المرض جاهلا والطبيب عالما بأنه سمّ قتّال.
نعم إذا كان الممرض عالما بأنه سمّ قتّال فيكون هو الجاني.
وكذلك في باب شهادة الزور التي تصير سببا لإتلاف نفس المشهود عليه أو ماله الضمان على السبب أي الشاهد الزور ، لا على المباشر أي الحاكم أو من يأتمر بأمره وينفذ حكمه.
وخلاصه الكلام في هذا المقام ـ أي فيما إذا اجتمع السبب والمباشر ـ أنّ المباشر إذا كان فاعلا مختارا عاقلا ، وكان ملتفتا إلى أنّ فعله هذا يترتّب عليه التلف ، فلا شكّ في اختصاصه بكونه ضامنا في هذه الصورة ، وليس على ذي السبب ضمان أصلا.
وأمّا لو يكن المباشر ذا إرادة وشعور فالضمان على ذي السبب ، وذلك كمن أجّج نارا في غير ملكه والريح نشر النار فأصابت النار مال غيره فاحترق ، أو حفر بئرا في الطريق فدفعه حيوان أو مجنون إلى البئر ووقع فيها فتلف هو نفسه أو ماله ، ففي مثل هذه الصورة الضمان على ذي السبب ، لأنّه المتلف حقيقة ، والتلف حاصل بسبب فعله بالمعنى الذي ذكرنا للسبب.
وأمّا إن كان عاقلا مختارا في فعله ولكن لم يكن يعلم بأنّ فعله هذا يترتّب عليه التلف ، فإن لم يكن مغرورا ولا مكرها فأيضا الضمان عليه ، أي على المباشر ، لأنّ هذه القاعدة مفادها أنّ من أتلف مال الغير فهو له ضامن ، سواء كان عالما بأنّ فعله هذا يترتّب عليه الإتلاف أو لم يعلم ، لأنّ عدم العلم لا يؤثّر في عدم الضمان ، إذ موضوع كون الضمان عليه هو الإتلاف مطلقا ، لا الإتلاف مع العلم بأنّه إتلاف. وأمّا لو كان مغرورا كالممرض الجاهل فيرجع ـ بما خسره من باب ضمان الإتلاف ـ إلى الغارّ. ولا فرق في ذلك بين أن يكون الغارّ عالما أو جاهلا بتغريره لهذا التلف.
وأمّا إن كان مكرها فليس عليه ضمان إذا كان الإكراه في غير الدماء ، فإذا أكره على الدفع في البئر فمات فيضمن الدية أو يقاد ، إذا كان الدفع في البئر من الأسباب