قلت : اتّحاد نفس الحقيقة قد عرفت عدم اقتضائه الحمل الذاتي ، بل هو أعمّ منه ومن المتعارفي ، والمطلوب الأوّل.
لا يقال : إنّهم ذكروا أنّ « اللام » لتعريف الجنس ، وهذه الجهة إنّما تلحق الماهيّة من حيث عمومها وكلّيّتها ، وكذلك لا يسري الحكم بالجنسيّة إلى أفرادها ، ضرورة اختلاف اعتبار الماهيّة على وجه ينتزع منه الجنسيّة واعتبارها فيما إذا كان محمولا لمصاديقها ، وإذا فرض اتّحاد شيء مع الماهيّة بالاعتبار الأوّل فلازمه القصر.
لأنّا نقول : ذلك وهم باطل.
أمّا أوّلا : فلأنّ الجنس في قولهم إنّما هو عنوان لنفس الماهيّة ، كما يشعر بذلك تعبير غير واحد بلفظ « الماهيّة » و « الحقيقة » وأشباهها (١).
وأمّا ثانيا : فلأنّ المقصود في مقام الحصر ليس دعوى اتّحاد الشيء مع الماهيّة الملحوظة بهذه الملاحظة ، فإنّها في هذه المرتبة ليست إلاّ أمرا اعتباريّا ومعقولا ثانويّا ، كما هو ظاهر جدّا.
وزعم بعض الأجلّة أنّ الوجه في التبادر المدّعى في المقام هو : أنّه قد اخذت حقيقة الرجل في قولك : « أنت الرجل » و « زيد الأمير » مثلا مقيّدة باعتبار الخارج ، فاعتبرت من حيث تمام تحقّقها فيه بقرينة الإشارة إليها باللام ، فإنّ الإشارة تستدعي تعيّن المشار إليه ، ولا تعيّن للماهيّة الخارجيّة عند عدم العهد إلاّ بهذا الاعتبار ، وبنى على ذلك في الردّ على ما ذكره التفتازاني من ظهور الحصر ، بناء على حمل « اللام » على الاستغراق (٢).
__________________
(١) كذا في ( ع ) و ( ط ) ، والظاهر : « أشباههما ».
(٢) الفصول : ١٥٥.