ولقائل أن يقول : فلم لا تثبت الصورة واحدة مع انتقال القابل كمال تبقى صورة الضوء واحدة مع انتقال القابل ، فيكون إذا زال القابل عن المحاذاة بطلت الصورة عنه وحدثت فيما يقوم مقامه ، فلم تكن صورتان ، فلم تكن رؤيتان ، ولا اتصال خط من نقطة ، ولا رؤيت الأشياء تستدير.
فنقول : لا يبعد أن يكون من شأن الروح التى للحس المشترك أن لا تكون إنما تنضبط الصورة بالمحاذاة فقط ، وإن كان لا تضبطها بعد المحاذاة مدة طويلة فيكون يضبط لا كضبط المستنير بالضوء للضوء الذى يبطل دفعة ولا كضبط الحجر للنقش الذى يبقى مدة طويلة ، بل بين بين. وتكون تخليته عن الصورة بسبب تقوى وتعان بعد المحاذاة بزمان مّا لأسباب تجدها مذكورة فيما تفتر حركته وفيما يعود إلى طبيعته حيث نتكلم فى مثله.
ومن هذا يعلم أن قبول الروح الباطن للخيالات المبصرة ليست كقبول الشبح الساذج الذى يزول مع زوال المحاذاة. وبالحرى أن تكون الحواس هى هذه المشهورة ، وأن تكون الطبيعة لا تنتقل من درجة الحيوانية إلى درجة فوقها ، أو توفى جميع ما يكون فى تلك الدرجة. فيجب من ذلك أن تكون جميع الحواس محصلة عندنا ، ومن رام أن يبين هذا بقياس واجب فقد يتكلّف شططا. وجميع ما قيل فى هذا فهو غير مبرهن ، أو لست أفهمه فهم المبرهن عليه ويفهمه غيرى ، فلتتعرف ذلك من غير كلامنا.
__________________
عليه الشبح وهو لا محالة يكون على ما هو المقدار الطبيعى له فعند ما ينتقل الروح من ذلك المكان الى جهة التقاطع يزول القاسر لها على الاجتماع والتكاثف وحينئذ ينتقل الى مقداره الطبيعى ويلزم ذلك انبساط مثل الشبح فيصير اعظم مما هو عليه الامر الطبيعى فيرى القوة ذلك المرئى اعظم مما هو عليه.