فى عدّ المذاهب الموروثة عن القدماء فى أمر النفس وأفعالها (١)
وأنها واحدة أو كثيرة وتصحيح القول الحق فيها
إن المذاهب المشهورة فى ذات النفس وفى أفعالها مختلفة.
فمنها قول من زعم أن النفس ذات واحدة ، وأنها تفعل جميع الأفعال بنفسها باختلاف الآلات.
ومن هؤلاء من زعم أن النفس عالمة بذاتها ، تعلم كل شىء ، وإنما تستعمل الحواس والآلات المقربة للمدركات منها بسبب أن تتنّبه به لما فى ذاتها.
__________________
(١) قال الرازى فى ص ٤١٤ ج ٢ من المباحث المشرقية : « اعلم انّا قد بيّنا ان نفس الانسان هى ذاته وحقيقته وكل عاقل يعلم ببداهة عقله انّ ذاته وحقيقته امر واحد لا امور كثيرة.
وبالجملة فعلم الانسان بوجوده ووحدته علم بديهى جلّى فكيف يكون ذلك مطلوبا بالبرهان؟ بل المطلوب بالبحث والنظر فى كتاب النفس معرفة ماهيتها وقواها وكيفية احوالها من الحدوث والقدم ولكن القدماء لما فرقّوا اصناف الافعال على اصناف القوى ونسبوا كل واحد منها الى قوة اخرى احتاجوا الى بيان انّ فى جملتها شيئا هو كالاصل والمبدأ وانّ سائر القوى كالتوابع والفروع ».
وراجع ص ١١١ ج ٤ ط ١ ـ ص ٥٦ ج ٩ ط ٢ من الأسفار.