الصحيحة منها لما ذكرنا من أنّ يد المستأجر يد مأذونة ويد استحقاق فتكون يده عليها بتسليم المالك لها إليه بواسطة لزوم الوفاء بالعقد فلا موجب للضمان ، وهذا الحكم جار حتّى في الأجير إذا كان عبدا أو أمة ، ففي جميعها تكون اليد يد أمانة مالكيّة ، ولا ضمان للعين لو لم يكن تعدّ ولا تفريط في البين ، فالكلّيتان إيجابا وسلبا ، أي قولهم « كلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » لا انتقاض فيهما.
وأمّا الأجير إذا كان حرّا فلا معنى للضمان ، لا في الصحيح ولا في الفاسد.
ومنها : العارية ، فإنّ في صحيحها في غير المضمونة وفي غير الذهب والفضة لا ضمان ، وكذلك في فاسدها في غير ذينك الموردين ، لعين ما ذكرنا في الإجارة من أنّ اليد والاستيلاء وقعت بإذن المالك مجّانا وبلا تعويض ، فلا تكون اليد يد ضمان لإقدام المالك على المجّانية وعدم التعويض بخلاف العقود المعاوضيّة فإنّ تسليم المالك ماله إلى الطرف هناك بعنوان التعويض وأخذ البدل.
وأمّا في فاسدها فيما إذا كانت مضمونة ، كما إذا شرط المعير ضامنها أو كانت عارية الذهب والفضة ، فمقتضى الكليّة الإيجابية أي « كلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » هو الضمان في المذكورات ، ولكن بناء على ما ذكرنا في وجه الضمان من وقوع اليد على مال الغير وعدم إقدامه على المجّانية وعدم التعويض ففي القسم الأوّل من المذكورات ـ أي فيما إذا اشترط الضمان ـ لا بدّ وأن نقول بالضمان لو تلف بعد قبض المستعير كما هو المفروض ، لأنّ المالك لم يقدم على المجّانية وعدم التعويض بل اشترط العوض.
وأمّا في الثاني ـ أي فيما إذا كانت عارية الذهب والفضّة ـ فإنّ قلنا بأنّ الضمان حكم تعبّدي من قبل الشارع وإلاّ فالمالك لم يقصد التعويض بل قصد إعطاء ماله للمستعير مجّانا وبلا عوض ، فتكون يد المتعير يد أمانة ولا ضمان. وهذا هو الصحيح كما هو واضح.
ومنها : الهبة ، وهي على قسمين : معوضة ، وغير معوّضة.