الصورة المعقولة منا غير جسمانى.
ولنا أن نبرهن على هذا ببرهان آخر.
فنقول : إن القوة العقلية هوذا تجرد المعقولات عن الكم المحدود والأين والوضع وسائر ما قيل من قبل ، فيجب أن ننظر فى ذات هذه الصورة المجردة عن الوضع كيف هى مجردة عنه أبا لقياس إلى الشىء المأخوذ منه أو بالقياس إلى الشىء الآخذ ، أعنى أن وجود هذه الحقيقة المعقولة المتجردة عن الوضع هل هو فى الوجود الخارجى أو فى الوجود المتصور فى الجوهر العاقل.
ومحال أن نقول : إنها كذلك فى الوجود الخارجى ، فبقى أن نقول :
إنها إنما هى مفارقة للوضع والأين عند وجودها فى العقل. فإذا وجدت فى العقل لم تكن ذات وضع وبحيث تقع إليها إشارة أو تجزّو انقسام أو شىء مما أشبه هذا المعنى ، فلا يمكن أن تكون فى جسم.
وأيضا إذا انطبعت الصورة الأحدية الغير المنقسمة (١) التى هى لأشياء غير منقسمة فى المعنى فى مادة منقسمة ذات جهات ، فلا يخلو إما أن لا تكون ولا لشىء من أجزائها التى تفرض فيها بحسب جهاتها نسبة (٢) إلى الشىء المعقول الواحد الذات الغير المنقسم المجرد عن المادة ، أو تكون
__________________
(١) فى تعليقة نسخة : كصورة الوحدة والنقطة والجوهر الذى هو جنس عال.
(٢) اسم لا تكون.