رفعه ، فإن قال بالأول ـ وهو قوله ـ بطل قوله أنهم ظهروا بعد رفعه الّذي نفى عنه الإشكال ، وإن قال أنهم ظهروا بعد رفعه ـ وهو قوله الثاني ـ بطل قوله الأول أنه وبخهم غاية التوبيخ ، ولو لم يكن لنا إلاّ تناقضه هذا لكفانا مؤنة الردّ عليه وقلع جذور أباطيله.
وأما قوله : « أما ما ذكر في ولادة عيسى عليهالسلام فغلط محض وكذب صريح ، لأن الأصح أن مولده بيت اللّحم ».
فيقال فيه : أظنك لا تعجب أيها القارئ إذا قلنا لك أن الآلوسي كتب ما كتب وهو لا يفهم ما كتب ، ولخص ما لا يفهم فساده ولا يتعقل بطلانه ، وكأنه يكتب لأمة غارقة في الجهالة والضلالة من أسفلها إلى أعلاها ، يا هذا كيف يصح لعاقل عربي فهم كلام العرب وعرف كيفية استعمالها أن يقول في شيء أنه غلط محض وكذب صريح ، ثم يعود بعد ذلك ويقول فيه إن الأصح فيه غيره ، فإن العربي لا يقول إن زيدا أعلم من بكر إذا لم يكن بكر عالما ، ولا يقول إن عمرا أقوى من خالد إذا لم يكن خالد قويا وهلمّ جرا ، أيها العربي الفطن إن في باب العربية بابا يقال له باب التفضيل ، وفي ذلك الباب أن التفضيل صفة يلزم فيها المشاركة بين شيئين من جهة والمفارقة من أخرى ، فلا يقال في المدية أنها أمضى من العصي لعدم وجود معنى المضي في العصي ، نعم يصح أن يقال مدية بكر أمضى من مدية خالد لأن المضي أخذ في مفهوم المدية وهو قابل للتفاوت.
وهذا البحث من المبادئ الملقاة على قارعة الطريق لا يمتاز به الذكي عن الغبي ، فإذا كان المذكور في ولادة عيسى عليهالسلام شيئا غلطا محضا وكذبا صريحا ـ كما يزعم ـ فكيف يصح أن يقول فيه إن الأصح غيره لعدم وجود معنى الصحيح في الغلط المحض والكذب الصريح حتى يقول فيه أن هذا أصح منه أو أن الأصح غيره ، بل لا بد للآلوسي أن يقول إن ما ذكره في ولادته شيء صحيح ( كما هو الصحيح ) ولكن الأصح غيره ولا ينفك عنه هذا كما لا ينفك الظلام عن الأعمى ، ولست أقصد من هذا الإطناب إلاّ بيان جهله بمبادئ علوم العربية ، وأن الموقف