هو حمرة وخضرة وإن الخضرة إذا اشتد ظهورها فعلت مثل نفسها ففعلت خضرة وحمرة. فيقال : ما باله إذا كان قليل الظهور أظهر اللون (١) فى الذى يقابله على ما هو عليه على المعنى الذى هو ضوء مجرد فقط ، وفعل مثل ما يفعله مضىء لو لم يكن له لون ، فإذا اشتد ظهوره أبطله أو أخفاه بلون نفسه ، فكان يجب أول الأمر أن يكون إنما يفعل فيه لونا من لونه قليلا ، ثم إذا اشتد فعل فيه كثيرا ، فكان كل فعل يفعله إنما هو إخفاء لون ذلك (٢) بمزجه بلونه وليس كذلك ، بل يظهر أول شىء لونه (٣) إظهارا شديدا. وإنما يظهر فيه اللون الذى فى استعداده مالو حضر مضىء لا خضرة ولا حمرة فى فعله ، ثم يعود بعد ذلك إذا صار أقوى ظهورا آخذا فى إبطال لونه وإخفائه وإلباسه لونا آخر ليس فى جبلّته ولا طبيعته.
فيكون إذن أحد الفعلين عن شىء غير الآخر ، فيكون مصدر أحد الفعلين (٤) عن الضوء الذى لو كان الجسم لا لون له وله ضوء لكان يفعل ذلك مثل بلورة مضيئة ، والفعل الآخر يكون من لونه إذا اشتد ظهوره بسبب هذا الضوء حتى صار متعديا.
فإنا وإن كنا نقول : إن الضوء ليس هو ظهور اللون ، فلا نمنع أن يكون الضوء سببا لظهور اللون وسببا لنقله. ونقول : إن الضوء جزء من جملة هذا المرئى الذى نسميه لونا وهو شىء إذا خالط اللون بالقوة (٥) حدث
__________________
(١) اى اظهر لون مقابله.
(٢ و ٣) اى المقابل.
(٤) فى تعليقة نسخة : احدهما اظهار اللون الذى فى استعداده والاخر ابطال لونه واخفائه والباسه لونا آخر ليس فى جبلته ولا فى طبيعته اذا صار اقوى.
(٥) اى الاستعداد المخصوص.