وأمّا إذا كان بعد التجاوز عن المحلّ فحينئذ وإن حكم الشارع بعدم الاعتناء والمضيّ فيها ، ولكن ارتفاع هذا الحكم معناه الاعتناء بالشكّ فيكون نقيض ما هو المراد من القاعدة ، لأنّ الظاهر من القاعدة بمناسبة الحكم والموضوع هو المسامحة والتسهيل وعدم الاهتمام بحفظ حدود النافلة كثيرا مثل الاهتمام بالواجبات والفرائض ، وإلغاء الشكّ ، وفرضه كالعدم فيها ، فرفع حكم عدم الاعتناء بالشكّ إذا كان بعد التجاوز عن المحلّ معناه عدم إلغائه والاعتناء به ، وهذا نقيض ما يستفاد من ظاهر هذه القاعدة ، فاتّضح عدم شمول هذه القاعدة للشكّ في الأفعال.
الخامس : لا فرق في جريان هذا الحكم ـ أي عدم الاعتناء بالشكّ ورفع حكمه من الإبطال أو تعيّن البناء على الأكثر وتدارك ما احتمل نقصانه بصلاة الاحتياط ، أي بالركعة أو الركعات المنفصلة ، والتخيير ـ بين أن تكون صلاة النافلة ثنائيّة ـ كما هو الغالب ، بل دائما إلاّ في موردين ـ وبين أن تكون ثلاثيّة أو رباعيّة.
أمّا النافلة الثلاثيّة كصلاة الوتر بناء على أنّ الشفع والوتر صلاة واحدة وليس بينهما تسليم بل يقوم بعد أن تشهّد في الثانية ويأتي بالوتر. والشاهد على ذلك بعض الروايات الذي مفاده أنّ القنوت في الوتر في الثالثة.
وأمّا النافلة الرباعيّة فكصلاة الأعرابي مثلا ، فلو شكّ فيها بين الاثنين والثلاث ، أو الثلاث والأربع أو غير ذلك من الأقسام الشكّ المتصوّر فيها فهو مخيّر بين البناء على الأكثر أو الأقلّ ، فكذلك في صلاة الوتر لو شكّ بين ما هو الأقلّ وبين ما هو الأكثر فهو مخيّر بين الأقلّ والأكثر.
ولكن تقدّم أنّ هذا التخيير فيما إذا لم يكن البناء على الأكثر موجبا لبطلانه وإلاّ ليس له التخيير ، وكذلك إذا شكّ في الثنائيّة التي كونها نافلة هو الغالب ، بل وكذلك لو شكّ في الوتر بناء على أنّها ركعة واحدة ، فلو شكّ في أنّه أتى بالوتر ركعة واحدة أو اثنتين لم تبطل صلاته ، ولكن ليس له هاهنا التخيير ، بل يتعين عليه البناء على الأقلّ ،