وبعبارة ثانية : أنّ مفاد الحمل هو الاتّحاد المفهومي في الأوّل ، والخارجي مع بقاء اختلاف المفهومين في الثاني. ولم يظهر لنا اختلاف المفهومين (١) على وجه لو كان اللفظ موضوعا لأحدهما لم يكن استكشاف الآخر منه إلاّ على وجه المجاز ، بل الظاهر أنّ هذا الاختلاف بواسطة اختلاف الأحكام في الواردة على الماهيّة ، وإنّما اللفظ موضوع لنفس الماهيّة الّتي هي هي في المقامين ، كما يظهر بملاحظة الأمثلة المتقدّمة.
فالمستدلّ إن أراد تعيين أحد الوجهين من اللفظ مع قطع النظر عمّا يفيد ذلك من المقام والحكم ونحوهما ، ففيه : أنّ ذلك تحكّم صرف. ولا سبيل إلى دعوى ظهور الحمل في الحمل الذاتي ، إذ لو لم نقل بظهوره في المتعارفي فلا أقلّ من التساوي. وإن أراد أنّ تعيين ذلك إنّما هو بواسطة التعريف بـ « اللام » حيث إنّها وضعت للإشارة إلى نفس الماهيّة من حيث إنّها معهودة ، ففيه : أنّ مجرّد التعريف لا يقضي بذلك ، كما يظهر بملاحظة ما إذا وقع علم الجنس محمولا ، كقولك : « زيد اسامة ».
فإن قلت : التعريف في العلم الجنس على تقدير كونه تعريفا معنويّا كما يراه البعض (٢) ـ لا تعريفا لفظيّا كما يراه نجم الأئمة (٣) وبعض آخر (٤) ـ ليس بالإشارة ، بخلاف التعريف في المعرّف باللام ، فإنّ أداة التعريف يشاربها إلى نفس الحقيقة ، ومن المعلوم أنّه إذا فرض اتّحاد نفس الحقيقة مع شيء يلزمه القصر كما هو المفروض في الدليل.
__________________
(١) في ( ع ) : « الاعتبارين ».
(٢) لم نعثر عليه.
(٣) شرح الكافية ٢ : ١٢٩ و ١٣٢ ـ ١٣٥.
(٤) انظر البهجة المرضيّة ١ : ٥٧ ، وشرح ابن عقيل ١ : ١٢٦.