والتراخي. وعلى هذا فلو شككنا في اعتبار خصوصية زائدة كالفور أو التراخي أو نحو ذلك ، فمقتضى الأصل اللفظي من عموم أو إطلاق إذا كان ، هو عدم اعتبارها وأنّ الواجب هو الطبيعي المطلق ، ولازم ذلك جواز التراخي ، وقد عرفت أنّه لا فرق في حجية الاصول اللفظية بين المثبت منها وغيره.
هذا إذا كان في البين أصل لفظي. وأمّا إذا لم يكن كما إذا كان الدليل مجملاً أو إجماعاً ، فالمرجع هو الأصل العملي وهو في المقام أصالة البراءة ، للشك في اعتبار خصوصية زائدة كالفور أو التراخي ، وحيث لا دليل عليه فأصالة البراءة تقتضي عدم اعتبارها ، وبذلك يثبت الاطلاق في مقام الظاهر.
فالنتيجة : أنّ الصيغة أو ما شاكلها لا تدل على الفور ولا على التراخي فضلاً عن الدلالة على وحدة المطلوب أو تعدده ، بل هي تدل على ثبوت الطبيعي الجامع على ذمة المكلف ، ولازم ذلك هو حكم العقل بالتخيير بين أفراده العرضية والطولية. نعم ، لو احتمل أنّ تأخيره موجب لفواته وجب عليه الاتيان به فوراً بحكم العقل.
قد يقال كما قيل : إنّ الصيغة وإن لم تدل على الفور وضعاً إلاّ أنّها تدل عليه من جهة قرينة عامة خارجية وهو قوله تعالى : ( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ )(١) وقوله تعالى : ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ )(٢) ببيان أنّ الله ( عزّ وجلّ ) أمر عباده بالاستباق نحو الخير ، والمسارعة نحو المغفرة ، ومن مصاديقهما فعل المأمور به ، فاذن يجب على المكلف الاستباق والمسارعة نحوه في أوّل أزمنة الامكان وإلاّ ففي الزمن الثاني وهكذا ، لفرض أنّهما يقتضيان الفورية إلى
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١٣٣.
(٢) البقرة ٢ : ١٤٨.