فالآية تفيد جواز ذلك لأنها شاملة لملك العين وملك المنفعة فيدخل ذلك فيها لفظا ومفهوما ، وقد جزم به أكثر علماء الشيعة وخالف فيه خصومهم ، لذا ترى الآلوسي يقول إن هذا مما تمجّه أسماع ( المسلمين ) لأنه مخالف لهواه ولما أجمع عليه أهل الأهواء ، فكأن الآلوسي يرى أن أسماع المسلمين تمج ما جاء به كتاب الله ، وأن جلود المؤمنين تقشعر من أحكام الله ، فلا وربك لا تمجه إلاّ أسماع المعاندين ، ولا تقشعر منه إلاّ جلود أعداء الوصيّ وآل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقد ورد في الصحيح عن صادق أهل البيت عليهمالسلام الإمام جعفر بن محمّد عليهالسلام ، قال : سألته عن امرأة أحلّت لابنها جاريتها ، قال : هو له حلال ، قلت : أفيحلّ له ثمنها؟ قال : إنما يحلّ ما أحلّت له.
فإذا كان هذا ما حكاه الله تعالى في كتابه من حليّة ذلك ، وإذا كان هذا ما حكاه أهل البيت عليهمالسلام عن جدّهم الأعظم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في إباحته ، فكيف يزعم هذا العدو أن ذلك تمجّه أسماع المسلمين بهتانا وزورا.
وأما قوله : « وذكر مقداد صاحب كنز العرفان الّذي هو أجلّ المفسرين عندهم في تفسير قوله تعالى : ( هؤُلاءِ بَناتِي ) أن لوطا النبيّ عليهالسلام أراد بذلك الإتيان من غير الطريق المعهود ».
فيقال فيه : لا غرابة أيها القارئ إذا قلنا لك إن الآلوسي لا يعرف شيئا عن مقداد بن عبد الله السّيوري ، ولم يقف على شيء من كتابه ، ولم يدر ما فيه ، يدلك على ذلك قوله : ( هو أجلّ المفسرين عندهم ) والحال أنه ليس من مفسري الشيعة وإنما هو من مصنّفيهم في آيات الأحكام كما يرشد إليه قوله (رض) في تسمية كتابه : ( كنز العرفان في فقه القرآن ) وهو عبارة عن استخراج الآيات التي يستفاد منها الأحكام الشرعية وهي تسمى بفقه القرآن ، فهذا كتابه ( كنز العرفان ) بين أيدينا ، قال بعد ما أورد الآية الكريمة ما نصّه : ( قالوا فيها دلالة على جواز الوطء في الدبر ، وتحرير القول هنا أن نقول : أكثر المخالفين منعوا منه ، وأجازه مالك