عند القوة المصورة وهى الخيالية ـ كما ستعلمها ـ فتقبل (١) تلك الصورة وتحفظها (٢). فإن الحس المشترك قابل للصورة لا حافظ ، والقوة الخيالية حافظة لما قبلت تلك.
والسبب فى ذلك أن الروح التى فيها الحس المشترك إنما تثبت فيها الصورة المأخوذة من خارج منطبعة مادامت النسبة المذكورة بينها وبين المبصر محفوظة أو قريبة العهد. فإذا غاب المبصر انمحت الصورة عنها ولم تثبت زمانا يعتد به.
وأما الروح التى فيها الخيال فإن الصورة تثبت فيها ، ولو بعد حين كثير ، على ما سيتضح لك عن قريب.
والصورة إذا كانت فى الحس المشترك كانت محسوسة بالحقيقة فيه (٣) ، حتى إذا انطبع فيه (٤) صورة كاذبة فى الوجود أحسها كما يعرض للممرورين ، وإذا كانت فى الخيال كانت متخيلة لا محسوسة.
ثم إن تلك الصورة التى فى الخيال تنفذ إلى التجويف المؤخر إذا شاءت القوة (٥) الوهمية ففتحت الدودة بتبعيد ما بين العضوين المسميين
__________________
(١) اى قوة الحس المشترك.
(٢) اى قوة الخيال.
(٣ و ٤) فيها. نسخة. فالتذكير باعتبار الحس المشترك ، والتأنيث باعتبار الروح.
(٥) قوله : « اذا شاءت القوة الوهمية » ، اعلم ان القوة المسماة بالوهم هى الرئيسة الحاكمة فى الحيوان ومعنى هذا الكلام ان جميع القوى التى دونها من الحس المشترك والخيال والمتصرفة والحافظة من شئونها وافعال تلك القوى كلها فى الحقيقة هى فعل هذه القوة الرئيسة. إلا أن لها فى موطن كل واحدة من تلك القوى اسما خاصا ، ففى موطن تسمى الحس المشترك ، وفى آخر الخيال وهكذا. فوزان الوهم مع تلك القوى وزان النفس الناطقة مع قواها.
ثم لما كان ادراك المعانى الجزئية بين سائر افعال القوى الحيوانية اشرف من غيرها