المفارقة من الجانبين معا ، والسبب انتقال الشبح فى القابل مع ثباته فى كل جزء تفرضه زمانا مّا.
ويجب أن يعلم أن مع هذه الأسباب سببا آخر معينا لها ماديا ، وذلك أن جوهر الروح جوهر فى غاية اللطافة وفى غاية سرعة الإجابة إلى قبول الحركة ، حتى أنه إذا حدث فيه سبب موجب لانتقال الشبح من جزء إلى جزء يلزمه أن يتحرك جوهر الروح حركة مّا ـ وإن قلّت ـ إلى سمت ذلك الجزء. والسبب فى ذلك أن لكل قوة من القوى المدركة انبعاثا بالطبع إلى مدركها ، حتى أنها تكاد تلتذ به وإذا انبعثت نحوه مال حاملها إليه أو مالت بحاملها إليه.
ولهذا ما كان الروح الباصر يندفع جملة إلى الضوء وينقبض عن الظلمة بالطبع ، فإذا مال الشبح إلى جزء من الروح دون جزء كانت القوة كالمندفعة إلى جهة ميل للشبح بآلتها. فإن الآلة مجيبة لها إلى نحو الجهة التى تطلبها القوة فيحدث فى الروح تموّج إلى تلك الجهة للطافتها وسرعتها إلى قبول الأثر كأنها تتبع الشبح (١). ولهذا السبب إذا أطال الإنسان النظر إلى شىء يدور يتخيل له أن سائر الأشياء تدور لأنه تحدث فى الروح حركة مستديرة لاتباعها لانتقال الشبح.
وكذلك إذا أطال النظر إلى شىء سريع الحركة فى الاستقامة تحدث فى الروح حركة مستقيمة إلى ضد تلك الجهة ، لأن جهة حركة الشىء متضادة لجهة حركة الشبح (٢) ، فحينئذ ترى الأشياء كلها تنتقل إلى ضد
__________________
(١) فى غير واحد من النسخ : « تتبع حركة الشبح ».
(٢) فى تعليقة نسخة : « وفى بعض النسخ لان جهة حركة الشبح مضادة لجهة حركة ذى الشبح ». لان حركة الشبح تكون الى الداخل والى الحس المشترك.