وبني عبد المطلب ، فلم يكن في ذلك اليوم ـ لا في شرق الأرض ولا في غربها ـ قوم أشدّ غما من أهل بيت رسول اللّه ، ولا أكثر باكيا وباكيةً منهم (١).
وروى ابن طاووس بإسناد ينتهي بأبي محمد الواقدي وزرارة بن خلج ، قالا : « لقينا الحسين بن علي عليهماالسلام قبل أن يخرج إلى العراق فأخبرناه ضعف الناس بالكوفة وأنّ قلوبهم معه ، وسيوفهم عليه ... فقال : أعلم يقينا أنّ هناك مصرعي ومصرع أصحابي لا ينجو منهم إلاّ ولدي علي » (٢).
ومع علم الإمام عليهالسلام بالنتيجة مسبقا ، فإنّه تحرك على ضوء الأسباب الواقعية ، وأعد لكل شيء عدته.
ثم تجدّد الاتصال بين الإمام عليهالسلام وعالم الغيب ، ولكن ـ هذه المرّة ـ بتفاصيل أكثر وأغرب ، ففي يوم العاشر من المحرم وقت السحر ، خفق الحسين عليهالسلام برأسه خفقة بعدما أعيته الآلام المرهقة ، فاستيقظ ، والتفت إلى أصحابه وأهل بيته فقال لهم : « ما أراني إلاّ مقتولاً » ، قالوا : وما ذاك يا أبا عبداللّه؟ قال : « رؤيا رأيتها في المنام » ، قالوا : وما هي؟ قال : « رأيت كلابا تنهشني أشدُّها عليَّ كلبا أبقع » (٣).
والأمر الذي يثير العجب والإكبار ، أن هذه الاتصالات بالغيب مع تأكيدها للحسين عليهالسلام ـ ولأكثر من مرّة ـ أنه سوف يُقتل ، نجد أن الخوف لم
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٤ : ٣٢٨ عن مقتل الحسين لمحمّد بن أبي طالب الحسيني الحائري.
(٢) اللهوف : ٣٨ ـ ٣٩.
(٣) كامل الزيارات / ابن قولويه : ١٥٧ ، مؤسّسة نشر الفقاهة.