فالحواس المفردة والمحسوسات المفردة ما ذكرنا ، وهاهنا حواس مشتركة (١) ومحسوسات مشتركة فلنتكلم أولا فى المحسوسات المشتركة فنقول :
إن الحواس منا قد تحسّ مع ما تحسّ أشياء أخرى لو انفردت وحدها لم تحسّ ، وهذه الأشياء هى المقادير والأوضاع والأعداد والحركات والسكونات والأشكال والقرب والبعد والمماسة وما هو غير ذلك مما يدخل فيه. وليس إنما تحسّ هذه بالعرض ، وذلك لأن المحسوس بالعرض هو الذى ليس محسوسا بالحقيقة ، لكنه مقارن لما يحسّ بالحقيقة مثل إبصارنا أبا عمرو وأبا خالد ، فإن المحسوس هو الشكل واللون ، ولكن عرض أن ذلك مقارن لشىء مضاف ؛ فنقول : إنا أحسسنا بالمضاف ولم نحسّه ألبتة ولا فى أنفسنا خيال أو وهم ولا رسم لأبى خالد من حيث هو أبو خالد يكون ذلك الوهم ، أو الخيال مستفادا من الحس بوجه من الوجوه. وأما الشكل والعدد وغير ذلك فإنه وإن كان لا يحسّ بانفراده ، فإن رسمه وخياله يلزم (٢) خيال ما يحسّ وما يدرك بأنه لون أو حرارة أو برودة مثلا ، حتى يمتنع ارتسام أمثال هذه (٣) فى الخيال دونها (٤) أيضا.
وليس إذا كان الشىء متمثلا ومدركا لشىء فى شىء بتوسط شىء فهو
__________________
(١) قال شارح المواقف اى تشترك فى ادراكها الحواس الظاهرة فلا يحتاج فى الاحساس بها الى قوة اخرى. قال بهمنيار فى التحصيل اما المحسوس المشترك هو ما يدركه جميع الحواس او اكثرها بواسطة محسوسه الخاص.
(٢) يلزمه ، نسخة.
(٣) فى تعليقة نسخة : اى اللون والحرارة والبرودة.
(٤) فى تعليقة نسخة : اى دون الشكل والعدد والحركة والسكون.