فمنهم من قال : إن النفس حرارة غريزية لأن الحياة بها.
ومنهم من قال بل برودة وأن النّفس مشتقة من النّفس والنّفس هو الشىء المبرد ولهذا ما ، يتبرد بالاستنشاق ليحفظ جوهر النفس.
ومنهم من قال بل النفس هو الدم ؛ لأنه إذا سفح الدم بطلت الحياة.
ومنهم من قال بل النفس مزاج لأن المزاج ما دام ثابتا لم تتغير صحة الحياة.
ومنهم من قال بل النفس تأليف ونسبة بين العناصر وذلك لأنا نعلم أن تأليفا مّا يحتاج إليه حتّى يكوّن من العناصر حيوان ، ولأن النفس تأليف فلذلك تميل إلى المؤلفات من النغم والاراييح والطعوم وتلتذبها.
ومن الناس من ظن أن النفس هو الإله ـ تعالى عما يقوله الملحدون ـ وأنه يكون فى كل شىء بحسبه فيكون فى شىء طبعا وفى شىء نفسا وفى شىء عقلا سبحانه وتعالى عما يشركون.
فهذه هى المذاهب المنسوبة إلى القدماء الأقدمين فى أمر النفس (١) ، وكلها باطلة.
فأما الذين تعلقوا بالحركة فأول ما يلزمهم من المحال أنهم نسوا
__________________
(١) قال صدر المتألهين فى الاسفار ـ بعد نقل هذه الاقول ـ : « اقول : نقض ظواهر هذه الاقوال وابطالها فى غاية السهولة بعد ان ثبت ان النفس جوهر مفارق الذات عن الاجسام ، وكل من له ادنى بضاعة فى الحكمة يعلم ان النفس جوهر شريف ليس من نوع الاجسام الدنية كالنار والهواء والماء والارض ولا من باب النسب والتأليفات. كيف يذهب على الحكماء السابقين كانباذقلس وغيره أن يجهلوا ما يعلمه من له أدنى معرفة فى علم النفس وأحوالها فان التأويل والتعديل لكلامهم أولى من النقض والجرح ».
فشرع فى التأويل ومن أراد الإطلاع على التأويلات فليرجع الى الاسفار ج ٤ ص ٥٩ ط ١ ج ٨ ص ٢٤٤ ط ٢.