مسألة الضدّ
هل الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه
يقع الكلام في هذه المسألة من جهات :
الاولى : قد تقدّم منّا في بحث مقدمة الواجب أنّ البحث عن ثبوت الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته لا يختص بما إذا كان الوجوب مدلولاً لفظياً ، فان ملاك البحث يعم مطلق الوجوب ، سواء أكان مستفاداً من اللفظ أو الاجماع أو العقل ، ولذلك قلنا إنّها من المسائل الاصولية العقلية ، لا من مباحث الألفاظ (١).
وهكذا الشأن في مسألتنا هذه ، فان جهة البحث فيها في الحقيقة ثبوت الملازمة بين وجوب شيء وحرمة ضدّه.
ومن الواضح أنّ البحث عن تلك الجهة لا يختص بما إذا كان الوجوب مدلولاً لدليل لفظي ، بل يعمّ الجميع ، ضرورة أنّ ما هو المهم في المقام هو البحث عن ثبوت تلك الملازمة وعدمه ، ولا يفرق فيه بين أن يكون الوجوب مستفاداً من اللفظ أو من غيره ، وإن كان عنوان البحث في المسألة ـ قديماً وحديثاً ـ يوهم اختصاص محلّ النزاع بما إذا كان الوجوب مدلولاً لفظياً ، إلاّ أنّ ذلك من جهة الغلبة ، وأنّ الوجوب في الغالب يستفاد من دليل لفظي ، لا من جهة اختصاص محلّ النزاع بذلك ، كما هو واضح.
ولأجل ذلك تكون المسألة من المسائل الاصولية العقلية لا من مباحث الألفاظ ، لعدم صلتها بتلك المباحث أصلاً ، كما أنّه لا صلة لغيرها من المسائل العقلية بها.
__________________
(١) راجع ص ١١٤.