مؤدية ما فى الخيال إليها ، إلا أن ذلك لا يثبت بالفعل فى القوة المتوهمة ، بل مادام الطريق مفتوحا والروحان متلاقيين والقوتان متقابلتين فإذا أعرضت القوة المتوهمة عنها بطلت عنها تلك الصورة.
والدليل على صحة القول بأن حصول هذه الصورة فى الوهم غير حصولها فى الخيال ، أن الخيال كالخازن وليست الصورة التى فيه متخيلة للنفس بالفعل دائما ، وإلا لكان يجب أن نتخيل معا صورا كثيرة أىّ صورة كانت فى الخيال ، ولا هذه الصور أيضا فى الخيال على سبيل ما بالقوة وإلا لكان يحتاج إلى أن نسترجع بالحس الخارج مرة أخرى ، بل هى مخزونة فيه ، والوهم بتوسط المفكرة والمتخيلة يعرضها على النفس وعنده يقف تأدّى الصور للمحسوسة ، وأما الذكر فهو لشىء آخر كما نذكره بعد. فهذه أصول يجب أن تكون عتيدة عندك.
ولنرجع إلى غرضنا فنقول : إن السبب فى رؤية الشىء الواحد اثنين أربعة أسباب :
أحدها انفتال (١) الآلة المؤدية للشبح الذى فى الجليدية إلى ملتقى العصبتين فلا يتأدى الشبحان إلى موضع واحد على الاستقامة ، بل ينتهى كل عند جزء من الروح الباصر المرتب هناك على حدة ، لأن خطى الشبحين لم ينفذا نفوذا من شأنه يتقاطعا عند مجاورة ملتقى العصبتين ، فيجب لذلك أن ينطبع من كل شبح ينفذ عن الجليدية خيال على حدة وفى جزء من الروح الباصرة على حدة ، فيكون كأنهما خيالان عن شيئين مفترقين
__________________
ص ٣٣٤. وراجع آخر الفصل التاسع من النمط الثالث من الاشارات وشرحه للمحقق الطوسى. ص ٨٤.
(١) انفتال : اعوجاج وپيچيدگى.