لأنه من المحال أن يتيقّن أن المجهول بالفعل معلوم عنده مخزون ، فكيف يتيقّن حال الشىء إلا والأمر هو من جهة ما يتيقّنه معلوم ، وإذا كانت الإشارة تتناول للمعلوم بالفعل ومن المتيقن بالفعل أن هذا عنده مخزون فهو بهذا النوع البسيط معلوم عنده ، ثم قد يريد أن يجعله معلوما بنوع آخر.
ومن العجائب أن هذا المجيب حين يأخذ فى تعليم غيره تفصيل ما هجس فى نفسه دفعة يكون مع ما يعلّمه يتعلّم العلم بالوجه الثانى فيرتّب تلك الصورة فيه مع ترتب ألفاظه.
فأحد هذين هو العلم الفكرى الذى إنما يستكمل به تمام الاستكمال إذا ترتب وتركب.
والثانى هو العلم البسيط (١) الذى ليس من شأنه أن يكون له فى نفسه
__________________
(١) فى تعليقة نسخة : اعلم ان العقل البسيط الاجمالى خلاقيته للتفاصيل لا معنى له الاّ الاتحاد بحسب الوجود ، والاختلاف والكثرة بحسب الماهية ، حتى يكون الاجمال بحسب الوجود والتفصيل بحسب الماهية وهذا هو معنى اتحاد العاقل والمعقول.
وقال الفخر فى ص ٣٣٦ ج ١ من المباحث المشرقية : « هذا غاية ما يقولون. وليس الامر عندى كما يقولون بل العلم اما ان يكون بالقوة واما ان يكون بالفعل على سبيل التفصيل.
واما القسم الثالث وهو البسيط فهو عندى باطل فان العلم عندهم عبارة عن حضور صورة المعقول فى العاقل فهذا العقل البسيط ان كان صورة واحدة مطابقة فى الحقيقة لأمور كثيرة فذلك باطل إذ الصورة العقلية الواحدة لو كانت مطابقة لأمور كثيرة لكانت مساوية فى الماهية لتلك الأمور المختلفة فى الحقيقة فتكون لتلك الصورة حقائق مختلفة فلا تكون الصورة الواحدة صورة واحدة هذا خلف.
فان قيل : ان لهذا التعقل البسيط صورا مختلفة بحسب اختلاف المعقولات.
فنقول : العلم التفصيلى بتلك المعلومات حاصل اذ لا معنى للعلم التفصيلى الاّ ذلك