وإمّا بحسب اللفظ فقط ، نحو : (هذا حلو حامض) ، فإنها في الحقيقة خبر واحد، أي : (مر) (١) وفي هذه الصوّرة ترك العطف أولى.

ونظر بعض النحاة إلى صورة التعدد وجوز العطف (٢).

ولا يبعد أن يقال : إنّ مراد المصنف بتعدد الخبر ما يكون بغير عاطف ؛ لأن التعدد بالعاطف لا خفاء فيه (٣) لا في الخبر ولا في المبتدأ ، ولا في غيرهما (٤) ، وأيضا المتعدد بالعطف ليس بخبر ، بل هو من توابعه ، ولهذا أورد في المثال الخبر المتعدد بغير عاطف ، ولو جعل التعدد أعم فالاقتصار (٥) عليه لذلك (٦).

(وقد يتضمن المبتدأ معنى الشرط) وهو سببية الأول (٧) للثاني أو للحكم به ، فلا

__________________

(١) أي : جامع بين الحلاوة والحموضة ؛ لأن المقصود إثبات الكيفية المتوسطة بينهما لا إثبات أنفسهما ، ولو كان كذلك تكفي أن يقال : هذا حلو وهذا حامض. (ح).

(٢) لا يخفي أن في هذه العبارة تسامح ؛ لأن جوازه يفهم من الأولوية. (جلبي).

(٣) لأن فيه تعدد ، لا حاجة إلى قوله : (وقد يتعدد الخبر) فإن تعدد الخبر بالعاطف يوجد في الخبر والمبتدأ وغيرهما بلا خفاء ، وأما التعدد بلا عاطف لا يوجد في هذا الكلام إلا في الخبر. (حواشي هندي).

(٤) كالفاعل والمفعول جاءني زيد وعمرو ، وضرب زيد عمرا وبكرا. (لمحرره).

(٥) كأنه قيل : لو جعل المتعدد أعم يجب على المصنف أن يؤتي لكل منهما مثالا ، ولم يقتصر على التعدد بلا عطف ، فأجاب بقوله : (بأن الاقتصار إنما هو لذلك). (لمحرره).

(٦) أي : لكون التعدد بالعاطف لاخفاء فيه ، ولأن التعدد بالعاطف ليس بخبر بل هو من توابعه. (سعد الله).

(٧) قال المحقق التفتازاني : الشرط تعليق حصول مضمون الجزاء لحصول مضمون الشرط المستقبل ، وهذا هو حقيقة معنى الشرط ، فعلى هذا يكون ما ذكره الشارح بيانا لمعناه اللازمي. (مصطفى جلبي).

ـ ولا يلزم مع الفاء أن يكون الأول سببا للثاني ، بل اللازم أن يكون ما بعد الفاء لازما لمضمون ما قبلها ، كما في جميع الشرط والجزاء ، ففي قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ)[الجنعة : ٨] ، الأية الملاقات لازمة للفرار ، وليس الفرار سبب للملاقاة ، وكذا قوله تعالى : (ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)[النحل : ٥٣] ، كون النعمة منه تعالى لازم لحصولها معنا ، فلا يغرنك قول بعضهم : إن الشرط سبب للجزاء. (رضي).