أليتى الدودة ، فاتصلت بالروح الحاملة للقوة الوهمية بتوسط الروح الحاملة للقوة المتخيلة التى تسمى فى الناس مفكرة ، فانطبعت الصورة التى فى الخيال فى روح القوة الوهمية (١). والقوة المتخيلة خادمة للوهمية
__________________
اسندوها الى القوة الرئيسة الحاكمة وان كانت افعال سائر القوى فعلها. فافهم وتبصّر.
ثم اعلم ان القوة الخيالية الخازنة تسمى مصورة عند الاطباء وليس المراد منها القوة المصورة التى عملها تصوير الاعضاء وتشكيلها على اختلاف الآراء فى ذلك. وان القوة المتصرفة والمتخيلة والمفكرة والمتفكرة هى قوة واحدة تسمى باسامى مختلفة باعتبارات مختلفة.
وللشيخ ـ قدسسره ـ كلام منيع فى المباحثات فى المقام يجديك فى فهم عبارة الكتاب فى سريان القوة الوهمية فى جميع القوى التى دونها ورياستها عليها وهذا كلامه بعباراته : « القوة العقلية اذا اشتاقت الى صورة معقولة تضرّعت بالطبع الى المبدأ الواهب فان ساحت عليها على سبيل الحدث كفيت المؤونة ، والا فزعت الى حركات من قوة اخرى من شأنها ان تعدّه لقبول الفيض لتأثير ما مخصوص يكون فى النفس مثلا ومشاكلة بينها وبين شىء من الصور التى فى عالم الفيض ، فيحصل لها بالاضطرار ما كان لا يحصل لها بالحدس ، فالقوة الفكرية ان عنى بها الطالبة فهى للنفس الناطقة وهو من قبيل العقل بالملكة لا سيما اذا زاد استكمالا بما جاوز الملكة ، وان عنى بها العارضة للصورة المتحركة فهى المتخيلة من حيث تتحرك مع شوق القوة العقلية ». ص ٢٣٢.
ثم اعلم ان وزان النفس الناطقة مع قويها وزان الوهم مع دونها من القوى كما قلنا.
فعلى هذا الفعل الذى يسند الى قوة من القوى الانسانية فهو بالحقيقة مسند الى النفس الاّ انّ للنفس وافعالها فى كل شأن من شئونها اسما خاصا. ويقول صدر المتالهين فى آخر الباب الرابع من نفس الاسفار فى هذا المقصد الاسنى بعد مطالب ما هذا لفظه :
« فكل محسوس فهو معقول بمعنى انه مدرك للعقل بالحقيقة لكن الاصطلاح قد وقع على تسمية هذا الادراك الجزئى بوساطة الحس بالمحسوس قسيما للمعقول اعنى ادراك المجردات بالكلية هذا ». ص ٤٩ ج ٤ ط ١ ـ ص ٢٠٤ ج ٨ ط ٢.
(١) القوة المسماة بالوهم هى الرئيسة الحاكمة فى الحيوان حكما ليس فصلا كالحكم العقلى. وسيجىء تفصيل الكلام فيها فى آخر الفصل الاول من المقالة الآتية.