ثمّ إنّه بقي الكلام فيما ذكره الشريف الجزائري في « منبع الحياة » : من أنّ كتب الفقه شرح لكتب الحديث ، كما ذكرناه في صدر الباب (١). ولقد أجاد المولى البهبهاني في فوائده فيما أورد عليه بقوله : أوّلا ما تقول لو لم يكن كتب الفقه موجودة أو كانت موجودة لكن لم يوجد من يفهم كتبهم ، إذ فهم كتبهم على وجه الصحّة والإصابة لا يتحقّق للفضلاء فضلا عن العوامّ ؛ على أنّ الذي يفهمها لا يكاده أن يعثر على خلافاتهم ، مثل أنّ الماء القليل ينجس بالملاقاة وأنّ الكرّ ما ذا ... وهكذا إلى آخر كتبهم ، إذ لا يكاد يتحقّق مسألة وفاقيّة لا تكون من ضروري الدين أو ضروريّ المذهب ، والضروريّ لا تقليد فيه. أو تكون من غير الضروريّ لكن تنفع المقلّد من حيث عدم ارتباطها في مقام العمل بالمسائل الخلافيّة ، إذ جلّها لا يتمّ العمل إلاّ بضميمة الخلافيّات. مع أنّ الأخباريّين يمنعون عن العمل بفتاوى المجتهدين مطلقا والمجتهدون بالعكس. وأيضا ما يقولون في الوقائع الخاصّة والحوادث الجزئيّة التي ليست مذكورة في كتب الفقهاء بخصوصها؟ وغالب ما يحتاج الناس إليه من هذا القبيل ولا يستنبط من الكتب ، أو يستنبط لكن لا يقدر على استنباطه كلّ أحد ، بل ربما لا يقدر على استنباطه سوى المجتهد ، سيّما إذا تعلّق الواقعة بالوقائع المشكلة مثل القصر والإتمام والرضاع ، وغير ذلك من المعضلات. وأيضا العدالة مثلا يحتاج إليها في غالب الأحوال في المعاملات والعبادات والإيقاعات ، فلو لم يكن [ العادل ] موجودا أو لم يكن ممّن يعرف العدالة بأنّها هي الملكة أو عدم ظهور الفسق وأنّها هل تتحقّق باجتناب
__________________
(١) لا توجد الرسالة عندنا ولكن حكاه السيد الصدر في شرح الوافية : ٤٧٢ كما سلف الاشارة إليه في الصفحة : ٤٣٤.