وحدة مّا لا تنقسم. فلينظر أن ذلك الوجود الوحدانى ، من حيث هو واحد مّا ، كيف يرتسم فى المنقسم ويكون الكلام فيها وفيما لا ينقسم بالحد واحدا.
وأيضا فإنه قد صح لنا أن المعقولات المفروضة التى من شأن القوة الناطقة أن تعقل بالفعل واحدا واحدا منها غير متناهية بالقوة. وقد صح لنا أن الشىء الذى يقوى على أمور غير متناهية بالقوة لا يجوز أن يكون جسما ولا قوة فى جسم ، قد برهن على هذا فى الفنون الماضية. فلا يجوز إذن أن تكون الذات المتصورة للمعقولات قائمة فى جسم ألبتة ، ولا فعلها كائن فى جسم ولا بجسم.
وليس لقائل أن يقول : كذلك المتخيلات ، فذلك خطأ ، فإنه ليس للقوة الحيوانية أن تتخيل أى شىء اتفق مما لا نهاية له فى أى وقت كان ما لم يقرن بها تصريف القوة الناطقة.
ولا لقائل أن يقول : إن هذه القوة أى العقلية قابلة لا فاعلة ، وأنتم إنما أثبتم تناهى القوة الفاعلة ، والناس لا يشكّون فى جواز وجود قوة قابلة غير متناهية كما للهيولى. فنقول : إنك تعلم أن قبول النفس الناطقة فى كثير من أشياء لا نهاية لها قبول بعد تصرف فعلى.
ولنستشهد أيضا على ما بينّاه بالكلام الناظر فى جوهر النفس الناطقة وفى أخص فعل له بدلائل من أحوال أفعال أخرى له مناسبة