منهما الشىء الذى هو اللون بالفعل بالامتزاح ، فإن لم يكن (١) ذلك الاستعداد كان إنارة وبريقا مجردا (٢). فالضوء كجزء من الشىء الذى هو اللون ومزاج فيه ، كما أن البياض والسواد لهما اختلاط مّا تحدث منه تلك الألوان المتوسطة.
وأما قول القائل : إن الضوء واللمعان أيضا ليس إلا ظهور اللون ، ثم قوله فى الأشياء اللامعة فى الليل ما قاله ، فيبطل بأن السراج والقمر كثيرا ما يبطلان لمعان ذلك ويظهران ألوانها (٣). فيجب أن يكون نور السراج أشد ظهور لون (٤) ، فيجب أن يكون أيضا ما يصير بالسراج ظاهر اللون لا يرى له فى الظلمة لونه. وليس الأمر كذلك ، فإن اللامعات يرى لونها أيضا (٥) بالليل كما يرى بريقها. فليس ما قالوه بحق.
وأما القائل بأن للشمس والكواكب ألوانا وأن الضوء يخفى لونها ، فيشبه أن يكون الحق أن بعض الأشياء يكون له فى ذاته لون فإذا أضاء اشتدت إضاءته حتى يبهر البصر فلم يميز اللون ، ومنه ما يكون له مكان
__________________
(١) تامة اى لم يوجد.
(٢) بلالون.
(٣) اى الوان الاشياء اللامعة.
(٤) فى تعليقة نسخة : من لمعان الحيوانات اللامعة بالليل.
(٥) فى تعليقة نسخة : قوله : « فان اللامعات يرى ايضا لونها » اى يرى بنور السراج يعنى الاشياء المستضيئة بضوء السراج يرى لونها ايضا كما يرى بريقها بالليل حين كون الرائى فى الموضع المظلم بظلمة الليل فلو كان شدة الضوء تمنع البصر فى الظلمة لا ضعاف الظلمة اياه عن ادراك اللون لوجب ان لا يرى لتلك الاشياء المستضيئة بضوء السراج حين كون الرائى فى الظلمة لون لانّ الضوء الواقع من السراج على تلك الاشياء اشد ظهورا للون من لمعان الحيوانات اللامعة بالليل فكما يمنع ذلك اللمعان لشدة ظهوره البصر عن ادراك لون الحيوانات اللامعة يجب ان يمنع ما هو اشد منه اعنى ضوء السراج.