يحتمل أن يكون قيداً له ، بيان ذلك : أنّ المولى إذا كان في مقام البيان ولم ينصب قرينة على تقييد الواجب بقيد ، ففي مثله إذا شكّ في تقييده بشيء كما إذا شكّ في تقييد الصلاة مثلاً بالوضوء ، فلا مانع من التمسك باطلاق قوله : صل لاثبات عدم تقييدها به ، ولازم ذلك هو عدم كون الوضوء واجباً غيرياً. وقد ذكرنا في محلّه أنّ الاصول اللفظية تثبت لوازمها. فالنتيجة : أنّه على ضوء كلتا النظريتين لا مانع من التمسك بالاطلاق لاثبات كون الواجب نفسياً. نعم ، تفترق نظرية المشهور عن نظرية الشيخ قدسسره في كيفية التمسك به كما عرفت. ومن هنا لم ينسب إلى الشيخ قدسسره انكار الواجب الغيري على ما نعلم.
وأمّا المقام الثاني : وهو التمسك بالاصول العملية عند عدم وجود الاصول اللفظية ، فالكلام فيه يقع من وجوه :
الأوّل : ما إذا علم المكلف بوجوب شيء إجمالاً في الشريعة المقدسة وتردد بين كونه واجباً نفسياً أو غيرياً ، وهو يعلم بأ نّه لو كان واجباً غيرياً ومقدمة لواجب آخر لم يكن ذلك الواجب فعلياً ، وذلك كما إذا علمت الحائض بوجوب الوضوء عليها وترددت بين كون وجوبه نفسياً أو غيرياً ، وهي تعلم بأ نّه لو كان واجباً غيرياً ومقدّمة للصلاة لم تكن الصلاة واجبة عليها فعلاً ، وفي مثل هذا الفرض لا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عقلاً ونقلاً ، بيان ذلك : هو أنّ المكلف لا يعلم بوجوب فعلي على كل تقدير ، فانّه على تقدير وجوبه نفسياً وإن كان فعلياً إلاّ أنّه على تقدير وجوبه الغيري فلا يكون بفعلي ، لعدم فعلية وجوب ذيه ، ومعه لا محالة يشك في الوجوب الفعلي ، ومن الطبيعي أنّ المرجع في مثله هو البراءة الشرعية والعقلية ، وهذا هو مراد المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) من الرجوع إلى البراءة فيه لا الوجه الثاني الآتي كما نسب إليه
__________________
(١) كفاية الاصول : ١١٠.