ونوع آخر من التصور (١) وهو مثل ما يكون عندك فى مسألة تسئل عنها مما علمته أو مما هو قريب من أن تعلمه فحضرك جوابها فى الوقت ، وأنت متيقن بأنك تجيب عنها مما علمته من غير أن يكون هناك تفصيل ألبتة ، بل إنما تأخذ فى التفصيل والترتيب فى نفسك مع أخذك فى الجواب الصادر عن يقين منك بالعلم به قبل التفصيل والترتيب.
فيكون الفرق بين التصور الأول والثانى ظاهرا. فإن الأول كأنه شىء قد أخرجته من الخزانة وأنت تستعمله.
والثانى كأنه شىء لك مخزون متى شئت استعملته.
الثالث يخالف الأول بأنه ليس شيئا مرتبا فى الفكر ألبتة ، بل هو كمبدأ (٢) لذلك مع مقارنته لليقين ، ويخالف الثانى بأنه لا يكون معرضا عنه ، بل منظورا إليه نظرا مّا بالفعل يقينا إذ تتخصص معه النسبة إلى بعض ما هو كالمخزون.
فإن قال قائل : إن ذلك علم أيضا بالقوة ولكن قوة قريبة من الفعل ، فذلك باطل ، لأن لصاحبه يقينا بالفعل حاصلا لا يحتاج أن يحصله بقوة قريبة او بعيدة. فذلك اليقين اما (٣) لأنّه متيقّن أن هذا حاصل عنده إذا شاء علمه ، فيكون تيقّنه بالفعل بأن هذا حاصل تيقنا به بالفعل ، فإن الحصول حصول لشىء (٤) ، فيكون هذا الشىء الذى نشير إليه حاصلا بالفعل ،
__________________
(١) هذا هو المرتبة الثالثة.
(٢) مبدأ ، نسخة.
(٣) قال صاحب القاموس : اما بالتخفيف تحقيق للكلام الذى يتلوه. وقال صاحب المجمع بالتخفيف لتحقيق الكلام الذى يتلوه تقول اما ان زيدا عاقل يعنى انه عاقل على الحقيقة دون المجاز.
(٤) الشىء ، نسخة.