أقول : بعد تسليم أخذ الطبيعة خارجيّة ـ حيث إنّه لم نقف على ما يكشف عن ذلك مع قطع النظر عن الأحكام الواردة على الطبيعة ـ لا وجه لما أفاده إلى آخره ، فإنّ أخذ الطبيعة مقيّدة باعتبار الخارج إمّا على وجه الاستغراق وهو لا يقول به ، أو العهد الخارجي أو الذهني وشيء منهما لا يقضي بما ذكره ، كما لا يخفى. ولا نعقل اعتبار الماهيّة الخارجيّة عدا ما ذكرنا.
وبالجملة ، فبيان وجه الإفادة كما هو المتبادر بحسب القواعد اللفظيّة المقرّرة في غاية الإشكال.
وما توهّمه بعض المعاصرين (١) في دفع ما أورده التفتازاني من النظر ، من قوله : « إنّ أراد بالمفهوم معنى حاقّ اللفظ بدون ملاحظة ما تعتوره من اللواحق كالتنوين واللام ونحوهما فلا نسلّم اعتباره في المفهوم ، وإن أراد به مفهومه مع ملاحظة ما لحقه من التنوين فاعتباره مسلّم لكن الفرق ظاهر حيث إنّ المحمول على التعريف هو نفس الطبيعة بخلافه على التنكير » فهو ممّا لا ينبغي أن يصغى إليه ؛ ضرورة أنّ التنوين اللاحق لاسم الجنس ليس في الأغلب إلاّ تنوين التمكّن وهو لا يقضي بالفرديّة. سلّمنا كون التنوين للتنكير ، لكنّه لا ينافي الحصر أيضا ، فإنّ القائل بوضع اسم الجنس للفرد المنتشر لا يمنع من الحصر كما هو ظاهر. وصرّح المحقّق الشريف بإمكان استفادة الحصر على القولين (٢). وبالجملة ، لا بدّ من ملاحظة ما وقع في جانب المحمول على الوجه الّذي أشرنا إليه عند إرادة الحصر. ولا نفرّق في ذلك كون المحمول هو الصفة أو الفرد المنتشر ، فتدبّر.
الثاني : أنّ المعرّف إذا وقع محكوما عليه ولم ينحصر في المحكوم به لزم الإخبار بالخاصّ على العامّ والتالي باطل. أمّا الملازمة فظاهرة ، إذ المفروض
__________________
(١ و ٢) لم نعثر عليه.