اللون الضوء وهو الشىء الذى يكون الضوء له طبيعيا لازما غير مستفاد ، وبعض الأشياء مختلط الجوهر من ذلك الأمر ، إما اختلاط تركيب أجزاء مضيئة وأجزاء ذوات ألوان كالنار ، وإما اختلاط امتزاج الكيفيات كما للمريخ ولزحل. وليس يمكننى أن أحكم فى أمر الشمس الأن بشىء.
فقد عرفنا حال الضوء وحال النور وحال اللون وحال الإشفاف. فالضوء هو كيفية هى كمال بذاتها للشفاف من حيث هو شفاف ، وهو أيضا كيفية مّا للمبصر بذاته لا لعلّة غيره. ولا شك أن المبصر بذاته أيضا يحجب عن إبصار ما وراءه. والنور كيفية يستفيدها الجسم الغير الشفاف من المضىء فيكمل بها الشفاف شفافا بالفعل. واللون كيفية تكمل بالضوء من شأنها أن تصيّر الجسم مانعا لفعل المضىء فيما يتوسط ذلك الجسم بينه وبين المضىء. فالأجسام مضيئة وملونة وشفافة.
ومن الناس من قال : إن من الأجسام ما يرى بكيفية فى ذاتها. ومنها ما يرى بكيفية فى غيرها ، وجعل القسم الأخير هو الشفاف. وأما القسم الأول فقد جعله أولا قسمين : أحدهما ما يرى فى الشفاف لذاته (١)
__________________
(١) قوله : « لذاته » متعلق بقوله : « يرى ». وضمير « لذاته » راجع الى « ما ». و « لحضوره » عطف على لذاته وهو ايضا متعلق بفعل « يرى ». وضميره راجع الى « ما ». و « المشف » فى الموضعين هو الشفاف القسم الاخير ، وهو واسطة عامة لكى تصير الاجسام ملوّنة. ثم ما يشترط فى مقابل لذاته وهو قسمان : احدهما ما يشترط فى رؤيته الضوء. وثانيهما ما يشترط فى رؤيته الظلمة. وقوله فى الموضعين « مع شرط المشف » يعنى مع وجود الشفاف الذى هو واسطة عامة لرؤية الاجسام المرئية سواء كان فى الموضعين او غيرهما ، كما قال فى القسم الاول احدهما ما يرى فى الشفاف يعنى فى الهوى مثلا وهكذا المراد من قوله مع شرط المشف فى الموضعين.