إلى معلوميتها باللام أو الإضافة ، فلا يلزم فيها تعريف المعرّف ، بل تبديل تعريف بتعريف.

(وما أجازه (٢) الكوفيون من) تركيب (الثلاثة الأثواب) وشبهه من العدد) المعرف باللام المضاف إلى معدودة ، نحو : (الخمسة الدراهم) و (المائة دينار) (ضعيف) قياسا واستعمالا.

أمّا قياسا : فلما ذكر من لزوم تحصيل الحاصل.

وأمّا استعمالا : فلما ثبت من الفصحاء من ترك اللام.

قال ذو الرّمة :

وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى

ثلاث (٣) الأثافي (٤) والدّيار البلاقع (٥)

__________________

(١) قوله : (فيها زوال تعريف حاصلة) أن العلمية لما كانت وضعا ثانيا زالت مقتضى الوضع الأول بخلاف الإضافة فإنها لما لم تكن وضعا ثانيا لم يزل مقتضى الوضع الأول فلو أضيف المعرفة إلى المعرفة لأدت إلى اجتماع التعريفين في الإرادة. (لارى).

(٢) قوله : (وما أجازه الكوفيون) إشارة إلى اعتراض يرد على قوله وشرطها تجريد المضاف عن التعريف فإن الكوفيين جمعوا بين الإضافة واللام في المضاف كما في الأمثلة المذكورة ووجهه كالقياس وإن كان ضعيفا أنهم قالوا أن المضاف في العدد وهو المضاف إليه من حيث المعنى منها لكونه محل تقريبي فكانا متحدين ذاتا مع أن المقصود بالنسبة منها هو المضاف ؛ لأنه جيء به لغرض العدد فعرف لكونه محل تعريف ؛ لأن المسند إليه الأولى بالتعريف تعريفا بحسب ذاته ؛ لأن تعريفا مستمدا من المضاف إليه ثم أشار إلى الجواب بقوله ضعيف. (عافية شرح الكافية).

ـ وتمسكهم بالاتحاد بين المضاف والمضاف إليه فيما صدقا عليه غير صحيح لاستلزامه جواز الخاتم فضة أيضا ولم يقل به أحد.

(٣) أبا منزل سلمى سلام عليكما

هل الأزمن اللاتي مضين رواجع

وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى

ثلث الأثافي والديار بلاقع

(٤) الأثافي جمع أثفية وهو واحد من الأحجار الثلاثة التي ينصب القد وعليها.

(٥) جمع بلقع بالفتح وهي الأرض القفر التي لا شيء من الماء والنباتات ويستلزم الخلو عنهما الخلو عن الإنسان والحيوانات. ـ


وأما ما جاء في الحديث من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ((بالألف الدينار)) فعلى البدل دون(١) الإضافة.

(و) الإضافة (اللفظية) علامتها (أن يكون) المضاف (صفة) احتراز عما إذا لم يكن صفة ، نحو : (غلام زيد) (مضافة إلى معلولها) احتراز عما إذا كانت مضافة إلى غير معمولها ، نحو : (مصارع (٢) البلد ، وكريم العصر) مثل : (ضارب زيد) من قبيل إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله (وحسن الوجه) (٣) من قبيل إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها (٤).

(ولا تفيد) أي : الإضافة اللفظية فائدة : (إلا تخفيفا) لا تعريفا ولا تخصيصا. لكونها في تقدير الانفصال (في اللفظ) (٥) ...

__________________

ـ والمعنى أسلم عليكما يا منزلي سلمى واستخبر إن الزمان التي مضت وكنا فيها مع الأحباب يرجع إليها ثم ينكر رجع التسليم والسؤال لها فيقول وهل يرجع ولا يرد الأثافي الباقية في المنازل الديار المدرسة جواب السلمى ولا يوضح خبر إذ استخبرتها عنه. (وجيه).

(١) وفيه أن الأثافي تمييز الثلث فكيف يصح تعريفه والتمييز واجب التنكير إلا أن يقال الثلث في الأصل صفة للأثافي وكان أصل التركيب الأثافي الثلث فيكون التركيب من قبل جرد قطيفة وكان من استعمل الثلث الأثافي أراد التنبيه على أنه ليس من الإضافة إلى المميز دفعا لتوهم تعريف التمييز. (ع ص).

(٢) قوله : (مصارع المصنف) وكريم العصر فإن قلت البلد مفعول فيه للمصارع وكذا العصر مفعول للكريم قلب لا يعمل اسم الفاعل بدون الاعتماد فليكن المراد مصارع البلد كريم العصر فيما لم يعتمد. (فاضل محشي).

(٣) وعند بعضهم إضافة أفضل التفضيل من هذه الإضافة بناء على أنه في التحقيق مضاف إلى معموله ؛ لأن معنى قولك : زيد أفضل القوم أنه مفضلهم إذا قيس أفضلهم إلى فضله قيل هذا بإضافة المعنى والحق ما ذهب إليه سيبويه من أن إضافته باعتبار المقيسين معنوية. (عافية شرح الكافية).

(٤) لأنه كان في الأصل حسن وجهه بالرفع ثم أضيف فاستكن الضمير المجرور في الصفة فعوض الألف واللام عن ذلك الضمير فحصا التخفيف من الجانبين.

(٥) فإن قلت لم كانت ترجمة هذه الإضافة لفظية قلت لكون الإيصال فيها في اللفظ فقط والمعنى على انفصال ؛ لأن حقيقتها لما كانت إضافة الصفة إلى معمولها على ما ذكر كان معنى العاملية والمعمولية ملحوظا بينهما بعد الإضافة وذلك ليس إلا بتقدير التنوين أو ما يقوم مقامه وجعل ذلك إياهما في حكم الانفصال ظاهر فلذلك لم يحصل للمضاف اختصاص بالمضاف إليه فلا يسري ما فيه إليه أما التخصيص الذي في ضارب رجل فحصوله ليس بالإضافة بل هو حاصل قبلها لاستواء الحالين هاهنا. (عوض أفندي).


لا في المعنى ، (١) بأن يقسط بعض المعاني عن ملاحظة العقل بإزاء ما يسقط من اللفظ ، بل المعنى على ما كان عليه قبل الإضافة.

والتخفيف اللفظي إمّا في لفظ المضاف فقط ، بحذف التنوين حقيقة ، مثل : (ضارب زيد) أو حكما (٢) مثل : (حواجّ بيت الله) أو بحذف (نوني) التثنية والجمع مثل: (ضاربا زيد ، وضاربو زيد) ، وإمّا في لفظ المضاف إليه فقط ، بحذف .. الضمير واستتاره في الصفة (٣) ك : (القائم الغلام) كان أصله : القائم (٤) غلامه (٥) حذف الضمير من غلامه واستتر (٦) في القائم وأضيف القائم إليه للتخفيف في المضاف إليه فقط وإمّا في المضاف والمضاف إليه معا ، نحو : (زيد قائم الغلام) أصله (زيد قائم غلامه) فالتخفيف(٧) في

__________________

(١) قوله : (لا في المعنى) أشار بذلك إلى ج أخرس اورد ح ه وهو أن ما فائدة قوله في اللفظ وذلك أن التخفيف قد تكون في اللفظ والمعنى معا بأن يسقط بعض المعاني بإزاء ما يسقط بعض المعاني من اللفظ كالظرف المقطوعة من الإضافة نسيا منسيا نحو قبلا فإن التخفيف في اللفظ والمعنى معا ؛ لأن المضاف غير مراد في المعنى أيضا وقد يكون في اللفظ فقط فأشار بقوله لا في المعنى إلى الإضافة اللفظية تفيد الفائدة اللفظية وتفصيل في وجيه الدين فانظر إن كنت من أصل التوحيد. (وجيه الدين).

(٢) بأن يسقط التنوين قبل الإضافة بكونه غير منصرف للعجمة المكررة وليس فيه تنوين ظاهر لكن فيه تنوين حكما. (نور الدين).

(٣) لئلا يلزم حلاء الصفة عن الفاعل ولا بد من جعل المضاف إليه منصوبا تشبيها بالمفعول ثم أضيف إليه على ما قرروه في باب الصفة المشبهة. (وجيه الدين).

(٤) فإن قيل فلم لم يوضع الألف واللام في موضع الهاء والتنوين قلت طلبا للفرق بين العوض والبدل فإن البدل لا يقع في المبدل منه والعوض يقع عوضا في غير المعوض عنه ويقع في موضع المعوض عنه والفرق بين العوض والبدل أن البدل يجتمع مع المبدل منه ومحله محله والعوض لا يجتمع مع المعوض عنه ولا يحل محله فكل بدل عوض وليس كل عوض بدلا. (شرح الجمع).

(٥) فإن قيل إنما يتحقق التخفيف بهذه الإضافة لو لم يعوض من الضمير لام التعريف ولما عوض لا يتحقق قلت أن اللام أخف لفظا ومعنى من الضمير. (كاملة).

(٦) إن قيل يلزم في القائم الغلام تعدد الفاعل فإنه من قبيل الإضافة إلى الفاعل وفيه ضمير أيضا قيل الفاعل بعد الإضافة خرج عن قوله فاعلا لفظا لكنه فاعل معنى وباعتبار المعنى ليس فيه ضمير. (هندي).

(٧) فإن قيل : كيف يوجد التخفيف؟ مع أن هذه الألف واللام عوض عن الضمير المحذوف والجواب عنه أن الألف واللام حرف والضمير اسم.

ـ وبالجملة في الحرف نوع من الخفة.


المضاف بحذف التنوين وفي المضاف إليه بمضاف إليه بحذف الضمير واستتاره في الصفة.

(ومن ثمة) (١) أي : ومن جهة وجوب إفادة الإضافة اللفظية التخفيف وانتفاء كل واحد من التعريف والتخصيص (٢) (جاز) (٣) تركيب (مررت برجل حسن الوجه) (٤) بإضافة الصفة إلى معمولها ، وجعلها صفة للنكرة.

فمن جهة أنها لم تفد تعريفا جاز هذا التركيب (وامتنع) (٥) تركيب (مررت بزيد حسن الوجه) (٦) فلو أفادت تعريفا لم يجز الأول ، للزوم كون المعرفة صفة للنكرة ،

__________________

(١) فإن قيل ثمة إشارة إلى الحصر المذكور وجواز هذا الكلام يبنى على عدم إفادتها التعريف لا على الحصر المذكور حيث لا تعلق بعدم إفادتها التخفيف قيل جاز تركيب مررت إلخ لحصول الطابقة بنكارة الصفة والموصوف حيث لم تفد الإضافة الفظية إلا تخفيفا ولو أفاد التعريف لامتنع لعدم المطابقة. (هندي وحواشيه).

(٢) اختلف في الأمثلة الأربعة في الجواز والامتناع فهذا استدلال من الأثر إلى المؤثر كما هو المتعارف. (م ح).

(٣) قوله : (جاز مررت برجل حسن الوجه) وامتنع مررت بزيد حسن الوجه تفريع لقول الشارح لا تعريفا ولا تخصيصا وقوله وجاز الضاربا تفريع لقول المصنف ولا تفيد إلا تخفيفا. (تقرير).

(٤) أو ضارب أخيه يجعل المضاف إلى ذي اللام أو المضاف إلى الضمير صفة للنكرة فلو لا أنها نكرة كما كان قبلها لما جاز وصفها بها. (خبيصي).

(٥) النكارة الصفة مع تعريف الموصوف ولو أفادت الإضافة اللفظية تعريفا لجاز لحصول المطابقة. (ه).

(٦) بجعل المضاف إلى ذي اللام هو صفة للمعرفة إلا إذا دخل عليها اللام فيقال : مررت بزيد الحسن الوجه. (كاملة).

ـ فإن قيل مثل الحسن الوجه من الإضافة اللفظية ولا تخفيف فيه ؛ لأن التخفيف ما بحذف التنوين أو بحذف النون ولا وجود لشيء منهما فيه أما الأول : فلأن لام التعريف ينافي التنوين ، وأما الثاني : فلأنه مفرد فالجواب إن التخفيف كما يحصل بحذفهما يحصل بغيره وفي الحسن الوجه. يتحقق الثاني بيانه إذا أصله الحسن وجهه برفع وجهه على أنه فاعل الصفة قصد فالتخفيف فيه بالإضافة وإضافته إلى الفاعل على خلاف الأصل ؛ لأنه هو في المعنى فشبهوا مرفوعة بالمفعول فتصبوه يصح الإضافة إليه وجعلوا الصفة في اللفظ لغيره واضمروا فيه لفظ الضمير المتصل بالوجه وعوض عن الضمير اللام لئلا يزول تعريفه فأضافوا الصفة إليه فحصل التخفيف بحذف الضمير من الوجه واستتاره في الحسن فإن قيل إنما تحقق التخفيف بهذا ن لو لم نعوض من الضمير لام التعريف ولما عوض عنه اللام فلا تخفيف فالجواب أن اللام أخف لفظا ومعنى ـ


ولجاز الثاني ، لكون المعرفة إذن صفة للمعرفة.

والمراد (١) أن المشار إليه ب : (ثمة) وهو مجموع أمور ثلاثة : وجوب إفادة الإضافة اللفظية التخفيف ، وانتفاء التعريف وانتفاء التخصيص يستلزم جواز التركيب الأول وامتناع الثاني.

ولا يلزم من ذلك أن يكون لكل واحد من تلك الأمور دخل في ذلك الاستلزام (٢) بل يجوز أن يكون باعتبار بعضها ، فلا يرد أنه لا دخل في ذلك الاستلزام ؛ لانتفاء التخصيص.

(و) من جهة أنها تفيد تخفيفا (جاز) تركيب (الضاربا زيد) و (الضاربو زيد) لحصول التخفيف بحذف النون ، (٣) (وامتنع (٤) الضارب زيد) لعدم التخفيف ؛ لأن تنوين (الضارب) إنما سقط للألف واللام لا للإضافة (٥) ، ...

__________________

ـ من الضمير وبعض تصاريف الحسن الوجه قد يكون ضميره المحذوف ثلثه أحرف نحو مردت بالزنان الحسنات الوجوه فإن أصل الحسان وجوههن وفيه بعد الإضافة تخفيف بين. (سعيد).

(١) هذا جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل يرد على تفسير الشارح المشار إليه ثمة بأمور ثلاثة أن لا دخل لانتفاء التخصيص في جواز التركيب الأول وامتناع التركيب الثاني ؛ لأن وجود التخصيص وانتفائه سواء فلم فسر بأمور ثلاثة بل الأنسب تفسيره بأمرين فأجاب عنه بيان مراده بقوله والمراد. (لمحرره).

ـ قوله : (والمراد أن المشار إليه ... إلخ) دفع سؤال وارد وهو أن ثمة إشارة إلى الحصر المذكور وجواز هذا التركيب يبتنى على عدم إفادتها التعريف لأعلى الحصر المذكور حيث لا تعلق له بعد إفادتها التخصيص ووجه الدفع أن ثمة إشارة إلى ما يفهم من الحصر وهو مجموع أمور ثلاثة بثبوت التخفيف وانتفاء التعريف والتخصيص ولا يلزم من ترتب الحكم على المجموع ترتبه على كل واحد من أجزائه. (وجيه).

(٢) يعني : في استلزام جواز تركيب الأول وانتفاء تركيب الثاني ؛ لأن المستلزم جواز الأول وجوبا إفادة التخفيف وهو موجود فيه والمستلزم امتناع الثاني انتفاء التعريف ولا دخل لانتفاء التخصيص في الجواز والامتناع حيث يجوز ويمتنع وإن لم يوجد التخصيص. (م ح).

(٣) وكذلك الحسن الوجه والحسن وجهه بالإضافة ونحو ذلك إذ التنوين حذف لأجل اللام فلم يحصل بالإضافة تخفيف ولو حمل الضارب زيد على ضارب زيد كما حمل الضاربك على ضاربك لم يبق اشتراط إفادة التخفيف فائدة في صورة ما. (ح ه).

(٤) الأولى أن يقدم على قوله وجاز الضاربا إلخ ليكون قوله دفعا للتوهم لكن أمره مشهود. (ح).

(٥) لأن الساقط أولا لا يمكن سقوطه ثانيا وأضيف لا يكون في الإضافة فائدة فتضيع فوجب أن يمتنع إضافته.


ولا شك (١) أنه لا دخل في هذا التفريع (٢) ؛ لانتفاء التعريف ، ولا لانتفاء التخصيص ، بل يكفي فيه وجوب التخفيف فقط.

وعلى هذا كان الأنسب (٣) تقديم هذا الفرع ، لكنه أخر ، لكثرة لواحقه (خلافا للفراء) (٤) فإنه يجوز تركيب (الضارب زيد) ، إمّا ؛ لأنه توهم أنّ دخول لام التعريف إنما هو بعد الإضافة فحصل التخفيف ، بحذف التنوين (٥) بسبب الإضافة ، ثم عرّف باللام.

وأجاب المصنف عنه في شرحه : بأنه غير مستقيم ؛ لأن القول بتأخر اللام المتقدمة حسا (٦) على الإضافة مجرد ادعاء مخالف للظاهر (٧).

__________________

(١) كأن قيل ليس في تركيب الضارب زيد والضاربوا زيد انتفاء التعريف والتخصيص فأجاب بقوله : ولا شك إلخ. (حاشية).

(٢) التفريع استخراج حكم الجزئي من الكلي الضابط ويسمى الجزئيات فروعا وذلك الكلي أصلا. (شرح).

(٣) قوله : (كان الأنسب) ؛ لأن أصله مذكور صريحا بقوله ولا تفيد إلا تخفيفا بخلاف أصل الفرعين السابقين أي : انتفاء التعريف أو التخصيص فإنه مذكور ضمنا. (فاضل محشي).

(٤) اعلم أنه لما استدل الجمهور على امتناع الضارب زيد فقالوا إنه إضافة لفظية بلا تخفيف وكل إضافة لفظية بلا تخفيف ممتنعة فالضارب زيد ممتنع عارضهم الفراء في العقل والنقل ، وقال إن دليلكم وإن كان دالا على الامتناع لكن عندي دليل بدل على الجواز من الدليل العقلي والأصل عدم اللام فهي ح إضافة لفظية بخفيف وكل إضافة لفظية بتخفيف جائزة فالضارب زيد جائز ورد الجمهور بأن الأصل موافقة الحس الدخول ومن المعلوم إذا تعارض الأصلان تساقطا وبقى الحكم مشكلا والدليل النقلي وهو إنه وارد في كلام الفصيح وكل وارد في الكلام الفصيح جائز فرده الجمهور بأن ذلك الكلام غير فصيح لامتناعه مثل الضارب.

(٥) بناء على أن الأصل ضارب زيد فأضيف فسقط التنوين ثم أدخل اللام بعد الإضافة فقد أفادت حفة. (لباب).

(٦) إن اللام سابقة على الإضافة ؛ لأنه لتحقيق ذات الاسم والإضافة لتحقيق عارض من عوارضه وهو لتخفيف ومحقق الذات سابق على محقق الصفات. (متوسط).

(٧) لأنه نرى أن اللام سابقة على الإضافة حسا ؛ لأن الإضافة في الظاهر إنما ثبت بعد الحكم بذهاب التنوين بسبب اللام فكيف ينسب حذف التنوين إليها بلا دليل ولا مزيج وفي اللام مرجح وهو كونه مسا. (م ح).


وإمّا لما وقع في شعر الأعشى من قوله :

الواهب المائة الهجان (١) وعبدها.

فإنّ قوله (وعبدها) بالجرّ معطوف على المائة ، فصار المعنى باعتبار العطف : الواهب عبدها.

فهو من باب (الضارب زيد) ، فكما لا يمتنع ذلك حيث أتى به بعض البلغاء لا يمتنع هذا.

فأجاب المصنف عنه بقوله : (وضعف (٢) الواهب (٣) المائة الهجان (٤) وعبدها) يعني: هذا القول ضعيف لا يقوى في الفصاحة ، بحيث يستدل به ، لما عرفت من امتناع مثل ، (الضارب زيد) لعدم الفائدة في الإضافة ، ولا يخفى (٥) أن فيه شوّب (٦) مصادرة (٧) على المطلوب.

اللهم (٨) ...

__________________

(١) نعت المائة أو مضاف إليه للمائة وخول اللام على عدد المضاف جائز عند الكوفيين. (تركيب).

(٢) الأولى أن يكون من التضعيف يعني ضعف الفصحاء فلم يكن موثوقا به يستدل به وحينئذ لأشوب للمصادرة. (ع ص).

(٣) إضافة الواهب إلى المائة جائز للتشبيه بالحسن الوجه وأما الواهب عبدها غير جائزة لعدم التشبيه بالحسن الوجه. (هندي).

(٤) أي : عند تلك المائة أي : راعيها على الاستعادة إذ الراعي قائم بخدمة الماشي كالعبد أو على الحقيقة أو الإضافة لأدنى ملابسة ككوكب الحرقاء وحد طرفك وآخر البيت. (رضا).

(٥) قوله : (ولا يخفى أن فيه شوب) ؛ لأن إثبات المطلوب يتوقف على إبطال دليل الخصم وإبطاله يتوقف على إثبات المطلوب. (لارى).

(٦) وجه الدوران هذا القول أي : وضعف الواهب المائة دليل الامتناع الضارب زيد وذلك الامتناع دليل على ضعف هذا القول فيتوقف امتناع الضارب زيد على ضعف هذا القول وضعف هذا القول يتوقف على امتناع الضارب زيد فيلزم الدور وهذا قوله شوب.

(٧) والمصادرة على أربعة أضرب أحدها أن يكون المدعى عين الدليل والثاني أن يكون المدعي جزء الدليل والثالث أن يكون المدعي موقوفا على صحة الدليل وهذا مما نحن فيه والرابع أن يكون المدعي موقوفا على صحة جزء الدليل والكل باطل لاشتماله على الدور الباطل. (سعد الله).

(٨) قوله : (اللهم) أشار بذلك إلى ضعف هذا التوجيه ؛ لأنه خلاف الظاهر في العبادة. (وجيه الدين).


إلا أن يقال (١) : المراد به أنه ضعيف في الاستدلال به ، إذ لا نص فيه على الجر ، فإنه يحتمل النصل حملا على المحل أو على أنه مفعول معه ، أو ؛ لأنه قد يتحمّل في المعطوف مالا يتحمل في المعطوف عليه ، كما في : (ربّ شاة (٢) وسخلتها) (٣) حيث جاز هذا التركيب ، ولم يجز (ربّ سخلتها) بإدخال (رب) على سخلتها بدون العطف. (٤)

والبيت بتمامه :

الواهب المائة الهجان وعبدها

عوذا (٥) تزجيّ خلفها أطفالها

أي : ممدوحه الواهب المائة الهجان : أي : البيض من النوق ، يستوي فيه الجمع الواحد ، صفة للمائة أو بدل عنها ، أو من قبيل (الثلاثة الأثواب) كما هو مذهب الكوفيين.

وعبدها (٦) أي : راعيها تشبيها له بالعبد ، لقيامه بحق خدمتها ، أو عبدها حقيقة بإضافته لأدنى ملابسة (٧).

__________________

(١) لا يخفى بعده ؛ لأن المتبادر ضعيف في التركيب لا في الاستدلال.

(٢) قوله : (رب شاة وسخلتها بدرهم) فإن إدخال كلمة رب على سخلتها لا يجوز قصدا ؛ لأن السخلة معرفة بالإضافة إلى المضمر إنما تدخل على النكرة لكن جاز بواسطة حرف العطف فلذلك جاز هاهنا. (غجدواني).

(٣) قال سيبويه أن الضمير في سخلتها نكرة ؛ لأن الضمير الراجع إلى النكرة غير مختصة. (ح).

(٤) أي : لا يجوز الضارب زيد وجاز الواهب المائة وعبدها ؛ لأنه معطوف وفي المعطوف يجوز ما لا يجوز في غيره. (شرح).

(٥) العوذ الالتجاء كالعياذ والمفاذ والتعوذ والاستعاذة وبالفم حديثات من الصياع وكل أنثى كالعوذ أن جمعا عائذ. (قاموس).

ـ الزجية والأزجاء من بابي التفعيل والأفعال بمعنى يسوق لكن هنا من التفعيل باقتضاء الوزه.

(٦) أي : إضافة العبد إلى المائة مجاز من قبيل إطلاق المشبه به وهو العبد وإرادة المشبه وهو الراعي ووجه الشبه خدمتهما.

(٧) يعني : إذا كان بين الشيئين ملابسة أو مخالطة أو مقارنة جاز أن يضيف أحدهما إلى الآخر ولا يلزم أن يكون المضاف ملك المضاف إليه أو حقه فإن الرجلين إذا حملا حشية كل واحد طرفا منه وقال أحدهما الآخر خذ طرفك فقد أضاف الطرف إليه لما بين الطرف وبين مقارنة اتصال. (تكمل).


عوّذا ـ بالذال المعجمة جمع عائذ ، أي : حديثات النتاج حال من المائة.

يزجيّ ـ بالزاي المعجمة ، والجيم ـ على صيغة المعلوم المذكر ، أي : يسوق وفاعله ضمير العبد.

وأطفالها : منصوب على المفعولية ، أو على صيغة المجهول المؤنث ، (وأطفالها) مرفوع على أن مفعول ما لم يسم فاعله. (١)

وحقيقة الأمر لا تنكشف إلا بعد معرفة حركة حرف الروي (٢) من القصيدة؟

وإما ؛ لأنه قاسه على (الضارب الرجل) و (الضاربك) ، فأجاب المصنف عنه بقوله : (وإنما جاز (٣) (الضارب الرجل) (٤) يعني : كان القياس عدم جوازه ؛ لانتفاء التخفيف لزوال التنوين باللا لكنه جاز (حملا على) (٥) الوجه (٦) ...

__________________

(١) لقوله : (يزجى) والجملة حال من الماء وعلى التقدير يكون خلفها ظرف مكان أي : خلف المائة يسوق العبد خلف المائة الهجان أطفالها.

(٢) وذلك أن الروي في البيت هو اللام لا الضمير ويحتمل الرفع والنصب بخلاف الضمير قال في شرح الجزدجية في علمي العروض والقوافي الروى هو الحرف الذي يبنى عليه القصيدة وينسب إليه فيقال قصيدة رائية وقصيدة نونية قال ابن الجنى جميع الحروف يكون رويا ؛ لأن الألف والواو الياء والزاء أشد في آخر الكلم مبنيات فيها بناء الأصل والأصول التأنيث والاضمار إذا تحرك ما قبلها نحو : ضربه إلى غير ذلك مما يطول ذكره. (وجيه الدين).

ـ ورد على الفراء ، يعني : يتمسك الفراء بأن الضارب الرجل جائز بالاتفاق فينبغي أن يجوز الضارب زيد قياسا ل عليه ووجه رد أن يقال جواز هذا المثال إنما هو بالجمل على الحسن الوجه. (عوض).

(٣) قوله : (وإنما جاز) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال جاز إضافة الرجل مع انتفاء التخفيف لزوال التنوين بلام دون الإضافة فأجابه بأن القياس كان يقتضى عدم جوازه لكنه جاز إلخ. (هندي).

(٤) مع انتفاء التخفيف لزوال التنوين باللام دون الإضافة فأجاب بأن القياس كان يقتضي عدم جوازه لكن إنما جاز إلخ. (ح).

(٥) مفعول له للفعل المفهوم أي : جوزوا حملا أو لجاز بجعله مصدما مجهولا أي : لمحمولية فاتحد فاعل المفعول له والفعل المعلل به أو حال من فاعل على جاز بمعنى محمولا. (هندي).

(٦) والمراد إنما جاز هذا التركيب للحمل على المختار في الحسن الوجه كما جاز الحسن الوجه بالنصب حملا على الضارب الرجل بالنصب لا لأجل القول باستغناء الإضافة اللفظية عن التخفيف. (ح).


(المختار (١) في (الحسن الوجه) وهو جرّ (الوجه) بالإضافة.

وفيه وجهان آخران (٢) : رفعه على الفاعلية ، ونصبه على التشبيه بالمفعول (٣) ووجه الحمل اشتراكهما في كون المضاف صفة والمضاف إليه جنسا معرّفين باللام (٤) ، وهذا الاشتراك (٥) مفقود بين (الضارب زيد) و (الحسن الوجه) فقياسه عليه قياسا مع الفارق؟

(والضاربك) (٦) يعني : إنما جاز (الضاربك) مع أن القياس عدم جوازه لما عرفت.

(و) كذا (شبهه) وهو (الضاربي (٧) ، والضاربة) وغيرهما (فيمن قال) أي : في قول من قال ، يعني سيبويه (٨) وأتباعه.

__________________

(١) وإنما كان مختارا لأنك لو رفعت لخلت الصفة عن الضمير وهو قبيح كما يأتي في باب الصفة وأما النصب في مثله فتوطئة للجر وذلك أنهم لما أراد والإضافة في الحسن وجهه بالرفع لقصد التخفيف حذف الضمير واستتر في الصفة وجئ باللام في المضاف إليه ليتعرف الوجه باللام كما كان معرفا بالضمير المضاف إليه واللام وبدل من الضمير في مثل هذا المقام مطردا. (وجيه الدين).

ـ وإنما قال على المختار ولأن فيه ثمانية عشر لغات ومن مختارها الحسن الوجه. (متوسط).

(٢) أما لرفع فقبيح لخلو الصفة من الضمير وأما النصب فيه تحل حيث جعل الفاعل مشبها بالمفعول فنصب.

(٣) لأنها لازمة لا تنصب المفعول به إلا أن الفاعل شبه بالمفعول فنصب ففيه تكلف وأما الجر فليس بتكلف. (م ح).

(٤) وهذا الاشتراك يقتضي أن يأخذ التركيب الأول وحكم التركيب الثاني وهو الإضافة وإن لم يكن فيه تخفيف. (توقادي).

(٥) أي : كون المضاف صفة والمضاف إليه جنسا معرفين باللام مفقود. (رضا).

(٦) فهو أيضا جواب سؤال مقدر وهو أن يقال جاز الضاربك على الإضافة وإن لم تفد تخفيفا. (حواشي هندي).

(٧) حملا على ضاربك فهو أيضا جواب سؤال وهو أن يقال جاز الضاربك على الإضافة وإن لم تفد تخفيفا وشبهه وهو الضاربة والضاربي. (ح).

(٨) يعني : سيبويه إلخ تبع فيه جماعة من الشارحين من حيث فسروا كلام المصنف هكذا بناء على ما نقل عن سيبويه من جواز الجر في الضاربان لكن المشهور من مذهبه أنه لا يجوز فيه إلا النصب قياسا على المظهر ولذا لم يسند الشيخ الرضي إلى سيبويه إلا ما هو المشهور من مذهبه وأسند القول بالجواز إلى الرماني والمبرد في احد قوليه وجار الله العلامة. (عب).


(إنه) أي : (الضارب) في : الضاربك (مضاف) (١) دون من قال : إنّه غير مضاف والكاف منصوب المحل على المفعولية ، والتنوين محذوف ، لاتصال الضمير لا للاضافة فإنه لا يحتاج في جوازه إلى حمل.

(حملا) (٢) أي : لمحموليته (٣) (على ضاربك) فاتحد (٤) فاعل المفعول له الفعل المعللّ به ـ أعني : جاز ـ وبيانه أنهم إذا أوصلوا أسماء الفاعلين والمفعولين مجردة عن اللام بمفعولاتها وكانت مضمرات متصلات التزموا الإضافة ولم ينظروا إلى تحقيق (٥) تخفيف فقالوا : (ضاربك) وإن لم يحصل التخفيف بالإضافة بل بنفس اتصال الضمير ، ثم لما لم يعتبروا التخفيف في (ضاربك (٦) وجوزوه بدونه حملوا (الضاربك) عليه ؛ لأنهما من باب واحد ، حيث كان كل منهما اسم فاعل مضافا إلى مضمر متصل محذوفا تنوينه قبل الإضافة لا للإضافة ، ولم يحملوا (٧) (الضارب زيد) عليه ؛ لأنهما ليسا من باب واحد ، (٨) والدليل على أن سقوط التنوين في (ضاربك) لاتصال الكاف لا

__________________

(١) قوله : (مضاف) فيه تسامح ؛ لأن المضاف هو الضارب لا لضاربك. (ح.

(٢) عطف على حملا السابق من عطف شيئين بحرف واحد على معمولي عامل واحد. (م ع).

(٣) قوله : (أي : لمحمولية) كان غفل عن قوله حملا على المختار فأخر التأويل إلى هنا فحق أي : ثبت ما قيل الإنسان مشتق من النسيان ويحتمل هنا أن يكون مفعولا له لقال إنما جاز عند من قال كذا حملا. (ع ص).

(٤) قوله : (فاتحد) جواب سؤال مقدر تقديره أن يقال إنما يجوز حذف لام المفعول إذا كان فعلا لفاعل الفعل المعلل أي : اتحد فاعله وفاعل عامله ومقارنا لدي للفعل المذكور في الوجود فأجاب بقوله فاتحد. (لمحرره).

(٥) فإنه يجب الإضافة في ضاربك من غير نظر إلى التخفيف الامتناع التنوين والضمير المتصل ؛ لأن التنوين يؤذن بانفصال ما بعدها والضمير المتصل يؤذن بالاتصال إذا لم ينظروا إلى التخفيف في لضاربك لم ينظروا في الضاربك. (متوسط).

(٦) وفيه لإفادة التخفيف بحذف التنوين المقدر إذا التنوين الساقط لاتصال الضمير ونحوه دون اللام مقدره فإذا اعتبرت الإضافة سقطت من التقديم فحصل التخفيف في اللفظ حكما إذا المقدر كالملفوظ. (ح).

(٧) لأنهما لم يتفقا في كون كل منهما اسم فاعل مضاف إلى مضمر متصل.

(٨) فإن التخفيف في بابه منظور فيه إن قلت يرد على هذا التقرير نقض القاعدة المعلومة من السابق وهي أن الإضافة اللفظية تفيد التخفيف قلنا لعل المصنف لم يرض بهذا القول وقال بأن التنوين قدر باتصال الضمير فإن اتصال الضمير إنما ينافي التنوين لفظا ثم حذف من التقدير بعد ـ


للإضافة أنها لو سقطت للإضافة لكان ينبغي أن يتصور ذلك أولا على وجهه يكون الضمير منصوبا بالمفعولية ثم يضاف ، ويقال : (ضاربك) كما يتصور (ضارب زيدا) ثم يضاف ويقال : (ضارب زيد) ولن يتصور (ضاربك). (١)

فعلم أنها سقطت لاتصال الكاف لا للإضافة.

ولقائل (٢) أن يقول (٣) : لم لا (٤) يجوز أن يكون أصل (ضاربك) ضارب (٥) إياك

__________________

ـ اعتبار الإضافة كما في حواجّ بيت الله المقدر كالملفوظ حكما كما قلب فعلى هذا ينبغي أن لا يجوز اللضاربك كما لا يجوز الضارب زيد للحمل على ضارب زيد قلنا بين المثالين فرق في المشابهة وعدم المشابهة تفصيل في اللا دي فارجع إليه. (عب).

ـ اعلم أن نحو الضار بي واللضاربك والضاربه فيه مذهبان أحدهما أن الضمير فيه منصوب ولا إضافة للصفة إليه وهذا موافق لاشتراط صحة اللفظية بتحقق الخفة وثانيهما أن الضمير فيه مجرور بالإضافة وهو محمول في الإضافة على المجرد عن اللام نحو ضار بي ولضاربك وضاربه وذلك ضعيف ؛ لأن الأصل في المعرف باللام هجر الإضافة ولا ضرورة لنا في ارتكاب مخالفة الأصل فيه.

(١) لأن التنوين يقتضي الانفصال والضمير يقتضي الاتصال وبينهما تناقض ولذا لم يتصور لضاربك بالتنوين فافهم. (صعد الله).

(٢) قوله : (ولقائل أن يقول) لم لا يجوز أن أصل لضاربك إلخ أجاب عنه المصنف في الأمالي حيث قال ألا ترى أنه لا يجوز أن يقول لضاربك ولا ضارب إياك أما لضارتك فللجمع بين مدلولين متناقضين ؛ لأن التنوين بدلا عن الانفصال والضمير المتصل يدل على الاتصال وهما متناقضان وأما ضار ب إياك فلا يستقيم لأنهم لا يعدلون إلى المنفصل إلا عند تعذر المتصل ولم يتعذر فلا يستقيم اعتبار تحقيق التخفيف في ضاربك أصلا فتدير وتأمل. (عيسى الصفوي).

(٣) ويمكن الجواب عن القائل بأنهما ليسا من باب واحد في الخفة لأنهما وإن كانا اسم الفاعل مضاف إلى مضمر لكن المضمر على قول القائل ليس بمضمر متصل في الذات كما لا يخفى.

(٤) قوله : (لم) أصله لما بالألف ثم حذف إذا دخل اللام الجارة على ما الاستفهامية فرق بين بينما وبين الشرطية مثل قوله تعالى : (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ وعَمَّ يَتَساءَلُونَ.) (م ح).

ـ ولا يجوز أن يكون أصله ضارب إياك إذ لا يعدل إلى المنفصل إلا لتعذر المتصل ولم يتعذر هنا. (سعد الله).

(٥) صلة للمنفصل يعني يجوز أن أصل ضاربك ضارب إياك ويكون سببا للعدول عن الاتصال إلى الانفصال هو التنوين ثم أضيف إلخ. (حاشية).


بالمنفصل بالتنوين ، (١) ثم لما أضيف حذف التنين فصار الضمير المنفصل متصلا ، فصار (ضاربك) وحصل التخفيف حدا ، ثم حمل (٢) (الضاربك) (٣) عليه ؛ لأنهما من باب واحد ، حيث كان كل منهما اسم فاعل مضافا إلى مضمر متصل من غير اعتبار حذف تنوينهما (٤) قبل الإضافة ، لا للإضافة (٥).

ولم يحملوا (٦) (الضارب زيد) عليه ؛ لأنهما ليسا من باب واحد.

واعلم (٧) : أنا حملنا قوله (وضعف الواهب المائة الهجان وعبدها) وقوله : (والضارب الرجل) و (الضاربك) حملا على نظريهما على الأجوبة عن استدلالات الفراء على جواز (الضارب زيد) عن جانب المصنف على موافقة بعض الشارحين (٨).

__________________

(١) قوله : (المنفصل) صفة إياك وقوله بالتنوين صلة للمنفصل يعني لم لا يجوز أن يكون أصل لضاربك ضارب إياك ويكن السبب للعدول عن الاتصال إلى الانفصال هو التنوين ثم لما أضيف إلخ.

(٢) وفيه لا بد في اللفظية من وجود الاستعمال بلا إضافة وأيضا ما الحاجة إلى الحمل ؛ إذ يجوز أن يقال : أصل ضاربك الضارب إياك. (امتحان).

(٣) وإن لم يحصل تخفيف فيه قطعا من كلا الجانبين. (م).

(٤) حذف التنوين في الضاربك قبل الإضافة بدخول اللام وفي ضاربك بالإضافة لكن لم ينظروا إلى حذف تنوينهما في الحمل كيف حذف بل نظر إلى كونهما اسم فاعل مضافا إلى مضمر متصل فقط لا غير. (حواشي هندي).

(٥) لأنهما بهذا الاعتبار لا يكونان من باب واحد ؛ لأن حذف التنوين ضاربك على هذا التقرير يكون للإضافة لا قبلها وحذف تنوين الضاربك يكون على العكس فتأمل.

(٦) قوله : (ولم يحملوا ... إلخ) قيل يتجهانه لم لم يحمل الضارب زيد على ضارب زيد فإن النسبة بين الضارب زيد وضارب زيد كالنسبة بين الضاربك وضاربك وكأن منشأ هذا الاشتباه عدم التأمل فإن إضافة ضاربك حصل بها التخفيف في المضاف والمضاف إليه والضاربك وإن لم يشاركه في تخفيف المضاف يشاركه في تخفيف المضاف إليه بخلاف الضارب زيد وضارب زيد وبقي أنه لما حصل في الضاربك تخفيف لا حاجة فيه إلى الحمل إلا أن يقال لم يحصل التخفيف بحذف شيء بل تبديل المنفصل بالمتصل فالحق بالتخفيف بالحذف.

(٧) ولما فرغ من حمل الأمثلة المذكورة على الأجوبة عن استدلالات الفراء على جواز الضارب زيد شرع في أنها يكون إشارة لها القواعد منبها على ما حمل ولا فقال. (توقادي).

(٨) فإن قلت سلمنا أن مثل الضارب زيد ليس مثل ضاربك لكن لا تسلم أنه ممتنع لجواز أن يحمل على ضارب زيد وإلا فالفرق. (سعيد).


ذلك أن يجعل كل واحد منها إشارة إلى مسألة على حدتها مناسبة للحكم بامتناع (الضارب زيد).

فمعنى قوله (وضعف : الواهب المائة الهجان وعبدها) أنه ضعف عطف المجرد عن اللام على المحلّى به المضاف (١) إليه ، صفة مصدرة باللام ؛ لأنه بتوسط العطف يصير مثل: (الضارب زيد) كما عرفت.

وإنّما لم يحكم عليه بالامتناع بل بالضعف ؛ لأنه قد يتحمل في المعطوف ما لا يتحمل في المعطوف عليه ، وحينئذ (٢) يندفع ما فيه من تووهم شائبة المصادرة على المطلوب على التقدير الأول ، وإرجاع كل من الصورتين الأخيرتين إلى مسألة (٣) ظاهرة. ويتضمن الرد على الفراء في الاستدلال بهما. (٤)

ولا يضاف (٥) موصوف (٦) ...

__________________

(١) قوله : (المضاف) صفة لقوله به جرت على غيره وقوله إليه متعلق بقوله المضاف وضميره راجع إلى المحلى به وقوله صفة مرفوع على أنه مفعول قائم مقام الفاعل لقوله مضاف وقوله صفة وقوله باللام صلة مصدرة. (لارى).

ـ الظاهر أن يقول المضافة بالتأنيث لما تقرر منها أن الصفة الجارية على غير من هي له مطابقة لفاعلها في التذكير والتأنيث لا لموصوفها.

(٢) أي : حين إذا جعلت كل واحدة من الواهب المائة والضارب الرجل والضاربك إشارة إلى مسئلة على حدة. (سعد الله).

(٣) لأن المتبادر من المسألة الشعرية كونه استدلالا ومن عذرها كونها مسئلة على حدة ..

ـ وجه الظهور أنهما منثوران فلا يثبت لهما حكم ؛ لأن إثبات الحكم إنما هو بالدليل والدليل بالشعر والقرآن. (مح).

(٤) ليس لتضمن الره على الفراء في الاستدلال اختصاص هاتين المسئلتين بل مسئلة الأولى أيضا متمضن كما لا يخفى. (مجمع).

(٥) ولما فرغ من بيان ما تجوز إضافته معنوية كانت أو لفظية أراء أن يبين ما لا تجوز إضافته فقال ولا يضاف إلخ. (توقادي).

(٦) قوله : (ولا يضاف موصوف إلى صفته) وصفة إلى موصوفها لتعذر ذلك أما الأول أي : لعدم جواز إضافة الموصوف إلى صفته فإن صفته يقتضى أن يكون بإعراب موصوفه وكونه مضافا إليه يقتضى أن يكون محفوظا بالإضافة فيؤدي إلى أن يكون الشيء محفوظا بالإضافة ومرفوعا حال كون الموصوف مرفوعا فيلزم أن يكون الشيء محفوظا ومرفوعا معا في حالة واحدة وهو ـ


إلى صفته) (١) مع بقاء المعنى المفاد بالتركيب الوصفي بحاله ؛ لأن لكل (٢) من هيئتي التركيب الوصفي والإضافي معنى (٣) آخر لا يقوم أحدهما مقام الآخر.

(و) لهذا المعنى بعينه (لا) يضاف (صفة إلى موصوفها) (٤) ، فلا يقال : (مسجد الجامع) بمعنى (المسجد الجامع) و (جرد قطيفة) بمعنة (قطيفة جرد) ، خلافا للكوفية فإن (مسجد الجامع) عندهم بمعنى : (المسجد الجامع) و (جرد قطيفة) بمعنى : (قطيفة جرد) ، من غير فرق.

(و) يرد (٥) على القاعدة الأولى وهو قوله : (ولا يضاف موصوف إلى صفة) مثل (مسجد (٦) ...

__________________

ـ باطل وأما الثاني أي : امتناع إضافة الصفة إلى الموصوف وهو أن يؤدي إلى تقديم التابع وتأخير المتبوع والمقتضى عكسه فلذا امتنع تقديم الصفة على الموصوف. (إيضاح).

(١) لاقتضائها من حيث الوصفية حكم التعبة ومن حيث كونها مضافا إليها حكم المقصود بنسبة المضاف إليه وتعدد ذلك لفظا أي : من جهة الإعراب ومعنى. (خبيصي).

(٢) ولأن الصفة والموصوف كالشيء الواحد كما لا يضاف الشيء إلى نفسه لا يضاف أحدهما إلى الآخر ..

(٣) ومعنى المفاد من التركيب الإضافي مغايرة المضاف من المضاف إليه ؛ لأن الغلام مثلا في قولك : غلام زيد ومعنى المفاد من التركيب الوصفي اتحاد الصفة مع الموصوف. (نجم).

(٤) ولا يجوز إضافة الموصوف إلى الصفة ؛ لإنها أحض ولا يضاف الخاص إلى العام ولا يجوز إضافة الصفة إلى الموصوف ؛ لأن الصفة عندهم منزلة الفعل والفعل لا يضاف. (هندي).

ـ للزوم تقديم الصفة على موصوفها وتأخير المضاف عن المضاف إليه وكلاهما ممتنع. (هندي).

(٥) قوله : (ويرد) ذهب الكوفيون إلى جواز إضافة الموصوف إلى صفته أو بالعكس للتخفيف مع إفادة التعريف والتخصيص متمسكين بمسجد الجامع وإخوانه وجرد قطيفة وأمثاله فإن أصل مسجد الجامع المسجد الجامع أضاف للتخفيف بحذف اللام وكسب التعريف من المضاف إليه بخلاف حسن الوجه فإن حسنا وإن كان هو الوجه حقيقة لكن جعلته لغيره في الظاهر يسبب الضمير وقس عليه إخوان وأجاب البصريون بالتأويل.(عب).

(٦) هذا جواب سؤال مقدر تقديره وهو أن قولكم لا يضاف إلخ منقوص بقول العرب مسجد الجامع وجانب الغربي وصلاة الأولى وبقلة الحمقاء وذلك ؛ لأن الجامع صفة المسجد والعربي صف للجانب والأولى صفة للصلاة والحمقاء صفة؟ لأن يقال المسجد الجامع والجانب العربي والصلاة الأولى والبقلة الحمقاء وجوابه أنه متأول أي : لما دل دليل على أنه لا يجوز إضافة الموصوف إلى الصفة وجب تأويله. (متوسط).


الجامع) و (جانب الغربي) و (صلاة (١) الأولى) و (بقلة الحمقاء) (٢) فإن في كل واحد من هذه التراكيب أضيف موصوف إلى صفته.

فإن (الجامع) صفة (المسجد) و (الغربي) صفة (الجانب) و (الأولى) صفى (الصلاة) و (الحمقاء) صفة (البقلة).

وقد أضيف إليها موصوفاتها ، (٣) وأجيب : بأن مثل : هذه التراكيب متأول (٤) فمسجد الجامع ، متأول ، (٥) بمسجد الوقت الجامع.

وذلك يحتمل معنيين :

أحدهما : أن يكون الوقت مقدارا في نظم الكلام ، ويكون المسجد مضافا إليه والجامع صفة (٦) للوقت فيندفع الإيراد بوجهيين : فإن الجامع ليس مضافا إليه ولا صفة للمضاف.

وثانيهما : أن يكون (الوقت) محذوفا ، و (الجامع) قائما مقامه منطويا عليه ، فيكون بمنزلة الصفات (٧) الغالبة ، فيضاف المسجد إليه ، فيندفع الإيراد بوجه واحد ، وهو أن

__________________

(١) وصلاة الأولى أي : الظهر ؛ لأن أول صلاة علمها جبرائيل النبي عليه‌السلام. (قدقي).

(٢) وإنما نسبوها إلى الأحمق ؛ لإنها تنبت في مجاري السيول ومواطئ الأقدام. (جلبي).

(٣) فيه أن أحدهما معرفة والآخر نكرة فكيف يكون موصوفها. (ح).

(٤) التأويل : الطلب ، يعني : طلب الحال بالصرف عن فاعله.

(٥) بحذف الموصوف بالمضاف إليه أي : مسجد الوقت الجامع وجانب العربي وصلاة الساعة الأولى وبقلة الحبة الحمقاء وهذا جواب ما يقال أن الجامع والغربي والأولى والحمقاء صفات وقد أضيف إليها موصوفاتها. (حواشي هندي).

(٦) لأنه كما يصح وصف المسجد بكونه جامعا ؛ لأنه موضع للاجتماع يصح وصف الوقت بكونه جامعا ؛ لأنه وقت يجتمع فيه وكذا الكلام في بواقته. (وجيه الدين).

(٧) والمراد من الصفات الغالبة وهي التي لم يذكر موصوفاتها باكتفاء ذكرها كما يذكر الصفة المشبهة والاسم الفاعل والمفعول بدون موصوفاتها لكن الموصوف مراد بها في المقام فتأمل وجه التأمل إنه لم يذكر الموصوف هناك لغلبة تلك الصفة على موصوفاتها في الاسمية ولذلك اكتفى بذكرها دون مصوفاتها. (داود رحمه‌الله).

ـ كأدهم وأرقم يعني : أن الجامع كان صفة لكل ما يجتمع فيه الناس سواء كان مسجدا أو غيره ثم غلب استعماله على المسجد الذي يجتمع فيه في أوقات الصلاة فإضافة المسجد إلى الجامع من إضافة العام إلى الخاص. (هندي ح). ـ


(الجامع) ليس صفة للمضاف. (١)

وعلى هذا القياس (صلاة الأولى) (وبقلة الحمقاء) متأول بصلاة الساعة الأولى وبقلة الحبة (٢) الحمقاء ، على الاحتمالين (٣) المذكورين ، ولكن هذا التأويل لا يتمشى في جانب الغربي) (٤) فإنه لا شك أن المقصود توصيف (الجانب) بالغربية لا توصيف مكان هو جانبه بها. (٥).

اللهم إلا أن يقال : هناك (٦) مكانان جزء وكل ، فالمكان الذي أضيف إليه الجانب وهو جزء ، والإضافة بيانية ، والمكان الذي اعتبر الجانب بالنسبة إليه هو الكل فيستقيم المعنى.

(و) يرد على القاعدة الثانية ، وهو قوله : (ولا صفة إلى موصوفها) (مثل : جرد

__________________

ـ وحاصله أن إضافة المسجد إلى الجامع من قبيل إضافة العام إلى الخاص فتكون من تلك الإضافة كإضافة صلاة الوتر وجانب اليمين. (لارى).

ـ قوله : (بمنزلة الصفات الغالبة) في أن المراد منه الوقت الجامع فخرج الذات المعتبر في الجامع من كمال الإبهام إلى نوع تعيين فيكون من قبيل إضافة أحد المتباينين وفيه ره على العبد الغفور. (ع ص).

(١) إذ لا يقال المسجد الوقت بخلاف الاحتمال الأول فإن الجامع فيه ليس مضافا إليه قطعا. (وجيه).

(٢) الحبة السوداء الحبة بكسر والبقل وبالفتح الحنطة وشعير ونحوهما.

(٣) على أن يكون الموصوف مقدرا في نظم ويكون المضاف مضافا إليه والصفة صفة له فيندفع الإيراد من وجهين وأن يكون محذوفا نسيا ومنسيا فتكون الصفة صفة له مجازية فيندفع الإيراد بوجه واحد والرضى اختار الاحتمال الثاني حيث جعل من قبيل طور سينا فارجع إليه سبع مائة. (توقادي ومحرره).

(٤) وهو إذا كانت الإضافة لامية وأما إذا كانت بيانية يستقيم لا بد من ذي الجانب ولذا قال الشارح : اللهم إلخ. (داود).

(٥) فلو أول جانب الغربي بذلك التأويل يلزم أن يكون الغربي صفة المكان فيحل المقصود. (رضا).

(٦) قوله هناك مكانان كل يشمل على الجواب كالمسجد مثلا وجزء لبعضه الذي في الجانب الغربي فالكل هو الذي اعتبر الجانب بالنسبة إليه أي : اعتبر جانبه والجزء نفس الجانب وهو الذي أضيف إليه إضافته بيانية إلا أنه يرد عليه أن الجانب يقال لما يلي الشيء من الجهات الست لا الجزء الواقع في الجوانب الست وإليه أشار الشارح بقوله : اللهم. (وجيه الدين).


قطيفة ، (١) وأخلاق ثياب) فإن أصلها قطيفة جرّد ، وثياب أخلاق ، قدمت الصفة على الموصوف وأضيفت إليه.

وأجيب عنه بأنه (متأول) (٢) بأنهم حذفوا (قطيفة) من قولهم : قطيفة جرّد حتى صار كأنه اسم غير صفة ، فلما قصدوا تخصيصه ، لكونه صالحا ؛ لأن يكون (قطيفة) وغيرها (٣) مثل : خاتم في كونه صالحا لأن يكون فضة وغيرها أضافوه إلى جنسه الذي يتخصص به كما أضافوا (خاتما) إلى (فضة).

فليس إضافته إليها من حيث أنه صفة لها ، بل من حيث أنه جنس مبهم أضيف إليها ليتخصص.

وعلى هذا القياس (٤) (أخلاق ثياب)

(ولا يضاف (٥) اسم مماثل) (٦) أي : مشابه (للمضاف إليه في العموم والخصوص)

__________________

(١) والجرد هو البال والقطيفة دثار مخمل والدثار بكسر الدال كل ما كان من الثياب فوق اشعار والمخمل بضم الميم وسكون الخاء وكسر الميم الأخرى ذات الخمل.

(٢) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال الجرد والأخلاق صفات للقطيعة والثياب وقد أضيفتا إليهما فأجاب بأنه متأول. (هندي).

ـ يعني : أول مثل هذا بجعله من باب إضافة العام إلى الخاص بيانا وتخصيصا لا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف حتى يرد هذا السؤال. (توقادي).

(٣) يعني : إطلاق الجرد على كل ما لا ريش يصبح إذ ريش ثم جرد كالقطيفة أو كالسمك.

(٤) متأول بأنهم حذفوا ثيابا من قولهم ثياب أخلاق حتى صارت أخلاق كأنها اسما فتأمل فارجع إلى الشرح ولا تكن من أهل الجرح. (لمحرره).

(٥) خلافا للفراء فإنه يجيز إضافة أحدهما إلى الآخر للتخفيف بالاستعمال. (حاشية).

(٦) وإنما قال اسم مماثل للمضاف إليه ليدخل فيه الليث والأسد والمتساويان نحو الإنسان والناطق. (هندي).

ـ المماثلة الاتحاد في النوع كاتحاد زيد وعمر في الإنسانية والمجانسة الاتحاد في الجنس كاتحاد الإنسان والفرس والمساواة الاتحاد في الكم كاتحاد ثوبين في الطول والمشابهة الاتحاد في الكيف كاتحاد الجسمين في السواء والمناسبة الاتحاد في الإضافة كاتحاد زيد وعمر في بنوة بكر والمشاكلة الاتحاد في الشكل كاتحاد النار والهواء في الكرية طوالع.

ـ قال اسم مماثل للمضاف إليه في العموم والخصوص من أراد المشابهة في شمول ـ


إلى ذلك المضاف إليه ، سواء كانا مترادفين (ك (ليث (١) وأسد) في الأعيان والجثث (وحبس ومنع) في المعاني والأحداث أو غير مترادفين بل متساويين (٢) في الصدق كالإنسان(٣) والناطق (لعدم (٤) الفائدة) في ذكر المضاف إليه فإنك إذا قلت : (رأيت ليث أسد) لا يفيد إلا ما يفيده : رأيت ليثا ، بدون ذكر (الأسد) وأضاف الليث إليه.

فيكون ذكر (الأسد) وإضافة الليث إليه لغوا لا فائدة فيه (بخلاف) (٥) إضافة العام إلى الخاص في مثل : (كل الدراهم ، (٦) وعين الشيء (٧) فإنه) أي : المضاف فيهما (يختص) أي : يصير خاصا بسبب إضافته إلى المضاف إليه ، ولا يبقى على عمومه ، سواء أفادت (٨) الإضافة إلى التعريفات أو التخصيص.

وأعميه (العين) عن (الشيء) إذا كان اللام فيه للعهد ظاهرة (٩) وأما إذا كان

__________________

ـ الاطلاق وعدمه كليث وأسد فإن ما يطلق عليه الأسد يطلق عليه الليث والعكس وكل ما لم يطلق عليه الأسد لم يطلق عليه الليث وبالعكس. (عب).

(١) هذه الأمثلة للمماثلين في الخصوص وأما المماثلين في العموم نحو الكل والجميع لا يقال كل الجميع ولا جميع الكل. (جلبي).

(٢) والفرق بين الترادف والتساوي أن الترادف يقتضي اتحاد المفهوم كليث وأسد والنساوى يقتضي اتحاد ما صدق كالإنسان والناطق فإن مفهومهما مختلف وما صدقهما متحد والتماثل يشملهما. (جلبي).

(٣) الإنسان والناطق ليسا مترادفين ؛ لأن مفهومهما ليس بواحد ؛ لأن مفهوم الإنسان حيوان ناطق ومفهوم الناطق شيء له النطق بخلاف الليث والأسد فإن مفهومها واحد. (محمد أفندي).

(٤) علة لما تضمنه قوله لا يضاف أي : منعت إضافته لعدم الفائدة وإلا لفسد المعنى بتوجه النفي إلى القيد وبقاء أصل الفعل موجبا وهذا بخلاف كل الدراهم. (هندي).

(٥) متعلق بقوله لعدم الفائدة ويحتمل أن يتعلق بالأمثلة أي : اسم المماثلة. (م ح).

(٦) الكل أو الدراهم أخص ؛ لأن كلا موضوع بمجموع أزاء الشيء والدراهم ليس كذلك.(لمحرره).

(٧) والشيء أخص من العين ؛ لأن العين يكون في الموجودات والمعدومات والشيء لا يكون إلا في الموجودات على مذهب المتكلمين. (رضا).

(٨) يعني : أن الاختصاص ليس بمعنى التخصيص المقابل للتعريف فيصح المثالان. (لارى).

(٩) لو كان للعهد الخارجي فاعمت المضاف ظاهرة ؛ لأن قولهم عين الشيء بمنزلة عين زيد مثلا. (سعد الله). ـ


للجنس ففيها (١) خفاء.

(و) يرد على قوله : (لا يضاف اسم مماثل للمضاف إليه في العموم والخصوص) (قولهم : سعيد (٢) كرز) (٣) فإن (سعيدا) و (كرزا) اسمان لمسمى واحد ك : (ليث ، وأسد) مع أنه أضيف أحدهما إلى الآخر.

فأجيب ، بأنه (متأول) بحمل أحدهما على المدلول والآخر على اللفظ. (٤)

فكأنك إذا قلت : (جاءني سعيد كرز) قلت : جاءني مدلول هذا اللفظ. (٥)

ولم يقولوا : كرز سعيد ؛ (٦) لأن قصدهم بالإضافة التوضيح ، (٧) واللقب أوضح من الاسم (٨) غالب.

__________________

ـ أي : ليس المضاف والمضاف إليه في كل الدراهم وغير الشيء من جملة الأسماء لمماثلة في العموم والخصوص وذلك ؛ لأن الدراهم أخص من الكل والشيء أخص من العين فيكون إضافة العام إلى الخاص فلم يكن مما نحن فيه فينحصر المضاف بالمضاف إليه فيفيد.

(١) قوله : (ففيها خفا) ؛ لأن الشيء في اللغة يتناول الجواهر والأعراض والموجود والمعدوم وكذا العين ؛ لأن عين الشيء نفسه كذا في الصحاح فلا يكون العين أعم. (وجيه الدين).

(٢) والأظهر أن يراد بالكرز مدلوله دون اللفظ بأولى السعيد بمسمى فيكون من قبيل إضافة العام إلى الخاص لا إضافة المدلول إلى اللفظ فأعرفه.

ـ قوله : (سعيد كرز) فإن سعيد وكرز اسمان لمسمى واحد الوارد لا يخص هذا الحكم بل كان متوجها على قوله وشرطه تجريد المضاف عن التعريف وكأنه غفل المصنف عز وروده ثمة فأخره إلى هنا وأجاب عنه بأنه متأول إلخ. (ع ص).

(٣) بضم الكاف لقب لشخص وسعيد اسم أضيف إلى الثاني بتأويل الكرز اللئيم ويقال الحاذق والمراد هنا الأخيرة. (ح).

(٤) العرب يضيف الشيء إذا اختلف اللفظان كقولك : حق اليقين ، والدار الآخرة. (قاموس).

(٥) فهو في الحقيقة إضافة الشيء إلى غيره ؛ لأن مدلول اللفظ غير اللفظ. (وجيه الدين).

(٦) ولم يمكن التأويل بالعكس لامتناع إسناد المحيي وشبهه إلى اللفظ. (متوسط).

(٧) واللقب يجب تأخيره مع الاسم فإما مع الكنية فأنت مخير بين أن يتقدم الكنية على اللقب واللقب على الكنية فنقول أبو عبد الله زين العابدين أو نقول زين العابدين أبو عبد الله. (شرح ألفية).

(٨) اعلم أن النحويون اختلفوا في كسرة الاسم المضافة إلى ياء المتكلم هل هي حركة إعراب أو حركة بناء ففيه ثلاثة أقوال : أحدها أنها حركة إعراب ؛ لأن اسم المعرب لا يصير مبنيا ـ


(وإذا) أضيف الاسم الصحيح) وهو في عرف النحاة (١) : ما ليس في آخره حرف علّة ، (أو الملحق به) (٢) وهو ما في أخره واو أو ياء قبلها (٣) ساكن وإنما كان ملحقا بالصحيح ؛ لأن حرف العلة بعد السكون لا يثقل عليها الحركة لمعارضة خفة السكون ثقل الحركة ولأن حرف العلة بعد السكون مثلها بعد السكة في الوقوع بعد استراحة اللسان ، وكما لا يثقل عليها الحركة بعد السكون ـ يعني : في الابتداء ـ كذا بعد السكون.

(إلى ياء المتكلم كسر آخره) للتناسب (٤) مثل : (ثوبي (٥) وداري) في الصحيح و (ظبيي (٦) ودلوي) في الملحق به.

(والياء (٧) ...

__________________

ـ بسبب إضافته إلى سائر المبنيات كقولك جاءني غلامك ورأيت غلامك ومررت بغلامك والثاني أنها حركة بناء بدليل عدم تغيره بتغير العامل والثالث أنها ليست بحركة إعراب ولا بناء بل هو بين بين والصحيح الأول هذه الأقول الثلاثة تجري في مررت بأحمد وكذلك في كسرة جمع المؤنث السالم في حالة النصب نحو مررت مسلمات. (مكمل).

(١) إنما قال في عرف النحاة ؛ لأن الصحيح في عرف الصرفية ما ليس قيد حرف العلة أصلا فافهم. (داود).

(٢) ومعنى الحاقة بالصحيح إعرابه بالحركات الثلاثة كالصحيح. (وجيه الدين).

(٣) من قبيل قوله تعالى (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) [النساء : ١٣٥] تأمل.

(٤) للتناسب بينهما ؛ لأنه من جنسها بدليل صيرورتها به مرة. (عافية).

ـ ولهذا جوز هزيل قلب الف المقصورة ياء كما سيجيء وقد تقدم في باب المنادى الخلاف في أن أصلها السكون والفتح ويجوز حذف الياء قليلا في غير المنادى أيضا كما تقدم هناك. (شيخ الرضي).

(٥) يعني : هذان مثالان لكون المضاف صحيحا ؛ لأنه ليس في آخر كل واحد منهما حرف علة بل حرف صحيح وهو الباء في الأول والراء في الثاني. (توقادي).

(٦) هذان مثالان لما الحق به أي بالصحيح ؛ لأن آخر الأول ياء ما قبلها ساكن وآخر الثاني واو كذلك. (شرح).

(٧) الواو للحال أو العطف الاسمية على الفعلية نحو لا يألف الدرهم المضروب صرتنا لكن يمر عليها وهو منطلق. (هندي).

ـ لأن الأصل في ياء المتكلم المتحرك الفتح ؛ لأن ياء المتكلم كلمة برأسها وكل كلمة هي على حرف واحد لا يمكن بناؤه على السكون فيجب بما قلنا أن يكون ياء المتكلم متحركة وإذا ـ


مفتوحة أو ساكنة) (١)

وقد اختلف في أن أيّهما الأصل ، والصحيح أنه الفتح ، إذ الأصل في الكلمة التي على حرف واحد هو الحركة ، لئلا يلزم الابتداء بالساكن حقيقة (٢) أو حكما (٣). والأصل فيما يبني على الحركة الفتح ، والسكون إنما هو عارض للتخفيف

(فإن كان (٤) آخره) أي : آخر الاسم المضاف إلى ياء المتكلم (ألفا تثبت) أي : الألف على اللغة الفصيحة ، (٥) لعدم موجب الانقلاب ، نحو : (عصاي ورحاي) (وهذيل) وهي قبيلة من العرب (تقلبها) أي : الألف حال كونها (لغير التثنية (٦) ياء) لمشاكلة ياء (٧) المتكلم ، وتدغم في الياء ، مثل : (عصي ، (٨) رحيّ) ولا تقلب ألف التثنية ك : (غلاماي) لالتباس (٩) المرفوع بغيره ، بسبب القلب.

__________________

ـ كانت متحركة بالفتح اولى بها ؛ لأنه أخف الحركات فإذا بنيا أن ياء المتكلم مفتوحة فما قبلها لا يجوز أن يكون مفتوحا ؛ لأنه يجب قبل الياء الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ولا مضموما لاجتماع ثقل الياء وثقل ضمة ما قبلها فتعين كسر ما قبلها. (مكمل).

(١) هذا إذا كان ما قبلها حرف صحيح أو ما يجري مجراه أما إذا كان ما قبلها ألف وياء أو ياء أو واو متحركة ما قبلها يكون ياء المتكلم مفتوحة البتة إلا في قراءة نافع كما سيأتي. (مكمل).

(٢) فيما إذا وقع في ابتداء الكلام نحو يا يد. (ق ع).

(٣) فيما إذا لم يمكن للصدر فإنها لاستقلاها في حكم الابتداء يعني الياء اللاحقة للصحيح والملحق به نحو ثوبي وداري. (ع هندي).

(٤) ثم الاسم إن لم يكن صحيحا ولا ملحقا به فلا يخلوا من أن يكون آخره الفا أو واوا أو ياء. (عوض).

ـ ولما بين حكم الاسم أخذ حكم المقصور والمنقوص فقال فإن كان إلخ. (هندي).

(٥) على الأكثر تثنية كضاد بأي : أو لغيرها كعصأي : لتعدد الحركة عليها إلا ألف لدى فإنها تقلب وفاقا مع الضمائر محمولة على ألف إلى وعلى للجهة الجامعة بينهما. (عافية).

(٦) وأما الفاء للتثنية فعلامة فلا تقلب كغلامأي : أو يلتبس المرفوع بغيره بسبب القلب بالمشاكلة أي : لمجانستها الياء. (ح هندي).

(٧) اعلم انهم لما رأوا أن الكسر يلزم قبل الياء للتناسب الصحيح والملحق به ورأوا أن حرف المد من جنس الحركة جعلوا الألف قبل الياء كالفتحة قبلها فغيروها إلى الياء ليكون كالكسر قبله. (عب).

(٨) بقلب الألف واوا ؛ لأن أصلها واو فردت إلى أصلها ثم الواو والياء اجتمعتا

(٩) فإن قيل : الالتباس واقع بين النصب والجر فلم جار وقلنا ؛ لأنه لا بأس بذلك الالتباس لمناسبة النصب والجر في كونهما فضلة في الكلام. (غجدواني).


(وإن كان) آخر الاسم المضاف إلى ياء المتكلم (ياء (١) أدغمت) في ياء المتكلم لاجتماع المثلين فيما هو كالكلمة الواحدة (٢) : مثل : (مسلمين) إذا أضيف إلى ياء المتكلم وأسقط النون للإضافة وأدغم الياء في الياء فصار : (مسلميّ).

(وإن كان آخره واوا قلبت الواو ياء) لاجتماع الواو والياء والأولى ساكنة ، مثل : (مسلمون) إذا أضيف إلى ياء المتكلم قلبت واوه ياء ، (وأدغمت (٣) الياء في الياء) (٤) وكسر ما قبلها ؛ لأنها لما انقلبت ياء ساكنة يوجب بقاء الضمة قبلها تغيرها ، فحركت بالحركة المناسبة لها ، فقيل (مسلمي).

وإن كان قبل الياء أو الواو فتحة بقي ما قبلها مفتوحا ، كقولك في (مسلمين) (مسلميّ) وفي (مصطفون) (مصطفي) (٥) لخفة الفتحة.

(وفتحت الياء) أي : ياء المتكلم في الصور الثلاث (٦) (للساكنين) أي : للزوم

__________________

(١) سواء كان ذلك الاسم منقوصا نحو غاز وقاض او تثنية نحو غلامين أو جمعا نحو مسلمين ؛ لأنها اجتمعت ساكنة مع ياء المتكلم وجب الإدغام بينهما لاجتماع المثلين فيما هو كالكلمة الواحد فيقال غازي وقاضي بالتشديد وغلامي بتشديدها وفتح الميم ومسلمي بتشديدها وكسر الميم وإنما عاد المحذوف في الأولين لزوال ما يوجب حذفه وهو التقاء الساكنين ؛ لأنه قد زال بسقوط التنوين بالإضافة. (عافية شرح الكافية).

(٢) لأن المضاف والمضاف إليه بمنزلة كلمة واحدة ونذا حذف من المضاف. (م ح).

(٣) لأنه لما حذف النون لأجل الإضافة اجتمعت الواو والياء وسبقت أحدهما بالسكون على الآخر فقلبت الواو ياء لما ثبت من قاعدتهم وأدغمت الياء في الياء وفتحت الياء وكسر ما قبلها للتناسب فصار مسلمي وهذا لم يكن في جمع السالم المذكر حال الرفع. (متوسط).

(٤) وإنما لم يبق كراهة لاجتماع المتقاربين في الصفة أي : اللين فخففت بالإدغام فقبلت أثقلهما إلى الأخف وسهل أمر الإدغام تعرضهما له سكون الأول. (رضي).

(٥) وفي قدمين قدمي اللهم ثبت قدمي بكسر الميم وفتح الياء وتشديد الياء والأصل قدمان في الرفع ، قدمين في النصب والجر لكونه مفعول ثبت فلما أضيف إلى ياء المتكلم كسر الميم لأجل الياء وسقط النون للإضافة فصار قدمي فاجتمعت الياآن بقيت الأول بالسكون فادغمت في الثانية كما يحذف في قاعدتهم فصار قدمي. (مقدمة).

(٦) وقد جاء الإسكان على الياء إذا كان ما قبلها الفا إما لكونها مدة وهي تقوم مقام الحركة فيختص بها وأما لنية الوقف فلا اختصاص حينئذ وهو في قراءة نافع في قوله تعالى : (مَحْيايَ) [النساء : ١٦٢] : وحماتي قال المصنف وهو عند النحويين ضعيف. (عوض أفندي).


التقاء الساكنين إن لم تتحرك واختير الفتح لخفته.

(وإما الأسماء الستة) التي مرّ البحث عنها مضافة إلى ياء المتكلم (فأخي وأبي) (١) أي : فالحال في أخ وأب منها إذا أضيفا إلى ياء المتكلم أن يقال (٢) : أخي وأبي مثل : (يدي ودمي) بلا رد المحذوف ، بجعله نسيا منسيا ،

(وأجاز المبرد) فيهما (أخيّ وأبيّ) برد لام الفعل فيهما وهي الواو وجعلها ياء وإدغام الياء في الياء.

وتمسك في ذلك بقول الشاعر : (٣)

__________________

(١) يعني : لما كان لهذه الأسماء أحوال ثلاثة الأول إضافتها إلى غير المتكلم والثاني إضافتها إليه والثالث قطعها عن الإضافة ووقع الفراغ عن الأول في أول الكتاب شرع في بيان الثاني والثالث والتأخير إلى هنا لوجود ما يقتضيه. (عافية).

ـ قول (فأخي وأبي) اختلف في توجيه تقديم الأخ على الأب فقيل وجهه أن الاحتياج إلى إضافة الأخ إلى ياء المتكلم أكثر بالنسبة إلى إضافة الأب وقيل وجهه أن الأخ أبعد من خلاف المبرد لعدم الدليل عليه وإنما سوق نسبته على الأب كما سيجيء فعلى هذا الوجهين ما وجه تقديم الأخ على الأب فيما إذا قطع عن الإضافة مع أنه لا إضافة ولا خلاف للمبرد فيه اللهم إلا أن يقال أنه لموافقة ما سبق وأيضا لا بد لأكثرية احتياج الأخ إلى الإضافة دليل وقيل أنه اتباع بقوله تعالى : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) [عبس : ٣٤ ـ ٣٥] الآية وجه التقديم في الآية الترقي من الأدنى إلى الأعلى كان قيل : من أخيه بل أبويه بل من صاحبته بل من بنيه ولا يلزم جريان هذا الوجه فيه ؛ لأن المقصود مجرد الاتباع ويقال الإظهار إنه من باب التففن في العبارة ولهذا قدم المصنف في الشرح الأب على الأخ. (وجيه الدين).

(٢) قدر مبتدأ وخبر أو جعل أخي وأبي مفعولا للخبر ليصبح الحمل على قوله : (الأسماء الستة). (توقادي).

(٣) أول البيت قدر أجلك ذا المجاز وقد أرى.

ـ قدر أي : تقدير من الله تعالى احلك انزلك ذا المجاز موضع بمنى كان سوق في الجاهلية يقول قدر من الله تعالى أنزلك في هذا الموضوع وأقسم يأتي مالك هذا الموضع بدار قوله : (قدر مبتدأ) والجملة التي بعده خبره والمبتدأ النكرة تخصص بكونه في المعنى فاعلا والتقدير ما احلك ذا المجاز إلا قدر أرى فعل وفاعل وقوله : مالك ذو المجاز بدار مفعوله وأبي قسم توسط بين الفعل والمفعول وجوابه محذوف تقديره وأبي وكذلك وذو المجاز اسم ما وبدار خبرها ولك معمول بدار والاستشهاد أنه رد لام الفعل في أبي. (جلبي).


.....                      وأبي مآلك ذو المجاز بدار

وحمل الأخ على الأب لتقاربها لفظا ومعنى. (١)

وأجاب عنه المصنف في شرحه بأن ذلك خلاف القياس ، (٢) واستعمال الفصحاء مع أنه يحتمل أن يكون المقسم به ، أي : (أبي) جمع (أب) فأصله (أبين) (٣) سقطت النون في الإضافة فاجتمعت ياءان ، فأدغمت الأولى في الثانية ، فصار (أبيّ).

وقد جاء جمعه هكذا في قول الشاعر :

فلما تبيّن (٤) أصواتنا (٥)

بكين وفديننا (٦) بالأبينا

أي : لم سمعن وعلمن أصواتنا بكين ، وقلن لنا : آباؤنا فداؤكم.

(وتقول) (٧) ...

__________________

(١) وأما معنى فلقيام الأخ مقام الأب عند عدمه في التصرف في المال والنفس. (توقادي).

(٢) لأن قياس الاسم المحذوف ؛ لأنه في حال الافراد نسيان أن لا ترد ؛ لأنه في حال الإضافة على ياء المتكلم كما في يدي ودمي. (داود أفندي).

(٣) أو جاز جمعه جمع السلامة مع عدم شرطه ؛ لأنه محذوف اللام كبنين. (كاملة).

(٤) من التفعيل وهو الظهور والانكشاف لا مؤكد بالنون الثقيلة بل ماض جمع مؤنث. (ت).

ـ قوله : (فلما تبين) من تبينه استبانة والمراد العلم الحاصل بعد التبين وضمير تبين وبكين للنساء التي اسرن وفديتنا من التفدية وإلا بينا جمع الأب والألف للاشباع تقول النساء التي اسرن كما عرفن في أصواتنا معرفة بينة بكين وجدهن قلن فداك اباءنا. (وجيه الدين).

(٥) أي : اصوات الذين مروا بهن بكين وقلن جعل الله تعالى آبانا فداؤكم رجاء أن يحصلوهن وردوهن إلى اوطانهم. (ح ق).

(٦) وفديتنا من التفدية بمعنى جعل الشيء فداء إلا بين جمع الأب يقول فلما سمعن تلك النساء اصواتنا بكين وقلنا لنا نفديك بآباتنا ولفظة بكين من المصراع الثاني قوله : (ولما ظرف بمعنى حين مضاف إلى الجملة بعده وبكين جواب لما وهو العامل والباقي ظاهر. (جلبي).

(٧) قال : وتقول ، أي : امرأة آه قيل : إنما صرح بالقول تحرزا عن نسبة الحم والهن إلى نفسه ولو قال ويقال لكان اولى للتحرز عن من نسبتهما إلى المخاطب مع إضافة الحم إلى المخاطب غير صحيح ؛ لأنه لا يضاف إلا إلى الأنثى اللهم إلا أن يحذف المضاف والشارح جعل صيغة تقول للغائبة فاندفع الاعتراض بلا تكلف. (عب).

ـ قوله : (تقول) أي : امرأة جعله للغائبة لا المخاطب مع أن المتبادل من أمثاله في عبارة ـ


أي : امرأة قائلة ، لامتناع إضافة (الحم) (١) إلى المذكر ، (حمي وهني) بلا رد المحذوف عند الإضافة إلى ياء المتكلم.

وإنما فصلهما عن (أخي وأبي) (٢) لأنه لم ينقل عن المبرد فيهما في المشهور ما يخالف مذهب الجمهور ، وإن نقل عنه بعضهم ذلك الخلاف في الأسماء الأربعة.

(ويقال) في (فم) حال الإضافة إلى ياء المتكلم (في) بالرد (٣) والقلب والإدغام (في الأكثر) أي : في أكثر موارد استعمالاته (وفمي) (٤) في بعضها إبقاء للميم المعوض عن الواو عند قطعة من الإضافة (وإذا قطعت) هذه الأسماء الخمسة عن الإضافة (٥) (قيل: أخ (٦) وأب وحم وهن وفم) بالحركات الثلاث. (٧)

(و) ولكن (فتح الفاء) أفصح منهما) أي : من الضم والكسر.

(وجاء (حم) (٨) مثل : (يد) فيقال : (هذا حم وحمك) و (رأيت حما وحمك) و (مررت بحم وبحمك).

(ومثل (خبء) بالهمزة فيقال : (هذا حمؤ وحمؤك) و (رأيت حماأ وحمأك) و (مررت بحم وحمئك).

__________________

ـ المصنفين صيغة الخطاب لامتناع اضافة الحم إلى المذكر ؛ لأن الحم كل شيء من قبل الزوج مثل الأخ والأب. (صحاح).

(١) وحمو المرأة أبو الزوج ومن قبله وحمو الزوج أبو المرأة ومن كان قبلها. (قاموس).

(٢) مع أن الأولى أن يذكرهما متصلا بهما لاشتراكهما في حذف لام الفعل. (م ح).

(٣) أي : رد العين المقلوبة كما ترد عند الإضافة إلى غير ياء.

(٤) ويجوز فيه ثلثة أوجه الأول فتح الفاء ؛ لأنه أخف الحركات والثاني بضم الفاء؟؟ أصلة واو فحذفت والثالث بكسر الفاء ؛ لأنه إن كان تقلب الواو ياء كسر ما قبله فحينئذ يكون مكسورا ليدل عليه فالأول أولى من الآخرين. (حواشي هندي).

(٥) يكون حذف لاماتها ملتزما وجعل اعرابها على عيناتها كما كان في يد ودم. (عوض).

(٦) ولا حاجة إلى تقدير المبتدأ أي : هو ليكون المقول جملة كما في بعض الأعاريب ؛ لأن الصحيح مقول القول يكون مفردا كما ذكر الزمخشري في قوله تعالى : (يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ). (زيني زاده).

(٧) في فاء فم ليدل على الأحوال الثلثة أي : الانفتاح والانضمام والانخفاض في الفم. (محرره).

(٨) لغات أخر غير اللغة الأولى ؛ لأنها أن يكون اعرابه عند الإضافة إلى ياء المتكلم وبالحركات عند القطع عنها مطلقا. (عافية).


(و) مثل : (دلو) بالواو فيقال :

(هذا حمو وحمك) و (رأيت حموا ، وحموك) و (مررت بحمو وحموك) (و) مثل : (عصا) بالألف فيقال :

(هذا حما وحماك) و (رأيت حما وحماك) و (مررت بحما وبحماك)،

(مطلقا) أي : جواز (حم) مثل : هذه الأسماء الأربعة مطلق غير مقيد بحال الأفراد أو الإضافة ، بل تجيء هذه الوجوه فيه في كل من حالتي الافراد والاضافة (وجاء (هن) مثل : (يد) مطلقا) أي : في الافراد والاضافة ، يقال : (هذا هن) و (رأيت هنا) و (مررت بهن) و (هذا هنك) و (رأيت هنك) و (مررت بهنك).

و (ذو) (١) لا يضاف إلى مضمر لأنه وضع وصلة (٢) إلى الوصف بأسماء الأجناس والضمير ليس باسم جنس.

وقد أضيف إليه على سبيل الشذوذ ، كقول الشاعر :

إنما يعرف ذا الفض

ل من الناس ذووه (٣)

ولو قيل : لا يضاف إلى غير اسم الجنس لكان أشمل.

وكأنه خص المضمر بالذكر ؛ لأنه كان لبعض تلك الأسماء حكم خاص عند إضافته إلى ياء المتكلم ، فنفى إضافته إلى المضمر نفيا (٤) ، لاختصاصه بحكم باعتبار

__________________

(١) قوله : (وذو لا يضاف) ولو قال : وذو لا يستعمل إلا مضافا إلى اسم جنس لكان أولى ليعلم أنه لا يضاف إلى العلم. (ح ه).

ـ قال وذو علم إن عينه واو ولامه ياء أما الأول فلان مؤنثة ذات واصلها ذوات كنوات بدليل أن مثناها ذوانا حذفت عينها لكثرة الاستعمال فأما الثاني فلان الباب الطي أغلب من باب القوة والحمل على الأغلب اولى وزنه فلس عند القراء والمشهود فرس. (لارى).

(٢) وبينهما وصلة أي : اتصال وذريعة وكل شيء اتصل بينهما وصلة والجمع وصل. (صحاح).

(٣) ونحو : اللهم صل على محمد وذويه وما وقع في كلام بعض المتأخرين وصلى على نبيه وآله وذويه وما وقع في كلام بعض المتأخرين وصلي على نبيه وآله وذويه فذلك اقتباس من الدعاء المأثور. (عب).

ـ وإنما جاء هنا ؛ لأنها ليست ههنا موجودة الموصوف ولا يجيء حينئذ إلا جمعا. (محصول).

(٤) قوله : (نفيا) مفعول لا مفعول مطلق وليس قوله : لاختصاص ، تعليلا لقوله : فنفي ؛ لأنه حينئذ يفسد المعنى. (محرره).


إضافته إليه. (١)

(ولا يقطع) (٢) أي : ذو (عن الإضافة) لأن جعله وصله إلى وصف أسماء الأجناس ليس إلا بالإضافة إليها.

(التوابع)

(التوابع) (٣)

وهي جمع (تابع) (٤) منقول (٥) من الوصفية إلى الاسمية والفاعل الاسمي يجمع على (فواعل) ك : (الكاهل) (٦) على (الكواهل). (٧)

والمراد (٨) بها : توابع المرفوعات والمنصوبات والمجرورات التي هي من أقسام

__________________

(١) وهو أن يقول ذي بالإضافة على ياء المتكلم وبقلب الواو ياء وادغام الياء الأولى في الياء الثانية. (ه)

(٢) وإنما لم يقطع ؛ لأنه ليس مقصودا بذاته وإنما هو وصلة إلى جعل أسماء الأجناس صفة وذلك ؛ لأنهم أرادوا أن يضيف شخصا بالذهب مثلا فلم يأت أن يقولوا جاءني رجل ذهب فجاؤ بذو واضافوه إليه فقالوا ذو ذهب ولما كان جنس المضمرات والاعلام مما لا يقع صفة كما يجيء لم يتصل لذو التي الوصف بها وإن كان بعد التوصل بصير الوصف هو المضاف دوه المضاف إليه. (نجم الأئمة).

(٣) ولما فرغ من بيان أحوال الثلثة مع ملحقاتها المرفوعات وأخويها شرع في بيان ما يتبعها فقال التوابع اه. (م ح).

(٤) لا تابعة ؛ لأن موصوفه الاسم التابع وهو مذكر لا يعقل ويجمع هذا الجمم قياسا على صفة المذكر الذي لا يعقل. (م ح).

(٥) كأنه قيل : إن وزن الفاعل إنما يجمع على فواعل إذا كان اسما أو صفة بمعنى فاعلة وهو ليس كذلك فأجاب بقوله : منقول. (لمحرره).

(٦) الكاهل اسم بحسب الأصل بخلاف التابع فإنه اسم بالنقل ولم يجمع التوابع جمع تابعة مع أن الفاعلة الوصفية أيضا يجمع على فواعل ويصح تأنيث الاسم التابع ؛ لأنها كلمة تابعة ؛ لأنها لو كانت جمع تابعة لقال كل ثانية باعراب سابقها ويجعل جنس الأقسام التابعة دون التابع. (ع ص).

(٧) كما هو مذهب المصنف وقيل إنه فاعل الصفة إذا كان لغير العاقل يجمع على فواعل قياسا مطردا كنجم طالع وطوالع وجبل شامخ وشوامخ نص عليه سيبويه وغلط كثير من المتأخرين فحكم على مثل هذا بالشذوذ. (زاده).

(٨) قوله : (المراد) كأنه قيل : إذا كان التوابع كل ثان باعراب سابقة يخرج نحوان إن وضرب ضرب ؛ لأنه ليس بمعرب باعراب سابقه فلا يكون حدها جامعا لأفراده فأجاب بقوله : (المراد اه حاصل إن المراد توابع الاسم فلا ينتقص الحد بخروج توابع غير الاسم. (محرره).


الاسم فلا ينتقض حدها بخروج نحو : (إنّ إن) و (ضرب ضرب) لعدم كونهما من أفراد المحدود.

(كل ثان) (١) أي : متأخر (٢) متى لوحظ مع سابقة كان في الرتبة الثانية منه فدخل في التابع الثاني (٣) والثالث فصاعدا.

متلبيس (بإعراب سابقة) أي : بجنس اعراب سابقة بحيث يكون اعرابه من جنس اعراب سابقة.

ناشي كلاهما (من جهة واحدة) شخصية (٤) مثل : (جاءني زيد العالم) فإن (العالم) إذا لوحظ مع (زيد) كان في الرتبة الثانية منه.

وإعرابه من جنس إعرابه وهو الرفع.

والرفع في كل منهما ناشئ من جهة واحدة شخصية هي فاعلية (زيد العالم) (٥) لأن

__________________

(١) قوله : (كل ثان) بمنزلة الجنس فيشمل التوابع وغيره. (نجم).

ـ فإن ذكر الكل في التعريف غير مناسب ؛ لأنه لأحاطة الأفراد والتعريف في التحقيق لا للافراد بل للماهية قلت : عدم مناسبة للتعريف إذا كان لاحاطة الأفراد وأما إذا كان لاحاطة الأجزاء فذكر الكل مناسب للتعريف فهو هنا لاحاطة الأجزاء لا للإحاطة الأفراد ولذلك ذكر صاحب المصباح كلمة الكل في تعريف الكلمة. (لمحرره).

(٢) قوله : (متأخر) لوحظ أراد بأن المراد بالثاني المتأخر الخاص كما هو الظاهر من كلامه فليس فيه إشارة إلا إلى توجيه واحد لدفع ما يورد طريقان جعل الثاني بمعنى المتأخر واعتبار ثانيا في الرتبة بالإضافة إلى متبوعه وأول كلامه ناظر إلى الدفع الأول وآخر كلامه إلى الثاني. (وجيه الدين).

(٣) فإن التابع الثاني وإذا كان متأخرا عن المتبوع بدرجتين وثانيا في الذكر إلا أنه متى لوحظ مع متبوعه لكونه تابعا يكون متأخرا عنه بدرجة فيكون ثانيا. (وجيه الدين).

(٤) يشكل بجاءني زيد وعمرو ؛ لأن الرفع فيهما ليس من جهة فاعلية زيد وعمرو بل الرفع لكونهما فاعلين على حدة ويصح في بعض المعطوفات نحو تضارب زيد وعمرو. (داود).

(٥) فلا يرد المفعول الثاني من باب علمت مثلا ؛ إذ جهة بعضهما متحدة نوعا لا شخصا. (عب).

ـ كان زيدا مرفوع من جهة أنه فاعل وكذلك العالم مرفوع من جهة أنه فاعل وإنما سمى صفة ليعلم أنه فاعل تبعا أو ليتميز عن التوابع الآخر لا ؛ لأنه ليس بفاعل ، فإن قيل : يلزم تعدد الفاعل لكنه وحد ليس إلا قلت : الفاعل بالأصالة ممتنع أن يتعدد ولا امتناع في تعدده إذا كان بعضه أصليا وبعضه تبعيا. (كاملة).


المجئ المنسوب إلى (زيد) في قصد المتكلم إليه مع تابعه ، لا إليه مطلقا (١) فقوله : (كل ثان) يشمل التوابع وخبر المبتدأ وخبري (كان وإن) وأخواتهما ، وثاني مفعولي (ظننت) و (أعطيت).

وقوله : (بإعراب سابقه) يخرج الكل إلا خبر المبتدأ وثاني مفعولي (ظننت وأعطيت).

وقوله : (من جهة واحدة) يخرج هذه الأشياء ؛ لأن العامل في المبتدأ والخبر وإن كان هو الابتداء أعني : التجريد عن العوامل اللفظية للاسناد لكن هذا (٢) المعنى من حيث أنه يقتضي مسندا إليه صار عاملا في المبتدأ ومن حيث إنه يقتضي مسندا صار عاملا الخبر.

فليس ارتفاعهما من جهة واحدة وكذا (ظننت) من حيث إنه يقتضي شيئا مظنونا فيه ومظنونا عمل في مفعولية.

فليس انتصابهما من جهة واحدة.

وكذلك (أعطيت) من حيث إنه يقتضي أخذا (٣) ومأخوذا (٤) عمل مفعوليه فليس انتصابهما من جهة واحدة.

__________________

(١) فإن قلت : هذا لحد ينقص بالجال إذا كانت عن المفعول فإنها تابعة باعراب سابقة من جهة واحدة مع أنها ليست تابعة قلت : المراد بالثاني ما يكون فتحا بحيث لا يصح اولا قط الحال ليست بتختم كونها ثانية قد تصيرا ولا كما في وقوله لغيره حوضا حلل قديم وأمثال ذلك بخلاف التوابع فإنها لا تصيرا ولا لنت. (غجدواني).

(٢) قوله : (لكن) هذا المعنى من حيث آه أشار بذلك إلى دفع اعتراض أو رده الرضى على المصنف وذلك أن المصنف قال في الشرح قوله : من جهة واحدة يخرج عن المبتدأ والخبر وثاني والثالث من باب عملت واعلمت وكذا ثاني باب اعطيت ؛ لأنها تعربان باعراب سابقها ولكن من غير جهة واحدة وقال الرضى فيه نظر ؛ لأنه ارتفاع المبتدأ والخبر من جهة واحدة وهي كونها عمدة الكلام وانتصاب الاسماء المذكورة من جهة واحدة وهي كونها فضلات وجه الدفع على ما ذكره السيد السند في حواشي الرضى وتبعه الشارح أن المراد بالجهة الواحدة تعلق العوامل المعمولات وعدم تغيرها كما فصله الشارح. (خلاصة وجيه الدين).

(٣) يعني : ما يدل على الذات بحيث يمكن أن يقوم معنى الفاعلية بها وهو الآخذية. (م ح).

(٤) يعني : ما يدل على ذات يمكن أن يقوم معنى المفعولية بها وهو المأخوذية. (توقادي).


واعلم (١) أن الإعراب المعتبر في هذا التعريف (٢) بالنسبة إلى اللاحق والسابق أعم من أن يكون لفظيا أو تقديريا أو محليا حقيقة (٣) أو حكما ، فلا يرد نحو : (جاءني هؤلاء الرجال) و (يا زيد العاقل) و (لا رجل ظريفا) (٤) ثم أن لفظة (٥) (كل) هاهنا ليست في موقعهما ؛ لأن التعريف إنما يكون للجنس وبالجنس لا للأفراد وبالأفراد.

__________________

(١) قوله : (واعلم أن الإعراب) إشارة إلى دفع نقض ما يورد على هذا التعريف بمثل هؤلاء الرجال ويا زيد العاقل حال كون الفاعل بالنصب حملا على محل زيد ولا رجل ظريفا حال كونه ظريفا بالنصب حملا على محل رجل القريب ؛ لأن الرجل العاقل والظريف في هذه الأمثلة المذكورة من أفراد التابع مع أنه لا يصدق على كل واحدة منها أنه ملتبس بجنس إعراب سابقه وهو الحد ؛ لأن سابق كل مبني فلا إعراب فيه حتى يكون ملتبسا فيكون وجه الدفع أن الإعراب المعتبر في كل من اللاحق السابق اعم من أن يكون في كل واحد منهما لفظيا وتقديريا أو محليا أو في أحدهما تقديريا وفي الآخر محليا فهؤلاء مثلا في المثال الأول وإن لم يكن مرفوعا لفظا ولا تقديرا لكنه مرفوع محلا فيصدق على الرجال مثلا فيه أنه ملتبس بجنس إعراب سابقه وهو الرفع المحلي وزيد ورجل في المثالين الآخرين وأن لم يكونا منصوبين لفظا ولا تقديرا لكنهما منصوبان محلا فيصدق على العاقل وظريفا انهما ملتبسان بجنس إعراب سابقهما وهو النصب المحلي فيهما فيندفع نوهم النقض فبكون الحد جامعا ومانعا.(لمحرره).

(٢) الأحسن أن التعريف هنا للتابع في الإعراب ولما لم يكن شاملا لتابع حركة المنادى وتابع حركة اسم لا تعرض لهما في محلهما ولم يرض باحالتهما إلى هذا الباب. (ع ص).

(٣) قوله : (حقيقة أو حكما) قيد للثلاثة المذكورة فحصل بضربها فيها ستة اضرب فمثال الإعراب اللفظي حقيقة نحو جاءني الرجل العالم ومثال الإعراب اللفظي حقيقة نحو جاءني الرجل العالم ومثال الإعراب اللفظي حكما يا زيد العاقل بالرفع حملا على اللفظ ومثال الإعراب التقديري حقيقة نحو جاءني سعدي العاقلة وجاءني الفتى القائم ومثال الإعراب التقديري حكما نحو يا فتى العاقل بالرفع حملا على الضمة المقدرة ومثال الإعراب المحلي حقيقة نحو جاءني هؤلاء الرجال ومثال الإعراب المحلي حكما نحو يا هؤلاء الرجاء بالرفع حملا على الضمة المحلية ونحو لا رجل. (حاشية رضي الدين).

(٤) فإنه بإعراب سابقه كما أن حمل على لفظه القريب أو محلا أن حمل على محله القريب ويجوز ظريف بالرفع عملا على محل البعيد وكذا يجوز ظريف بالفتح فح يكون بكون الإعراب المعتبر بالنسبة إلى السابق واللاحق حكما وحقيقة يعني فيه إعراب حكمي وحقيقي. (فيض الله).

(٥) أي : لفظه كل ههنا غير واقع في محلها لما فيه من التعرض لإحاطة الأفراد والموقع موقع التعريف والتعريف إنما يكون للحقيقة لا للإفراد وجوبه أن كلمة كل إذا اضيف إلى فرد مثله متصف بصفة يراد بها الماهية وهو يستعمل في التعريفات فاندفع الاعتراض. (سعد الله).


فالمحدود بالحقيقة التابع والحد مدخول (كل) و (ثان بإعراب سابقه من جهة واحدة) ، لكنه لما أدخل (كل) عليه أفاد صدق المحدود على كل أفراد الحد فيكون مانعا.(١)

والظاهر أن انحصار المحدود فيها لعدم ذكر غيرها ، فيكون جامعا فيحصل حد جامع مانع يكون جمعه ومنعه كالمنصوص عليه.

النعت (٢)

(تابع) جنس شامل للتوابع كلها.

وقوله (يدل على معنى (٣) في متبوعه) أي : يدل بهيئته التركيبية مع متبوعه على حصول معنى في متبوعه (مطلقا) أي : دلالة مطلقة (٤) غير مقيدة بخصوصية (٥) مادة من المواد ، احتراز عن سائر التوابع (٦).

__________________

(١) وأيضا إيراد المحدود بلفظ الجمع المحلي حيث قال التوابع إشادة إلى جميع افراده فكأنه قال جميع أفراد المحدودة وجميع أفراد الحد لا غير فالحد صادق على جميع افراد المحدود فلفظ الجمع المحلي أفاد جامعية التعريف كما أفاد لفظ الكل ما نعته صريحا. (هندي ح).

(٢) قيل : الفرق بين النعت والصفة إن النعت يستعمل فيما يتغير والصفة يستعمل فيما يتغير وما لا يتغير ولذلك يقال صفة الله ولا يقال نعت الله فعلى هذا أن الصفة أعم من النعت قيل : أن الفرق بينهما أن النعت يستعمل في المدح فقط والصفة يستعمل في المدح والذم فعلى هذا أيضا كذلك. (حاشية).

ـ المتكلمون يفرقون بين الوصف والصفة والنعت فالوصف عندهم لفظ الواصف بكريم وعالم وغير ذلك والصفة هي المعنى القائم بالموصوف وعند النحويين الوصف لفظ الواصف الوصف والصفة والنعت بمعنى واحد عند النحويين وأصل الصفة وصفة الفاعل اعلال عدة. (جلبي).

(٣) قوله : (على معنى) أي : على حالة ثابتة في متبوعه سواء كان باعتبار نفسه أو باعتبار الصفة فدخل فيه نحو جاءني رجل.

(٤) حاصل أن الدلالة على حصول المعنى في متبوعه لازمة النوع هيئة غير منفكة عنه والشارحين أقوال طويلة ..

(٥) الصفة والموصوف كشيء واحد فلا يجوز الفصل بين الشيء وبين هو بعض منه. (قطب الكيلاني).

(٦) لكن قد يتوهم أنه يدخل فيه مثل ضربت زيدا قائما فإن قائما يتوهم أنه تابع بدل على معنى في متبوعه وهو ذو الحال فلما قال مطلقا خرج عنه مثله ؛ لأن مثل قائم وإن توهم متوهم إنه ثان دل على معنى في متبوعه لكن لا يدل عليه مطلقا بل حال الفعل عن الفاعل. (متوسط).


ولا يرد عليه البدل في مثل : قولك : (أعجبني زيد علمه) ، والمعطوف في مثل : قولك : (أعجبني زيد علمه) ولا التأكيد في مثل : قولك : (جاءني القوم كلهم) لدلالة كلهم على معنى الشمول في القوم.

فإن دلالة التوابع في هذه الأمثلة على حصول معنى في المتبوع إنما هي بخصوص موادها.

فلو جردت عن هذه المواد ، كما يقال : (أعجبني زيد غلامه) أو (أعجبني زيد وغلامه) أو (جاءني زيد نفسه) لا تجد لها دلالة على معنى في متبوعاتها ، (١) بخلاف الصفة فإن الهيئة التركيبية بين الصفة والموصوف تدل على حصول معنى في متبوعها في أي : مادة كانت (٢).

(وفائدته) (٣) أي : فائدة النعت (٤) غالبا (تخصيص) في النكرة (تخصيص) في

__________________

(١) أما في الأولين فظاهر ؛ لأن الغلام يدل على ذات المعينة ولا يدل على معنى قائم بالغير فضلا عن أن يدل على معنى في متبوعه وأما في الثالث فلأن لفظ نفسه لا يدل على معنى قائم بالغير بل إنما يدل على ما يدل عليه زيد في هذا المثال ؛ لأن معنى النفس مطلقا الذات إلا أنه بالإضافة إلى ضمير زيد كان المدلول عليه ذاتا أيضا فصار كأنه قال جاء زيد زيد بخلاف وجاءني القوم كلهم فإنه يدل على معنى حاصل على القوم وهو الشمول. (توقادي).

(٢) اعلم أن العامل في الصفة هو العامل في الموصوف عند سيبويه وعند الأخفش العامل في الصفة معنوي كما في المبتدأ والخبر. (شرح).

(٣) قوله : (وفائدته) أراد الفرق بين النعت والخبر فإن كلا منهما يدل على معنى في شيء يعني ليس الغرض من الوصف الإعلام بحصول المعنى بل تحصيص المتبوع إلى غير ذلك وهذا وظيفة نحوية لا بيانية كما نوهم اللادي. (عص).

(٤) الصفة على أربعة أوجه أن الموصوف إما أن لا يعلم فيراد تمييزه على سائر الأجناس مما يكشفه فهي الصفة الكاشفة وإما أن يعلم لكن التبين من بعض الوجه فيؤتى بما يدفعه فهي المحصوصة وإما أنه لم يلتبس ولكن يوهم الالتباس فجاء بما تقرره فهي المؤكدة. (سيدي).

ـ واعلم أن الصفة إن كان مفهومها عين مفهوم الموصوف بحيث لا يتميز أحدهما عن الآخر إلا بكون الموصوف محلا يفصل الصفة وتبينه تسمى كاشفة وموضحة ومعرفة كقولك : الجسم الطويل والعريض العميق متحيز وإن كان مفهومها خارجا عن مفهوم الموصوف بأن دلت على بعض الأحوال الخارجة عن مفهوم الموصوف تسمى مخصصة ومقيدة وإن كان الموصوف معلوما عند المخاطب قبل إجراء الصفة عليه سواء كان مما لا شريك له في ذلك لاسم نحو : ـ


النكرة ك : (رجل عالم) (أو توضيح) في المعرفة ك : (زيد الظريف) (١).

(وقد يكون لمجرد (٢) الثناء) من غير قصد تخصيص أو توضيح ، نحو : (بسم الله الرحمن الرحيم).

(أو) لمجرد (الذم) نحو : (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).

(أو) لمجرد (التأكيد) (٣) مثل : (نفخة واحدة) إذ الوحدة تفهم من التاء في (نفخة) فأكدت ب : (الواحدة).

ولما كان غالب مواد الصفة المشتقات توهم كثير من النحويين أن الاشتقاق شرط النعت ، (٤) حتى تأولوا غير المشتق بالمشتق. ولم (٥) يكن هذا مرضيا للمصنف ورده

__________________

ـ بسم الله الرحمن الرحيم فإنه لا شيء يشرك معه تعالى في اسم الله سبحانه حتى يحتاج إلى تخصيصه وتمييزه تعالى عنه ونحو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فإنه لا شريك للعين في اسم الشيطان وإن كان له شريك فيه نحو أياك زيد كريم الفاضل والفاسق اللئيم إلا أن الموصوف كان معلوما للمخاطب قبل إجراء الصفة عليه كما إذا عرف زيد الآتي قبل ذكر وصفه فالصفة في مثله يكون لمدح الموصوف أو ذمه لا تقييده وتعيينه وإن كان له شريك في اسم. (شيخ زاده).

(١) فإن زيد أرب يشاركه غيره في الاسم فالتقييد به يفيد تمييزه من ذلك المشاركة لكن ينبغي أن يعلم أن هذا إنما يكون إذا كان الظرافة خاصا به والفرق بينهما واضح ، فإن الأول تنقيص عموم الاسم لجعله واقعا على بعض الجنس دون كله ، وأما الثاني فلأن الصفة لأجله لا لجاء بها ليقصد إلى ذلك التنقيص فإن المعرفة محصوص بنفسها وإنما الغرض منها إزالة اللبس. (عوض).

(٢) لأنه لما يصح هنا إرادة التحصيص والتوضيح جعلت الأوصاف لمحض الثناء وجردت عن معنى التخصيص والتوضيح وإن كانت في الأصل لهما. (غجدواني).

(٣) وإنما كان الوصف للتأكيد إذا أفاد الموصوف معنى ذلك الوصف مصرحا حالا بالتضمين وإن كان المعنى المصرح في المتبوع شمولا وإحالة فالنا مع تأكيد لا صفة نحو الرجال كلهم. (رضي).

(٤) لكون دلالة المشتق على معنى في متبوعه ظاهرة ؛ لأنه أحمر مثلا يقتضي بذاته شيئا متصفا بالحمرة فلذلك استضعف سيبويه نحو مررت برجل أسد ، وصفا ولم يستضعف بزيد أسد حالا وفي الفرق نظر. (لارى م ح).

(٥) عطف على قوله : (كان) وقوله : (رده) عطف على قوله : (توهم) من قبيل في الدار زيد والحجرة عمر ولأن لما مضاف إلى الجملة بعدها. (قدقي).


بقوله (١) : (ولا فضل) أي : لا فرق (بين أن يكون) (٢) النعت (مشتقا أو غيره) (٣) في صحة وقوعه نعتا (إذا (٤) كان وضعه) أي : وضع غير المشتق (لغرض المعنى) (٥) أي : لغرض الجلالة على المعنى الواقع في المتبوع (عموما) أي : في جميع (٦) الاستعمالات (مثل (تميمي وذي مال) (٧) فإن (التميمي) يدل دائما على أن لذات ما نسبة إلى قبيلة تميم ، و (ذي مال) يدل على أن ذاتا ما صاحب مال. (أو خصوصا) في بعض الاستعمالات بأن يدل في بعض الواضع على حصول معنى لذات ما وحينئذ يجوز أن يقع نعتا وفي بعضها لا يدل على ذلك وحينئذ لا يصح جعله نعتا. (مثل (مررت برجل (٨) أي (٩) رجل) أي : كامل في الرجولية ، فأي رجل باعتبار دلالته في مثل : هذا التركيب

__________________

(١) لا يخفى أن أكثر ما ذكره لا يصلح ردا ؛ لأن كونه نعتا باعتبار أنه في قوة المشتق. (لارى).

(٢) لأن الغرض من الصفة هو الدلالة على معنى في متبوعها هو لما يحصل بالمشتق يحصل بغيرها فلا حاجة إلى شرط الاشتقاق. (غجدواني).

(٣) الظاهر أن يقول وغيره بالواو ؛ لأن بين لا يضاف إلا إلى المتعدد واو لأحد الأمرين فلعه جعل أو بمعنى الواو وإنما أتى بها دون الواو يشير إلى استقلال المشتق والجامد في كونه نعتا من غير حاجة إلى رد الجامد إلى المشتق وذلك ؛ لأن أو تقع بين المتقابلين. (عب).

(٤) متعلق بقوله : (غير مشتق) والوضع هنا يعم والوضع النوعي الشامل للوضع النوعي الذي في المجاز فلا يرد نحو مررت بنسوة أربع بناء على اسم العدد في المعدود مجاز. (لارى).

(٥) والغرض ما يترتب وجوده على شيء ويقصد به هذا الترتب سواء كان وجوده العقلي والخارجي وترتب وجود المعنى في العقل غرض من وضع النعت في التركيب وللتنبيه على أن العرض باعتبار الوجود العقلي قال الشارح لعرض الدلالة. (ع ص).

(٦) لأنه كالمنسوب وذو المضاف إلى اسم الجنس فإن لهما موصوف في جميع المواضع إما ظاهرا أو مقدرا. (وجيه الدين).

(٧) فإن تميما وذا مال لا تستعملان إلا ليدل على معنى في المتبوع وهو معنى كونها لغرض المعنى عموما وإما قولك: أنا تميم وأنا ذو مال فعلى تقدير حذف الموصوف أي : أنا رجل تميمي أنا رجل ذو مال. (عافية).

(٨) والشرط أن يضاف إلى سئل المنعوت ؛ لأن القصد بها إلى بيان كمال المنعوت في تحصيل الدال هو عليها من الرجولية وغيرها فلا يجوز جاء رجل أي : عالم. (عوض).

(٩) استفهامية استعيرت للكامل البالغ غاية الكمال في مدح أو ذم بجامع أنه مجهول الحال بحيث يحتاج إلى السؤال عنه. (عب).

ـ أي : إذا أضيف إلى لفظ موصوف بعينه يكون مجازا عن معنى الكامل لا يرادح معناه ـ


على كمال الرجولية يصح أن يقع نعتا ، وفي مثل : (أي رجل عند؟) لا يدل على هذا (١) المعنى فلا يصح أن يقع نعتا.

(و) مثل : (٢) (مررت بهذا (٣) الرجل) (٤) فإن (هذا) يدل على ذات مبهمة ، و (الرجل) على ذات معينة ، وخصوصية الذات المعينة بمنزلة معنى حاصل في الذات المبهمة. فلهذا صح أن يقع الرجل صفة ل : (هذا).

وفي المواضع الأخر التي لا يدل على هذا المعنى لا يصح أن يقع صفة.

وهبي بعضهم إلى أن (الرجل) يدل عن اسم الإشارة ، وبعضهم إلى أنه عطف بيان.

(و) مثل : (مررت بزيد (٥) هذا) أي : بزيد المشار إليه.

__________________

ـ الحقيقي وهو الاستفهام ومن مثل أي : رجل عبدك لم يوجد موصوف فلا يتصور الأصناف إلى لفظ موصوفة فلا يقع نعتا. (والله الحكم).

(١) أي : معنى الكمال بل يدل على الذات فقط لدم ذكر شيء قبلها صالح للموصوفية بها لفظا أو تقديرا لكونه مبتدأ والظرف خبره. (م ح).

(٢) اسم الجنس المعرف باللام إذا كان وصفا للمبهم كما في قولك : مررت بهذا الرجل فإن الرجل ههنا صفة لهذا عند المحققين وأما تحقيق دلالته على معنى في المتبوع فقد عرفت. (عافية شرح الكافية).

(٣) فإن قلت : هذا للإشارة واللام للإشارة في الرجل فكيف يستقيم الجمع بين الإشارتين قلت : اللام إشارة إلى الجنس وهذا إشارة إلى الموصول فقولك هذا بمنزلة قولك : الرجل الذي تعلم وقولك الرجل بمنزلة قولك : الرجل خير من المرأة. (أقليد).

(٤) فإنه نعت دال على معنى في المتبوع وهو كون المشار إليه الممرور به الجنس الموصوف بالرجولية. (س).

(٥) فإن اسم الإشارة لا يقع إلا صفة للعلم أو للمضاف إلى العلم إلى المضمر وإلى مثل ؛ لأن الموصوف أخص ومساو أما في غير هذه المواضع فلا يقع صفة. (هندي).

ـ فإن أي : والرجل وهذا وقعت صفات في هذه المواضع لدلالة كل منها على معنى في متبوعه وهو كماله في الرجولية في الأول وتعين ذاته في الثاني وكونه مشار إليه في الثالث وإن لم تدل على ذلك المعنى أي : رجل وجاءني الرجل وهذا زيد وهذا مع كونها لغرض المعنى خصوصا وأما الذين يشترطون الاشتقاق فيؤلون هذه الألفاظ ويقولون تميمي مؤول بمنسوب وذو مال صاحب مال وأي : رجل بكامل في الرجولية وهذا الرجل بهذا المعنى ويا أيها الرجل ـ


ف : (هذا) في هذا الموضع يدل على معنى حاصل في ذات (زيد) فوقع صفة له وفي المواضع الأخر التي لا يدل على هذا المعنى لا يصح أن يقع صفة.

(برجل مصري حمارة) فيرفع في الأول ضمير الموصوف وفي الثاني متعلقة مثل : سائر الصفات المذكورة.

(وتوصف (١) النكرة) لا المعرفة (بالجملة (٢) الخبرية) التي هي في حكم النكرة ؛ لأن الدلالة على معنى في متبوعه كما توجد في المفرد كذلك توجد في الجملة الخبرية (٣).

وإنما قيد الجملة الخبرية ؛ لأن الإنشائية (٤) ...

__________________

ـ بياء المطلوب إقباله وزيد هذا بزيد المشار إليها فلا حاجة إليه ؛ لأن الغرض من النعت وهو الدلالة على معنى المتبوع كما يحصل بالمشتق يحصل بغيره من غير احتياج إلى التأويل. (عافية شرح الكافية).

(١) ولما فرغ من بيان ما هو الأصل في النعت وهو الأفراد لكون المطابقة فيه اتم شرع في بيان ما هو في حكم الأفراد فقال ونوصف آه. (م ح).

(٢) وما في حكمها من ذي اللام يقصد به فرد مبهم كما في قوله : (ولقد أمر على اللئيم يسبني) وأشار إلى وجه تخصيص بالجملة بالنكرة بقوله : هي في حكم النكرة وفيه نظر ؛ لأن الجملة في حكم النكرة لكونها الإفادة نسبة مجهولة كالنكرة التي هي لإفادة فرد مجهول فإذا جعلت صفة تجب أن تكون معلومة للمخاطب حتى يتعين موصوفه عند المخاطب بما يعرفه من النسبة ولذا قيل : الإخبار بعدم العلم بها أوصاف إلا أن يكتفى في كونها في حكم النكرة بإنها موضوعة لإفادة نسبة مجهولة واستعمالها في النسبة المعلومة طار على وضعها. (ع ص).

(٣) المحتملة للصدق والكذب محصول الفائدة التي يقصد بالنعت ؛ لأن يضرب في قولنا مررت برجل يضرب يدل على معنى في رجل بلا شبهة فههنا بحثان الأول في بيان المصنف قيد الموصوف بالجملة بأن يكون نكرة وذلك ؛ لأن الجملة نكرة باعتبار المفرد ينسبك عنها ؛ لأنه إنما يكون باعتبار الحكم الذي يناسب التنكير وإلا فالتعريف والتنكير من خواص الاسم فإن قلت : ما تقول في قوله تعالى : (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) وقوله : تعالى (الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) فإن الموصوف بالجملة في هاتين الصورتين معرفة قلت : لما كان الألف واللام ههنا لتعرف الجنس أي : الأمر الذهني الذي أجرى مجرى النكرة في الخارج لعدم التوقيت فيه والثاني قيد تلك الجملة بالخبرية احترازا عن الإنشائية. (عوض).

(٤) واعلم أن الإنشاء يقع خبرا بلا تأويل كما في باب المدح والذم وفي الدعاء كقوله تعالى (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ) مثل ابن زيد ومتى القتال وكيف الحال. (محصول).


لا تقع صفة (١) إلا بتأويل بعيد ، كما إذا قلت : (جاءني رجل اضربه) أي : مقول في حقه (اضربه) أي : (٢) مستحق ؛ لأن يؤمر بضربه.

(ويلزم) فيها (الضمير) الراجع إلى تلك النكرة للربط ، نحو : (جاءني رجل أبوه قائم) وإذا لم يكن فيها الضمير الرابط تكون (٣) أجنبية بالنسبة إلى الموصوف فلا يصح أن تقع صفة له ، مثل : (جاءني رجل زيد عالم).

(ويوصف بحال الموصوف) أي بحال قائمة به نحو : (مررت برجل حسن) إذ (الحسن) حال الرجل وصفته.

(وبحال متعلقة) أي : متعلق الموصوف ـ يعني : بصفة (٤) اعتبارية (٥) تحصل له بسبب متعلقة (نحو : مررت برجل حسن (٦) غلامه) إذ كون (٧) الرجل حسن الغلام معنى فيه وإن كان اعتباريا.

(فالأول) أي : النعت بحال الموصوف (يتبعه) (٨) أي : الموصوف في عشرة أمور

__________________

(١) لأن الصفة يجب أن يكون مضمونها معلوما للمخاطب قبل ذكرها حتى يصح فائدتها والإنشاء لا يكون مضمونها معلوما للمخاطب قبل ذكرها وكذا حكم الصلة. (عب).

ـ ولا خبرا ولا صلة ولا حالا ؛ لأن الإنشائية لا ثبوت لها في نفسها وإثبات الشيء للشيء فرع ثبوته في نفسه. (هندي).

(٢) وإنما فسرنا قوله : (مقول في حقه اضربه بهذا التفسير) لئلا يتوهم أنه على معنى الحكاية ويصح أن يستحق ؛ لأنه يأمر بضربه. (بيرامي).

(٣) أي : لم يكن حالا لنفس الموصوف ولا لمتعلقة وفي الملازمة مناقشة لجواز حصول الربط بغير الضمير كما في خبر المبتدأ. (لارى).

(٤) لما أشكل عليه الوصف بحال المتعلق اذا لنعت تابع يدل ، وليس حال المتعلق معنى في المتبوع أول قوله بحاله متعلقة بما ذكر ويلزمه مدح أن لا يكون النعت في جاءني رجل حسن غلامه الحسن بل هو مؤل به أي : كائن بحيث يحسن غلامه. (ع ص).

(٥) إنما يصح الوصف بها ؛ لأنها بمنزلة حاله باعتبار نفسه في حصول الفائدة. (لارى).

(٦) فحسن وإن كان صفة لرجل من حيث اللفظ والمجاز فإنه صفة لمتعلقة وهو الغلام من حيث المعنى والحقيقة. (محمد أفندي).

(٧) قوله : (إذ كون الرجل) جواب سؤال وهو أن يقال النعت يدل على معنى آه ههنا ليس كذلك فأجاب بقوله : (إذ كون الرجل آه). (لمحرره).

(٨) يجب موافقة الصفة للموصوف في هذه الأشياء ؛ لأنها هي الموصوف بالحقيقة والمعنى فيلزم بالضرورة موافتها. (متوسط).


يوجد منها في كل تركيب أربعة (١).

(في الإعراب) رفعا ونصبا وجرا (والتعريف والتنكير والافراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث) إلا إذا كان صفة يستوي فيها المذكر والمؤنث ، ك : (فعول) بمعنى (فاعل) ، نخو (رجل صبور) و (امرأة صبور) أو (فعيل) بمعنى (مفعول) ك : (رجل جريح) و (امرأة جريح) أو كان صفة مؤنثة تجري على المذكر ك : (علامة) (٢).

(والثاني) أي : النعت بحال متعلق الموصوف (يتبعه في الخمسة الأول) (٣) وهي : الرفع النصب والجر والتعريف والتنكير ، ويوجد منها في كل تركيب اثنان (وفي البواقي) (٤). من تلك الأمور العشرة.

وهي أيضا خمسة : الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث.

(كالفعل) (٥) لشبهه به ، يعني : ينظر إلى فاعله ، فإن كان مفردا أو مثنى أو مجموعا أفرد كما يفرد الفعل.

__________________

(١) لاتحادهما في المعنى فهي توافقه في جميع الأحوال الغير المتناقضة وإلا يلزم أن يكون الشيء الواحد في حالة واحدة مذكرا ومؤنثا ومفردا ومنكرا ومفردا ومثنى ومجموعا. (وجيه الدين).

(٢) نحو : جاء رجل علامة وهلباجة وهو الأحمق وربعه وبعضه. (مفصل).

(٣) إن قيل : أن الوصف بحالة المتعلق قد يعتبر فيه ضمير الموصوف نحو : قام رجل حسن وجهه بالنصب والجر وح يطابق الموصوف في العشرة قلنا يمكن أن يجاف عنه بأنه حينئذ من قبيل وصف الشيء بحالة نفسه تمحلا وذلك ؛ لأن نصبه على التشبيه بالمفعول تمحلا والجر تابع للنصب كما مر فيلزم أن يكون الضمير فاعلا تمحلا. (عب).

(٤) متعلق وطرف للظرف المستقر أعني قوله : كالفعل فإن تقديم الظرف على عامله الظرف المستقر جائز كما مر في بحث الحال. (زيني زاده).

(٥) لأن كل فعل يدل على المصدر والمصدر لا يثنى ولا يجمع فينبغي أن يكون الفعل كذلك لوقوع الملازمة بينهما. (ج هندي).

ـ ومعنى كون النعت كالفعل أن في هذا القسم مستند إلى ما بعد كما أن الفعل مسند إلى ما بعده فكما أن الفعل يفرد إذا كان فاعله طاهرا سواء كان تثنية أو جمعا على الأصح كذلك الصفة وكذلك كما أن الفعل يجب تذكيره إذا كان الفاعل مذكرا وتأنيثه إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقيا ويجوز الأمران إذا كان مؤنثا غير حقيقي فكذلك النعت بالنسبة إلى ما بعده. (عافية شرح الكافية).


وإن كان مذكرا أو مؤنثا حقيقيا بلا فصل طابقه وجوبا ، كما يطابق الفعل فاعله في التذكير والتأنيث.

وإن كان فاعله مؤنثا غير حقيقي أو حقيقيا مفصولا ، (١) يذكر أو يؤنث جوازا (٢) تقول : (٣) (مررت برجل قاعد غلامه) مثل : (يقعد غلامه) و (برجلين قاعد غلاماهما) مثل : (يقعد غلاماهما) و (برجل قاعد غلمانهم) مثل : (يقعد غلمانهم) و (مررت (٤) بامرأة قائما أبوها) مثل : (يقوم أبوها) و (برجل قائمة جاريته) مثل : (تقوم جاريته) و (برجل معمورة داره) مثل : (يعمر أو تعمر داره). و (قائم أو قائمة في الدار جاريته) مثل : (يقوم في الدار جاريته).

فإن قلت : إذا نظرت حق (٥) النظر وجدت (الأول) وهو الوصف بحال الموصوف أيضا في الخمسة البواقي كالفعل ؛ لأن فاعله الضمير المستكن فيه (٦) الراجع إلى موصوفه.

والفعل إذا أسند إلى الضمير يلحقه الألف في التثنية والواو في الجمع المذكر

__________________

(١) وتقول حضرت القاضي امرأة وحضر القاضى امرأة وطلعت اليوم الشمس وطلع اليوم الشمس وكذلك الحال في الصفة والموصوف. (لمحرره).

(٢) يعني : يحير بينهما يذكر لكونه غير حقيقي أو مفصولا ووجوب التأنيث إنما يكون إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقيا بلا فصل لما مر ويؤنث لكون فاعله مؤنثا وإن كان غير حقيقي أو مفصولا. (م ح).

(٣) ولما فرع مربيان تشبيه النوع الثاني بالفعل في الخمسة الباقية أورده أمثلتها على ترتيب اللف فقال وتقول اه. (توقادي).

(٤) أشار بإعادة مررت إلى معايرة المعطوف عليه ؛ لأن الأمثلة أوردت لتأنيث الفاعل. (محرره).

(٥) قوله : (حق) منصوب على نزع الخافض أي : بحق النظر أو صفة لمصدر محذوف تقديره إذا نظرت نظرا حق النظر.

ـ فيه بحث ؛ لأن الألف التي تلحق التثنية في الفعل نفس الفاعل والفعل مفرد كما كان والألف التي تلحق الصفة علامة تثنية والضمير مستكن وأما تثنيتها باعتبار تثنية فاعلها دون موصوفها بل اللاحق أنها لموصوفها كي ولا يوجب تثنية الفاعل تثنية المسند بلا شبه نحو جاءني هذان الرجلان.

(٦) يحتمل أن يرجع إلى الوصف بحال الموصوف والضمير في فيه وفي وإلى موصوفه يرجعان إلى الفعل ويحتمل أن يرجع الضمير الأول إلى الفعل والثاني والثالث إلى الوصف. (مولانا إبراهيم).


العاقل. والنون في الجمع المؤنث ، ويؤنث (١) في الواحدة المؤنثة ، ولذلك (٢) قلت : مررت برجل ضارب ، برجلين ضاربين ، وبرجال ضاربين ، وبامرأة ضاربية ، وبامرأتين ضاربتين وبنسوة ضاربات ، كما تقول في الفعل : يضرب ويضربان ويضربون وتضرب وتضربان ويضربن. فلم خصصت الثاني بهذا (٣) الحكم؟

قلنا : المقصود الأصلي في هذا المقام بيان نسبة الوصفين إلى الموصوف بالتبعية وعدمها (٤).

ولما كان (٥) الوصف الأول يتبعه في الأمور العشرة ، وكان لا يخرجه مشابهته للفعل في الخمسة البواقي عن هذه التبعية لما عرفت ، (٦) اكتفى فيه بالحكم عليه بالتبعية بخلاف الوصف الثاني فإنه لما حكم عليه بالتبعية في الخمسة الأول لم يكتف (٧) فيه بالحكم بعدم التبعية فإنه غير مضبوط (٨) بل بين ضابطه عدم تبعيته له ، لكونه. كالفعل بالنسبة إلى الظاهر بعده ليتبين حاله عند عدم التبعية له.

__________________

(١) كما في النعت الأول فيكون المشابهة ثابتة بينهما بهذه الوجوه ولذلك المشابهة نقلت اه.

(٢) أي : لكون الوصف بحال الموصوف كالفعل في الخمسة الباقية.

(٣) الباء دخلت ههنا على المقصور ؛ لأن المقصور عليه ههنا هو الثاني والمعنى فلم جعلت هذا الحكم اعني التبعية للموصوف في الخمسة الأول. (توقادي).

(٤) يعني بيان تعلق الوصف وارتباطه بالموصوف بالتبعية له في الأمور المذكورة وعدم تعلق الثاني وارتباطه له فيها بل في بعضها. (شرح السرج).

(٥) من كون فاعل الوصف الأول كالضمير المستكن في الفعل الراجع إلى الموصوف. (لمحرره).

(٦) من كون فاعل الوصف الأول كالضمير المستكن في الفعل الراجع إلى الموصوف. (رضا).

(٧) صورة عدم الاكتفاء إن لم يقل والثاني يتبعه في الخمسة الأول ولا يتبعه في الباقي دون أن يقال وفي البواقي كالفعل. (حاجي داود).

(٨) لأن في بعضها يناسب الأفراد كما إذا كان الفاعل مثنى أو مجموعا وفي بعضها يجب التذكير والتأنيث كما إذا كان الفاعل مفردا مذكرا أو مؤنثا حقيقيا بلا فصل وفي بعضها جاز التأنيث والتذكير كما إذا كان مؤنثا حقيقيا مع الفصل. (م ح).

ـ واعلم أن العلم يوصف بثلثة أشياء بالمضاف نحو مررن بزيد صاحب عمرو وبالمعرف باللام نحو مررت بزيد العاقل وبالأسماء نحو مررت بزيد هذا وإنما جاز بالمبهم وإن لم يكن فيه معنى الوصفية تكون المراد منه الحاضر فكان قيل : مررت بزيد الحاضر ولم يوصف بالمضمر لانتفاء معنى الوصفية فيه ولم يوصف بمثله لهذه العلة. (كبير).


(ومن ثمة) أي : ومن أجل كون الوصف الثاني في الخمسة البواقي كالفعل (حسن(قام رجل (١) قاعد غلمانه) (٢) كما حسن (يقعد غلمانه) وحسن أيضا (قاعدة غلمانه) لأن الفاعل مؤنث غير حقيقي ، كما حسن (تقعد غلمانه) (وضعف) (قام رجل (قاعدون ) غلمانه) لأنه بمنزلة (٤) (يقعدون غلمانه).

وإلحاق علامتي المثنى والمجموع في الفعل المسند إلى ظاهرهما ضعيف.

(ويجوز) (٥) من غير حسن ولا ضعف (قعود غلمانه) وإن كان (قعود) جمعا أيضا

__________________

(١) لو قال : ومن ثمة حسن قام رجال قاعد غلمانهم لكان أصوب بل لو قال ومن ثمة حسن قامت نسوة قاعدة غلمانهن لكان أحسن ليعلم منه أن الصفة التي بحال المتعلق لا يجب أن يتبع موصوفه في الافراد والتثنية والجمع ولا في التأنيث والتذكير ويعلم منه أيضا أن الصفة يكون مفردا مع عدم افراد فاعلها وإنما قال كما قال نوطئه لقوله : (ويجوز قعود غلمانه). (ح هندي).

(٢) ولو لم يكن كالفعل وكان تابعا للموصوف لوجب قام رجل قاعد غلمانه وامتنع قاعدة غلمانه. (هندي ع ص).

(٣) لأنه كالفعل والفعل إذا قدم على الاسم لا يثنى ولا يجمع وإنما لم يمتنع لجواز كونه من باب اكلوني البراغيث. (هندي). قوله : أكلوني البراغيث فيه شدوذان الجمعية وأيراد واو المخصوص بذوي العلم ولهذه العبارة تأويلات البراغيث مبتدأ مقدم الخبر أو بدل من الضمير أو صفة بناء على أنه جوز الكسائي توصيف ضمير الغائب وصاحب الكشاف توصيف ضمير المخاطب أو فاعل والواو لمجرد الدلالة على الجمعية أو خبر مبتدأ محذوف كأنه قيل : من أكلوني فقيل البراغيث أي : أكلوني البراغيث أي : أنهم البراغيث أو فاعل فعل محذوف كأنه قيل : من أكل فقيل البراغيث أي : أكل البراغيث عن طريق ليبك يزيد أو منصوب بتقدير أعنى أن روى منصوبا. (حاشية هندي).

(٤) قوله : (لأنه بمنزلة) آه لكن ضعف قاعدون غلمانه أقل من ضعف يقعدون غلمانة ؛ لأن الألف والواو في الفعل فاعل في الأغلب بخلاف الألف والواو في الصفة فإنهما علامتان قطعا. (عب).

(٥) مستثنى من قوله : (كالفعل) بحسب المعنى لا عطف على ما قبلها كما في العصام حتى اعترض على المصنف بأن المناسب أن يقال قاعدة غلمانة. (زيني زاده).

ـ هذا جواب عن سؤال مقدر وجه تقرير السؤال ظاهر أما وجه تقرير الجواب فبالفرق بين الصورتين يعني ثبوت الضعف في قاعدون بثبوته في يقعدون لكونه مثله في الحكم المذكور الحركات والسكنات بخلاف قاعدون فلم يلزم من ثبوت الضعف في قاعدون ثبوته في قعود واعترض عليه باب الحكم بأنه كالفعل إن كانمن جهة أنه مسند إلى ما بعده فينبغي أن يمتنع قعود غلمانه كما يمتنع قاعدون غلمانه وإن كان لأجل تشاركهما في الحركات والسكنات فينبغي ـ


كقاعدون إذا كسرت الاسم المشابه للفعل خرج لفظا عن موازنة الفعل ومناسبته ؛ لأن الفعل لا يكسر.

فلم يكن (قعود غلمانه) (١) مثل : (يقعدون غلمانه) الذي اجتمع فيه فاعلان في الظاهر ، إلا أن يخرج الواو من الاسمية إلى الحرفية أو يجعل المظهر بدلا من المضمر (٢) ، أو يجعل الفعل خبرا مقدما على المبتدأ (٣).

(والمضمر لا يوصف) (٤) لأن ضمير المتكلم والمخاطب أعرف المعارف وأوضحها،(٥)فلا حاجة لهما إلى التوضيح ، وحمل (٦) عليهما غير الغائب. وعلى الوصف الموضح الوصف المادح (٧) والذام وغيرهما طردا للباب.

__________________

ـ أن يقال وفي البواقي كالفعل إذا كان النعت مشاركة في الحركات والسكنات لتخصص الحكم بتلك الصورة ؛ إذ هو محل يحتاج إلى البيان قلت : لم لا يجوز أن يكون إفراد قعود غلمانة بالذكر قرينة كذلك أي : لبيان اختصاص الحكم بتلك الصورة مع أن قوله : (فينبغي أن يمتنع) محل نظر. (عافية شرح الكافية).

(١) مع أن غلمانة قعود لعدم جريانه على الفعل ؛ لأن الجمع التكسير في حكم المفرد فكأنه لم يجمع.

(٢) فحينئذ لا يجتمع فيه فاعلان في الظاهر أيضا كما قامت هند وكما في لغة أكلوني البراغيث وجيد ولكن يلزم الإضمار قبل الذكر لفظا ورتبة وذا جائز في خمسة مواضع أحدهما في أبدال المظهر من المضمر. (لمحرره).

(٣) وفيه نظر ؛ لأنه إذا كان الخبر فعلا للمبتدأ وجب تقديمه على الخبر كما مر في بحث المبتدأ. (رضا).

(٤) قوله : (والمضمر لا يوصف) اعلم إذا الأسماء بالنسبة إلى الوصف والوصف بها ثلثه اضرب اسم لا يوصف ولا يوصف به غيره وهو المضمر واسم يوصف ولا يوصف به كالعلم وأسماء الأجناس واسم يوصف ويوصف وهي ثلاثة أصناف وما فيه الألف واللام والمضاف والمبهمات وأما القسم الرابع وهو أن يوصف ولا يوصف فلا يوجد في الأسماء المفردة وإنما ذلك في الجملة فإنه يوصف بها ولا يوصف. (ابن جني).

(٥) فتوضيحها تحصيل الحاصل فيه أن الموضح إنما هو ذاتهما لا وصفهما. (ح).

(٦) قوله : (وحمل عليهما) أجاد الكسائي وصفه بقوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [آل عمران : ٦] آية والجمهور يحملون مثله على البدل. (لارى).

(٧) يعني : أن المضمر لا يوصف بالوصف الموضح ولا بالوصف ١ لمادح الذم وغيرهما حملا على الموضح طرد للباب. (شرح).


(ولا يوصف به) لأنه ليس في المضمر معنى الوصفية (١) وهو الدلالة على قيام معنى بالذات ؛ لأنه يدل على الذات لا على قيام معنى بها.

وكأنه (٢) لم يقع في بعض النسخ قوله : (ولا يوصف به) ولهذا اعتذر الشارح الرضي، وقال : (لم يذكر المصنف أنه لا يوصف بالمضمر ؛ لأنه يتبين (٣) ذلك بقوله (والموصوف أخص (٤) أو مساو) أي : الموصوف المعرفة أشد اختصاصا بالتعريف والمعلومية من الصفة ـ يعني : أعرف منها ـ ؛ لأنه المقصود الأصلي ، فيجب أن يكون أكمل من الصفة في التعريف أو مساويا لها ؛ لأنه لو لم يكن أكمل منها ، فلا أقل من أن لا يكون أدون منها.

والمنقول عن سيبويه وعليه جمهور النحاة إذا عرفها (٥) المضمرات ثم الاعلام ثم

__________________

(١) بحسب الاستعمال وإن دل عل معنى التكلم وفيه أن المضمر الراجع إلى اسم الفاعل دال على معنى الوصفية كمرجعه ويمكن أن يدفع بأن ذلك المعنى إذا كان في قالب الضمير لا يقصد به التوصيف. (عب لارى).

(٢) وهو أن يقال لم أعتذر والرضي عن جانب المصنف على أن لا يوجد في كتابه تركيب ولا يوصف معه أنه مكتوب فيه فأجاب. (رضا).

(٣) إذ لا شيء من المعارف يساوي الضمير في التعريف حتى يجعل المضمر وصفا له بل المضمر أعرف من كل ما عداه من المعارف. (أيوبي).

(٤) أي : أعرف ، أي : أكثر تعريفا ونحو جاءني زيد صديقك ومن بريد هذا والرجل الذي كذا يمتع فيه الحمل على الوصف لاحتمال البدل ويحمل الذي على ذي اللام للموافقة صورة. (هندي).

ـ واعلم أن لو أريد الأخص والمساواة على اصطلاح أهل المنطق يتناول الكلام الموصوف المعرف والمنكر لكنه يرد عليه قولهم حيوان ناطق فإن الموصوف هو الحيوان ليس بأخص ولا مساو اللهم أن يقال الموصوف إنما يكون موصوفا بعد التوصيف والحيوان بعد التوصيف بالأبيض أحص من الأبيض ويكون الكلام بيان للواقع ؛ إذ لا يمكن غلق الموصوف عن هذا الحكم أصلا لكنه يشكل ابتناء ما يبتنى عليه اللهم أن يقال المراد اصطلاح المنطق بل المراد من الأخص الاعرف كما أشار إليه. (هندي).

(٥) قوله : (اعرفها المضمرات) قال الشيخ الرضي كون المتكلم والمخاطب اعرف ظاهر وأما الغائب فلان احتياجه إلى لفظ يفسره جعله بمنزلة وضع اليد وإنما كان العلم أعرف من اسم الإشارة ؛ لأن مدلول العلم ذات معنية مخصوصة عند. الوضع والاستعمال بخلاف اسم الإشارة فإن مدلوله عند الوضع غير معين وإنما تعينه بالإشارة الحسية وكثيرا ما يقع اللبس في المشار إليه ـ


الأسماء الإشارة ثم المعرف باللام والموصولات فبينهما مساواة.

(ومن ثمة) أي : ومن أجل أن الموصوف أخص أو مساو (لم يوصف ذو اللام إلا بمثله) (١) أي : ذي اللام (٢) الاخر أو الموصول (٣) فإنه أيضا مماثل (٤) لذي اللام ، لما عرفت بينهما من مساواة في التعريف ، نحو : (جاءني الرجل الفاضل أو الرجل الذي كان عندك أمس) (أو بالمضاف إلى مثله) أي : مثل : المعرف باللام بلا واسطة ، نحو : (جاءني الرجل فهم منه هذا الترتيب كما سيأتي.

(صاحب الفرس) أو بواسطة نحو : (جاءني الرجل صاحب لجام الفرس) لأن تعريف المضاف مساو لتعريف المضاف إليه ، أو أنقص منه على الخلاف الواقع بين

__________________

ـ إشارة حسية فلذلك كان أكثر أسماء الإشارة موصوفا في كلامهم ولهذا لم يفصل بين اسم الإشارة ووصفه لشدة احتياجه إليه وإنما كان اسم الإشارة أعرف من المعرف باللام لأن المخاطب يعرف مدلول اسم الإشارة بالقلب والعين معا ومدلول المعرف باللام يعرف بالقلب والعين والموصوف كدى اللام وأما المضاف إلى أحد الأربعة فتعريفه مثل تعريف المضاف إليه سواء لأنه يكتسب التعريف من هذا عند سيبويه وأما عند المبرد فتعريفه أنقص ولذا يوصف المضاف إلى المضمر ولا يوصف أنه مضمر. (عب).

(١) أي : بمثل المعرف باللام نحو جاءني الرجل العالم ولو صورة فلا يرد نحو قل أن الموت الذي تفرون منه تكون في حكم المعرف باللام وإن كان تعريفه بالموصولية لا باللام للاشتراك في الصورة أو لكونها مع الصلة بمعنى ذى اللام فإن الذي ضرب من الضارب. (هندي).

(٢) ولا يخفى أن ذات المثل لو لم تعين ليس فيه كثيرة فائدة ولهذا حين يقول أي : ذى اللام آه فكأنه جعل الإضافة عهدية وأشار إلى ما هو المعروف عند جمهور النحاة لا يقال يبقى فيه أمر وهو الموصول الواقع صفة ما في أوله اللام الذي وأخواته دون ما ومن وأي : الموصولة لانا نقول جاز أن يكون المحصور فيه أعم من المحصور نعم يبقى استدراك قوله : وبالمضاف إلى مثله الأعند من يجعل المضاف أدنى من المضاف إليه والشارحون مرد ذى اللام وح ينتقص بالأية المذكورة وأجيب عنه تارة بأن المراد ما هو ذى اللام صورة وتارة فإن الموصول على صلة في قوة المعرف بأل. (عب).

(٣) والموصولات من قبل الصفات لكونها موضوعات لذات المبهمة باعتياد ومعاينة وهي مضمومات الصلة. (داود أفندي).

(٤) فسره بالمماثلة في التعريف حتى لا ينتقص بقوله تعالى : (إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) [الجمعة : ٨]. (لارى).


سيبويه وغيره بخلاف سائر المعارف فإنها أخص (١) من ذي اللام.

فلو وقع الأخص نعتا لغير الأخص فهو محمول على البدل عند أصاحب هذا المذهب.

(وإنما (٢) التزم وصف باب هذا) (٣) أي : باب اسم الإشارة (بذي (٤) اللام) مثل: (مررت بهذا الرجل) مع أن القياس يقتضي جواز وصفه بذي اللام والموصول والمضلف إلى أحدهما (للإبهام) الواقع في هذال الباب بحسب أصل الوضع المقتضى لبيان الجنس (٥).

فإذا أريد رفعه لا يتصور بمثله لأبهامه.

ولا يليق بالمضاف (٦) ...

__________________

(١) مثل أن يقع ما أضيف إلى المضمر صفة إلى العمل مثل جاء زيد صاحبك أو ما أضيف إلى العلم صفة إلى المعرف باللام. مثل جاءني الرجل صاحب زيد. (م ح).

(٢) هذا جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال يلزم فما ذكرتم أن يجوز وصف أسماء الإشارة بالاسم المضاف إلى الاسم المعرف بلام التعريف أو المضاف إلى مثله ؛ لأن لاسم الإشارة أخص من الاسم المضاف إلى المعرف باللام أو مساو للمضاف إلى المبهم لكنه لم يجر بالاتفاق وأجاب بأنه التزم وصفه اه. (متوسط).

(٣) أراد به الأسماء الإشارة التي لغير المكان مثل هنا فإنها لا توصف والموصول غير داخل في باب هذا. (عوض).

(٤) أو الذي والتي محمولين على ذي اللام الصورة أو لكونهما مع الصلة بمعنى ذي اللام ضرب معنى الضارب. (هندي).

ـ وإنما كان كذلك ؛ لأن اسم الإشارة مبهم الذات وتعينها بالإشارة الحسية أو بالصفة فلما أريد تعيينها بالصفة لم يكن تعيينه بمبهم آخر لأن المبهم مثله لا يرفع الابهام فلم يبق إلا الموصول وذو اللام والمضاف إلى حدهما الأليف بالحكمة بأن يرفع الابهام المبهم لما هو متعين في نفسه كذى اللام لا بالشيء الذي يكتسب التعريف من غيره. (شيخ الرضي).

(٥) فإن قيل : أن حقيقة الذات كما تبين باسم الجنس المعرف باللام تبين بالعلم أيضا فما وجه تخصيصه بذى اللام قبيل تعريف المبهم مناسب لتعريف اللام ؛ لأن تعريف المبهم لا يسلب وكذا تعريف اللام لا تقبل التنكير وأما تعريف العلم فيقبل التنكير والإضافة فلا تفيد التعريف في جميع أحوالها. (شرح الكافية شامل).

(٦) والضمير والعلم بمعزل عن هذا الباب. (هندي).


المكتسب التعريف من المضاف إليه ؛ لأنه كالاستعارة (١) من المستعير والسؤال من المحتاج الفقير ، فتعين ذو اللام ، لتعينه في نفسه ، وحمل الموصوف عليه ؛ لأنه مع صلته مثل : ذي اللام مثل : (مررت بهذا الذي كرم) أي : الكريم (٢).

(ومن ثمة) أي : ومن أجل إن التزام وصف باب (هذا) بذي اللام لرفع الإبهام ببيان الجنس (ضعف (مررت بهذا الأبيض) (٣) لأنه لا يتبين به جنس المبهم ؛ لأن الأبيض عام لا يختص بجنس دون جنس (٤).

(وحسن) (مررت بهذا العالم) لأنه يتبين به أن المشار إليه إنسان ، بل رجل.

(العطف) (٥)

يعني المعطوف (٦) بالحرف (تابع مقصود) أي قصد (٧) نسبته إلى شيء أو نسبة شيء إليه.

__________________

(١) قوله : (كالاستعاذة) فيه أن أريد التعريف فمنقوض نحو الرجل صاحب الفرس فإنه جائز بالاتفاق وأن أريد التعيين ورفع الإبهام فحم لجواز أن يكون المضاف اسم جنس كغلام فكما جاز مررت بهذا الغلام فلم لا يجوز بهذا غلام الرجل مع أنهما في الثاني أكثر ..

(٢) هذا إشارة إلى أن كون الموصول مع صلته مثل ذى اللام في التعريف. (هندي).

(٣) لأن الأبيض لا يدل على الذات والنوع لاحتمال أن يكون رجلا وامرأة أو كاغدا أن تلجا أو غير ذلك ولذلك على الجسم جاز على ضعف. (شرح اللمع).

ـ فإن الأبيض من حيث أن له الدلالة على الجسم جاز الوصف به ومن حيث أنه لا يدل على حقيقة الذات المشار إليه ضعف الوصف به. (عوض).

(٤) لا يختص نوعا دون نوع كالانسان والفرس والبقر وغيرها بخلاف هذا العالم فإنه يختص بنوع من الحيوان فكإنك قلت : بهذا الرجل والعالم. (وجيه الدين).

(٥) اعلم أن العطف في اللغة الامالة والمراد هنا أن تميل التابع إلى المتبوع في الإعراب وفي الحكم سواء كانا مفردين أو جملتين مختلفتين نحو جاءني زيد وعمر وزيد يقوم ويقعد وبكر قاعد وأخوه قائم فجمع بين الاسمين في المجيء والفعلين في كونهما مسندين إلى زيد في حصول مضمونهما كاملة.

(٦) فيه إشارة إلى أن المصدر بمعنى المفعول وإلى أن المراد بالعطف العطف بالحروف لا مطلق العطف بقرينة بعيد هذا يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة. (مصطفى حلبي).

(٧) قوله : (أي) : قصد نسبه التفسير بالفعل الإشارة إلى أن لفظ المقصود هنا ليس من عداد الاسم ـ


(بالنسبة) (١) الواقعة في الكلام.

فقوله (بالنسبة) (٢) متعلق بالقصد من المقصود.

(مع متبوعه) أي : كما يكون هو مقصودا بتلك النسبة يكون أيضا مقصودا بها ، نحو : (جاءني زيد وعمرو) ف : عمرو) تابع ؛ لأنه معطوف على (زيد) قصد نسبة المجيء إليه بنسبة المجيء الواقعة في الكلام.

وكما أن نسبة المجيء إليه مقصودة ك ١ لك نسبته إلى (زيد) الذي هو متبوعه أيضا مقصودة.

فقوله : (مقصود بالنسبة) احتراز عن غير البدل من التوابع ؛ لأنها غير مقصودة ، بل المقصود متبوعاتها.

وقوله : (مع متبوعه) احتراز عن البدل ؛ لأنه المقصود دون متبوعه.

قيل : يخرج بقوله : (مع متبوعه) المعطوف ب : (لا وبل ولكن وأم وأما وأو) ؛ لأن المقصود بالنسبة معها أحد الأمرين من التابع والمتبوع لا كلاهما.

وأجيب : (٣) بأن المراد يكون المتبوع مقصودا بالنسبة : أن لا يذكر لتوطئة ذكر

__________________

ـ بل هو عامل وقع صفة ففيها معنى الحدوث ولذا قال فيما بعده متعلق بالقصد المفهوم من المقصود وإلا قوله : بالنسبة متعلق بالمقصود ؛ لأنه عامل فيه فتدبر. (فاضل أمير).

(١) ونعني : بالنسبة نسبة الفعل إليه فاعلا كان أو مفعولا وغيرهما ونسبة الاسم إليه إذا كان مضافا والنسبة أعم من أن يكون بطريق الأيجاب والسلب ليدخل العطف بلاء وفي مثل العطف ببل كلام يذكر في البدل إنشاء الله تعالى. (كاملة).

(٢) قوله : (بالنسبة متعلق بالقصد) المسند إلى النسبة لا المقصود المسند إلى ضمير التابع ؛ لأن المقصود بالنسبة ليس ذات التابع بل هو نسبة إلى شيء أو نسبة شيء إليه فالشارح قدر مضافا إلى فاعل مقصود ولما كان التعلق في الحقيقة بالمصدر قال هو من مفعول متعلق بالعقد قوله أي قصد نسبه إشاره إلى حذف مضاف من مفعول ما لم يسم فاعله إلا يكون المعطوف نفسه مقصودا بالنسبة وليس كذلك إذا المقصود بالنسبة نسبة المعطوف. (قدح).

(٣) قوله : (وأجيب بأن المراد) فيه أن بدل الغلط ثلاثة أقسام أحدها أنك غلطت بالمبدل منه بحسب الواقع يسبق اللسان وثانيها أنك توهم غالط به مثل هند نجم بدر شمس وثالثها أنك نسبت البدل فذكرت المبدل منه فتلك الأقسام ليس توطئة فيدخل بدل الغلط في حد العطف لو لم يكن قوله : (يتوسط داخلا فيه). (عب).


التابع ، ويكون التابع مقصودا بالنسبة أن لا يكون كالفرع على المتبوع من غير استقلال به ، ولا شك أن المعطوف والمعطوف عليه بتلك الحروف الستة مقصودان بالنسبة معا بهذا المعنى.

ولما تم (١) الجد بما ذكره جمعا ومنعا أردفه لزيادة التوضيح بقوله : (يتوسط (٢) بينه) أي : بين ذلك التابع (وبين متبوعه أحد الحروف العشرة) (٣) وسيأتي تفصيلها في قسم الحروف إن شاء الله تعالى.

(مثل : قام زيد وعمرو) ولم يكتف بقوله : (تابع يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة ؛ لأن الحروف قد يتوسط بين الصفات مثل : (جاءني زيد العالم والشاعر).

فالصفة الداخل عليها حرف العطف (٤) كالشاعر لها جهتان ،

__________________

(١) وقد أجيب عن هذه الأشكال بأن التوابع والمتبوع مقصود بالنسبة وإن كان أحدهما بالإبان والآخر بالنفي قبيل هذا الجواب ظاهر في لا ولكن وأما في بل فإنما يصح إذا جعل المتبوع فيه مقابلا للتابع في الحكم اثباتا ونفيا إلا إذا جعل في حكم المسكوت اعلم أن المراد بالتوطئة أن لا يكون مقصودا أصلا لا أن يكون مقصودا أصلا كما في البدل والمتبوع في بل ينبغي أن يكون مقصودا في الجملة وليس كذلك فلا يتجه ما ذكره الشارح في الجواب. (وجيه الدين).

ـ جواب عن سؤال مقدر وهو أنه لم يكتف بنفس الحد مع أنه تم جمعا ومنعا فأجاب بأن يقول أردفه لزيادة التوضيح به فنقول أن المصنف مع ذلك أراد تنبيها على المذهب المختار عنده في حرف العطف وهو أن يكون عشر على الرد على من قال أنها تسعة. (داود).

(٢) استيناف لبيان الحكم بعد تمام الحد لا صفة تابع أو حال في مقصود لتوهم الجزئية قوله : (يتوسط) بمعنى يقع وأن لم يكن بمعنى يقع فقوله بينه آه مستدرك لأن معنى يتوسط بمعنى بين وإلى هذا أشار اللاري رحمه‌الله تعالى. (لمحرره).

(٣) لفظا أو تقديرا القوله تعالى : (ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ)[الكهف : ٢٢] ومنه في التشهد التحيات المباركات للصلوة الطيبات. (ح).

(٤) وقد يحذف الواو عند القرائن كيف أصبحت كيف أمسيت مما يزرع الود في قلوب الكرام أي : كيف وكيف ومنه قوله تعالى : (كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ)[الذاريات : ١٦ ـ ١٧] بدليل آية ومنه التحيات المباركات وكل واو وقعت بين الصفة والموصوف كما وثامنهم كلبهم سمى واو الثمانية وسميت ثمانية ؛ لأن شابه له ثامنهم ثم غلب بهذا الاسمية في كل واحد وقعت بين الصفة والموصوف. (م ع).


إحداهما : كونها صفة لزيد تابعة له تبعية (١) المعطوف عليه.

وأخراهما : كونها معطوفة على الصفة المتقدمة (٢) تابعة لها ويصدق على هذه الصفة(٣) من جهتها الأولى أنها تابع ؛ لأنها صفة لزيد يتوسط بينها وبين (زيد) حرف العطف ؛ لأن توسط (٤) حرف العطف بين شيئين لا يلزم أن يكون لعطف الثاني على الأول ، (٥) فلو لم يكن قوله : (مقصود بالنسبة مع متبوعه) لدخل هذه الصفات من جهتها الأولى في حد المعطوف (٦) وهي من هذه الجهة ليست معطوفة فلم يبق مانعا.

وقيل (٧) : قد جوّز الزمخشري وقوع الواو بين الموصوف والصفة لتأكيد (٨) اللصوق في مواضع عديدة من (الكشاف).

وحكم المصنف في شرح المفصل في مباحث الاستثناء أن قوله تعالى (لها (٩)

__________________

(١) أي : مثل تبعية المعطوف عليه صورة لا حقيقة كما يدل عليه قوله أليس بعطف على التحقيق. (ق).

ـ والظرف خبر مقدم والجملة خبر المبتدأ الأول وهي فالصفة.

(٢) وإذ عطف الشاعر على العالم يكون معطوفا مدخولا في حد المعطوف فيكون جامعا ومانعا وحينئذ يفيد التوضيح كما يفيد العالم فيكونان مقصودا بالنسبة معا. (ح).

(٣) أي : الصفة الداخلة عليها حرف العطف نحو الشاعر والدبير.

(٤) جواب سؤال مقدر تقديره أن توسط حرف العطف بين شيئين يكون للعطف لا شيء آخر فاجاب بقوله : (لأن توسط. (لمحرره).

ـ وفي بعض النسخ ؛ لأنه يتوسط وح يلزم من اللزوم وإلا من الإلزام.

(٥) بل يجوز عملا بالأصل ؛ لأن الأصل في حروف العطف العطف لجواز أن تكون الواو ابتدائية واستئنافية أو حالية والفاء تفسيرية وجواب لامّا وجزاء الشرط إلى غير ذلك. (م ح).

(٦) مع أنها ليست بمعطوفة من هذه الجهات فيلزم صدق الحد بدون صدق المحدود فلا يكون الحد مانعا لا غياره. (شرح).

(٧) فائدة النقل عن الزمخشري هي التقوية والتأكيد وتحقيق بقوله : لأن توسط العطف بين الشيئين لا يلزم أن يكون بعطف الثانية. (مولانا علي).

(٨) منها قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ)[الكهف : ٢٢] يعني أن واو ثامنهم لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف ومنها قوله تعالى : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً)[الأنبياء : ٦٩] لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف ويقولون لهذا النوع من الواو واو الثمانية بشهرتها في هذه الأية. (محمود).

(٩) هذا سهو من القلم والصواب الأولها كان معلوم إذ ليس الواو هنا في نظم الآية. (وجيه الدين).


منذرون) في قوله : (وَما (١) أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها (٢) مُنْذِرُونَ) صفة ل : (قرية) فلو اكتفى بقوله (تابع يتوسط) لدخل فيه مثل : هذه الصفة).

ونقل (٣) عن المصنف أنه قال في (أمالي الكافية) (أن العاقل في مثل : (جاءني زيد العالم والعاقل) تابع يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة ، وليس بعطف على التحقيق ، (٤) وإنما هو باق على ما كان عليه في الوصفية.

وإنما حسن دخول العاطف لنوه من الشبه (٥) بالمعطوف لما بينهما من التغاير فلو حد العطف كذلك لدخل فيه بعض الصفات مع ؛ لأنه ليست بمعطوف.

وقال بعضهم : فيه نظر ؛ لأن الحروف المتوسطة بينها عاطفة ؛ لدلالتها فيها على ما يدل عليه في غيرها من الجمع والترتيب ، وغير ذلك.

ففي جعلها غير عاطفة في الصفات عاطف في غيرها ، ارتكاب أمر بعيد (٦) من غير ضرورة داعية إليه.

(وإذا عطف على (٧) الضمير (المرفوع) لا المنصوب والمجرور (المتصل) بارزا

__________________

(١) وقوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ)[الشعراء : ٢٠٨] وليس فيها ولها منذورن بغير الأولى التمثيل هنا ما في سورة الحجر وهو وقوله : تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)[الحجر : ٤]. (محمد).

(٢) الجملة صفة القرية وتوسطت الواو بينهما لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف كتوسطها بين الحال وصاحبها يقال جاءني زيد عليه ثوب وجاءني زيد وعليه ثوب. (كواشي).

ـ خبر مقدم والجملة مجرور المحل مستثنى مفرع صفة. (قرية رضا).

(٣) قوله : (ونقل عن المصنف) الفرق بين هذا الوجه والوجه الأول أن الوجه الأول حمل المعطوف على الصفة صفة من وجه ومعطوف من وجه وهذا الوجه جعل صفة لا محالة من غير أن يكون معطوفا من وجه. (ع ص).

(٤) وإطلاقهم العطف عليها مجاز فلم يجعل المصنف الصفة ذات وجهين. (رضي).

(٥) أي : إليه بالعطف لما بينهم من التغير ؛ لأن الحسن أن العاطفة في الصفة جائر أيضا. (حاشية).

(٦) وهو المعنى المجازي ؛ لأن كونها التأكيد اللصوق معنى مجازي لها لا حقيقي. (م ح).

(٧) الأصل في العطف التغاير بالذات وهناك تفصيل وهو أن ذات العطف بوسط بين الذوات اقتضت تغايرها بالذات وأن توسطت بين الصفات اقتضت تغايرها بحسب المفهوم وكذا الحكم في التأكيد والبدل ونحوهما. (سيدي). ـ


كان أو مستترا لا المنفصل (١).

(أكد بمنفصل) (٢) أولا ثم عطف عليه ، وذلك ؛ لأن المتصل المرفوع كالجزء مما اتصل به لفظا ، من حيث إنه متصل لا يجوز انفصاله ، ومعنى من حيث إنه فاعل ، والفاعل كالجزء من الفعل.

فلو عطف عليه بلا تأكيد كان كما لو عطف (٣) على بعض حروف الكلمة فأكد

__________________

ـ وجاز عطف يفعل أي : المضارع على اسم الفاعل وعلى العكس إذا صح وقوع هذا موقع ذاك يعني أن الفعل المضارع واسم الفاعل يشتركان في الإعراب والدلالة على الحال والاستقبال فجاز قيام أحدهما على الآخر فيصح عطف أحدهما على الآخر إن لم يمنع من وقوع أحدهما موقع الآخر مانع من خارج فلا يجوز سيحدث زيد وضاحك ؛ لأنه أما أن يعطف ضاحك على يحدث من سيحدث وهو ممتنع لاستلزامه دخول السين في الاسم الفاعل وهو ممتنع.

ـ قوله : (وإذا عطف على المرفوع) المتصل خاصة لا شرط للعطف في المنصوب والمنفصل أكد منفصل هذه العبارة شايعة في كون الجزاء شرطا لشرط كما في قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)[المائدة : ٦] فلا حاجة إلى تقييد قوله : أكد منفصل أولا فإن قلت : ما هو المتوتر إذا الشرط سبب للجزاء فكيف يستفاد كون الجزاء شرطا له قلت : إذا كان الشرط علة غائية للجزاء يكون الجزاء شرطا لوجوده بحسب الخارج ويكون سببه للشرط بحسب تعلقه وبهذا يفسر الشرط في مثله بالإرادة فيقول : (إذا قمتم إلى الصلاة) إذا أردتم القيام وفي تفسير إذا عطف على المرفوع المتصل إذا أريد العطف على المرفوع المتصل فاحفظه فإنه مما يحفظ. (وافية).

(١) والمنفصل عندك الأسماء الظاهرة فلا فرق بين قولك : أنت وأياك وبين قولك : زيد وعمرو في العطف. (كبير).

(٢) لا يعاد الرافع كما يعاد الخافض ؛ لأن التأكيد أخفض الإعادة. (عب).

ـ لئلا يكون في الصورة عطف الاسم على الفعل ؛ لأن المتصل المرفوع كالجزء من الفعل الهمني يا رب بم لا أعلم. (محرره).

(٣) قوله : (كما لو عطف) لو ههنا مصدرية قال في قواعد الإعراب في تعداد معاني الثلاثة أن يكون لو حرفا مصدريا مرادفا ؛ لأن الباء أنها لا تنصب وأكثر وقوعها بعد لو نحو قال ودوا لو تذهنين وبدا أحدهم لو يعمر ألف سنة وأكثر وكذا قال الفاضل التفتازاني في شرح التلخيص في بحث الإنشاء يستعمل لو بمعنى أن المصدرية. (حاجي بيرام).


أولا بمنفصل ؛ لأنه بذلك يظهر أن ذلك المتصل وإن كان كالجزء مما اتصل به لكنه منفصل من حيث الحقيقة ، بدليل جواز افراده مما اتصل به بتأكيده ، فيحصل له نوع استقلال (١).

ولا يجوز (٢) أن يكون العطف على هذا التأكيد ؛ لأن المعطوف في حكم المعطوف عليه ، فكان يلزم أن يكون هذا المعطوف أيضا تأكيدا ، وهو باطل (٣).

فإن طان الضمير منفصلا نحو : (ما ضرب إلا أنت (٤) وزيد) لم يكن كالجزء لفظا ، وكذا إن كان متصلا منصوبا ، نحو : (ضربتك وزيدا) لم يكن كالجزء معنى ، فلا حاجة فيهما إلى تأكيد بمنفصل (مثل (ضربت أنا وزيد) (٥) (وزيد ضرب هو وغلامه).

(إلا أن (٦) يقع فصل) بين المضمر المرفوع المتصل وبين ما عطف عليه ، (فيجوز تركه) (٧) أي : ترك التأكيد (٨) ؛ لأنه قد طال الكلام بوجود المنفصل فحسن الاختصار (٩)

__________________

(١) فيجوز العطف عليه إذا لم يؤكد كان عطف الاسم المستقل بنفسه على الاسم الغير مستقل بنفسه فهذا مكروه سهلني من كل صعب. (لمحرره).

(٢) وكما توهم أنه يجوز العطف أيضا على التأكيد ؛ لأنه عين المؤكد حكما جار العطف عليه جاز أيضا على التأكيد بل هو أولى القربة ؛ لأنه إذا كان لشيء معطوفا أقرب وأبعد فالأقرب أولى بالعطف لعدم الفصل بينهما دفع هذا التوهم بقوله : (لا يجور آه). (توقادي).

(٣) لأن هذا المعطوف أعنى زيد في مثل ضربت أنا وزيد ليس لفظ الضمير المرفوع المتصل حتى يكون من التأكيد اللفظي ولا من الألفاظ المعدودة والتأكيد المعنوي يكون بالألفاظ المعدودة كما سيجيء حتى يكون من التأكيد المعنوي فيكون هذا المعطوف تأكيدا باطلا والله أعلم.

(٤) فأنت منفصل بالأعز الفعل لغرض لا يكون الابه وهو قصر الفعل على الفاعل. (لمحرره).

(٥) هذا عند البصريين وإما عند الكوفيين فيجوز مطلقا بلا تأكيد وفصل وضرورة. (موشح).

(٦) أي : أكد في جميع الأوقات إلا وقت وقوع الفصل ومتقطع بمعنى لكن أن يقع فصلا.

(٧) وأيضا يجوز تركه لطول كلامه كقوله تعالى : (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ)[المسد : ٣] عطف وامرأته على الضمير المرفوع الذي في سيصلى بدون التأكد اعتمادا على الفصل وهو نارا ذات لهب. (غجدواني).

(٨) بمنفصل لأجل العطف مع جواد الاتيان به فلقوله تعالى : (ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا)[النحي : ٣٥]. (عوض).

(٩) قوله : (فحسن الاختصار) وفيه نظر لأن طول الكلام حاصل لو آخر الفصل عن المعطوف مع أنه حين التأخير يتعين التأكيد فإنه إذا قيل : ضربت أنا وزيد اليوم بطول الكلام كطوله : إذا ـ


بترك التأكيد (١) سواء كان الفصل قبل حرف العطف. نحو : (ضربت اليوم وزيد) أو بعده كقوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨].

فإن المعطوف هو (آباؤنا) و (لا) زائدة بعد حرف العطف لتأكيد النفي.

إنما قال (يجوز تركه) فإنه قد يؤكد بالمنفصل مع الفصل كقوله تعالى : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ) [الشعراء : ٩٤]. وقد لا يؤكد والأمران متساويان.

هذا واعلم (٢) أن مذهب البصريين بين أن التأكيد بالمنفصل هو الأولى ، ويجوزون العطف بلا تأكيد ولا فصل لكن على قبح (٣).

والكوفيون يجوزونه بلا قبح (٤).

(وإذا عطف على الضمير (٥) المجرور أعيد الخافض (٦) حرفا كان أو اسما ؛ لأن

__________________

ـ قيل : ضربت أنا اليوم وزيد فالوجه أن يقال وجود العطف على ما هو كالجزء من الفعل احتراز عن طول الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه. (اسفرائيني).

(١) الواجب ؛ لأن طول الكلام يغني عما هو الواجب كقولك حضر القاضي امرأه والحافظوا عودة يا لنصب. (عب).

(٢) قوله : (واعلم أن مذهب البصريين) إشارة إلى أنه خالف القبيلتين ؛ لأنه أوجب التأكيد حيث قال أكد أن قلت : يجوز أن يريد به الوجوب الاستحسان قلت : يأبى ذلك ما ذكره في بحث المفعول معه من أنه إذا لم يجز العطف تعين النصب مثل جئت وزيدا. (عب).

(٣) لمخالفته ما هو الأولى والأحسن ولو لم يكن قبيحا لوجد في نظم المعجز ولكنه لم يوجد فلذا قالوا بالقبح. (لمحرره).

(٤) لأن ذلك الضمير وإن كان كالجزء مما اتصل به إلا أنه كلمة بنفسها كالاسم الظاهر حيث يجوز انفصاله ويكون أيضا محكوما عليه فيجوز العطف كما يجوز على الاسم الظاهر. (م ح).

(٥) والتقيد بالمضمر ليخرج مثل مررن بزيد وعمرو فإنه جائز ؛ لأن اتصال المظهر بالحد لا يكون كاتصال المضمر به. (غجدواني).

(٦) والتحقيق أنه لا ضعف في العطف على المضمر المجرور بدون الإعادة وأدى أنه إذا كان فاعلا ومفعولا معنى إلا يجوز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الخافض عند الكوفيين نحو مررت بك ويزيد خلافا للبصريين. (شيخ زاده وابن حجر).

ـ وجوبا عند البصريين وإما عند الكوفيين فيجوز ونه مطلقا بلا إعادة وأما قوله تعالى : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)[النساء : ١] شاذ وقيل الواو للقسم دون العطف. (هندي).


اتصال الضمير المجرور بجاره أشد من اتصال الفاعل المتصل بفعله ؛ لأن الفاعل إن لم يكن ضميرا متصلا جاز انفصاله ، والمجرور لا ينفصل من جاره ، فكره (١) العطف عليه (٢) ، إذ يكون كالعطف على بعض حروف الكلمة.

وليس (٣) للمجرور ضمير منفصل ـ كما يجئ في المضمرات ـ حتى يؤكد به أولا ثم يعطف عليه كما عمل في المرفوع المتصل ، وفي (٤) استعارة المرفوع له مذلة.

ولا يكتفي (٥) بالفصل ؛ لأن الفصل لا تأثير له إلا في جواز ترك التأكيد بالمنفصل للاختصار ، فحيث لا يمكن التأكيد بالمنفصل لعدمه لا يتصور له أثر ، فيكون يكتفي به؟

فلم يبق إلا إعادة العامل الأول (نحو : (مررت بك (٦) وبزيد) و (المال بيني وبين

__________________

(١) قوله : (فكرة العطف) تفريع على قوله : لأن اتصال الضمير المجرور بجارة أشد من اتصاله الفاعل المتصل وملخص أن لما كره العطف على الضمير المتصل بلا تأكيد بالمنفصل بسبب كما ل اتصاله بعامله واتصال الضمير المجرور بجاره أشد منه وأكمل لما عرفت كره العطف على الضمير المجرور بطريق الأولى. (أمير).

(٢) لئلا يلزم العطف على الجر والتأكيد غير ظاهر لاحتياجه إلى استعادة المرفوع للمجرور ولامتناع الانفصال فيه. (هندي).

(٣) كأنه قيل : فلما كان لا بد من تأكيده قلم لم يؤكد المجرور بمنفصل كما أكد المرفوع بمنفصل فأجاب بما شرى. (جلبي).

(٤) جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال لم يستعار الضمير المرفوع للضمير المجرور نحو مررت بك أنت وزيد فأجاب بقوله : (وفي استعارة المرفوع) (غجدواني). والأولى أن يقال وفي استعارة المنصوب لمناسبة المجرور ولأن المجرور منصوب ومحلا وفيه أن تأكيد المجرور بالمرفوع واقع كما قالوا مررت بك أنت. (محمد أفندي).

(٥) ولما توهم أيضا أنه إذا لم يجز التأكيد بالمنفصل وفي إقامة المرفوع المنفصل مقام المجرور ابتذل فليكتف كما اكتفى في المرفوع المتصل دفعه بقوله. (شرح).

(٦) والمرور فيما هو واجب لإعادة واحد وفي الجائز نحو مررت بزيد وبعمر واثنان والمعطوف متعلق بالمعطوف كالمعطوف عليه وقد يعاد للتأكيد ونحوه. (حاشية قصي).

ـ إذا أكد الضمير المجرور كقولك مررت بك أنت وريدا اختلف فيه فذهب الأجر ومن إلى جواز العطف مع التأكيد قياسا على العطف على ضمير المفاعل إذا أكدوا الجامع بينهما شد الاتصال بما يتصلان به وذهب سيبويه إلى العطف. (أشباه السيوطي).


زيد) والمعطوف هو المجرور ، والعامل مكرر ، وجره بالأول ، والثاني كالعدم معنى (١) ، بدليل(٢) قولهم : (بيني وبينك (٣) إذ (بين) لا يضاف إلا إلى المتعدد (٤).

وثيل : جرّه بالثاني ، كم في الحرف الزائد في (كفى بالله).

وهذا الذي ذكرناه ـ أعني لزوم إعادة الجار في حال السعة ، والاختبار مذهب البصريين ، ويجوز عندهم تركها اضطرارا.

وأجاز الكوفيون ترك الإعادة في حال السعة مستدلين (٥) بالأشعار (٦) فإن قيل : كيف (٧) جاز تأكيد المرفوع المتصل في نحو : (جاءوني كلّهم (٨) والإبدال منه نحو : (أعجتني جمالك) من غير شرط تقديم التأكيد بالمنفصل؟

وجاز أيضا تأكيد الضمير المجرور في نحو : (مررت بك نفسك) والإبدال منه نحو : (أعجبت بك جمالك) من غير إعادة الجار.

__________________

(١) ويجوز عطف الشيء عليه نفسه إذا كان من غير لفظ كقوله تعالى : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) (إذا الصلاة رحمة) [البقرة : ١٥٨] أيضا وكذا قوله تعالى : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ)[الحجر : ١] عطف القرآن على الكتاب وإن كان هو لاختلاف لفظهما أو قرأت قسم. (إبهاج).

(٢) قوله : (بدليل) قولهم : هذا إنما يصير دليلا لو لم يكن زيادة بين الا في صورة العطف على الضمير ليس كذلك لشيوع مثل بين زيد وبين عمرو وإلا أن يقال هذا أيضا من قبيل إعادة الجار ومن غير ضرورة كما في العطف على الضمير. (ع م).

(٣) يعطف الكاف على ياء المتكلم باعادة بين لا بعطف بين الثاني على بين الأولى ؛ إذ بين.

(٤) قوله تعالى : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ)[الكهف : ٧٨] فباضافة بين إلى غير متعدد سوتهما تكريره بالعطف بالواو ؛ لأن الواو يقتضى الجمع. (جلالي).

(٥) وتمسكوا به من قول الشاعر فاذهب فما بك والأيام من عجب عطف الأيام بلا إعادة الهاد. (موشح).

(٦) بقوله تعالى : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)[النساء : ١] بالجر على قراءة حمزة واجيب عنه بوجوه أحدها تقدير الباء وفيه أن ظرف.

(٧) محصلة أن المعطوف من جملة التوابع ولم يجز عطف على الضمير المرفوع بدون التأكيد بالمنفصل والبدل والتأكيد أيضا من التوابع مع أن يجوز تأكيد المرفوع وابداله بلا تأكيد بالمنفصل. (لمحرره).

(٨) فيه أن لا اشكال في جواز جاءني كلهم وجواز اعجبني حمالك لوجود الفصل فالأولى التثميل بجاؤكلهم زيدا وعجبت جمالك زيدا. (ع ص).


ولم يجز العطف في الأول إلا بعد التأكيد بالمنفصل ، وفي الثاني إلا مع إعادة الجار.

قلنا : التأكيد عين المؤكد ، والبدل في الأغلب إما كلّ المتبوع أو بعضه أو متعلقة ، والغلط (١) قليل نادر

فهما ليسا بأجنبيين (٢) لمتبوعهما ولا منفصلين عنه ، لعدم تخلل فاصل بينهما وبين متبوعهما ، فلا حاجة في ربطهما إلى متبوعهما إلى تحصيل مناسبة زائدة (٣) ، بخلاف العطف فإن المعطوف يغاير المعطوف عليه ، ويتخلل بينهما العاطف ، فلا بد فيه من تحصيل مناسبة بينهما بتأكيد المتصل بالمنفصل في المرفوع ، وبإعادة الجار في المجرور ، ليخرج المتصل المرفوع من صرافة الاتصال ويناسب المعطوف عليه (٤) بتأكيده بالمنفصل ، وقوي مناسبة المجرور (٥) بانضمام الجار إليه كما في المعطوف عليه.

(والمعطوف في حكم المعطوف عليه) (٦) فيما يجوز له ويمتنع من الأحوال العارضة له نظرا إلى ما قبله (٧) ، بشرط أن لا يكون ما يقضيها منتفيا في المعطوف.

__________________

(١) جواب سؤال مقدر تقديره الغلط ليس عين المؤكد فإن من الخارج فأجاب. (لمحرره).

(٢) لا لفظ ولا معنى أما معنى فلما مر من أن التأكيد عين المؤكد آه وأما لفظا فلا نهما ليسا بمفصلين عنه. (رضا).

(٣) كالتأكيد بالضمير المنفصل والاكتفاء بالفصل واجتماعها معا كما في العطف على الضمير المرفوع المتصل وإعادة الجار. (م ح).

(٤) قوله : (عليه في المعطوف عليه) هنا ليس قائم مقام فاعل المعطوف بل القائم مقام فاعل الضمير الراجع إلى الألف واللام. (فاضل أمير).

(٥) أي : مناسبة المعطوف المجرور للمجرور المتصل بانضمام الجار إلى ذلك المعطوف المجرور وكما في المعطوف عليه. (الأمير).

(٦) يجب أن يتوافقا في الأفراد والتركيب والإعراب والإنشاء لا في التذكير والتأنيث. (محمد أفندي).

ـ وما يجب للمعطوف عليه ويمتنع ليجب للمعطوف ويمتنع له ذلك كما إذا عطف على الخبر بجب أن يكون المعطوف صالحا أن يكون خبرا وإذا عطف على الصلة يجب أن يكون صلة وإذا عطف على الحال يجب أن يكون حالا وإذا عطف جملة يجب في الثانية من الضمير ما يجب في الأول منه. (غجدواني).

(٧) أي : إلى عامله مثل أن يعرض له الرفع أو النصب والجر أو إلى شيء قبله من كون جملة ذات ضمير عائد إليه مثل الذي قام أبوه وقعد أخوه زيد. (م ح).


وإنما قلنا : في الأحوال العارضة له نظرا إلى ما قبله) احتراز عن الأحوال العارضة له من حيث نفسه ، كالإعراب (١) والبناء والتعريف والتنكير والإفراد والتثنية والجمع.

فإن المعطوف فيها ليس في حكم المعطوف (٢) عليه وإنما قلنا : (بشرط أن لا يكون ما يقتضيها منتفيا في المعطوف) احترازا عن مثل (٣) : قولنا : (يا رجل (٤) والحارث) ، فإن (الحارث) معطوف على (رجل) وليس في حكمه من حيث تجرده عن اللام.

فإن ما يقتضي تجرده عن اللام هو اجتماع اللام وحروف النداء ، وهو مفقود في المعطوف (٥).

وأما (٦) ...

__________________

(١) الإعراب يطلق على معنين أحدهما ما يقال البناء أعنى كون الاسم معربا وثانيهما اختلاف الآخر أو ما به الاختلاف على الاختلاف الواقع بين المصنف وغيره والمراد هنا الأول وهو من الأحوال العارضية له نظرا إلى نفسه لا محال فلا يرد ما قيل. (محمد أمين).

ـ أي : كونه معربا كما يقتضيه المقابلة بالبناء فلا يرد أنه ليس من الأحوال العارضة بالنظر إلى نفسه. (سعد الله).

(٢) مثل جاءني زيد وهذا فإن المعطوف فيه ليس في حكمه من حيث أن المعطوف عليه معرب بالحركة والمعطوف مبني وكذلك جاء في زيد ورجل وغيره. (وافية).

(٣) عما إذا كان المعطوف معرفا باللام والمعطوف عليه منادى مبنى على الضم سواء كان معرفة بنفسه مثل زيد والحارث أو معرفة بالنداء. (م ح).

(٤) فإن حرف الندى يقتضى البناء والتنكير وفي رجل وهي منتف وفي الحارث وضم المنادى ليس بحرف النداء فقط بل لذلك ولكونه مفردا معرفة كما قلنا وكذا لم ينصب المعطوف في نحو لا رجل ولا زيد عندي ؛ لأن نصب الاسم لا بالنظر إإلى لا وإلى قابل النصب وهو المنكر المضاف والمضارع لا بالنظر إلى لا وحدها. (رضي).

(٥) إذا ليس فيه حرف النداء حتى يقتضي تمجرده فإن الاسم إذا كان معرفا باللام يمتنع دخول حرف النداء عليه.

(٦) وهو أن قوله : (المعطوف) في حكم المعطوف عليه في أحوال العارضة اه يجوز رب شاة وسلختها ؛ لأن المعطوف فيه ليس في حكم المعطوف معليه في أحوال العارضة ؛ لأن شاة نكرة وهي عارضة لها بالنظر ما قبلها وهو لا يدخل إلا على النكرة وومنحلتها معطوف عليه مع ـ


نحو : (ربّ شاة سخلتها) فبتقدير التنكير (١) ، لقصد عدم التعيين أي : رب شاة وسخلة لها ، أو محمول (٢) على نكارة الضمير ك : (ربه رجلا (٣) على الشذوذ (٤) ، أي : (ربّ شاة وسخلة شاة).

وكذا المعطوف (٥) في حكم المعطوف عليه في الأحوال العارضة له بالنظر إلى نفسه وغيره إن كان المعطوف مثل : المعطوف عليه ، فلذا وجب بناء المعطوف في : (يا زيد وعمرو) لأن ضم (زيد) بالنظر إلى حرف النداء وإلى كونه مفردا معرفة في نفسه. و (عمرو) مثل : (زيد) في كونه مفردا معرفة في نفسه.

وامتنع بناؤه في (يا زيد وعبد الله) فإن (عبد الله) ليس مثل : (زيد). فإن (زيدا) مفرد معرفة ، و (عبد الله) مضاف.

(ومن ثمة) (٦) أي : ومن أجل أن المعطوف في حكم المعطوف عليه فيما يجوز ويمتنع (لم يجز في) مثل : تركيب (ما زيد بقائم أو قائما ولا (٧) ذاهب عمرو) إلّا الرفع)

__________________

ـ إنهاء معرف فأجاب بقوله : (وأما نحو رب شاة). (أبري أفندي).

(١) أو لأنه يتحمل في المعطوف ما لا يتحمل في المعطوف عليه كما مر في بحث الإضافة من الشرح نفسه فراجعه. (لمحرره).

(٢) قوله : (أو محمول) على أنهم جعلوا الحمل على نكاره الضمير جوابا والشذوذ ذو جواب آخر واعتراض عليه أن الضمير إنما يكون نكره إذا لم يكن له مرجع كضمير ربه رجلا ويكن أن يجاب عند بأن ذلك مبنى على ما ذهب إليه الشيخ الرضى من أن الضمائر الراجعة إلى النكرات إذا لم تكن تلك النكرات مختصة يحكم وصفه كانت نكرات. (لارى).

(٣) إن نكارة الضمير شاذ ليس بقياس وما ثبت بخلاف لا يقاس عليه غيره فلا يصح القياس على ربه رجلا. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (على الشذوذ) متعلق ومرتبط بقوله : كوبه رجلا جواب آخر كما قاله (اللاذى).

(٥) هذا الحكم مختص ببعض العطف على ما أشاد عليه الشارح بما سبق من الحكم المذكور في المتن عموما. (فاضل الأمير).

(٦) علة القول لم يجز الآتى ومن مستعاد في مثل هذا المقام بمعنى اللام. (شرح).

(٧) ولا زائدة فلم تعمل ولم يجز عطف ذاهب على لفظ قائم وعمرو على لفظ زيد عطف المفرد ؛ لأنه لو عطف عليه لكان ذاهب كخبر ما لكنه لم يجز أن يقع خبر ما لعدم الضمير فيه و؛ لأنه يلزم تقديم الخبر على الاسم وهو ممتنع كما يمتنع في المعطوف عليه. (محمد أفندي).


في (ذاهب (١) إذ لو نصب أو خفض لكان معطوفا على (٢) (قائم) أو (قائما). فيكون خبرا عن (زيد) وهو ممتنع لخلّوه عن الضمير الواقع في المعطوف عليه العائد إلى اسم (ما) فتعين الرفع ، على أن يكون خبرا مقدما لمبتدأ مؤخر وهو (عمرو) ويكون من قبيل عطف الجملة على الجملة ، ولا مانع منه (٣).

ولما كان (٤) لقائل أن يقول : هذه القاعدة منتقضة بقولهم : (الذي يطير فيغضب زيد الذباب). فإن (يطير) فيه ضمير يعود إلى الموصول ، (يغضب) المعطوف عليه ليس فيه ذلك الضمير ، فأجاب عنه بقوله : (إنما جاز (٥) الذي يطير فيغضب زيد الذباب لأنها) أي : إلغاء في هذا التركيب (فاء (٦) السببية) أي : فاء لها نسبة إلى السببية ، بأن يكون معناها السببية (٧) لا العطف ، فلا يرد نقضا على تلك القاعدة. أو يكون معناها السببية

__________________

(١) ففي رفعه وجهان : أحدهما : إن مبتدأ ؛ لأنه صفة مشتقه وقعت بعد حرف النفي وهو لا رفعت لظاهر وعمرو مرفوع على أنه فاعله ساد مسد الخبر ، وثانيهما : أن خبر مقدم وعمرو مبتدأ مؤخر لما سبق في بحث المبتدأ ، فإن طابقت مفردا جاز الأمران والجملة الفعلية أو الاسمية عطف على جملة ما ربد بقائم. (م ع).

ـ لوجوب وجود الضمير في المعطوف عليه وهو قائما وامتناع وجوده وهو ذاهب يكون عمرو فاعلا فرفع عمرو. (متوسط).

(٢) قوله : (على أن يكون) يحمل أن يكون مبتدأ وعمرو فاعله وإنما لم يذكر هذا الاحتمال ؛ لأنه في قوة الفعلية فتصير بمنزلة عطف الفعلية على الاسمية. (عب).

(٣) أعلن هذا العطف كما كان في عطف المفرد على المفرد بأن عطف أحد المعطوفين على اسم ما والآخر على خبر ما. (فاضل الأمير).

(٤) يشير إلى أن قوله : (وإنما جواب سؤال مقدر وبسيط هذه التوطئة لهذا). (رضا).

(٥) أشار إلى اعتراض يرد على قوله : والمعطوف في حكم المعطوف عليه توجيهه أن يقال أن قولكم هذا منقوض بذاك المذكور فإنه قد عطف فيه على الصلة ما لا صلاحية لها وهو فيغضب بخلو عن العائد وجوابه يمنع كون الفاء للعطف لا نسلم وجود العطف فيه فإن إلقاء في بغضب ليست للعطف. (عافية).

(٦) لأن معنى هذا الكلام أن لدى طير أنه سبب لغضب زيد هو الذباب وفيه نظر فإن كون الفاء متضمنا المعنى السببية لا ينافى العطفية كما في قولك زارني زيد فأكرمته فالأولى في توجيه الجواب أن يقال الفاء مع كونها للعطف لوجود السببية فيه يتضمن العائد إذا التقدير فيعقب ريد بسببه أو عقيبه فكان في الفاء دلالة على الارتباط فجاز ذلك. (عوض).

(٧) يعني : تكون مستعملة في السبب ؛ لأن ما قبلها في هذا التركيب سبب لما بعدها ؛ لأن طيران الذباب سبب لغضب زيد. (م ح).


مع العطف لكنها تجعل الجملتين (١) كجملة واحدة (٢) فيكتفي بالربط في الأولى.

فالمعنى (٣) : الذي إذا يطير فيغضب زيد الذباب ، أو يفهم منها سببية الأولى (٤) للثانية.

فالمعنى : الذي يطير فيغضب زيد بسببه الذباب.

ويمكن أن يقدر فيه ضمير ، أي : الذي يطير فيغضب (زيد بطيرانه الذباب).

(وإذا عطف) أي : إذا وقع العطف بناء على (٥) (علة) وجود (عاملين) بأن عطف اسمان على معمولهما بعاطف واحد.

وقال بعض شارحي اللباب : الأظهر عندي أن العطف هاهنا محمول على معناه اللغوي ، أي : إمالة الاسمين نحو : العاملين ، بأن يجعلا معموليّهما ، وأكثر الشارحين (٦) على أن المعنى على معمولي عاملين.

__________________

(١) وتوجهها وقرر الجواب بوجوه أربعة : أحدهما : وهو ما ذكره المصنف إن الفاء للسببية لا للعطف ولا يشترط فيها ذلك ، والثاني : أنها للسببية مع العطف لكن السببية تجعل الجملتين كجملة واحدة فتكتفي بالربط الواحد وهو الذي في الأولى كما في الجملة الواحدة ، والثالث : أن يفهم من السببية سببية الجملة الواحدة والثالث أن يفهم من السببية سببية الجملة الأولى للثانية لا مطلق السببية فيكون المعنى الذي يطير فيغضب زيد بسببه فيكون في قوة الربط فلا حاجة إلى العائد والرابع تقدير الرابط أني بسبب طيرانه. (وجيه الدين).

(٢) لأن السبب والمسبب كلاهما واحد مثل الشرط والجزاء ولأن الفاء كلما كانت موضوعة للجمع وإن كان فيها تعقب جعلت جزءا من الأولى. (توقادي).

(٣) هذا على التقديرين من كون الفاء للسببية المحضة وللسببية مع العطف وفيه إشارة إلى أن فاء السببية مطلقا فإن الجزاء لشرط محذوف كما أشار أيه بقوله : (إذا بطير) اه. (ح هندي).

(٤) فهو أيضا معنى فاء الجزاء كما أشار إليه بقوله : (فالمعنى الذي يطير فيغضب زيد بسببه). (حاشية).

(٥) يعني : ليس على صلة عطف ؛ لأن كلمة على لو كانت صلة عطف لكان المعنى إذا عطف على عاملين بدون تقديرينا وح بناء يكون العاملون معطوفا ن عليهما وهو خلاف الظاهر ولا يوافق سوق الكلام. (حاشية).

(٦) قوله : (وأكثر الشارحين) يوهم بظاهره أنهم شارحوا للباب وليس كذلك وقوله : وإنما قال آه ظاهر في أنه مع الأكثر لكن الأظهر ترك ما نقله عن البعض مع أول كلامه. (ح).


وإنما قال : (على معمولي عاملين) لا على معموليّ عامل واحد ، فإنه جائز اتفاقا نحو : ضرب زيد عمرا وبكر وخالدا ، ولا على أكثر من اثنين فإنه لا خلاف في امتناعه.

(مختلفين) أي : غير متحدين بأن لا يكون الثاني عين الأول ، وذلك لدفع توهم من يتوهم أن مثل : (ضرب ضرب زيد عمرا وبكر خالدا) من هذا الباب مع أنه ليس منه؛ لعدم تعدد العامل فيه ؛ إذ العامل هو الأول والثاني تأكيد له.

وذلك العطف كنا وقع في قولهم (ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة)

وفي قول الشاعر :

أكلّ امرئ تحسبين امرأ (١)

ونار (٢) توقّد بالليل نارا

فهذا (٣) وإن كان بحسب الظاهر جائزا لكنه (لم يجز) عند الجمهور بحسب الحقيقة ؛ لأن الحرف الواحد لم يقوم مقام عاملين مختلفين (خلافا للفراء) فإنه يجوز هذا العطف بحسب الحقيقة كما جاز بحسب الصورة ولا يؤول الأمثلة الواردة عليها ولا يقتصر على صورة السماع بل يعمها وغيرها وعدم (٤) جواز ذلك العطف مع خلاف الفراء جاز في جميع المواد عند الجمهور.

(إلا في نحو : (في الدار زيد والحجرة (٥) عمرو) و (إنّ في الدار زيدا والحجرة

__________________

(١) مفعول الثاني لتحسبين والمفعول قوله : كل أمرأ ، يجب التقديم لطلب الاستفهام الصدارة). (محمد أفندي).

(٢) يعني : ليس من له صورة رجل لرجل بل الرجل لمن احصال نسية واو صاف بهية وليس كل نار يوفد في الليل بناء وإنما النار توقد لقرى الضيفان. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (فهذا) إن كان بحس آه كان أشاد به إلى دفع ما قيل : في هذا لمقام من أن التالي في قوله : وإذا عطف عن عاملين مختلفين لم يجر مناف للمقدم وأن لفظ إذا وصيغة الماضي يقتضى لتحقق فكيف يصح الحكم بعدم الجواز وأن الصواب يقول لم يجز العطف على عاملين اه ومن حاصل الدفع أن العطف بحسب الظاهر متحقق التحقق بحسب الظاهر لا ينافى الامتناع بحسب الحقيقة ولعل النكسة في العدول عن الصواب المبالغة في الامتناع. (عب).

(٤) رد لما يتجه على المصنف أن قول خلافا للفراء بيان للمخالف قبل الحكم لأنه إنما يتم بالمستثنى فأجاب بأن المستثنى متعلق بالمجموع عدم الجواز مع المخالفة. (ع ص).

(٥) فالحجرة عطف على الدار والعامل في الدار هو عمرو وعطف على زيد والعامل فيه هو الابتداء والمجرور مقدم على المرفوع في المعطوف والمعطوف عليه. (رضي الدين).


عمرا) يعني : إلا في صورة (١) تقديم المجرور وتأخير المرفوع أو المنصوب ، لمجيئه في كلامهم واقتصر الجواز على صورة السماع (٢) ؛ لأن ما خالف القياس يقتصر على مورد السماع (خلافا (٣) لسيبويه) فإنه لا يجوز هذا العطف (٤) بحسب الحقيقة في هذه الصورة أيضا ، بل يحملها على حذف المضاف (٥) وإبقاء المضاف إليه على إعرابه نحو قوله تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [الأنفال : ٦٧] بجرّ (الآخرة) كما جاء في بعض القراءات أي : عرض الآخرة.

(التأكيد) (٦)

(تابع يقرر أمر (٧) المتبوع) أي : حاله وشأنه (٨) ...

__________________

(١) وحجة المصنف في جواز العطف على عاملين فيما إذا كان المجرور مقدما على المرفوع والمنصوب في المعطوف والمعطوف عليه الاستعمال وفي امتناع العطف على عاملين فيما إذا لم يكن المجرور ومقدما على المرفوع والمنصوب فيهما ما ذكره سيبويه مع عدم استعمال الفصحاء.

(٢) نحو : ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة ، وكذا قول الشاعر :

أكل امرىء تحسبين أمرأ

ونار توقد بالليل نارا

(شرح).

(٣) لأن حرف العطف أضعف من أن يتقدم وينوب مناب عاملين.

(٤) في صورة تقديم المجرور وتأخير المرفوع والمنوب كما جوزه الجمهور واعتماد على السماع. (ع م).

(٥) قوله : (وإبقاء المضاف إليه) والتقدير وأكل نار ولا أكل بيصا فيكون من قبيل العطف على معمولى عامل واحد وهو جائز اتفاقا واعتراض عليه بأن حذف المضاف وترك المضاف إليه على إعرابه خارج عن القياس وأجيب بأن ابقاء المضاف إليه على إعرابه وأن كان شاذ لكن على حذف المضاف في مثل هذا الموضع أي : فيما إذا كان لفظ المضاف فالمحذوف مذكور سابق مضاف إلى شيء آخر قياسي. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (التأكيد) جاء بالهمزة وبالواو عقب به العاطفة ؛ لأن العطف وهو ثم والفاء قد يزاد في التأكيد اللفظى كما يقال والله ثم والله كقوله : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ)[التكاثر : ٣ ـ ٤]. (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ)[آل عمران : ١٨٨]. (عب).

(٧) خرج العطف والبدل فإنهما لا يقرران أمر المتبوع عوض.

(٨) قوله : (أي : حال هو وشأنه) فقوله : أمر المتبوع في النسبة والشمول كقولك شانك في العلو في باب العلوا أعظم من أن يوصف وأمرى في الفقراء في باب الفقر ظاهر. (لارى).


عند السامع ، يعني : يجعل (١) حاله ثابتا مقررا عنده.

(وفي (٢) النسبة) أي : في كونه منسوبا (٣) أو منسوبا إليه ، فيثبت عنده ويتحقق أن المنسوب أو المنسوب إليه في هذه النسبة هو المتبوع لا غير ، وذلك إما لدفع ضرر الغفلة عن السامع ، أو لدفع ظنه بالمتكلم الغلط ، وذلك (٤) الدفع يكون بتكرير اللفظ ، نحو : (ضرب زيد زيد) وضرب ضرب (٥) زيد أو لدفع ظن السامع تجوزا (٦) ، إمّا في المنسوب نحو قولك : (زيد قتيل قتيل) دفعا لتوهم السامع أن تريد بالقتل الضرب الشديد ، فيجعل حينئذ أيضا تكرير اللفظ حتى لا يبقى شك في إدارة المعنى الحقيقي.

أو في المنسوب إليه فإنه ربما نسب الفعل إلى شيء (٧) والمراد نسبته إلى بعض

__________________

(١) قوله : (يعني يجعل) أي : الحالة المفهومة منه بطريق من طرق الدلالة كما أن نفسه في جاء في زيد نفسه مفهوم من زيد وكما أن الإحاطة مفهوم من جاء القوم كلهم لأنك اشرت بالقوم إلى جماعة معينة فيكون حقيقة في مجموعهم. (فاضل المحشي).

(٢) متعلق وظرف ليقرروا في باب النسبة أو ظرف مستقر على أن يكون في بمعنى اللام حال من الأمر وقيل تمييز عن الذات المذكورة أو المقدرة. (زيني زاده).

(٣) قوله : (في النسبة) خرج النعت وعطف البيان ؛ لأنهما وإن كانا مقررين لكن تقريرهما إياه ليس في النسبة بل في الإيضاح. (عافية).

ـ مثل قوله : عليهما‌السلام «أيما امرأة نكحت بغير أذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل» الترمذي : ١١٠٢.

(٤) قوله (وذلك) أي : التقرير لا بالمعنى الأصلي المسند إلى التابع والمنسوب إلى أمر المتبوع لئلا يود فيما يجئ بعد من قوله : وضرب وزيد أنه من تقرير التابع أمر المتبوع ؛ لأن المراد من التوابع كما سبق في صدور بحث التوابع توبع الأسماء فلا تابع في ضرب ضرب زيد ولا المتبوع بل بمعنى المستند إلى المكرر اسم الفاعل والمنسوب إلى المكرر اسم مفعول أي : تقرير المكرر أمر المكرر أما الدفع آه مع قوله : وذلك استخدام فإن قلت : لا بد في الاستخدام من ضمير كما يدل تعريفه. أقول : قد سبق في أن اسم الإشارة في حكم الضمير فراجعه. (أبري أفندي).

(٥) وإلا عندي ترك المثال نضرب ضرب زيد فأنا لم يرد تأكيد الفعلية بالتعريف بل التأكيد الأسمى. (رضا).

(٦) أي : ظن السامع أن المتكلم وبهذا اللفظ المعنى المجازي لا الحقيقي وذلك على قسمين. (شرح).

(٧) مجاوز وأنت تريد المبالغة ؛ لأن ذلك العين منسوب إليه كما تقول قتل زيد وأنت تريد ضربا شديدا. (رضي).


متعلقاته ، كما في (قطع الأمير اللص) أي : قطع غلامه فيجب حينئذ تكرير المنسوب إليه لفظا نحو : (ضرب زيد زيد) أي : ضرب هو لا من يقوم مقامه (١) ، أو تكريره معنى ، نحو : (ضرب زيد نفسه أو عينه).

(أو في الشمول) (٢) أي : التأكيد ما يقرر أمر المتبوع في النسبة بالتفصيل الذي ذكرناه ، أو في شمول المتبوع أفراده (٣) دفعا لظن السامع تجوزا لا في نفس المنسوب إليه بل في شموله لأفراده ، فإنه كثيرا ما ينسب الفعل إلى جميع أفراد المنسوب إليه مع أنه يريد النسبة إلى بعضها ، فيدفع هذا الوهم بذكر (كل (٤) وأجمع) وأخواته ، وكلاهما وثلاثتهم وأربعتهم ونحوها هذا هو الغرض من جميع ألفاظ التأكيد.

وإذا عرفت هذا ، فنقول : أخرج المصنف الصفة والعطف والبدل عن حدّ التأكيد بقوله (يقرر أمر المتبوع).

أما البدل والعطف فظاهر (٥) خروجهما به ، وأما الصفة فلأن وضعها للدلالة على معنى في متبوعها وإفادتها (٦) ...

__________________

(١) ممن أمره بالضرب حتى يكون الإسناد إليه مجاز بعلاقة الأمرية. (م ح).

(٢) ولما كان هذا لا يتناول التأكيد المعنوي أردفه بقوله : أو الشمول لادخال هذا النوع واو هنا للتفريع فلا ينافى التعريف واخراج الصفة بقيد التقرير وإن كان ممكنا ؛ لأن المراد به تثبيت المعنى وتمكنه في نفس السامع مع بإعادة الأولى ما لفظا أو معنى والشيء كلما يوصف بالحقيقة يوصف أيضا بالمجاز لكن لما لم يتوفر باخراج جميع أنواعها أسند الإخراج إلى قيد النسبة لحصول إخراج لجمع بذلك. (عوض).

(٣) واعترض عليه بأن الحد للذكور لا يتناول جميع أخواتها لا تقرر أمر المتبوع لا في النسبة ولا في الشمول فلو قال التأكيد تابع يقرر أمر المتبوع في النسبة أو الشمول ويتبع ما يقرر مره في النسبة أو الشمول لكان أصوب وجب عنه بأن تناول هذا الحد هذه الإشياء ظاهر ؛ لأن المراد بالتقرير أعم من أن يكون على سبيل الاستعمال وعلى سبيل التبعية. (عافية).

ـ يعني في شمول أمر المنسوب إلى المتبوع أفرد المتبوع بحيث لا يسند مرد منها مثل قوله : جاء في القوم كلهم فإن التأكيد بكلهم أفاد الشمول المجئ أفراد القوم جميعا. (شرح).

(٤) اعلم أنهم إذا أرادوا الوحدة الاثنية والاجتماع لا باعتبار نسبة الفعل لم يضيفوا الألفاظ الدالة على هذه المعاني نحو جاءني رجل واحد ورجلان ورجال.

(٥) وجه الظهور ذات العطف والبدل يقتضيان المغأيرة والتقرير يقتضى الاتحاد. (مرتضى).

(٦) قوله : (وأفادتها) جواب سؤال مقدر وتقديره إذا الصفة إذا كانت معرفة تفيد التوضيح كما ـ


توضيح متبوعها (١) في بعض المواضع ، ليست بالوضع وأما عطف البيان فهو لتوضيح متبوعه فهو يقرر أمر المتبوع ويحققه ، لكن لا في النسبة (٢) والشمول هذا (٣) حاصل ما ذكره المصنف في شرحه.

(وهو) (٤) أي : التأكيد (لفظيّ) أي : منسوب إلى اللفظ لحصوله من تكرير اللفظ (ومعنوي) (٥) أي : منسوب إلى المعنى لحصوله من ملاحظة المعنى.

(فاللفظي) منه (تكرير اللفظ الأول) أي : مكرر (٦) اللفظ الأول ومعاده حقيقة ، (نحو (جاءني زيد) أو حكما ، نحو : (ضربت أنت وضربت أنا) فإن ذلك في حكم تكرير اللفظ وأن كان مخالفا للأول لفظا ، إذ الضرورة (٧) داعية إلى مخالفة ؛ لأنه لا يجوز تكريره متصلا.

__________________

ـ عرف والتأكيد يفيد التوضيح ومعنويا بأن ما يقرر عين ما يفيد التوضيح فكان الحد غير مانع وأجاب بقوله : (وأفادتها). (حاشية).

(١) قوله تعالى : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)[الحجر : ٣٠] أن كلهم دال على الإحاطة وأجمعوا على أن السجود في حالة واحدة. (أصول).

(٢) في ذاته لا غير فإن باحفص في قتل الأمير أبو حفص يحقق أن المراد ذلك الأمير المعهود الذي دل عليه المتبوع ظاهرا لا أمير آخر مع بقاء احتمال أن القتل من مأمور بخلاف أو التأكيد فإن قولك : ضرب الأمير نفسه يحقق أن مباشر الضرب الأمير كما يدل عليه ظاهر لا مأموره. (نجم الدين).

(٣) أي : خروج البدل والعطف والصفة وعطف عن حد التأكيد. (محمد أفندي).

(٤) وهو عائد إلى التأكيد بمعنى التقرير أو التقرير لا معنى التابع المذكور حيث عرف اللفظي بتكرير اللفظ الأول والتأكيد هو المكرر ؛ لأن التكرير وهو من باب بالاستخدام فيمكن أن يعود إلى التأكيد ويحمل قوله : (تكرير اللفظ) وقوله : (بألفاظ) على ما يصح به الحمل). (هندي).

(٥) قال : وهو لفظي ومعنوي لا يجوز أن يؤكد النكرة بالتأكيد اللفظي لا إذا كانت تلك النكرة محكوما بها ولا يؤكد بالمعنوي مطلقا عند المبصريين وأما عند الكوفيين فيجوزون التأكيد بكل وأجمع دون نفسه وعينه إذا كانت النكرة معلومة المقدار كدرهم ويوم وشهر. (شيخ الرضي).

(٦) وإنما يصح حمل التكرير على التأكيد فسر التكرير بقوله : (أي : مكرر اللفظ) ، وإنما فسر التأكيد بلفظ مكرر ؛ لأن المصدر إما بمعنى الفعل أو المفعول.

(٧) قوله : (إذا الضرورة) داعية إلى المخالفة معنى المخالفة لأجل الضرورة فهو في حكم عدم التلفظ فكان تلفظ بالأصل وقيل أن مرادف للأول لا فرق بينهما بحسب المفهوم فكأنه هو لفظا على ـ


(ويجري) أي : التكرير (١) مطلقا ، لا التكرير الذي هو التأكيد الاصطلاحي (٢) (في الألفاظ كلها) أسماء أو أفعالا أو حروفا أو جملا أو مركبات تقييدية (٣) أو غير ذلك ، ولا يبعد (٤) إرجاع الضمير إلى التأكيد (٥) اللفظي الاصطلاحي وتخصيص الألفاظ بالأسماء ، ويكون المقصود من هذا التعميم عدم اختصاصه بألفاظ محصورة كالتأكيد المعنوي.

(و) التأكيد (المعنوي) مختص (بألفاظ محصورة) أي : معدودة محدودة (وهي(٦): نفسه وعينه ، وكلاهما وكله ، وأجمع وأكتع وأبتع وأبصع) بالصاد المهملة وقيل بالضاد المعجمة.

__________________

ـ هذا يدخل نحو البصعون أكتعون لترادفهما مع أنه تأكيد معنوي وأجيب بمنع ترادفهما لما أنهما متغأيران بحسب أصل المفهوم كما حقيقة الرضى وتبعه الشارح وأما نحو حنيث فقد تحرروا من باب المركبات التي لا نسبة بينهما إلا من باب التأكيد. (وجيه الدين).

(١) فصح بهذا التفسير قوله : في الألفاظ كلها على عمومة والتأكيد اللفظي ولاخفاء في الألفاظ : لا يستحق الإعراب ؛ لأنه لا يصلح أن يكون تابعا فضلا عن أن يكون تأكيد فيجيب تخصيص الألفاظ بما يستحقه الإعراب وجمل حرياته في الألفاظ على ما يلزمه من عدم حصره معدودة كقسيمه. (عوض).

(٢) وإنما قيد ذلك ؛ لأن التأكيد الواقع في الأفعال والحروف ليست تأكيد اصطلاحيا لعدم معنى التأكيد فيها وتقريره لعله يقرر أمر المتبوع في النسبة أو الشمول. (لمحرره).

(٣) وهو الذي يكون الجزء الثاني قيد للأول كالحيوان الناطق فإن الجزء الثاني وهو الناطق قيد للأول وهو الحيوان فافهم.

(٤) وإنما قال لا يبعد ؛ لأن كون الالفاظ بمعنى الأسماء ليست بمتعارف. (المحمودي).

(٥) ولا يخفى كون المراد من تعريف المصنف التأكيد الاصطلاحي المختص بالأسماء وكون المراد من قوله : في النسبة النسبة التي كانت في المنسوب إليه فقط كما صرح بعض الشراح وكره المراد من الألفاظ كلها الأسماء لكنه لما كان التأكيد والتكرير مطلقا يجري في الأفعال والحروف والجمل والمركبات يجري الاصطلاحي في الأسماء عم الشارح بالنسبة التي كانت في المنسوب والألفاظ إلى الأسماء والحروف والأفعال وغيرها وهو احتاج إلى هذه التكلفات. (عبد الرحيم وعبد القادر).

(٦) والألفاظ المحصورة ثمانية وتنقسم إلى ثلاثة أقسام ما يؤكد المثنى خاصة وهو كلا مضافا إلى مضمر وما يؤكد بالجمع بحسب الأفراد وهو كل واجمع واتباعه وما يؤكد المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث وهو النفس والعين. (م ج).


قيل : لا معنى لهذه الكلمات (١) الثلاث في حال الإفراد ، مثل : (حسن بسن) وقيل : (كتع) مشتق من : حول كتيع ، أي : تام.

و (أبصع) بالمهملة من : بصع العرق ، أي : سال.

وبالمعجمة من (بضع) أي : روي.

و (أبتع) من : البتع ، وهو طول العنق مع شدّة (٢) مفرزه.

ويمكن (٣) استنباط مناسبات خفيّة بين هذه المعاني ، ومعناها التأكيدي بالتأمل الصادق.

(فالأولان) أي : النفس والعين (يعمّان) أي : يقعان (٤) على الواحد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث (باختلاف صيغتهما) (٥) إفراد وتثنية وجمعا (و) اختلاف ضميرهما (٦) العائد إلى المتبوع المؤكد ، (تقول : نفسه) في المذكر الواحد (نفسها) في المؤنث الواحدة (أنفسهما) بإيراد صيغة الجمع (٧) في تثنية المذكر والمؤنث.

__________________

(١) التأكيد اللفظي على ضربين أحدهما يفيد الأول والثاني يقويه عودته مع اتفاقهما في الحرف الأخير ، ويسمى تباعا ، وهو على ثلاثة أضرب ؛ لأنه إما أن يكون للثاني معنى ظاهر ، نحو : هنيئا مريئا ، أو لا يكون له معنى أصلا ، بل ضمّ إلى الأول لتزيين الكلام لفظا وتقويته معنى ، وإن لم يكن له في حال الإفراد ومعنى ، نحو قولك : حسن بسن فسن ، أو يكون له معنى تكلف غير ظاهر ، نحو : خبيث نبيث ، من نبثت الشيء. (شيخ الرضي).

(٢) قوله : (مع شدة مفرزة) المفرزة مكان وضع فيه القدم لأجل الركوب أعم من أن يكون عنق البعير وغيره فمفرزة العنق إنما يتصور بحسب الحقيقة في البعير وفي غيره إنما هو على سبيل النجور.

(٣) قوله : (ويمكن) وهو أن في اكتع معنى التمام فناسب معنى التأكيد وهو الجمعية وفي أبصع معنى السيلان فناسب أيضا والروى فهو تمام شرب فناسب أيضا إذا في اتبع معنى طول العنق مع شدة مفرزة وهو تمام العنق فناسب أيضا. (ص).

(٤) يعني : جعلا عامين لشمولهما الواحد والاثنين والزيادة المذكر والمؤنث. (محشي).

(٥) فللواحد المؤنث تغير الضمير فقط وتغير الصيغ مع الضمير مع المثنى المذكر والمؤنث ومجموعهما تقول جاءني نفسه والزيدان أنفسهما والزيدون أنفسهم والمرأة نفسها والمرأة نفسها والنساء أنفسهن. (هندي وجيه).

(٦) لأنها مضافة إلى ضمير التثنية والمثنى إذا أضيف إلى مثله يجوز أن يجمع للأمن عن اللبس كقوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما)[التحريم : ٤] اجتماع لفظ اثنين فيما يؤكد اتصالهما لفظا ومعنى. (نموذج).

(٧) أو في اختلاف أحدهما إلا في المثنى والمذكر والمؤنث فإن لا اختلاف بينهما بالصيغة ولا بالضمير. (متوسط).


وعن بعض العرب (نفساهما وعيناهما)

(أنفسهم) في جمع المذكر العاقل.

(أنفسهن) في جمع المؤنث وغير العاقل من المذكر.

(والثاني) لما سمى النفس والعين أولين تغليبا كالقمرين (١) ، سمى الثالث ثانيا.

(للمثنى : كلاهما) (٢) للمذكر (٣) (وكلتاهما) (٤) للمؤنث (والباقي) بعد الثلاثة المذكورة (لغير المثنى) مفردا كان أو جمعا.

(باختلاف الضمير) العائد إلى المتبوع المؤكد (في (كلمة) نحو : (قرأت الكتاب كلّه) و (كلها) نحو : (قرأت الصحيفة كلّها).

(وكلهم) نحو : (اشتريت العبيد كلّهم).

(وكلهنّ) نحو : (طلقت النساء كلهنّ).

__________________

(١) فغلت القمر على الشمس يطرأ إلى أن القمر مذكر والشمس مؤنث ولو نظر إلى أصالة النور العكس وغلب عمر على أبي بكر ؛ لأن عمر علم مشهور وأبي بكر كنية فعلت الأولى لخفته.

ـ خاصة ؛ لأنه بمعناه ويختلف ضميره باعتباره من هو له من متكلم أو مخاطب أو غائب لا باعتبار الإفراد والتثنية والجمع لما عرفنا لا يقع تأكيد لغير المثنى ولا باعتبار التذكير والتأنيث ؛ لأن لفظ ضميره ليشرح المذكر والمؤنث. (عافية).

(٢) قال الأخفش إن كل حكم لا يستقل الواحد لا يجوز تأكيد التنبيه فيه لكلا نحو الاختصام فإنه لا يجوز اختصم الرجلان كلاهما لعدم الاحتياج إلى تأكيد لعدم الفائدة لامتناع صدور الاختصام عن واحد فقط بخلاف والمجيء فإنه يجوز جاءني الرجلان كلاهما الجوار صدوره من واحد فقط. (متوسط).

ـ بدل من الثاني وعطف بيان أو خبر مبتدأ محذوف أي : هو أو مفعول المقدر أغني. (تركيب).

ـ ويجوز إرجاع ضمير التثنية إلى لفظ كل وكذا جمعه ميلا إلى المعنى كما في قوله تعالى : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)[الأنبياء : ٣٣] ويجوز إفراده ميلا إلى لفظه. (حسن جلبي).

(٣) نحو جاء الرجلان كلاهما أو جئنا كلانا وجئتما كلاكما.

(٤) وينوب رفع كلّ عنهما على قلة فيقال : جاءني الرجلان كلهما ، والمرأتان كلهما ، وقد نقل أن ابن مسعودرضي‌الله‌عنه : كل الجنتين آتى أكله [الكهف : ٣٣]. (شرح الإرشاد للهندي).


(و) باختلاف (الصيغ) في الكلمات (البواقي) وهي : أجمع وأكتع وأبتع وأبضع، وبالمهملة أو المعجمة.

(تقول أجمع) (١) في المذكر الواحد (وجمعاء) في المؤنث الواحدة ، أو الجمع (٢) بتأويل الجماعة.

(وأجمعون) في جمع المذكر ، (وجمع) (٣) في جمع المؤنث ، وكذا أكتع كتعاء أكتعون كتع وأبتع بتعاء ، أبتعون ، بتع ، وأبصع بصعاء أبصعون ، بصع

(ولا يؤكد ب : كلّ وأجمع إلا ذو أجزاء (٤) مفردا كان أو جمعا ، إذ الكلية والاجتماع لا يتحققان إلا فيه ولا حاجة (٥) إلى ذكر الأفراد (٦) ؛ لأن الكلّي (٧) ما لم تلاحظ أفراده مجتمعة ولم تصر أجزاء لا يصح تأكيده بكلّ وأجمع.

__________________

(١) هذه الألفاظ على سبيل التعداد مبينات على السكوت مرفوعة محلا عند المصنف وتقدير أعند الزمخشري خبر مبتدأ محذوف أي : هي أو منصوبة كذلك مفعول تقول المقدر أوعني وقيل هذه الألفاظ مجرورة المحل عطف بيان وبدل الكل من الصيغ. (زيني زاده).

(٢) غير جمع مذكر السالم فإنه لا يؤنث خلافا للأندلسي فإنه يجوز إذا كان مكسرا. (لارى).

(٣) واختلاف فالصيغ في الكل بالسماع والقياس لا يختلف لما فر في كل. (عافية).

(٤) الفرق بين الأجزاء والأفراد وأن الأجزاء التي لا يصح حمل ذي الأجزاء على جزء منها كالقوم فإنه لا يصح حمله على فرد وهو زيد مثل لا يقال زيد قوم والأفراد والتي يصح حمل ذي الأفراد على فرد منها كالإنسان فإنه يصح حمله على فرد وهو زيد مثلا تقول زيد إنسان. (لمحرره).

(٥) قوله : (ولا حاجة) هذا إشارة إلى جوابه سؤال مقدر تقديره أن يقال أنه لا بد للمصنف أن يستثنى والأفراد أيضا بأن يقول إلا ذو جزء يؤكد بهما ذو الأفراد مثلا تقول جاءني إنسان كلهم وتقدير الجواب ظاهر وباهر والله أعلم.

(٦) بعد قوله : ذو جزاء لا يصح ذكرها ؛ لأنه يفيد جواز جاءني الإنسان كله من غير أن يراد به الإنسان فقد أفسد من أصلح قوله : (المصنف ذو أجزاء بتأويله بذي متعدد أفراد إذا كان أو أجزاء).

(٧) قوله : (لأن الكلى) اه جار أن يللحظ أفراد الكلي مجتمعة ولو كان الحكم على كل واحد واحد من أفراده كالدرهم البيض والدنيار الصفر كما جاء عكس ذلك أيضا وهو توهم الحكم على كل فرد مع أن المحكوم عليه هو المجموع كقولك وبدا إنسان وكل إنسان أي : مجموعة حيوان فريد حيوان كذا ذكره الطوسي. (عب).


ويجب أن تكون تلك الأجزاء بحيث (يصح افتراقها حسا) كأجزاء القوم أو (حكما)(١) كأجزاء العبد (٢) ليكون في التأكيد بكل وأجمع فائدة (مثل) (أكرمت القوم كلهم (٣) و (اشتريت العبد كلّه) فإن العبد قد يتجزأ في الاشتراء ، فيصح تأكيده ب : (كل) ليفيد الشمول بخلاف (جاءني زيد كله (٤) لعدم صحة افتراق أجزائه لا حسا ولا حكما في حكم الشمول.

(وإذا (٥) أكد الضمير المرفوع المتصل) بارزا كان أو مستكنا (بالنفس والعين (٦) أي: إذا أريد (٧) تأكيده بهما (أكد) ذلك الضمير أولا (بمنفصل) (٨) ثم بالنفس والعين (٩) (مثل : (ضربت أنت نفسك) فنفسك تأكيد للضمير بعد تأكيده بمنفصل هو (أنت) إذ لو لا ذلك لالتبس التأكيد بالفاعل ، إذ وقع تأكيدا للمستكن ، نحو : (زيد أكرمني هو نفسه) فلو لم يؤكد الضمير المستكن في (أكرمني) بقوله (هو) ويقال : (زيد أكرمني نفسه)

__________________

(١) بأن يكون مفرد يتجزئ بالنسبة إلى الفعل الذي أسند إليه. (عافية).

(٢) والدار فإنه يفترق أجزائه حكما بالنسبة إلى بعض الأفعال كالشراء والبيع.

(٣) كل مفرد واللفظ والمعنى مأخوذ من الكيل الرأس لعله اكليل وهو إنتاج وكما أن الإكليل محيط الجانب الرأس فكذلك كل محيط لأفراده. (مصباح).

(٤) فإن أجزاء زيد لا يصح افتراقها بالنسبة إل المجيء لعدم صحة اقتراف أجزاء زيد حسا ظاهرا وأما عدم صحة افتراقها حكما فلأنه لا يمكن إسناد المجيء إلى نصفه أو ثلثه أو ربعه فلا يصح ذلك التركيب. (عافية شرح الكافية).

(٥) عطف على جملة ولا يؤكد كل أو استئناف أو اعتراض. (م ع).

(٦) أي : إذا أريد تأكيد الضمير المرفوع المتصل وهذا بخلاف المنصوب والمجرور ؛ لأنه لا إسناد فيهما حتى يلزم الالتباس. (هندي).

ـ دون غيرهما فإن الحكم المذكور لا يترتب على كل واحد منهما. (عوض).

(٧) أشار إلى أنه من قبيل ذكر المسبب وإرادة السبب كقوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) فصّل في قول المصنف وإنا عطف على الضمير المرفوع فارجع إليه واستفد منه. (لمحرره).

(٨) مطابقا تماما قبل الإعراب والعيبة والخطاب والتذكير الأفراد وضدهما. (عافية).

(٩) لأنهما تقعان فاعلين فيلزم التحامهما بالفاعل تأكيدين في المستكن إذا لم يؤكد خلاف كل واجمع حيث لا يصح وقوعهما فاعلين ولا حاجة إلى التأكيد لعدم اللبس ونحو ضرباهما أنفسهما وضربوهم أنفسهم مع عدم اللبس لو ترك التأكيد محمول على ضرب هو نفسه طرد للباب. (هندي).


لالتبس (١) (نفسه) الذي هو التأكيد بالفاعل (٢) ولما وقع الالتباس في هذه الصورة أجرى بقية الباب عليه.

وإنما قيد الضمير بالمرفوع ، لجواز تأكيد الضمير المنصوب والمجرور بالنفس والعين بلا تأكيدهما بالمنفصل (٣) ، نحو : (ضربتك نفسك) (ومررت بك نفسك (٤) ، لعدم اللبس ، وبالمتصل لجواز تأكيد المرفوع المنفصل بالنفس والعين بلا تأكيده بالمنفصل نحو : (أنت نفسك قائم) لعدم اللبس (٥) ، وإنما قيد بالنفس والعين لجواز تأكيد المرفوع المتصل ب : (كلّ) و (أجمعين) (٦) بلا تأكيد ، نحو : (القوم جاءوني كلّهم وأجمعون) لعدم التباس التأكيد بالفاعل ؛ لأن (كلا وأجمعين) يليان العوامل قليلا (٧) ، بخلاف (النفس والعين) فإنهما يليانها كثيرا.

(وأكتع (٨) ...

__________________

(١) فإن قيل : لالتبس في قولك : الزيدان قاماهما نفسهما قيل : أكد جميع مع عدم اللبس طردا للباب كما هو معروف في لغتهم. (محصول).

(٢) لا يعلم أن هذا الكلام مؤكد يجب أن يعمل بمفهومه ويعتمد عليه وأنه حال عن التأكيد فيحتمل الصدق والكذب كما هو شأن الحال عن التأكيد فوجب أن يؤكد أولا بالضمير المرفوع المنفصل ثم بالنفس حتى يعمل يقينا أن كلام مؤكد يعتمد عليه. (توقادي).

(٣) هذا من باب التغلب وإلا فالمجرور لا منفصل ؛ لأنهما ليسا كالجزء لكونهما فضلة. (شرح).

(٤) فإن قيل : لم يعد حرف الجر في التأكيد كما يعاد في العطف قلنا المؤكدة ليست بمقصودة من الكلام وإذا أعيد الجاد يصير مقصودا بخلاف العطف.

(٥) لأنه لما كان منفصلا بارزا كان كالمظهر في الاستعمال وعدم الالتباس فلا احتياج إلى التأكيد والاختصار مطلوب. (م ح).

(٦) وما يتفرع مهما ؛ لأن كل واحد منهما غير مستقل ؛ لأنه لم يوجد في سعة الكلام ما يسند إليه الفعل بالاستقلال فلا يقال جاء كلهم أجمعون. (م ح).

(٧) أي : لا يقعان فاعلا ومفعولا إلا قليلا فلا يقال القوم جاء كلهم أو أجمعون وإنما يقال جاء كل القوم أو جاء جميع الرجال. (محمد أفندي).

(٨) وأعلم أن هذه الألفاظ المؤكدة لها ترتيب حاصل في لسان العرب وأخلال ذلك الترتيب وهو أن يذكر أو لا ثم اجمع ثم اكتع ثم ابصع ثم اتبع ؛ لأن الثلثة لا خيره اتباع لا جمع. (عوض).

ـ قال واكتع واخواه إذا أردت الجمع بين ألفاظ التأكيد وذلك غير كلا فترتيبه ترتيب المتن أما تقديم النفس على الكل فلان الإحاطة صفة للنفس وتقديم النفس أولى وأما تقديمها على العين ـ


وأخواه) يعني : أبتع وأبصع (أتباع) (١) بفتح الهمزة على ما هو المشهور (لأجمع) يعني : تستعمل هذه الكلمات الثلاث بالتبعية ، لا بالأصالة لكونه أدل منها على المقصود ، وهو الجمعية.

(فلا يتقدم) يعني : أكتع وأخواه (عليه) أي : على (أجمع) لو اجتمعت معه.

(وذكرها) أي : ذكر أكتع مع أخوية (دونه) أي : دون ذكر (أجمع) (ضعيف) لعدم ظهور دلالتها على معنى الجمعية.

وللزوم ذكر ما من شأنه التبعية بدون الأصل (٢).

* * *

__________________

ـ فلان النفس موضوعة للذات وأما تقديم الكل على اجمع فلكونه جامد واتباع المشتق أولى وأما تقديم اكتع على أخواته فلكونه أظهر في إفادة معنى الجمع. (شيخ رضي وعب).

(١) جمع تبع بمعنى تابع كفرس وأفراس فإن جمع فاعل على أفعال مختلف فيه. (م ع).

(٢) على أن بسن وبيطان وتابع اتباع لحسن وشيطان وجايع. (عافية).


فهرس المحتويات

مقدمة المصحح................................................................ ٥

ترجمة ابن الحاجب صاحب متن الكافية في النحو................................. ٧

ترجمة الملا جامي صاحب شرح الكافية.......................................... ٩

[مقدمة المؤلف]............................................................. ١١

(الكلمة)..................................................................... ١٦

(الاسم).................................................................... ٤٣

(أنواع إعراب الاسم)......................................................... ٦٧

(جمع المذكر السالك)........................................................ ٧٦

(الممنوع في الصرف)......................................................... ٨٣

(المرفوعات)............................................................... ١٤٦

(المبتدأ والخبر)............................................................. ١٨٠

(خبر إن وأخواتها).......................................................... ٢١٤

(المنصوبات)............................................................... ٢٢٣

(المفعول المطلق)............................................................ ٢٢٤

(المفعول به)............................................................... ٢٣٩

(المنادى).................................................................. ٢٤٣

(الترخيم)................................................................. ٢٧٢

(المفعول فيه).............................................................. ٣١٥

(المفعول له)............................................................... ٣٢٢

(المفعول معه).............................................................. ٣٢٩


(الحال)................................................................... ٣٣٤

(التمييز).................................................................. ٣٦٠

(المستثنى)................................................................. ٣٨٤

(خبر كان وأخواتها)......................................................... ٤١٣

(اسم إن وأخواتها).......................................................... ٤١٨

(المجرورات)................................................................ ٤٤٠

(التوابع).................................................................. ٤٨٠

النعت.................................................................... ٤٨٤

(العطف)................................................................. ٤٩٩

(التأكيد)................................................................. ٥١٥

فهرس المحتويات........................................................... ٥٢٦

شرح ملا جامى - ١

المؤلف:
الصفحات: 527