يكون ناظراً إليها وجوداً وعدماً ، وإنّما يكون متعرّضاً لحال الحج باقتضاء وجوده على تقدير وجود الاستطاعة وتحققها في الخارج بأسبابها المقتضية له ، فلا نظر له إلى إيجادها ، ولا إلى عدم إيجادها أصلاً ، ولا إلى أنّها موجودة أو غير موجودة. وكذا خطاب الصلاة وخطاب الزكاة وما شاكلهما ، فانّ كلاً منها لا يكون متعرّضاً لحال موضوعه ، لا وضعاً ولا رفعاً ، ولا يكون مقتضياً لوجوده ولا لعدمه ، وإنّما هو متعرض لحال متعلقه باقتضاء ايجاده في الخارج على تقدير وجود موضوعه.
والسرّ في ذلك : هو أنّ جعل الأحكام الشرعية إنّما هو على نحو القضايا الحقيقية ، ومعنى القضية الحقيقية هو أنّ ثبوت المحمول فيها ووجوده على تقدير وجود الموضوع وثبوته ، ونسبة المحمول فيها إلى الموضوع وضعاً ورفعاً نسبة لا اقتضائية ، فلا يقتضي المحمول وجود موضوعه ولا يقتضي عدمه ، فمتى تحقق الموضوع تحقق المحمول وإلاّ فلا.
ومن هنا قلنا إنّ القضية الحقيقية ترجع إلى قضية شرطية مقدّمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له ، ومن الواضحات الأوّلية أنّ الجزاء لايقتضي وجود الشرط ولا عدمه ، ولذلك لو كان أحد الدليلين ناظراً إلى موضوع الدليل الآخر وضعاً أو رفعاً فلا ينافي ما هو مقتضى ذاك الدليل أبداً ، لأنّه بالاضافة إلى موضوعه لا اقتضاء ، فلا يزاحم ما يقتضي وضعه أو رفعه ، ولذا لا تنافي بين الدليل الحاكم والمحكوم والوارد والمورود.
وعلى ذلك الأساس نقول : إنّ عصيان الأمر بالأهم في محلّ الكلام وترك متعلقه ، بما أنّه مأخوذ في موضوع الأمر بالمهم ، فهو لا يكون متعرّضاً لحاله وضعاً ورفعاً ، لما عرفت من أنّ الحكم يستحيل أن يستدعي وجود موضوعه أو عدمه ، وإنّما هو يستدعي إيجاد متعلقه على تقدير وجود موضوعه في