باقٍ ، فإذا كان باقياً فلا محالة يدعو إلى إيجاد متعلقه في الخارج ، والمفروض أنّ هذا الحال هو حال فعلية الأمر بالمهم ، لفرض تحقق شرطها ـ وهو عصيان الأهم ـ إذن يلزم من ذلك طلب الجمع بين الضدّين ، وهذا محال.
ولكن من بيان تلك الجهة قد ظهر فساد هذا الخيال ، وذلك لأنّ محل الكلام في إمكان الترتب واستحالته فيما إذا كان الأمر بالأهم ثابتاً حال عصيانه وترك متعلقه ، وإلاّ فليس من محل الكلام في شيء كما تقدّم ، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى : أنّ اجتماع أمرين متعلقين بالضدّين في زمن واحد شيء ، وطلب الجمع بينهما شيء آخر ، ولا ملازمة بين أحد الأمرين والآخر أصلاً.
نعم ، لو كان تعلّق أمرين بهما في عرض واحد وعلى وجه الاطلاق ، لكان ذلك مستلزماً لطلب الجمع بينهما لا محالة. ولكن أين هذا من تعلّق أمرين بهما على نحو الترتب ، بأن يكون أحدهما مطلقاً والآخر مشروطاً بعصيان الأوّل وعدم الاتيان بمتعلقه ، لأنّك عرفت أنّ اجتماع الأمرين كذلك لا يستلزم طلب الجمع بين متعلقيهما بل هو في طرف النقيض معه وينافيه ويعانده ، لا أنّه يقتضيه كما مرّ.
وعلى الجملة : فالغرض من بيان هذه الجهة الاشارة إلى هذين الأمرين ، أعني بهما دفع الخيال المزبور وأ نّه لا مجال له أصلاً. وامتياز المقام عن الصور المتقدمة ، وأنّ فعلية الأمرين في تلك الصور تستلزم طلب الجمع لا في المقام كما عرفت.
الجهة الرابعة : وهي الجهة الرئيسية لأساس الترتب وتشييد كيانه : قد ذكرنا غير مرّة أنّ الخطابات الشرعية بشتّى أشكالها لاتتعرّض لحال موضوعاتها وضعاً ورفعاً ، وإنّما هي تتعرض لحال متعلقاتها على تقدير وجود موضوعاتها ، مثلاً خطاب الحج كما في الآية المباركة لا يكون متعرّضاً لحال الاستطاعة ، ولا